تسلية المجالس وزينة المجالس الجزء ١

تسلية المجالس وزينة المجالس10%

تسلية المجالس وزينة المجالس مؤلف:
المحقق: فارس حسون كريم
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 592

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 592 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 337233 / تحميل: 8191
الحجم الحجم الحجم
تسلية المجالس وزينة المجالس

تسلية المجالس وزينة المجالس الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

امرأة قتلت رجلا قال تقتل به ولا يغرم أهلها شيئا.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول في رجل قتل امرأة متعمدا فقال إن شاء أهلها أن يقتلوه ويؤدوا إلى أهله نصف الدية وإن شاءوا أخذوا نصف الدية خمسة آلاف درهم وقال في امرأة قتلت زوجها متعمدا فقال إن شاء أهله أن يقتلوه قتلوها وليس يجني أحد أكثر من جنايته على نفسه.

٥ ـ ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن الحلبي وأبي عبيدة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سئل عن رجل قتل امرأة خطأ وهي على رأس الولد تمخض قال عليه الدية خمسة آلاف درهم وعليه للذي في بطنها غرة وصيف أو وصيفة أو أربعون دينارا.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبان بن تغلب قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما تقول في رجل قطع إصبعا من أصابع المرأة كم فيها قال عشر من الإبل قلت قطع اثنين قال عشرون قلت قطع ثلاثا قال ثلاثون قلت قطع أربعا قال عشرون قلت سبحان الله يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون إن هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممن قاله ونقول الذي جاء به شيطان فقال مهلا يا أبان هكذا حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن المرأة تقابل الرجل إلى ثلث الدية فإذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف يا أبان إنك أخذتني بالقياس والسنة إذا قيست محق

الحديث الرابع : صحيح.

الحديث الخامس : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « أو أربعون دينارا » خلاف ما عليه الأصحاب ، وحمله الشيخ تارة على التقية ، وأخرى على ما إذا كان علقة وسيأتي القول فيه.

الحديث السادس : حسن كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « مهلا » أي اسكت وانظر في حتى أجيبك ، ويدل على عدم حجية القياس بالطريق الأولى أيضا فلا تغفل.

٦١

الدين.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المرأة بينها وبين الرجل قصاص قال نعم في الجراحات حتى تبلغ الثلث سواء فإذا بلغت الثلث ارتفع الرجل وسفلت المرأة.

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن الحلبي قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن جراحات الرجال والنساء في الديات والقصاص فقال الرجال والنساء في القصاص سواء السن بالسن والشجة بالشجة والإصبع بالإصبع سواء حتى تبلغ الجراحات ثلث الدية فإذا جاوزت الثلث صيرت دية الرجل في الجراحات ثلثي الدية ودية النساء ثلث الدية.

٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد ، عن أبي مريم الأنصاري ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال أتي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله برجل قد ضرب امرأة حاملا بعمود الفسطاط فقتلها فخير رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أولياءها أن يأخذوا الدية خمسة آلاف درهم وغرة وصيف أو وصيفة للذي في بطنها أو يدفعوا إلى أولياء القاتل خمسة آلاف [ درهم ] ويقتلوه.

الحديث السابع : حسن.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

الحديث التاسع : صحيح.

وهذا الخبر وما تقدمه بظواهرها تدل على أن الخيار في القود والدية إلى أولياء المقتول كما ذهب إليه ابن الجنيد ، إلا أن يأول بما قدمنا ذكره بأن يكون مبنيا على ما هو الغالب من رضا الجاني بالدية ، على أنه يجوز أن يكون في خصوص تلك الصورة الحكم كذلك ، لاشتمالها على الرد من الولي كما قال العلامة (ره) في القواعد ، ولو امتنع الولي أو كان فقيرا فالأقرب أن له المطالبة بدية الحرة إذ لا سبيل إلى طل الدم ـ انتهى.

والقول به في خصوص هذه الصورة قوي ، لدلالة الأخبار الكثيرة عليه.

٦٢

١٠ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي بصير ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال قلت له رجل قتل امرأة فقال إن أراد أهل المرأة أن يقتلوه أدوا نصف ديته وقتلوه وإلا قبلوا الدية.

١١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال جراحات المرأة والرجل سواء إلى أن تبلغ ثلث الدية فإذا جاز ذلك تضاعفت جراحة الرجل على جراحة المرأة ضعفين.

١٢ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل فقأ عين امرأة فقال إن يشاءوا أن يفقئوا عينه ويؤدوا إليه ربع الدية وإن شاءت أن تأخذ ربع الدية وقال في امرأة فقأت عين رجل أنه إن شاء فقأ عينها وإلا أخذ دية عينه.

١٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال إن قتل رجل امرأة وأراد أهل المرأة أن يقتلوه أدوا نصف الدية إلى أهل الرجل.

١٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن عبد الكريم ، عن ابن أبي يعفور قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل قطع إصبع امرأة قال يقطع إصبعه حتى ينتهي إلى ثلث الدية فإذا جاز الثلث كان في الرجل الضعف.

الحديث العاشر : موثق.

الحديث الحادي عشر : حسن أو موثق.

ويدل على مذهب الشيخ ، ويمكن إرجاع« ذلك » إلى ما دون الثلث.

الحديث الثاني عشر : حسن.

الحديث الثالث عشر : صحيح.

الحديث الرابع عشر : موثق.

٦٣

( باب )

( من خطؤه عمد ومن عمده خطأ )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سئل عن غلام لم يدرك وامرأة قتلا رجلا خطأ فقال إن خطأ المرأة والغلام عمد فإن أحب أولياء المقتول أن يقتلوهما قتلوهما ويؤدوا إلى أولياء الغلام خمسة آلاف درهم وإن أحبوا أن يقتلوا

باب من خطاؤه عمد ومن عمده خطاء

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « إن خطاء المرأة والغلام عمد » لا يخفى مخالفته للمشهور بل للإجماع ، ويحتمل أن يكون المراد بخطائهما ما صدر عنهما لنقصان عقلهما لا الخطأ المصطلح ، فالمراد بغلام لم يدرك شاب لم يبلغ كمال العقل ، مع كونه بالغا.

قال الشيخ في التهذيب(١) بعد إيراد الروايتين على عكس ترتيب الكتاب ، فأما قوله في الخبر الأول : إن خطاء المرأة والعبد عمد » وفي الرواية الأخرى « إن خطاء المرأة والغلام عمد » فهذا مخالف لقول الله ، لأن الله تعالى حكم في قتل الخطإ الدية دون القود ، ولا يجوز أن يكون الخطأ عمدا كمالا يجوز أن يكون العمد خطاء إلا فيمن ليس بمكلف ، مثل المجانين ، والذين ليسوا عقلاء وأيضا قد قدمنا من الأخبار ما يدل علي أن العبد إذا قتل خطاء سلم إلى أولياء المقتول ، أو يفتديه مولاه ، وليس لهم قتله ، وكذلك قد بينا أن الصبي إذا لم يبلغ فإن عمدة خطاء ، وتتحمل الدية عاقلته ، فكيف يجوز أن يكون خطاؤه عمدا ، وإذا كان الخبران على ما قلناه من الاختلاط لم ينبغ أن يكون العمل عليهما فيما يتعلق بأن يجعل الخطأ عمدا ، على أنه يشبه أن يكون الوجه فيه أن خطاءهما عمد ، على ما يعتقده بعض مخالفينا أنه خطاء لأن منهم من يقول كل من يقتل بغير حديدة فإن قتله خطاء ، وقد بينا

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ ص ٢٤٣.

٦٤

الغلام قتلوه وترد المرأة إلى أولياء الغلام ربع الدية وإن أحب أولياء المقتول أن يقتل المرأة قتلوها ويرد الغلام على أولياء المرأة ربع الدية قال وإن أحب أولياء المقتول أن يأخذوا الدية كان على الغلام نصف الدية وعلى المرأة نصف الدية.

٢ ـ ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن ضريس الكناسي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن امرأة وعبد قتلا رجلا خطأ فقال إن خطأ المرأة والعبد مثل العمد فإن أحب أولياء المقتول أن يقتلوهما قتلوهما فإن كان قيمة العبد أكثر من خمسة آلاف درهم فليردوا

نحن خلاف ذلك ، وأن القتل بأي شيء كان إذا قصد كان عمدا ، ويكون القول فيقوله عليه‌السلام : « غلام لم يدرك » المراد به لم يدرك حد الكمال ، لأنا قد بينا أنه إذا بلغ خمسة أشبار اقتص منه. انتهى.

ثم اعلم أنه مع حمل الغلام على البالغ يبقى فيه مخالفتان للمشهور ، أحدهما فيقوله عليه‌السلام : « وترد المرأة على أولياء الغلام ربع الدية » فإنه موافق لما اختاره الشيخ في النهاية وتبعه تلميذه القاضي ، والمشهور أنها ترد على ورثة الرجل ديتها كاملة نصف دية الرجل.

وثانيهما فيقوله « ويرد الغلام على أولياء المرأة ربع الدية » فإن المقطوع به في كلامهم هو أنه حينئذ لا يرد على أولياء المقتول نصف الدية من الغلام ، وأماقوله « ويردوا على أولياء الغلام خمسة آلاف درهم » فهو موافق للمشهور ، ويرد مذهب المفيد حيث ذهب إلى أن المردود على تقدير قتلهما يقسم أثلاثا ثلثه لأولياء المرأة وثلثاه لأولياء الرجل ، والله يعلم.

الحديث الثاني : صحيح.

وهذه الأحكام كلها موافقة للمشهور بين الأصحاب ، بعد حمل الخطإ على ما مر. قال في الشرائع : لو اشترك عبد وامرأة في قتل حر فللأولياء قتلهما ، ولا رد على المرأة ولا على العبد إلا أن يزيد قيمته عن نصف الدية ، فيرد على مولاه الزائد ، ولو قتلت المرأة به كان لهم استرقاق العبد إلا أن يكون قيمته زائدة عن نصف دية

٦٥

إلى سيد العبد ما يفضل بعد الخمسة آلاف درهم وإن أحبوا أن يقتلوا المرأة ويأخذوا العبد أخذوا إلا أن يكون قيمته أكثر من خمسة آلاف درهم فليردوا على مولى العبد ما يفضل بعد الخمسة آلاف درهم ويأخذوا العبد أو يفتديه سيده وإن كانت قيمة العبد أقل من خمسة آلاف درهم فليس لهم إلا العبد.

٣ ـ ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار الساباطي ، عن أبي عبيدة قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن أعمى فقأ عين صحيح [ متعمدا ] قال فقال يا أبا عبيدة إن عمد الأعمى مثل الخطإ هذا فيه الدية من ماله فإن لم يكن له مال فإن ديته على الإمام ولا يبطل حق مسلم.

المقتول ، فيرد على مولاه ما فضل ، فإن قتلوا العبد وقيمته بقدر جنايته أو أقل فلا رد ، وعلى المرأة دية جنايتها ، وإن كان قيمته أكثر من نصف الدية ، ردت عليه المرأة ما فضل من قيمته ، فإن استوعب دية الحر وإلا كان الفاضل لورثة المقتول أولا.

الحديث الثالث : موثق.

وقال في المسالك : ذهب الشيخ في النهاية إلى أن عمد الأعمى وخطأه سواء ، يجب فيه الدية على عاقلته ، وتبعه ابن البراج ، وهو قول ابن الجنيد وابن بابويه والسند رواية الحلبي عن الصادقعليه‌السلام « أنه قال : » الأعمى جنايته خطاء ، يلزم عاقلته يؤخذون بها في ثلاث سنين في كل سنة نجما ، فإن لم يكن للأعمى عاقلة لزمه دية ما جنى في ماله يؤخذ بها في ثلاث سنين « الحديث » ورواية أبي عبيدة [ عن الباقرعليه‌السلام ] وهما مشتركان في الضعف ، ومختلفان في الحكم ، ومخالفان للأصول ، وذهب ابن إدريس وجملة المتأخرين إلى أن الأعمى كالمبصر في وجوب القصاص عليه بعمده.

٦٦

( باب نادر )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في رجل وغلام اشتركا في قتل رجل فقتلاه فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا بلغ الغلام خمسة أشبار اقتص منه وإن لم يكن بلغ خمسة أشبار قضي بالدية.

( باب )

( الرجل يقتل مملوكه أو ينكل به )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل قتل مملوكا له قال يعتق رقبة ويصوم «شَهْرَيْنِ

باب نادر

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

وقال في الشرائع : الصبي لا يقتل بصبي ولا بالغ ، وفي رواية يقتص من الصبي إذا بلغ عشرا ، وفي الأخرى إذا بلغ خمسة أشبار يقام عليه الحدود ، والوجه أن عمد الصبي خطاء محض ، يلزم أرشه العاقلة ، حتى يبلغ خمس عشرة سنة.

وقال في المسالك : بمضمونها أفتى الصدوق والمفيد ، وبرواية العشر أفتى الشيخ في النهاية ، والحق أنها مع ضعفها شاذة مخالفة للأصول ، ولما أجمع عليه المسلمون إلا من شذ فلا يلتفت إليها.

باب الرجل يقتل مملوكه أو ينكل به

الحديث الأول : موثق بسنديه.

والمشهور بين الأصحاب وجوب كفارة الجمع بالقتل عمدا ، سواء كان المقتول حرا أو عبدا مملوكا للقاتل أو غيره صغيرا كان أو كبيرا.

وقال في المختلف : قال المفيد : السيد إذا قتل عبده عمدا كان عليه كفارة عتق

٦٧

مُتَتابِعَيْنِ » ويتوب إلى الله.

علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن زرعة ، عن سماعة مثله.

٢ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال في الرجل يقتل مملوكه متعمدا قال يعجبني أن يعتق رقبة ويصوم «شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ » ويطعم ستين مسكينا ثم تكون التوبة بعد ذلك.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن حمران ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في الرجل يقتل مملوكا له قال يعتق رقبة ويصوم «شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ » ويتوب إلى الله عز وجل.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبي المغراء ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من قتل عبده متعمدا فعليه أن يعتق رقبة وأن يطعم ستين مسكينا ويصوم «شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ ».

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن المختار بن محمد بن المختار ومحمد بن الحسن ، عن عبد الله بن الحسن العلوي جميعا ، عن الفتح بن يزيد الجرجاني ، عن أبي الحسنعليه‌السلام في رجل قتل مملوكته أو مملوكه قال إن كان المملوك له أدب وحبس إلا أن يكون معروفا بقتل المماليك فيقتل به.

رقبة مؤمنة ، فإن أضاف إليه صوم شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكينا ، فهو أحوط وأفضل له في كفارته انتهى.

وربما يؤيد قول المفيد بالاكتفاء ببعض الخصال في بعض الأخبار ، وبقوله :عليه‌السلام « يعجبني » في حسنة الحلبي ، لكن يشكل تخصيص الأخبار المطلقة ، وتأويل الأخبار الخاصة بمفهوم هذه الأخبار ، وأما الإعجاب فيمكن أن يكون لتأخير التوبة عن الخصال لا لنفسها.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : صحيح.

الحديث الرابع : صحيح.

الحديث الخامس : مجهول.

٦٨

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن أمير المؤمنينعليه‌السلام رفع إليه رجل عذب عبده حتى مات فضربه مائة نكالا وحبسه سنة وأغرمه قيمة العبد فتصدق بها عنه.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس عنهمعليه‌السلام قال سئل عن رجل قتل مملوكه قال إن كان غير معروف بالقتل ضرب ضربا شديدا وأخذ منه قيمة العبد ويدفع إلى بيت مال المسلمين وإن كان متعودا للقتل قتل به.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام في امرأة قطعت ثدي وليدتها أنها

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

ويدل الخبر على أحكام :

الأول : وجوب ضرب مائة سوط ، وإنما ذكر الأصحاب فيه التعزير مع تصريحهم بأن التعزير يجب أن لا يبلغ الحد ، لكن مستندهم ظاهرا هذا الخبر.

الثاني : الحبس سنة ، ولم أجد من تعرض له منهم.

الثالث : وجوب التصدق بقيمته ، وقد قطع به الأكثر وتردد فيه ابن الجنيد والعلامة في بعض كتبه ، والشهيد الثاني رحمهم الله تعالى.

الحديث السابع : مجهول.

والمشهور بين الأصحاب التصدق به كما مر ويمكن الجمع بالتخيير.

الحديث الثامن : حسن.

ويدل على أن التنكيل موجب للعتق من غير ولاء كما هو المشهور بين الأصحاب ، وعلى أنه إذا جعله بعد ذلك ضامن جريرته يرثه ، ويحتمل أن يكون ضمير الفاعل في « ضمن » راجعا إلى « من أحب ».

٦٩

حرة لا سبيل لمولاتها عليها وقضى فيمن نكل بمملوكه فهو حر لا سبيل له عليه سائبة يذهب فيتولى إلى من أحب فإذا ضمن جريرته فهو يرثه.

( باب )

( الرجل الحر يقتل مملوك غيره أو يجرحه والمملوك يقتل )

( الحر أو يجرحه )

١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال قلت له قول الله عز وجل «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى » قال فقال لا يقتل حر بعبد ولكن يضرب ضربا شديدا ويغرم ثمنه دية العبد.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال يقتل العبد بالحر ولا يقتل الحر بالعبد ولكن يغرم ثمنه ويضرب ضربا شديدا حتى لا يعود.

باب الرجل الحر يقتل مملوك غيره أو يجرحه والمملوك يقتل الحر أو يجرحه

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « لا يقتل حر بعبد » تفسير وتخصيص للآية ، إذ ظاهرها عدم قتل العبد أيضا بالحر لكنه خرج بالأخبار والإجماع ، وكذا الذكر والأنثى من الجانبين ولا خلاف بين الأصحاب في عدم قتل الحر بالعبد مع عدم كونه معتادا لقتلهم ، وأما مع الاعتياد فقيل يقتل مطلقا سواء كان عبده أو غيره ، وقيل : لا يقتل مطلقا ، وعلى الأول ففي قتله قصاصا فيرد فاضل ديته عن القيمة أو حدا لإفساده فلا يرد عليه شيء وجهان ، وذهب أكثر القائلين به إلى الثاني وهو الظاهر من الأخبار الدالة عليه.

الحديث الثاني : موثق والحكم إجماعي.

٧٠

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال لا يقتل الحر بالعبد وإذا قتل الحر العبد غرم ثمنه وضرب ضربا شديدا.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يقتل حر بعبد وإن قتله عمدا ولكن يغرم ثمنه ويضرب ضربا شديدا إذا قتله عمدا وقال دية المملوك ثمنه.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال دية العبد قيمته فإن كان نفيسا فأفضل قيمته عشرة آلاف درهم ولا يجاوز به دية الحر.

٦ ـ يونس ، عن أبان بن تغلب عمن رواه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا قتل العبد الحر دفع إلى أولياء المقتول فإن شاءوا قتلوه وإن شاءوا حبسوه وإن شاءوا استرقوه ويكون عبدا لهم.

الحديث الثالث : حسن.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

الحديث الخامس : صحيح.

ولا خلاف فيه بين الأصحاب إلا ابن حمزة حيث قال : وإن قتل عبد غيره لزمه قيمته ما لم تتجاوز دية الحر ، فإن تجاوزت أدت إلى أقل من دية الحر ولو بدينار ولا يعلم مستنده ، والروايات إنما تدل على عدم الزيادة.

الحديث السادس : مرسل.

ويدل هذا الخبر والخبر الآتي على أن الوارث في العمد بالخيار بين القتل والاسترقاق ، ولا خلاف في تسلط الولي على قتله ، وأما إذا أراد استرقاقه فهل يتوقف على رضا المولى؟ فالأشهر بين الأصحاب وظاهر الأخبار العدم ، وقيل : يتوقف على رضاه ، لأن القتل عمدا يوجب القصاص ولا يثبت المال عوضا عنه إلا بالتراضي ، ولا يخفى ضعفه في مقابلة النصوص.

٧١

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أحدهماعليهما‌السلام في العبد إذا قتل الحر دفع إلى أولياء المقتول فإن شاءوا قتلوه وإن شاءوا استرقوه.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن مدبر قتل رجلا عمدا فقال يقتل به قال قلت فإن قتله خطأ قال فقال يدفع إلى أولياء المقتول فيكون لهم رقا إن شاءوا باعوه وإن شاءوا استرقوه وليس لهم أن يقتلوه قال ثم قال يا أبا محمد إن المدبر مملوك.

الحديث السابع : حسن.

الحديث الثامن : صحيح.

واعلم أن المقطوع به في كلام الأصحاب هو أن المدبر إذا قتل عمدا قتل به ، وإن شاء الولي استرقه وبطل تدبيره ، وأما لو قتل خطاء فإن فكه مولاه بأرش الجناية أو أقل الأمرين على القولين لم يبطل التدبير ، وإن سلمه فاختلفوا فيه في موضعين :

الأول أنه هل يعتق بموت مولاه الذي دبره أم يبطل التدبير؟ فذهب الشيخان إلى الأول ، وابن إدريس وأكثر المتأخرين إلى الثاني كما هو ظاهر هذا الخبر وغيره.

والثاني في أنه على القول بعدم بطلان التدبير والحكم بعتقه بعد موت المولى هل يسعى في شيء لأولياء المقتول؟ قيل : لا ، لإطلاق الرواية.

وقال الشيخ : يسعى في دية المقتول إن كان حرا وقيمته إن كان عبدا ، وقال الصدوق : يسعى في قيمته ، وقيل : يسعى في أقل الأمرين من قيمة نفسه ومن دية المقتول أو قيمته جمعا بين الأدلة.

وقال الشهيد الثاني : والأقوى في الموضعين أنه مع استرقاقه بالفعل قبل موت المولى يبطل التدبير ، وإلا عتق بموت مولاه وسعى في فك رقبته بأقل الأمرين من قيمته يوم الجناية وأرش الجناية إن لم تكن الجناية موجبة لقتله حرا ، ويمكن الجمع بين الأخبار بذلك أيضا. انتهى ، ولا يخفى قوته ومتانته.

٧٢

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام مدبر قتل رجلا خطأ من يضمن عنه قال يصالح عنه مولاه فإن أبى دفع إلى أولياء المقتول يخدمهم حتى يموت الذي دبره ثم يرجع حرا لا سبيل عليه وفي رواية أخرى ويستسعى في قيمته.

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي محمد الوابشي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قوم ادعوا على عبد جناية يحيط برقبته فأقر العبد بها قال لا يجوز إقرار العبد على سيده فإن أقاموا البينة على ما ادعوا على العبد أخذ العبد بها أو يفتديه مولاه.

١١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا قتل الحر العبد غرم قيمته وأدب قيل فإن كانت قيمته عشرين ألف درهم قال لا يجاوز بقيمة عبد دية الأحرار.

١٢ ـ وعنه وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن علي بن

الحديث التاسع : حسن وآخره مرسل.

وحمل على أقل الأمرين أو أرش الجناية.

الحديث العاشر : مجهول.

ولا خلاف في عدم اعتبار إقرار المملوك بالجناية ولو أقر بما يوجب المال يتبع به إذا تحرر.

وقوله عليه‌السلام : « أو يفتديه مولاه » محمول على ما إذا رضي به الوارث إذا كان عمدا ، والافتداء لم يرد متعديا بنفسه فيما عندنا من كتب اللغة ، وإنما يقال : يفتدي به ، ولعل فيه حذفا وإيصالا وتصحيفا.

الحديث الحادي عشر : ضعيف على المشهور.

الحديث الثاني عشر : حسن كالصحيح.

ويدل على أحكام. الأول : إن الخيار في جراحة العبد عمدا إلى المجروح بين

٧٣

رئاب ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال في عبد جرح حرا قال إن شاء الحر اقتص منه وإن شاء أخذه إن كانت الجراحة تحيط برقبته وإن كانت لا تحيط برقبته افتداه مولاه فإن أبى مولاه أن يفتديه كان للحر المجروح من العبد بقدر دية جراحته ـ والباقي للمولى يباع العبد فيأخذ المجروح حقه ويرد الباقي على المولى.

١٣ ـ ابن محبوب ، عن عبد العزيز العبدي ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل شج عبدا موضحة قال عليه نصف عشر قيمته.

القصاص واسترقاق الكل إن كانت الجناية تحيط برقبته ، وإلا فبقدر أرش الجناية كما هو المشهور بين الأصحاب.

الثاني : إنه مع عدم استيعاب الجناية يفديه مولاه إن أراد ، وحمل على ما إذا أراد المجني عليه أيضا ، وإلا فله الاسترقاق بقدر أرش الجناية كما هو الأشهر ، وعمل بظاهره ابن الجنيد حيث قال : إذا كان أرش جناية العبد لا يحيط برقبته كان الخيار إلى سيده إن شاء فداه ، وإلا كان المجني عليه شريكا في رقبة العبد بقدر أرش الجناية ، وإن كان أرش جنايته يحيط برقبة كان الخيار إلى المجني عليه أو وليه ، فإن شاء ملك الرقبة وإن شاء أخذ من سيده قيمته.

الثالث : إنه مع عدم رضا المولى بالفداء ، للمجروح استرقاقه بقدر الجناية ولا خلاف فيه.

الرابع : إن للمولى أن يجبر على بيع جميع العبد ليأخذ قدر أرشه ، وهو الظاهر من المحقق في الشرائع ، لكن الظاهر من كلام الأكثر والأوفق بأصولهم أن له أن يبيع بقدر أرش الجناية ، ويمكن أن يحمل الخبر على ما إذا رضي المولى بالبيع أو على ما إذا لم يمكن بيع البعض ، والأخير أيضا لا يخلو من إشكال. فالله يعلم.

الحديث الثالث عشر : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « عليه نصف عشر قيمته » لأن في الموضحة خمسا من الإبل وهي نصف عشر تمام الدية ، ففي العبد نصف عشر قيمته كما هو المقرر في جراحات

٧٤

١٤ ـ ابن محبوب ، عن الحسن بن صالح قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن عبد قطع يد رجل حر وله ثلاث أصابع من يده شلل فقال وما قيمة العبد قلت اجعلها ما شئت قال إن كان قيمة العبد أكثر من دية الإصبعين الصحيحتين والثلاث أصابع الشلل رد الذي قطعت يده على مولى العبد ما فضل من القيمة وأخذ العبد وإن شاء أخذ قيمة الإصبعين الصحيحتين والثلاث أصابع الشلل قلت وكم قيمة الإصبعين الصحيحتين مع الكف والثلاث الأصابع [ الشلل ] قال قيمة الإصبعين الصحيحتين مع الكف ألفا درهم وقيمة الثلاث الأصابع الشلل مع الكف ألف درهم لأنها على الثلث من دية الصحاح قال وإن

المملوك.

الحديث الرابع عشر : ضعيف.

قوله : « من يده شلل » الشلل بالتحريك مصدر ، والصفة للمذكر أشل وللمؤنث شلاء فالتوصيف والحمل إما للمبالغة ، أو بحذف مضاف أي ذوات شلل ، والأظهر أنه كان شلاء بالضم ، جمع شلاء فصحف.

قوله : « اجعلها ما شئت » أي أفرضها ما شئت وبين لها حكمها ويستفاد من الخبر أمور.

الأول : تساوي دية الأصابع كما هو الأشهر وسيأتي.

الثاني : كون دية العضو الأشل ثلث دية الصحيح كما هو المقطوع به في كلامهم.

الثالث : عدم قطع اليد الصحيحة بالشلاء ، وإن كان الجاني عبدا والمجني عليه حرا إذ لم يتعرضعليه‌السلام لذكر القصاص مع عدم التخصيص بالخطاء ، وهو الظاهر من تعميم الأصحاب.

الرابع : أن شلل الأصابع وصحتها يسري حكمها إلى جميع الكف ، ولم أرهم صرحوا بذلك ، لكن لا يبعد القول به على أصولهم.

الخامس : تخيير المولى مع استيعاب الجناية بين الفداء ، ودفع العبد ولعله

٧٥

كان قيمة العبد أقل من دية الإصبعين الصحيحتين والثلاث الأصابع الشلل دفع العبد إلى الذي قطعت يده أو يفتديه مولاه ويأخذ العبد.

١٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس عمن رواه قال قال يلزم مولى العبد قصاص جراحة عبده من قيمة ديته على حساب ذلك يصير أرش الجراحة وإذا جرح الحر العبد فقيمة جراحته من حساب قيمته.

١٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن جميل وعلي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن محمد بن حمران جميعا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في مدبر قتل رجلا خطأ قال إن شاء مولاه أن يؤدي إليهم الدية وإلا دفعه إليهم

محمول على ما إذا رضي به المجني عليه أو على الخطإ.

الحديث الخامس عشر : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « من قيمة ديته » لعل الضمير راجع إلى المجني عليه المعلوم بقرينة المقام أو إلى الجراح.

والحاصل أن المولى يلزمه إذا أراد الفك أن يعطي دية الجرح بالنظر إلى المجروح لا بالنظر إليه ، فيدل على مذهب من قال بثبوت أرش الجناية مطلقا ، ويحتمل إرجاع الضمير إلى العبد إشارة إلى أن المولى لا يلزم بأزيد من قيمة العبد ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى ما ذكره الأصحاب من أن أرش الجناية الواقعة على الحر إذا لم يقدر في الشرع تفرض الجناية في العبد وبنسبة نقص قيمته يؤخذ من الدية ، لكن تطبيقه على العبارة مشكل ،قوله عليه‌السلام : « فقيمة جراحته » إلى آخره أي ينسب دية الجراح في الحر إلى مجموع ديته ، وبهذه النسبة يؤخذ من قيمة العبد كما ذكره الأصحاب.

الحديث السادس عشر : السند الأول ضعيف على المشهور والثاني مجهول.

وقال الشيخ في التهذيب(١) : هذه الروايات هكذا وردت مطلقة بأنه متى مات المدبر صار المدبر حرا ، وليس فيها أنه يستسعي في الدية ، والأولى أن يشترط ذلك فيها فيقال

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ ص ١٩٨.

٧٦

يخدمهم فإذا مات مولاه يعني الذي أعتقه رجع حرا وفي رواية يونس لا شيء عليه.

١٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن نعيم بن إبراهيم ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أم الولد جنايتها في حقوق الناس على سيدها وما كان من حقوق الله عز وجل في الحدود فإن ذلك في بدنها قال ويقاص منها للمماليك ولا قصاص بين الحر والعبد.

١٨ ـ عنه ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في عبد فقأ عين حر وعلى العبد دين إن على العبد حدا للمفقوء عينه و

إذا مات المولى الذي دبره استسعى في دية المقتول ، » لئلا يبطل دم امرئ مسلم ، وذلك لا ينافي هذه الأخبار ، فأما قوله في رواية يونس« لا شيء عليه » فنحمله على أنه لا شيء عليه من العقوبة ، أو أنه لا شيء عليه في الحال وإن وجب عليه أن يسعى على مر الأوقات.

الحديث السابع عشر : مجهول.

وظاهره أن جنايتها لا تتعلق برقبتها ، بل يلزم المولى أرش جنايتها ونسب القول بذلك إلى الشيخ في المبسوط ، وابن البراج ، والمشهور بين الأصحاب أن جنايتها تتعلق برقبتها ، وللمولى فكها إما بأرش الجناية أو بأقل الأمرين وإن شاء دفعها إلى المجني عليه. هذا في الخطإ.

وأما في العمد فلا خلاف في جواز القود ، وأما الاسترقاق فالظاهر أنه يجري فيه ما مر.

وقال الشهيد (ره) في الدروس بعد نقل مضمون الرواية : ويمكن حملها على أن له الفداء وهو متين.

الحديث الثامن عشر : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « حدا » أي حكما جاريا فإن كان عمدا يقتص منه ولا يمنع منه عدم قدرته بعد ذلك على الكسب للغرماء إن تعلق دينهم بكسبه ، لتقدم حق الجناية المتعلق

٧٧

يبطل دين الغرماء.

١٩ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل له مملوكان قتل أحدهما صاحبه أله أن يقيده به دون السلطان إن أحب ذلك قال هو ماله يفعل به ما يشاء إن شاء قتله وإن شاء عفا.

٢٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن الخطاب بن سلمة ، عن هشام بن أحمر قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن مدبر قتل رجلا خطأ قال أي شيء رويتم في هذا قال قلت روينا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال يتل برمته إلى أولياء المقتول فإذا مات الذي دبره أعتق قال سبحان الله فيبطل دم امرئ مسلم قال قلت هكذا روينا قال قد غلطتم على أبي يتل برمته إلى أولياء المقتول فإذا مات

برقبته على الدين المتعلق بكسبه أو ذمته ، ويجوز للمجني عليه استرقاقه ، وكذا في الخطإ يجوز استرقاقه ، ويمكن أن يخص الحد بالقصاص بل هو أظهر.

الحديث التاسع عشر : موثق.

ولا خلاف ظاهرا بين الأصحاب في كونه مخيرا بين العفو والقود ، والخبر يدل على جواز القود له بدون إذن الإمامعليه‌السلام كما ذهب إليه جماعة ، لا سيما إذا كان مملوكه والأحوط عدم المبادرة بدون إذن الحاكم.

الحديث العشرون : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « يتل برمته » قال الجزري يقال : تله في يده أي ألقاه ، وتله للجبين : أي صرعه ، وقال : وفي حديث عليعليه‌السلام « إن جاء بأربعة يشهدون وإلا دفع إليه برمته » الرمة بالضم قطعة حبل يشد بها الأسير ، أو القاتل إذا قيد إلى القصاص أي يسلم إليهم بالحبل الذي شد به تمكينا لهم منه ، لئلا يهرب ، ثم اتسعوا فيه حتى قالوا « أخذت الشيء برمته » أي كله انتهى ، والخبر يدل على أنه يستسعي في قيمته ، وإن زادت الدية عنها كما هو الأشهر ، ويمكن الجمع بين الأخبار بالتخيير بين الاسترقاق ـ فلا يعتق بعد موت المولى ـ وبين استخدامه إلى موت المولى ، واستسعائه

٧٨

الذي دبره استسعي في قيمته.

٢١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي مريم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام في أنف العبد أو ذكره أو شيء يحيط بثمنه أنه يؤدي إلى مولاه قيمة العبد ويأخذ العبد.

( باب )

( المكاتب يقتل الحر أو يجرحه والحر يقتل المكاتب أو يجرحه )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام في مكاتب قتل قال يحسب

بعده ليعتق ، ويحمل أخبار عدم الاستسعاء على الاستحباب.

الحديث الحادي والعشرون : حسن أو موثق.

ومضمونه مقطوع به في كلام الأصحاب ، حيث حكموا بأنه إذا جنى الحر على العبد بما فيه ديته فمولاه بالخيار بين إمساكه ولا شيء له ، وبين دفعه وأخذ قيمته ، لئلا يجمع بين العوض والمعوض ، واستثنى الأكثر من ذلك ، ما لو كان الجاني غاصبا ، فإنه يجمع عليه بين أخذ العوض ، والمعوض مراعاة لجانب المالية ، ووقوفا فيما خالف الأصل على موضع الوفاق.

باب المكاتب يقتل الحر أو يجرحه والحر يقتل المكاتب أو يجرحه

الحديث الأول : صحيح أو حسن.

وعليه عمل الأصحاب ولم يخالف ظاهرا إلا الشيخ في الاستبصار حيث قال : يحسب ويؤدي منه بحساب الحرية ما لم يكن أدى نصف ثمنه ، فإذا أدى ذلك كان حكمه حكم الأحرار ، وقال الصدوق : إذا فقأ حر. عين مكاتب أو كسر سنه فإن كان أدى نصف مكاتبته ، فقأ عين الحر أو أخذ ديته إن كان خطاء فإنه بمنزلة الحر وإن كان لم يؤد النصف قوم فأدى بقدر ما عتق منه انتهى ، ومستندهما خبر طرح

٧٩

ما أعتق منه فيؤدى دية الحر وما رق منه فدية العبد.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن مكاتب اشترط عليه

بالجهالة.

الحديث الثاني : صحيح.

واعلم أن المكاتب إن لم يؤد من مكاتبته شيئا أو كان مشروطا فهو كالقن ، وإن كان مطلقا وقد أدى من مال الكتابة شيئا تحرر منه بحسابه ، فإذا قتل حرا عمدا قتل به ، وإن قتل مملوكا فلا قود ، وتعلقت الجناية بما فيه من الرقية مبعضة ، فيسعى في نصيب الحرية ويسترق الباقي منه ، أو يباع في نصيب الرقية إلا أن يفكه المولى فيبقى على مكاتبته. وإذا قتل خطاء تتعلق الجناية برقبته مبعضة ، فما قابل نصيب الحرية يكون على الإمام ، وما قابل نصيب الرقية إن فداه المولى فالكتابة بحالها وإن دفعه استرقه أولياء المقتول ، وبطلت الكتابة في ذلك البعض ، هذا هو المشهور وفيه أقوال أخر ، أحدها : أنه مع أداء نصف ما عليه يصير بمنزلة الحر ، فيستسعى في العمد ، ويجب على الإمام أداء نصيب الحرية في الخطإ ، نسب إلى الشيخ في الاستبصار وإلى الصدوق وقد عرفت ما ذهبا إليه فيما نقلنا عنهما ، وثانيهما أن على الإمام أن يؤدي بقدر ما عتق من المكاتب ، وما لم يؤد فلمورثه أن يستخدموه فيه مدة حياته ، وليس لهم بيعه. ذهب إليه المفيد وسلار ، ونسب إلى الصدوق أيضا.

وثالثها : أن على مولاه ما قابل نصيب الرقية ، وعلى الإمام ما قابل الحرية ، ذهب إليه الشيخ في النهاية وابن إدريس.

فإذا عرفت هذا ففي هذا الخبر إشكال من حيث إن الحكم المذكور فيه هو حكم غير المشروط ، وقد صرح فيه بأنه حكم المشروط ، ولعله سقط حكم المشروط من البين ، وقيل : المعنى اشترط أن يكون جنايته عليه ، ولا يخفى بعده ، وفي الفقيه(١) هكذا « قال : سألت أبا عبد الله عن مكاتب جنى على رجل » إلى آخره وهو

__________________

(١) الفقيه ج ٤ ص ٩٦.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440


وَاُخِذُوا مِن مَكَانٍ قَرِيبً ) (١) ، لرأيت أعناقهم تقطع صبراً، وأشلاءهم تبضّع هبراً، واُمراءهم قد ولّوا الأدبار، ثمّ لا ينصرون، واُسراءهم كأنّما يساقون إلى الموت وهم ينظرون.

هؤ لاء أسلافك الماضية، وآباؤك الغالية، الذين قصّ الله قصصهم في محكم تنزيله، ولعنهم على لسان نبيّه ورسوله، وسمّاهم الشجرة الملعونة في القرآن(٢) ، والعصابة الخارجة عن الايمان، الذين اتّخذوا الأصنام آلهة من دون الله، واستقسموا بالأزلام خلافاً لأمر الله، وكان سيّدنا ووليّ أمرنا ومعتقدنا ووسيلتنا إلى ربّنا حينئذٍ أوّل من أسلم لربّ العالمين، قائماً يومئذ بنصر سيّد المرسلين.

مقالـكم في اُحدٍ اُعـل هــبل

وقولـه الـله أعـلى وأجـل

أوّل مـن آمـن بالـله ومـن

صلّى وصام تابعاً خير الرسل

وخير من واسى النبيّ في الوغا

وخير من في الله نفـسه بـذل

يا من تلـمني في هواه لا تـلم

فحبّه وجـدته خـير العـمـل

من كفّـه رجـوت اُسقى شربة

ختامها مـسك وفـي ذلـك فل

أنا الذي من عـهده مسـتمسك

بعروةو عـقد ولاها لاتـحـل

خير وليّ ليس يحـصى فضله

ومجـده عزّ عن الوصف وجل

بعـد إلـهي ونـبيـّي لا أرى

سواه ينجيني إذا الـخطب نزل

في القلب منّي منـزل لـحبّه

متحكّم بصـدق عهـدي لم يزل

أهتف باسمـه إذا خطب عرا

وأسـأل الـله بـه وأبـتـهـل

فإنّنـي ومـن أجـل كـيـده

بساحتي العكس جابـني الأمـل(٣)

 ____________

١ - سورة سبأ: ٥١.

٢ - إشارة إلى الآية: ٦٠ من سورة الاسراء.

٣ - البيت لا يخلو من اضطراب - كما تلاحظ -.


٤٤١


رفضت رجسـين تسـمّـيا بما

سمّـاه ذو الـعرش قديماً في الأُول

ودنـت ديـنـاً قيّـماً إنـّهـما

في الكفر شـرّ مـن يـغوث وهبل

وهكـذا ثـالـثـهم أظلـم من

حلّ علـى وجـه الثرى أو ارتحل

ومن أتت لـحربـه وخـالفت

إلـهـهـا وبـعلـها يوم الجـمل

وسائقي بعيرها وقائدي نفيرها

ومـن رضــي ومـن دخــل

ومن بـصفّين علـيه جـرّدوا

بيض الضـبا واعتقلوا سمر الأسل

وأقبلـوا يـقدمـهم زعيـمهم

رأس النفـاق والـغرور والحـيل

نجل الـطغـاة الطلقاء والذي

لعنهم في مـحـكم الـذكر نـزل

ومن عن الحقّ السـويّ مرقوا

وخالفوا جميـع أربـاب الـمـلل

كلّهم قد فـارقـوا ديـن الهدى

وقارفـوا الكـفر بـقول وعـمل

عليهم مـن ذي الجـلسال لعنة

دوامهـا حجتـى الــقيام متّصل

ما سيّرت أفلاكها بشمـسهـا

وابتلج الصبـح وأظلـم الطـَفَل(١)

اللّهمّ يا من أفرغ على أعطاف عقولنا ألطاف كرامته، وحلّى أجياد نفوسنا بجلي عنايته، ورفع قواعد ملّتنا، وجمع على التقوى كلمتنا، وأثبت في دوحة الايمان اصولنا، وسقى بزلال الاخلاص فروعنا، وتمّم باتّباع سبيل نبيّه ووليّه حدودنا ورسومنا، فصرنا لا نعتقد سواه قديماً أزليّاً، ولا نرى وجوداً غير وجوده أبديّاً ديموميّاً، ننزّهه عن الشريك والعديل، ونقدّسه عن الشبيه والمثيل، خلقنا لننزّهه ونمجدّه، وأوجدنا لنعبده ونوحّده، وجعل نفح ذلك واصلاً إلينا، ومضاعفاً علينا، لا لحاجة منه إلى عبادتنا، ولا لفائدة عائدة إليه من طاعتنا.

__________________

١ - الطَفَل: المساء.


٤٤٢


ظهر لأفكارنا بآثار صنعته، واحتجب عن أبصارنا بكبريائه وعظمته، وفرض علينا بعد الاقرار بأنّه الواحد الأحد المبتدع المخترع، وعرفان ما يصحّ على ذاته الشريفة ويمتنع، وتعاليه عمّا لا يليق بجلاله من تعارض خلقه، والاذعان بالتسليم لأمره وقضاء حقّه، سلوك سبيل من أقامهم هداة إليه، وإدلاء في مفاوز الضلالة عليه، والتسليم لأمرهم، والتنويه بذكرهم، والاخلاص بشكرهم، والاتّضاع لقدرهم، والاغتراف من بحر علمهم، والاغتراف بصواب حكمهم، وأن لا يقدّم عليهم من سجد لصنم، أو استقسم بزلم، أو بحر بحيرة، أو عتر عتيرة، قد نمته الخبيثون والخبيثات، وحاق به دناءة الآباء وعهر الاُمّهات.

ونعتقده انّه سبحانه قرن حبّهم بحبّه، وجعل حربهم كحربه، وسلمهم كسلمه، وعلمهم من علمه، فهم اُولوا الأمر الذين قرن طاعتهم بطاعته، وهداة الخلق إلى ما اختلفوا فيه من فرض دينهم وسنّ حسدهم من لعنه الله وغضب عليه، وأعدّ له خزيه يوم يقوم الناس لديه.

أغرى الشيطان بهم سفهاءه، وأعلى عليهم أولياءه، وزيّن للناس اتّباعهم، وجعلهم أشياعهم واتباعهم، وسمّى رأس الكذبة صدّيقهم، وأساس الظلمة فاروقهم، وخائن الاُمّة وليّ أمرهم، وأجهل الاُمّة كاتب وحيهم، وولّوا الناس بغرورههم، وحرّفوا كتاب الله بزورهم، وأخلفوا عهد الرسول ونبذوا ميثاقه المأخوذ عليه، وجرّدوا عليهمه سيوفهم وعواملهم، وفوّقوا نحوهم سهامهم ومعابلهم.

ثمّ تفكّر في حال الرجس اللئيم، والدنس الأثيم، ابن آكلة الأكباد، ونتيجة الآثمة الأوغاد، وما أظهر من الكفر والالحاد، والبغي والعناد، وليس ذلك ببدع من قبيح فعله، وزنيم أصله، فهو من قوم طوّقهم الله بطوق لعنته في


٤٤٣


ا لدار الفانية، وأعدّ لهم أليم عقوبته في جحيمه الهاوية.

اللّهمّ إنّا نتقرّب إليك بلعنته وسبّه، وتكفير مصوّبي اجتهاده في حربه، ولمّا تصوّرت شدّة شكيمته في غيّه، وخبث سريرته ببغيه، وأذاه للنبيّ وأهله، وعداوته للوصيّ ونجله، كنت اُخاطبه بكلمات أوحاها جناني، وأقصده بلعنتي في سرّي وإعلاني، وأذبحه بذكر مساويه ببليغ نثري، واورد نبذة من مخازيه بفصيح شعري، فمن جملة ذلك أبيات ألقاها خالص الايمان على بنان نطقي، وأهداها الملك الديّان إلى لسان صدقي، تحلّي الطروس بذكرها، وتسرّ النفوس بنشرها، وهي هذه:

يا ابن البغـيّة يـا رأس البغاة ويا

نجل الطغاة وأهل الزيـغ والـزلـلِ

وأهل بدر واُحـدٍ والّذين سـروا

لحرب خير الورى بالبيض والأسـل

ومن بلعنتهم جـاء الكـتاب وفي

الأحزاب ذكرهم حتى القيـام جلـي

ويا ابن من كان رأس المشركين ويا

رأس النفاق وأهل الشـرك والخطل

رمتم بأن تطفئوا نور الهدى بعدت

أحزابكم مثل سهـل الأرض والجبلِ

فأرسل الله جـنداً لم تروه على

جموعكم فانثنيـتم خائـبي الأمـلِ

              


٤٤٤


حتى إذا قام ديـن الحـقّ منتــصباً

يزهو فخاراً إذ المحفوظ مـنه غلي

وذلّ ما عزّ مـن عُـزّاكـم وغــدا

مكسراً جمعها للكسر مـن هـبـل

وعـمرو ودّكم أمسـى كـودّكـم

مقسماً بحسام الضـيغـم البـطـل

هـادي الخـليقة محـمود الـطريقـة

معصوم الحقيقة نور الله فـي الأزل

ليث الكـتيبـة مشـهور الـضريـبة

ذي القربى القريبة ثاني خاتم الرسل

نفس الرسـول وواقــيه بمـهجـته

وناصر دينه بـالـقـول والـعمل

ربّ الفراش إذا المختـار اخرج مـن

مقامه في الدجا يسري على وجـل

بدت لأهل العـلى انــوار طلـعته

فوق الفراش كبدرٍ تمّ فـي الـطَفَل

من جدّك الرجس في بـدرٍ وخالك مع

أخيك عمّا لقـوه منه قـف وسـَل

يُنبيك صارمـه عنهــم بـأنـّهـم

ما بين منـعفـر مـنه ومـنجـدل


٤٤٥


يا أكفر الـخلق مـن بدوٍ ومن حضرٍ

وأظـلم النـاس فـي حلٍّ ومـرتحـل

لو تؤمـنوا رغباً فـي الدين بل رهباً

وخشيتـه مـن حسـام قـاطع الأجل

في كـفّ أبلـج يـوم الروع طلعته

كالشـمس مـشرقة في دارة الـحمل

غدا وليدكـم من ثـدي صـارمـه

لبـان صـرف الردى بالـغلّ والنـهل

كهف الأنام وهـاديـهم ومنـقذهم

ومن بهم سـالـك في أوضـح السـبل

وغيث ما حلتم إن أزمـّه قـرعـت

وغيـث صـارخهم في الحاديث الجلل

سل عن فضـائـله جـماً فـإنّ له

في الذكر ذكـر جلـيل سـار كالمـثل

يوم القموص على شأناً بسـطوتـه

إذ ردّ شـانـئـه بـالخذل والفشـل

كانت حصوناً حـصاناً فـي شـوا

هقها إلى ذراها سـحاب المزن لم تصل

فافتضّ بالذكر الصـمصـام عذرتها

فأصبحت من دمـاء الـقـوم في حلل


٤٤٦


وظيخها(١) طاح قد صرات سلالمه

منكساً منه أعـلاها إلـى الـسفل

يا قالع الباب يا باب النجاح ومـن

أوقفت دون الورى فـي بابه أملي

أرجو بك الله يـوم الشـحر ينقذني

وأن يضاعف ما قد قـلّ من عملي

ولا يجبهني حيث الفضـيحـة بي

أولى ويستر ما أخفيت من زللـي

ولا تكلني إلـى نفـسي وتجـعلني

في كلّ حال على علياه متـّكلـي

و لمّا جرى ما جرى في ليلة الهرير وكان القتل فاشياً في عسكر معاوية كما بيّنّا أوّلاً أنّ القتلى كانت من عسكر عليعليه‌السلام أربعة آلاف رجل، ومن عسكر معاوية اثنين وثلاثين ألفاً ؛ وقيل: أكثر كما ذكر فأصبح معاوية وقد أسقط في يده، وأشرف على الهلكة، فقال لعمرو: نفرّ أو نستأمن؟

قال: نرفع المصاحف على الرماح ونقرأ:( ألم تَرَ إلَى الَّذِينَ اُوتُوا نَصِيباً مِنَ الكِتَابِ يُدعَونَ إلَى كِتَابِ اللهِ لِيَحكُمَ بَينَهُم ) (٢) فإن قبلوا حكم القرآن رفعنا الحرب وواقفناهم(٢) إلى أجل مسمّى، وإن أبى بعضهم الا القتال فللنا شوكته(٤) ، ووقعت الفرقة بينهم.

__________________

١ - كذا في الأصل.

٢ - سورة آل عمران: ٢٣.

٣ - في المناقب: ورافعنا بهم.

٤ - في المناقب: شوكتهم، وتقع بينهم الفرقة، وآمر بالنداء: فلسنا ولستم من المشركين...


٤٤٧


فرفعوا المصاحف على الرماح، وبان من جملتها مصحف يقال إنّه مصحف الإمام وحملوه على أربعة رماح، وأتبعوه بأربعمائة مصحف اُخرى، ونادوا من كلّ جانب: فلسنا ولستم من المشركين، ولا المجمعين على الردّة، فإن تقبلوها ففيها البقاء للفرقتين وللبلدة، وإن تدفعوها ففيها الفناء وكلّ بلاءٍ إلى مدّة.(١)

وكان جلّ عسكر أمير المؤمنينعليه‌السلام منافقين عليهم لعائن الله كمسعر بن فدكي، وزيد بن حصين الطائي، والأشعث بن قيس الكندي، وغيرهم، ممّن كان أشدّ الناس عداوة لأمير المؤمنين في الباطن، وإنّما خرجوا معه تعصّباً لأنّهم كان لهم أضراب وأنداد عند معاوية، فخرجوا حميّة لذلك وللدنيا، ولهذا كان أكثرهم ممّن حضر حرب الحسينعليه‌السلام ، واستحلّوا منه كلّ حرمة، وأظهروا له كامن عداوتهم، فلعنة الله عليهم، وكذلك خذلوا مسلم بن عقيل وزيد ابن علي بن الحسين حتى قتل بين ظهرانيهم، لم يراعوا فيه حرمة جدّه رسول الله، فلهذا رمى الله بلدتهم بالذلّ الشامل والسيف القاطع، واستجاب دعاء سيّد الوصيّين صلوات الله عليه بقوله: اللّهمّ سلّط عليهم غلام ثقيف الذيّال الميّال(٢) ، يبيد خضراءهم، ويستأصل شأفتهم(٣) .

قيل: إنّ رجلاً من ذوي العقول من أهل الكوفة لمّا رأى سبايا الحسينعليه‌السلام وحرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبناته يطاف بهنّ في شوارع الكوفة على أقتاب الجمال كاُسارى الخزر والترك عمد إلى جميع ما يملك من

__________________

١ - مناقب ابن شهراشوب: ٣ / ١٨٢.

٢ - الذيّال: الذي يجرّ ذيله على الأرض تبختراً. والميّال: الظالم.

٣ - نهج البلاغة: ١٧٤ خطبة رقم ١١٧، شرح نهج البلاغة: ٧ / ٢٧٧، الكامل في التاريخ: ٤ / ٥٨٧، البحار: ٣٤ / ٩١ ح ٩٤١، وج ٤١ / ٣٣٢ ح ٥٤، وج ٦٦ / ٣٢٧.


٤٤٨


عقار وغيره فباعه وارتحل عنها، وقال: بلد يطاف فيه بعيال رسول الله ونسائه، وترفع رؤوس رجالهم على رؤوس الرماح لا يفلح أبداً، فما عسى أن يقال في بلدة خذل أهلها الوصيّ المرتضى، ونافقوا سبط خاتم الأنبياء، وراموا قتله، وانتهبوا ثقله، ونكثوا بيعته، ثمّ كانت واقعة سيّد الشهداء، وقرّة عين سيدّة النساء، وخامس أصحاب الكساء، كاتبوه ووعدوه النصر على عدوّه، فجرّدوا عليه سيوفهم وعواملهم، وقتلوه عطشاناً، وسبوا ذراريه ونساءه، ليس منهم رجل رشيد ينكر فعلهم، بل ضربت عليهم الذلّة وشملهم خزي الدنيا( وَلَعذَابُ الآخِرَةِ أخزَى وَهُم لا يُنصَرُونَ ) (١) ؟

فلهذا منعهم الله لطفه، وأحلّ بهم غضبه، وسلّط عليهم غلام ثقيف الذي توعّدهم به أمير المؤمنين، وزياد بن اُميّة، وغيرهم، من الخارجين في الاسلام حتى صارت براحاً كأن لم تغن بالأمس(٢) .

ر وي أنّه مات في سجن الحجّاج مائة وعشرون ألف من غير قتل(٣) ، وكان سجنه ليس له سقف يضلّ وحرٍّ أو قرّ، وكان عليه لعنة الله لا يرفع عنهم سيفه ولا سوطه، وكان لا يخاطبهم الا بالتهديد والوعيد ويقول: يا أهل العراق، يا أهل الشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق، إنّه قد ضاع سوطي فأقمت مقامه السيف، والله لأُلحوَنّكم لَحوَ العَصا(٤) ، ولأضربنّكم ضرب غرائب الإبل، ولمّا تجهّز عليه اللعنة إلى حرب الأزارقة قال: والله لا أرى أحداً منكم بعد ثلاث إلّا

____________

١ - سورة فصّلت: ١٦.

٢ - إشارة إلى الآية: ٢٤ من سورة يونس.

٣ - انظر: الكامل في التاريخ: ٤ / ٥٨٧.

٤ - انظر الكامل في التاريخ: ٤ / ٣٧٦ - ٣٧٧.

واللحاء: ما على العَصا مِن قشرها.


٤٤٩


ضربت عنقه، ثمّ بعد ثلاث سار في أزقّة الكوفة فلم ير أحداً، وكان الرجل منهم يرسل أمته من منزل العسكر لتلحقه بزاده ولا يجسر على الدخول لذلك.

و هذا معنى قول أمير المؤمنين صلوات الله عليه: إنّي والله - يا أهل الكوفة - أعلم ما يصلحكم، ولكنّي لا اُفسد نفسي بصلاحكم.(١)

معنى كلامهعليه‌السلام : انّه لا يقيم أودهم إلا الظلم والعسف والقتل كما فعل الحجّاج وغيره بهم، ولو كان الايمان قد أثلج في قلوبهم، والاخلاص قد باشر نيّاتهم، لابتغوا الدليل المرشد، والهادي الناصح، والمعلّم المشفق، الّذي جعله الله لسانه في خلقه، وعينه في عباده، وأيّده بالعصمة، وقلّده أحكامه، لا يوازي في العلم، ولا يضاهى في المجد، فنافقوه وخذولوه وغدروا به بعد أن لاحت علامات النصر، وسطعت أنوار الفتح، وطلع فجر الحقّ، وأشرف صلوات الله عليه بثبات جأشه، وقوّة نصيحته، وحياطته للاسلام وأهله، على إدحاض الباطل وجدّ أصله، واستئصال شأفته، فتقاعسوا عن نصره، وأظهروا مكنون نفاقهم، وأبدوا مستور شقاقهم، وقالوا ما قالوا، وواجهوه بما واجهوا، فعليهم لعائن الله ما أخبث نيّاتهم، وأدغل قلوبهم، وأعظم فتنتهم، فلهذا أنزل الله بهم ما أنزل، وأحلّ بهم، فلا تراهم إلى الناس الا مقهورين مضطهدين تسومهم الاعتام سوء العذاب، ويفتح عليهم من الأذى كلّ باب، لا يخصلون من فتنة إلاّ

____________

١ - انظر: نهج البلاغة: ٩٩ خطبة رقم ٦٩.


٤٥٠


وقعوا فيما هو أعظم منها، ولا ينجون من ظالم إلا أتاهم ظالم ينسيهم ذكر الظالم الأوّل.

روي أنّ مسعر بن فدكي وزيد بن حصين الطائي والأشعث بن قيس وكانوا من جلّة عسكر أهل العراق قالوا لأمير المؤمنين لمّا رفعت المصاحف: أجب القوم إلى كتاب الله.

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ويحكم والله ما رفعوا المصاحف إلا خديعة ومكيدة حين علوتموهم.

و قال خالد بن معمّر السدوسي: يا أمير المؤمنين، أحبّ الامور إلينا ما كفينا مؤنته.

فلمّا سمع عسكر أهل العراق كلامهم أقبل إلى أمير المؤمنين منهم عشرون ألفاً يقولون: يا عليّ، أجب القوم إلى كتاب الله إذ دعيت وإلاّ دفعناك برمّتك إلى القوم، أو نفعل بك كما فعلنا بعثمان.

فأجابهم صلوات الله عليه، فقال: احفظوا عنّي مقالتي فإنّي آمركم بالقتال، فإن تعصوني فافعلوا ما بدا لكم.

قالوا: فابعث إلى الأشتر ليأتيك، فبعث يزيد بن هانئ السبيعي يدعوه.

فقال الأشتر رضي الله عنه: قد رجوتُ أن يفتح الله لا تعجلني، وشدّد في القتال، فقالوا حرّضته على الحرب، ابعث إليه بعزيمتك فليأتيك وإلاّ والله اعتزلناك(١) .

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : يا يزيد، عد إليه فقل له: أقبل إلينا فإنّ

____________

١ - كذا في المناقب، وفي الأصل: اغترفناك.


٤٥١


الفتنة قد وقعت.

فأ قبل الأشتر يقول: يا أهل العراق، يا أهل الذلّ والوهن، أحين علوتم القوم وعلموا أنّكم لهم قاهرون رفعوا المصاحف خديعة ومكراً؟

فقالوا: قاتلناهم في الله ونصالحهم في الله.

فقال: امهلوني ساعة، أحسست بالفتح، وأيقنت بالظفر.

قالوا: لا.

قال: أمهلوني عدوة فرسي.

فقالوا: إنّا لسنا نطيعك ولا لصاحبك، ونحن نرى المصاحف على رؤوس الرماح ندعى إليها.

فقال: خدعتم والله فانخدعتم، ودعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم.

فقام جماعة من بني بكر بن وائل، فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن أجبت القوم أجبنا، وإن حاربت حاربنا، وإن أبيت أبينا.

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : نحن أحقّ من أجاب إلى كتاب الله، وإنّ معاوية وعمرواً وابن أبي معيط وحبيب بن مسلمة وابن أبي سرح والضحّاك بن قيس ليسوا بأصحاب دين وقرآن، أنا أعرف منكم بهم، قد صحبتهم أطفالاً ورجالاً - في كلام له -، ثمّ اتّفقوا على أن يقيموا حكمين، فقال أهل الشام: قد اخترنا عمرواً.

فقال الأشعث وابن الكوّاء ومسعر بن فدكي وزيد الطائي: نحن اخترنا أبا موسى.

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إنّكم عصيتموني في أوّل الأمر فلا


٤٥٢


تعصوني الآن.

فقالوا: إنّ أبا موسى كان يحذّرنا ممّا وقعنا فيه.

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إنّه ليس بثقة، إنّه فارقني وخذّل الناس عنّي، ثمّ هرب منّي حتى أمنته بعد شهر، ولكن هذا ابن عبّاس اولّيه ذلك.

فقالوا: ما نبالي أنت كنت أو ابن عبّاس.

قال: فالأشتر.

فقال الأشعث: رجل مسعر حرب وهل نحن(١) الا في حكم الأشتر؟

قال الأعمش: حدّني من رأى عليّاًعليه‌السلام يوم صفّين وهو يصفق إحدى يديه على الاُخرى ويقول: يا عجباً اُعصى ويطاع معاوية! ثم قال: قد أبيتم(٢) إلا أبا موسى؟

قالوا: نعم.

قال: فاصنعوا ما بدا لكم، اللّهمّ إنّي أبرأ إليك من صنيعهم.

فقال خريم(٣) بن فاتك الأسدي:

لو كان للقوم رأي يرشدون بـهِ

أهل العراق رموكم بابن عبّـاس

لكن رموكم بشيخ من ذوي يمنٍ

لم يدر ما ضرب أخماس بأسداس

فلمّا اجتعموا كان كاتب أمير المؤمنينعليه‌السلام عبيد الله بن أبي رافع، وكاتب معاوية عمير بن عبّاد الكلبي، فكتب عبيد الله بن أبي رافع: هذا ما

__________________

١ - كذا في المناقب، وفي الأصل: يجز.

٢ - كذا في المناقب، وفي الأصل: قال: رمتم.

٣ - كذا في أعيان الشيعة: ٦ / ٣١٥، وفي الأصل والمناقب، خزيم.


٤٥٣


تقاضى عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان.

فقال عمرو: اكتبوا اسمه واسم أبيه هو أميركم أمّا أميرنا فلا.

فقال الأحنف: لا تمسح إمارة المؤمنين، فلم يقبلوا منه.

فقال أمير المؤمنين: امح نزحة الله، ثم قال أمير المؤمنينعليه‌السلام (١) : الله أكبر، واحدة بواحدة، وسنّة بسنّة، ومثل بمثل، إنّي لكاتب رسول الله يوم الحديبيّة.

ر وى أحمد في المسند(٢) أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أمير المؤمنينعليه‌السلام أن يكتب يوم الحديبيّة: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل بن عمرو: هذا كتاب بيننا وبينك فافتحه بما نعرفه، واكتب: باسمك اللّهمّ، هذا ما اصطلح عليه محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسهيل بن عمرو وأهل مكّة.

فقال سهيل: لو أجبتك إلى هذا لأقررت لك بالنبوّة.

فقال: امحها يا عليّ، فجعل أمير المؤمنين يتلكّأ ويأبى فمحاها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكتب: هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله بن عبد المطّلب وأهل مكّة.

روى محمد بن إسحاق، عن بريدة بن سفيان، عن محمد بن كعب أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّ: فإنّ لك مثلها تعطيها وأنت مضطهد(٣) .

____________

١ - في المناقب: لا تمح إمارة المؤمنين، امح نزحه من الله، فقال عليعليه‌السلام .

٢ - مسند أحمد: ٤ / ٨٦ - ٨٧.

٣ - انظر فيه وفيما يليه: وقعة صفّين: ٥٠٩، تفسير القمّي: ٢ / ٣١٣، خصائص النسائي: ١٥٢ ح ١٨٦، المسترشد: ٧٠، دلائل النبوّة للبيهقي، ٤ / ١٤٧، إرشاد المفيد: ٦٣، تنزيه الأنبياء، ١٤٨، الذخيرة ٤٠٦، أمالي الطوسي: ١ / ١٩١، مناقب الخوارزمي: ١٩٣


٤٥٤


الماوردي في أعلام النبوّة أنه قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ستسأم مثلها يوم الحكمين.

و في رواية: ستدعى إلى مثل هذا فتجيب وأنت على مضض.

وفي رواية: إن لك يوماً - يا عليّ - مثل هذا اليوم، أنا أكتبها للآباء، وأنت تكتبها للأبناء.

فقال عمرو: يا سبحان الله! نشبّه بالكفّار ونحن مسلمون مؤمنون.

فقالعليه‌السلام : يا ابن الباغية(١) ، أو لم تكن للمشركين وليّاً وللمؤمنين عدوّاً؟ أو لم تكن في الضلالة رأساً وفي الاسلام ذنباً؟ - في كلام له - فكتبوا أن يحكموا بما في كتاب الله وينصرفوا والمدّة بينهم سنة واحدة كاملة ويكون مجتمع الحكمين بدومة الجندل.

فلمّا اجتمعا قال عمرو لأبي موسى: نخلع هذين الرجلين ونختار لهذه الاُمّة، فأجابه أبو موسى إلى ذلك وقال: سمّ لي رجلاً يليق لهذا الأمر.

قال عمرو: يا أبا موسى، أنت أولى أن تسمّي رجلاً يلي أمر هذه الاُمّة، فإنّي أقدر على أن اُبايعك منك على أن تبايعني.

قال أبو موسى: اُسمّي لك عبد الله بن عمر.

____________

ح ٢٣١، مجمع البيان: ٥ / ١١٩، إعلام الورى: ١٠٦ و ١٩١، الخرائج والجرائح: ١١٦ ح ١٩٢، الكامل لابن الأثير: ٢ / ٢٠٤، وج ٣ / ٣٢٠، مناقب ابن شهراشوب: ٣ / ١٨٤، شرح نهج البلاغة: ٢ / ٢٣٢، الفصول المهمّة: ٩٧، كشف الغمّة: ١ / ٢١٠، سبل الهدى: ٥ / ١٢٣.

١ - في المناقب: النابغة.


٤٥٥


فقال عمرو: فإنّي اُسمّي لك معاوية بن أبي سفيان.

وفي رواية: انّ عمرو قال: إنّهما ظالمان فإنّ عليّاً آوى قتلة عثمان، وأمّا معاوية فخذله، فنخلعهما ونبايع عبد الله بن عمر لزهادته واعتزاله عن الحرب.

فقال أبو موسى: نعم ما رأيت.

قال: فإنّي قد خلعت معاوية فاخلع أنت عليّاً، وإن شئت فاخلعه غداً، فإنّه يوم الاثنين، وكان ذلك بينهما، فلمّا أصبحا خرجا إلى الناس، فقالا: قد اتّفقنا، فقال أبو موسى: تقدّم فاخلع صاحبك بحضرة الناس.

فقال عمرو: سبحان الله! أتقدّم عليك وأنت في موضعك وسنّك وفضلك مقدّم في الإسلام والهجرة، ووافد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى اليمن، وصاحب مقاسم أبي بكر، وعامل عمر، وحكم أهل العراق، فتقدّم أنت، فقدّمه.

فقال أبو موسى لعنه الله: إنّا والله - أيها الناس - قد اجتهدنا رأينا ولم نر أصلح للاُمّة من خلع هذين الرجلين، وقد خلعت عليّاً ومعاوية كخلع خاتمي هذا.

فقال عمرو: لكنّي خلعت صاحبه كما خلع واُثبت معاوية كخاتمي [ هذا ](١) ، وجعله في شماله.(٢)

فلعنة الله على عمرو وصاحبه. فوالله لقد علما الحقّ وأنّه مع أمير المؤمنين

__________________

١ - من المناقب.

٢ - مناقب ابن شهراشوب: ٢ / ١٨٢ - ١٨٥، عنه البحار: ٣٣ / ٣١٢ - ٣١٤ إلى قوله: « وأنت مضطهد ».


٤٥٦


يدور حيث ما دار، وأنّه كتاب الله الناطق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولكن الحقد القديم، والنفاق الكامن، والميل مع الدنيا وأهلها كيف مالت، والشيطان المغويّ.

فلعنة الله عليهم كأنّهم لم يسمعوا قول الله سبحانه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (١) وقوله سبحانه:( أفَمَن يَهدِي إلى الحَقّ أحَقُّ أن يُتَّبَعَ أم مَن لاَ يَهدِّي إلّا أن يُهدَى فَمَا لكُم كَيفَ تَحكُمُونَ ) (٢) وقوله سبحانه:( تِلكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجعلُهَا لِلَّذينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرضِ وَلَا فَسَاداً وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ ) (٣) بلى والله سمعوها ووعوها - كما قال أمير المؤمنين - ولكن حلت الدنيا في أعينهم، وراقهم زبرجها(٤) ، وعدلوا بالحقّ عن أهله، ووضعوه في غير محلّه، واتّبعوا كلّ ناعق، واقتدوا بكلّ ناهق.

وتبّاً لدنيا يقدّم فيها الأشرار على الأخيار، والأوغاد على الأبرار، وسحقاً لاُمّة عدلت سيّد الخلق وأعلمهم وأفضلهم، وأكملهم علماً وحلماً، وطاعة لله، وحياطة لرسول الله، ونصراً للاسلام وأهله، وجهاداً في الله، وقرباً من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أوّل الناس إسلاماً، وأقربهم من الله مقاماً، لم يشرك بالله طرفة عين، ولّاه الله أمر خلقه في كتابه، وأقامه إماماً لبريّته في تنزيله وعلى لسان رسوله، فقام بأمر الله صادعاً، وبالحقّ ناطقاً.

كم غرّر نفسه في المهالك لإقامة دين الحقّ؟ وكم قذف بذاته في أضيق

__________________

١ - سورة التوبة: ١١٩.

٢ - سورة يونس: ٣٥.

٣ - سورة القصص: ٨٣.

٤ - نهج البلاغة: ٤٩ - ٥٠ خطبة رقم ٣. والزِبرِج: الزينة من وَشي أو جوهر.


٤٥٧


المسالك في الحروب لإعلاء كلمة الصدق؟ حتى قتل أبطال المشركين، وكسر أصنام الملحدين، وأدخل الناس في دين الله أفواجاً، بمن لا يعادل عند الله جناح بعوضة، أجهل الخلق أباً واُمّاً، وألأمهم أصلاً وفرعاً، ربّي في حجر الشرك، ونشي في مهد الكفر، وارتضع ثدي النفاق، فرع الشجرة، وأصل الفجرة، ورأس المنافقين، وأساس القاسطين، الذي لعنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولعن أباه وابنه في قوله: اللّهمّ العن الراكب والقائد والسائق(١) .

فتبّاً لها اُمة ضالّة، وسحقاً لها طائفة عن الحق عادلة، ما أشدّ جهلها، وأسفه حملها، وأضعف عقولها، وأخسر صفقتها، وأكسد تجارتها؟ إذ عدلت عن مهابط التنزيل إلى مواطن الأباطيل، وعن أعلام الإيمان إلى أحزاب الشيطان، واستبدلوا بالدرّ الثمين السرجين، واتّبعوا ما يتلو الشيطان(٢) .

روي في معنى قوله سبحانه:( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعبُدُ اللهَ عَلَى حَرفٍ ) (٣) أنّه كان أبو موسى وعمرو.

وروى ابن مردويه بأسانيده عن سويد بن غفلة، قال: كنت مع أبي موسى على شاطئ الفرات، فقال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنّ بني إسرائيل اختلفوا فلم يزال اختلاف بينهم حتى بعثوا حكمين ضالّين ضالّ من اتّبعهما، ولا تنفكّ اُموركم تختلف حتى تبعثوا حكمين يضلّان ويضلّ من تبعهما.

__________________

١ - وقعة صفّين: ٢٢٠، عنه البحار: ٣٣ / ١٩٠، والمقصودون هم: أبو سفيان، ومعاوية وأخوه.

٢ - إقتباس م نالآية: ١٠٢ من سورة البقرة.

٣ - سورة الحجّ: ١١.


٤٥٨


فقلت: اُعيذك بالله أن تكون أحدهما.

قال: فخلع قميصه وقال: برّأني الله من ذلك كما برّأني من قميصي(١) . اللّهمّ العن عمرواً وأبا موسى، ومن أشار بتحكّمهما، ورضي بحكمهما، وصوّب اجتهادهما، وحسّن رأيهما، وشكّ في نفاقهما، وحصّر لعنهما، إنّك أشدّ بأساً وأشدّ تنكيلاً.

و لمّا رجع أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد التحكّم إلى الكوفة اجتمعت الفرقة المارقة عن الايمان، أهل الزيغ والبهتان، وقالوا: إنّ عليّاً قد حكم في دين الله، وكلّ من حكم في دين فقد كفر، لقوله سبحانه:( وَمَن لَم يَحكُم بِمَا أنزَلَ اللهُ فَاُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ ) (٢) ودخلت عليهم الشبهة في ذلك، فهم الضالّون المضلّون الّذين قال الله فيهم:( قُل هَل نُنَبِّئُكُم بِالأخسَرِينَ أعمَالاً - قال أمير المؤمنين لمّا سئل عن معناها: هم أهل حروراء، ثم قال: -الَّذِينَ ضلَّ سَعيُهُم فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا وَهُم يَحسَبُونَ أَنَّهُم يُحسِنُونَ صُنعاً - في قتال أمير المؤمنينعليه‌السلام -اُولَئِكَ الَّذينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِم وَلِقَائِهِ فَحَبطَت أعمَالُهُم فَلَا نُقِيمُ لَهُم يَومَ القِيامَةِ وَزناً ذَلِكَ جَزَاؤُهُم جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا - بولاية عليّ بن أبي طالب -وَاتَّخَذُوا آيَاتِي - القرآن -وَرُسُلِي - يعني محمّداً -هُزُواً ) (٣) واستهزؤا(٤) بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من كنتُ مولاه فعليّ مولاه.

____________

١ - مناقب ابن شهراشوب: ٣ / ١٨١ - ١٨٢، عنه البحار: ٣٣ / ٣١١ - ٣١٢ ح ٥٦٢.

وانظر: تاريخ اليعقوبي: ٢ / ١٩٠، ومروج الذهب: ٢ / ٤٠٣.

٢ - سورة المائدة: ٤٤.

٣ - سورة الكهف: ١٠٣ - ١٠٦.

٤ - كذا في المناقب، وفي الأصل: استهزاء.


٤٥٩


تفسير الفلكي: قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله سبحانه:( يَومَ تَبيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسوَدَّت وُجُوهُهُم ) (١) فهم الخوارج.(٢)

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله فيهم: ياتي قوم من بعيد يحتقر أحدكم صلاته في جنب صلاتهم وعبادتهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، طوبى لمن قتلهم وقتلوه.(٣)

وروى البخاري ومسلم والطبري والثعلبي في كتبهم أنّ ذا الخويصرة التميمي(٤) أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: أعدل بالسويّة.

فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ويحك، إن لم أعدل أنا فمن يعدل؟

فقال عمر: ائذن لي حتى أضرب عنقه.

فقال: دعه فإنّ له أصحاباً، فذكر وصفه(٥) فنزل( وَمِنهُم مَن يَلمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ ) (٦) .

وروي من طرق شتّى أنّه ذكروه بين يدي(٧) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________

١ - سورة آل عمران: ١٠٦.

٢ - مناقب ابن شهراشوب: ٣ / ١٨٦ - ١٨٧، عنه البحار: ٣٣ / ٣٢٦ - ٣٢٧ ح ٥٧٣.

وانظر: العمدة لابن البطريق: ٤٦١ ح ٩٦٧.

٣ - انظر: الأحاديث الغيبيّة: ١ / ٢٨١ - ٣٠٧ ح ١٦٤ - ١٧٧.

٤ - هو حرقوص بن زهير رئيس الخوارج.

٥ - كذا في المناقب، وفي الأصل: وصيّه.

٦ - سورة التوبة: ٥٨.

٧ - في المناقب: مسند أبي يعلى الموصلي وإبانة ا بن بطّة العكبري وعقد ابن عبد ربّه الأندلسي وحلية أبي نعيم الاصفهاني وزينة أبي حاتم الرازي وكتاب أبي بكر الشيرازي انّه ذُكر بين يدي..


٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592