الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد0%

الأمالي الشيخ المفيد مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 357

الأمالي الشيخ المفيد

مؤلف: أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبرى البغدادى (الشيخ المفيد)
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف:

الصفحات: 357
المشاهدات: 47700
تحميل: 5977


توضيحات:

الأمالي الشيخ المفيد المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 357 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 47700 / تحميل: 5977
الحجم الحجم الحجم
الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

أبي الوفاة أقبل يوصي فقال: هذا ما أوصى به عليّ بن أبي طالب أخو محمّد رسول الله وابن عمه ووصيه و صاحبه. وأول وصيتي أني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمّدا رسوله وخيرته، اختاره بعلمه، وارتضاه لخيرته(١) ، وأن الله باعث من في القبور، وسائل الناس عن أعمالهم، وعالم بما في الصدور. ثم إني أوصيك يا حسن وكفى بك وصيا بما أوصاني به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإذا كان ذلك يا بني فالزم بيتك، وابك(٢) على خطيئتك، ولا تكن الدنيا أكبر همك. واوصيك يا بني بالصلاة عند وقتها، والزكاة في أهلها عند محلها، والصمت عند الشبهة، والاقتصاد في العمل، والعدل في الرضا والغضب، وحسن الجوار، وإكرام الضيف، ورحمة المجهود(٣) وأصحاب البلاء، وصلة الرحم، وحب المساكين ومجالستهم، والتواضع فإنه من أفضل العبادة، وقصر الامل، وذكر الموت، والزهد في الدنيا فإنك رهن موت، وغرض بلاء، وطريح سقم(٤) . وأوصيك بخشية الله في سر أمرك وعلانيته(٥) ، وأنهاك عن التسرع بالقول والفعل، وإذا عرض شئ من أمر الآخرة فابدأ به، وإذا عرض شئ

____________________________

(١) في بعض النسخ: « وارتضاه بخيرته ».

(٢) في الخطية: « فابك ».

(٣) يقال: جهد الرجل فهو مجهود: إذا وجد مشقة. وجهد الناس فهم مجهودون: إذا أجدبوا (النهاية).

(٤) في أمالى الطوسى: « واذكر الموت، وازهد في الدنيا ». وفي بعض نسخ الحديث: « رهين موت ». قال الجزرى: « الرهينة: الرهن. والهاء للمبالغة كالشتيمة والشتم، ثم استعملا بمعنى المرهون ». والطريح: المطروح، وطرحه: رماه وقذفه. وفى الامالي: « وصريع سقم »، وصرعه أي طرحه على الارض.

(٥) في الامالى: « علانيتك ».

٢٢١

من أمر الدنيا فتأنه(١) حتّى تصيب رشدك فيه. وإياك ومواطن التهمة والمجلس المظنون به السوء، فإن قرين السوء يغير جليسه. وكن لله يا بني عاملا، وعن الخنا(٢) زجورا، وبالمعروف آمرا، وعن المنكر ناهيا، وواخ الاخوان في الله، وأحب الصالح لصلاحه، ودار الفاسق عن دينك، وأبغضه بقلبك، وزايله بأعمالك لئلا تكون مثله. وإياك والجلوس في الطرقات، ودع المماراة(٣) ومجاراة من لا عقل له ولا علم. واقتصد يا بني في معيشتك، واقتصد في عبادتك، وعليك فيها بالامر الدائم الّذي تطيقه. والزم الصمت تسلم، وقدم لنفسك تغنم(٤) ، وتعلم الخير تعلم، وكن لله ذاكرا على كل حال، وارحم من أهلك الصغير، ووقر منهم الكبير، ولا تأكلن طعاما حتّى تصدق منه قبل أكله. وعليك بالصوم فإنه زكاة البدن وجنة لاهله، وجاهد نفسك، واحذر جليسك، واجتنب عدوك، وعليك بمجالس الذكر، وأكثر من الدعاء فإني لم آلك يا بني نصحا، وهذا فراق بيني وبينك. وأوصيك بأخيك محمّد خيرا فإنه شقيقك وابن أبيك، وقد تعلم حبي له. وأما أخوك الحسين فهو ابن أمك، ولا أزيد الوصاة بذلك(٥) ، والله الخليفة عليكم، وإياه أسأل أن يصلحكم، وأن يكف الطغاة البغاة عنكم،

____________________________

(١) تأنى في الامر: ترفق وتنظر. وفي المطبوعة: « فتأن ».

(٢) الخنا: الفحش في القول.

(٣) المماراة: المجادلة وللجاجة والطعن في القول تزييفا للقول وتصغيرا للقائل، والمجاراة: الجرى مع الناس في المناظرة والجدال. وفي النسخ: « ومجازاة من لا عقل له ولا علم » وكأنه تصحيف وان كان له معنى مناسب في الجملة.

(٤) في المطبوعة: « وقدر لنفسك ».

(٥) في بعض النسخ: « ولا أريد الرضاة بذلك » وفي البحار: « ولا أريد الوصاة بذلك » وفي أمالى الشيخ: « ولا أزيد الوطأة بذلك ».

٢٢٢

والصبر الصبر حتّى يتولى الله الامر(١) ، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 ٢ - أخبرني أبوالحسن عليّ بن محمّد الكاتب قال: حدثنا الحسن بن عليّ الزعفراني قال: حدثنا أبوإسحاق إبراهيم بن محمّد الثقفي قال: حدثنا المسعودي قال: حدثنا محمّد بن كثير، عن يحيى بن حماد القطان قال: حدثنا أبومحمّد الحضرمي، عن أبي علي الهمداني(٢) : إن عبد الرحمن بن أبي ليلى قام إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فقال: يا أمير المؤمنين إني سائلك لآخذ عنك، وقد انتظرنا أن تقول من أمرك شيئا فلم تقله، الا تحدثنا عن أمرك هذا أكان بعهد [ من ] رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو شئ رأيته ؟ فإنا قد أكثرنا فيك الاقاويل، وأوثقه عندنا ما قبلناه عنك وسمعناه من فيك. إنا كنا نقول: لو رجعت(٣) إليكم بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم ينازعكم فيها أحد، والله ما أدري إذا سئلت ما أقول ؟ ! أزعم أن القوم كانوا أولى بما كانوا فيه منك ؟ فإن قلت ذلك، فعلى م نصبك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد حجة الوداع، فقال: « أيها الناس من كنت مولاه فعلي مولاه(٤) »، وإن تك أولى منهم بما كانوا فيه فعلى م نتولاهم ؟. فقال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : يا عبد الرحمن إن الله تعالى قبض نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________________

(١) في البحار: « حتّى ينزل الله الامر ».

(٢) الظاهر كونه ثمامة بن شفى الهمداني الاصبحي الذى توفى في خلافة هشام بن عبد الملك، وثقه النسائي. وقال ابن حجر: أبومحمّد الحضرمي، غلام أبي أيوب الانصاري، قيل: هو أفلح. فان يكن المراد هو فهو والا فلم نعثر على عنوانه.

(٣) يعني الخلافة.

(٤) يدل أولا على أن المسلمين في صدر الاسلام والّذين شهدوا القول من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فهموا من لفظ المولى الولاية (بمعنى الحكومة والاولى بالتصرف) لا غير، وثانيا يعطينا خبرا بان الشكوك والتشكيك في اللفظ انما حدثت بعد لتلبيس الامر واخفاء الحق و اعذار من تقمصها وارتدى بها.

٢٢٣

وأنا يوم قبضه أولى بالناس مني بقميصي هذا، وقد كان من نبي الله إلي عهد لو خزمتموني بأنفي(١) لاقررت سمعا لله وطاعة، وإن أول ما انتقصنا [ ه ] بعده إبطال حقنا في الخمس، فلما رق أمرنا طمعت رعيان البهم(٢) من قريش فينا، وقد كان لي على الناس حق لو ردوه إلي عفوا(٣) قبلته وقمت به وكان إلى أجل معلوم، وكنت كرجل له على الناس حق إلى أجل فإن عجلوا له ماله أخذه وحمدهم عليه، وإن أخروه أخذه غير محمودين، وكنت كرجل يأخذ السهولة وهو عند الناس محزون(٤) . وإنما يعرف الهدى بقلة من يأخذه من الناس، فإذا سكت فاعفوني فإنه لو جاء أمر تحتاجون فيه إلى الجواب أجبتكم، فكفوا عني ما كففت عنكم. فقال عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين فأنت لعمرك كما قال الاول: لعمرك لقد أيقظت من كان نائما * وأسمعت من كانت له اذنان

 ٣ - قال: حدثنا أبوالطيب الحسين بن محمّد النحوي قال: حدثنا محمّد بن الحسن(٥) قال: حدثنا أبوحاتم، عن أبي عبيدة قال: كان نابغة الجعدي

____________________________

(١) خزم أنف فلان: أذله وتسخره. وفي بعض نسخ الحديث: « لو خرمتمونى »، وخرم فلانا: شق وترة أنفه.

(٢) الرعيان بالضم وقد يكسر جمع الراعى، وهو معروف.

(٣) أي بغير مسألة، وذلك انما ينفذ حكم الوالى ويجرى إذا كان له مضافا إلى مشروعيته بالنص من الله تعالى ورسوله القبول من قبل العامة والا وان أثموا في عدم ردهم إليه لا يكون الحكومة بالعنف والتحميل، ولا رأى لمن لا يطاع.

(٤) قال العلامة المجلس (ره): « قوله: وهو عند الناس محزون لعل الاصوب « حرون » وهو الشاة السيئة الخلق، ولما لم يمكنهعليه‌السلام في هذا الوقت التصريح يجور الغاصبين أفهم السائل بالكناية التي هي أبلغ ».

(٥) الظاهر كونه محمّد بن الحسن بن دريد الازدي القحطاني البصري المتولد سنة ٢٢٣ والمتوفى سنة ٣٢١ يروى عن أبى حاتم سهل بن محمّد السجستاني النحوي المتوفى سنة ٢٤٨. وفي بعض النسخ « محمّد بن الحسين » فعليه فهو محمّد بن الحسين اليشكرى كما هو في أمالى السيد المرتضى. وفي بعض النسخ « محمّد بن الحسن السكرى ». وأبو عبيدة هو معمر بن المثنى البصري النحوي اللغوى كان متبحرا في اللغة وأخبار العرب، وأول من صنف كتابا في غريب الحديث وهو يرى رأى الخوارج كما في فهرست ابن النديم وغيره، وبلغ نحوا من مائة سنة وتوفى سنة ٢٠٩ وقيل: لم يحضر جنازته أحد من الناس حتّى اكترى له من يحملها. يروى عن قيس بن عبدالله بن عدس بن ربيعة بن جعدة نابغة الجعدى. راجع ترجمته في أمالى السيد المرتضى (ره).

٢٢٤

ممن يتأله في الجاهلية، وأنكر الخمر والسكر، وهجر الاوثان والازلام، وقال في الجاهلية كلمته التي قال فيها: الحمد لله لا شريك له * من لم يقلها لنفسه ظلما وكان يذكر دين إبراهيمعليه‌السلام والحنيفية، ويصوم ويستغفر. ويتوقى أشياء لغوا فيها، ووفد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال:

أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى

 

و يتلو كتابا كالمجرة(١) نشرا

و جاهدت حتّى ما أحس ومن معي

 

سهيلا إذا ما لاح ثم تغورا(٢)

وصرت إلى التقوى ولم أخش كافرا

 

وكنت من النار المخوفة أزجرا

 وقال: وكان النابغة علوي الرأي، وخرج بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام إلى صفين، فنزل ليلة فضاق به وهو يقول:

قد علم المصران والعراق

 

إن عليا فحلها العتاق(٣)

أبيض جحجاح(٤) له رواق

 

وأمه غالا بها الصداق

أكرم من شد به نطاق

 

إن الاولى جاروك لا أفاقوا

____________________________

(١) المجرة: نجوم كثيرة لا تدرك بمجرد البصر يقال لها بالفارسية « كهكشان ».

(٢) يريد: انى كنت بالشام، وسهيل لا يكاد يرى هناك. (الغرر)

(٣) العتاق بالكسر من الخيل: النجائب.

(٤) الجحجاح: السيد المسارع إلى المكارم. وفي المطبوعة: « الحجاج ».

٢٢٥

لكم سباق و لهم سباق

 

قد علمت ذلكم الرفاق

سقتم إلى نهج الهدى وساقوا

 

إلى التي ليس لها عراق

 

في ملة عادتها النفاق

 ٤ - قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويه رحمه الله قال: حدثنا عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه قال: حدثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن يزيد ابن إسحاق، عن الحسين بن عطية ية ية(١) ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: المكارم عشر فإن استطعت أن تكون فيك فلتكن، فإنها تكون في الرجل ولا تكون في ولده، وتكون في ابنه(٢) ولا تكون في أبيه، وتكون في العبد ولا تكون في الحر. قيل: وما هن يا ابن رسول الله ؟. قال: صدق اللسان، وصدق اليأس(٣) ، وأداء الامانة، وصلة الرحم، وإقراء الضيف(٤) ، وإطعام السائل، والمكافأة على الصنايع، والتذمم للجار،

____________________________

(١) في بعض النسخ والخصال: « الحسن بن عطية ».

(٢) كذا في النسخ. وفى الكافي: « وتكون في الولد » وفي الخصال: « و تكون في ولده » وفي أمالى الطوسى: « في الابن ».

(٣) كذا في النسخ والخصال، وفي نسخة وأمالى الطوسى المطبوع أيضا: « وصدق الناس ». و « اليأس » بالياء المثناة كما في بعض نسخ الكتاب ومجالس الشيخ وغيره، وفي بعض النسخ « الباس » بالباء الموحدة، فعلى الاول المراد به اليأس عما في أيدى الناس وقصر النظر على فضله تعالى ولطفه. والمراد بصدقه عدم كونه بمحض الدعوى من غير ظهور آثاره. وعلى الثاني المراد بالبأس اما الشجاعة والشدة في الحرب وغيره أي الشجاعة الحسنة الصادقة في الجهاد في سبيل الله، واظهار الحق، والنهى عن المنكر، أو من البؤس والفقر كما قيل: أريد بصدق البأس موافقة خشوع ظاهره واخباته لخشوع باطنه واخباته، لا يرى التخشع في الظاهر أكثر مما في باطنه (البحار)

 (٤) « اقراء الضيف » كذا في جميع النسخ والاظهر « قراء الضيف » كما في اللغة يعنى حسن الضيافة.

٢٢٦

والتذمم للصاحب(١) ، ورأسهن الحياء.

٥ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن خالد المراغي قال: حدثنا القاسم ابن محمّد بن حماد قال: حدثنا عبيد بن يعيش(٢) قال: حدثنا يونس بن بكير قال: أخبرنا يحيى بن أبي حية أبوجناب الكلبي(٣) ، عن أبي العالية قال: سمعت أبا أمامة يقول: قال: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ست من عمل بواحدة منهن جادلت عنه يوم القيامة حتّى تدخله(٤) الجنة، تقول: أي رب قد كان يعمل بي في الدنيا: الصلاة، والزكاة، والحج، والصيام، وأداء الامانة، وصلة الرحم.

٦ - قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد قال: حدثني محمّد بن عبدالله ابن جعفر الحميري عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد قال: سمعت جعفر بن محمّدعليهما‌السلام وقد سئل عن قوله تعالى: ﴿قُلْ فَلِلَّـهِ الْحُجَّةُ(٥)

____________________________

 (١) الصنايع جمع صنيعة وهي العطية والاكرام والاحسان. وقوله « التذمم للصاحب » هو أن يحفظ ذمامه ويطرح عن نفسه ذم الناس ان لم يحفظ. والذمة بمعنى العهد والامان والضمان والحرمة والحق. كما في النهاية وفي القاموس: « التذمم: الاستنكاف ». وحاصل المعنى دفع الضرر عن الصاحب حضرا وسفرا.

(٢) هو عبيد بن يعيش المحاملى أبومحمّد الكوفى العطار. قال ابن حجر: ثقة مات سنة ٢٢٨ أو بعدها بسنة اهـ. ولم نجد راويه ويمكن تصحيف النسخة والصواب القاسم بن محمّد بن حميد وهو المعمرى المعاصر لعبيد بن يعيش المعنون في تاريخ بغداد والتهذيب، أو القاسم بن محمّد بن عباد الازدي والعلم عند الله.

(٣) هو يحيى بن أبى حية الكلبى أبوجناب كما تقدم ذكره، قال ابن حجر: مشهور بها إلى أن قال مات سنة ١٥٠ أو قبلها اهـ. وصحف أبوجناب في النسخ ب‍ « أبوالحباب » و « أبوالحسنات ».

(٤) كذا الصواب كما في المطبوعة، وفي النسخ هذا وما بعده بصيغة المذكر، وهما ظاهرا التصحيف.

(٥) الانعام: ١٤٩.

٢٢٧

فقال: إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: عبدي أكنت عالما ؟ فإن قال: نعم، قال له: أفلا عملت بما علمت(١) ؟ وإن قال: كنت جاهلا، قال له: أفلا تعلمت حتّى تعمل ؟ فيخصمه، وذلك(٢) الحجة البالغة.

وصلّى الله على سيدنا ونبينا محمّد النبيّ وعترته وسلم تسليما

المجلس السابع والعشرون

مجلس يوم السبت السابع من شهر رمضان سنة تسع وأربعمائة مما سمعه أبوالفوارس وحده

 حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أدام الله حراسته

 ١ - قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا محمّد بن مدرك ابن تمام الشيباني قال: حدثنا زكريا بن الحكم أبويحيى الراسبي قال: حدثنا خلف بن تميم قال: حدثنا بكر بن حبيش، عن أبي شيبة، عن عبد الملك ابن عمر، عن أبي قرة، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال لي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا سلمان إذا أصبحت فقل: « اللهم أنت ربي لا شريك لك، أصبحنا وأصبح الملك لله، لا شريك له » تقولها ثلاثا، وإذا أمسيت فقل ذلك، فإنهن يكفرن ما بينهن من خطيئة.

٢ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن الحسن المراغي قال: حدثنا أبوالقاسم الحسن بن عليّ بن الحسن الكوفي قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مروان

____________________________

(١) في النسخ: « مما علمت ».

(٢) كذا: والصواب كما في أمالى ابن الشيخ: « فتلك »، ويأتي مكررا بالسند و المتن في المجلس الخامس والثلاثين، وفيه: « فتلك الحجة البالغة لله عزّوجلّ على خلقه ».

٢٢٨

قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن عيسى قال: حدثنا محمّد بن جعفر بن محمّد ابن علي، عن أبيهعليهم‌السلام قال: فقد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رجلا من أصحابه، ثم رآه بعد ذلك، فقال [ له ]: ما أبطأ بك عنا(١) ؟ فقال: السقم والفقر يا رسول الله، فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا أعلمك دعوات تدعو بهن فيذهب الله عنك السقم و ينفي عنك الفقر ؟ قال له: بلى بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قل:(٢) « لا حول ولا قوة إلا بالله، توكلت على الحي الّذي لا يموت، الحمد لله الّذي لم يتخذ ولدا،(٣) ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، وكبره تكبيرا ».

٣ - قال: حدثنا أبوالطيب الحسين بن محمّد التمار قال: حدثنا جعفر بن أحمد الشاهد قال: حدثنا أبوالحسين أحمد بن محمّد بن أبي مسلم قال: حدثنا أحمد بن جليس الرازي قال: حدثنا القاسم بن الحكم العرني قال: حدثنا هشام بن الوليد، عن حماد بن سليمان السدوسي قال: أخبرنا أبوالحسن عليّ بن محمّد السيرافي(٤) قال: حدثنا الضحاك بن مزاحم، عن عبدالله بن العباس بن عبد المطلب أنه سمع

____________________________

(١) أي ما أخرك عنا.

(٢) في نسخة: « قال: تقول ».

(٣) في المطبوعة: « لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ».

(٤) رجال السند إلى هنا كلهم مجهولون ولم نجد عنوانا لاحدهم في ما عندنا من كتب الرجال الا القاسم بن الحكم العرني، فانه أبوأحمد الكوفى قاضى همدان صدوق، فيه لين مات سنة ٢٢٨ كما في التقريب. والخبر رواه الصدوق رحمه الله في فضائل الاشهر الثلاثة ح ١٣٣ عن أبي الحسن عليّ بن عبدالله بن أحمد الاسوارى الفقيه، عن مكي بن أحمد بن سعدويه البرذعى، عن أحمد بن عبدالله الفقيه، عن أبي عمرو يعقوب بن يوسف القزويني حدثه ببغداد عن القاسم بن حكم العرني، عن هشام بن الوليد، عن حماد بن سليمان السدوسى، عن شيخ يكنى أبا الحسن، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس.

٢٢٩

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إن الجنة لتنجد(١) وتزين من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان. فإذا كان أول ليلة منه هبت ريح من تحت العرش يقال لها المثيرة، تصفق ورق أشجار الجنان وحلق المصاريع(٢) فيسمع لذلك طنين لم يسمع السامعون أحسن منه، وتبرزن الحور العين(٣) حتّى يقفن بين شرف الجنة فينادين هل من خاطب إلى الله [ عزّوجلّ ] فيزوجه ؟ ثم يقلن(٤) : يا رضوان ما هذه الليلة ؟ فيجيبهن بالتلبية(٥) ، ثم يقول: يا خيرات حسان هذه أول ليلة من شهر رمضان قد فتحت أبواب الجنان للصائمين من أمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

[ قال: ] ويقول له عزّوجلّ: يا رضوان افتح أبواب الجنان، يا مالك أغلق أبواب الجحيم عن الصائمين(٦) من أمة محمّد، يا جبرئيل اهبط إلى الارض فصفد مردة الشياطين وغلهم بالاغلال ثم اقذف بهم في لجج البحار حتّى لا يفسدوا على أمة حبيبي صيامهم. قال: ويقول الله تبارك وتعالى في كل ليلة من شهر رمضان ثلاث مرات(٧) : هل من سائل فأعطيه سؤله ؟ هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ من يقرض الملئ غير المعدم والوفي غير الظالم(٨) ؟.

____________________________

(١) نجد البيت: زينه، وتنجد الشئ: ارتفع.

(٢) المصاريع: جمع مصراع، والمراد مصراع الباب.

(٣) كذا في النسخ والقياس « تبرز » وفى الفضائل « فتتزين الحور العين ».

(٤) في الفضائل « فتزوجه ثم قالت الملائكة ».

(٥) في الفضائل « فيلبيهن بالتلبية ».

(٦) زاد هنا في الفضائل « القائمين ».

(٧) في الفضائل « قال: وينزل الله عزّوجلّ ملائكته في كل ليلة من شهر رمضان ثلاث مرات يقول الله عزّوجلّ: هل من سائل ».

(٨) في الفضائل « غير الظلوم ». والملئ: الغنى والمقتدر يعني من يقرض الغنى الوفى الّذي لا يظلم الناس مثقال ذرة في الارض ولا في السماء.

٢٣٠

قال: وإن لله تعالى في آخر كل يوم من شهر رمضان عند الافطار ألف ألف عتيق من النار(١) ، فإذا كانت ليلة الجمعة ويوم الجمعة أعتق في كل ساعة منهما ألف ألف عتيق من النار وكلهم قد استوجبوا العذاب، فإذا كان في آخر [ يوم من ] شهر رمضان أعتق الله في ذلك اليوم بعدد ما أعتق من أول الشهر إلى آخره. فإذا كانت ليلة القدر أمر الله عزّوجلّ جبرئيلعليه‌السلام فهبط في كتيبة من الملائكة إلى الارض ومعه لواء أخضر، فيركز اللواء على ظهر الكعبة، وله ستمائة جناح، منها جناحان لا ينشرهما إلا في ليلة القدر، فينشرهما تلك الليلة، فيجاوزان(٢) المشرق والمغرب، ويبث جبرئيلعليه‌السلام الملائكة في هذه الليلة فيسلمون على كل قائم وقاعد ومصل وذاكر، ويصافحونهم ويؤمنون على دعائهم حتّى يطلع الفجر. فإذا طلع الفجر نادى جبرئيلعليه‌السلام : يا معشر الملائكة الرحيل الرحيل، فيقولون: يا جبرئيل فماذا صنع الله تعالى في حوائج المؤمنين من أمة محمّد ؟ فيقول: إن الله تعالى نظر إليهم في هذه الليلة فعفا عنهم وغفر لهم إلا أربعة، قال: فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وهؤلاء الاربعة(٣) : مدمن الخمر، والعاق لوالديه، والقاطع الرحم، والمشاحن(٤) .

____________________________

(١) في الفضائل « فان لله تبارك وتعالى في كل يوم من شهر رمضان عند الافطار عتيق من النار ».

(٢) في نسخة: « فيتجاوزان ». في الفضائل: « فيتجاوز » وكان الضمير المفرد راجع إلى اللواء.

(٣) في الفضائل « الا أربعة، فقيل: يا رسول الله من هؤلاء الاربعة قال: رجل مدمن خمر، وعاق والديه، وقاطع رحم، ومشاخن » وفي نسخة منه « وشاطن، قيل يا رسول الله وما الشاطن ؟ قال: هو المصارم ».

(٤) المشاحن: المباغض الممتلئ عداوة. والشاطن المتباعد عن الحق. ولم نجد المشاخن في اللغة في « شخن » بالمعجمة معنى يناسب ذلك. ولعل الصواب « الساطن » بالسين والطاء المهملتين بمعنى الخبيث. والعلم عند الله.

٢٣١

فإذا كانت ليلة الفطر وهي تسمى ليلة الجوائز أعطى الله العاملين أجرهم بغير حساب. فإذا كانت غداة يوم الفطر(١) بعث الله الملائكة في كل البلاد فيهبطون إلى الارض، ويقفون على أفواه السكك فيقولون: يا أمة محمّد اخرجوا إلى رب كريم، يعطي الجزيل، ويغفر العظيم. فإذا برزوا إلى مصلاهم قال الله عزّوجلّ للملائكة: ملائكتي !(٢) ما جزاء الاجير إذا عمل عمله ؟ قال: فتقول الملائكة: إلهنا وسيدنا جزاؤه أن توفي أجره. قال: فيقول الله عزّوجلّ: فإني أشهدكم ملائكتي أني قد جعلت ثوابهم عن صيامهم شهر رمضان وقيامهم فيه رضاي ومغفرتي. ويقول: يا عبادي سلوني، فوعزتي وجلالي لا تسألوني اليوم في جمعكم لآخرتكم ودنياكم إلا أعطيتكم(٣) ، وعزتي لاسترن عليكم عوراتكم ما راقبتموني، وعزتي لاجرتكم ولا أفضحكم(٤) بين يدي أصحاب الخلود، انصرفوا مغفورا لكم، قد أرضيتموني ورضيت عنكم. قال: فتفرح الملائكة وتستبشر ويهنئ بعضها بعضا بما يعطى [ الله ] هذه الامة إذا أفطروا.

٤ - قال حدثني أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويه القمي رحمه الله قال: حدثني أبي قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن فضال، عن عاصم بن حميد الحناط، عن أبي حمزة

____________________________

(١) في الفضائل « فإذا كانت ليلة الفطر سميت تلك الليلة ليلة الجائزة، فإذا كانت غداة الفطرة الخ ».

(٢) في نسخة: « قال الله عزّوجلّ لملائكته: ﴿مَا جَزَاءُ ﴾ الخ ».

(٣) في الفضائل « في جمعكم لاخرتكم الا أعطيتكم ولدنياكم الا نظرت لكم ».

(٤) اجاره الله من العذاب: أنقذه. ويمكن أن يقرأ: « لاجرتكم » من الاجر. وفي الفضائل « لا أخزيتكم ولا أفضحتكم بين يدى الخ » وفى البحار:: « لاجيرنكم ».

٢٣٢

الثمالي، عن حنش بن المعتمر(١) قال: دخلت على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام وهو في الرحبة متكئا، فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، كيف أصبحت ؟ قال: فرفع رأسه ورد علي وقال: أصبحت محبا لمحبنا، صابرا على بغض من يبغضنا(٢) ، إن محبنا ينتظر الروح والفرج في كل يوم وليلة، وإن مبغضنا بنى بناء(٣) فأسس بنيانه على شفا جرف هار، فكان بنيانه [ قد ] هار فانهار به في نار جهنم(٤) . يا أبا المعتمر إن محبنا لا يستطيع أن يبغضنا، وإن مبغضنا(٥) لا يستطيع أن يحبنا. إن الله تبارك وتعالى جبل قلوب العباد على حبنا وخذل من يبغضنا(٦) ، فلن يستطيع محبنا بغضنا، ولن يستطيع مبغضنا حبنا، ولن يجتمع حبنا وحب عدونا في قلب واحد « ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه » يحب بهذا قوما، ويحب بالآخر أعداءهم(٧) .

 ٥ - قال أخبرني أبوالطيب الحسين بن محمّد النحوي التمار قال: حدثنا

____________________________

(١) هو حنش بن المعتمر ويقال: ابن ربيعة الكنانى، تابعي من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام وثقه العجلى كما في التهذيب.

(٢) في المطبوعة والبحار: « محبا لمحبنا ومبغضا لمبغضنا ».

(٣) في المطبوعة: « بنى بناه ».

(٤) اقتباس من الاية ١٠٩ من سورة التوبة. قال الراغب: شفا البئر والنهر: طرفه، ويضرب به المثل في القرب من الهلكة. ويقال للمكان الّذي يأكله السيل فيجرفه أي يذهب به: جرف، ويقال: هار البناء يهور: إذا سقط، نحو انهار.

(٥) هكذا الصحيح، وصحف في النسخ والبحار ب‍ « قال: ومبغضنا ».

(٦) خذله وعنه خذلا وخذلانا: ترك نصرته واعانته. ويدل على أن كل من يتحزب وينحرف عنهم ويظهر البغض عليهم انما خرج عن الحنيفية البيضاء وتحرف عن جبلته التي فطره الله عليها.

(٧) في نسخة: « ويحب بهذا أعداءهم » قال في البحار: « الخبر يدل على أن المراد بعدم القلبين عدم أمرين متضادين في انسان واحد، كالايمان والكفر، وحب رجل وبغضه أو ما يسلتزم بغضه ».

٢٣٣

محمّد بن الحسن، قال: حدثنا أبونعيم، قال: حدثنا صالح بن عبدالله، قال: حدثنا هشام(١) ، عن أبي مخنف، عن الاعمش، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الاصبغ ابن نباتة رحمه الله قال: قال: إن أمير المؤمنينعليه‌السلام خطب ذات يوم، فحمد الله وأنثى عليه وصلى على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال: أيها الناس اسمعوا مقالتي، وعوا كلامي، إن الخيلاء من التجبر، والنخوة من التكبر(٢) ، وإن الشيطان عدو حاضر يعدكم الباطل، الا إن المسلم أخو المسلم، فلا تنابزوا، ولا تخاذلوا(٣) ، فإن شرايع الدين واحدة، وسبله قاصدة، من أخذ بها لحق، ومن تركها مرق(٤) ، ومن فارقها محق. ليس المسلم بالخائن إذا ائتمن، ولا بالمخلف إذا وعد، ولا بالكذوب إذا نطق. نحن أهل بيت الرحمة، وقولنا الحق، وفعلنا القسط، ومنا خاتم النبيين، وفينا قادة الاسلام وأمناء الكتاب، ندعوكم إلى الله ورسوله وإلى جهاد عدوه، والشدة في أمره، وابتغاء رضوانه(٥) ، وإلى إقام الصلاة، و إيتاء الزكاة، وحج البيت، وصيام شهر رمضان، وتوفير الفئ لاهله. ألا وإن أعجب العجب أن معاوية بن أبي سفيان الاموي وعمرو بن

____________________________

(١) أما أبونعيم فالظاهر هو الفضل بن دكين أبونعيم الملائى الكوفى الاحول المترجم في التهذيب، وأما هشام فهو هشام بن محمّد بن السائب الكلبى النسابة، وأما صالح بن عبدالله فهو صالح بن عبدالله بن ذكوان الباهلى ظاهرا. والعلم عند الله.

(٢) في بعض النسخ: « والتموه من التكبر » والتموه التلبيس.

(٣) في بعض النسخ: « ولا تجادلوا ».

(٤) في بعض النسخ: « غرق » وقوله « مرق » اي من الدين كما يخرج السهم من الرمية.

(٥) في نسخة « مرضاته ».

٢٣٤

العاص السهمي يحرضان الناس على طلب دم ابن عمهما(١) ، وإني والله لم أخالف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قط ولم أعصه في أمر قط، أقيه بنفسي في المواطن التي تنكص فيها الابطال، وترعد منها الفرائص بقوة أكرمني الله بها، فله الحمد، ولقد قبض النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وإن رأسه لفي حجري، ولقد وليت غسله بيدي، تقلبه الملائكة المقربون معي، وايم الله ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر باطلها على حقها إلا ما شاء الله. قال: فقام عمار بن ياسر رضي الله عنه فقال: أما أمير المؤمنين فقد أعلمكم أن الامة لم تستقم عليه، فتفرق الناس وقد نفذت بصائرهم.

٦ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن خالد قال: حدثنا زيد بن الحسين الكوفي قال: حدثنا جعفر بن نجيح قال: حدثنا جندل بن والق التغلبي قال: حدثنا محمّد بن عمر المازني(٢) ، عن أبي زيد الانصاري، عن سعيد بن بشير(٣) ، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب قال: سمعت رجلا يسأل ابن عباس عن علي ابن أبي طالبعليه‌السلام فقال له ابن عباس: إن عليّ بن أبي طالب صلى القبلتين، وبايع البيعتين، ولم يعبد صنما ولا وثنا، ولم يضرب على رأسه بزلم ولا قدح(٤) ،

____________________________

(١) يعني عثمان بن عفان الخليفة الاموى، وفي أمالي الطوسي ومنقوله في البحار: « على الدين بزعمهما ».

(٢) في أمالي ابن الشيخ « قال: حدثنا جندل بن والق التغلبي قال: حدثنا محمّد بن محمّد بن عمر المازنى عن أبي زيد ». وأما جندل بن والق فهو معنون في التهذيب والتقريب، واما محمّد المازنى فلم نجذه بكلا العنوانين وفي نسخة « محمّد بن عمر المارى » ولا يبعد كونه محمّد بن محمّد الواقدي المدنى فصحف المدنى بالمارى ثم المارى بالمازنى. والعلم عند الله.

(٣) هو الازدي أو البصري مولاهم أبوعبد الرحمن، وراويه سعيد بن أوس أبوزيد الانصاري.

(٤) الزلم والزلم بالضم والفتح واحد الازلام وهي سهام كانوا يستقسمون بها في الجاهلية، وفي الكتاب العزيز: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ﴾. والقدح بالكسر السهم قبل أن ينصل ويراش، وسهم الميسر.

٢٣٥

ولد على الفطرة، ولم يشرك بالله طرفة عين. فقال الرجل: إني لم أسألك عن هذا، وإنما سألتك عن حمله سيفه على عاتقة يختال به حتّى أتى البصرة فقتل بها أربعين ألفا(١) ، ثم سار إلى الشام فلقي حواجب العرب فضرب بعضهم ببعض حتّى قتلهم، ثم أتى النهروان وهم مسلمون فقتلهم عن آخرهم. فقال له ابن عباس: أعلي أعلم عندك(٢) أم أنا ؟ فقال: لو كان علي أعلم عندي منك لما سألتك ! قال: فغضب ابن عباس (رضي الله عنه) حتّى اشتد غضبه ثم قال: ثكلتك أمك علي علمني، كان علمه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علمه الله من فوق عرشه، فعلم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من الله، وعلم علي من النبي، وعلمي من علم علي، وعلم أصحاب محمّد كلهم في علم عليعليه‌السلام كالقطرة الواحدة في سبعة أبحر.

٧ - قال: أخبرني أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه رحمه الله قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن الوليد قال: حدثنا محمّد بن الحسن الصفار قال: حدثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عليّ بن أسباط، عن عليّ بن حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: أوحى الله تعالى إلى عيسى

____________________________

(١) قال المسعودي: « وقتل فيها أي في وقعة الجمل من أصحاب الجمل من أهل البصرة وغيرهم ثلاثة عشر ألفا، وقتل من أصحاب على خمسة آلاف، وقد تنازع الناس في مقدار من قتل من الفريقين: فمن مقلل ومكثر، فالمقلل يقول: قتل منهم سبعة آلاف والمكثر يقول: عشرة آلاف على حسب ميل الناس وأهوائهم إلى كل فريق منهم، وكانت وقعة واحدة في يوم واحد إلى أن قال: وقتل بصفين سبعون ألفا: من أهل الشام خمسة وأربعون ألفا، ومن أهل العراق خمسة وعشرون ألفا الخ ».

(٢) في نسخة « اعلم عندكم » وفي أمالى ابن الشيخ كما في المتن.

٢٣٦

ابن مريمعليه‌السلام : يا عيسى هب لي من عينيك الدموع، ومن قلبك الخشوع، واكحل عينيك(١) بميل الحزن إذا ضحك البطالون، وقم على قبور الاموات فنادهم بالصوت الرفيع لعلك تأخذ موعظتك منهم، وقل: إني لاحق بهم في اللاحقين.

وصلّى الله على سيدنا محمّد وآله الطاهرين

المجلس الثامن والعشرون

مجلس يوم الاثنين لتسع ليال خلون من شهر رمضان سنة تسع وأربعمائة مما سمعه أبوالفوارس

 حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أدام الله تأييده

 ١ - قال: حدثني أبوحفص عمر بن محمّد بن عليّ الزيات قال: حدثنا عبيدالله بن جعفر بن محمّد بن أعين(٢) قال: حدثنا مسعر بن يحيى النهدي قال: حدثنا شريك بن عبدالله القاضي قال: حدثنا أبوإسحاق الهمداني، عن أبيه، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاثة من الذنوب تعجل عقوبتها ولا تؤخر إلى الآخرة: عقوق الوالدين، والبغي على الناس، وكفر الاحسان.

____________________________

(١) في بعض النسخ في الموضعين: « عينك ». وفي أمالى ابن الشيخ كما في المتن.

(٢) هو عبيدالله بن جعفر بن محمّد بن أعين أبوالعباس البزاز المتوفى ٣٠٩ المعنون في تاريخ الخطيب. وأما شيخه « مسعر » أو « معمر » كما في بعض النسخ وأمالي ابن الشيخ فلم نجده بهذا العنوان، وقد تقدم في ص ١٤ بعنوان مسعود بن يحيى النهدي. وشريك بن عبدالله القاضى أبوعبدالله الكوفى النخعي عنونه ابن حجر في تقريبه وتهذيبه وقال: توفى سنة ١٧٧ أو ١٧٨، وأبو إسحاق هو السبيعى المتوفى ١٢٩ أو ١٣٢.

٢٣٧

 ٢ - قال: أخبرني أبوالحسين أحمد بن الحسين بن اسامة البصري إجازة قال: حدثنا عبيدالله بن محمّد الواسطي قال: حدثنا أبوجعفر محمّد بن يحيى(١) قال: حدثنا هارون بن مسلم بن سعدان قال: حدثنا مسعدة بن صدقة قال: حدثنا جعفر ابن محمّد، عن أبيهعليهما‌السلام إنه قال: أرسل النجاشي(٢) ملك الحبشة إلى جعفر بن أبي طالب وأصحابه، فدخلوا عليه وهو في بيت له جالس على التراب وعليه خلقان الثياب(٣) . قال: فقال جعفر بن أبي طالب فأشفقنا منه حين رأيناه على تلك الحال، فلما أن رأى ما بنا وتغير وجوهنا قال: الحمد لله الّذي نصر محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله وأقر عيني به، ألا أبشركم ؟ فقلت: بلى أيها الملك، فقال: إنه جاء في الساعة من نحو أرضكم عين من عيوني هناتك فأخبرني أن الله قد نصر نبيه محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهلك عدوه واسر فلان وفلان وفلان، وقتل فلان وفلان وفلان، التقوا بواد يقال له بدر، لكأني أنظر إليه حيث كنت أرعى لسيدي

____________________________

(١) كذا والظاهر كونه العطار القمى ولم نعثر على روايته عن هارون، ويمكن أن يكون فيه سقط وهو محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري.

(٢) النجاشي بفتح النون وتخفيف الجيم والشين المعجمة لقب ملك الحبشة، والمراد هنا الّذي أسلم وآمن بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله واسمه أصحمة بن بحر، أسلم قبل الفتح، ومات قبله، صلى عليه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لما جاء خبر موته، وجعفر بن أبى طالب هو أخو أمير المؤمنينعليه‌السلام وكان أكبر منه بعشر سنين، وهو من كبار الصحابة، ومن الشهداء الاولين، وهو صاحب الهجرتين، هجرة الحبشة وهجرة المدينة، واستشهد يوم موتة سنة ثمان وله احدى وأربعون سنة، فوجد فيما أقبل من جسده تسعون ضربة ما بين طعنة برمح وضربة بسيف، وقطعت يداه في الحرب، فأعطاه الله جناحين يطير بهما في الجنة فلقب ذا الجناحين (البحار).

(٣) قال الجوهرى: ثوب خلق أي بال، يستوى فيه المذكر والمؤنث لانه في الاصل مصدر الاخلق وهو الاملس، والجمع خلقان. وقال في البحار: « فأشفقنا منه » أي خفنا من حاله ومما رأيناه أن يكون أصابه سوء.

٢٣٨

هناك وهو رجل من بني ضمرة(١) . فقال له جعفر: أيها الملك الصالح فمالي أراك جالسا على التراب وعليك هذه الخلقان ؟ فقال: يا جعفر إنا نجد فيما أنزل الله على عيسى صلّى الله عليه: إن من حق الله على عباده أن يحدثوا له تواضعا عندما يحدث لهم من النعمة، فلما أحدث الله لي نعمة نبيه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) أحدثت لله هذا التواضع. قال: فلما بلغ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك قال لاصحابه: إن الصدقة تزيد صاحبها كثرة، فتصدقوا يرحمكم الله، وإن التواضع يزيد صاحبه رفعة(٣) فتواضعوا يرفعكم الله، وإن العفو يزيد صاحبه عزة فاعفوا يعزكم الله.

٣ - قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: سألت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام أن يعلمني دعاء أدعو به في المهمات، فأخرج إلي أوراقا من صحيفة عتيقة، فقال: انتسخ ما فيها فهو دعاء جدي عليّ بن الحسين زين العابدينعليهما‌السلام للمهمات. فكتبت ذلك على وجهه، فما كربني شئ قط واهمني إلا دعوت به، ففرج الله همي، وكشف غمي وكربي، وأعطاني سؤلي وهو: اللهم هديتني فلهوت، ووعظت فقسوت، وأبليت الجميل(٤) فعصيت، وعرفت فأصررت، ثم عرفت فاستغفرت فأقلت، فعدت فسترت، فلك الحمد إلهي تقحمت أودية هلاكي، وتخللت شعاب تلفي، فتعرضت

____________________________

(١) قال في البحار: « أهلك عدوه » أي السبعين الّذين قتلوا منهم أبوجهل وعتبة وشيبة، واسر أيضا سبعون. وبنو ضمرة بفتح الضاد وسكون الميم رهط عمرو بن أمية الضمرى.

(٢) في الكافي: « نعمة بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٣) في نسخة: « يزيد صاحبه منزلة رفيعة ».

(٤) أي أعطيت العطاء الجميل.

٢٣٩

فيها لسطواتك، وبحلولها لعقوباتك، ووسيلتي إليك التوحيد، وذريعتي أني لم أشرك بك شيئا ولم أتخذ معك إلها، قد فررت إليك من نفسي، وإليك يفر المسئ، وأنت مفزع المضيع حظ نفسه. فلك الحمد إلهي، فكم من عدو انتضى علي سيف عداوته(١) ، وشحذ لي ظبة مديته، وأرهف لي شبا حده، وداف لي قواتل سمومه، وسدد نحوي صوائب سهامه، ولم تنم عني عين حراسته، وأضمر أن يسومني المكروه(٢) ، ويجر عني زعاف مرارته، فنظرت يا إلهي إلى ضعفي عن احتمال الفوادح، وعجزي عن الانتصار ممن قصدني بمحاربته، ووحدتي في كثير عدد من ناواني، وأرصد لي البلاء فيما لم أعمل فيه فكري، فابتدأتني بنصرك، وشددت أزري بقوتك، ثم فللت لي حده(٣) وصيرته من بعد جمع(٤) وحده، وأعليت كعبي عليه، وجعلت ما سدده مردودا عليه، فرددته لم يشف غليله(٥) ، ولم يبرد حرارة غيظه، قد عض على شواه وأدبر موليا

____________________________

(١) يقال: انتضى سيفه: استله من غمده. وشحذ السكين ونحوه: أحده، وبمعناه الارهاف. والمدية: الشفرة. والظبة والشبا: حد السيف والسكين ونحوهما، وفي بعض النسخ: « شباة حده » وهي واحدها والجمع: شبا. والدوف: خلط الدواء ومزجها. والصوائب جمع الصائب وهو من السهام: الّذي لا يخطئ في الاصابة.

(٢) يقال: سامه خسفا: أولاه اياه وأراده عليه، وفلانا الامر: كلفه اياه، وأكثر ما يستعمل في العذاب والشر. وفي بعض النسخ: « وأظهر الخ ». والزعاف كالذعاف: السم القاتل سريعا. والفادح: الثقيل من البلاء.

(٣) أي كسرت لى سورته وشدته، والفل ضد الشحذ.

(٤) كذا في النسخ وفي البحار: « من بعد جمعه ». والصحيح كما في الصحيفة الكاملة: « من بعد جمع عديد وحده ».

(٥) حال للضمير المفعول في « رددته ». والشوى كالفتى: اليدان والرجلان والاطراف وما كان غير مقتل من الاعضاء.

٢٤٠