وسائل الشيعة الجزء ١٠

وسائل الشيعة10%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 573

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 573 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 257430 / تحميل: 6176
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

المؤمنة بمرجعيته الفكرية والروحيّة ـ كانت حركة محدودة تخضع لمدى الرقابة والضغط الموجه إليه والى خاصته. فكان الإمامعليه‌السلام منتهجاً نفس السبيل الذي انتهجه آباؤهعليهم‌السلام ، وعلى وفق المصلحة العليا للرسالة الإسلامية وبمقدار ما تسمح به الظروف العامة والخاصة التي تحيط بالإمامعليه‌السلام في عصره وهي ضرورة الحفاظ على مفاهيم الرسالة الإسلامية أوّلاً ومنع خاصّته من الوقوع في الانحراف أو ما كان يكيده لهم السلطان العباسي من منزلقات ثانياً.

ويمكن أن نصور مواقف الإمام الهاديعليه‌السلام على منحيين:

المنحى الأول: هو إثبات الحق ونقد الباطل، على صعيد الأمة الإسلامية، سواء كان ذلك على مستوى جهاز الحكم أو على مستوى القواعد الشعبية العامة.

حتّى أن يحيى بن أكثم قال للمتوكل: «ما نحبّ أن تسأل هذا الرجل ـ أي الإمامعليه‌السلام ـ شيئاً بعد مسائلي هذه وإنه لا يرد عليه شيء بعدها إلاّ دونها، وفي ظهور علمه تقوية للرافضة»(١).

المنحى الثاني: هو المحافظة التامة على أصحابه ورعاية مصالحهم وتحذيرهم من الوقوع في أحابيل السلطة العباسيّة ومساعدتهم في إخفاء نشاطهم والحذر في التحرك بحسب الإمكان.(٢)

وتتضح لنا مواقف الإمام الهاديعليه‌السلام من خلال استعراض بعض الحوادث التي واجهها وما اتّخذ من إجراءات إزاءها لِنحصل على صورة واضحة المعالم حينما نأخذ كل ظروفه بنظر الاعتبار فتتضح من خلالها الحركة العامة للأئمة الأطهار والمواقف الخاصّة بكل إمام.

ــــــــــــ

(١) المناقب: ٤ / ٤٣٧.

(٢) الغيبة الصغرى: ١١٨.

٤١

الإمام الهاديعليه‌السلام والمتوكل العباسي

لقد سعى جماعة بالإمامعليه‌السلام إلى المتوكل، وأخبروه بأن في منزله سلاحاً وكتباً وغيرها وأنه يطلب الأمر لنفسه، فأرسل المتوكل مجموعة من الأتراك ليلاً ليهجموا على منزله على حين غفلة، فلمّا باغتوا الإمامعليه‌السلام وجدوه وحده، مستقبل القبلة وهو يقرأ القرآن، وليس بينه وبين الأرض بساط فأخذ على الصورة التي وجد عليها، وحمل إلى المتوكل في جوف الليل، فمثُل بين يدي المتوكل وهو في مجلس شرابه وفي يده كأس، فلمّا رآه أعظمه وأكبره وأجلسه إلى جانبه ولم يكن في منزله شيء ممّا قيل عنه ولم تكن للمتوكّل حجة يتعلّل بها على الإمامعليه‌السلام . فناول المتوكل الإمامعليه‌السلام الكأس الذي في يده.

فقال الإمامعليه‌السلام :ياأمير المؤمنين ما خامر لحمي ودمي قط، فأعفني ، فأعفاه، فقال المتوكل: أنشدني شعراً أستحسنه.

قال الإمامعليه‌السلام :إنّي لقليل الرواية للشعر .

قال المتوكل: لا بدّ أن تنشدني شيئاً. فأنشده الإمامعليه‌السلام :

باتوا على قلل الأجبال تحرسهم

غلب الرجال فما أغنتهم القلل

واستنزلوا من بعد عز من معاقلهم

فأودعوا حفراً يا بئس ما نزلوا

ناداهم صارخ من بعد ما قبروا

أين الأسرة والتيجان والحلل

أين الوجوه التي كانت منعمة

من دونها تضرب الأستار والكلل

فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم

تلك الوجوه عليها الدود يقتتل

قد طالما أكلوا يوماً وما شربوا

فأصبحوا بعد طول الأكل قد أُكلوا

وطالما عمّروا دوراً لتحصنهم

ففارقوا الدور والأهلين وانتقلوا

وطالما كنزوا الأموال وادّخروا

فخلّفوها على الأعداء وارتحلوا

أضحت منازلهم قفراً معطَّلَةً

وساكِنوها إلى الأجداث قد رحلوا

٤٢

فبكى المتوكل بكاء كثيراً حتى بلّت دموعه لحيته، وبكى من حضر ثم أمر برفع الشراب، ثم قال ياأبا الحسن، أعليك دين ؟ قال الإمامعليه‌السلام :نعم، أربعة آلاف دينار ، فأمر بدفعها إليه، وردّه إلى منزله مكرّماً.(١)

فمواقف الإمامعليه‌السلام كانت تنسجم مع موقع الإمامة أوّلاً وتنسجم مع الظروف السياسية والاجتماعية التي تحيط بالإمامعليه‌السلام وشيعته ثانياً.

وكان الإمامعليه‌السلام يحاول إتمام الحجة وإقامة الحق كلما سمحت الفرصة بذلك، فقد روي أن نصرانيّاً جاء إلى دار الإمامعليه‌السلام حاملاً إليه بعض الأموال، فخرج إليه خادمه وقال له: أنت يوسف بن يعقوب ؟ فقال: نعم، قال: فانزل واقعد في الدهليز، فتعجّب النصراني من معرفته لاسمه واسم أبيه، وليس في البلد من يعرفه، ولا دخله قط. ثم خرج الخادم وقال: المئة دينار التي في كمك في الكاغد هاتها، فناولها إيّاه ثم دخل على الإمامعليه‌السلام وطلب منه أن يرجع إلى الحق وأن يدخل في الإسلام فلما قال له الإمام:يا يوسف أما آن لك؟ فقال يوسف يامولاي قد بان لي من البرهان ما فيه الكفاية لمن اكتفى، فقال له الإمامعليه‌السلام :هيهات إنك لا تسلم ولكنه سيسلم ولدك فلان وهو من شيعتنا (٢) .

ــــــــــــ

(١) مروج الذهب: ٤ / ١١ عن المبرّد، ولعلّ عنه ابن خلكان في وفيات الأعيان: ٢/٤٣٤ وعن المسعودي السبط في تذكرة الخواص: ٣٢٣.

(٢) الخرائج والجرائح: ١/٣٩٦ ح ٣ ب ١١ وعنه في كشف الغمة: ٣ / ١٨٢.

٤٣

الإمام الهاديعليه‌السلام ووزير المنتصر

وروي أن الإمامعليه‌السلام كان يساير أحمد بن الخصيب في أثناء وزارته وقد قصُرَ أبو الحسن ـ أي الإمام الهاديعليه‌السلام ـ عنه فقال له ابن الخصيب: سر، جُعلت فداك، فقال له أبو الحسنعليه‌السلام :«أنت المقدّم» ، يقول الراوي فما لبثنا إلاّ أربعة أيام حتى وضع الدهق على ساق ابن الخصيب وقتل.(١)

وابن الخصيب هذا من المتجبرين وقد استوزره المنتصر وندم على ذلك لما اشتهر بالظلم. فمن ذلك انه ركب يوماً فتظلم إليه متظلم بقصة فأخرج رجله من الركاب فزج بها في صدر المتكلم فقتله فتحدّث الناس في ذلك فقال بعض الشعراء:

قل للخليفة ياابن عم محمد

أشكل وزيرك إنه ركال

أشكله عن ركل الرجال فإن ترد

مالاً فعند وزيرك الأموال(٢)

الإمام الهاديعليه‌السلام والتحدّي العلمي

لم تنحصر تحديات السلطة بإجراءاتها القمعية ضد الإمامعليه‌السلام بل كانت تعمد بين الحين والآخر إلى إحراج الإمام في قضايا علميّة حيث تدفع بوعاظها إلى محاججة الإمامعليه‌السلام بطرح أسئلة في مجالس عامة.

على أن عجز فقهاء السلطة عن إيجاد حلول لمشاكل فقهية مستجدّة كان يدفع الخليفة لطرح الأسئلة على الإمامعليه‌السلام . فقد روي أن رجلاً نصرانياً قدم

ــــــــــــ

(١) أصول الكافي: ١/٥٠١ ح٦ وعنه في الإرشاد: ٢/٣٠٦ وإعلام الورى: ٢/١١٦ وعن الإرشاد في كشف الغمة: ٣/١٧٠.

(٢) مروج الذهب: ٤ / ٤٨، والكامل في التاريخ: ٥ / ٣١١.

٤٤

إلى المتوكل وكان قد فجر بامرأة مسلمة، فأراد أن يقيم الحد عليه، فأسلم، فقال يحيى ابن أكثم ـ وهو قاضي القضاة ـ قد هدم إيمانُه شِركَه وفِعلَه، وقال بعضهم يضرب ثلاثة حدود، إلى غير هذه الأقوال... فلمّا رأى المتوكل هذا الاختلاف بين الفقهاء أمر بالكتابة إلى أبي الحسن العسكري ـ الإمام الهاديعليه‌السلام ـ لسؤاله عن هذا المشكل الذي اختلفوا فيه، فلما قرأ الإمامعليه‌السلام الكتاب كتب:«يضرب حتى يموت» . فأنكر يحيى بن أكثم وأنكر فقهاء العسكر ـ أي سامراء ـ ذلك، فقالوا ياأمير المؤمنين: سله عن ذلك فإنه شيء لم ينطق به كتاب ولم يجيء به سنة.

فكتب المتوكل إلى الإمام قائلاً: إنّ الفقهاء قد أنكروا هذا وقالوا: لم يجيء به سنة ولم ينطق به كتاب، فبيّن لنا لم أوجبتَ علينا الضرب حتى الموت ؟!

فكتبعليه‌السلام :بسم الله الرحمن الرحيم ( فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ) (١) . فأمر به المتوكل فضرب حتى مات. (٢)

الإمام الهاديعليه‌السلام وفتنة خلق القرآن

وفي فترة حكم المأمون العباسي، أثيرت من قبل السلطان العباسي قضية خلق القرآن من أجل إبعاد الأمة عن همومها وأهدافها بالإضافة إلى توسيع وتعميق شُقّة الخلاف بين أبناء الأمة، ليكون هذا الخلاف حاجزاً بينهم وبين السلطان المنحرف والبعيد في سلوكه ونشاطه عن الشريعة الإسلامية.

وهناك جهة ثالثة هي أن السلطة قد استغلت هذه القضية إذ جعلتها

ــــــــــــ

(١) غافر(٤٠): ٨٤ ـ ٨٥.

(٢) مناقب آل أبي طالب: ٤ / ٤٣٧.

٤٥

مصيدة لمعارضيها فكانت تتعرّف عليهم من خلالها ثم تقوم بتحجيم دورهم في أوساط الأمة.

وكتب الإمام الهاديعليه‌السلام إلى شيعته في بغداد لإبعادهم عن الخوض في مسألة خلق القرآن مع من يخوض فيها تجنّباً لهم من الآثار السلبيّة التي يمكن أن تلحق بهم وربما يكونون عرضة للوقوع تحت إجراءات قمعية ومطاردة من قبل السلطة، وقد روي عنهعليه‌السلام الكتاب الآتي:

عن محمد بن عيسى بن عبيد بن اليقطين قال كتب علي بن محمد بن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام إلى بعض شيعته ببغداد:«بسم الله الرحمن الرحيم عصمنا الله وإياك من الفتنة فإن يفعل فأعظم بها نعمة وإلاّ يفعل فهي الهلكة نحن نرى إن الجدال في القرآن بدعة اشترك فيها السائل والمجيب فتعاطى السائل ما ليس له وتكلف المجيب ما ليس عليه وليس الخالق إلاّ الله، وما سواه مخلوق والقرآن كلام الله لا تجعل له اسماً من عندك فتكون من الضالين جعلنا الله وإياك من الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون» (١) .

وقد شغلت هذه المسألة الذهنيّة الإسلامية فترة حكم المأمون والمعتصم والواثق، وكان جواب الإمامعليه‌السلام محدّداً وبليغاً ; إبعاداً للشيعة عن الوقوع في حبائل السلطان والخروج من هذه الفتنة بسلامة في الدين، فكان الإمام الهاديعليه‌السلام يترصّد الأحداث والظواهر التي تكتنف الحياة الإسلامية عامة وما تتطلب من مواقف خاصّة فيما يتعلق بشيعته لتجنيبهم مزالق الانحراف من الخوض في كثير من المسائل التي لا طائل منها سوى الكشف عن هويّتهم، وبالتالي التعرض لحبائل السلطة من القمع والاضطهاد والسجن.

ــــــــــــ

(١) أمالي الشيخ الصدوق: ٤٨٩.

٤٦

الإمام الهاديعليه‌السلام مع أصحابه وشيعته

لقد حفلت حياة الإمامعليه‌السلام بالأحداث المريرة إذ كان الصراع على السلطة على أشدّه بين أبناء الأسرة الحاكمة من جهة، وبين الأمراء والقوّاد الأتراك وغيرهم من الطامحين في السلطة من جهة ثانية. فكان نتيجة هذا الصراع أن ينال الإمام الهاديعليه‌السلام وأبناء عمومته وشيعته في هذه الظروف الكثير من الأذى والاضطهاد باعتباره زعيم الجبهة المعارضة لكل هؤلاء المتصارعين على السلطة من حكّام وأمراء ووزراء. فبالرغم من وجود هذا الصراع الشديد فان الحكام العباسيين كانوا يخافون الإمامعليه‌السلام ويرون أنّه سيد أهل البيت وإمام الأمة وصاحب الكلمة المسموعة بين الناس.

وكان الإمامعليه‌السلام يمارس دور التربية والتوجيه وإعداد المؤمنين بمرجعيته الفكرية والروحية من أجل تحصينهم ضد الانحرافات العقائدية والفكرية ويمنعهم من الخوض في كثير من المسائل التي يكون الخوض فيها كاشفاً عن هويتهم وارتباطهم بالإمامعليه‌السلام مما كان يؤدي إلى أن يكونوا تحت طائل عقوبات واضطهادات السلطة فيما إذا علموا موالاتهم للإمام وأهل البيتعليهم‌السلام كما حصل ذلك لابن السكّيت وغيره، حيث كانت تقوم السلطة بقتلهم أو زجّهم في السجون.

إنّ دارسي هذه الفترة ـ وهي العصر العباسي الثاني ـ وإن وصفوها بالضعف السياسي والإداري للسلطة لكن حكّام الدولة لم يتهاونوا في تشديد الرقابة على الإمام وأصحابه; محاولين بذلك تحديد دائرة نشاط الإمامعليه‌السلام وحدّها من التوسع في تأثيرها على قطاعات الأمة المختلفة. لذا نرى أن الإمامعليه‌السلام كان يكرّس جلّ وقته وتعليماته بخصوص شيعته ومواليه مع تحيّن الفرصة في اتخاذ المواقف التي تعكس وجهة النظر الإسلامية في الوقائع والأحداث مع بيان ابتعاد الحكّام العباسيين عن تطبيق تعاليم الإسلام وهم في قمة انحرافهم وانغماسهم في اللهو والمجون.وكانت مواقف الإمام الهاديعليه‌السلام تجاه الأحداث متناسبة مع تلك الظروف فكان يصدر توجيهاته وتعليماته بحذر ودقة وسرية تامة إلى شيعته وأصحابه.

٤٧

ولعلّ أهم وأوضح موقف وقفه الإمامعليه‌السلام في هذا الصدد بحسب ما لدينا من وثائق تاريخية هو موقفه تجاه محاولة المتوكل للنيل من الإمامعليه‌السلام عن طريق أخيه، حيث أغراه بعض جلسائه بدعوة موسى إليه لإشاعة أن ابن الرضا يجلس إلى المتوكل وينادمه الشرب واللهو، غير أن الإمامعليه‌السلام قد خرج فيمن خرج لاستقبال أخيه وحذّره عاقبة ما يقصده المتوكل ومن ثم أنبأه أنه لا يجتمع والمتوكل في مجلس، وكان كما قال الإمامعليه‌السلام حتى قتل المتوكل.(١)

رعاية الإمام الهاديعليه‌السلام لشيعته وقضاء حوائجهم

كتب الإمام الهاديعليه‌السلام كتاباً حذّر فيه محمد بن الفرج الرُخجي جاء فيه:

«يامحمد! اجمع أمرك وخذ حذرك» ، فلم يفهم ما أراده الإمام بكلامه هذا حيث قال محمد: فأنا في جمع أمري لست أدري ما الذي أراد ـ أي الإمام ـ بما كتب حتى ورد رسول حملني من وطني مصفّداً بالحديد، وضرب على كل ما أملك وكنت في السجن ثماني سنين.

ونجد أن رعاية الإمامعليه‌السلام لم تنقطع عن محمد هذا حتى كتب إليه وهو

ــــــــــــ

(١) أصول الكافي: ١/٥٠٢ ح ٨ وفي ط: ٢/٩ وعنه في الإرشاد: ٢/٣٠٧ وفي إعلام الورى: ٢/١٢١ ـ ١٢٢ وعن الإرشاد في كشف الغمة: ٣/١٧١.

٤٨

في السجن مبشّراً له بالخروج من السجن ثم أوصاه:يا محمد لا تنزل في ناحية الجانب الغربي .

وقال محمد: فقرأت الكتاب وقلت في نفسي: يكتب إلي أبو الحسن بهذا وأنا في السجن إنّ هذا لعجب، فما لبثت إلاّ أيّاماً يسيرة حتى فرّج عني وحلّت قيودي وخلي سبيلي(١) .

ومن ذلك أيضاً ما حدث بأحد أصحابه المتضررين من الحكم العباسي، حيث يقول قصدتُ الإمام يوماً فقلت: إن المتوكل قطع رزقي، وما أتّهم في ذلك إلاّ علمه بملازمتي لك، فينبغي أن تتفضّل عليّ بمساءلته.

فقال الإمامعليه‌السلام له:تُكفى إن شاء الله .

قال: فلما كان الليل طرقني رسل المتوكل رسول يتلو رسولاً، فجئت فوجدته في فراشه.

فقال: يا أبا موسى يشتغل شغلي عنك وتنسينا نفسك. أيّ شيء لك عندي به ؟ فقلت: الصلة الفلانيّة، وذكرت أشياء، فأمر لي بها وبضعفها، فقلت للفتح: وافى علي بن محمد إلى هاهنا ؟ وكتب رقعة ؟ قال: لا. قال فدخلت على الإمام فقال لي:ياأبا موسى هذا وجه الرضا . فقلت ببركتك ياسيدي، ولكن قالوا: إنك ما مضيت إليه ولا سألت ـ أي المتوكل ـ فأجابه الإمامعليه‌السلام مصححاً له رؤيته وتفكيره محاولاً أن يرتفع به إلى الانشداد بالله الواحد القادر سبحانه، بقوله:إن الله تعالى علم منّا أنّا لا نلجأ في المهمات إلاّ إليه، ولا نتوكل في الملمات إلاّ عليه وعوّدنا ـ إذا سألناه ـ الإجابة، ونخاف أن نعدل فيعدل بنا (٢) .

ــــــــــــ

(١) أصول الكافي: ١/٥٠٠ ح ٥ وعنه في الإرشاد: ٢/٣٠٦ وإعلام الورى: ٢/١١٥ وعن الإرشاد في كشف الغمة: ١٧٠.

(٢) أمالي الطوسي: ٢٨٥ ح ٥٥٥ وعنه في مناقب آل أبي طالب: ٤/٤٢٢.

٤٩

فكان الإمامعليه‌السلام على اطلاع دائم على الوضع والظروف التي كان يعيشها أصحابه وشيعته وهو يعمل جادّاً من أجل تخفيف وطأة ذلك عنهم لما يعلمه من سوء ظروفهم الاقتصادية والسياسية، وما تقوم به السلطة العباسية من التضييق وخلق ظروف يصعب عليهم التحرك أو العمل فيها فضلاً عن محاربتهم اقتصادياً وسياسياً وربّما كان يتوخى الإمامعليه‌السلام من ذلك أموراً مثل:

١ ـ تقوية صلتهم وتوجههم للارتباط بالله سبحانه وحده.

٢ ـ قضاء حوائجهم الخاصة.

٣ ـ إعادة الثقة بأنفسهم لمداومة نصرة الحق وخذلان الباطل.

٤ ـ تقوية صلتهم به والأخذ عنه وعن الثقات الذين يشير الإمام إليهم للتعامل معهم.

الإمام الهاديعليه‌السلام والغلاة

ظهر في عصر الإمامعليه‌السلام أشخاص وبرزت مجموعات تدعو إلى آراء وتوجهات خاصة بهم تحاول خداع السذّج من الناس لصرفهم عن قيادة الإمامعليه‌السلام وتشكيكهم في معتقداتهم لغرض تفتيت الحركة الشيعية وتحجيم دورها.

ولا يبعد أن تكون السلطة من وراء بعضها بواسطة أيادي كان يهمّها أن تضعف حركة الإمامعليه‌السلام وتضيق دائرة تأثيره فيما تبتدعه من أفكار هدّامة منافية للإسلام.

ومن هؤلاء الغلاة والمنحرفين علي بن حسكة والقاسم اليقطيني. ولما سئل الإمامعليه‌السلام من قبل أصحابه عن معتقدات(علي بن حسكة) قال

٥٠

الإمامعليه‌السلام عنها:«ليس هذا ديننا فاعتزله» (١) .

وعن محمد بن عيسى ـ أحد أصحاب الإمامعليه‌السلام ـ قال: كتب إلي أبو الحسن العسكري ابتداء منه:لعن الله القاسم اليقطيني ولعن الله علي بن حسكة القمي، انّ شيطاناً يتراءى للقاسم فيوحي إليه زخرف القول غروراً (٢) .

إلى غيرها من المواقف الكثيرة للإمامعليه‌السلام بهذا الخصوص لبيان وجه الحق وإثباتاً للعقيدة الحقة وتجنيباً لأصحابه وشيعته من الانحراف والزيغ.

الإمام الهاديعليه‌السلام والثورات في عصره

إن الظروف الاقتصادية والاجتماعية السيئة وظروف القهر والاستبداد السياسي التي عانت منها الأمة إبّان عصر الدولة العباسية الثاني حفّزت كثيراً من معارضي الدولة على الخروج المسلّح عليها فحدثت عدّة انتفاضات وثورات في أمصار الدولة كما كانت هناك حركات انفصالية قامت نتيجة لها دول وإمارات في أمصار مختلفة.

ولا ندعي شرعية جل هذه الحركات مع صعوبة معرفة موقف الإمامعليه‌السلام منها للحيطة والسرية التي كانت سمة تعامل الإمام وشيعته مع الأحداث إذ كانت وصاياه وتعليماته إلى خاصته وشيعته تتّسم بأعلى درجات السرية، وكانت تلك الثورات والانتفاضات على نوعين:

١ ـ الحركات والثورات التي تدعو إلى الرضا من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٢ ـ حركات معارضة لأسباب ودوافع متعددة منها الظلم والتعسّف السلطوي لحكام بني العباس وجور الولاة والأمراء وقوّاد الجند الأتراك ; لما امتازت به هذه الحقبة الزمنية من بروز دور واسع للأتراك في إدارة السلطة.

ــــــــــــ

(١) رجال الكشي: ٥١٦ ح ٩٩٤ و ٩٩٥.

(٢) رجال الكشي: ٥١٨ ح ٩٩٦.

٥١

الإمام الهاديعليه‌السلام وأساليب مواجهة السلطة

إن إبعاد الإمام الهاديعليه‌السلام عن المدينة وإقامته قريباً من مركز الخلافة في سامراء ما كان إلاّ لتحصى عليه حركاته وسكناته ومن ثم إبعاده عن شيعته وأهل بيته ومحبّيه كمحاولة من السلطة العباسية لإضعاف نشاط الإمام وتحجيم دوره وبالتالي إخضاعه لرقابة مشددة للتعرف على مدى تحرّكه أوّلاً ثم التعرف على شيعته وأصحابه ثانياً واتخاذ الإجراءات الكفيلة بإفشال تحرّكهم ومنع تأثير الإمام ومنع انتشار فكر الإمامعليه‌السلام بين أبناء الأمة الإسلامية التي عرفت الإمام الرضا ومدرسته وأبناءه الذين كانوا يشكّلون الجبهة الأساسية المعارضة للحكم القائم ثالثاً.

إذا ثبات الحكم العباسي كان يتوقّف على شل أيّ تحرّك ضده، من هنا نجد أنّ تعليمات الإمام وتوجيهاته لشيعته وأصحابه كانت تمتاز بالدقة والعمق لشدة وحراجة الظرف الذي كانوا يعيشونه.

وتبرز لنا صعوبة الظرف الذي كان يحيط بالإمامعليه‌السلام وشيعته من قبل السلطة العباسية الغاشمة من خلال نوع التعليمات التي كان يراعيها الإمام وشيعته وهي:

١ ـ اتخاذ أماكن سريّة للقاءات، فعن إسحاق الجلاب قال: دعاني الإمامعليه‌السلام فأدخلني من اصطبل داره إلى موضع واسع لا أعرفه(١) .

٢ ـ الحذر من كتابة المعلومات وما يصدر عن الإمامعليه‌السلام ، فعن داود الصرمي: أمرني سيدي ـ الإمام الهادي ـ بحوائج كثيرة فقالعليه‌السلام «قل: كيف تقول ؟ فلم أحفظ ما قال لي، فمر الدواة وكتب:

ــــــــــــ

(١) أصول الكافي: ١ / ٤٩٨ ـ ٤٩٩ ح ٣.

٥٢

بسم الله الرحمن الرحيم، أذكره إن شاء الله والأمر بيده ».

٣ ـ استعمال الأسماء السرية(١) .

٤ ـ استعمال القوة ضد العناصر التي كانت تشكّل خطراً.

٥ ـ الاعتماد على العناصر ذات الالتزام والإيمان والمخلصة في نقل الأخبار والرسائل(٢) .

هذا فضلاً عن أساليب أخرى لإيصال المعلومات أو اتّخاذ المواقف إزاء الأحداث العامة أو غيرها عن طريق طرح الأفكار في مجالس عامّة أو خاصّة أو عن طريق الأدعية والزيارات للأئمةعليهم‌السلام كما في الزيارة الجامعة الّتي تضمنت معاني سامية وأفكار عقائدية مهمّة.

لقد عاصر الإمام العسكريعليه‌السلام هذه الأحداث بكل تفاصيلها وشاهد كل ما ألَمَّ بأبيهعليه‌السلام وشيعته من إجراءات قمعية من قبل السلطة وما عانته الأمة منهم طيلة عقدين من الزمن.

٤ ـ زواج الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام

روي عن بشر بن سليمان النخاس ـ وهو من ولد أبي أيوب الأنصاري ـ أحد موالي أبي الحسن الهادي وأبي محمد العسكريعليهما‌السلام أنّه قال: «أتاني كافور الخادم ـ خادم الإمام الهادي ـ فقال: مولانا أبو الحسن علي الهاديعليه‌السلام يدعوك إليه فأتيته فلما جلست بين يديه قال لي:يا بشر إنك من ولد الأنصار وهذه الموالاة لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف، فأنتم ثقاتنا أهل البيت، وإني مزكيك ومشرفك بفضيلة تسبق بها الشيعة في الموالاة بها، بسرّ أطلعك عليه، وأنفذك في ابتياع أمة .

ــــــــــــ

(١) يُراجع تاريخ الكوفة: ٣٩٣، ومنهاج التحرك عند الإمام الهادي: ٨٧ ـ ٩٣.

(٢) دلائل الإمامة: ٢١٩.

٥٣

فكتب كتاباً لطيفاً بخط رومي ولغة رومية وطبع عليه خاتمه وأخرج شقيقة صفراء فيها مئتان وعشرون ديناراً، فقال:خذها وتوجه إلى بغداد واحضر معبر الفرات ضحوة يوم كذا، فإذا وصلت إلى جانبك زواريق السبايا وترى الجواري فيها ستجد طوائف المبتاعين من وكلاء قواد بني العبّاس وشرذمة من فتيان العرب، فإذا رأيت ذلك فأشرف من البعد على المسمّى عمر بن يزيد النخّاس عامة نهارك إلى أن تبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا، لابسة حريرين صفيقين تمتنع من العرض ولمس المعترض والانقياد لمن يحاول لمسها، وتسمع صرخة رومية من وراء ستر رقيق،(فاعلم) أنّها تقول: واهتك ستراه، فيقول بعض المبتاعين: عليّ ثلاثمئة دينار فقد زادني العفاف فيها رغبة، فتقول له بالعربية: ولو برزت في زيّ سليمان بن داود وعلى شبه ملكه ما بدت لي فيك رغبة فأشفق على مالك، فيقول النخّاس: فما الحيلة؟ ولا بد من بيعك، فتقول الجارية: وما العجلة؟ ولا بد من اختيار مبتاع يسكن قلبي إليه وإلى وفائه وأمانته، فعند ذلك قم إلى عمر بن يزيد النخّاس وقل له: أنّ معك كتاباً ملصقاً لبعض الأشراف كتبه بلغة رومية وخطّ رومي، ووصف فيه كرمه ووفاءه ونبله وسخاءه، فناولها لتتأمل منه أخلاق صاحبه فإن مالت إليه ورضيتهُ، فأنا وكيله في ابتياعها منك .

قال بشر بن سليمان: فامتثلت جميع ما حدّه لي مولاي أبو الحسنعليه‌السلام في أمر الجارية (فلما نَظَرَتْ) في الكتاب بكتْ بكاءً شديداً وقالت لعمر بن يزيد بِعني لصاحب هذا الكتاب، وحلفت بالمحرجة والمغلظة أنه متى امتنع من بيعها منه قتلتْ نفسها، فما زلت أُشاحّه في ثمنها حتّى استقرّ الأمر فيه على مقدار ما كان أصحبنيه مولايعليه‌السلام من الدنانير، فاستوفاه مني وتسلّمت الجارية ضاحكة مستبشرة، وانصرفت بها إلى الحجيرة التي كنت آوي إليها ببغداد، فما أخذها القرار حتّى أخرجت كتاب مولاناعليه‌السلام من جيبها وهي تلثمه وتطبقه على جفنها وتضعه على خدّها وتمسحه على بدنها، فقلت تعجباً

٥٤

منها: تلثمين كتاباً لا تعرفين صاحبه ؟ فقالت: أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحلّ أولاد الأنبياء أعِرني سمعك وفرّغ لي قلبك أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وأمي من ولد الحواريين تنسب إلى وصيّ المسيح شمعون: أُنبِّئُك بالعجب: إنّ جدي قيصر أراد أن يزوّجني من ابن أخيه وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة فجمع في قصره من نسل الحواريين من القسيّسين والرهبان ثلاثمئة رجل، ومن ذوي الأخطار منهم سبعمائة رجل، وجمع من أمراء الأجناد وقوّاد العسكر ونقباء الجيوش وملوك العشائر أربعة آلاف، وأبرز من بهيّ ملكه عرشاً مصنوعاً من أصناف الجوهر إلى صحن القصر، ورفعه فوق أربعين مرقاة فلما صعد ابن أخيه وأحدقت الصلب وقامت الأساقفة عكّفاً ونشرت أسفار الإنجيل تسافلت الصلب من الأعلى فلصقت بالأرض وتقوّضت أعمدة العرش فانهارت إلى القرار. وخرّ الصاعد من العرش مغشيًّا عليه فتغيّرت ألوان الأساقفة وارتعدت فرائصهم.

فقال كبيرهم لجدّي: أيّها الملك أعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالّة على زوال دولة هذا الدين المسيحي والمذهب الملكاني فتطيّر جدّي من ذلك تطيّراً شديداً(وقال) للأساقفة أقيموا هذه الأعمدة وارفعوا الصلبان وأحضروا أخا هذا المدبر العاثر المنكوس جدّه لأزوجه هذه الصبيّة فيدفع نحوسه عنكم بسعوده. فلمّا فعلوا ذلك حدث على الثاني مثل ما حدث على الأوّل وتفرّق الناس وقام جدّي قيصر مغتمّاً فدخل منزل النساء واُرخيت الستور واُريتُ في تلك الليلة كأنّ المسيح وشمعون وعدّة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدّي ونصبوا فيه منبراً من نور يُباري السماء علوّاً وارتفاعاً في الموضع الذي كان نصب جدّي فيه عرشه، ودخل عليهم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وختنه ووصيّه وعدّة من أبنائهعليهم‌السلام فتقدّم المسيح إليه فاعتنقه، فيقول له محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا روح الله

٥٥

جئتُك خاطباً من وصيّك شمعون فتاتَه مليكة لابني هذا ـ وأوْمأ بيده إلى أبي محمدعليه‌السلام ابن صاحب هذا الكتاب ـ فنظر المسيح إلى شمعون وقال له: قد أتاك الشرف فَصِل رَحِمَك رَحِمَ آلِ محمّدعليهم‌السلام قال: قد فعلتُ فصعد ذلك المنبر فخطب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وزوّجني من ابنه وشهد المسيحعليه‌السلام ، وشهد أبناء محمّدعليهم‌السلام والحواريون.

فلما استيقظت أشفقْتُ أنْ أقصّ هذه الرؤيا على أبي وجدّي مخافة القتل فكنت أُسِرّها ولا أُبديها لهم وضرب صدري بمحبّة أبي محمّدعليه‌السلام حتى امتنعت من الطعام والشراب فضعُفتْ نفسي ودقّ شخصي، ومرضت مرضاً فما بقي في مدائن الروم طبيب إلاّ أحضره جدّي وسأله عن دوائي فلما برح به اليأس(قال): ياقرّة عيني وهل يخطر ببالك شهوة فازوّدكها في هذه الدنيا ؟ فقلت ياجدّي أرى أبواب الفرج عليّ مغلقة فلو كشفت العذاب عمّن في سجنك من اُسارى المسلمين وفككت عنهم الأغلال وتصدّقت عليهم ومنّيْتهم الخلاص رجوت أن يهب لي المسيح وأمه عافية، فلما فعل ذلك تجلّدت في إظهار الصحة من بدني قليلاً وتناولت يسيراً من الطعام فسُرّ بذلك وأقبل على إكرام الأُسارى وإعزازهم، فأُريتُ بعد أربع عشرة ليلة كأنّ سيدة نساء العالمين فاطمةعليها‌السلام قد زارتني ومعها مريم ابنة عمران وألف من وصائف الجنان، فتقول لي مريم: هذه سيدة نساء العالمين أم زوجك أبي محمدعليه‌السلام ، فأتعلّق بها وأبكي وأشكو إليها امتناع أبي محمّدعليه‌السلام من زيارتي، فقالت سيدة النساءعليها‌السلام إن ابني أبا محمد لا يزورك وأنت مشركة بالله على مذهب النّصارى، وهذه اُختي مريم بنت عمران تبرأ إلى الله تعالى من دينك فإن مِلْت إلى رضاء الله ورضاء المسيح ومريمعليهما‌السلام وزيارة أبي محمد إيّاك فقولي:

أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ أبي محمداً، رسول الله، فلما تكلمت بهذه الكلمة

٥٦

ضمَّتني إلى صدرها سيّدة نساء العالمين وطَيَّبَتْ نفسي وقالت: الآن توقَّعي زيارة أبي محمّد فإني منفذته إليك، فانتبهت وأنا أقول وأتوقّع لقاء أبي محمدعليه‌السلام ، فلمّا كان في الليلة القابلة رأيت أبا محمدعليه‌السلام وكأنّي أقول له: جفوتني ياحبيبي بعد أن أتْلَفَتْ نفسي معالجة حبك. فقال: ما كان تأخّري عنك إلاّ لشركك ، فقد أسلمت وأنا زائرك في كل ليلة إلى أن يجمع الله تعالى شملنا في العيان، فما قطع عني زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية.

(قال بشر) فقلت لها: وكيف وقعت في الأُسارى ؟ فقالت: أخبرني أبو محمّدعليه‌السلام ليلة من الليالي أنّ جدكِ سيسيّر جيشاً إلى قتال المسلمين يوم كذا وكذا، ثمّ يتّبعهم فعليك باللّحاق بهم مُتَنَكِّرة في زيّ الخدم مع عدّة من الوصائف من طريق كذا. ففعلت ذلك فوقعت علينا طلايع المسلمين حتّى كان من أمري ما رأيت وشاهدت وما شعر بأني ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية أحد سواك، وذلك باطلاعي إياك عليه، ولقد سألني الشيخ الذي وقعتُ إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فقلت: نرجس، فقال: اسم الجواري.

قلت: العجب إنّك روميّة ولسانك عربيّ، قالت: نعم من ولوع جدّي وحمله إيّاي على تعلّم الآداب أنْ أوعَز إلى امرأة ترجمانة لي في الاختلاف إليّ وكانت تقصدني صباحاً ومساءاً وتفيدني العربية حتى استمرّ لساني عليها واستقام.

(قال بشر): فلما انكفأت بها إلى سرّ من رأى دخلت على مولاي أبي الحسنعليه‌السلام فقال:كيف أراكِ اللهُ عزّ الإسلام، وذلّ النصرانيّة، وشرف محمّد وأهل بيته عليهم‌السلام ؟ قالت: كيف أصف لك يابن رسول الله ما أنت أعلم به منّي. قال:فإني أحببت أن أكرمك، فما أحب إليك عشرة آلاف دينار أم بشرى لك بشرف الأبد ؟

قالت بشرى بولد لي: قال لها:أبشري بولد يملك الدّنيا شرقاً وغرباً ويملأ

٥٧

الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً .

قالت: ممّن ؟ قال:ممّن خطبك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له ليلة كذا في شهر كذا من سنة كذا بالرومية .

قالت: من المسيح ووصيه ؟ قال لها:ممّن زوجك المسيح عليه‌السلام ووصيه ؟ قالت: من ابنك أبي محمدعليه‌السلام ؟ فقال:هل تعرفينه ؟ قالت: وهل خلت ليلة لم يرني فيها منذ الليلة التي أسلمت على يد سيّدة النساء صلوات الله عليها ؟ قال: فقال مولانا:يا كافور ادع أختي حكيمة، فلمّا دخلتْ قال لها: هاهية . فاعتنقتها طويلاً وسرّت بها كثيراً، فقال لها أبو الحسنعليه‌السلام :يا بنت رسول الله خذيها إلى منزلك وعلّميها الفرائض والسنن فإنّها زوجة أبي محمد وأم القائم (١) .

وروى الصدوق بسنده عن محمد بن عبد الله الطهري أنه قال: قصدت حكيمة بنت محمدعليه‌السلام بعد مضي أبي محمّدعليه‌السلام أسألها عن الحجة وما قد اختلف في الناس من الحيرة التي هم فيها، فقالت لي: اجلس فجلست ثم قالت: يا محمّد إن الله تبارك وتعالى لا يخلي الأرض من حجة ناطقة أو صامتة، ولم يجعلها في أخوين بعد الحسن والحسينعليهما‌السلام . تفضيلاً للحسن والحسين وتنزيهاً لهما أن يكون في الأرض عديلهما إلاّ أن الله تبارك وتعالى خصّ ولد الحسين بالفضل على ولد الحسنعليه‌السلام كما خصّ ولد هارون على ولد موسىعليه‌السلام وإن كان موسى حجة على هارون والفضل لولده إلى يوم القيامة. ولا بد للأمة من حيرة يرتاب فيها المبطلون ويخلص فيها المحقّون كيلا يكون للخلق على الله حجة، إن الحيرة لا بدّ واقعة بعد مضيّ أبي محمد الحسنعليه‌السلام .

ــــــــــــ

(١) الغيبة، للطوسي: ١٢٤ ـ ١٢٨.

٥٨

فقلت: يا مولاتي هل كان للحسنعليه‌السلام ولد ؟ فتبسّمت ثم قالت: إذا لم يكن للحسنعليه‌السلام عقب فمن الحجة من بعده ؟ وقد أخبرتك أنه لا إمامة لأخوين بعد الحسن والحسينعليهما‌السلام .

فقلت: يا سيدتي حدّثيني بولادة مولاي وغيبتهعليه‌السلام . وفي هذا النصّ تشير حكيمة إلى أن نرجس قد كانت جارية لها، وأنّ الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام في زمن حياة أبيه الهاديعليه‌السلام يصرّح لعمّته بأنّ الله سيخرج منها ولداً كريماً على الله عزّ وجلّ فيملأ به الأرض قسطاً وعدلاً بعدما تملأ ظلماً وجوراً.

وهنا تبادر حكيمة فتستأذن الإمام الهاديعليه‌السلام لتهب هذه الجارية إلى ابنه الحسن العسكريعليه‌السلام .

وهنا تقول حكيمة: فلبست ثيابي وأتيت منزل أبي الحسنعليه‌السلام وجلست. فبدأنيعليه‌السلام وقال:يا حكيمة إبعثي نرجس إلى ابني أبي محمد . قالت: فقلت: يا سيدي على هذا قصدتك على أن استأذنك في ذلك. فقال لي:يا مباركة إن الله تبارك وتعالى أحبّ أن يشركك في الأجر ويجعل لك في الخير نصيباً .

قالت حكيمة: فلم ألبث أن رجعت إلى منزلي وزيّنتها ووهبتها لأبي محمدعليه‌السلام وجمعت بينه وبينها في منزلي فأقام عندي أيّاماً ثم مضى إلى والدهعليه‌السلام ووجّهت بها معه(١) .

والمشتركات بين الخبرين أمور عديدة ولا مانع من أن تكون هذه الرواية قد أهملت كثيراً من التفاصيل التي جاءت في الرواية الأولى.

وهناك روايات أخرى كلها تصرّح بوجود دور مهم لحكيمة عمّة الإمام الحسنعليه‌السلام في ولادة الإمام المهدي المنتظرعليه‌السلام .

ــــــــــــ

(١) كمال الدين: ٢ / ٤٢٦، وعنه في بحار الأنوار: ٥١ / ١١.

٥٩

٥ ـ علاقة الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام بأخيه محمد

كان للإمام علي الهاديعليه‌السلام من الذكور أربعة وبنت واحدة، والذكور هم:

١ ـ السيد محمد وكنيته أبو جعفر.

٢ ـ الإمام الحسن العسكري.

٣ ـ جعفر(المعروف بالتوّاب أو الكذّاب).

٤ ـ الحسين.

والسيد محمد هو أكبر أولاد أبيه، وكان سيداً جليلاً ومجمعاً للكمالات(١) وكانت الشيعة تتصوّر أنه الإمام بعد ابيه، لما كان يتميّز به من ذكاء وخلق رفيع وسعة علم وسمو آداب.

وتحدّث العارف الكلاني عن وقاره ومعالي أخلاقه قائلاً: صحبت أبا جعفر محمد بن علي الرضا وهو حدث السن فما رأيت أوقر ولا أزكى ولا أجلّ منه... وكان ملازماً لأخيه أبي محمدعليه‌السلام لا يفارقه.(٢)

«ولما خرج الإمام الهاديعليه‌السلام من المدينة إلى سامرّاء ترك ابنه السيد محمد في المدينة المنوّرة وهو طفل، وبعد سنوات التحق بأبيه ومكث عنده مدّة، ثمّ أراد الرجوع إلى المدينة وفي الطريق وصل إلى مدينة بلد فمرض هناك وفارق الحياة في سنة(٢٥٢هـ). وعمره قد تجاوز العشرين سنة(٣) .

ــــــــــــ

(١) الإمام الهادي من المهد إلى اللحد: ١٣٦ ـ ١٣٧.

(٢) حياة الإمام الحسن العسكري: ٢٤ ـ ٢٥ عن المجدي في النسب(مخطوط).

(٣) الإمام الهادي من المهد إلى اللحد: ١٣٧.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

تحريم صوم العيدين(١) وأيّام التشريق(٢) ، غير أنّ الشيخ(٣) وبعض الاصحاب(٤) استثنوا هذه الصورة وعملوا بظاهر الحديثين، وخالفهم أكثر الاصحاب(٥) وحملوهما على صوم ما عدا العيد وأيّام التشريق وليسا بصريحين في خلاف ذلك، ويأتي ما يدلّ على المقصود في الكفّارات(٦) .

٩ - باب حكم من كان عليه صوم شهرين متتابعين فعجز

[ ١٣٦٤٤ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن سعد بن عبدالله، عن إبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مرّار، و(٧) عبدالجبّار بن المبارك جميعاً، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبدالله بن سنان(٨) ، عن أبي بصير(٩) ،( عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته) (١٠) عن رجل كان عليه صيام شهرين متتابعين فلم يقدر على الصيام،( ولم يقدر على العتق) (١١) ، ولم يقدر على

___________________

(١) يأتي في الباب ١ من أبواب الصوم المحرم.

(٢) يأتي في الباب ١، وعلى اختصاص الحرمة لمن كان في منى في الباب ٢ من أبواب الصوم المحرم.

(٣) راجع النهاية: ٢٥٩.

(٤) راجع الوسيلة لابن حمزة: ١٤٨.

(٥) راجع المعتبر: ٣١٨، والمنتهى: ٦١٦، والمختلف: ٢٣٩، وروضة المتقين ٣: ٤٦٨.

(٦) يأتي في البابين ٢٨، ٢٩ من أبواب الكفارات، وفي الباب ١٠ من أبواب القصاص.

الباب ٩

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٤: ٣١٢ / ٩٤٤، والاستبصار ٢: ٩٧ / ٣١٤.

(٧) في الاستبصار: عن ( هامش المخطوط ).

(٨) في الاستبصار: عبدالله بن مسكان ( هامش المخطوط ).

(٩) في الاستبصار زيادة: وسماعة بن مهران.

(١٠) في الاستبصار: قالا: سألنا أبا عبدالله (عليه‌السلام )

(١١) ليس في الاستبصار.

٣٨١

الصدقة؟ قال: فليصم ثمانية عشر يوماً، عن كلّ عشرة مساكين(١) ثلاثة أيّام.

ورواه المفيد في( المقنعة) مرسلاً نحوه (٢) .

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في الكفّارات(٣) .

١٠ - باب وجوب التتابع في صوم كفّارة اليمين والظهار والقتل والإِفطار وبدل الهدي، واحكام كفّارات الحج ّ

[ ١٣٦٤٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كلّ صوم يفرق إلّا ثلاثة أيّام في كفّارة اليمين.

أقول: المراد أنّ بقيّة الكفّارات يجوز تفريقها في الجملة بعد تجاوز النصف كما مر(٤) لا مطلقاً، أو الحصر إضافي.

[ ١٣٦٤٦ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبان، عن الحسين بن زيد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: السبعة الايام والثلاثة الايام في الحجّ لا تفرق، إنمّا هي بمنزلة الثلاثة الايام في اليمين.

[ ١٣٦٤٧ ] ٣ - وعنهم، عن أحمد بن محمد، عن علي بن أحمد بن أشيم، عن

___________________

(١) في نسخة: ( أيام ) بدل ( مساكين ).

(٢) المقنعة: ٦٠.

(٣) يأتي في البابين ٦، ٨ من أبواب الكفارات.

الباب ١٠

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٤: ١٤٠ / ١.

(٤) مرّ في الباب ٣ من هذه الابواب.

٢ - الكافي ٤: ١٤٠ / ٣.

٣ - الكافي ٤: ١٢٠ / ١، وأورده بتمامه في الحديث ٨ من الباب ٢٦ من أبواب أحكام شهر رمضان.

٣٨٢

سليمان بن جعفر الجعفري، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: إنمّا الصيام الذي لا يفرق كفّارة الظهار، وكفّارة الدم، وكفّارة اليمين.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(١) .

[ ١٣٦٤٨ ] ٤ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: صيام ثلاثة أيّام في كفارة اليمين متتابعات ولا يفصل بينهن.

ورواه الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير مثله(٢) .

[ ١٣٦٤٩ ] ٥ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد العلوي، عن العمركي الخراساني، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما‌السلام ) قال: سألته عن صوم ثلاثة أيّام في الحجّ والسبعة، أيصومها متوالية أو يفرق بينها؟ قال: يصوم الثلاثة لا يفرق بينها، والسبعة لا يفرق بينها، ولا يجمع السبعة والثلاثة جميعاً.

[ ١٣٦٥٠ ] ٦ - وقد تقدّم في حديث الزهري، عن علي بن الحسين( عليه‌السلام ) قال: أمّا الصوم الواجب فصيام شهر رمضان، وصيام شهرين متتابعين في كفّارة قتل الخطأ لمن لم يجد العتق واجب، وصيام ثلاثة أيّام في كفّارة اليمين واجب - إلى أن قال: - وكلّ ذلك متتابع وليس بمتفرق.

___________________

(١) التهذيب ٤: ٢٧٤ / ٨٣٠، والاستبصار ٢: ١١٧ / ٣٨٢.

٤ - التهذيب ٤: ٢٨٣ / ٨٥٦، وأورد صدره في الحديث ٩ من الباب ٣ من هذه الابواب.

(٢) الكافي ٤: ١٤٠ / ٢.

٥ - التهذيب ٤: ٣١٥ / ٩٥٧، والاستبصار ٢: ٢٨١ / ٩٩٩، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٥٥، وعن تفسير العياشي في الحديث ١٧ من الباب ٤٦ من أبواب الذبح.

٦ - تقدم في الحديث ١ من الباب ١ من هذه الابواب.

٣٨٣

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) وعلى أحكام كفارات الحج في محلّها(٣) .

١١ - باب أن من نذر أنّ يصوم حتى يقوم القائم لزمه ووجب عليه صوم ما عدا الأيّام المحرّمة

[ ١٣٦٥١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن كرام قال قلت لابي عبدالله (عليه‌السلام ) : إنّي جعلت على نفسي أن أصوم حتى يقوم القائم؟ فقال: صم، ولا تصم في السفر، ولا العيدين، ولا أيّام التشريق، ولا اليوم الذي تشك فيه من شهر رمضان.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٤) .

أقول: المراد: لاتصم يوم الشكّ بنيّة الفرض، لما مر في محلّه(٥) .

[ ١٣٦٥٢ ] ٢ - وعن علي بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن

___________________

(١) تقدم في البابين ٢، ٣ من هذه الابواب، وفي الاحاديث ١، ٥، ٩، ١٣ من الباب ٨، وفي الحديثين ٢، ٣ من الباب ١٦ من أبواب مايمسك عنه الصائم.

(٢) يأتي في الابواب ١، ٣، ٤، وفي الحديث ٢ من الباب ٦، وفي الباب ١٠، وفي الاحاديث ٢، ٤، ٨، ١٢، ١٤، ١٥ من الباب ١٢، وفي البابين ٢٨، ٢٩ من أبواب الكفارات، وفي الحديث ٣ من الباب ٩، وفي الباب ١٠ من أبواب قصاص النفس، وفي البابين ٤٦، ٥٣، وفي الحديث ٢ من الباب ٥٥ من أبواب الذبح.

(٣) يأتي في أكثر أبواب كفارات الصيد، وكفارات الاستمتاع، وبقية الكفارات.

الباب ١١

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٤: ١٤١ / ١، وأورده في الحديث ٣ من الباب ٦ من أبواب وجوب الصوم، وفي الحديث ٨ من الباب ١ من أبواب الصوم المحرم، وصدره في الحديث ٩ من الباب ١٠ من أبواب من يصحّ منه الصوم.

(٤) التهذيب ٤: ٢٣٣ / ٦٨٣، والاستبصار ٢: ١٠٠ / ٣٢٥.

(٥) مرّ في البابين ٥، ٦ من أبواب وجوب الصوم، وفي الباب ١٦ من أبواب أحكام شهر رمضان.

٢ - الكافي ١: ٤٤٨ / ١٩، وأورده في الحديث ١٠ من الباب ١ من أبواب الصوم المحرم.

٣٨٤

محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبدالله بن عبدالرحمن الاصم، عن كرام قال: حلفت فيما بيني وبين نفسي أن لا آكلّ طعاماً بنهار أبداً حتى يقوم قائم آل محمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، فدخلت على أبي عبدالله( عليه‌السلام ) فسألته، فقال: صم إذا يا كرام، ولا تصم العيدين، ولا ثلاثة أيّام التشريق، ولا إذا كنت مسافراً ولا مريضا الحديث.

[ ١٣٦٥٣ ] ٣ - أحمد بن محمّد بن عيسى في( نوادره) عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل جعل على نفسه أن يصوم إلى أن يقوم قائمكم؟ قال: شيء عليه، أو جعله لله؟ قلت بل جعله لله، قال: كان عارفاً أو غير عارف؟ قلت: بل عارف، قال: إن كان عارفاً أتمّ الصوم(١) ، ولا يصوم في السفر والمرض وأيّام التشريق.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

١٢ - باب أنّ من نذر صوم أيّام معلومة فأفطر في اثنائها لمرض ونحوه لم يجب عليه الاستئناف، وأجزاه البناء والإِتمام، وحكم الإِفطار في صوم النذر

[ ١٣٦٥٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن أحمد بن اشيم قال: كتب الحسين إلى الرضا (عليه‌السلام ) :

___________________

٣ - نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ١٧٣ / ٤٥٣.

(١) في المصدر: الصلاة.

(٢) تقدم في الحديث ٢ من الباب ١٠ من أبواب من يصحّ منه الصوم، وفي الحديث ١ من الباب ٦ والحديث ٤ من الباب ٧ من هذه الابواب وفي الحديثين ٢ و ٣ من الباب ٦ من أبواب وجوب الصوم.

(٣) يأتي في البابين ١، ٢ من أبواب الصوم المحرم.

الباب ١٢

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٤: ١٤١ / ٢، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٣ من هذه الابواب.

٣٨٥

جعلت فداك، رجل نذر ان يصوم إيّاماَ معلومة فصام بعضها ثم اعتل فأفطر، أيبتدي في صومه ام يحتسب بما مضى؟ فكتب إليه يحتسب بما(١) مضى.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في نيّة الصوم(٢) وغير ذلك(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

١٣ - باب أنّ من نذر الصوم بالكوفة أو مكّة أو المدينة وتعذّر أجزأه الصوم حيث يمكن

[ ١٣٦٥٥ ] ١ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإِسناد) عن عبدالله بن الحسن، عن جدّه علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل جعل على نفسه أن يصوم بالكوفة أو بالمدينة أو بمكّة شهراً فصام أربعة عشر يوماً بمكة، له أن يرجع إلى أهله فيصوم ما عليه بالكوفة؟ قال: نعم.

ورواه علي بن جعفر في كتابه نحوه(٥) .

[ ١٣٦٥٦ ] ٢ - وعن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن سعدان بن مسلم قال: كتبت إلى أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه‌السلام ) : إنّي جعلت عليّ صيام شهر بمكّة وشهر بالمدينة وشهر بالكوفة، فصمت ثمانية عشر يوماً بالمدينة، وبقي

___________________

(١) في نسخة؟: ما ( هامش المخطوط ).

(٢) تقدم في الحديث ٤ من الباب ٢، وفي الحديث ١٤ من الباب ٤ من أبواب وجوب الصوم ونيته.

(٣) تقدم في الابواب ٣، ٥، ٧ من هذه الابواب.

(٤) يأتي في الابواب ١٣، ١٥، ١٦ من هذه الابواب.

الباب ١٣

فيه ٣ أحاديث

١ - قرب الاسناد: ١٠٣.

(٥) مسائل علي بن جعفر: ١٨٧ / ٣٧٤.

٢ - قرب الإسناد: ١٤٧.

٣٨٦

عليّ شهر بمكة وشهر بالكوفة وتمام شهر بالمدينة، فكتب: ليس عليك شيء، صم في بلادك حتى تتمّه.

[ ١٣٦٥٧ ] ٣ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم( عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل جعل على نفسه صوم شهر بالكوفة وشهر بالمدينة وشهر بمكّة من بلاء ابتلي به فقضى أنّه صام بالكوفة شهراً، ودخل المدينة فصام بها ثمانية عشر يوماً ولم يقم عليه الجمّال؟ قال: يصوم ما بقي عليه إذا انتهى إلى بلده.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد(١) .

وبإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) .

ورواه المفيد في( المقنعة) مرسلاً (٣) .

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٤) .

١٤ - باب أنّ من نذر أن يصوم حيناً وجب عليه صوم ستة أشهر، ومن نذر أن يصوم زماناً وجب عليه صوم خمسة اشهر

[ ١٣٦٥٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) أنّه سئل عن رجل قال: لله علّي أن أصوم حيناً،

___________________

٣ - الكافي ٤: ١٤١ / ٤، وأورده في الحديث ٤ من الباب ١٠ من أبواب من يصحّ منه الصوم.

(١) التهذيب ٤: ٢٣٣ / ٦٨٤، والاستبصار ٢: ١٠٠ / ٣٢٦.

(٢) التهذيب ٤: ٣٢١ / ٩٤٥.

(٣) المقنعة: ٦٠.

(٤) يأتي في الحديثين ٦ و ٧ من الباب ٣٤ من أبواب وجوب الحج.

الباب ١٤

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٤: ١٤٢ / ٦، والتهذيب ٤: ٣٠٩ / ٩٣٤.

٣٨٧

وذلك في شكر(١) ؟ فقال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : قد أُتي علي( عليه‌السلام ) (٢) في مثل هذا، فقال: صم ستّة أشهر، فإن الله عزّ وجل يقول:( تؤتي أُكلها كلّ حين بِإِذنِ ربّها ) (٣) - يعني: ستّة أشهر -.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب، مثله(٤) .

ورواه العيّاشي في تفسيره عن الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) نحوه(٥) .

[ ١٣٦٥٩ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر، عن آبائهعليهم‌السلام ) أنّ عليا صلوات الله عليه قال في رجل نذر أنّ يصوم زمانا، قال: الزمان خمسة أشهر، والحين ستة أشهر، لأن الله عزّ وجلّ يقول:( تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذنِ رَبِّهَا ) (٦) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٧) ، وكذا الذي قبله.

ورواه الصدوق في( العلل) عن أبيه، عن سعد، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي مثله (٨) .

[ ١٣٦٦٠ ] ٣ - محمّد بن محمّد المفيد في( المقنعة) قال: سُئل الصادق( عليه‌السلام ) عمّن نذر ان يصوم زماناً ولم يسمّ وقتا بعينه؟

___________________

(١) في التهذيب: شكى ( هامش المخطوط ).

(٢) في التهذيب: أبي (عليه‌السلام ) ( هامش المخطوط ).

(٣) إبراهيم ١٤: ٢٥.

(٤) التهذيب ٨: ٣١٤ / ١١٦٨.

(٥) تفسير العياشي ٢: ٢٢٤ / ١٣.

٢ - الكافي ٤: ١٤٢ / ٥.

(٦) إبراهيم ١٤: ٢٥.

(٧) التهذيب ٤: ٣٠٩ / ٩٣٣.

(٨) علل الشرائع: ٣٨٧ / ١.

٣ - المقنعة: ٦٠.

٣٨٨

فقال( عليه‌السلام ) : كان علي( عليه‌السلام ) يوجب عليه أن يصوم خمسة أشهر.

[ ١٣٦٦١ ] ٤ - قال: وسُئل( عليه‌السلام ) عمّن نذر أن يصوم حيناً ولم يسمّ شيئاً بعينه؟ فقال: كان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) يلزمه أن يصوم ستة أشهر، ويتلو قول الله عزّ وجلّ( تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذنِ رَبِّهَا ) (١) وذلك في كلّ ستّة أشهر.

ورواه في( الإِرشاد) أيضاً مثله، وكذا الذي قبله (٢) .

١٥ - باب أنّ من نذر صوماً معيّناً فعجز عنه وجب عليه أن يتصدّق عن كلّ يوم بمدٍّ من طعام

[ ١٣٦٦٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سهل، عن إدريس بن زيد وعلي بن إدريس قالا: سألنا الرضا( عليه‌السلام ) عن رجل نذر نذراً إن هو تخلّص من الحبس أن يصوم ذلك اليوم الذي يخلص فيه، فعجز عن الصوم أو غير ذلك فمدّ للرجل في عمره وقد اجتمع عليه صوم كثير ما كفّارة ذلك الصوم؟ قال: يكفّر عن كلّ يوم بمدّ حنطة أو شعير.

ورواه الصدوق كما يأتي(٣) .

___________________

٤ - المقنعة: ٦٠.

(١) إبراهيم ١٤: ٢٥.

(٢) إرشاد المفيد: ١١٨.

الباب ١٥

فيه ٧ أحاديث

١ - الكافي ٤: ١٤٣ / ١.

(٣) يأتي في الحديث ٥ من هذا الباب.

٣٨٩

[ ١٣٦٦٣ ] ٢ - وعنهم، عن أحمد بن محمد، عن علي بن أحمد، عن موسى بن عمر(١)، عن محمّد بن منصور قال: سألت الرضا( عليه‌السلام ) عن رجل نذر نذراً في صيام فعجز؟ فقال: كان أبي يقول: عليه مكان كلّ يوم مدّ.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٢) .

[ ١٣٦٦٤ ] ٣ - وعنهم، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) وذكر مثل الحديث الأوّل، إلّا أنّه قال: يتصدّق لكلّ يوم بمدّ من حنطة أو ثمن مد.

ورواه الصدوق بإسناده، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر مثله، إلّا أنّه قال: أو تمر بمدّ(٣) .

[ ١٣٦٦٥ ] ٤ - وعنهم، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن عثمان، عن ابن مسكان، عن محمّد بن جعفر قال: قلت لابي الحسن( عليه‌السلام ) إن امرأتي جعلت على نفسها صوم شهرين فوضعت ولدها وأدركها الحبل فلم تقو على الصوم؟ قال: فلتصدّق مكان كلّ يوم بمدٍّ على مسكين.

محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن ابن مسكان مثله(٤) .

[ ١٣٦٦٦ ] ٥ - وبإسناده عن إدريس بن زيد وعلي بن إدريس، عن

____________

٢ - الكافي ٤: ١٤٣ / ٢، وأورد نحوه عن موسى بن جعفر (عليه‌السلام ) في الحديث ٢ من الباب ١٢ من أبواب النذر.

(١) في المصدر موسى بن بكر.

(٢) التهذيب ٤: ٣١٣ / ٩٤٦.

٣ - الكافي ٤: ١٤٤ / ٣.

(٣) الفقيه ٢: ٩٩ / ٤٤٢.

٤ - الكافي ٤: ١٣٧ / ١١، وأورده في الحديث ٢ من الباب ١٧ من أبواب من يصحّ منه الصوم.

(٤) الفقيه ٢: ٩٥ / ٤٢٤.

٥ - الفقيه ٢: ٩٩ / ٤٤٣.

٣٩٠

الرضا( عليه‌السلام ) قال: تصدّق عن كلّ يوم بمد من حنطة أو شعير.

أقول: الظاهر أنّ هذا هو الحديث الأول.

[ ١٣٦٦٧ ] ٦ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن عيسى العبيدي، عن علي وإسحاق ابني سليمان بن داود، عن إبراهيم بن محمّد قال: كتب رجل إلى الفقيه( عليه‌السلام ) : يا مولاي، نذرت إني متى فاتتني صلاة الليل صمت في صبيحتها، ففاته ذلك، كيف يصنع؟ وهل له من ذلك مخرج؟ وكم يجب(١) من الكفّارة في صوم كلّ يوم تركه إن كفّر إن أراد ذلك؟ قال: فكتب( عليه‌السلام ) : يفرق عن كلّ يوم مدّاً من طعامٍ كفّارة.

وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن محمّد بن عيسى نحوه(٢) .

[ ١٣٦٦٨ ] ٧ - محمّد بن محمّد المفيد في( المقنعة) قال: سئل( عليه‌السلام ) عن رجل جعل على نفسه أن يصوم يوماً ويفطر يوماً فضعف عن ذلك، كيف يصنع؟ فقال: يتصدّق عن كلّ يوم( بمدٍّ من طعامٍ) (٣) على مسكين.

١٦ - باب أنّ من نذر صوم سنة فعجز أجزأه تتابع شهر وبعض الآخر وتفريق الباقي، ومن نذر صوماً ولم يسمّ شيئاً استحبّ له صوم ستّة أيام

[ ١٣٦٦٩ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن

___________________

٦ - التهذيب ٤: ٣٢٩ / ١٠٢٦، وأورده في الحديث ٨ من الباب ٢٣ من أبواب الكفارات.

(١) في نسخة زيادة: عليه ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ٢: ٣٣٥ / ١٣٨٣.

٧ - المقنعة: ٦٠.

(٣) ليس في المصدر.

الباب ١٦

فيه حديثان

١ - التهذيب ٤: ٣٢١ / ٩٨٦.

٣٩١

أحمد بن عبدوس، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في رجل جعل لله عليه نذراً صيام سنة فلم يستطع، قال: يصوم شهراً وبعض الشهر الآخر، ثمّ لا بأس أن يقطع الصوم.

[ ١٣٦٧٠ ] ٢ - وبالإِسناد عن الحسن بن علي، عن أبي جميلة، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في رجل جعل لله نذراً ولم يسم شيئاً، قال: يصوم ستّة أيّام.

أقول: هذا محمول على من نوى صوماً أو نطق به، وصوم الستة على وجه الاستحباب ويجزي يوم لما يأتي في النذر(١) .

١٧ - باب أنّ من نذر صوم أيّام معيّنة في الشهر فاتفقت في السفر لم يجب صومها ولا قضاؤها، وأنّه لا يجب التتابع في صوم النذر إلّا مع الشرط فيه

[ ١٣٦٧١ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن هارون بن مسلم، عن مسعدّة بن صدقة، عن جعفر، عن أبيه (عليهما‌السلام ) ، في الرجل يوقت على نفسه أيّاماً معروفة مسمّاة في كلّ شهر فيسافر بعده الشهور، قال: لا يصوم لأنّه في سفر، ولا يقضيها إذا شهد.

ورواه الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم نحوه(٢) .

___________________

٢ - التهذيب ٤: ٣٢٢ / ٩٨٨.

(١) يأتي في الباب ٢ من أبواب النذر.

الباب ١٧

فيه حديثان

١ - التهذيب ٤: ٣٢٩ / ١٠٢٨، وأورده في الحديث ١٠ من الباب ١٠ من أبواب من يصحّ منه الصوم.

(٢) الكافي ٤: ١٤٢ / ٧.

٣٩٢

[ ١٣٦٧٣ ] ٢ - وعنه، عن ابن أبي عمير، عن صالح بن عبدالله قال: قلت لابي الحسن موسى (عليه‌السلام ) : إنّ أخي حبس فجعلت على نفسي صوم شهر فصمت، فربمّا أتاني بعض إخواني(١) فأفطرت أيّاماً أفأقضيه؟ قال: لا بأس.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

___________________

٢ - التهذيب ٤: ٣٣٠ / ١٠٣٠.

(١) في المصدر زيادة: لأفطر.

(٢) تقدم في الحديث ١ من الباب ١٠، وفي الحديث ١ من الباب ١٦ من هذه الابواب، وفي الحديثين ١، ٣ من الباب ١٠ من أبواب من يصحّ منه الصوم، وفي الحديث ٤ من الباب ٢، وفي الحديث ١٤ من الباب ٤ من أبواب وجوب الصوم.

(٣) يأتي في الحديثين ٨، ١٠ من الباب ١ من أبواب الصوم المحرم.

٣٩٣

٣٩٤

أبواب الصوم المندوب

١ - باب استحباب صوم كلّ يوم عدا الأيّام المحرّمة

[ ١٣٦٧٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) ، قال: بني الاسلام على خمسة أشياء: على الصلاة، والزكاة، والصوم، والحجّ، والولاية، وقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : الصوم جنّة من النار.

ورواه الصدوق مرسلاً(١) .

[ ١٣٦٧٤ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن عبدالله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبدالله، عن آبائه (عليهم‌السلام ) ، أنّ النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قال لأصحابه: إلّا أُخبركم بشيء، إن أنتم

___________________

أبواب الصوم المندوب

الباب ١

فيه ٤٣ حديثاً

١ - الكافي ٤: ٦٢ / ١، وأورده في الحديث ٢ من الباب ١ من أبواب مقدمة العبادات.

(١) الفقيه ٢: ٤٤ / ١٩٦.

٢ - الكافي ٤: ٦٢ / ٢.

٣٩٥

فعلتموه تباعد الشيطان منكم كما تباعد المشرق من المغرب؟ قالوا: بلى، قال: الصوم يسوّد وجهه والصدقة تكسر ظهره، والحبّ في الله والمؤازرة على العمل الصالح يقطع دابره، والاستغفار يقطع وتينه، ولكلّ شيء زكاة وزكاة الابدان الصيام.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن الحسن، عن عمرو بن عثمان، عن عبدالله بن المغيرة(١) .

ورواه الصدوق مرسلاً(٢) .

ورواه في( المجالس) وفي كتاب( فضائل شهر رمضان) عن جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبدالله بن المغيرة، عن جدّه الحسن بن علي، عن جده عبدالله بن المغيرة مثله (٣) .

[ ١٣٦٧٥ ] ٣ - وعنه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدّة بن صدقة، عن أبي عبدالله عن آبائه (عليهم‌السلام ) أنّ النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: إن الله عزّ وجلّ وكلّ ملائكته بالدعاء للصائمين، وقال: أخبرني جبرئيل عن ربّه، أنّه قال: ما أمرت ملائكتي بالدعاء لاحد من خلقي إلّا استجبت لهم فيه.

ورواه المفيد في( المقنعة) مرسلاً (٤) .

ورواه الصدوق مرسلاً(٥) .

[ ١٣٦٧٦ ] ٤ - وبهذا الإِسناد عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: نوم الصائم عبادة، ونفسه تسبيح.

___________________

(١) التهذيب ٤: ١٩١ / ٥٤٢.

(٢) الفقيه ٢: ٤٥ / ١٩٩.

(٣) أمالي الصدوق: ٥٩ / ١، وفضائل الاشهر الثلاثة: ٧٥ / ٥٧.

٣ - الكافي ٤: ٦٤ / ١١، والمحاسن: ٧٢ / ١٤٩.

(٤) المقنعة: ٤٩.

(٥) الفقيه ٢: ٤٥ / ٢٠٢.

٤ - الكافي ٤: ٦٤ / ١٢، والمقنعة: ٤٩.

٣٩٦

ورواه البرقي في( المحاسن) عن عدّة من أصحابنا، عن هارون بن مسلم (١) ، وكذا الذي قبله نحوه.

ورواه الحميري في( قرب الإِسناد) عن الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه مثله (٢) .

[ ١٣٦٧٧ ] ٥ - وعنه، عن أبيه، وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: أوحى الله عزّ وجلّ إلى موسى (عليه‌السلام ) : ما يمنعك من مناجاتي؟ فقال: يا ربّ، أجلّك عن المناجاة لخلوف(٣) فم الصائم، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه: يا موسى، لخلوف فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك.

[ ١٣٦٧٨ ] ٦ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سلمة صاحب السابري، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) أنّه قال: للصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره وفرحة عند لقاء ربّه.

ورواه الصدوق مرسلاً(٤) ، وكذا الذي قبله.

[ ١٣٦٧٩ ] ٧ - وبهذا الإِسناد عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ الله تعالى يقول: الصوم لي وأنا أَجزي عليه.

[ ١٣٦٨٠ ] ٨ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن

___________________

(١) المحاسن: ٧٢ / ١٤٨.

(٢) قرب الإسناد: ٤٦.

٥ - الكافي ٤: ٦٤ / ١٣، والفقيه ٢: ٤٥ / ٢٠٣.

(٣) خلف فم الصائم خلوفاً، أي تغيرت رائحته. ( الصحاح - خلف - ٤: ١٣٥٦ ) ( هامش المخطوط ).

٦ - الكافي ٤: ٦٥ / ١٥.

(٤) الفقيه ٢: ٤٥ / ٢٠٤.

٧ - الكافي ٤: ٦٣ / ٦.

٨ - الكافي ٤: ٦٢ / ٣.

٣٩٧

فضّال، عن ثعلبة، عن علي بن عبدالعزيز، أنّ أبا عبدالله( عليه‌السلام ) قال له - في حديث -: إلّا أُخبرك بأبواب الخير، إنّ الصوم جنّة( من النار) (١) .

ورواه الصدوق بإسناده عن علي بن عبدالعزيز مثله(٢) .

[ ١٣٦٨١ ] ٩ - وعنه، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن موسى بن بكر قال: لكلّ شيء زكاة وزكاة الاجساد الصوم.

ورواه المفيد في( المقنعة) مرسلاً، عن الصادق( عليه‌السلام ) عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) (٣) وكذا جملة ممّا مضى ويأتي وروى أحاديث أُخر بمعناها.

[ ١٣٦٨٢ ] ١٠ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن الحسين بن مسلم عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) (٤) قال: يوم الاضحى في اليوم الذي يصام فيه، ويوم عاشوراء، في اليوم الذي يفطر فيه.

ورواه الصدوق في( المقنع) مرسلاً عن أبي الحسن عن الرضا( عليه‌السلام ) مثله(٥) .

أقول: لعل المراد أنّ يوم الصوم كالعيد(٦) لاستحقاق الثواب الجزيل،

___________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) الفقيه ٢: ٤٥ / ٢٠٠.

٩ - الكافي ٤: ٦٣ / ٤، والتهذيب ٤: ١٩٠ / ٥٣٧، وأورده عن الفقيه في الحديث ٢ من الباب ١ من أبواب وجوب الصوم.

(٣) المقنعة: ٤٩.

١٠ - الكافي ٤: ٥٤٧ / ٣٧، وأورده في الحديث ٦ من الباب ١٠ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٤) في المصدر: عن أبي الحسن (عليه‌السلام )

(٥) المقنع: ٥٩.

(٦) روى الرضي في نهج البلاغة عن علي (عليه‌السلام ) إنّه قال في بعض الأعياد: إنّما هو عيد لمن قبل الله منه صيامه وشكر قيامه، وكلّ يوم لا يعصى الله فيه فهو يوم عيد، وهذا قريب من المعنى المذكور « منه قده ».

٣٩٨

ويوم الإِفطار كيوم المصيبة لفوت الثواب، والله أعلم، وله احتمال آخر تقدّم في صوم يوم الشك(١) .

[ ١٣٦٨٣ ] ١١ - وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار(٢) ، عن إسماعيل بن بشار(٣) قال: قال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : قال أبي: إنّ الرجل ليصوم يوماً تطوّعاً يريد ما عند الله فيدخله الله به الجنّة.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن الحسن، عن علي بن أسباط، عن حكم بن مسكين، عن إسماعيل بن بشار نحوه(٤) .

[ ١٣٦٨٤ ] ١٢ - وعن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن حسّان، عن محمّد بن علي، عن علي بن النعمان، عن عبدالله بن طلحة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : الصائم في عبادة وإن كان نائماً على فراشه ما لم يغتب مسلماً.

ورواه الصدوق مرسلاً(٥) .

ورواه في( ثواب الأعمال) و( المجالس) عن أبيه، عن سعد، عن محمّد بن الحسين، عن علي بن النعمان مثله، إلّا أنّه قال: وان كان نائماً على فراشه، وكذا في بعض نسخ الكافي (٦) .

___________________

(١) تقدم في ذيل الحديث ٦ من الباب ١٠ من أبواب أحكام شهر رمضان.

١١ - الكافي ٤: ٦٣ / ٥، وأورد نحوه في الحديث ٤ من الباب ٢٨ من أبواب مقدمة العبادات.

(٢) في المصدر: معاوية بن عثمان.

(٣) في نسخة: إسماعيل بن يسار ( هامش المخطوط ).

(٤) التهذيب ٤: ١٩١ / ٥٤٣.

١٢ - الكافي ٤: ٦٤ / ٩، وأورده في الحديث ٣ من الباب ٢ من أبواب آداب الصائم.

(٥) الفقيه ٢: ٤٤ / ١٩٧.

(٦) ثواب الأعمال: ٧٥ / ١، وأمالي الصدوق: ٤٤٢ / ١.

٣٩٩

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(١) ، وكذا حديث موسى بن بكر، وحديث مسعدة الثاني.

[ ١٣٦٨٥ ] ١٣ - وبإسناده عن علي بن الحسن بن فضّال، عن الحسن بن علي بن يوسف، عن معاذ بن ثابت أبي الحسن، عن عمرو بن جميع، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) - في حديث طويل -: الصيام جُنّة من النار.

[ ١٣٦٨٦ ] ١٤ - وعنه، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) عن أبيه، عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) قال: ثلاث يذهبن البلغم ويزدن في الحفظ: السواك، والصوم، وقراءة القرآن.

[ ١٣٦٨٧ ] ١٥ - وعنه، عن فضل بن محمّد الأُموي، عن ربعي بن عبدالله بن الجارود، عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : قال الله عزّ وجلّ: الصوم لي وأنا أُجزي به.

[ ١٣٦٨٨ ] ١٦ - محمّد بن علي بن الحسين - قال: قال (عليه‌السلام ) : قال الله عزّ وجلّ: الصوم لي وأنا أجزي به.

وللصائم فرحتان، حين يفطر، وحين يلقى ربّه.

والذي نفس محمّد بيده لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك.

___________________

(١) التهذيب ٤: ١٩٠ / ٥٣٨.

١٣ - التهذيب ٤: ١٩١ / ٥٤٤.

١٤ - التهذيب ٤: ١٩١ / ٥٤٥.

١٥ - التهذيب ٤: ١٥٢ / ٤٢٠.

١٦ - الفقيه ٢: ٤٤ / ١٩٨.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573