الزهراء سيدة نساء العالمين (ع)

الزهراء سيدة نساء العالمين (ع)44%

الزهراء سيدة نساء العالمين (ع) مؤلف:
تصنيف: السيدة الزهراء سلام الله عليها
الصفحات: 173

الزهراء سيدة نساء العالمين (ع)
  • البداية
  • السابق
  • 173 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 67880 / تحميل: 8085
الحجم الحجم الحجم
الزهراء سيدة نساء العالمين (ع)

الزهراء سيدة نساء العالمين (ع)

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الزهراء سيدة نساء العالمين (ع)

المؤلّف

سماحة آية اللّه العظمى الشيخ

ناصر مكارم الشيرازي

تعريب: عبد الرحيم الحمراني

١

٢

بسم الله الرحمن الرحیم

٣

٤

المقدمة

قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ): ( كانت مريم سيدة نساء زمانها، أَمّا ابنتي فاطمة فهي سيدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين ).

* * *

شهدت المرأة معاناةً قاسيةً جمّة على مدى التاريخ، وكانت رقيقةً في جسدها مقارنةً بالرجل، فقد أثر هذا الأمر سلباً على الظَلَمة والطواغيت، الذين سعوا جاهدين على مر العصور لهضم حقها وتجريدها من إنسانيتها، وما أبشع من جرائم ارتكبوها بهذا الشأن، ولا سيما في شبه الجزيرة العربية وإبّان العصر الجاهلي - رغم أنّ الدنيا برمتها كانت آنذاك تسبح في بحر من الجاهلية - حيث كانوا أشد وطأة على المرأة، وأعظم لثلمها شخصيتها، حتى بلغ بهم الأمر أن جعلوها سلعةً تباع وتشترى، لم يورّثوها الرجال ( فهي لا تحمل السلاح وتحمي البيضة )، كما كانوا يعدون ولادة البنت عاراً؛ ولذلك - كما يشير القرآن - كانوا يعمدون لوأدها - بل الأدهى من ذلك أنّهم ولّوا ظهورهم حتى لأبسط القوانين الطبيعية: فصار شاعرهم يقول:

بنونا بنو أبنائنا و بناتنا

بنوهنّ أبناء الرجالِ الأباعدِ

٥

وهذا ما يمثّل الجو الفكري الذي كان سائداً لديهم آنذاك، وهنا كان للإسلام الذي حمل راية القيم الإلهية والإنسانية موقفه الحازم إزاء هذا التفكير الجاهلي المقيت، لتثور ثائرته من أجل استعادة المرأة لشخصيتها المفقودة، فاعتمد أسلوب الوعظ والتوصية والإرشاد إلى جانب تشريع القوانين التي تكفل للمرأة حقوقها، فسح المجال أمامها لتمارس دورها في كافة الميادين، وبالتالي الوقوف بحزم بوجه كل مَن تسوّل له نفسه التمرد على هذه الحقائق.

فقد ورد في الأخبار: أنّ أسماء بنت عميس زوج جعفر بن أبي طالب عادت معه من الحبشة، وانطلقت لزيارة أزواج النبي( صلّى الله عليه وآله ) فكان ممّا سألت: هل جاء شيء من القرآن بحق النساء؟ فأجبنَ بعدم العلم بهذا الأمر! فقصدت رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله ) وقالت: يا رسول اللّه، هل خُلقت النساء للعذاب؟

( لعلّها كانت مُصيبةً في طرحها مثل هذا السؤال على النبي ( صلّى الله عليه وآله )، فهي حديثة العهد بالوحي والرسالة، وربّما كانت تظن بأنّ المبادئ التي كانت تحكم المجتمع الجاهلي مازالت عالقةً لحد الآن ).

فأجابها رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله ): ومِمَ ذاك؟

قالت: لأنّ القرآن لم يقر لها بالفضل الذي أقره للرجال!

كانت تلك الواقعة في العام الهجري الخامس، وقد مرّت ثمانية عشر عاماً على اِنبثاق الدعوة الإسلامية، كما استفاضت الآيات القرآنية، وتواترت الأحاديث النبوية التي تناولت قضية إحياء شخصية المرأة، مع ذلك وبهدف التأكيد فقد صرّحت الآية الخامسة والثلاثون من سورة الأحزاب بهذا الفضل للنساء، وحقيقة تأصّل قيمها الإنسانية، التي تجعلها تشترك وأخيها الرجل في وحدة هذه الحقيقة، وأنّها تتمتع بمكانته

٦

الاجتماعية المرموقة، وهي القيم التي حصرتها الآية الشريفة في عشرة فصول، فقالت:

( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) وهكذا يكون الإسلام قد وضع النقاط على الحروف، وكشف النقاب عن تكافئ المرأة والرجل في سيرهما إلى اللّه، وبلوغ السمو والكمال الإنساني المشهود.

جدير بالذكر أنّ البعض قد أعرب عن دهشته من كيفية منح الإسلام المرأة حق المطالبة بأجور الرضاعة، التي تقدّمها لولدها! فقد قال عزّ من قائل:( فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) (١) ، فهل هناك من اِمرأة يسعها المطالبة بالأجر من أجل إرضاع فلذة كبدها، ولاسيما إذا كانت تعيش مع زوجها حياةً زوجيةً مشتركة؟

____________________

١ - سورة الطلاق، آية ٦.

٧

لكن لا ينبغي أن ننسى هنا بأنّ هذه التعاليم إنّما تستند إلى منطق الإسلام، الذي لا يرى أنّ المرأة هي إنسان ذات حقوق إنسانية، لها الحق في التصرف في أموالها، وليس للرجل الحق في هضمها حقها دون رضاها وطيب خاطرها فحسب، بل أبعد من ذلك فهي تملك حتى حق المطالبة بالرضاعة، ولك - عزيزي القارئ - أن تقف على مدى تأثير هذا الأمر على تلك البيئة!

وزبدة الكلام أنّ المرأة مدينة بالفضل للإسلام، الذي أعاد لها عزتها وكرامتها وحرّرها من مخالب عتاة التاريخ ومَردته، شريطة أن تُطبّق تعاليم هذا الدين الحنيف بحذافيرها.

٨

فاطمة ( عليها السلام ) منذ الولادة حتى رحيل النبي ( صلّى الله عليه وآله )

٩

١٠

الولادة الميمونة لفاطمة ( عليها السلام )

( فاطمة بضعة مني، وهي نور عيني، وثمرة فؤادي، وروحي التي بين جنبيّ، وهي الحوراء الإنسية )(١)

كان رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله ) يعيش أصعب الظروف وأعقدها، في العام الخامس من بعثته النبوية الشريفة، فالإسلام في عزلة خانقة، والمسلمون الأوائل قلائل وتصاعد حدة الضغوط، ناهيك عن أجواء الظلام التي كانت ألقت بظلالها على مكة؛ إِثر الشرك والوثنية، والجهل والحروب القبلية العربية، وسيادة منطق القوة، واستشراء الفقر والحرمان في صفوف الناس.

كان رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله ) يتطلع إلى الغد، الغد المشرق الكامن وراء هذه السحب السوداء الداكنة، الغد الذي يبدو صعب المنال، وربّما المحال بالالتفات إلى الأسباب والعلل الظاهرية الاعتيادية.

وهنا وقعت حادثة المعراج الكبرى، التي أَذن اللّه فيها لرسوله الأكرم ( صلّى الله عليه وآله ) بالعروج؛ لمشاهدة ملكوت السماء( لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ) (٢) فيرى عِظم آيات ربّه بعينه؛ لتتسامى روحه العظيمة، ويتأهب لتلقّي ثقل

____________________

١ - رياحين الشريعة، ج٢ ص ٢١.

٢ - رياحين الشريعة، ج٢ ص٢١.

١١

الرسالة المصحوبة بسعة الأمل، فقد روى الفريقان - السنة والشيعة - أنّ رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله ) وطأ الجنة ليلة المعراج، فناوله جبرئيل ( عليه السلام ) فاكهةً من شجرة طوبى، فلمّا عاد إلى الأرض اِنعقدت نطفة فاطمة من تلك الفاكهة؛ ولذلك جاء في الحديث أنّ رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله ) قال: ( إنّ فاطمة حوراء إنسية، فكلما اشتقت إلى الجنة جعلت أقبّلها )(١) .

وبذلك فإنّ هذه المولودة المباركة التي تمثّل عصارة ثمار الجنة، ولحم ودم رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله )، وتلك الأُمّ الحنون السيدة خديجة الكبرى ( عليها السلام )، تكون قد وضعت حداً لطعنهم وغمزهم في النبي ( صلّى الله عليه وآله ) كونه أبتر لا عقب له، وعلى ضوء سورة ( الكوثر ) المباركة فإنّ فاطمة ( عليها السلام )، هي العين الصافية التي تدفقت منها ذرية النبي ( صلّى الله عليه وآله ) والأئمة الهداة الميامين عبر القرون حتى يوم القيامة.

للحوراء الإنسية تسعة أسماء يرمز كل منها لصفات ومناقب هذه السيدة الطاهرة المباركة، وهي:

١ - فاطمة

٢ - الصدّيقة

٣ - الطاهرة

٤ - المباركة

٥ - الزكية

____________________

١ - نقل هذا الحديث باختلاف طفيف السيوطي في الدر المنثور، والطبري في ذخائر العقبى، وعلي بن إبراهيم في تفسيره. وإن كان المعروف هو أنّ المعراج وقع في السنوات الأخيرة من مكة، إلاّ أنّ الذي يستفاد من الروايات هو حصول المعراج لأكثر من مرة، وعليه فليس هناك من منافاة في ولادة سيدة النساء في السنة الخامسة من البعثة النبوية المباركة.

١٢

٦ - الراضية

٧ - المرضية

٨ - المحدّثة

٩ - الزهراء

وكفى باسمها ( فاطمة ) الذي يعني البشارة الكبرى لمواليها ومحبيها، فلفظ ( فاطمة ) قد أُخذ من مادة ( فطم ) بمعنى الانفصال، ومنه فِطام الولد بمعنى فصله عن الرضاعة، فقد ورد في الحديث أنّ رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله ) قال لأمير المؤمنين علي ( عليه السلام ): ( أَتعلم يا علي لِمَ سُميت اِبنتي فاطمة؟.

قال ( عليه السلام ): لِمَ يا رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله )؟

فقال ( ص ): إنّ اللّه عزّ وجل فطمها ومحبيها من النار فلذلك سُميت فاطمة )(١) .

ويتألق اسم الزهراء من بين أسمائها، وحين سُئل الصادق ( عليه السلام ): لِمَ سُميت فاطمة ( عليه السلام ) بالزهراء؟ قال ( عليه السلام ): ( لأنّ الزهراء كانت زاهرةً كالنور، فإذا وقفت في محرابها للصلاة كانت تزهر لأهل السموات، كما تزهر النجوم لأهل الأرض، ولهذا سُميت بالزهراء ).

كان زواج تلك السيدة - التي كانت تحظى بشخصية مرموقة في مجتمعها - من النبي الأكرم ( صلّى الله عليه وآله ) سبباً لمقاطعتها من قبل نساء مكة، اللاتي قلنّ: إنّها تزوجت من فتىً فقير ويتيم، فحطّت من قدرها وشأنها، وقد استمرت هذه المقاطعة حتى حملت بالزهراء ( عليه السلام )، فلمّا قاربت وضع حملها بعثت خلف نساء قريش؛ ليرافقنها في لحظات الطلق والمخاض العصيبة ولا يتركنها لوحدها، فجوبهت برد باهت قاسي: ( إنّك لم تسمعي مقالتنا فتزوجت من يتيم أبي

____________________

١ - ورد هذا الحديث في أغلب كتب العامة من قبيل ( تاريخ بغداد ) و( الصواعق المحرقة ) و( كنز العمال ) و( ذخائر العقبى ).

١٣

طالب، فليس لنا أن نساعدك! ).

اغتمت خديجة (عليها السلام ) لهذا الرد الباطل، لكن قلبها كان يطفح بنور الأمل، الذي يشعرها بأنّ ربّها لن يتركها وحيدة، وبدأت لحظات الوضع الصعبة مع غربتها ووحدتها في البيت، ولم تكن هناك خادمتها التي يمكنها الوقوف إلى جوارها، أملاً فتفتح عينها لترى أربعاً من النساء فينتابها القلق، فنادتها إحداهنّ قائلةً: لا تبتئسي! فقد بعثنا ربك لنجدتك، نحن أخواتك، فأنا سارة وهذه آسية زوجة فرعون وهي رفيقتك في الجنة، وتلك مريم بنت عمران، أمّا هذه فهي كلثوم ابنة موسى بن عمران، وقد جئنا لنلبّي أمرك، فمكثنَ عندها حتى وضعت فاطمة سيدة النساء(١) ، ولم يكن ذلك بدعاً فقد قال الحق سبحانه:( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا ) (٢) إضافةً إلى الملائكة فقد حضرتها أرواح نساء العالم لنجدتها ومعونتها، فسرّ رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله ) وحمد اللّه وأثنى عليه، وخرست ألسن خصومه ممّن نعتوه بالأبتر؛ حيث بشّره سبحانه بهذه المولودة المباركة( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ ) .

____________________

١ - سورة فصلت، آية ٣٠.

٢ - سورة فصلت، آية ٣٠.

١٤

سر حب النبي ( صلّى الله عليه وآله ) لفاطمة ( عليها السلام )

( إذا اشتقت إلى الجنة قبّلْتُ نحرَ فاطمة )(١) .

كتب كل المؤرّخين وأرباب الحديث أنّ للرسول ( صلّى الله عليه وآله ) علاقةً عجيبةً بابنته فاطمة (عليها السلام)، بديهي أنّ علاقة النبي الكريم ( صلّى الله عليه وآله ) بفاطمة ( عليها السلام ) لم تكن علاقة الوالد بولده، رغم أنَّ هذه العاطفة مكوّنة في وجود الرسول ( صلّى الله عليه وآله )، إلاّ أنّ حديثه وعبارته عن تلك العلاقة تشير إلى وجود معايير أخرى، ونكتفي هنا بالإشارة إلى بعض الروايات التي صرّحت بها مصادر الفريقين.

١ - ( ما كان أحد من الرجال أحب إلى رسول اللّه من عليٍّ، ولا من النساء أحب إليه من فاطمة )(٢) .

الطريف أنّ جمعاً كبيراً من أرباب الحديث قد روى هذا الحديث نقلاً عن عائشة.

٢ - عندما نزلت الآية الشريفة:

( لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ) (٣) .

لم يخاطب المسلمون الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) باسمه، بل أخذوا ينادونه يا رسول

____________________

١ - الفضائل الخمسة، ج٣ ص١٢٧.

٢ - نُقل مضمون هذا الحديث في العشرات من الأحاديث التي رواها أهل السنّة ( إحقاق الحق )، ج١٠، ص ١٦٧.

٣ - سورة النور، آية ٦٣.

١٥

اللّه أو يا أيّها النّبي - تقول فاطمة ( عليها السلام ): ( لمّا نزلت الآية الشريفة هِبت رسول اللّه أن أقول له يا أبة، فكنت أقول: يا رسول اللّه، فأَعرض عني مرةً واثنين أو ثلاثاً، ثمّ أقبل عليَّ فقال: يا فاطمة إنّها لم تنزل فيك ولا في أهلك ولا في نسلك، أنت مني وأنا منك، إنّما نزلت في أهل الجفاء والغلظة من قريش، أصحاب البذخ والكبر - ثمّ أضاف هذه العبارة الروحية العجيبة - قولي يا أبة فإنّها أحيى للقلب وأرضى للرّب )(١) .

لقد كان لصوت فاطمة ( عليها السلام ) الحنون وهي تردّد ( يا أبتاه )، وقعاً مؤثراً في نفس الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) كوقع أمواج النسيم على البراعم المتفتحة.

٣ - جاء في حديث آخر

( كان رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله ) إذا سافر كانت آخر الناس عهداً به فاطمة، وإذا رجع من سفره كانت ( عليها أفضل الصلاة ) أوّل الناس عهداً به )(٢) .

٤ - نقل كثير من محدثي الشيعة والسنّة حديثاً للرسول ( صلّى الله عليه وآله ) قال فيه:

( مَن آذاها فقد آذاني، ومَن أغضبها فقد أغضبني، مَن سرّها فقد سرّني، ومَن ساءها فقد ساءني )

لا شك أنّ حرمة الزهراء ( صلّى الله عليه وآله ) ورفعتها إنّما تعود؛ لسمو شخصيتها وسمو مكانتها، وإخلاصها وعلو إيمانها وعبوديتها، ولا غرو فهي أمّ الأئمة وزوج أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ).

لكنّ الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) أراد أن يفهم المسلمون حقيقةً أخرى، ويفصح عن رأي الإسلام بشأن أمر آخر، فيخلق ثورة فكرية وثقافية في ذلك الوسط فيقول:

____________________

١ - مناقب ابن شهر آشوب، ج٣، ص ٣٢٠.

٢ - الفضائل الخمسة، ج٣، ص ١٣٢.

١٦

البنت ليست كائناً يجب أن تُوأد.

أنظروا... أنّي أقبّل يد ابنتي، وأجلسها مكاني، وأكنّ لها عظيم احترامي وتقديري.

البنت إنسان كسائر الناس، نعمة من نعم الخالق، وموهبة إلهية.

وإنّها كأخيها الرجل في سيرها نحو الكمال والقرب الإلهي، وهكذا أعاد رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله ) للمرأة شخصيتها التي تصدّعت في ذلك الوسط المظلم.

١٧

فاطمة أمّ أبيها

قال رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله ): ( إنّ أوّل شخص يدخل عليّ الجنة فاطمة بنت محمد )(١) .

كان المسلمون يعيشون مرحلة الإعداد في مكة، في ظل ظروف قاسية للغاية، كانت بداية اِنبثاق الدعوة الإسلامية الفئة الإسلامية قليلةً، بينما كانت العدة والعدد والسطوة والثروة بيد خصوم الدعوة الجفاة، وكان لهم أن يفعلوا ما شاءوا بالمسلمين. فلم يتورعوا عن أذى المسلمين، كما لم يكفوا عن الإساءة إلى النبي ( صلّى الله عليه وآله )، والطعن في شخصه، وقد شهد ذلك العصر بروز شخصيتين على مستوى التضحية والفداء: فكانت ( خديجة ) من بين النساء، التي كانت سكن رسول اللّه( صلّى الله عليه وآله )، تواسيه بحبها وحنانها، فتزيل عن قلبه الهم والغم، أمّا من بين الرجال فكان ( أبو طالب ) والد أمير المؤمنين علي ( عليه السلام )، والّذي كان يتمتع بمكانة مرموقة في المجتمع المكّي، إلى جانب حكمته وحنكته العالية، فكان يقي رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله )، ولا يتوانى في الدفاع عنه، كان درعه وعونه إزاء خصوم الدعوة، وللأسف فقد توفي هذان العظيمان في السنة العاشرة للهجرة،

____________________

١ - أورده ( الكليني ) في ( الكافي )، وطائفة من علماء العامة في مصادرهم من قبيل ( كنز العمال ) و( ميزان الاعتدال )، كما نقله آخرون.

١٨

فحزن رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله ) حزناً شديداً، وبقي وحده في الساحة، وقد بانت شدة حزنه بهذين الفردين - واللذَينِ كان لكل منهما دوره في انتشار الإسلام - حين سمّى ذلك العام بـ ( عام الأحزان )، ولكن لا يسلب اللّه المصطفين من عباده نعمة الإفاضة عليهم مثلها، فقد خلّف كل منهما ولداً يواصل نهجهما، فكان علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) كأبيه، يقي رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله ) بنفسه، كان كذلك من انبثاق الدعوة، وهكذا سدّ الفراغ الذي تركه أباه بعد رحيله، بينما خلّفت خديجة ( فاطمة )، فكانت البنت الحنونة الشجاعة والمضحية، التي وقفت إلى جانب أبيها تشد أزره، وتشاركه همه وغمه.

كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في التاسعة عشرة من عمره، بينما لم تكن فاطمة - على ضوء الروايات الصحيحة - قد جاوزت الخامسة من عمرها، الجدير بالذكر أنّهما عاشا معاً في بيت رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله )، يؤنسانه ويخفّفان عنه ألم الوحدة، فقد كانت السنوات الثلاث الأخيرة التي سبقت الهجرة مملوءة بالأذى والمرارة والمعاناة؛ بسبب الجهود المضنية التي كان يبذلها أعداء الدعوة من أجل القضاء على الإسلام والمسلمين، لقد نالت قريش من رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله ) من الأذى ما لم تكن تطمع به في حياة أبي طالب، حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش فنشر على رأسه التراب، فدخل رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله ) بيته والتراب على رأسه، فقامت إليه فاطمة ( عليها السلام ) فجعلت تمسح التراب عن رأسه وهي تبكي، ورسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله ) يقول لها: ( لا تبكي يا بنية، فإنّ اللّه مانع أباك )(١) .

وروى ابن عبّاس: أنّ قريشاً اجتمعوا في الحِجر، فتعاقدوا باللاّت والعزى ومناة لو رأينا محمداً لقمنا مقام رجل واحد ولنقتلنّه، فدخلت

____________________

١ - سيرة ابن هشام، ج١، ص ٤١٦.

١٩

فاطمة ( عليها السلام ) على النبي ( صلّى الله عليه وآله ) باكيةً وحكت له مقالهم، فقال: ( يا بنية، أدني وضوئي، فتوضأ وخرج إلى المسجد، فلمّا رأوه قالوا: هاهو ذا وخفضت رؤوسهم، وسقطت أذقانهم في صدورهم فلم يصل رجل منهم، فأخذ النبي ( صلّى الله عليه وآله ) قبضةً من التراب فحصبهم بها، وقال: شاهت الوجوه، ) فما أصاب رجلاً منهم إلاّ قُتل يوم بدر(١) .

وهذا يدل على أنَّ فاطمة ( عليها السلام ) لم تكن تخدم والدها في البيت فحسب، بل وتفكّر بكيفية الدفاع عنه ونجاته في خارج البيت.

حيث روي أنّها كانت الوحيدة في الدفاع عنه ( عليها السلام ) عندما رمى عليه أبو جهل روث البقر، وهو ( صلّى الله عليه وآله ) يصلي وأصحابه عند الكعبة، فلم يجرؤ أحد على التدخل، لكنّها خرجت وأسمعت أبا جهل ما روّعه عن الاستمرار في السخرية من النبي ( صلّى الله عليه وآله ).

نعم... حتى عند افتقار الجرأة في الشجعان من الرجال في الدفاع عن رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله )، نرى هذه البنت الشجاعة الصغيرة تسارع في الدفاع عن رسول اللّه ( صلّى الله عليه وآله ).

بعد أن انقضت فصول معركة أحد، وغادر جيش العدو ساحة الوغى، كان الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) لا يزال في ميدان أحد وقد كُسرت رباعيته وشُجّ جبينه، وبينما هو كذلك إذا أقبلت فاطمة ( عليها السلام )، وهي صغيرة السِن من المدينة إلى أحد سيراً على الأقدام؛ لتقوم بغسل وجهه المبارك وإزالة الدم عن محيّاه الشريفة، لكن الجبين لم يزل ينزف.

عندها قامت بحرق قطعة من الحصير، ثمّ وضعت رماده، على مكان الجرح فانقطع النزيف، والأعجب من ذلك أنّها كانت تهيّئ لأبيها السلاح

____________________

١ - المناقب، ج١ ص ٧١.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

٤- وفي ترجمة: إبراهيم بن عبد العزيز، وأنّه مِن أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام ، والراوين عنه.

قال ابن حجر: روى عن أبيه وجعفر الصادق، ذكره عليّ بن الحَكم في رجال الشيعة. لسان الميزان ج١ ص٧٨ رقم ٢١٤.

٥- وفي ترجمة: إبراهيم بن عيسى الخزّاز الكوفي.

قال ابن حجر: ذكره عليّ بن الحَكم وغيره في رجال الشيعة، وقال روى عن الصادق والكاظم. روى عنه الحسن بن محبوب وغيره. لسان الميزان ج ١ ص ٨٨ رقم ٢٥١.

وكيف ما كان، فيظهر أنّ الكتاب موجود عند الذهبي، أو عند ابن حجر الذي لخّص الميزان.

١٨ - عليّ بن مهزيار: القرن الثالث(١) .

قال النجاشي ( ٦٦٢ ): علي بن مهزيار الأهوازي. أبو الحسن، دروقي الأصل، مولى. كان أبوه نصرانيّاً فأسلم.

وقد قيل: إنّ علياً أيضاً أسلم وهو صغير، ومَنّ الله عليه بمعرفة هذا الأمر، وتَفقّه.

وروى عن الرضا وأبي جعفرعليهما‌السلام ، واختصّ بأبي جعفر ( ع )، وتوكّل له، وعظُم محلّه منه، وكذلك أبو الحسن الثالث ( ع )، وتوكّل لهم في

____________________

(١) اُنظر: رجال النجاشي ج٢ ص٧٤ رقم ( ٦٦٢ )، فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم ص٢٦٥ رقم ٣٧٩، رجال الطوسي ص٣٨١ و٤٠٣ و٤١٧.

٤١

بعض النواحي، وخرجت إلى الشيعة فيه توقيعات بكلّ خير.

وكان ثقة في روايته، لا يُطعن عليه، صحيحاً اعتقاده(١) .

وقال الطوسي ( ٣٧٩ ): جليل القدر، واسع الرواية، ثقة. له ثلاثة وثلاثون كِتاباً، مثل كتاب الحسين بن سعيد، وزيادة(٢) .

وذكره في أصحاب الإمام الرضا ( ع )، فقال: علي بن مهزيار، أهوازي، ثقة صحيح(٣) ، وفي أص-حاب الإمام الجواد ( ع )(٤) ، وفي أصحاب الإمام الهادي ( ع )، فقال: علي بن مهزيار، أهوازي، ثقة(٥) .

وله مِن كُتُب الرجال:

١ - كتاب المثالب.

٢ - كتاب الأنبياء.

٣ - رسائل عليّ بن أسباط.

٤ - وفاة أبي ذر.

٥ - حديث بدء إسلام سلمان.

١٩ - محمّد العمّي.

قال النجاشي ( ٩٠٢ ): محمّد بن جمهور أبو عبد الله العمّي، ضعيف

____________________

(١) رجال النجاشي ج٢ ص٧٤.

(٢) فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم ص٢٦٥.

(٣) رجال الطوسي ص٣٨١.

(٤) رجال الطوسي ص٤٠٣.

(٥) رجال الطوسي ص٤١٧.

٤٢

في الحديث، فاسد المذهب، وقيل فيه أشياء الله أعلم بها مِن عِظمها. روى عن الرضا ( ع )(١) .

وقال الطوسي ( ٦٢٧ ): محمّد بن الحسن بن جمهور العمّي البصري له كُتُب منها:

١ - كتاب صاحب الزمان.

٢ - كتاب وقت خروج القائم ( ع ). ذكرهما الطوسي.

٢٠ - يحيى العلوي العقيقي: وُلد ٢١٤، تُوفّي ٢٧٧ ه-(٢) .

هو: يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، أبو الحسين.

مشايخه وتلامذته:

روى يحيى بن الحسن عن الإمام الرضا ( ع )، وعن مشايخ كثيرة ذُكر منهم السمهودي أكثر مِن ثمانين شيخاً، ومنهم: ابن زبالة.

وروى عنه عدد كبير مِن المُحدِّثين، وأهل النَسب والسِيَر منهم: حفيده الحسن بن محمّد بن يحيى بن الحسن، ومنهم أبو أسحاق إبراهيم بن إسحاق بن

____________________

(١) رجال النجاشي ج٢ ص٢٢٥ رقم ٩٠٢.

(٢) اُنظر ترجمته في: رجال النجاشي ج٢ رقم ( ١١٩٠ )، فهرست كُتُب الشيعة للطوسي رقم ( ٨٠٢ و٨٠٣ و٨٠٤)، مجلّة المَجمع العِلمي العراقي ج١١، كما عن مقدّمة المناسك للحربي ص١٦٢، الذريعة ج١ ص٣٤٩ و ج٢ ص٣٧٨، الأعلام للزركلي ج٨ ص١٤٠.

٤٣

إبراهيم الحربي صاحب كتاب ( المناسك ) الذي روى عنه كثيراً في كتابه المناسك.

قال النجاشي ( ١١٩٠ ): العالم الفاضل الصدوق، روى عن الرضاعليه‌السلام صنف كُتُباً، منها: كتاب نَسب آل أبي طالب، كتاب المسجد(١) .

الشيخ الطوسي في الفهرست ترجم ثلاثة أشخاص بعنوان يحيى بن الحسن وهم:

١ - تحت رقم ( ٨٠٣ ): يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، له كتاب المناسك. عن عليّ بن الحسينعليهما‌السلام .

٢ - تحت رقم ( ٨٠٢ ): يحيى بن الحسن العلوي، له كتاب المسجد، تأليفه.

٣ - تحت رقم ( ٨٠٤ ): يحيى بن الحسن، له كتاب نَسب آل أبي طالب.

وممّا تقدّم عن النجاشي أن هؤلاء الثلاثة هُم رجل واحد. وذلك فإنّ كتاب نَسب آل أبي طالب، والمسجد ذكرهما النجاشي ليحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله … ولا يَضرّ كون كتاب المناسك له أيضاً بعدَ أن سَرد اسمه كما سرد اسمه النجاشي.

ويُحتمل أن يكون صاحب كتاب المسجد الذي ذكره الطوسي، وذكر سَنَده إليه، قال أخبرنا جماعة عن التلعكبري عنه. فلعلّ هذا غير المُترجَم.

فإنّ التلعكبري: هارون بن موسى التلعكبري تُوفّي ٣٨٥ه- فيُستبعد أن يروي عن المُترجَم المُتوفّى ٢٧٧ه-.

____________________

(١) رجال النجاشي ج٢ ص٤١٢ رقم ١١٩٠.

٤٤

ثقافته:

يحيى بن الحسن العلوي ذو ثقافة عالية وواسعة في مُختلف الميادين، يدلّ على ذلك مؤلّفاته في الفِقه، والنَسب، والسيرة، والتاريخ، وعدد مشايخه الذين بلغوا بالعشرات، وقد أخذ عنهم ومِن مُختلف الطبقات.

مؤلّفاته:

١ - المناسك.

٢ - المسجد.

٣ - نَسب آل أبي طالب.

٤ - أخبار المدينة.

كتابه في الرجال:

كتابنَسب آل أبي طالب . الذي ذكره النجاشي والطوسي. وهو أوّل كتاب في نَسب آل أبي طالب.

قال ابن عنبه في عُمدة الطالب عنه:

يحيى النسّابة ابن الحسن بن جعفر الحجّة بن عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن علي زين العابدينعليهم‌السلام . ويُقال إنّه أوّل مَن جمعَ كتاباً في نَسب آل أبي طالب(١) .

ويحيى هذا هو جدّ أُمراء المدينة، الّذين كانوا يحكمونها في زمن السمهودي المُتوفّى ٩١١ه-، وهو مِن الشيوخ المؤلِّفين، له مِن الكُتُب غير

____________________

(١) عُمدة الطالب ص٣٣١. اُنظر هامش رجال النجاشي ج٢ ص٤١٢.

٤٥

المُتقدّمة كتاب حول المدينة بعنوان: أخبار المدينة.

كتابه في أخبار المدينة:

مِن أوائل الكُتب التي أُلّفت في تاريخ المدينة المُنوّرة - كما تقدّم عن السمهودي - وهو مِن الكُتب المُهمّة جدّاً التي تحدّثت عن تاريخ المدينة بشكل مُفصَّل.

فقد بحث في هجرة الرسول ونزوله قباء، ثمّ استقرار مقامه في بني النجّار، والمِربد، وبناء المسجد، وتحويل القبلة، والمنبر، ومُعتكَف الرسول، وبيوت زوجات النبي، وأبواب المسجد وتوسعته، والدور التي حوله، وزيادة الخُلفاء وخاصّة الوليد، والمؤذِّنين، والحرَس، ومواضع قبر الرسول والخُلفاء، وتجمير المسجد والبلاليع والأبواب والمُصلّى، وقباء، وبعض مساجد المدينة التي صلّى فيه(١) .

وهذا الكتاب قد اعتمده تلميذه أبو إسحاق الحربي المُتوفّى ٢٨٥ ه-، واستفاد منه كثيراً، ونقل عنه في مواضع عديدة مِن كتابه ( المناسك )(٢) .

وكذلك نقل عنه المراغي المُتوفّى ٨١٦ ه- في كتابه ( تحقيق النصرة بتلخيص معالِم دار الهجرة) في مواضع عدّة.

وأكثر مَن نقل عنه السمهودي في كتابه وفاء الوفاء بأخبار دار المُصطفى فقد بَلغت ٢١٠ مِن المواضع.

____________________

(١) مُقدّمة المناسك للحربي ص ١٦٣ عن مقال الدكتور صالح العلي مجلّة المَجمع العِلمي العراقي.

(٢) اُنظر: المناسك للحربي ص ٣٥٩ و٣٦٣ و٣٦٥ و ٣٦٦ و٣٦٧-٣٦٩ و ٣٧١ و٣٧٢ و٣٧٨ و٣٧٩ و٣٨١ و٣٨٣-٣٨٧ و٣٨٩-٣٩٥ و٣٩٧ و٤٠٣ و٤٠٤ و٤٢٥. طبع دار اليمامة بتحقيق حمد الجاسر.

٤٦

ذكره السمهودي له بهذا العنوان في كتابه وفاء الوفاء(١) .

وقد اطّلع السمهودي على عدّة نسخ مِن هذا الكتاب:

١ - النسخة التي رواها ابن المؤلِّف طاهر بن يحيى العلوي عن المدائني(٢) .

٢ - النسخة التي رواها ابن المؤلّف طاهر بن يحيى العلوي عن أبيه مُباشرة(٣) .

٣ - النسخة التي رواها حفيده الحسن بن محمّد بن يحيى(٤) .

٤ - النسخة التي رواها ابن فارس عن ابن المؤلِّف طاهر بن يحيى عن أبيه يحيى(٥) .

أقدم مَن أرّخ للمدينة:

يقول السمهودي حول أقدم مَن أرّخ للمدينة: وابن زبالة ويحيى عُمدة في ذلك، فإنّهما أقدم مَن أرّخ للمدينة؛ لأنّ ابن زبالة هو محمّد بن الحسن، أحد أصحاب الإمام مالك بن أنس، ويؤخذ مِن كلامه أنّه وضع كتابه في صَفَر سَنَة تسع وتسعين ومائة، وأمّا يحيى فهو مِن أصحاب أصحابه، وكانت وفاته سَنة سبع وسبعين ومائتين عن ثلاث وستّين سَنَة(٦) .

وقال السمهودي أيضاً: وابن زبالة وإن كان ضعيفاً، ولكن اعتضد بموافقة يحيى له، وروايته لكلامه مِن غير تعقيب(٧) .

____________________

(١) وفاء الوفاء ج١ ص٢٤٤ طبع دار الكُتب العِلمية بتحقيق محمّد محيّ الدين، وفي غيره كما عن هامش المناسك للحربي ج١ ص١٧٤ و٢٠٣ وج٢ ص ١٧ و ٤٠١.

(٢) وفاء الوفاء ج٢ ص٥٠٨.

(٣) وفاء الوفاء ج١ ص٦٨ و٢٤٤ وج٢ ص٢٩٤ و٥٥٤.

(٤) وفاء الوفاء ج١ ص٢٤٥ وج٢ ص٢٩٤.

(٥) وفاء الوفاء ج٢ ص٥٥٥.

(٦) وفاء الوفاء ج١ ص٣٥٢.

(٧) وفاء الوفاء ج١ ص٢٥٢ بواسطة مُقدّمة مناسك الحربي.

٤٧

ومع الأسف إن الكتاب مفقود، ولا يوجد إلاّ ما نُقل عنه فقط.

ولادته ووفاته:

وُلد بالمدينة المُنوّرة سَنة ٢١٤ه-، وبها نشأ، وكَتَب عنها (أخبار المدينة).

تُوفّي في سَنة ٢٧٧ه- عن ٦٣ سَنة، كما عن وفاء الوفاء، ودُفن في مكّة المُكرّمة كما عن أعيان الشيعة.

٢١ - عيسى بن مِهْراَن: القرن الثالث(١) .

هو عيسى بن مهران المستعطف، أبو موسى، وكان يسكن ببغداد. وث-قه محمّد بن جرير الطبري العامّي(٢) . ويظهر أنّه عاش في النصف الثاني مِن المائة الثالثة، حيث روى عنه أبو علي محمّد بن هارون التلعكبري المُتوفّى ٣٣٦ه- بواسطة واحدة.

له مِن الكُتب في علم الرجال:

( كتاب المُحدّثين ) كما ذكره النجاشي، والطوسي، وابن النديم.

____________________

(١) اُنظر ترجمته في رجال النجاشي رقم (٨٠٥)، الفهرست للطوسي رقم (٥٢٠)، الذريعة ج١ ص ١٣٩، مصفى المقال ص ٣٤٥، لسان الميزان ج ٤ ص ٤٠٦ رقم ١٣٤٢، الفهرست لابن النديم ص٣٧٠، رجال الطوسي ص٤٨٧ رقم ( ٦٤ ) مِن حرف العين، فيمن لم يروِ عنهم، قاموس الرجال ج٨ ص٣٣٥ رقم ٥٨٢٨، تاريخ بغداد ج١١ ص١٦٧ رقم ٥٨٦٦، الكامل لابن عدي ج٦ ص٤٥٧ رقم ( ١٤٠٥ ).

ومهران: قيل بكسر الميم وقيل بفتحها.

(٢) لسان الميزان ج٤ ص٤٠٦ رقم ١٣٤٢.

٤٨

٢٢ - إبراهيم بن محمّد الثقفي: المُتوفّى ٢٨٣ه-(١) .

إبراهيم بن محمّد بن سعيد بن هلال … الثقفي أبو إسحاق، أصله كوفيّ وانتقل إلى أصفهان.

قال النجاشي ( ١٨ ): كان زيديّاً أوّلاً، ثم انتقل إلينا.

ويُقال: إنّ جماعة مِن القُميّين - كأحمد بن محمّد بن خالد - وفدوا إليه، وسألوه الانتقال إلى قُم فأبى.

وكان سَبب خروجه مِن الكوفة أنّه عَمل كتاب المعرفة وفيه المناقب والمثالب، فاستعضمه الكوفّيون، وأشاروا إليه بأن يتركه ولا يُخرجه، فقال: أيّ البلاد أبعد مِن الشيعة فقالوا: أصفهان، فحَلف أن لا أروي هذا الكتاب إلاّ بها؛ فانتقل إليها، ورواه بها، ثقة منه بصحّة ما رواه فيه(٢) .

ووث-قه ابن النديم بقوله: مِن الث-قات العُلماء المصنّفين(٣) .

له كُتُب كثيرة في مُختلف المواضيع قرابة خمسين كتاباً ذكرها النجاشي والطوسي.

كُتُبه في عِلم الرجال:

وله في عِلم الرجال خاصّة كُتُب عديدة منها:

١- أخبار المُختار.

٢- كِتاب الرِدّة.

____________________

(١) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي (١٨) ، الفهرست للطوسي (٣١) ، مصفى المقال ص٨، الذريعة ج١٠ ص٨٢، لسان الميزان ج١ ص١٠٢، قاموس الرجال ج١ ص٢٧٥-٢٨٠ رقم ( ١٨٧ )، الفهرست لابن النديم ص٣٧٢.

(٢) رجال النجاشي ج١ ص٩٠.

(٣) الفهرست لابن النديم ص ٣٧٢.

٤٩

٣- كِتاب مقتل عثمان.

٤- أخبار عمر.

٥- أخبار يزيد.

٦- أخبار ابن الزبير.

٧- أخبار زيد.

٨- كِتاب التوّابين.

٩- أخبار محمّد، وإبراهيم ابني عبد الله.

١٠- كِتاب فضل الكوفة، ومَن نزلها مِن الصحابة.

١١- كِتاب مَن قُتِل مِن آل أبي طالبعليه‌السلام ( آل محمّدعليهم‌السلام ).

١٢ - مقتل أمير المؤمنينعليه‌السلام .

١٣ - قيام الحسن بن عليعليهما‌السلام .

١٤ - مقتل الحسينعليه‌السلام .

توفّي سَنة ٢٨٣ ه-.

٢٣- أحمد العلوي العقيقي: المُتوفّى ٢٨٢ه-(١) .

هو أحمد بن علي بن محمّد بن جعفر بن عبد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، العلوي العقيقي كان مُقيماً بمكّة.

وهو يروي عن أبيه عن إبراهيم بن هاشم القُمّي، ويروي عنه ابنه أبو الحسن عليّ بن أحمد العقيقي صاحب الرجال المشهور.

____________________

(١) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي رقم (١٩٤)، الفهرست للطوسي رقم (٧٣) ، مصفى المقال ص ٥٧، الذريعة ج٣ ص٢٥٣، قاموس الرجال ج١ ص٥٣٧ رقم ( ٤٥٨ ).

٥٠

له في علم الرجال:

كِتاب ( تاريخ الرجال )، كما في رجال النجاشي والفهرست للطوسي.

٢٤- عبد الرحمان المروزي البغدادي: المُتوفّى ٢٨٣ه-(١) .

هو عبد الرحمان بن يوسف بن سعيد خراش المروزي البغدادي، الحافظ.

مدحه والثناء عليه:

قال ابن عدي، سمعت عبدان يقول: قلت لابن خراش حديث ( لا نُورِّث ما تركنا صدقة ).

قال: باطل.

قلت: مَن تتّهم في هذا الإسناد: رواه الزُهري، وأبو الزبير وعِكرمة بن خالد، عن مالك بن أنس بن الحدثان، أتَتَّهِم هؤلاء ؟

قال: لا، إنّما أتّهم مالك بن أوس.

وقال ابن عدي: سمعت عبدان يقول: وحمل ابن خراش إلى بندار جُزأين صنّفهما في مثالب الشيخين؛ فجازاه بألفي درهم …

وقال ابن عدي: وسمعت أحمد بن محمّد بن سعيد المعروف ب- ( ابن عقدة ) يقول: كان ابن خراش في ( الكوفة ) إذا كُتِب شيئاً مِن باب التشيُّع يقول لي: هذا لا يُنفق إلاّ عندي وعندك يا أبا العبّاس.

وقال ابن عدي: وسمعت عبد الملك بن محمّد أبا نعيم يُثني على ابن خراش هذا، وقال: ما رأيت أحفظ مِنه لا يذكر شيء مِن الشيوخ والأبواب إلاّ مرَّ فيه.

____________________

(١) اُنظر ترجمته: مصفى المقال ص٢٢٥، الذريعة ج١٠ ص٨٤، لسان الميزان ج٣ ص٤٤٤، تاريخ بغداد ج١٠ ص٢٧٨ رقم ٥٣٩٨، الكامل لابن عدي ج٥ ص٥١٨ رقم الترجمة ١١٥٥، قاموس الرجال ج٦ ص١٤٨ رقم الترجمة ٤٠٨٤، الميزان للذهبي ج٤ ص٣٢٩ رقم ٥٠١٤.

٥١

وقال ابن عدي: وابن خراش هذا هو أحد مَن يُذكر بحفظ الحديث مِن حُفّاظ العراق، وكان له مَجلسُ مذاكرة لنفسه على حدة، وإنّما ذكر عنه شيء مِن التشيّع كما ذكره عبدان، فأمّا الحديث فأرجو أنّه لا يتعمّد الكذب(١) .

وقال الخطيب: كان أحد الرحّالين في الحديث إلى الأمصار بالعراق، والشام، ومصر، وخُراسان، وممَّن يُوصَف بالحفظ والمعرفة، روى عنه العبّاس بن عقدة(٢) .

وقال أبو زرعة محمّد بن يوسف الجُرْجَاني: كان خرّج مثالب الشيخين وكان رافضيّاً، وعن ابن المُنادى أن ابن خراش كان مِن المعدودين المذكورين بالحفظ والفَهم بالحديث والرجال(٣) .

وقال الذهبي: فإنّه كان حافظ زمانه، وله الرحلة الواسعة، والإطلاع الكثير والإحاطة(٤) .

ومع ذلك تحامل عليه، وعلى مذهب التشيُّع لأنّه كان يتشيَّع.

وأنت سمعت، فقد مدحه بعض عُلماء العامّة، كما قد ذمّه آخرون؛ لأنّه ألّف في المثالب، وأنكر حديث ( لا نورِّث ما تركناه صدقة )، ورموه بالتشيُّع والرفض، وهو أحد مشايخ ابن عُقدة.

له في عَلم الرجال:

( كِتاب الجرح والتعديل )

تُوفّي في خمس شهر رمضان ٢٨٣ه-.

____________________

(١) الكامل لابن عدي ج٥ ص٥١٩.

(٢) تاريخ الخطيب ج١٠ ص٣٧٩.

(٣) تاريخ بغداد ج١٠ ص٢٨٠.

(٤) الميزان للذهبي ج٤ ص٣٣٠.

٥٢

٢٥ - عليّ بن الحسن بن فضّال: ولد ٢٠٦ ه - وتُوفّي ٢٩٠ه-(١) .

هو عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال بن عمر بن أيمن ...أبو الحسن.

ذكره الطوسي في أصحاب الإمامين الهُمامين الإمام الهادي والإمام العسكريعليهما‌السلام .

وقال النجاشي ( ٦٧٤ ): كان فقيه أصحابنا بالكوفة، ووجههم، وثقتهم، وعارفهم بالحديث، والمسموع قوله فيه، سُمِع منه شيئاً كثيراً، ولم يُعثَر له على زَلّة فيه ولا ما يشينه، وقلّ ما روى عن ضعيف، وكان فطحيّاً، ولم يروِ عن أبيه شيئاً، وقال: كنت أُقابِلُهُ وسنّي ثمان عشرة سَنة، ولا أفهم إذ ذاك الروايات، ولا أستحلُّ أن أرويها عنه.

وروى عن أخَوَيه، عن أبيهما(٢) .

وقد وثذقه الطوسي بقوله: فطحيَّ المذهب، ثقة كوفيّ، كثير العِلم، واسع الأخبار، جيد التصانيف، غير مُعاند، وكان قريب الأمر إلى أصحابنا الإماميّة القائلين بالإثني عشر(٣) .

وقد وث-قه الكشّي قال: سألت أبا النضر محمّد بن مسعود عن جماعة هو منهم، فقال: أمّا عليّ بن الحسن بن فضّال، فما لقيت بالعراق وناحية خُراسان أفقه، ولا أفضل مِن عليّ بن الحسن بالكوفة، ولم يكن كَتَب عن الأئمة -عليهم‌السلام - في كل صِنف إلاّ وقد كان عِنده، وكان أحفظ الناس، غير أنّه كان

____________________

(١) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي رقم ( ٦٧٤ )، الفهرست للطوسي ( ٣٩٣ )، رجال الطوسي ص٤١٩ و٤٣٣، مصفى المقال ص٢٧٤، الذريعة ج١٠ ص٩٠، قاموس الرجال ج٧ ص٤١٣ رقم ٥٠٩٢.

(٢) رجال النجاشي ج٢ ص٨٣.

(٣) فهرست كُتُب الشيعة ص ٢٧٢ رقم ( ٣٩٢ ).

٥٣

فطحيّاً يقول بعبد الله بن جعفر، ثم بأبي الحسن موسىعليه‌السلام ، وكان مِن الث-قات(١) .

وله كُتُب كثيرة منها في الرجال:

١ - (كِتاب الرجال). ذكره النجاشي والطوسي في الفهرست.

٢ - الأصفياء.

٣ - المثالب.

٢٦ - أبان البَجَلي: القرن الثالث(٢) .

أبان بن محمّد البجلي، وهو المعروف بسندي البزّاز، أبو بشر، وهو ابن أخت صفوان بن يحيى. كان ثقة، وجهاً في أصحابنا الكوفيّين.

وصفوان بن يحيى تُوفّي٢١٠ه-.

والمُترجَم ذكره الشيخ الطوسي في أصحاب الإمام الهاديعليه‌السلام الذي تُوفّي ٢٥٤ه-.

وقد روى عن خاله صفوان بن يحيى وغيره.

وروى عنه: أحمد بن محمّد بن خالد البرقي المُتوفّى٢٧٤ أو ٢٨٠ه-، وعليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال المُتوفّى حدود (٢٩٠ه-)، ومحمّد بن الحسن الصفّار المُتوفّى ٢٩٠ه-.

____________________

(١) قاموس الرجال ج٧ ص٤١٤ عن الكشّي.

(٢) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي برقم ( ١٠ و ٤٩٥ )، والفهرست للطوسي برقم (٣٤٣)، ورجال الطوسي في أصحاب الإمام الهادي ص٤١٦، مُعجَم رجال الحديث ج١ ص١٧١ و ج٨ ص٣١٧، مصفى المقال ص٥، الذريعة ج١٠ ص٨٢، قاموس الرجال ج١ ص١٢٣ رقم الترجمة ٢٩.

٥٤

قال النجاشي ( ٤٩٥ ): وهو ابن أُخت صفوان بن يحيى، كان ثقة، وجهاً في أصحابنا الكوفييّن.

وله كِتاب في عِلم الرجال:

( النوادر عن الرجال ). ذكره النجاشي.

٢٧ - محمّد بن عيسى اليقطيني: القرن الثالث(١) .

قال النجاشي ( ٨٩٧ ): محمّد بن عيسى بن عُبيد بن يقطين بن موسى، مولى أسد بن خزيمة، أبو جعفر.

جليل في أصحابنا ثقة، عين، كثير الرواية، حَسِن التصنيف، روى عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام مُكاتبة ومُشافهة.

ثم عدّد كُتُبه إلى أن ذكر له: كِتاب (الرجال)، وذكر سَنَده إليه.

وذكره الطوسي في أصحاب الرضا والهادي والعسكريعليهم‌السلام مِن رجاله وضعَّفه، وكذلك ذكره في فهرست كُتُب الشيعة ( ٦١٢) وضعَّفه لحُسن ظنّه بابن بأبويه القُمّي، والقُمّي تبعاً لشيخه محمّد بن الحسن بن الوليد. فأصل التضعيف يرجع لابن الوليد، حيث استثناه مِن كِتاب نوادر الحكمة.

إلاّ أنّ الأكثريّة ممَّن تقدّم على ابن الوليد أو تأخّر عنه، مثل الفضل بن شاذان، وجعفر بن معروف، والكشّي، وابن نوح، والنجاشي فكُلّهم مُجمعون على جلالة قدره.

____________________

(١) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي برقم ( ٨٩٧ )، الفهرست للطوسي ( ٦١٢ )، رجال الطوسي ص٣٩٣ في أصحاب الرضا رقم ( ٧٦ ) وص٤٢٢ في أصحاب الهادي رقم ( ١٠ ) وص٤٣٥ في أصحاب العسكري رقم ( ٣٠ ) وص٥١١ في مَن لم يروِ عن الأئمّة رقم ( ١١١ )، قاموس الرجال ج٩ ص٤٩٩ رقم ( ٧١٤٥ ) مُعجَم رجال الحديث ج١٧ ص١١٠ - ١٢٠، مصفى المقال ص٤٢١.

٥٥

قال المُحقِّق التستري: وأمّا تحقيق حاله، فأوّل مَن ضعَّفه ابن الوليد، وتبعه ابن بأبويه لحُسن ظنّه به كما يُفهَم مِن كلام ابن نوح، ومِن قول نفسه في صوم فقيهه بأنّ كلّ خَبَر لم يُصحّحه شيخه ابن الوليد ليس عنده بصحيح، وتبع ابن بأبويه الشيخ لحُسن ظنّه به، كما يُفهم مِن تعبير فهرسته المُتقدّم، وحينئذ فكأن المضعِّف منحصر بابن الوليد، ولا يدرى ما رابه فيه - كما قال ابن نوح - بعد كونه على ظاهر العدالة ؟

ولعلّه رابه روايته القدح العظيم في زُرارة، ومحمّد بن مُسلم، ومؤمن الطاق، وأبي بصير، وبريد العجلي، وإسماعيل الجعفي وهُم أجلاّء، وكذلك في المُفضل أو روايته عن يونس، عن الرضاعليه‌السلام جواز الاغتسال والوضوء بماء الورد.

رواه الكافي في ١٢ مِن أخبار باب نوادر طهارته(١) .

وأمّا مَن تقدّم على ابن الوليد، أو مَن عاصره أو مَن تأخّر عنه - غير تابعيه مِن الفضل بن شاذان، وبورق الورع، والقتيبي، وجعفر بن معروف، والكشّي، وابن نوح، والنجاشي - مُجمعون على جلالته، ويكفي في فَضله ثناء مثل الفضل عليه، كما قاله النجاشي(٢) .

إلاّ أنّ المُعتَمد هو قول النجاشي في توثيقه؛ لأنّ سند التض-عيف هو استثناؤه مِن كِتاب ( نوادر الحكمة ).

وقال النجاشي حول ذلك: ورأيت أصحابنا يُنكرون هذا القول، ويقولون: مَن مثل أبي جعفر محمّد بن عيسى سكن بغداد؟!(٣) .

____________________

(١) الكافي ج٣ ص٧٣.

(٢) اُنظر ذلك في قاموس الرجال ج٩ ص٥٠٣.

(٣) رجال النجاشي ج ٢ ص ٢١٩.

٥٦

وقال القتيبي - محمّد بن عليّ بن قتيبة -: كان الفضل ابن شاذانرحمه‌الله يُحب العبيدي، ويُثني عليه، ويمدحه ويميل إليه، ويقول: ليس في أقرانه مِثله، وبحسبك هذا الثناء مِن الفضلرحمه‌الله (١) .

والمُترجَم روى عن أخيه جعفر بن عيسى، والحسن بن عليّ بن يقطين، وصفوان بن يحيى، وعلي بن مهزيار، ومحمّد بن أبي عُمير وغيرهم.

وروى عنه: أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، وعبد الله بن جعفر الحميري، وعلي بن إبراهيم بن هاشم، ومحمّد بن الحسن الصفّار وغيرهم.

٢٨ - محمّد بن عمر الواقدي: المولود ١٣٠ه-، والمُتوفّى ٢٠٧ه-(٢)

محمّد بن عمر الواقدي المَدني البغدادي مولى بني هاشم، وقيل مولى بني سهم بن أسلم المؤرّخ المشهور صاحب ( المغازي ) المُنتشر.

تشيعه:

قال ابن النديم في الفهرست: وكان يتشيَّع، حسن المَذهب، يُلزم التقيَّة. وهو الذي روى أنّ عليّاًعليه‌السلام كان مِن مُعجزات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم كالعصا لموسىعليه‌السلام ، و إحياء الموتى لعيسى بن مريمعليه‌السلام . وذكر تاريخ ولادته ووفاته.

____________________

(١) رجال النجاشي ج٢ ص٢١٩.

(٢) اُنظر ترجمته: الفهرست لابن النديم، أعيان الشيعة ج١٠ ص٣٠-٣٣، مصفى المقال ص٤٢١، تهذيب الكمال ج٢٦ ص١٨٠ رقم ٥٥٠١ وهي ترجمة مُفصّلة، مُعجَم رجال الحديث ج١٧ ص٧٢ وج١ ص٢٧٤، قاموس الرجال ج٩ ص٤٩٢ رقم ( ٧١٢٨ ).

٥٧

كُتبه في الرجال:

١ - كِتاب الطبقات.

٢ - تاريخ الفقهاء.

أقول: تَشيّعه مُحتمل؛ لأنّ أكثر العامّة الّذين ترجموه لم يَنسبوه إلى التشيُّع أو الرفض.

٢٩ - إبراهيم النهاوندي: تُوفّي بعد ٢٦٩ه-.

هو إبراهيم بن إسحاق، أبو إسحاق الأحمري النهاوندي.

قال النجاشي ( ٢٠ ): كان ضعيفاً في حديثه، منهوماً.

وقال الطوسي ( ٩ ): كان ضعيفاً في حديثه، متَّهماً في دينه.

له كُتُب منها في الرجال:

١ - كِتاب مقتل الحسين بن عليعليهما‌السلام . ذكره النجاشي والطوسي.

٢ - كِتاب نفي أبي ذر عليه الرحمة. ذكره النجاشي.

٣٠ - سعد بن عبد الله الأشعري القُمّي: المُتوفّى سَنة ( ٢٩٩ أو ٣٠٠ أو ٣٠١ ه-)(١) .

قال النجاشي ( ٤٦٥ ): سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري

____________________

(١) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي برقم ( ٤٦٥ ) ورقم ( ١٠٧٢ و ١١٧١ )، فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم للطوسي (٣١٦)، رجال الطوسي ص٤٧٥ في مَن لم يروِ عن الأئمّة رقم ( ٦ )، مُعجَم رجال الحديث ج٨ ص٧٤، مصفى المقال ص١٨٦، قاموس الرجال ج٥ ص٥٦ رقم الترجمة ٣١٧٦.

٥٨

القُمّي، أبو القاسم. شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجهها - إلى أن قال - ولقي مولانا أبا محمّدعليه‌السلام - يعني الإمام العسكريعليه‌السلام -، ثم ذكر كُتُبه ووفاته فقال: تُوفّي سعدرحمه‌الله ٣٠١ه-، وقيل سَنة ٢٩٩ه-.

وقال الطوسي في الفهرست ( ٣١٦ ): جليل القدر، واسع الأخبار، كثير التصانيف، ثقة. ثم ذكر كُتُبه.

وقال في رجاله في مَن لم يروِ عن الأئمّةعليهم‌السلام : جليل القدر، صاحب تصانيف ذكرناها في الفهرست، روى عنه ابن الوليد وغيره، روى ابن قولويه عن أبيه عنه(١) .

وله في عِلم الرجال:

١ - طبقات الشيعة. ذكره النجاشي في ترجمة محمّد بن يحيى المعيني برقم (١٠٧٢) وفي ترجمة هيثم بن عبد الله برقم (١١٧١).

٢ - فِرَق الشيعة.

٣ - كِتاب فضل أبي طالب وعبد المطلب وأبي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤ - كِتاب فضل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٥ - مناقب رواة الحديث.

٦ - مثالب رواة الحديث. ذكرها النجاشي والطوسي.

٧ - كِتاب فهرست كِتاب ما رواه ( سعد بن عبد الله ). ذكره الطوسي في الفهرست (٣١٦).

____________________

(١) رجال الطوسي ص٤٧٥.

٥٩

القَرنُ الرابع

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173