مقتل الامام الحسين (عليه السلام)

مقتل الامام الحسين (عليه السلام)13%

مقتل الامام الحسين (عليه السلام) مؤلف:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
ISBN: 964-8163-70-7
الصفحات: 437

مقتل الامام الحسين (عليه السلام)
  • البداية
  • السابق
  • 437 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 243922 / تحميل: 10025
الحجم الحجم الحجم
مقتل الامام الحسين (عليه السلام)

مقتل الامام الحسين (عليه السلام)

مؤلف:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
ISBN: ٩٦٤-٨١٦٣-٧٠-٧
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

الباب التاسع

فضيلة

[في أنّ الحسن والحسين (صلوات الله عليهما) هما سيّدا شباب أهل الجنّة، وأُمّهما سيّدة نساء أهل الجنّة].

٣٧٤ - أخبرني الشيخ الإمام محبّ الدين أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الطبري (رحمه الله) مشافهةً إذناً - بالحرم الشريف المكّي زيد شرفاً وقدساً؛ في شهر الله الحرام ذي الحجّة سنة تسع وسبعين وستّمئة - والشيخ الصالح بدر الدين أبو عليّ الحسن بن عليّ بن علي ابن أبي بكر ابن يونس الخلاّل الدمشقي بقراءتي عليه به، قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن المعتّر البغدادي إجازةً، قال: أنبأنا أبو الفضل محمد بن ناصر السلامي إذناً، قال: أنبأنا أبو الحسن بن أحمد بن إبراهيم ابن الحسن [بن] محمد بن شاذان(١) قراءةً عليه في رجب سنة ثلاث وعشرين

____________________

٣٧٤ - الحديث - باستثناء الموجود فيه - من متواترات الأحاديث الشريفة النبويّة، وله مصادر وثيقة كثيرة، وأسانيد جمّة،؛ تجد كثيراً منها في تعليق الحديث: (١٣٨) من ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام) من تاريخ دمشق، ص... ط١.

وأيضاً تجد للحديث أسانيد ومصادر في الحديث: (٧٥) وتواليه وما علّقنا عليها - من ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من تاريخ دمشق ص٥٢ ط١.

ورواه أيضاً الحافظ النسائي في الحديث: (١٢٤) في أواخر كتاب الخصائص ص٣٣ ط١، بمصر قال:

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه، قال: أخبرنا جرير، عن يزيد بن [أبي] زياد، عن عبد الرحمان بن أبي نعم، عن أبي سعيد، قال:

قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): (الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، وفاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة إلاّ ما كان من مريم بنت عمران).

(١) كذا في نسخة طهران عدا ما بين المعقوفين، وفي نسخة السيد عليّ تقي: (محمد بن سلحان).

٤١

وأربعمئة، قال: أنبأنا أبو عمرو بن عثمان [بن] أحمد بن عبد الله - قراءة عليه في منزله بدرب الضفادع في يوم الأربعاء في شهر ربيع الأوّل سنة أربع وأربعين وثلاثمئة - قال: حدّثنا محمد بن الحسين الحسيني، حدّثنا أبو غسّان، حدثنا قيس، عن يونس، عن عبد الرحمان بن أبي نعم:

عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): (الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة - إلاّ ابني الخالة يحيي وعيسى - وأمّهما سيّدة نساء أهل الجنّة إلاّ مريم بنت عمران.

فضيلة

[وخصيلة] تجمع الأُصول والفروع، ومنقبة لقاح حلالها حافلة الضروع [في أنّ عليّاً شكى إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حسد الناس إيّاه؛ فقال له رسول الله: (أما ترضى أن يكون أوّل مَن يدخل الجنّة: أنا وأنت والحسن والحسين وأزواجنا وذرّيّاتنا وشيعتنا)].

٣٧٥ - أخبرنا الشيخ الإمام جلال الدين أحمد بن محمد بن عبد الجبّار البكراني الأبهري - بقراءتي عليه (رحمه الله) في داره بها في شوّال سنة سبع وثمانين وستّمئة - قال: أنبأنا والدي الإمام نجم الدين محمد، قال: أنبأنا رضيّ الدين أبو الخير إسماعيل بن يوسف إجازةً، أنبأنا الإمامان: أبو سعيد ناصر بن سهل بن أحمد البغدادي، وأبو محمد محمد بن المتصر بن أحمد بن حفص المتولي قال: أنبأنا القاضي أبو سعيد محمد ابن سعيد الفرّخزادي النوقاني قال: أنبأنا الأُستاذ أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم، قال: أنبأنا أبو منصور الحمشاذي، حدّثنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو بكر ابن مالك(١) حدّثنا محمد بن يونس، حدّثنا عبد الله بن عائشة، حدّثنا

____________________

(١) وهو المعروف بالقطيعي، والحديث رواه تحت الرقم: (١٩٠) من باب فضائل أمير المؤمنين من كتاب الفضائل.

وقد رويناه عن مصادر في تعليق الحديث: (٨٣٥) من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام) من تاريخ دمشق: ج٢ ص٣٣٠ ط١.

وانظر أيضاً ما رواه الحاكم في الحديث الثالث من باب مناقب فاطمة (عليها السلام) من المستدرك: ج٣ ص١٥١.

٤٢

إسماعيل بن عمرو، عن عمر بن موسى، عن زيد بن عليّ بن الحسين [عن أبيه] عن جدّه:

عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال:(شكوت إلى رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) حسد الناس لي؛ فقال: أما ترضى أن تكون رابع أربعة؟ أوّل مَن يدخل الجنّة أنا وأنت والحسن والحسين، وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا، وذرّيّاتنا خلف أزواجنا، وشيعتنا مِن ورائنا) .

٤٣

الباب العاشر

فضيلة

[في تفضيل فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأُمّها خديجة، ومريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون على جميع نساء العالمين. وهذا الباب بأسره في مناقب فاطمة (صلوات الله عليها)].

٣٧٦ - أخبرنا الإمام مجد الدين عبد الله بن إبراهيم بن خالد التبريزي بقراءتي عليه بها في دار الشفاء الصاحبي الشمسي(١) - رحم الله بانيها - قال: أنبأنا الشيخ الإمام نجم الدين عبد الرحمان بن عبد الخالق الرومي إجازةً بسماعي عن الرضيّ المؤيّد ابن محمد؛ بسماعه عن جدّه أبي العبّاس المعروف بعبّاسه، عن القاضي أبي سعيد ابن سعيد الفرّخزادي، قال: أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، قال: أخبرني الحسن بن محمد بن الحسين الدينوري(٢) حدّثنا أحمد بن محمد بن إسحاق السني، حدّثني عبد الملك بن محمود بن سميع، حدّثنا محمد بن يعقوب العرجي(٣) حدّثنا زكريا بن يحيى بن حمويه، حدّثنا داوود بن الزبرقان، عن محمد بن جحادة، عن أبي زرعة:

عن أبي هريرة أنّ النبي (صلّى الله عليه وسلّم) قال: حسبك من نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران(٤) وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد (عليهما السلام)(٥) .

____________________

(١) كذا في نسخة طهران، وفي نسخة السيد علي نقي: (إبراهيم بن خالد السريري بقراءتي عليه بها في دار الشفاء الصاحبيّة الشمسيّة).

(٢) كذا في مخطوطة طهران، وفي نسخة السيد علي نقي: (الحسين بن محمد بن الحسين الدينوري).

(٣) كذا في نسخة طهران، وفي نسخة السيد علي نقي: (محمد بن يعقوب الفرخي).

(٤) كذا في مخطوطة طهران، وفي مخطوطة السيد علي نقي: (مريم ابنة عمران).

(٥) ورواه أيضاً ابن المغازلي في الحديث: (٤٠٩) من مناقبه ص٣٦٣ ط١، قال:

أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان، أخبرنا محمد بن إسماعيل الورّاق إذناً، حدّثنا أبي، حدثنا محمد بن عبد الملك بن زنجويه، حدّثنا عبد الرزّاق بن همّام، أخبرنا معمر:

عن قتادة، عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):(حسبك من نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) .

٤٤

فضيلة

للبتول [سليلة النبوّة وأُمّ الأئمّة فاطمة] الزهراء تفوق أنجم الخضراء(١) [في أنّ فاطمة (صلوات الله عليها) هي الغصن الملتفّ المشتبك بشجرة الرسالة، ينبسط رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بفرحها وانبساطها، وينقبض بانقباضها وحزنها واستيائها].

٣٧٧ - أخبرنا الشيخ الإمام نجم الدين أبو عمرو عثمان بن الموفّق بقراءتي عليه باسفرايين - في مسجده يوم الاثنين الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة خمس وستّين وستّمئة - قلت له: أخبرك والدي شيخ شيوخ الإسلام سلطان الأولياء والمحقّقين سعد الحقّ والدين محمد بن المؤيّد الحمويني (قدّس الله روحه) إجازةً؟ قال: نعم. قال: أنبأنا شيخ الإسلام نجم الدين أبو الجناب أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الله الخيّوقي المعروف بكبرى (رضي الله عنه) إجازةً، قال: [أخبرنا] محمد بن عمر بن علي الطوسي بقراءتي عليه بنيسابور، أنبأنا أبو العبّاس أحمد ابن أبي الفضل الشعاني(٢) أنبأنا أبو سعد محمد بن طلحة الجنابذي، أنبأنا أبو القاسم عبد الرحمان بن محمد السرّاج إملاءً، أنبأنا أبو العبّاس محمد بن إسحاق، حدّثنا الحسن بن عليّ بن زياد، حدّثنا إسحاق بن محمد الفروي(٣) حدثنا عبد الله بن جعفر بن محمد بن عبد الملك بن محمد ابن أبي رافع:

عن المسور بن مخرمة، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم):(فاطمة شَجْنَةٌ منّي يبسطني ما يبسطها ويقبضني ما يقبضها) (٤) .

قال الجنابذي متَّفَق على صحّته من حديث مسور بن مخرمة، غريب(٥) من روايته عن جعفر الصادق، وللحديث طُرق.

____________________

(١) لعلَّ هذا هو الصواب، وفي الأصل: (تفوق الحم الحصرا).

(٢) كذا.

(٣) كذا في نسخة طهران، وفي نسخة السيد علي نقي: (الهروي).

(٤) الشجنة - بتثليث الشين وسكون الجيم: الغصن الملتفّ المشتبك.

(٥) لفظة: (غريب) مأخوذة من نسخة السيد علي نقي، وكان محلّها بياضاً في نسخة طهران.

والحديث رواه البغوي في معجم الصحابة: ج٢٤ / الورق ٣٧٣ / بأسانيد وفي بعض طرقه: (يُربيني ما يُربيه). وفي بعضه: (يؤذيني ما يؤذيها). وفي بغضه: (يُغضبني ما يغضبها).

٤٥

فضيلة

[في عظيم قدر فاطمة وجليل خطرها عند الله؛ حيث إنّه تعالى يغضب لغضبها، ويرضى لرضاها].

٣٧٨ - أخبرني الشيخ تاج الدين عليّ بن أنجب بن عبيد الله الخازن إجازةً، وشرف الدين أحمد بن هبة الله بن أحمد بسماعي عليه، أنبأنا المؤيّد بن محمد بن عليّ، وأمّ المؤيّد بن أبي القاسم ابن الحسن إجازةً، قال: أنبأنا زاهر بن طاهر إجازةً، قال: أنبأنا الأُستاذ أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب سنة خمس وأربعمئة، حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد حافد العبّاس بن حمزة سنة سبع وثلاثين وثلاثمئة، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي بالبصرة، حدّثني أبي في سنة ستين ومئتين، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا سنة أربع وأربعين ومئة(١) قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، حدثني [أبي] جعفر بن محمد [حدثني أبي محمد ابن علي] حدّثني أبي علي بن الحسين، حدثني أبي الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال:

قال النبي (صلّى الله عليه وسلّم):(إنّ الله عزّ وجلّ ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها) (٢) .

____________________

(١) قوله: (سنة أربع وأربعين ومئة) غير موجودة في نسخة طهران، وإنّما هو من نسخة السيد علي نقي.

(٢) ورواه أيضاً ابن المغازلي في الحديث: (٤٠١) من مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) ص٣٥١ قال:

أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان إذناً، أخبرني ابن أبي العلاء المكّي، حدثنا أبو عبيد الله سعيد بن عبد الرحمان المخزومي بمكّة في دار الندوة، حدّثنا حسين بن زيد العلوي، حدثنا [علي بن عمر بن علي، عن] جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه:

عن عليّ: أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) [وسلّم] قال:(يا فاطمة إنّ الله ليغضب لغضبكِ ويرضى لرضاكِ) .

أقول: وللحديث مصادر كثيرة، وقد ذكره أيضاً الحاكم في باب مناقب فاطمة من المستدرك: ١٥٣.

وأخرجه أيضاً الذهبي في ترجمة تحت الرقم: (٢٠٠٢) من ميزان الاعتدال: ج١، ص٨٣٥، وقال: أخرجه ابن عديّ.

=

٤٦

____________________

=

ورواه أيضاً ابن الأثير في ترجمة فاطمة (سلام الله عليها) من أُسد الغابة: ج٥ ص٥٢٢.

ونقله أيضاً ابن حجر في ترجمة فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من كتاب الإصابة: ج٤ ص٣٧٨ وفي تهذيب التهذيب: ج١٢، ص٤٤١.

وأخرجه أيضاً المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص٣٩ وقال: خرّجه أبو سعد في كتاب شرف النبوّة، والإمام علي بن موسى الرضا في مسنده، وابن المثنّى في معجمه.

ورواه أيضاً ابن الغطريف في جزءٍ من حديثه معروف عند المحدّثين.

ورواه عنه في الباب: () من كفاية الطالب ص٣٦٤.

ورواه أيضاً الخوارزمي في ذيل الحديث: (٣) من مقتل الإمام الحسين (عليه السلام): ج١، ص٥٢.

ورواه أيضاً الهيثمي في باب مناقب فاطمة (سلام الله عليها) من مجمع الزوائد: ج٩ ص٢٠٣ وقال:

رواه الطبراني وإسناده حسن.

ورواه أيضاً أبو نعيم في ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام) من كتاب معرفة الصحابة، / الورق ٢٣ / ب/.

وقد رواه في كتاب فضائل الخمسة: ج٣ ص١٥٥، وما حولها عن مصادر.

٤٧

فضيلة

[أو خصّيصة] لما [سواها] مابنة، ومنقبة لجميع المآثر بائنة(١)

٣٧٩ - أخبرني الشيخ الصالح ناصر الدين عمر بن عبد المنعم بن عمر القواس الدمشقي سماعاً عليه بها بالخانقاه السمساطي قال: أنبأنا القاضي جمال الدين أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري الحرستاني، قراءةً عليه وأنا أسمع في ذي القعدة سنة تسع وستّمئة، بمقصورة الخضر (عليه السلام) بجامع دمشق - قال: أنبأنا الإمام جمال الدين أبو الحسن(٢) عليّ بن المسلم بن محمد بن الفتح السلمي قراءةً عليه وأنا أسمع - في ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وخمسمئة - قال: أنبأنا الخطيب أبو نصر الحسين بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن طلاب قراءةً عليه بدمشق، قال: أنبأنا الحسين [بن] محمد بن أحمد بن محمد بن جميع الغسّاني الحافظ قراءةً عليه بصيدا - في شهور سنة أربع وسبعين وثلاثمئة - قال: حدثنا غانم بن حميد بن يونس بن عبد الله أبو بكر الشعيري ببغداد، حدثنا أبو عمارة أحمد بن محمد، حدثنا الحسن بن عمر بن يوسف السدوسي(٣) حدّثنا القاسم بن مطيب، حدثنا منصور بن صدقة، عن أبي معبد، عن ابن عبّاس، قال:

قال النبي (صلّى الله عليه وسلّم):(ابنتي فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث وإنّما سمّاها (٤) فاطمة؛ لأنّ الله عزّ وجلّ فطمها ومحبّيها من النار) (٥) .

____________________

(١) كذا في الأصل - عدا ما بين المعقوفين - ولكن أغلب الحروف في قوله: (مابنة - و - بائنة) كان غير منقوط، والكلمة الثانية أيضاً لم تكن مهموزة.

(٢) كذا في نسخة السيد علي نقي، وفي مخطوطة طهران: (أبو الحسين).

(٣) كذا في مخطوطة طهران، وفي نسخة السيّد علي نقي: (عمر بن سيف).

(٤) كذا.

(٥) كذا في نسخة طهران، وفي مخطوطة السيد علي نقي: (عن النار).

وانظر الحديث: (٣٨٤) الآتي في الباب: (١٢) ص٥٧.

٤٨

[إكرام الله سبحانه وتعالى يوم القيامة ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومرورها على أهل الموقف وعبورها عن الصراط بعظمة وجلالة].

٣٨٠ - أخبرني ابن عمّي الشيخ نظام الدين محمد بن الأمير الإمام قطب الدين عليّ بن صدر المشايخ معين الدين مؤيّد الحمويني (رحمه الله) والإمام كمال الدين أبو المكارم محمد بن عمر بن المظفّر المروزي، وأُستاذي الإمام المفتي عماد الدين محمد ابن أحمد الخطيب الجاجرمي إجازةً، والشيخ نجم الدين عثمان بن الموفّق بقراءتي عليه بإسفرايين بروايتهم عن والدي شيخ الإسلام سلطان الأولياء(١) سعد الحق والدين محمد بن المؤيّد الحمويني إجازةً.

وأخبرني أقضى القضاة(٢) فخر الدين عبد العزيز بن عبد الرحمان بن السكري(٣) إذناً بروايتهما عن شيخ الإسلام أبي الجناب أحمد بن عمر بن محمد الصوفي إجازةً، قال: أنبأنا محمد بن عمر بن عليّ الطوسي بقراءتي عليه بنيسابور، أنبأنا أبو العبّاس أحمد بن أبي الفضل السقائي، قال: أنبأنا سعد بن محمد بن طلحة الجنابذي، أنبأنا أبو القاسم السرّاج إملاءً، حدثنا أبو القاسم علي بن المؤيّد، حدثنا محمد بن يونس القرشي، أنبأنا حسين بن الحسن الأشقر، حدثنا قيس بن ربيع، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة عن أبي أيّوب الأنصاري، قال:

قال النبي (صلّى الله عليه وسلّم):(إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من بطنان العرش: يا أهل الجمع نكّسوا رؤوسكم وغضّوا أبصاركم؛ حتى تجوز فاطمة بنت محمد (صلوات الله عليهما)على الصراط ،فتمرّ ومعها سبعون ألف جارية من الحور العين كالبرق اللاّمع) .

____________________

(١) كلمتا: (سلطان الأولياء) مأخوذتان من نسخة السيّد علي نقي.

(٢) كذا في مخطوطة طهران، وفي نسخة السيد علي نقي: (قاضي القضاة).

(٣) كذا في نسخة طهران، وفي نسخة السيد علي نقي: (الشكري).

وقريباً ممّا هاهنا رواه أيضاً ابن الأعرابي في الجزء: (٥) من معجم الشيوخ، الورق ٩٨ / ب / أو ١٠٦ / قال:

=

٤٩

منقبة رابعة وفضيلة للزهراء رائعة [في سؤال أُمّ المؤمنين عائشة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن تقبيله ابنته فاطمة (صلوات الله عليها) وجواب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لها].

٣٨١ - أخبرنا الشيخ الصالح نجل المشايخ صدر الدين إبراهيم ابن الشيخ عماد الدين محمد ابن شيخ الإسلام عمر بن محمد بن عبد الله السهروردي بقراءتي عليه ببغداد - في قبّة جدّه عند ضريحه المبارك(١) - والمشايخ: قاضي بيت المقدس الشريف جلال الدين عبد المنعم بن أبي بكر ابن أحمد بن عبد الرحمان الأنصاري الشافعي، والشيخ محبّ الدين أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الطبري المكّي - شافهني بالإجازة في مكّة المقدّسة زيدت شرفاً - والشيخ أحمد بن محمد بن عثمان ابن مكّي الواعظ المصري - اجتمعت به في مدينة النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) فأجاز لي رواية ما جازت له روايته - إجازة بروايتهم عن الشيخ أبي الحسن عليّ بن أبي عبد الله ابن أبي الحسن ابن المعترّ البغدادي إجازةً، قال(٢) : أنبأنا أبو الفضل محمد بن ناصر السلامي إذناً، قال: أنبأنا الحافظ أبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي - إجازةً إن لم يكن

____________________

=

أنبأنا إبراهيم [بن عبد الله العبسي] أنبأنا العبّاس بن بكار الضبّي، أنبأنا [أبو] خالد الواسطي عن بيان، عن أبي جحيفة، عن عليّ، قال:

(سمعت النبي (صلّى الله عليه) يقول: إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من وراء الحجب: يا أهل الجمع غضّوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمّد (صلّى الله عليه) حتى تمرّ) .

ورواه أيضاً أبو نعيم بسندٍ آخر في كتاب معرفة الصحابة.

ورواه أيضاً أحمد في الحديث: (٢٣) من باب فضائل فاطمة من كتاب الفضائل.

ورواه ابن المغازلي بسندين في الحديث: (٤٠٤ - ٤٠٥) من مناقبه ص٣٥٥، وفي هامشه عن مصادر.

ورواه السيوطي بطرق جمّة في باب مناقب فاطمة (سلام الله عليها) من اللآلئ المصنوعة: ج١، ص٢٠٩.

(١) قوله: (عند ضريحه المبارك) غير موجود في نسخة طهران، وإنّما هو من نسخة السيد علي نقي.

(٢) كلمة: (المعتر) لم تكن هاهنا جليّة، ولكن كانت في الحديث: (٣٧٤) في الباب: (٩) من هذا السمط جليّة. وكلمتا: (إجازة قال) مأخوذتان من نسخة السيد علي نقي.

٥٠

سماعاً - قال: حدّثني الشيخ العارف أبو بكر ابن إسحاق بن إبراهيم الكلابادي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن علي بن الحسين، قال: حدثنا صالح بن منصور بن نصر، قال: حدثنا عبد الله بن بشر المديني، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهاشمي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة (رضي الله عنها) قالت:

قلت: يا رسول الله مالك إذا قبّلت فاطمة أدخلت لسانك في فيها كأنّك تلعقها في العسل؟ فقال النبي (صلّى الله عليه وسلّم):

(يا عائشة ليلة أُسري بي إلى السماء فأدخلني جبرئيل (عليه السلام) الجنّة ناولني تفاحةً فأخذتها فأكلتها فصارت نطفةً ونوراً في صلبي، فنزلت فواقعت خديجة ففاطمة منه، فكُلّما اشتقتُ [إلى] الجنّة قبّلتها، يا عائشة [فاطمة] حوراء إنسيّة) (١) .

[بقاء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) جائعاً أياماً ثمّ طوافه في بيوت أزواجه، ثمّ في بيت ابنته فاطمة، وعدم ظفره بالطعام، ثمّ بعث بعض جارات فاطمة إليها بلحمٍ وخبزٍ، ثمّ بعثها إلى أبيها وحضوره عندها، ثمّ نماء الطعام وبركته حتى أكل منه أهل البيت (عليهم السلام) وأزواج النبيّ، ثمّ توزيعه على جيرانها وبقاء الطعام بحاله كأنّه لم يُمسّ].

٣٨٢ - أخبرني شيخنا الإمام نجم الدين عثمان بن الموفّق الأذكاني كتابةً، وشرف الدين أحمد بن هبة الله بن أحمد بن عساكر قراءةً عليه، قال: أنبأنا المؤيّد بن محمد بن عليّ إجازةً، أنبأنا أبو العبّاس محمد بن العبّاس سماعاً عليه، أنبأنا أبو سعيد محمد ابن سعيد الفرخزادي، قال: أنبأنا الأُستاذ الإمام أبو إسحاق أحمد بن محمد(٢)

____________________

(١) من قوله: (فكلّما اشتقت...) وما بعده غير موجودة في نسخة السيد علي نقي.

(٢) وهو الثعلبي، والحديث رواه بإسناده عن جابر في الباب: () من قصّة مريم من كتاب قصص الأنبياء ص٥١٣.

ورواه أيضاً في تفسير الآية: (٣٧) من سورة آل عمران: ٣ من تفسيره:ج١، ص...

٥١

قال: أنبأنا عبد الله بن حامد الوزّان(١) أنبأنا أبو محمد بن عبد الله المزني، حدثنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا مسهل بن زنجويه الرازي، أنبأنا عبد الله بن صالح، حدّثني ابن لهيعة عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله [قال]:

إنّ النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) أقام أياماً لم يطعم شيئاً حتى شقّ ذلك عليه، فطاف في منازل أزواجه فلم يصب عند واحدةٍ منهنّ شيئاً!! فأتى فاطمة (عليها السلام) فقال:(يا بنيّة هل عندك شيء آكله فإنّي جائع؟! فقالت:لا والله. فلمّا خرج من عندها رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) بعثت إليها جارة لها برغيفين وبضعة لحم فأخذته منها فوضعته في جفنة لها وغطّت [رأسها] وقالت:والله لأوثرنّ بها رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) على نفسي - وكانوا جميعاً محتاجين إلى شبعة طعام - بعثت حسناً - أو حسيناً - إلى النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) فرجع [النبيّ] إليها، فقالت:بأبي أنت وأُمّي قد أتانا الله بشيء فخبّأته لك . قال:هلمّ. فأتته [به] فكشفت عن الجنفة فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً، فلما نظرت إليه بهتت وعرفت أنّها بركة من الله(٢) عزّ وجلّ؛ فحمدت الله تعالى وصلَّت على نبيّه فقال (صلّى الله عليه وسلّم):من أين لك يا بنيّة؟ فقالت:هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب . فقال:الحمد لله الذي جعلكِ شبيهة بسيّدة نساء بني إسرائيل، فإنّها كانت إذا رزقها الله شيئاً فسُئلت عنه قالت: ( هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) [٣٧ /آل عمران: ٣] فبعث النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) إلى عليّ (عليه السلام)، ثمّ أكل رسول الله وفاطمة وعلي والحسن والحسين، وجميع أزواج النبيّ وأهل بيته جميعاً - عليه وعليهم السلام - حتى شبعوا. قالت فاطمة:وبقيت الجفنة كما هي (٣) وأوسعت منها على جيرتي وجعل الله عزّ وجلّ منها بركةً وخيراً) .

____________________

(١) كذا في نسخة طهران وفي نسخة السيد علي نقي: (الورّاق).

وهذا رواه أيضاً الخوارزمي في الحديث: (٢٢) من الفصل: (٥) من مقتله: ج١، ص٥٨ قال:

أخبرنا القاضي أبو الفتح عبد الواحد بن الحسن الباقرجي، أخبرنا أبو الفضل العبّاس بن أبي العبّاس الشفائي قراءةً عليه، أخبرنا الإمام أبو الحسن عليّ بن أحمد الواحدي، أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي، أخبرنا عبد الله بن حامد...

ثمّ قال بعد ختام الرواية: وسمعت هذا الحديث عن الشيخ الإمام عبد الحميد البرايقني مختصراً بروايته عن جابر بن عبد الله أيضاً.

(٢) كذا في نسخة السيد علي نقي، وفي نسخة طهران؛ (فنظرت إليه...) ولا توجد فيها لفظة: (فلم).

(٣) كلمتا: (كما هي) غير موجودتان في نسخة طهران، وإنّما هما من نسخة السيد علي نقي.

٥٢

الباب الحادي عشر

فضيلة

تنقاد بذكرها كلُّ شامسة، وتشرق من نورها ليالي الأزمان الدامسة [في أنّ عليّاً وأهل بيته (عليهم السلام) آثروا المسكين واليتيم والأسير على أنفسهم: فدفعوا إليهم كل ما كان عندهم من الطعام مع حاجتهم إليه وجوعهم؛ فأنزل الله في شأنهم سورة هل أتى].

٣٨٣ - أخبرني أُستاذي الإمام حميد الدين محمد بن محمد ابن أبي بكر الفرعموي(١) (رحمه الله) إجازةً، قال: أنبأنا الإمام سراج الدين محمد بن أبي الفتوح بن محمد اليعقوبي إجازةً(٢) قال: أنبأنا والدي الإمام فخر الدين أبو الفتح (رحمه الله)، قال: أنبأنا الشيخ مجد الدين أبو نصر الفضل بن الحسن بن علي بن حيويه(٣) الطوسي (رحمه الله)، قال: أنبأنا الشيخ الإمام الأجلّ السيد أبو بكر ابن عبد الرحمان بن إسماعيل بن عبد الرحمان الصابوني.

[قال:] وأنبأنا الشيخ الإمام المقرئ أبو جعفر محمد بن عبد الحميد الأبيوردي، قال: أنبأنا الشيخ الإمام شيخ الإسلام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمان الصابوني (نوّر الله قبره)، أنبأنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة (رحمهم

____________________

(١) كذا هاهن، وفي الباب (١٩) في الحديث: (٤٩): (محمد بن محمد بن أبي بكر ابن أبي يزيد الفرعتري الجويني))؟.

ورواه البحراني في الحديث: (٣) من الباب: (٧١) من المقصد (٢) من غاية المرام ص٣٧٠ عن فرائد السمطين الجزء الثاني، وفيه: (الفرعيوني).

(٢) كذا في نسخة طهران الموافق لما يأتي في الحديث: (٤٩) في الباب: (١٩) وفي نسخة السيد علي نقي: (سراج الدين محمد، عن أبي الفتوح).

(٣) كذا في مخطوطة طهران، وفي نسخة السيد علي نقي: (حسونة).

٥٣

الله)، وأبو سعد(٤) محمد بن عبد الله بن حمدان، قال: أنبأنا أبو حامد [أحمد ابن] محمد بن الحسين الحافظ(٥) أنبأنا عبد الله بن عبد الوهاب الخوارزمي، أنبأنا أحمد بن حمّاد المروزي، أنبأنا محبوب بن حميد البصري، وسأله روح بن عبادة عن هذا الحديث.

وأنبأنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن حيدر الواعظ المفسّر - واللفظ له - أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عليّ بن عبد الله الفتلي بـ (نساء) حدّثنا أبي [حدثن] عبد الله ابن عبد الوهاب(٦) أنبأنا أحم بن حماد المروزي، أنبأنا محبوب بن حميد البصري وسأله روح عن هذا الحديث، قال: حدثنا القاسم بن بهرام، عن ليث، عن مجاهد:

عن ابن عبّاس في قوله عزّ وجلّ:( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ) [٦ / الدهر] قال: مرض الحسن والحسين فعادهما جدّهما رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، وعادهما عمومة العرب(٧) فقالوا: يا [أ] با الحسن لو نذرت على ولديك نذراً. فقال عليّ:(إن برءا صمت لله ثلاثة أيام شكراً) وقالت فاطمة كذلك، وقالت جارية لهم نوبيّة يُقال لها فضّة كذلك.

____________________

(٤) كذا في نسخة طهران، وفي نسخة السيد علي نقي: (أبو سعيد).

(٥) كذا في مخطوطة طهران، عدا ما بين المعقوفين فإنّه مأخوذ من رواية الحافظ الحسكاني والثعلبي الآتيتان، وفي نسخة السيد علي نقي: (محمد بن الحسن الحافظ).

(٦) ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق.

وللحديث مصادر كثيرة وأسانيد عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وابن عبّاس.

وقد رواه أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي بطريقين، عن ابن عبّاس، قال:

أخبرني الشيخ أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد الشيباني العدل، أخبرني أبو حامد أحمد بن محمد ابن الحسين الشرقي، حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الخوارزمي ابن عمّ الأحنف بن قيس، حدثني أحمد بن حماد المروزي، حدّثني محمود بن حميد البصري، وسأله عن هذا الحديث روح بن عبادة، حدّثني القاسم بن بهرام، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عبّاس.

وأخبرنا أيضاً عبد الله بن حامد أخبرني أحمد بن عبد الله المزني، حدثني أبو الحسن محمد بن أحمد ابن سهيل بن عليّ بن مهران الباهلي بالبصرة، حدثني أبو مسعود عبد الرحمان بن فهر بن هلال، حدثني القاسم بن يحيى، عن أبي علي المقرئ، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس...

ورواه عنه في الفصل: (١٧) من مناقب الخوارزمي ص١٨٨، ط الغري.

ورواه عنه وعن فرائد السمطين الجزء الثاني في الباب: (٧١) من غاية المرام ص٣٦٨.

ورواه الحافظ الحكساني في الحديث: (١٠٤٢) من شواهد التنزيل: ج٢ ص٢٩٩ بطرق كثيرة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وابن عبّاس.

(٧) كذا في الأصل، ومثله في الحديث: (١٠٤٧) من شواهد التنزيل: ج٢ ص٣٠٣.

وفي الفصل: (١٧) من مناقب الخوارزمي ص١٨٨: (وعادهما عامَّة العرب...).

٥٤

فعافهما الله وليس عند آل محمد قليل ولا كثير!! فانطلق عليٌّ إلى شمعون بن حانا الخيبري(١) - وكان يهودياً - فاستقرض منه ثلاثة أصوع من شعير فوضعه في ناحية البيت فقامت فاطمة إلى صاع منها فطحنته فاختبزته، وصلّى عليّ مع النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) ثمّ أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه فأتاهم مسكين فوقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، مسكين من أولاد المساكين، أطعموني أطعمكم الله على موائد الجنّة. فسمعه عليّ فأنشأ يقول:

فاطم ذات الخير واليقين(٢) = يا بنت خير الناس أجمعين

أما ترين البائس المسكين = قد قام بالباب له حنين(٣)

يشكو إلى الله ويستكين = يشكو إلينا جائع حزين

كل امرئٍ بكسبه رهين

فأجابته فاطمة سلام الله عليها:

أمرك سمع يا ابن عمّ وطاعة = مالي من لؤمٍ ولا وضاعة(٤)

أطعمه ولا أبالي الساعة = أرجو لئن أشبع من مجاعة

أن ألحق الأخيار والجماعة = وأدخل الجنّة ولي شفاعة

قال: فأعطوه الطعام ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا إلاّ الماء.

فلما كان اليوم الثاني قامت فاطمة إلى صاع فطحنته وخبزته، وصلّى عليّ مع النبيّ (عليهما السلام) ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه، فأتاهم يتيم فقال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة يتيم من أولاد المهاجرين استشهد والدي يوم العقبة. فسمعه عليّ فأنشأ يقول:

____________________

(١) كذا في شواهد التنزيل ومناقب الخوارزمي، ولعلّه الصواب، وفي الأصل: (انطلق [عليّ] إلى شمعون ابن حار الخيبري...).

(٢) لعلّ هذا هو الصواب، وفي الأصل: (فاطمة...) وفي مناقب الخوارزمي: (فاطمة ذات المجد واليقين).

وفي شواهد التنزيل: (فاطم ذات الرشد واليقين).

(٣) كذا في نسخة طهران ومثلها في مناقب الخوارزمي، وهذا المصرع غير موجود في نسخة السيّد علي نقي.

وفي شواهد التنزيل:

أما ترين البائس المسكين = جاء إلينا جائع حزين

قد قام بالباب له حنين = يشكو إلى الله ويستكين

كل امرئٍ بكسبه رهين

(٤) كذا في الأصل، وفي شواهد التنزيل: (ما بي لؤم لا ولا ضراعة) وفي مناقب الخوارزمي: (ما بي من لؤم ولا ضراعة).

٥٥

فاطم بنت السيّد الكريم = بنت نبيّ ليس بالذميم

قد جاءنا الله بذا اليتيم = مَن يرحم اليوم فهو رحيم

قد حرَّم الخلد على اللئيم = ينزل في النار إلى الجحيم

قال: فأعطوه الطعام، ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا إلاّ الماء.

فلمّا كان اليوم الثالث قامت فاطمة إلى الصاع الباقي فطحنته وأخبزته، وصلّى عليّ مع النبيّ (عليهما السلام)، ثمّ أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه فأتاهم أسير فوقف [على] الباب، فقال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة(١) تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا؟ أطعموني أطعمكم الله فأنشأ عليّ يقول:

فاطم يا بنت النبيّ أحمد(٢) = بنت نبيّ سيّد مسوّد

هذا أسير للنبيّ المهتد = مثقّل في غلّه مقيّد

يشكو إلينا الجوع قد تمدّد = مَن يطعم اليوم يجده في غد

عند العليّ الواحد الموحّد = ما يزرع الزارع سوف يحصد

فقالت فاطمة:

لم يبق ممّا جئت غير صاع = قد دميت كفي مع الذراع

ابناي والله هما جياع = يا ربّ لا تتركهما ضياع

أبوهما في المكرمات ساع = يصطنع المعروف بالإسراع

عبل الذراعين شديد الباع

قال: فأعطوه الطعام، ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم يذوقوا شيئاً إلاّ الماء.

فلمّا كان اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم؛ أخذ عليّ الحسن بيمناه والحسين بشماله وأقبل نحو رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) وهم [ير] تعشون كالفراخ من شدّة الجوع!! فلمّا بصره النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، قال:(يا أبا الحسن ما أشدّ ما يسوؤني ما أرى بكم، انطلق [بنا] إلى فاطمة . فانطلقوا [إليها] وهي في محرابها قد لصق بطنها بظهرها من شدّة الجوع وغارت عيناها. فلمّا رآها النبي (صلّى الله عليه وسلّم) قال:وا غوثاه، بالله أهل بيت محمد يموتون جوعاً ؛ فنزل جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد، خذها هنّأك الله في أهل بيتك، فقرأ عليه( هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ - إلى قوله: -إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً ) إلى آخر السورة(٣) .

____________________

(١) كذا في الأصل، وفي رواية الخوارزمي: (فوقف بالباب، فقال: السلام عليكم يا آل بيت محمد...).

وفي تذكرة الخواص: (فجاء أسير فوقف على الباب، وقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد أسير =

٥٦

الباب الثاني عشر

فضيلة

تُقصي المحبين من النار وتفضي بهم إلى دار القرار [في أنّ الله تعالى فطم فاطمة ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومحبّيها من النار].

٣٨٤ - أخبرني الشيخ المسند بقيَّة ذوي الأسانيد العالية بالشام: أبو الفضل [أحمد] بن هبة الله بن أحمد بن عساكر الشافعي بسماعي عليه بدمشق، والمشايخ الأخوان مجد الدين أبو الفضل ومحي الدين أبو الخير ابنا الشهاب ابن أبي الثناء الحنفيان، وأمين الدين أبو اليمن عبد الصمد بن عبد الوهاب بن الحسن بن عساكر، وتاج الدين

____________________

= محتاج تأسرونا فلا تطعمونا؟ أطعمونا من فضل ما رزقكم الله).

(٢) كذا في نسخة السيّد علي نقي، وفي نسخة طهران: (فاطمة بنت النبيّ أحمد).

(٣) وقريباً منه رواه أيضاً ابن مردويه من غير ذكر الأبيات، كما رواه عنه الخوارزمي في الفصل: (١٧) من مناقبه ص١٩٢، ط الغري، قال:

أخبرني الشيخ الإمام الحافظ سيّد الحفّاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي، فيما كتب إليّ من همدان، أخبرني الشيخ الإمام عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني إجازةً، أخبرني الشيخ الشريف أبو طالب الفضل بن محمد بن طاهر الجعفري في داره بإصبهان في سكَّة الخوز؛ أخبرني الشيخ الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه ابن فورك الإصبهاني، حدثني محمد بن أحمد بن سالم، حدثني إبراهيم بن أبي طالب النيسابوري، حدثني محمد بن النعان بن شبل، حدثني يحيى بن أبي روق الهمداني، عن أبيه، عن الضحاك، عن ابن عباس...

أقول: ورواه أيضاً عن ابن عباس يمثل ما هاهنا نظماً ونثراً - الشيخ الأكبر في كتاب المسايرات.

كما رواه عنه الشبلنجي في كتاب نور الأبصار، ص١٠٢.

٣٨٤ - ورواه أيضاً ابن المغازلي في الحديث: (٩٢) من مناقبه ص٦٥، قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن غسّان البصري إجازة، أنّ أبا عليّ الحسين بن عليّ بن أحمد بن محمد ابن أبي زيد حدَّثهم، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي، حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن عامر، حدثا عليّ بن موسى الرضا...

ورواه أيضاً الخوارزمي في الفصل: (٥) من مقتله: ج١، ص٥١، عن أبي الحسن عليّ بن أحمد العاصمي، عن إسماعيل بن أحمد البيهقي، عن أبيه أحمد بن الحسين الحافظ [قال]: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب بن المعزّ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله، أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي...

٥٧

عليّ بن أنجب بن عبيد الله الخازن رحمهم الله إجازة بروايتهم عن الشيخ أبي روح عبد المعزّ بن محمد بن أبي الفضل الهروي، والشيخة أُمّ المؤيّد زينب بنت أبي القاسم الشعري الجرجاني.

وأخبرني المشايخ إمام الدين يحيى بن الحسين بن عبد الكريم، وبدر الدين محمد بن عبد الرزاق بن أبي بكر، ونجم الدين عبد الغفّار بن عبد الكريم بن عبد الغفّار، والشيخ علاء الدين محمد بن أبي بكر ابن محمد الطاووسي وأحمد بن محمد ابن محمد بن مذكويه (رحمهم الله) إجازة بروياتهم عن الإمام عزّ الدين عبد الرحمان ابن المعالي الواريني، والشيخ سراج الدين أبي بكر عبد الله بن إبراهيم السجادي(١) القزويني إجازة بروايتهم، عن الإمام أبي القاسم زاهر بن طاهر بن محمد الشحامي إجازة [قال]:(٢) أنبأنا أبو عليّ الحسن بن أحمد السكاكي قال: أنبأنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب - حافد العباس بن حمزة سنة سبع وثلاثين وثلاثمئة -(٣) قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد حافد العباس بن حمزة، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي بالبصرة، حدّثني أبي قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، حدّثني أبي موسى بن جعفر، حدّثني أبي جعفر بن محمد، حدثي أبي محمد بن عليّ، حدّثني أبي علي بن الحسين، حدّثني أبي الحسين بن عليّ، حدّثني أبي عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال:

(قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): إنّما سُمّيت ابنتي فاطمة لأنّ الله فطمها وفطم مَن أحبَّها من النار) (٤) .

____________________

(١) كذا في نسخة طهران هاهن، وفي أوّل الباب: (٣٩) من هذا السمط منه: (الشحاذي).

وفي نسخة السيّد علي نقي هاهن، وفي أول الباب: (٣٩) مع: (السحاوي).

(٢) وهاهنا كرّر في نسخة السيد علي نقي قوله: (بروايتهم عن الإمام أبي القاسم زاهر بن طاهر بن محمد الشحامي إجازة).

(٣) ومن قوله: (حافد العباس - إلى قوله: - ثلاثمئة) غير موجود في نسخة طهران، وإنما هو من نسخة السيد علي نقي.

(٤) وقريب منه رواه في ذخائر العقبى ص٢٠٦، وقال: أخرجه الحافظ الدمشقي، ثمّ قال: وقد رواه الإمام علي بن موسى الرضا [(عليه السلام)] في مسنده.

٥٨

الباب الثالث عشر

[في تبشير النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلّم) ابنته فاطمة (صلوات الله عليها) لمّا أراد أن يوجّهها إلى زوجها عليّ (عليه السلام) فأخذتها رعدة؛ فسلاّها وبشّرها بأنّ الله تعالى هو أمره بتزويجها من عليّ، وأمر الملأ الأعلى بالتزيين والتفريح].

٣٨٥ - أخبرني المشايخ الأخوان: سراج الدين عبد الله، وعلم الدين أحمد: ابنا عبد الرحمان المالكيّان الشرمساحيّان(١) والشيخ عليّ بن محمد بن(٢) أحمد بن حمزة الثعلبي الدمشقي، والشيختان فاطمة بنت عيسى بن الإمام موفّق الدين عبد الله بن قدامة، وشاميّة بنت الحسن بن محمد بن محمد بن محمد بن البكري إجازةً، والشيخ عمر بن عبد المنعم بن عمر بسماعي عليه بمدينة دمشق - في شهور سنة خمس وتسعين وستّمئة - بروايتهم عن القاضي عبد الصمد بن محمد الأنصاري إجازة - سوى عمر بن عبد المنعم فإنّه سمعه يقرأ عليه - قال: أنبأنا عليّ بن مسلم(٣) بن محمد السلمي قراءة عليه وأنا أسمع، قال: أنبأنا أبو نصر الحسين بن محمد بن أحمد بن الحسين قراءة عليه، قال: أنبأنا محمد بن أحمد بن جميع(٤) - قراءةً علينا بصيدا

____________________

=

أقول: ورواه أيضاً السيوطي في باب مناقب أهل البيت (عليهم السلام) من اللآلي المصنوعة: ج١، ص٢٠٨ ط بولاق.

ورواه أيضاً المتّقي الهندي عن الديلمي، عن أبي هريرة قفي كنز العمّال: ج٦ ص٢١٩ ط١.

ورواه أيضاً في كتاب فضائل الخمسة: ج٣ ص١٢٦، ط بيروت.

وأيضاً قد تقدّم قريب منه في الحديث: (٣٧٩) في الباب: (١٠) من هذا السمط في ص٤٧.

(١) كذا في مخطوطة طهران، ولعلَّ الصواب: (السرماحيان) كما تقدّم في الباب: (٢٠) تحت الرقم (٧٧) من ج١، ص١٠٩، ط٢.

(٢) كلمتا: (محمد بن) غير موجودتان في نسخة طهران، وإنّما هما مأخوذتان من نسخة السيد عليه نقي.

(٣) كذا في نسخة السيد علي نقي، وفي مخطوطة طهران: (عليه بن مسكن)؟

(٤) كذا في مخطوطة السيّد علي نقي، وفي نسخة طهران: (أنبأنا محمد بن أحمد بن محمد بن جميع...).

٥٩

في شهور سنة أربع وتسعين وثلاثمئة - قال: أنبأنا أحمد بن سعيد بن عتيب(١) أبو سعيد الفارسي بصور، حدّثنا محمد بن عليّ بن راشد، حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الله [بن مسعود] قال:

لمّا أراد النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) أن يوجّه بفاطمة إلى عليّ (عليه السلام) أخذتها رعدة، فقال [لها النبيّ]:يا بنيّة لا تجزعنّ (٢) إنّي لم أزوّجك من عليّ [إنّ الله أمرني أن أُزوّجك منه] (٣) إنّ الله عزّ وجلّ [لمّا] أمرني أن أزوّجك من عليٍّ أمر الملائكة أن يصطفوا صفوفاً في الجنّة [ثمّ] أمر شجر الجنان أن تحمل الحلي والحلل، ثمّ أمر جبرئيل (عليه السلام) فنصب في الجنّة منبراً ثمّ صعد [عليه] جبرئيل فاختطب، فلمّا أن فرغ نثر عليهم من ذلك، فمَن أخذ أحسن أو أكثر من صاحبه افتخر به إلى يوم القيامة، يكفيك يا بنيّة.

____________________

(١) كذا في مخطوطة طهران، وفي نسخة السيد عليّ نقي: (أحمد بن سعد بن عتيب...).

(٢) كذا في الأصل، ورواه ابن عساكر تحت الرقم: (٣٠٠) من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق: ج١، ص٢٣٥ ط١، وفي ط٢ ص٢٥٦، قال:

أخبرنا أبو الحسن الفرضي وأبو القاسم ابن السمرقندي، قال: أنبأنا أبو نصر ابن طلاب، أنبأنا أبو الحسين ابن جميع، أنبأنا أبو سعيد أحمد بن سعيد بن عنبة الفارسي بصور، أنبأنا محمد بن عليّ بن راشد، أنبأنا عبيد الله بن موسى، أنبأنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال:

لما أراد النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) أن يوجّه بفاطمة إلى عليّ أخذتها رعدة فقال: يا بنيّة لا تجزعي إنّي لم أزوّجك من عليّ، إنّ الله أمرني أن أزوّجك منه، إنّ الله لمّا أمرني...

ثمّ روى قريباً منه بسندين آخرين تحت الرقم: (٣٠١) من الترجمة: ج١، ص٢٣٦ ط١.

وقد رواه قبله الخطيب في ترجمة أحمد بن أبي الأخيل السلفي تحت الرقم: (١٨٠٥) من تاريخ بغداد: ج٤ ص١٢٨.

ورواه قبله أبو نعيم في ترجمة سليمان الأعمش تحت الرقم: (٢٨٨) من حلية الأولياء: ج٥ ص٥٩.

ورواه عنه الخوارزمي في الفصل: (٢٠) من مناقبه ص٢٤٣ ط الغري.

وفي الفصل: الخامس من مقتل الحسين (عليه السلام) ص٦٤ ط١.

ورواه أيضاً عن أبي نعيم السيوطي في كتاب اللآلي المصنوعة: ج١، ص٢٠٧ ط بالاق.

ورواه أيضاً عمر بن الخضر الشهير بملاّ في كتاب وسيلة المتعبّدين: ج٢ الورق /... / ورواه عنه في الحديث: (٦٠) ممّا ورد في شأنه (عليه السلام) من سمط النجوم: ج٢ ص٤٨٨.

ورواه أيضاً الهيثمي في مجمع الزوائد: ج٩ ص٢٠٨.

ورواه قبلهم جميعاً عبد الرزّاق الصنعاني في الحديث: (٩٧٨٧) من المصنّف: ج٥ ص٤٨٦.

(٣) ما بين المعقوفين هاهنا وما بعده - عدا كلمة: (عليه) - مأخوذ من تاريخ دمشق.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

الدِّين وأنت تقيم عليه؟! ستعلمون إذا فارقت أرواحنا أجسادنا مَن أولى بصليّ النّار» (١) .

مسلم بن عوسجة

ثمّ حمل عمرو بن الحَجّاج من نحو الفرات فاقتتلوا ساعة، وفيها قاتل مسلم بن عوسجة، فشدّ عليه مسلم بن عبد الله الضبابي وعبد الله بن خشكارة البجلي، وثارت لشدّة الجلاد غبرة شديدة وما انجلت الغبرة إلاّ ومسلم صريع وبه رمق. فمشى إليه الحسينعليه‌السلام ومعه حبيب بن مظاهر فقال له الحسينعليه‌السلام :«رحمك الله يا مسلم! ( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) (٢) » . ودنا منه حبيب وقال: عزّ عليّ مصرعك يا مسلم، أبشِر بالجنّة. فقال بصوت ضعيف: بشّرك الله بخير. قال حبيب: لَو لَم أعلم أنّي في الأثر لأحببت أنْ توصي إليَّ بما أهمّك. فقال مسلم: اُوصيك بهذا وأشار إلى الحسينعليه‌السلام أنْ تموت دونه. قال: أفعل وربِّ الكعبة. وفاضت روحه بينهما. وصاحت جارية له: وآ مسلماه! يا سيّداه! يابن عوسجتاه! فتنادى أصحاب ابن الحجاج: قتلنا مسلماً.

فقال شبث بن ربعي لمَن حوله: ثكلتكم اُمّهاتكم! أيقتل مثل مسلم وتفرحون! لَربَّ موقف له كريم في المسلمين رأيته يوم آذربيجان، وقد قتل ستة من المشركين قبل تتام خيول المسلمين(٣) .

الميسرة

وحمل الشمر في جماعة من أصحابه على ميسرة الحسينعليه‌السلام فثبتوا لهم حتّى كشفوهم، وفيها قاتل عبد الله بن عمير الكلبي فقتل تسعة عشر فارساً واثني عشر راجلاً، وشدّ عليه هاني بن ثبيت الحضرمي فقطع يده اليمنى(٤) ، وقطع بكر بن حي ساقه.

____________________________

(١) البداية لابن كثير ٨ / ١٨٢.

(٢) سورة الأحزاب / ٢٣.

(٣) تاريخ الطبري ٦ / ٢٤٩.

(٤) مناقب ابن شهر آشوب ٢ / ٢١٧.

٢٤١

فاُخذ أسيراً وقُتل صبراً(١) ، فمشت إليه زوجته اُمّ وهب وجلست عند رأسه تمسح الدم عنه وتقول: هنيئاً لك الجنّة أسأل الله الذي رزقك الجنّة أنْ يصحبني معك. فقال الشمر لغلامه رستم: اضرب رأسها بالعمود، فشدخه وماتت مكانها، وهي أول امرأة قُتلت من أصحاب الحسين عليه‌السلام (٢) .

وقطع رأسه ورمى به إلى جهة الحسين فأخذته اُمّه ومسحت الدم عنه، ثمّ أخذت عمود خيمة وبرزت إلى الأعداء فردّها الحسينعليه‌السلام وقال:«ارجعي رحمك الله فقد وضِع عنك الجهاد». فرجعت وهي تقول: اللهمّ، لا تقطع رجائي. فقال الحسينعليه‌السلام :«لا يقطع الله رجاءك» (٣) .

وحمل الشمر حتّى طعن فسطاط الحسينعليه‌السلام بالرمح وقال: عليَّ بالنّار لاُحرقه على أهله. فتصايحت النّساء وخرجن من الفسطاط، وناداه الحسينعليه‌السلام :«يابن ذي الجوشن، أنت تدعو بالنّار لتحرق بيتي على أهلي؟! أحرقك الله بالنّار». وقال له شبث بن ربعي: أمرعباً للنّساء صرت؟ ما رأيت مقالاً أسوأ من مقالك، وموقفاً أقبح من موقفك. فاستحى وانصرف. وحمل على جماعته زهير بن القين في عشرة من أصحابه حتّى كشفوهم عن البيوت(٤) .

عزرة يستمد الرجال

ولمّا رأى عزرة بن قيس - وهو على الخيل - الوهن في أصحابه والفشل كلّما يحملون، بعث إلى عمر بن سعد يستمدّه الرجال، فقال ابن سعد لشبث بن ربعي: ألا تقدم إليهم؟ قال: يا سبحان الله! تكلّف شيخ المصر، وعندك مَن يجزي عنه. ولَم يزل شبث بن ربعي كارهاً لقتال الحسين، وقد سُمع يقول: قاتلنا مع علي بن

____________________________

(١) حكى هذا ابن الأثير، وفي مقتل الخوارزمي ٢ / ١٣: إنّ شماله قُطعت بعد أن قُطعت يمينه.

(٢) تاريخ الطبري ٦ / ٢٥١، وفي مسند أحمد ٢ / ١٠٠، الطبعة الاُولى عن أبي عمر: مرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في غزاة غزاها بامرأة مقتولة، فنهى عن قتل النّساء والصبيان.

(٣) تظلّم الزهراءعليها‌السلام / ١١٣.

(٤) تاريخ الطبري ٦ / ٢٥١، واختصره الخوارزمي في المقتل ٢ / ١٦.

٢٤٢

أبي طالب ومع ابنه من بعده آل أبي سفيان خمس سنين، ثمّ عدونا على ولده وهو خير أهل الأرض نقاتله مع آل معاوية وابن سميّة الزانية، ضلال يا لك من ضلال! والله لا يعطي الله أهل هذا المصر خيراً أبداً، ولا يسدّدهم لرشد(١) .

فمدّه بالحصين بن نُمير في خمسمئة من الرماة، واشتدّ القتال، وأكثر أصحاب الحسينعليه‌السلام فيهم الجراح حتّى عقروا خيولهم وأرجلوهم(٢) ، ولَم يقدروا أنْ يأتوهم من وجه واحد؛ لتقارب أبنيتهم. فأرسل ابن سعد الرجال ليقوضوها عن أيمانهم وعن شمائلهم؛ ليحيطوا بهم. فأخذ الثلاثة والأربعة من أصحاب الحسينعليه‌السلام يتخلّلون البيوت فيشدّون على الرجل وهو ينهب فيقتلونه ويرمونه من قريب فيعقرونه.

فقال ابن سعد: احرقوها بالنّار فأضرموا فيها النّار. فصاحت النّساء ودُهشت الأطفال، فقال الحسينعليه‌السلام :«دعوهم يحرقونها، فإنّهم إذا فعلوا ذلك لَم يجوزوا إليكم». فكان كما قال(٣) .

أبو الشعثاء

وكان أبو الشعثاء الكندي - وهو يزيد بن زياد - مع ابن سعد، فلمّا ردّوا الشروط على الحسينعليه‌السلام صار معه، وكان رامياً فجثا على ركبتَيه بين يدَي الحسين ورمى بمئة سهم و الحسينعليه‌السلام يقول:«اللهمّ سدّد رميته، واجعل ثوابه الجنّة». فلمّا نفدت سهامه قام وهو يقول: لقد تبيّن لي أنّي قتلت منهم خمسة(٥) . ثمّ حمل على القوم فقتل تسعة نفر وقُتل(٤) .

الزوال

والتفت أبو ثمامة الصائدي(٦) إلى الشمس قد زالت، فقال للحسينعليه‌السلام : نفسي

____________________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٥١.

(٢) إعلام الورى / ١٤٥، وابن الأثير ٤ / ٢٨.

(٣) ابن الأثير ٤ / ٢٨، ومقتل الخوارزمي ٢ / ١٦.

(٤) تاريخ الطبري ٦ / ٢٥٥.

(٥) أمالي الصدوق / ١٧ المجلس الثلاثون، وفي ذخيرة الدارين: قتل تسعة عشر رجلاً.

(٦) في جمهرة أنساب العرب لابن حزم / ٣٧٣، والإكليل للهمداني ١٠ / ٩٧: أبو ثمامة: هو زياد بن عمرو بن عريب بن حنظلة بن دارم الصائدي، قُتل مع الحسين.

وفي تاريخ الطبري ٦ / ١٥١، وزيارة النّاحية المقدسة أبو ثمامة عمرو بن عبد الله الصائدي.

وفي اللباب لابن الأثير ٢ / ٤٦: الصائدي: نسبةً إلى صائد، بطن من همدان، واسم صايد كعب بن شرحبيل... الخ.

٢٤٣

لك الفداء، إنّي أرى هؤلاء قد اقتربوا منك، لا و الله لا تُقتل حتّى اُقتل دونك، و اُحبّ أنْ ألقى الله وقد صلّيت هذه الصلاة التي دنا وقتها. فرفع الحسينعليه‌السلام رأسه إلى السّماء وقال:«ذكرت الصلاة، جعلك الله من المصلّين الذاكرين، نعم هذا أول وقتها، سلوهم أنْ يكفّوا عنّا حتّى نصلّي». فقال الحصين: إنّها لا تُقبل(١) .

حبيب بن مظاهر

فقال حبيب بن مظاهر: زعمت أنّها لا تُقبل من آل الرسول وتُقبل منك يا حمار؟! فحمل عليه الحصين فضرب حبيبُ وجه فرسه بالسّيف، فشبّت به ووقع عنه واستنقذه أصحابه فحملوه(٢) ، وقاتلهم حبيب قتالاً شديداً، فقتل على كبره اثنين وستّين رجلاً، وحمل عليه بديل بن صريم فضربه بسيفه، وطعنه آخر من تميم برمحه فسقط إلى الأرض، فذهب ليقوم وإذا الحصين يضربه بالسّيف على رأسه فسقط لوجهه، ونزل إليه التميمي واحتزّ رأسه فهدّ مقتلُه الحسينعليه‌السلام فقال:«عند الله احتسب نفسي وحماة أصحابي» (٣) ، واسترجع كثيراً.

الحرّ الرياحي

وخرج من بعده الحرّ بن يزيد الرياحي ومعه زهير بن القين - يحمي ظهره - فكان إذا شدّ أحدهما واستلحم شدّ الآخر واستنقذه، ففعلا ساعة(٤) وإنّ فرس الحرّ لمضروب على اُذنَيه وحاجبَيه و الدماء تسيل منه، وهو يتمثّل بقول عنترة:

____________________________

(١) في الوسائل ١ / ٢٤٧، الباب الواحد والأربعون، في مواقيت الصلاة، طبعة عين الدولة: كان أمير المؤمنينعليه‌السلام مشتغلاً بالحرب ويراقب وقت الصلاة، فقال له ابن عبّاس ما هذا الفعل يا أمير المؤمنين قال:«اُراقب الشمس» . فقال له: إنّ عندنا لشغلاً بالقتال عن الصلاة. فقالعليه‌السلام :«إنّما قاتلناهم على الصلاة». ولَم يترك صلاة الليل حتّى ليلة الهرير.

(٢) مقتل الحسين للخوارزمي ٢ / ١٧.

(٣) ابن الأثير ٤ / ٢٩، وتاريخ الطبري ٦ / ٢٥١، وفي مقتل الحسين للخوارزمي ٢ / ١٩: قطع التميمي رأس حبيب، ويقال بديل بن صريم، وعلّق الرأس في عنق الفرس، فلمّا دخل الكوفة رآه ابن حبيب ابن مظاهر - وهو غلام غير مراهق - فوثب عليه وقتله وأخذ رأسه.

(٤) تاريخ الطبري ٦ / ٢٥٢، والبداية ٨ / ١٨٣.

٢٤٤

ما زلت ارميهم بثغرة نحره

ولبانه حتّى تسربل بالدم

فقال الحصين ليزيد بن سفيان: هذا الحرّ الذي كنت تتمنى قتله؟ قال: نعم. وخرج إليه يطلب المبارزة فما أسرع أنْ قتله الحرّ، ثمّ رمى أيّوب بن مشرح الخيواني فرس الحرّ بسهم فعقره، وشبّ به الفرس فوثب عنه كأنّه ليث(١) وبيده السّيف، وجعل يقاتل راجلاً حتّى قتل نيفاً وأربعين(٢) ، ثمّ شدّت عليه الرجّالة فصرعته. وحمله أصحاب الحسينعليه‌السلام ووضعوه أمام الفسطاط الذي يقاتلون دونه - وهكذا يؤتى بكلّ قتيل إلى هذا الفسطاط - و الحسينعليه‌السلام يقول:«قتلة مثل قتلة النبيين وآل النبيّين» (٣) ثمّ التفت إلى الحرّ - وكان به رمق - فقال له، وهو يمسح الدم عنه:«أنت الحرّ كما سمّتك اُمّك، وأنت الحرّ في الدنيا والآخرة» . ورثاه رجل من أصحاب الحسين، وقيل: علي بن الحسين(٤) وقيل: إنّها من إنشاء الحسين خاصّة(٥)

لَـنعم الحرُّ حرُ بني رياح

صبور عند مشتبك الرماح

ونعم الحرُّ إذ فادى حسيناً

وجاد بنفسه عند الصباح

الصلاة

وقام الحسين إلى الصلاة، فقيل إنّه صلّى بمَن بقي من أصحابه صلاة الخَوف، وتقدّم أمامه زهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفي في نصف من أصحابه(٦) ، ويقال إنّه صلّى، وأصحابه فرادى بالإيماء(٧) :

____________________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٤٨ - ٢٥٠.

(٢) مناقب ابن شهر آشوب ٢ / ٢١٧، طبعة ايران.

(٣) هذا في تظلّم الزهراءعليها‌السلام / ١١٨، والبحار ١٠ / ١١٧، و١٣ / ١٣٥، عن الغيبة للنعماني / ١١٣، الطبع الحجرية، باب ما يلحق الشيعة من التمحيص.

وفي تاريخ الطبري ٦ / ٢٥٦، وابن الأثير ٤ / ٣٠، وإرشاد المفيد: إنّه وضع فسطاطاً في الميدان. ولَم يذكروا كلمة الحسينعليه‌السلام المعربة عن قداسة الموقف.

(٤) مقتل العوالم / ٨٥، ومقتل الخوارزمي ٢ / ١١.

(٥) روضة الواعظين / ١٦٠، وأمالي الصدوق / ٩٧، المجلس الثلاثون.

(٦) مقتل العوالم / ٨٨، ومقتل الخوارزمي ٢ / ١٧: والذي أراه صلاة الحسين كانت قصراً؛ لأنّه نزل كربلاء في الثاني من المحرم، ومن أخبار جدّه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مضافاً إلى علمه بأنّه يُقتل يوم عاشوراء لَم يستطع أن ينوي الإقامة إذا لَم تكمل له عشرة أيّام وتخيّل مَن لا معرفة له بذلك أنّه صلّى صلاة الخوف.

(٧) مثير الأحزان لابن نما / ٤٤.

٢٤٥

وصـلاة الخوف حاشاها فما

روعت والموت منها كان قابا

مـا لواها الموقف الدّامي وما

صدَّها الجيش ابتعاداً واقترابا

زحـفت ظامئة والشمس من

حَـرَّها تلتهب الأرض التهابا

هزَّت الجيش وقد ضاقت به

عرصة الطَّف سهولا وهضابا

سـائل الـميدان عنها سترى

كـيف أرضته طعاناً وضرابا

كـيف حـامت حرم الله فما

خـدشت عزّاً ولا ولّت جنابا

كـيف دون الله راحت تَدّري

بـهواديها سـهاماً وكعابا(١)

ولما اُثخن سعيد بالجراح سقط إلى الأرض وهو يقول: اللهمّ العنهم لعن عاد وثمود وابلغ نبيّك منّي السّلام وابلغه ما لقيت من ألم الجراح، فإنّي أردت بذلك ثوابك في نصرة ذريّة نبيّكصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) ، والتفت إلى الحسينعليه‌السلام قائلاً: أوفيت يابن رسول الله؟ قال:«نعم، أنت أمامي في الجنّة» (٣) ، وقضى نحبه فوُجد فيه ثلاثة عشر سهماً غير الضرب والطعن(٤) .

ولمّا فرغ الحسينعليه‌السلام من الصلاة قال لأصحابه:«يا كرام، هذه الجنّة قد فتحت أبوابها، واتصلت أنهارها، وأينعت ثمارها، وهذا رسول الله والشهداء الذين قُتلوا في سبيل الله يتوقّعون قدومَكم ويتباشرون بكم، فحاموا عن دين الله ودين نبيِّه، وذبّوا عن حرم الرسول». فقالوا: نفوسنا لنفسك الفداء، ودماؤنا لدمك الوقاء فوالله لا يصل إليك وإلى حرمك سوء وفينا عرق يضرب(٥) .

الخيل تعقر

ثمّ إنّ عمر بن سعد وجّه عمرو بن سعيد في جماعة من الرماة فرموا أصحاب الحسين وعقروا خيولهم(٦) ولَم يبقَ مع الحسين فارس إلاّ الضحّاك بن

____________________________

(١) للعلامة السيّد محمّد ابن آية الله السيّد جمال الكلبايكاني.

(٢) مقتل العوالم / ٨٨.

(٣) ذخيرة الدارين / ١٧٨.

(٤) اللهوف / ٦٢.

(٥) أسرار الشهادة / ١٧٥.

(٦) مثير الأحزان لابن نما / ٣٤.

٢٤٦

عبد الله المشرقي يقول: لمّا رأيت خيل أصحابنا تُعقر أقبلتُ بفرسي وأدخلتها فسطاطاً لأصحابنا. واقتتلوا أشدّ القتال(١) . وكان كلّ مَن أراد الخروج ودّع الحسينعليه‌السلام بقوله: السّلام عليك يابن رسول الله. فيُجيبه الحسينعليه‌السلام :«وعليك السّلام، ونحن خلفك» ، ثمّ يقرأ( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) (٢) .

أبو ثمامة

وخرج أبو ثمامة الصائدي فقاتل حتّى اُثخن بالجراح، وكان مع عمر بن سعد ابن عمّ له، يقال له قيس بن عبد الله بينهما عداوة، فشدّ عليه وقتله.

زهير وابن مضارب

وخرج سلمان بن مضارب البجلي - وكان ابن عمّ زهير بن القين - فقاتل حتّى قُتل. وخرج بعده زهير بن القين فوضع يده على منكب الحسين وقال مستأذناً:

أقـدم هديت هادياً مهديّاً

فـاليوم القى جَدَّك النبيّا

وحـسناً والمرتضى عليّاً

وذا الجناحين الفتى الكميّا

وأسد الله الشهيد الحي

فقال الحسينعليه‌السلام :«وأنا ألقاهما على أثرك». وفي حملاته يقول:

أنا زهير وأنا ابن القين

أذودكم بالسّيف عن حسين

فقتل مئة وعشرين، ثمّ عطف عليه كثير بن عبد الله الصعبي والمهاجر بن أوس فقتلاه. فوقف الحسينعليه‌السلام وقال:«لا يبعدنّك الله يا زهير، ولعن قاتليك لعن الذين مُسخوا قردةً وخنازير» (٣) .

____________________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٥٥.

(٢) مقتل العوالم / ٨٥، ومقتل الخوارزمي ٢ / ٢٥.

(٣) تاريخ الطبري ٦ / ٢٥٣، ومقتل الخوارزمي ٢ / ٢٠.

٢٤٧

عمرو بن قرظة

وجاء عمرو بن قرظة الأنصاري(١) ووقف أمام الحسينعليه‌السلام يقيه من العدو ويتلقّى السّهام بصدره وجبهته فلم يصل إلى الحسينعليه‌السلام سوء، ولمّا كثر فيه الجراح التفت إلى أبي عبد الله وقال: أوفيت يابن رسول الله؟ قال:«نعم، أنت أمامي في الجنّة، فاقرأ رسول الله منّي السّلام، وأعلِمه أنّي في الأثر». وخرَّ ميّتاً(٢) .

فنادى أخوه علي وكان مع ابن سعد: يا حسين، يا كذّاب، غررت أخي حتّى قتلته؟ فقالعليه‌السلام :«إنّي لَم أغر أخاك، ولكنّ الله هداه وأضلّك» . فقال: قتلني الله إنْ لَم أقتلك. ثمّ حمل على الحسين ليطعنه، فاعترضه نافع بن هلال الجملي فطعنه حتّى صرعه، فحمله أصحابه وعالجوه وبرئ(٣) .

نافع الجملي

ورمى نافع بن هلال الجملي المذحجي بنبال مسمومة، كتب اسمه عليها(٤) وهو يقول(٥) .

أرمـي بها معلمة أفواقها

مسمومة تجري بها اخفاقها

لـيملأنَّ ارضـها رشاقها

والـنفس لا ينفعها اشفاقها

فقتل اثنى عشر رجلاً سوى من جرح، ولمّا فنيت نباله جرّد سيفه يضرب فيهم، فأحاطوا به يرمونه بالحجارة والنصال حتّى كسروا عضديه وأخذوه أسيراً(٦)

____________________________

(١) في جمهرة أنساب العرب لابن حزم / ٣٤٥: من ولد عمرو بن عامر بن زيد مناة بن مالك الأغر، وهو الشاعر المعروف بابن الاطنابة قرظة بن كعب بن عمرو الشاعر، له صحبة. كان لقرظة بن عمرو ابنان؛ عمرو قُتل مع الحسينعليه‌السلام ، وآخر مع ابن سعد ولَم يسمّه.

(٢) مقتل العوالم / ٨٨.

(٣) ابن الأثير ٤ / ٢٧.

(٤) تاريخ الطبري ٦ / ٢٥٢، وكامل ابن الأثير ٤ / ٢٩، والبداية ٨ / ١٨٤.

(٥) مقتل العوالم / ٩٠، وذكر ابن كثير في البداية ٨ / ١٨٤: الشطر الأول والرابع، ومثله في رواية الصدوق في الأمالي، وسمّاه هلال بن حَجّاج.

(٦) مقتل الخوارزمي ٢ / ٢١.

٢٤٨

فأمسكه الشمر ومعه أصحابه يسوقونه، فقال له ابن سعد: ما حملك على ما صنعت بنفسك؟ قال: إنّ ربّي يعلم ما أردتُ. فقال له رجل وقد نظر إلى الدماء تسيل على وجهه ولحيته: أما ترى ما بك؟ فقال: والله لقد قَتلتُ منكم اثني عشر رجلاً سوى مَن جرحت، وما ألوم نفسي على الجهد، ولَو بقيت لي عضد ما أسرتموني(١) . وجرّد الشمر سيفه فقال له نافع: والله يا شمر لَو كنتَ من المسلمين لعظم عليك أنْ تلقى الله بدمائنا، فالحمد لله الذي جعل منايانا على يدَي شرار خلقه. ثمّ قدّمه الشمر وضرب عنقه(٢) .

واضح وأسلم

ولما صُرع واضح التركي مولى الحرث المذحجي استغاث بالحسينعليه‌السلام ، فأتاه أبو عبد الله واعتنقه، فقال: مَن مثلي وابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله واضع خدّه على خدّي! ثم فاضت نفسه الطاهرة(٣) .

ومشى الحسين إلى أسلم مولاه، واعتنقه وكان به رمق فتبسّم وافتخر بذلك ومات(٤) !

برير بن خضير

ونادى يزيد بن معقل(٥) : يا برير كيف ترى صنع الله بك؟ فقال: صنع الله بي خيراً، وصنع بك شرّاً. فقال يزيد: كذبت وقبل اليوم ما كنت كذّابا، أتذكر يوم كنت اُماشيك في بني لوذان(٦) وأنت تقول: كان معاوية ضالاً وإنّ إمام

____________________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٥٣.

(٢) البداية لابن كثير ٨ / ٨٤، وتاريخ الطبري ٦ / ٢٥٣.

(٣) مقتل العوالم / ٩١، وأبصار العين / ٨٥. وفي مقتل الحسين للخوارزمي ٢ / ٢٤: كان الغلام التركي من موالي الحسينعليه‌السلام ، قارئاً للقرآن، عارفاً بالعربية، وقد وضع الحسينعليه‌السلام خدّه على خدّه حين صُرع فتبسّم.

(٤) ذخيرة الدارين / ٣٦٦.

(٥) في تاريخ الطبري ٦ / ٢٤٧: إنّه من بني عمير بن ربيعة وهو حليف لبني سليمة ابن بني عبد القيس.

(٦) في تاج العروس بمادة (لوذ)، لوذان بن عبد ودّ بن الحرث بن زيد بن جشم بن حاشد.

٢٤٩

الهدى علي بن أبي طالب؟ قال برير: بلى، أشهد إنّ هذا رأيي. فقال يزيد: وأنا أشهد إنّك من الضالّين. فدعاه برير إلى المباهلة فرفعا أيديهما إلى الله سبحانه يدعوانه أن يلعن الكاذب ويقتله، ثمّ تضاربا فضربه برير على رأسه قدّت المغفر والدماغ، فخرّ كأنّما هوى من شاهق، وسيف برير ثابت في رأسه. وبينا هو يريد أنْ يخرجه إذ حمل عليه رضي بن منقذ العبدي واعتنق بريراً واعتركا فصرعه برير وجلس على صدره، فاستغاث رضي بأصحابه، فذهب كعب بن جابر بن عمرو الأزدي ليحمل على برير، فصاح به عفيف بن زهير بن أبي الأخنس: هذا برير بن خضير القارئ الذي كان يقرؤنا القرآن في جامع الكوفة، فلَم يلتفت إليه وطعن بريراً في ظهره، فبرك برير على رضي وعض وجهه وقطع طرف أنفه، وألقاه كعب برمحه عنه وضربه بسيفه فقتله.

وقام العبدي ينفض التراب عن قبائه وقال: لقد أنعمت عليَّ يا أخا الأزد نعمة لا أنساها أبداً.

ولمّا رجع كعب بن جابر إلى أهله عتبت عليه امرأته النوار وقالت: أعنت على ابن فاطمة وقتلت سيّد القرّاء، لقد أتيت عظيماً من الأمر، والله لا اُكلّمك من رأسي كلمة أبداً. فقال:

سـلي تـخبري عنّي وانت ذميمة

غـداة حـسين والـرماح شوارع

ألم آت اقصى ما كرهت ولم يخل

عـليَّ غـداة الـروع ما أنا صانع

مـعي يـزني لـم تـخنه كعوبُه

وأبـيضُ مخشوب الغرارين قاطع

فـجردته فـي عصبة ليس دينهم

بـديني و إنـي بابن حرب لقانع

ولـم تـرَ عيني مثلهم في زمانهم

ولا قـبلهم فـي النّاس إذ أنا يافع

أشـدّ قراعا بالسيوف لدى الوغى

ألا كـل مـن يحمي الذمار مقارع

وقد صبروا للضرب والطعن حُسّراً

وقـد نـازلوا لـو أنَّ ذلـك نافع

فـأبـلغ عـبـيد الله أمـا لـقيته

بـأنّـي مـطيع لـلخليفة سـامع

قـتلت بـريراً ثـم حـملت نعمة

ابـا مـنقذ لـما دعـا من يماصع

فردّ عليه رضي بن منقذ العبدي بقوله:

ولـو شـاء ربي ما شهدت قتالهم

ولا جـعل النعماء عندي ابن جابر

لـقد كـان ذاك الـيوم عاراً وسبَّة

تـعـيره الابـناء بـعد الـمعاشر

٢٥٠

فـيا لـيت إنّي كنت من قبل قَتْلِه

ويوم حسين كنت في رمس قابر(١)

حنظلة الشبامي

ونادى حنظلة بن سعد الشبامي: يا قوم، إنّي أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم، وما الله يريد ظلماً للعباد. يا قوم، إنّي أخاف عليكم يوم التناد يوم تولّون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد. يا قوم، لا تقتلوا حسيناً فيسحتكم الله بعذاب وقد خاب من افترى. فجزاه الحسينعليه‌السلام خيراً وقال:«رحمك الله إنهم قد استوجبوا العذاب حين ردّوا عليك ما دعوتهم إليه من الحق، و نهضوا إليك ليستبيحوك وأصحابك، فكيف بهم الآن وقد قتلوا إخوانك الصالحين». قال: صدقت يابن رسول الله أفلا نروح إلى الآخرة؟ فأذن له، فسلّم على الحسينعليه‌السلام وتقدّم حتّى قُتل(٢) .

عابس

وأقبل عابس بن شبيب الشاكري على شَوذب(٣) مولى شاكر - وكان شَوذب من الرجال المخلصين وداره مألف للشيعة يتحدثون فيها فضل أهل البيت - فقال: يا شَوذب، ما في نفسك أنْ تصنع؟ قال: اُقاتل معك حتّى اُقتل. فجزاه خيراً وقال له: تقدّم بين يدَي أبي عبد اللهعليه‌السلام حتّى يحتسبك كما احتسب غيرك وحتّى أحتسبك فإنّ هذا يوم نطلب فيه الأجر بكلّ ما نقدر عليه. فسلّم شَوذب على الحسين، وقاتل حتّى قُتل.

فوقف عابس أمام أبي عبد اللهعليه‌السلام وقال: ما أمسى على ظهر الأرض

____________________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٤٨.

(٢) تاريخ الطبري ٦ / ٢٥٤.

(٣) في إعلام الورى / ١٤٥: سمّاه شودان، وفي ارشاد المفيد كما هنا.

٢٥١

قريب و لا بعيد أعزّ عليَّ منك، ولَو قدرت أنْ أدفع الضيم عنك بشيء أعزّ عليَّ من نفسي لفعلت، السّلام عليك، أشهد أنّي على هداك و هدى أبيك. ومشى نحو القوم مصلتاً سيفه و به ضربة على جبينه فنادى: ألا رجل؟ فأحجموا عنه؛ لأنّهم عرفوه أشجع النّاس. فصاح عمر بن سعد: أرضخوه بالحجارة. فرُمي بها، فلمّا رأى ذلك ألقى درعه ومغفره وشدّ على النّاس وإنّه ليطرد أكثر من مئتين، ثمّ تعطّفوا عليه من كلّ جانب فقُتل. فتنازع ذووا عدة في رأسه، فقال ابن سعد: هذا لَم يقتله واحد. وفرّق بينهم بذلك(١) .

جون

ووقف جون(٢) مولى أبي ذرّ الغفاري أمام الحسين يستأذنه فقالعليه‌السلام :«يا جون إنّما تبعتنا طلباً للعافية، فأنت في إذن منّي» . فوقع على قدميه يقبّلهما ويقول: أنا في الرخاء ألحس قصاعكم، وفي الشدّة أخذلكم، إنّ ريحي لنتن، وحسبي للئيم، ولوني لأسود، فتنفّس عليَّ بالجنّة؛ ليطيب ريحي ويشرف حسبي ويبيّض لوني، لا والله لا اُفارقكم حتّى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم. فأذن له الحسين(٣) ، فقَتل خمساً وعشرين وقُتل. فوقف عليه الحسينعليه‌السلام وقال:«اللهمّ بيِّض وجهه وطيِّب ريحه، واحشره مع محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعرِّف بينه وبين آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله » .

فكان مَن يمرّ بالمعركة يشمّ منه رائحةً طيّبة أذكى من المسك(٤) .

أنس الكاهلي

وكان أنس بن الحارث بن نبيه الكاهلي شيخاًً كبيراً صحابياً، رأى النبي

____________________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٥٤.

(٢) في تاريخ الطبري ٦ / ٢٣٩: بالحاء المهملة وبعدها واو ثمّ الياء (حوى). وفي مناقب ابن شهر آشوب ٢ / ٢١٨: برز جوين ابن أبي مالك مولى أبي ذر الغفاري، وفي مقتل الحسين للخوارزمي ١ / ٢٣٧: جون مولى أبي ذر الغفاري، وكان عبداً أسود.

(٣) مثير الأحزان لابن نما / ٣٣، طبعة ايران. وفي اللهوف / ٦١ طبعة صيدا: أفتنفس بالجنّة أترغب أن لا أدخل الجنة؟

(٤) مقتل العوالم / ٨٨.

٢٥٢

وسمع حديثه وشهد معه بدراً وحنيناً، فاستأذن الحسينعليه‌السلام وبرز شاداً وسطه بالعمامة رافعاً حاجبيه بالعصابة، ولمّا نظر إليه الحسينعليه‌السلام بهذه الهيئة بكى وقال:«شكر الله لك يا شيخ» . فقَتل على كبره ثمانية عشر رجلاً وقُتل(١) .

عمرو بن جنادة

وجاء عمرو بن جنادة الأنصاري بعد أنْ قُتل أبوه - وهو ابن إحدى عشرة سنة - يستأذن الحسينعليه‌السلام فأبى وقال: «هذا غلام قُتل أبوه في الحملة الاُولى، ولعلّ اُمّه تكره ذلك». قال الغلام: إنّ اُمّي أمرتني. فأذن له فما أسرع أنْ قُتل ورُمي برأسه إلى جهة الحسينعليه‌السلام فأخذته اُمّه ومسحت الدم عنه، وضربت به رجلاً قريباً منها فمات(٢) وعادت إلى المخيّم فأخذت عموداً وقيل سيفاً وأنشأت:

إنّي عجوز في النّسا ضعيفة

خـاويـة بـالـية نـحيفة

أضـربكم بـضربة عنيفة

دون بـني فاطمة الشريفة

فردّها الحسينعليه‌السلام إلى الخيمة بعد أن أصابت بالعمود رجلَين(٣) .

الحَجّاج الجعفي

وقاتل الحجاج بن مسروق الجعفي حتّى خضب بالدماء، فرجع إلى الحسينعليه‌السلام يقول:

____________________________

(١) ذخيرة الدارين / ٢٠٨. وذكر ابن نما في مثير الأحزان مبارزته ورجزه، وفي الإصابة ١ / ٦٨: له ولأبيه صحبة، وروى عنه حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :«يُقتل ولدي بأرض كربلاء، فمن شهد ذلك فلينصره» . وذكره السيوطي في الخصائص ٢ / ١٢٥، والجزري في اُسد الغابة ١ / ١٢٣، وأبو حاتم الرازي في الجرح والتعديل ١ / ٢٨٧.

(٢) ابن شهر آشوب ٣ / ٢١٩، ومقتل الخوارزمي ٢ / ٢٢: وليس هذا بالبعيد بعد ما يحدث الشيخ المفيد في كتاب الجمل / ١٣٧ الطبعة الثانية: إنّ حكيم بن جبلة العبدي لمّا قطعت رجله ضرب بها الرجل فصرعه. وفي تاريخ الطبري ٥ /١٨٠ وكامل ابن الأثير ٣ / ٣٥: بعد أن قتل الرجل قال:

يا فخذ لن تراعي

إن معي ذراعي

أحمي بها كراعي

وقال ابن الأثير في الكامل ٢ / ١٤٠: قطع رجل من أصحاب مسيلمة رجل ثابت بن قيس فأخذها ثابت وضرب بها الرجل فقتله.

(٣) البحار ١٠ / ١٩٨، ومقتل الخوارزمي ٢ / ٢٢. وفي الإصابة ترجمة أسماء بنت يزيد بن السكن أنّها يوم اليرموك أصابت بالعمود تسعة من الروم فقتلتهم.

٢٥٣

اليوم ألقى جدّك النبيّا

ثم أباك ذا النّدى عليا

ذاك الذي نعرفه الوصيّا

فقال الحسين:«وأنا ألقاهما على أثرك» . فرجع يقاتل حتّى قُتل(١) .

سوار

وقاتل سوار بن أبي حِمير من ولد فهم بن جابر بن عبد الله بن قادم الفهمي الهمداني قتالاً شديداً حتّى ارتث بالجراح(٢) واُخذ أسيراً، فأراد ابن سعد قتله وتشفّع فيه قومه، وبقي عندهم جريحاً إلى أنْ توفّي على رأس ستّة أشهر(٣) .

وفي زيارة النّاحية المقدّسة:«السّلام على الجريح المأسور، سوار بن أبي حمير الفهمي الهمداني، وعلى المرتث معه عمر بن عبد الله الجندعي».

سويد

ولمّا اُثخن بالجراح سويد بن عمرو بن أبي المطاع سقط لوجهه، وظُنَّ أنّه قُتل، فلمّا قُتل الحسينعليه‌السلام وسمعهم يقولون: قُتل الحسين. أخرج سكّينةً كانت معه فقاتل بها، وتعطفوا عليه فقتلوه، وكان آخر مَن قُتل من الأصحاب بعد الحسينعليه‌السلام .

هم عصمة اللاجي إذا هو يختشي

وهـم ديمة الراجي اذا هو يجتدي

إذا ما خبت نار الوغى شعشعوا لها

سـيوفهم جـمرا وقـالوا توقَّدي

ثـقال الـخطا لكنَّ يخفون للوغى

سـراعا بخرصان الوشيج المسدّد

إذا أشـرعوا سمر الرماح حسبتها

كـواكب فـي ليل من النقع أسود

أو اصطدمت تحت العجاج كتائب

جـرى أصـيد منهم لها اثر أصيد

يـكرُّون والابطال طائشة الخطى

وشـخص المنايا بالعجاجة مرتدي

____________________________

(١) البحار ١٠ / ١٩٨، عن مقتل الحائري.

(٢) الاكليل للهمداني ١٠ / ١٠٣. والرتيث: من حمل من المعركة جريحاً وبه رمق.

(٣) الحدائق الوردية - مخطوط - ويوافقه ما في الاكليل أنّه مات من جراحه غير أنّه لم يذكر أسره.

٢٥٤

لـووا جـانباً عن مورد الضّيم فانثنوا

عـلى الأرض صرعى سيّداً بعد سيّد

هـووا لـلثرى نهب السّيوف جسومهم

عــوار ولـكن بـالمكارم تـرتدي

وأضـحى يـدير السبط عينيه لا يرى

سـوى جـثث منهم على الترب ركّد

أحـاطت بـه سـبعون ألـفاً فـردَّها

شــوارد امـثـال الـنّعام الـمشرد

وقـام عـديم الـنّصر بين جموعهم

وحـيداً يـحامى عـن شـريعة أحمد

إلـى أن هـوى للأرض شلْوا مبضعاً

ولَـم يـروِ من حرِّ الظما قلبه الصدي

هـوى فهوى التوحيد وانطمس الهدى

وحُـلّت عـرى الدين الحنيف المشيّد

لـه الله مـقطور الـفؤاد مـن الظما

صـريعاً عـلى وجـه الثرى المتوقّد

ثـوى فـي هجير الشمس وهو معفَّر

تـظـلله سـمـر الـقـنا الـمتقصّد

وأضحت عوادي الخيل من فوق صدره

تـروح إلى كـرّ الـطراد وتغتدي

وهـاتفة مـن جـانب الـخدر ثـاكل

بـدت وهـي حسرى تلطم الخدّ باليد

يـؤَلّـمها قــرع الـسّياط فـتنثني

تـحن فـيشجي صـوتها كـل جلمد

وسـيقت عـلى عجف المطايا أسيرة

يـطاف بـها فـي مـشهد بعد مشهد

ســرت تـتـهاداها عـلوج اُمـيّة

فـمن مـلحد تـهدى إلى شر ملحد(١)

شهادة أهل البيتعليهم‌السلام

علي الأكبر

ولما لَم يبقَ مع الحسين إلاّ أهل بيته، عزموا على ملاقاة الحتوف ببأس شديد وحفاظ مرّ ونفوس أبيّة، وأقبل بعضهم يودّع بعضاً(٢) وأول مَن تقدّم أبو الحسن(٣) علي الأكبر(٤) وعمره سبع وعشرون سنة؛ فإنّه ولد في الحادي عشر من شعبان سنة

____________________________

(١) للحجة السيد محمّد حسين الكيشوانرحمه‌الله .

(٢) مقتل لخوارزمي ٢ / ٢٦.

(٣) ذكرنا في رسالة (علي الأكبر / ١٤) الرواية عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام أنّه كان متزوّجاً من اُمّ ولد، فلعلّ الكنية بأبي الحسن من جهة ولد له منها اسمه (الحسن) كما يقتضيه التسمية باُمّ ولد مع أنّ زيارته المرويّة في كامل الزيارات / ٢٣٩ تؤكّده. قال الصادقعليه‌السلام في تعليم أبي حمزة«قُل، صلّى الله عليك وعلى عترتك وأهل بيتك وآبائك وأبنائك واُمّهاتك الأخيار الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهراً» ، والأبناء جمع أقلّه إثنان.

(٤) في رسالتنا (علي الأكبر) ذكرنا نصوص المؤرّخين على أنّه أكبر من السّجادعليه‌السلام وسيأتي في الحوادث بعد الشهادة، اعتراف زين العابدين به في المحاورة الجارية بينه وبين ابن زياد.

٢٥٥

ثلاث وثلاثين من الهجرة(١) ، وكان مرآة الجمال النّبوي ومثال خُلُقه السّامي واُنموذجاً من منطقه البليغ، وإذا كان شاعر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول فيه:

وأحسن منك لَم ترَ قطٌّ عيني

وأجـمل منك لم تلد النّساء

خـلقت مبرَّءاً من كلِّ عيب

كـأنّـكَ قد خلقت كما تشاء

فمادح الأكبر يقول(٢) :

لم تَـر عـينٌ نـظرت مـثله

مـن مـحتفٍ يـمشي ومن ناعل

يـغلي نـهيء الـلحم حتّى اذا

انـضج لـم يـغل على الآكل(٣)

كـان اذا شـبَّـت لــه نـاره

اوقـدهـا بـالشرف الـقابل(٤)

كيـما يـراها بـائس مـرمل

او فــردُ حـيٍ لـيس بـالآهل

لا يؤثـر الـدنيا عـلى ديـنه

ولايـبـيع الـحـقُّ بـالـباطل

أَعني ابن ليلى ذا الندى والسدى

أَعني ابن بنت الحَسَب الفاضل(٥)

فعلي الأكبر هو المتفرّع من الشجرة النبويّة، الوارث للمآثر الطيّبة، وكان حريّاً بمقام الخلافة لَولا أنّها منصوصة من إله السّماء. وقد سجّل سبحانه أسماءهم في الصحيفة النازل بها جبرئيلعليه‌السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ورث الصفات الغرّ وهي تراثه

مـن كل غطريف وشهم أصيد

في بأس حمزة في شجاعة حيدر

بـإبا الحسين وفي مهابةأحمد

____________________________

(١) أنيس الشيعة - مخطوط - للسيد محمّد عبد الحسين الجعفري الحائري، ألّفه باسم السّلطان فتح علي شاه.

(٢) في مقاتل الطالبيين / ٣٢: إنّها قيلت في علي الأكبر.

(٣) يغلي: الأولى بمعنى يفير. والثانية ضد يرخص والنّهيء كما في أقرب الموارد مادّة (نهيء): اللحم غير المطبوخ.

(٤) الشرف: الموضع العالي. والقابل بمعنى المقبل لعلوّه وارتفاعه، وهذه عادة العرب أنّهم يوقدون النّار في المكان المرتفع ليهتدي الركب في الليل.

(٥) في مصباح المنير مادّة ندى: إنّ ما يسقط أول الليل من البلل يقال له سدى، وما يسقط آخره يقال له الندى. وفي مراتب النحويين / ٥٣، لأبي الطيب عبد الواحد الحلبي المتوفّى ٣٥١: قال الأصمعي: إنّ أبا زيد يزعم أنّ النّدى ما كان في الأرض، والسدى ما يسقط من السّماء فقال: إذاً فما يصنع بقول الشاعر؟

ولقد أتيت البيت يخشى أهله

بعد الهدو وبعدما سقط الندى

أتراه سقط من الأرض إلى السّماء؟!

٢٥٦

وتراه في خلق وطيب خلائق

وبليغ نطق كالنبيّ محمد(١)

ولما يمّم الحرب، عزّ فراقه على مخدّرات الإمامة؛ لأنّه عماد أخبيتهن وحمى أمنهن ومعقد آمالهن بعد الحسين. فكانت هذه ترى هتاف الرسالة في وشك الانقطاع عن سمعها، وتلك تجد شمس النبوّة في شفا الكسوف، و اُخرى تشاهد الخُلق المحمدي قد آذن بالرحيل، فأحطن به و تعلّقن بأطرافه وقلن: ارحم غربتنا، لا طاقة لنا على فراقك. فلم يعبأ بهنّ؛ لأنّه يرى حجّة الوقت مكثوراً قد اجتمع أعداؤه على إراقة دمه الطاهر، فاستأذن أباه وبرز على فرس للحسين تسمّى لاحقاً(٢) .

ومن جهة أنَّ ليلى اُمّ الأكبر بنت ميمونة ابنة أبي سفيان(٣) صاح رجل من القوم: يا علي إنّ لك رحماً بأمير المؤمنين يزيد، ونريد أنْ نرعى الرحم، فإنْ شئت آمنّاك. قالعليه‌السلام : إنّ قرابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحقّ أنْ تُرعى(٤) . ثمّ شدّ يرتجز معرِّفاً بنفسه القدسيّة وغايته السّامية:

أنـا علي بن الحسين بن علي

نـحن وربُّ البيت أُولى بالنبي

تالله لا يحكم فينا ابن الدعي(٥)

أضرب بالسيف اُحامي عن أبي

ضرب غلام هاشميًّ قرشي(٦)

ولَم يتمالك الحسينعليه‌السلام دون أن أرخى عينيه بالدموع(٧) وصاح بعمر بن سعد:«مالك؟ قطع الله رحمك كما قطعتَ رحمي، ولَم تحفظ قرابتي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسلّط عليك من يذبحك على فراشك» (٨) . ثمّ رفع شيبته المقدّسة نحو السّماء وقال:«اللهمّ اشهد على هؤلاء فقد برز إليهم

____________________________

(١) هذه الأبيات والتي تأتي بعدها للحجّة آية الله الشيخ عبد الحسين صادق العامليقدس‌سره .

(٢) في كتاب فضل الخيل لعبد المؤمن الدمياطي المتوفّى سنة ٨٠٥ ﻫ الصفحة ١٧٨: أحد فرسي الحسين بن علي يسمّى (لاحقاً). وفي صفحة ١٨٣ قال: كان للحسين بن عليرضي‌الله‌عنه فرس اسمه اليحموم، وله فرس اُخرى تُدعى لاحقاً حمل عليها ولده علي بن الحسين الأكبر يوم قتلا بالطف.

(٣) الإصابة لابن حجر ٤ / ١٧٨، ترجمة أبي مرة.

(٤) سرّ السلسلة لأبي نصر في النّسب، ونسب قريش / ٥٧ لمصعب الزبيدي.

(٥) تاريخ الطبري ٦ / ٢٥٦، وإعلام الورى للطبرسي / ١٤٥، ومثير الأحزان / ٣٥.

(٦) تمام الأبيات من رواية الشيخ المفيدقدس‌سره في الإرشاد.

(٧) مثير الأحزان لان نما / ٣٥، والإرشاد للمفيد.

(٨) مقتل الخوارزمي ٢ / ٣٠.

٢٥٧

أشبه النّاس برسولك محمّد خَلقاًَ وخُلُقاً ومنطقاً (١) ،وكنّا إذا اشتقنا إلى رؤية نبيّك نظرنا إليه، اللهمّ فامنعهم بركات الأرض، وفرِّقهم تفريقاً، ومزِّقهم تمزيقاً، واجعلهم طرائق قدداً، ولا ترضِ الولاة عنهم أبداً، فإنّهم دعونا لينصرونا، ثمّ عدَوا علينا يقاتلونا»، ثمّ تلا قوله تعالى: ( إِنّ اللّهَ اصْطَفَى‏ آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرّيّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٢)(٣) .

ولم يزل يحمل على المَيمنة ويعيدها على المَيسرة ويغوص في الأوساط، فلَم يقابله جحفل إلاّ ردّه، ولا برز إليه شجاع إلاّ قتله:

يرمي الكتائب والفلا غصَّت بها

فـي مـثلها مـن بأسه المتوقِّد

فـيردّها قـسراً عـلى أعقابها

فـي بأس عرّيس العرينة ملبد

فقتل مئة وعشرين فارساً. وقد اشتدّ به العطش فرجع إلى أبيه يستريح ويذكر ما أجهده من العطش(٤) فبكى الحسينعليه‌السلام وقال:«وآ غوثاه! ما أسرع الملتقى بجدّك فيسقيك بكأسه شربةً لا تظمأ بعدها» وأخذ لسانه فمصّه ودفع إليه خاتمه ليضعه في فيه(٥) .

ويـؤوب لـلتوديع وهـو مكابد

لـظما الـفؤاد ولـلحديد المجهد

صـادي الحشا وحسامه ريّان من

مـاء الـطلا وغـليله لـم يبرد

يشكو لخير أب ظماه وما اشتكي

ظمأ الحشا إلا إلى الظامي الصدي

كـل حـشاشته كـصالية الغضا

ولـسـانه ظـمأ كـشقة مـبرد

فـانصاع يـؤثره عـليه بـريقه

لـو كـان ثَـمّة ريـقه لم يجمد

وَمُـذ انـثنى يلقى الكريهة باسماً

والـموت مـنه بـمسمع وبمشهد

____________________________

(١) مثير الأحزان لابن نما واللهوف ومقتل الخوارزمي.

(٢) سورة آل عمران / ٣٣ - ٣٤.

(٣) مقتل الخوارزمي ٢ / ٣٠.

(٤) مقاتل الطالبيّين لأبي الفرج / ٤٧ الطبعة الحجرية، ومقتل العوالم / ٩٦، وروضة الواعظين / ١٦١، ومناقب ابن شهر آشوب ٢ / ٢٢٢ طبعة ايران، ومثير الأحزان لابن نا / ٣٥، واللهوف / ٦٤ طبعة صيدا، ومقتل الخوارزمي ٢ / ٣٠.

(٥) مقتل الخوارزمي ٢ / ٣١، ومقتل العوالم / ٩٥.

جاء في معاهد التنصيص للعباسي ٢ / ٥١: أنّ يزيد بن مزيد الشيباني لمّا لحق الوليد بن طريف وأجهده العطش، وضع خاتمه في فمه وتبع الوليد حتّى طعنه بالرمح. وروى الكليني في الكافي عن الصادقعليه‌السلام أنّه لا بأس للصائم أن يمصّ الخاتم، وبه أفتى العلماء بالجواز ولعلّ من أسراره أنّه يسبب عمل الغدد في الإفراز، وعليه فلا خصوصيّة للخاتم بل كلّ ما يسبب عمل الغدد في الإفراز يوضع في الفم كالحصى ونحوهما.

٢٥٨

لفَّ الوغى وأجالها جول الرحى

بـمثقَّف مـن بـأسه ومـهنَّد

يـلقى ذوابـلها بـذابل معطف

ويـشيم أنـصلها بـجيد أجيد

حتى إذا ما غاص في اوساطهم

بـمطهَّم قـبَّ الايـاطل اجرد

عـثر الزمان به فغودر جسمه

نهب القواضب والقنا المتقصّد

ورجع علي إلى الميدان مبتهجاً بالبشارة الصادرة من الإمام الحجّةعليه‌السلام بملاقاة جدّه المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فزحف فيهم زحفة العلوي السّابق، وغبَّر في وجوه القوم ولَم يشعروا أهو الأكبر يطرد الجماهير من أعدائه أم أنّ الوصيعليه‌السلام يزأر في الميدان؟ أم أنّ الصواعق تترى في بريق سيفه فأكثر القتلى في أهل الكوفة حتّى أكمل المئتين؟(١) .

فقال مرّة بن منقذ العبدي(٢) : عليَّ آثام العرب إنْ لَم أثكل أباه به(٣) . فطعنه بالرمح في ظهره(٤) وضربه بالسّيف على رأسه ففلق هامته، واعتنق فرسه فاحتمله إلى معسكر الأعداء، وأحاطوا به حتّى قطّعوه بسيوفهم إرباً إرباً(٥) .

ومـحا الردى يا قاتلَ اللهُ الردى

مـنه هـلالٌّ دجـى وغرة فرقد

يـا نـجعة الحيَّيْن هاشم والندى

وحـمى الذماريْن العلى والسؤدد

كيف ارتقت همم الردى لك صعدة

مـطرورة الـكعبين لـم تـتأوَّد

أفـديـه مـن ريـحانة ريّـانة

جـفَّت بـحرّ طـما وحـرّ مهنّد

بـكر الذبول على نضارة غصنه

إن الـذبول لآفـة الغصن الندي

لله بـدرٌ مـن مـراق نـجيعه

مـزج الـحسام لـجينه بالعسجد

مـاء الـصبا ودم الوريد تجاريا

فـيه ولاهـب قـلبه لـم يخمد

لـم أنـسه مـتعمّما بـشباالظبى

بـين الـكماة بـالاسنَّة مـرتدي

خـضبت ولـكن من دمٍ و فراته

فـاخضر ريـحان العذار الأسود

____________________________

(١) مقتل الخوارزمي ٢ / ٣١.

(٢) كامل ابن الأثير ٤ / ٣٠، والأخبار الطوال / ٢٥٤، وإرشاد المفيد، ومثير الأحزان، واللهوف. وفي تاريخ الطبري ٦ / ٢٦٥: مرّة بن منقذ بن النعمان العبدي ثمّ الليثي. وفي مقاتل العوالم / ٩٥: منقذ بن مرّة.

(٣) الإرشاد للمفيد، وتاريخ الطبري ٦ / ٢٥٦.

(٤) مناقب ابن شهر آشوب ٢ / ٢٢٢.

(٥) مقتل الخوارزمي ٢ / ٣١، ومقتل العوالم / ٩٥.

٢٥٩

ونادى رافعاً صوته: عليك منّي السّلام أبا عبد الله(١) ، هذا جدّي قد سقاني بكأسه شربةً لا أظمأ بعدها، وهو يقول: إنّ لك كأساً مذخورةً(٢) . فأتاه الحسينعليه‌السلام وانكبّ عليه واضعاً خدّه على خدِّه(٣) وهو يقول:«على الدنيا بعدك العفا، ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول (٤) ، يعزّ على جدّك و أبيك أنْ تدعوهم فلا يجيبونك، وتستغيث بهم فلا يغيثونك» (٥) . ثمّ أخذ بكفّه من دمه الطاهر ورمى به نحو السّماء فلَم يسقط منه قطرة - وفي هذا جاءت زيارته:«بأبي أنت واُمّي من مذبوح و مقتول من غير جرم، بأبي أنت واُمّي دمك المرتقى به إلى حبيب الله، بأبي أنت واُمّي من مقدّم بين يدَي أبيك يحتسبك و يبكي عليك محترقاً عليك قلبُه، يرفع دمك إلى عنان السّماء لا يرجع منه قطرة، ولا تسكن عليك من أبيك زفرة» (٦) -. وأمر فتيانه أنْ يحملوه إلى الخيمة، فجاؤوا به إلى الفسطاط الذي يقاتلون أمامه، وحرائر بيت الوحي ينظرن إليه محمولاً قد جللته الدماء بمطارف العزّ حمراء وقد وزع جثمانه الضرب والطعن، فاستقبلنه بصدور دامية وشعور منشورة وعولةٍ تصكُّ سمع الملكوت وأمامهنّ عقيلة بني هاشم زينب الكبرى ابنة فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٧) صارخةً نادبةً فألقت بنفسها عليه تضمّ إليها جمام

____________________________

(١) رياض المصائب / ٣٢١.

(٢) مقتل العوالم / ٩٥، ومقتل الخوارزمي ٢ / ٣١.

(٣) اللهوف / ٦٤.

(٤) تأريخ الطبري ٦ / ٢٦٥.

(٥) مقتل العوالم / ٩٥.

(٦) كامل الزيارات / ٢٣٩: هي صحيحة السند، علّمها الصادقعليه‌السلام أبا حمزة الثمالي، وسيأتي فيما يتعلّق بالليلة الحادية عشر نصوص أهل السنّة على احتفاظ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بدم الأصحاب وأهل بيته.

(٧) الإرشاد للمفيد وتاريخ الطبري ٦ / ٢٥٦، ومقتل الحسين للخوارزمي ٢ / ٣١.

(٨) في تاريخ الطبري ٦ / ٢٥٦، والبداية لابن كثير ٨ / ١٨٥: قال حميد بن مسلم: لمّا قُتل علي الأكبر، رأيت امرأةً خرجت من الفسطاط تصيح: وآ ابن أخاه! فجاءت وانكبّت عليه فأخذ الحسين بيدها وردّها إلى الخيمة. فسألت عنها قيل: هذه زينب ابنة فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437