وسائل الشيعة الجزء ٥

وسائل الشيعة11%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 533

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 533 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 352042 / تحميل: 6922
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

٤

أبواب أحكام الملابس

ولو في غير الصلاة

١ - باب استحباب التجمّل وكراهة التباؤس (*)

[ ٥٧ ٣٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي شعيب المحاملي، عن أبي هاشم، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: إنّ الله عزّ وجلّ يحبّ الجمال والتجمّل، ويبغض البؤس والتباؤس.

[ ٥٧ ٣٩ ] ٢ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير(١) قال: أمير المؤمنين ‎( عليه‌السلام ) ‎ : إنّ الله جميل يحبُّ الجمال، ويحبّ أن يرى أثر نعمه على عبده.

[ ٥٧ ٤٠ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عمّن رواه، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: إذا أنعم الله على عبد بنعمة أحبّ أن يراها عليه، لأنّه جميل يحبّ الجمال.

____________________

أبواب أحكام الملابس ولو في غير الصلاة

الباب ١

فيه ٩ أحاديث

* التباؤس: التفاقر.( القاموس المحيط ٢: ٢٠٦ ).

١ - الكافي ٦: ٤٤٠ / ١٤.

٢ - الكافي ٦: ٤٣٨ / ١.

(١) في المصدر زيادة: عن أبي عبد الله (عليه‌السلام )

٣ - الكافي ٦: ٤٣٨ / ٤.

٥

[ ٥٧ ٤١ ] ٤ - وعنهم، عن سهل، عن محمّد بن عيسى، عن صفوان، عن يوسف بن إبراهيم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: البس وتجمّل، فإنّ الله جميل يحبّ الجمال، وليكن من حلال.

[ ٥٧ ٤٢ ] ٥ - وعنهم، عن سهل، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: أبصر رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) رجلاً شعثاً ‎ً شعر رأسه، وسخة ثيابه، سيّئة حاله، فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : من الدين المتعة(١) .

[ ٥٧ ٤٣ ] ٦ - وبهذا الإِسناد قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : بئس العبد القاذورة.

[ ٥٧ ٤٤ ] ٧ - محمّد بن علي بن الحسين في( الخصال ): عن محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي، عن ابن رئاب(٢) ، عن الحلبي قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : ثلاثة أشياء لا يحاسب الله عليها المؤمن: طعام يأكله، وثوب يلبسه، وزوجة صالحة تعاونه، ويحصن بها فرجه.

____________________

٤ - الكافي ٦: ٤٤٢ / ٧، وأورد صدره في الحديث ٧ من الباب ١٠ من أبواب لباس المصلي، ويأتي في الحديث ٥ من الباب ٧ من هذه الأبواب.

٥ - الكافي ٦: ٤٣٩ / ٥.

(١) في المصدر زيادة: واظهار النعمة.

٦ - الكافي ٦: ٤٣٩ / ٦.

٧ - الخصال: ٨٠ / ٢، وأورده عن التهذيب في الحديث ١ من الباب ٩ من أبواب مقدمات النكاح.

(٢) في نسخة: زياد( هامش المخطوط) وكذلك المصدر.

٦

[ ٥٧ ٤٥ ] ٨ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد ): عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرضا( عليه‌السلام ) ، قال: قال أبي: ما تقول في اللباس الحسن ؟ فقلت: بلغني أنّ الحسن( عليه‌السلام ) كان يلبس، وأن جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) كان يأخذ الثوب الجديد فيأمر به فيغمس في الماء، فقال لي: البس وتجمّل، فإن علي بن الحسين( عليه‌السلام ) كان يلبس الجبّة الخزّ بخمسمائة درهم، والمطرف الخزّ بخمسين ديناراً، فيشتو فيه، فإذا خرج الشتاء باعه فتصدّق بثمنه، وتلا هذه الآية:( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) (١) .

[ ٥٧ ٤٦ ] ٩ - الحسن بن محمّد الطوسي في( الأمالي) عن أبيه، عن الفحّام، عن المنصوري، عن علي بن محمّد الهادي( عليه‌السلام ) ، عن آبائه، عن الصادق( عليهم‌السلام ) قال: إنّ الله يحبّ الجمال والتجمّل، ويكره البؤس والتباؤس، فإنّ الله إذا أنعم على عبد نعمة أحبّ أن يرى عليه أثرها، قيل: كيف ذلك ؟ قال: ينظّف ثوبه، ويطيّب ريحه، ويجصّص داره، ويكنس أفنيته، حتى أنّ السراج قبل مغيب الشمس ينفي الفقر ويزيد في الرزق.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في أحاديث لبس الخزّ(٢) وغيره(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

____________________

٨ - قرب الاسناد: ١٥٧، وأورد قطعة منه في الحديث ١٠ من الباب ١٠ من أبواب لباس المصلّي.

(١) الأعراف ٧: ٣٢.

٩ - أمالي الطوسي ١: ٢٨١.

(٢) تقدم في الباب ١٠من أبواب لباس المصلّي.

(٣) تقدم في الحديث ١ من الباب ٣٣ من أبواب الاحتضار.

(٤) يأتي في الحديثين ٢ و ٥ من الباب ٧، وفي الباب ٩ وفي الحديثين ٤ و ١٧ من الباب ١٩، وفي الباب ٢٧ من هذه الأبواب.

٧

٢ - باب استحباب إظهار النعمة، وكون الانسان في أحسن زي ّ قومه، وكراهة كتم النعمة

[ ٥٧ ٤٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن أسلم، عن هارون بن مسلم، عن بريد بن معاوية قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) لعبيد بن زياد: إظهار النعمة أحبّ إلى الله من صيانتها، فإيّاك أن تُريَّن(١) إلّا في أحسن زيّ قومك، قال: فما رؤي عبيد إلّا في أحسن زيّ قومه حتى مات.

[ ٥٧ ٤٨ ] ٢ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن حمّاد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول - في حديث -: خير لباس كل زمان لباس أهله.

[ ٥٧ ٤٩ ] ٣ - وعن علي بن محمّد، رفعه، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال ‎ : إذا أنعم الله على عبده بنعمة فظهرت عليه سمّي حبيب الله، محدّث بنعمة الله، وإذا أنعم الله على عبد بنعمة فلم تظهر عليه سمّي بغيض الله، مكذّب بنعمة الله.

[ ٥٧ ٥٠ ] ٤ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، رفعه قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) ‎ : إنّني لأكره للرجل أن يكون عليه من الله نعمة فلا يظهرها.

____________________

الباب ٢

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٤٠ / ١٥.

(١) كذا ظاهر الاصل إلّا ان على الزاي نقطة، وفي المصدر:( تتزين ).

٢ - الكافي ٦: ٤٤٤ / ١٥، و ١: ٣٤٠ / ٤، أورده بتمامه في الحديث ٧ من الباب ٧ من هذه الأبواب.

٣ - الكافي ٦: ٤٣٨ / ٢.

٤ - الكافي ٦: ٤٣٩ / ٩.

٨

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٣ - باب استحباب اظهار الغنىٰ، وإن لم يكن حاصلاً، إذا ظنّ فقره

[ ٥٧ ٥١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب وابن فضّال جميعاً، عن يونس بن يعقوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: إن ناساً بالمدينة قالوا: ليس للحسن مال، فبعث الحسن( عليه‌السلام ) إلى رجل بالمدينة، فاستقرض منه ألف درهم، وأرسل بها إلى المصدّق، فقال: هذه صدقة مالنا، فقالوا: ما بعث الحسن هذه من تلقاء نفسه إلّا وعنده مال.

[ ٥٧ ٥٢ ] ٢ - وبالإِسناد عن أبي بصير قال: لـمّا(٣) بلغ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) أن طلحة والزبير يقولان: ليس لعلي مال، قال: فشقّ ذلك عليه، فأمر وكلاءه أن يجمعوا غلّته، حتى إذا حال عليه الحول أتوه وقد جمعوا من ثمن الغلّة مائة ألف درهم، فنثرت(٤) بين يديه، فأرسل إلى طلحة والزبير، فأتياه، فقال لهما: هذا المال، والله لي، ليس لأحد فيه شيء، وكان عندهما مصدّقاً، قال: فخرجا من عنده وهما يقولان: إنّ له مالاً(٥) .

[ ٥٧ ٥٣ ] ٣ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن حديد، عن مرازم بن

____________________

(١) تقدم في الباب ١ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الحديث ٤ من الباب ٧ والباب ٧٢ من هذه الأبواب.

الباب ٣

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٤٠ / ١٢.

٢ - الكافي ٦: ٤٤٠ / ١١.

(٣) كتب في هامش الاصل( لمّا) عن نسخة.

(٤) في المصدر: فنشرت.

(٥) في نسخة: لمالاً( هامش المخطوط ).

٣ - الكافي ٦: ٤٣٩ / ٨.

٩

حكيم، عن عبد الأعلى مولى ‎ آل سام قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : إنّ الناس يرون(١) أنّ لك مالاً كثيراً، فقال: ما يسوءني ذلك، إنّ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) مرّ ذات يوم على ناس شتّى من قريش وعليه قميص مخرّق، فقالوا: أصبح عليّ لا مال له، فسمعها أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ، فأمر الذي يلي صدقته أن يجمع تمره، ولايبعث إلى إنسان شيئاً، وأن يوفّره، ثمّ قال له: بعه الاوَّل فالأوّل، واجعلها دراهم، ثم اجعلها حيث تجعل التمر، فاكبسه(٢) معه حيث لا يرى، وقال للذي يقوم عليه: إذا دعوت بالتمر فاصعد وانظر المال، فاضربه برجلك، كأنّك: لا تعمد الدراهم، حتى تنثرها، ثم بعث إلى رجل رجل(٣) منهم يدعوه، ثمّ دعا بالتمر، فلمّا صعد ينزل بالتمر ضرب برجله، فانتثرت الدراهم، فقالوا: ما هذا يا أبا الحسن ؟ فقال: هذا مال من لا مال له، ثمّ أمر بذلك المال فقال: أنظروا أهل كلّ بيت كنت أبعث إليهم، فانظروا ماله، وابعثوا إليه.

[ ٥٧ ٥٤ ] ٤ - وبالإِسناد عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: إنّ علي بن الحسين( عليهما‌السلام ) اشتدّت حاله حتّى تحدّث بذلك أهل المدينة، فبلغه ذلك، فتعيّن(١) ألف درهم وبعث بها إلى صاحب المدينة، وقال: هذه صدقة مالي.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٢) .

____________________

(١) في نسخة: يروون( هامش المخطوط ).

(٢) ورد في هامش المخطوط ما نصه: كبس البئر والنهر طمّهما بالتراب ورأسه في ثوبه أخفاه وأدخله فيه.( القاموس المحيط ٢: ٢٤٥ ).

(٣) ليس في المصدر.

٤ - الكافي ٦: ٤٤٠ / ١٣.

(٤) تعين: أي اقترض. والعينة بالكسر السلف.( الصحاح. هامش المخطوط ).

(٥) يأتي في الباب ٧ و ٨ وفي الحديث ٦ الباب ٣٢ من هذه الأبواب، وتقدم في الباب ٣ من هذه الأبواب ما يدل على بعض المقصود.

١٠

٤ - باب استحباب تزيّن المسلم للمسلم، وللغريب، والأهل والأصحاب

[ ٥٧ ٥٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : ليتزيّن أحدكم لأخيه المسلم كما يتزيّن للغريب الذي يحبّ أن يراه في أحسن الهيئة.

ورواه الصدوق في( الخصال) (١) بإسناده الآتي(٢) عن علي( عليه‌السلام ) - في حديث الأربعمائة - مثله.

[ ٥٧ ٥٦ ] ٢ - الحسن بن الفضل الطبرسي في( مكارم الأخلاق) عن النبي ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، أنّه كان ينظر في المرآة، ويرجّل جمّته، ويمتشّط، وربّما نظر في الماء وسوّى جمّته فيه، ولقد كان يتجمّل لأصحابه فضلاً على تجمّله لأهله، وقال: إنّ الله يحبّ من عبده إذا خرج إلى أخوانه أن يتهيّأ لهم ويتجمّل.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) .

____________________

الباب ٤

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ٤٣٩ / ١٠.

(١) الخصال: ٦١٢.

(٢) يأتي في الفائدة الأولى من الخاتمة برمز( ر ).

٢ - مكارم الأخلاق: ٣٤.

(٣) تقدم في الباب ١ و ٢ من هذه الأبواب، ويأتي ما يدل عليه في الحديث ٢ من الباب ٥ والباب ١٧ و ٢٧ وفي الحديث ٣ من الباب ٢٩ وفي الحديث ٣ من الباب ٣١ من هذه الأبواب.

١١

‏ ٥ - الباب كراهة مباشرة الرجل السريّ * الأشياء الدنيّة من الملابس وغيرها

[ ٥٧ ٥٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن معاوية بن وهب قال: رآني أبو عبد الله( عليه‌السلام ) وأنا أحمل بقلاً، فقال: يكره للرجل السريّ أن يحمل الشيء الدني فيجترأ عليه.

ورواه الصدوق في( الخصال ): عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، مثله(١) .

[ ٥٧ ٥٨ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة قال: استقبلني أبو الحسن( عليه‌السلام ) وقد علّقت سمكة في يدي، فقال: اقذفها، إنّي لأكره للرجل السريّ أن يحمل الشيء الدنيّ بنفسه، ثم قال: إنّكم قوم أعداؤكم كثير، عاداكم الخلق يا معشر الشيعة، إنّكم قد عاداكم الخلق، فتزيّنوا لهم بما قدرتم عليه.

ورواه الصدوق في كتاب( صفات الشيعة ): عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمّد بن أحمد، عن عبد الله بن خالد الكناني قال: استقبلني أبو الحسن موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) ، ثمّ ذكر مثله(٢) .

[ ٥٧ ٥٩ ] ٣ - وعنهم، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن ابن فضّال ومحسن بن أحمد جميعاً، عن يونس بن يعقوب قال: نظر أبو عبد الله( عليه‌السلام ) إلى رجل من

____________________

الباب ٥

فيه ٥ أحاديث

* السريّ: الرجل الشريف النبيل.( أنظر لسان العرب ١٤: ٣٧٧ ).

١ - الكافي ٦: ٤٣٩ / ٧.

(١) الخصال: ١٠ / ٣٥.

٢ - الكافي ٦: ٤٨٠ / ١٢.

(٢) صفات الشيعة: ١٦ / ٣١.

٣ - الكافي ٢: ١٠٠ / ١٠.

١٢

أهل المدينة قد اشترى لعياله شيئاً وهو يحمله، فلمّا رآه الرجل استحيى منه، فقال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : اشتريته لعيالك وحملته إليهم، أما والله لولا أهل المدينة لأحببت أن أشتري لعيالي الشيء ثم أحمله إليهم.

أقول: يأتي وجهه(١) .

[ ٥٧ ٦٠ ] ٤ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن عقبة بن محمّد، عن سلمة بن محرز(٢) قال: مرّ أبو عبد الله( عليه‌السلام ) على رجل قد ارتفع صوته على رجل يقتضيه شيئاً يسيراً، فقال: بكم تطالبه ؟ فقال: بكذا وكذا، قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : أما بلغك أنّه كان يقال: لا دين لمن لا مروّة له ؟!

[ ٥٧ ٦١ ] ٥ - محمّد بن علي بن الحسين في( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي نجران، يرفعه إلى أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من رقّع جيبه، وخصف نعله، وحمل سلعته، فقد برئ من الكبر.

ورواه الكليني(٣) ، عن علي بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة(٤) ، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) .

أقول: هذا محمول على عدم كون هذه الأشياء في العرف من الأمور الدنية بالنسبة إلى ذلك الشخص، أو مخصوص بغير الرجل السريّ.

____________________

(١) يأتي وجهه في الحديث ٥ من هذا الباب.

٤ - الكافي ٦: ٤٣٨ / ٣.

(٢) في المصدر: سلمة بن محمد بياع القلانس.

٥ - ثواب الأعمال: ٢١٣، والخصال: ١٠٩ / ٧٨، أخرجه عنه وعن روضة الكافي وعن الخصال في الحديث ٤، وأخرج نحوه عن المجالس في الحديث ٥ من الباب ٢٩ من هذه الأبواب.

(٣) الكافي ٨: ٢٣١ / ٣٠٢.

(٤) في المصدر زيادة: عن اسحاق بن عمار.

١٣

٦ - باب استحباب لبس الثوب النقي النظيف

[ ٥٧ ٦٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن عبد الرحمن بن جندب(١) ، عن سفيان بن السمط قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: الثوب النقي يكبت العدوّ.

[ ٥٧ ٦٣ ] ٢ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : النظيف من الثياب يذهب الهمّ والحزن، وهو طهور للصلاة.

[ ٥٧ ٦٤ ] ٣ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : من اتّخذ ثوباً فلينظّفه.

[ ٥٧ ٦٥ ]٤ - محمّد بن علي بن الحسين في( الخصال) بإسناده عن علي( عليه‌السلام ) - في حديث الأربعمائة - قال: غسل الثياب يذهب الهمّ والحزن، وهو ظهور للصلاة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه،

____________________

الباب ٦

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٤١ / ١.

(١) في المصدر: عبد الله بن جندب.

٢ - الكافي ٦: ٤٤٢ / ١٤، أخرجه عن المجمع مع اختلاف في ألفاظه في الحديث ١١ من الباب ٢٢ من هذه الأبواب.

٣ - الكافي ٦: ٤٤١ / ٣.

٤ - الخصال: ٦١٢.

(٢) تقدم ما يدل على ذلك في الباب ١ من هذه الأبواب.

١٤

إن شاء الله(١) .

٧ - باب عدم كراهة لبس الثياب الفخارة الثمينة اذا لم تؤدّ الى الشهرة، بل استحبابه، وكراهة الشهرة بلبس الخلقان والخشن ونحوه

[ ٥٧ ٦٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: لبس رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) الساج والطاق والخمائص(٢) .

[ ٥٧ ٦٧ ] ٢ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن علي الوشّاء قال: سمعت الرضا( عليه‌السلام ) يقول: كان علي بن الحسين( عليه‌السلام ) يلبس ثوبين في الصيف يشتريان بخمسمائة درهم.

أقول: وتقدّم في أحاديث الخزّ ما يدلّ على ذلك وزيادة(٣) .

[ ٥٧ ٦٨ ] ٣ - وبالإِسناد عن الوشّاء، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: بينا أنا في الطواف وإذا رجل يجذب ثوبي، وإذا عبّاد بن كثير البصري فقال: يا جعفر، تلبس مثل هذه الثياب وأنت في هذا

____________________

(١) يأتي ما يدل عليه في الحديث ١١ من الباب ٢٢، وفي الحديث ٤ من الباب ٣٢ من هذه الأبواب.

الباب ٧

فيه ١٢حديثاً

١ - الكافي ٦: ٤٤١ / ٢.

(٢) الساج: الطيلسان الأخضر، والطاق: الطيلسان الأخضر، والخميصة: كساء أسود له علمان - القاموس المحيط ١: ١٩٥، ٣: ٢٦٠، ٢: ٣٠٢( هامش المخطوط ).

٢ - الكافي ٦: ٤٤١ / ٥.

(٣) تقدم في الباب ١٠ من أبواب لباس المصلي.

٣ - الكافي ٦: ٤٤٣ / ٩.

١٥

الموضع مع المكان الذي أنت فيه من علي( عليه‌السلام ) ؟! فقلت: فرقبي(١) اشتريته بدينار، وكان علي( عليه‌السلام ) في زمان يستقيم له ما لبس فيه، ولو لبست مثل ذلك اللباس في زماننا لقال الناس: هذا مراء مثل عبّاد.

ورواه الكشّي في كتاب( الرجال ): عن محمّد بن مسعود، عن عبد الله بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشاء، عن ابن سنان، مثله(٢) .

[ ٥٧ ٦٩ ] ٤ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح قال: كان أبو عبد الله( عليه‌السلام ) متّكئاً عليّ، أو قال: على أبي، فلقيه عبّاد بن كثير وعليه ثياب مَرْوية(٣) حِسان، فقال: يا أبا عبد الله، إنّك من أهل بيت نبوّة، وكان أبوك وكان، فما لهذه الثياب المزينة عليك ؟! فلو لبست دون هذه الثياب، فقال له أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : ويلك يا عباد،( مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) (٤) ، إنّ الله عزّ وجلّ إذا أنعم على عبد نعمة أحبّ أن يراها عليه، ليس به بأس، ويلك يا عبّاد، إنّما أنا بضعة من رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) فلا تؤذني، وكان عبّاد يلبس ثوبين قطريّين(٥) .

[ ٥٧ ٧٠ ] ٥ - وعنهم، عن سهل، عن محمّد بن عيسى، عن صفوان، عن يوسف بن إبراهيم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: إنّ عبد الله بن عبّاس لـمّا بعثه أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) إلى الخوارج فواقفهم لبس

____________________

(١) فرقب كقنفذ (ع) ومنه الثياب الفرقبية أو هي ثياب بيض من كتان( هامش الأصل) عن القاموس.

(٢) رجال الكشي ٢: ٦٨٩ / ٧٣٦.

٤ - الكافي ٦: ٤٤٣ / ١٣.

(٣) ثوب مرْويّ: نسبة إلى مدينة مرو ببلاد فارس.( لسان العرب ١٥: ٢٧٦ ).

(٤) الأعراف ٧: ٣٢.

(٥) في هامش الاصل عن نسخة:( قطوبين ).

٥ - الكافي ٦: ٤٤٢ / ٧، تقدم صدره في الحديث ٧ الباب ١٠ من لباس المصلي، وقطعة منه في الحديث ٤ الباب ١ من هذه الأبواب.

١٦

أفضل ثيابه، وتطيّب بأطيب طيبه، وركب أفضل مراكبه، فخرج فواقفهم، فقالوا: يا بن عبّاس، بينا أنت أفضل الناس إذا اتيتنا في لباس الجبابرة ومراكبهم، فتلا عليهم هذه الآية:( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) (١) ، والبس(٢) وتجمّل فإنّ الله جميل يحبّ الجمال، وليكن من حلال.

[ ٥٧ ٧١ ] ٦ - وعن محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: بعث أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) عبد الله بن عبّاس إلى ابن الكوّا وأصحابه، وعليه قميص رقيق وحُلّة، فلمّا نظروا إليه قالوا: يا بن عباس، أنت خيرنا في أنفسنا، وأنت تلبس هذا اللّباس ؟! فقال: وهذا أوّل ما أُخاصمكم فيه( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) ( ٣ ) وقال الله عزّ وجلّ:( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) ( ٤ ) .

[ ٥٧ ٧٢ ] ٧ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن حمّاد بن عثمان قال: كنت حاضراً عند( ٥ ) أبي عبد الله( عليه‌السلام ) إذ قال له رجل: أصلحك الله، ذكرت أنّ علي بن أبي طالب كان يلبس الخشن، يلبس القميص بأربعة دراهم، وما أشبه ذلك، ونرى عليك اللباس الجيّد ؟! قال: فقال له: إنّ علي بن أبي طالب( صلوات الله عليه) كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر، ولو لبس مثل ذلك اليوم لشهر به، فخير لباس كلّ زمان لباس أهله، غير أنّ قائمنا إذا قام لبس لباس عليّ، وسار بسيرته.

____________________

(١) الأعراف ٧: ٣٢.

(٢) في المصدر: فالبس.

٦ - الكافي ٦: ٤٤١ / ٦.

( ٣ ) الأعراف ٧: ٣٢.

( ٤ ) الأعراف ٧: ٣١.

٧ - الكافي ٦: ٤٤٤ / ١٥.

( ٥ ) كذا في الاصل، لكنه شطب على( عند) وكتب( لأبي ).

١٧

وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن يحيى الخزّاز، مثله(١) .

[ ٥٧ ٧٣ ] ٨ -( وعنهم، عن سهل بن زياد) (٢) ، عن محمّد بن عيسى، عن العباس بن هلال الشامي مولى أبي الحسن( عليه‌السلام ) عنه قال: قلت له: جعلت فداك، ما أعجب إلى الناس من يأكل الجشب، ويلبس الخشن، ويتخشّع ؟! فقال: أما علمت أنّ يوسف نبيّ ابن نبيّ كان يلبس أقبية الديباج مزرورة بالذهب، ويجلس في مجالس آل فرعون - إلى أن قال - إنّ الله لم يحرم طعاماً ولا شراباً من حلال، إنّما حرّم الحرام قلّ أو كثر، وقد قال جل وعز:( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) (٣) .

[ ٥٧ ٧٤ ] ٩ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محمّد الهاشمي، عن أبيه، عن أحمد بن عيسى، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، في قول الله عزّ وجلّ:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (٤) - إلى أن قال - فكان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في صلاة الظهر وقد صلّى ركعتين، وهو راكع وعليه حلّة قيمتها ألف دينار، وكان النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) كساه إيّاها، وكان النجاشيّ أهداها له، فجاء سائل فقال: السلام عليك يا وليّ الله، وأولى بالمؤمنين من أنفسهم، تصدّق على مسكين، فطرح الحلّة إليه، وأومأ(٥) إليه أن احملها، فأنزل الله عزّ وجلّ فيه هذه الآية، الحديث.

____________________

(١) الكافي ١: ٣٤٠ / ٤.

٨ - الكافي ٦: ٤٥٣ / ٥.

(٢) في المصدر: حميد بن زياد.

(٣) الأعراف ٧: ٣٢.

٩ - الكافي ١: ٢٢٨ / ٣، وأورد تمامه في الحديث ١ من الباب ٥١ من أبواب الصدقة.

(٤) المائدة ٥: ٥٥.

(٥) في المصدر: وأومأ بيده.

١٨

[ ٥٧ ٧٥ ] ١٠ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: دخل سفيان الثوريّ على أبي عبد الله( عليه‌السلام ) فرأى عليه ثياب بياض كأنّها غرقئ البيض(١) ، فقال له: إن هذا اللّباس ليس من لباسك ! فقال له: اسمع منّي وعِ ما أقول لك، فإنّه خير لك عاجلاً وآجلاً، إن أنت متّ على السنّة ولم تمت على بدعة، أُخبرك أنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) كان في زمان مقفر جدب، فأمّا إذا أقبلت الدنيا فأحقّ أهلها بها أبرارها لا فجّارها، ومؤمنوها لا منافقوها، ومسلموها لا كفّارها، فما أنكرت يا ثوري ؟! فو الله إنّي لمع ما ترى ما أتى عليّ - مذ عقلت - صباح ولا مساء ولله في مالي حقّ أمرني أن أضعه موضعاً إلّا وضعته، الحديث.

[ ٥٧ ٧٦ ] ١١ - محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي في كتاب( الرجال ): عن حمدويه بن نصير، عن محمّد بن عيسى، عن علي بن أسباط قال: قال سفيان بن عيينة لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : إنّه يروى أنّ علي بن أبي طالب( عليه‌السلام ) كان يلبس الخشن من الثياب، وأنت تلبس القوهي(٢) المَرويّ ؟! قال: ويحك، إنّ علياً( عليه‌السلام ) كان في زمان ضيق، فإذا اتّسع الزمان فأبرار الزمان أولى به.

[ ٥٧ ٧٧ ] ١٢ - وعن محمد بن مسعود، عن الحسين بن اشكيب، عن الحسن بن الحسين المروزي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أحمد بن عمر قال: سمعت بعض أصحاب أبي عبد الله( عليه‌السلام ) يحدّث أنّ سفيان الثوريّ دخل على أبي

____________________

١٠ - الكافي ٥: ٦٥ / ١.

(١) الغرقئ: قشر البيض الخفيف، تحت القشر الصلب، توصف به الثياب الرقيقة البيضاء الناعمة.( أنظرلسان العرب ١: ١١٩ ).

١١ - رجال الكشي ٢: ٦٩٠ / ٧٣٩.

(٢) القوهي: ثياب بيض منسوبة الى قوهستان( لسان العرب ١٣: ٥٣٢ ).

١٢ - رجال الكشي ٢: ٦٩١ / ٧٤٠.

١٩

عبد الله( عليه‌السلام ) وعليه ثياب جياد فقال: يا أبا عبد الله، إنّ آباءك لم يكونوا يلبسون مثل هذه الثياب ! فقال له: إنّ آبائي كانوا يلبسون ذلك في زمان مقفر مقصر، وهذا زمان قد أرخت الدنيا عزاليها(١) ، فأحقّ أهلها بها أبرارهم.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٨ - باب استحباب لبس الثوب الحسن من خارج، والخشن من داخل، وكراهة العكس

[ ٥٧ ٧٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن علي، رفعه قال: مر سفيان الثوري في المسجد الحرام فرأى أبا عبد الله وعليه ثياب كثيرة القيمة حسان، فقال: والله، لآتينّه ولأُوبخنّه، فدنا منه فقال: يا بن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، والله ما لبس رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) مثل هذا اللباس، ولا علي، ولا أحد من آبائك ! فقال أبو عبد الله (عليه‌السلام ) : كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) في زمان قتر مقتر، وكان يأخذ لقتره واقتاره، وإنّ الدنيا بعد ذلك أرخت عزاليها، فأحقّ أهلها بها أبرارها، ثم تلا:( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) (٤) فنحن أحقّ من أخذ منها ما أعطاه الله، غير أني يا ثوري، ما ترى عليّ من ثوب إنّما لبسته للنّاس، ثمّ اجتذب يد سفيان فجّرها إليه، ثمّ رفع الثوب الأعلى، وأخرج ثوباً تحت ذلك على جلده غليظاً، فقال: هذا لبسته لنفسي، غليظاً، وما رأيته للناس، ثمّ جذب ثوباً على سفيان أعلاه غليظ خشن

____________________

(١) العزلاء: مصب الماء من الراوية ونحوها والجمع عزالي وعزالَىٰ( القاموس المحيط ٤: ١٥ ).

(٢) تقدم في الباب ١٠ من لباس المصلي، والباب ١ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الحديث ١ الباب ٨ من هذه الأبواب.

الباب ٨

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ٤٤٢ / ٨.

(٤) الأعراف ٧: ٣٢.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

المرتشي في الحكم

و من كلام له: أيتها النفوس المختلفة و القلوب المتشتّتة، الشاهدة أبدانهم و الغائبة عنهم عقولهم أظأركم على الحق(١) و أنتم تنفرون عنه نفور المعزى من وعوعة الأسد هيهات أن أطلع بكم سرار العدل(٢) أو أقيم اعوجاج الحق.

اللهم إنك تعلم أنه لم يكن الذي كان منّا منافسة في سلطان و لا التماس شي‏ء من فضول الحطام، و لكن لنرد المعالم من دينك و نظهر الإصلاح في بلادك فيأمن المظلومون من عبادك.

و قد علمتم أنه لا ينبغي أن يكون الوالي البخيل فتكون في أموالهم نهمته، و لا الجاهل فيضلّهم بجهله، و لا الجافي فيقطعهم بجفائه، و لا الحائف للدول(٣) فيتّخذ قوما دون قوم، و لا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق.

____________________

(١) أظأركم: أعطفكم.

(٢) سرار، في الأصل: آخر ليلة من الشهر، و المراد هنا: الظلمة. أي: أن اطلع بكم شارفا يكشف عمّا عرض على العدل من الظلمة.

(٣) الحائف: الجائر الظالم. و الدول، جمع دولة بالضم و هي المال. و قد سمي المال «دولة» لأنه يتداول، أي ينتقل من يد ليد.

١٦١

مع المظلوم

من كلام له: إني أريدكم للّه و أنتم تريدوني لأنفسكم أيها الناس، أعينوني على أنفسكم، و ايم اللّه لأنصفنّ المظلوم من ظالمه، و لأقودنّ الظالم بخزامته(١) حتى أورده منهل الحق و إن كان كارها

المال للنّاس

من كلام رائع كلّم به عبد اللّه بن زمعة، و هو من أنصاره، و ذلك انه قدم عليه في خلافته يطلب منه مالا. فقال: إن هذا المال ليس لي و لا لك و جناة أيديهم(٢) لا تكون لغير أفواههم

____________________

(١) الخزامة: حلقة من شعر تجعل في وترة أنف البعير ليشدّ فيها الزمام و يسهل قياده.

(٢) أي: جناة أيدي العامة.

١٦٢

امانة

من كتاب له الى الأشعث بن قيس عامله على اذربيجان: و إنّ عملك ليس لك بطعمة(١) و لكنه في عنقك أمانة.

ليس لك أن تفتات في رعية(٢) ، و في يديك مال من مال اللّه عزّ و جلّ، و أنت من خزّانه حتى تسلّمه إليّ، و لعلّي أن لا أكون شرّ ولاتك(٣) و السلام.

لاضربنّك بسيفي

من كتاب له إلى بعض عمّاله و قد اختطف ما قدر عليه من أموال الأمة و هرب إلى الحجاز: فلمّا أمكنتك الشدّة في خيانة الأمّة أسرعت الكرّة و عاجلت الوثبة و اختطفت ما قدرت عليه من أموالهم المصونة لأراملهم و أيتامهم اختطاف

____________________

(١) عملك: ما وليت لتعمله في شؤون الأمة. طعمة: المأكلة و المكسب.

(٢) تفتات: تستبد.

(٣) يرجو أن لا يكون شر المتسلطين عليه. و لا يحقّ الرجاء إلا إذا استقام.

١٦٣

الذئب الأزلّ دامية المعزى الكسيرة(١) فحملته إلى الحجاز رحيب الصدر بحمله غير متأثّم من أخذه(٢) .

كيف تسيغ شرابا و طعاما و أنت تعلم أنك تأكل حراما و تشرب حراما؟

فاتّق اللّه و اردد إلى هؤلاء القوم أموالهم، فإنك إن لم تفعل ثم أمكنني اللّه منك لأعذرنّ الى اللّه فيك(٣) و لأضربنّك بسيفي الذي ما ضربت به أحدا إلاّ دخل النار و اللّه لو أن الحسن و الحسين فعلا مثل الذي فعلت ما كانت لهما عندي هوادة(٤) و لا ظفرا مني بإرادة حتى آخذ الحقّ منهما و أزيل الباطل عن مظلمتهما

الوالى و الرّشوة

من كتاب له إلى عثمان بن حنيف الأنصاري، و هو عامله على البصرة، و قد بلغه أنه دعي الى وليمة قوم من أهلها فمضى إليها: أمّا بعد يا ابن حنيف، فقد بلغني أن رجلا من فتية أهل البصرة

____________________

(١) الأزلّ: السريع الجري. الكسيرة: المكسورة.

(٢) التأثم: التحرّز من الإثم، و هو الذنب.

(٣) اي: لأعاقبنّك عقابا يكون لي عذرا عند اللّه من فعلتك هذه.

(٤) الهوادة: الصلح، أو الاختصاص بالميل.

١٦٤

دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها تستطاب لك الألوان و تنقل إليك الجفان(١) ، و ما ظننت أنك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفوّ(٢) و غنيّهم مدعوّ.

ألا و إنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه(٣) ، و من طعمه بقرصيه ألا و إنكم لا تقدرون على ذلك، و لكن أعينوني بورع و اجتهاد، و عفّة و سداد. فو اللّه ما كنزت من دنياكم تبرا، و لا ادّخرت من غنائمها وفرا، و لا أعددت لبالي ثوبي طمرا، و لا حزت من أرضها شبرا. و لو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفّى هذا العسل و لباب هذا القمح و نسائج هذا القزّ، و لكن هيهات أن يغلبني هواي، و يقودني جشعي إلى تخيّر الأطعمة و لعلّ بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص(٤) و لا عهد له بالشّبع أ و أبيت مبطانا و حولي بطون غرثى و أكباد حرّى(٥) ؟ أ و أقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين و لا أشاركهم في مكاره الدهر؟ و كأني بقائلكم يقول: «إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب فقد قعد به الضعف عن قتال الأقران و منازلة الشجعان؟» أ لا و إنّ الشجرة البرّية أصلب عودا، و الروائع الخضرة أرقّ جلودا، و النباتات البدوية أقوى وقودا و أبطأ خمودا و اللّه لو تظاهرت العرب على قتالي لما ولّيت عنها

____________________

(١) تستطاب: يطلب لك طيّبها. الألوان: أصناف الطعام. الجفان، جمع جفنة، و هي: القصعة.

(٢) عائلهم: فقيرهم و محتاجهم. مجفو: مطرود من الجفاء.

(٣) الطمر: الثوب الخلق.

(٤) القرص: الرغيف.

(٥) غرثى: جائعة. حرّى: عطشى.

١٦٥

الوالى و الهوى

من كتاب له إلى الأسود بن قطيبة صاحب جند حلوان، و هي إيالة من إيالات فارس: أما بعد، فإنّ الوالي إذا اختلف هواه(١) منعه ذلك كثيرا عن العدل.

فليكن أمر الناس عندك في الحق سواء، فإنه ليس في الجور عوض من العدل، فاجتنب ما تنكر أمثاله(٢) .

و اعلم أنه لن يغنيك عن الحقّ شي‏ء أبدا، و من الحقّ عليك حفظ نفسك، و الاحتساب على الرعية بجهدك(٣) .

اخفض جناحك

من كتاب له الى بعض عماله: و اخفض للرعية جناحك و ابسط لهم وجهك و ألن لهم جانبك،

____________________

(١) اختلف الهوى: جرى مع أغراض النفس حيث تذهب. و وحدة الهوى: توجّهه الى أمر واحد، و هو إجراء العدالة.

(٢) اي: ما لا تستحسن مثله لو صدر من غيرك.

(٣) الاحتساب على الرعية: مراقبة أعمالها و تقويم ما اعوجّ منها و إصلاح ما فسد.

١٦٦

و آس بينهم في اللحظة و النظرة و الإشارة و التحية(١) ، حتى لا يطمع العظماء في حيفك(٢) و لا ييأس الضعفاء من عدلك

علّم الجاهل

من كتاب له إلى قسم بن العباس، و هو عامله على مكة: علّم الجاهل و ذاكر العالم، و لا يكن لك إلى الناس سفير إلاّ لسانك و لا حاجب إلاّ وجهك. و لا تحجبنّ ذا حاجة عن لقائك بها فإنها إن ذيدت عن أبوابك في أول وردها لم تحمد فيما بعد على قضائها(٣) .

و انظر الى ما اجتمع عندك من مال اللّه فاصرفه إلى من قبلك(٤) من ذوي العيال و المجاعة مصيبا به مواضع الفاقة، و ما فضل عن ذلك فاحمله إليها لنقسمه في من قبلنا.

و مر أهل مكة أن لا يأخذوا من ساكن أجرا...

____________________

(١) آس بينهم: شارك و سوّ بينهم.

(٢) الحيف: الظلم.

(٣) ذيدت: دفعت و منعت. الورد: الورود. يقول: إذا منعت الحاجة أول ورودها لا تحمد على قضائها فيما بعد، لأن حسنة القضاء لا تذكر في جانب سيئة المنع.

(٤) قبلك: عندك.

١٦٧

الوالى الخائن

من كتاب له إلى المنذر بن الجارود العبدي، و قد خان في بعض ما ولاّه من أعماله: و لئن كان ما بلغني عنك حقّا لجمل أهلك و شسع نعلك خير منك(١) . و من كان بصفتك فليس بأهل أن يسدّ به ثغر، أو ينفذ به أمر، أو يعلى له قدر، أو يشرك في أمانة أو يؤمن على خيانة(٢) فأقبل إليّ حين يصل إليك كتابي هذا إن شاء اللّه.

الاخلاق الكريمة

من كتاب له الى الحارث الهمذاني: و احذر كلّ عمل يعمل به في السرّ و يستحى منه في العلانية. و احذر كل عمل إذا سئل عنه صاحبه أنكره أو اعتذر منه. و لا تحدّث الناس

____________________

(١) الجمل يضرب به المثل في الذلة و الجهل. الشسع: سير بين الإصبع الوسطي و التي تليها في النعل، كأنه زمام

(٢) أي: على دفع خيانة.

ملاحظة: قال الشريف الرضي: و المنذر بن الجارود هذا هو الذي قال فيه أمير المؤمنين عليه السلام: إنه لنظّار في عطفيه، مختال في برديه

١٦٨

بكلّ ما سمعت به فكفى بذلك كذبا. و لا تردّ على الناس كلّ ما حدّثوك به فكفى بذلك جهلا. و تجاوز عند المقدرة و احلم عند الغضب و اصفح مع الدولة(١) .

و إياك و مصاحبة الفسّاق فإن الشرّ بالشرّ ملحق. و احذر الغضب فإنه جند عظيم من جنود ابليس

اهل الجشع و اهل الفقر

من خطبة له في أهل الجشع و أهل الفاقة: و قد أصبحتم في زمن لا يزداد الخير فيه إلا إدبارا، و الشرّ فيه إلاّ إقبالا، و الشيطان في هلاك الناس إلاّ طمعا.

إضرب بطرفك حيث شئت من الناس: هل تبصر إلاّ فقيرا يكابد فقرا، أو غنيّا بدّل نعمة اللّه كفرا؟ أين أخياركم و صلحاؤكم، و أحراركم و سمحاؤكم؟ و أين المتورّعون في مكاسبهم؟ و المتنزّهون في مذاهبهم؟ أ ليس قد ظعنوا جميعا عن هذه الدنيا؟ و هل خلقتم إلاّ في حثالة(٢) لا تلتقي بذمّهم الشفتان استصغارا لقدرهم و ذهابا عن ذكرهم. لعن اللّه الآمرين بالمعروف التاركين له، و الناهين عن المنكر العاملين به

____________________

(١) أي عند ما تكون لك السلطة.

(٢) الحثالة: الردي‏ء من كل شي‏ء. و المراد هنا أدنياء الناس و صغار النفوس منهم.

١٦٩

القاضى الجاهل

من كلام له في صفة من يتصدّى للحكم بين الناس و هو ليس أهلا لذلك.

حتى إذا ارتوى من آجن و اكتنز من غير طائل(١) جلس بين الناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره»(٢) . فإن نزلت به إحدى المبهمات هيّأ لها حشوا رثّا من رأيه، ثم قطع به(٣) ، فهو من لبس الشّبهات في مثل نسج العنكبوت، لا يدري أصاب أم أخطأ، فإن أصاب خاف أن يكون قد أخطأ. و إن أخطأ رجا أن يكون قد أصاب(٤) .

جاهل خبّاط جهالات(٥) ، يذرو الروايات كما تذرو الريح الهشيم(٦) .

____________________

(١) الماء الآجن: الفاسد المتغير الطعم و اللون. شبّه الإمام مجهولات القاضي التي يظنها معلومات، بالماء الآجن. اكتنز: جمع ما عده كنزا. غير طائل: دون و خسيس.

(٢) التخليص: التبيين. التبس على غيره: اشتبه عليه.

(٣) المبهمات: المشكلات. الحشو: الزائد الذي لا فائدة فيه. الرث: الخلق البالي.

(٤) الجاهل بالشي‏ء: من ليس على بيّنة منه، فإذا أثبته عرضت له الشبهة في نفيه، و إذا نفاه عرضت له الشبهة في إثباته. فهو في ضعف حكمه في مثل نسج العنكبوت ضعفا، و لا بصيرة له في وجوه الخطأ و الإصابة. و قد جاء الإمام في تمثيل حاله بأبلغ ما يكون من التعبير عنه، كما يقول ابن أبي الحديد.

(٥) خبّاط: صيغة مبالغة من خبط الليل، إذا سار فيه على غير هدى. و قد شبه الامام الجهالات بالظلمات التي يخبط فيها السائر.

(٦) الهشيم: ما يبس من النبت و تفتّت. تذرو الريح الهشيم: تطيره فتفرقه و تمزقه.

١٧٠

لا يحسب العلم في شي‏ء مما أنكره، و لا يرى أنّ من وراء ما بلغ مذهبا لغيره، و إن أظلم أمر اكتتم به لما يعلم من جهل نفسه(١) تصرخ من جور قضائه الدماء و تعجّ منه المواريث(٢) . الى اللّه أشكو من معشر يعيشون جهّالا و يموتون ضلاّلا ليس فيهم سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حقّ تلاوته، و لا سلعة أنفق بيعا و لا أغلى ثمنا من الكتاب إذا حرّف عن مواضعه(٣) ، و لا عندهم أنكر من المعروف و لا أعرف من المنكر.

يحكم برايه

من كلام له في بعض القضاة أيضا: ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه. ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلافه. ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيصوّب آراءهم جميعا...(٤) و إلهم واحد، و نبيّهم واحد، و كتابهم واحد

____________________

(١) اكتتم به: كتمه و ستره.

(٢) تعجّ: تصرخ. و صراخ الدماء و عج المواريث تمثيل لحدة الظلم و شدة الجور.

(٣) اذا تلي حق تلاوته: إذا أخذ على وجهه و فهم على حقيقته. و الكتاب هو القرآن الكريم.

(٤) استقضاهم: ولاّهم القضاء. يصوّب آراءهم جميعا: يفتي بأن آراءهم جميعا صائبة...

١٧١

و عالمهم منافق

من كلامه في وصف أبناء زمانه: و اعلموا أنكم في زمان القائل فيه بالحق قليل، و اللسان عن الصدق كليل، و اللازم للحق ذليل، أهله معتكفون على العصيان، فتاهم عارم(١) و شائبهم آثم و عالمهم منافق، لا يعظّم صغيرهم كبيرهم و لا يعول غنيّهم فقيرهم

يعملون في الشّبهات

من خطبة له: و ما كلّ ذي قلب بلبيب، و لا كلّ ذي سمع بسميع، و لا كلّ ناظر ببصير، فيا عجبي، و ما لي لا أعجب، من خطإ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها يعملون في الشّبهات و يسيرون في الشهوات.

المعروف عندهم ما عرفوا، و المنكر عندهم ما أنكروا(٢) .

مفزعهم في المعضلات إلى أنفسهم، و تعويلهم في المهمّات على آرائهم،

____________________

(١) شرس: سي الخلق.

(٢) أي: يستحسنون ما بدا لهم استحسانه، و يستقبحون ما خطر لهم قبحه بدون رجوع الى دليل بيّن أو شريعة واضحة.

١٧٢

كأنّ كلّ امرى‏ء منهم إمام نفسه قد أخذ منها فيما يرى بعرى ثقات و أسباب محكمات(١) .

زجر النّفس

من خطبة له: عباد اللّه، زنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، و حاسبوها قبل أن تحاسبوا، و تنفّسوا قبل ضيق الخناق و انقادوا قبل عنف السياق(٢) و اعلموا أنه من لم يعن على نفسه حتى يكون له منها واعظ و زاجر لم يكن له من غيرها زاجر و لا واعظ

ايّاك

من كلام له لابنه الحسن: يا بنيّ، إياك و مصادقة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرّك. و إياك و مصادقة البخيل فإنه يبعد عنك أحوج(٣) ما تكون إليه. و إياك و مصادقة الفاجر فإنه يبيعك بالتافه(٤) . و إياك و مصادقة الكذاب فإنه كالسراب: يقرّب عليك البعيد و يبعد عليك القريب

____________________

(١) يثق كل منهم بخواطر نفسه كأنه أخذ منها بالعروة الوثقى، على ما بها من جهل و نقص.

(٢) اي: انقادوا الى ما يطلب منكم بالحثّ الرفيق قبل أن تساقوا اليه بالعيف الشديد.

(٣) أحوج: حال من الكاف في «عنك».

(٤) التافه: القليل.

١٧٣

الرّضا و السّخط

من كلام له: أيها الناس، لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة أهله، فإن الناس اجتمعوا على مائدة شبعها قصير(١) و جوعها طويل أيها الناس، إنما يجمع الناس الرّضا و السخط.

أيها الناس، من سلك الطريق الواضح ورد الماء، و من خالف وقع في التيه.

النّفاق و الظّلم

من خطبة له: ثم إياكم و تهزيع الأخلاق و تصريفها(٢) . و إن لسان المؤمن من وراء قلبه، و إن قلب المنافق من وراء لسانه(٣) ، لأن المؤمن إذا أراد أن يتكلم

____________________

(١) يقصد: الدنيا.

(٢) تهزيع الشي‏ء: تكسيره. و الصادق اذا كذب فقد انكسر صدقه، و الكريم إذا لؤم فقد انثلم كرمه. و تصريف الأخلاق: تقليبها بين حال و حال:

(٣) اي ان لسان المؤمن تابع لاعتقاده لا يقول إلا ما يعتقد. و المنافق يقول ما ينال به غايته الخبيثة، فإذا قال شيئا اليوم ينقضه غدا، فيكون قلبه تابعا للسانه.

١٧٤

بكلام تدبّره في نفسه: فإن كان خيرا أبداه، و إن كان شرا واراه(١) .

و إنّ المنافق يتكلّم بما أتى على لسانه لا يدري ما ذا له و ما ذا عليه و أمّا الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا. و إن جماعة في ما تكرهون من الحق خير من فرقة في ما تحبّون من الباطل(٢) طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، فكان من نفسه في شغل و الناس منه في راحة

العشيرة

من خطبة له: أيها الناس، إنه لا يستغني الرجل، و إن كان ذا مال، عن عشيرته و دفاعهم عنه بأيديهم و ألسنتهم، و هم أعظم الناس حيطة من ورائه و ألمّهم لشعثه(٣) و أعطفهم عليه عند نازلة إذا نزلت به.

و من يقبض يده عن عشيرته فإنما تقبض منه عنهم يد واحدة و تقبض منهم عنه أيد كثيرة

____________________

(١) واره: أخفاه.

(٢) أي: من يحافظ على نظام الالفة و الاجتماع، و إن ثقل عليه أداء بعض حقوق الجماعة و شقّ عليه ما تكلّفه به من الحق، فذلك هو الجدير بالسعادة، دون من يسعى للشقاق و هدم نظام الجماعة، و إن نال بذلك حقا باطلا و شهوة وقتية، فقد يكون في حظه الوقتي شقاؤه الأبدي، ذلك لأنه متى كانت الفرقة أصبح كل واحد عرضه لشرور سواه، فولّت الراحة و فسدت حال المعيشة.

(٣) الحيطة: الرعاية. و الشعث: التفرق و الانتشار.

١٧٥

طبائع الإنسان

من كلام له في طبائع الانسان: و له(١) موادّ الحكمة و أضداد من خلافها: فإن سنح له الرجاء أذلّه الطمع. و إن هاج به الطمع أهلكه الحرص. و إن عرض له الغضب اشتدّ به الغيظ. و إن أسعده الرضا نسي التحفّظ(٢) . و إن ناله الخوف شغله الحذر.

و إن اتّسع له الأمن استلبته الغرّة(٣) و إن أفاد مالا أبطره الغنى(٤) .

و إن أصابته مصيبة فضحه الجزع. و إن عضّته الفاقة شغله البلاء. و إن جهده الجوع قعد به الضعف. و إن إفرط به الشّبع كظّته البطنة(٥) .

فكلّ تقصير به مضرّ، و كلّ إفراط له مفسد

الزّمان و اهله

و من بديع قوله: إذا استولى الصلاح على الزمان و أهله ثم أساء رجل الظنّ برجل لم تظهر

____________________

(١) أي للقلب.

(٢) التحفظ: التوقّي و التحرّز من المضرّات.

(٣) الغرة: الغفلة. سلبته: ذهبت به عن رشده.

(٤) أفاد: استفاد.

(٦) كظته: كربته و آلمته. البطنة: امتلاء البطن حتى يضيق النفس.

١٧٦

منه خزية(١) فقد ظلم و إذا استولى الفساد على الزمان و أهله فأحسن رجل الظنّ برجل فقد غرّر(٢)

كم من صائم

و من كلامه في معنى الصوم و الصلاة: كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع و الظمأ. و كم من قائم(٣) ليس له من قيامه إلاّ السهر و العناء. حبّذا نوم الأكياس و إفطارهم

اصناف النّاس

من خطبة له في سوء طباع الناس بزمانه: أيها الناس، إنّا قد أصبحنا في دهر عنود و زمن كنود(٤) يعدّ فيه المحسن مسيئا، و يزداد الظالم عتوّا، لا ننتفع بما علمنا و لا نسأل عمّا جهلنا و لا نتخوّف قارعة حتى تحلّ بنا(٥) . فالناس على أربعة أصناف:

____________________

(١) الخزية: البلية تصيب الانسان فتذله و تفضحة

(٢) غرّر: أوقع بنفسه في الغرر، أي: الخطر.

(٣) أي: قائم للصلاة.

(٤) العنود: الجائر. الكنود: الكفور.

(٥) القارعة: الخطب.

١٧٧

منهم من لا يمنعهم الفساد إلاّ مهانة نفسه و كلالة حدّه و نضيض وفره(١) .

و منهم المصلت لسيفه و المعلن بشرّه، قد أشرط نفسه و أوبق دينه لحطام ينتهزه أو مقنب يقوده أو منبر يفرعه(٢) . و لبئس المتجر أن ترى الدنيا لنفسك ثمنا. و منهم من يطلب الدنيا بعمل الآخرة، و لا يطلب الآخرة بعمل الدنيا: قد طامن من شخصه و قارب من خطوه و شمّر من ثوبه و زخرف من نفسه للأمانة، و اتّخذ ستر اللّه ذريعة إلى المعصية.

و منهم من أبعده عن طلب الملك ضؤولة نفسه و انقطاع سببه، فقصرته الحال على حاله فتحلّى باسم القناعة و تزيّن بلباس أهل الزّهادة و بقي رجال غضّ أبصارهم ذكر المرجع و أراق دموعهم خوف المحشر، فهم بين شريد نادّ و خائف مقموع و ساكت مكعوم و داع مخلص و ثكلان موجع(٣) . قد أخملتهم التقيّة(٤) و شملتهم الذّلّة.

____________________

(١) أي: لا يقعد بهم عن طلب الإمارة و السلطان إلا حقارة نفوسهم و ضعف سلاحهم و قلة مالهم.

(٢) أصلت السيف: امتشقه. أشرط نفسه: هيأها و أعدّها للشر و الفساد في الأرض.

أوبق دينه: أهلكه. الحطام، هنا: المال. ينتهزه: يغتنمه أو يختلسه. المقنب: طائفة من الخيل، و إنما يطلب قود المقنب تعزّزا على الناس و كبرا. فرع المنبر: علاه.

(٣) نادّ: هارب من الجماعة الى الوحدة. المقموع: المقهور. المكعوم، من كعم البعير، أي: شدّ فاه لئلاّ يأكل أو يعض. الثكلان: الحزين.

(٤) أخمله: أسقط ذكره حتى لم يبق له بين الناس نباهة. التقية: اتّقاء الظلم بإخفاء الحال.

١٧٨

و قد وعظوا حتى ملّوا و قهروا حتى ذلّوا و قتلوا حتى قلّوا. فاتّعظوا بمن كان قبلكم، قبل أن يتّعظ بكم من بعدكم، و ارفضوها ذميمة فإنها رفضت من كان أشغف بها منكم

مع كلّ ريح

و من كلامه في ناس زمانه: همج رعاع أتباع كلّ ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم و لم يلجأوا إلى ركن وثيق.

ربّ صغير غلب كبيرا

من كلام له: إحذر الكلام في مجالس الخوف، فإنّ الخوف يذهل العقل الذي منه تستمدّ، و يشغله بحراسة النفس عن حراسة المذهب الذي تروم نصرته.

و احذر الغضب ممّن يحملك عليه، فإنّه مميت للخواطر مانع من التثبّت.

و احذر المحافل التي لا إنصاف لأهلها في التسوية بينك و بين خصمك في الإقبال و الاستماع، و لا أدب لهم يمنعهم من جور الحكم لك و عليك.

و احذر كلام من لا يفهم عنك فإنه يضجرك. و احذر استصغار الخصم فإنه يمنع من التحفّظ، و ربّ صغير غلب كبيرا

١٧٩

سراجه باللّيل القمر

و من خطبة له تحتوي قولا رائعا في محمد و المسيح: و قد كان في رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كاف لك في الأسوة و دليل على ذمّ الدنيا و عيبها، و كثرة مخازيها و مساويها إذ قبضت عنه أطرافها و وطئت لغيره أكنافها و فطم عن رضاعها و زوي عن زخارفها.

و إن شئت قلت في عيسى ابن مريم عليه السلام فلقد كان يتوسّد الحجر و يلبس الخشن، و كان إدامه الجوع و سراجه بالليل القمر، و ظلاله في الشتاء مشارق الأرض و مغاربها، و فاكهته و ريحانه ما تنبت الأرض للبهائم. و لم تكن له زوجة تفتنه و لا مال يلفته و لا طمع يذلّه، دابّته رجلاه و خادمه يداه.

على منهاج المسيح

قال نوف البكالي: رأيت أمير المؤمنين عليه السلام ذات ليلة و قد خرج من فراشه فنظر في النجوم، فقال لي: يا نوف، أراقد

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533