الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد0%

الأمالي الشيخ المفيد مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 357

الأمالي الشيخ المفيد

مؤلف: أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبرى البغدادى (الشيخ المفيد)
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف:

الصفحات: 357
المشاهدات: 47699
تحميل: 5977


توضيحات:

الأمالي الشيخ المفيد المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 357 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 47699 / تحميل: 5977
الحجم الحجم الحجم
الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

 ٦ - قال: أخبرني ابو عبيد الله محمّد بن عمران المرزباني قال: حدثنا أبوالفضل عبدالله بن محمّد الطوسي(١) قال: حدثنا أبوعبد الرحمن عبدالله بن أحمد بن محمّد بن حنبل قال: حدثنا محمّد بن يحيى بن أبي سمينة(٢) قال: حدثنا عبيدالله بن موسى قال: حدثنا مطر الاسكاف(٣) قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أخي ووزيري وخليفتي في أهلي وخير من أترك بعدي، يقضي ديني(٤) وينجز بوعدي عليّ بن أبي طالب.

٧ - قال أخبرني أبوعبيدالله محمّد بن عمران المرزباني قال حدثنا أبوالفضل عبدالله بن محمّد الطوسي [ رحمه الله ] قال: حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا عليّ بن حكيم الاودي قال: أخبرنا شريك(٥) ، عن عثمان بن أبي زرعة، عن سالم بن أبي الجعد قال: سئل جابر بن عبدالله الانصاري وقد سقط حاجباه

____________________________

(١) معنون في تاريخ بغداد ج ١٠ ص ١١٩ بعنوان عبدالله بن محمّد أبوالفضل الفقيه الطوسي.

(٢) صحف في ما عندنا من النسخ « أبي سمينة » وهو مهران البغدادي بأبي شيبة. وشيخه عبيدالله بن موسى كوفى حافظ.

(٣) هو مطر بن ميمون المحاربي، الاسكاف أبوخالد الكوفى. فصحف في النسخ ب‍ « فطر الاسكاف » وفي بعضها ب‍ « الاسكافي ».

(٤) دينهصلى‌الله‌عليه‌وآله هو بعض ما كلفه الله تعالى وأمره به لكن ضاق عليه المجال حتّى وصل بالرفيق الاعلى ولم يف به كقوله تعالى في التوبة: ٧٣ ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ﴾ فان أمير المؤمنين علياعليه‌السلام قضى ذلك حتّى قتل الناكثين والقاسطين والمارقين.

(٥) هو شريك بن عبدالله النخعي أبوعبدالله الكوفى القاضي، ولي القضاء سنة ١٥٥ بواسط ثم ولي قضاء الكوفة ومات بها، عامى وقد ينسب إلى التشيع لقوله بتقدم علىعليه‌السلام على عثمان. يروى عن عثمان بن أبي المغيرة الكوفى الاعشى ويقال له: عثمان بن أبي زرعة. وروى عن شريك عليّ بن حكيم بن ذبيان الاودي أبوالحسن الكوفى.

٦١

على عينيه فقيل له: أخبرنا عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام . [ قال ] فرفع حاجبيه بيديه، ثم قال: ذاك خير البرية، لا يبغضه إلا منافق، ولا يشك فيه إلا كافر.

٨ - قال: أخبرني أبوحفص عمر بن محمّد الصيرفي قال: حدثنا أبوالحسين العباس بن المغيرة الجوهري قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي أبوبكر قال: حدثني أحمد بن صالح قال: حدثنا عنبسة قال: حدثنا يونس، عن ابن شهاب، عن ابن مخرمة(١) الكندي قال: إن عمر بن الخطاب خرج ذات يوم فإذا هو بمجلس فيه علي [ بن أبي طالب ]عليه‌السلام وعثمان وعبد الرحمن وطلحة و الزبير، فقال عمر: أكلكم يحدث نفسه بالامارة بعدي ؟ فقال الزبير: كلنا يحدث نفسه بالامارة بعدك ويراها له أهلا(٢) ، فما الّذي أنكرت ؟ فقال عمر: أفلا أحدثكم بما عندي فيكم ؟ فسكتوا. فقال عمر: ألا أحدثكم عنكم ؟ فسكتوا، فقال له الزبير: حدثنا وإن سكتنا. فقال: أما أنت يا زبير فمؤمن الرضا كافر الغضب، تكون يوما شيطانا ويوما إنسانا، أفرأيت اليوم الّذي تكون فيه شيطانا من يكون الخليفة يومئذ ؟ وأما أنت يا طلحة فوالله لقد توفي رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وإنه عليك لعاتب(٣) .

____________________________

(١) هو مسور بن مخرمة بن نوفل، وقال الزبيري: كان يلزم عمر بن الخطاب و كان من أهل الفضل والدين. وكأن « الكندي » مصحف « الكلابي » لان نوفل هو ابن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب.

(٢) في بعض النسخ: « لانا لا نراها له أهلا » والظاهر أنه تصحيف والصواب: « لانا لا نرى لها أهلا » يعني سوى أنفسنا.

(٣) أشار إلى كلامه على ما نقل: « أينكح محمّد نساءنا ولا ننكح نساءه ؟ والله لئن مات لنكحنا نساءه ». وقالوا: هذا الكلام منه صار سببا لنزول قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّـهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ﴾ الاية الاحزاب: ٥٣. راجع التفاسير.

٦٢

 وأما أنت يا علي فإنك صاحب بطالة ومزاح(١) . وأما أنت يا عبد الرحمن فوالله إنك لما جاءك من خير أهل. وإن منكم لرجلا لو قسم إيمانه بين جند من الاجناد لوسعهم وهو عثمان(٢) .

٩ - قال: أخبرني أبوحفص عمر بن محمّد قال: حدثنا أبوعبدالله جعفر بن محمّد بن جعفر الحسني قال: حدثنا أبوموسى عيسى بن مهران قال: حدثنا أبويشكر البلخي(٣) قال: حدثنا موسى بن عبيدة، عن محمّد بن كعب القرظي عن عوف بن مالك قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم: يا ليتني قد لقيت إخواني، فقال له أبوبكر وعمر: أو لسنا إخوانك ؟ آمنا بك وهاجرنا معك ؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : قد آمنتم وهاجرتم وياليتني قد لقيت إخواني، فأعادا القول ؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنتم أصحابي [ و ] لكن إخواني الّذين يأتون من بعدكم يؤمنون بي ويحبوني وينصروني ويصدقوني وما رأوني، فياليتني قد لقيت إخواني.

١٠ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثني أبوالحسن محمّد بن يحيى التميمي [ قال: حدثنا الحسن بن بهرام ] قال: حدثني الحسن بن يحيى قال:

____________________________

(١) في نهج البلاغة: « عجبا لابن النابغة أراد عمرو بن العاص يزعم لاهل الشام أن في دعابة، وأني امرؤ تلعابة، أعافس وأمارس ! لقد قال باطلا، ونطق آثما » إلى أن قال: « أما والله اني ليمنعني من اللعب ذكر الموت الخ ».

(٢) لا يخفى على النبيه ما في هذا الكلام من شدة حبه إلى تولية عثمان بعده و النص عليها تلويحا. وان أردت أن تقف على صحة هذا القول بمبلغ ايمانه فانظر إلى أعماله بعد خلافته من ضرب عمار، وابن مسعود، ونفيه أبا ذر، وتوليته الفساق من أقربائه، واختصاصه اياهم بغارة بيت مال المسلمين وفيئهم.

(٣) كذا في بعض النسخ وفي بعضها « أبوالشكر » وفي بعضها « أبوشكر » والظاهر هو تصحيف « أبوالسكن مكي بن ابراهيم بن بشر الحنظلي البلخي الحافظ ».

٦٣

حدثني الحسن بن حمدون(١) ، عن محمّد بن إبراهيم بن عبدالله قال: حدثني سدير الصيرفي قال: كنت عند أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام وعنده جماعة من أهل الكوفة، فأقبل عليهم وقال لهم: حجوا قبل أن لا يحجوا. حجوا قبل أن يمنع البر جانبه(٢) . حجوا قبل هدم مسجد بالعراق‍ [ - ين ](٣) بين نخل وأنهار. حجوا

____________________________

(١) أبوالحسن محمّد بن يحيى التميمي لم نجده وذكر في مشايخ الجعابي أبوالحسن عبد الرحمن بن محمّد التميمي كما في تاريخ الخطيب. والحسن بن حمدون أيضا لم نجده. وراويه الحسن بن يحيى مشترك ولا تمييز، وراوي راويه اما نسخة بدل عن الحسن بن يحيى كما ليس في بعض النسخ أو ساقط عن بعضها، وكونه الحسن بن محمّد بن بهرام المعنون في الرجال ليس بمعلوم. والعلم عند الله.

(٢) أي يكون البر محفوظا مصدودا لا يمكن قطعه. وهو اشارة إلى خروج سليمان بن الحسن القرمطى على المكتفى بالله سنة ٣١٢ ومنعه الناس عن الحج. وفي بعض النسخ: البرجانية وهو تصحيف. وما نقل عن بعض أن الكلمة معرب « بريطانيا » وينتظر وقوع منع الحج منهم فتأويل خال عن التحقيق. ويمكن أن يقرأ « البرجائيه ».

(٣) يعني مسجد براثا الواقع في طرف بغداد في قبلة الكرخ وجنوبي باب محول وروى أنه صلى فيه عيسى وأمه وابراهيم الخليلعليهم‌السلام ، وهي أرض أقام فيها أمير المؤمنينعليه‌السلام أربعا مع جيشه حين رجع من النهروان، وله (عليه‌السلام ) كلام مع راهب هناك يسمى الحباب. روى عليّ بن طاووس رحمه الله عن السليلى باسناده عن ابن عمر قال: هدم المنافقون مسجدا بالمدينة ليلا، فاستعظم أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تنكروا ذلك فان هذا المسجد يعمر ولكن إذا هدم مسجد براثا بطل الحج، قيل له: وأين مسجد براثا هذا ؟ قال: في غربي الزوراء من أرض العراق، صلى فيه سبعون نبيا ووصيا، وآخر من يصلي فيه هذا وأشار بيده إلى مولانا عليّ بن أبي طالب (عليه‌السلام ). قال السليلى: فرأيت مسجد براثا وقد هدمه الحنبليون وحفروا وأخذوا أقواما قد حفر لهم قبور فغلبوا أهل الميت ودفنوهم فيه ارادة قبور فيه تعطيل المسجد وتصييره مقبرة، وكان فيه نخل فقطع وأحرق جذوعه وسقوفه، وذلك في سنة اثنتى عشرة وثلاثمائة، فعطل تلك السنة الحج. وقد كان خرج سليمان بن الحسن يعني القرمطى في أول هذه السنة فقطع على الحاج وقتلهم وعطل الحج، ووقع الثلج ببغداد فاحترق نخلهم من البرد فهلك.

٦٤

قبل أن تقطع سدرة بالزوراء نبتت على عسل عروق النخلة التي اجتنت منها مريمعليها‌السلام رطبا جنيا، فعند ذلك تمنعون الحج، وتنقص الثمار، وتجدب البلاد، وتبتلون بغلاء الاسعار، وجور السلطان، ويظهر فيكم الظلم والعدوان، مع البلاء والوباء والجوع، وتظلكم الفتن من جميع الآفاق، فويل لكم يا أهل العراق إذا جاءتكم الرايات من خراسان(١) ، وويل لاهل الري من الترك، وويل لاهل العراق من أهل الري، وويل لهم ثم ويل لهم من الثط(٢) . قال سدير: فقلت: يا مولاي من الثط ؟ قال: قوم آذانهم كآذان الفأر صغرا، لباسهم الحديد، كلامهم [ ك‍ ] كلام الشياطين، صغار الحدق، مردجرد(٣) ، استيعذوا بالله من شرهم، اولئك يفتح الله على أيديهم الدين، ويكونون سببا لامرنا.(٤)

 ١١ - قال أخبرني أبوغالب أحمد بن محمّد قال: حدثني جدي محمّد بن

____________________________

(١) لعله اشارة إلى ثورة أبي مسلم الخراساني.

والعلم عند الله والعسيلة: التسل.

(٢) قال في القاموس: « الثط: الكوسج أو القليل شعر اللحية والحاجبين ».

(٣) المرد بالضم: جمع الامرد، وهو الّذي ليس على بدنه شعر.

والاجرد: ما لا شعر عليه، قصير الشعر.

(٤) في هامش نسخة: « اعلم أن الثط موت تتار، والحديث اخبار عن واقعة هلاكوخان وانقراض دولة بني العباس وانتشار مذهب التشيع وقوته بذلك بتقوية المحقق السعيد نصير الملة والدين الطوسي قدس سره القدوسي، وجزاه عن الاسلام خير الجزاء محمّد تقي الشريف ».

٦٥

سليمان(١) ، قال: أبوجعفر محمّد بن الحسين قال: حدثنا محمّد بن سنان، عن حمزة بن محمّد الطيار قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إنما قدر الله عون العباد على قدر نياتهم، فمن صحت نيته تم عون الله له، ومن قصرت نيته قصر عنه العون بقدر الّذي قصر.

١٢ - قال: أخبرني أبوغالب أحمد بن محمّد قال: حدثنا أبوطاهر محمّد بن سليمان الزراري قال: حدثنا محمّد بن الحسين، عن محمّد بن يحيى(٢) ، عن غياث بن إبراهيم قال: حدثنا خارجة بن مصعب، عن محمّد بن أبي عمير العبدي قال: قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : ما أخذ الله ميثاقا من أهل الجهل بطلب تبيان العلم حتّى أخذ ميثاقا من أهل العلم ببيان العلم للجهال، لان العلم كان قبل الجهل(٣) .

١٣ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن خالد المراغي قال: حدثنا أبوالقاسم الحسن بن عليّ بن الحسن الكوفي قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مروان قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمّد بن إسماعيل الهاشمي، عن عبد المؤمن(٤) ، عن محمّد بن عليّ بن الباقرعليهما‌السلام قال: حدثني جابر بن عبدالله الانصاري قال: قال

____________________________

(١) هو محمّد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين، والظاهر أن المراد بمحمّد بن الحسين هو أبوجعفر الزيات.

(٢) هو محمّد بن يحيى الخزاز الكوفى الثقة، له كتاب، عنه يحيى بن زكريا اللؤلوئى، يروى عن غياث بن ابراهيم أبى محمّد التميمي الاسدي ويروى هو عن خارجة بن مصعب ابن خارجة الضبعي الخراساني السرخسى المعنون في تهذيب التهذيب.

(٣) في المطبوعة: « تبيان العلم للجهال » قال العلامة المجلسي (ره): « وهذا دليل على سبق أخذ العهد على العالم ببذل العلم على أخذ العهد على الجاهل بالتعلم أو بيان لصحته، والمراد أن الله خلق الجاهل من العباد بعد وجود العالم كالقلم واللوح وسائر الملائكة، وكخليفة الله آدم بالنسبة إلى أولاده ».

 (٤) الظاهر كونه عبد المؤمن بن القاسم بن قيس بن فهد الكوفى أبوعبدالله الانصاري، أخو أبى مريم الانصاري، وهو ثقة.

٦٦

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أقربكم مني في الموقف غدا أصدقكم حديثا، وآداكم أمانة، وأوفاكم بالعهد، وأحسنكم خلقا، وأقربكم إلى الناس(١) .

المجلس الثامن

مجلس يوم الاثنين الرابع والعشرين منه، سماعي من إملائه دام توفيقه حدثنا الشيخ الاجل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أدام الله تأييده وتوفيقه في هذا اليوم

 ١ - قال: حدثنا أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين قال: حدثني محمّد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر الباقر محمّد بن علي، عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أسرع الخير ثوابا البر، وأسرع الشر عقابا البغي، وكفى بالمرء عيبا أن ينظر من الناس إلى ما يعمي عنه من نفسه(٢) ، أو يعير الناس بما لا يستطيع تركه، ويؤذي جليسه بما لا يعنيه.

٢ - قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن قال: حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري قال: حدثنا أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : طوبي لشخص نظر إليه الله يبكي(٣) على ذنب من خشية الله، لم يطلع على ذلك الذنب غيره.

٣ - قال: أخبرني أبوجعفر محمّد بن عليّ قال: حدثنا محمّد بن علي،

____________________________

(١) في أمالي ابن الشيخ: « من الناس ».

(٢) في أمالي الطوسي (ره): « أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه ».

(٣) الجملة حال عن شخص، أي نظر إليه الله حالكونه يبكي. و « طوبى » تأنيث « أطيب » أي راحة وطيب عيش حاصل له، وقال الطيبي: « طوبى » فعلى من الطيب، قلبوا الياء واوا للضمة قبلها، قيل معناه أصيب خيرا على الكناية، لان اصابة الخير تستلزم طيب العيش فأطلق اللازم وأريد الملزوم.

٦٧

عن عمه محمّد بن أبي القاسم(١) ، عن محمّد بن عليّ الكوفي، عن محمّد بن سنان، عن أبي النعمان(٢) ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: قال لي: يا أبا النعمان لا يغرنك الناس من نفسك، فإن الامر يصل إليك دونهم، و لا تقطع نهارك بكذا وكذا فإن معك منه يحصي عليك، وأحسن فإني لم أر أشد طلبا ولا أسرع دركا من حسنة محدثة لذنب قديم، إن الله جل وعز يقول: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ(٣) .

٤ - قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسينعليهم‌السلام قال: ذروة الامر(٤)

____________________________

(١) محمّد بن عليّ هو ماجيلويه القمي وعمه محمّد بن أبى القاسم عبيدالله وقيل: عبدالله بن عمران الخبابي البرقى أبوعبدالله الملقب بماجيلويه، وأبو القاسم يلقب بندار، سيد من أصحابنا القميين ثقة عالم فقيه عارف بالادب والشعر (صه).

(٢) يعنى الحارث بن حصيرة العجلى الكوفى الازدي.

(٣) هود: ١١٤. أورده العلامة المجلسي (ره) في باب الحسنات بعد السيئات، ويأتي مثله مع زيادة في المجلس الثالث والعشرين من هذا الكتاب بسند آخر عن ابن أبي يعفور عنه (عليه‌السلام ). والحديث برمته يحث على اغتنام الفرص، والاجتهاد في العمل، وترك ما لا يعني الانسان في دنياه وأخراه، وعدم يأسه من روح الله لذنب صدر منه في الماضي، واتيانه بقدر ما يمكن من الحسنات، ولا يصغر شيئا من طاعة الله لان الحسنات يذهبن السيئات. وقال العلامة المجلسي (ره): قوله: « ولا يغرنك الناس من نفسك » المراد بالناس المادحون الّذين لم يطلعوا على عيوبه، والواعظون الّذين يبالغون في ذكر الرحمة ويعرضون عن ذكر العقوبات، تقربا عند الملوك والامراء والاغنياء. « فان الامر » أي الجزاء والحساب والعقوبات متعلقة بأعمالك « يصل اليك » لا إليهم وان وصل إليهم عقاب هذا الاضلال. « بكذا وكذا » اي بقول اللغو والباطل فان معك من يحفظ عليك عملك فان القول من جملة العمل (المرآة).

(٤) ذروة الامر بالضم وبالكسر: أعلاه، والامر الايمان أو جميع الامور الدينية، أو الاعم منها والدنيوية، وسنامه بالفتح أي أشرفه وأرفعه مستعارا من سنام البعير لانه أعلى عضو منه (المرآة).

٦٨

وسنامه، ومفتاحة، وباب الاشياء(١) ورضا الرحمن تعالى: طاعة الامام بعد معرفته، ثم قال: إن الله تعالى يقول: ﴿مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا(٢) .

٥ - قال أخبرني أبوالحسن عليّ بن محمّد بن حبيش الكاتب(٣) قال: حدثنا

____________________________

(١) في العياشي « باب الانبياء » وهذا أنسب.

(٢) النساء: ٨٠. وطاعة الامام عبارة عن التصديق بامامته والاذعان بولايته والاقرار بتقدمه على جميع الخلق بأمره تعالى والمتابعة لامره ونهيه ووعظه ونصيحته. وهي ذروة أمر الايمان بملاحظة أنها بمنزلة المركب يوصل راكبها إلى سائر منازل العرفان، ومفتاحه من حيث انه ينفتح بها أقفال أبواب العدل والاحسان، وباب الاشياء والشرايع النبوية والاسرار الالهية من حيث أنه لا يجوز لاحد الدخول في الدين ومشاهدة ما فيه بعين اليقين الا بالوصول إلى سدنتها والعكوف على عتبتها، ورضى الرحمن تبارك وتعالى من حيث انها توجب القرب إليه والاستحقاق لما وعده للمطيع من الاجر الجميل والثواب الجزيل. وقال: « بعد معرفته » للتنبيه على أن أصل معرفته تعالى أفضل منها وهي أصل لها. وبالجملة نظام الطاعة موقوف على أصل المعرفة، وكمال المعرفة موقوف على نظام الطاعة. والاستدلال بالاية تأييد لما مر، وحيث ان طاعة الرسول نفس طاعته تعالى، ومن البين أن طاعة الامام نفس طاعة الرسول فطاعة الامام نفس طاعة الله تعالى (شرح المولى صالح للكافى) نقول: ورواه العياشي في تفسيره ج ١ ص ٢٥٩ وتمامه فيه هكذا: « أما لو أن رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدق جميع ماله وحج جميع دهره، ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالة منه إليه ما كان له على الله حق في ثوابه ولا كان من أهل الايمان، ثم قال: أولئك المحسن منهم يدخله الله الجنة بفضله ورحمته ».

(٣) كذا. والظاهر كونه عليّ بن محمّد بن عبدالله أبا الحسن المعروف بابن حبش الكاتب المعنون في تاريخ بغداد الخطيب ج ١٢ ص ٨٧. والله العالم.

٦٩

الحسن بن عليّ الزعفراني(١) قال: حدثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي قال: حدثنا الحسن بن عليّ اللؤلؤي قال: حدثنا يحيى بن المغيرة، عن سلمة بن الفضل(٢) ، عن عليّ بن صبيح الكندي، عن أبي يحيى مولى معاذ بن عفراء الانصاري(٣) قال: إن عثمان بن عفان بعث إلى الارقم بن عبدالله وكان خازن بيت مال المسلمين فقال له: أسلفني(٤) مائة ألف [ ألف ] درهم، فقال له الارقم: أكتب عليك بها صكا(٥) للمسلمين ؟ قال: وما أنت وذاك لا أم لك، إنما أنت خازن لنا. قال: فلما سمع الارقم ذلك خرج مبادرا إلى الناس فقال: أيها الناس عليكم بمالكم، فإني ظننت أني خازنكم و لم أعلم أني خازن عثمان بن عفان حتّى اليوم، ومضى فدخل بيته. فبلغ ذلك عثمان، فخرج إلى الناس حتّى دخل المسجد(٦) ثم رقي المنبر وقال: أيها الناس إن أبا بكر كان يؤثر بني تيم على الناس، وإن عمر كان يؤثر بني عدي على

____________________________

(١) هو الحسن بن عليّ بن عبد الكريم الزعفراني الّذي ذكره الشيخ في الفهرست فيمن روى عن ابراهيم الثقفي صاحب الغارات.

(٢) في بعض النسخ: « الفضيل » وكأنه تصحيف وهو سلمة بن الفضل الابرش قاضى الرى.

(٣) هو مصدع بكسر الاول كمنبر أبويحيى الاعرج المعرقب، عرقبه الحجاج لامتناعه عن سب علي (عليه‌السلام )، مولى معاذ بن حارث بن رفاعة الانصاري البخاري، المعروف بابن عفراء بفتح المهملة وسكون الفاء وهي أمه، ومعاذ صحابي، عاش إلى خلافة عليعليه‌السلام ، وقيل: بعدها، وقيل: بل استشهد في زمن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم (التهذيب). وفي النسخ والبحار: « معاذ بن عفرة » وهو تصحيف. ولم نعثر على عنوان راويه « عليّ بن صبيح الكندي ».

(٤) أسلفه مالا: أقرضه اياه.

(٥) الصك: كتاب الاقرار بالمال أو غير ذلك. وكأنه معرب « چك ».

(٦) في المطبوعة: « حتّى أتى المسجد ».

٧٠

كل الناس، وإني أوثر والله بني أمية على من سواهم. ولو كنت جالسا بباب الجنة ثم استطعت أن ادخل بني أمية جميعا الجنة لفعلت، وإن هذا المال لنا، فإن احتجنا إليه أخذناه وإن رغم أنف اقوام(١) . فقال عمار بن ياسر رحمه الله: معاشر المسلمين اشهدوا أن ذلك مرغم لي، فقال عثمان: وأنت ههنا، ثم نزل من المنبر فجعل يتوطاه برجله حتّى غشي على عمار، واحتمل وهو لا يعقل إلى بيت أم سلمة. فأعظم الناس ذلك وبقي عمار مغمى عليه لم يصل يومئذ الظهر والعصر والمغرب، فلما أفاق، قال: الحمد لله، فقديما أوذيت في الله وأنا أحتسب ما أصابني في جنب الله، بيني وبين عثمان العدل الكريم يوم القيامة. قال: وبلغ عثمان أن عمارا عند أم سلمة، فأرسل إليها فقال: [ م‍ ] ما هذه الجماعة في بيتك مع هذا الفاجر ؟ أخرجيهم من عندك، فقالت: والله ما عندنا مع عمار إلا بنتاه فاجتنبنا يا عثمان واجعل سطوتك حيث شئت، وهذا صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يجود بنفسه من فعالك به. قال: فندم عثمان على ما صنع، فبعث إلى طلحة والزبير فسألهما أن يأتيا عمارا فيسألاه أن يستغفر له. فأتياه فأبى عليهما، فرجعا إليه فأخبراه، فقال عثمان: من حكم الله يا بني أمية يا فراش النار وذباب الطمع شنعتم علي وألبتم(٢) على أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ ثم إن عمارا رحمه الله صلح من مرضه فخرج إلى مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فبينما هو كذلك إذ دخل ناعي أبي ذر على عثمان من الربذة فقال: إن أبا ذر مات بالزبدة وحيدا، ودفنه قوم سفر(٣) ، فاسترجع عثمان وقال: رحمه الله، فقال عمار: رحم الله

____________________________

(١) في نسخة: « وانى أرغم أنف أقوام ».

(٢) في اللغة: ألب من باب « نصر » بمعنى تجمع وتحشد بشد الميم والشين.

(٣) يقال رجل وقوم سفر بالفتح والسكون اي ذو سفر. وهم أحنف بن قيسى التميمي، وصعصعة بن صوحان العبدي، وخارجة بن الصلت التميمي، وهلال بن مالك المزني، وجرير بن عبدالله البجلى، وأسود بن يزيد النخعي، وعلقمة بن قيس النخعي، ومالك الاشتر النخعي.

٧١

أبا ذر من كل أنفسنا، فقال له عثمان: وإنك لهناك بعد، يا عاض أير أبيه(١) ، أتراني ندمت على تسييري إياه ؟ [ ف‍ ] قال له عمار: لا والله ما أظن ذاك، قال: وأنت ايضا فالحق بالمكان الّذي كان فيه أبوذر فلا تبرحه(٢) ماحيينا. قال عمار: أفعل، والله لمجاورة السباع أحب إلي من مجاورتك. قال فتهيأ عمار للخروج وجاءت بنو مخزوم إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فسألوه أن يقوم معهم إلى عثمان يستنزله عن تسيير عمار(٣) ، فقام فسأله فيهم ورفيق به حتّى أجابه إلى ذلك.

٦ - قال: أخبرني الشريف أبوعبدالله محمّد بن الحسن الجواني قال: أخبرني المظفر بن جعفر العلوي العمري قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، أبيه، عن محمّد بن حاتم قال: حدثنا سويد بن سعيد قال: حدثني محمّد بن عبد الرحيم اليماني، عن ابن ميناء(٤) ، عن أبيه، عن عائشة قالت: جاء عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يستأذن على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : فلم يأذن له، فاستأذن دفعة أخرى فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ادخل يا علي فلما دخل قام إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاعتنقه وقبل بين عينيه وقال: بأبي الشهيد، بأبي الوحيد الشهيد.

٧ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن خالد المراغي قال: حدثنا أبوالقاسم الحسن بن عليّ الكوفي قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مروان قال: حدثنا أبي قال: حدثنا إسحاق بن يزيد قال: حدثنا سليمان بن قرم(٥) ، عن أبي

____________________________

(١) في بعض النسخ « ما تبرأت منه » وهو تصحيف.

(٢) برح من باب علم المكان ومنه: زال عنه.

(٣) استنزله عن رأيه: طلب نزوله عنه.

(٤) في الرجال جماعة بهذا العنوان وهم: حكم بن ميناء، وعباس بن عبد الرحمن بن ميناء، وسعيد بن ميناء، وميناء هو ابن أبي ميناء الزهري الخزاز المعنون في التقريب. والظاهر أن المراد هنا سعيد بن ميناء، عن أبيه ميناء بن أبي ميناء الزهري.

(٥) هو سليمان بن قرم بفتح القاف وسكون الراء ابن معاذ، أبوداود البصري النحوي، سيئ الحفظ يتشيع. (التقريب). وشيخه داود بن أبي عوف سويد التميمي البرجمى بضم الموحدة والجيم مولاهم أبوجحاف بالجيم وتشديد المهملة مشهور بكنيته، وهو صدوق شيعي، ربما أخطأ. وقال في الجامع: وثقة ابن عقدة.

٧٢

الجحاف، عن عمار الدهني قال: حدثنا أبوعثمان مؤذن بني أفصى(١) قال: سمعت عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام حين خرج طلحة والزبير لقتاله يقول: عذيري(٢) من طلحة والزبير، بايعاني طائعين غير مكرهين ثم نكثا بيعتي من غير حدث، ثم تلا هذه الآية: ﴿وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ(٣) .

____________________________

(١) بنو أفصى بالفاء والصاد المهملة بطون من القحطانية من أنمار وجذام وخزاعة والاول بنو أفصى بن نذير، والثاني بنو أفصى بن سعد، والثالث بنو أفصى بن حارثة. وفيمن روى عن أمير المؤمنينعليه‌السلام رجلان بهذه الكنية احدهما أبوعثمان بن سنة الخزاعى، والاخر أبوعثمان الخراساني.

(٢) قال الجزري: « عذيرك من فلان. بالنصب أي هات من يعذرك فيه، فعيل بمعنى فاعل » أي فليأتيا بعذرهما في نكث بيعتهم اياى.

(٣) التوبة: ١٢. قال المفيد رحمه الله في الجمل: اجتمعت الشيعة على الحكم بكفر محاربي أمير المؤمنينعليه‌السلام ولكنهم لم يخرجوهم بذلك عن حكم ملة الاسلام إذ كان كفرهم من طريق التأويل كفر ملة، ولم يكفروا كفر ردة عن الشرع مع اقامتهم على الجملة منه واظهار الشهادتين والاعتصام به عن كفر الردة المخرج عن الاسلام، وان كانوا بكفرهم خارجين عن الايمان، مستحقين اللعنة والخلود والنار. انتهى. ولكل من الفرق الاسلامية أقوال وآراء في ذلك، فراجع الفصل الاول من كتاب الجمل للمفيد (ره). وقال أبوحنيفة: ما قاتل أحد عليا الا وعلي أولى بالحق منه، ولولا ما سار عليعليه‌السلام فيهم ما علم أحد كيف السيرة في المسلمين، ولا شك أن عليا انما قاتل طلحة والزبير بعد أن بايعاه وخالفاه. وفي يوم الجمل سار علي (عليه‌السلام ) فيهم بالعدل، وهو علم المسلمين، فكانت السنة في قتال أهل البغي. (مناقب أبي حنيفة للخوارزمي ٢ / ٨٣ طبع حيدر آباد). وقال ابن العربي في أحكام القرآن ٢ / ٢٢٤: فكل من خرج على علي (عليه‌السلام ) باغ وقتال الباغي واجب حتّى يفئ إلى الحق وينقاد إلى الصلح، وان قتاله لاهل الشام الّذين أبوا الدخول في البيعة، وأهل الجمل، والنهروان، والّذين خلعوا بيعته حق، وكان حق الجميع أن يصلوا بين يديه ويطالبوه بما رأوا، فلما تركوا ذلك بأجمعهم صاروا بغاة، فتناولهم قوله تعالى: ﴿فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّـهِ ﴾. نقول: وعن الثوري والعسقلاني وابن همام الحنفي ما يجري مجرى ذينك. (تعليق تلخيص الشافي للعلامة بحر العلوم).

٧٣

 ٨ - قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد رحمه الله عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن سعيد بن جناح، عن عبدالله بن محمّد(١) ، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الجنة محرمة على الانبياء حتّى أدخلها، و محرممة على الامم كلها حتّى تدخلها شيعتنا أهل البيت.

٩ - قال: أخبرني أبوالحسن محمّد بن جعفر بن محمّد الكوفي النحوي التميمي(٢) قال: حدثنا هشام بن يونس النهشلي(٣) : قال: حدثنا يحيى بن

____________________________

(١) الظاهر هو عبدالله بن محمّد الجعفي الراوي عن جابر بن يزيد كتبه.

(٢) هو من مشايخ المفيد (ره) ويروى عنه أيضا أبوالقاسم عليّ بن محمّد بن على الخزاز القمى صاحب « كفاية الاثر ». ولد هو بالكوفة سنة ٣٠٢ أو ٣١١ وتوفى سنة ٤٠٢، يروى عنه النجاشي اجازة، وترجمه السيوطي في « بغية الوعاة » نقلا عن معجم ياقوت.

(٣) في السند سقط لان هشام بن يونس النهشلي المتوفى ٢٥٢ كيف يروى عنه من ولد بعده بازيد من خمسين سنة، وليس في كتب الرجال هشام النهشلي غيره والظاهر أن الساقط جملة [ اسحاق بن ابراهيم بن هشام النهشلي قال: حدثنا ]. وهو معنون في تاريخ بغداد، وقال: يروى عن جده هشام بن يونس النهشلي. وهكذا الكلام فيما يأتي في سند الحديث العاشر.

٧٤

يعلى، عن حميد الاعرج(١) ، عن عبدالله بن الحارث، عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عجب لغافل وليس بمغفول عنه، وعجب لطالب الدنيا والموت تطلبه، وعجب لضاحك ملء فيه، وهو لا يدري أرضي الله [ عنه ] أم سخط له.

١٠ - قال: أخبرني أبوالحسن محمّد بن جعفر(٢) قال: حدثنا هشام بن يونس النهشلي قال: حدثنا أبومحمّد الانصاري قال: حدثنا أبوبكر بن عياش، عن محمّد بن شهاب الزهري، عن أنس بن مالك قال: نظر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فقال: يا علي من أبغضك أماته الله ميتة جاهلية وحاسبه بما عمل يوم القيامة.

١١ - قال: أخبرني أبوالحسن محمّد بن جعفر قال: حدثنا هشام قال: حدثني يحيى بن يعلى، عن حميد، عن عبدالله بن الحارث، عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : المتحابون في الله عزّوجلّ على أعمدة من ياقوت أحمر في الجنة، يشرفون على أهل الجنة، فإذا أطلع أحدهم ملأ حسنه بيوت أهل الجنة، فيقول أهل الجنة: اخرجوا ننظر المتحابين في الله عزّوجلّ، قال: فيخرجون وينظرون إليهم، أحدهم وجهه مثل القمر في ليلة البدر، على جباههم(٣) : « هؤلاء المتحابون في الله عزّوجلّ ».

____________________________

(١) هو حميد بن عطاء الاعرج الكوفى القاص الملائى، روى عن عبدالله بن الحارث الزبيدي الكوفي المكتب، وروى عنه يحيى بن يعلى الاسلمي الكوفي أبوزكريا القطواني.

(٢) تقدم الكلام فيه.

(٣) أي مكتوب عليها.

٧٥

المجلس التاسع

مجلس يوم السبت التاسع والعشرين منه سماعي: حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أدام الله تأييده وتوفيقه في هذا اليوم

 ١ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر بن سالم بن البراء الجعابي قال: حدثنا أبومحمّد عبدالله بن بريد البجلي قال: حدثنا محمّد بن ثواب الهباري(١) قال: حدثنا محمّد بن عليّ بن جعفر، عن أبيه، قال: حدثني أخي موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه صلوات الله عليهم قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أربع من كن فيه كتبه الله من أهل الجنة: من كان عصمته شهادة أن لا إله إلا الله(٢) وأني محمّد رسول الله، ومن إذا أنعم الله عليه بنعمة قال: الحمد لله، ومن إذا أصاب ذنبا قال: أستغفر الله، ومن إذا اصابته مصيبة قال: ﴿إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾.

٢ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبومحمّد عبدالله بن محمّد بن سعيد بن زياد المقري(٣) من كتابه قال: حدثنا أحمد بن عيسى بن الحسن الحوبي(٤) قال: حدثنا نصر بن حماد قال: حدثنا عمرو بن شمر، عن جابر

____________________________

 (١) محمّد بن ثواب الهبارى بتشديد الباء الموحدة الكوفي صدوق، مات ٢٦٠ كما في التقريب. وفي النسخ صحف ب‍ « بواب » وصحف في البحار تارة ب‍ « بواب » واخرى ب‍ « أيوب » ورواية الجعابي عنه بواسطة واحدة غريب فانه توفى سنة ٣٥٥. وأما أبومحمّد البجلى ففي بعض النسخ « عبدالله بن يزيد العجلى » وبكلا العنوانين لم نجده وقد يخطر بالبال كونه أبا محمّد عبدالله بن زيد المستملى المتوفى سنة ٣٢٦، فصحف في النسخ. والعلم عند الله عزّوجلّ.

(٢) أي ما يعصمه من المهالك يوم القيامة (النهاية).

(٣) المعروف بابن جمال المتوفى ٣٢٣. وفي بعض النسخ بدل « من كتابه »: « بن كنانة ».

(٤) كذا. وفي امالي ابن الشيخ « أحمد بن عيسى بن الحسن الجرمى » وكأنه أحمد بن عيسى بن الحسن أو السكن السكوني المعنون في تاريخ الخطيب ج ٤ ص ٢٧٥. والله يعلم.

٧٦

الجعفي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام ، عن جابر بن عبدالله الانصاري قال: نزل جبرئيل على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: إن الله يأمرك أن تقوم بتفضيل عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام خطيبا على أصحابك ليبلغوا من بعدهم ذلك عنك، وقد أمر جميع الملائكة أن تسمع ما تذكره، والله يوحي إليك يا محمّد إن من خالفك في أمره فله النار(١) ، ومن أطاعك فله الجنة. فأمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مناديا فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس وخرج حتّى علا المنبر، وكان أول ما تكلم به: « أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم »، ثم قال: أيها الناس ! أنا البشير، وأنا النذير، وأنا النبيّ الامي، إني مبلغكم عن الله تعالى في أمر رجل لحمه من لحمي، ودمه من دمي، وهو عيبة العلم(٢) ، وهو الّذي انتجبه الله من هذه الامة واصطفاه وتولاه وهداه، وخلقني وإياه من طينة واحدة، ففضلني بالرسالة، وفضله بالتبليغ عني. وجعلني مدينة العلم وجعله الباب، وجعله خازن العلم، والمقتبس منه الاحكام، وخصه بالوصية، وأبان أمره، وخوف من عداوته، وأوجب موالاته، وأمر جميع الناس بطاعته(٣) ، وإنه عزّوجلّ يقول: من عاداه عاداني، ومن والاه والاني، ومن ناصبه ناصبني، ومن خالفه خالفني، ومن عصاه عصاني، ومن آذاه [ فقد ] آذاني، ومن أبغضه [ فقد ] أبغضني، ومن أحبه [ فقد ] أحبني، ومن أطاعه [ فقد ] أطاعني، ومن أرضاه [ فقد ] أرضاني، ومن حفظه حفظني، ومن حاربه حاربني، ومن أعانه أعانني، ومن أراده أرادني، ومن كاده [ فقد ] كادني.

____________________________

(١) في أمالي ابن الشيخ « دخل النار ».

(٢) العيبة بالفتح: ما تجعل فيه الثياب كالصندوق.

(٣) في البحار وأمالي الطوسي: « وأزلف من والاه وغفر لشيعته و أمر الناس جميعا بطاعته ».

٧٧

أيها الناس ! اسمعوا لما آمركم به وأطيعوه، فإني أخوفكم عقاب الله عزّوجلّ(١) ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّـهُ نَفْسَهُ(٢) . ثم أخذ بيد أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: معاشر الناس هذا مولى المؤمنين، وقاتل الكافرين، وحجة الله على العالمين. اللهم إني قد بلغت، وهم عبادك، وأنت القادر على صلاحهم فأصلحهم برحمتك يا أرحم الراحمين. ثم نزل على المنبر، فأتاه جبرئيلعليه‌السلام فقال: يا محمّد [ إن ] الله يقرئك السلام ويقول لك: جزاك الله عن تبليغك خيرا، فقد بلغت رسالات ربك، ونصحت لامتك، وأرضيت المؤمنين، وأرغمت الكافرين(٣) . يا محمّد إن ابن عمك مبتلى ومبتلى به ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ(٤) .

٣ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال، حدثنا أحمد بن محمّد بن زياد قال: حدثنا الحسن بن عليّ بن عفان(٥) ، عن يزيد بن هارون، عن حميد(٦) ، عن جابر بن عبدالله الانصاري قال: خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________________

(١) في بعض النسخ « عذاب الله عزّوجلّ ».

(٢) آل عمران: ٣٠.

(٣) أرغمه: أذله، أسخطه.

(٤) الشعراء: ٢٢٧. يأتي هذا الحديث في المجلس الحادى والاربعين من الكتاب مع اختلاف في بعض الالفاظ وزيادة بعض الفقرات.

(٥) هو العامري، أبومحمّد الكوفى، صدوق، وقيل: ان أبا داود روى عنه (التقريب).

(٦) هو حميد بن أبي حميد الطويل أبوعبيدة الخزاعي المتوفى سنة ١٤٢ وروايته عن جابر بلا واسطة غريب، وراويه يزيد بن هارون ويقال « زاذان » بن ثابت السلمي مولاهم أبوخالد الوسطى أحد الاعلام والحفاظ المشاهير.

٧٨

آخذا بيد الحسن والحسينعليهما‌السلام فقال: إن ابني هذين ربيتهما صغيرين، ودعوت لهما كبيرين، وسألت الله تعالى لهما ثلاثا، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة. سألت الله لهما أن يجعلهما طاهرين مطهرين زكيين، فأجابني إلى ذلك، وسألت الله أن يقيهما وذريتهما وشيعتهما النار فأعطاني ذلك، وسألت الله أن يجمع الامة على محبتهما فقال: يا محمّد إني قضيت قضاء وقدرت قدرا، وإن طائفة من أمتك ستفي لك بذمتك في اليهود والنصارى والمجوس، وسيخفرون ذمتك في ولدك(١) ، وإني أوجبت على نفسي لمن فعل ذلك الا أحله محل كرامتي، ولا أسكنه جنتي، ولا أنظر إليه بعين رحمتي إلى [ يوم القيامة ].

٤ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن محمّد بن حبيش الكاتب قال: أخبرني الحسن بن عليّ الزعفراني، قال، حدثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن محمّد بن زكريا(٢) ، عن عبدالله بن الضحاك، عن هشام بن محمّد(٣) قال: لما ورد الخبر على أمير المؤمنينعليه‌السلام بمقتل محمّد بن أبي بكر رضي الله عنه(٤)

____________________________

(١) خفر العهد: نقضه، أي يوفون بما عاهدت عليه أهل الكتاب من اليهود والنصارى والمجوس وينقضون ما عاهدتهم عليه من المحبة لولدك والاتباع لاوامرهم والتفويض إليهم في دينهم ودنياهم ونصرتهم على من عاداهم، والتمسك بهم وعدم مفارقتهم عنهم حتّى يردوا عليك الحوض.

(٢) الظاهر كونه محمّد بن زكريا الجوهري الغلابي.

(٣) الظاهر هو هشام بن أبي النضر محمّد بن السائب الكلبي الكوفي.

(٤) قال العلامة المجلسي (ره) بعد تمام الخبر: « في رواية الثقفي في كتابه إلى الاشتر: » وهو غلام حدث السن « وليس فيه ذكر شهادة محمّد، فلا ينافى ما يظهر من روايته أن بعث الاشتر كان قبل شهادته، وما أورده السيد [ يعني الرضى (ره) في نهج البلاغة قسم الرسائل تحت رقم ٣٤ ] من الاعتذار من محمّد لبعث الاشتر يدل على ذلك أيضا وهو أشهر عند أرباب التواريخ، ولكن رواية الاختصاص أيضا مؤيدة لهذه الرواية ». نقول: رواه الثقفى في الغارات ج ١ ص ٢٥٨، والشريف الرضي (ره) في النهج قسم الرسائل تحت رقم ٤٦.

٧٩

كتب إلى مالك بن الحارث الاشتر رحمه الله وكان مقيما بنصيبين(١) : أما بعد فإنك ممن استظهر(٢) به على إقامة الدين، وأقمع به نخوة الاثيم(٣) ، وأسد به الثغر المخوف(٤) . وقد كنت وليت محمّد بن أبي بكر رحمه الله مصر، فخرج عليه خوارج، وكان حدثا لا علم له بالحروب، فاستشهد رحمه الله، فاقدم علي لننظر في أمر مصر، واستخلف على عملك أهل الثقة والنصيحة من أصحابك. فاستخلف مالك رضي الله عنه على عمله شبيب بن عامر الازدي(٥) ، وأقبل حتّى ورد على أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فحدثه حديث مصر، وأخبره عن أهلها، وقال له: ليس لهذا الوجه غيرك، فاخرج فإني إن لم أوصك اكتفيت برأيك، واستعن بالله على

____________________________

(١) نصيبين بالفتح، ثم الكسر، ثم ياء مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من موصل إلى الشام، وبينها وبين سنجار تسعة فراسخ، وعليها سور، وهي كثيرة المياه، والماء جار في وسطها، وبها جامع كبير حسن العمارة (المراصد).

(٢) أي أستعين به.

(٣) أقمع أي أكثر. والنخوة بالفتح: الكبر. والاثيم: فاعل الاثم، ومرتكب الخطايا والاثام.

(٤) الثغر: المكان الّذي يظن طروق الاعداء له على الحدود. والمخوف: الّذي يخشى جانبه ويرهب.

(٥) هو جد الكرماني الّذي كان بخراسان. والكرماني هو عليّ بن جديع الازدي، عرف بهذا الاسم ولم يكن من كرمان وهو صاحب الفتنة بخراسان مع نصر بن سيار ودخل بينهما أبومسلم الخراساني والقصة مشهورة في التواريخ.

٨٠