مقتل الامام الحسين (عليه السلام)

مقتل الامام الحسين (عليه السلام)13%

مقتل الامام الحسين (عليه السلام) مؤلف:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
ISBN: 964-8163-70-7
الصفحات: 437

مقتل الامام الحسين (عليه السلام)
  • البداية
  • السابق
  • 437 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 243929 / تحميل: 10025
الحجم الحجم الحجم
مقتل الامام الحسين (عليه السلام)

مقتل الامام الحسين (عليه السلام)

مؤلف:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
ISBN: ٩٦٤-٨١٦٣-٧٠-٧
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

[ ٥٨ ٤٥ ] ٩ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( الخصال) بإسناده عن علي( عليه‌السلام ) - في حديث الأربعمائة - قال: تشمير الثياب طهور لها، قال الله تعالى:( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) (١) أي فشمّر.

[ ٥٨ ٤٦ ] ١٠ - الفضل بن الحسن الطبرسي في( مجمع البيان) عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في قوله تعالى( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) (٢) قال: معناه ثيابك فقصّر.

[ ٥٨ ٤٧ ] ١١ - وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : غسل الثياب يذهب الهمّ والحزن، وهو طهور للصلاة وتشمير الثياب طهور لها، وقد قال الله تعالى:( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) (٣) أي فشمّر.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٤) .

٢٣ - باب كراهة اسبال الثوب وتجاوزه الكعبين للرجل وعدم كراهته للمرأة، وتحريم الاختيال والتبختر

[ ٥٨ ٤٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) أنّ النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أوصى رجلاً من بني تميم فقال له: إيّاك وإسبال الإِزار والقميص، فإنّ ذلك من المخيلة، والله يحب المخيلة.

____________________

٩ - الخصال: ٦٢٢.

(١) المدثر ٧٤: ٤.

١٠ - مجمع البيان ٥: ٣٨٥.

(٢) المدّثر ٧٤: ٤.

١١ - مجمع البيان ٥: ٣٨٥.

(٣) المدّثر ٧٤: ٤.

(٤) يأتي في الحديث ٥ من الباب ٢٣ من هذه الأبواب.

الباب ٢٣

فيه ١٣ حديثاً

١ - الكافي ٦: ٤٥٦ / ٥، أورده عن المحاسن في الحديث ١٣ من الباب ٥٩ من أبواب جهاد النفس.

٤١

ورواه البرقي في( المحاسن) عن محمّد بن علي، عن الحسن بن محبوب، مثله (١) .

[ ٥٨ ٤٩ ] ٢ - وعن أبي علي الأشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن أبان، عن أبي حمزة رفعه قال: نظر أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) إلى فتى مرخى(٢) إزاره فقال: يا فتى(٣) ارفع إزارك فانّه أبقى لثوبك وأنقى لقلبك.

[ ٥٨ ٥٠ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الحميد الطائي، عن محمّد بن مسلم قال: نظر أبو عبد الله( عليه‌السلام ) إلى رجل قد لبس قميصاً يصيب الأرض فقال: ما هذا ثوب طاهر.

[ ٥٨ ٥١ ] ٤ - وعنهم، عن أحمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في الرجل يجرّ ثوبه، قال: إنّي لأكره أن يتشبّه بالنساء.

[ ٥٨ ٥٢ ] ٥ - وعنهم، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب(٤) ، عن عبد الله بن هلال قال: أمرني أبو عبد الله( عليه‌السلام ) أن أشتري له إزاراً فقلت: إنّي لست أُصيب إلّا واسعاً، فقال: اقطع منه وكفّه، ثمّ

____________________

(١) المحاسن: ١٢٤ / ١٤٠.

٢ - الكافي ٦: ٤٥٧ / ٦.

(٢) أرخى ازاره: أسبله( لسان العرب ١٤: ٣١٥ ).

(٣) في المصدر: يا بنيّ.

٣ - الكافي ٦: ٤٥٨ / ١١.

٤ - الكافي ٦: ٤٥٨ / ١٢.

٥ - الكافي ٦: ٤٥٦ / ٣.

(٤) في المصدر زيادة: عن عبد الله بن يعقوب.

٤٢

قال: إنّ أبي قال: ما جاوز الكعبين ففي النار.

وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، مثله(١) .

[ ٥٨ ٥٣ ] ٦ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في حديث المناهي - قال: ونهى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أن يختال الرجل في مشيه، وقال: من لبس ثوباً فاختال فيه خسف الله به من شفير جهنّم، وكان قرين قارون لأنه أوّل من اختال فخسف الله به وبداره الأرض، ومن اختال فقد نازع الله في جبروته.

[ ٥٨ ٥٤ ] ٧ - وفي( معاني الأخبار ): عن محمّد بن إبراهيم الطالقاني، عن عبد العزيز بن يحيى الجوادي، عن محمّد بن زكريا، عن جعفر بن محمّد بن عمارة، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) - في حديث - قال: إنّ المجنون حقّ المجنون المتبختر في مشيته، الناظر في عطفيه، المحرّك جنبيه بمنكبيه، فذاك المجنون وهذا المبتلى.

[ ٥٨ ٥٥ ] ٨ - وفي( الخصال) عن أبيه، عن سعد، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن الحسن الفارسي، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عن محمّد بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه ( عليهم‌السلام ) ، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) - في حديث - قال: ألا أُخبركم بالمجنون حقّ المجنون ؟ قالوا بلى يا

____________________

(١) الكافي ٦: ٣٥٦ / ذيل حديث ٣.

٦ - الفقيه ٤: ٧ في حديث المناهي.

٧ - معاني الأخبار: ٢٣٧.

٨ - الخصال: ٣٣٢ / ٣١.

٤٣

رسول الله، قال: إنّ المجنون حقّ المجنون المتبختر في مشيه، الناظر في عطفيه، المحرّك جنبيه بمنكبيه، يتمنّى على الله جنّته وهو يعصيه، الذي لا يؤمن شرّه، ولا يرجى خيره، فذلك المجنون.

[ ٥٨ ٥٦ ] ٩ - وعن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن معروف، عن أبي جميلة، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ، عن علي( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: ستّة في هذه الأُمة من أخلاق قوم لوط ‎ : الجلاهق(١) وهو البندق(٢) ، والخذف، ومضغ العلك، وإرخاء الإِزار خيلاءاً، وحلّ الأزرار من القباء، والقميص.

[ ٥٨ ٥٧ ] ١٠ - وفي( عقاب الأعمال) بإسناد تقدّم في عيادة المريض عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أنّه قال في آخر خطبة خطبها: ومن لبس ثوباً فاختال فيه خسف الله به(٣) من شفير جهنم يتخلخل(٤) فيها ما دامت السماوات والأرض، وإنّ قارون لبس حلّة فاختال فيها فخسف به فهو يتخلخل(٥) إلى يوم القيامة.

[ ٥٨ ٥٨ ] ١١ - محمّد بن إ ‎ دريس في آخر( السرائر) نقلاً من كتاب المشيخة للحسن بن محبوب، عن علي بن الحسن، عن يونس بن رباط، عن أبي

____________________

٩ - الخصال: ٣٣٠ / ٢٩، قطعة منه تأتي في الحديث ٦ من الباب ٢٨ من أبواب أحكام العشرة، وقطعة منه تأتي في الحديث ١١ من الباب ١١، وفي الحديث ٦ من الباب ١٤ من أبواب الجماعة.

(١) الجلاهق: بضم الجيم: البندق المعمول من الطين، الواحدة جلاهقة( مجمع البحرين ٥: ١٤٣ ).

(٢) البندقة: وهي طينة مدورة مجففة جمعها بنادق( مجمع البحرين ٥: ١٤١ ).

١٠ - ثواب الأعمال: ٣٣٣.

(٣) في المصدر زيادة: قبره ‎

(٤ و ٥) وفيه: يتجلجل.

١١ - مستطرفات السرائر: ٨٥ / ٣٠، ويأتي بتمامه عن الكافي والتهذيب الحديث ٨ من الباب ٨٦ من أبواب أحكام الأولاد.

٤٤

عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : لا يجد ريح الجنّة عاق، ولا قاطع رحم، ولا مرخى الإِزار خيلاءاً.

[ ٥٨ ٥٩ ] ١٢ - ومن رواية أبي القاسم ابن قولويه، عن الأصبغ قال: سمعت علياً( عليه‌السلام ) يقول: ستّة من أخلاق قوم لوط: الجلاهق وهو البندق، والخذف، ومضغ العلك، والصفير، وإرخاء الازار خيلاء، وحلّ الأزرار.

[ ٥٨ ٦٠ ] ١٣ - الحسن بن الفضل الطبرسي في( مكارم الأخلاق) عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: والإسبال في الأزار والقميص والعمامة [ وقال ](١) من جرّ شيئاً(٢) خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه في أحاديث التجبّر(٤) ، إن شاء الله.

٢٤ - باب كراهة حمل شيء في الكمّ وعدم تحريمه

[ ٥٨ ٦١ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في( العلل ): عن محمّد بن علي

____________________

١٢ - مستطرفات السرائر: ١٤٥ / ١٧، وللحديث صدر يأتي في الحديث ٦ من الباب ٢٨ والحديث ٨ من الباب ٤٩ من أبواب أحكام العشرة.

١٣ - مكارم الأخلاق: ١٠٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) وفيه: ثوبه.

(٣) تقدم ما يدل على ذلك في الباب ٢١، ٢٢ من هذه الأبواب.

(٤) يأتي ما على ذلك في الحديث ٥ من الباب ٢٦ من هذه الأبواب، وفي الباب ٥٨ ‎ ، ٥٩ من أبواب جهاد النفس، وفي الباب ٢٥ من أبواب آداب التجارة، وفي الحديث ٢ من الباب ٨٠ من أبواب مقدمات النكاح.

الباب ٢٤

فيه حديث واحد

١ - علل الشرائع: ٥٨٢ / ٢٠ أخرجه عن العلل والكافي والتهذيب في الحديث ٢ من الباب ٥٢ من أبواب آداب التجارة.

٤٥

ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن ميمون القدّاح، عن جعفر بن محمد( عليه‌السلام ) قال: جئت إلى أبي( عليه‌السلام ) بكتاب أعطانيه إنسان فأخرجته من كمّي فقال لي: يا بنيّ، لا تحمل في كمّك شيئاً فإنّ الكمّ مضياع.

٢٥ - باب استحباب قطع الرجل ما زاد من الكمّ عن أطراف الأصابع وما جاوز الكعبين من الثوب

[ ٥٨ ٦٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: كان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) إذا لبس القميص مدّ يده، فإذا طلع على أطراف الأصابع قطعه.

[ ٥٨ ٦٣ ] ٢ - محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد في( الإرشاد) عن سعيد بن كلثوم، عن الصادق جعفر بن محمّد( عليهما‌السلام ) قال: والله ما أكل علي بن أبي طالب( عليه‌السلام ) من الدنيا حراماً قطّ حتّى مضى لسبيله - إلى أن قال - وإن كان يقوت أهله بالزيت والخلّ والعجوة، وما كان لباسه إلّا الكرابيس إذا فضل شيء عن يده من كمّه دعى بالجلم(١) فقصه، الحديث.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

____________________

الباب ٢٥

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ٤٥٧ / ٧.

٢ - الارشاد: ٢٥٥.

(١) الجَلَم: الذي يُجزّ به الشعر والصوف كالمقص( مجمع البحرين ٦: ٣٠ ).

(٢) تقدم في الحديث ١٢ من الباب ٢٠ من أبواب المقدّمة، وفي الحديث ٤ من الباب ٢١ من هذه الأبواب.

٤٦

٢٦ - باب ما يستحبّ أن يعمل عند لبس الثوب الجديد من الصلاة والقراءة

[ ٥٨ ٦٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : إذا كسا الله المؤمن ثوباً جديداً فليتوضّأ وليصلّ ركعتين، يقرأ فيهما:( أُمّ الْكِتَابِ ) و( آية الكرسي) و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) و( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) (١) ، ثمّ ليحمد الله الذي ستر عورته وزيّنه في الناس وليكثر من قول: لا حول ولا قوة إلّا بالله، فإنّه لا يعصي الله فيه، وله بكلّ سلك فيه ملك يقدّس له ويستغفر له ويترحّم عليه.

ورواه الصدوق في( الخصال) (٢) بإسناده الآتي(٣) عن عليّ( عليه‌السلام ) - في حديث الأربعمائة -.

[ ٥٨ ٦٥ ] ٢ - وعن علي بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن غير واحد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من قرأ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ ) ثنتين وثلاثين مرّة في إناء جديد ورشّ(٤) ثوبه الجديد ‎ إذا لبسه لم يزل يأكل في سعةٍ ما بقي منه سلك.

[ ٥٨ ٦٦ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين في( المجالس ): عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن أبي عمير،

____________________

الباب ٢٦

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٥٩ / ٥.

(١) ليس في المصدر.

(٢) الخصال: ٦٢٤.

(٣) يأتي في الفائدة الأولى من الخاتمة برمز( ر ).

٢ - الكافي ٦: ٤٥٩ / ٤.

(٤) في المصدر زيادة: به.

٣ - أمالي الصدوق: ٢٢٠ / ١٠.

٤٧

عن عبد الرحمن السراج يرفعه إلى أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من قطع ثوباً جديداً وقرأ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ستّاً وثلاثين مرّة فإذا بلغ( تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ ) أخرج شيئاً من الماء ورشّ بعضه(١) على الثوب رشّاً خفيفاً ثمّ صلّى فيه(٢) ركعتين ودعا ربه وقال في دعائه: الحمد لله الذي رزقني ما أتجمّل به في الناس وأُواري به عورتي، وأُصلّي فيه لربّي، وحمد الله، لم يزل يأكل في سعةٍ حتى يبلى ذلك الثوب.

وفي( ثواب الأعمال ): عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عمر السرّاد، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، مثله(٣) .

[ ٥٨ ٦٧ ] ٤ - وفي( عيون الأخبار) عن أبيه وعلي بن عبد الله الورّاق جميعاً، عن سعد بن عبد الله، عن عليّ بن الحسن الخيّاط، عن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن موسى بن جعفر، عن ياسر الخادم، عن أبي الحسن العسكري، عن أبيه، عن جدّه الرضا، عن أبيه موسى( عليهم‌السلام ) أنّه كان يلبس ثيابه ممّا يلي يمينه، فإذا لبس ثوباً جديداً دعا بقدح من ماء فقرأ فيه( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) عشر مرّات، و( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) عشر مرّات، و ‎( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) عشر مرّات، ثمّ نضحه على ذلك الثوب، ثمّ قال: من فعل هذا بثوبه قبل أن يلبسه لم يزل في رغد من العيش ما بقي منه سلك.

[ ٥٨ ٦٨ ] ٥ - الحسن بن محمّد الطوسي في( الأمالي) عن أبيه، عن هلال بن محمّد الحفّار، عن إسماعيل بن عليّ الدعبلي، عن أبيه، عن الرضا، عن آبائه ( عليهم‌السلام ) ، عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) - في حديث - أنّه اشترى قميصاً بثلاثة دراهم فلبسه ما بين الرسغين إلى الكعبين، ثمّ أتى المسجد فصلّى فيه

____________________

(١ و ٢)( بعضه) و( فيه) ليسا في ثواب الأعمال ‎( هامش المخطوط ).

(٣) ثواب الأعمال: ٤٤ / ١.

٤ - عيون أخبار الرضا( عليه‌السلام ) ١: ٣١٥ / ٩١.

٥ - أمالي الطوسي ١: ٣٧٥.

٤٨

ركعتين ثمّ قال: الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمّل به في الناس وأؤدّي فيه فريضتي وأستر فيه عورتي،( ثم قال) (١) : سمعت رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يقول ذلك عند الكسوة.

ورواه علي بن عيسى في( كشف الغمّة) مرسلاً، إلّا أنّه قال: فساوم شيخاً فقال: يا شيخ، بعني قميصاً بثلاثة دراهم (٢) .

٢٧ - باب استحباب التحميد والدعاء بالمأثور عند لبس الجديد

[ ٥٨ ٦٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر( عليه‌السلام ) عن الرجل يلبس الثوب الجديد ؟ قال: يقول: اللّهم اجعله ثوب يمن وتقى وبركة، اللّهم ارزقني فيه حسن عبادتك، وعملاً بطاعتك، وأداء شكر نعمتك، الحمد لله الذي كساني ما أُواري به عورتي، وأتجمّل به في الناس.

[ ٥٨ ٧٠ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال ‎ : قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : علّمني رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) إذا لبست ثوباً جديداً أن أقول: الحمد لله الذي كساني من اللباس(٣) ما أتجمّل به في الناس، اللّهم اجعلها ثياب بركة أسعى فيها

____________________

(١) في المصدر بدل ما بين القوسين هكذا: فقال له رجل: يا أمير المؤمنين أعنك نروي هذا أو شيء سمعته من رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، قال: بل شيء سمعته من رسول الله

(٢) كشف الغمّة ١: ١٦٤، وتقدم ما يدل على استحباب التسمية عند كل فعل في الحديث ١٢ و ١٣ من الباب ٢٦ من أبواب الوضوء.

الباب ٢٧

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٥٨ / ١.

٢ - الكافي ٦: ٤٥٨ / ٢.

(٣) في الأمالي: الرياش( هامش المخطوط ).

٤٩

لمرضاتك، وأعمر فيها مساجدك، وقال: يا عليّ، من قال ذلك لم يتقمّصه حتى يغفر له.

ورواه الصدوق في( المجالس ): عن الحسين بن إبراهيم بن تاتانه، عن علي بن إبراهيم، مثله(١) .

[ ٥٨ ٧١ ] ٣ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن محمّد بن علي الهمداني، عن الحسين بن أبي عثمان، عن خالد الجوّان قال: سمعت أبا الحسن موسى( عليه‌السلام ) يقول: قد ينبغي لأحدكم إذا لبس الثوب الجديد أن يمرّ يده عليه ويقول: الحمد لله الّذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمّل به في الناس، وأتزيّن به بينهم.

[ ٥٨ ٧٢ ] ٤ - وعن محمّد يحيى، عن علي بن الحسين النيسابوري، عن عبد الله بن محمّد، عن علي بن الريّان، عن يونس، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) - في حديث - أنّه قال: يا عمر، إذا لبست ثوباً جديداً فقل: لا إله إلا الله محمّد رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) تبرأ من الآفة، وإذا أحببت شيئاً فلا تكثر ذكره فإنّ ذلك مما يهدك، وإذا كانت لك إلى رجل حاجة فلا تشتمه من خلفه فإن الله يوقع ذلك في قلبه.

[ ٥٨ ٧٣ ] ٥ - محمّد بن الحسن في( المجالس والأخبار) بإسناده عن زريق، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: إذا لبست ثوباً فقل: اللّهمّ ألبسني لباس الايمان، وزيّني بالتقوى، اللّهم اجعل جديده أُبليه في طاعتك وطاعة رسولك، وأبدلني بخلقه حلل الجنّة، ولا تجعلني أبليه في معصيتك، ولا تبدلني بخلقه مقطعات النيران.

____________________

(١) أمالي الصدوق: ٢١٩ / ٨.

٣ - الكافي ٦: ٤٥٩ / ٣.

٤ - الكافي ٦: ٤٥٩ / ٦.

٥ - أمالي الطوسي ٢: ٣١١ باختلاف.

٥٠

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) .

٢٨ - باب كراهة ابتذال ثوب الصون، وإراقة فضل الإناء، وطرح النوى يميناً وشمالاً، وقطع الدراهم والدنانير

[ ٥٨ ٧٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن علي، عن علي بن عقبة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: أدنى الإِسراف هراقة فضل الإِناء، وابتذال ثوب الصون، وإلقاء النوى.

[ ٥٨ ٧٥ ] ٢ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن سليمان بن صالح قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : ما أدنى ما يجيء من الاسراف ‎ ؟ قال: ابتذالك ثوب صونك، وإهراق فضل إنائك، وأكلك التمر ورميك بالنوى ها هنا وها هنا.

[ ٥٨ ٧٦ ] ٣ - وقد تقدّم في حديث إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في المؤمن يكون له ثلاثون قميصاً قال: نعم، ليس هذا من السرف، إنّما السرف أن تجعل ثوب صونك ثوب بذلتك.

[ ٥٨ ٧٧ ] ٤ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن إسحاق بن عمّار أنّه سأل أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن أدنى الإسراف، قال: ثوب صونك تبتذله، وفضل الإناء تهريقه، وقذفك بالنوى هكذا وهكذا.

____________________

(١) تقدم في الأحاديث ١ و ٣ و ٥ من الباب ٢٦ من هذه الأبواب.

الباب ٢٨

فيه ٧ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٦٠ / ١.

٢ - الكافي ٦: ٤٦٠ / ٢.

٣ - تقدم في الحديث ٣ من الباب ٩ من هذه الأبواب.

٤ - الفقيه ٣: ١٠٣ / ٤١٣.

٥١

[ ٥٨ ٧٨ ] ٥ - وبإسناده عن أبي هشام البصري، عن الرضا( عليه‌السلام ) قال: من الفساد قطع الدراهم والدينار(١) وطرح النوى.

[ ٥٨ ٧٩ ] ٦ - وفي( الخصال) عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن علي بن السنديّ، عن محمّد بن عمر (٢) بن سعيد، عن موسى بن أكيل قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: لا يكون الرجل فقيهاً حتّى لا يبالي أيّ ثوبيه ابتذل وبما سدّ فورة الجوع.

أقول: هذا محمول على الجواز ونفي التحريم، أو على كون الثوبين متساويين، أو ليسا من ثياب الصون.

[ ٥٨ ٨٠ ] ٧ - وعن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن ‎ أبيه، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بإسناده يرفعه إلى أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: السرف في ثلاثة ابتذالك ثوب صونك، وإلقائك النوى يميناً وشمالاً، وإهراقك فضلة الماء.

وقال: ليس في الطعام سرف.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٣) .

٢٩ - باب استحباب لبس الثوب الغليظ والخلق في البيت لا بين الناس، ورقع الثوب، وخصف النعل

[ ٥٨ ٨١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن

____________________

٥ - الفقيه ٣: ١٠٢ / ٤١٢.

(١) في نسخة: الدنانير.

٦ - الخصال: ٤٠ / ٢٧.

(٢) في المصدر: عمرو.

٧ - الخصال: ٩٣ / ٣٧.

(٣) يأتي في الباب ٢٦ و ٢٧ و ٢٩ من أبواب النفقات ما يدل على حكم الاسراف وحدوده، عموماً.

الباب ٢٩

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٧٨ / ٤، يأتي بتمامه في الحديث ٤ من الباب ٩٩ مما تكتسب به.

٥٢

معمر بن خلّاد، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) قال: خرجت وأنا أريد داود بن عيسى، وعليّ ثوبان غليظان، الحديث.

أقول: هذا محمول على الجواز لما مضى(١) ويأتي(٢) .

[ ٥٨ ٨٢ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن الفضل بن كثير المدائني، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: دخل عليه بعض أصحابه فرأى عليه قميصاً ‎ً فيه قُبّ(٣) قد رقعه فجعل ينظر إليه فقال له أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : ما لك تنظر ؟ فقال: قُبّ يلفى في قميصك، قال: فقال لي: اضرب يديك إلى هذا الكتاب فاقرأ ما فيه، وكان بين يديه كتاب أو قريب منه فنظر الرجل فيه فإذا فيه: لا إيمان لمن لا حياء له، ولا مال لمن لا تقدير له، ولا جديد لمن لا خلق له ‎

[ ٥٨ ٨٣ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين في( عيون الأخبار ): عن الحسين بن أحمد البيهقي، عن محمّد بن يحيى الصولي، عن عون بن محمّد، عن ابن أبي عباد قال: كان جلوس الرضا( عليه‌السلام ) في الصيف على حصير، وفي الشتاء على مسح، ولبسه الغليظ من الثياب، حتّى إذا برز للناس تزيّن لهم.

[ ٥٨ ٨٤ ] ٤ - وفي( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي نجران رفعه إلى أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من رقع جيبه، وخصف نعله، وحمل سلعته، فقد برئ من الكبر.

____________________

(١) مضى في الحديث ١ من الباب ٨ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الحديث ٥ من هذا الباب.

٢ - الكافي ٦: ٤٦٠ / ٣.

(٣) ورد في هامش المخطوط ما نصه: القب: ما يدخل في جيب القميص من الرقاع( القاموس المحيط ١: ١١٧ ).

٣ - عيون أخبار الرضا( عليه‌السلام ) ٢: ١٧٨ الباب ٤٤.

٤ - ثواب الأعمال: ٢١٣ أورده في الحديث ٥ من الباب ٥ من هذه الأبواب.

٥٣

ورواه الكليني(١) ، عن علي بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة(٢) ، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، مثله.

وفي( الخصال ‎ ) عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، نحوه(٣) .

[ ٥٨ ٨٥ ] ٥ - محمّد بن الحسن في( المجالس والأخبار) بإسناده عن أبي ذرّ، عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) في وصيّته له: يا أبا ذر، من رقع ذيله وخصف نعله وعفر وجهه فقد برئ من الكبر، يا أبا ذر، من كان له قميصان فليلبس أحدهما ويلبس الآخر أخاه، يا أبا ذر، من ترك الجمال وهو يقدر عليه تواضعاً ‎ُ لله كساه الله حلّة الكرامة، يا أبا ذر، البس الخشن من اللباس والصفيق من الثياب لئلاّ يجد الفخر فيك مسلكه.

[ ٥٨ ٨٦ ] ٦ - الحسن بن محمّد الديلمي في( الإرشاد) قال: كان النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويحلب شاته، ويأكل من العبد، ويجلس على الأرض، ويركب الحمار، ويردف، ولا يمنعه الحياء أن يحمل حاجة من السوق إلى أهله، ويصافح الغني والفقير، ولا ينزع يده من يد أحد حتّى ينزعها هو، ويسلّم على من استقبله من غنيّ وفقير وكبير وصغير، ولا يحقّر ما دعي إليه ولو إلى حشف التمر، وكان خفيف المؤنة، كريم الطبيعة، جميل المعاشرة، طلق الوجه، بسّاماً من غير ضحك، محزوناً من غير عبوس، متواضعاً من غير مذلّة، جواداً من غير سرف، رقيق القلب، رحيماً بكل مسلم، ولم يتجشّ من

____________________

(١) الكافي ٨: ٢٣١ / ٣٠٢.

(٢) في المصدر زيادة: إسحاق بن عمّار.

(٣) الخصال: ١٠٩ / ٧٨.

٥ - أمالي الطوسي ٢: ١٥٢.

٦ - إرشاد القلوب: ١١٥.

٥٤

شبع قطّ، ولم يمدّ يده إلى طمع قطّ.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) .

٣٠ - باب استحباب التعمّم وكيفيّته

[ ٥٨ ٨٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبي همام، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال في قول الله عزّ وجلّ( مُسَوِّمِينَ ) (٢) قال: العمائم اعتمّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) فسدلها من بين يديه ومن خلفه، واعتم جبرئيل( عليه‌السلام ) فسدلها من بين يديه ومن خلفه.

[ ٥٨ ٨٨ ] ٢ - وعنه، عن أحمد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: كانت على الملائكة العمائم البيض المرسلة يوم بدر.

[ ٥٨ ٨٩ ] ٣ - وعن عدّة من أصحبانا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن(٣) بن علي العقيلي، عن علي بن أبي علي اللهبي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: عمّم رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) علياً( عليه‌السلام ) بيده

____________________

(١) تقدم في الباب ٥٤ من أبواب لباس المصلي، ويأتي ما يدل علىٰ الأخير في الحديث ٢ من الباب ٣٥ من أبواب أحكام العشرة.

الباب ٣٠

فيه ١٢ حديثاً

١ - الكافي ٦: ٤٦٠ / ٢.

(٢) آل عمران ٣: ١٢٥.

٢ - الكافي ٦: ٤٦١ / ٣.

٣ - الكافي ٦: ٤٦١ / ٤.

(٣) في المصدر: الحسين.

٥٥

فسدلها من بين يديه، وقصرها من خلفه قدر أربع أصابع، ثمّ قال: أدبر فأدبر، ثم قال: أقبل فأقبل، ثم قال: هكذا تيجان الملائكة.

[ ٥٨ ٩٠ ] ٤ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : العمائم تيجان العرب.

[ ٥٨ ٩١ ] ٥ - وعنه، عن ياسر الخادم قال: لمّا حضر العيد بعث المأمون إلى الرضا( عليه‌السلام ) يسأله أن يركب ويحضر العيد ويصلّي ويخطب، فبعث إليه الرضا( عليه‌السلام ) قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط فلم يزل يراده الكلام في ذلك وألحّ عليه - الى أن قال - فقال: يا أمير المؤمنين، إن عفيتني من ذلك فهو أحب إليّ، وإن لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) وأمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ، فقال له المأمون: أخرج كيف شئت، وأمر المأمون القوّاد والناس أن يركبوا(١) إلى باب أبي الحسن( عليه‌السلام ) - إلى أن قال - فلمّا طلعت الشمس قام( عليه‌السلام ) فاغتسل وتعمّم بعمامة بيضاء من قطن ألقى طرفاً منها على صدره، وطرفاً بين كتفيه، وتشمّر ثمّ قال لجميع مواليه: افعلوا مثل ما فعلت، ثم أخذ بيده عكازاً، ثم خرج ونحن بين يديه وهو حافي(٢) قد شمّر سراويله إلى نصف الساق، وعليه ثياب مشمّرة، الحديث.

وراوه المفيد في( الإرشاد ): عن علي بن إبراهيم، عن ياسر الخادم والريان بن الصلت جميعاً، عن الرضا( عليه‌السلام ) ، نحوه(٣) .

____________________

٤ - الكافي ٦: ٤٦١ / ٥ ‎

٥ - الكافي ١: ٤٠٨ / ٧ وأورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ١٩ من ‎ أبواب صلاة العيدين.

(١) في المصدر: يبكروا.

(٢) كذا في الاصل بالياء، وهو مخالف للقواعد العربية، لكن رأينا سابقاً ان المصنف كتب كلمة( مرائي) بالياء أيضاً، فلاحظ.

(٣) ارشاد المفيد: ٣١٢.

٥٦

[ ٥٨ ٩٢ ] ٦ - الحسن الطبرسي في( مكارم الأخلاق) عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، عن آبائه قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : العمائم تيجان العرب، إذا وضعوا العمائم وضع الله عزّهم.

[ ٥٨ ٩٣ ] ٧ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : اعتمّوا تزدادوا حلماً.

[ ٥٨ ٩٤ ] ٨ - وعن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: ركعتان مع العمامة خير من أربع ركعات بغير عمامة.

[ ٥٨ ٩٥ ] ٩ - وعن عبد الله بن سليمان، عن أبيه أن علي بن الحسين( عليه‌السلام ) دخل المسجد وعليه عمامة سوداء قد أرسل طرفيها بين كتفيه.

[ ٥٨ ٩٦ ] ١٠ - وعن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سمعته وهو يقول: دخل رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) الحرم يوم دخل مكة وعليه عمامة سوداء وعليه السلاح.

[ ٥٨ ٩٧ ] ١١ - علي بن موسى بن طاوس في( أمان الأخطار) نقلاً من كتاب الولاية، تأليف أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة - في حديث نصّ النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) على علي( عليه‌السلام ) يوم الغدير - بإسناده في ترجمة عبد الله بن بشر صاحب رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: بعث رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يوم غدير خمّ إلى علي( عليه‌السلام ) فعمّمه وأسدل العمامة بين كتفيه وقال: هكذا أيّدني ربّي يوم حنين بالملائكة معمّمين وقد أسدلوا العمائم، وذلك حجز بين المسلمين وبين المشركين، الحديث.

____________________

٦ - مكارم الأخلاق: ١١٩.

٧ - مكارم الأخلاق: ١١٩.

٨ - مكارم الأخلاق: ١١٩، باختلاف في اللفظ.

٩ - مكارم الأخلاق: ١١٩، باختلاف في اللفظ.

١٠ - مكارم الأخلاق: ١١٩.

١١ - الأمان من الأخطار: ١٠٣، يأتي، ذيله في الحديث ٦ من الباب ٤٣ من أبواب آداب السفر.

٥٧

[ ٥٨ ٩٨ ] ١٢ - قال: وفي حديث آخر - بإسناده - عمّم رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) علياً يوم غدير خمّ عمامة سدلها بين كتفيه وقال: هكذا أيّدني ربّي بالملائكة ثم أخذ بيده فقال: يا أيها الناس، من كنت مولاه فهذا مولاه، والى الله من والاه، وعادى الله من عاداه(١) .

٣١ - باب ما يستحبّ من القلانس وما يكره منها

[ ٥٨ ٩٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) أنّه كره لباس البرطلة.

[ ٥٩ ٠٠ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يلبس قلنسوة بيضاء مضربة، وكان يلبس في الحرب قلنسوة لها أُذنان.

[ ٥٩ ٠١ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يلبس من القلانس اليمنيّة(٢) والبيضاء والمضربة وذات الأُذنين في الحرب وكانت عمامته السحاب، وكان له برنس يتبرنس به.

____________________

١٢ - الامان من الاخطار: ٩١، تقدم ما يدل على ذلك في الباب ١٩ من أبواب آداب الحمام وعلى استحباب التحنك في الباب ٢٦ من أبواب لباس المصلي.

(١) في الاصل تعليقة طويلة ثم حذفها وبقي منها ما لم يشطب عليه وهو: ذكر ابن طاوس في أمان الأخطار ان التحنك هو ما ذكر في الحديثين المنقولين من كتاب الولاية( منه قده ).

الباب ٣١

فيه ١١ حديثاً،( علماً أنه قد ذكر في الفهرست ١٢ حديثاً )

١ - الكافي ٦: ٤٧٩ / ٥، وأورده في الحديث ١ من الباب ٤٢ من أبواب لباس المصلي.

٢ - الكافي ٦: ٤٦٢ / ٢.

٣ - الكافي ٦: ٤٦١ / ١.

(٢) في هامش الاصل عن نسخة:( اليمنة ).

٥٨

[ ٥٩ ٠٢ ] ٤ - وبهذا الإسناد عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : إذا ظهرت القلانس المتركة ظهر الزنا.

[ ٥٩ ٠٣ ] ٥ - وعن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن الحسين بن المختار قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : اعمل لي قلانس بيضاء ولا تكسرها فإن السيّد مثلي لا يلبس المكسّر.

[ ٥٩ ٠٤ ] ٦ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن يحيى بن ‎ إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن الحسين بن المختار قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : اتّخذ لي قلنسوة ولا تجعلها مصبعة(١) ، فإنّ السيد مثلي لا يلبسها - يعني لا تكسرها -.

[ ٥٩ ٠٥ ] ٧ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإسناد ): عن هارون بن مسلم ‎ ، عن مسعدة بن زياد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه أنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: إذا ظهرت القلانس المتركة(٢) ظهر الزنا.

[ ٥٩ ٠٦ ] ٨ - الحسن الطبرسي في( مكارم الأخلاق ): عن محمّد بن علي قال: رأيت على علي بن الحسين(٣) ( عليه‌السلام ) قلنسوة خزّ مبطنة بسمور.

[ ٥٩ ٠٧ ] ٩ - قال: وسئل الرضا( عليه‌السلام ) عن الرجل يلبس البرطلة فقال: قد كان لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) مظلة يستظلّ بها من الشمس.

____________________

٤ - الكافي ٦: ٤٧٨ / ٢.

٥ - الكافي ٦: ٤٦٢ / ٣.

٦ - الكافي ٦: ٤٦٢ / ٤.

(١) في نسخة: مصبغة( هامش المخطوط) والمصدر.

٧ - قرب الإِسناد: ٤١.

(٢) في المصدر: المشتركة.

٨ - مكارم الأخلاق: ١٢٠.

(٣) في نسخةٍ: أبي الحسن( هامش المخطوط ).

٩ - مكارم الأخلاق: ١٢٠.

٥٩

[ ٥٩ ٠٨ ] ١٠ - وعن يزيد بن خليفة قال: رآني أبو عبد الله( عليه‌السلام ) أطوف حول الكعبة وعليّ برطلة فقال: لا تلبسها حول الكعبة فإنّها من زي اليهود.

[ ٥٩ ٠٩ ] ١١ - وعن الحسن بن المختار قال: قال لي أبو الحسن الأول( عليه‌السلام ) : اعمل لي قلنسوة ولا تكن مصبعة(١) فإنّ السيد مثلي لا يلبس المصبع(٢) ، والمصبع ) : المكسّر بالظفر.

٣٢ - باب استحباب اتّخاذ النعلين واستجادتهما

[ ٥٩ ١٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: أوّل من اتخذ النعلين إبراهيم( عليه‌السلام ) .

[ ٥٩ ١١ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن شعيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : استجادة

____________________

١٠ - مكارم الأخلاق: ١٢١.

١١ - مكارم الأخلاق: ١٢١.

(١) في المصدر: مصنعة.

( ٢ و ٣) المصنع، وتقدم ما يدل على ذلك في الحديث ٦ و ١٢ من الباب ١٠ والباب ٢٠ و ٤٢ من أبواب لباس المصلي.

الباب ٣٢

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٦٢ / ٢.

٢ - الكافي ٦: ٤٦٢ / ٣.

٣ - الكافي ٦: ٤٦٢ / ١.

٦٠

شيئاً من ذلك حتّى ساعة الموت، وممّا يشهد لذلك قول الإمام أبي جعفر الباقرعليه‌السلام :

«إنّي لأعجب من قوم يتولونا ويجعلونا أئمّة، ويصفون أنّ طاعتنا مفترضة كطاعة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم يكسرون حجّتهم! ويخصّون أنفسهم؛ لضعف قلوبهم، فينقصونا حقّنا! ويعيبون ذلك على مَن أعطاه الله برهان حقِّ معرفتنا والتسليم لأمرنا! أترون الله تعالى افترض طاعة أوليائه على عباده ثم يُخفي عليهم أخبار السّماء، ويقطع عنهم مواد العلم فيما يرد عليهم مما فيه قوام دينهم؟!» . فقال له حمران: يابن رسول الله، أرأيت ما كان من قيام أمير المؤمنين والحسن والحسينعليهم‌السلام ، وخروجهم وقيامهم وما اُصيبوا به من قبل الطواغيت والظفر بهم حتّى قتلوا وغلبوا؟.

فقال له أبو جعفرعليه‌السلام :«يا حمران، إنّ الله تبارك وتعالى قدَّر ذلك عليهم، وقضاه وأمضاه وحتمه على سبيل الاختيار، ثم أجراه عليهم. فبتقدم علم إليهم من رسول الله قام علي والحسن والحسين، ويعلم منه صمت مَن صمت منّا، ولو أرادوا أن يدفع الله تعالى عنهم، وألحوا عليه في إزالة ملك الطواغيت؛ لكان ذلك أسرع من سلك منظوم انقطع فتبدد! وما أصابهم ليس لذنب اقترفوه، ولا لمعصية خالفوا الله فيها؛ ولكن لمنازل وكرامة من الله أراد أن يبلغهم إيّاها، فلا تذهبن بك المذاهب يا حمران!» (١) .

ومن إشعاعات هذا الحديث الشريف تظهر أسرار غامضة، وحكم إلهيّة اختصّ الله بها أولياءه، خزّان وحيه، وبها ميّزهم عن سائر البشر، وهي:

أ - علمهم بكلّ شيء، وعدم انقطاع أخبار السّماء عنهم. وعمومه شامل للموضوعات بأسرها.

ب - إنّ ما جرى عليهم من الأخطار، وقهر أرباب الجور ناشئٌ عن مصالح لا يعلمها إلا المهيمن جلّ شأنه.

ج - إنّ ما صدر منهم؛ من الحرب والجهاد، والقتل في سبيل الدعوة الإلهيّة،

____________________________

(١) الكافي (في هامش مرآة العقول) ١ / ١٩٠ باب انهم يعلمون ما كان، وبصائر الدرجات ص ٣٣، والخرائج ص ١٤٣، طبعة الهند.

٦١

والسّكوت عمّا يفعله أئمّة الضلال، ومشاهدتهم تمادي الاُمّة في الطغيان، وإقدامهم على ما فيه استئصال حياتهم القدسيّة؛ طاعة لأوامر المولى الخاصّة بهم، وانقياداً لتكليفه بلا إلجاء من الله لهم في شيء من ذلك، وإنّما هم مختارون فيه، كاختيار غيرهم في جميع التكاليف.

د - التسليم للقضاء المحتوم والأجل المبرم، وعدم التوسّل إلى الباري تعالى في إزاحة العلّة؛ لينالوا بالشهادة - التي هي أشرف الموت - الدرجات الرفيعة، والمنازل العالية التي لا تحصل إلا بهذا النوع من إزهاق النفس.

وفي نفس هذه العلّة أجاب أبو الحسن الرضاعليه‌السلام مَن سأله عن جواز تعريض أمير المؤمنينعليه‌السلام نفسه للقتل، مع علمه بالسّاعة والقاتل، فقالعليه‌السلام :«لقد كان كلّ ذلك، ولكنّه خير تلك الليلة؛ لتمضي المقادير» (١) ، فدلّنا هذا وأمثاله على أنّ إقدام أهل البيتعليهم‌السلام على ما فيه التهلكة، إنّما هو من باب الطاعة، وامتثال التكليف الموجّه إليهم خاصّة، فلا يتطرّق إلى ساحة علمهم نقص. ولا أنّ إقدامهم على ما فيه الهلكة ممّا يأباه العقل. وإليه ذهب المحققون من أعلام الإماميّة.

فيقول الشيخ المفيد في جواب المسائل العكبريّة: لسنا نمنع أن يعلم الإمام أعيان ما يحدث على التفصيل والتمييز، ويكون بإعلام الله تعالى. كما لا نمنع أن يتعبّد الله أميرَ المؤمنين بالصبر على الشهادة والاستسلام للقتل؛ فيبلغه بذلك علوّ الدرجة ما لا يبلغه إلا به، فيطيعه في ذلك طاعة لو كلّفها سواه لم يردها. ولا يكون أمير المؤمنين ملقياً بيده إلى التهلكة، ولا معيناً على نفسه معونة تستقبح في العقول، ولا يلزم فيه ما يظنّه المعترّضون. كما لا نمنع أن يكون الحسينعليه‌السلام عالماً بموضع الماء وأنّه قريب منه بقدر ذراع، فلو حفر لنبع له الماء. فامتناعه من الحفر لا يكون فيه إعانة على نفسه؛ بعد أن يكون متعبّداً بترك السّعي في طلب الماء حيث يكون ممنوعاً منه، ولا يستبعد العقل ذلك ولا يقبّحه. وكذلك في علم الحسنعليه‌السلام بعاقبة موادعة معاوية، فقد جاء الخبر بعلمه به، وكان شاهد الحال يقضي به، غير أنّه دفع به عن تعجيل قتله وتسليم أصحابه إلى معاوية؛ وكان في ذلك لطف في بقائه إلى

____________________________

(١) أصول الكافي على هامش مرآة العقول ١ / ١٨٨.

٦٢

حال مضيه، ولطف لبقاء كثير من شيعته وأهله وولده. ودفعُ فسادٍ في الدين أعظم من الفساد الذي حصل عند هدنته. وكانعليه‌السلام عالماً بما صنع، ولكن الله تعالى تعبده بذلك (١) .

ويقول العلامة الحلي في جواب مَن سأله عن تعريض أمير المؤمنين نفسه للقتل: بأنه يُحتمل أن يكون قد اُخبر بوقوع القتل في تلك الليلة وفي أي مكان يقتل، وأن تكليفه مغاير لتكليفنا، فجاز أن يكون بذلُ مهجته في ذات الله واجباً، كما يجب الثبات على المجاهد وإن كان ثباته يُفضي إلى القتل(٢) .

ويقول الشيخ الجليل يوسف البحراني: إنّ رضاهم بما ينزل بهم من القتل بالسّيف أو السمِّ، وكذا ما يقع بهم من الهوان على أيدي أعدائهم الظالمين، مع كونهم عالمين قادرين على دفعه، إنّما هو لما علموه من كونه مرضياً له سبحانه وتعالى، ومختاراً بالنسبة إليهم، وموجباً للقرب من حضرة قدسه. فلا يكون من قبيل الإلقاء باليد إلى التهلكة الذي حرّمته الآية، إذ هو ما اقتُرن بالنهي من الشارع نهي تحريم، وهذا ممّا عُلم رضاه به واختياره له، فهو على النقيض من ذلك. إلا أنّه ربّما ينزل بهم شيء من تلك المحذورات قبل الوقت المعدود والأجل المحدود، فلا يصل إليهم منه شيء من الضر ولا يتعقبه المحذور والخطر. فربّما امتنعوا منه ظاهراً، وربّما احتجبوا منه باطناً، وربّما دعوا الله في رفعه عنهم حيث علموا أنّه غير مراد الله سبحانه في حقّهم ولا مقدّر عليهم حتماً. وبالجملة: أنّهمعليهم‌السلام يدورون مدار ما علموه من الأقضية والأقدار، وما اختاره لهم القادر القهّار المختار(٣) . وعلى هذا مشى العلامة المجلسي والمحقق الكركي والحسن بن سليمان الحلّي من تلامذة الشهيد الأول وغيرهم.

علم الحسين بالشهادة

لقد تجلّى بما بيّناه تحبيذ العقل والشرع الإقدام على الهلكة إذا تحققت هناك مصلحة تقاوم مفسدة الهلكة؛ من إبقاء دين وشريعة أو إبراز حقيقة لا تظهر إلا به

____________________________

(١) المسائل العكبريّة - المسألة العشرون.

(٢) حكاه عنه المجلسي في مرآة العقول ١ / ١٨٩، وبحار الانوار ٩ / ٦٦٣.

(٣) الدرر النجفية / ٨٥.

٦٣

كما في أمر الحسينعليه‌السلام يوم وقف ذلك الموقف المدهش، فتلا على الملأ صحيفة بيضاء رتّلتها الحقب والأعوام.

فلقد عرَّف صلوات الله عليه بنهضته المقدّسة الاُمم الحاضرة والمتعاقبة أعمال الاُمويين، ومَن سنّ لهم خرق نواميس الشريعة والتعدي على قداسة قوانينها، وقد استفادت الاُمم من إقدام أبي الضيمعليه‌السلام على الموت، وبذله كلّ ما لديه - من جاه وحرمات في سبيل تأييد الدعوة المحمديّة - دروساً عالية، وعرفوا كيفية الثبات على المبدأ، وأنّه يستهان في تحرير النفوس عن الجور، وانقاذها من مخالب الظلم كلُّ غال ورخيص.

وإذا كان محمّد بن الحسن الشيباني ينفي البأس عن رجل يحمل على الألف، مع فقد احتمال النجاة أو النكاية بالعدو، ولا يكون هذا الإقدام منه إلقاءً بالتهلكة؛ لأنّ فيه نفع المسلمين، وتقوية عزائمهم، وبعث روح النشاط للدفاع عن المبدأ والموت تحت راية العز(١) ، فأبو عبد الله الحسينعليه‌السلام يفضل كلَّ أحد. فإنّه بإقدامه على أولئك الجمع المغمور بالاضاليل وإن أزهق نفسه المقدّسة ونفوس الأزكياء من أهل بيته وصحبه، وعرَّض حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للسلب والأسر، إلا أنّه سجّل أسطراً نوريّة على جبهة الدهر في أحقيّة نهضته، وبطلان تمويهات عدوّه الحائد عن سنن الحقِّ المتمرد في الطغيان، فهو الفاتح المنصور، وإنّ المتجهر عليه راسب في بحر الضلال، هاتك لحرمات الله تعالى، متعدٍّ على نظم الإسلام التي قرّرها صاحب الدعوة الإلهية.

وإنّي لأعجب ممَّن يذهب إلى أن الحسينعليه‌السلام كان يظنّ موافقة الكوفيين له وقد تخلّف ظنّه!، فإنّا لو تنزّلنا وقلنا: بأنّ الحسينعليه‌السلام لمْ يكن عنده العلم العام لِما كان ويكون وما هو كائن، ولكن أين يذهب عنه العلم بما يقع من الحوادث بواسطة إخبار جدّه وأبيه الوصي، بأنّه مقتول بأرض كربلاء، ممنوع من الورود ومعه ذووه وصحبه قضاءً محتوماً؟. أليس هو الذي أعلم اُمَّ سلمة بقتله - حين أبدت له خوفها من سفره هذا؛ لأنّ الصادق المصدّق الذي لا ينطق عن الهوىصلى‌الله‌عليه‌وآله أعلمها

____________________________

(١) أحكام القرآن للجصاص ١ / ٣٠٩.

٦٤

بقتله - بأرض كربلاء ممنوعاً عن الورود؟.

وفيما قال لها:«إنّي أعلم اليوم الذي اُقتل فيه، والسّاعة التي اُقتل فيها، وأعلم مَن يُقتل من أهل بيتي وأصحابي. أتظنّين أنّكِ علمت ما لمْ أعلمه؟ وهل من الموت بدٌّ! فإنْ لمْ أذهب اليوم ذهبتُ غداً».

وقال لأخيه عمر الأطرف:«إنّ أبي أخبرني بأنّ تربتي تكون إلى جنب تربته، أتظنّ أنّك تعلم ما لمْ أعلمه؟» . وقال لأخيه محمّد بن الحنفيّة:«شاء الله أن يراني قتيلاً، ويرى النساء سبايا» .

وقال لابن الزبير:«لو كنتُ في جُحر هامة من هذه الهوام لا ستخرجوني حتّى يقضوا فيَّ حاجتهم» . وقال لعبد الله بن جعفر:«إنّي رأيت رسول الله في المنام، وأمرني بأمر أنا ماضٍ له» . وفي بطن العقبة قال لِمَن معه:«ما أراني إلا مقتولاً، فإنّي رأيت في المنام كلاباً تنهشني، وأشدّها عليَّ كلبٌ أبقع» . ولمّا أشار عليه عمرو بن لوذان بالإنصراف عن الكوفة إلى أنْ ينظر ما يكون عليه حال الناس، قالعليه‌السلام :«ليس يُخفى عليَّ الرأي، ولكن لا يُغلب على أمر الله. وإنّهم لا يدعوني حتّى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي» .

إلى غير ذلك من تصريحاته وتلويحاته في المدينة ومكّة والطريق إلى الكوفة - كما ستقرؤها بتمامها - فإنّها شاهدة على أنّهعليه‌السلام كان على علم ويقين بأنّه مقتول في اليوم الموعود به بأرض كربلاء. ثم هل يتردّد أحد في هذا وهو يقرأ خطبته بمكّة حين أراد السّفر منها إلى العراق، التي يقول فيها:«كأنّي بأوصالي هذه تُقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا، فيملأن منّي أكراشاً جوفا، وأجربة سغبا، لا محيص عن يوم خُطَّ بالقلم» ؟.

فدلّت هذه الأجوبة من الحسينعليه‌السلام - لِمَن طلب منه التريّث في السّفر أو الذهاب في أرض الله العريضة - على وقوف سيّد الشهداء على أمره، ولمْ تخفَ عليه نوايا الكوفيّين. ولكنّه سرٌّ إلهي تعلق به خاصة؛ ولأجل إلقاء الحُجّة على هذا الخلق المتعوس كانت استغاثاته وانتصاراته يوم الطّف قبل نشوب الحرب وبعده.

وإنّما لمْ يصارح بما عنده من العلم لكلّ مَن رغب في إعراضه عن السّفر إلى

٦٥

الكوفة؛ لعلمه بأنّ الحقائق لا تفاض لأيّ متطلب بعد اختلاف الأوعية، سعةً وضيقاً، وتباين المرامي قرباً وبُعداً؛ فلذلك كانعليه‌السلام يجيب كلّ أحد بما يسعه ظرفه، وتتحمّله معرفته وعقليّته. فإنّ علم أهل البيتعليهم‌السلام صعب مستصعب، لا يتحمّله إلا نبي مرسل، أو ملك مقرّب، أو مؤمن امتحن الله قلبه بالإيمان.

الحسين فاتح

كان الحسينعليه‌السلام يعتقد في نهضته أنّه فاتح منصور؛ لِما في شهادته من إحياء دين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإماتة البدعة، وتفظيع أعمال المناوئين، وتفهيم الاُمّة أنّهم أحقّ بالخلافة من غيرهم. وإليه يشير في كتابه إلى بني هاشم:«مَن لَحِقَ بنا منكم استشهد، ومَن تخلّف لمْ يبلغ الفتح» (١) .

فإنّه لمْ يرد بالفتح إلا ما يترتب على نهضته وتضحيته من نقض دعائم الضلال، وكسح أشواك الباطل عن صراط الشريعة المطهّرة، وإقامة أركان العدل والتوحيد، وأنّ الواجب على الاُمّة القيام في وجه المنكر.

وهذا معنى كلمة الإمام زين العابدينعليه‌السلام لإبراهيم بن طلحة بن عبيد الله، لمّا قال له حين رجوعه إلى المدينة: مَن الغالب؟ فقال السّجادعليه‌السلام :«إذا دخل وقت الصلاة، فأذِّن وأقِم، تعرف الغالب» (٢) .

فإنّه يشير إلى تحقّق الغاية التي ضحّى سيّد الشهداءعليه‌السلام بنفسه القدسيّة لأجلها، وفشل يزيد بما سعى له من إطفاء نور الله تعالى، وما أراده أبوه من نقض مساعي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإماتة الشهادة له بالرسالة بعد أنْ كان الواجب على الاُمّة في الأوقات الخمس الإعلان بالشهادة لنبيّ الإسلام؛ ذلك الذي هدم صروح الشرك، وأبطل العبادة للاصنام. كما وجب على الاُمّة الصلاة على النبيِّ وآله الطاهرين في التّشهُدَين، وأنّ الصلاة عليه بدون الصلاة على آله، بتراء(٣) .

____________________________

(١) كامل الزيارات / ٧٥، بصائر الدرجات١٠ / ١٤١.

(٢) أمالي الشيخ الطوسي / ٦٦.

(٣) الصواعق المحرقة / ٨٧، كشف الغمّة ١ / ١٩٤، ولاحظ كتابنا (زين العابدين) ص٣٧١.

٦٦

كما أنّ العقيلة ابنة أمير المؤمنينعليها‌السلام ، أشارت إلى هذا الفتح بقولها ليزيد: فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا، ولا يرحض عنك عارها وشنارها.

إنّ المتأمل في حادثة الطفّ يتجلّى له؛ أنّ هذه الشهادة أعظم من يوم بدر، وإنْ كان هو أول فتح إسلامي؛ لأنّ المسلمين يومئذ خاضوا غمرات الموت تحت راية النبوّة، وقد احتفّ بهم ثلاثة آلاف من الملائكة مسوّمين، وهتاف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالنصر والظهور على العدوّ ملء مسامعهم، فقابلوا طواغيت قريش مطمئنين بالغلبة.

وأمّا مشهد الطفِّ، فالمقاسات فيه أصعب، والكرب أشدّ. وقد التطمت فيه أمواج الحتوف، وكشّرت الحرب عن نابها، وأخذ بنو اُميّة على سبط النبيِّ أقطار الأرض، وآفاق السّماء.

عـشـيـة أنـهضها بغيُها

فـجـاءتـه تركبُ طغيانَها

بجمع من الأرض سدَّ الفروج

وغـطّـى النجود وغيطانَها

وطا الوحش إذ لم يجد مهرباً

ولا زمـت الـطـير أوكانَه

لكن عصبة الحقِّ لمْ يثن من عزمهم شيء، فقابلوا تلك الأخطار من غير مدد يأملونه، أو نصرة يرقبونها. وقد انقطعت عنهم خطوط الوسائل الحيويّة حتّى الماء الذي هو أوفر الأشياء، والناس فيه شرع سواء، وضوضاء الحرم من الشر المقبل، وصراخ الأطفال من الاوام المبرح في مسامعهم، إلا أنّهم تلقّوا جبال الحديد بكلّ صدر رحيب، وجنان طامن. ولم تسلُ تلك النفوس الطاهرة إلا على فتل اُميّة المنقوض، ولا اُريقت دماؤهم الزاكية إلا على حبلهم المنتكث؛ فكان ملك آل حرب كلعقة الكلب أنفه حتّى اكتسحت معرّتهم عن أديم الأرض.

ولقد أجاد شاعر أهل البيتعليهم‌السلام بقوله:

لَو لَمْ تكن جُمعت كلُّ العُلا فينا

لـكان ما كان يوم الطفِّ يكفينا

يـومٌ نهضنا كأمثال الاُسود به

وأقـبلت كـالدبا زحفاً أعادينا

جاؤوا بـسبعين ألفاً سَلْ بقيتَهم

هل قابلونا وقد جئنا بسبعينا(١)

____________________________

(١) شعراء الغري ١ / ٣٨٧، والشاعر هو السيّد باقر الهندي نوّر الله ضريحه.

٦٧

فيوم الطفّ فتح أسلامي بعد الجاهليّة المستردة من جرّاء أعمال الاُمويِّين، ولفيفهم الذين لمْ يستضيئوا بذلك الألق السّاطع؛ نور التوحيد وشعاع النبوّة.

إنّ الحسين لمْ يكن قاصداً في خروجه محضَّ السلطنة، والرئاسة، وخفقان الرايات. فإنّه لو كان هذا غرضه؛ لاتّخذ الوسائل الموصلة إليه وهو أعرف بها، ولمْ يذع إلى مَن كان معه من الأعراب قتله، وهلاك مَن معه، واستسلام عائلته للأسر؛ فيتفرّق جيشه، وتتضاءل قواه الصوريّة. لكن نفسه المقدّسة - وهكذا الأحرار - أبت كتمان الأمر وإيهام الحال حتّى أختبرهم بالإذن في المفارقة، فذهب عنه مَن كان همُّه الطمع، وأبى أولئك الصفوة إلا مواساته ونصرته. فلا الجبن يطرق ساحتهم، ولا الانكسار يبين في مجاليهم؛ لأنّ ذلك شأن الآيس من غايته، والقوم كانوا على يقين من الظفر بالأمنية، كما تنم عنه كلماتهم التي أجابوا الحسينعليه‌السلام بها لمّا أنبأهم - ليلة عاشوراء - بحراجة الموقف، ورفع عنهم البيعة، وخلّى لهم السبيل، فقالوا: الحمد لله الذي شرّفنا بالقتل معك. ولو كانت الدنيا باقية، وكنّا فيها مخلَّدين؛ لآثرنا النهوض معك على الإقامة فيها. فوجدهمعليه‌السلام متفانين في الجهاد معه، والذبِّ عن قدس الشريعة. وتلا على الملأ سطراً من صحيفتهم البيضاء بقوله:«إنّي لا أجد أصحاباً أوفى من أصحابي، ولا أهل بيت أبرَّ وأوصل من أهل بيتي» (١) .

وإنّي لأعجب من الرواة وحملة التاريخ، حيث توسّعوا في النقل، فقذفوا اُولئك الأطهار بما يندى منه وجه الإنسانيّة، ويأباه الوجدان الصادق، فقيل: كان القوم بحالة ترتعد فرائصهم، وتتغير ألوانهم كلمّا اشتد الحال إلا الحسين، فإنّ أسرّة وجهه تشرق كالبدر المنير!!(٢) .

وهذا بعد أن أعوزتهم الوقيعة في شهيد العزّ والإباء، فلمْ يجدوا للغمز فيه نصيباً؛ فمالوا على صحبه وأهل بيته! وليس هذا إلا من الداء الدفين، بين أضالع قوم دافوا السمَّ في الدسم إلى سذّجٍ حسبوه حقيقة راهنة، فشوّهوا وجه التاريخ.

____________________________

(١) الكامل في التاريخ ٤ / ٢٤.

(٢) نَفَس المهموم ص ١٣٥ عن معاني الأخبار، وبحار الانوار٣ / ١٣٤ باب سكرات الموت، وكذلك في البحار ١٠ / ١٦٧ عن معاني الأخبار.

٦٨

غير أنّ البصير النّاقد لا تخفى عليه نفسيّة القوم، ولا ما جاؤوا به.

وأعجب من ذلك، قول زجر بن قيس الجعفي ليزيد: إنّا أحطنا بهم، وهم يلوذون عنّا بالآكام والحفر، لواذ الحمام من الصقر!!(١) . بفيك الكثكث أيّها القائل، كأنّك لمْ تشاهد ذلك الموقف الرهيب، فترى ما للقوم من بسالة وإقدام، ومفاداة دون الدِّين الحنيف حتّى أغفل يومهم مع ابن المصطفى أيّام صِفين وما شاكلها من حروب دامية، وحتّى أخذت أندية الكوفة لا تتحدّث إلا بشجاعتهم.

أجل، إنّ تلك الأحوال أدهشتك فلمْ تدرِ ما تقول! أو أنّ الشقّة بعدت عليك فنسيت ما كان. ولكن هل غاب عن سمعك صراخ الأيتام، وعويل الأيامى في دور الكوفة حتّى طبق أرجاءها من جرّاء ما أوقعه أولئك الصفوة بأعداء الله وأعداء رسوله بسيوفهم الماضية؟!. والعذر لك إنّك أدركت ساعة العافية، فطفقت تشوّه مقامهم المشكور؛ طلباً لمرضاة (يزيد الخمور).

ولقد صرّح عن صدق نيّاتهم عدوّهم الألد، عمرو بن الحجّاج، محرّضاً قومه: أتدرون مَن تقاتلون؟ تقاتلون فرسان المصر وأهل البصائر، وقوماً مستميتين لا يبرز إليهم أحد منكم إلا قتلوه على قلتهم. والله لو لمْ ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم(٢) .

وقيل لرجل شهد الطفّ مع ابن سعد: ويحك أقتلتم ذريّة الرسول؟! فقال: عضضت بالجندل، إنّك لو شهدت ما شهدنا؛ لفعلت ما فعلنا. ثارت علينا عصابة، أيديها على مقابض سيوفها كالاُسود الضارية، تحطّم الفرسان يميناً وشمالا، تلقي نفسها على الموت، لا تقبل الأمان ولا ترغب في المال، ولا يحول حائل بينها وبين المنية أو الاستيلاء على الملك. فلو كففنا عنها رويداً؛ لأتت على نفوس العسكر بحذافيرها، فما كنّا فاعلين لا اُمّ لك؟!(٣) .

وشهد لهم بذلك كعب بن جابر، فانه لمّا قتل بريراً؛ عتبت عليه زوجته

____________________________

(١) العقد الفريد ٢ / ٣١٣.

(٢) تاريخ الطبري ٦ / ٢٤٧.

(٣) شرح نهج البلاغة ١ / ٣٠٧.

٦٩

وقالت: أعنت على ابن فاطمة! وقتلت سيّد القرّاء! لقد أتيت عظيماً من الأمر! والله لا اُكلّمك من رأسي كلمة واحدة. فقال يخاطبها من أبيات.

ولـمْ تـرَ عيني مثلهم في زمانهم

ولا قـبلهم في الناس إذ أنا يافعُ

أشـدَّ قراعاً بالسّيوف لدى الوغى

ألا كـلّ مَـن يحمي الذمار مقارعُ

وقد صبروا للضرب والطعن حسّرا

وقـد نـازلوا لو أنّ ذلك نافعُ(١)

ثمّ أي فرد منهم أقلقه الحال حتّى ارتعدت فرائصه؟ أهو زهير بن القين الذي وضع يده على منكب الحسين، وقال مستأذناً:

أقدم هديت هادياً مهديا

فاليوم ألقى جدَّك النبيا

أم ابن عوسجة الذي يوصي حبيب بن مظاهر بنصرة الحسينعليه‌السلام ، وهو في آخر رمق من الحياة، فكأنّه لمْ يقنعه في المفاداة، كلّ ما لاقاه من جهد وبلاء؟.

أم أبو ثمامة الصائدي الذي لم يهمّه في سبيل السّير إلى ربّه تعالى، كلّ ما هنالك من فوادح وآلام، إلا الصلاة التي دنا وقتها؟.

أم سعيد الحنفي الذي استُهدف لهم عند الصلاة حتّى سقط؛ لكثرة نزف الدم، فيقول للحسينعليه‌السلام : أوفيتُ يابن رسول الله؟.

أم ابن شبيب الشاكري الذي يلقي جميع لامته؛ لتقرب منه الرجال فيموت، في حين نرى الكماة الأبطال المعروفين بالشجاعة والإقدام، يتدرعون للحرب؛ كيلا يخلص إليهم ما يزهق نفوسهم؟.

أم جون الذي يأذن له الحسينعليه‌السلام في الإنصراف، فيقع على قدميه يقبّلهما، وهو يبكي ويقول: إنّ لوني لأسود، وحسبي لئيم، وريحي منتن، فتنّفس عليَّ بالجنة؛ ليبيضَّ لوني، ويشرف حسبي، ويطيب ريحي؟.

وإذا تأملنا قول أبي جعفر الباقرعليه‌السلام :«إنَّ أصحاب جدّي الحسين لم يجدوا ألم مسّ الحديد» (٢) .

وضّح ما عليه أولئك الأطايب من الثبات، وأنّهم غير مكترثين بما لاقوه من

____________________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٤٧.

(٢) الخرائج للراوندي / ١٣٨.

٧٠

ألم الجراح؛ ولعاً منهم بالغاية، وشوقاً إلى جوار المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ولا تستغرب هذا، فمَن يعرف حالة العاشق، وأنّه عند توجّه مشاعره نحو المحبوب لا يشعر بما يلاقيه من عناء ونكد. ولقد حكى المؤرّخون: أنّ كثيّراً الشاعر(١) كان في خبائة يبري سهاماً له، فلمّا دخلت عليه عَزّة ونظر إليها أدهشه الحال، فأخذ يبري أصابعه، وسالت الدماء وهو لا يحسّ بالألم(٢) .

ويتحدّث الرواة: أنّ شاباً من الأنصار استقبل امرأة فأعجبته فأتبعها النظر؛ فدخلت في زقاق وهو خلفها ينظر إليها، فاعترضت وجهه زجاجة في حائط؛ فشقت وجهه وهو لا يشعر، فلمّا مضت المرأة رأى الدماء تسيل على ثوبه وصدره، فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحكى له، فنزل قوله تعالى:( قُل لِّلمُؤمنينَ يَغُضُّوا من أَبصَارِهِمْ ) (٣) .

ويحدّث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بأنّ الشهيد المقتول في سبيل الدعوة الإلهيّة لا يجد من مسِّ القتل، إلا كما يجد الإنسان من مسِّ القرصة(٤) .

وأمّا رشيد الهجري(٥) ، فإنّه لمّا دعاه ابن زياد، وسأله عمّا أخبره أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، قال: بلى، دخلت عليه يوماً وعنده أصحابه، وكان في بستان، فدعا

____________________________

(١) الاغاني ٢ / ٣٧.

(٢) في الموشح للمرزباني / ١٤٤ عند ذكر الشاعر كثيّر عزّة، عن أبي عبيدة، أنّ محمّد بن عليعليه‌السلام قال لكثيّر:«تزعم أنك من شيعتنا وتمدح آل مروان؟!» فقال: إنّما أسخر منهم، وأجعلهم حيات وعقارب وآخذ أموالهم.

(٣) الكافي ٣ / ٥١١ باب ١٦٠ ما يحل النظر إليه من المرأة عن الباقرعليه‌السلام ، وعنه في تفسير البرهان ٣ / ٧٣١ في تفسير الآية ٣٠ من سورة النور.

(٤) تيسير الوصول لابن الديبع ١ / ١٢٩، وكنز العمال ٢ / ٢٧٨ فضل الشهادة.

(٥) في الخلاصة للعلامة الحلّي: رشيد بضم الراء المهملة، وفي رجال أبي داود: الهجري بفتحتين، ومثله السيوطي في لب اللباب / ٢٧٧ باب الهاء، وفي أنساب السمعاني: هجري بفتح الهاء والجيم وكسر الراء وفي اخره ياء، النسبة إلى هجر: بلاد باليمن من أقصاها. والمشهور بهذه النسبة جماعة ذكرهم ومنهم: رشيد من أهل الكوفة يروي عن أبيه. وفي تاريخ البخاري ج١ القسم الثاني ص٣٠٥: يروي عن أبيه عن عبد الله، وأنّهم تكلّموا فيه. وفي اللباب لابن الاثير ٣ / ٢٨٥: رشيد الهجري، نسبة إلى بلد معروف باليمن. وأمّا هجر التي قرب المدينة، فذكر ابن القيسراني في الأنساب المتفقة / ٢٢٣، وتاج العروس، ولسان العرب مادّة هجر، وابن الاثير في النهاية، واختلف في القلتين المنسوبة إلى هجر؛ ففي وفاء الوفاء للسمهودي ٢ / ٣٨٦ عن النووي: أنها هجر قرب المدينة، ومثله في مصباح المنير، ولسان العرب، وتاج العروس، ونهاية ابن الاثير. وفي آثار البلاد لزكريا بن محمود القزويني / ٢٨٠: نسب إلى هجر التي بالبحرين، وسعتها خمسمئة. وحكاه الزركشي عن الأزهري كما في وفاء الوفاء مادة هجر.

٧١

برطب من نخلة، فقلت له: يا أمير المؤمنين أطيّب هذا الرطب؟ فعرّفهعليه‌السلام بأنّ الدّعيَّ عبيد الله سيحمله على البراءة منه؛ وإلا فيقطع يدَيه ورجلَيه ولسانه ويصلبه على جذع من هذه النخلة. فقال رشيد: آخر ذلك إلى الجنة؟ قالعليه‌السلام :«أنت معي في الدنيا والآخرة» ، قال: إذاً والله لا أتبرّأ منك.

فكان رشيد يختلف إلى تلك النّخلة في النّهار ويسقيها الماء، ويقول: لك غذيت ولي نبت! وما دارت الأيّام حتّى تولّى ابن زياد الكوفة؛ فدعاه وسأله عمّا أخبره به أمير المؤمنين، قال: أخبرني خليلي أنّك تدعوني إلى البراءة منه فلا أبرأ أبداً؛ فتقطع يدي ورجلي ولساني. قال ابن زياد: لأكذبنّ قوله. ثم أمر به فقطعوا يدَيه ورجلَيه وتركوا لسانه، وحُمل إلى أهله؛ فاجتمع عليه الناس وهو يحدّثهم بما أطلعه أمير المؤمنين من علم المنايا والبلايا وفضل أهل البيت، ثمّ قال: أيّها الناس، سلوني إنّ للقوم عندي طِلبة لمْ يقضوها. فأسرع رجل إلى ابن زياد وقال: ما صنعت! قطعت يدَيه ورجلَيه وهو يحدّث الناس بالعظائم! فأمر به بأن يقطع لسانه؛ فمات من ليلته، ثم صُلب(١) على باب دار عمرو بن حُريث(٢) .

تقول ابنته قنواء: سألت أبي عمّا يجده من الآلام، فقال: يا بنيّة، لا أجد إلا كالزحام بين النّاس(٣) . واستفاد رشيد الهجري من صحبة أمير المؤمنينعليه‌السلام علم المنايا والبلايا(٤) ، وكان يخبر الرجل بما يجري عليه؛ فسمّاه أمير المؤمنينعليه‌السلام راشداً(٥) .

وهذا الحال يفيد المتأمّل بصيرة؛ بأنّ كلّ من اتجهت مشاعره نحو المولى سبحانه وتعالى، وتجلّت له المظاهر الربوبيّة، وشاهد ما أعدَّ له من النّعيم الخالد في سبيل دعوة الدِّين؛ هان عليه ألم الجراح. ويؤكّد ما قلنا من ذهول العاشق عندما يشاهد محبوبه عن كلّ ما يرد عليه من الأذى؛ غفلة النّسوة عن ألم قطع المدية أيديهنّ؛

____________________________

(١) رجال الكشي / ٥١.

(٢) ميزان الاعتدال ٢ / ٣٣٩، لسان الميزان ٢ / ٤٦١.

(٣) رجال الكشي / ٥١، بشارة المصطفى / ١١٣، أمالي الطوسي / ١٠٣ مجلس ٦، وقد سُمّيت في هذين الأخيرين (أمة الله).

(٤) بصائر الدرجات ٦ / ٧٣ باب إن الأئمة يعرفون حال شيعتهم، وعنه في بحار الانوار١١ / ٢٤٦ في أحوال الامام موسى بن جعفر- ط كمباني.

(٥) أمالي الطوسي / ١٠٤ المجلس السادس- الطبعة الحجرية الاُولى.

٧٢

لمحض مشاهدة جمال الصدّيق يوسفعليه‌السلام كما حكاه جلّ شأنه( فَلَمّا رَأَينَهُ أَكبَرنَهُ وَقَطّعنَ أَيدِيَهُنّ وَقُلنَ حَاشَ للّهِ‏ِ مَا هذَا بَشَراً إِنْ هذَا إِلا مَلَكٌ كَرِيمٌ ) (١) .

وإذا لمْ تشعر النّسوة(٢) بمضض الجراح، فليس من الغريب ألا يجد أصحاب الحسينعليه‌السلام - وهم زبدة العالم كلّه - ألم مس الحديد عند نهاية عشقهم لمظاهر الجمال الإلهي، ونزوع أنفسهم إلى الغاية القصوى من القداسة بعد التكهرب بولاء سيّد الشهداءعليه‌السلام :

بـأبـي اُفـدي وجـوهاً مـنهمُ

صـافحوا في كربلا فيها الصِفاحا

أوجـهـاً يـشرقن بـِشراً كـلّما

كـلح الـعامُ ويـقطرن سـماحا

تـتجلّى تـحت ظـلماء الـوغى

كـالمصابيح إلـتماعاً وإلـتماحا

أرخصوا دون ابن بنت المصطفى

أنـفساً تـاقت إلـى الله رواحـا

فـقضوا صـبراً ومـن أعطافهمْ

أرجُ الـعزِّ بـثوب الـدهر فاحا

لـم تـذقْ مـاءاً سـوى منبعثٍ

مـن دم القلب به غصت جراحا

أنـهـلتْ مـن دمـها لـو أنـه

كان من ظامي الحشا يطفى التياحا

اُعـريت فـهي عـلى أن ترتدي

بـنسيج التّرب تمتاح الرياحا(٣)

الحسين مع أصحابه

تمهيد:

إنّ الشريعة المقدّسة أوجبت على النّاس النّهضة؛ لسدّ باب المنكر، والردع عن الفساد. وألزمت الاُمّة بمتابعة الإمام في ردِّ عادية الباغين على الخليفة المنصوب علماً للعباد؛ بعد أنْ يدعوهم إلى التوبة عمّا هم فيه من معاندة الحقّ، والرجوع إلى ساحة الشرع الأعظم، كما في قوله تعالى:( وإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤمِنِينَ اقتَتَلُوا فَأَصلِحُوا بَينَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحدَاهُمَا عَلَى الأُخرَى‏ فَقَاتِلُوا التِي تَبغِي حَتّى‏ تَفِي‏ءَ إِلى‏ أَمرِ اللّهِ ) (٤) ،

____________________________

(١) سورة يوسف الآية ٣١.

(٢) في ديوان الصبابة (في هامش تزيين الاسواق) / ٣٩: بلغ عدد اللائي قطعن أيديهم أربعين امرأة، منهن تسع شوقاً ووجداً.

(٣) من قصيدة في الحسينعليه‌السلام للسيّد عبد المطّلب الحلّي ذُكرت بتمامها في شعراء الحلة ٣ / ٢١٤.

(٤) الحجرات آية ٩.

٧٣

وقد نهض أمير المؤمنينعليه‌السلام أيّام خلافته؛ للدفاع عن قدس الشريعة، وتنبيه الاُمّة عن رقدة الجهل. وكان الواجب على الناس الفيء إليه؛ لأنّه إمام الحقِّ، المفروضة طاعته. وقد اعترف جمهور المسلمين بتماميّة البيعة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وحكموا بأنّ قتاله لمن خرج عليه حقٌّ، وهذه كلماتهم التي سجّلوها في صحفهم، شواهد متقنة على هذه الدعوى المدعومة بالعقل والنّقل.

فهذا أبو حنيفة يقول: ما قاتل أحد علياً إلا وعلي أولى بالحقِّ منه. ولولا ما سار عليعليه‌السلام فيهم، لما علم أحد كيف السّيرة في المسلمين. ولا شكّ أنّ عليّاًعليه‌السلام إنّما قاتل طلحة والزبير بعد أن بايعاه وخالفاه، وفي يوم الجمل سار عليّعليه‌السلام فيهم بالعدل وهو أعلم المسلمين، فكانت السُنّة في قتال أهل البغي(١) .

واقتفاه تلميذه محمّد بن الحسن الشيباني، المتوفى سنة (١٨٧) فقال: لو لمْ يقاتل معاوية علياًعليه‌السلام ظالماً له متعدياً باغياً؛ كنّا لا نهتدي لقتال أهل البغي(٢) .

وقال سفيان الثوري: ما قاتل عليّعليه‌السلام أحداً إلا كان عليّ أولى بالحقّ منه(٣) .

وقال الشافعي: السّكوت عن قتلى صفّين حَسَنٌ؛ وإنْ كان عليّعليه‌السلام أولى بالحقِّ من كلّ مَن قاتله(٤) .

وقال أبو بكر أحمد بن عليّ الرازي الجصّاص، المتوفى سنة (٣٧٠): كان عليّ محقّاً في قتال الفئة الباغية، لمْ يخالف فيه أحد. وكان معه من كبراء الصحابة وأهل بدر مَن قد علم مكانهم(٥) .

وقال القاضي أبو بكر ابن العربي، المتوفى سنة (٥٤٦): كان عليّ إماماً؛ لأنّهم اجتمعوا عليه. ولمْ يمكنه ترك النّاس؛ لأنّه أحقّهم بالبيعة، فقبِلَها حوطة على الاُمّة أنْ لا تُسفك دماؤها بالتهارج فيتخرّق الأمر. وربّما تغيّر الدِّين، وانقضّ عمود

____________________________

(١) مناقب أبي حنيفة للخوارزمي ٢ / ٨٣- ٨٤ ط حيدر آباد.

(٢) الجواهر المضيئة ٢ / ٢٦.

(٣) حلية الأولياء ٧ / ٣١.

(٤) أدب الشافعي ومناقبه / ٣١٤.

(٥) أحكام القرآن ٣ / ٤٩٢.

٧٤

الإسلام، وطلب أهل الشام منه التمكين من قتلة عثمان، فقال لهم عليّعليه‌السلام :«ادخلوا في البيعة، واطلبوا الحقَّ تصلوا إليه» . وكان عليّعليه‌السلام أسدَّهم رأياً وأصوبهم قولاً، لأنّه لو تعاطى القوَد؛ لتعصبتْ لهم قبائلهم فتكون حرباً ثالثةً، فانتظر بهم أن يستوثق الأمر وتنعقد البيعة العامّة، ثم ينظر في مجلس الحكم ويجري القضاء. ولا خلاف بين الاُمّة: أنّه يجوز للإمام تأخير القصاص، إذا أدّى ذلك إلى إثارة الفتنة وتشتيت الكلمة.

وحينئذ فكلُّ مَن خرج على عليّعليه‌السلام فهو باغ، وقتالُ الباغي واجب حتّى يفيء إلى الحقِّ وينقاد إلى الصلح. وإنّ قتاله لأهل الشام الذين أبوا الدخول في البيعة، وأهل الجمل والنّهروان الذين خلعوا بيعته حقٌّ، وكان حقُّ الجميع أنْ يصلوا إليه، ويجلسوا بين يدَيه ويطالبوه بما رأوا، فلمّا تركوا ذلك بأجمعهم، صاروا بغاة، فتناولهم قوله تعالى:( فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حتّى تَفِيءَ إلى أَمْرِ اللَّهِ ) (١) .

ولقد عتب معاوية على سعد بن أبي وقّاص(٢) ، بعدم مشاركته في قتال عليعليه‌السلام ؛ فردّ عليه سعد: بأنّي ندمت على تأخيري عن قتال الفئة الباغية، يعني معاوية ومَن تابعه(٣) .

وقال أبو بكر محمّد الباقلاني، المتوفى سنة (٤٠٣) هـ بعد ذكر جملة من فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام : إنّ علياً يصلح للخلافة ببعض هذه الخصال، ودون هذه الفضائل، ويستحقّ الإمامة. فهو حقيق بما نظر فيه وتولاه؛ فوجب الإنقياد له بعقدِ

____________________________

(١) سورة الحجرات / ٩.

(٢) في كامل ابن الأثير ٣ / ٧٤ عند ذكر البيعة لأمير المؤمنينعليه‌السلام قال: لم يبايع سعد بن أبي وقّاص، وعبد الله بن عمر، وحسّان بن ثابت، وكعب بن مالك، ومَسلمة بن مخلد، وأبو سعيد الخدري، ومحمد بن مسلمة، والنعمان بن بشير، وزيد بن ثابت، ورافع بن حديج، وفضالة بن عبيد، وكعب بن عجرة، وعبد الله بن سلام، وصهيب بن سنان، وسلمة بن سلامة بن وقش، واُسامة بن زيد، وقدامة بن مظعون، والمغيرة بن شعبة. وتعرّض لهم أبو منصور عبد القاهر البغدادي في اُصول الدين / ٢٩٠، والباقلاني في التمهيد / ٢٣٣، وابن تيمية في الفتاوى المصريّة ٤ / ٢٢٦، والطبري في تاريخه ٣ / ١٥٣. وتعرّض لاعتزال سعد بن أبي وقّاص الذهبي في سير أعلام النبلاء ١ / ٧٩- ٨٣، وذكر اعتذاره غير المقبول عند الله وعند رسوله، وهو عدم اتباعه أحداً إلا أن يعطيه سيفاً له لسان وعينان يعرف بهما المؤمن من الكافر! وفي ترجمته من الاستيعاب: إنّ معاوية كتب إليه شعراً يستميله إليه؛ فردّ عليه بأبيات يقول فيها:

أتطمع في الذي أعطى علياً

على ما قد طمعت به العفاءُ

لـيومٌ مـنه خير منك حياً

ومـيتاً أنـت للمرء الفداءُ

فـأمّا أمـر عـثمان فدعهُ

فـإنّ الـرأي أذهبه البلاءُ

(٣) أحكام القرآن ٢ / ٢٢٤ - ٢٢٥ ط مصر / ١٣٣١ﻫ.

٧٥

مَن عقدها له من وجوه المهاجرين والأنصار، عشيّة اليوم الثالث من مقتل عثمان بعد إمتناعه عليهم وإصرارهم عليه؛ لأنّه أعلم مَن بقي، وأفضلهم وأولاهم بهذا الأمر. وناشدوه الله تعالى في حفظ بقيّة الاُمّة، وصيانة دار الهجرة، فبايعوه قبل حضور طلحة والزبير ومبايعتهما له؛ تبعاً لغيرهما بعد وجوبها عليهما، ولو تأخّرا عن الإنقياد لكانا مأثومَين. وقولهما له: بايعناك مكرَهين(١) لا يضرّ بإمامة عليّعليه‌السلام ؛ لأنّ البيعة له تمّت قبل مبايعتهما، وطلبهما منه قَتْلَ قتلة عثمان خطأً، لأنّ عقد الإمامة لرجل على أنْ يَقتل الجماعة بالواحد لا يصح؛ بعد أنْ كان الإمام متعبّداً باجتهاده، فقد يؤدّي إلى أنّه لا يجوز قَتْل الجماعة بالواحد، وإنْ أدّى إليه اجتهاده فقد يجتهد ثانياً إلى عدمه، ولو ثبت أنّ علياًعليه‌السلام يرى جواز قتْل الجماعة بالواحد، لمْ يجز أنْ يقتل جميع قتلة عثمان؛ إلا بعد أنْ تقوم البيّنة على القتلة بأعيانهم، وأنْ يحضر أولياء الدَّم مجلسه ويطالبون بدم أبيهم ووليّهم، وأنْ لا يؤدّي القتل إلى هَرج عظيمٍ وفساد شديد، قد يكون مثل قتلة عثمان أو أعظم منه. وتأخير إقامة الحدِّ إلى وقت إمكانه أولى وأصلح للاُمّة وأنفى للفساد(٢) .

وقال أبو عبد الله محمّد بن عبد الله المعروف بالحاكم النيسابوري، المتوفى سنة (٤٠٥): الأخبار الواردة في بيعة أمير المؤمنين كلُّها صحيحة مجمع عليها، وفيها يقول خزيمة بن ثابت وهو واقف بين يدي المنبر:

إذا نـحن بـايعنا عـلياً فـحسبنا

أبـو حـسن مـمّا نخاف من الفتنْ

وجـدناه أولـى الناس بالناس إنه

أطـبُّ قـريش بـالكتاب وبالسُّننْ

وإنّ قـريـشاً مـا تـشق غـبارَه

إذا ما جرى يوماً على الضمر البدنْ

وفـيه الـذي فـيهم من الخير كلِّه

ومـا فـيهمُ كلُّ الذي فيه من حَسنْ

وساق الذهبي جميعه في تلخيص المستدرك ولم يتعقّبه(٣) ، ثم حكى الحاكم

____________________________

(١) في مستدرك الحاكم ٣ / ١١٤: أول من بايعه طلحة فقال: هذه بيعة تُنكث.

(٢) التمهيد / ٢٢٩- ٢٣٢.

(٣) المستدرك ٣ / ١١٥، وقد زاد عليها السيد المرتضى في الفصول المختارة ٢ / ٦٧ أبياتاً أربعة، هي:

وصـيُ رسول الله من دون أهلِهِ

وفـارسُهُ قد كان في سالف الزمنْ

وأوّلُ مَـن صلّى من الناس كلِّهم

سوى خيرة النسوان والله ذو المننْ

وصاحبُ كبش القوم في كل وقعةٍ

يكون لها نفس الشجاع لدى الذقنْ

فـذاك الذي تُثنى الخناصر باسمه

إمـامُهم حتّى اُغـيب في الكفنْ

٧٦

عن عبد الله بن عمر بن الخطاب أنّه قال: ما وجدت في نفسي من شيء من أمر هذه الآية:( فَقَاتِلُوا التِي تَبغِي حَتّى‏ تَفِي‏ءَ إِلى‏ أَمْرِ اللّه ) (١) إلا أنّي لمْ اُقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله تعالى(٢) .

وحكى الحاكم النيسابوري عن أبي بكر محمّد بن إسحاق بن خزيمة، أنّه قال: عهدت مشايخنا يقولون: إنّا نشهد بأنّ كلَّ مَن نازع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في خلافته، فهو باغ. وبه قال ابن ادريس(٣) .

وقال أبو منصور عبد القاهر البغدادي، المتوفى سنة (٤٢٩): أجمع أهل الحقِّ على صحّة إمامة عليّعليه‌السلام وقت انتصابه لها بعد قتْل عثمان، وأنّه كان محقّاً مصيباً في التحكيم، وفي قتال أصحاب الجمل، وأصحاب معاوية بصفّين(٤) .

وقال أبو إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي الفيروز آبادي، المتوفى سنة (٤٧٦): إذا خرجتْ على الإمام طائفةٌ من المسلمين، ورأت خلعه بتأويل، أو منعت حقّاً توجّه عليها بتأويل، وخرجتْ عن قبضة الإمام، وامتنعتْ عليه بمنعة، قاتلها الإمام؛ لقوله عزّ وجلّ:( فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي ) (٥) ؛ ولأنّ أبا بكر قاتل مانعي الزكاة، وقاتل عليّ أهل البصرة يوم الجمل، وقاتل معاوية بصفّين، وقاتل الخوارج بالنهروان(٦) . وظاهره أنّ قتال عليعليه‌السلام لهؤلاء بحقٍّ؛ لأنّه إمام حقٍّ وجبت بيعته في أعناقهم، وخروجهم عن طاعته - وإن كان بتأويل - لا يبرّر عملهم.

وقال إمام الحرمين الجويني، المتوفى سنة (٤٧٨): كان علي بن أبي طالب إماماً حقّاً في توليته، ومقاتلوه بغاة(٧) .

وقال علاء الدِّين الكاساني الحنفي، المتوفى سنة (٥٨٧): قاتل سيّدنا عليٌ أهل حروراء بالنّهروان بحضرة الصحابة؛ تصديقاً لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لسيّدنا عليعليه‌السلام :«إنّك تقاتل على التأويل كما تقاتل على التنزيل» ، والقتال على التأويل هو

____________________________

(١) سورة الحجرات الآية ٩.

(٢) المستدرك ٢ / ٤٦٣.

(٣) معرفة علوم الحديث ص ٨٤.

(٤) اُصول الدين ص ٢٨٦ - ٢٩٢.

(٥) سورة الحجرات الآية ٩.

(٦) المهذّب في الفقه الشافعي ٢ / ٢٣٤ ط مصر سنة ١٣٤٣ﻫ.

(٧) الإرشاد في اُصول الإعتقاد ص ٤٣٣.

٧٧

القتال مع الخوارج. ودلّ الحديث على إمامة سيّدنا عليّ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله شبّه قتال سيّدنا عليّ بقتاله على التنزيل، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله محقّاً في قتاله على التنزيل، فلزم أنْ يكون سيّدنا عليٌّ محقاً في قتاله بالتأويل. فلو لمْ يكن إمام حقٍّ لَما كان محقّاً في قتاله إيّاهم؛ لأنّ الدعوة قد بلغتهم لكونهم في دار الإسلام ومن المسلمين، ويجب على كلِّ مَن دعاه إلى قتالهم أنْ يجيبه إلى ذلك، ولا يسعه التخلّف إذا كان عنده غنىً وقدرة؛ لأنّ طاعة الإمام فيما ليس بمعصية فرض، فكيف فيما هو طاعة؟ وما روي عن أبي حنيفة: إذا وقعت الفتنة بين المسلمين، فينبغي للرجل أن يلزم بيته، محمول على وقت خاص؛ وهو ألا يكون إمام يدعوه إلى قتال، وأمّا إذا كان، فدعاؤه يفترض عليه الإجابة لِما ذكرنا(١) .

وقال يحيى بن شرف النووي الشافعي، المتوفّى سنة (٦٧٧): كان عليّ هو المُحقُّ المصيب في تلك الحروب. وقال معظم الصحابة والتابعين وعامّة علماء الإسلام: يجب نصر المحقِّ في الفتن، والقيام معه بمقاتلة الباغين. قال الله تعالى:( فَقَاتِلُوا الّتِي تَبغِي ) ، وهذا هو الصحيح(٢) .

وقال ابن همام الحنفي، المتوفى سنة (٦٨١): كان عليّعليه‌السلام على الحقِّ في قتال الجمل وقتال معاوية بصفّين، وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعمّار:«تقتلك الفئة الباغية» وقد قتله أصحاب معاوية، صريح بأنّهم بغاة. ولقد أظهرت عائشة النّدم - كما ذكره أبو عمرو في الإستيعاب - وقالت لعبد الله بن عمر: يا أبا عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال لها: رأيت رجلاً قد غلبك، يعني ابن الزبير. فقالت: أما لو نهيتني، ما خرجتُ(٣) .

وقال ابن تيمية، المتوفّى سنة (٧٢٨): لمّا قُتل عثمان، بايعوا أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وهو أحقُّ بالخلافة حينئذ وأفضل مَن بقي، لكن كانت القلوب متفرّقة، ونار الفتنة موقدة؛ فلمْ تتّفق الكلمة ولمْ تنتظم الجماعة، ولم يتمكّن الخليفة

____________________________

(١) بدائع الصنائع ٧ / ١٤٠ أحكام المرتدين.

(٢) شرح صحيح مسلم (في هامش إرشاد الساري)١٠ / ٣٣٦، ٣٣٨.

(٣) فتح القدير ٥ / ٤٦١ كتاب القضاء- أدب القاضي، وفي تاريخ الطبري ٥ / ٢٢١ قالت عائشة: وددت أَني متُّ قبل يوم الجمل بعشرين سنة. وفي العقد الفريد ٢ / ٢٨٨ عند ذكر أصحاب الجمل، ومعارف ابن قتيبة ص ٥٩ قيل لعائشة: ندفنك مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قالت: لا.

٧٨

وخيار الاُمّة من كلّ ما يرون من الخير، إلى أنْ ظهرت الحروريّة المارقة، فقاتلوا أمير المؤمنين علياً ومَن معه، فقتلهم بأمر الله تعالى ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ طاعةً لقول النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الطائفة المارقة يقتلها أدنى الطائفتين إلى الحقِّ، فكان علي بن أبي طالب ومَن معه هم الذين قاتلوهم؛ فدلَّ كلام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على أنّهم أدنى إلى الحقِّ من معاوية ومَن معه(١) .

وقال: كلّ فرقة من المتشيّعين مُقرّة بأنّ معاوية ليس كفؤاً لعليّعليه‌السلام بالخلافة، ولا يجوز أنْ يكون خليفة مع إمكان استخلاف عليّعليه‌السلام ؛ فإنّ فضل عليّ وسابقته وعلمه ودينه وشجاعته وسائر فضائله، كانت عنده ظاهرة معروفة، ولمْ يكن بقي من أهل الشورى غيره وغير سعد، وقد ترك سعد هذا الأمر، وتوفّي عثمان فلمْ يبقَ لها معين إلا عليّ(٢) .

وقال الزيلعي، المتوفّى سنة (٧٦٢): كان الحقُّ بيد عليّعليه‌السلام في نوبته، فالدليل عليه؛ قول النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعمّار:«تقتلك الفئة الباغية» ، ولا خلاف أنّه كان مع عليعليه‌السلام وقتَله أصحاب معاوية. ثمّ قال: أجمعوا على أنّ علياً كان مصيباً في قتال أهل الجمل؛ وهم طلحة والزبير وعائشة ومَن معهم، وأهل صفّين؛ وهم معاوية وعسكره. ثمّ قال: لمّا ولي عليّعليه‌السلام الخلافة، وكان معاوية بالشام قال: لا ألي له شيئاً، ولا اُبايعه، ولا أقدِم عليه(٣) .

وقال ابن القيّم الجوزيّة، المتوفّى سنة (٧٥١): كان عليّ في وقته سابق الاُمّة وأفضلها، ولمْ يكن فيهم حين وليها أولى بها منه(٤) .

وقال أبو عبد الله بن محمّد بن مفلح الحنبلي، المتوفّى سنة (٧٦٣): كان عليّعليه‌السلام أقرب إلى الحقِّ من معاوية، وأكثر المنصفين في قتال أهل البغي يرى القتال من ناحية عليعليه‌السلام ، ومنهم من يرى الإمساك. وقال ابن هبيرة في حديث أبي بكرة في ترك القتال في الفتنة، أي في قتل عثمان: فأمّا ما جرى بعده، فلمْ يكن لأحد من المسلمين التخلّف عن عليّعليه‌السلام ، ولمّا تخلّف عنه سعد وابن عمر واُسامة ومحمد

____________________________

(١) مجموع فتاوى ابن تيمية ٢ / ٢٥١.

(٢) المصدر نفسه ٤ / ٢٢٤.

(٣) نصب الراية ٤ / ٦٩ في تخريج أحاديث الهداية- كتاب أدب القاضي.

(٤) بدائع الفوائد ٣ / ٢٠٨ لابن القيّم الجوزية.

٧٩

ابن مسلمة ومسروق والأحنف ندموا. وكان عبد الله بن عمر يقول عند الموت: إنّي أخرج من الدنيا وليس في قلبي حسرة، إلا تخلّفي عن عليّعليه‌السلام . وكذا روي عن مسروق وغيره؛ بسبب تخلفهم(١) وقال ابن حجر العسقلاني، المتوفّى سنة (٨٥٢): كان الإمام علي بن أبي طالب على الحقِّ والصواب في قتال مَن قاتله في حروبه: الجمل وصفّين وغيرهما(٢) .

ويحكي محمود العيني، المتوفّى سنة (٨٥٥) عن الجمهور: أنّهم صرّحوا بأنّ علياًعليه‌السلام وأشياعه كانوا مصيبين؛ إذ كان عليّعليه‌السلام أحقَّ الناس بالخلافة، وأفضل مَن على وجه الدنيا حينئذ(٣) .

وقال ابن حجر الهيثمي، المتوفّى سنة (٩٧٤): إنّ أهل الجمل وصفّين رموا علياًعليه‌السلام بالمواطاة مع قتلة عثمان، وهو بريء من ذلك وحاشاه(٤) . ثمّ قال: ويجب على الإمام قتال البغاة؛ لإجماع الصحابة عليه، ولا يقاتلهم حتّى يبعث إليهم أميناً عدلاً فطناً ناصحاً يسألهم عمّا ينقمونه على الإمام؛ تأسّياً بعليّعليه‌السلام في بعثه

____________________________

(١) الفروع ٣ / ٥٤٢ - ٥٤٣.

(٢) فتح الباري ١٢ / ٢٤٤ كتاب استتابة المرتدّين - باب ترك قتال الخوارج.

(٣) عمدة القاري ١١ / ٣٤٦ كتاب الفتن.

(٤) في الكامل لابن الأثير ٢ / ٢٤٠، كان محمّد بن سيرين يقول: ما علمت أن علياً اتُّهم في قتْل عثمان حتّى بويع، إتّهمه الناس. وفي التمهيد للباقلاني ص٢٣٥ كان عليعليه‌السلام يقول بالبصرة: «والله ما قتلت عثمان، ولا مالأت على قتله، ولكنّ الله قتله وأنا معه» فظنّ قوم أنه أخبر عن نفسه بالقتل بقوله: «وأنا معه» وإنّما أراد الله أن أماته ويميتني معه؛ لأنّه حلف وهو الصادق: أنّه ما قتله ولا مالأ عليه. وفي العقد الفريد ٢ / ٢٧٤ في باب براءة علي من دم عثمان: كان عليعليه‌السلام في الكوفة يقول: «ولئن شاءت بنو اُمية لاُباهلنّهم عند الكعبة خمسين يميناً ما بدأت في حقِّ عثمان بشيء». وفي مجموع الفتاوى المصريّة لابن تيمية ٤ / ٢٢٤ كان عليعليه‌السلام يحلف وهو البار الصادق بلا يمين: أنه لم يقتل عثمان، ولا رضي بقتله. وفي تاج العروس ٨ / ١٤١ مادة (نفل)، النفل: الحلف، ومنه حديث عليعليه‌السلام : «لوددت أن بني اُمية رضوا، ونفلنا خمسين من بني هاشم يحلفون ما قتلنا عثمان، ولا نعلم له قاتلاً»، أي: حلفنا لهم خمسين يميناً على البراءة. وفي إصلاح المنطق لابن السكيت ص١٧٠ باب ما يُهمز وترك العامة همزه، في مادة (ملأ): يروى عن علي بن أبي طالب أنه قال: «والله ما قتلت عثمان، ولا مالأت على قتله»، والتمالؤ: الإجتماع على الأمر. وفي كتاب صفين لنصر بن مزاحم ص٦٠، قُتل المغيرة بن الأخنس يوم الدار مع عثمان، فقال ابنه شعراً يعذر علياً عن الإشتراك مع القوم، فقال من أبيات:

فأمّا علي فاستغاث ببيته

فلا آمرٌ فيها ولم يك ناهيا

ولابن أبي الحديد كلمة في شرح النهج ١ / ١١٢ تدل على فقهه بالحوادث فقال: كان معاوية شديد الإنحراف عن عليعليه‌السلام ؛ لأنه يوم بدر قتل أخاه حنظلة، وخاله الوليد، وشرك في جدِّه عتبة أو عمّه شيبة، وقتل من أعيان بني عبد شمس وأمثالهم نفراً كثيراً؛ فمن هناك أشاع نسبة قتل عثمان إليه أو انضواء القتلة إليه. وفي الكامل للمبرد ٢ / ٢٤٠ كان عروة بن الزبير يقول: كان عليعليه‌السلام أتقى لله من أن يعين على قتل عثمان.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437