تسلية المجالس وزينة المجالس الجزء ١

تسلية المجالس وزينة المجالس10%

تسلية المجالس وزينة المجالس مؤلف:
المحقق: فارس حسون كريم
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 592

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 592 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 337281 / تحميل: 8192
الحجم الحجم الحجم
تسلية المجالس وزينة المجالس

تسلية المجالس وزينة المجالس الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140


المجلس الثاني

في ذكر سيّد المرسلين، وما ناله من الأذى من

أعداء الدين، وذكر وفاته، وذكر اُمور

تتعلّق بظلامة أهل بيته الطاهرين

صلوات الله عليهم أجمعين

الحمد لله الذي وعد على الصبر الجميل بالثواب الجزيل في دار جزائه، وتوعّد بالعذاب الأليم على ترك التسليم لقضائه، وابتلى أنبياءه بالمحن السابقة في علمه في دار بلائه، وكلّفهم بالتكاليف الشاقّة من حكمه في منزل ابتلائه، وأمرهم بكفّ أكفّ الملحدين في آياته، ورغم اُنوف الجاحدين لصفاته، وأطلعهم على أسرار عظمته بصغر ما سواه لديهم، وكشف عن أبصار بصائرهم فوعوا ما ألقاه إليهم، وتجلّى لهم في ضمائرهم فطاح وجودهم في شهودهم، وخاطبهم في سرائرهم، فهاموا طرباً بلذّة خطاب معبودهم، حصّن مدينة وجودهم بسور توفيقه من وساوس الشكّ، وحمى حوزة نفوسهم بتوفيق مشيئته من شُبه الشرك، وأطلعهم على عيوب دار الغرور فرفضوها، وحذّرهم مصارع بطشها المشهور ففرضوها.

وصلوا بقدم صدقهم إلى عين اليقين، وشربوا من شراب الجنّة بكأس من


١٤١


معين، وسلكوا مفاوز البرزخ إلى الدار الباقية، فكشفوا حجب غيوبه لأهل الحياة الفانية، وحذّرهم ما يلقون في سلوكهم - بعد مماتهم - إلى دار قرارهم، وأراهم عواقب اُمورهم بعد الاخراج من ديارهم، وأمرهم باتّخاذ الزاد البعيد لسفرهم، وحسن الارتياد قبل انقطاع عذرهم، ما وهنوا في سبيل ربّهم، وما ضعفوا وما استكانوا بل أيّدوا الحقّ وأهله، ونصروا وأعانوا وجاهدوا في الله بأيديهم وألسنتهم، ونصحوا في سبيل الله في سرّهم وعلانيتهم، وكان أفضل سابق في حلبة الاخلاص لربّه، وأكمل داع دعا إلى الله بقالبه وقلبه، وخير مبعوث بدأ الله به وختم، وأجمل مبعوث بالمجد الأعبل والشرف الأقدم، كم تلقّى صفاح الأعداء بطلعته الشريفة؟! وكم قابل رماح الأشقياء ببهجته المنيفة؟! صاحب بدر الصغرى والكبرى، وسيّد أهل الدنيا والاُخرى، الذي لم يجاهد أحد في اُحد جهاده، ولا جالد جَليد في حنين جلاده(١) ، أشجع الخلق بالحقّ، واصدع الرسل بالصدق.

تاج رسالته:( سُبحَانَ الّّذِي أسرَى ) (٢) ، وتوقيع نبوّته:( فَأوحَى إلَى عَبدِهِ مَا أوحَى ) (٣) ، ودلالة محبّته:( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) (٤) ، وآية بعثه:( مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأى ) (٥) ، كلّ من الأنبياء مقدّمة جنده، وكلّ من الأولياء أخذ الميثاق على من بعده بوفاء عهده، في صحف الخليل ذكره أشهر من أن يشهر، وفي توراة الكليم فضله من فلق الصبح أظهر، والمسيح في إنجليه دعا إليه وبشّر، وصاحب الزبور لمّا دعا باسمه أظهر الله على جالوت ونصره أعني

__________________

١ - الجَلَد: القوّة والشدّة، الصلابة. « لسان العرب: ٣ / ١٢٥ - جلد - ».

٢ - سورة الاسراء: ١.

٣ - سورة النجم: ١٠.

٤ - سورة الضحى: ٣.

٥ - سورة النجم: ١١.


١٤٢


صاحب الحوض والكوثر، والتاج والمغفر، والدين الأظهر، والنسب الأطهر، محمد سيّد البشر، أشرف مبعوث إلى الكافّة، وخير مبعوث بالرحمة والرأفة، تحمّل أعباء الرسالة صابراً، وجاهد في الله مصابراً، ما اوذي أذاه نبيّ، ولا صبر صبره وليّ، كم راموا هدم بنيانه، وهدّ أركانه، وإدحاض حجّته، وإذلال صحبته؟ وأبى الله الا تأييده ونصره، وإعلاء فوق كلّ أمر أمره.

ر وى سيّدنا ومولانا الامام المفترض الطاعة الامام ابن الأئمّة، والسيد ابن السادة، نجل النبيّ، وسلالة الوصيّ، الامام الزكي، أبو القائم المهديّ الحسن بن عليّ العسكري صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه الطاهرين، وولده الحجّة على الخلق أجميعن، أنّ أبا جهل كتب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - بعد أن هاجر إلى المدينة -: يا محمد، إنّ الخيوط(١) التي في رأسك هي التي ضيّقت عليك مكّة، ورمت بك إلى يثرب، وإنّها لا تزال بك إلى أن توردك موارد الهلكة إلى آخر الكتاب.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للرسول: إنّ أبا جهل بالمكاره(٢) يهدّدني، وربّ العالمين بالنصر والظفر يعدني، وخبر الله أصدق، والقبول من الله أحقّ، لن يضرّ محمداً من خذله، أو يغضب عليه بعد أن ينصره الله عزّ وجلّ، ويتفضّل بكرمه وجوده عليه.

ثمّ قال للرسول: قل له: يا أبا جهل، إنّك راسلتني بما ألقاه الشيطان في خلدك(٣) ، وأنا اُجيبك بما ألفاه في خاطري الرحمن، إنّ الحرب بيننا وبينك

____________

١ - في تفسير العسكري: الخبوط. وهو من تخبّطه الشيطان: إذا مسّه بخبل أو جنون.

وما في المتن « الخيوط » فلعلّه كناية عن الجنون.

٢ - في التفسير والمناقب: بالمكاره والعطب.

٣ - الخَلَد: البال والقلب.


١٤٣


كافية(١) إلى تسعة وعشرين يوماً، وإنّ الله سيقتلك فيها بأضعف أصحابي، وستلقى أنت وشيبة وعتبة والوليد وفلان وفلان - وذكر عدداً من قريش - في قليب بدر مقتّلين، أقتل منكم سبعين، وآسر منكم سبعين، أحملهم على الفداء(٢) الثقيل.

ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا تحبّون أن اُريكم مصرع(٣) كلّ واحد من هؤلاء؟ هلمّوا إلى بدر، فإنّ هناك الملتقى والمحشر، وهناك البلاء [ الأكبر ](٤) ، فلم يجبه إلا أمير المؤمنين، وقال: نعم، بسم الله، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله لليهود: اخطوا خطوة واحدة فإنّ الله يطوي الأرض لكم، ويوصلكم إلى هناك، فخطا القوم خطوة، ثم الثانية: فإذا هم عند بئر بدر.

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : هذا مصرع عتبة، وذاك مصرع شيبة، وذاك مصرع الوليد، إلى أن سمّى تمام سبعين، وسيؤسر فلان وفلان، إلى أن ذكر سبعين منهم، فلمّا انتهى(٥) إلى آخرها وقال: هذا مصرع أبي جهل، يجرحه(٦) فلان الأنصاري، ويجهز عليه عبد الله بن مسعود أضعف أصحابي.

ثمّ قال: إنّ ذلك لحقّ كائن إلى بعد ثمانية وعشرين يوماً، فكان كما

____________

١ - في التفسير: كائنة.

٢ - كذا في التفسير والمناقب، وفي الأصل: النداء.

٣ - كذا في التفسير والمناقب، وفي الأصل: مصارع.

٤ - من التفسير والمناقب.

٥ - في التفسير والمناقب: انتهوا.

٦ - كذا في التفسير والمناقب، وفي الأصل: آخرها فإنّ هذا مصرع ابي جهل يخرجه - وهو تصحيف -.


١٤٤


قالصلى‌الله‌عليه‌وآله .(١)

و لمّا ائتمرت قريش أن يفتنوا المؤمنين عن دينهم، فوثبت كلّ قبيلة على من فيها من المسلمين، يؤذونهم ويعذّبونهم، فافتتن من افتتن، وعصم الله سبحانه منهم من شاء، وحمى(٢) الله نبيّه بعمّه أبي طالب رضي الله عنه، فلمّا رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما بأصحابه، ولم يقدر على منعهم، ولم يؤمر بعد بالجهاد، أمرهم بالخروج إلى أرض الحبشة، وقال: إنّ بها ملكاً صالحاً، لا يظلم ولا يُظلم عنده أحد، فاخرجوا إليه حتى يجعل الله عزّ وجلّ للمسلمين فرجاً، وأراد به النجاشي، واسمه أصحمة، وهو بالحبشيّة عطيّة، وإنّما النجاشي اسم الملك، كقولهم تبع، وكسرى(٣) ، وقيصر.

فخرج إليها سرّاً أحد عشر رجلاً، واربع نسوة، وهم: الزبير بن العوّام، وعبد الله بن مسعود، وعبد الرحمان بن عوف، وأبو حذيفة بن عتبة، وامرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو، ومصعب بن عمير، وأبو سلمة بن عبد الأسد، وامرأته سلمة بنت أبي اُميّة، وعثمان بن مظعون، وعامر بن ربيعة، وامرأته ليلى بنت أبي خيثمة، وحاطب بن عمرو، وسهيل(٤) بن بيضاء، فخرجوا إلى البحر، وأخذوا سفينة إلى برّ(٥) الحبشة بنصف دينار، وذلك في رجب، في النسة الخامسة من

____________

١ - التفسير المنسوب إلى الامام العسكريعليه‌السلام : ٢٩٤ - ٢٩٦، عنه البحار: ١٧ / ٣٤٢، وتفسير البرهان: ١ / ١١٥ ح ١. وأورده في الاحتجاج: ١ / ٣٨، ومناقب ابن شهراشوب: ١ / ٦٨. وأخرجه في البحار: ١٩ / ٢٦٥ ح ٦ عن تفسير العسكري والاحتجاج.

وانظر: الأحاديث الغيبيّة: ٢ / ٥ - ٨ ح ٣٥١.

٢ - في المجمع: ومنع.

٣ - كذا في المجمع، وفي الأصل: كقوله: كسرى.

٤ - في المجمع: سهل.

٥ - في المجمع: أرض.


١٤٥


مبعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

ثم خرج بعدهم جعفر بن أبي طالب، وتتابع المسلمون إليها، وكان جميع من هاجر إلى الحبشة من المسلمين على التعاقب، اثنين وثمانين رجلاً(٢) ، سوى النساء والصبيان.

فلمّا علمت قريش بذلك وجّهت عمرو بن العاص وصاحبه عمارة بن الوليد بالهدايا إلى النجاشي وإلى بطارقته ليردّوهم، وكان عمارة بن الوليد شابّاً حسن الوجه، وأخرج عمرو بن العاص أهله معه.

فلمّا ركبوا السفينة شربوا الخمر. فقال عمارة لعمرو بن العاص: قل لأهلك تقبّلني، فلمّا انتشى(٣) عمرو دفعه عمارة في الماء، ونشب(٤) عمرو في صدر السفينة، واُخرج من الماء، وألقى الله العداوة بينهما في مسيرهما قبل أن يصلا إلى النجاشي.

ثمّ وردا على النجاشي، فأنزلهم، ثمّ استدعى بهما وسألهما ما أقدمهما إلى بلاده.

فقال عمرو: أيّها الملك، إنّ قوماً خالفونا في ديننا، وسبّوا آلهتنا(٥) ، وصاروا إليك، فردّهم إليان، فبعث النجاشي إلى جعفر، فحضر بين يديه، فقال: أيها الملك، سلهم أنحن عبيد لهم؟

فقال: لا، بل أحرار.

قال: سلهم ألهم علينا ديون يطالبونا بها؟

__________________

١ - زاد في المجمع: وهذه هي الهجرة الاُولى.

٢ - كذا في المجمع، وفي الأصل: إنساناً.

٣ - الانتشاء: أوّل السكر.

٤ - نشب الشيء في الشيء: علق.

٥ - كذا في المجمع، وفي الأصل: إلهنا.


١٤٦


قال: عمرو: لا، ما لنا عليك ديون.

قال: فلكم في أعناقنا دماء تطالبوننا بها؟

قال عمرو: لا.

قال: فما تريدون منّا؟! آذيتمونا، فخرجنا من بلادكم(١) .

قال جعفر: أيّها الملك، إنّ الله سبحانه بعث فينا نبيّاً أمرنا بخلع الأنداد، وبترك الاستقسام بالأزلام، وأمرنا بالصلاة، والزكاة، والعدل، والاحسان، وإيتاء ذي القربى، ونهانا عن الفحشاء، والمنكر، والبغي.

فقال النجاشي: بهذا بعث عيسى، ثمّ قال النجاشي(٢) : هل تحفظ ممّا اُنزل على نبيّك شيئاً؟

قال: نعم.

قال: اقرأ، فقرأ سورة مريم، فلمّا بلغ( وَهُزِّي إلَيكِ بِجِذعِ النَّخلَةِ تُسَاقِط عَلَيكِ رُطَباً جَنِيّاً ) (٣) قال النجاشي: هذا والله هو الحق.

فقال عمرو: إنّه مخالف لنا، فردّه علينا.

فرفع الملك يده ولطم عمرو، وقال: اسكت والله لئن ذكرته بسوء لأفعلنّ بك، ثمّ قال: ارجعوا إلى هذا هديته، وقال لجعفر ولأصحابه: امكثوا أنتم سيوم، والسيوم: الآمنون، وأمر لهم بما يصلحهم من الرزق، فانصرف عمرو وأقام المسلمون هناك بخير دار، وأحسن جوار، إلى أن هاجر رسول الله صلّى الله

__________________

١ - في المجمع: دياركم.

٢ - زاد في المجمع: لجعفر.

٣ - سورة مريم: ٢٥.


١٤٧


عليه وآله إلى المدينة، وعلا أمره، وهادن قريشاً، وفتح خيبر، فوافى جعفر إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بجميع من كانوا معه، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا أدري بأيّهما اُسرّ، بفتح خيبر أم بقدوم جعفر؟

و أتى مع جعفر وأصحابه من الحبشة سبعون رجلاً، منهم اثنان وستّون من الحبشة، وثمانية من أهل الشام، منهم(١) بحيراء الراهب، فقرأ عليهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سورة يس إلى آخرها، فبكوا حين سمعوا القرآن وآمنوا، وقالوا: ما أشبه هذا بما اُنزل على عيسى!(٢)

ثمّ لم يزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقاسي منهم الأهوال، ولكنّ الله سبحانه كان يمنعهم عنه بعمّه أبي طالب، وكان أبو طالب رضي الله عنه يظهر لهم أنّه موافق لهم في دينهم ليتمّ له ما يريد من حماية رسول الله، وإلاّ فهو كان مسلماً موحّداً.

وقد أجمعت العصابة من أهل البيتعليهم‌السلام انّه قد مات مسلماً، وإجماعهم حجّة على ما ذكر في غير موضع(٣) ، وسبب الشبهة في ذلك أنّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يعلن بنفاق أبي سفيان، فشكا معاوية ذلك إلى مروان وعمر وعبد الله بن عامر فقالوا: إنّ إسلام أبيه أخفى من نفاق أبيك، فأظهر كفره، فجعل يقول: ألا إنّ أبا طالب مات كافراً، وأمر الناس بذلك فصارت سنّة.

وقال الصادقعليه‌السلام : مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف، أسرّوا

____________

١ - في المجمع: فيهم.

٢ - مجمع البيان: ٢ / ٢٣٣ - ٢٣٤، عنه البحار: ١٨ / ٤١١ - ٤١٣.

ورواه في تفسير القمّي: ١ / ١٧٦ - ١٧٨، بتفاوت، عنه البحار: ١٨ / ٤١٤ ح ١.

٣ - انظر البحار: ٣٥ / ١٣٩ نقلاً عن مجمع البيان.


١٤٨


الايمان وأظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرّتين.(١)

وقد صنّف الشيخ أبو جعفر بن بابويه، وأبو علي الكوفي(٢) ، وسعد القمّي(٣) ، وعلي بن بلال المهلّبي(٤) ، والشيخ المفيد(٥) في فضائله، وقد أجمع أهل البيت على ذلك - كما ذكرنا أوّلاً -.

وروى شعبة، عن قتادة، عن الحسن في خبر طويل انّه لمّا حضرت أبا طالب الوفاة دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبكى وقال: يا محمد، إنّي أخرج من الدنيا وما لي غمّ إلا غمّك، وستلقى هزواً وحروباً كثيرة من بني اُميّة وبني المغيرة، فإذا متّ فخبّر أصحابك لينتقلوا من مكّة إلى حيث شاؤا، فلا مقام لهم بمكّة بعدي.

__________________

١ - أمالي الصدوق: ٤٩٢ ح ١٢، معاني الأخبار: ٢٨٥ ح ١، إيمان أبي طالب لفخّار بن معدّ: ٣٢١ - ٣٢٢ وص ٣٦٢ وص ٣٦٣.

وأخرجه في البحار: ٣٥ / ٧٢ ح ٧ عن أمالي الصدوق: وفي ص ٧٧ ح ١٥ عن معاني الأخبار. وفي ص ١٥٨ عن شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد.

٢ - إيمان أبي طالب لأبي علي الكوفي أحد بن محمد بن عمّار، المتوفّى سنة « ٣٤٦ ه‍ ». « رجال النجاشي: ٩٥ رقم ٢٣٦، فهرست الطوسي: ٢٩ رقم ٧٨ ».

٣ - فضل أبي طالب وعبد المطّلب وأبي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لسعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمّي أبي القاسم، المتوفّى سنة « ٢٩٩ ه‍ » أو « ٣٠١ ه‍ » من ثقاة الطائفة ووجهائهم. « رجال النجاشي: ١٧٧ رقم ٤٦٧، فهرست الطوسي: ٧٥ رقم ٣٠٦ ».

٤ - البيان عن خيرة الرحمن لأبي الحسن عليّ بن بلال بن أبي معاوية المهلّبي الأزدي. « رجال النجاشي: ٢٦٥ رقم ٦٩٠، فهرست الطوسي: ٩٦ رقم ٤٠٢ ».

٥ - إيمان أبي طالب لأبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي المفيد، المتوفّى سنة « ٤١٣ ه‍ »، طبع - ولأكثر من مرّة - ضمن « نفائس المخطوطات » التي قام بتحقيقها وإصدارها العلّامة الشيخ محمد حسن آل ياسين، وذلك سنة « ١٣٧٢ ه‍ »، كما طبع ضمن « عدّة رسائل للشيخ المفيد » نشر مكتبة المفيد - قم -، وطبع أخيراً بتحقيق مؤسّسة البعثة - قم سنة « ١٤١٢ ه‍ » -.


١٤٩


فبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: يا عمّ، إنّك راحل من الدنيا، وإنّي راحل بعدك من مكّة إلى المدينة، وراحل بعد المدينة إلى الله، وإنّي وإيّاك نلتقي بين يدي الله بعد الموت، فيسألك عن الايمان بي، ويسألك عن ولاية ابنك علي.

يا عمّ، فاشهد بكلمة الاخلاص معي في حياتك قبل موتك، اُخاصم بها عند ربّي فترضي ربّك عن نفسي، وترضيني وترضي ولدك عليّاً.

يا عمّ، أما تأسف بنفسك أن يكون عليّ ولدك إمام اُمّتي، وأسعد المقرّبين في الجنان، وتكونَ الشقيّ المعذّب إن متّ على كفرك في النيران؟

يا عمّ، إنّك تخاف عليّ أذى أعاديّ ولا تخاف على نفسك غداً عذاب ربّي!

فضحك ابو طالب، وقال:

ودعوتني وزعمت أنّك ناصحي

ولقد صدقت وكنت قدم أمينا(١)

وعقد على ثلاثة وستّين(٢) : عقد الخنصر والبنصر وعقد الإبهام على إصبعه الوسطى، وأشار بإصبعه المسبّحة، يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله.

فقام عليعليه‌السلام وقال: الله أكبر، الله أكبر، والذي بعثك بالحقّ نبيّاً لقد شفّعك الله في عمّك وهداه بك.

__________________

١ - انظر « ديوان شيخ الأباطح أبي طالب » من جمع أبي هفّان المهزمي: ٤١.

٢ - كذا في البحار، وفي الأصل: ثلاثة وتسعين.

وتفسير ذلك أنّ الألف واحد واللام ثلاثون والهاء خمسة، والألف واحد والحاء ثمانية والدال أربعة والجيم ثلاثة والواو ستّة والألف واحد والدال أربعة ؛ فذلك ثلاثة وستّون.


١٥٠


فقام جعفر وقال: لقد سُدتنا في الجنّة يا شيخي كما سُدتنا في الدنيا.

فلمّا مات أبو طالب رضي الله عنه أنزل الله:( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إنّ أرضِي وَاسِعَةٌ فَإيّايَ فَاعبُدُونِ ) (١) .(٢)

تفسير وكيع: قال: حدّثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم(٣) ، عن أبيه، عن أبي ذرّ الغفاري قال: والله الذي لا إله إلا هو ما مات أبو طالب حتى آمن بلسان الحبشة، وقال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا محمد، أتفقه لسان الحبشة؟

قال: يا عمّ، إنّ الله علّمني جميع الكلام.

قال: يا محمد، « اسدن ملصافافا طالاها »(٤) يعني: أشهد مخلصاً: لا إله إلا الله، فبكى رسول الله وقال: إنّ الله أقرّ عيني بأبي طالب.(٥)

الصادقعليه‌السلام : لمّا حضرت أبا طالب الوفاة أوصى بنيه، فكان فيما أوصى قال: إنّي اُوصيكم بمحمد، فإنّه الأمين في قريش، والصدّيق في العرب، فقد حباكم بأمر قبله الجَنان(٦) ، وأنكره اللسان مخافة الشنآن(٧) ، وأيم الله لكأنّي أنظر قد محضته العرب درّها، وصفّت له بلادها، وأعطته قيادها، فدونكم يا بني

____________

١ - سورة العنكبوت: ٥٦.

٢ - بحار الأنوار: ٣٥ / ٧٩ عن مناقب ابن شهراشوب - ولم أجده فيه -.

٣ - كذا في البحار، وفي الأصل: حدّثنا شيبان، عن منصور وإبراهيم.

٤ - في البحار: لمصافا قاطالاها.

٥ - بحار الأنوار: ٣٥ / ٧٨ ح ١٨ عن مناقب ابن شهراشوب - ولم أجده فيه -.

وقال المجلسيرحمه‌الله : يمكن حمل هذا الخبر على أنّه أظهر إسلامه في بعض المواطن لبعض المصالح بتلك اللغة، فلا ينافي كونه أظهر الاسلام بلغة اُخرى أيضاً في مواطن اُخر.

٦ - الجنان: القلب.

٧ - الشنآن: البغضاء. ومراده: لم اُظهره باللسان مخافة عداوة القوم.


١٥١


عبد المطّلب، فقوه بآبائكم واُمّهاتكم وأولادكم، كونوا له دعاة، وفي حربه حماة، فوالله لا سلك أحد سبيله إلا رُشِد، ولا أخذ أحد بهداه غلّا سُعِد، ولو كان في نفسي مدّة، وفي أجلي تأخير لكفيته الكوافي، ودفعت عنه الدواهي، غير أنّي أشهد بشهادته، واُعظّم مقالته.(١)

وقال رجل لأمير المؤمنين: يا أمير المؤمنين، إنّك لبالمنزل الذي أنزلك الله، وأبوك يعذّب بالنار!

فقال أمير المؤمنين: فضّ الله فاك، والذي بعث محمداً بالحقّ نبيّاً، لو شفع أبي في كلّ مذنب على وجه الأرض لشفّعه الله تعالى فيهم، أبي يعذّب بالنار وابنه قسيم الجنّة والنار!

ثمّ قال: والذي بعث محمداً بالحقّ نبيّاً، إنّ نور أبي طالب يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلق إلا خمسة أنوار، نور محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونوري ونور فاطمة، ونور الحسن، ونور الحسين صلوات الله عليهم أجمعين، لأنّ نوره من نورنا الّذي خلقه الله سبحانه من قبل خلق آدم بألفي عام.(٢)

وما روي من أشعاره الدالّة على إسلامه التي تنفث في عُقَد السحر، وتُغيّر في وجه شعراء الدهر(٣) تزيد على ثلاثة آلاف بيت، مذكورة في كتب المغازي،

__________________

١ - أورده في روضة الواعظين: ١٣٩ - ١٤٠، باختلاف، عنه البحار: ٣٥ / ١٠٧ ضمن ح ٣٤.

وأورده في سيرة الحلبي: ١ / ٣٧٥ طبع مصر، باختلاف أيضاً.

٢ - مائة منقبة: ١٧٤ ح ٩٨، أمالي الطوسي: ١ / ٣١١ - ٣١٢، الاحتجاج: ٢٢٩ - ٢٣٠، إيمان أبي طالب لفخّار: ٧٤، كنز الفوائد: ١ / ١٨٣، بشارة المصطفى: ٢٤٩، البحار: ٣٥ / ٦٩ ح ٣ وص ١١٠ ح ٣٩، غاية المرام، ٤٦ ح ٦٣ وص ٢٠٨ ح ١٦، الدرجات الرفيعة: ٥٠، الغدير: ٧ / ٣٨٧ ح ٧.

٣ - كذا في المجمع، وفي الأصل: الذي ينفث في عند السجود يغبر في وجوه شعر الدهر.


١٥٢


يكاشف فيها من كاشف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويصحّح نبوّته.(١)

في محاسن البرقي(٢) : يونس بن ظبيان، قال رجل عند الصادقعليه‌السلام : إنّ أبا طالب مات مشركاً.

قال أبو عبد الله: أبعد قوله:

ألم تعلموا أنّ نبيّـنا لا مكذّب

لدينا ولا يعنى بقول الأبـاطل(٣)

وأبيض يُستسقى الغمام بوجهه

ثِمال اليتامى(٤) عِصمةٌ للأراملِ

فأظهره(٥) ربّ العباد بـنصره

وأظهر ديناً حـقّه غير باطـل(٦) ؟

وتظافرت الروايات أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال عند وفاته: يا عمّ، وصلتك رَحم وجزيت خيراً يا عمّ، كفلتني صغيراً، وأحظيتني كبيراً، فجزيت عنّي

__________________

١ - مجمع البيان: ٤ / ٢٦٠، متشابه القرآن ومختلفه لابن شهراشوب: ٢ / ٦٥.

ولقد جمع أشعار شيخ الأباطح أبي طالب رضوان الله تعالى عليه: أبو هفّان عبد الله بن أحمد المهزمي، المتوفّى سنة « ٢٥٧ ه‍ »، ورواها عفيف بن أسعد، عن عثمان بن جني الموصلي البغدادي النحوي، المتوفّى سنة « ٣٩٢ ه‍ ».

وقد طبع أخيراً بتحقيق وإستدراك الشيخ محمد باقر المحمودي، وصدر عن مجمع إحياء الثقافة - قم -، وتلته طبعة اُخرى بتحقيق مؤسّسة البعثة - قم -.

٢ - لم أجده في المحاسن.

٣ - في بعض المصادر:

لقد علموا أنّ ابننا لا مكذّب

لديهم ولا يعنى بقول الأباطل

وفي بعضها:

ألم تعلموا أنّ ابننا لا مكذّب

لدينا ولا يعبأ بقـول الأباطل

٤ - في بعض المصادر: وربيع اليتامى.

٥ - في بعض المصادر: فأيّده.

٦ - انظر: إيمان أبي طالب للشيخ المفيد: ٢١، الحجّة على الذاهب: ٣٠٥ - ٣٢٣، ديوان شيخ الأباطح: ٢٦ - ٣٧، الطرائف: ٣٠٠ و ٣٠١ و ٣٠٥، البحار: ٣٥ / ٧٢ ح ٦ وص ١٣٦ ح ٨١ وص ١٦٦.


١٥٣


خيراً.

وفي رواية: فقد ربّيت وكفلت صغيراً، وآزرت ونصرت كبيراً.

ثمّ أقبل على الناس فقال: أم والله، لأشفعنّ لعمّي شفاعة يعجب بها الثقلان.(١)

فدعا لهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وليس للنبيّ أن يدعو بعد الموت لكافر لقوله تعالى:( وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنهُم مَاتَ أبَداً ) (٢) ، والشفاعة لا تكون إلا لمؤمن( وَلَا يَشفَعُونَ إلّا لِمَنِ ارتَضَى ) (٣) .

وأجمع أهل النقل من الخاصّة والعامّة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قيل له: ما ترجو لعمّك أبي طالب؟

قال: أرجو له كلّ خير من ربّي.(٤)

ولمّا مات أبو طالب أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمير المؤمنين من بين أولاده الحاضرين بتغسيله وتكفينه مواراته دون عقيل وطالب، ولم يكن من أولاده من آمن في تلك الحال الا أمير المؤمنينعليه‌السلام وجعفر، وكان جعفر ببلاد الحبشة، ولو كان كافراً لما أمر أمير المؤمنين بتغسيله وتولية أمره،

__________________

١ - تاريخ اليعقوبي: ٢ / ٣٥، إيمان أبي طالب للشيخ المفيد: ٢٥ - ٢٦، متشابه القرآن ومتخلفه: ٢ / ٦٤، الحجّة على الذاهب، ٢٦٥، الطرائف: ٣٠٥ ح ٣٩٣، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ١٤ / ٧٦، بحار الأنوار، ٣٥ / ١٢٥ ح ٦٧ وص ١٦٣، الغدير: ٧ / ٣٧٣.

٢ - سورة التوبة: ٨٤.

٣ - سورة الأنبياء: ٢٨.

٤ - إيمان أبي طالب للشيخ المفيد: ٢٧، الحجّة على الذاهب: ٧١ - ٧٢، الطرائف: ٣٠٥ ح ٣٩٤، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ١٤ / ٦٨، كنز الفوائد: ١ / ١٨٤، بحار الأنوار: ٣٥ / ١٠٩ ح ٣٨ وص ١٥١ وص ١٥٦، الغدير: ٧ / ٣٧٣.


١٥٤


ولكان الكافر أحقّ به(١) .

وتوفّي أبو طالب وخديجة في سنة ستّ(٢) من الوحي، فسمّاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عام الحزن.(٣)

وقالت فاطمة بنت أسد وعليّ صلوات الله عليه: أظهر إسلامك بسرّ محمد.

فقال لهما: آمنت به منذ أربعين سنة.

فقالا: جدّده.

فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنّ محمداً رسول الله، فاكتموا ذلك عليّ.

فقال أمير المؤمنين: لقد أظهرت دين عيسى وملّة إبراهيم.

في كتاب دلائل النبوّة: قال العباس: لمّا حضرت أبي طالب الوفاة قال له نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عمّ، قل كلمة واحدة أشفع لك بها يوم القيامة: « لا إله إلا الله ».

وكانت جميلة بنت حرب تقول: يا أبا طالب، مت على دين الأشياخ، فرأيته يحرّك شفتيه، وسمعته يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنّ محمّداً رسول الله.(٤)

__________________

١ - الفصول المختارة: ٢ / ٢٢٩، عنه البحار: ٣٥ / ١٧٣.

٢ - قيل: تسع، وقيل: عشر.

٣ - تاريخ اليعقوبي: ٢ / ٣٥، قصص الأنبياء للراوندي: ٣١٧، الحجّة على الذاهب: ٢٦١، البحار: ٣٥ / ٨٢ ح ٢٤.

٤ - أمالي الطوسي: ١ / ٢٧١ - ٢٧٢، عنه البحار: ٣٥ / ٧٦ ح ١١.


١٥٥


الخطيب في الأربعين: بالاسناد عن محمد بن كعب أنّ أبا طالب لمّا رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يتفل في فم علي، فقال: ما هذا، يا محمد؟

قال: إيمان وحكمة.

فقال أبو طالب لعليّ: يا بنيّ، انصر ابن عمّك وآزره.(١)

وإذا استقرأت ورمت معرفة من كان أشدّ متابعة، وأعظم حياطة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأعظم محاماة عنه وعن دينه لم تجد في المهاجرين والأنصار وغيرهم من المسلمين مثل أبي طالب رضي الله عنه وولده، فإنّ أحداً لم يحام عن رسول الله كأبي طالب، فإنّه ذبّ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مدّة حياته بمكّة، وكذلك لمّا حضر في الشعب، حتى انّ رسول الله لم يمكنه بعد موته الاقامة بمكّة، وهبط عليه جبرائيل وقال: يا محمد، إنّ الله يقرئك السلام، ويقول لك: اخرج قد مات ناصرك.(٢)

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما نالت قريش منّي ما نالت وما أكره حتى مات أبو طالب.(٣)

ثمّ لم يستقرّ حتى خرجصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الطائف.

وكذلك ولده جعفر رضي الله عنه لم يزل يذبّ في إعلاء كلمة الاسلام ونصر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى قتل في دار غربة مقبلاً غير مدبر، وسمّاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله « ذا الجناحين » لأنّ يديه قطعتا في الحرب، فأبدله

__________________

١ - مناقب الخوارزمي: ٧٨، عنه كشف الغمّة: ١ / ٢٨٨.

وأخرجه في البحار: ٣٨ / ٢٤٩ ح ٤٢ عن الكشف.

٢ - البحار: ١٩ / ١٤ ح ٦، وج ٣٥ / ١١٢ ح ٤٣ وص ١٣٧ ح ٨٣ وص ١٧٤.

٣ - مناقب ابن شهراشوب: ١ / ٦٧، عنه البحار: ١٩ / ١٧ ح ٩.


١٥٦


الله منهما جناحين يطير بهما في الجنّة، ووجد فيه بعد أن قتل بضع وتسعون رمية وطعنة، ليس منها شيء في دبره.(١)

وهذا أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين، لم يجاهد أحد جهاده، ولا يواسي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله مواساته، وهو صلوات الله عليه صاحب الوقائع المشهورة، والمقامات المذكورة، التي اتّفق المخالف والمؤالف على نقلها، وضربت الأمثال بشجاعته فيها، كبدر واُحد والأحزاب وخيبر وحنين وأوْطَاس(٢) وغيرها من الغزوات والسرايا، وفدى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بمبيته على فراشه حتى أنزل الله فيه:( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشرِي نَفسَهُ ابتِغَاءَ مَرضَاتِ اللهِ ) (٣) وما زال صلوات الله عليه يذبّ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويكدح في إعلاء كلمته في حياته وبعد موته حتى قتل في محرابه راكعاً.

وكذلك ولداه الحسن والحسين صلى الله عليهما، فإنّهما بالغا في النصحية لجدّهما، وثابرا على آثار دينه وقمع الملحدين فيه، لتكون كلمة الله العليا، وكلمة الّذين كفروا السفلى، حتى قتلا في سبيل الله وذرّيّتهما وولدهما، وسبيت نساؤهما وذرّيّتهما.

وكذلك زيد بن علي بن الحسين صلوات الله عليه، وولده يحيى بن زيد، ومحمد بن زيد، وغيرهما من أولاده وأحفاده.

__________________

١ - انظر: الاستيعاب: ١ / ٢١١، عنه البحار: ٢٢ / ٢٧٦.

وجامع الأصول: ٩ / ٢٤٨ ح ٦١٢٤، عنه البحار: ٢١ / ٥٨ ح ١٠.

وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ٢ / ٧٦٠، عنه البحار: ٢١ / ٦١ - ٦٢.

٢ - أوْطاس: واد في ديار هَوازن، فيه كانت وقعة حُنَين ويومئذ قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : حَمِيَ الوَطيسُ. « معجم البلدان: ١ / ٢٨١ ».

٣ - سورة البقرة: ٢٠٧.


١٥٧


وكذلك بنو الحسن كعبد الله ومحمد وإبراهيم وغيرهم كصاحب فخ ومن تابعه، وكانوا أكثر من ثلاثمائة من ولد أبي طالب، حتى قال سيّدنا أبو الحسن الثالث علي بن محمد الهادي العسكري صلّى الله عليه: ما اُصبنا بمصيبة بعد كربلاء كمصيبة صاحب فخّ.(١)

ومن حفدته مسلم بن عقيل، وولده الّذين شروا أنفسهم من الله بالثمن الأوفر، وقد صنّف فيهم كتاب مقاتل الطالبيّين(٢) وتواريخهم وسيرتهم فلا نطوّل بذلك، ولولا حسن اعتقادهم، وصفاء ودادهم، وشدّة جهادهم، وقوّة اجتهادهم لما جعلهم الله خلفاءه في أرضه، والاُمناء على سنّته وفرضه.

بحار العلم، ومعادن الحلم، وأئمّة الهدى، ومصابيح الدجى، أوّلهم عليّ، وآخرهم المهديّ، كلّما خوى لهم نجم بزغ نجم طالع، كلّما اختفى منهم علم بدا علم لامع، وكفى فخراً كون المهديّ من ذرّيّته الّذي يملأ الله الأرض به قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.

وكان أبو طالب رضي الله عنه ربّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صغيراً،

__________________

١ - روى في عمدة الطالب: ١٨٣ عن محمد الجواد بن علي الرضاعليهما‌السلام أنّه قال: لم يكن لنا بعد الطف مصرع أعظم من فخّ. عنه عوالم العلوم: ٢١ / ٣٦٣ ح ٧.

وروى في معجم البلدان: ٤ / ٢٣٨ بهذا اللفظ: ولهذا يقال لم تكم مصيبة بعد كربلاء أشدّ وأفجع من فخ. عنه البحار: ٤٨ / ١٦٥ وعن عمدة الطالب.

٢ - مقاتل الطالبيّين لأبي الفرج الاصفهاني - صاحب الأغاني - المتوفّى ببغداد سنة ستّ أو سبع وخمسين وثلاثمائة، ذكر فيه شهداءهم إلى أواخر المقتدر الذي مات سنة « ٣٢٠ ه‍ »، ابتدأ فيه بجعفر الطيّار أوّل الشهداء من آل أبي طالب، واختتم بإسحاق بن عبّاس، المعروف ب‍ « المهلوس » الشهيد بأرمن، وذكر بعده جمعاً ممّن حكى له قتلهم، وتبرّأ من خطائه، وفرغ منه في جمادى الاولى سنة « ٣١٣ ه‍ ». الذريعة: ٢١ / ٣٧٦ ».

وقد طبع عدّة مرات، منها في إيران سنة « ١٣٠٧ ه‍ »، وفي النجف سنة « ١٣٨٥ ه‍ »، ومن ثمّ - بالاوفست على طبعة النجف - في قم سنة « ١٤٠٥ ه‍«.


١٥٨


وحصنه كبيراً.

و كانت زوجته فاطمة بنت أسد رضي الله عنها شديدة الحنوّ والشفقة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهي أحد الصالحات القانتات، ولمّا سمعت قول الله:( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إذَا جَاءَكَ المُؤمِنَاتُ يُبَايِعنَكَ ) (١) كانت أوّل امرأة بايعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هي.

وروي عن جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام أنّ فاطمة بنت أسد أوّل امرأة هاجرت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من مكّة إلى المدينة على قدمها، وكانت أبرّ الناس برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: الناس يحشرون يوم القيامة عراة، فقالت: واسوأتاه.

فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي أسأل الله أن يبعثك كاسية.

وسمعته يذكر ضغطة القبر، فقالت: واضعفاه.

فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي أسأل الله أن يكفيك ذلك.(٢)

وفي الخبر أنّها أسلمت بعد عشرين يوماً من مبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على يد أمير المؤمنين صلوات الله عليه ولدها، وجاءت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله باكية واستزادت، فأمرها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن تقتفي آثار ابنها.

وروي أنّها لمّا ماتت دخل عليها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فجلس عند رأسها، وقال: يرحمك الله يا اُمّي، كنت اُمّي بعد اُمّي، تجوعين وتشبعيني،

____________

١ - سورة الممتحنة: ١٢.

٢ - روي نحوه في اعتقادات الصدوق: ٥٨ - ٥٩ ( المطبوع في مصنّفات الشيخ المفيد، ج ٥ )، عنه البحار: ٦ / ٢٧٩. وأورده أيضاً شاذان في الروضة: ٥ - مخطوط -.


١٥٩


وتعرين وتكسيني، وتمنعين نفسك من طيب الطعام وتطعميني، تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة، ثمّ أمرصلى‌الله‌عليه‌وآله أن تغسل ثلاثاً، فلمّا بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيده، ثمّ خلع قميصه فألبسها إيّاه ولفّها فوقه، ثمّ دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اُسامة وأبا أيّوب وغلاماً أسود يحفرون قبرها، فلمّا بلغوا اللحد حفره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأخرج ترابه بيده، فلمّا فرغ دخل فاضطجع فيه، ثمّ قال: الحمد لله الذي يحيي ويميت وهو حيّ لا يموت، [ اللّهمّ ](١) اغفر لاُمّي فاطمة بنت أسد، ولقّنها حجّتها، ووسّع عليها مدخلها، بحقّ نبيّك والأنبياء الذين من قبلي، فإنّك أرحم الراحمين.

ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد وضعها في اللحد: يا فاطمة، أنا محمّد سيّد ولد آدم ولا فخر، فإذا أتاك منكر ونكير فسألاك: من ربّك؟ فقولي: الله ربّي، ومحمد نبيّي، والاسلام ديني، والقرآن كتابي، وابني عليّ إمامي ووليّي.

ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم ثبّت فاطمة بالقول الثابت، ثمّ ضرب بيده اليمنى على اليسرى فنفضهما، ثم قال: والذي نفس محمّد بيده لقد سمعت فاطمة تصفيق يميني على شمالي.

وروي أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله كبّر عليها أربعين تكبيرة، فسأله عمّار عن ذلك، فقال: يا عمّار، التفتّ عن يميني فنظرت أربعين صفّاً من الملائكة، فكبّرت لكلّ صفّ تكبيرة.

وفي خبر آخر: يا عمّار، إنّ الملائك قد ملأت الفضاء، وفتح لها باب من الجنّة، ومهّد لها مهاد من مهاد الجنّة، وبعث إليها بريحان من ريحان الجنّة، فهي

__________________

١ - من الفصول المهمّة.


١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

كتاب الديات

ومقاصده ستة:الاول في الموجب

وهو: الاتلاف مباشرة، أو تسبيبا...الاول: المباشرة

وهي: فعل ما يحصل معه الاتلاف لا مع القصد، فالطبيب يضمن ما يتلف بعلاجه إن قصر، أو عالج طفلا أو مجنونا لم يأذن الولي، أو بالغا لم يأذن ولو كان حاذقا، وإن أذن له البالغ فآل إلى التلف ضمن على رأي في ماله، وهل يبرأ بالابراء قبله؟ فيه قولان(١) .

_____________________

(١) ذهب إلى الابرار الشيخ في النهاية: ٧٦٢، والحلبى في الكافى: ٤٠٢ والقاضى في المهذب ٢ / ٤٩٩، وغيرهم وأما القول الثانى، فقال الشيخ محمد حسن في جواهره ٤٣ / ٤٧: " ولكن لم نتحقق القاتل قبل المصنف(المحقق) وان حكى عن ابن ادريس.

نعم يظهر من الفاضل التردد فيه كالمصنف هما حيث اقتصر على نقل القولين وأما ما نقل عن ابن ادريس من أنه يذهب إلى عدم الابراء فلم أجد له موضعا، بل الموجود في السرائر خلافه، فان قال في ص ٤٢٩: " ومن تطب أو تبطير فليأخذ البراء‌ة من ولى من يطيبه أو صاحب الدابة والا فهو ضامن اذا هلك بفعله شئ، هذا اذا كان الذى جنى عليه الطبيب غير بالغ أو مجنونا، أما اذا كان عاقلا مكلفا فأمر الطيب بفعل شئ ففعله على ما أمره به فلا يضمن الطبيب، سواء البراء‌ة من الولى أو لم يأخذها " وقال السيد العاملى: ".

أما ابن ادريس فقد عرفت أنه ليس مخالفا " مفتاح الكرامة ١٠ / ٢٧٣(*)

٢٠١

وتضمن العاقلة ما يتلفه النائم بانقلابه وإن كانت ظئرا(١) للضرورة، وإن كانت للفخر فالدية في مالها(٢) .

ويضمن المعنف بزوجته بجماعة قبلا أو دبرا أو بضمه في ماله، وكذا(٣) الزوجة وحامل المتاع إذا كسره أو أصاب به غيره والصائح بالمريض أو المجنون أو الطفل(٤) أو العاقل مع غفلته أو بالمفاجأة(٥) بالصيحة مع التلف في ماله، وكذا المشهر سيفه في الوجه، ولو فر فألقى نفسه في بئر أو من سقف أو صادفه في هربه سبع قال الشيخ: لا ضمان(٦) ، ولو كان أعمى ضمن، أو مبصرا ولا يعلم البئر أو انخسف به السقف أو اضطره إلى مضيق فافترسه الاسد ضمن، والصادم هدر.

ويضمن دية المصدوم في ماله إذا لم يفرط - بأن يقف في المضيق(٧) - على إشكال، ولو تعثر بالجالس في المضيق ضمن الجالس، ولو تعثر بقائم فالعاثر هدر والقائم مضمون عليه، لا القيام من مرافق المشي بخلاف القعود، ولو مات المتصادمان فلورثة كل نصف ديته ونصف قيمة فرسه على الآخر ويقع التقاص في الدية، ولو ركب الصبيان بأنفسهما أو أركبهما الوليان فنصف دية كل منهما على عاقلة الآخر، ولو أركبهما أجنبي فديتهما عليه، ولو كانا عبدين تهادرا(٨) ولا يضمن المولى، ولو مات أحد المتصادمين فعلى الآخر نصف ديته، ولو كانا حاملين فعلى كل

_____________________

(١) وهى: المرضعة لغير ولدها، لانها تعطف على الرضيع، انظر: مجمع البحرين ٣ / ٦ ظأر.

٠٢) أى: ان الظئر ان كانت انما ظئرت للضرورة والفقر فالضمان على عاقلتها، وان كانت للفخر والعز فالضمان عليها من مالها خاصة.

(٣) أى: وكذا يمن ".

(٤) في(م): " أو الطفل أو المجنون ".

(٥) في(س) و(م): " أو المفاجاة ".

(٦) قاله في المبسوط ٧ / ١٥٩.

(٧) قال الشهيد في غاية المراد: " قوله: بأن يقف في المضيق تفسير للتفريط لا لعدم التفريط ".

(٨) في(س) و(م): " تهاترا "(*)

٢٠٢

[ واحدة ](١) نصف دية الجنين(٢) ، ولو مر بين الرماة فديته على عاقلة الرامي، إلا أن التحذير ويتمكن من العدول، ولو قرب البالغ صبيا فالضمان عليه لا على الرامي على إشكال.

ويضمن الختان حشفة الغلام لو قطعهما، ولو وقع على غيره من علو قصدا والوقوع قاتل قتل، وإلا فالدية، ولو اضطر أو قصد الوقوع لغير ذلك فالدية على العاقلة، ولو ألقاه الهواء أو زلق فلا ضمان، ولو أوقعه[ غيره ](٣) ضمنهما، ولو قمصت المركوبة بنخس ثالثة فصرعت الراكبة فالدية على الناخسة إن الجأت، وإلا القامصة، وقيل: بينهما(٤) ، وقيل: عليهما الثلثان(٥) .

ويضمن المخرج ليلا حتى يرجع، فإن عدم فالدية، وإن وجدت مقتولا فالقصاص، ولو ادعاه على غيره بالبينة برئ، ولو وجد ميتا ففي الضمان إشكال، ولو أنكر الولد أهله صدقت الظن مالم يعلم كذبها فتضمن الدية إلا أن تحضره أو من يشتبه به(٦) ، ولو استأجرت اخرى وسلمته ضمنته.

وعن الصادق عليه السلام في لص جمع الثياب ووطأ المرأة مكرها وقتل ولدها الثائر فلما خرج قتلته، ضمان(٧) أولياء اللص دية الولد، ودفع أربعة آلاف درهم إلى

_____________________

(١) في(الاصل): " واحد " والمثبت من(س) و(م) وهو الاصح.

(٢) في(س) و(م): " الجنينين ".

(٣) في(الاصل): " غيرهما " والصحيح ما اثبتناه وهو من(س).

(٤) قاله الشيخ في النهاية: ٧٦٣، والقاضى في المهذب ٢ / ٤٩٩.

(٥) قاله الشيخ المفيد في المقنعة: ١١٧، وابن زهرة في الغنية: ٥٥٩، والمحقق في الشرائع ٤ / ٢٥١، وغيرهم.

(٦) لفظ " به " لم يرد في(م).

(٧) في(س): " ضمن "(*)

٢٠٣

المرأة من تركته لمكابرتها(١) على فرجها، وليس عليها ضمان(٢) .

وعنه عليه السلام في امرأة أدخلت ليلة البناء بها صديقها(٣) إلى الحجلة فقتله زوجها فقتلت الزوج، تضمن المرأة دية الصديق وقتلها بالزوج(٤) .

وعن علي عليه السلام في أربعة سكروا فجرح اثنان وقتل اثنان، أن دية المقتولين على المجروحين، ووضع أرش الجراحات منها(٥) .

_____________________

(١) في(م): " لمكابرته ".

(٢) روى الحديث الكلينى في الكافى ٧ / حديث ١٢، والشيخ في التهذيب ١٠ / ٢٠٨ حديث ٨٢٣ بسندهما عن عبدالله بن طلحة عن أبى عبدالله عليه السلام قال: سألته عن رجل سارق دخل على امرأة ليسرق متاعها فلما جمع الثياب تابعته نفسه فكابرها على نفسها فواقعها، فتحرك ابنها فقام فقتله بفأس كان معه فلما فرغ حمل الثياب وذهب ليخرج، حملت عليه بالفأس فقتله، وجاء اهله يطلبون بدمه من الغد؟ فقال أبوعبدالله عليه السلام: اقض على هذا كما صفت لك، فقال: يضمن مواليه الذين يطلبون بدمه دية الغلام، ويضمن السارق فيما ترك أريعة ألاف درهم بمكابرتها(لمكابرتها) على فرجها، انه وهو في ماله عزيمة، وليس عليها في قتلها اياه شئ(لانه سارق) قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من كابر امرأة ليفجر بها فقتله فلا دية له ولا قود.علما بان الشق الاخير من الحديث الذى يبتدأ " قال رسول الله " تفرد بذكره الكلينى.وروى الحديث هذا الحديث الشيخ الصدوق في الفقيه ٤ / ١٢١ حديث ٤٢٢ بسنده عن يونس بن عبدالرحمن عن عبدالله بن سنان عن إبى عبدالله عليه السلام.

(٣) لفظ " إلى " ليس في(م).

(٤) روى هذا الحديث الكلينى في الكافى ٧ / ٢٩٤ حديث ١٣، والشيخ في التهذيب ١٠ / ٢٠٩ حديث ٨٢٤ بسندهما عن عبدالله بن لحة عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قلت: رجل تزوج امرأة، فلما كان ليلة البناء عمدت المرأة إلى رجل صديق لها فأدخلته الجملة، فلما دخل الرجل يباضع أهله ثار الصديق واقتتلا في البيت، فقتل الزوج لصديق، وقامت المرأة فضربت الزوج ضربة فقتله بالصديق، فقال: تضمن المرأة دية الصديق، وتقتل بالزوج.

ورواه الشيخ الصدوق باختلاف في الفقيه ٤ / ١٢٢ حديث ٤٢٦ بسنده عن يونس بن عبدالرحمن عن عبدالله بن سنان(*)

(٥) روى هذا الحديث الكلينى في الكافى ٧ / ٢٨٤ حديث ٥، والشيخ في التهذيب ١٠ / ٢٤٠ حديث ٩٥٦، بسندها عن محمد بن قيس عن أبى جعفر عليه السلام، قال: قضى أميرالمؤمنين عليه السلام في أربعة شربوا فسكروا، فأخذ بعضهم عل يبعض السلاح، فاقتتلوا فقتل اثنان وجرح اثنان، فأمر بالمجروحين فضرب كل واحد منهما ثمانين جلدة، وقضى بدية المقتولين على المجروحين، وأمر أن تقاس جراحة المجروحين فنرفع من الدية، فان مات المجروحان فليس على أحد من أولياء المقتولين شئ.

٢٠٤

الثاني: التسبيب

وهما لايحصل التلف إلا معه بغيره كوضع الحجر في الطريق أو ملك غيره فتلف العابر(١) ، فيضمن في ماله، ولو وضعه في ملكه أو مباح لم يضمن، وكذا لو نصب سكينا فمات العاثر، أو حفر بئرا في الطريق أو ملك غيره(٢) ، فلو رضي المالك به أو كان في الطريق لمصلحة المسلمين فلا ضمان.

ويضمن معلم السباحة في ماله لو غرق الصغير البالغ الرشيد، ولو رمى مع غيره بالمنجنيق فقتله سقط ما قابل فعله وضمن الباقون في مالهم(٣) حصصهم، ويتعلق الضمان بمن يمد الحبال لا ممسك الخشب وغيره، وكذا لو اشتركوا في هدم حائط فوقع على أحدهم.

ويضمن الراكب والقائد ما تجنيه الدابة بيديها ورأسها، فإن وقف أو ضربها أو ساقها ضمن جناية يديها ورجليها، ولو ركبها اثنان تساويا، ولوكان صاحبها معها ضمن دون الراكب، ولو ألقت الراكب لم يضمن المالك وإن كان معها، إلا أن ينفرها، ولو أركب مملوكه الصغير ضمن جناية الراكب، ويتعلق برقبة البالغ وفي المال يتبع.

والآذن لغيره في دخول منزله يضمن جناية الكلب، وإلا فلا، ويجب حفظ الصائلة فيضمن جنايتها لو أهمل، ولو جهل حالها أو لم يفرط فلا ضمان، ولا يضمن الدافع والهر كذلك، ولو جنت الداخلة ضمن صاحبها مع التفريط، ولا يضمن صاحب الاخرى جنايتها.

_____________________

(١) في(س) و(م): " فيتلف العائر ".

(٢) في(س): " ضمن ".

(٣) في(م): " ماله "(*)

٢٠٥

ولو سقط الاناء الموضوع على حائطه فلا ضمان لما يتلف به، ولا يضمن صاحب الحائط بوقوعه على أحد، فإن بناه مائلا إلى الطريق، أو بناه في غير ملكه، أو مال بعد بنائه إلى الطريق أو غير ملكه وتمكن من الازالة ضمن، ولو وقع قبل التمكن فلا ضمان، ولا يضمن ناصب الميزاب إلى الطريق بوقوعه، وكذا الرواشن(١) .

ولو أجج نارا في ملكه لم يضمن لو سرت إلى غيره، إلا مع الزيادة عن قدر الحاجة وغلبة الظن بالتعدي كأيام الهواء، ولو عصفت(٢) بغتة فلاضمان، ولو أجج في ملك غيره ضمن الانفس والاموال، ولو قصده(٣) قيد بالنفس مع تعذر الفرار.

ولو بالت دابته في الطريق قال الشيخ: يضمن لو زلق فيه غيره، ولو ألقى قمامة المنزل المزلقة أو رش الدرب قال: يضمن(٤) ، والوجه تخصيص الضمان بمن لم يشاهد القمامة والرش.

ولو اصطدمت سفينتان ضمن القيمان كل منهما نصف السفينتين وما فيهما من مالهما مع التفريط، وكذا الحمالان، ولو كانا مالكين فلكل على صاحبه نصف قيمة ما أتلفه، ولو لم يفرطا بأن غلبهما الهواء فلا ضمان، ولايضمن صاحب الواقفة

_____________________

(١) جمع روشن، وهى: أن تخرج أخشابا إلى الدرب وتبنى عليها وتجعل لها قوائم من أسفل، انظر: مجمع البحرين ٦ / ٢٥٥ روشن.

(٢) في(م): " عصف ".

(٣) في(م): " قصد ".

(٤) قالهما في المبسوط ٧ / ١٨٩(*)

٢٠٦

لو(١) وقعت عليها الاخرى، ويضمن صاحب الواقفة لو فرط، ولو أصلح السفينة حال السير أو أبدل لوحا أو أراد رم موضع فانهتك ضمن في ماله.

ولو وقع في زبية(٢) الاسد فتعلق بثان والثاني بثالث والثالث برابع، فعن علي عليه السلام: أن الاول فريسة الاسد وعليه ثلث دية الثاني، وعلى الثاني ثلثا دية الثالث، وعلى الثالث دية الرابع(٣) .

ويحتمل وجوب دية الثاني على الاول والثالث على الثاني والرابع على الثالث، ولو شرك بين مباشر الامساك والمشارك بالجذب، فعلى الاول دية ونصف وثلث، وعلى الثاني نصف وثلث، وعلى الثالث ثلث.

ولو جذب الاول ثانيا إلى بئر والثاني ثالثا وماتوا بوقوع كل منهم على صاحبه، فالاول مات بفعله وفعل الثاني فيسقط مقابل فعله، والثاني مات بجذبه الثالث وبجذب الاول فيسقط مقابل فعله، ولا ضمان على الثالث وله دية كاملة، فإن رجحنا المباشر فديته(٤) على الثاني، وإلا عليهما.

ولو صاح بصغير فارتعد وسقط من سطح ضمن، ولو خوف حاملا فأجهضت ضمن الجنين، ولو حفر في ملكه بئرا فسقط جدا جاره فلاضمان، ولو حفر بئرا قريبة العمق فعمقها آخر فالضمان على الاول، ويحتمل التساوي.

_____________________

(١) في(س) و(م): " اذا ".

(٢) قال المقدس في مجمعة " الزبية بالصم حفيرة تحفر لاسد، وهذه الواقعة مشهورة بين أصحابنا بلل بين غيرهم أيضا ".

(٣) روى الحديث الكلينى في الكافى ٧ / ٢٨٩ حديث ٣، والشيخ في التهذيب ١٠ / ٢٣٩ حديث ٩٥١، بسندها عن محمد بن قيس عن أبى جعفر عليه السلام قال: قضى أميرالمؤمنين عليه السلام في أربعة نفر اطلعوا في زبية الاسد، فخر أحدهم فاستمسك بالثانى واستمسك الثانى باثالث واستمسك الثالث بالرابع، حتى أسقط بعضهم بعضا على الاسد فقتلهم الاسد، فقضى بالاول فريسة الاسد وغرم أهله ثلث الدية لاهل الثانى وغرم أهل الثانى لاهل الثالث ثلثى الدية وغرم الثالث لاهل الرابع دية كاملة

(٤) في(م): " فالدية "(*).

٢٠٧

(ولو تصادمت مستولدتان بعد التكون علقة، وقيمة إحداهما مائتان والاخرى مائة، فلصاحب النفيسة مائة وعشرون، وعلى صاحب الخسيسة مائة، لانها أقل الامرين، وله سبعون، فيفضل عليه ثلاثون)(١) .

المقصد الثاني فيمن تجب عليه

تجب دية العمد وشبهه على الجاني في ماله، ودية الخطأ على العاقلة، فهنا مطالب:

الاول جهة العقل أربعة:

العصوبة، والعتق، وضمان الجريرة، والامامة.

فالعصبة كل من يتقرب بالاب أو بالابوين من الذكور البالغين العقلاء، كالاخوة وأولادهم والعمومة وأولادهم(٢) وإن كان غيرهم أولى بالميراث، قال الشيخ: ولا يدخل الآباء والاولاد، ولا يشركهم القاتل ولا الفقير، ويعتبر فقره عند المطالبة، ويقدم المتقرب بالابوين على المتقرب بالاب(٣) .

ويعقل المولى من أعلى لامن أسفل، ويعقل الضامن لا المضمون، ويقدم العصبة ثم المعتق ثم ضامن الجريرة ثم الامام، ولا تعقل العاقلة عبدا ولا صلحا ولا عمدا مع وجود القاتل وإن أوجبت الدية كقتل الاب، ولا ما يجنيه على نفسه خطأ

_____________________

(١) ما بين القوسين لم يرد في(م) ورود في متن نسخة(الاصل) ورود في متن نسخة(الاصل) وفي حاشيتها: " هذه المسألة ضرب المصنف رحمه الله عليها بخطه ".ورد أيضا في حاشية(س) مع وجود علامة القسط والصحة، ورود أيضا في(ع) معبرا عنه بالنسخة.قال الشهيد رحمه الله في غاية المراد بعد نقل نص ما بين القوسين: " أقول: هذه المسألة مضروب عليها في أصل المصنف الذى بخطه، وهى موجودة في أكثر النسخ، لانها ستارت قبل الضروب من المنصف أو غيره " فتأمل ".

(٢) لفظ " والعمومة وأولادهم " لم يرد في(م).

(٣) قاله في المبسوط ٧ / ١٧٤ و ١٧٥.

٢٠٨

ولا إقرارا، ودية جناية الذمي في ماله وإن كانت خطأ، فإن عجز فعلى الامام، وتحمل العاقلة دية الموضحة فما زاد، للشيخ(١) قولان فيما دونهما.

الثاني: في كيفية التوزيع

وتقسط على الغني نصف دينار وعلى الفقير ربع، وقيل: بحسب ما يراه الامام(٢) ، وتؤخذ من الاقرب، فإن ضاقت فمن الابعد أيضا، فإن ضاقت فمن المعتق، فإن ضاق فمن عصبة المعتق، فإن ضاقت فمن معتق المعتق، فإن ضاقت فمن عصبة معتق المعتق، فأن فقد(٣) فمن معتق[ معتق ](٤) المعتق، فإن فقد فمن معتق أب المعتق، فإن فقد فمن عصبة معتق أب المعتق وهكذا، ولو زادت الدية عن العاقلة أجمع فمن الامام، وقيل: من القاتل(٥) ، ولو زادت العاقلة عن الدية لم يخص البعض، ولو غاب البعض لم يخص الحاضر.

وتستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين من حين الموت، وفي الطرف من حين الجناية، وفي السراية من حين الاندمال، ولا يتوقف الاجل على الحاكم، ولو مات بعض العاقلة بعد الحلول لم تسقط عن تركته، ولو هرب قاتل العمد وشبيهه أو مات أخذت من الاقرب إليه ممن يرث ديته، فإن فقد فمن بيت المال.

قال الشيخ: ويستأدى الارش بعد حول إن لم يزد على الثلث، وإلا اخذ

_____________________

(١) ذهب إلى التحميل في الخلاف: مسألة ١٠٦ من كتاب الديات وذهب إلى عدم التحميل في النهاية: ٧ ٧٣.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٧ / ١٧٨، والمحقق في الشرائع ٤ / ٢٩٠، وغيرهما.

(٣) في(س) و(م): " فان ضافت "

(٤) زادة من في(س) و(م).

(٥) قال الشهيد في غاية المراد: " قول المصنف: وقيل القاتل، ما قواه المحقق من أنها على الاخ، فلا يكون ذلك قولا للمحقق، وليس هناك قائل فيما علمته بكونها على القاتل من خصوصيد هذه المسألة، نعم لو كانت العاقلة فقراء ابتداء وجبت على القاتل عند الشيخ في النهاية وسلار وأبى الصلاح ".

٢٠٩

الزائد بعد الحول الثاني، ولو كان أكثر من الدية كاليدين والرجلين لاثنين حل لكل واحد ثلث بعد سنة، وإن كان لواحد حل له ثلث لكل جناية سدس(١) .

الثالث: في الاحكام

فلا(٢) يعقل إلا من عرف كيفية انتسابه إلى القاتل، ولا يكفي كونه من القبيلة، ولو قتل الاب ولده خطأ فالدية على العاقلة، وأجود القولين(٣) منعه من الارث فيها لا في التركة(٤) ، ولا يضمن العاقلة جناية بهيمة ولا إتلاف مال وإن كان المتلف صبيا أو مجنونا.

ولو رمى طائرا ذميا(٥) ثم أسلم فقتل السهم مسلما، لم يعقل عصبته المسلمون

_____________________

(١) قاله في المبسوط ٧ / ١٧٦.

(٢) في(م): " ولا " وقال المقدس في مجمعه: " عدم الفاء أظهر، كانه أراد التفريح على ما سبق من أنه لما كان العقل على ما سبق أنه لما كان العقل على القرابة وذى النسب أولا فلا يضمن الا من عليه كيفية انتسابه إلى القاتل ".

(٣) لا اشكال في أن القاتل عمدا ظلما لا يرث مقتوله، انما الاشكال فيما اذا كان القاتل خطأ، فهل يرث مقتوله؟ فيه ثلاثة أقول:

(أ) يرث مطلقا، وهو اختيار سلار في المراسم ٢١٨، والمحقق في الشرائع ٤ / ١٤، وغيرهما.

(ب) بمنع مطلقا، وهو اختيار الفضل بن شاذان كما عنه في الكافى ٧ / ١٤٢، وابن أبى عقيل كما عنه في المختلف: ٧٤٢، وظاهر الكلينى في الكافى ٧ / ١٤٢ فانه نقله عن الفضل وسكت، وغيرهم.

(ج) يمنع من الدية خاصة، وهو اختيار ابن الجنيد كما عنه في المختلف ٧٤٣، والسيد المرتضى في الانتصار: ٣٠٧، وأبوالصلاح في الكافى: ٣٧٥، وابن البراج في المهذب ٢ / ١٦٢، وابن حمزة في الوسيلة: ٤٧٥، وابن زهرة في الغنيية ٥٤٦، وابن ادريس في السرائر ٤٠٥ وغيرهم ولزيادة راجع: مفتاح الكرامة ٨ / ٤١ ٤٦، جواهر الكلم ٣٩ / ٣٧ ٤٠.

(٤) في(م): " وأجود القول منعه ممن الارث منها من التركة ".

(٥) لفظ " ذميا " منصوب على الحال، أى: رمى في حال كونه ذميا، وفي(م): " ذمى ".

٢١٠

لانه حال الرمي ذمي، ولا الكفار لتجدد الرمي ذمي، ولا الكفار لتجدد إسلامه، فيضمن الديد في ماله، ولو رمى طائرا مسلما(١) ثم ارتد ثم أصاب مسلما م يعقل عصبت المسلمون على إشكال، ولا الكفار.

والشركاء في عتق عبد واحد كالواحد يلزمهم نصف دينار، فإن مات أحدهم لم يضمن عصبته أكثر من حصته.

والمتولد بين عتيقين يعقله مولى الاب، فإن كان الاب رقيقا عقله مولى الام، فإن اعتق الاب انجر الولاء، فإن جنى الولد قبل جر الولاء فأرش الجناية على مولى الام والزائد بالسراية بعد الانجرار على الجاني، لانه نتيجة جناية قبل الجر فلا يحمله مولى الاب، وحصل بعد الجر فلا يحمله مولى الام، وهو بين موال فلا يحمله الامام.

المقصد الثالث في دية النفس

المقتول إما مسلم(٢) ومن هو بحكمه، أو كافر، والثاني لادية له إلا أن يكون يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا، فديته ثمانمائة درهم إن كان ذكرا حرا، وإن كان عبدا فقيمته مالم تتجاوز دية مولاه، وإن كان انثى فأربعمائة، وإن كانت أمة فقيمتها ما لم تتجاوز دية الذمية، وحكم أطفالهم حكمهم، وفي المسلم عبد الذمي إشكال.

وأما المسلم ومن هو بحكمه من الاطفال المولودين على الفطرة أو الملتحق بإسلام أحد أبويه، فإن كان حرا ذكرا وكان القتل عمدا فديته أحد الستة: إما ألف دينار، أو ألف شاة، أو عشرة آلاف(٣) درهم، أو مائتا حلة هي أربعمائة ثوب من برود اليمن، أو مائة من مسان الابل، أو مائتا بقرة، وتستأدي في سنة واحدة من مال الجاني، ويتخير الجاني في بذل أيها شاة، ولا تجزي المراض ولا القيمة.

_____________________

(١) لفظ " مسلما " منصوب على الحال، أى رمى في حال كونه مسلما.

(٢) في(م): " أما ".

(٣) في(س): " ألف "(*)

٢١١

ودية شبيه العمد ثلاث وثلاثون حقة وثلاث وثلاثون بنت لبون وأربع وثلاثون ثنية طروقة الفحل، أو أحد الخمسة المذكورة من مال الجاني في سنتين، ويرجع في معرفة الحامل إلى العارف، فإن ظهر الغلط وجب البدل، وكذا لو أزلقت(١) قبل التسليم وإن احضر، وإن(٢) كان بعده فلا شئ.

ودية الخطأ المحض أحد الخمسة، أو مائة من الابل: عشرون بنت مخاض وعشرون ابن لبون ذكر وثلاثون بنت لبون وثلاثون حقة من مال العاقلة، وتستأدى في ثلاث سنين وإن كانت دية طرف.

ولو قتل في الشهر الحرام أو الحرم الزم دية وثلثا، ولا تغليظ في الاطراف، ولو رمى في الحل فقتل في الحرم غلظ، وفي العكس إشكال، ويضيق على الملتجئ إلى الحرم إلى أن يخرج فيقتص منه، ولو جنى في الحرم اقتص منه فيه(٣) ، قال الشيخ: وكذا في مشاهد الائمة عليهم السلام(٤) .

ودية الانثى نصف ذلك، وولد الزنا كالمسلم على رأي، وكالذمي على رأي، ولا دية لغير الذمي وإن كانوا أهل عهد أو لم تبلغهم الدعوة، ودية العبد قيمته ما لم تتجاوز دية الحر فترد إليها.

ودية جنين الحر المسلم مائة دينار إذا تم ولم تلجه الروح ذكرا كان أو انثى، وجنين(٥) الذمي عشر دية أبيه، والمملوك عشر قيمة امه المملوكة، وتعتبر قيمتها وقت الجناية لا الالقاء، ولو كان الحمل زائدا عن واحد فلكل واحد دية.

_____________________

(١) أى: أسقطت.

(٢) في(م): " ولو ".

(٣) لفظ " فيه " لم يرد في(م).

(٤) قاله في النهاية: ٦ ٧٥.

(٥) في(م): " ودية جنين "(*)

٢١٢

ولو ولجته الروح فدية كاملة للذكر ونصف للانثى بشرط تيقن(١) الحياة، ولو لم تتم خلقته قيل: غرة(٢) ، والمشهور في النطفة بعد استقرارها عشرون دينارا وفي العلقة أربعون، وفي المضغة ستون، وفي العظم ثمانون، وفيما بين ذلك بحسابه.

ولو قتلت ومات معها بعد علم حياته فدية للمرأة ونصف الديتين للجنين إن جهل حاله، ولو علمت الذكورة أو الانوثة حكم بديتها، ولو ألقته ضمنت وإن كان تسبيبا، ولو افزعت فالدية على المفزع، ولو افزع المجامع فعزل فعليه عشرة دنانير.

ولو أسلمت الذمية بعد الضرب ثم ألقته لزمه دية جنين مسلم، ولو ضرب الحربية فلا شئ لعدم الضمان حال الضرب، ولو كانت أمة فاعتقت فللمولى عشر قيمة أمته يوم الجناية.

ولو اعترف الجاني بحياته ضمن العاقلة جنينا غير حي والضارب الباقي، ولو أنكر فأقام هو والولي بينتين(٣) حكم للولي، ولو ألقته فمات بعد الالقاء، أو بقي ضمنا(٤) حتى مات، أو كان صحيحا ومثله لا يعيش قتل الضارب مع العمد، ولو كانت حياته مستقرة فقتله آخر عزر الاول وقتل الثاني مع العمد، ولو لم تكن مستقرة عزر الثاني وقتل الاول، ولو اشتبه فلا قود وعليه الدية، ولو وطأها ذمي ومسلم واشتبه اقرع والزم الضارب دية جنين من الحق به.

_____________________

(١) في متن(س): " تعيين " وفى الحاشية: " تيقن خ ل ".

(٢) الغرة عند الفقهاء: العبد الذى ثمنه عشر الدية، انظر: مجمع البحرين ٣ / ٤٢٢، غرر ويحتمل في نسخة(الاصل) و(س): " عشرة " وعلى كل حال فالقائل بهذا القول الشيخ في الخلاف: مسألة ١٢٦ من كتاب الفرائض: وفيه: أن عليه غرة.

(٣) في(م): " ببينتين ".

(٤) أى: مريضا زمنا، انظر: لسان العرب ١٣ / ٢٦٠ ضمن(*)

٢١٣

ولو ألقت عضوا فدية عضو الجنين، وكذا لو ألقت أربعة أيد، ولو ماتت لزمه ديتها ودية الجنين، ولو ألقت العضو ثم الجنين تداخلت دية العضو في دية الجنين، سواء كان ميتا أو حيا غير مستقر الحياة، ولو استقرت حياته ضمن دية اليد، ولو تأخر وحكم العارفون بأنها يدحي فنصف الدية، وإلا فنصف المائة.

ويرث دية الجنين وارث المال الاقرب فالاقرب، ودية جراحاته وأعضائه(١) بنسبة ديته، وفي قطع رأس الميت مائة دينار، وفي جوارحه وشجاجه بحسب ذلك، ويصرف في وجوه البر لا الوارث، وقال المرتضى(٢) : لبيت المال(٣) .

تتمة: من أتلف مأكول اللحم أو غيره مما تقع عليه الذكاة بالذكاة ضمن الارش، وليس للمالك دفعه وأخذ القيمة على رأي، ولو أتلفه لا بالذكاة أو ما لاتقع عليه الذكاة فالقيمة، ففي كلب الصيد أربعون درهما، وفي كلب الغنم كبش أو عشرون(٤) ،

_____________________

(١) في(م): " ودية أعضائه وجراحاته ".

(٢) قال النجاشى في رجاله ٢٧٠ و ٢٧١: " على بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى ابن ابراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب عليه السلام، أبوالقاسم المرتضى، حاز من العلوم ما لم يدانه فيه أحد في زمانه، وسمع من الحديث فأكثر، وكان متكلما شاعرا أديبا عظيم المنزلة في العلم والدين والدنيا.

مات رضى الله عنه لخمس بقين من شهر ربيع الاول سنة ست وثلاثين وأربعمائه، وصلى عليه ابنه في داره ودفن فيها، وتوليت غسله ومعى الشريف أبويل محمد بن الحسن الجعفرى وسلار بن عبدالعزيز " وقال المصنف في رجاله:٩٤ ".ذو المجدين علم الهدى رضى الله عنه، متوحد في علوم كثيرة مجمع على فضله مقدم في علوم، مثل علم الكلام والفقيه واصول الفقه في علوم كثيرة مجمع على فضله مقدم في علوم، مثل علم الكلام والفقه واصول الفقه والادب من النحو والشعر واللغة وغير ذلك، وله ديوان شعر يزيد على عشرين ألف بيت.وكان مولده سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، ويوم توفى كان عمره ثمانين سنة وثمانية أشهر وأيام، نضر الله وجهه.

(٣) نقله عنه المحقق في الشرائع ٤ / ٢٨٤، ولم أجده في كتبه المتوفرة لدى.

(٤) في حاشية(س): " درهما خ ل "(*)

٢١٤

وفي كلب الحائط عشرون، وفي كلب الزرع قفيز(١) بر، ولا قيمة لغيرها من الكلاب، وهذه التقديرات للقاتل، أما الغاصب فالقيمة وإن زادت، ولو أتلف على الذمي خنزيرا فالقيمة عند مستحليه وفي أطرافه الارش، ولو أتلف الذمي(٢) خمرا أو آلة لهو لمثله ضمنها، ولو كان مسلما لمسلم أو لذمي متظاهر فلا ضمان، ولو كان لذمي مستتر ضمن بقيمته عند مستحليه، ولو جنت الماشية على الزرع ضمن مالكها مع التفريط لا بدونه، وقيل: يضمن ليلا لانهارا(٣) ، وعن علي عليه السلام في بعير عقل أحد الاربعة يده فوقع في بئر فاندق: يضمن(٤) الثلاثة حصته(٥) .

المقصد الرابع في دية الاطراف

كل ما لا تقدير فيه ففيه الارش، وفي شعر الرأس أو اللحية الدية، فإن نبتا(٦) فالارش، وفي شعر المرأة ديتها، فإن نبت فمهر نسائها، وفي الحاجبين خمسمائة دينار، وفي أحدهما النصف، وفى البعض بالحساب، وفي الاهداب الارش ولا شئ مع الاجفان وقال الشيخ: الدية، ومع الاجفان ديتان(٧) .

_____________________

(١) في(م): " قفيز من بر "

(٢) لفظ " على الذمى " لم يرد في(م).

(٣) ذهب اليه الشيخ في المبسوط ٨ / ٧٩ وأبوالصلاح في الكافى: ٤٠١، وابن حمزة في الوسيلة: ٤٢٨، وغيرهم.

(٤) في(م): " تضمين ".

(٥) روى هذا الحديث الشيخ في التهذيب ١٠ / ٢٣ حديث ٩١٠، والصدوق في الفقيه ٤ / ١٢٧ حديث ٤٥٠، بسندهما عن محمد بن قيس عن ابى جعفر عليه السلام قال: قضى اميرالمؤمنين عليه السلام في أربعد أنفس شركاء في بعير، فعقله أحدهم فانطلق البعير فبعث في عقاله فتردى فانكسر، فقال أصحابه للذى عقله: اغرام لنا بعيرنا، قال: فقضى بينهم أن يغرموا له من أجل أنه أوثق حظه فذهب بحظه.

(٦) في(س): " ثبتا ".

(٧) قاله في الخلاف: مسألة ٢٥ من كتاب الديات، وفي(س) وم): " الديتان ".

٢١٥

وفي العينين الدية، وفي كل واحدة النصف، وفي الاجفان الدية، وفي كل واحد الربع على رأي، وفي البعض بالحساب، ولا تتداخل مع العين، وفي صحيحة الاعور خلقة أو بآفة من الله الدية، ولو استحق أرشها فالنصف، وفي خسف العوراء الثلث.

وفي الانف الدية، وكذا مارنه(١) أو كسر ففسد، ولو جبر على غير عيب فمائة، وفي شلله ثلثا ديته، وفي الروثة - وهي: الحاجز - نصف الدية، وفي أحد المنخرين النصف، وقيل: الثلث(٢) .

وفي الاذنين الدية، وفي كل واحدة النصف، وفي البعض بالحساب، وفي شحمتها ثلث ديتها، وفي خرمها ثلث ديتها.

وفي الشفتين الدية وفي كل واحدة النصف، وقيل: الثلث في العليا(٣) ، وقيل: أربعمائة وفي السفلى الباقي وفي البعض بالنسبة مساحة(٤) ، وحد السفلى: ما يتجافى(٥) عن اللثة مع طول الفم، والعليا: ما يتجافى(٦) عنها متصلا بالمنخرين مع طول الفم، وليست حاشية الشدقين منهما، فإن تقلصت فالحكومة، وقيل: ديتها(٧) ، وفي الاسترخاء الثلثان.

وفي اللسان الدية، وفي الاخرس الثلث، وفي البعض بنسبة ما يسقطه من حروف المعجم - وهي: ثمانية وعشرون حرفا(٨) - فلو أسقط نصفها فنصف الدية

_____________________

(١) المارن: ما دون قصبة الانف، وهو: مالان، انظر: مجمع البحرين ٦ / ٣١٦ مرن.

(٢) ذهب اليه ابن الجنيد كما عنه في المختلف: ٨١٩، والمحقق في الشرائع ٤ / ٢٦٣، وغيرهما.

(٣) اختاره الشيخ في المبسوط ٧ / ١٣٢، وسلار في المراسم، ٤ ٢٤، والحلبى في الكافى: ٣٩٨، وغيرهم.

(٤) قاله ابن حمزة في الوسيلة:، ٤٤٣ وعيره، وفي(م): " وفى البعض بنسية مساحته ".

(٥) و(٦) في(س) و(م): " ما تجافى ".

(٧) قاله الشيخ في المبسوط ٧ / ١٣٣.

(٨) لفظ " حرفا " لم يردفى(م)(*)

٢١٦

وإن قطع ربعه، وبالعكس(١) ، وفي الاخرس بالمساحة، ولو ازداد سرعة أو ثقلا أو[ نقل ](٢) الفاسد إلى الصحيح فالحكومة، فإن جنى آخر بعد ذهاب بعض الحروف أخذ بنسبما ذهب من الباقي، ولو قطعه آخر بعد إعدام الكلام فعليه الثلث، وفي لسان الطفل الدية، فإن بلغ حد الكلام ولم يتكلم فالثلث، فإن تكلم بعد[ قطعه ](٣) حسب الذاهب من الحروف وأخذ من الجاني بنسبته، ويصدق الصحيح في ذهاب نطقه عند الجناية مع القسامة بالاشارة، ولو اذهب النطق عاد فللشيخ قولان(٤) في استعادة الدية، ولو أنبت الله اللسان بعد قطعه فلا استرجاع وكذا سن المثغر(٥) ولو كان له طرفان فأذهب أحدهما ونطق بالحروف فالارش.

وفي الاسنان الدية، وتقسم على ثمانية وعشرين: اثنا عشر مقاديم ثنيتان ورباعيتان ونابان ومثلها من أسفل وستة عشر مآخير، وهي: من كل جانب ضاحك وثلاثة أضراس، ففي كل سن من المقاديم خمسون دينارا، وفي كل من المآخير خمسة[ و ](٦) عشرون، وفي الزائدة المنفردة(٧) الثلث، ولا شئ مع الانضمام، فإن اسودت بالجناية ولم تسقط أو انصدعت(٨) فالثلثان، وفى المسودة الثلث، ودية السن في الظاهر مع السنخ، ولوكسر الظاهر خاصة فالدية فإن قلع آخر

_____________________

(١) أى: لو أسقط ربعها فربع الدية وان قطع نصفه.

(٢) في(الاصل) و(س): " تنقل " والمثبت من هو الانسب.

(٣) زيادة من(س).

(٤) ذهب إلى الاستعادة في المبسوط ٧ / ١٣٦، وذهب إلى عدم الاستعادة في الخلاف: مسألة ١٣٦ من كتاب الديات.

(٥) أى: وكذا في سن المثعر لاسترجاع فيه، والمثغر: من سقطت أسنانه الرواضع التى من شأنها السقوط ونبت مكانها، انظر: مجمع البحرين ٣ / ٢٣٦ ثغر، وفي(م): " المتغر ".

(٦) زيادة من(س) و(م).

(٧) في(س) و(م): " منفردة ".

(٨) في(س) و(م): " تصدعت "

٢١٧

فعليه حكومة، فإن(١) نبت سن الصغير فالارش، وإلا الدية.وفي العنق إذا كسر فاضور(٢) أو منع الازدراد فالدية، فإن زال فالارش، وفي اللحيين(٣) من الطفل أو من(٤) لا أسنان له الدية، ولو قلعا مع الاسنان فديتان، وفي نقصان المضغ أو تصلبهما الارش.

وفي اليدين الدية، وفي كل واحدة(٥) النصف، وحدهما: المعصم، فإن قطع معها بعض الزند فالدية وحكومة، وإن قطعت من المرفق أو المنكب فدية واحدة، ولوكان على المعصم كفان باطشان فالازيد[ بطشا ](٦) هو الاصلي وإن كانت منحرفة عن الساعد، ولو تساويا فلا قصاص في إحداهما وفيه نصف دية اليد وزيادة حكومة، وفي الذراعين الدية، وكذا في العضدين، وفي كل اصبع من اليدين أو الرجلين مائة دينار، وفي كل أنملة ثلثها، إلا في الابهام فالنصف، وفي الزائدة ثلث الاصلية سواء الاصبع والانملة، وفي شلل الاصبع ثلثا ديتها، وفي قطع المشلولة الثلث وإن كان خلقة، وفي الظفر عشرة دنانير إن لم ينبت أو نبت أسود، فإن نبت أبيض فخمسة، ولو قطعت اليد دخلت الاصابع في ديتها، فإن قطع الكف بعد الاصابع فالحكومة.

وفي الظهر إذا كسر أو أحدودب أو تعذر القعود فالدية، فإن صلح فالثلث، ولو كسر الصلب وجبر على غير عيب فمائة دينار(٧) ، فإن عثم(٨) فألف، ولو شلت الرجلان بكسرة فدية وثلثان، ولو ذهب مشيه وجماعه بكسره فديتان.

_____________________

(١) في(م): " وان ".

(٢) أى: التورى، انظر: مجمع البحرين ٣ / ٣٧٥ ضور.

(٣) بفتح الام: العظمان اللذان تنبت اللحية عل بشرتهما، ويقال لملتقاهما الذفن، وعليهما نبات الاسنان السفلى، انظر: مجمع البحرين ١ / ٣٧٣ لحا.

(٤) في(م): " ومن لا ".

(٥) في(س): " واحد ".

(٦) زيادة من(س).

(٧) لفظ " دينار " لم يرد في(م).

(٨) أى: انجير على غير استواء، انظر: لسان العرب ١٢ / ٣٨٤ عثم

٢١٨

وفي قطع النخاع الدية، وفي الذكر وإن كان للصبي أو المسلول أو الحشفة فما زاد الدية، ولو قطع بعض الحشفة نسب المقطوع إلى باقيها خاصة، ولو قطع الحشفة وآخر الباقي فعلى الاول دية وعلى الثاني حكومة، وفي العنين الثلث.

وفي الخصيتين الدية، وفي كل واحدة النصف، وقيل: في اليسرى الثلثان(١) ، وفي ادرة(٢) الخصيتين أربعمائة دينار، فإن فحج(٣) وتعذر المشي فثمانمائة[ دينار ](٤) وفي الاليين الدية، وفي كل واحدة النصف.

وفي الرجلين الدية، وفي كل واحدة النصف، وحدهما: مفصل الساق(٥) ، وفي الساقين الدية، وكذا في الفخذين، وفي الشفرين الدية(٦) ، وفي كل واحدة(٧) النصف(٨) ، وفي الركب حكومة.

وفي إفضائها ديتها إلا من الزوج للبالغة، فإن كان قبله ضمن الزوج المهر والدية وأنفق حتى يموت أحدهما، وإن أكرهها غير الزوج فالمهر الدية، ولا مهر لو طاوعته وعليه الدية، ولو كانت بكرا فلها أرش البكارة زائدا عن المهر، فإن اقتض بكرا بإصبعه فخرق مثانتها بحيث لا تملك بولها فالدية ومهر المثل.

وفي الثديين ديتها، وفي كل واحد(٩) النصف، ولو انقطع اللبن أو تعذر

_____________________

(١) قاله سلار في المراسم: ٢٤٤، والقاضى في المهذب ٢ / ٤٨١، وابن حمزة في الوسيلة: ٤٥١.

(٢) وهى: النفخة، انظر: العين ٨ / ٦٥ أدر.

(٣) الفحج: تباعد ما بين الرجلين، انظر: مجمع البحرين ٢ / ٣٢١ فحج، والمراد منه هنا شدد انتفاخ الخصيتين، بحيث تكون سببا في تباعد ما بين الرجلين فيتعذر المشى.

(٤) زيادة من(س).

(٥) في(س): " الساقين ".

(٦) في(س) و(م): " دية المرأة ".

(٧) في(س) و(م): " واحد ".

(٨) في(س): " نصف ".

(٩) في(م): " واحدة "

٢١٩

نزوله منهما فالحكومة، فإن قطع معهما شئ(١) من جلد الصدر فديتها(٢) والحكومة، وفي الحملتين ديتهما(٣) ، وكذا في حلمتي الرجل على رأي، وقيل: في حلمتي(٤) الرجل الثمن(٥) .

وفي كل ضلع يخالط القلب إذا كسر خمسة وعشرون دينارا، وفيما يلي العضدين عشرة، وفي كسر البعصوص(٦) بحيث لا يملك الغائط، أو العجان(٧) بحيث لا يملك الغائط والبول الدية.

وفي كسر عظم من عضو خمس دية العضو، فإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية كسره، وفي موضحته ربع دية كسره، وفي رضه ثلث ديته، فإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية رضه، وفي فكه بحيث يتعطل العضو ثلثا ديته، فإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية فكه.

وفي الترقوة(٨) إذا كسرت فجبرت على غير عيب أربعون[ دينارا ](٩) ومن داس بطن إنسان حتى أحدث اقتص منه، أو فدى نفسه بثلث الدية.

_____________________

(١) في(م): " شيئا ".

(٢) في(س): " فديتهما ".

(٣) قال الشهيد في غاية المراد: " الضمير في ديتهما يعود إلى الثديين، والمراد منه: حملتا ثدى المرأد ".

(٤) في(س): حملة ".

(٥) هذا القول في كتاب ظريف بن ناصح عنه في الفقيه ٤ / ٩٥ والتهذيب ١٠ / ٦٥، واختاره أيضا الشيخ الصدوق في الفقيه ٤ / ٩١، وابن حمزه في الوسيلة: ٤٥٠، وابن سعيد في الجامع: ٥٩٠.

(٦) وهو: عظم دقيق حول الدبر، انظر: مجمع البحرين ٤ / ١٦٤ بعص.

(٧) وهو: ما بين الخصيصة وحلقة الدبر، انظر: مجمع البحرين ٦ / ٢٨١ عجن.

(٨) وهى: العظام المكتنفة لثغرة النحر، انظر: مجمع البحرين ٥ / ١٤٢ ترق.

(٩) زيادة من(س).

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592