تسلية المجالس وزينة المجالس الجزء ١

تسلية المجالس وزينة المجالس3%

تسلية المجالس وزينة المجالس مؤلف:
المحقق: فارس حسون كريم
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 592

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 592 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 337092 / تحميل: 8181
الحجم الحجم الحجم
تسلية المجالس وزينة المجالس

تسلية المجالس وزينة المجالس الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560


فأقبلت فاطمةعليها‌السلام تقول:

أمرك سمع يا ابن عمّ وطاعة

ما بي من لوم ولا ضراعـة

غذّيت باللبّ وبـالبـراعـة

أرجو إذا أشبعت من مجاعة

أن ألحق الأخيار والجمـاعة

وأدخل الجنّة في شـفاعـة

وعمدت إلى ما كان على الخوان جميعه فدفعته إلى المسكين، وباتوا جياعاً، وأصبحوا صائمين لم يذوقوا الا الماء القراح، ثمّ عمدت إلى الثلث الثاني من الصوف فغزلته، ثمّ أخذت صاعاً من الشعير، فطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكلّ واحد قرصاً، وصلّى أمير المؤمنينعليه‌السلام مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المغرب، ثمّ أتى المنزل، فلمّا وضع الخوان بين يديه وجلسوا خمستهم، فأوّل لقمة كسرها أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا يتيم ينادي بالباب: السلام عليكم أهل بيت النبوّة، أنا يتيم من يتامى المسلمين، أطعموني ممّا تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنّة، فرمى(١) أمير المؤمنينعليه‌السلام اللقمة من يده، ثمّ قال:

فاطم بنت السـيد الـكريـم

بنت نـبيّ ليــس بالزنيـم

قد جاءنا الله بـذا اليـتيـم

من يرحـم اليـوم هو الرحيم

موعـده في جنـّة النعـيم

حرّمها الــله عـلى الـلئيم

وصاحب البخل يقف ذمـيم

تهوي به إلى النار الى الجحيم

شرابه الصديد والحميم

فأقبلت فاطمةعليها‌السلام وهي تقول:

فسوف اُعطيه ولا أُبالي

واُؤثر الله على عيالي

__________________

١ - في الأمالي: فوضع. وكذا في الموضع الآتي.


٥٦١


أمسوا جياعاً وهم أشـبالي

أصغرهما يقتل في القـتال

بكربلاء يقـتل باغتـيال

لقاتليه الويل مع الوبال

تهوي به النار إلى سفال

كبولة زادت على الاكبـال

ثمّ عمدت إلى جميع ما على الخوان من الخبز فأعطته اليتيم وباتوا جياعاً لم يذوقوا إلا الماء، وأصبحوا صيّاماً، فعمدت فاطمة إلى الثلث الباقي من الصوف فغزلته، وطحنت الباقي من الشعير وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكلّ واحد قرصاً، وصلّى أمير المؤمنينعليه‌السلام مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صفلاة المغرب، وأتى المنزل فوضع الخوان وجلسوا خمستهم، فأوّل لقمة كسرها أمير المؤمنينعليه‌السلام وأراد وضعها في فيه إذا أسير من اُسارى المشركين ينادي بالباب: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، تأسروننا وتشدّونا ولا تطعمونا، فرمى أمير المؤمنينعليه‌السلام باللقمة من يده، ثم قال:

فاطم يـا بنت النـبي أحمـد

بنـت نـبيّ سيـّد مـسـدّد(١)

قد جاءنا(٢) الأسير ليس يهتدي

مكـبّلاً فـي غـلـّه مقـيـّد

يشكو إلينا الجـوع قـد تقدّد

من يطعم اليوم يجده فـي غد

عند العليّ الواحـد المـوحّد

ما يزرع الزارع سوف يحصد

[ فأعطيه ولا تجعليه ينكد ](٣)

__________________

١ - في الأمالي: مسوّد.

٢ - في الأمالي: جاءك.

٣ - من الأمالي.


٥٦٢


فأقبلت فاطمةعليها‌السلام تقول:

لم يبق ممّا كان غير صاعٍ

قد دبرت كفـّي مـع الـذراع

شبلاي واللـه هما جـياع

يا ربّ لا تـتركـها ضيـاع

أبوهما للخير ذو اصطناع

عبل الذراعين(١) طويل الباع

وما على رأسي من قناع

إلاّ عبـاً نسجـتهـا بـصاع

وعمدت إلى ما كان على الخوان جميعه فدفعته إلى الأسير، وباتوا ليلتهم جياعاً، وأصبحوا مفطرين وليس عندهم شيء.

قال شعيب في حديثه: وأقبل عليّ بالحسن والحسينعليهم‌السلام نحو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهما يرتعشان كالفراخ من شدّة الجوع، فلمّا بصر بهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: يا أبا الحسن شدّ ما يسوءني ما أرى بكم.

فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وانطلق مع عليّعليه‌السلام إلى منزل فاطمةعليها‌السلام ، فإذا هي في محرابها قد لصق بطنها بظهرها من شدّة الجوع، وغارت عيناها في وجهها، فلمّا رآها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ضمّها إليه، وقال: واغوثاه أنتم منذ ثلاث فيما أرى، فهبط جبرئيلعليه‌السلام ، وقال: خذ يا محمد ما هيّا الله لك في أهل بيتك.

قال: وما آخذ يا جبرئي؟ [ قال: ](٢) ( هَل أَتَى عَلَى الإنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهرِ - حتى بلغ -إنَّ هذَا كَانَ لَكُم جَزَاءً وَكَانَ سَعيُكُم مَشكُوراً ) (٣) .

__________________

١ - أي ضخمهما.

٢ - من الأمالي.

٣ - سورة الإنسان: ١ - ٢٢.


٥٦٣


وقال الحسن بن مهران في حديثه: فوثب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى دخل منزل فاطمةعليها‌السلام فرأى ما بهم فجمعهم، ثمّ انكبّ عليهم يبكي ويقول: أنتم منذ ثلاث فيما أرى وأنا غافل عنكم! فهبط عليه جبريل بهذه الآيات:( إنَّ الأبرَارَ يَشرَبُونَ مِن كَأسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً عَيناً يَشرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفجِيراً ) (١) .

قال: هي عين في دار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تفجّر إلى دور الأنبياء والمرسلين(٢) .

وفي الحديث(٣) أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سئل عن هذه، فقال: هي عين في داري في الجنّة، ثمّ سئل مرّة اُخرى، فقال: هي عين في دار عليّ.

فقيل: يا رسول الله، ألم تقل عين في داري؟

فقال: إنّ داري ودار عليّ في الجنّة واحدة.

( يُوفُونَ بِالنَّذرِ - يعني عليّاً وفاطمة والحسن والحسين وجاريتهم فضّة -وَيَخَافُونَ يَوماً كَانَ شَرُّهُ مُستَطِيراً - أي عابساً كلوحاً -وَيُطعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ - أي على شهوتهم للطعام وإيثارهم له -مِسكِيناً - من مساكين المسلمين -وَيَتِيماً - من يتامى المسلمين -وَأسِيراً - من أُسارى المشركين، ويقولون إذا أطعموهم: -إنَّمَا نُطعِمُكُم لِوَجهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنكُم

__________________

١ - سورة الإنسان: ٥ و ٦.

٢ - في الأمالي: والمؤمنين.

٣ - وقد سئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن شجرة طوبى أين هي؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : هي في داري في الجنّة، وقد سأله آخر فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : هي في دار عليعليه‌السلام في الجنّة، فقيل له في ذلك، فقال: إنّ داري ودار عليّ واحدة في الجنّة. انظر: تفسير فرات الكوفي: ٧٥ - ٧٦.


٥٦٤


جَزَاءً وَلَا شُكُوراً ) (١) أي جزاء يجازوننا به من نفع عاجل، ولا نريد أن تشكرونا عليه عن الخلق بل فعلناه لله، قال: والله ما قالوا هذا لهم ولكنّهم أظهروه في أنفسهم، فأخبر الله بإضمارهم وأثنى عليهم ليرغّب في ذلك الراغب.

عن سعيد بن جبير ومجاهد: قال الله سبحانه:( فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذَلِكَ اليَومِ وَلَقَّاهُم نَضرَةً - في الوجوه -وَسُرُوراً - في القلوب -وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً - يسكنونها -وَحَرِيراً - يلبسونه ويفترشونه -مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ - والأريكة: السرير عليه الحجلة -لَا يَرَونَ فِيهَا شَمساً ) (٢) يتأذّون بحرّها.

قال ابن عبّاس: بينا أهل الجنّة في الجنّة إذ يرون نوراً مثل الشمس قد أشرقت له الجنان، فيقول أهل الجنّة: يا ربّ، إنّك قلت: - وقولك الحقّ - في كتابك:( لَا يَرَونَ فِيهَا شَمساً وَلَا زَمهَرِيراً ) ، فيرسل الله جلّ اسمه جبرئيل فيقول: ليس هذا بشمس ولكن عليّاً وفاطمة ضحكا من شيء أعجبهما فأشرقت الجنان من نور ضحكهما.(٣)

__________________

١ - سورة الانسان: ٧ - ٩.

٢ - سورة الانسان: ١١ - ١٣.

٣ - أمالي الصدوق: ٢١٢ ح ١١، عنه البحار: ٣٥ / ٢٣٧ ح ١.

وأورد في مناقب ابن شهراشوب: ٣ / ٣٧٣ - ٣٧٥.


٥٦٥


فصل

في وفاتها(١) عليها‌السلام

عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام قبل موته: السلام عليك أبا الريحانتين، اوصيك بريحانتيّ من الدنيا، فعن قليل ينهدّ ركناك عليك، فلمّا قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : هذا(٢) الركن الأوّل، فلمّا ماتت فاطمة قال: هذا الركن الثاني.

وروت عائشة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا فاطمة فسارّها فبكت، ثمّ دعاها فسارّها فضحكت، فسئلت عن ذلك، فقالت: أعلمني أنّه مقبوض فبكيت، ثمّ أخبرني أنّي أوّل أهله لحوقاً به فضحكت.

وعن اُمّ سلمة رضي الله عنها وعائشة أيضاً أنّها لمّا سئلت عن بكائها وضحكها قالت: أخبرني النبيّ أنّه مقبوض، ثمّ اخبرني أن بنيّ سيصيبهم بعدي شدّة فبكيت، ثمّ أخبرني أنّي أوّل أهله لحوقاً به، فضحكت.

__________________

١ - ذكرت في « ح » ٨ أبيات شعريّة لعليّ بن حمّادرحمه‌الله ، مطلعها: فلمّا قضى الهادي النبيّ تناكروا غير انّي لم أتمكّن من قراءة بعض ألفاظها، ولم أعثر عليها في مصدر آخر كي يسهل عليّ ذلك، فتركتها، آملاً تثبيتها في طبعات لاحقة إن شاء الله تعالى.

٢ - كذا في المناقب، وفي الأصل يحتمل القراءتين: « هذا »، « هدّ ».


٥٦٦


وأيضاً عن عائشة قالت: أقبلت فاطمة لا تخطي مشيتها مشية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مرحباً بابنتي، فأجلسها عن يمينه، وأسرّ إليها حديثاً فبكت، ثمّ أسرّ إليها حديثاً فضحكت، فسألتها عن ذلك، فقالت: ما أفشي سرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتى إذا قبضصلى‌الله‌عليه‌وآله سألتها، فقالت: إنّه أسرّ إليّ، فقال: إنّ جبرئيل كان يعارضني بالقرآن كلّ سنة مرّة، وإنّه عارضني [ به ](١) العام مرّتين، ولا أراني إلا وقد حضر أجلي، وإنّكِ أوّل أهل بيتي لحوقاً بي، ونعم السلف أنا لك، فبكيت لذلك، ثمّ قال: ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء المؤمنين(٢) ؟ فضحكت لذلك.

روي أنّها صلّى الله عليها ما زالت بعد أبيها معصّبة الرأس، ناحلة الجسم، منهدّة الركن، باكية العين، محترقة القلب، يغشى عليها ساعة بعد ساعة، وتقول لولديها: أين أبوكما الذي كان أشدّ الناس شفقة عليكما فلا يدعكما تمشيان على الأرض، ولا أراه يفتح هذا الباب أبداً، ولا يحملكما على عاتقه كما لم يزل يفعل بكما، ثمّ مرضت ومكثت أربعين ليلة، ثمّ دعت اُمّ أيمن وأسماء بنت عميس(٣) وعليّاً صلوات الله عليه، وأوصت إلى علي بثلاث: أن يتزوّج بابنة [ اُختها ](٤) اُمامة لحبّها أولادها، وأن يتّخذ نعشاً لأنّها كانت رأت الملائكة بصورة فصوّرته ووصفته لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، وألاّ يشهد أحد جنازتها

__________________

١ - من المناقب.

٢ - في المناقب: نساء العالمين المؤمنين.

٣ - انظر هامش البحار: ٤٣ / ١٨١ - ١٨٢ حيث استظهر أنّ أسماء مصحّف سلمى امرأة أبي رافع، أو سلمى امرأة حمزة بن عبد المطّلب - وهي اُخت أسماء -، أو أسماء بنت يزيد بن السكن، فراجع.

٤ - من المناقب.


٥٦٧


ممّن ظلمها، وألاّ يترك أحد منهم يصلّي عليها.

و ذكر مسلم، عن عبد الرزّاق، عن معمر، عن الزهريّ، عن عروة، عن عائشة - في خبر طويل - يذكر فيه أنّ فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأل ميراثها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمنعها - والقصّة مشهورة -، فهجرته ولم تكلّمه حتى توفّيت ولم يؤذن بها أبو بكر، ولم يصل عليها.

الواقدي: أنّ فاطمةعليها‌السلام أوصت إلى عليّ إذا حضرتها الوفاة ألاّ يصلّي عليها أبو بكر ولا عمر، فعمل بوصيّتها.

وعن ابن عبّاس، قال: أوصت فاطمة إلى عليّعليه‌السلام ألاّ يعلم - إذا ماتت - أبا بكر ولا عمر، ولا يصلّيا عليها.

قال: فدفنها عليّعليه‌السلام ليلاً ولم يعلمهما بذلك، وغيّب قبرها.

وعن عائشة: عاشت فاطمة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ستّة أشهر، فلمّا توفّيت دفنها عليّ ليلاً، وصلّى عليّ عليها.

وعن الزهريّ أن فاطمة دفنت ليلاً، دفنها أمير المؤمنين والحسن والحسينعليهم‌السلام ، وغيّبوا قبرها.

وفي روايتنا أنّه صلّى عليها أمير المؤمنين والحسن والحسينعليهم‌السلام وعقيل وسلمان وأبو ذرّ والمقداد وعمّار وبريدة.

وفي رواية اُخرى: والعبّاس وابنه الفضل.

وفي رواية اخرى: وحذيفة وابن مسعود.

الأصبغ بن نباتة أنّه سئل أمير المؤمنينعليه‌السلام عن دفنها ليلاً، فقال: إنّها كانت ساخطة على قوم كرهت حضورهم جنازتها، وحرام على من


٥٦٨


يتولّاهم أن يصلّي على أحدٍ من ولدها.

و روي أنّه صلوات الله عليه سوّى قبرها مع الأرض مستوياً وقالوا: إنّه سوّى حواليها قبوراً مزوّرة مقدار سبعة حتى لا يعرف قبرها.

وروي أنّه صلوات الله عليه رشّ أربعين قبراً حتى لا يبتيّن قبرها من القبور فيصلّوا عليها(١) .

روى أبو عبد الله حمّويه(٢) بن عليّ البصري، وأحمد بن حنبل(٣) ، وأبو عبد الله بن بطّة(٤) بأسانيدهم قالت سلمى(٥) امرأة أبي رافع: اشتكت فاطمة شكواها التي قبضت فيها وكنت اُمرضّها فأصبحت يوماً أسكن ما كانت، فخرج عليّعليه‌السلام إلى بعض حوائجه وقالت: اسكبي لي غسلاً. فسكبت، وقامت واغتسلت أحسن ما يكون من الغسل، ثمّ لبست أثوابها الجدد، ثمّ قالت: افرشي فراشي وسط البيت، ثمّ استقبلت القبلة ونامت، وقالت: أنا مقبوضة، وقد اغتسلت فلا يكشفني(٦) أحد، ثمّ وضعت خدّها على يدها(٧) ، ثمّ ماتت.

وعن أسماء بنت عميس، قالت: أوصت فاطمة إليّ إلا يغسّلها إذا ماتت الا أنا وعليّ، فأعنت عليّاً على غسلها.

____________

١ - كذا في المناقب، وفي الأصل: عليه.

٢ - كذا في المناقب، وفي الأصل: روى عبد الله بن حمّويه.

٣ - فضائل أحمد: ٢ / ٦٢٩ ح ١٠٧٤ وص ٧٢٥ ح ١٢٤٣.

٤ - كذا في المناقب، وفي الأصل: رملة.

٥ - كذا الصحيح، وفي الأصل: اُمّ سلمى.

٦ - كذا في المناقب، وفي الأصل: فلا يكفّنني.

٧ - كذا في المناقب، وفي الأصل: يدها على خدّها.


٥٦٩


و عن أبي الحسن الخزّاز القمّي في الأحكام الشرعيّة: سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن فاطمة من غسّلها؟

فقال: غسّلها أمير المؤمنينعليه‌السلام لأنّها كانت صدّيقة لم يغسّلها إلا صدّيق.

تهذيب الأحكام(١) : روى سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن أوّل من جعل له النعش.

قال: فاطمة بنت محمد صلّى الله عليها.

وفي رواية عبد الرحمان أنّها قالت لأسماء: استريني سترك الله من النار - يعني بالنعش -.

وروي(٢) أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام قال عند دفنها:

السلام عليك يا رسول الله، عنّي وعن ابنتك النازلة في جوارك، والسريعة اللحاق بك، قلّ عن صفيّتك صبري، ورقّ فيها تجلّدي، إلا أنّ في التأسّي بعظيم فرقتك وفادح مصيبتك موضع تعزّ، ولقد وسّدتك في ملحود قبرك، وفاضت بين صدري ونحري نفسك، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون، فلقد استرجعت الوديعة، واُخذت الرهينة، أمّا حزني فسرمد وأمّا ليلي فمسهّد، إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت بها مقيم، وستنبئك ابنتك، فأحفها السؤال، واستخبرها الحال، هذا ولم يطل العهد، ولم يخلق الذكر، والسلام عليكما سلام مودّع لا سئم ولا قال: فإن أنصرف فلا عن ملالة، وإن أقم فلا عن سوء

____________

١ - تهذيب الأحكام: ١ / ٤٦٩ ح ١٨٤، عنه البحار: ٤٣ / ٢١٢ ح ٤٢.

٢ - الكافي: ١ / ٤٥٨، عنه البحار: ٤٣ / ١٩٣ ح ٢١.


٥٧٠


ظنّ بما وعد الله الصابرين.

و روي أنّه لمّا سار بها إلى القبر المبارك خرجت يد فتناولتها، وانصرف. وأنشأ أمير المؤمنينعليه‌السلام :

ذكرت أبا ودّي(١) فبتّ كأنّني

بردِّ الهموم الماضيات وكيل

لكلّ اجتماع من خليلين فرقة

وكلّ الذي دون الفراق قليل

وإنّ افتقادي فاطماً بعد أحمد

دليل على أن لا يدوم خليل

فأجابه هاتف:

يريد الفـتى ألاّ يـموت خـليـله

وليس لـه إلا الممات سبيل

فلا بدَّ مـن موت(٢) ولا بد من بلى

وإنّ بقائي بعدكـم لـقـليل

إذا انقطـعت يوماً من العيش مدّتي

فإنّ بكاء الـباكيـات قـليل

ستعرض عن ذكري وتنسى مودّتي

ويحدث من بعد الخليل خليل(٣) (٤)

قال شيخنا أبو جعفر الطوسي رضي الله عنه: الأصوب أنّها مدفونة في دارها، أو في الروضة، ويؤيّد ذلك قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنّة.

وفي البخاري وصحيح مسلم: ما بين بيتي ومنبري.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : منبري على ترعة من ترع الجنّة.

____________

١ - أي من كان يلازم ودّي وحبّي.

٢ - لعلّه من تتمّة أبياتهعليه‌السلام لا كلام الهاتف، ولو كان من كلام الهاتف فلعلّه ألقاه على وجه التلقين.

٣ - في المناقب: ويحدث بعدي للخليل بديل.

٤ - مناقب ابن شهراشوب: ٣ / ٣٦١ - ٣٦٥، عنه البحار: ٤٣ / ١٨٠ - ١٨٤ ذ ح ١٦.


٥٧١


و قالوا: حدّ الروضة ما بين القبر إلى المنبر إلى الأساطين التي تلي صحن المسجد.

أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن قبر فاطمةعليها‌السلام ، فقال: دفنت في بيتها، فلمّا زادت بنو اُميّة في المسجد صارت في المسجد.

عن يزيد بن عبد الملك، عن أبيه، عن جده، قال: دخلت على فاطمةعليها‌السلام فبدأتني بالسلام، ثمّ قالت: ما غدا بك؟

قلت: طلب البركة.

قالت: أخبرني أبي وهو ذا: من سلّم عليه وعليَّ ثلاثة أيّام أوجب الله له الجنّة.

قلت لها: في حياته وحياتك؟

قالت: نعم، وبعد موتنا.(١)

يا قبر فاطمـة الـذي مـا مثله

قبر بطيبة طاب فـيه مبيتـا

إذ فيه(٢) حلّت زهرة الدنيا الّتي

بحلي محاسن وجههـا حـليتا

فسقى ثراك الغيث ما بقيت به

نور القبـور بـطيبـة وبقيتا

فلقد بريـّاهـا ظللت مطـيّـباً

وغداك مسكاً في الاُنوف قتيتا

قلت: أيها الكريمة الممجّدة، المظلومة المضطهدة، القانتة العفيفة، السيّدة الشريفة، المغصوبة ميراثها، المسلوبة تراثها، المحرومة نحلتها،

____________

١ - مناقب ابن شهراشوب: ٣ / ٣٦٥، عنه البحار: ٤٣ / ١٨٥ ح ١٧.

٢ - في المناقب: فيك.


٥٧٢


المنهوبة بلغتها، المشهور في الذكر ذكرها، المخفيّ من دون القبور قبرها، التي امتحن الله فيها اُمّة أبيها، فلم ترع حرمته فيها، وفوّقت نحوها سهام ظلمها، واُنزلت بساحتها مطايا هضمها، حتى ماتت بغصّتها عليها ساخطة، ومن خيرها قانطة.

أوّل مظلوم بعد الرسول من الرجال بعلها، وأضيع حقّ بعد النبيّ حقّها.

فيا لها من اُمّة غادرة، وصحبة كافرة، وعصبة مارقة، وثلّة منافقة، أجلبت على هدم الاسلام بجنودها وأحزابها، ومنعت مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، وسعت في خرابها، أعاد عتيقها الأوّل دين الجاهليّة بعد الضعف شديداً، وصيّر الثاني الأرذل بناء الكفر بعد الاندراس مشيّداً، أطاع الشيطان وعصى الرحمن في يوم السقيفة، وولي المسلمين بغرور وشهادة زور بشبهته السخيفة، ومنع الزهراء نحلتها من والدها سيّد المرسلين، وآذى الله ورسوله إذ آذى إمام المسلمين وسيّد الوصيّين.

فلعن الله السقيفة ومن حوت، والعصابة الناصبة وما روت، حملوا الناس على أكتاف آل الرسول فيها، وجحدوا النصّ الجليّ على الامام العليّ فأبعد بها وبذويها، فاجتماع الأرجاس في ساحتها سبب لاغتيال سيّد الأوصياء، وتعصّب عصب الضلال في عرصتها وسيلة لاغتصاب تراث سيّدة النساء، وسمّ سبط المصطفى وغلبة ظلمة الظلمة في باحتها طريق إلى قتل سيّد الشهداء وخامس أصحاب الكساء.

فأبعد بزمن صار فيه عتيق تيم للمسلمين إماماً، ولعنت اُمّة رضيت بالدلام نجل صهّاك باُمور الدين قوّاماً، أليس هو الذي حمل بني اُميّة على رقاب المسلمين؟ أليس هو الذي منع الزهراء نحلتها وردّ شهادة


٥٧٣


أمير المؤمنين؟ أما جعل أمر خلافة الله شورى؟ أما لفق من باطل القول زخرفاً وغروراً؟ أما أسند إلى النبيّ الاُمّي: « ما تركناه صدقة » بزوره وكذبه؟ فلعن الله الكاذب في جدّه ولعبه، فهو زعيم الفتنة ورأسها، وأصل المحنة وأساسها، والمصلّي والسابق في الجمل صفّين، والقائد والسائق في قتل ذرّيّة سيّد المرسلين.

فما قام ثالث القوم الا لمشورته وإشارته، ولا تجرّى ابن حرب على حرب أمير المؤمنين الا بوصيّته وإرادته، ولا سفك دم السبط الشهيد الا وهو مثبت في صفحات صحيفته، وطامته في الظلم عالية، وبدعته في الغيّ غالية، والشيطان يسوق الناس إلى اتّباعه، وهو في الحققة من بعض جنده وأتباعه، وتجرّأت عصبته على المؤمنين بكلّ ناد، ورمتهم عن قوس واحدة دون العباد، حتى لقد برح الخفاء، وانطقع الرجاء.

اللّهمّ العنه وأشياعه وأتباعه ومحبّيه والمائلين إليه، والمتّفقين عليه، والمعتقدين لإمامته، والناهضين بأجنحته، والمستنّين بسنّته، والمتسمين بسمته، الذي اُسّس على الباطل دينهم، وفصل من ينبوع الشرع معينهم، وبنيت على غير تقوى الله مساجدهم، وشيّدت بعداوة أهل بيت رسول الله مشاهدهم، كلّ منهم في ثوبه ضلّ عابس، وفي بدنه قلب حامس، إذا عاينتهم يروقك عيانهم، وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم، كأنّهم خُشب مسنّدة، أو صور على الجدران مجسّدة، إذا تليت عليهم سورة هل أتى تلت وجوههم عبس وتولّى، وإذا قرأت عليهم آية النجوى حقّت عليهم كلمة العذاب والبلوى.

مساجدهم بواطن الفجّار، ومدارسهم معادن الأشرار، فهم الوجوه الخاشعة العاملة الناصبة، والطائفة المارقة الزاهقة الكاذبة، يسندون كلّ منكر


٥٧٤


في العالم إلى ربّهم، وينسبون كبائر بني آدم إلى خالقهم بزورهم وكذبهم، ويعتقدون ربّهم جمادات حدود وأقطار، مدرك في الدنيا والآخرة بحاسّة العيان والابصار، يشبهون على الهمج الرعاع بأقاويلهم المزخرفة، ويتستّرون عند النزاع بحجّة التكلفة، ملّتهم محرفة، وقلوبهم مغلفة، وعمائمهم كقباب بيض على كنف، وقلوبهم من عمص الحقّ سود وغلف.

يسبّون النبيّ والوصيّ بتكفير أبويهما، ويسندون العيوب الموصمة بكفرهم إليهما، وأيّ سبّ أعظم من أن يقال للرجل: يا ابن الكافر؟ وأيّ خطب أفضع من نسبة سيّد الأوّلين والآخرين إلى أنّه يهجر في المحاضر، تعاهدوا على خلاف نبيّهم، وتعاقدوا على إخراج الحقّ عن سيّدهم ووليّهم، وجحدوا نصّ الغدير، وضلّلوا الهادي البشير، ونصبوا أنصاب الشرك بنصب شقيّهم وعتيقهم، وسوّدوا وجه الاسلام إذ وسموه بزكيّهم وصدّيقهم، وهو أكذب من أبي تمامة، وأحقر من قلامة في قمامة، انتهت إليه الزعامة، أم حبرت له الامامة، من أبيه أبي قحافة، ذي الرذالة والخلافة؟ الذي كان اسمه في المجد كالنون في حال الاضافة، تلقّد عارها في الدارين، وباء بإثمها في الخافقين.

ثمّ لم يجترئ بكفرها في حياتي حتى احتقب وزرها بعد وفاته، وأوصى بها إلى ابن صهّاك لعلمه بشدّة عناده، وعظيم إلحاده، فقام عدوّ الله ناسجاً على منواله، متقرّباً في عداوة آل الرسول بأقواله وأفعاله، وهدّ الجمل وصفّين، ومن قتل فيهم من المسلمين إلا جدول من بحره، وشعبة من كفره.

اللّهمّ إنّا نتقرّب إليك بلعنته في دار الفناء، راجين بذلك الفوز في دار البقاء، أبغضناه حبّاً لك، وعصيناه طاعة لأمرك، وخالفناه موافقة لكتابك، وشنأناه رجاء لثوابك، لمّا قرعت أسماعنا رنّة آيات( وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهدَ


٥٧٥


اللهِ مِن بَعدِ مِيثَاقِهِ وَيَقطَعُونَ مَا أمَرَ اللهُ بِهِ أن يُوصَلَ وَيُفسِدُونَ فِي الاَرضِ اُولئِكَ لَهُمُ اللَعنَةُ وَلَهُم سُوءُ الدَّارِ ) (١) ، ونعقت في أفكارنا نعمة بيّنات( إنَّ الَّذِينَ يُؤذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ وَأعَدَّ لَهُم عَذَاباً مُهِيناً ) (٢) ، ورسخت في أفهامنا كلمة سيّد أنبيائك ومبلّغ أنبائك: فاطمة بضعة منّي، من آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله أكبّه الله على منخريه في النار.(٣)

وتجلّت لألبابنا رواية السيّد ابن السادة، الفائز بدرجتي السعادة والشهادة، فرع نبيّك، وسلامة وليّك، المجاهد في سبيلك، والداعي إلى الرضا من آل رسولك، زيد بن إمام المتّقين، عليّ بن الحسين زين العابدين، زاد الله شرفاً إلى شرفه، وأحلّه من جوار جدّه في أعلى غرفه، وهو ما روى عنه الشيخ العالم العامل، الوليّ الكامل، المخصوص بكشف أسرار الكلام المجيد القدسيّ، شيخنا ووسيلتنا إلى ربّنا أبو علي الطبرسي، أفاض الله عليه تيجان رحمته، وحشره في زمرة نبيّه وأئمّته.

__________________

١ - سورة الرعد: ٢٥.

٢ - سورة الأحزاب: ٥٧.

٣ - قاله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مراراً: انظر: بحار الأنوار: ٢١ / ٢٧٩، وج ٢٢ / ٢٣٦، وج ٢٣ / ١٤٣ ح ٩٧ وص ٢٣٤، وج ٢٧ / ٦٢ و ٦٣ ح ٢١، وج ٢٨ / ٣٨ ح ١ وص ٤٠ وص ٣٠٣ ح ٤٨، وج ٣٦ / ٢٨٨ ح ١١٠ وص ٣٠٨ ح ١٤٦، وج ٣٧ / ٦٦ - ٦٨ ح ٣٨ وص ٦٩ وص ٨٥، وج ٤٣ / ٣٢ ح ١٧ وص ٢٤ ح ٢٠ وص ٣٩ ح ٤٠ و ٤١ وص ٥٤ ح ٤٨ وص ٧٦ ح ٦٣ وص ٨٠ ح ٦٩ وص ٩١ و ٩٢ ح ١٦ وص ١٣٣ ح ٣٢ وص ١٧١ ح ١١ وص ١٧٢ ح ١٣ وص ١٩٩ ح ٢٩ وص ٢٠٢ و ٢٠٤ح ٣١، وج ٤٩ / ٢٨٣، وج ١٠٣ / ٢٣٩ ح ٤٣ وص ٢٥٠ ح ٤٠ وج ١٠٤ / ٣٨ ح ٣٦ فقد أخرجه بألفاظ مختلفة وعن عدّة مصادر معتبرة.


٥٧٦


قال: حدّثني الحاكم أبو القاسم الحسكاني القاي(١) ، قال: حدّثنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدّثني أحمد بن [ محمد بن أبي ](٢) دارم الحافظ، [ قال: حدّثنا علي بن أحمد العجلي، ](٣) قال: حدّثني عبّاد بن يعقوب. قال: حدّثني أرطاة بن حبيب، قال: حدّثني أبو خالد الواسطي - وهو آخذ بشعره -، قال: حدّثني زيد بن عليّ - وهو آخذ بشعره -، قال: حدّثني أبي سعيد العابدين - وهو آخذ بشعره -، قال: حدّثني أبي السيد الشهيد أبو عبد الله الحسين - وهو آخذ بشعره -، قال: حدّثني أبي أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين - وهو آخذ بشعره -، قال: قال لي سيّد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله الصادق الأمين - وهو آخذ بشعره -: يا علي، من آذى منك شعرة فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فعليه لعنة الله.(٤)

وقد علمنا يا إلهنا ما اُسدي إلى سليلة نبيّك، وحليلة وليّك، من اغتصاب تراثها، وانتهاب ميراثها، واغتصاب نحلتها من أبيها، واستصفاء بلغتها وبلغة بنيها، قائلاً: آتوني بنار وحطب لأحرق منزلها على من حوى(٥) ، ناوياً إطفاء نور الله بناره ولكلّ امرئ ما نوى، مخالفاً بقوله وفعله سيّد المرسلين، سالّاً سيف بغيه على أمير المؤمنين وإمام المتّقين، فظهر لأفكارنا، ونعق في أسرارنا،

__________________

١ - كذا في الأصل، ولعلّها « قاضي ».

٢ و ٣ - من الجمع.

٤ - مجمع البيان: ٤ / ٣٧٠.

وروى مثله في أمالي الطوسي: ٢ / ٦٦، وعيوون أخبار الرضاعليه‌السلام : ١ / ٢٥٠ ح ٣، وأمالي الصدوق: ٢٧١ ح ١٠، عنها البحار: ٢٧ / ٢٠٦ ح ١٣.

٥ - الامامة والسياسة، ١ / ١٩، عنه البحار: ٢٨ / ٣٥٤ ح ٦٩.

وأخرجه في البحار: ٢٨ / ٢٣١ ح ١٦ و ١٧ عن تفسير العيّاشي: ٢ / ٣٠٦ ح ١٣٤ وأمالي المفيد: ٤٩ ح ٩. وفي ص ٣٠٧ ح ٥٠ عن إثبات الوصيّة: ١١٢.


٥٧٧


بالأدلّة الساطعة، والحجج القاطعة، انّ الجمل وصفّين، وقتل ذرّيّة خاتم النبيّين، نتيجة قياسه، وثمرة غراسه، إذ هو الذي أعلى الطلقاء القاسطين، ورفع كعبهم على رقاب المسلمين، مع علمه بأنّهم الشجرة الملعونة في القرآن، والطائفة المارقة عن الايمان، أعني بني اُميّة الضالّين المضلّين، الزالّين المزلّين، كفرة الكتاب، وبقيّة الأحزاب.(١)

__________________

١ - في « ح »: روي عن الصادق القمّي أنّ جميع الأئمةعليهم‌السلام خرجوا من الدنيا على الشهادة: قتل عليّعليه‌السلام فتكاً. وسمّ الحسنعليه‌السلام سرّاً، و [ قتل ] الحسينعليه‌السلام جهراً، وسمّ الوليد بن عبد الملك زين العابدينعليه‌السلام ، وسمّ إبراهيم بن الوليد الباقرعليه‌السلام ، وسمّ أبو جعفر المنصور الصادقعليه‌السلام ، وسمّ الرشيد الكاظمعليه‌السلام ، وسمّ المأمون الملعون الرضاعليه‌السلام ، وسمّ المعتصم محمد الجوادعليه‌السلام ، وسمّ المعتزّ عليّ بن محمدعليه‌السلام ، وسمّ المعتمد الحسن بن عليعليه‌السلام ، وأمّا القائم عجّل الله فرجه فروي أنّه هرب خوفاً من المتوكّل عليه اللعنة لأنّه أراد قتله، ويأبى الله إلا أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون، وكان أوّل من استفتح بالظلم من أخّر عليّاً عن الخلافة، وغصب فاطمة ميراث أبيها، وقتل المحسن في بطن اُمّه، ووجاء عنق سلمان، وقتل سعد بن عبادة، ومالك بن نويرة، وداس بطن عمّار بن ياسر، وكسر أضلاع عبد الله بن مسعود بالمدينة، ونفى أبا ذرّ إلى الربذة، وأشخص عمّار بن قيس، وغرب الأشتر النخعي، وأخرج عديّ بن حاتم الطائي، وسيّر عميراً بن زرارة إلى الشام، ونفى كميل بن زياد إلى العراق، وخاض في دم محمد بن أبي بكر، ونكب كعب بن جبل جارية بن قدامة، وعذّب عثمان ين حنيف، وعمل ما عمل بحباب بن زهير وشريح بن هانئ، ونحو هؤلاء ممّن مضى قتيلاً وعاش في غصّة ذليلاّ، نقل من كتاب الفخري النجفيرحمه‌الله .

فانظروا - يا إخواني - إلى فعل أوائلهم، واقتفاء أرجاس بني اُميّة آثارهم، يقتلون من قاربهم، ويعذّبون من ظاهرهم، كقتل معاوية عمّار بن ياسر وزيد بن صوحان وصعصعة بن صوحان وحنيف بن ثابت واويس القرني ومالك الأشتر ومحمد بن أبي بكر وهاشم المرقال وعبد الرحمان بن حسّان وغيرهم، وتسليط زياد بن سميّة على قتل الاُلوف من الشيعة بالكوفة، وهو الذي دسّ في قتل الحسن بن عليعليهما‌السلام إلى جعدة بنت أشعث بن قيس، وتبعه ابنه يزيد على ذلك الظلم حتى قتل الحسين بن عليعليهما‌السلام في نيّف وسبعين رجلاً ؛ منهم تسعة من بني عقيل، وثلاثة من بني جعفر الطيّار، وتسعة من بني عليّعليه‌السلام ، وأربعة من بني الحسنعليه‌السلام ، وستّة من بني الحسينعليه‌السلام ، والباقي من أصحابه، وقتل زيد بن عليّ بن الحسين على يد


٥٧٨


اللّهمّ العنه بما أعلى من قدرهم، ورفع من ذكرهم، وسدّ من خلّتهم، وكر من قلبهم.

اللّهمّ العنه بعدد كلّ نفاق أخفاه، وشقاق أبداه، وحقّ اغتصبه، وظلم نصبه، وعهد نقضه، وإمام رفضه.

اللّهمّ العنه بعدد كلّ رطب ويابس، ولين وجامس، وبرّ وفاجر، وعاجز وقادر.

اللهم العنه بعدد كل مكيل وموزون، ومتروك ومخزون، ومعدود ومحسوب، ومرقوم ومكتوب.

اللّهمّ العنه بعدد ما أنبتت الأرض منذ خلقت، وأحيت المساء منذ فتقت، والعن أبويه وعترته، وابنيه وابنته، وأنصاره وشيعته.

الله مأذقه أليم عذابك، ووخيم عقابك، واجعله في أسفل درك من الدرك الأسفل، وأخفض منزل في العذاب الأطول، يشرف عليه إبليس فيلعنه، وتطلع عليه عبدة الأوثان فتوبّخه، شرابه حميم، وعذابه مقيم، وطعامه زقّوم، وكتابه في سجّين مرقوم، ومقرّه في تابوت من حديد، وعذابه في كلّ آن جديد، قد وضعت سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً في فيه، واُخرجت من دبره، ووضعت أغلال من قدميه إلى حقويه زيادة في ضلاله وسعره، يتأذّى أهل

__________________

نصر بن خزيمة الأسدي، وصلبه يوسف بن عمر بالكناسة في الكوفة عرياناً فكسي من بطنه جلدة سترت عورته وبقي مصلوباً أربع سنوات، وكان لا يقدر أحد يندب عليه، وألقوا امرأة زيد على المزبلة بعدما دقّت بالضرب حتى ماتت، وعبيد الله بن زياد لعنه الله يصلب الشيعة على جذوع النخل، ويقتّلهم ألوان القتل، وهو الذي خرّب سناباد لمّا رجم أهلها من كان مع رأس الحسين فبقيت خراباً إلى الآن. « الفخري » [ انظر منتخب الطريحي: ٣ - ٥ ].


٥٧٩


النيران من رائحة قصبه، وينفر عبدة الأوثان من مشامته وقربه.

اللّهمّ اجعله في سفال الفيلوق مديداً غمّه، طويلاً همّه، وافراً حزنه، والعن من لا يلعنه.

اللّهمّ العنه لعناً وبيلاً، وعذّبه عذاباً جزيلاً، فإنّك أشدّ بأساً وأشدّ تنكيلاً، والحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين.(١)

تم المجلّد الأوّل ولله الحمد، ويليه المجلّد الثاني بإذنه تعالى.

____________

١ - في الأصل: تمّ المجلس الثالث يوم الجمعة ثالث بعد طلوع الأسد بخمسة أيّام.


٥٨٠

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592