الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد0%

الأمالي الشيخ المفيد مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 357

الأمالي الشيخ المفيد

مؤلف: أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبرى البغدادى (الشيخ المفيد)
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف:

الصفحات: 357
المشاهدات: 47677
تحميل: 5975


توضيحات:

الأمالي الشيخ المفيد المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 357 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 47677 / تحميل: 5975
الحجم الحجم الحجم
الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

أحمد بن محمّد الجوهري قال: حدثنا محمّد بن مهران قال: حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي، عن عمر بن عبد الواحد، عن إسماعيل بن راشد، عن حذلم بن ستير(١) قال: قدمت الكوفة في المحرم سنة إحدى وستين [ عند ] منصرف عليّ بن الحسينعليهما‌السلام بالنسوة من كربلاء ومعهم الاجناد محيطون بهم(٢) وقد خرج الناس للنظر إليهم، فلما أقبل بهم على الجمال بغير وطاء جعل نساء أهل الكوفة يبكين وينتدبن(٣) ، فسمعت علي ببن الحسينعليهما‌السلام وهو يقول بصوت ضئيل وقد نهكته العلة وفي عنقه الجامعة ويده مغلولة إلى عنقه: الا إن هؤلاء النسوة يبكين، فمن قتلنا ؟ قال: ورأيت زينب بنت عليعليهما‌السلام (٤) ولم أر خفرة(٥) قط أنطق منها كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنينعليه‌السلام . قال: وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا، فارتدت الانفاس وسكتت الاصوات(٦) فقالت: الحمد لله والصلاة على أبي رسول الله، أما بعد يا أهل الكوفة، ويا

____________________________

(١) كذا، وفى بعض نسخ الحديث: « حذلم بن بشير »، وفى الاحتجاج: « حذيم ابن شريك الاسدي » وعنونه في الجامع من أصحاب الامام الحسينعليه‌السلام وعده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام على بن الحسينعليهما‌السلام ، وفى البحار في قصة نزول أهل البيتعليهم‌السلام قرب المدينة: « بشير بن حذلم »، وفى بلاغات النساء لابن طيفور مرة « حذام الاسدي » وأخرى: « حذيم »، وفى اللهوف: « بشير بن خزيم الاسدي »، وقال في هامش البحار: « والصحيح: حذيم بن بشير ».

(٢) في المطبوعة: « يحيطون بهم ».

(٣) في نسخة: « ويندبن ويلطمن ».

(٤) هي زينب الصغرى المكناة بام كلثوم.

(٥) أي امرأة مستحيية.

(٦) في المطبوعة: « وسكنت الاصوات »، وفى ساير نسخ الحديث: « و سكنت الاجراس ».

٣٢١

أهل الختل والخذل(١) ، فلا رقأت العبرة، ولا هدأت الرنة(٢) ، فما مثلكم إلا ﴿كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ(٣) . ألا وهل فيكم إلا الصلف النطف، والصدر الشنف(٤) ؟ خوارون(٥) في اللقاء، عاجزون عن الاعداء، ناكثون للبيعة، مضيعون للذمة، فبئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم، وفي العذاب أنتم خالدون. أتبكون ؟ ! إي والله فابكوا كثيرا، واضحكوا قليلا، فلقد فزتم بعارها وشنارها، ولن تغسلوا دنسها عنكم أبدا. فسليل خاتم الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ خيرتكم، ومفزع نازلتكم، وأمارة محجتكم، ومدرجة حجتكم(٦) خذلتم، وله فتلتم(٧) ؟ ! ألا ساء ما تزرون، فتعسا

____________________________

(١) في بعض النسخ: « الختر » وهما بمعنى الخداع والغدر. والخذل: ترك النصرة والاعانة.

(٢) رقأت: جفت. وهدأت: سكنت. والرنة: الصوت مع بكاء.

(٣) اقتباس من الاية ٩٢ من سورة النحل. ودخلا أي خيانة وخديعة.

(٤) الصلف بفتح اللام مصدر بمعنى التملق، وبكسرها: الذى يكثر مدح نفسه ولا خير عنده. والنطف بفتح الطاء: التلطخ بالريب والعار، وبكسرها بمعنى النجس. والشنف بفتح المعجمة: العداوة والبغض، وبكسرها المبغض.

(٥) رجل خوار أي جبان.

(٦) المدرجة: الطريق ومعظمه وسننه. وفى نسخة وساير نسخ الحديث: « المدرة » وهى بالكسر زعيم القوم وخطيبهم والمتكلم عنهم.

(٧) كذا، وفى غير هذا الكتاب بعد قوله « أبدا »: « وأنى ترحضون ؟ قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة وسيد شباب أهل الجنة وملاذ حربكم ومعاذ حزبكم ومقر سلمكم وآسى كلمكم ومفزع نازلتكم والمرجع إليه عند مقاتلتكم ومدرة حججكم ومنار محجتكم، ألا ساء أما قدمت لكم نفسكم وساء ما تزرون ليوم بعثكم، فتعسا تعسا الخ ».

٣٢٢

ونكسا، فلقد خاب السعي، وتربت الايدي(١) ، وخسرت الصفقة، وبؤتم بغضب من الله، وضربت عليكم الذلة والمسكنة. ويلكم أتدرون أي كبد لمحمّد فريتم(٢) ، وأي دم له سفكتم، وأي كريمة له أصبتم(٣) ؟ ﴿لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ، تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا(٤) ، ولقد أتيتم بها(٥) خرقاء شوهاء طلاع الارض والسماء(٦) . افعجبتم أن قطرت السماء دما ؟ ! ولعذاب الآخرة أخزى، فلا يستخفنكم المهل، فإنه لا يحفزه البدار(٧) ، ولا يخاف عليه فوت الثار، كلا إن ربك لبالمرصاد. قال: ثم سكتت(٨) ، فرأيت الناس حيارى، قد ردوا أيديهم في أفواههم، ورأيت شيخا قد بكى حتّى اخضلت لحيته وهو يقول:

____________________________

(١) أي ما أصابت خيرا أبدا.

(٢) الفرى: القطع، قال في البحار: « وفى بعض النسخ والروايات: « فرثتم » بالثاء المثلثة، قال في النهاية: في حديث أم كلثوم بنت عليعليه‌السلام لاهل الكوفة: أتدرون أي كبد فرثتم لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ الفرث: تفتيت الكبد بالغم والاذى ».

(٣) كريمة الرجل: أنفه وكل جارحة شريفة كالاذن واليد.

(٤) مريم: ٨٩ - ٩٠. و ﴿إِدًّا ﴾ أي منكرا.

(٥) الضمير في قولها: « أتيتم بها » راجع إلى الفعلة القبيحة، والقضية الشنيعة التى أتوا بها.

(٦) الخرقاء: الحمقاء، أو من الخرق ضد الرفق. والشوهاء: القبيحة. وطلاع الارض بالكسر: ملؤها.

(٧) الحفز: الحث والاعجال.

(٨) في الاحتجاج: أن السجاد (عليه‌السلام ) قال لها: يا عمة اسكتي، ففى الباقي من الماضي اعتبار، وأنت بحمد الله عالمة غير معلمة، فهمة غير مفهمة، ان البكاء والحنين لا يردان من قد أباده الدهر، فسكتت.

٣٢٣

كهولهم خير الكهول ونسلهم * إذا عد نسل لا يخيب ولا يخزى(١)

 ٩ - قال: أخبرني أبوعبيدالله محمّد بن عمران المرزباني قال: أخبرني محمّد بن إبراهيم قال: حدثنا عبدالله بن أبي سعيد الوراق قال: حدثني مسعود ابن عمرو الجحدري قال: حدثني إبراهيم بن داحة(٢) قال: أول شعر رثي به الحسين بن عليّعليهما‌السلام قول عقبة بن عمرو السهمي من بني سهم بن عوف ابن غالب:

إذا العين قرت في الحياة و أنتم

 

تخافون في الدنيا فأظلم نورها

مررت على قبر الحسين بكربلا

 

ففاض عليه من دموعي غزيرها

فما زلت أرثيه و أبكي لشجوه

 

و يسعد عيني دمعها و زفيرها(٣)

وبكيت من بعد الحسين عصائب

 

أطافت به من جانبيها قبورها

سلام على أهل القبور بكربلا

 

و قل لها مني سلام يزورها

سلام بآصال العشي و بالضحى

 

تؤديه نكباء الرياح ومورها(٤)

و لا برح الوفاد زوار قبره

 

يفوح عليهم مسكها و عبيرها

 ١٠ - قال: أخبرني أبوعبيدالله محمّد بن عمران المرزباني قال: حدثني عبدالله بن يحيى العسكري قال: حدثني أحمد بن زيد بن أحمد قال: حدثنا محمّد بن يحيى بن أكثم أبوعبدالله قال: حدثني أبي يحيى بن أكثم المروزي زي زي

____________________________

(١) روى هذه الخطبة أصحاب المقاتل والمحدثون في كتبهم مع زيادات و اختلاف في بعض الالفاظ فمنها: الاحتجاج ج ٢ ص ٢٩ واللهوف ص ٦٢ وبلاغات النساء ص ٢٣ والبحار ج ٤٥ ص ١٦٤.

(٢) هو ابراهيم بن سليمان بن أبى داحة المعنون في الرجال.

(٣) الشجو: الهم والحزن. وأسعده عليه: أعانه.

(٤) النكباء: الريح الناكبة التى تنكب عن مهاب الريح القوم، ذكره الجوهرى، وقال الفيروزآبادى: ريح انحرفت ووقعك بين ريحين أو بين الصبا والشمال. والمور بالضم: الغبار بالريح (البحار).

٣٢٤

قال: أقدم المأمون دعبل بن عليّ الخزاعى(١) رحمه الله وآمنه على نفسه، فلما مثل بين يديه، وكنت جالسا بين يدي المأمون، فقال(٢) له: أنشدني قصيدتك الكبير، فجحدها دعبل، وأنكر معرفتها، فقال له: لك الامان عليها كما أمنتك على نفسك، فأنشده:

تأسفت جارتي لما رأت زوري

 

و عدت الحلم ذنبا غير مغتفر(٣)

ترجو الصبى بعد ما شابت ذوائبها

 

وقد جرت طلقا في حلبة الكبر(٤)

أجارتي إن شيب الراس يعلمني

 

ذكر المعاد و إرضاي عن القدر(٥)

لو كنت أركن للدنيا و زينتها

 

إذا بكيت على الماضين من نفر

أخنى الزمان على أهلي فصدعهم

 

تصدع الشعب لاقى صدمة الحجر(٦)

بعض أقام وبعض قد أصات به

 

داعي المنية و الباقي على الاثر(٧)

أما المقيم فأخشى أن يفارقني

 

و ليست أوبة من ولى بمنتظر

____________________________

(١) راجع ترجمته الضافية في الغدير الاغر ج ٢ ص ٣٦٣.

(٢) كذا والسياق يقتضى « قال » بدون الفاء.

(٣) الجارة: زوجة الرجل. وقوله: « زورى » أي ازوارى وبعدي عن النساء. و « الحلم »: الاناة والعقل. وفى نسخة « وعدت الشيب ذنبا ».

(٤) « ترجو الصبى » أي ترجو منى أن أتصابى لها. و « الذؤابة » الناصية، الجمع ذوائب. وفي نسخة: « ذوابتها » وهو بمعناه مفرد. و « الحلبة » بالتسكين: خيل للسباق من كل أوب، لا تخرج من اصطبل واحد. والطلق محركة مصدر وبمعنى الشوط الواحد في جرى الخيل.

(٥) في المطبوعة « ان شيب الرأس أقلقني » وفيها: « وأرضاني عن القدر ».

(٦) أخنى عليه الدهر: أتى عليه وأهلكه. و « الشعب » الصدع في الشئ واصلاحه أيضا.

(٧) « أصات به » أي صوت به ودعاه، وفي البحار: « أصات بهم ». وفى المطبوعة: قد أهاب به، وأهاب بالخيل أي دعاها أو زجرها يعني يا خيل أقبلي واقدمي.

٣٢٥

أصبحت أخبرعن أهل وعن ولدي

 

كحالم قص رؤيا بعد مدكر

لولا تشاغل عيني بالاولى سلفوا

 

من أهل بيت رسول الله لم أقر(١)

و في مواليك للخدين مشغلة

 

من أن يبيت لمفقود على أثر(٢)

كم من ذراع لهم بالطف بائنة

 

و عارض بصعيد الترب منعفر

أمسى الحسين و مسراهم بمقتله

 

و هم يقولون هذا سيد البشر(٣)

يا أمة السوء ما جازيت أحمد عن

 

حسن البلاء على التنزيل والسور

خلفتموه على الابناء حين مضى

 

خلافة الذئب في إنقاذ ذي بقر(٤)

 قال يحيى: وأنفذني المأمون في حاجة، أقمت وعدت إليه وقد انتهى دعبل إلى قوله:

لم يبق حي من الاحياء نعلمه

 

من ذي يمان ولا بكر ولا مضر

إلا و هم شركاء في دمائهم

 

كما تشارك أيسار على جزر(٥)

قتلا و أسرا و تخويفا و منهبة

 

فعل الغزاة بأرض الروم و الخزر

أرى أمية معذورين إن قتلوا

 

و لا أرى لبني العباس من عذر

قوما قتلتم على الاسلام أولهم

 

حتّى إذا استملكوا جازوا على الكفر

____________________________

(١) « لم أقر » من وقر يقر بمعنى جلس.

(٢) في البحار: « وفي مواليك للتحزين مشغلة »، وقال العلامة المجلسي (ره): أي لمواليك بسبب مظلوميتكم وحزنهم لها شغل من أن يبيتوا، لانهم يتذكرون مفقودا على أثر مفقود منكم، وفى بعض النسخ « للخدين » ويؤل حاصل المعنى إلى ما ذكرناه، وعلى التقديرين لا يخلو من تكلف، وأثر التصحيف والتحريف فيه ظاهر.

(٣) قوله: « ومسراهم بمقتله » أي صاروا ورجعوا بالليل مخبرين بقتله، أو مع صدور هذا الفعل عنهم.

(٤) ذوبقر: واد بين أخيلة الحمى حمى الربذة، وهذا اشارة إلى مثل (البحار).

(٥) « الايسار » القوم المجتمعون على الميسر، وهو جمع الياسر أيضا وهو الذى يلى قسمة جزور الميسر.

٣٢٦

أبناء حرب و مروان واسرتهم

 

بنو معيط ولاة الحقد و الوغر(١)

اربع بطوس على قبر الزكي بها

 

إن كنت تربع من دين على وطر(٢)

هيهات كل امرئ رهن بما كسبت

 

له يداه فخذ ما شئت أو فذر

 قال: فضرب المأمون بعمامته الارض، وقال: صدقت والله يا دعبل.

١١ - قال: أخبرني [ أبوالقاسم ] جعفر بن محمّد رحمه الله قال: حدثني جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه أبي النضر العياشي قال: حدثنا محمّد بن حاتم قال: حدثني محمّد بن معاذ قال: حدثني زكريا بن عدي قال: حدثنا عبيدالله ابن عمرو، عن عبدالله بن محمّد بن عقيل، عن حمزة بن [ صهيب، عن ](٣) أبي سعيد الخدري، عن أبيه قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول على المنبر: ما بال أقوام يقولون: إن رحم رسول الله لا ينفع يوم القيامة ؟ بلى والله إن رحمي لموصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرطكم يوم القيامة على الحوض، فإذا جئتم قال الرجل: يا رسول الله أنا فلان بن فلان، فأقول: أما النسب فقد عرفته،

____________________________

(١) الوغر بفتح وسكون، وبفتحتين: الحقد والضغن والعداوة.

(٢) ربع الرجل: وقف وانتظر. والوطر: الحاجة، أي ان كانت لك حاجة في الدين فأقم على القبر الزكي بطوس واسأل الله تعالى اياها. ولم يذكر في الاغانى البيت الخامس وهو « قوما قتلتم الخ » وكذلك البيت السادس وهو « أبناء حرب الخ » ولم يذكر البيت السادس أيضا في أمالى الصدوق (ره) ص ٥٩٠ المجلس ٩٤ وعيونه ج ٢ ص ٢٥١ الباب ٦٥، وذكرا بيتين بعد قوله « اربع بطوس الخ » وانهما مكملان للبيت الاخر وهما: قبران في طوس خير الناس كلهم * وقبر شرهم هذا من العبر ما ينفع الرجس من قرب الزكي ولا * على الزكي بقرب الرجس من ضرر ثم ليعلم ان جعل ما ذكرناه في الهامش من شرح المفردات مأخوذ من البحار.

(٣) ما بين المعقوفين ساقط من جل النسخ، وحمزة بن صهيب معنون في الرجال ومذكور فيمن روى عن أبى سعيد.

٣٢٧

لكنكم أخذتم بعدي ذات الشمال، وارتددتم على أعقابكم القهقرى.

١٢ - حدثني المظفر بن محمّد الوراق(١) قال: حدثنا أبوعلي محمّد بن همام قال: حدثنا أبوسعيد الحسن بن زكريا البصري قال: حدثنا عمر بن المختار(٢) قال: حدثنا أبومحمّد البرسي، عن النضر بن سويد، عن عبدالله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر [ محمّد ] الباقر، عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف بك يا علي إذا وقفت على شفير جهنم، وقد مد الصراط، وقيل للناس: جوزوا، وقلت لجهنم: هذا لي، وهذا لك ؟ فقال عليعليه‌السلام يا رسول الله: ومن أولئك ؟ قال: أولئك شيعتك، معك حيث كنت(٣) .

١٣ - حدثني الشريف الصالح أبومحمّد الحسن بن حمزة رحمه الله قال: حدثني أبوالحسن عليّ بن الفضل قال: حدثني أبوتراب عبيدالله بن موسى(٤)

____________________________

(١) كأنه المظفر بن محمّد الخراساني المكنى بأبى الجيش، قال الشيخ في فهرسه: كان شيخنا أبوعبدالله رحمه الله قرأ عليه وأخذ عنه، يروى عن محمّد بن همام أبى على الكاتب. قال الخطيب: قرأت بخط محمّد بن أحمد بن مهدى الاسكافي: مات أبوعلى محمّد بن همام بن سهيل بن بيزان الاسكافي في جمادى الاخرة سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة وكان يسكن في سوق العطش ودفن في مقابر قريش.

(٢) لم نجده وفى بعض النسخ « عمر بن المخارق » وشيخه في بعض النسخ وأمالي الطوسى « أبومحمّد الترسى ».، ولم نتحقق من هو.

(٣) يدل على أن تسمية من اتبع عليا وسلك مسلكه وتولاه شيعة كان في حياة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بل سماهم هوعليه‌السلام بذلك. راجع تفسير سورة البينة ذيل آية « ان الّذين آمنوا وعمل الصالحات أولئك هم خير البرية » في التفاسير التى فسرت الايات بالمأثور.

(٤) ذكر في ترجمة عبد العظيم بن عبدالله الحسني فيمن روى عنه ولقب بالرويانى. وراويه يحتمل كونه على بن فضل بن طاهر بن نصر بن محمّد أبوالحسن البلخى المعنون في تاريخ الخطيب ولم نجد في هذه الطبقة غيره معنونا.

٣٢٨

قال: حدثني أبوالقاسم عبد العظيم بن عبدالله الحسني رحمه الله قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ بن موسىعليهم‌السلام يقول: ملاقاة الاخوان نشرة وتلقيح للعقل(١) وإن كان نزرا قليلا.

وصلّى الله على سيدنا محمّد النبيّ وآله الطاهرين وسلم

المجلس التاسع والثلاثون

مجلس يوم السبت الثالث عشر من شهر رمضان سنة إحدى عشرة وأربعمائة

حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أيد الله تمكينه

 ١ - قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد رحمه الله قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمّد بن الحسن الصفار قال: حدثنا عليّ بن محمّد القاساني، عن الاصفهاني، عن المنقري، عن حفص بن غياث القاضي قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: إذا أراد أحدكم أن لا يسأل الله تعالى شيئا إلا أعطاه، فلييأس من الناس كلهم، ولا يكون له رجاء إلا من عند الله عزّوجلّ، فإنه إذا علم الله تعالى ذلك من قلبه لم يسأله شيئا إلا أعطاه. قال: ألا فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإن أمكنة القيامة خمسون موقفا كل موقف مقام ألف سنة، ثم تلا هذه الآية: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ(٢) .

 ٢ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن محمّد بن حبيش الكاتب، عن الحسن ابن علي الزعفراني، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن حبيب بن

____________________________

(١) النشرة بالضم الرقية والعوذة. ويخبر بأن الاعتزال عن الاخوان وعدم ملاقاتهم يوجب اختلال العقل. والنزر القليل أيضا.

(٢) تقدم مثله بالسند والمتن في المجلس الثالث والثلاثين تحت رقم ١ مع اختلاف يسير في آخره. والاية في المعارج: ٤..

٣٢٩

نصر(١) ، عن أحمد بن بشير بن سليمان، عن هشام بن محمّد، عن أبيه محمّد بن السائب، عن إبراهيم بن محمّد اليماني(٢) ، عن عكرمة قال: سمعت عبدالله بن عباس(٣) يقول لابنه عليّ بن عبدالله: ليكن كنزك الّذي تذخره(٤) العلم، كن به أشد اغتباطا منك بكنز الذهب الاحمر، فإني مودعك كلاما إن أنت وعيته أجمع لك به أمر الدنيا والآخرة(٥) . لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل، ويؤخر التوبة لطول الامل، ويقول في الدنيا قول الزاهدين، ويعمل فيها عمل الراغبين، إن اعطي فيها لم يشبع، وإن منع منها لم يقنع، يعجز عن شكر ما أوتي، ويبتغي الزيادة فيما بقي، ويأمر بما لا يأتي، يحب الصالحين ولا يعمل عملهم، ويبغض الجاهلين وهو أحدهم، ويقول: لم أعمل فأتعني(٦) ، ألا أجلس فأتمني، وهو يتمني المغفرة وقد دأب في المعصية.

____________________________

(١) الظاهر كونه حبيب بن نصر بن زياد المهلبى المعنون في تاريخ بغداد، يروى عن أحمد بن بشير أبى جعفر المؤدب.

(٢) كذا في النسخ وأمالى الشيخ ولم نجده ويخطر بالبال كونه ابراهيم بن عمر اليماني أبا اسحاق الصنعانى وصحف « عمر » ب‍ « محمّد » لتشاكل الخط.

(٣) ذكر هذا الكلام مع نقصان وزيادة واختلاف في بعض الالفاظ عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في التحف ص ١٥٧ طبع مكتبة الصدوق والنهج الصبحى قسم الحكم تحت رقم ١٥٠.

(٤) يمكن أن يقرأ: « تدخره ».

(٥) في بعض النسخ: « اجتمع لك به من أمر الدنيا والاخرة » وفى المطبوعة والبحار: « اجتمع لك به خير الدنيا والاخرة ».

(٦) في التحف: « كم أعمل فأتعنى ؟ » وفى أمالى الشيخ: « ولا أجلس ». وأتعنى: أتعب نفسي، من العناء أي ألقيت نفسي في التعب والمشقة. وفى بعض النسخ: « فهو يتمنى ».

٣٣٠

قد عمر ما يتذكر فيه من تذكر، يقول فيما ذهب: لو كنت عملت ونصبت كان ذخرا لي، ويعصي ربه عز اسمه فيما بقي غير مكترث(١) ، إن سقم لم يندم على العمل(٢) وإن صح أمن واغتر وأخر العمل، معجب بنفسه ما عوفي، وقانط إذا ابتلي(٣) . إن رغب أشر(٤) ، وإن بسط له هلك، تغلبه نفسه على ما يظن، ولا يغلبها على ما يستيقن(٥) ، لا يثق من الرزق بما قد ضمن له، ولا يقنع بما قسم له. لم يرغب قبل أن ينصب، ولا ينصب فيما يرغب. إن استغنى بطر، وإن افتقر قنط، فهو يبتغي الزيادة وإن لم يشبع(٦) ، ويضيع من نفسه ما هو أكره(٧) . يكره الموت لاساءته، ولا يدع الاساءة في حياته. إن عرضت شهوته واقع الخطيئة ثم تمنى التوبة، وإن عرض له عمل الآخرة دافع. يبلغ في الرغبة حين يسأل، ويقصر في العمل حين

____________________________

(١) أي لا يعبأ به ولا يباليه.

(٢) كذا، وفى التحف: « ان سقم ندم على التفريط في العمل ». أي يتأوه ويتأسف على ما فرط في العمل فيما مضى لسقم الذى اعترضه، ولما عوفي من سقمه ويقدر على العمل أمن من مكر الله تعالى ويغتر ويؤخره.

(٣) في البحار: « معجبا، وقانطا ».

(٤) أي طغى بالنعمة أو عندها.

(٥) أي هو يستيقن الحساب والثواب والعقاب، ولا يغلب نفسه على مجانبة ومتاركة ما يفضى به إلى ذلك الخطر العظيم، وتغلبه نفسه على السعي إلى ما يظن أن فيه لذة عاجلة، فواعجبا ممن يترجح عنده جانب الظن على جانب العلم وما ذاك الا لضعف يقين الناس وحب العاجل (ابن أبى الحديد).

(٦) كذا، وفيه تحريف والصواب كما في ساير نسخ الحديث « يبتغى الزيادة ولا يشكر » وفى بعضها « وان لم يشكر ».

(٧) كذا وفيه سقط والصواب: « يتكلف من الناس مالا يعنيه، ويضيع من نفسه ما هو أكثر » كما في التحف وفيه « يصنع من نفسه » وهو تصحيف.

٣٣١

يعمل، فهو بالطول مدل، وفي العمل مقل. يبادر في الدنيا تعبا لمرض(١) ، فإذا أفاق واقع الخطايا ولم يعرض. يخشى الموت ولا يخاف الفوت، يخاف على غيره بأقل من ذنبه، ويرجو لنفسه بدون عمله، وهو على الناس طاعن ولنفسه مداهن. يرجو الامانة ما رضي، ويرى الخيانة إن سخط. إن عوفي ظن أنه قد تاب، وإن ابتلي طمع في العافية وعاد. لا يبيت قائما، ولا يصبح صائما(٢) ، يصبح وهمه الغذاء، ويمسي ونيته العشاء وهو مفطر. يتعوذ بالله منه من هو فوقه، ولا ينجو بالعوذة [ منه ] من هو دونه(٣) . يهلك في بغضه إذا أبغض، ولا يقصر في حبه إذا أحب. يغضب من اليسير، ويعصي على الكثير، فهو يطاع ويعصي(٤) ، والله المستعان.

٣ - قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا محمّد بن محمّد بن سليمان الباغندي(٥) قال: حدثنا هارون بن حاتم قال: حدثنا إسماعيل بن

____________________________

(١) كذا في النسخ، وفى أمالى الطوسى: « يبادر في الدنيا تعبا يمرض » كما في الخطية وفى مطبوعه: « يتبادر في الدنيا ثعبا لمرض »، ولا ندرى لها معنى محصلا والصواب ما في التحف: « يبادر من الدنيا إلى ما يفنى ويدع جاهلا ما يبقى » بدون ما بعده إلى قوله « ولم يعرض ».

(٢) أي لا يناجى ربه ليلة ولا يصوم له يوما.

(٣) قوله: « يتعوذ الخ » أي من كان فوقه يتعوذ بالله من شره، ولا ينجو من هو دونه من شره مع تعوذه بالله. ولفظة « منه » في نسخة دون النسخ، وفى التحف: « يتعوذ بالله ممن هو دونه ولا يتعوذ ممن هو فوقه » وهو الصواب.

(٤) في البحار:« ويعصى الله ».

(٥) هو اما أبوبكر محمّد بن محمّد بن سليمان الازدي الواسطي المعروف بابن الباغندى وكان عارفا حافظا للحديث توفى في ذى الحجة سنة اثنتى عشرة وثلاثمائة، أو أخوه أبوعبدالله محمّد بن محمّد الباغندى الّذين عنونهما الخطيب في التاريخ وأيضا ابن الاثير في اللباب. وشيخه هارون بن حاتم معنون في الجرح والتعديل واختلفوا فيه.

٣٣٢

توبة، ومصعب بن سلام(١) ، عن أبي إسحاق، عن ربيعة السعدي(٢) قال: أتيت حذيفة بن اليمان رحمه الله فقلت له: حدثني بما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو رأيته لاعمل به. قال: فقال لي: عليك بالقرآن، فقلت له: قد قرأت القرآن، وإنما جئتك لتحدثني بما لم أره ولم أسمعه، [ اللهم إني اشهدك على حذيفة أني أتيته ليحدثني بما لم أره ولم أسمعه ](٣) من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وإنه قد منعنيه وكتمنيه. فقال حذيفة: يا هذا قد أبلغت في الشدة، ثم قال: خذها قصيرة من طويلة(٤) ، وجماعة لكل أمرك. إن آية الجنة في هذه الامة لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنه يأكل الطعام ويمشي في الاسواق، فقلت له: بين لي آية الجنة [ في هذه الامة ] أتبعها، وبين لي آية النار فأتقيها(٥) . فقال لي، والّذي نفسي بيده إن آية الجنة والهداة إليها إلى يوم القيامة وأئمة الحق لآل محمّدعليهم‌السلام ، وإن آية النار وائمة الكفر والدعاة إلى النار إلى يوم القيامة لغيرهم.

____________________________

(١) مصعب بن سلام التميمي الكوفى نزيل بغداد معنون في التقريب والتهذيب، وراويه اسماعيل بن توبة شيعي معنون في التقريب والتهذيب أيضا وشيخه أبوإسحاق هو السبيعى الهمداني.

(٢) هو ربيعة بن شيبان أبوالحوراء السعدى البصري.

(٣) ما بين المعقوفين ساقط في النسخ وموجود في المطبوعة وبه تمام المعنى.

(٤) أي تمرة من نخلة، يضرب في اختصار الكلام وقد تقدم. وجماع الشئ بالكسر: جمعه، يقال: الخمر جماع الاثم.

(٥) بناء السؤال على أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وان كان آية للحق والجنة لكن اليوم لم يكن منه عندنا غير ما روى في آدابه وسننه وهى على حسب ما تقتضيه آراء القوم مع اختلافهم فيها، وليس في ذلك ما تطمئن إليه النفس ويلمسنا الحقيقة بل لا بد من وجود ميزان كي نجعله قطبا تدور عليه رحى أفعالنا وأفكارنا وعقائدنا، أو ملجأ ومقتد معصوم نلتجئ إليه ونقتدى به في أمورنا، وبناء الجواب على تعيين الشخص لا الوصف.

٣٣٣

 ٤ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن خالد المراغي رحمه الله قال: حدثنا القاسم بن محمّد الدلال قال: حدثنا إسماعيل بن محمّد المزني قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: حدثنا أبوالحسن التميمي، عن سبرة بن زياد(١) ، عن الحكم بن عتيبة، عن حنش بن المعتمر(٢) قال: دخلت على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، كيف أمسيت ؟ قال: أمسيت محبا لمحبنا، مبغضا لمبغضنا، وأمسى محبنا مغتبطا برحمة من الله كان ينتظرها، وأمسى عدونا يرمس(٣) بنيانه على شفا جرف هار فكان ذلك الشفا قد انهار به في نار جهنم، وكان أبواب الجنة قد فتحت لاهلها، فهنيئا لاهل الرحمة رحمتهم، والتعس لاهل النار والنار لهم. يا حنش من سره أن يعلم أمحب لنا أم مبغض فليمتحن قلبه، فإن كان يحب ولينا فليس بمبغض لنا، وإن كان يبغض ولينا فليس بمحب لنا، إن الله تعالى أخذ مياقا لمحبنا بمودتنا، وكتب في الذكر اسم مبغضنا، نحن النجباء وأفراطنا أفراط الانبياء(٤) .

٥ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا أبوعوانة موسى بن يوسف بن راشد(٥) قال: حدثنا عبد السلام بن عاصم قال: حدثنا إسحاق بن إسماعيل

____________________________

(١) لم نجده وفى بعض النسخ « ميسرة بن زياد » وفى بعضها « ميسر بن زياد » وكأنه « مسعدة بن زياد » المعنون في الرجال فصحف بيد النساخ.

(٢) تقدم الكلام فيه، وقد يضبط « حبش أو حبيش بن المعتمر » وأنما جعلناه كذلك لاتفاق الكتب الرجالية وذكره مكررا في الحديث.

(٣) كذا والظاهر أنه تصحيف « يؤسس » كما في أمالى الطوسى، أو الصواب بثيابه.

(٤) الفرط: المتقدم، ومنه الحديث: « أنا فرطكم على الحوض ». وقد تقدم ما في معناه بسند آخر عنه، عن علىعليه‌السلام في المجلس السابع والعشرين.

(٥) هو موسى بن يوسف بن راشد أبوعوانة القطان الكوفى الرازي، قال ابن أبى حاتم: صدوق. يروى عن عبد السلام بن عاصم الهسنجانى بكسر الهاء وفتح السين الجعفي الرازي وصحف اسم أبيه في الجرح والتعديل وطبع فيه « تمام » مكان « عاصم » وهو يروى عن اسحاق بن اسماعيل حمويه الرازي المعنون في الجرح والتعديل، وبعنوان اسحاق بن اسماعيل الطالقاني في تاريخ الخطيب والتقريب والتهذيب لابن حجر، واتحادهما عندنا مسلم.

٣٣٤

حمويه قال: حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو قال: أخبرني رجل من بني تميم قال: كنا مع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام بذي قار ونحن نرى أنا سنختطف في يومنا، فسمعته يقول: والله لنظهرن على هذه الفرقة، ولنقتلن هذين الرجلين يعني طلحة والزبير، ولنستبيحن(١) عسكرهما. قال التميمي: فأتيت عبدالله بن العباس فقلت له: أما ترى إلى ابن عمك وما يقول ؟ فقال: لا تعجل حتّى ننظر ما يكون. فلما كان من أمر البصرة ما كان، أتيته فقلت: لا أرى ابن عمك إلا قد صدق [ في مقاله ]، فقال: ويحك ! إنا كنا نتحدث أصحاب محمّد أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عهد إليه ثمانين عهدا لم يعهد شيئا منها إلى أحد غيره، فلعل هذا مما عهده إليه.

 ٦ - قال: أخبرني أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رحمه الله قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه قال: حدثني من سمع حنان بن سدير الصيرفي يقول: رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيما يرى النائم وبين يديه طبق مغطى بمنديل، فدنوت منه وسلمت عليه، فرد علي السلام، ثم كشف المنديل عن الطبق فإذا فيه رطب، فجعل يأكل منه، فدنوت منه فقلت: يا رسول الله ناولني رطبة، فناولني واحدة فأكلتها، ثم قلت يا رسول الله ناولني أخرى، فناولنيها فأكلتها، وجعلت كلما أكلت واحدة سألت أخرى حتّى أعطاني

____________________________

(١) استباح القوم: استأصلهم.

٣٣٥

ثمان رطبات، فأكلتها ثم طلبت منه اخرى، فقال لي: حسبك. قال: فانتبهت من منامي، فلما كان من الغد دخلت على الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام وبين يديه طبق مغطى بمنديل كأنه الّذي رأيته في المنام بين يدي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فسلمت عليه فرد علي السلام، ثم كشف عن الطبق فإذا فيه رطب فجعل يأكل منه، فعجبت لذلك وقلت: جعلت فداك ناولني رطبة، فناولني فأكلتها، ثم طلبت أخرى فناولني فأكلتها، وطلبت أخرى حتّى أكلت ثمان رطبات(١) ، ثم طلبت منه اخرى، فقال لي: لو زادك جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لزدناك، فأخبرته الخبر، فتبسم تبسم عارف بما كان.

٧ - قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثني الشيخ الصالح عبدالله بن محمّد بن عبيدالله بن ياسين(٢) قال: سمعت العبد الصالح عليّ بن محمّد بن عليّ الرضاعليهم‌السلام بسر من رأى يذكر عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: العلم وراثة كريمة، والآداب حلل حسان، والفكرة مرآة صافية، والاعتبار منذر ناصح(٣) ، وكفى بك أدبا لنفسك تركك ما كرهته من غيرك.

وصلّى الله على سيدنا محمّد النبيّ وآله الطاهرين

____________________________

(١) في نسخة والمطبوعة: « قلت: جعلت فداك ناولنى رطبة، فناولني فأكلتها، ثم طلبت (وطلبت خ ل) أخرى حتّى طلبت ثمان رطبات الخ ».

(٢) الظاهر أنه عبدالله بن محمّد بن ياسين الفقيه الدوري المكنى بأبى الحسن المتوفى سنة ٣٠٢ أو ٣٠٣ كما في تاريخ بغداد.

(٣) في النسخ « والاعتذار منذر ناصح » وتكلف العلامة المجلسي رحمه الله في بيانه في البحار مع استظهاره صحة لفظ « الاعتبار ».

٣٣٦

المجلس الاربعون

مجلس يوم الاربعاء الرابع والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى عشرة وأربعمائة

 حدثنا محمّد بن محمّد بن النعمان أيد الله تمكينه

 ١ - قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد القمي رحمه الله قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي قال: كان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام يقول: ابن آدم ! لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك، وما كانت المحاسبة لها من همك، وما كان الخوف لك شعارا، والحزن [ لك ] دثارا. ابن آدم ! إنك ميت ومبعوث وموقوف بين يدي الله عزّوجلّ ومسئول، فأعد جوابا(١) .

٢ - قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد الجرجرائي(٢) قال: حدثنا إسحاق بن عبدوس قال: حدثنا محمّد بن عبدالله بن سليمان الحضرمي قال: حدثنا محمّد بن إسماعيل الاحمسي(٣) قال: حدثنا المحاربي، عن ابن أبي ليلى،

____________________________

(١) تقدم بعينه في آخر المجلس الثاني عشر.

(٢) في بعض النسخ « الجرجاني » ولم نقف عليه غير الذى عنونه النجاشي وقال: له كتاب ايمان أبى طالب وكان هو معاصرا للنجاشي وكنيته أبوالحسين، و « الجرجرائى » نسبة إلى جرجرايا، بلدة قريبة من دجلة بين بغداد وواسط. واما شيخه اسحاق بن عبدوس فالظاهر كونه اسحاق بن عبدوس بن عبدالله بن الفضيل أبا الحسن البزاز المتوفى سنة ٣٤٥ كما في تاريخ بغداد.

(٣) هو محمّد بن اسماعيل بن سمرة الاحمسي أبوجعفر الكوفى السراج المعنون في تهذيب التهذيب المتوفى سنة ٢٦٠ وقال: صدوق. وشيخه أبومحمّد عبد الرحمن ابن محمّد بن زياد المحاربي وثقه ابن معين والنسائي، وراويه محمّد بن عبدالله الحضرمي معنون في الجرح والتعديل وهو معروف بالمطين كوفى. والمراد بابن أبى ليلى عيسى بن عبد الرحمن بن أبى ليلى لا عبد الرحمن لكونه شيخ الحكم بن عتيبه لا راويه.

٣٣٧

عن الحكم بن عتيبة، عن ابن أبي الدرداء، عن أبيه قال: نال رجل من عرض رجل(١) عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فرد رجل من القوم عليه، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من رد عن عرض أخيه كان له حجابا من النار.

٣ - قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويه رحمه الله عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي قال: حدثنا سليمان ابن سلمة الكندي، عن محمّد بن سعيد بن غزوان وعيسى بن أبي منصور، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: نفس المهموم لظلمنا تسبيح، وهمه لنا عبادة، وكتمان سرنا جهاد في سبيل الله. ثم قال أبوعبداللهعليه‌السلام : يجب أن يكتب هذا الحديث بالذهب.

٣ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدثنا أبوعوانة موسى بن يوسف القطان قال: حدثنا أحمد بن يحيى الاودي قال: حدثنا إسماعيل بن أبان(٢) قال: حدثنا عليّ بن هاشم بن البريد، عن أبيه، عن عبد الرزاق بن قيس الرحبي(٣) قال: كنت

____________________________

(١) نال من عرض فلان: سبه.

(٢) هو اسماعيل بن أبان الوراق الازدي الكوفى أبوإسحاق المعنون في التقريب والتهذيب المتوفى ٢١٦، وراويه هو أحمد بن يحيى بن زكريا أبوجعفر الاودى الكوفى العابد المتوفى ٢٦٤ وشيخه أبوالحسن على بن هاشم البريدى العائذي بالولاء الكوفى الخزاز المعنون في الرجال المتوفى ١٨١.

(٣) كذا في النسخ، وفى أمالى الطوسى: « عبد الرحمن بن قيس الرحبى » وكذا في بشارة المصطفى الا أن فيه « الارحبي » وقال ابن حجر في اللسان ج ٣ ص ٣٢٦: « عبد الرحمن بن قيس الارحبي يروى عنه هاشم بن بريد الخ ». وفى اللباب لابن الاثير وتهذيب التهذيب « أبوعلى الحسين بن قيس الرحبى » وكيف كان لم نقف على عنوان عبد الرزاق.

٣٣٨

جالسا مع عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام على باب القصر، حتّى ألجأته الشمس إلى حائط القصر، فوثب ليدخل، فقام رجل من همدان فتعلق بثوبه وقال: يا أمير المؤمنين حدثني حديثا جامعا ينفعني الله به، قال: أو لم يكن في حديث كثير(١) ؟ قال: بلى ولكن حدثني حديثا جامعا [ ينفعني الله به ]. قال: حدثني خليلي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) : « إني أرد أنا وشيعتي الحوض رواء مرويين، مبيضة وجوههم، ويرد عدونا ظماء مظمئين(٣) ، مسودة وجوههم ». خذها إليك قصيرة من طويلة، أنت مع من أحببت، ولك ما اكتسبت، أرسلني يا أخا همدان. ثم دخل القصر.

٥ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن محمّد الكاتب قال: أخبرني الحسن بن عليّ الزعفراني، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن يوسف بن كليب، عن معاوية بن هشام، عن الصباح بن يحيى المزني، عن الحارث بن حصيرة قال: حدثني جماعة من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال يوما: ادعوا [ لي ](٤) غنيا وباهلة(٥) وحيا آخر قد سماهم فليأخذوا عطاياهم، فوالّذي

____________________________

(١) الظاهر معناه: أو لم يكن ما تنتفع به في كثير من الاحاديث حتّى تسأل عن حديث جامع لذلك ؟ وفى بعض النسخ « لم تكن ». وفى بعضها « لم نكن ».

(٢) في نسخة « سمعت خليلي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: انى » كأنه تصحيف « انه ».

(٣) الرواء بالكسر جمع الريان وهو ضد العطشان. والظماء بالكسر جمع ظمآن وهو العطشان وظمآنة للمذكر والمؤنث. وينبغى التدبر في الحديث جدا حيث أنهعليه‌السلام لم يرو له حديثا من مكارم الاخلاق أو خبرا متضمنا لبعض آداب الاعمال بل حدثه بحديث الولاية التي هي الحجر الاساسى لقوام الاسلام ورأس كل أمر من اموره فمن لم يكن له نصيب منها فليس من حقيقة الاسلام في شئ وماله في الاخرة من خلاق.

(٤) ساقط في النسخ، وموجود في الغارات.

(٥) غنى على وزان فعيل حى من غطفان، وباهلة قبيلة من عيلان وهو في الاصل اسم امرأة من همدان كانت تحت معن بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان، فنسب ولده إليها، وكان العرب يستنكفون من الانتساب إلى باهلة، كأنها ليست فيما بينهم من الاشراف حتّى قال قائلهم: وما ينفع الاهل من هاشم * إذا كانت النفس من باهلة وقال آخر: ولو قيل للكلب: يا باهلي * عوى الكلب من لؤم هذا النسب

٣٣٩

فلق الحبة(١) وبرأ النسمة ما لهم في الاسلام نصيب، وإني شاهد ومنزلي(٢) عند الحوض وعند المقام المحمود أنهم أعداء في الدنيا والآخرة، ولآخذن غنيا أخذة تضرط باهلة(٣) ، ولئن ثبتت قدماي لاردن قبائل إلى قبائل، وقبائل إلى قبائل، ولابهرجن ستين قبيلة ما لها في الاسلام نصيب(٤) .

٦ - قال: أخبرني أبوعمرو عثمان بن أحمد الدقاق إجازة قال:(٥) أخبرنا جعفر بن محمّد بن مالك قال: حدثنا أحمد بن يحيى الاودي قال: حدثنا مخول ابن إبراهيم، عن الربيع بن المنذر، عن أبيه، عن الحسين بن عليّعليهما‌السلام قال:

____________________________

(١) في الغارات وأمالي الشيخ: « فليأخذوا أعطياتهم فوالّذي فلق الحبة الخ »، وهى جمع أعطية وهى جمع العطاء. قال في الاقرب: قيل: العطاء ما يخرج للجندي في كل سنة أو شهر والرزق يوما بيوم.

(٢) في بعض النسخ « ومتولي »، وفى أمالى الطوسى والبحار: « واني شاهد في منزلي عند الحوض الخ ». وفى الغارات:« وانى شاهد لهم في منزلي عند الحوض الخ ».

(٣) قال في البحار: « تضرط باهله لعله كناية عن شدة الخوف كما هو المعروف، أي تخاف من تلك الاخذة قبيلة باهلة، ويمكن أن يقرأ بأهله باضافة الاهل إلى الضمير. ويقال: بهرج دمه، أي أبطله ».

(٤) رواه في الغارات ج ١ ص ٢٠ - ٢٢، وليراجع في تحقيق كلامه (عليه‌السلام ) فيهما تعليقة ٧ منه للاستاذ المرحوم المحدث الارموى.

(٥) كأن فيه سقطا والساقط ابن عقدة.

٣٤٠