الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد0%

الأمالي الشيخ المفيد مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 357

الأمالي الشيخ المفيد

مؤلف: أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبرى البغدادى (الشيخ المفيد)
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف:

الصفحات: 357
المشاهدات: 47673
تحميل: 5974


توضيحات:

الأمالي الشيخ المفيد المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 357 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 47673 / تحميل: 5974
الحجم الحجم الحجم
الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

قال: فقام إليه بعض أصحاب المسالح فقبض عليه، وكان ذلك آخر عهدنا به، ولا ندري ما كانت حاله.

٧ - قال: حدثنا أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن أدريس قال: حدثنا محمّد بن عبد الجبار، عن القاسم بن محمّد الرازي، عن عليّ بن محمّد الهرمزاني(١) ، عن عليّ بن الحسين بن علي، عن أبيه الحسينعليهم‌السلام قال: لما مرضت فاطمة بنت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليها‌السلام وصت إلى علي صلوات الله عليه أن يكتم أمرها، ويخفي خبرها، ولا يؤذن أحدا بمرضها، ففعل ذلك. وكان يمرضها بنفسه، وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس رحمها الله على استسرار بذلك كما وصت به. فلما حضرتها الوفاة وصت أمير المؤمنينعليه‌السلام أن يتولى أمرها، ويدفنها ليلا، ويعفي قبرها(٢) . فتولى ذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام ودفنها، وعفى موضع قبرها. فلما نفض يده من تراب القبر، هاج به الحزن، فأرسل دموعه على خديه، وحول وجهه إلى قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: « السلام عليك يا رسول الله مني، والسلام عليك من ابنتك وحبيبتك وقرة عينك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقعتك والمختار لها الله سرعة اللحاق بك، قل يا رسول الله عن صفيتك صبري، وضعف عن سيدة النساء تجلدي(٣) ، إلا أن في التأسي لي بسنتك والحزن الّذي حل بي بفراقك موضع التعزي،

____________________________

(١) السند في الكافي عن أحمد بن ادريس إلى هنا كذلك وفيه الهرمزانى عن أبى عبدالله الحسين بن علىعليهما‌السلام ، وفى بعض نسخ الكافي وكذا في الجامع: « الهرمزاى »، وفى بعض نسخ البحار: « الهروي ».

(٢) العفو: المحو والانمحاء، وينبغى جدا البحث والفحص عن علة ذلك.

(٣) التجلد: القوة. وقوله « على أن في التأسي لي بسنتك » أي بسنة فرقتك، والمعنى ان المصيبة بفراقك كانت أعظم، فكما صبرت على تلك مع كونها أشد فلان أصبر على هذه أولى (البحار).

٢٨١

فلقد وسدتك في ملحود قبرك بعد أن فاضت نفسك على صدري، وغمضتك بيدي(١) ، وتوليت أمرك بنفسي، نعم وفي كتاب الله أنعم القبول(٢) : ﴿إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾. لقد استرجعت الوديعة(٣) ، وأخذت الرهينة، واختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء، يا رسول الله ! أما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد، لا يبرح الحزن من قلبي، أو يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم، كمد مقيح، وهم مهيج، سرعان ما فرق بيننا، وإلى الله أشكو. وستنبئك ابنتك بتضافر امتك(٤) علي وعلى هضمها حقها، فاستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا وستقول، ويحكم الله وهو خير الحاكمين. سلام عليك يا رسول الله سلام مودع، لا سئم ولا قال، فإن أنصرف فلا عن ملالة، وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين، [ و ] الصبر أيمن

____________________________

(١) أي غيبتك بيدى في لحدك تحت الثرى.

(٢) كذا في الكافي والبحار، أي فيه ما يصير سببا لقبول المصائب أنعم القبول. وفى النسخ: « أتم القول ».

(٣) يمكن أن يقرأ هذا وقرائنه على بناء المعلوم والمجهول، وخلس الشئ: أخذه في نهزة ومخاتلة، والاختلاس أسرع من الخلس، والسهود: قلة النوم، و « أو » بمعنى « إلى أن »، والكمد بالفتح والتحريك: الحزن الشديد.

(٤) التضافر والتظافر: التعاون، وفى نسخ عندنا: « بتظاهر امتك ». وهضم فلانا: ظلمه وغصبه. أي أعان بعضهم بعضا على اخراج الامر ونزع سلطانك من يدى وعلى عدم وصوله إلى. وفى الكافي والنهج: « فأحفها السؤال واستخبرها الحال ». والحال منصوب بنزع الخافض، أي عن الحال، أي عن قضايا التي مرت علينا من عدم ايتاء حقنا ايانا، والتوثب علينا واخراجنا إلى المسجد للبيعة مكرهين، ثم استبدادهم بالامر وعدم الالتفات إلى ما نصصت على امرتنا وايفاء حقنا ولزوم مودتنا وغير ذلك.

٢٨٢

وأجمل، ولولا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام(١) عند قبرك لزاما، وللبثت(٢) عنده معكوفا، ولاعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية، فبعين الله تدفن ابنتك سرا، وتهتضم حقها قهرا، وتمنع إرثها جهرا، ولم يطل العهد، ولم يخل(٣) منك الذكر، فإلى الله يا رسول الله المشتكى، وفيك أجمل العزاء، وصلوات الله عليك وعليها ورحمة الله وبركاته(٤) ».

٨ - قال: حدثنا أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين قال: حدثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه، عن عمه محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابيه، عن محمّد بن سنان، عن محمّد بن عطية، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الموت كفارة لذنوب المؤمنين.

٩ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن محمّد الكاتب قال: حدثنا أبوالقاسم يحيى بن زكريا الكتنجي(٥) قال: حدثني أبوهاشم داود بن القاسم الجعفري رحمه الله قال: سمعت الرضا عليّ بن موسىعليهما‌السلام يقول: إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال لكميل بن زياد فيما قال: يا كميل أخوك دينك، فاحتط لدينك بما شئت.

والحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على سيدنا محمّد وآله وسلم تسليما

____________________________

(١) في النسخ « لجعلنا المقام » ولا يناسب السياق.

(٢) في بعض نسخ الحديث: « والتلبث » وفى بعضها: « واللبث ».

(٣) كذا وفى الكافي والامالي: « ولم يخلق » أي ان عهودك إلى أمتك من التمسك بالثقلين ولزوم الحق باللزوم معى وغير ذلك من النصوص والعهود والوصايا لم ينس ولم يخلق.

(٤) رواه في الكافي ج ١ ص ٤٥٨ وفى النهج قسم الخطب تحت رقم ٢٠٠ مختضرا.

(٥) هو يحيى بن زكريا المعروف بالكتنجى كما في الجامع نقلا عن رجال الشيخ، يكنى أبا القاسم، ذكره الشيخ فيمن لم يرو عنهم (عليه‌السلام ) قال: ولقى العسكري. وفى النسخ: « زكريا بن يحيى » مقلوبا وهو تصحيف.

٢٨٣

﴿ بسم الله الرحمن الرحيم ﴾

المجلس الرابع والثلاثون

مجلس يوم السبت السادس والعشرين من شعبان سنة عشرة وأربعمائة

حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أدام الله حراسته

 ١ - قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد ابن عقدة قال: حدثنا محمّد بن هارون بن عبد الرحمن الحجازي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عيسى بن أبي الورد(١) ، عن أحمد بن عبد العزيز، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : لا يقل مع التقوى عمل، وكيف يقل ما يتقبل(٢) ؟!.

٢ - قال: أخبرني أبونصر محمّد بن الحسين المقري قال: حدثنا أبوالقاسم عليّ بن محمّد قال: حدثنا أبو العباس الاحوص بن عليّ بن مرداس قال: حدثني محمّد بن الحسن بن عيسى الرواسي(٣) قال: حدثنا سماعة بن مهران، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: إن من اليقين ألا ترضوا الناس بسخط الله عزّوجلّ، ولا تلوموهم على ما لم يؤتكم الله من فضله، فإن الرزق لا يسوقه حرص حريص، ولا ترده كراهية كاره، ولو أن أحدكم فر من رزقه كما

____________________________

(١) لم نجده ولا راويه، وشيخه أحمد بن عبد العزيز كأنه الجوهرى المعروف صاحب كتاب السقيفة.

(٢) تقدم في المجلس الرابع تحت رقم ٢ بهذا السند وفى المجلس الثالث والعشرين تحت رقم ٢٤ بسند آخر.

(٣) في أمالى الطوسى (ره) « محمّد بن الحسين بن عيسى الرواسى » ولم نجده بكلا العنوانين وكذا راويه.

٢٨٤

يفر من الموت لادركه رزقه كما يدركه الموت(١) .

٣ - قال: حدثنا أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه رحمه الله قال: حدثني أبي قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أيوب بن نوح، عن صفوان ابن يحيى، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: أين خليفة الله في أرضه ؟ فيقوم داود النبيّعليه‌السلام ، فيأتي النداء من عند الله عزّوجلّ: لسنا إياك أردنا وإن كنت لله خليفة، ثم ينادي ثانية: أين خليفة الله في أرضه ؟ فيقوم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، فيأتي النداء من قبل الله عزّوجلّ: يا معشر الخلائق هذا عليّ بن أبي طالب خليفة الله في أرضه وحجته على عباده، فمن تعلق بحبله في دار الدنيا فليتعلق بحبله في هذا اليوم ليستضئ بنوره، وليتبعه إلى الدرجات العلى من الجنان. قال: فيقوم أناس قد تعلقوا بحبله في الدنيا فيتبعونه إلى الجنة، ثم يأتي النداء من عند الله جل جلاله: الا من ائتم بإمام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث [ شاء و ](٢) يذهب به، فحينئذ ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ ، وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّـهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ(٣) .

____________________________

(١) رواه الكليني (ره) في الكافي ج ٢ ص ٥٧ بسند آخر مع اختلاف يسير في اللفظ وتمامه: « ثم قال: ان الله بعدله وقسطه جعل الروح والراحة في اليقين والرضا، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط ».

(٢) ما بين المعقوفين موجود في المطبوعة فقط.

(٣) اقتباس من البقرة: ١٦٦، ١٦٧. والخبر يدل على ان كل اناس يدعى بامامهم وبالّذي يقتدون به ويسلكون طريقته ويسيرون بسيرته أو يحبونه بقلوبهم ويودونه في سر أنفسهم، فالواجب على المسلم المرتاد للحق اتخاذ سيرة الامام المعصوم الّذي قد نصبه الله جلّ وعزّ لنفسه حتّى يكون المصاب في أفعاله وسيره إلى الله تعالى.

٢٨٥

 ٤ - قال: أخبرني أبوالمظفر محمّد بن أحمد البلخي(١) قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن أحمد بن أبي الثلج قال: حدثنا أبوعبدالله جعفر بن محمّد الحسني قال: حدثنا عيسى بن مهران قال: حدثنا حفص بن عمر الفراء قال: حدثنا أبومعاذ الخزاز قال: حدثني يونس بن عبد الوارث، عن أبيه قال: بينا ابن عباس يخطب عندنا على منبر البصرة إذ أقبل على الناس بوجهه ثم قال: أيتها الامة المتحيرة في دينها أم والله لو قدمتم من قدم الله وأخرتم من أخر الله وجعلتم الوراثة والولاية حيث جعلها الله ما عال سهم من فرائض الله، ولا عال ولي الله، ولا اختلف اثنان في حكم الله، فذوقوا وبال ما فرطتم فيه بما قدمت أيديكم ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ(٢) .

٥ - قال: أخبرنا أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدثنا عبيد بن حمدون الرواسي قال: حدثنا الحسن ابن ظريف(٣) قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: ما رأيت عليا

____________________________

(١) كذا وفى بعض النسخ: « أبوالمظفر بن أحمد البلخى » والظاهر وقع التصحيف والصواب: المظفر بن محمّد بن أحمد أبوالجيش الوراق متكلم مشهور الامر، سمع الحديث فاكثر، له كتب كثيرة قاله النجاشي وذكر كتبه إلى قوله: أخبرنا بكتبه شيخنا أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان، ومات أبوالجيش ٣٦٧ وفى معالم العلماء أنه قرأ المفيد على أبى القاسم على بن محمّد الرفا وعلى أبى الجيش البلخى وهو يروى عن أبى بكر محمّد بن أحمد بن أبى الثلج راجع طبقات الاعلام في القرن الرابع للعلامة الطهراني (ره) ص ٣١٨.

(٢) الشعراء: ٢٢٧. وقد تقدم الخبر في المجلس السادس تحت رقم ٧، ومر كلامنا في رجاله وألفاظه.

(٣) كذا وفى أمالى ابن الشيخ أيضا والظاهر أن فيه سقطا فان الحسن بن ظريف ذكر في أصحاب الهادىعليه‌السلام ، ولا يبعد تعدده وكونه مشتركا.

٢٨٦

قضى قضاء(١) إلا وجدت له أصلا في السنة. قال: وكان عليعليه‌السلام يقول: لو اختصم إلي رجلان فقضيت بينهما ثم مكثا أحوالا(٢) كثيرة ثم أتياني في ذلك الامر لقضيت بينهما قضاء واحدا لان القضاء لا يحول ولا يزول أبدا.

 ٦ - قال: أخبرني أبونصر محمّد بن الحسين البصير المقري قال: أخبرني أبوالقاسم عليّ بن محمّد قال: حدثنا عليّ بن الحسن قال: حدثني الحسن بن عليّ بن يوسف(٣) ، عن أبي عبدالله زكريا بن محمّد المؤمن، عن سعيد بن يسار قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حضر شابا عند وفاته، فقال له: قل: لا إله إلا الله، قال: فاعتقل لسانه مرارا، فقال لامرأة عند رأسه: هل لهذا أم ؟ قالت: نعم، أنا أمه، قال: أفساخطة أنت عليه ؟ قالت: نعم، ما كلمته منذ ست حجج(٤) . قال لها: ارضي عنه، قالت: رضي الله عنه يا رسول الله برضاك عنه. فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قل: لا إله إلا الله، فقالها، فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما ترى ؟ قال: أرى رجلا أسود الوجه، قبيح المنظر، وسخ الثياب، نتن الريح(٥) ، قد وليني الساعة، وأخذ بكظمي(٦) ، فقال له

____________________________

(١) في أمالى الشيخ: « لا نجد عليا يقضى بقضاء الخ ».

(٢) جمع حول بالفتح أي لسنة لانها تحول أي تمضى.

(٣) هو المعروف بابن بقاح كوفى ثقة مشهور صحيح الحديث كما في الخلاصه ورجال النجاشي وراويه هو ابن فضال وراوي راويه هو على بن محمّد بن يعقوب بن اسحاق ابن عمار الصيرفى الكسائي الكوفى العجلى الّذي روى عنه التلعكبرى وسمع منه سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.

(٤) في بعض النسخ: « ستة حجج » وتأنيثه باعتبار تذكير اللفظ.

(٥) في المخطوطة « منتن الريح ».

(٦) الكظم محركة وكقفل: الحلق ومخرج النفس.

٢٨٧

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قل: « يا من يقبل اليسير، ويعفو عن الكثير، اقبل مني اليسير، واعف عني الكثير، إنك أنت الغفور الرحيم ». فقالها الشاب، فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : انظر ماذا ترى ؟ قال: أرى رجلا أبيض اللون، حسن الوجه، طيب الريح، حسن الثياب، قد وليني، وأرى الاسود قد تولى عني. فقال له: أعد، فأعاد، فقال له: ما ترى ؟ قال: لست أرى الاسود، وأرى الابيض قد وليني، ثم طفى على تلك الحال(١) .

٧ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن بلال المهلبي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن الحسين البغدادي(٢) قال: حدثنا الحسين بن عمر المقري، عن عليّ بن الازهر عن عليّ بن صالح المكي(٣) ، عن محمّد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جدهعليه‌السلام قال لما نزلت على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّـهِ وَالْفَتْحُ ﴾ قال لي: يا علي إنه قد جاء نصر الله والفتح، فإذا رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا. يا علي إن الله قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدي كما كتب عليهم جهاد المشركين معي، فقلت: يا رسول الله وما الفتنة التي كتب علينا

____________________________

(١) طفى الرجل: مات.

(٢) هو أحمد بن الحسين بن عباد البغدادي أبوالعباس البزاز المعنون في الجرح والتعديل لابن أبى حاتم الرازي وكنيته كما في تاريخ الخطيب « أبوالعباس السمسار ».

(٣) رجال السند في أمالى الطوسى هكذا أيضا وما عثرنا على الحسين بن عمر المقرى ويحتمل كونه « الحسين بن عمرو العنقزى أو الصقرى » فصحف فان كان هو فهو مترجم في الجرح والتعديل ج ٣ تحت رقم ٢٧٨. وأما على بن الازهر فهو الاهوازي الرامهرمزى صدوق معنون في الجرح والتعديل ج ٦ تحت رقم ٩٥٩. وعلى بن صالح المكى العابد مقبول معنون في التقريب، ومحمّد بن عمر بن على بن أبى طالب المكنى بأبى عبدالله أيضا معنون في الجرح والتعديل ج ٨ تحت رقم ٨١.

٢٨٨

فيها الجهاد ؟ قال: فتنة قوم يشهدون أن لا إله إلا الله، وإني رسول الله [ وهم ] مخالفون لسنتي وطاعنون في ديني(١) . فقلت: فعلام نقاتلهم يا رسول الله وهم يشهدون: أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ؟ فقال: على إحداثهم في دينهم، وفراقهم لامري، واستحلالهم دماء عترتي. قال: فقلت: يا رسول الله إنك كنت وعدتني الشهادة، فسل الله تعالى أن يعجلها [ لي ](٢) ، فقال: أجل، قد كنت وعدتك الشهادة، فكيف صبرك إذا خضبت هذه من هذا وأومي إلى رأسي ولحيتي ؟ فقلت: يا رسول الله أما إذا بينت لي ما بينت(٣) فليس بموطن صبر، [ و ] لكنه موطن بشرى وشكر، فقال: أجل، فأعد للخصومة، فإنك مخاصم أمتي. قلت: يا رسول الله أرشدني الفلج، قال: إذا رأيت قوما(٤) قد عدلوا عن الهدى إلى الضلال فخاصمهم، فإن الهدى من الله، والضلال من الشيطان. يا علي إن الهدى هو اتباع أمر الله دون الهوى والرأي: وكأنك بقوم قد تأولوا القرآن، وأخذوا بالشبهات، واستحلوا الخمر بالنبيذ، والبخس بالزكاة(٥) ، والسحت بالهدية. قلت: يا رسول الله فما هم إذا فعلوا ذلك، أهم أهل ردة أم أهل فتنة ؟ قال: هم أهل فتنة، يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل، فقلت: يا رسول الله العدل منا أم من غيرنا ؟ فقال: بل منا، بنا يفتح الله،

____________________________

(١) اشارة إلى فتنة الناكثين والقاسطين والمارقين.

(٢) في أمالى ابن الشيخ: « تعجيلها لى ».

(٣) في البحار: « أما إذا ثبت لي ما ثبت ».

(٤) في المطبوعة والبحار: « قومك ».

(٥) لعل المراد به أنهم يبخسون المكيال والميزان وأموال الناس ثم يتداركون ذلك بالزكوات والصدقات من المال الحرام. « والسحت بالهدية » أي يأخذون الرشوة بالحكم ويسمونه الهدية (البحار).

٢٨٩

وبنا يختم(١) ، وبنا ألف الله بين القلوب بعد الشرك، وبنا يولف الله بين القلوب بعد الفتنة، فقلت: الحمد لله على ما وهب لنا من فضله.

٨ - قال: حدثني أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويه رحمه الله قال: حدثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن معلي بن محمّد البصري، عن محمّد بن جمهور العمي قال: حدثنا أبوعلي الحسن بن محبوب قال: سمعت أبا محمّد الوابشي رواه عن أبي الورد(٢) قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام يقول: إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد من الاولين والآخرين عراة حفاة، فيوقفون على طريق المحشر حتّى يعرقوا عرقا شديدا ويشتد أنفاسهم، فيمكثون بذلك ما شاء الله، وذلك قوله تعالى: ﴿فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا(٣) . قال: ثم ينادي مناد من تلقاء العرش: أين النبيّ الامي ؟ قال: فيقول الناس: قد أسمعت [ كلا ](٤) ، فسم باسمه. قال: فينادي: أين نبي الرحمة محمّد بن عبدالله ؟ قال: فيقوم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيقف(٥) أما الناس كلهم حتّى ينتتهي إلى حوض طوله ما بين أيلة وصنعاء، فيقف عليه، ثم ينادي بصاحبكم،

____________________________

(١) لعله اشارة إلى قيام صاحبنا المهدىعليه‌السلام لانه (عليه‌السلام ) صاحب الولاية الختمية وبه يملا الله الارض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا حتّى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، ولا شك أنه لما يؤلف بعد بين القلوب بل ما زالت تشتد الفتن حتّى يكفر بعض المسلمين بعضا ويتفل بعضهم في وجوه بعض ولا تزول تلك الفتن حتّى تطفأ نارها بصيوب عدله (عليه‌السلام ) عجل الله تعالى فرجه وسهل مخرجه.

(٢) لم نعرف في هذه الطبقة غير أبى الورد بن ثمامة بن حزن القشيرى البصري.

(٣) طه: ١٠٨. والهمس: الصوت الخفى.

(٤) كذا، وفى بعض النسخ « قد أبهت » أي نبهت. ويمكن أن يكون « قد أسمعت » تصحيف « قد أشمعت » من أشمع السراج أي سطع نوره. ولفظة « كلا » كانت في بعض النسخ دون بعض.

(٥) في أمالى الطوسى « فيتقدم ».

٢٩٠

فيقوم أمام الناس، فيقف معه، ثم يؤذن للناس فيمرون. قال أبوجعفرعليه‌السلام : فبين وارد يومئذ وبين مصروف، فإذا رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من يصرف عنه من محبينا أهل البيت بكى وقال: يا رب شيعة علي، يا رب شيعة علي. قال: فيبعث الله إليه ملكا فيقول [ له ]: ما يبكيك يا محمّد ؟ قال: وكيف لا أبكي لاناس من شيعة أخي عليّ بن أبي طالب، أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار، ومنعوا من ورود حوضي ؟ ! قال: فيقول الله عزّوجلّ: يا محمّد إني قد وهبتهم لك، وصفحت لك عن ذنوبهم، وألحقتهم بك وبمن كانوا يتولون من ذريتك، وجعلتهم في زمرتك، وأوردتهم حوضك، وقبلت شفاعتك فيهم، وأكرمتك بذلك. ثم قال أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسينعليهم‌السلام : فكم من باك يومئذ وباكية ينادون يا محمّداه إذا رأو ذلك، فلا يبقى أحد يومئذ كان يتولانا ويحبنا إلا كان في حزبنا ومعنا وورد حوضنا.

٩ - قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد رحمه الله قال: حدثنا أبوعلي محمّد بن همام الاسكافي قال: حدثنا عبدالله بن العلاء قال: حدثنا أبوسعيد الآدمي(١) قال: حدثني عمر بن عبد العزيز المعروف بزحل، عن جميل بن دراج، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: خياركم سمحاؤكم، وشراركم بخلاؤكم، ومن صالح الاعمال البر بالاخوان، والسعي في حوائجهم، وفي ذلك مرغمة للشيطان، وتزحزح عن النيران، ودخول الجنان. يا جميل أخبر بهذا الحديث غرر أصحابك، قلت: من غرر أصحابي ؟ قال: هم البارون بالاخوان في العسر واليسر. ثم قال: أما إن صاحب الكثير يهون عليه ذلك، وقد مدح الله صاحب القليل فقال: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(٢) .

____________________________

(١) هو سهل بن زياد الرازي، ضعفه الشيخ رحمه الله.

(٢) الحشر: ٩.

٢٩١

وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلّى الله على سيدنا محمّد النبيّ وآله وسلم تسليما

المجلس الخامس والثلاثون

مجلس يوم السبت لثلاث ليال خلون من شهر رمضان سنة عشر وأربعمائة

حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أيد الله تمكينه

 ١ - قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويه رحمه الله قال: حدثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري قال: حدثني أبي قال: حدثني هارون بن مسلم قال: حدثني مسعدة بن زياد قال: سمعت جعفر بن محمّدعليهما‌السلام وقد سئل عن قوله تعالى: ﴿فَلِلَّـهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ(١) فقال: إذا كان يوم القيامة قال الله تعالى للعبد: أكنت عالما ؟ فإن قال: نعم، قال له: افلا عملت بما علمت ؟ و إن قال: كنت جاهلا، قال له: أفلا تعلمت(٢) ؟ فيخصمه، فتلك الحجة البالغة لله عزّوجلّ على خلقه(٣) .

٢ - قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويه رحمه الله قال: حدثني الحسين بن محمّد بن عامر، عن القاسم بن محمّد الاصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: كان فيما وعظ لقمان ابنه أن قال له: يا بني اجعل في أيامك ولياليك وساعاتك

____________________________

(١) الانعام: ١٤٩.

(٢) في المطبوعة وفيما تقدم: « أفلا تعلمت حتّى تعمل ».

(٣) تقدم مثله بهذا السند في آخر المجلس السادس والعشرين. ويدل على أن الجاهل بأمر الدين لم يكن في كل الازمان وفى أي شرائط معذورا بل الاكثر منهم مقصرون مفرطون في جنب الله تعالى ولا يكونون قاصرين لا سيما في زماننا هذا الذى تكون فيه الالات الرابطة بين افراد الجوامع وافرة كثيرة، والاخذ بالمعالم سهلا يسيرا.

٢٩٢

نصيبا لك في طلب العلم، فإنك لن تجد له تضييعا مثل تركه.

٣ - قال: أخبرني أبو علي الحسن بن عبدالله القطان قال: حدثنا أبوعمرو عثمان بن أحمد المعروف بابن السماك(١) قال: حدثنا أبوبكر أحمد بن محمّد بن صالح التمار قال: حدثنا محمّد بن مسلم الرازي قال: حدثنا عبدالله بن رجاء قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حبشي بن جنادة قال: كنت جالسا عند أبي بكر فأتاه رجل فقال: يا خليفة رسول الله إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعدني أن يحثو لي ثلاث حثيات(٢) من تمر، فقال أبوبكر: ادعوا لي عليا، فجاء عليعليه‌السلام ، فقال أبوبكر: يا أبا الحسن إن هذا يذكر أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعده أن يحثو له ثلاث حثيات من تمر، فاحثها له، فحثى له ثلاث حثيات من تمر، فقال أبوبكر: عدوها، فوجدوا في كل حثية ستين تمرة، فقال أبوبكر: صدق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسل، سمعته ليلة الهجرة ونحن خارجون من مكة إلى المدينة يقول: يا أبا بكر كفي وكف علي في العدل سواء(٣) .

٤ - قال: أخبرني أبوعلي الحسن بن عبدالله القطان قال: حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن الحسين قال: حدثنا إبراهيم بن محمّد بن بسام، عن عليّ بن الحكم، عن الليث بن سعد، عن أبي سعيد الخدري قال:

____________________________

(١) هو عثمان بن أحمد بن عبدالله بن يزيد أبوعمرو الدقاق الذى قيل: انه كتب الكتب الطوال بخطه وقال: ما استكتبت شيئا قط غير جزء واحد، وقال الازهري: كان كل ما عنده بخطه وتوفى سنة ٣٤٤ وحضر جنازته خمسون ألف انسان، وأما شيخه فهو أحمد بن محمّد بن صالح أبوبكر التمار المعنون في تاريخ الخطيب وهو يروى عن محمّد بن مسلم بن وارة الرازي.

(٢) في بعض النسخ: « ثلاث حثوات » وكلاهما صحيح يائيا وواويا.

(٣) في المخطوطة « في العدد سواء » وهو أيضا صواب، والخبر رواه الخطيب في تاريخه ذيل ترجمة أحمد بن محمّد بن صالح التمار مع اختلاف يسير في اللفظ بهذا السند بعينه.

٢٩٣

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : معاشر الناس أحبوا عليا فإن لحمه لحمي، ودمه دمي، لعن الله أقواما من أمتي ضيعوا فيه عهدي ونسوا فيه وصيتي، ما لهم عند الله من خلاق(١) .

٥ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن بلال المهلبي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن الحسن البغدادي قال: أخبرنا محمّد بن إسماعيل قال: حدثنا محمّد بن الصلت(٢) قال: حدثنا أبوكدينة، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن عبدالله ابن العباس قال: لما نزل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾، قال له عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : ما هو الكوثر يا رسول الله ؟ قال: نهر أكرمني الله به، قال عليعليه‌السلام : إن هذا النهر شريف، فأنعته لنا يا رسول الله، قال: نعم يا علي، الكوثر نهر يجري تحت عرش الله عزّوجلّ، مأوه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وألين من الزبد، حصاؤه الزبرجد والياقوت والمرجان، حشيشه الزعفران، ترابه المسك الاذفر، قواعده تحت عرش الله عزّوجلّ. ثم ضرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يده على جنب أمير المؤمنينعليه‌السلام وقال: يا علي إن هذا النهر لي ولك ولمحبيك من بعدي(٣) .

____________________________

(١) الخلاق: النصيب الوافر من الخير.

(٢) هو أبوجعفر محمّد بن الصلت بن الحجاج الاسدي مولاهم الكوفى الاصم وثقه أبوحاتم، روى عن أبى كدينة مصغرا يحيى بن المهلب البجلى، وروى عنه محمّد بن اسماعيل البخاري، ويعني بعطاء ابن السائب.

(٣) قال في المجمع: الكوثر فوعل وهو الشئ الّذي من شأنه الكثرة، والكوثر الخير الكثير. وقال في الدر المنثور: أخرج البخاري وابن جرير والحاكم من طريق أبى بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: الكوثر الخير الذى أعطاه الله أياه، قال أبوبشر: قلت لسعيد بن جبير: فان اناسا يزعمون أنه نهر في الجنة ؟ قال: النهر الذى في الجنة من الخير الذى أعطاه الله اياه. وقال العلامة صاحب الميزان بعد نقله الاقوال في معنى الكوثر وأنها تبلغ إلى ستة وعشرين: وكيفما كان فقوله في آخر السورة:( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) وظاهر الابتر هو المنقطع نسله وظاهر الجملة انها من قبيل قصر القلب ان كثرة ذريتهصلى‌الله‌عليه‌وآله هي المرادة وحدها بالكوثر الّذي أعطيه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو المراد بها الخير الكثير وكثرة الذرية مرادة في ضمن الخير الكثير، ولولا ذلك لكان تحقيق الكلام بقوله:( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) خاليا عن الفائدة إلى آخر ما أفاده رحمه الله.

٢٩٤

 ٦ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن محمّد الكاتب قال: أخبرني الحسن بن عليّ بن عبد الكريم الزعفراني قال: حدثنا أبوإسحاق إبراهيم بن محمّد الثقفي قال: أخبرنا إسماعيل بن أبان قال: حدثنا عمرو بن شمر قال: سمعت جابر بن يزيد يقول: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام يقول: حدثني أبي، عن جديعليهما‌السلام قال: لما توجه أمير المؤمنينعليه‌السلام من المدينة إلى الناكثين بالبصرة نزل الربذة، فلما ارتحل منها لقيه عبدالله بن خليفة الطائي(١) وقد نزل بمنزل يقال له قديد(٢) فقربه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال له عبدالله: الحمد لله الّذي رد الحق إلى أهله، ووضعه في موضعه، كره ذلك قوم أوسروا به، فقد والله كرهوا محمّداعليه‌السلام ونابذوه وقاتلوه، فرد الله كيدهم في نحورهم، وجعل دائرة السوء عليهم، ووالله لنجاهدن معك في كل موطن حفظا لرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله . فرحب به أمير المؤمنينعليه‌السلام وأجلسه إلى جنبه وكان له حبيبا ووليا وأخذ يسائله عن الناس إلى أن سأله عن أبي موسى الاشعري، فقال: والله ما أنا أثق به، ولا آمن عليك خلافه إن وجد مساعدا على ذلك. فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : والله ما كان عندي مؤتمنا ولا ناصحا، ولقد كان الّذين تقدموني استولوا على مودته، وولوه وسلطوه بالامرة على الناس(٣) ،

____________________________

(١) في شرح الحديدي نقلا عن أبى مخنف « المحل بن خليفة الطائى ».

(٢) كذا في المطبوعة، وقديد تصغير « قد »: اسم موضع قرب مكة، وقد تقدم. وفى النسخ وأمالى ابن الشيخ: « فايد » وهو جبل في طريق مكة على ما في المراصد.

(٣) يعنى عمر وعثمان، لانه كان واليا على البصرة في أيامهما، وكان عامل أمير المؤمنينعليه‌السلام على الكوفة، فعزله وولى عليها قرظة بن كعب الانصاري راجع الكنى والالقاب ج ١ ص ١٥٨.

٢٩٥

ولقد أردت عزله فسألني الاشتر فيه أن أقره فأقررته على كره مني له، وتحملت على صرفه من بعد(١) . قال: فهو مع عبدالله في هذا ونحوه إذ أقبل سواد كبير من قبل جبال طي، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنظروا ما هذا [ السواد ] ؟ فذهبت الخيل تركض فلم تلبث أن رجعت، فقيل: هذه طي قد جاءتك تسوق الغنم والابل والخيل، فمنهم من جاءك بهداياه وكرامته، ومنهم من يريد النفور معك إلى عدوك. فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : جزى الله طيا خيرا، ﴿وَفَضَّلَ اللَّـهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا(٢) . فلما انتهوا إليه سلموا عليه، قال عبدالله بن خليفة: فسرني والله ما رأيت من جماعتهم وحسن هيئتهم، وتكلموا فأقروا، والله [ ما رأيت ] بعيني خطيبا أبلغ من خطيبهم، وقام عدي بن حاتم الطائي فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني كنت أسلمت على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأديت الزكاة على عهده، وقاتلت أهل الردة من بعده(٣) ، أردت بذلك ما عند الله، وعلى الله ثواب من أحسن واتقى، وقد بلغنا أن رجالا من أهل مكة نكثوا بيعتك، وخالفوا عليك ظالمين، فأتيناك لننصرك بالحق، فنحن بين يديك، فمرنا بما

____________________________

(١) في أمالى الطوسى « وعملت على صرفه من بعد ».

(٢) النساء: ٩٥.

(٣) قال اليعقوبي:.. وتنبأ جماعة من العرب، وارتد جماعة، ووضعوا التيجان على رؤوسهم، وامتنع قوم من دفع الزكاة إلى أبى بكر إلى أن قال: وتجرد أبوبكر لقتال من ارتد، وكان ممن ارتد وممن وضع التيجان على رأسه من العرب النعمان ابن المنذر بن ساوى التميمي بالبحرين، فوجه العلاء بن الحضرمي فقتله، ولقيط بن مالك ذو التاج بعمان، وجه إليه حذيفة بن محصن فقتله بصحار من أرض عمان الخ.

٢٩٦

أحببت، ثم أنشا يقول:

ونحن نصرنا الله من قبل ذاكم

 

و أنت بحق جئتنا فستنصر

سنكفيك دون الناس طرا بأسرنا

 

وأنت به من سائر الناس أجدر

 فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : جزاكم الله من حي عن الاسلام وأهله خيرا، فقد أسلمتم طائعين، وقاتلتم المرتدين، ونويتم نصر المسلمين.

وقام سعيد بن عبيد البحتري من بني بحتر(١) فقال: يا أمير المؤمنين إن من الناس من يقدر أن يعبر بلسانه عما في قلبه، ومنهم من لا يقدر أن يبين ما يجده في نفسه بلسانه، فإن تكلف ذلك شق عليه، وإن سكت عما في قلبه برح به الهم والبرم(٢) ، وإني والله ما كل ما في نفسي أقدر أن أؤديه إليك بلساني، ولكن والله لاجهدن على أن أبين لك، والله ولي التوفيق. أما أنا فإني ناصح لك في السر والعلانية، ومقاتل معك الاعداء في كل موطن، وأرى لك من الحق ما لم أكن أراه لمن كان قبلك، ولا لاحد اليوم من أهل زمانك، لفضيلتك في الاسلام وقرابتك من الرسول، ولن أفارقك أبدا حتّى تظفر(٣) أو أموت بين يديك. فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : يرحمك الله، فقد أدى لسانك مايجن(٤) ضميرك لنا، ونسأل الله أن يرزقك العافية، ويثيبك الجنة. وتكلم نفر منهم،

____________________________

(١) بنو بحتر بضم الباء وسكون الحاء المهملة وضم التاء المثناة بطن من طى من القحطانية، والبحترفى اللغة: القصير المجتمع الخلق، ومنهم أبوعبادة البحترى الشاعر الاسلامي المشهور، اعترف له المتنبي بالتقدم فقال: أنا وأبو تمام حكيمان والشاعر البحترى انتهى ملخصا (نهاية الارب).

(٢) برح مشددا به الامر: جهده وآذاه أذى شديدا. والبرم بالتحريك: الضجر.

(٣) في بعض النسخ: « تظهر » وفى المطبوعة: « تظفر » وهو الصواب ظاهرا.

(٤) في المطبوعة: « ما يجد » وفى الامالى: « ما يكن ».

٢٩٧

فما حفظت غير كلام هذين الرجلين ثم ارتحل أمير المؤمنينعليه‌السلام : فأتبعه منهم ستمائة رجل حتّى نزل ذا قار، فنزلها في ألف وثلاثمائة رجل.

 ٧ - قال: أخبرني أبونصر محمّد بن الحسين المقري قال: حدثنا عمر بن محمّد الوراق قال: أخبرنا عليّ بن العباس البجلي قال: حدثنا حميد بن زياد قال: حدثنا محمّد بن تسنيم الوراق قال: حدثنا أبونعيم الفضل بن دكين قال: حدثنا مقاتل بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس قال: سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن قول الله عزّوجلّ: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ، أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ، فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ(١) ، فقال: قال لي جبرئيل: ذاك علي وشيعته هم السابقون إلى الجنة، المقربون إلى الله تعالى بكرامته لهم.

٨ - قال: أخبرني أبوغالب أحمد بن محمّد الزراري رحمه الله قال: أخبرني عمي أبوالحسن عليّ بن سليمان بن الجهم(٢) قال: حدثنا أبوعبدالله محمّد بن خالد الطيالسي قال: حدثنا العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم الثقفي قال: سألت أبا جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام عن قول الله عزّوجلّ: ﴿فَأُولَـٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّـهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا(٣) ؟ فقالعليه‌السلام : يؤتي بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتّى يقام بموقف الحساب، فيكون الله تعالى هو الّذي يتولى حسابه، لا يطلع على حسابه أحدا من الناس، فيعرفه ذنوبه حتّى إذا أقر بسيئاته قال الله عزّوجلّ للكتبة: بدلوها حسنات، وأظهروها للناس، فيقول الناس حينئذ: أما كان لهذا العبد سيئة

____________________________

(١) الواقعة: ١٠ - ١٢، أي السابقون بالخيرات من الاعمال أو إلى كل ما دعا الله إليه وهم السابقون إلى الجنة، والى المغفرة والرحمة.

(٢) المراد عمه الاعلى وهو عم أبيه، كما في الفهرست في ترجمة اسماعيل بن مهران وأحمد بن أبى نصر، ولان أبا غالب هو أحمد بن محمّد بن محمّد بن سليمان بن الجهم فيكون عليّ بن سليمان عم أبيه والله العالم.

(٣) الفرقان: ٧٠.

٢٩٨

واحدة ؟ ! ثم يأمر الله (عزّوجلّ) به إلى الجنة، فهذا تأويل الآية، وهي في المذنبين من شيعتنا خاصة.

٩ - قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد رحمه الله قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن عبد الجبار، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام قال: كان أبي عليّ بن الحسينعليهما‌السلام يقول: أربع من كن فيه كمل إيمانه، ومحصت عنه ذنوبه، ولقي ربه وهو عنه راض: من وفى لله بما جعل على نفسه للناس، وصدق لسانه مع الناس، واستحيى من كل قبيح عند الله وعند الناس، وحسن خلقه مع أهله(١) .

١٠ - قال: أخبرني أبوالطيب الحسين بن محمّد النحوي صاحب أبي بكر محمّد بن القاسم [ الانباري قال: حدثني أبوبكر محمّد بن القاسم ] قال: أخبرني العباس بن الحسين اللهبي قال: حدثنا ابن حسان، عن قبيصة اللهبي قال: كتب عليّ بن حفص بن عمر إلى أبي جعفر المنصور أنه وجد في خان بالمولتان(٢) يقول عبدالله بن محمّد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب(٣) (عليهما‌السلام ) قلت لما انتهيت إلى هذا الموضع وقد انقلب الدم(٤) :

____________________________

(١) تقدم في المجلس الحادى والعشرين بهذا السند مع زيادة واختلاف في الالفاظ.

(٢) مولتان بضم أوله ولام يلتقى فيها ساكنان وأكثر ما يسمع فيه ملتان بغير واو: بلد من بلاد الهند على سمت غزنة، ويسمى فرج بيت الذهب (المراصد).

(٣) يلقب بالاشتر، قال أبوالفرج الاصفهانى: كان عبدالله بن محمّد بن مسعدة المعلم أخرجه بعد قتل أبيه إلى بلد الهند فقتل بها، ووجه برأسه إلى أبى جعفر المنصور.

(٤) قال في المقاتل: فحدثت أن رجلا جاء إلى أبى جعفر فقال له: مررت بأرض السند فوجدت كتابا في قلعة من قلاعها، فيه كذا وكذا الخ. نقول: الظاهر أن المكتوب فيه هذه الاشعار ولم يذكروها. ولعل قوله « انقلب الدم » أي نجوت من أن أهريق دمى بأيدى الظالمين.

٢٩٩

عسى مشرب يصفو فيروي ظماءه

 

أطال صداها المنهل المتكدر(١)

عسى بالجنوب العاريات ستكتسى

 

وبالمستذل المستضام سينصر(٢)

عسى جابر العظم الكسير بلطفه

 

سيرتاح للعظم الكسير فيجبر

عسى الله أن لا ييأس العبد إنه

 

يهون عليه ما يجل ويكبر

 قال الشيخ: وأنشدني أبوالطيب الحسين بن محمّد التمار لابي بكر العرزمي:

أرى عاجزا يدعى جليدا لغشمه

 

ولو كلف التقوى لكلت مضاربه

وعفا يسمى عاجزا لعفافه

 

ولولا التقى ما أعجزته مذاهبه

وأحمق مصنوعا له في أموره

 

يسوده إخوانه وأقاربه

على غير حزم في الامور ولا تقى

 

ولا نابل جزل تعد مواهبه(٣)

ولكنه قبض الاله وبسطه

 

فلاذا يحاربه ولاذا يغالبه

إذا أكمل الرحمن للمرء عقله

 

فقد كملت أخلاقه ومآربه

 ١١ - قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد رحمه الله عن محمّد بن همام، عن عبيدالله بن العلاء، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن حماد بن عيسى، عن إسماعيل بن [ أبي ] خالد(٤) قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: جمعنا أبوجعفرعليه‌السلام فقال: يا بني إياكم والتعرض للحقوق، واصبروا على

____________________________

(١) الظماء: جمع ظمئ للمذكر والمؤنث والضمير المؤنث في « صداها » راجع إلى الظماء باعتبار الجمع، والمنهل بمعنى المشرب فاعل « أطال » والضمير المؤنث مفعوله.

(٢) في بعض النسخ « العاديات » بالدال وفى بعضها الغازيات والجنوب جمع الجنب، والمعنى واضح. والمستضام: المستخف المظلوم.

(٣) النبل بالضم والنبالة: الذكاء والنجابة والفضل، والنابل بصيغة اسم الفاعل. والجزل بالفتح: الكثير العطاء، الاصيل الرأى.

(٤) هو اسماعيل بن أبى خالد محمّد بن مهاجر الازدي الكوفى، روى أبوه عن أبى جعفر، وروى هو عن أبى عبداللهعليهما‌السلام .

٣٠٠