هذا، فإنَّ اللاَّهوت في ما مضى كان يرفد فقط من إطار فلسفي ونظري محدَّد، بينما نرى اليوم حولنا وجود أنظمة فلسفية متنوِّعة كثيراً.
في الحقيقة، لم يعد هناك نظام ثقافي عام؛ ذلك أنَّه ستظهر، بالنتيجة، تعدُّدية كلامية لا محالة.
وأخيراً، إنَّ اللاَّهوت في هذه الأرضية العامة، لن يتمكن من الاستمرار في مجرد نقل مجموعة مدوَّنة من المعارف من غير أن يأخذ في الحسبان التجارب الحية لجماعة المؤمنين؛ إذ إنَّ هذا العمل سيكون مصحوباً بخطر عدم الانسجام التام.
وأخذ التجربة المتعلِّقة بجماعة المؤمنين في الحسبان يعني أنَّه سيصبح مستحيلاً بعد ذلك، الحديث عن الله بمثابة كونه ذا علاقة بالفكر الماوراء - طبيعي. ومن ناحية أخرى، لم يعد مقبولاً، أيضاً، أن نتناول الموضوع بشكل يبدو معه أنَّ ما هو عائد لله مقتصر على معنى يمكن أن يحصل لدى شخص مؤمن؛ حيث إنَّ الله أعلى من ذلك.
ووسط هذه
الموضوعانية
(
Objectivism
) الزائفة، واللاَّهوت الذي يُقلِّل من محورية الإنسان، هناك اللاَّهوت الصادق الذي يحافظ على الحقيقة الإنسانية عن طريق الاهتمام بتاريخ الخلاص، والبحث عن طريق للخلاص، وفي الوقت نفسه ينفتح بذاته في مواجهة التحديِّات.
وهنا ظهر اتجاهان أساسيان:
الأول
يرى أنَّ الوجود الإنساني بمثابة موضوع البحث كلامي ينبغي أن يدرس في ضوء نظرة إيمانية، أي من وجهة نظر كلام الله، وعلى هذا لا يمكن - لأجل دراسته - اتباع منهج البحث