الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد0%

الأمالي الشيخ المفيد مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 357

الأمالي الشيخ المفيد

مؤلف: أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبرى البغدادى (الشيخ المفيد)
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف:

الصفحات: 357
المشاهدات: 47684
تحميل: 5975


توضيحات:

الأمالي الشيخ المفيد المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 357 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 47684 / تحميل: 5975
الحجم الحجم الحجم
الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

فألقت نفسها عليها وشكت إليه ما فعله القوم بها وبكت حتّى بلت تربتهعليه‌السلام بدموعها وندبته، ثم قالت في آخر ندبتها(١) :

قد كان بعدك أنباء و هنبثة(٢)

 

لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب(٣)

إنا فقدناك فقد الارض و ابلها(٤)

 

واختل قومك فاشهدهم فقد نكبوا(٥)

قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا

 

فغبت عنا فكل الخير محتجب

فكنت بدرا و نورا يستضاء به

 

عليك ينزل من ذي العزة الكتب

تجهمتنا رجال(٦) و استخف بنا

 

بعد النبيّ وكل الخير مغتصب

سيعلم المتولي ظلم حامتنا

 

يوم القيامة أني سوف ينقلب(٧)

فقد لقينا الّذي لم يلقه أحد

 

من البرية لا عجم و لا عرب

فسوف نبكيك ما عشنا و ما بقيت

 

لنا العيون بتهمال له سكب(٨)

____________________________

(١) في بعض النسخ « في آخر ندبه » من باب اضافة المصدر إلى المفعول، أي ندبتها اياه.

(٢) الهنبثة: واحدة الهنابث وهي الامور الشدايد المختلفة، والهنبثة: الاختلاط في القول، والنون زائدة.

(٣) الخطب كزفر جمع الخطب بالفتح والسكون وهو الامر الّذي تقع فيه المخاطبة، والشأن والحال، والامر صغر أو عظم وغلب استعماله للامر العظيم المكروه. وفي بعض النسخ « لم يكثر الخطب » على المفرد، وفي بعضها: لم يكبر.

(٤) الوابل: المطر الشديد.

(٥) النكب والنكوب: الاعراض والعدول. تريدعليه‌السلام الّذين نكبوا عن الايمان ورجعوا عن الدين. وفي بعض النسخ الحديث « ولم تغب ».

(٦) أي لقونا بالغلظة والوجه الكريه.

(٧) حامة الانسان: خاصته ومن يقرب منه. والكلام في موضع قوله تعالى: ﴿وَسَيَعْلَمُ الّذينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ﴾ سورة الشعراء: ٢٢٧.

(٨) هملت عينه: فاضت دموعا. والسكب: الهطلان والتقاطر الدائم والسقوط المتتابع.

٤١

 ٩ - قال: أخبرني الشريف أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن طاهر، عن أبي العباس أحمد بن محمّد بن سعيد، عن أحمد بن يوسف الجعفي، عن الحسين بن محمّد، قال: حدثنا أبي، عن آدم بن عيينة بن أبي عمران الهلالي الكوفي قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: كم من صبر ساعة قد أورثت فرحا طويلا وكم من لذة ساعة قد أورثت حزنا طويلا(١) .

١٠ - قال أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد القمي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبدالله(٢) قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسى قال: حدثني هارون بن مسلم، عن عليّ بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: قلت لابي جعفر محمّد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام : إذا حدثتني بحديث فأسنده لي، فقال: حدثني أبي، عن جدي(٣) ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن جبرئيلعليه‌السلام ، عن الله عزّوجلّ، وكل ما أحدثك بهذا الاسناد. وقال: يا جابر لحديث واحد تأخذه عن صادق خير لك من الدنيا وما فيها.

١١ - قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد الحسن، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن موسى بن بكر قال: حدثني من سمع أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: العامل على غير بصيرة كالسائر على سراب بقيعة(٤) لا تزيده سرعة سيره إلا بعدا.

____________________________

(١) المراد من الصبر هو الصبر عن المعصية، ومن اللذة هو اللذة منها.

(٢) كذا والظاهر هنا سقط والصواب: عن أبيه، عن سعد بن عبدالله. لانه يروى عن سعد بواسطة أبيه أو أخيه. وروى عنه أنه قال: ما سمعت من سعد الا أربعة أحاديث. وفي المطبوعة والبحار: « ابن قولويه عن ابن عيسى » فهو كما ترى.

 (٣) في البحار: « حدثني أبى، عن جده، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٤) قال العلامة المجلسي (ره): السراب: هو ما يرى في الفلاة من لمعان الشمس عليها وقت الظهيرة فيظن أنه ماء. يسرب أي يجري. والقيعة بمعنى القاع وهو الارض المستوية، وقيل: جمعه كجار وجيرة. وهو اشارة إلى ما ذكره الله تعالى في أعمال الكفار وعدم انتفاعهم بها حيث قال: ﴿وَالّذينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ اهـ. والاية في سورة نور: ٣٩. والخبر رواه الصدوق (ره) في اماليه المجلس الخامس والستين عن أبيه، عن سعد، عن البرقى، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن طلحة بن زيد عنه (عليه‌السلام ).

٤٢

المجلس السادس

ومما أملاه في يوم الاربعاء التاسع عشر منه، وسمعه أبوالفوارس أبقاه الله تعالى أخبرنا الشيخ الجليل المفيد محمّد بن محمّد النعمان أدام الله تأييده وتوفيقه قراءة عليه

 ١ - قال: أخبرني أبوجعفر محمّد بن عليّ الحسين(١) قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري قال: حدثنا أيوب بن نوح، عن محمّد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي حمزة الثمالي رحمه الله عن عليّ بن الحسين زين العابدينعليهما‌السلام أنه قال يوما لاصحابه: إخواني ! أوصيكم بدار الآخرة، ولا أوصيكم بدار الدنيا فإنكم عليها حريصون وبها متمسكون، أما بلغكم ما قال عيسى ابن مريمعليها‌السلام للحواريين ؟ قال لهم: الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها. وقال(٢) : أيكم يبني على موج البحر دارا ؟ تلكم الدار الدنيا فلا تتخذوها قرارا.

٢ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثني عليّ بن إسماعيل قال: حدثنا محمّد بن خلف(٣) قال: حدثنا حسين الاشقر قال:

____________________________

(١) أبوجعفر الصدوق بابويه (ره) وأمره أشهر من أن يعرف.

(٢) الظاهر أن الضمير راجع إلى عيسىعليه‌السلام .

(٣) هو محمّد بن خلف الحدادى أبوبكر البغدادي المقرى يروى عن الحسين بن الحسن الاشقر الفزارى الكوفى. المعنون هو وراويه في التهذيب وتذهيب الكمال وقد تقدم.

٤٣

حدثنا قيس(١) ، عن ليث بن أبي سليم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الحسين ابن عليّ بن أبي طالبعليهما‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الزموا مودتنا أهل البيت فإنه من لقي الله وهو يحبنا دخل الجنة بشفاعتنا. والّذي نفسي بيده لا ينتفع عبد بعمله إلا بمعرفته بحقنا(٢) .

 ٣ - قال: أخبرني أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن الوليد قال: حدثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: المروة مروتان: مروة الحضر ومروة السفر. فأما مروة الحضر فتلاوة القرآن، و حضور المساجد، وصحبة أهل الخير والنظر في الفقة. وأما مروة السفر: فبذل الزاد، والمزاح في غير ما يسخط الله، وقلة الخلاف على من تصحبه، وترك الرواية عليهم إذ أنت فارقتهم.

٤ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر بن سالم قال: حدثني عليّ بن إسماعيل أبوالحسن الاطروش قال: حدثنا محمّد بن خلف المقري قال: حدثنا حسين الاشقر قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهما‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أنس ادع لي سيد العرب، فقال: يا رسول الله ألست سيد العرب ؟ قال: أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب(٣) ، فدعا عليا فلما جاء عليعليه‌السلام ، قال: يا أنس ادع لي الانصار، فجاؤا فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا معشر الانصار هذا علي سيد العرب فأحبوه لحبي وأكرموه لكرامتي، فإن جبرئيلعليه‌السلام أخبرني

____________________________

(١) هو قيس بن ربيع الاسدي أبومحمّد الكوفي من ولد بن الحارث الاسدي الّذي أسلم وعنده ثمان نسوة.

(٢) تقدم مثله في المجلس الثاني من طريق الجعابي وفيه « الا بمعرفتنا ».

(٣) روى الصدوق في أماليه المجلس العاشر عن عائشة في حديث أنها قالت: فقلت: وما السيد ؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من افترضت طاعته كما افترضت طاعتي ».

٤٤

عن الله عزّوجلّ ما أقول لكم.

٥ - قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويه رحمه الله عن أبيه عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن عبدالله بن مسكان، عن بشير الكناسي، عن أبي خالد الكابلي قال: قال لي عليّ بن الحسينعليهما‌السلام : يا أبا خالد لتأتين فتن كقطع الليل المظلم، لا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، أولئك مصابيح الهدى وينابيع العلم، ينجيهم الله من كل فتنة مظلمة، كأني بصاحبكم(١) قد علا فوق نجفكم بظهر كوفان(٢) في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله(٣) ، وإسرافيل أمامه(٤) ، معه راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد نشرها، لا يهوي بها(٥) إلى قوم إلا أهلكهم الله عزّوجلّ.

٦ - قال: أخبرني أبوحفص عمر بن محمّد بن عليّ الصيرفي قال: حدثنا(٦) جعفر بن محمّد الحسني قال: حدثنا عيسى بن مهران قال: أخبرنا يونس بن محمّد

____________________________

(١) يعني الحجة المهدي الموعود صاحب الزمان سلام الله عليه.

(٢) كوفان: موضعان أحدهما اسم للكوفة والاخر قرية بهراة، والمراد هنا الاول.

(٣) في بعض النسخ: « يساره ».

(٤) فيه اشارة إلى حفظ الله وحراسته له بملائكته المقربين الحافين به وهم يؤيدونه و ينصرونه ويدفعون عنه الاعداء ويكشفون عن وجهه الكروب حتّى يقضى الله أمره فيحصد به فروع الغى والشقاق ويكون الدين كله لله. وفيه اشارة أيضا إلى أن كل من يرفع الراية ويدعى الاصلاح في البسيطة ولم يكن كذلك فليس من الامر في شئ.

(٥) الباء للتعدية أي لا يسقطها أولا يميلها وأهوى بيده إليه أي مدها نحوه.

(٦) في النسخ « أخبرنا » ويظهر مما يأتي كونه « حدثنا » فصحف بأخبرنا. والفرق بينهما أن « أخبرنا » يطلق غالبا إذا كان النقل عن الكتاب باجازة مؤلفه، و « حدثنا » يعم النقل سماعا واجازة.

٤٥

قال: حدثنا عبد الرحمن ابن الغسيل(١) قال: أخبرني عبد الرحمن بن خلاد الانصاري، عن عكرمة، عن عبدالله بن عباس قال: إن عليّ بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب والفضل بن العباس دخلوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الّذي قبض فيه، فقالوا: يا رسول الله هذه الانصار في المسجد تبكي رجالها ونساؤها عليك. فقال: وما يبكيهم ؟ قالوا: يخافون أن تموت، قال: أعطوني أيديكم فخرج في ملحفة وعصابة حتّى جلس على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: « أما بعد، أيها الناس ! فما تنكرون من موت نبيكم ؟ ألم أنع(٢) إليكم وتنع إليكم أنفسكم ؟ لو خلد أحد قبلي ثم بعث إليه(٣) لخلدت فيكم. ألا إني لاحق بربي، وقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله تعالى بين أظهركم، تقرؤونه صباحا ومساء، فلا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا، وكونوا إخوانا كما أمركم الله، وقد خلفت فيكم عترتي أهل بيتي وأنا أوصيكم بهم، ثم أوصيكم بهذا الحي من الانصار(٤) ، فقد عرفتم

____________________________

(١) هو عبد الرحمن بن سليمان بن عبدالله بن حنظلة الانصاري، أبوسليمان المدني، المعروف بابن الغسيل. والغسيل: جد أبيه غسيل الملائكة حنظلة بن أبى عامر، يروى عن عبد الرحمن بن خلاد الّذي ذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه يونس بن محمّد المؤدب البغدادي المعنون في تاريخ بغداد والتذهيب والتهذيب.

(٢) نعى لنا فلانا بناء للفاعل: أخبرنا بوفاته.

(٣) يعنى ثم بعث إليه ملك الموت. والخلود بمعنى الدوام لا البقاء أبدا سرمدا. قال الراغب في مفرداته: « الخلود تبرى الشئ من اعتراض الفساد، وبقاؤه على الحالة التي هو عليها، وكل ما يتباطأ عنه التغيير والفساد، تصفه العرب بالخلود، كقولهم للاثافى: خوالد، وذلك لطول مكثها لا لدوام بقائها ».

(٤) عد أهل اللغة طبقات الانساب ست طبقات: الشعب والقبيلة والعمارة والبطن والفخذ والفصيلة. وربما عبر عن كل واحد من الطبقات الست بالحي، اما على العموم مثل أن يقال: حى من العرب، واما على الخصوص مثل أن يقال: حى من بني فلان. ثم اعلم: الظاهر أن « من » فيه للتبيين لا للتبعيض ليشمل جميع الانصار محسنهم و مسيئهم كما سيأتي.

٤٦

بلاهم(١) عند الله عزّوجلّ وعند رسوله وعند المؤمنين، ألم يوسعوا في الديار ويشاطروا الثمار(٢) ، ويؤثروا وبهم الخصاصة ؟ فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه فليقبل من محسن الانصار، وليتجاوز عن مسيئهم »(٣) . وكان آخر مجلس جلسه حتّى لقي الله عزّوجلّ.

٧ - قال: أخبرني أبوحفص عمر بن محمّد(٤) قال: حدثنا أبوعبدالله جعفر ابن محمّد الحسني قال: حدثنا عيسى بن مهران قال: أخبرنا حفص بن عمر الفرا قال: أخبرنا أبومعاذ الخزاز(٥) ، عن عبيدالله بن أحمد الربعي قال: بينا ابن عباس يخطب الناس بالبصرة، إذ أقبل عليهم بوجهه فقال: أيها الامة المتحيرة

____________________________

(١) المراد بالبلاء هنا المحنة والمشقة، وسمى الغم بلاء من حيث انه يبلى الجسم، قال الله تعالى: ﴿وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ ﴾.

(٢) أي يقاسموا، وفي اللغة « قاسمه المال »: أخذ كل واحد منهما قسمه.

(٣) أي فليرفق بمن كان من الانصار محسنا كان أو مسيئا، فالمحسن فلاستحقاقه الرفق والمسيئ لخدمته السابقة وتحملله المشاق في ايواء المهاجرين عند الهجرة إليهم والانصار هم الّذين قال الله تعالى فيهم: ﴿وَالّذينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ والاية في سورة الحشر: ٩.

(٤) في أمالي ابن الشيخ: « عن المفيد قال: أخبرني المظفر بن أحمد البلخي قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن أحمد بن أبي الثلج قال: حدثنا أبوعبدالله جعفر بن محمّد الحسني قال: حدثنا الخ ».

(٥) في أمالي ابن الشيخ: « معاذ الخزاز قال: حدثني يونس بن عبد الوارث، عن أبيه قال: بينا ». ولم نجد حفص بن عمر الفرا، ويحتمل بعيدا كونه حفص بن عمر بن حكيم الملقب بالكفر أو الكبر المعنون في تاريخ الخطيب، والعلم عند الله.

٤٧

في دينها، أما لو قدمتم من قدم الله، وأخرتم من أخر الله، وجعلتم الوراثة والولاية حيث جعلهما الله(١) لما عال سهم من فرائض الله(٢) ، ولا عال ولي الله(٣) ، ولا اختلف اثنان في حكم الله، ولا تنازعت الامة في شئ من كتاب الله(٤) . فذوقوا وبال ما فرطتم [ فيه ] بما قدمت أيديكم، ﴿وَسَيَعْلَمُ الّذينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ(٥) .

٨ - قال، أخبرني أبوحفص عمر بن محمّد قال: حدثنا أبوعبدالله جعفر بن محمّد قال: حدثنا عيسى بن مهران قال: حدثنا مخول(٦) قال: حدثنا الربيع

____________________________

(١) كذا في المطبوعة وفي جميع النسخ الخطية وفي البحار: جعلها الله.

(٢) العول والتعصيب مسئلتان في فرائض الارث، فالعول عبارة من قصورة التركة عن سهام ذوي الفرائض ولن تقصر الا بدخول الزوج والزوجة، وهو في الشرع ضد التعصيب الّذي هو توريث العصبة ما فضل عن ذوي السهام، وهما باطلان عند الشيعة الامامية وفي ذلك مسائل من كتاب الارث. والمراد هنا انه ليؤتى كل ذي حق حقه ولم ينقص من نصيبه شئ.

(٣) عال الرجل: كثر عياله، ولعل المراد هنا الفقر.

(٤) لان الامام ميزان في تمييز الحق والصواب عن الباطل والفساد، وانه يفصل بين الامة فيما هم فيه يختلفون.

(٥) الشعراء: ٢٢٧ والحديث يأتي بسند آخر في المجلس الرابع والثلاثين من الكتاب ان شاء الله.

(٦) وزان « محمّد » وقيل بكسر أوله وزان « مخنف » ولم نجد في كتب الرجال « مخولا » الا مخول بن راشد الكوفي الحناط وهو عامى نسب إلى التشيع، والظاهر هو غير هذا لما في أمالي ابن الشيخ في غير موضع « مخول بن ابراهيم، عن الربيع ابن المنذر، عن أبيه، عن الحسين بن عليّ الخ » راجع أواخر المجلس الرابع منه، ولم نجد أيضا « الربيع بن المنذر » فيما عندنا من كتب الرجال.

٤٨

ابن المنذر، عن أبيه قال: سمعت الحسن بن عليّعليهما‌السلام يقول: إن أبا بكر وعمر عمدا إلى هذا الامر وهو لنا كله(١) ، فأخذاه دوننا وجعلا لنا فيه سهما كسهم الجدة(٢) ، أما والله لتهمنهما(٣) أنفسهما يوم يطلب الناس فيه شفاعتنا.

٩ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالحسين العباس بن المغيرة قال: حدثنا أبوبكر أحمد بن منصور الرمادي قال: حدثنا سعيد بن عفير(٤) قال: حدثني ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن ابن أبي هلال، عن مروان بن عثمان قال: لما بايع الناس أبا بكر دخل عليعليه‌السلام والزبير و المقداد بيت فاطمةعليها‌السلام ، وأبوا أن يخرجوا، فقال عمر بن الخطاب: اضرموا عليهم البيت نارا(٥) ، فخرج الزبير ومعه سيفه، فقال أبوبكر: عليكم بالكلب، فقصدوا نحوه، فزلت قدمه وسقط إلى الارض ووقع السيف من يده، فقال

____________________________

(١) عمدا إلى هذا الامر أي قصداه ونوياه. وقوله « هو لنا كله » على ما أوصى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وبلغ عن الله رسالته في خبر الغدير وغيره.

(٢) سهم الجدة من الميراث السدس، روى الجمهور عن قبيصة بن ذويب قال: جاءت الجدة أم الام، أو أم الاب إلى أبى بكر فسألته ميراثها من ابن ابنها أو ابن بنتها، فقال لها: مالك في كتاب الله شئ وما علمت لك في سنة رسول الله شيئا فارجعي حتّى أسأل الناس، فقال المغيرة: حضرت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أعطاها السدس، فقال: هل معك غيرك ؟ فقام محمّد بن مسلمة وقال مثل ما قال المغيرة، فأنفذه لها أبوبكر. راجع سنن النسائي وابن ماجه والترمذي. ومرادها (عليه‌السلام ) أن زعمه في أمرنا كزعمه في سهم الجدة.

(٣) أهمه الامر: أقلقه وأحزنه.

(٤) هو سعيد بن كثير بن عفير مصغرا ابن مسلم الانصاري مولاهم أبوعثمان المصرى، يروى عن عبدالله بن لهيعة بفتح اللام وكسر الهاء أبي عبد الرحمن القاضي و روى هو عن خالد بن يزيد المصري وهو عن سعد بن أبي هلال المصرى الليثى مولاهم وهو عن مروان بن عثمان بن أبي سعيد الانصاري.

(٥) راجع الامامة والسياسة أوائل الجزء الاول.

٤٩

أبو بكر: اضربوا به الحجر، فضرب بسيفه الحجر حتّى انكسر. وخرج علي ابن أبي طالبعليه‌السلام نحو العالية(١) فلقيه ثابت بن قيس بن شماس(٢) ، فقال: ما شأنك يا أبا الحسن ؟ فقال: أرادوا أن يحرقوا علي بيتي وأبو بكر على المنبر يبايع له ولا يدفع عن ذلك ولا ينكره، فقال له ثابت: ولا تفارق كفي يدك حتّى أقتل دونك، فانطلقا جميعا حتّى عادا إلى المدينة وإذا فاطمةعليها‌السلام واقفة على بابها، وقد خلت دارها من أحد من القوم وهي تقول: لا عهد لي بقوم أسوا محضرا منكم، تركتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم لم تستأمرونا(٣) وصنعتم بنا ما صنعتم ولم تروا لنا حقا.

١٠ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالحسين العباس بن المغيرة قال: حدثنا أبوبكر أحمد بن منصور الرمادي قال: حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد بن زيد(٤) ، عن يحيى بن سعيد، عن عاصم ابن عبيدالله، عن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان، عن أبيه، عن عثمان بن عفان قال: أنا آخر الناس عهدا بعمر بن الخطاب، دخلت عليه ورأسه في حجر

____________________________

(١) كل ما كان من جهة نجد من المدينة من قراها وعمائرها إلى تهامة فهو العالية وكل ما كان دون ذلك فهو السافلة.

(٢) صحابي انصاري خزرجي وكان خطيب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واستشهد باليمامة فنفذت وصيته بمنام رآه خالد بن الوليد.

(٣) أي اتفقتم فيما بينكم ثم قضيتم أن لا تعطونا أمرا ويكون لكم الملك والحكم خاصة دوننا، أو لم تطلبوا منا الامر والامير ولم تشاورونا. وفي بعض النسخ والبحار: « لم تستأمروه » اي قطعتم أمرا لاحظ لكم فيه ولم يطلب منكم فيه أمر. وفي بعض النسخ: « لمن تستأمروه » أي شاورتم ثم جزمتم رأيكم على أنكم لمن وليتم هذا الامر دوننا.

(٤) هو حماد بن زيد بن درهم الازدي أبواسماعيل الجهضمي البصري الازرق روى عن يحيى بن سعيد الانصاري. وروى عنه سليمان بن حرب الازدي البصري القاضي.

٥٠

ابنه عبدالله وهو ملول(١) فقال له: ضع خدي بالارض، فأبى عبدالله، فقال له: ضع خدي بالارض لا أم لك(٢) فوضع خده على الارض، فجعل يقول: ويل أمي، ويل أمي إن لم تغفر لي، فلم يزل يقولها حتّى خرجت نفسه.

١١ - قال: أخبرني أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمّد بن يحيى العطار قال: حدثنا محمّد بن أبي الصهبان،(٣) عن محمّد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعود لم يره(٤) .

١٢ - قال: أخبرني أبوجعفر محمّد بن عليّ قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن الوليد قال: حدثنا محمّد بن الحسن الصفار قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن حماد بن عثمان، عن زرارة بن أعين قال قال لي أبوجعفر محمّد بن عليّعليهم‌السلام : يا زرارة إياك وأصحاب القياس في الدين(٥) ، فإنهم تركوا علم ما وكلوا به وتكلفوا ما قد كفوه(٦) ، يتأولون الاخبار،

____________________________

(١) في بعض النسخ: « هو يولول ».

(٢) هذا ذم وسب، أي أنت لقيط لا تعرف لك أم.

(٣) يعنى محمّد بن عبد الجبار القمى.

(٤) أي لاجل أمر غير حاضر بل غائب عن حس البصر.

(٥) قال في المعالم: القياس هو الحكم على معلوم بمثل الحكم الثابت لمعلوم آخر، لاشتراكهما في علة الحكم. فموضع الحكم الثابت يسمى أصلا، وموضع الاخر يسمى فرعا، والمشترك جامعا وعلة، وهي اما مستنبطة أو منصوصة. وقد أطبق أصحابنا على منع العمل بالمستنبطة الا من شذ، وحكى اجماعهم فيه غير واحد منهم، وتواتر الاخبار بانكاره عن أهل البيتعليهم‌السلام . وبالجملة فمنعه يعد من ضروريات المذهب، واما المنصوصة ففي العمل بها خلاف بينهم، فظاهر كلام المرتضى كلام المرتضى (ره) المنع منه أيضا.

(٦) قال بعض الافاضل: لعل المراد انهم تركوا علم ما يجب معرفته أي معرفة الامام ومن يحب الرجوع إليه في أمر الدين وتكلفوا ما قد بينه الائمةعليهم‌السلام ومن عنده علم الكتاب.

٥١

ويكذبون على الله عزّوجلّ، وكأني بالرجل منهم ينادي من بين يديه فيجيب من خلفه، وينادي من خلفه فيجيب من بين يديه، قد تاهوا وتحيروا في الارض والدين.

١٣ - قال: أخبرني أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين قال: حدثنا محمّد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لعن الله أصحاب القياس، فإنهم غيروا كلام الله وسنة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله واتهموا الصادقين في دين الله عزّوجلّ(١) .

١٤ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدثني محمّد بن أحمد بن خاقان النهدي قال: حدثني سليم الخادم في درب الحب،(٢) عن إبراهيم بن عقبة بن جعفر، عن محمّد بن نضر بن قرواش النهدي الجمال الكوفي، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: إن صاحب الدين فكر فعلته السكينة، واستكان فتواضع، وقنع فاستغنى ورضي بما أعطي، وانفرد فكفي الاخوان، ورفض الشهوات فصار حرا، وخلع الدنيا فتحامى الشرور(٣) ، واطرح الحسد فظهرت المحبة، ولم يخف الناس فلم يخفهم، ولم يذنب إليهم فسلم منهم، وسخت نفسه عن كل شئ ففاز(٤) واستكمل الفضل، وأبصر العافية فأمن الندامة(٥) .

____________________________

(١) لانهم لم يقبلوا من الصادقينعليه‌السلام ما نقلوه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيلجئون إلى القياس والرأي زعما منهم عدم ورود النص منهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٢) لم نعرفه، ويحتمل كونه سليم مولى عليّ بن يقطين.

(٣) في الخطية: « فتحامى السرور » بالسين المهلمة.

(٤) في البحار: « وسخط نفسه » واحتمل (ره) تصحيفه كما يأتي.

(٥) قوله: « فكر » أي في خساسة أصله ومعائب نفسه وعاقبة أمره أوفى الدنيا وفنائها ومعايبها. « فعلته » أي غلبت عليه السكينة واطمئنان النفس وترك العلو والفساد. « واستكان » أي خضع فذلت نفسه وترك التكبر فتواضع عند الخالق والخلق. « وانفرد » أي عن الناس واعتزل عنهم أو عن علائق الدنيا. وفي بعض النسخ « كفى أحزانه » أي فارتفعت عنه أحزانه التي كانت تلزم لتحصيلها. « فصار حرا » اي من رق الشهوات. « فتحامى الشرور » أي احترز عن الشرور ومنع نفسه منها فان الشرور كلها تابعة لحب الدنيا، وفي بعض النسخ بالسين المهملة أي السرور بلذات الدنيا والاول أظهر. « ولم يخف الناس » على بناء الافعال « فلم يخفهم » على بناء المجرد. « عن كل شئ » « عن » للبدل، أي بدلا عن سخط كل شئ، ولا يبعد أن يكون « وسخت نفسه » بالتاء المنقوط فصحف منهم. « وأبصر العافية » أي عرف أن العافية في أي شئ واختارها فلم يندم على شئ (البحار).

٥٢

 ١٥ - قال أخبرني أبوجعفر محمّد بن علي، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن محمّد بن مروان، عن [ زيد بن ] أبان بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر الباقرعليهما‌السلام قال: لما حضر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الوفاة نزل جبرئيلعليهم‌السلام فقال له جبرئيل: يا رسول الله هل لك في الرجوع ؟ قال: لا، قد بلغت رسالات ربي. ثم قال له: [ يا رسول الله ] أتريد الرجوع إلى الدنيا ؟ قال: لا، بل الرفيق الاعلى. ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للمسلمين وهم مجتمعون حوله: أيها الناس [ إنه ] لا نبي بعدي، ولا سنة بعد سنتي، فمن ادعى ذلك فدعواه وبدعته في النار، ومن ادعى ذلك فاقتلوه، ومن اتبعه فانهم في النار(١) . أيها الناس أحيوا القصاص، وأحيوا الحق، ولا تفرقوا، وأسلموا وسلموا تسلموا، ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ(٢) .

١٦ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالعباس

____________________________

(١) يدل على أمرين: ١ - أن سنة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حجة. ٢ - أن الاجتهاد الّذي في مقابل النصح وما وضح من السنة باطل وحرام وبدعة، وكل بدعة ضلالة، وصاحبها في النار وكذا تابعه وحاميه ومحبه كلهم في النار.

(٢) اقتباس من سورة المجادلة، الاية ٢١.

٥٣

أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدثنا جعفر بن عبدالله(١) قال: حدثني أخي محمّد بن عبدالله قال: حدثنا إسحاق بن جعفر بن محمّد، عن محمّد بن هلال المذحجي قال: قال لي أبوك جعفر بن محمّد الصادقعليهما‌السلام : إذا كانت لك حاجة فاغد فيها، فإن الارزاق تقسم قبل طلوع الشمس، وإن الله تعالى بارك لهذه الامة في بكورها، وتصدق بشئ عند البكور، فإن البلاء لا يتخطى الصدقة.

المجلس السابع

ومما أملاه في يوم السبت الثاني والعشرين منه، وسمعه أبوالفوارس أبقاه الله تعالى، أخبرنا الشيخ الجليل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثي أدام الله تأييده وتوفيقه قراءة عليه

 ١ - قال: أخبرني أبوغالب أحمد بن محمّد الزراري رحمه الله قال: حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان، عن صالح بن يزيد، عن أبي عبدالله الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: سمعته يقول: تبحروا قلوبكم(٢) فإن أنقاها الله من حركة الواجس لسخط شئ من صنعه(٣) فإذا وجدتموها كذلك. فاسألوه ما شئتم(٤) .

____________________________

(١) جعفر بن عبدالله المحمّدي العلوى كان فقيها وأوثق الناس في حديثه.

(٢) التبحر في الشئ: التعمق فيه والتوسع كما في اللغة، وفي ثالث الاقرب: « تبحر الخبر: تطلبه »، ولعل المراد هنا الاستخبار. وقوله: « أنقاها الله » يعني نظفه واختاره. وقد يخطر بالبال أن قوله « تبحروا » مصحف « تخبروا » بالشد بمعنى استخبروا.

(٣) في نسخة: « فان أنقاها من حركة الواحش لسخط شئ من صنع الله » وما اخترناه في المتن اصح لعدم مرجع الضمير في « أنقاها » في النسخة. والمراد بحركة الواجس اضطراب الرجل الّذي أحس من قلبه الفزع والخوف. قال الله تعالى: ﴿فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ ﴾.

(٤) يعني استخبروا قلوبكم وتأملوا فان وجدتموها نقية من الاضطراب والوحشة في قبول ما شاء الله أو يشاء وذا طمأنينة عندما فعل أو يفعل سبحانه بكم فاسألوه ما شئتم عند ذاك.

٥٤

 ٢ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن خالد المراغي قال: حدثنا أبوالقاسم الحسن بن عليّ الكوفي قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مروان الغزال(١) قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عبيد بن خنيس العبدي(٢) قال: حدثنا صباح بن يحيى المزني عن عبدالله بن شريك، عن الحارث بن ثعلبة قال: قدم رجلان يريدان مكة والمدينة في الهلال أو قبل الهلال، فوجد الناس ناهضين إلى الحج. قال: [ قالا: ](٣) فخرجنا معهم فإذا نحن بركب فيهم رجل كأنه أميرهم، فانتبذ منهم(٤) فقال: كونا عراقيين، قلنا: نحن عراقيان، قال: كونا كوفيين، قلنا: نحن كوفيان، قال: ممن أنتما ؟ قلنا: من بني كنانة، قال: من أي بني كنانة ؟ قلنا: من بني مالك بن كنانة، قال: رحب على رحب وقرب على قرب(٥) ، أنشدكما بكل كتاب منزل ونبي مرسل أسمعتما عليّ بن أبي طالب يسبني أو يقول: إنه معادي ومقاتلي ؟ قلنا: من أنت ؟ قال: أنا سعد بن أبي وقاص، قلنا: لا، ولكن سمعناه يقول: « اتقوا فتنة الاخينس »(٦) . قال: الخنيس كثير ولكن سمعتماه يضني باسمي ؟ قالا: [ قلنا ] لا، قال: الله أكبر، الله أكبر، قد ضللت إذن، وما أنا من المهتدين إن أنا قاتلته بعد أربع سمعتهن من

____________________________

(١) عنونه الخطيب بترجمة اسحاق بن مروان أخيه، وقال: وهو أخو جعفر بن محمّد بن مروان. وهما عن أبيهما راجع ج ٦ ص ٣٩٣.

(٢) لم نجده ويحتمل بعيدا كونه عبيد بن الحسن الكوفي المعنون في الرجال.

(٣) ما بين المعقوفين ساقط من النسخ أضفناه ليستقيم المعنى ههنا وفيما يأتي.

(٤) الركب جمع الراكب. وانتبذ عن القوم: تنحى ناحية، وانتبذ مكانا أي اتخذه بمعزل يكون بعيدا.

(٥) يعني أتيتم أهلا على أهل وصادفتم سعة على سعة، أو صادفت سعة على سعة وقربا على قرب.

(٦) الخنس بالتحريك: تأخر الانف عن الوجه مع ارتقاع في الارنبة. والرجل أخنس والجمع خنس بالضم.

٥٥

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه، لان تكون لي واحدة منهن أحب إلي من الدنيا وما فيها أعمر فيها عمر نوح. قلنا: سمهن [ لنا ]، قال: ما ذكرتهن إلا وأنا أريد أن أسميهن: بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر ببراءة لينبذ إلى المشركين، فلما سار ليله أو بعض ليله بعث بعلي بن أبي طالب نحوه فقال: اقبض ببراءة منه واردده إلي. فمضى إليه أمير المؤمنينعليه‌السلام فقبض براءة منه ورده إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلما مثل بين يديهعليه‌السلام بكى(١) ، وقال: يا رسول الله أحدث في شئ أم نزل في قرآن ؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لم ينزل فيك قرآن [ و ] لكن جبرئيلعليه‌السلام جاءني عن الله عزّوجلّ فقال: لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، وعلي مني وأنا من علي، ولا يؤدي عني إلا علي »(٢) . قلنا له: وما الثانية ؟ قال: كنا في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وآل علي وآل أبي بكر وآل عمر وأعمامه، قال: فنودي فينا ليلا اخرجوا من المسجد إلا آل رسول الله وآل علي، قال: فخرجنا نجر قلاعنا(٣) ، فلما أصبحنا أتاه عمه حمزة فقال: يا رسول الله أخرجتنا وأسكنت هذا الغلام، ونحن عمومتك ومشيخة أهلك ؟ ! فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما أنا أخرجتكم، ولا أنا أسكنته ولكن الله عزّوجلّ أمرني بذلك ». قلنا له: فما الثالثة ؟ قال: بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله برايته إلى خيبر مع أبي بكر فردها، فبعث بها مع عمر فردها، فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: « لاعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله، كرارا

____________________________

(١) يعنى أبا بكر.

(٢) وذلك لما كان المعاهدة بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه وبين المشركين بامضاء الطرفين فلا يمكن عندهم الغاؤها وابطالها لغيرهما الا لمن يكون هو بمنزلتهما، وعلىعليه‌السلام هو بمنزلة نفس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله دون أبي بكر وغيره من الصحابة.

(٣) قال الجزري: « وفي حديث سعد قال: لما نودي: ليخرج من في المسجد الا آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم وآل على، خرجنا من المسجد نجر قلاعنا أي كنفنا وأمتعتنا، واحدها: قلع بالفتح، وهو الكنف يكون فيه زاد الراعى ومتاعه ».

٥٦

غير فرار(١) ، لا يرجع حتّى يفتح الله على يديه ». قال: فلما أصبحنا جثونا على الركب(٢) فلم نره يدعو أحدا منا، ثم نادي أين عليّ بن أبي طالب ؟ فجئ به وهو أرمد(٣) . فتفل في عينه، وأعطاه الراية ففتح الله على يد [ ي‍ ] هـ. قلنا: فما الرابعة ؟ قال: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج غازيا إلى تبوك واستخلف عليا على الناس فحسدته قريش، وقالوا: إنما خلفه لكراهية صحبته قال: فانطلق في أثره حتّى لحقه فأخذ بغرز ناقته(٤) ، ثم قال: إني لتابعك، قال: ما شأنك ؟ فبكى وقال: إن قريشا تزعم أنك إنما خلفتني لبغضك لي وكراهيتك صحبتي(٥) . قال: فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مناديه فنادى في الناس، ثم قال: أيها الناس افيكم أحد إلا وله من أهله خاصة ؟ قالوا: أجل، قال: فإن عليّ بن أبي طالب خاصة أهلي وحبيبي إلى قلبي. ثم أقبل على أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال له: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي(٦) ؟ ! فقال عليعليه‌السلام : رضيت عن الله ورسوله. ثم قال سعد: هذه أربعة، وإن شئتما حدثتكما بخامسة. قلنا: قد شئنا ذلك. قال: كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حجة الوداع، فلما عاد نزل

____________________________

(١) الكرة: الرجعة والجمع كرات مثل مرة ومرات، أي يرجع إلى قتل الاعداء مرة بعد مرة ولا يفر من الزحف أبدا.

(٢) جثا يجثو: جلس على ركبتيه أو قام على أطراف أصابعه.

(٣) الرمد: هيجان العين، كل ما يؤلمها، والرجل رمد وأرمد.

(٤) الغرز بالفتح: ركاب كور الجمل إذا كان من جلد أو خشب.

(٥) لا يقال: ان علياعليه‌السلام هو الّذي لا تأخذه في الله لومة لائم، فكيف انزعج من القول الزور فيه، فربما فعل ذلك حتّى ينص رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليه نصا يفحم بذلك المقلقين ويكون ذلك له معتصما لاثبات خلافته عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيما بعد.

(٦) لنا معاشر الامامية في اثبات امامتهعليه‌السلام بذلك كلام أورده المحدثون والمتكلمون في كتبهم وأشبعوا القول فيه، ولولا خوف الملال وضيق المجال لنورده هناك وان اردت الاطلاع فراجع: معاني الاخبار للصدوق (ره): ٧٤ والاقتصاد للطوسي (ره): ٢٢٢ وكنز الفوائد للكراجكي (ره): ٢٧٤.

٥٧

غدير خم، وأمر مناديه فنادى في الناس: « من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله ».

٣ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن خالد المراغي القلانسي قال: حدثنا أبوالقاسم الحسن بن عليّ بن الحسن(١) قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مروان قال: حدثنا أبي قال: حدثنا إسحاق بن يزيد قال: حدثنا خالد بن مختار(٢) قال: حدثنا الاعمش، عن حبة العرني قال: سمعت حذيفة بن اليمان قبل أن يقتل عثمان بن عفان بسنة وهو يقول: كأني بأمكم الحميراء قد سارت يساق بها على جمل وأنتم آخذون بالشوى والذنب، معها الازد(٣) ادخلهم الله النار، وأنصارها بنوضبة(٤) جد الله أقدامهم. قال: فلما كان يوم الجمل وبرز الناس بعضهم لبعض نادى منادي أمير المؤمنين

____________________________

(١) لم نعرفه، وفي أوائل المجلس الخامس من أمالي ابن الشيخ في سند: عن المراغى، عن الحسن بن عليّ بن الحسين الكوفي بدون الكنية. ولا يبعد اتحادهما، وفي موضع آخر: عن المراغى، عن أبي القاسم عليّ بن الحسن الكوفي، كما ذكر في هذا الكتاب كرارا. وهو غير ابن فضال ظاهرا لاختلاف الكنية.

(٢) لم نجده وكانه خالد بن مخلد القطواني والعلم عند الله.

(٣) الشوى بفتح الشين المعجمة: الاطراف والجوانب. والازد قبيلة نسبوا إلى أزد شنوءة بفتح الالف والسكون الزاى وهو أزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ.

(٤) بنو ضبة بطن من طابخة من العدنانية وقد تقدم. والجد بالجيم المعجمة والدال المهملة المشددة: القطع، ومثله « الجذ » بالمعجمة، وهذا دعاء عليهم.

٥٨

صلوات الله عليه: لا يبدأن أحد منكم بقتال حتّى آمركم(١) . قال: فرموا فينا: فقلنا: يا أمير المؤمنين قد رمينا، فقال: كفوا، ثم رمونا فقتلوا منا، قلنا يا أمير المؤمنين قد قتلونا، فقال: احملوا على بركة الله. قال: فحملنا عليهم فأنشب بعضنا في بعض الرماح حتّى لو مشي ماش لمشي عليها، ثم نادي منادي عليعليه‌السلام : عليكم بالسيوف فجعلنا نضرب بها البيض فتنبوا لنا، فنادي منادي أمير المؤمنينعليه‌السلام : عليكم بالاقدام. قال: فما رأينا يوما كان أكثر قطع أقدام منه. قال: فذكرت حديث حذيفة « أنصارها بنو ضبة جد الله أقدامهم » فعلمت أنها دعوة مستجابة. ثم نادى منادي أمير المؤمنينعليه‌السلام : عليكم بالبعير فإنه شيطان. قال: فعقره رجل برمحه، وقطع إحدى يديه رجل آخر فبرك ورغا(٢) وصاحت عائشة صيحة شديدة، فولى الناس منهزمين، فنادى منادي أمير المؤمنينعليه‌السلام : لا تجيزوا على جريح(٣) ، ولا تتبعوا مدبرا، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن.

 ٤ - قال: أخبرني أبوحفص عمر بن محمّد الصيرفي قال: حدثنا محمّد بن همام الاسكافي قال: حدثنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسى

____________________________

(١) انظر إلى سيرتهعليه‌السلام مع مخالفيه واجتنابه عن اهراق الدماء، واثارة نار الحرب وهو مع قدرته وصولته لا يبسط يدا ولا يقدم رجلا ولا يلفظ بكلمة كيلا تنشب نار الحرب بين المسلمين، وصبر على مضض الالم حتّى انفصلت حبل البيعة والوفاء بأيديهم ورمى سهم البغى من أوتارهم، فعند ذاك أجازعليه‌السلام الركوب إليهم، وبعد ما غلب وانهزم القوم أمر بأن لا يجهز على جريح ولا يتبع مدبر وقال: من أغلق بابه فهو آمن ومن ألقى سلاحه فهو آمن.

(٢) برك البعير: استناخ وهو أن يلصق صدره بالارض. ورغا: أي صوت وضج.

(٣) أجاز على الجريح لغة في أجهز، يقال: أجهز على الجريح إذا شد عليه وأتم قتله.

٥٩

الاشعري، عن عليّ بن النعمان، عن فضيل بن عثمان(١) ، عن محمّد بن شريح قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: إن الله فرض ولايتنا، و أوجب مودتنا. والله ما نقول بأهوائنا، ولا نعمل بآرائنا، ولا نقول إلا ما قال ربنا عزّوجلّ.

٥ - قال: أخبرني أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن الحسين ابن الحسن بن أبان، عن محمّد بن أورمة، عن إسماعيل بن أبان الوراق، عن الربيع بن بدر، عن أبي حاتم، عن أنس بن مالك قال: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أنس أكثر من الطهور يزد الله في عمرك، وإن استطعت أن تكون بالليل والنهار على طهارة فافعل، فإنك تكون إذا مت على الطهارة شهيدا(٢) . وصل صلاة الزوال فإنها صلاة الاوابين(٣) . وأكثر من التطوع(٤) تحبك الحفظة. وسلم على من لقيت يزد الله في حسناتك، وسلم في بيتك يزد الله في بركتك، ووقر كبير المسلمين، وارحم صغيرهم أجئ أنا وأنت يوم القيامة كهاتين، وجمع بين الوسطى والمسبحة(٥) .

____________________________

 (١) هو فضيل بن عثمان الاعور المرادى الّذي يروى عنه عليّ بن النعمان، ثقة.

(٢) في بعض النسخ: « على طهارة ». قال العلامة المجلسي (ره): يدل على ما ذكره الاصحاب من استحباب الوضوء للكون على طهارة، لكن الخبر ضعيف عامى و روى ما هو أقوى منه، ولعلها مع انضمام الشهرة بين الاصحاب تصلح مستندا للاستحباب، لكن الاحوط عدم الاكتفاء به في الصلاة.

(٣) صلاة الزوال هي صلاة الضحى عند ارتفاع النهار وشدة الحر. والاوابين جمع أواب وهو الكثير الرجوع إلى الله تعالى بالتوبة، وقيل: هو المطيع، وقيل: المسبح.

(٤) يعني التطوع بالصلاة، أي أكثر من الصلاة المندوبة.

(٥) قال في النهاية: السباحة والمسبحة: الاصبع التي تلى الابهام، سميت بذلك لانها يشاربها التسبيح.

٦٠