مقتل الامام الحسين (عليه السلام)

مقتل الامام الحسين (عليه السلام)13%

مقتل الامام الحسين (عليه السلام) مؤلف:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
ISBN: 964-8163-70-7
الصفحات: 437

مقتل الامام الحسين (عليه السلام)
  • البداية
  • السابق
  • 437 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 244308 / تحميل: 10030
الحجم الحجم الحجم
مقتل الامام الحسين (عليه السلام)

مقتل الامام الحسين (عليه السلام)

مؤلف:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
ISBN: ٩٦٤-٨١٦٣-٧٠-٧
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

ونزل الناس، فقال علي( عليه‌السلام ) : أيّها الناس، إنّ هذه أرض ملعونة، قد عُذّبت في الدهر ثلاث مرّات، وفي خبر آخر مرّتين، وهي تتوقّع الثالثة، وهي إحدى المؤتفكات(١) ، وهي أوّل أرض عبد فيها وثن، وأنّه لا يحلّ لنبي ولا لوصي نبي أن يصلّي فيها، فمن أراد أن يصلّي فليصلّ، ثمّ ذكر حديث ردّ الشمس، وأنّ جويرية لم يصلّ في أرض بابل حتى ردّت الشمس فصلّى مع علي( عليه‌السلام ) .

[ ٦٢ ٧٤ ] ٣ - وفي( العلل) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن أحمد بن عبد الله القزويني، عن الحسين بن المختار القلانسي، عن أبي بصير، عن عبد الواحد بن المختار الأنصاري، عن أُم المقدام الثقفيّة قالت: قال لي جويرية بن مسهر: قطعنا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب( عليه‌السلام ) جسر الفرات(٢) في وقت العصر، فقال: إنّ هذه أرض معذّبة، لا ينبغي لنبي ولا وصي نبي أن يصلّي فيها، فمن أراد منكم أن يصلّي(٣) فليصلّ، ثمّ ذكر نحوه.

ورواه الصفّار في( بصائر الدرجات) عن أحمد بن محمّد، مثله (٤) .

وروى الذي قبله عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن بحر، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن ابن أبي المقدام(٥) ، عن جويرية بن مسهر، مثله.

____________________

(١) الإِفك: أشدّ الكذب وأبلغه، وفي الخبر أيضاً « البصرة إحدىٰ المؤتفكات ».( مجمع البحرين ٥: ٢٥٤ ).

٣ - علل الشرائع: ٣٥٢ / ٤ الباب ٦١.

(٢) في المصدر: الصراة.

(٣) في المصدر زيادة: فيها.

(٤) بصائر الدرجات: ٢٣٩ / ٤، فيه: الصراط بدل الفرات.

(٥) في المصدر: أبي المقدام.

١٨١

[ ٦٢ ٧٥ ] ٤ - محمّد بن الحسن، عن المفيد، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن صالح السكوني، عن محمّد بن أبي عمير قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : أُصلّي على الشاذكونة(١) وقد أصابها الجنابة ؟ قال: لا بأس.

أقول: وقد تقدّم ما يدلّ على باقي الأحكام في القبلة(٢) ، وفي النجاسات(٣) ، ويأتي ما يدلّ على بعضها هنا(٤) ، وفي أحاديث القيام(٥) .

٣٩ - باب جواز الصلاة على كدس الحنطة ونحوه مع التمكّن من أفعال الصلاة على كراهيّة، وحكم علوّ المسجد عن الموقف

[ ٦٢ ٧٦ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن علي الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن عمر بن حنظلة قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : يكون الكدس من الطعام مطيّناً مثل السطح ؟ قال: صلّ عليه.

[ ٦٢ ٧٧ ] ٢ - وبأسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن أحمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن حسين بن عثمان، عن ابن مسكان، عن محمّد بن مضارب، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن

____________________

٤ - التهذيب ١: ٢٧٤ / ٨٠٦، والاستبصار ١: ٣٩٣ / ١٥٠٠.

(١) الشاذَكونة، بفتح الذال: ثياب غلاظ مُضَرَّبَة تعمل باليمن.( القاموس المحيط ٤: ٢٣٩ ).

(٢) تقدم في الباب ١٣ و ١٤ و ١٥ و ١٧ و ١٩ من أبواب القبلة.

(٣) تقدم في الباب ٣٠ من أبواب النجاسات.

(٤) يأتي في الحديث ١ و ٢ من الباب ٤٣ من هذه الأبواب.

(٥) يأتي في الباب ١٤ من أبواب القيام.

الباب ٣٩

فيه حديثان

١ - التهذيب ٢: ٣٠٩ / ١٢٥٣، الاستبصار ١: ٤٠٠ / ١٥٢٨.

٢ - التهذيب ٢: ٣٠٩ / ١٢٥٢، الاستبصار ١: ٤٠٠ / ١٥٢٩.

١٨٢

كدس(١) حنطة مطيّن، أُصلّي فوقه ؟ فقال: لا تصلّ فوقه، قلت: فإنّه مثل السطح مستوٍ ؟ فقال: لا تصلّ عليه.

قال الشيخ: الوجه في هذا الخبر ضرب من الكراهة دون الحظر.

أقول: ويأتي ما يدلّ على بقيّة المقصود في السجود(٢) .

٤٠ - باب جواز الصلاة على الفراش، والقتّ، والتبن، والحنطة، ونحوها، مع تمكّن الجبهة لا مع عدمه، على كراهيّة مع عدم الضروة

[ ٦٢ ٧٨ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن علي بن جعفر، أنّه سأل أخاه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) عن الرجل يكون في السفينة، هل يجوز له أن يضع الحصير على المتاع، أو القت، والتبن، والحنطة، والشعير، وغير ذلك، ثمّ يصلّي عليه ؟ قال: لا بأس.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن أخيه الحسين، عن أبيه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن الماضي( عليه‌السلام ) ، وذكر مثله(٣) .

[ ٦٢ ٧٩ ] ٢ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد ): عن عبد الله بن الحسن، عن جدّه علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته

____________________

(١) الكُدس بالضم: الحب المحصود المجموع.( هامش المخطوط) عن القاموس الحيط ٢: ٢٤٥.

(٢) يأتي ما يدل على بقيّة المقصود في الباب ١٠ و ١١ من أبواب السجود.

الباب ٤٠

فيه ٨ أحاديث

١ - الفقيه ١: ٢٩٢ / ١٣٣٠.

(٣) التهذيب ٣: ٢٩٦ / ٨٩٦.

٢ - قرب الاسناد: ٨٦.

١٨٣

عن الرجل هل يجزيه أن يضع الحصير أو البوريا على الفراش وغيره من المتاع ثمّ يصلّي عليه ؟ قال: إن كان يضطرّ إلى ذلك فلا بأس.

[ ٦٢ ٨٠ ] ٣ - وبالإِسناد قال: وسألته عن الرجل هل يجزيه أن يقوم إلى الصلاة على فراشه فيضع على الفراش مروّحة أو عوداً ثم يسجد عليه ؟ قال: إن كان مريضاً فليضع مروحة(١) ، وأمّا العود فلا يصلح.

[ ٦٢ ٨١ ] ٤ - وبالإِسناد قال: وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يقوم في الصلاة على القتّ والتبن والشعير وأشباهه ويضع مروّحة ويسجد عليها ؟ قال: لايصلح له إلّا أن يكون مضطراً.

[ ٦٢ ٨٢ ] ٥ - وبالإسناد قال: وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلّي على البيدر مطيّن عليه ؟ قال: لا يصلح.

[ ٦٢ ٨٣ ] ٦ - وبالإِسناده قال: وسألته عن الرجل يكون في السفينة، هل يصلح له أن يضع الحصير فوق المتاع أو القتّ أو التبن أو الحنطة أو الشعير وأشباهه ثمّ يصلّي ؟ قال: لا بأس.

[ ٦٢ ٨٤ ] ٧ - أحمد بن أبي عبد الله في( المحاسن ): عن محمّد بن علي، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن صاحب لنا يكون على سطحه الحنطة والشعير فيطأون يصلون عليه قال: فغضب وقال: لولا إنّي أرى أنّه من أصحابنا للعنته.

____________________

٣ - قرب الأسناد: ٨٦.

(١) المروحة بالكسر: آلة يتروّح بها يقال تروّحت بالمروحة كأنّه من الطيب لأنّ الريح تلين به، وتطيب بعد أن لم تكن كذلك، والجمع المراوح.( مجمع البحرين ٢: ٣٦٣ ).

٤ - قرب الأسناد: ٨٦.

٥ - قرب الأسناد: ٩٧.

٦ - قرب الأسناد: ٩٨.

٧ - المحاسن: ٥٨٨ / ٨٨، أورده وما بعده في الحديث ٣ من الباب ٧٩ من أبواب آداب المائدة.

١٨٤

[ ٦٢ ٨٥ ] ٨ - وعن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن( أبي عيينة) (١) عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، مثله وزاد فيه: أما يستطيع أن يتّخذ لنفسه مصلّى يصلّي فيه، الحديث.

أقول: هذا محمول على السجود عليه بالجبهة، أو على الكراهيّة، أو على الاستخفاف وقصد الاهانة لما مرّ(٢) .

٤١ - باب كراهة استقبال المصلّي السيف

[ ٦٢ ٨٦ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في( العلل) عن أبيه، عن سعد، عن محمّد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، عن آبائه، عن أمير المؤمنين( عليهم‌السلام ) قال: لا تخرجوا بالسيوف إلى الحرم، ولا يصلّ أحدكم وبين يديه سيف، فانّ القبلة أمن.

ورواه في( الخصال) باسناده الآتي عن علي( عليه‌السلام ) (٣) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على كراهة استقبال الحديد(٤) .

____________________

٨ - المحاسن: ٥٨٨ / ٨٨.

(١) كذا وفي المصدر: عيينه.

(٢) مَرّ في الحديث ٢ من الباب ٣٩ من هذه الأبواب.

الباب ٤١

فيه حديث واحد

١ - علل الشرائع: ٣٥٣ / ١ الباب ٦٣، أخرجه عن الخصال أيضاً في الحديث ٦ من الباب ٣٠ من هذه الأبواب، وعنهما أيضاً في الحديث ٣ من الباب ٢٥ من أبواب مقدمات الطواف.

(٣) الخصال: ٦١٦ يأتي الأسناد في الفائدة الأولى من الخاتمة برمز( ر ).

(٤) تقدم ما يدل على ذلك في الباب ٥٧ من أبواب لباس المصلّي، وفي الباب ٣٠ من هذه الأبواب، ويأتي ما يدل عليه في الباب ١٣ من أبواب المساجد.

١٨٥

٤٢ - باب استحباب تفريق الصلاة في أماكن متعددة

[ ٦٢ ٨٧ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) ( الامام إذا انصرف) (١) فلا يصلّي في مقامه ركعتين حتّى ينحرف عن مقامه ذلك.

وبإسناده عن محمّد بن مسعود، عن محمّد بن نصير، عن محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، مثله، إلّا أنّه ترك لفظ ركعتين(٢) .

[ ٦٢ ٨٨ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن عبد الله بن علي الزراد قال: سأل أبو كهمس أبا عبد الله( عليه‌السلام ) فقال: يصلّي الرجل نوافله في موضع أو يفرّقها ؟ قال: لا، بل ها هنا وها هنا(٣) فانّها تشهد له يوم القيامة.

ورواه الكليني، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين(٤) .

ورواه الصدوق في( العلل) عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، مثله (٥) .

قال الصدوق: يعني أن بقاع الأرض تشهد له.

____________________

الباب ٤٢

فيه ٩ أحاديث

١ - التهذيب ٢: ٣٢١ / ١٣١٤.

(١) في المصادر الثلاثة: إذا انصرف الامام.

(٢) التهذيب ٢: ٣٨٢ / ١٥٩٥ و ٣: ٢٨٤ / ٨٤٤.

٢ - التهذيب ٢: ٣٣٥ / ١٣٨١.

(٣) في هامش الاصل عن الكافي: يفرقها ها هنا.

(٤) الكافي ٣: ٤٥٥ / ١٨.

(٥) علل الشرائع: ٣٤٣ / ١ الباب ٤٦.

١٨٦

[ ٦٢ ٨٩ ] ٣ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب قال: سمعت أبا الحسن الأوّل(١) ( عليه‌السلام ) يقول: إذا مات المؤمن بكت عليه الملائكة، وبقاع الأرض التي كان يعبد الله عليها، وأبواب السماء التي كان يصعد أعماله فيها، الحديث.

ورواه الحميري في( قرب الإِسناد ): عن أحمد بن محمّد، ومحمّد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب(٢) .

ورواه الصدوق في( العلل ): عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن العباس بن معروف، عن الحسن بن محبوب، مثله(٣) .

[ ٦٢ ٩٠ ] ٤ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) ، وذكر مثله.

[ ٦٢ ٩١ ] ٥ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال( عليه‌السلام ) : إذا مات المؤمن بكت عليه بقاع الأرض التي كان يعبد الله عزّ وجلّ فيها، والباب الذي كان يصعد منه عمله وموضع سجوده.

[ ٦٢ ٩٢ ] ٦ - وبإسناده عن الحسن بن محبوب، عن أبي محمّد الوابشي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: ما من مؤمن يموت في أرض غربة يغيب فيها

____________________

٣ - الكافي ٣: ٢٥٤ / ١٣.

(١) في هامش الاصل: في العلل( موسى) بدل( الاول ).

(٢) قرب الاسناد: ١٢٤.

(٣) علل الشرائع: ٤٦٢ / ٢ الباب ٢٢٢.

٤ - الكافي ١: ٣٠ / ٣، وأورده بتمامه في الحديث ١ و ٢ من الباب ٨٨ من أبواب الدفن.

٥ - الفقيه ١: ٨٤ / ٣٨٤.

٦ - الفقيه ٢: ١٩٦ / ٨٨٩، أخرجه بتمامه عنه وعن ثواب الأعمال والمحاسن في الحديث ٣ من الباب ٢ من أبواب آداب السفر.

١٨٧

بواكيه إلّا بكته بقاع الأرض التي كان يعبد الله عليها(١) ، وبكته أبواب السماء التي كان يصعد فيها عمله، الحديث.

[ ٦٢ ٩٣ ] ٧ - وفي( المجالس ): عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن مرازم بن حكيم، عن الصادق( عليه‌السلام ) - في حديث - أنّه قال: صلّوا من المساجد في بقاع مختلفة فإنّ كلّ بقعة تشهد للمصلّي عليها يوم القيامة.

[ ٦٢ ٩٤ ] ٨ - وقد تقدّم في حديث حمران، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) أنّ علي بن الحسين( عليهما‌السلام ) كان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة كما كان يفعل أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ، كان له خمسمائة نخلة وكان يصلّي عند كلّ نخلة ركعتين.

[ ٦٢ ٩٥ ] ٩ - محمّد بن الحسن في( المجالس والأخبار) باسناده الآتي (٢) عن أبي ذرّ، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) في وصيته له: يا أباذر، ما من رجل يجعل جبهته في بقعة من بقاع الأرض إلّا شهدت له بها يوم القيامة، وما من منزل ينزله قوم إلّا وأصبح ذلك المنزل يصلّي عليهم أو يلعنهم، يا أبا ذر، ما من صباح ولا رواح إلّا وبقاع الأرض ينادي بعضها بعضاً يا جارة، هل مرّ بك اليوم ذاكر لله أو عبد وضع جبهته عليك ساجداً لله تعالى ؟ فمن قائلة: لا، ومن قائلة: نعم، فإذا قالت: نعم، اهتزّت وانشرحت وترى أنّ لها الفضل على جارتها.

____________________

(١) في المصدر زيادة: وبكته أثوابه.

٧ - أمالي الصدوق: ٢٩٤ / ٨، تقدم صدره في الحديث ٢ من الباب ١٠ من أبواب الوضوء.

٨ - تقدم في الحديث ٦ من الباب ٣٠ من أبواب أعداد الفرائض.

٩ - أمالي الطوسي ٢: ١٤٧.

(٢) يأتي في الفائدة الثانية من الخاتمة برقم (٤٩).

١٨٨

٤٣ - باب جواز الصلاة في بيت الحجام ولو في غير الضرورة وعلى حصير أو مصلّى يجامع عليه، وكراهة استقبال المرأة المواجهة في الصلاة

[ ٦٢ ٩٦ ] ١ - عبد الله بن جعفر الحميري في( قرب الإِسناد ): عن عبد الله بن الحسن، عن جدّه علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الصلاة في بيت الحجّام(١) من غير ضرورة، قال: لا بأس إذا كان المكان الذي صلّى فيه نظيفاً.

[ ٦٢ ٩٧ ] ٢ - وبالإِسناد قال: وسألته عن الرجل يجامع على الحصير أو المصلّى، هل تصلح الصلاة عليه ؟ قال: إذا لم يصبه شيء فلا بأس، وإن أصابه شيء فاغسله وصلّ.

[ ٦٢ ٩٨ ] ٣ - وبالإِسناد قال: سألته عن الرجل يكون في صلاته، هل يصلح أن تكون امرأة مقبلة بوجهها عليه في القبلة قاعدة أو قائمة ؟ قال: يدرؤها عنه فان لم يفعل لم يقطع ذلك صلاته.

[ ٦٢ ٩٩ ] ٤ - أحمد بن محمّد البرقي في( المحاسن ): عن إدريس بن الحسن، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من تأمّل خلق(٢) امرأة( في الصلاة) (٣) فلا صلاة له.

____________________

الباب ٤٣

فيه ٤ أحاديث

١ - قرب الاسناد: ٩١.

(١) في المصدر: الحمّام.

٢ - قرب الاسناد: ٩١.

٣ - قرب الاسناد: ٩٤.

٤ - المحاسن: ٨٢ / ١٣.

(٢) في المصدر: خلف.

(٣) ليس في المصدر.

١٨٩

أقول: وتقدّم ما يدل على بعض المقصود في أحاديث وضع الساتر قدّام المصلّي وغير ذلك(١) .

٤٤ - باب جواز تقدّم المصلّي عن مكانه مع الحاجة ورجوعه القهقرى وكراهة تأخّره ووجوب الكفّ عن القراءة حال المشي إلّا مع الضرورة

[ ٦٣ ٠٠ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن محمّد بن أحمد، عن العمركي، عن علي بن جعفر قال: سألت موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) عن القيام خلف الإِمام في الصفّ ما حدّه ؟ قال: إقامة(٢) ما استطعت فإذا قعدت فضاق المكان فتقدّم أو تأخّر فلا بأس.

[ ٦٣ ٠١ ] ٢ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي، عن محمّد بن مسلم قال: قلت له: الرجل يتأخّر وهو في الصلاة ؟ قال: لا، قلت: فيتقدّم ؟ قال: نعم، ما شاء(٣) إلى القبلة.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن إسماعيل، مثله(٤) .

[ ٦٣ ٠٢ ] ٣ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني،

____________________

(١) تقدم ما يدل على بعض المقصود في الباب ٤ و ١١ و ١٢ من هذه الأبواب.

الباب ٤٤

فيه ٨ أحاديث

١ - التهذيب ٣: ٢٧٥ / ٧٩٩ ومسائل علي بن جعفر: ١٧٠ / ٢٨٧، أورده أيضاً في الحديث ١ من الباب ٧٠ من أبواب الجماعة.

(٢) في البحار: قم.

٢ - الكافي ٣: ١٨٥ / ٢، وأورده في الحديث ٥ من الباب ٤٦ من أبواب الجماعة.

(٣) في التهذيب: ماشياً.( هامش المخطوط ).

(٤) التهذيب ٣: ٢٧٢ / ٧٨٧.

٣ - الكافي ٣: ٣١٦ / ٢٤، وأورده في الحديث ١ من الباب ٣٤ من أبواب القراءة.

١٩٠

عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) أنه قال في الرجل يصلّي في موضع ثمّ يريد أن يتقدّم، قال: يكفّ عن القراءة في مشيه حتّى يتقدّم إلى المواضع الذي يريد ثمّ يقرأ.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم، مثله(١) .

[ ٦٣ ٠٣ ] ٤ - محمّد بن علي بن الحسين قال: رأى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) نخامة في المسجد فمشى إليها بعرجون(٢) من عراجين ابن طاب(٣) فحكّها ثم رجع القهقرى فبنى على صلاته.

[ ٦٣ ٠٤ ] ٥ - قال: وقال الصادق( عليه‌السلام ) : وهذا يفتح من الصلاة أبواباً كثيرة.

[ ٦٣ ٠٥ ] ٦ - محمّد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من نوادر أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن علي يعني ابن رئاب، عن الحلبي أنّه سأل أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن الرجل يخطو أمامه في الصلاة خطوة أو خطوتين أو ثلاثا ؟ قال: نعم لا بأس.

____________________

(١) التهذيب ٢: ٢٩٠ / ١١٦٥.

٤ - الفقيه ١: ١٨٠ / ٨٤٩، وأورده في الحديث ١ من الباب ٣٦ من أبواب القواطع.

(٢) العرجون: هو العذق الذي يعوج وتقطع منه الشماريخ فيبقىٰ علىٰ النخل يابساً، قال الأزهري: العرجون:، أصفر عريض شبه الله به الهلال لما عاد دقيقاً فقال سبحانه:( وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) .( لسان العرب ١٣: ٢٨٤ ).

(٣) قال ابن الأثير: ابن طاب: نوع من أنواع تمر المدينة منسوب الى ابن طاب - رجل من أهلها - يقال: عذق ابن طاب ورطب ابن طاب وتمر ابن طاب.( النهاية ٣: ١٤٩ )، هذا وقد صنف آية الله السيد مهدي القزويني( قده) رسالة « نزهة الالباب في حديث ابن طاب ».

وتم نشر هذه الرسالة في العدد الثاني من نشرة( تراثنا) من السنة الأولىٰ.

٥ - الفقيه ١: ١٨٠ / ٨٥٠، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٣٦ من أبواب القواطع.

٦ - مستطرفات السرائر: ٢٨ / ١٣، وأورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ٣٠ من أبواب القواطع.

١٩١

[ ٦٣ ٠٦ ] ٧ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد ): عن عبد الله بن الحسن، عن جدّه علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل يقعد في المسجد ورجليه(١) خارجة منه، أو انتقل(٢) من المسجد وهو في صلاته(٣) ؟ قال: لا بأس.

[ ٦٣ ٠٧ ] ٨ - وعنه، عن علي بن جعفر قال: سألته عن رجل يكون في الصلاة، هل يصلح له أن يقدّم رجلاً ويؤخّر أُخرى من غير مرض ولا علّة ؟ قال: لا بأس.

ورواه علي بن جعفر في كتابه(٤) وكذا الذي قبله وكذا الأوّل.

أقول ويأتي ما يدلّ على ذلك في قواطع الصلاة وفي الجماعة(٥) ، ويأتي ما يدلّ على استثناء الضرورة من عدم جواز القراءة حال المشي في القيام، إن شاء الله(٦) .

____________________

٧ - قرب الاسناد: ٩٥ باختلاف ومسائل علي بن جعفر: ١٥٣ / ٢٠٧.

(١) في نسخة: رجله ‎( هامش المخطوط ).

(٢) في المصدر: أو أسفل.

(٣) في المصدر زيادة: أيصلح له.

٨ - قرب الاسناد: ٩٤.

(٤) مسائل علي بن جعفر: ١٦٤ / ٢٦٢.

(٥) يأتي ما يدل على ذلك في الحديث ٤ من الباب ١٩ من قواطع الصلوة والباب ٤٦ من الجماعة.

(٦) يأتي في الباب ٣٤ من أبواب القراءة.

١٩٢

أبواب احكام المساجد

١ - باب تأكّد استحباب الصلاة في المسجد واتيانه حتّى مساجد العامة

[ ٦٣ ٠٨ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : إنّي لأكره الصلاة في مساجدهم فقال: لا تكره - إلى أن قال: - فأدّ فيها الفريضة والنوافل واقض ما فاتك.

ورواه الكليني كما يأتي(١) .

[ ٦٣ ٠٩ ] ٢ - الحسن بن محمّد الطوسي في أماليه، عن أبيه، عن المفيد، عن ابن قولويه، عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن شريف بن سابق، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: يا فضل، لا يأتي المسجد من كل قبيلة إلّا وافدها، ومن كلّ أهل بيت إلّا نجيبها، يا فضل، لا يرجع صاحب المسجد بأقلّ من إحدى ثلاث خصال: إما دعاء يدعو به يدخله الله به

____________________

أبواب أحكام المساجد

الباب ١

فيه حديثان

١ - التهذيب ٣: ٢٥٨ / ٧٢٣.

(١) يأتي في ذيل الحديث ١ من الباب ٢١ من هذه الأبواب.

٢ - أمالي الشيخ الطوسي ١: ٤٥ تقدم صدره في الحديث ٧ من الباب ٢ من أبواب الدفن، وفي الحديث ٦ من الباب ١٣ من أبواب مكان المصلي، ويأتي في الحديث ٢ من الباب ١٣٢ من أبواب العشرة.

١٩٣

الجنّة، وإمّا دعاء يدعو به فيصرف الله به عنه بلاء الدنيا، وإمّا أخ يستفيده في الله، الحديث.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في أحاديث كثيرة جدّاً(١) .

٢ - باب كراهة تأخّر جيران المسجد عنه وصلاتهم الفرائض في غيره لغير علة كالمطر، واستحباب ترك مؤاكلة من لا يحضر المسجد وترك مشاربته ومشاورته ومناكحته ومجاورته

[ ٦٣ ١٠ ] ١ - محمّد بن الحسن قال: قال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : لا صلاة لجار المسجد إلّا في مسجده.

قال: الشيخ: إنّما أراد لا صلاة فاضلة كاملة دون أن يكون المراد رفع جوازها.

[ ٦٣ ١١ ] ٢ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن ابن سنان يعني عبد الله، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: إن أُناساً كانوا على عهد رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أبطأوا عن الصلاة في المسجد، فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : ليوشك قوم يدعون الصلاة في المسجد أن نأمر بحطب فيوضع على أبوابهم فتوقد عليهم نار فتحرق عليهم بيوتهم.

[ ٦٣ ١٢ ] ٣ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن علي( عليه‌السلام ) قال: لا صلاة

____________________

(١) يأتي في الأبواب ٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٧ و ٢١ و ٣٣ و ٦٤ من هذه الأبواب، وفي الباب ١ من أبواب العشرة.

الباب ٢

فيه ١٠ أحاديث

١ - التهذيب ١: ٩٢ / ٢٤٤.

٢ - التهذيب ٣: ٢٥ / ٨٧، أورده في الحديث ١٠ من الباب ٢ من أبواب الجماعة.

٣ - التهذيب ٣: ٢٦١ / ٧٣٥.

١٩٤

لمن لم يشهد الصلوات المكتوبات من جيران المسجد إذا كان فارغاً صحيحاً.

[ ٦٣ ١٣ ] ٤ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : إذا ابتلّت النعال فالصلاة في الرحال.

[ ٦٣ ١٤ ] ٥ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإسناد ): عن السندي بن محمّد، عن أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه: أنّ علياً( عليه‌السلام ) كان يقول: ليس لجار المسجد صلاة إذا لم يشهد المكتوبة في المسجد إذا كان فارغاً صحيحاً.

[ ٦٣ ١٥ ] ٦ - أحمد بن محمّد البرقي في( المحاسن ): عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: اشترط رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) على جيران المسجد شهود الصلاة وقال: لينتهينّ أقوام لا يشهدون الصلاة أو لآمرنّ مؤذّناً يؤذّن ثمّ يقيم، ثمّ لآمرنّ رجلاً من أهل بيتي وهو علي بن أبي طالب فليحرقنّ على أقوام بيوتهم بحزم الحطب لأنّهم(١) لا يأتون الصلاة.

ورواه الصدوق في( عقاب الأعمال ): عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن ميمون القداح(٢) .

ورواه في( الأمالي ): عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم، مثله(٣) .

[ ٦٣ ١٦ ] ٧ - محمّد بن الحسن في( المجالس والأخبار) بإسناده الآتي عن رزيق

____________________

٤ - الفقيه ١: ٢٤٦ / ١٠٩٩، أخرجه عنه وعن التهذيب في الحديث ٥ من الباب ٢ من أبواب الجماعة.

٥ - قرب الاسناد: ٦٨.

٦ - المحاسن: ٨٤ / ٢٠.

(١) في هامش الاصل( لانهم) من الامالي.

(٢) عقاب الأعمال: ٢٧٦ / ٢.

(٣) أمالي الصدوق: ٣٩٢ / ١٤.

٧ - أمالي الشيخ الطوسي ٢ / ٣٠٧، ويأتي في الفائدة الثانية من الخاتمة برقم (٥١).

١٩٥

قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: رفع إلى أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) بالكوفة أنّ قوماً ‎ً من جيران المسجد لا يشهدون الصلاة جماعة في المسجد، فقال( عليه‌السلام ) : ليحضرنّ معنا صلاتنا جماعة، أو ليتحوّلنّ عنّا ولا يجاورونا ولا نجاورهم.

[ ٦٣ ١٧ ] ٨ - وعن رزيق، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: شكت المساجد إلى الله تعالى الذين لا يشهدونها من جيرانها، فأوحى الله إليها وعزّتي وجلالي لاقبلت لهم صلاة واحدة، ولا أظهرت لهم في الناس عدالة، ولا نالتهم رحمتي، ولا جاوروني في جنّتي.

[ ٦٣ ١٨ ] ٩ - وعنه، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) أنّ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) بلغه أنّ قوماً ‎ً لا يحضرون الصلاة في المسجد، فخطب فقال: إنّ قوماً ‎ً لا يحضرون الصلاة معنا في مساجدنا فلا يؤاكلونا ولا يشاربونا ولا يشاورونا ولا يناكحونا ولا يأخذوا من فيئنا شيئاً، أو يحضروا معنا صلاتنا جماعة، وإنّي لأوشك أن آمر لهم بنار تشعل في دورهم فأحرقها عليهم أو ينتهون، قال: فامتنع المسلمون عن مؤاكلتهم ومشاربتهم ومناكحتهم حتى حضروا الجماعة مع المسلمين.

[ ٦٣ ١٩ ] ١٠ - وعن رزيق قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: من صلّى في بيته جماعة رغبة عن المسجد فلا صلاة له ولا لمن صلّى معه إلّا من علّة تمنع من المسجد.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

____________________

٨ - أمالي الشيخ الطوسي ٢: ٣٠٧.

٩ - أمالي الشيخ الطوسي ٢: ٣٠٨.

١٠ - أمالي الشيخ الطوسي ٢: ٣٠٧.

(١) تقدم في الباب ١ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الحديث ٥ من الباب ٣٣ من هذه الأبواب، وفي الباب ٢ من أبواب الجماعة.

١٩٦

٣ - باب استحباب الاختلاف إلى المسجد وملازمته وقصده على طهارة والجلوس فيه سيّما لانتظار الصلاة

[ ٦٣ ٢٠ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن سعد الإِسكاف، عن زياد بن عيسى، عن أبي الجارود، عن الأصبغ،عن علي بن أبي طالب( عليه‌السلام ) قال: كان يقول: من اختلف إلى المسجد أصاب إحدى الثمان: أخاً مستفاداً في الله، أو علماً مستطرفاً، أو آية محكمة، أو يسمع(١) كلمة تدلّه على هدى، أو رحمة منتظرة، أو كلمة تردّه عن ردى، أو يترك ذنباً خشية أو حياءً.

ورواه الصدوق مرسلاً، نحوه(٢) .

ورواه في( ثواب الأعمال والخصال) عن أبيه، عن سعد، عن يعقوب بن يزيد (٣) .

وفي( المجالس ): عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن يعقوب بن يزيد، نحوه، إلّا أنّه ترك قوله: عن زياد بن عيسى، عن أبي الجارود(٤) .

ورواه البرقي في( المحاسن ): عن الحسن بن الحسين، عن يزيد بن هارون، عن العلاء بن راشد، عن سعد بن طريف، عن عمير بن المأمون، عن الحسين بن علي، عن جدّه رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، نحوه(٥) .

____________________

الباب ٣

فيه ٦ أحاديث

١ - التهذيب ٣: ٢٤٨ / ٦٨١، النهاية: ١٠٧.

(١) في هامش الاصل عن نسخة: سمع.

(٢) الفقيه ١: ١٥٣ / ٧١٤.

(٣) ثواب الأعمال: ٤٦، والخصال: ٤٠٩ / ١٠.

(٤) أمالي الصدوق: ٣١٨.

(٥) المحاسن: ٤٨ / ٦٦. وفيه عمير المأمون.

١٩٧

ورواه الحميري في( قرب الإِسناد ): عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر، عن أبيه، عن الحسن بن علي، نحوه(١) .

[ ٦٣ ٢١ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن ‎ إبرهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه قال: قال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : من كان القرآن حديثه، والمسجد بيته بنى الله له بيتاً في الجنّة.

ورواه الصدوق في( ثواب الأعمال ): عن حمزة بن محمّد العلوي، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه(٢) .

ورواه في( المجالس ): عن جعفر بن علي، عن جدّه الحسن بن علي، عن جدّه عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم السكوني(٣) .

ورواه الشيخ( في النهاية) عن السكوني (٤) ، والذي قبله عن ابن أبي عمير، مثله.

[ ٦٣ ٢٢ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين قال: روي أنّ الله تبارك وتعالى ليريد عذاب أهل الأرض جميعاً حتّى لا يحاشي منهم أحداً، فإذا نظر إلى الشيب ناقلي أقدامهم إلى الصلوات، والولدان يتعلّمون القرآن (رحمهم‌الله )(٥) فأخّر ذلك عنهم.

وفي( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن محمّد بن أحمد بن هشام، عن محمّد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ،

____________________

(١) قرب الاسناد: ٣٣.

٢ - التهذيب ٣: ٢٥٥ / ٧٠٧.

(٢) ثواب الأعمال: ٤٧ / ١.

(٣) أمالي الشيخ الصدوق: ٤٠٥ / ١٦.

(٤) النهاية: ١٠٨.

٣ - الفقيه ١: ١٥٥ / ٧٢٣.

(٥ ‎ ) لفظة الجلالة في نسخة( هامش المخطوط ).

١٩٨

مثله(١) وزاد بعد أحداً: إذا عملوا بالمعاصي واجترحوا السيئات.

[ ٦٣ ٢٣ ] ٤ - وفي( الخصال ): عن الخليل بن أحمد، عن ابن منيع، عن مصعب، عن مالك، عن أبي عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي سعيد الخدري، أو عن أبي هريرة، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: سبعة يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله عزّ وجلّ، ورجل قلبه متعلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان كانا في طاعة الله عزّ وجلّ فاجتمعا على ذلك وتفرّقا، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات حسب وجمال فقال: إنّي أخاف الله، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما يتصدّق بيمينه.

وعن المظفر بن جعفر العلوي، عن جعفر بن محمّد بن مسعود العياشي، عن أبيه، عن الحسن بن اشكيب، عن محمّد بن علي، عن أبي جميلة، عن أبي بكر الحضرمي، عن سلمة بن كهيل، عن ابن عباس، عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، نحوه(٢) .

[ ٦٣ ٢٤ ] ٥ - وفي( المقنع) قال: روي أنّ في التوراة مكتوباً: إنّ بيوتي في الأرض المساجد، فطوبى لمن تطهّر في بيته ثمّ زارني في بيتي، وحقّ على المزور أن يكرم الزائر.

[ ٦٣ ٢٥ ] ٦ - الحسن بن محمّد الديلمي في( الإِرشاد) عن علي( عليه‌السلام ) قال: الجلسة في الجامع خير لي من الجلسة في الجنّة، لأنّ الجنّة فيها رضى نفسي والجامع فيه رضى ربّي.

____________________

(١) ثواب الأعمال: ٤٧ / ٣، ٦١ / ١.

٤ - الخصال: ٣٤٢ / ٧ أخرج قطعة منه عن المجمع في الحديث ١١ من الباب ١٣ من أبواب الصدقة.

(٢) الخصال: ٣٤٣ / ٨.

٥ - المقنع: ٢٧.

٦ - ارشاد القلوب: ٢١٨.

١٩٩

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) ، وتقدّم ما يدلّ على استحباب الجلوس في المسجد لانتظار الصلاة في المواقيت(٣) ، وفي إسباغ الوضوء(٤) ، وما يدلّ على استحباب قصد المسجد على طهارة في الوضوء(٥) .

٤ - باب استحباب المشي إلى المساجد

[ ٦٣ ٢٦ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن يعلى بن حمزة، عن الحجّال، عن علي بن الحكم، عن رجل، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من مشى إلى المسجد لم يضع رجلاً على رطب ولا يابس إلّا سبّحت له الأرض إلى الأرضين السابعة.

محمّد بن علي بن الحسين قال: قال الصادق( عليه‌السلام ) ، وذكر الحديث(٦) .

وفي( ثواب الأعمال ): عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن يعلى بن حمزة، عن الحجّال، عن علي بن الحكم، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، مثله(٧) .

[ ٦٣ ٢٧ ] ٢ - وعن أبيه، عن سعد، عن أيوب بن نوح، عن الربيع بن

____________________

(١) تقدم في الباب ١ و ٢ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الباب ٤ و ٣٩ و ٦٨ من هذه الأبواب.

(٣) تقدم في الباب ٢ من أبواب المواقيت.

(٤) تقدم في الأحاديث ١ و ٣ و ٧ من الباب ٥٤ من أبواب الوضوء.

(٥) تقدم في الباب ١٠ من أبواب الوضوء.

الباب ٤

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٣: ٢٥٥ / ٧٠٦.

(٦) الفقيه ١: ١٥٢ / ٧٠٢.

(٧) ثواب الأعمال: ٤٦.

٢ - ثواب الأعمال: ٢١٢ / ١.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله :«نعم» فقال: إنّك تعلم ما أحد بارّ بأبيه مثلي، فإنْ أردت قتله فأمرني به؛ لأنّي أخاف أنْ تأمر غيري ولا اُحبّ أنْ أنظر إلى قاتل أبي فأعدو عليه فأقتله وأكون في النّار(١) ... وهذه القصّة تعطينا صورة نيّرة عمّا عليه البشر من احتدام أولياء المقتول على القاتل وتربّصهم الفرص للأخذ بالثأر منه، ولَو كان القتل من جهة الشرك...

ولهذه الغريزة المطبوعة عليها جبلة النّاس كان عمر بن الخطاب يقول لسعيد بن العاص وقد اجتمع عنده في بعض الليالي هو وعثمان وعلي وابن عبّاس: ما لك معرضاً عنّي كأنّي قتلت أباك! إنّي لم أقتله ولكن أبا حسن قتله، فقال أمير المؤمنين:«اللهمّ غفراً ذهب الشرك بما فيه، ومحا الإسلام ما قبله، فلماذا تهيّج القلوب يا عمر؟» فقال سعيد: لقد قتله كفؤ كريم، وهو أحبّ إليَّ من أن يقتله مَن ليس من عبد مناف(٢) .

لم يكن من الهيّن على سعيد قتْل أبيه وإنْ كان كافراً وقُتل بسيف الدعوة المحمّديّة، والقاتل شريف جم المناقب ولم يحفّزه على إراقة دمه إلاّ نداء الربّ جلّ وعلا الموحى به إلى رسول السّماء، غير أنّ الخوف من صارم العدل حتم عليه التظاهر بالرضا مع انحناء أضالعه على أحرّ من جمر الغضا مرتقباً الفرصة في الأخذ بثاره، وقد ظهرت نار البغض على لسان ولده عمرو بن سعيد الأشدق يوم تولّى المدينة من قِبَل يزيد فلقد واجه ضريح النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بلسان طويل مجاهر بقوله: يوم بيوم بدر يا رسول الله. ولما سمع صراخ نساء بني هاشم على سيّد شباب أهل الجنّة قال: واعية بواعية عثمان(٣) .

فعبد الله بن جعفر يتّقد قلبه ناراً على ابن ميسون ويوّد لَو تمكّنه الفرصة وتأخذ المقادير إلى تدميره والقضاء عليه وعلى أهله وذويه، ومهما يكن ناسياً للأشياء فلا ينسى قتله أبي الضيم ونجوم الأرض من آل عبد المطّلب والبهاليل من صحبه، ثمّ نكْته بالقضيب ثنايا ريحانة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهل يستطيع ابن جعفر والحالة هذه أن يبصر يزيد وسيفه يقطر من دمائهم وقد صكّ سمعه إظهاره الشماتة بنبيّ الإسلام:

____________________________

(١) اُسد الغابة ٣ / ٩٧.

(٢) شرح النّهج لابن أبي الحديد ٣ / ٣٣٥، الطبعة الاُولى المصريّة، وتهذيب تاريخ ابن عساكر ٦ / ١٣٤ ترجمة سعيد بن العاص.

(٣) راجع ما تقدّم بعنوان (عمرو الأشدق) من كتابنا هذا.

٣٤١

قد قتلنا القرم من ساداتهم

وعدلنا ميل بدر فاعتدل

ثمّ إلى إنكاره الرسالة:

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل

وهل ينسى ابن جعفر ليله ونهاره وقوف حرائر النبوّة بحالة يتصفّح وجوهها القريب والبعيد وأهل المنأهل والمعاقل.. والذي يهون الأمر أنّ المرسل للحديث هو المدائني الاُمويّ النّزعة والولاء، وكتابه مملوء بالأحاديث الرافعة للبيت الاُموي والواضعة من كرامة البيت العلوي، لا يلتفت إليها إلاّ العارف بأخبار الرجال وشخصيّات الرواة.

عبد الله بن عباس

لمّا بلغ يزيد امتناع عبد الله بن عبّاس عن البيعة لابن الزبير، كتب إليه: أمّا بعد، فقد بلغني أنّ الملحد ابن الزبير دعاك إلى بيعته والدخول في طاعته لتكون على الباطل ظهيراً وفي المآثم شريكاً، فامتنعتَ عليه وانقبضتَ عنه؛ لما عرّفك الله في نفسك من حقّنا أهل البيت، فجزاك أفضل ما جزى الواصلين عن أرحامهم الموفين بعهودهم، ومهما أنسى من الأشياء فلا أنسى وصلك وحُسن جائزتك التي أنت أهلها في الطاعة والشرف والقرابة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فانظر مَن قبلك من قومك، ومَن يطرأ عليك من أهل الآفاق ممَّن يسحره ابن الزبير بلسانه وزخرف قوله، فاجذبهم عنه فإنّهم لك أطوع ومنك أسمع منهم للملحد المارق، والسّلام.

فكتب إليه ابن عبّاس: أمّا بعد، فقد جاء في كتابك تذكر فيه دعاء ابن الزبير إيّاي إلى بيعته وأنّي امتنعت عليه معرفةً لحقّك، فإن يكن ذلك كذلك فلستُ أرجو بذلك برّك، ولكنّ الله بما أنوي عليم. وكتبتَ إليَّ أنّه أحثّ النّاس عليك وأخذلهم عن ابن الزبير، فلا ولا سرور ولا حبور، بفيك الكثكث ولك الأثلب وإنّك العازب الرأي أنْ منّتك نفسك وإنّك لأنت المنقود المثبور. وكتبت إليَّ بتعجيل برّي وصِلتي، فاحبس أيّها الإنسان برّك، فإنّي حابس عنك ودّي ونصرتي، ولَعمري ما تعطينا ممّا في يدك لنا إلاّ القليل، وتحبس منه الطويل العريض، لا أباً لك! أتراني أنسى قتلك حسيناً وفتيان بني عبد المطّلب ومصأبيح الدجى

٣٤٢

ونجوم الهدى وأعلام التقى، وغادرتْهم خيولك بأمرك فأصبحوا مصرّعين في صعيد واحد، مزمّلين بالدماء مسلوبين بالعراء، لا مكفّنين ولا موسّدين، تسفي عليهم الرياح، وتغزوهم الذئاب وتنتابهم عوج الضباع حتّى أتاح الله لهم قوماً لَم يشركوا في دمائهم، فكفّنوهم وأجنّوهم، وبهم والله وبي من الله عليك العذاب.! ومهما أنسى من الأشياء فلستُ أنسى تسليطك عليهم الدعيّ بن الدعيّ الذي كان للعاهرة الفاجرة البعيد رحماً، اللئيم أباً واُمّاً، الذي اكتسب أبوك في ادّعائه العار والمأثم والمذلّة والخزي في الدنيا والآخرة؛ لأنّ رسول الله قال:«الولد للفراش، وللعاهر الحجر». وإنّ أباك يزعم أنّ الولد لغير الفراش، ولا يضير العاهر، ويلحق به ولده كما يلحق به الولد الرشيد. ولقد أمات أبوك السُنّة جهلاً، وأحيا الأحداث المضلّة عمداً.

ومهما أنسى من الأشياء، فلستُ أنسى تسييرك حسيناً من حرم رسول الله إلى حرم الله تعالى، وتسييرك إليه الرجال وإدساسك إليهم أنْ يقتلوه، فما زلت بذلك وكذلك حتّى أخرجته من مكّة إلى أرض الكوفة تزأر به خيلك وجنودك زئير الأسد عداوةً منك لله ولرسوله ولأهل بيته. ثمّ كتبتَ إلى ابن مرجانة أنْ يستقبله بالخيل والرجال والأسنّة والسّيوف، وكتبت إليه بمعاجلته وترك مطاولته حتّى قتلته ومَن معه من فتيان بني عبد المطّلب أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، ونحن كذلك لا كآبائك الجفاة أكباد الحمير ولقد علمت أنّه كان أعزّ أهل البطحاء قديماً وأعزَّه بها حديثاً، لَو ثوى بالحرمين مقاماً واستحلَّ بها قتلاً، ولكنّه كره أنْ يكون هو الذي يستحلّ به حرم الله وحرم الرسول وحرمة البيت الحرام، فطلب الموادعة وسألكم الرجعة فطلبتم قلَّة أنصاره واستئصال أهل بيته كأنّكم تقتلون أهل بيت من الترك أو كابل.

وكيف تجدني على ودّك وتطلب نصري فقد قتلتَ بني أبي، وسيفك يقطر من دمي وأنت طلبة ثأري؟! فإنْ شاء الله لا يطل إليك دمي، ولا تسبقني بثأري وإنْ تسبقنا فقتلتنا ما قتلت به النبيون فطلب دمائهم في الدماء، وكان الموعد الله وكفى بالله للمظلومين ناصراً، ومن الظالمين منتقماً.

والعجب كلّ العجب ما عشت يريك الدهر عجباً، حملك بنات عبد المطّلب وأبناءهم اُغيلمةً صغاراً إليك بالشام! ترى أنّك قهرتنا وأنّك تذلّنا وبهم والله وبي مَنَّ الله عليك وعلى أبيك واُمّك من السّباء.

وأيم الله إنّك لتصبح وتمسي آمناً

٣٤٣

لجراح يدي وليعظمنَّ جرحك بلساني ونقضي وإبرامي، لا يستفزنَّك الجدل فلن يمهلك الله بعد قتْل عترة رسول الله إلاّ قليلاً حتّى يأخذك الله أخذاً عزيزاً ويخرجك من الدنيا آثماً مذموماً، فعش لا أباً لك ما شئت ولقد أرداك عند الله ما اقترفت(١) .

السّبايا إلى الشام

وبعث ابن زياد رسولاً إلى يزيد يخبره بقتْل الحسينعليه‌السلام ومَن معه وأنّ عياله في الكوفة وينتظر أمره فيهم، فعاد الجواب بحملهم والرؤوس معهم(٢) .

وكتب رقعةً ربط فيها حجراً ورماه في السّجن المحبوس فيه آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وفيها: خرج البريد إلى يزيد بأمركم في يوم كذا، ويعود في كذا، فإذا سمعتم التكبير فأوصلوا وإلاّ فهو الأمان.

ورجع البريد من الشام يخبر بأنْ يسرّح آل الحسين إلى الشام(٣) .

فأمر ابن زياد زجر بن قيس وأبا بردة بن عوف الأزدي وطارق بن ظبيان في جماعة من الكوفة أنْ يحملوا رأس الحسين ورؤوس مَن قُتل معه إلى يزيد(٤) .

وقيل ذهب برأس الحسينعليه‌السلام مجبر بن مرّة بن خالد بن قناب بن عمر بن قيس بن الحرث بن مالك بن عبيد الله بن خزيمة بن لؤي(٥) .

وسرّح في أثرهم علي بن الحسين مغلولة يدَيه إلى عنقه وعياله معه(٦) على

____________________________

(١) رتّبنا الكتاب من مجمع الزوائد لأبي بكر الهيثمي ٧ / ٢٥٠، وأنساب الأشراف للبلاذري ٤ / ١٨ الطبعة الاُولى، ومقتل الحسين للخوارزمي ٢ / ٧٧، وكامل ابن الأثير ٤ / ٥٠ (سنة ٦٤)، وعليه مروج الذهب للمسعودي.

(٢) اللهوف / ٩٥ و٩٧.

(٣) الطبري ٦ / ٢٦٦، وفي صفحة ٩٦ ذكر: إنّ أبا بكرة أجّله بسر بن أرطاة اُسبوعاً على أنْ يذهب إلى معاوية، فرجع من الشام في اليوم السّابع.

وفي مثير الأحزان لابن نما / ٧٤: إنّ عميرة أرسله عبد الله بن عمر إلى يزيد ومعه كتاب إلى ابن زياد ليطلق سراح المختار الثقفي، فكتب يزيد بذلك إلى عبيد الله بن زياد، فجاء عميرة بالكتاب إلى الكوفة وقد قطع المسافة بين الشام والكوفة بأحد عشر يوماً.

(٤) الطبري ٦ / ٢٦٤، وابن الأثير ٤ / ٣٤، والبداية ٨ / ١٩١، والخوارزمي، وإرشاد المفيد، وإعلام الورى / ١٤٩، واللهوف / ٩٧.

(٥) الإصابة ٣ / ٤٨٩، بترجمة مرّة.

(٦) تاريخ الطبري ٦ / ٢٥٤، والخطط المقريزيّة ٢ / ٢٨٨.

٣٤٤

حال تقشعّر منها الأبدان(١) .

وكان معهم شمر بن ذي الجوشن، ومجفر بن ثعلبة العائدي(٢) ، وشبث بن ربعي، وعمرو بن الحَجّاج، وجماعة، وأمرهم أنْ يلحقوا الرؤوس ويشهّروهم في كلّ بلد يأتونها(٣) فجدّوا السّير حتّى لحقوا بهم في بعض المنازل(٤) .

وحدّث ابن لهيعة: إنّه رأى رجلاً متعلّقاً بأستار الكعبة يستغيث بربّه، ثمّ يقول: ولا أراك فاعلاً. فأخذتُه ناحيةً وقلت: إنّك لمجنون فإنّ الله غفور رحيم، ولَو كانت ذنوبك عدد القطر لغفرها لك. قال لي: اعلم كنتُ ممَّن سار برأس الحسين إلى الشام، فإذا أمسينا وضعنا الرأس وشربنا حوله، وفي ليلة كنت أحرسه، وأصحابي رقود، فرأيت برقاً وخلقاً أطافوا بالرأس، ففزعت واُدهشت ولزمت السّكوت، فسمعتُ بكاءاً وعويلاً وقائلاً يقول: يا محمّد إنّ الله أمرني أنْ اُطيعك، فلَو أمرتني أنْ اُزلزل بهؤلاء الأرض كما فعلت بقوم لوط، فقال لهصلى‌الله‌عليه‌وآله :«يا جبرئيل، إنّ لي موقفاً معهم يوم القيامة بين يدَي ربّي سبحانه».

فصحت: يا رسول الله الأمان! فقال لي:«اذهب فلا غفر الله لك» . فهل ترى الله يغفر لي؟(٥) .

وفي بعض المنازل وضعوا الرأس المطهّر فلم يشعر القوم إلاّ وقد ظهر قلم حديد من الحائط وكتب بالدم(٦) .

____________________________

(١) تاريخ القرماني / ١٠٨.

وفي مرآة الجنان لليافعي ١ / ١٣٤: سيقت بنات الحسين بن علي ومعهم زين العابدينعليه‌السلام وهو مريض كما تساق الاُسارى (قاتل الله فاعل ذلك). وخالف ابن تيمية ضرورة التاريخ، فقال كما في المنتقى من منهاج الاعتدال للذهبي / ٢٨٨: سيّر ابن زياد حرم الحسين بعد قتله إلى المدينة.

(٢) في جمهرة أنساب العرب لابن حزم / ١٦٥ قال: بنو عائدة منهم مجفر بن مرّة بن خالد بن عامر بن قبان بن عمرو بن قيس بن الحارث بن مالك بن عبيد بن خزيمة بن لؤي، وهو الذي حمل رأس الحسين بن عليرضي‌الله‌عنهما إلى الشام.

(٣) المنتخب للطريحي / ٣٣٩، الطبعة الثانية.

(٤) الإرشاد للمفيد.

(٥) اللهوف / ٩٨.

(٦) مجمع الزوائد لابن حجر ٩ / ١٩٩، والخصائص للسيوطي ٢ / ١٢٧، وتاريخ ابن عساكر ٤ / ٣٤٢، والصواعق المحرقة / ١١٦، والكواكب الدريّة ١ / ٥٧، والاتحاف بحبّ الأشراف / ٢٣. ونسبه ابن طاووس في اللهوف / ٩٨ إلى تاريخ بغداد لابن النّجار. وفي تاريخ القرماني / ١٠٨: وصلوا إلى دَير في الطريق، فنزلوا فيه ليقيلوا به، فوجدوا مكتوباً على بعض جدرانه هذا البيت. وفي الخطط المقريزيّة ٢ / ٢٨٥: كتب هذا قديماً ولا يدرى قائله. وفي مثير الأحزان لابن نما / ٥٣: حفروا في بلاد الروم حفراً قبل أن يبعث النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بثلاثمئة سنة فأصأبوا حجراً مكتوب عليه بالمسند هذا البيت، والمسند كلام أولاد شيث.

٣٤٥

أترجو اُمّة قتلت حسيناً

شفاعةَ جَدّه يومَ الحساب؟

فلم يعتبروا بهذه الآية، وأرداهم العمى إلى مهوىً سحيق، ونِعم الحكم الله تعالى.

وقبل أنْ يصلوا الموضع بفرسخ، وضعوا الرأس على صخرة هناك، فسقطت منه قطرة دم على الصخرة، فكانت تغلي كلّ سنة يوم عاشوراء، ويجتمع النّاس هناك من الأطراف فيقيمون المأتم على الحسينعليه‌السلام ويكثر العويل حولها، وبقي هذا إلى أيّام عبد الملك بن مروان، فأمر بنقل الحجر فلم يُرَ له أثر بعد ذلك، ولكنّهم بنوا في محلّ الحجر قبّة سموها النّقطة(١) .

وكان بالقرب من حماة في بساتينها مسجد يقال له مسجد الحسينعليه‌السلام ، ويحدّث القَومة: أنّ الحجر والأثر والدم موضع رأس الحسينعليه‌السلام حين ساروا به إلى دمشق(٢) .

وبالقرب من حلب مشهد يعرف بـ (مسقط السّقط)(٣) وذلك أنّ حرم

____________________________

(١) نفَس المهموم / ٢٢٨، للشيخ الجليل الشيخ عبّاس القمي.

وفي نهر الذهب في تاريخ حلب ٣ / ٢٣: لمّا جيء برأس الحسينعليه‌السلام مع السّبايا ووصلوا إلى هذا الجبل غربي حلب، قطرت من الرأس الشريف قطرة دم، وعُمّر على أثرها مشهد عرف (بمشهد النقطة). وفيه ٣ / ٢٨٠، نقل من تاريخ يحيى بن أبي طي من عمْر هذا المشهد وتوالي العمارات عليه.

وفي كتاب الإرشارات إلى معرفة الزيارات تأليف أبي الحسن علي بن أبي بكر الهروي المتوفّى (سنة ٦١١ هـ) / ٦٦: في مدينة نصيبين مشهد النّقطة يقال أنّه من دم رأس الحسينعليه‌السلام . وفي سوق النشابين مشهد الرأس فإنّه علّق هناك لمّا عبروا بالسّبي إلى الشام.

(٢) قال الشيخ المحدّث الجليل الشيخ عبّاس القمي، في نفس المهموم شاهدت هذا الحجر عند سفري إلى الحج، وسمعت الخدم يتحدثون بذلك.

(٣) في معجم البلدان ٣ / ١٧٣، وخريدة العجائب / ١٢٨: يُسمّى مشهد الطرح.

وفي نهر الذهب ٢ / ٢٧٨: سمّي مشهد الدكّة، ومشهد الطرح، يقع غربي حلب.

وحكى عن تاريخ ابن أبي طي إنّ مشهد الطرح ظهرت عمارته (سنة ٣٥١ هـ) بأمر من سيف الدولة.

وذكر بعضهم: إنّ إحدى نساء الحسينعليه‌السلام أسقطت هنا لمّا جيء بسبي عيال الحسينعليه‌السلام والرؤوس وكان هنا معدن، وأهله لمّا فرحوا بالسّبي دعت عليهم زينبعليها‌السلام ففسد ذلك المعدن، فعمّره سيف الدولة، ثمّ ذكر توالي العمارات عليه.

٣٤٦

الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لما وصلوا إلى هذا المكان، أسقطت زوجة الحسينعليه‌السلام سقطاً كان يُسمى (محسناً)(١) .

وفي بعض المنازل نصبوا الرأس على رمح إلى جنب صومعة راهب، وفي أثناء الليل سمع الراهب تسبيحاً وتهليلاً، ورأى نوراً ساطعاً من الرأس المطهّر وسمع قائلاً يقول: السّلام عليك يا أبا عبد الله. فتعجّب حيث لَم يعرف الحال. وعند الصباح استخبر من القوم، قالو: إنّه رأس الحسين بن علي بن أبي طالب واُمّه فاطمة بن محمّد النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لهم: تبّاً لكم أيّتها الجماعة، صدقت الأخبار في قولها (إذا قُتل تمطر السّماء دماً). وأراد منهم أنْ يقبّل الرأس فلَم يجيبوه إلاّ بعد أن دفع إليهم دراهم، ثمّ أظهر الشهادتين وأسلم ببركة المذبوح دون الدعوة الإلهيّة، ولمّا ارتحلوا عن هذا المكان نظروا إلى الدراهم وإذا مكتوب عليها: وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون(٢) .

أيُهدى إلى الشامات رأس ابن فاطمٍ

ويـقـرعه بـالخيزرانة كـاشحه

وتـُسبى كـريمات النبيّ حواسراً

تـغادي الجوى من ثكلها وتراوحه

يـلوح لها رأس الحسين على القنا

فـتبكي وينهاها عن الصبر لائحه

وشـيـبته مـخـضوبة بـدمائه

يـلاعبها غادي النسيم ورائحه(٣)

في الشام

ولما قربوا من دمشق، أرسلت اُمّ كلثوم إلى الشمر تسأله أنْ يدخلهم في درب قليل النظّار، ويخرجوا الرؤوس من بين المحامل؛ لكي يشتغل النّاس بالنّظر إلى

____________________________

(١) في معجم البلدان ٣ / ١٧٣، بمادة جوشن، وخريدة العجائب لابن الوردي / ١٢٨، عند ذكر جبل جوشن: إنّ بعض سبي الحسينعليه‌السلام طلب ممّن يقطن هناك من الصنّاع خبزاً وماءً، فامتنع فدعا عليهم؛ ومن ذلك لا يربح أهل ذلك الموضع.

(٢) تذكرة الخواص / ١٥٠.

(٣) للعلامة الشيخ عبد الحسين الأعسم النجفيرحمه‌الله .

٣٤٧

الرؤوس فسلك بهم على حالة تقشعّر من ذكرها الأبدان وترتعد لها فرائص كلّ إنسان. وأمر أنْ يُسلك بهم بين النظّار، وأنْ يجعلوا الرؤوس وسط المحامل(١) .

وفي أول يوم من صفر دخلوا دمشق(٢) فأوقفوهم على (باب السّاعات)(٣) وقد خرج النّاس بالدفوف والبوقات، وهم في فرح وسرور، ودنا رجل من سكينة وقال: من أيّ السّبايا أنتم؟ قالت: نحن سبايا آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

وكان يزيد جالساً في منظره على جيرون، ولما رأى السّبايا والرؤوس على أطراف الرماح، وقد أشرفوا على ثنية جيرون، نعب غراب، فأنشأ يزيد يقول:

لـمّا بـدت تلك الحمول وأشرقت

تلك الرؤوس على شفا جيرون(٥)

نـعب الغراب فقلتُ قل أو لا تقل

فـقد أقتضيت من الرسول ديوني

ومن هنا حكم ابن الجوزي والقاضي أبو يعلى والتفتازاني والجلال السّيوطي بكفره ولعنه(٦) .

____________________________

(١) اللهوف / ٩٩، ومثير الأحزان لابن نما / ٥٣، ومقتل العوالم / ١٤٥.

(٢) نصّ عليه كامل البهائي، والآثار الباقية للبيروني / ٣٣١ طبعة الاُفست، والمصباح للكفعمي / ٢٦٩، وتقويم المحسنين للفيض / ١٥، وبناءً على ما في تاريخ الطبري ٦ / ٢٦٦، من حبسهم في السّجن إلى أنْ يأتي البريد من الشام يخبرهم ببعد وصولهم إلى الشام في أول صفر فإنّ المسافة بعيدة تستدعي زمناً طويلاً، اللهمّ إلاّ أنْ يكون البريد من طريق الطير.

(٣) مقتل الخوارزمي ٢ / ٦١ روى: إنّهم اُدخلوا مدينة دمشق من باب (توما)، وهذا الباب كما في ثمار المقاصد / ١٠٩: أحد أبواب مدينة دمشق القديمة. ويحدّث أبو عبد الله محمّد بن علي بن ابراهيم المعروف بابن شدّاد المتوفّى (سنة ٦٨٤ هـ) في أعلاق الخطيرة ٢ / ٧٢ قال: إنّما سمّي بباب السّاعات؛ لأنّه عمل هناك بنظام السّاعات، يعلم بها كلّ ساعة تمضي من النّهار عليها عصافير من نحاس وغراب وحيّة من نحاس، فإذا أتمّت السّاعة خرجت الحيّة فصفرت العصافير وصاح الغراب وسقطت حصاة في الطشت.

(٤) أمالي الصدوق / ١٠٠ المجلس الواحد والثلاثون، ومقتل الخوارزمي ٢ / ٦٠.

(٥) في صورة الأرض لابن حوقل / ١٦١ طبعة الاُفست في دمشق: ليس في الإسلام أحسن منه، كان مصلّى الصابئين ثمّ صار لليونان يعظّمون فيه دينهم، ثمّ صار لليهود، وملوك عبدة الأصنام، وباب هذا المسجد يُسمّى باب جيرون، صُلب على هذا الباب رأس يحيى بن زكريا وصلب على جيرون رأس الحسين بن عليعليه‌السلام في الموضع الذي صُلب فيه رأس يحيى بن زكريا. ولمّا كان أيّام الوليد بن عبد الملك جعل وجه جدرانه رخاماً...، ويظهر إنّ هذا المسجد هو الجامع الاُموي.

(٦) روح المعاني للآلوسي ٢٦ / ٧٣، آية( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ ) قال الآلوسي: أراد بقوله: (فقد اقتضيت من الرسول ديون) أنّه قتل بما قتله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم بدر، كجدّه عتبة وخاله وغيرهما، وهذا كفر صريح، ومثله تمثله بقول ابن الزبعري قبل إسلامه (ليت أشياخي...) الأبيات.

٣٤٨

ودنا سهل بن سعد السّاعدي من سكينة بنت الحسينعليه‌السلام وقال: ألك حاجة؟ فأمرته أنْ يدفع لحامل الرأس شيئاً فيبعده عن النّساء ليشتغل النّاس بالنّظر إليه، ففعل سهل(١) .

ودنا شيخ من السّجادعليه‌السلام وقال له: الحمد الله الذي أهلككم وأمكن الأمير منكم. ها هنا أفاض الإمام من لطفه على هذا المسكين المغترّ بتلك التمويهات لتقريبه من الحقّ وإرشاده إلى السّبيل، وهكذا أهل البيتعليهم‌السلام تشرق أنوارهم على مَن يعلمون صفاء قلبه وطهارة طينته واستعداده للهداية. فقالعليه‌السلام له:«يا شيخ أقرأت القرآن؟» قال: بلى، قالعليه‌السلام :«أقرأت ( قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (٢) ؟ وقرأت قوله تعالى: ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى‏ حَقّهُ ) (٣) ؟ وقوله تعالى: ( وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَنِمْتُم مِن شَيْ‏ءٍ فَأَنّ للّهِ‏ِ خُمُسَهُ وَلِلرّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى ) (٤) ؟» قال الشيخ: نعم، قرأت ذلك. فقالعليه‌السلام :«نحن والله القربى في هذه الآيات».

ثمّ قال له الإمام:«أقرأت قوله تعالى: ( إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٥) ؟» قال: بلى. فقالعليه‌السلام :«نحن أهل البيت الذين خصّهم الله بالتطهير» . قال الشيخ: بالله عليك أنتم هم؟ فقالعليه‌السلام :«وحقّ جدّنا رسول الله إنّا لنحن هم، من غير شكّ».

فوقع الشيخ على قدمَيه يقبّلهما ويقول: أبرأ إلى الله ممَّن قتلكم. وتاب على يد الإمام ممّا فرّط في القول معه. وبلغ يزيد فعل الشيخ وقوله، فأمر بقتله(٦) .

بـأيـّة آيــة يـأتـي يـزيـد

غـداة صـحائف الأعـمال تُتلى

وقـام رسـول ربّ الـعرش يتلو

وقد صمَّت جميع الخلق قل لا(٧)

____________________________

(١) مقتل العوالم / ١٤٥.

(٢) سورة الشورى / ٢٣.

(٣) سورة الإسراء / ٢٦.

(٤) سورة الأنفال / ٤١.

(٥) سورة الأحزاب / ٣٣.

(٦) اللهوف / ١٠٠.

وفي تفسير ابن كثير ٤ / ١١٢، وروح المعاني للآلوسي ٢٥ / ٣١، ومقتل الخوارزمي ٢ / ٦١: إنّ السّجادعليه‌السلام قرأ على الشيخ آية المودّة فأذعن له.

(٧) روح المعاني للآلوسي ٢٥ / ٣١، إنّهما للسيّد عمر الهيثمي (أحد أقاربه المعاصرين) وقد استجودهما الآلوسي.

٣٤٩

وقبل أنْ يدخلوهم إلى مجلس يزيد، أتوهم بحبال فربقوهم بها، فكان الحبل في عنق زين العابدينعليه‌السلام إلى زينب اُمّ كلثوم وباقي بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكلّما قصروا عن المشي ضربوهم حتّى أوقفوهم بين يدَي يزيد، وهو على سريره، فقال على بن الحسينعليه‌السلام :«ما ظنّك برسول الله لَو يرانا على هذا الحال؟» فبكى الحاضرون، وأمر يزيد بالحبال فقُطعت(١) .

واُقيموا على درج باب الجامع حيث يقام السّبي، ووُضع الرأس المقدّس بين يدَي يزيد، وجعل ينظر إليهم ويقول:

صبرنا وكان الصبر منّا عزيمةً

وأسـيافنا يقطعنَ هاماً ومعصما

نُـفلّق هـاماً مـن رجال أعزّة

علينا وهم كانوا أعقَّ وأظلما(٢)

ثمّ التفت إلى النّعمان بن بشير وقال: الحمد لله الذي قتله. فقال النّعمان: قد كان أمير المؤمنين معاوية يكره قتله. فقال يزيد: قد كان ذلك قبل أنْ يخرج، ولو خرج على أمير المؤمنين لقتله(٣) .

فليت السّما حقاً على الأرض اُطبِقَتْ

وطـاف عـن الدنيا الفناء أو النشر

بـنات عـليٍّ وهـي خير حرائر

يـباح بـأيدي الأدعـياء لها ستر

سـبايا على عَجْف المطايا حواسراً

يـودّعها مـصر ويـرقبها مـصر

فـإنْ دمـعت منهنَّ عين وقصَّرت

عـن الـمشي إعـياء مخدرة طهر

____________________________

(١) الأنوار النّعمانيّة / ٣٤١، واللهوف / ١٠١، وتذكرة الخواص / ٤٩.

(٢) مرآة الجنان لليافعي ١ / ١٣٥.

وفي كامل ابن الأثير ٤ / ٣٥، وعليه مروج الذهب: لما اُدخل الرأس عليه، جعل ينكته بقضيب ويتمثّل بقول الحصين بن حمام.

أبى قومنا أن ينصفونا فانصفت

قواضب في أيماننا تقطر الدما

نفلق هاماً من رجـال أعـزة

علينا وهم كانوا أعقَّ وأظلما

وفي العقد الفريد ٢ / ٣١٣، في خلافة يزيد قال: لمّا وُضع الرأس بين يدَيه تمثّل يزيد بقول الحصين بن الحمام المزني وذكر البيت الثاني، واقتصر ابن حجر الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / ١٩٨ على البيت الثاني، واقتصر الخوارزمي في المقتل ٢ / ٦١ على وقوفهم على درج باب الجامع، وهذان البيتان للحصين بن الحمام ذكرهما في المؤتلف والمختلف للآمدي / ٩١، قال: إنّ الحصين بن حمام بن ربيعة (إلى آخر نسبه) قال من قصيدة طويلة وذكر ثلاثة أبيات فيها البيتان.

وفي الشعر والشعراء / ١٥١، ذكر ثلاثة أبيات فيها البيت الثاني.

وفي الأشباه والنظائر / ٤ من أشعار المتقدّمين والجاهلين للخالديين اقتصر على البيت الثاني.

وفي الأغاني ١٢ / ١٢٠، طبعة ساسي ذكر ثلاثة عشر بيتاً فيها البيتان.

(٣) مقتل الخوارزمي ٢ / ٥٩.

٣٥٠

أهـاب بـها شـمر الخنا بقساوة

وآمـلها فـي سوطه نقمة زجر

ولـيس لـديها كـافل غير مدنف

أضرَّت به البلوى وقد مسَّه الضر

عليل يعاني القيد والغلَّ في السرى

ويـبدو عـلى سيمائه الذلّ والاسر

سـروا فـيه مـغلول اليدين مقيَّدا

إلى بطن حرف لم يوطَّأ لها ظهر

وقـد أكـل الـلحم الـحديد بجيده

واثَّـر حتّى فاض في دمه النحر

يـلاحظ أطـفالاً تـصيح ونـسوة

تـعجُّ واكـباداً يـطير بها الذعر

ورأس أبـيه وهـو سـبط محمد

أمـامَ الـسبايا تـستطيل به السمر

وقـد أدخـلوه الـشام لا مرحباً به

وأفـراحه تـطغى بعيدٍ هو النصر

الـى مـجلس فيه ابن هند بنصره

قـرير ومـروان يـطير به البشر

ورأس أبيه السّبط في طست عسجد

أمـام دعـيًّ غـرَّه الزهو والكبر

وقـد كـان يخفي الكفر لكن بذكره

لا شياخه في بدر قد ظهر الكفر(١)

يزيد مع السجاد

والتفت يزيد إلى السّجادعليه‌السلام وقال: كيف رأيت صنع الله يا علي بأبيك الحسين؟ قال:«رأيت ما قضاه الله عزّ وجلّ قبل أن يخلق السّموات والأرض». وشاور يزيد من كان حاضراً عنده في أمره، فأشاروا عليه بقتله. فقال زين العابدينعليه‌السلام :«يا يزيد، لقد أشار عليك هؤلاء بخلاف ما أشار به جلساء فرعون عليه حين شاورهم في موسى وهارون فإنّهم قالوا له: ( أَرْجِهِ وَأَخَاهُ ) ولا يقتل الأدعياء أولاد الأنبياء وأبناءهم» . فأمسك يزيد مطرقاً(٢) .

وممّا دار بينهما من الكلام أنْ قال يزيد لعلي بن الحسينعليه‌السلام :( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ) (٣) ، قال علي بن الحسينعليه‌السلام :«ما هذه فينا نزلت، إنّما نزل فينا ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ) (٤) (٥) فنحن لا

____________________________

(١) من قصيدة للعلامة الشيخ عبد المنعم الفرطوسي.

(٢) اثبات الوصية صفحة ١٤٣ ط نجف.

(٣) سورة الشورى / ٣٠.

(٤) العقد الفريد ٢ / ٣١٣، وتاريخ الطبري ٦ / ٢٦٧.

(٥) سورة الحديد / ٢٢ - ٢٣.

٣٥١

نأسى على ما فاتنا ولا نفرح بما آتانا» (١) فأنشد يزيد قول الفضل بن العبّاس بن عتبة:

مهلاً بني عمَّنا مهلاً موالينا

لا تنبشوا بيننا ما كان مدفوناً(٢)

ثمّ استأذنهعليه‌السلام في أنْ يتكلّم، فقال يزيد: نعم على أنْ لا تقل هجراً. قالعليه‌السلام : لقد«وقفت موقفاً لا ينبغي لمثلي أنْ يقول الهجر، ما ظنّك برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لَو يراني على هذه الحال؟» فأمر يزيد بأن يفكّ الغل منه(٣) .

وأمر يزيد الخطيب أن يثني على معاوية وينال من الحسين وآله، فأكثر الخطيب من الوقيعة في علي والحسينعليهما‌السلام فصاح به السّجادعليه‌السلام :«لقد اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق، فتبوّأ مقعدك من النّار» (٤) :

أعلى المنابر تعلنون بسبّه

وبسيفه نُصِبَتْ لكم أعوادها

وقال ليزيد:«أتأذن لي أن أرقى هذه الأعواد، فأتكلّم بكلام لله تعالى رضىً ولهؤلاء أجر وثواب؟» فأبى يزيد، وألحّ النّاس عليه فلَم يقبل، فقال ابنه معاوية: إئذن له، ما قدر أنْ يأتي به؟ فقال يزيد: إنّ هؤلاء ورثوا العلم والفصاحة(٥) وزقّوا العلم زقّاً(٦) . وما زالوا به حتّى أذِن له.

فقالعليه‌السلام :«الحمد لله الذي لا بداية له، والدائم الذي لا نفاد له، والأول الذي لا أوليّة له، والآخر الذي لا آخريّة له، والباقي بعد فناء الخلق، قدّر الليالي والأيّام، وقسّم فيما بينهم الأقسام، فتبارك الله الملك العلاّم، إلى أنْ قال:أيّها النّاس اُعطينا ستّاً وفضّلنا بسبع، اُعطينا؛ العلم والحلم والسّماحة والفصاحة والشجاعة والمحبّة في قلوب المؤمنين، وفُضلنا؛ بأنَّ منّا النّبي والصدّيق والطيّار وأسد الله وأسد رسوله وسبطا هذه الاُمّة. أيّها النّاس مَن عرفني فقد

____________________________

(١) العقد الفريد ٢ / ٣١٣، وتاريخ الطبري ٦ / ٢٦٧، تفسير علي بن إبراهيم / ٦٠٣، في الشورى.

(٢) المحاضرات للراغب الاصفهاني ١ / ٧٧٥، باب مَن يبجح بمعادات ذويه، وهذا البيت من أبيات خمسة للفضل بن العبّاس بن عتبة بن أبي لهب ذكرها أبو تمام في الحماسة راجع (شرح التبريزي ١ / ٢٢٣).

(٣) مثير الأحزان لابن نما / ٥٤، وغيره.

(٤) نفَس المهموم / ٢٤٢.

(٥) كامل البهائي.

(٦) رياض الأحزان / ١٤٨.

٣٥٢

عرفني، ومَن لَم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي، أيّها النّاس أنا ابن مكّة ومِنى، أنا ابن زمزم والصفا، أنا ابن مَن حمل الركن بأطراف الردا، أنا ابن خير مَن ائتزر وارتدى وخير مَن طاف وسعى، وحجّ ولبّى، أنا ابن مَن حُمِل على البراق وبلغ به جبرئيل سدرة المنتهى، فكان من ربّه كقاب قوسين أو أدنى، أنا ابن مَن صلّى بملائكة السّماء، أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى، أنا ابن مَن ضرب بين يدَي رسول الله ببدر وحنين، ولم يكفر بالله طرفة عين، أنا ابن صالح المؤمنين ووارث النبيّين، ويعسوب المسلمين ونور المجاهدين وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، ومفرّق الأحزاب، أربطهم جأشاً، وأمضاهم عزيمةً ذاك أبو السّبطين الحسن والحسين، علي بن أبي طالب. أنا ابن فاطمة الزهراء، وسيّدة النّساء، وابن خديجة الكبرى. أنا ابن المرمّل بالدماء، أنا ابن ذبيح كربلاء، أنا ابن مَن بكى عليه الجنّ في الظلماء، وناحت الطير في الهواء». فلمّا بلغ إلى هذا الموضع، ضجّ النّاس بالبكاء، وخشي يزيد الفتنة، فأمر المؤذّن أن يُؤذِّن للصلاة.

فقال المؤذِّن: الله أكبر. قال الإمامعليه‌السلام :«الله أكبر وأجلّ وأعلى وأكرم ممّا أخاف وأحذر». فلمّا قال المؤذِّن: أشهد أنْ لا إله إلاّ الله، قالعليه‌السلام :«نعم، أشهد مع كلّ شاهد أنْ لا إله غيره ولا ربّ سواه». فلمّا قال المؤذِّن: أشهد أنّ محمّداً رسول الله قال الإمامعليه‌السلام للمؤذِّن:«أسألك بحقّ محمّد أنْ تسكت حتّى اُكلّم هذا، والتفت إلى يزيد وقال:هذا الرسول العزيز الكريم جدّك أم جدّي؟ فإنْ قلتَ جدّك علم الحاضرون والنّاس كلّهم إنّك كاذب، وإنْ قلتَ جدّي فلِمَ قتلتَ أبي ظلماً وعدواناً وانتهبت ماله وسبَيت نساءه، فويلٌ لك يوم القيامة إذا كان جدّي خصمك».

فصاح يزيد بالمؤذِّن: أقم للصلاة. فوقع بين النّاس همهمة وصلّى بعضهم، وتفرّق الآخر(١) .

____________________________

(١) نفَس المفهوم / ٢٤٢، والخطبة طويلة في مقتل الخوارزمي ٢ / ٦٩.

٣٥٣

الرأس الأطهر

ودعا يزيد برأس الحسينعليه‌السلام ووضعه أمامه في طست من ذهب(١) ، وكان النّساء خلفه، فقامت سكينة وفاطمة يتطاولان للنّظر إليه، ويزيد يستره عنهما، فلمّا رأينه صرخن بالبكاء(٢) .

ثمّ أذِن للنّاس أنْ يدخلوا(٣) . وأخذ يزيد القضيب وجعل ينكت ثغر الحسين(٤) ويقول: يوم بيوم بدر(٥) . وأنشد قول الحصين بن الحمام:

أبى قومنا أنْ ينصفونا فأنصفت

قـواضب في أيماننا تقطر الدما

نُـفلِّق هـاماً مـن رجال أعزَّة

علينا وهم كانوا أعقَّ وأظلما(٦)

فقال يحيى بن الحكم بن أبي العاص، أخو مروان، وكان جالساً عنده:

لَهامٍ بجنب الطفِّ أدنى قرابة من ابن

زيـاد الـعبد ذي الـحسب والوغل

سـميّة أمـسى نسلها عدد الحصى

وليس لآل المصطفى اليوم من نسل

____________________________

(١) مرآة الجنان لليافعي ١ / ١٣٥.

(٢) كامل ابن الأثير ٤ / ٣٥، ومجمع الزوائد ٩ / ١٩٥، والفصول المهمّة لابن الصباغ / ٢٠٥.

(٣) كامل ابن الأثير ٤ / ٣٥.

(٤) تاريخ الطبري ٦ / ٢٦٧، وكامل ابن الأثير ٤ / ٣٥، وتذكرة الخواص / ١٤٨، والصواعق المحرقة / ١١٦، والفروع لابن مفلح الحنبلي في فقه الحنابلة ٣ / ٥٤٩، ومجمع الزوائد لابن حجر ٩ / ١٩٥، والفصول المهمّة لابن الصباغ / ٢٠٥، والخطط المقريزية ٣ / ٢٨٩، والبداية لابن كثير ٨ / ١٩٢، وشرح مقامات الحريري للشريشي ١ / ١٩٣، آخر المقامة العاشرة، وأيّام العرب في الإسلام / ٤٣٥، تأليف محمّد أبي الفضل وعلي محمّد البجاوي و مناقب ابن شهر آشوب ٢ / ٢٢٥.

وفي الاتحاف بحبّ الأشراف / ٢٣: صار يزيد يضرب ثناياه بالقضيب. وكذ في الآثار الباقية للبيروني / ٣٣١، طبعة الاُوفست: (والنكت) كما في صحاح الجوهري: الضرب.

وفي المغرب للمطرزي ٢ / ٢٢٧: نكتت خدّها بإصابعها: أي نقرته وضربته.

وفي مقاييس اللغة لابن فارس ٥ / ٤٧٥: نكت في الأرض بقضيبه، ينكت: إذا أثّر فيها.

(٥) مناقب ابن شهر آشوب ٢ / ٢٢٦.

(٦) كامل ابن الأثير ٤ / ٣٥، والفصول المهمّة لابن الصباغ / ٢٠٥: والبيت الأول عند اليافعي في مرآة الجنان ١ / ١٣٥.

صبرنا فكان الصبر منّا عزيمةً

وأسيافنا يقطعن كفّا ومعصما

ورواه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص / ١٤٨، مع تغيير في بعض ألفاظه.

وجماعة من المؤرخين اقتصروا على البيت الثاني، منهم الشريشي في شرح مقامات الحريري ١ / ١٩٣، والأندلسي في العقد الفريد ٢ / ٣١٣ وابن كثير في البداية ٨ / ١٩٧، والشيخ المفيد في الإرشاد، وابن جرير الطبري في التاريخ ٦ ص٢٦٧، وقال: البيت للحصين بن الحمام المري.

٣٥٤

فضربه يزيد على صدره وقال: اسكت لا اُمّ لك(١) .

وقال أبو برزة الأسلمي: أشهد لقد رأيت النّبي يرشف ثناياه وثنايا أخيه الحسنعليه‌السلام ويقول:«أنتما سيّدا شباب أهل الجنّة، قَتل الله قاتلكما، ولعنه وأعدّ له جهنّم وساءت مصيراً» . فغضب يزيد منه وأمر به فاُخرج سحباً(٢) .

والتفت رسول قيصر إلى يزيد وقال: إنّ عندنا في بعض الجزائر حافر حمار عيسى، ونحن نحجّ إليه في كلّ عام من الأقطار ونهدي إليه النّذور ونعظّمه كما تعظّمون كتبكم، فأشهد إنّكم على باطل(٣) . فأغضب يزيد هذا القول وأمر بقتله، فقام إلى الرأس وقبَّله، وتشهّد الشهادتين، وعند قتله سمع أهل المجلس من الرأس الشريف صوتاً عالياً فصيحاً«لا حول ولا قوّة إلاّ بالله» (٤) .

ثمّ اُخرج الرأس من المجلس وصُلب على باب القصر ثلاثة أيّام(٥) ، فلمّا رأت هند بنت عمرو بن سهيل، زوجة يزيد، الرأس على باب دارها(٦) والنّور الإلهي يسطع منه ودمه طري لَم يجفّ ويُشمّ منه رائحةً طيّبةً(٧) دخلت المجلس مهتوكة الحجاب وهي تقول: رأس ابن بنت رسول الله على باب دارنا؟! فقام إليها

____________________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٦٥، وكامل ابن الأثير ٤ / ٣٧. وعجز البيت الثاني في مجمع الزوائد لابن حجر ٩ / ١٩٨، و مناقب ابن شهر آشوب ٢ / ٢٢٦: (وبنت رسول الله ليس لها نسل) وفي البداية لابن كثير ٨ / ١٩٣: كان الحصين ينشد وذكر البيت الثاني موافقاً لمجمع الزوائد.

وفي مثير الأحزان لابن نما / ٥٤: روى أنّ الحسن بن الحسن - وهو المثنّى - لمّا رأى يزيد يضرب رأس الحسين عليه‌السلام بالقضيب قال واذلاّه!

سـميّة أمـسى نسلها عدد الحصى

وبنت رسول الله ليس لها نسل

وفي تذكرة الخواص / ١٤٩: لمّا بلغ الحسن البصري فعلة يزيد بالرأس، تمثّل بالبيت الثاني.

وفي الأغاني ١٢ / ٧١: نسبهما إلى عبد الرحمن بن الحكم مع بيت ثالث.

وفي مقتل الخوارزمي ٢ / ٥٦: نسبهما إلى عبد الرحمن ابن الحكم أخي مروان.

(٢) اللهوف / ١٠٢، واختصر الحديث في الفصول المهمّة / ٢٠٥، وتاريخ الطبري ٦ / ٢٦٧، و مناقب ابن شهر آشوب ٢ / ٢٦.

(٣) الصواعق المحرقة / ١١٩.

(٤) مقتل العوالم / ١٥١، ومثير الأحزان لابن نما.

وفي مقتل الخوارزمي ٢ / ٧٢، ذكر محاورة النّصراني مع يزيد وقتْله ولَم يذكر كلام الرأس الأطهر.

(٥) الخطط المقريزيّة ٢ / ٢٨٩، والاتحاف بحبّ الأشراف / ٢٣، ومقتل الخوارزمي ٢ / ٧٥، والبداية لابن كثير ٨ / ٢٠٤، وسِيَر أعلام النّبلاء ٣ / ٢١٦.

(٦) مقتل العوالم / ١٥١، وتقدّم في المقدّمة من هذا الكتاب تعريف أبيها وعند مَن كانت.

(٧) الخطط المقريزيّة ٢ / ٢٨٤.

٣٥٥

يزيد وغطّاها وقال لها: اعولي عليه يا هند، فإنّه صريخة بني هاشم عجّل عليه ابن زياد(١) .

وأمر يزيد بالرؤوس أنْ تُصلب على أبواب البلد والجامع الاُموي، ففعلوا بها ذلك(٢) .

وفرح مروان بقتل الحسينعليه‌السلام فقال:

ضربت دوسر فيهم ضربة

أثبتت أوتاد مُلكٍ فاستقر

ثمّ جعل ينكت بالقضيب في وجهه ويقول:

يـا حبّذا بردك في اليدَين

ولونك الأحمر في الخدَّين

كـأنَّـه بـات بـعسجدين

شفيت منك النّفس يا حسين(٣)

الشامي مع فاطمة

قال الرواة: نظر رجال شامي إلى فاطمة بنت علي(٤) فطلب من يزيد أنْ يهبها له لتخدمه، ففزعت ابنة أمير المؤمنين وتعلّقت باُختها العقيلة زينب وقالت: كيف

____________________________

(١) المقتل للخوارزمي ٢ / ٧٤.

(٢) نفَس المهموم ص ٢٤٧.

(٣) رياض الاحزان ص ٥٩ ومثير الاحزان لابن نما ص ٥ واقتصر سبط ابن الجوزي على البيت الاول ويروي ابن ابي الحديد في شرح النهج ج ١ ص ٣٦١ مصر ان مروان كان امير المدينة فلمّا وصل اليه الرأس قال:

يـا حبّذا بردك في اليدَين

وحمرة تجري على خدين

كأنما بات بعسجدين

ثم رمى بالرأس نحو القبر وقال يا محمد يوم بيوم بدر والخبر مشهور والصحيح ان مروان لم يكن امير المدينة. وفي اقرب الموارد مادة (برد) البرد حب الغمام ويستعمل للاسنان الشديدة البياض، وفي آداب اللغة العربية لجرجي زيدان ج ١ ص ٢٨٢ من شعر يزيد بن الطثرية قوله:

بنفسي من لو مر بنانه

على كبدي كانت شفاء أنامله

والبرد كما في تاج العروس ج ٢ ص ٢٩٨ السكون والفتور فكأنه أراد أن يكون قتله واسكاته عن الحركة بيده وانه الذي يضرج خديه بحمرة الدم، واستبعاد حضور مروان في الشام حينذاك يرده نص ابن جرير الطبري في التاريخ ج ٦ ص ٢٦٧ وابن كثير في البداية ج ٨ ص ١٩٦ كان مروان بن الحكم يسأل الجماعة الذين وردوا الشام مع العيال عما فعلوه بالحسينعليه‌السلام .

(٤) تاريخ الطبري ج ٦، والبداية لابن كثير ٨ / ١٩٤، وأمالي الشيخ الصدوق ص ١٠٠ المجلس الواحد والثلاثون. ويروي ابن نما في مثير الأحزان ص ٥٤، والخوارزمي في المقتل ٢ / ٦٢: إنّها فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام .

٣٥٦

أخدم؟ قالت العقيلة لا عليكِ إنّه لَن يكون أبداً. فقال يزيد: لَو أردتُ لفعلتُ. فقالت له: إلاّ أنْ تخرج عن ديننا. فردّ عليها: إنّما خرج عن الدِّين أبوكِ وأخوكِ. قالت زينب: بدين الله ودين جدّي وأبي وأخي اهتديت أنت وأبوك إنْ كنت مسلماً. قال: كذبتِ يا عدوّة الله. فرقّتعليها‌السلام وقالت: أنت أمير مسلّط تشتم ظالماً وتقهر بسلطانك(١) . وعاود الشامي الطلب، فزبره يزيد ونهره وقال له: وهب الله لك حتفاً قاضياً(٢) .

خطبة زينبعليها‌السلام

قال ابن نما وابن طاووس(٣) : لمّا سمعت زينب بنت عليعليهما‌السلام (٤) يزيد يتمثّل بأبيات ابن الزبعري(٥) .

لـيت أشـياخي ببدرٍ شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل

لأهـلّـوا واسـتهلّوا فـرحاً

ثـمّ قـالوا يا يزيد لا تشل

قـد قـتلنا القرم من ساداتهم

وعـدلـناه بـبدرٍ فـاعتدل

لـعبت هـاشم بـالملك فلا

خـبر جـاء ولا وحي نزل

لـستُ من خندف إنْ لَم أنتقم

مـن بـني أحمد ما كان فعل

قالتعليها‌السلام : الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على رسوله وآله أجمعين، صدق الله

____________________________

(١) ابن الاثير ٤ / ٣٥.

(٢) تاريخ الطبري ٦ / ٢٦٥.

(٣) ذُكرت هذه الخطبة في (بلاغات النّساء / ٢١ طبعة النّجف)، ومقتل الخوارزمي ٢ / ٦٤.

(٤) عرفها الخوارزمي في مقتل الحسينعليه‌السلام : أنّ اُمّها فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٥) هذه الأبيات نسبها السيّد ابن طاووس في اللهوف / ١٠٢ طبعة صيدا: إلى ابن الزبعري وليست كلّها له، فإنّ الخوارزمي في مقتل الحسينعليه‌السلام ٢ / ٦٦، وابن أبي الحديد في شرح النّهج ٣ / ٣٨٣ الطبعة المصرية الاُولى، وابن هشام في السّيرة في واقعة اُحد: ذكروا ستّة عشر بيتاً وليس فيها ممّا ذكره ابن طاووس إلاّ الأول والثالث، وكان عجز الثالث في روايتهم (وعدلنا مَيل بدرٍ فاعتدل). وفي رواية أبي علي القالي في الأمالي ١ / ١٤٢، والبكري في شرحه ١ / ٣٧٨: (وأقمنا مَيل بدرٍ فاعتدل). وفي رسالة الجاحظ في بني اُميّة ضمن مجموعة رسائله: ابن الزبعري قال: لَيت أشياخي إلى آخر ثلاثة أبيات كما في اللهوف مع تغيير يسير. وذكرها البيروني في الآثار الباقية / ٣٣١ طبعة الاُوفست: عدا البيت الرابع.

٣٥٧

سبحانه حيث يقول:( ثُمّ كَانَ عَاقِبَةَ الّذِينَ أَسَاءُوا السّوءى‏ أَن كَذّبُوا بِآيَاتِ اللّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ ) (١) . أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض، وآفاق السّماء، فأصبحنا نُساق كما تُساق الاُسارى أنّ بنا على الله هواناً وبك عليه كرامة، وإنّ ذلك لعظم خطرك عنده، فشمخت بأنفك، نظرت في عطفك، جذلان مسروراً، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة، والاُمور متّسقة، وحين صفا لك مُلكنا وسلطاننا، فمهلاً مهلاً، أنسيت قول الله تعالى:( وَلاَ يَحْسَبَنّ الّذِينَ كَفَرُوا أَنّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) (٢) ؟!

أمن العدل يابن الطلقاء، تخديرك حرائرك وإماءك، وسَوقك بنات رسول الله سبايا، قد هُتكت ستورهنَّ، واُبديت وجوههنَّ، تحدو بهنَّ الأعداء من بلد إلى بلد، ويستشرفهنَّ أهل المناهل والمعاقل، ويتصفح وجوههنَّ القريب والبعيد والدني والشريف، ليس معهنَّ من حماتهنَّ حمي ولا من رجالهنَّ ولي، وكيف يرتجي مراقبة مَن لفظ فوه أكباد الأزكياء، ونبت لحمه من دماء الشهداء؟! وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت مَن نظر إلينا بالشنف والشنآن، والاحن والاضغان؟! ثمّ تقول غير متأثم ولا مستعظم:

لأهلّوا واستهلَّوا فرحاً

ثمّ قالوا يا يزيد لا تُشل

منحياً على ثنايا أبي عبد الله سيّد شباب أهل الجنّة تنكتها بمخصرتك، وكيف لا تقول ذلك، وقد نكأت القرحة، واستأصلت الشأفة، بإراقتك دماء ذريّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ونجوم الأرض من آل عبد المطّلب، وتهتف بأشياخك زعمت أنّك تناديهم فلتردنّ وشيكاً مَوردهم، ولتودنّ أنّك شللت وبكمت ولَم تكن قلتَ ما قلت وفعلتَ ما فعلت.

اللهمّ خُذ لنا بحقّنا، وأنتقم ممَّن ظلمنا، واحلل غضبك بمَن سفك دماءنا وقتل حماتنا.

فوالله ما فريتَ إلاّ جلدك، ولا حززت إلاّ لحمك، ولتردنّ على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما تحمّلت من سفك دماء ذريّته، وانتهكتَ من حرمته في عترته ولحمته، حيث يجمع الله شملهم، ويلمّ شعثهم، ويأخذ بحقّهم،( وَلاَ تَحْسَبَنّ الّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (٣) .

____________________________

(١) سورة الروم / ١٠.

(٢) سورة آل عمران / ١٧٨.

(٣) سورة آل عمران / ١٦٩.

٣٥٨

وحسبك بالله حاكماً، وبمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله خصيماً، وبجبرئيل ظهيراً، وسيعلم مَن سوّل لك ومكّنك من رقاب المسلمين، بئس للظالمين بدلاً! وأيّكم شرٌّ مكاناً وأضعف جنداً.

ولئن جرّت عليَّ الدواهي مخاطبتك، إني لأستصغر قدرك وأستعظم تقريعك، وأستكثر توبيخك، لكن العيون عبرى، والصدور حرّى.

ألا فالعجب كلّ العجب، لقتل حزب الله النّجباء، بحزب الشيطان الطلقاء! فهذه الأيدي تنطف من دمائنا، والأفواه تتحلّب من لحومنا، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل، وتعفّرها اُمّهات الفراعل، ولئن اتخذتنا مغنماً، لتجدنا وشيكاً مغرما، حين لا تجد إلاّ ما قدّمت يداك، وما ربّك بظلّام للعبيد، وإلى الله المشتكى وعليه المعوّل.

فكد كيدك، واسع سعيك، وناصبْ جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تُميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك إلاّ فند وأيّامك إلاّ عدد، وجمعك الا بدد؟ يوم ينادي المنادي: ألا لعنة الله على الظالمين.

والحمد لله ربّ العالمين، الذي ختم لأولنا بالسّعادة والمغفرة ولآخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب، ويوجب لهم المزيد ويُحسن علينا الخلافة، إنّه رحيم ودود، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

فقال يزيد:

يا صيحة تحمد من صوائح

ما أهون النّوح على النوائح

ومن جهْل يزيد وغيِّه وضلاله قوله بملء فمه غير متأثّم ولا مستعظم يُخاطب مَن حضر عنده من ذؤبان أهل الشام: أتدرون من أين أتى ابن فاطمة، وما الحامل له على ما فعل، والذي أوقعه فيما وقع؟ قالوا: لا، قال: يزعم أنّ أباه خير من أبي، واُمَّه فاطمة بنت رسول الله خير من اُميِّ، وجدَّه خيرٌ من جَدِّي، وإنّه خيرٌ منِّي وأحقّ بهذا الأمر منِّي، فأمّا قوله أبوه خيرٌ من أبي فقد حاجَّ أبي أباه إلى الله عزَّ وجلَّ وعلم النّاس أيّهما حكم له، وأمّا قوله اُمّه خيرٌ من اُمّي فلَعمري إنّ فاطمة بنت رسول الله خيرٌ من اُمِّي، وأمّا قوله جدّه خيرٌ من جدِّي، فلَعمري ما أحد يؤمن بالله واليوم الآخر وهو يرى أنّ لرسول الله فينا عدلاً ولا نِدّاً، ولكنّه

٣٥٩

إنّما اُتي من قلَّة فقهه ولَم يقرأ:( قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ ) (١) وقوله تعالى:( ... وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ... ) (٢)(٣) .

الخربة

ولقد أحدثت هذه الخطبة هزّة في مجلس يزيد، وراح الرجل يحدّث جليسه بالضلال الذي غمرهم وإنّهم في أي وادٍ يعمهون، فلم يرَ يزيد مناصاً إلاّ أن يُخرج الحرم من المجلس إلى خربة لا تكنّهم من حرٍّ ولا برد، فأقاموا فيها ينوحون على الحسينعليه‌السلام (٤) ثلاثة أيّام(٥) . وفي بعض الأيّام خرج الإمام السّجادعليه‌السلام منها يتروّح، فلقيه المنهال بن عمر وقال له: كيف أمسيت يابن رسول الله؟ قالعليه‌السلام :«أمسينا كمثل بني إسرائيل في آل فرعون، يذبّحون أبناءهم ويستحيون نساءهم، أمست العرب تفتخر على العجم بأنّ محمّداً منها، وأمست قريش تفتخر على سائر العرب بأنّ محمّداً منها، وأمسينا معشر أهل بيته مقتولين مشرّدين، فإنّا لله وإنّا اليه راجعون» (٦) . قال المنهال: وبينا يكلّمني إذ امرأة خرجت خلفه تقول له: إلى أين يا نِعم الخلَف؟ فتركني وأسرع إليها، فسألتُ عنها قيل: هذه عمّته زينب(٧) .

إلى المدينة

لقد سرَّ يزيدَ قتلُ الحسينعليه‌السلام ومَن معه وسَبي حريم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٨)

____________________________

(١) سورة آل عمران / ٢٦.

(٢) سورة البقرة / ٢٤٧.

(٣) تاريخ الطبري ٦ / ٢٦٦، والبداية لابن كثير ٨ / ١٩٥.

(٤) اللهوف / ٢٠٧، وأمالي الصدوق / ١٠١ المجلس الواحد والثلاثون.

(٥) مقتل الخوارزمي ٢ / ٣٤. وهذه الخربة - أو فقل المحبس - كما جاء في ذيل مرآة الزمان لليونيني ٤ / ١٤٦، حوادث (سنة ٦٨١ﻫـ) قال: في ليلة الأحد، عاشر شهر رمضان، احترقت سوق اللبادين بدمشق بكمالها وجسر الكتبيين، والفوارة وسوق القماش المعروف بسوق عسا الله وسقاية جيرون، ووصلت النّار إلى درب العجم وسط جيرون وجدار المسجد العمري الذي على درج بدرب الجامع الملاصق لسجن زين العابدين....

(٦) مثير الأحزان لابن نما / ٥٨، ومقتل الخوارزمي ٢ / ٧٢.

(٧) الأنوار النّعمانيّة / ٣٤٠.

(٨) تاريخ الخلفاء للسيوطي / ١٣٩.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437