الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد0%

الأمالي الشيخ المفيد مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 357

الأمالي الشيخ المفيد

مؤلف: أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبرى البغدادى (الشيخ المفيد)
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف:

الصفحات: 357
المشاهدات: 47624
تحميل: 5974


توضيحات:

الأمالي الشيخ المفيد المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 357 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 47624 / تحميل: 5974
الحجم الحجم الحجم
الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

النوائب، وإن دعاكم بعض قومكم إلى أمر ضرره عليكم أكثر من نفعه لكم فلا تجيبوه(١) .

وصلّى الله عليه سيدنا محمّد النبيّ وآله الطاهرين

المجلس السادس والثلاثون

مجلس يوم السبت العاشر من شهر رمضان سنة عشرة وأربعمائة

 حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أيد الله تمكينه

 ١ - قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا محمّد بن يحيى ابن سليمان المروزي قال: حدثنا عبدالله بن محمّد العيشي قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : هذا شهر رمضان شهر مبارك افترض [ الله ] صيامه، تفتح فيه أبواب الجنان(٢) ، ويصفد فيه الشياطين، وفيه ليلة خير من ألف شهر، فمن حرمها فقد حرم يرددصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك ثلاث مرات.

 ٢ - قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد ابن عقدة قال: حدثنا جعفر بن عبدالله قال: حدثنا سعدان بن سعيد قال: حدثنا سفيان بن إبراهيم الغامدي القاضي. قال: سمعت جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: بنا يبدأ البلاء ثم بكم، وبنا يبدأ الرخاء ثم بكم، والّذي يحلف به لينتصرن الله بكم كما انتصر بالحجارة(٣) .

٣ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن بلال المهلبي قال: حدثنا النعمان

____________________________

(١) لا يخفى ما فيه من التعريض للزيد ومحمّد النفس الزكية وأبيه وأخيه.

(٢) في النسخ: « افترض صيامه، يفتح الله فيه أبواب الجنان » والصواب ما أثبتناه كما في الخبر الّذي تقدم بعين السند والمتن في المجلس الثالث عشر، والظاهر أن لفظة الجلالة قلب مكانه من قبل النساخ.

(٣) أي في قصة الفيل كما في الكتاب العزيز: ﴿تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ ﴾.

٣٠١

ابن أحمد القاضي الواسطي ببغداد، قال: وأخبرنا إبراهيم بن عرفة النحوي قالا: حدثنا أحمد بن رشد بن خثيم الهلالي قال: حدثنا عمي سعيد بن خثيم(١) قال: حدثنا مسلم الغلابي قال: جاء أعرابي إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: فقال: والله يا رسول الله لقد أتيناك وما لنا بعير يئط(٢) ، ولا غنم يغط، ثم أنشأ يقول:

أتيناك يا خير البرية كلها

 

لترحمنا مما لقينا من الازل(٣)

أتيناك والعذراء يدمى لبانها(٤)

 

و قد شغلت أم الصبي عن الطفل

وألقى بكفيه الفتى استكانة

 

من الجوع ضعفا ما يمر و ما يحلي

و لا شئ مما يأكل الناس عندنا

 

سوى الحنظل العامي والعلهز الفسل(٥)

و ليس لنا إلا إليك فرارنا

 

وأين فرار الناس إلا إلى الرسل

 فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لاصحابه: إن هذا الاعرابي يشكو قلة المطر وقحطا شديدا، ثم قام يجر رداءه حتّى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه،

____________________________

(١) هو سعيد بن خثيم بن رشد الهلالي أبومعمر الكوفى شيعي زيدي وثقه العامة وضعفه ابن الغضائري، ارخ ابن الاثير وفاته سنة ١٨٠، يروى عنه ابن أخيه أحمد بن رشد بن خثيم. ويروى عن أحمد، ابراهيم بن محمّد بن عرفة أبوعبدالله العتكى النحوي وأما أحمد بن رشد بفتحتين فمعنون في الجرح والتعديل لابن أبى حاتم.

(٢) أي يحن ويصيح، وأطيط الابل: أصواتها وحنينها، قال في النهاية: « يريد ما لنا بعير أصلا، لان البعير لا بد أن يئط ». والغطيط: الصوت الذى يخرج مع نفس النائم. وغط البعير: إذا هدر في الشقشقة.

(٣) الازل بسكون الزاى: الشدة والضيق والجدب.

(٤) قال في النهاية: « أي يدمى صدرها لامتهانها نفسها في الخدمة، حيث لا تجد ما تعطيه من يخدمها من الجدب وشدة الزمان ».

(٥) الحنظل العامي هو منسوب إلى العام، لانه يتخذ في عام الجدب، كما قالوا للجدب: السنة. والعلهز: شئ يتخذونه في سنى المجاعة، يخلطون الدم بأوبار الابل ثم يشوونه بالنار ويأكلونه. والفسل: الردئ الرذل من كل شئ.

٣٠٢

وكان مما حمد ربه أن قال: « الحمد لله الّذي علا في السماء فكان عاليا، و في الارض قريبا دانيا، اقرب إلينا من حبل الوريد » ورفع يديه إلى السماء وقال: « اللهم اسقنا غيثا مغيثا، مريئا، مريعا، غدقا، طبقا، عاجلا غير رائث(١) نافعا غير ضائر، تملا به الضرع، وتنبت به الزرع، وتحيى به الارض بعد موتها » فما رد يديه إلى نحره حتّى أحدق السحاب بالمدينة كالاكليل(٢) والتقت السماء بأردافها، وجاء أهل البطاح(٣) يضجون يا رسول الله: الغرق الغرق، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « اللهم حوالينا ولا علينا »(٤) ، فانجاب السحاب عن السماء(٥) ، فضحك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: لله در أبي طالب لو كان حيا

____________________________

(١) المرئ هو محمود العاقبة. والمريع من الريع وهو الزيادة والنماء. والغدق بفتح الدال: المطر الكبار القطر. وغيث طبق أي عام واسع مالئ للارض مغط لها. والرائت: البطئ المتأخر.

(٢) الاكليل: التاج، وشبه عصابة مزينة بالجوهر. والارداف جمع الردف بمعنى الراكب بعد الراكب والمراد تراكم السحاب.

(٣) البطاح بالكسر: جمع بطحاء، وهى بطاح مكة، والبطاح بالضم: ماء في ديار بنى أسد بن خزيمة، والمراد هنا الاول.

(٤) فيه حذف أي أمطر في الاماكن التي حوالينا ولا تمطر علينا، وقيل: في ادخال الواو في قوله « ولا علينا » معنى دقيق:، وذلك أنه لو أسقطها لكان مستسقيا للاكام والظراب ونحوها مما لا يستسقى له لقلة الحاجة إلى الماء هنالك، وحيث أدخل الواو آذن بان طلب المطر على هذه الجهات ليس مقصودا بنفسه، بل ليكون وقاية من اذى المطر على نفس المدينة. فالمراد انزل المطر حوالينا حيث لا نستضر به ولا تنزله علينا حيث نستضر به، فلم يطلب منع الغيث بالكلية وهو من حسن الادب في الدعاء لان الغيث رحمة من الله ونعمة مطلوبة فكيف يطلب منه رفع نعمته وكشف رحمته، وانما يسئل سبحانه كشف البلاء والمزيد في النعماء.

(٥) أي انجمع وتقبض بعضه إلى بعض وانكشف عنها.

٣٠٣

لقرت عيناه، من ينشدنا قوله ؟ فقام عمر بن الخطاب فقال: عسى أردت يا رسول الله: وما حملت من ناقة فوق رحلها * أبر وأوفى ذمة من محمّد فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس هذا من قول أبي طالب، بل من قول حسان ابن ثابت(١) ، فقام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فقال: كأنك أردت يا رسول الله [ قوله ]:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

 

ربيع اليتامى عصمة للارامل(٢)

يلوذ به الهلاك من آل هاشم

 

فهم عنده في نعمة و فواضل

كذبتم وبيت الله نبزي محمّدا

 

و لما نماصع دونه و نقاتل(٣)

و نسلمه حتّى نصرع حوله

 

و نذهل عن أبنائنا و الحلائل(٤)

____________________________

(١) في نسخة: « هو من قول حسان بن ثابت ». وللحسان أشعار يمدح فيها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ويرثيه ولكنا ثم نعثر عليه في ديوانه المطبوع في دار كرم بدمشق والظاهر أنها سقط منه.

(٢) في النهاية: « وفى حديث الدعاء: « اللهم اجعل القرآن ربيع قلبى » جعله ربيعا له لان الانسان يرتاح قلبه في الربيع من الازمان ويميل إليه ». والارامل جمع الارملة وهى المرأة التى مات زوجها وهى فقيرة.

(٣) نبزى محمّدا: أي نسلبه ونغلب عليه. ورواية اللسان والنهاية: « يبزى محمّد » أي يقهر ويغلب، أراد « لا يبزى » فحذف « لا » من جواب القسم وهى مرادة. و ماصع القوم: قاتلوا وجالدوا. وفى المطبوعة وسائر الروايات: « ولما نطاعن دونه ونناضل » أي نرامى بالسهام.

(٤) الحلائل: الزوجات، واحدتها: حليلة. ثم اعلم أن هذه الابيات شطر من قصيدة طويلة لهعليه‌السلام . قال ابن هشام: « فلما خشى أبوطالب دهماء العرب أن يركبوه مع قومه، قال قصيدته التى تعوذ فيها بحرم مكة وبمكانه فيها، وتودد فيها أشراف قومه، وهو على ذلك يخبرهم وغيرهم في ذلك من شعره أنه غير مسلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا تاركه لشئ أبدا حتّى يهلك دونه » ثم ذكر القصيدة بطولها. راجع ج ١ ص ٢٩١ إلى ٣٠٠ من سيرته. وليعلم أن لهعليه‌السلام ديوانا جمعه أبوهفان عبدالله بن أحمد المهزمى العبدى وطبع غير مرة.

٣٠٤

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أجل، فقام رجل من بني كنانة فقال:

لك الحمد والحمد ممن شكر

 

سقينا بوجه النبيّ المطر

دعا الله خالقه دعوة

 

وأشخص منه إليه البصر

ولم يك إلا كقلب الرداء(١)

 

وأسرع حتّى أتانا المطر

دفاق العزائل(٢) وجم البعاق

 

أغاث به الله عليا مضر

فكان كما قاله عمه

 

أبوطالب ذا رواء غزر

به الله يسقي صيوب الغمام(٣)

 

فهذا العيان وذاك الخبر

 فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : بوأك الله يا كناني بكل بيت قلته بيتا في الجنة.

٤ - أخبرني أبوالحسن عليّ بن محمّد الكاتب قال: أخبرنا الحسن بن عبد الكريم الزعفراني قال: حدثنا أبوإسحاق إبراهيم بن محمّد الثقفي قال:

____________________________

(١) أي مقدار زمان قلب الرداء مثل « طرفة العين ». وفى جل النسخ « كالقى الرداء » وهو تصحيف الا أن نقول كالقا بدون الهمزة.

(٢) الدفاق بالضم: المطر الواسع الكثير. والعزائل: مقلوب العزالى، جمع العزلاء وهو مخارج الماء من المزادة، شبه اتساع المطر واندفاقه بالذى يخرج من فم المزادة. وبعق المطر الارض: نزل عليها بغزارة فشقها.

(٣) الصيوب: الكثير الاصابة، وغيث صيب: منهمر متدفق. ثم اعلم أنه ذكر الابيات الامام الديار بكرى في تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٤، وزاد آخرها بيتا: فمن يشكر الله يلق المزيد * ومن يكفر الله يلق العبر ثم لا يخفى أن في بعض أبيات هذا الخبر اختلافا في بعض الالفاظ، فليراجع السيرة والتاريخ كما أشرنا.

٣٠٥

حدثنا جعفر بن محمّد الوراق(١) قال: حدثنا عبدالله بن الازرق الشيباني قال: حدثنا أبوالجحاف(٢) ، عن معاوية بن ثعلبة قال: لما استوثق الامر لمعاوية بن أبي سفيان أنفذ بسر بن أرطاة(٣) إلى الحجاز في طلب شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، وكان على مكة عبيدالله بن العباس بن عبد المطلب، فطلبه فلم يقدر عليه، فأخبر أن له ولدين صبيين(٤) ، فبحث عنهما فوجدهما وأخذهما فأخرجهما من الموضع الّذي كانا فيه(٥) ، ولهما ذؤابتان كأنهما درتان، فأمر بذبحهما، وبلغ أمهما الخبر، فكادت نفسها تخرج، ثم أنشأت تقول:

ها من أحس بنيي اللذين هما

 

كالدرتين تشظى عنهما الصدف(٦)

ها من أحس بنيي اللذين هما

 

سمعي وعيني فقلبي اليوم مختطف

نبئت بسرا وما صدقت ما زعموا

 

من قولهم ومن الافك الّذي اقترفوا(٧)

____________________________

(١) هو جعفر بن محمّد الواسطي الوراق المفلوج، نزيل بغداد، قال ابن حجر: صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة ٢٦٥.

(٢) داود بن أبى عوف البرجمى.

(٣) هو بسر بن أرطاة، ويقال: ابن أبى أرطاة، واسمه عمير بن عويمر بن عمران القرشى العامري نزيل الشام مات سنة ٨٦ له عنوان في كتب الرجال وعدوه من الرواة. وهو أحد فراعنة الشام، وقيل هو رجل سوء وذلك لما ارتكب في الاسلام من الامور العظام. والكتب التي ترجمته أو ذكرت نبذة من أموره الشنيعة كثيرة. ذكر أساميها في تعليقة ٦٦ من كتاب الغارات فليراجع.

(٤) هما قثم وعبد الرحمن كما في شرح النهج أو كونهما سليمان وداود، وأمهما جويرية أم حكيم ابنة خالد بن قارظ الكنانية وهم حلفاء بنى زهرة كما في الغارات، وليعلم أن في اسم أمهما وكنيتها واسم أبيها وجدها اختلافا فليراجع مظانه.

(٥) قال ابن عبد البر: وقد قيل أنه قتلهما بالمدينة، والاكثر على أن ذلك كان منه باليمن.

(٦) في المطبوعة والبحار هنا وفيما يأتي: « يا بنى ». والشظية: كل فلقة من شئ، وتشظى: انشق، تفرق.

(٧) في الغارات قبل هذا البيت: ها من أحس بنيى اللذين هما * مخ العظام فمخي اليوم مزدهف والاشعار لفروة بنت أبان كما في تاج العروس والبيت الرابع في الغارات هكذا « أنحى على ودجى ابني مرهفة » والمرهف: السيف المحدد المرقق، والمشحوذ بمعناه.

٣٠٦

أضحت على ودجي طفلي مرهفة

 

مشحوذة و كذاك الظلم و السرف

من دل والهة عبرى مفجعة

 

على صبيين فاتا إذ مضى السلف

 قال: ثم اجتمع عبيدالله بن العباس من بعد وبسر بن أرطاة عند معاوية، فقال معاوية لعبيدالله: أتعرف هذا الشيخ قاتل الصبيين ؟ فقال بسر: نعم، أنا قاتلهما فمه(١) ؟ فقال عبيدالله: لو أن لي سيفا ! قال بسر: فهاك سيفي وأومأ بيده إلى سيفه فزبره معاوية وانتهره وقال: اف لك من شيخ، ما أحمقك ! تعمد إلى رجل قد قتلت ابنيه، تعطيه سيفك ؟ كأنك لا تعرف أكباد بني هاشم ! والله لو دفعته إليه لبدأ بك وثنى بي. فقال عبيدالله: بل والله كنت أبدأ بك ثم أثني به.

٥ - قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مروان قال: حدثني أبي قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم، عن المسعودي قال: حدثنا الحارث بن حصيرة، عن عمران بن حصين(٢) قال: كنت أنا وعمر بن الخطاب جالسين عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليعليه‌السلام جالس إلى جنبه إذ قرأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ

____________________________

(١) كأن المخذول يفتخر بظلمه وجنايته ولم يندم على فجيعته وربما عد ذلك من حسن عاقبته وذلك لتقدسه وحماقته نعم هو من رواة حديث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بل عده الشاميون من صحابته، وهو الذى روى دعاءهصلى‌الله‌عليه‌وآله « اللهم أحسن عاقبتنا في الامور كلها » ولا تعجب من سوء خاتمته فان هذه مصير جل حمقاء أهل القبلة الّذين جعلوا الدين آلة للوصول إلى ما يكمن في نفوسهم من حب الرئاسة، عصمنا الله شرهم، وتقبل منا لعنهم.

(٢) هو عمران بن حصين بن عبيد بن خلف الخزاعي أبونجيد مصغرا أسلم عام خيبر، وصحب، وكان فاضلا، وقضى بالكوفة، مات سنة ٥٢ بالبصرة (التقريب)..

٣٠٧

إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ(١) قال: فانتفض عليعليه‌السلام انتفاضة العصفور، فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ما شأنك تجزع ؟ فقال: مالي لا أجزع والله يقول إنه يجعلنا خلفاء الارض ! فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تجزع فوالله لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق(٢) .

٦ - قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثني جعفر بن محمّد بن سليمان أبوالفضل(٣) قال: حدثنا داود بن رشيد قال: حدثنا محمّد بن إسحاق الثعلبي الموصلي أبونوفل(٤) قال: سمعت جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: نحن خيرة الله من خلقه، وشيعتنا خيرة الله من أمة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٧ - قال: أخبرني أبوغالب أحمد بن محمّد الزراري رحمه الله قال: حدثني عمي عليّ بن سليمان قال: حدثنا محمّد بن خالد الطيالسي قال: حدثني العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم الثقفي قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن

____________________________

(١) النمل: ٦٢. أي الذى يجيب دعوة المضطر معبود أم من لا يسمع دعاء ولا نداء.

(٢) لعل انتفاضته (عليه‌السلام ) كان من استماع ذكر الخلافة لما علم أن الخلافة والحكومة مما يتنافس فيه القوم وهي موضع النزاع والشقاق، فينتج التفرقة والفشل، وكأنه يشاهد الدماء المهراقة والقتلى المطروحة على الارض والفروج المستحلة في سبيل الرياسة واستيفاء القدرة والقوة، فلذلك أخذهعليه‌السلام شبه جزع وخيفة لا من جهة شقة أقامة العدل والعمل بالقسط، فانه (عليه‌السلام ) أبوحسنة وابن بجدته، ولذلك ترى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتسلاه بأن لا يجزع، فان الحق في التنازع معه، وأعداءه ومخالفيه على شتى فرقهم كلهم على الباطل، وعلى ذلك لم يخف في الله لومة لائم فجاهد الناكثين والقاسطين والمارقين.

(٣) هو جعفر بن محمّد بن سليمان أبوالفضل الخلال الدوري المترجم في تاريخ بغداد، يروى عن داود بن رشيد مصغرا المعنون في التقريب.

(٤) لم نجد بهذه النسبة أحدا وفى بعض النسخ « التغلبي » مكان « الثعلبي »..

٣٠٨

عليعليهما‌السلام يقول: لا دين لمن دان بطاعة من عصى الله، ولا دين لمن دان بفرية باطل على الله، ولا دين لمن دان بجحود شئ من آيات الله.

٨ - قال: حدثنا أبوحفص عمر بن محمّد المعروف بابن الزيات قال: حدثنا عليّ بن مهرويه القزويني قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي قال: حدثنا الرضا عليّ بن موسىعليهما‌السلام قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمّد بن عليّ قال: حدثني أبي عليّ بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن عليّعليهم‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : لو رأى العبد أجله وسرعته إليه لابغض الامل وترك طلب الدنيا. قال: وأنشدني أبوالفرج البرقي الداودي قال: أنشدني شيخ كان منقطعا إلى الله تعالى ببيت المقدس:

ومنتظر للموت في كل ساعة

 

يشيد و يبني دائبا و يحصن

له حين تبلوه حقيقة موقن

 

وأفعاله أفعال من ليس يوقن

عيان وإنكار و كالجهل علمه

 

بمذهبه في كل ما يتيقن(١)

وصلّى الله على سيدنا محمّد النبيّ وآله الطاهرين

____________________________

(١) الاشعار مضمون حديث مروى عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: « ما رأيت يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت ».

٣٠٩

المجلس السابع والثلاثون

مجلس يوم السبت السابع عشر من شهر رمضان سنة عشر وأربعمائة

حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أيد الله تمكينه

 ١ - قال: أخبرني المظفر بن محمّد البلخي الوراق قال: حدثنا أبوعلي محمّد بن همام الاسكافي الكاتب قال: حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسى قال: حدثنا الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام قال: لا يزال المؤمن في صلاة ما كان في ذكر الله عزّوجلّ قائما كان أو جالسا أو مضطجعا، إن الله تعالى يقول: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(١) .

٢ - قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويه رضي الله عنه قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ياسر، عن أبي الحسن الرضا عليّ بن موسىعليهما‌السلام قال: إذا كذب الولاة حبس المطر(٢) ، وإذا جار السلطان هانت الدولة(٣) ، وإذا حبست

____________________________

(١) آل عمران: ١٩١.

(٢) في بعض النسخ: « حبس القطر »، وبين هذه المعصية وعقوبتها ربط لا نعرفه. قال الله عزّوجلّ: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾.

(٣) أي لما كان الجور من السلطان انما يصدر منه لاقامة الدولة واستيفاء القدرة فيعكس الله الامر فيصرف عنه نصرة الملة التى هي من أقوم أركان الحكومة، أو سلط عليه العدو والخصم الغشوم فتهون الدولة ويضعف القوة. وهذا معنى ما اشتهر من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم » وقال آية الحق المبين وأمير المؤمنين على بن أبى طالبعليه‌السلام في عهده إلى الاشتر (ره): « اياك والدماء وسفكها بغير حلها، فانه ليس شئ أدنى لنقمة، ولا أعظم لتبعة، ولا أحرى بزوال نعمة، وانقطاع مدة، من سفك الدماء بغير حقها، والله سبحانه مبتدئ بالحكم بين العباد، فيما تسافكوا من الدماء يوم القيامة، فلا تقوين سلطانك بسفك دم حرام، فان ذلك مما يضعفه ويوهنه، بل يزيله وينقله الخ ».

٣١٠

الزكاة ماتت المواشي(١) .

٣ - قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثني أبوعبدالله جعفر بن محمّد الحسني قال: حدثنا أحمد بن عبد المنعم(٢) قال: حدثنا عبدالله ابن محمّد الفزاري، عن جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهما‌السلام ، وقال: حدثني جعفر بن محمّد الحسني قال: حدثنا أحمد بن عبد المنعم قال: حدثنا عمرو بن شمر(٣) ، عن جابر [ الجعفي ]، عن أبي جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام ، عن جابر بن عبدالله الانصاري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام : ألا أبشرك ؟ ألا أمنحك ؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: فإنني خلقت أنا وأنت من طينة واحدة، ففضلت منها فضلة فخلق منها شيعتنا، فإذا كان يوم القيامة دعي الناس بأمهاتهم إلا شيعتك فإنهم يدعون بأسماء آبائهم لطيب مولدهم.

٤ - قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا محمّد بن عبدالله ابن أبي أيوب بساحل الشام قال: حدثنا جعفر بن هارون المصيصي قال: حدثنا

____________________________

(١) أي ولما كان غرضهم توفير المال وتوسيع المعيشة من منع الزكاة أمات الله مواشيهم ويحبس عنهم القطر والمطر كما في بعض الروايات فيذهب رأس المال من أيديهم فيصيرون عالة مساكين.

(٢) هو مجهول الحال، ذكره الخطيب فيمن روى عنه جعفر بن محمّد الحسنى، وشيخه عبدالله بن محمّد الفزارى بهذا اللقب مجهول الشخص عندنا ولم نعرفه.

(٣) ضعيف جدا زيد أحاديث في كتب جابر ينسب بعضها إليه، قال النجاشي: لا أعتمد على شئ مما رواه.

٣١١

خالد بن يزيد القسري(١) قال: حدثني أمي الصيرفي قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام يقول: برئ الله ممن تبرأ منا(٢) ، لعن الله من لعننا، أهلك الله من عادانا، اللهم إنك تعلم أنا سبب الهدى لهم، وإنما يعادونا [ لك ] فكن أنت المنفرد بعذابهم.

٥ - قال: حدثنا أبوالحسن عليّ بن بلال المهلبي قال: حدثنا عبد الواحد بن عبدالله بن يونس الربعي(٣) قال: حدثنا الحسين بن محمّد بن عامر قال: حدثنا المعلى بن محمّد البصري قال: حدثنا محمّد بن جمهور العمي قال: حدثنا جعفر بن بشير قال: حدثني سليمان بن سماعة، عن عبدالله بن القاسم(٤) ، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدهعليهم‌السلام قال: لما قصد أبرهة بن الصباح(٥) ملك الحبشة مكة لهدم البيت، تسرعت الحبشة(٦) فأغاروا عليها وأخذوا سرحا لعبد المطلب بن هاشم، فجاء عبد المطلب إلى الملك فاستأذن عليه، فأذن له وهو في قبة ديباج على سرير له فسلم عليه، فرد أبرهة السلام وجعل ينظر في وجهه، فراقه حسنه وجماله وهيئته(٧) . فقال له الملك: هل كان في آبائك مثل هذا النور الّذي أراه

____________________________

(١) كأنه خالد بن عبدالله بن يزيد القسرى المعنون في الرجال، وشيخه امى بن أبوالقاسم ربيعة المرادى الصيرفى أبوعبد الرحمن الكوفى معنون في التقريب والتهذيب.

(٢) في نسخة والبحار: « ممن يبرأ منا ».

(٣) الظاهر كونه عبد الواحد بن عبدالله الموصلي أخا عبد العزيز بن عبدالله، كنيته أبوالقاسم يروى عن الحسين بن محمّد بن عمران بن عامر الاشعري.

(٤) هو الحضرمي يعرف بالبطل واقفى، يروى عنه سليمان بن سماعة الضبى.

(٥) هو أبرهة بن الصباح بن الاشرم، وقيل: كنيته أبويكسوم. قال الواقدي: هو صاحب النجاشي جد النجاشي الذى كان على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله راجع مجمع البيان، وذكر فيه السبب الذى جر أصحاب الفيل إلى مكة.

(٦) أي جندها لهدم الكعبة. والسرح: الماشية.

(٧) راق الشئ فلانا روقا أي أعجبه.

٣١٢

لك والجمال ؟ قال: نعم أيها الملك، كل آبائي كان لهم هذا النور والجمال والبهاء، فقال له أبرهة: لقد فقتم الملوك فخرا وشرفا، ويحق لك أن تكون سيد قومك. ثم أجلسه معه على سريره، وقال لسائس فيله الاعظم وكان فيلا أبثض عظيم الخلق(١) له نابان مرصعان بأنواع الدر والجوهر، وكان الملك يباهي به ملوك الارض: ايتني به، فجاء به(٢) سائسه، وقد زين بكل زينة حسنة، فحين قابل وجه عبد المطلب سجد له ولم يك يسجد لملكه، واطلق الله لسانه بالعربية، فسلم على عبد المطلب. فلما رأى الملك ذلك ارتاع له(٣) ، وظنه سحرا، فقال: ردوا الفيل إلى مكانه، ثم قال لعبد المطلب: فيم جئت ؟ فقد بلغني سخاؤك وكرمك وفضلك، ورأيت من هيئتك وجمالك وجلالك ما يقتضي أن أنظر في حاجتك، فسلني ما شئت وهو يرى أنه يسأله في الرجوع عن مكة فقال له عبد المطلب: إن أصحابك غدوا على سرح لي فذهبوا به، فمرهم برده علي. قال: فتغيظ الحبشي من ذلك وقال لعبد المطلب: لقد سقطت من عيني، جئتني تسألني في سرحك وأنا قد جئت لهدم شرفك وشرف قومك ومكرمتكم التي تتميزون بها من كل جيل، وهو البيت الّذي يحج إليه من كل صقع في الارض، فتركت مسألتي في ذلك وسألتني في سرحك ؟ ! فقال له عبد المطلب: لست برب البيت الّذي قصدت لهدمه، وأنا رب سرحي الّذي أخذه أصحابك، فجئت أسألك فيما أنا ربه، وللبيت رب هو أمنع له من الخلق كلهم، وأولى به منهم. فقال الملك: ردوا عليه سرحه، وازحفوا إلى البيت فانقضوه حجرا حجرا، فأخذ عبد المطلب سرحه وانصرف إلى مكة، وأتبعه الملك بالفيل الاعظم مع الجيش لهدم البيت، فكانوا إذا

____________________________

(١) في نسخة: « وكان فيلا أعظم أبيض الخ ».

(٢) في المطبوعة: « فجاءه به ».

(٣) أي فزع منه.

٣١٣

حملوه على دخول الحرم أناخ، وإذا تركوه رجع مهرولا. فقال عبد المطلب لغلمانه: أدعوا لي ابني، فجاؤا بالعباس، فقال: ليس هذا اريد، ادعوا لي ابني، فجاؤا بأبي طالب، فقال: ليس هذا اريد، ادعوا لي ابني، فجاؤا بعبدالله أبي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فلما أقبل إليه قال: اذهب يا بني حتّى تصعد أبا قبيس، ثم اضرب ببصرك ناحية البحر فانظر أي شئ يجئ من هناك وخبرني به. قال: فصعد عبدالله أبا قبيس، فما لبث أن جاء طير أبابيل(١) مثل السيل والليل فسقط على أبي قبيس، ثم صار إلى البيت، فطاف به سبعا، ثم صار إلى إلى الصفا والمروة، فطاف بهما سبعا، فجاء عبدالله رضي الله عنه إلى أبيه فأخبره الخبر(٢) ، فقال: انظر يا بني ما يكون من أمر هؤلاء(٣) بعد فأخبرني به، فنظرها فإذا هي قد أخذت نحو عسكر الحبشة، فأخبر عبد المطلب بذلك، فخرج عبد المطلب [ رحمه الله ] وهو يقول: يا أهل مكة اخرجوا إلى العسكر فخذوا غنائمكم. قال: فأتوا العسكر وهم أمثال الخشب النجرة(٤) ، وليس من الطير إلا [ و ] معه ثلاثة أحجار في منقاره ويديه، يقتل بكل حصاة منها واحدا من القوم، فلما أتوا على جميعهم انصرف الطير ولم ير قبل ذلك الوقت ولا بعده. فلما هلك القوم بأجمعهم جاء عبد المطلب إلى البيت فتعلق بأستاره وقال: يا حابس الفيل بذي المغمس * حبسته كأنه مكركس(٥)

____________________________

(١) أبوقبيس: جبل بمكة. وأبابيل: اسم جمع لا واحد له وهو بمعنى جماعات في تفرقة، زمرة زمرة، أي أقاطيع يتبع بعضها بعضا.

(٢) في نسخة: « فجاء عبدالله رضى الله عنه فأخبره به ».

(٣) في المطبوعة: « من أمرها بعده ».

(٤) النجرة: المنحوتة، وفى بعض النسخ: « النخرة » أي البالية.

(٥) قال الفيروز آبادى: المغمس كمعظم ومحدث: موضع بطريق الطائف، فيه قبر أبى رغال دليل أبرهة ويرجم. ومكركس: المنكس الذى قلب على رأسه، وفى المطبوعة والبحار: « مكوس » بشد الواو وهو بمعناه، ونقل في بيانه عن القاموس: « المكوس كمعظم: حمار » وهو غير مناسب.

٣١٤

في محبس تزهق فيه الانفس وانصرف وهو يقول في فرار قريش وجزعهم من الحبشة:

طارت قريش إذ رأت خميسا

 

فظلت فردا لا رأى أنيسا

ولا أحس منهم حسيسا

 

إلا أخا لي ماجدا نفيسا

مسودا في أهله رئيسا

 ٦ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن خالد المراغي قال: حدثنا ثوابة ابن يزيد(١) قال: حدثنا أحمد بن عليّ بن المثنى، عن محمّد بن المثنى(٢) ، عن شبابة بن سوار قال: حدثني المبارك بن سعيد، عن خليل الفراء، عن أبي المجبر(٣) قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أربع مفسدة للقلوب: الخلوة بالنساء، والاستماع منهن، والاخذ برأيهن، ومجالسة الموتى، فقيل له: يا رسول الله وما مجالسة الموتى ؟ قال: مجالسة كل ضال عن الايمان وجائر في الاحكام(٤) .

٧ - قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدثنا عبدالله بن خراش(٥) قال: حدثنا أحمد بن

____________________________

(١) هو أبوبكر ثوابة بن يزيد بن ثواب المعنون في تاريخ الخطيب.

(٢) الظاهر كونه محمّد بن المثنى بن قيس بن دينار أبا موسى العنزي البصري ولم نجد راويه، وشيخه معنون في التهذيب والتقريب.

(٣) أبوالمجبر بالجيم أو المهملة دكره في الاصابة ج ٤ ص ١٧٢ وروى عنه، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خبر « من عال ابنتين » الخ كما في هامش البحار.

(٤) في بعض النسخ والبحار: « وحائر في الاحكام » بالمهملة.

(٥) الظاهر هو عبدالله بن خراش بن حوشب ابن أخى العوام بن حوشب يروى عن أحمد بن محمّد بن الوليد بن برد الانطاكي وهو عن محمّد بن جعفر بن محمّد بن عليّعليهم‌السلام .

٣١٥

برد قال: حدثنا محمّد بن جعفر بن محمّد، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّعليهم‌السلام ، عن أبي لبابة بن عبد المنذر أنه جاء يتقاضى أبا اليسر(١) دينا له عليه، فسمعه يقول: قولوا له: ليس هو هنا، فصاح أبولبابة: يا أبا اليسر اخرج إلي، فخرج إليه، [ قال: ] فقال: ما حملك على هذا ؟ قال: العسر يا أبا لبابة، قال: الله ؟ قال: الله، قال أبولبابة: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: من أحب أن يستظل من فور جهنم(٢) ؟ قلنا: كلنا نحب ذلك يا رسول الله، قال: فلينظر غريما له أو فليدع المعسر(٣) .

٨ - قال: أخبرني أبوحفص عمر بن محمّد الزيات قال: حدثنا عليّ بن مهرويه القزويني قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي قال: سمعت الرضا عليّ بن موسىعليهما‌السلام يقول: من استفاد أخا في الله فقد استفاد بيتا في الجنة. قال: وأنشدني أبوالحسن الرحبي النحوي للحجاج بن يوسف التميمي:

و إن امرؤ قد عاش خمسين حجة

 

إلى منهل من ورده لقريب

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل

 

خلوت و لكن قل علي رقيب

إذا ما انقضى القرن الّذي أنت فيهم

 

وخلفت في قرن فأنت غريب

 والحمد لله وصلاته على سيدنا محمّد النبيّ وآله الطيبين الطاهرين.

____________________________

(١) هو كعب بن عمرو بن عباد السلمى بفتحتين الانصاري، أبواليسر بفتحتين أيضا صحابي بدرى. قال ابن حجر: جليل، مات بالمدينة سنة ٥٥، وقد زاد على المائة.

(٢) فارت القدر: جاشت وغلت.

(٣) الترديد من الراوى. وفى أمالى ابن الشيخ « أو ليدع لمعسر ».

٣١٦

المجلس الثامن والثلاثون

مجلس يوم السبت لست ليال بقين من شهر رمضان سنة عشر وأربعمائة

حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أطال الله بقاءه

 ١ - قال: حدثنا الشريف الصالح أبومحمّد الحسن بن حمزة العلوي رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن عبدالله قال: حدثنا جدي أحمد بن أبي عبدالله البرقي(١) ، عن أبيه، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: قال: ألا أخبرك بأشد ما افترض الله على خلقه ؟: إنصاف الناس من أنفسهم، ومواساة الاخوان في الله عزّوجلّ.، وذكر الله على كل حال، فإن عرضت له طاعة لله عمل بها، وإن عرضت له معصية له تركها(٢) .

٢ - قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوجعفر محمّد بن صالح القاضي قال: حدثنا مسروق بن المرزبان(٣) قال: حدثنا حفص، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أعجز الناس من عجز عن الدعاء، وإن أبخل الناس من بخل بالسلام.

٣ - قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثني الحسن بن حماد بن حمزة أبوعلي(٤) من أصل كتابه قال: حدثنا الحسن بن عبد الرحمن

____________________________

(١) هو جده لامه كما في جامع الرواة.

(٢) تقدم مثله بألفاظ أخر في موضعين من الكتاب ومر كلامنا في شرح صدر الخبر.

(٣) بسكون الراء وضم الزاى، الكندى أبوسعيد الكوفى مات سنة ٢٤٠، وراويه محمّد بن صالح بن ذريح أبوجعفر العكبرى، وشيخه حفص بن غياث وهو عن عاصم بن سليمان الاحوال، وهو عن أبى عثمان النهدي عبد الرحمن بن مل.

(٤) لم نجد أحدا في هذه الطبقة بهذا العنوان وشيخه معنون في الجرح والتعديل، وأما محمّد بن سليمان الاصفهانى فهو يروى عن عمه عبد الرحمن الاصفهانى كما في التهذيب.

٣١٧

ابن أبي ليلى قال: حدثنا محمّد بن سليمان [ بن عبدالله ](١) الاصفهاني [ عن عبد الرحمن الاصفهاني ]، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى(٢) ، عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال: دعاني النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا أرمد، فتفل في عيني، وشد العمامة على رأسي، وقال: « اللهم اذهب عنه الحر والبرد »، فما وجدت بعدها حرا ولا بردا(٣) .

٤ - قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي رحمه الله قال: حدثني أحمد بن عيسى بن أبي موسى بالكوفة قال: حدثنا عبدوس بن محمّد الحضرمي قال: حدثنا محمّد بن فرات، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يأتينا كل غداة فيقول: الصلاة رحمكم الله الصلاة ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا(٤) .

٥ - قال: أخبرني أبوعبيدالله محمّد بن عمران المرزباني قال: حدثني أحمد بن محمّد قال: حدثنا الحسن بن عليل العنزي(٥) قال: حدثنا عبد الكريم

____________________________

(١) في بعض نسخ الكتاب « محمّد بن سليمان الاصفهانى، عن عبد الرحمن الاصفهانى ».

(٢) في أمالى الطوسى « الجعابى، عن الحسن بن الهاد بن حمزة أبوعلى، عن الحسن ابن عبد الرحمن بن أبى ليلى، عن محمّد بن سليمان الاصفهانى، عن عبدالله الاصفهانى، عن عبد الرحمن بن أبى ليلى » وكان عبدالله هنا وعبد الرحمن في الصلب زيادة وقع سهوا من النساخ.

(٣) وكان ذلك يوم خيبر، راجع الخصائص للنسائي ص ٥٢.

(٤) الاحزاب: ٣٣. وقد استمر على هذا ستة أشهر في رواية أنس، وعن ابن عباس سبعة أشهر، وفى رواية ذكرها النبهاني وغيره ثمانية أشهر، راجع الفصول المهمة للسيد شرف الدين العاملي (ره) ص ٢٠٩.

(٥) هو الحسن بن عليل مصغرا ابن الحسين بن على بن حبيش بن سعد أبوعلى العنزي كان صاحب أدب وأخبار، وكان اسم أبيه عليا ولقبه عليل وهو الغالب عليه، وتوفى بسر من رأى سنة ٢٩٠ سلخ المحرم، يروى عنه أحمد بن محمّد بن عبدالله أبوبكر الجوهرى المعنون في تاريخ الخطيب. ولم نجد شيخه عبد الكريم بن محمّد الا أن في الجرح والتعديل لابن أبى حاتم « عبد الكريم بن محمّد روى عن سالم الخياط عن الحسن البصري، روى عنه ابن المبارك ».

٣١٨

ابن محمّد قال: حدثنا عليّ بن سلمة، عن أبي أسلم محمّد بن فخار(١) ، عن أبي هياج عبدالله بن عامر قال: لما أتي نعي الحسينعليه‌السلام إلى المدينة خرجت أسماء بنت عقيل بن أبي طالب رضي الله عنها في جماعة من نسائها حتّى انتهت إلى قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلاذت به، وشهقت عنده، ثم التفتت إلى المهاجرين والانصار وهي تقول:

ماذا تقولون إن قال النبيّ لكم

 

يوم الحساب وصدق القول مسموع

خذلتم عترتي أو كنتم غيبا

 

والحق عند ولي الامر مجموع

أسلتموهم بأيدي الظالمين فما

 

منكم له اليوم عند الله مشفوع

ما كان عند غداة الطف إذ حضروا

 

تلك المنايا ولا عنهن مدفوع

 قال: فما رأينا باكيا ولا باكية أكثر مما رأينا ذلك اليوم.

٦ - قال: أخبرني أبوعبيدالله محمّد بن عمر المرزباني قال: حدثنا أحمد بن محمّد الجوهري قال: حدثنا الحسن بن عليل العنزي، عن عبد الكريم بن محمّد قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي، عن عبد العظيم بن عبدالله العلوي، عن الحسن بن الحسين العرني، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: أصبحت يوما أم سلمة رحمها الله تبكي، فقيل لها: مم بكاؤك ؟ فقالت: لقد قتل ابني الحسين (عليه‌السلام ) الليلة، وذلك إنني ما رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منذ قبض إلا الليلة، فرأيته شاحبا(٢) كئيبا [ قالت ] فقلت: مالي أراك يا رسول الله شاحبا كئيبا ؟ قال: ما زلت الليلة أحفر قبورا للحسين وأصحابهعليهم‌السلام .

____________________________

(١) لم نجده وفى أمالى الطوسى « محمّد بن مخلد » ولعله العطار، ولم نجد أيضا راويه ولا شيخه، وعنون ابن أبى حاتم « عبدالله بن هياج » وقال: روى عن أبيه.

(٢) الشاحب: المهزول، وقيل: المتغير اللون، وشحب جسمه: تغير..

٣١٩

 ٧ - قال: أخبرني أبوحفص عمر بن محمّد قال: حدثنا عليّ بن العباس قال: حدثنا عبد الكريم بن محمّد قال: حدثنا سليمان بن مقبل الحارثي قال: حدثني محفوظ بن المنذر قال: حدثني شيخ من بني تميم كان يسكن الرابية(١) قال: سمعت أبي يقول: ما شعرنا بقتل الحسينعليه‌السلام حتّى كان مساء ليلة عاشوراء، فإني [ ل‍ ] جالس بالرابية ومعي رجل من الحي، فسمعنا هاتفا يقول:

والله ما جئتكم حتّى بصرت به

 

با لطف منعفر الخدين منحورا

و حوله فتية تدمى نحورهم

 

مثل المصابيح يعلون الدجى نورا

وقد حثثت قلوصي(٢) كي أصادفهم

 

من قبل ما أن يلاقوا الخرد الحورا(٣)

فعاقني قدر و الله بالغه(٤)

 

وكان أمرا قضاه الله مقدورا

كان الحسين سراجا يستضاء به

 

الله يعلم(٥) أني لم أقل زورا

صلى الاله على جسم تضمنه

 

قبر الحسين حليف الخير مقبورا

مجاورا لرسول الله في غرف

 

و للوصي و للطيار مسرورا

 فقلنا له: من أنت يرحمك الله ؟ قال: أنا وأبي من جن نصيبين، أردنا مؤازرة الحسينعليه‌السلام ومؤاساته بأنفسنا، فانصرفنا من الحج فأصبناه قتيلا.

٨ - قال: أخبرني أبوعبيدالله محمّد بن عمران المرزباني قال: حدثني

____________________________

(١) الرابية هي المرتفع من الارض، والسياق يحكى أنه اسم مكان خاص ولم نجده في المراصد والمعجم للياقوت وكذا بالزاى، ولعله « الزاوية » وهى قرية بالبصرة. ثم لم نجد بعض رجال السند فيما عندنا من كتب التراجم والرجال.

(٢) القلوص بالفتح: الناقة الطويلة القوائم خاص بالاناث.

(٣) الخريد والخرود: الخفرة الطويلة السكوت الخافضة الصوت المتسترة، والمراد الحور العين.

(٤) في بعض النسخ: « فعاقنى قدر الله بالغة ».

(٥) في بعض النسخ: « الله أعلم ».

٣٢٠