وسائل الشيعة الجزء ١١

وسائل الشيعة10%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 562

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 562 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 278886 / تحميل: 6762
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ١١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

فقال : هو كما يعمي المطر ويعمي البحر بزبده ، وأراد كثرة الدعاء لها بالاستسقاء.

وقال الأزهري : كأنه لمّا كثر هذا الحرف في كلامهم حذفوا بعض حروفه المعرفة المخاطب به ، وهذا كقولهم : لا هُمَّ ، وتمام الكلام (اللهُمَّ) ، وكقولك : لَهِنَّكَ ، والأصلُ (للهِ إنَّك)(١) .

وكيف كان فالمقصود أنَّ من عادات العرب أنهم يقولون عند التحيَّة في الغداة : عم صباحاً.

وفي المساء : عم مساءً ، أي : انعم صباحك ومساءك ، من النعومة.

قال امرؤ القيس بن حجر الكندي :

ألا عِمْ صباحاً أیُّها الطَّللُ البالي

وهَلْ يَعِمَنْ مَنْ كانَ في العُصُرِ الخالي

وقال في (مجمع البحرين) : (اختلفت الأقاويل في معنى (السلام عليك) فمن قائل : معناه (الدعاء) أي : سَلِمتَ من المكاره.

ومن قائل : معناه (اسم الله عليك) ، أي : أنت في حفظه ، كما يقال : (الله معك) ، وإذا قلت : (السلام علينا) ، أو (السلام على الأموات) فلا وجه ؛ لكون المراد به الإعلام بالسلامة ، بل الوجه أن يقال : هو دعاء بالسلامة لصاحبه من آفات الدنيا ، ومن عذاب الآخرة ، وضعه الشارع موضع التحيَّة والبشري بالسلامة.

ثم إنه اختار لفظ (السلام) وجعله تحيّةً لما فيه من المعاني ، أو لأنه مطابق للسلام الَّذي هو اسم من أسماء الله تيَّمُناً وتبرُّكاً ، وكان يُحيّى به قبل الإسلام ، ويُحيّی بغيره ، بل كان السلام أقل ، وغيره أكثر وأغلب ، فلمَّا جاء الإسلام اقتصروا عليه ومنعوا ما سواه من تحايا الجاهلية.

__________________

(١) لسان العرب ١٢ : ٦٤١.

٢٨١

قالرحمه‌الله : وإيراده على صيغة التعريف أزين لفظاً ، وأبلغ معنی) ، انتهى(١) .

ولعمري إن هذا تبدیل بالأحسن ؛ لأن الحياة إن لم تكن مقرونة بالسلامة لي يعتد بها ، بل لعلَّ الموت خير منها.

[أحكام السلام]

إذا عرفت ذلك فهنا فروع :

الأوَّل : قَدْ عرفت أنَّ السلام من السُّنن الخاصة المؤكّدة ، وردّه فرض ؛ لصيغة الأمر الدالّة على الوجوب في آية التحيَّة(٢) ، المراد بها السلام ظاهراً على ما نصّ عليه أهل اللُّغة ، ودلّ عليه العرف.

قال في (القاموس) : (التحيَّة ، هي : السلام )(٣) .

وفي (لسان العرب) : (والتحيَّة : السلام ، وقد حيَّاهُ تحيَّةً )(٤) .

فلو كانت التحيَّة بغير لفظ السلام كقولك : صبّحك الله بالخير ، أو مسّاك الله بالخير ، لم يجب الردّ كما عليه الأكثر ، واختاره الأُستاذ (طاب ثراه) في (العروة)(٥) ، وذهب غير واحد من الفقهاء إلى وجوب الرد حينئذ ، منهم الفاضل المقدادرحمه‌الله في (کنز العرفان) ، فقد صرّح بأنه : (ليس المراد بحُيِّيتم في الآية : سلام عليکم ، بل كلّ تحيّة وبِرٍّ وإحسان )(٦) .

__________________

(١) مجمع البحرين ٢ : ٤٠٨.

(٢) وردت آية التحية في سورة النساء آية ٨٦ ، وهي : ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴾.

(٣) القاموس المحیط ٤ : ٣٢٢.

(٤) لسان العرب ١٤ : ٢١٦.

(٥) العروة الوثقی ٣ : ٢٢ مسألة ٢٧.

(٦) كنز العرفان ١ : ٢٢٣.

٢٨٢

واستند في ذلك إلى ما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره عن الصادقينعليهما‌السلام أنه قال : «التحيَّة السلام وغيرُه من البرّ » ، انتهى(١) .

وربّما يُرشد إلى ذلك ما رواه في (المناقب) ، قال أنس : «حيّت جارية للحسنعليه‌السلام بطاقة ريحان ، فقال لها : «أنتِ حُرَّة لوجه الله » ، فقلت له في ذلك؟ فقال : «أدَّبنا الله عزَّ وجلَّ فقال : ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ ﴾ الآية ، وكان أحسن منها إعتاقها»»(٢) .

وما عن (الخصال) ، فيما علّم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه ، قال : «إذا عطس أحدكم فسمِّتوه ، قولوا : يرحمك الله ، ويقول : يغفر الله لكم ويرحمكم ، قال الله تعالى : ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم ﴾ الآية»(٣) .

وقولهعليه‌السلام : «وحيَّا كما الله من كاتبين»(٤) .

أقول : لا شكّ في إطلاق التحيَّة قبل الإسلام على ما يشمل السلام وغيره من التحيَّات المعروفة عند الجاهلية كما تقدّم تفصيله ، فلمَّا جاء الإسلام اقتصروا من التحايا على السلام ، وتغلّب فيه الاستعمال كما هو الشائع في العرف وعند أهل البيتعليهم‌السلام من حيث لم يستعملوا سواه ، بل في (الكافي) عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : يُكره للرجل أن يقول : حيّاك الله ، ثُمَّ يسكت حَتَّى يتبعها بالسلام »(٥) .

__________________

(١) تفسیر القمي ١ : ١٤٥.

(٢) مناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام ٣ : ١٨٣.

(٣) الخصال : ٦٣٣.

(٤) مصباح المتهجد : ٢١٧ ح ٦٩ / ٣٣١ ضمن دعاء يُقرأ بعد الفجر.

(٥) الكافي ٢ : ٦٤٦ ح ١٥.

٢٨٣

فلا ريب في أنَّ إطلاق الآية يحمل على ذلك ، فأمّا الروايات المذكورة المتضمِّنة لإطلاق التحيَّة في الآية الشريفة على غير السلام من أنواع البرّ والإحسان ، فعلی تقدیر صحَّتها يمكن أن يكون ذلك من البطون التي أخبروا بهاعليهم‌السلام ، فلا ينافي كون المراد من ظاهرها خاصَّة السلام.

والحاصل : أنَّه لا يجب ردّ غير السلام من أفراد التحيَّة ، كما قاله الأكثر ؛ للأصل وعدم الدليل الدال على الوجوب ، بل ويظهر من بعض الروايات تخصيص الوجوب بالسلام خاصة ، كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من بدأ بالكلام قبل السلام ، فلا تجيبوه »(١) .

إذ غير السلام من الأفراد داخل تحت عموم الكلام ، والعجب من المعاصر النوريرحمه‌الله في (شرح نجاة العباد) حيث استظهر عدم الإشكال في وجوب الرد في غير الصلاة ، وجعل محلّ الكلام في حال الصلاة ، مع اعترافه بأنَّ كثيراً من المفسِّرين وأهل اللُّغة فسّروا التحيَّة بالسلام(٢) ، وأنه على هذا لا عموم في الآية الكريمة ، هذا كلُّه في غير حال الصلاة ، وأمّا فيها فالأحوط الرد بقصد الدعاء إذا كان ممَّن يستحق الرد ؛ لما ثبت من جواز الدعاء في الصلاة لنفسه ولغيره وبدون ذلك لا يجوز.

الثاني : يجب ردُّ السلام نطقاً ، ولو كان في حال الصلاة ، وهو المجمع ع بین علمائنا كما في (التذكرة)(٣) ؛ ولإطلاق الأمر بالرد المتناول لحال الصلاة وغيرها ؛ ولأن ترك الجواب إهانة ، ولا يجوز إهانة المؤمن.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٤٤.

(٢) وسيلة المعاد في شرح نجاة العباد ٢ : ٤١٠.

(٣) تذکرة الفقهاء ٣ : ٣٧٦.

٢٨٤

الثالث : الظاهر من الآية المعقبة بناء التعقيب من قوله تعالى : ﴿فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ﴾ وجوب الفورية ، وفي (الجواهر) : (أنه ظاهر الأدلة والفتاوی )(١) .

وفي الحدائق : (أن معناه تعجيله بحيث لا يُعدُّ تاركاً له عرفاً ) ، انتهى(٢) .

ولا فرق في ذلك بين سائر الأحوال حَتَّى حال الصلاة ؛ وذلك لإطلاق الآية ، وعليه فالكلام يقع في مقامين :

المقام الأول : لو عصى المكلّف بالتراخي العرفي في غير حال الصلاة وأخلّ بالفورية ، أو ترکه ساهياً ، فهل يجب عليه إتيانه ثانياً ، وإن عصي فثالثاً ، وهكذا فوراً ففوراً ، أو أنه يسقط الوجوب بفوت الوقت ، أو يبقى الوجوب مُوسَّعاً ، فالساقط الفورية دون الوجوب ، اختار الأول الأردبيليرحمه‌الله في (شرح الإرشاد)(٣) ؛ نظراً منه إلى مقتضى ظاهر الواجبات الفورية في سائر الموارد ، فإنَّها من قبيل تعدُّد المطلوب ، وأنَّه لو كان المسلم حاضراً وجب عليه الرد دائماً ، ولو غاب يجب عليه قصده أينما كان حَتَّى يرد عليه ، بل احتمل الوجوب في نفسه ، ومع عدم إمكان الوصول إلى المسلِّم وعدم سماعه ؛ إذ ذاك يجب مع إمكانه ، فلا يسقط حينئذ أصل الرد ، وفيه أن الكلّية غير مسلَّمة في الواجبات الفورية ، وليس كلّ واجب فوري يتعدد فيه المطلوب ، بل إنَّما هو فيما إذا استفید فوريتها من الأمر ولو بالقرينة ، بخلاف ما نحن فيه ، فإنَّ فوریته مستفادة من الكيفية المأخوذة في ردِّ التحيَّة عُرفاً ، فهي من أوصاف المأمور به وقيوده ، أعني الرد لا الأمر.

__________________

(١) جواهر الكلام ١١ : ١٠٤.

(٢) الحدائق الناضرة ٩ : ٨١.

(٣) مجمع الفائدة ٣ : ١٢٢.

٢٨٥

وبعبارة اُخرى : إنَّ السلام وردَّه من قبيل الخطاب والجواب المرتبط أحدهما بالآخر ربطاً وضعياً ، نظير القبول الملحوظ فيه الفورية ؛ لربطه بالإيجاب ربطاً وضعياً ؛ ولذا لا يُكتفى بإتيانه في ثاني الحال وثالثه عند التخلُّف في أول الحال إلا بإعادة الإيجاب ثانياً ، وعلى هذا فمتى اُخلّ بالفورية العرفية سقط أصلُ الوجوب ، فعدم الوجوب حينئذ في ثاني الحال وثالثه ؛ لعدم صدق الردِّ عرفاً ، نظير ما لو قال المولى : إذا ركب الأمير فخذ ركابه. فكما أن من المعلوم وجوب المبادرة إلى الأخذ بالركاب حال الرکوب ، أيضاً من المعلوم عدم وجوب الأخذ في ثاني الحال وثالثه ، وما ذلك إلا من حيث فوات الكيفية المطلوبة فيه ، فلا يجب التلافي بعد ذلك لا قضاءً ولا أداءً.

بل لنا اختيار عدم وجوب الردِّ في الحال الثاني حَتَّى مع استفادة الفورية من نفس الأمر ، وهو الحق الحقيق الَّذي عليه أهل التحقيق ؛ إذ الظاهر من الصيغة على القول بدلالتها بنفسها على الفور هو الوجوب في أول الوقت ، والظاهر هو الحجّة وهو تكلیف واحد من قبيل المطلق والمقيَّد ، والحقُّ أنَّ المقيَّد ينتفي بانتفاء قيده ، فلا يبقى تكليف في الوقت الثاني مع الشك فيه ، كما هو مقتضی أصل البراءة ، وثبوت وجوب الموقَّت بعد فوات الوقت خلاف التحقيق ؛ لأن الجنس لا بقاء له بعد انتفاء الفصل كما حُقّق في محلّه.

والحقُّ أنَّ القضاء بفرض جديد فالخطاب غير شامل لثاني الحال ، ووجو مالم يشمله الخطاب غير معقول ، هذا كلّه مضافاً إلى السيرة القطعية وهو اختيار

٢٨٦

الشيخ في (الجواهر) ، وسيدنا الأُستاذ (طاب ثراه) في (العروة)(١) ، وممَّا ذكرنا تعرف ما في الوجه الثالث ، بل هو باطل حَتَّى مع البناء على اختلاف کيفيات الفور ، فبعضها على نحو تعدُّد المطلوب ، وبعضها على نحو وحدة المطلوب ؛ إذ مع الشك في دخول واجب فوري في أحد القسمين بخصوصه لم يكن لنا الحكم بإرادة بقائه في الذمَّة لو انتفت الفورية عمداً أو سهواً ؛ لأنَّ الشك حينئذ في التكليف الزائد المدفوع بالأصل ، ولا مجال للتمسُّك بالاستصحاب ، فإنَّه من قبيل الشكّ السَّببي الَّذي يُقدّم فيه الأصل على المسبَّب قطعاً.

المقام الثاني : فيما لو عصى المكلّف بالتراخي العرفي في أثناء الصلاة ، ففي بطلان ذلك وعدمه وجوه :

الأول : البطلان مطلقاً ؛ وستعرف وجه الإطلاق ، وهو اختيار العلّامة في (التحرير) قالرحمه‌الله : (لو ترك المصلّي ردَّ السلام مع تعيينه عليه ، فالوجه بطلان صلاته) ، انتهى(٢) .

وربّما يُستدل له بأن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن الضد الخاص ، أو عدم الأمر به كما هو المنقول عن البهائي(٣) ، وضعفهما ظاهر ، أمّا الأول :

فلمنع الاقتضاء أولاً ، وثانياً وإنْ سلّمنا الاقتضاء فيدل عليه من باب المقدِّمة وبالتبعية ، ولو سلَّمنا دلالة النهي على الفساد في العبادات فهو مخصوص بالنهي

__________________

(١) مجمع الفائدة ٣ : ١١٤ وما بعدها ضمن أحكام السلام ، العروة الوثقى ٣ : ١٥ وما بعدها ضمن مبطلات الصلاة.

(٢) تحرير الأحكام ١ : ٢٦٩.

(٣) تعليقة على معالم الأُصول للقزويني ٣ : ٦٥٦.

٢٨٧

الأصلي لا التبعي ، مع أنَّ بطلان الصلاة ببطلان الجزء لا يتمُّ إلا إذا لم يتدارك فتأمَّل ، ومجرد القراءة المحرَّمة أو الذكر المحرَّم بين الصلاة لا دليل على كونه مبطلاً ، مع أنَّ تخصيص الكلام بالذكر والقراءة لا وجه له ؛ إذ قَدْ يضاد الردّ بعض الأكوان والأفعال كما لو سلّم عليه ومرّ مستعجلاً وتوقَّف إيصال جوابه إلى مشي وحركة ولا يمكن إيصاله برفع الصوت ، فإنَّ الأمر بالردّ يقتضي النهي عن الكون لا عن الذكر والقراءة.

وأمّا عن الثاني ؛ فلأن عدم الأمر بالضد لمانع الاستهجان العرفي أو العقلي لا ينافي المحبوبية الواقعية ، فالصلاة في حال الأمر بالردّ محبوبة وإن لم يمكن الشارع الأمر بها ، فيقصد المصلّي التارك للردّ أمثال المحبوبية الواقعية حينئذ ، وهو من المحقّق في محلّه في الأُصول.

هذا ، وربّما يُدَّعی ظهور النصوص في وجوب الرد في الصلاة ، فيكون کسائر ما يجب في الصلاة من الستر والاستفال ونحوهما ، ولا ينافيه وجوبه قبلها ؛ إذ هو فهم عرفي من اللفظ كالمحرم قبل الصلاة لو فرض مجيء نهي به نحو : لا تنظر إلى الأجنبية في الصلاة. وفيه أنه لاشك في ظهور الأدلَّة في إرادة أنَّ الصلاة لا تمنع من وجوب الردّ ، لا أنّه من واجبات الصلاة.

الثاني : وهو الأظهر عام البطلان مطلقاً كما اختاره الشيخ في (الجواهر) ، والسيد الأُستاذ في (العروة) تبعاً (للدروس) و (البيان) و (الذكری) و (الموجز)

٢٨٨

و (جامع المقاصد) و (فوائد الشرائع) و (الإرشاد) و (المسالك)(١) لما عرفت من بطلان الوجهين المزبورين اللَّذينِ يمكن الاستناد إليهما في القول بالبطلان.

الثالث : التفصيل بين ما لو اشتغل بشيء من الواجب في زمان الترك ، فالمتَّجه بطلان الصلاة وعدمه ، فالصحَّة بتقريب أن التعمُّد بالترك موجب لفساد الجزء المستلزم لفساد الكلّ ، إمّا لاقتضاء الأمر بالشيء والنهي عن الضدّ الخاص ، أو لعدم الأمر به ، فيلزم التشريع المفسد للجزء المستلزم لفساد الكلّ ، بحيث لا يجزي بعد إعادته على الوجه الصحيح ، أو لأنه في مثل المفروض من نحو کلام الآدميين في البطلان ، بخلاف ما لو ترك الردَّ وسكت حَتَّى مضى زمان الرد ، ثُمَّ اشتغل بالقراءة فإنَّه لا يبطل ؛ لعدم المقتضي ، وقد عرفت الجواب عمّا عدا الأخير ، وأمّا عنه فهو أنَّ القرآن قرآن بالنظم والأُسلوب ، وحرمة القراءة ـ على فرض تسليمها ـ لا تلحقه بكلام الآدميين مادام قصده الحكاية لكلام الله التي لا تحقق القرآنية بدونها ، إنْ هو إلّا كقراءة المجنب القرآن.

الرابع : يُستحب إفشاء السلام وتأكيده ، وفيه من الفضل حَتَّى قيل أنه مندوب أفضل من ردِّه الواجب ، ويدلُّ عليه مارواه في الكافي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : «من التواضع أن تسلّم على من لقيت »(٢) .

فإنَّ التواضع المطلوب لا يحصل عرفاً إلّا بالإفشاء ، وعن أبي جعفرعليه‌السلام قال : «كان سلمان رحمه‌الله يقول : افشوا سلام الله ؛ فإن سلام الله لا ينال الظالمين »(١) .

__________________

(١) جواهر الكلام ١١ : ٦٨ في حكم رد السلام ، العروة الوثقی ٣ : ١٦ مسألة ١٦ ، الدروس ١ : ١٨٦ ، البيان : ٩٥ ، ذكرى الشيعة ٤ : ٢٤ ، جامع المقاصد ٢ : ٣٥٦.

(٢) الكافي ٢ : ٦٤٦ ح ١٢.

٢٨٩

وفي هذا المعنى أخبار كثيرة.

الخامس : المشهور أنه يجب على الراد إسماع المسلّم تحقيقاً أو تقديراً ، واستدل عليه بالتبادر ، وحكم العرف والعادة ، وبما في الكافي عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : «إذا سلّم أحدكم فليجهر بسلامه لا يقول : سلّمت فلم يردوا عليّ ، ولعلَّه يكون قَدْ سلّم ولم يُسمِعْهُم ، فإذا ردّ أحدكم فليجهر بردِّه ولا يقول المُسَلّم : سلَّمْتُ فلم يَرُدّوا عليَ »(٢) .

ويدلّ بعمومه على المصلّي وغيره ، وقيل : لا يجب الإسماع ، وهو ظاهر المحقِّق في (المعتبر) والأردبيلي في (شرح الإرشاد)(٣) ؛ لصحيحة منصور عن الصادقعليه‌السلام ، وموثَّقة عمّار الدالَّتينِ على إخفاء الرد ، وهما محمولان على التقية(٤) ، وكذلك رواية محمّد بن مسلم(٥) .

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٤٤.

(٢) الكافي ٢ : ٦٤٥ ح ٧.

(٣) المعتبر ٢ : ٢٦٣ ، مجمع الفائدة ٣ : ١١٩.

(٤) صحيحة منصور : «وبإسناده عن سعد ، عن محمّد بن عبد الحميد ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن علي بن النعمان ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : إذا سلَّم عليك الرجل وأنت تصلّي ، قال : تردّ عليه خفياً ، كما قال». (وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٨ ح ٩٣٠٤ / ٣.

موثقة عمار : «وعنه ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمر بن موسی ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن السلام على المصلّي فقال : إذا سلّم عليك رجل من المسلمين وأنت في الصلاة فردّ عليه فيما بينك وبين نفسك ولا ترفع صوتك». (وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٨ ح ٩٣٠٥ / ٤).

(٥) محمّد بن الحسن بإسناده ، عن احمد بن محمّد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام ابن سالم ، عن محمّد بن مسلم قال : «دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام وهو في الصلاة فقلت : السلام عليك. فقال : السلام عليك. فقلت : كيف أصبحت؟ فسكت ، فلمَّا انصرف ، قلت : أيردّ السلام وهو في الصلاة؟ قال : نعم ، مثل ما قيل له». (وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٧ ح ٩٣٠٢ / ١).

٢٩٠

السادس : يتحقق السلام من الجماعة بوقوعه من واحد ، ويحصل الامتثال بالرد من واحد ؛ لأنَّهما من الأُمور الكفاية ، ويدل عليه ما رواه في (الكافي) عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «إذا سلّم من القوم واحد أجزأ عنهم ، وإذا رد واحد أجزأ عنهم »(١) .

ونحوه رواية ابن أبي بكير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وصحيحة عبد الرحمن بن الحجَّاج ، ويترتب عليه أنّه لو سلّم على جماعة منهم المصلّي فردّ الجواب غيره لم يجز له الردّ بعد تمام الردّ ، نعم ، يجوز قبله.

السابع : قال الأستاذ (طاب ثراه) في (العروة) : (لو ردّ السلام صبيٌّ مميِّز ففي كفايته إشكال ، والأحوط ردّ المصلّي بقصد القرآن أو الدعاء)(٢) .

أقول : وجه الإشكال والترديد من عموم قوله تعالى : ﴿فَحَيُّوا ﴾ الشامل المثل الصبي المميِّز ، ولاسيَّما إذا كان ابن عشر سنين ؛ ولأن عبادته شرعية كما يظهر من بعض الأخبار ، ومن أنه مندوب ، ولا يسقط الواجب بالمندوب ، والأقوى الكفاية وسقوط الفرض بالنفل الكثير ، وعليه فلو كان المسلِّم على المصلي صبياً مميِّزاً ، فالأقوى وجوب الرد عليه بعنوان ردّ التحيَّة ، وإن أراد الاحتياط فليقصد القرآن أو الدعاء.

الثامن : إذا كان بعض المسلَّم عليهم مصلياً وبعضهم قاعداً ، فهل يجب الردّ على القاعد أو يتساويان؟ الأظهر التساوي وبردِّ أحدهما يسقط عن الآخر ، ولا يسقط بردِّ من لم يكن مقصوداً بالسلام ؛ لعدم صدق الردِّ عليه.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٤٧ ح ٣.

(٢) العروة الوثقی ٣ : ١٩ مسألة ٢١.

٢٩١

التاسع : إذا سلّم واحد على جماعة يكفي جواب واحد إجماعاً ، كما هو الشأن في سقوط جميع الواجبات الكفائية بعد قيام من به الكفاية ، ولا يعتبر في السقوط قصد المجیب الردّ عن الجميع ، نعم ، قيل باستحباب أجوبة متعدِّدة ولو بعد جواب واحد فيما لم يكن في الصلاة ، ولم يكفِ ردُّ من لم يكن داخلاً في الجماعة لما ذكرناه.

العاشر : عكس السابق ، بأن سلّم جماعة على شخص واحد ، فهل يكتفي بجواب واحد بصيغة الجمع عن سلامهم بحيث يقصد منها جواب واحد الجماعة ، كما يكتفي بجواب واحد في المسألة السابقة ، أو يجب تكرار الجواب ورد المُسَلّمين؟

المنقول عن ظاهر المشهور الثاني ، وهو الحقُّ فإن تعدُّد التحيَّة بتعدُّد المسلّمین موجب لتعدُّد الردّ ، فلا معنى لكفاية ردّ واحد ، ولو كان بصيغة الجمع ؛ ضرورةَ عدم تعدُّد الردّ مع وحدة الصيغة ، ولا فرق في ذلك بين كون المسلّم عليه الواحد في الصلاة أو خارجها ، فيجب عليه التكرار في الجواب حَتَّی حال الصلاة بعدد أشخاص المسلّمين ، كما يجب عليه في خارجها ، وصریح بعض الأعلام في أجوية مسائله هو الاكتفاء بردّ واحد لو قصد بردّه الردّ على الجميع ، وكان المشروع بردّه بعد فراغ الجميع من صيغة السلام ، وهو كما ترى ؛ فإنَّ قصد التعدُّد لا يوجب التعدُّد الواقعي ، وهذا الفرع غير مذكور في العروة.

الحادي عشر : إنما يجب ردّ السلام على من علم بكونه مقصوداً بالتحيَّة خصوصاً أو عموماً ، أمّا لو شك فيه لم يجب ، ولو كان في حال الصلاة لا يجوز له ذلك حين بطلت صلاته ، إلّا أن يقصد بردّه القرآن أو الدعاء.

٢٩٢

الثاني عشر : يجب أن يكون الردّ في أثناء الصلاة بمثل ما سلَّمَ، فلو قال (قیل ـ ظ) : سلام عليکم. يجب أن يقول في الجواب : (سلام عليکم) ، بل الأحوط المماثلة في التعريف والتنكير والإفراد والجمع ، نعم ، لا يجب المماثلة إذا زاد قوله : ورحمة الله وبركاته ، كما لا تجب في أمير الصلاة أيضاً ، بل الأحوط إسقاط الزيادة المزبورة في حال الصلاة ، ولو اقتصر المسلّم في سلامه بلفظ (سلام) كما هو المتعارف ما بين كثير من العوام والنسوان ـ سواء كان مكلّفاً أو غير مكلّف ـ قيل بعدم وجوب ردّ مثل هذا السلام بغير الصلاة ، فإن التحيَّة التي وجب ردّها في الشرع إنَّما هي التحيَّة الصحيحة ، وأمَّا في أثناء الصلاة فالظاهر عدم جوازه ؛ لكونه موجباً لفساد الصلاة ، نعم ، ربّما فرق كما في (العروة)(١) بين ما لو كان المسلّم شخصاً عالماً عارفاً بقواعد النحو ، وأنَّ قوله : سلام ، متدأ محذوف الخبر وكان المحذوف منويّاً له ، وجب الردّ حينئذ ، وما لو لم يكن كذلك فلا يجب ، وفيه أن الصحَّة والغلط تابعان للّسان العربي ولا مدخلية الاقتصاد فيهما ، بل ولا العلم والجهل ، وحذف الخبر من الكلام يُعد من اللّسان العربي ، ولا فرق فيه بين العالم ، والجاهل ، والشيخ ، وصاحب الجواهر أوجب ردّ السلام الغلط ؛ لصدق التحيَّة به عرفاً ، وهو الأقرب ، هذا والظاهر أن العامَّة لا يوجبون الاتحاد مطلقاً.

قال الفخر الرازي في تفسيره : (المبتدئ يقول : السلام عليك ، والمجيب يقول : وعليکم السلام ، وهذا هو الترتيب الحسن ) ، انتهي(٢) .

__________________

(١) العروة الوثقی ٣ : ١٥ وما بعدها.

(٢) تفسير الرازي ١٠ : ٢١٢.

٢٩٣

ومنه ما يُحکی أنَّ جدّي بحر العلوم (طاب ثراه) مذ كان مجاوراً لبيت الله الحرام دخل عليه رجل من أهل مكَّة من أهل السنَّة وسلّم عليه ، فأجابه السيدرحمه‌الله بقوله : سلام عليکم.

ثُمَّ التفترحمه‌الله إلى أن المماثلة بين السلام وجوابه خلاف مذهب الجمهور ، وكانرحمه‌الله يستعمل التقيَّة معهم ، فأخذ في تدارك المطلب بأن قال للوارد : يا شيخ ، لقد تسالمنا ولم يرد أحدُنا جواب سلام صاحبه ، عليکم السلام ، فاعتقد الشيخ أنَّ السيِّد قصد بقوله : سلام عليکم ، التحيَّة للمبتدئ لا جواب التحيَّة ، والجواب إنَّما هو قوله : عليکم السلام.

الثالث عشر : يُشترط في صحَّة جواب التحيَّة صدوره من المجيب بعد فراغ المحيِّي من تمام الصيغة لعدم صدق الردّ قبل ذلك وهو واضح.

الرابع عشر : قال في (العروة) مقتضي بعض الأخبار عدم جواز الابتداء بالسلام على الكافر إلّا لضرورة ، ولكن يمكن الحمل على إرادة الكراهة(١) .

أقول : روى الصدوقرحمه‌الله في الخصال عن الصادقعليه‌السلام ، عن أبيه الباقرعليه‌السلام قال : «لا تسلّموا على اليهود ، ولا على النصارى ، ولا على المجوس ، ولا على عبدة الأوثان ، ولا على موائد شرب الخمر ، ولا على صاحب الشطرنج والنرد ، ولا على المخنَّث ، ولا على الشاعر الذي يقذف المحصنات ، ولا على المصلّي ؛ وذلك لأنَّ المصلّي لا يستطيع أن يردّ السلام ؛ لأنَّ التسليم من المسلّم تطوع

__________________

(١) العروة الوثقی ٣ : ٢٥ مسألة ٣٢.

٢٩٤

والرد عليه فريضة ، ولا على آكل الربا ، ولا على رجل جالس على غائط ، ولا على الَّذي في الحمّام ، ولا على الفاسق المعلن بفسقه »(١) .

وإنَّما حُمل النهي هنا على الكراهة جمعاً بينه وبين ما مرّ من الأخبار.

وإذا سلّم أهل الملل من الكفَّار ، فقل في الردّ عليهم : عليك ؛ لما رُوي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال : «لا تبدؤوا أهل الكتاب بالتسليم ، وإذا سلّموا عليكم فقولوا : وعليكم »(٢) .

وفي حديث آخر : «إذا سلّم عليك اليهودي والنصراني والمشرك فقل : عليك »(٣) .

وفي خبر آخر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنهم سلّموا عليه فردّ عليهم بلفظ : «عليك»(٤) .

وفي خبر آخر تقول في الردّ : «سلام »(٥) .

روی هذه الأخبار في الكافي.

الخامس عشر : قال السيِّد الأُستاذ (طاب ثراه) في (العروة) : (المستفاد من بعض الأخبار أنه يُستحب أن يسلّم الراكب على الماشي ، وأصحاب الخيل على أصحاب البغال ، وهم على أصحاب الحمير ، والقائم على الجالس ، والجماعة القليلة على الجماعة الكثيرة ، والصغير على الكبير.

__________________

(١) الخصال : ٤٨٤ ح ٥٧.

(٢) الكافي ٢ : ٦٤٩ ح ٢.

(٣) الكافي ٢ : ٦٤٩ ح ٤.

(٤) الكافي ٢ : ٦٤٨ ح ١.

(٥) الكافي ٢ : ٦٤٨ ح ٦.

٢٩٥

قال : ومن المعلوم أنَّ هذا مستحب في مستحب ، وإلا فلو وقع العكس لم يخرج عن الاستحباب أيضاً)(١) .

هذا تمام الكلام في أحكام السَّلام.

رجع

[تتمة شرح الحديث]

[د] ـ «واجلس بين يديه ولا تجلس خلفه» : أي حيث تواجهه ولا تحوجه في الخطاب والمواجهة إلى الانحراف لما فيه من صعوبة نظره إليك ، وحرمانك من التشرُّف بنظرك إلى وجهه مع أنه عبادة.

[هـ] ـ «ولا تضجر بطول صحبته » : وفيه مبالغة على لزوم الوقوف عند العلماء ، وترك الإلحاح على السؤال من العالم ، بل اللازم انتظار صدور الكلام منه ، فإذا شرع البيان تصغي إليه بقلبك.

[و] ـ والمقصود من قوله : «فإنَّما مثل العالم مثل النخلة » : التمثيل للإيضاح ، بانَّك كما لا تسارع إلى الصعود على النخلة ولا إلى هزّها قبل أوان اقتطاف ثمرتها ، فكذلك ينبغي لك أن لا تحرِّك العالم ولا تضطره إلى كثرة الكلام ، واتباع السؤال بالسؤال.

[ز] ـ «والعالم أعظم أجراً من الصائم القائم » : إذ لا ريب أنَّ العالم الرباني الهادي للخلق إلى الحقّ أعظم أجراً من الصائم القائم ، فإنَّ الثاني إنَّما يكفُّ نفسه عن المفطرات والملهيات ، وفي ذلك تفع لنفسه دون غيره ، بخلاف الأول فإنه بعلمه ينقذ الناس من الوقوع في الشبهات والاعتقادات الباطلة ، وكذلك المجاهد

__________________

(١) العروة الوثقی ٣ : ٢٦ مسالة ٣٣.

٢٩٦

الغازي في سبيل الله ، فإنه بمجاهدته مع الكفَّار مدافع عن غلبة الكفَّار على أبدان الخلق ، بخلاف العالم ، فإنه بعلمه مدافع لجنود الجهل عن الاستيلاء على قلوب الضعفاء.

[ح] ـ «ثلم في الإسلام» : قال في (مجمع البحرين) : (الثلمة كبرمة : الخلل الواقع في الحائط وغيره ، والجمع : ثلم كبرم. وعلَّل ذلك بأنَّهم حصون كحصون سور المدينة ، فذكر ذلك على سبيل الاستعارة والتشبيه ) ، انتهى(١) .

ويستعمل متعديّاً ولازماً ؛ ولذا عُديّ بـ(في) في الحديث.

[في العالم العامل]

[ ٨٢] ـ قالرحمه‌الله : (فصل ، ويجب على العالم العمل ، كما يجب على غيره ، لكنَّه في حق العالم آكد ، ومن ثُمَّ جعل الله تعالی ثواب المطيعات من نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعقاب العاصيات منهن ، ضعف ما لغيرهِنَّ ، وليجعل له حظاً وافراً من الطاعات والقربات ، فإنَّها تفيد النفس ملكةً صالحةً واستعداداً تامّاً لقبول الكمالات)(٢) .

[أ] ـ أقول : إعلم أنَّه كلَّما ازداد العبد معرفة بالله تعالی ازداد خضوعاً له وخوفاً منه ، نظير خدم السلطان وحشمه ، فإنَّهم كلما ازدادوا قرباً من السلطان ازداد خطرهم وثقلت تكاليفهم ؛ لزيادة معرفتهم بشؤون السلطنة وعلو العرش الملوكي ، فما ظنُّك بمالك الملوك ووالي مملكة الوجود ، فإذا كان عالماً لا بدَّ له من العلم بأن الله مطَّلع على الضمائر ، عالم بالسرائر ، رقيب على أعمال عباده ، قائم على كل نفس بما كسبت ، وأن سرّ القلب في حقّه مکشوف ، كما أن ظاهر

__________________

(١) مجمع البحرين ١ : ٣٢٢.

(٢) معالم الدين : ١٨.

٢٩٧

البشرة للخلق مكشوف ، بل أشد من ذلك ، قال الله تعالى : ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ(٢) ، وقال : ﴿إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا(٣) ، فهذه المعومات التي هي من خصائص العلماء ، تقهر قلب العالم على مراعاة جانب الله ، وصرف الهمَّة إليه ، واستغراق قلبه بملاحظة ذلك الجلال منكسراً تحت هيبته ، فلا يبقى فيه متسع الالتفات إلى الغير ، فصار همّه همّاً واحداً ولابد من أن يكفيه الله سائر الهموم ، ومن ثُمَّ جعل الله ثواب المطيعات من نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعقابهن ضعفاً بما أنهن عالمات بالأحكام الشرعية من حيث معاشرتهن لهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واختصاصهن بصحبته ، وكسبهن الأخلاق الفاضلة من طول مجاورته ، وكان فعل الواجبات وترك المحرمات في حقّهن آكد من الغير ، وكذلك ثوابهن وعقابهن أكثر من الغير ، فإن الثواب والعقاب يتأكَّدان بتأكُّد الوجوب والحرمة ؛ إذ ربّما يخفّف العقاب عن بعض الجهّال لعذر الجهل ، وكذلك يخفف الثواب لوقوعه من العامل مع قلَّة معرفته فاقداً لشرائط الكمال.

[ب] ـ «وليجعل له حظاً وافراً إلخ » : بأن يجدَّ ويجتهد في العبادة كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «أفضل الناس من عشق العبادة ، فعانقها وأحبها بقلبه ، وباشرها بجسده وتفرغ لها ، فهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا ، على عسر أم على يسر »(٣) .

__________________

(١) سورة العلق : آية ١٣.

(٢) سورة النساء : من آية ١.

(٣) الكافي ٢ : ٨٣ ح ٣ وفيه وفي غيره من المصادر الحديثية أن الحديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلاحظ.

٢٩٨

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام : مذ سأله بعض أصحابه عن طلب الصّيد ، إلى أن قالعليه‌السلام : «وإنَّ المؤمنَ لفي شُغُلٍ عن ذلك ، شغله طلب الآخرة عن طلب الملاهي »(١) .

وعن کميل بن زياد ، قال : قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «يا کميل ، إنّه لا تخلو من نعمة الله عزَّ وجلَّ عندك وعافيته ، فلا تخلُ من تحميده ، وتمجيده ، وتسبيحه ، وتقديسه ، وشكره ، وذكره على كلّ حال الخبر»(٢) .

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام في تفسير قول الله عزَّ وجلَّ : ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(٣) ، قال : «خلقهم للعبادة »(٤) .

وبالجملة : فإن العالم أولى بهذه من غيره وأحرى.

قال علي بن الحسين : «إنَّ أحقَّ الناس بالاجتهاد ، والورع ، والعمل بما عند الله ويرضاه ، الأنبياءُ وأتباعُهم »(٥) .

والمعروف على قدر المعرفة ، والمراد من المعروف كلّ ما عُرف من طاعة الله والتقرُّب إليه ، فلا ينبغي للعالم أن يَنقُصَ معروفُه عن معرفته.

__________________

(١) مستدرك الوسائل ١ : ١٢١ ح ١٥١ / ٤.

(٢) بحار الأنوار ٧٤ : ٢٧٣ ضمن وصاياهعليه‌السلام .

(٣) سورة الذاريات : آية ٥٦.

(٤) تفسير العياشي ٢ : ١٦٤ ح ٨٢.

(٥) مستدرك الوسائل ١ : ١٢٥ ح ١٦٣ / ٩.

٢٩٩

الحديث السادس عشر

العلماء رجلان

[ ٨٣] ـ قالرحمه‌الله : وقد روينا بالإسناد السالف وغيره ، عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن حمّاد بن عيسى ، عن عمر بن اُذينة ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي ، قال : سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يحدِّث عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال في كلام له : «العلماء رجلان : رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناجٍ ، وعالمٌ تارك لعلمه فهذا هالِكٌ ، وإنَّ أهل النار ليتأذَّون من ريح العالم التارك لعلمه ، وإن أشد أهل النار ندامة وحسرة رجل دعا عبداً إلى الله ، فاستجاب له وقبل منه ، فأطاع الله، فأدخله الجنَّة وأدخل الداعي النار بترکه علمه ، واتّباعِه الهوي ، وطول الأمل ، أمّا اتّباعُ الهوى فيصدُّ عن الحق ، وطولُ الأملِ يُنسي الآخرة »(١) .

أقول : أمّا رجال السند فقد تقدّم ذكرهم جميعاً ، وأمّا ما يتعلق بشرح المتن :

[أ] ـ قال صاحب الوافي : (هذا التقسيم للعلماء الَّذينَ علمهم مقصور على ما يتعلق بالعمل ، کالعالم بالشريعة ، وكالعالم بالأخلاق دون الَّذينَ علمُهم مقصود لذاته ، کالعالم بالمبدأ والمعاد ، فإنّه لا يكون غالباً إلا ناجياً ، وإذا وقع منه زلَّة أو ذنب تذکّر لربه وتاب ، وتضرّع إليه وأناب ) ، انتهى(٢) .

[ب] ـ «آخذ بعلمه » : يعني عامل بمقتضاه من تهذيب الظاهر والباطن عن الأعمال القبيحة ، والأخلاق الرذيلة ، وتحليتهما بالأعمال الحسنة ، والأخلاق الفاضلة.

__________________

(١) معالم الدين : ١٨ ، الكافي ١ : ٤٤ ح ١.

(٢) الوافي ١ : ٢٠٣ ح ١٣٧ / ١ باب استعمال العلم.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

[ ١٥١٥٥ ] ٣ - وعنه، عن عيسى بن هشام(١) ، عن أبي إسماعيل الفرّاء، عن زيد الشحّام، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: تدعو للضالة: اللهم إنّك إله من في السماء وإله من في الأَرض، وعدل فيهما، وأنت الهادي من الضالة، وتردّ الضالة، ردّ عليّ ضالتي فإنّها من رزقك وعطيتك، اللهم لا تفتن بها مؤمناً، ولا تعن بها كافراً، اللهم صلّ على محمّد عبدك ورسولك وعلى أهل بيته.

٤٠ - باب استحباب اتخاذ السفرة (*) في السفر والتنوق (*) فيها ، وكون حلقها حديداً لا صفرا ً

[ ١٥١٥٦ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن نصر الخادم قال: نظر العبد الصالح موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) إلى سفرة عليها حلق صفر، فقال: انزعوا هذه، واجعلوا مكانها حديداً فإنّه لا يقرب شيئاً ممّا فيها شيء من الهوام.

[ ١٥١٥٧ ] ٢ - قال: وقال الصادق( عليه‌السلام ) : إذا سافرتم فاتخذوا سفرة وتنوّقوا فيها.

ورواه البرقي في( المحاسن) مرسلاً (٢) .

__________________

٣ - المحاسن: ٣٦٣ / ١٠٠.

(١) في المصدر: عبيس بن هشام.

الباب ٤٠

فيه حديثان

(*) السفرة بالضم: طعام يصنع للمسافر، والجمع سُفَر كغرفة وغرف، وسمّي الجلدة التى يوضع فيها الطعام سفرة مجازاً. ( مجمع البحرين - سفر - ٣: ٣٣٣ ).

(*) التنوق: التأنق والاعتناء: أنظر ( الصحاح - نوق - ٤: ١٥٦٢ ).

١ - الفقيه ٢: ١٨٤ / ٨٢٧.

٢ - الفقيه ٢: ١٨٤ / ٨٢٦.

(٢) المحاسن: ٣٦٠ / ٨٢.

٤٢١

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(١) .

٤١ - باب كراهة حمل الزاد الطيب كاللحم والحلوى في طريق زيارة الحسين ( عليه‌السلام ) ، واستحباب الاقتصار فيه على الخبز واللبن ونحوه

[ ١٥١٥٨ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال الصادق( عليه‌السلام ) : بلغني أنّ قوماً إذا زاروا الحسين( عليه‌السلام ) حملوا معهم السفرة فيها الجداء والأَخبصة(٢) وأشباهه، لو زاروا قبور أحبّائهم ما حملوا معهم هذا.

ورواه جعفر بن محمّد بن قولويه في( المزار) عن أبيه وعلي بن الحسين وجماعة مشائخه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) مثله(٣) .

[ ١٥١٥٩ ] ٢ - وعن محمّد بن أحمد بن الحسين، عن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن زرعة بن محمد، عن المفضل بن عمرّ قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : تزورون خير من أن لا

__________________

(١) يأتي في الباب ٤٢ من هذه الأبواب.

الباب ٤١

فيه حديثان

١ - الفقيه ٢: ١٨٤ / ٨٢٩، وأورده عن كامل الزيارات وثواب الأعمال في الحديث ٤ من الباب ٧٧ من أبواب المزار.

(٢) الأخبصة: جمع خبيص، وهو نوع من الطعام يتخذ من التمرّ والزبيب والسمن. ( مجمع البحرين - خبص - ٤: ١٦٧ ).

(٣) كامل الزيارات: ١٢٩ / ١.

٢ - وكامل الزيارات: ١٣٠ / ٤، وأورده في الحديث ٥ من الباب ٧٧ من أبواب المزار.

٤٢٢

تزورون، ولا تزورون خير من أن تزوروا، قال: قلت: قطعت ظهري، قال: تالله، إنّ أحدكم ليذهب إلى قبر أبيه كئيباً حزيناً وتأتونه أنتم بالسفر، كلّا حتّى تأتونه شعثاً غبراً.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في الزيارات(١) .

٤٢ - باب استحباب حمل المسافر إلى الحجّ والع مرّة وغيرهما إلّا زيارة الحسين ( عليه‌السلام ) أطيب الزاد كاللوز والسكر ونحوه ، والإِكثار من حمل الماء

[ ١٥١٦٠ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): من شرف الرجل أن يطيب زاده إذا خرج في سفر.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن النوفلي عن السكوني، عن أبي عبد الله عن آبائه( عليهم‌السلام ) (٢) .

ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي مثله (٣) .

[ ١٥١٦١ ] ٢ - قال: وكان عليّ بن الحسين( عليهما‌السلام ) إذا سافر إلى مكّة للحجّ(٤) أو العمرّة تزوّد من أطيب الزاد من اللوز والسكر والسويق والمحمص(٥) والمحلى.

__________________

(١) يأتي في الباب ٧٧ من أبواب المزار.

الباب ٤٢

فيه ٥ أحاديث

١ - الفقيه ٢: ١٨٤ / ٨٣٠.

(٢) المحاسن: ٣٦٠ / ٨١.

(٣) الكافي ٨: ٣٠٣ / ٤٦٧.

٢ - الفقيه ٢: ١٨٤ / ٨٣١.

(٤) في نسخة: إلى الحج ( هامش المخطوط ).

(٥) في نسخة: المحمض ( هامش المخطوط ).

٤٢٣

ورواه البرقي في( المحاسن) مرسلاً (١) .

ورواه أيضاً عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن سنان، ومحمّد بن أبي عمير جميعاً عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) (٢) .

ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير مثله (٣) .

[ ١٥١٦٢ ] ٣ - قال: وقال الصادق( عليه‌السلام ) : إنّ من المروءة في السفر كثرة الزاد وطيبه وبذله لمن كان معك.

[ ١٥١٦٣ ] ٤ - أحمد بن أبي عبد الله البرقي في( المحاسن) عن بعض أصحابنا، رفعه قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : تبرك بأن تحمل الخبز في سفرك في زادك.

[ ١٥١٦٤ ] ٥ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: كنّا عنده فذكروا الماء في طريق مكّة وثقله، فقال: الماء لا يثقل إلّا أن ينفرد به الجمل فلا يكون عليه إلّا الماء.

__________________

(١) المحاسن: ٣٦٠ / ٨٣.

(٢) المحاسن: ٣٦٠ / ذيل الحديث ٨٣.

(٣) الكافي ٨: ٣٠٣ / ٤٦٨.

٣ - الفقيه ٢: ١٩٢ / ٨٧٧، وأورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ٤٩ من هذه الأبواب.

٤ - المحاسن: ٣٦٠ / ٨٤.

٥ - الكافي ٤: ٥٤٢ / ٨.

وتقدّم ما يدلّ على الاستثناء في الباب ٤١ من هذه الأبواب.

٤٢٤

٤٣ - باب استحباب حمل المسافر معه جميع ما يحتاج اليه من السلاح والآلات والادوية ، وخصوصاً السيف والترس ورماح القنا والقسي (*) العربية لا الفارسية ، وجواز دفع اللص ونحوه ولو بالقتل

[ ١٥١٦٥ ] ١ – محمّد بن علي بن الحسن بإسناده عن سليمان بن داود المنقري، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال في وصيّة لقمان لابنه: يا بني، سافر بسيفك وخفّك وعمامتك وحبالك (١) وسقائك وخيوطك ومخرزك، وتزوّد معك من الأَدوية ما تنتفع به أنت ومن معك، وكن لأَصحابك موافقاً إلّا في معصية الله عزّ وجلّ، وزاد فيه بعضهم: وفرسك.

ورواه الكليني عن علي، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد وعلي بن محمّد القاساني، عن سليمان بن داود مثله (٢) .

أحمد بن محمّد البرقي في( المحاسن) عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود، مثله، إلّا أنّه قال: وابرتك (٣) .

[ ١٥١٦٦ ] ٢ - وعن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن

__________________

الباب ٤٣

فيه ٨ أحاديث

(*) القِسيّ: جمع قوس، وهو آلة من آلات الحرب سابقاً ترمى منها السهام أنظر ( الصحاح - قوس - ٣: ٩٦٧ ).

١ - الفقيه ٢: ١٨٥ / ٨٣٤.

(١) في الكافي والمحاسن: خبائك ( هامش المخطوط ).

(٢) الكافي ٨: ٣٠٣ / ٤٦٦.

(٣) المحاسن: ٣٦٠ / ٨٥.

٢ - المحاسن: ٣٦٠ / ٨٦.

٤٢٥

رجل، عن الحلبي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : اللصّ المحارب فاقتله، فما أصابك فدمه في عنقي.

[ ١٥١٦٧ ] ٣ - عليّ بن موسى بن طاووس في( أمان الأَخطار) وفي( مصباح الزائر) قال: ذكر صاحب كتاب( عوارف المعارف) أنّ النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) كان إذا سافر حمل معه خمسة أشياء: المرآة، والمكحلة، والمذري (١) ، والسواك.

[ ١٥١٦٨ ] ٤ - قال: وفي رواية أُخرى والمقراض.

[ ١٥١٦٩ ] ٥ - وروى ابن طاووس أيضاً أحاديث في استصحاب سورة المائدة والزخرف والجاثية ومحمّد( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) وعبس وثواب استصحابها في السفر والخوف، نقله من كتاب( السعادات) عن الصادق( عليه‌السلام ) .

[ ١٥١٧٠ ] ٦ - ونقل من كتاب( الولاية) لابن عقدة بإسناده عن عبد الله بن بشير، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أنّه بعث إلى علي( عليه‌السلام ) فعممه - إلى أن قال - ورسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) معتمد على قوس له عربيّة، وبصر برجل في آخر القوم وبيده قوس فارسيّة، فقال: ملعون حاملها، عليكم بالقِسِيّ العربيّة، ورماح القنا، فإنّها بها أيّد الله لكم دينكم، ويمكّن لكم في البلاد.

__________________

٣ - أمان الاخطار: ٥٤، ومصباح الزائر: ٧، ٨.

(١) في المصدرين: المدرى، وهو المشط ( الصحاح - درى - ٦: ٢٣٣٥ ).

٤ - أمان الاخطار: ٥٥، ومصباح الزائر: ٧، ٨.

٥ - أمان الاخطار: ٨٩.

٦ - أمان الاخطار: ١٠٣، وأورد صدره في الحديث ١١ من الباب ٣٠ من أبواب الملابس.

٤٢٦

[ ١٥١٧١ ] ٧ - العيّاشي في( تفسيره) عن محمّد بن عيسى، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في قول الله: ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُم مِنْ قُوَّةٍ ) (١) قال: سيف وترس.

[ ١٥١٧٢ ] ٨ - وعن عبد الله بن المغيرة، رفعه قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُم مِنْ قُوَّةٍ ) (٢) قال: الرمي.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٣) .

٤٤ - باب استحباب استصحاب التربة الحسينية في السفر وتقبيلها ووضعها على العينين والدعاء بالمأثور

[ ١٥١٧٣ ] ١ - علي بن موسى بن طاووس في( أمان الأَخطار) وفي( مصباح الزائر) عن الصادق( عليه‌السلام ) أنّه قيل له: تربة قبر الحسين( عليه‌السلام ) شفاء من كل داء، فهل هي أمان من كل خوف؟ فقال: نعم، إذا أراد أحدكم أن يكون آمناً من كل خوف فليأخذ السبحة من تربته، ويدعو بدعاء المبيت على الفراش ثلاث مرات، ثم يقبلها ويضعها على عينيه

__________________

٧ - تفسير العياشي ٢: ٦٦ / ٧٣.

(١) الأنفال ٨: ٦٠.

٨ - تفسير العيّاشي ٢: ٦٦ / ٧٤.

(٢) الأنفال ٨: ٦٠.

(٣) يأتي ما يدلّ على بعض المقصود في الباب ٤٦ من أبواب جهاد العدو، وفي الباب ٧ من أبواب حدّ المحارب.

وتقدّم ما يدلّ عليه في الحديث ٨ من الباب ٨ من أبواب وجوب الحجّ.

الباب ٤٤

فيه حديثان

١ - أمان الأخطار: ٤٧، ولم نعثر عليه في مصباح الزائر.

٤٢٧

ويقول: اللّهم إنّي أسألك بحق هذه التربة، وبحق صاحبها، وبحقّ جدّه وبحقّ أبيه، وبحقّ أُمّه وأخيه، وبحقّ ولده الطاهرين اجعلها شفاء من كلّ داء، وأماناً من كلّ خوف، وحفظاً من كلّ سوء، ثمّ يضعها في جيبه فإن فعل ذلك في الغداة فلا يزال في أمان الله حتى العشاء وإن فعل ذلك في العشاء فلا يزال في أمان الله حتى الغداة.

[ ١٥١٧٤ ] ٢ - قال: وروي أن من خاف سلطاناً أو غيره وخرج من منزله واستعمل ذلك كان حرزاً له.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في الزيارات(١) .

٤٥ - باب استحباب استصحاب الخواتيم العقيق والفيروزج في السفر

[ ١٥١٧٥ ] ١ - علي بن موسى بن طاووس في( أمان الاخطار) عن القاسم بن العلا، عن خادم لعلي بن محمّد( عليهما‌السلام ) قال: استأذنته في الزيارة إلى طوس فقال: يكون معك خاتم فصه عقيق أصفر عليه: ما شاء الله لا قوة إلّا بالله أستغفر الله، وعلى الجانب الآخر: محمّد وعلي، فإنّه أمان من القطع، وأتم للسلامة، وأصون لدينك - إلى أن قال: - ليكن معك خاتم آخر فيروزج، فإنّه يلقاك في طريقك أسد بين طوس ونيسابور فيمنع القافلة من المسير، فتقدم إليه وأره الخاتم وقل له: مولاي يقول لك: تنح عن الطريق، ثم قال: ليكن نقشه، الله الملك، وعلى الجانب الاخر،

__________________

٢ - أمان الأخطار: ٤٧، ومصباح الزائر: ١٠.

(١) يأتي في الباب ٧٠ من أبواب المزار.

الباب ٤٥

فيه حديث واحد

١ - أمان الاخطار: ٤٨.

٤٢٨

الملك لله الواحد القهار، فإنّه خاتم امير المؤمنين( عليه‌السلام ) - إلى أن قال: - وكان فصّه فيروزج، وهو امان من السباع خاصّة، وظفر في الحروب الحديث، فيه إعجازان له( عليه‌السلام ) .

اقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الملابس(١) .

٤٦ - باب استحباب معونة المؤمن المسافر وخدمة الرفيق في السفر

[ ١٥١٧٦ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : من أعان مؤمناً مسافراً فرج الله عنه ثلاثاً وسبعين كربة، وأجاره في الدنيا والاخرة من الغم والهم ونفس كربه العظيم يوم يغص الناس بأنفاسهم.

قال - وفي حديث آخر -: حيث يتشاغل الناس بأنفاسهم(٢) .

ورواه البرقي في( المحاسن) عن محمّد بن سنان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) نحوه(٣) .

ورواه أيضاً عن عبد الرحمن بن حمّاد، عن عبد الله بن إبراهيم، عن أبي عمرو الغفاري، عن جعفر بن إبراهيم الجعفري، عن أبي عبد الله عن آبائه( عليهم‌السلام ) نحوه(٤) .

__________________

(١) تقدم في الأبواب ٥١ و ٥٢ و ٥٣ و ٥٦ من ابواب الملابس.

الباب ٤٦

فيه حديثان

١ - الفقيه ٢: ١٩٢ / ٨٧٥.

(٢) الفقيه ٢: ١٩٢ / ٨٧٦.

(٣) المحاسن: ٣٦٢ / ٩٥.

(٤) المحاسن: ٣٦٢ / ٩٦.

٤٢٩

[ ١٥١٧٧ ] ٢ - وفي( عيون الأَخبار) عن الحسين بن أحمد البيهقي، عن محمّد بن يحيى الصولي، عن محمّد بن زكريا الغلابي، عن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي - وكان مستتراً ستّين سنة عن عمّه، عن جعفر بن محمّد الصادق( عليهما‌السلام ) قال: كان علي بن الحسين( عليه‌السلام ) لا يسافر إلّا مع رفقة لا يعرفونه، ويشترط عليهم أن يكون من خدّام الرفقة فيما يحتاجون إليه، فسافر مرّة مع قوم فرآه رجل فعرفه، فقال لهم: أتدرون من هذا؟ قالوا: لا، قال: هذا علي بن الحسين( عليه‌السلام ) ، فوثبوا إليه فقبّلوا يديه ورجليه، فقالوا: يا بن رسول الله أردت أن تصلينا نار جهنّم لو بدرت إليك منّا يد أو لسان أما كنا قد هلكنا آخر الدهر؟ فما الذي حملك على هذا؟ فقال: إنّي كنت سافرت مرّة مع قوم يعرفونني فأعطوني برسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ما لا استحقّ، فأخاف أن تعطوني مثل ذلك، فصار كتمان أمري أحبّ إليّ.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(١) .

٤٧ - باب انه يستحب أن يخلف الحاج والمعتمرّ بخير في الأَهل والمال

[ ١٥١٧٨ ] ١ - أحمد بن أبي عبد الله البرقي في( المحاسن) عن عمرو بن عثمان، عن علي بن عبد الله، عن خالد القلانسي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال علي بن الحسين( عليه‌السلام ) : من خلف حاجّاً في أهله وماله كان له كأجره حتى كأنّه يستلم الأَحجار.

__________________

٢ - عيون أخبار الرّضا (عليه‌السلام ) ٢: ١٤٥ / ١٣.

(١) يأتي في الباب ٥٢ من هذه الأبواب، وفي الباب ٣٤ من أبواب فعل المعروف.

الباب ٤٧

فيه حديث واحد

١ - المحاسن: ٧٠ / ١٤١.

٤٣٠

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في الجهاد(١) .

٤٨ - باب كراهة التعريس على ظهر الطريق ، والنزول في بطون الاودية ، والاختلاف في ارتياد المنزل

[ ١٥١٧٩ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن السكوني، بإسناده - يعني: عن جعفر بن محمّد -، عن آبائه( عليهم‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إيّاكم والتعريس على ظهر الطريق، وبطون الأَودية فإنّها مدارج السباع، ومأوى الحيّات.

أحمد بن أبي عبد الله البرقي في( المحاسن) عن النوفلي، عن السكوني مثله (٢) .

[ ١٥١٨٠ ] ٢ - وعن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال: قال لي أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : إنّك ستصحب أقواماً فلا تقولنّ انزلوا هاهنا ولا تنزلوا هاهنا، فإنّ فيهم من يكفيك.

[ ١٥١٨١ ] ٣ - وعن بعض أصحابنا، عن علي بن أسباط، عن عمّه

__________________

(١) لاحظ الباب ٣ من أبواب جهاد العدو وما يناسبه، ويأتي في الحديث ١ من الباب ٥٧، وفي الاحاديث ٨، ٩، ١٠، ١٣، ١٩، ٢٢، ٢٤، من الباب ١٢٢ من أبواب أحكام العشرة.

وتقدّم ما يدلّ عليه في الحديث ١ من الباب ٥١ من أبواب الدعاء.

الباب ٤٨

فيه ٥ أحاديث

١ - الفقيه ٢: ١٩٣ / ٨٧٨.

(٢) المحاسن: ٣٦٤ / ١٠٣.

٢ - المحاسن: ٣٦٤ / ١٠٢.

٣ - المحاسن: ٣٦٤ / ١٠٤.

٤٣١

يعقوب، رفعه قال: قال علي( عليه‌السلام ) : قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : لا تنزلوا الأَودية، فإنّها مأوى السباع والحيّات.

[ ١٥١٨٢ ] ٤ - وعن أبيه، عمّن ذكره، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه ( عليهم‌السلام ) ، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يا علي، إذا سافرت فلا تنزلن الأَودية، فإنّها مأوى الحيّات والسباع.

[ ١٥١٨٣ ] ٥ - وعن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن المفضل بن عمرّ قال: سرت مع أبي عبد الله( عليه‌السلام ) إلى مكّة فصرنا إلى بعض الأَودية، فقال: انزلوا في هذه الموضع ولا تدخلوا الوادي، فنزلنا فما لبثنا أن أظلتنا سحابة، وهلّلت علينا حتى سال الوادي فأذى من كان فيه (١) .

٤٩ - باب خصال الفتوة والمروءة واستحباب ملازمتها في السفر والحضر

[ ١٥١٨٤ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين قال: تذاكر الناس عند الصادق( عليه‌السلام ) أمرّ الفتوة فقال: تظنّون انّ الفتوّة بالفسق والفجور إنما الفتوة والمروءة طعام موضوع، ونائل مبذول بشيء معروف (٢) ، وأذى مكفوف،

__________________

٤ - المحاسن: ٣٦٤ / ١٠٥.

٥ - المحاسن: ٣٦٤ / ١٠٦.

(١) فيه إعجاز له (عليه‌السلام ) ( منه. قدّه ).

الباب ٤٩

فيه ١٦ حديثاً

١ - الفقيه ٢: ١٩٢ / ٨٧٧، وأورد قطعة منه في الحديث ٣ من الباب ٤٢ من هذه الأبواب.

(٢) في أمالي الصدوق: واصطناع المعروف ( هامش المخطوط ).

٤٣٢

وأمّا تلك فشطّارة وفسق، ثمّ قال: ما المروّة؟ فقال الناس: لا نعلم، قال: المروءة والله أن يضع الرجل خوانه بفناء داره، والمروءة مروءتان: مروءة في الحضر، ومروءة في السفر، فأمّا التي في الحضر تلاوة القرآن، ولزوم المساجد، والمشي مع الإِخوان في الحوائج، والنعمة ترى على الخادم أنّها تسرّ الصديق، وتكبت العدوّ، وأمّا التي في السفر، فكثرة الزاد وطيبه وبذله لمن كان معك، وكتمانك على القوم أمرهم بعد مفارقتك إيّاهم وكثرة المزاح في غير ما يسخط الله عزّ وجلّ، ثم قال( عليه‌السلام ) : والذي بعث جدي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بالحقّ نبيّاً، إنّ الله عزّ وجلّ ليرزق العبد على قدر المروءة، وإن المعونة تنزل على قدر المؤونة، وإن الصبر ينزل على قدر شدة البلاء.

ورواه في( معاني الأَخبار) عن أبيه، عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن خالد البرقي، عن أبي قتادة القمي، رفعه إلى أبي عبد الله( عليه‌السلام ) مثله إلى قوله: فناء داره(١) .

[ ١٥١٨٥ ] ٢ - قال: وقال الصادق( عليه‌السلام ) : ليس من المروءة أن يحدث الرجل بما يلقى في السفر من خير أو شر.

وفي( المجالس) عن محمّد بن موسى بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن أبي قتادة القمّي، عن عبد الله بن يحيى، عن أبان الأَحمر، عن الصادق، عن آبائه( عليهم‌السلام ) مثل الأَول(٢) .

ورواه الطوسي في( الأمالي) عن أبيه، عن الحسين بن عبيد الله

__________________

(١) معاني الاخبار: ١١٩ / ١.

٢ - الفقيه ٢: ١٨٠ / ٨٠١.

(٢) أمالي الصدوق: ٤٤٣ / ٣.

٤٣٣

الغضائري، عن هارون بن موسى التلعكبري، عن محمّد بن همام، عن علي بن الحسين الهمداني، عن أبي قتادة القمّي قال: كنت عند أبي عبد الله( عليه‌السلام ) وذكر مثله(١) .

[ ١٥١٨٦ ] ٣ - ثم قال: وبهذا الإسناد عن أبي قتادة قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) للمعلّى بن خنيس: عليك بالسخّاء وحسن الخلق، فإنّهما يزينان الرجل كما تزين الواسطة القلادة.

[ ١٥١٨٧ ] ٤ - قال: وبهذا الإِسناد عن أبي قتادة قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) لداود بن سرحان: إن خصال المكارم بعضها مقيّد ببعض يقسّمها الله، حيث تكون في الرجل، ولا تكون في ابنه، وتكون في العبد ولا تكون في سيّده، صدق الحديث وصدق البأس (٢) وإعطاء السائل، والمكافاة على الصنائع، وأداء الأَمانة، وصلة الرحم، والتودد إلى الجار والصاحب، وقري الضيف، ورأسهنّ الحياء.

[ ١٥١٨٨ ] ٥ - وفي كتاب( معاني الأَخبار) أيضاً: عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عبد الرحمن بن العبّاس، عن صبّاح بن خاقان، عن عمرو بن عثمان التميمي قال: خرج أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) على أصحابه وهم يتذاكرون المروءة، فقال: أين أنتم من كتاب الله، قالوا: يا أمير المؤمنين، في أيّ موضع؟ فقال في قوله: ( إِنَّ الله يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ) (٣) فالعدل الإِنصاف، والإِحسان التفضل.

__________________

(١) أمالي الطوسي ١: ٣٠٧.

٣ - أمالي الطوسي ١: ٣٠٨.

٤ - أمالي الطوسي ١: ٣٠٨، وأورد نحوه في الحديث ٤ من الباب ٤ من أبواب جهاد النفس.

(٢) في المصدر: الناس.

٥ - معاني الأخبار: ٢٥٧ / ١.

(٣) النحل ١٦: ٩٠.

٤٣٤

[ ١٥١٨٩ ] ٦ - قال عبد الرحمن ورفعه: سأل معاوية الحسن بن علي( عليهما‌السلام ) عن المروءة؟ فقال: شحّ الرجل على دينه، وإصلاحه ماله، وقيامه بالحقوق (١) .

[ ١٥١٩٠ ] ٧ - وعن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن أيمن بن محرز، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: كان الحسن بن علي( عليه‌السلام ) عند معاوية فقال له: أخبرني عن المروءة؟ فقال: حفظ الرجل دينه، وقيامه في اصلاح ضيعته، وحسن منازعته، وإفشاء السلام، ولين الكلام، والكفّ والتحبب إلى الناس.

[ ١٥١٩١ ] ٨ - وبالإِسناد عن أحمد بن محمد، عن بعض اصحابنا، رفعه إلى سعد بن طريف، عن الأَصبغ بن نباتة، عن الحارث الأَعور قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) للحسن ابنه: يا بني ما المروءة؟ قال: العفاف وإصلاح المال.

[ ١٥١٩٢ ] ٩ - وبالإسناد عن أحمد بن محمّد، عن علي بن حفص، عن رجل (٢) قال: سُئل الحسن( عليه‌السلام ) عن المروءة؟ فقال: العفاف في الدين، وحسن التقدير في المعيشة، والصبر على النائبة.

[ ١٥١٩٣ ] ١٠ - وعنه، عن إسماعيل بن مهران، عن صالح بن سعيد، عن

____________

٦ - معاني الاخبار: ٢٥٧ / ٢.

(١) في المصدر زيادة: فقال معاوية: أحسنت يا أبا محمد، أحسنت يا أبا محمد، قال: فكان معاوية يقول بعد ذلك: وددت أنّ يزيد قالها، وإنه كان أعور.

٧ - معاني الاخبار: ٢٥٧ / ٣.

٨ - معاني الاخبار: ٢٥٧ / ٤.

٩ - معاني الاخبار: ٢٥٨ / ٥.

(٢) في المصدر زيادة: من الكوفيين من أصحابنا يقال له: إبراهيم.

١٠ - معاني الاخبار: ٢٥٨ / ٦.

٤٣٥

أبان بن تغلب، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): المروءة استصلاح المال.

[ ١٥١٩٤ ] ١١ - وعنه، عن محمّد بن عيسى، عن عبد الله بن عمر بن حمّاد الأَنصاري، رفعه قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : تعاهد الرجل ضيعته من المروءة.

[ ١٥١٩٥ ] ١٢ - وعنه، عن الهيثم بن عبد الله النهدي، عن أبيه، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: المروءة مروءتان: مروءة في السفر، ومروءة في الحضر، فأمّا مروءة الحضر، فتلاوة القرآن، وحضور المساجد، وصحبة أهل الخير، والنضر في الفقه، وأمّا مروءة السفر، فبذل الزاد، والمزاح في غير ما يسخط الله عزّ وجلّ، وقلّة الخلاف على من صحبك، وترك الرواية عليهم إذا أنت فارقتهم.

[ ١٥١٩٦ ] ١٣ - وعن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن خالد البرقي، عن أبي قتادة القمّي، رفعه إلى أبي عبد الله( عليه‌السلام ) أنّه قال: ما المروءة؟ فقلنا: لا نعلم، فقال: المروءة أن يضع الرجل خوانه بفناء داره، والمروءة مروءتان، وذكر نحو الحديث الذي تقدّم.

[ ١٥١٩٧ ] ١٤ - وفي( عيون الأَخبار) بأسانيد تقدّمت في إسباغ الوضوء (١) عن الرضا، عن آبائه( عليهم‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : ستّة من المروّءة، ثلاثة منها في الحضر، وثلاثة منها في

__________________

١١ - معاني الأخبار: ٢٥٨ / ٧.

١٢ - معاني الأخبار: ٢٥٨ / ٨.

١٣ - معاني الأخبار: ٢٥٨ / ٩.

١٤ - عيون أخبار الرّضا (عليه‌السلام ) ٢: ٢٧ / ١٣.

(١) تقدمت في الحديث ٤ من الباب ٥٤ من أبواب الوضوء.

٤٣٦

السفر، فأمّا التي في الحضر، فتلاوة كتاب الله، وعمّارة مساجد الله واتخاذ الإِخوان في الله، وأمّا التي في السفر فبذل الزاد، وحسن الخلق، والمزاح في غير المعاصي.

وفي( الخصال) بالإِسناد مثله (١) .

[ ١٥١٩٨ ] ١٥ - وعن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) لمحمّد بن الحنفية: واعلم أنّ مروءة المرء المسلم مروءتان: مروءة في حضر، ومروءة في سفر، فأمّا مروءة الحضر، فقراءة القرآن، ومجالسة العلماء، والنظر في الفقه والمحافظة على الصلوات في الجماعات، وأمّا مروءة السفر، فبذل الزاد، وقلّة الخلاف على من صحبك، وكثرة ذكر الله في كلّ مصعد ومهبط ونزول وقيام وقعود.

[ ١٥١٩٩ ] ١٦ - أحمد بن أبي عبد الله البرقي في( المحاسن) عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن حفص بن غياث (٢) قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: ليس من المروءة أن يحدّث الرجل بما يلقى في سفره من خير أو شرّ.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٣) .

__________________

(١) الخصال: ٣٢٤ / ١١.

١٥ - الخصال: ٥٤ / ٧١.

١٦ - المحاسن: ٣٥٨ / ٧٠، وأورده في الحديث ٦ من الباب ٢ من أبواب أحكام العشرة.

(٢) في نسخة: جعفر بن غياث ( هامش المخطوط ).

(٣) يأتي في الأبواب ٥٢، ٦٤، ٦٧ من هذه الأبواب.

٤٣٧

٥٠ - باب استحباب الاستعاذة والدعاء بالمأثور عند خوف السبع

[ ١٥٢٠٠ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : من نزل منزلاً يتخوّف فيه السبع فقال: أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كلّ شيء قدير، اللّهمّ إنّي أعوذ بك من شّر كلّ سبع، إلّا آمن من شر ذلك السبع حتى يرحل من ذلك المنزل إن شاء الله.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن موسى بن القاسم، عن محمّد بن أبي عمير، عن الحسن بن عطيّة، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) (١) .

٥١ - باب استحباب النسل (*) في المشي

[ ١٥٢٠١ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن منذر بن جيفر، عن يحيى بن طلحة النهدي قال: قال لنا أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : سيروا وانسلوا فإنّه أخفّ عليكم.

[ ١٥٢٠٢ ] ٢ - قال: وروي أنّ قوماً مشاة أدركهم النبي( صلى الله عليه وآله

__________________

الباب ٥٠

فيه حديث واحد

١ - الفقيه ٢: ١٩٣ / ٨٧٩.

(١) المحاسن: ٣٦٧ / ١١٧.

وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الباب ٢٣ من هذه الأبواب.

الباب ٥١

فيه ٧ أحاديث

(*) النسل: الإِسراع في المشي ( الصحاح - نسل - ٥: ١٨٣٠ ).

١ - الفقيه ٢: ١٩٣ / ٨٨٠، والمحاسن: ٣٧٧ / ١٥١.

٢ - الفقيه ٢: ١٩٣ / ٨٨١.

٤٣٨

وسلم) فشكوا إليه شدّة المشي فقال لهم: استعينوا بالنسل.

أحمد بن أبي عبد الله البرقي في( المحاسن) عن جعفر بن محمد، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) مثله(١) .

وعن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن منذر بن جيفر، وذكر الذي قبله.

[ ١٥٢٠٣ ] ٣ - وعن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: جاءت المشاة إلى النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فشكوا إليه الإِعياء فقال: عليكم بالنسلان، ففعلوا فذهب عنهم الإِعياء، فكأنّما نشطوا من عقال.

[ ١٥٢٠٤ ] ٤ - وعنه، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) مثله، إلّا أنّه قال: عليكم بالنسلان فإنّه يذهب بالإِعياء ويقطع الطريق.

[ ١٥٢٠٥ ] ٥ - وعن ابن فضّال، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) عن أبيه، أنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) رأى قوماً قد اجهدهم المشي، فقال: خببوا (٢) انسلوا، ففعلوا فذهب عنهم الإِعياء.

[ ١٥٢٠٦ ] ٦ - وعن محمّد بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن إبراهيم بن أبي يحيى المديني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: راح

__________________

(١) المحاسن: ٣٧٧ / ١٥٠.

٣ - المحاسن: ٣٧٧ / ١٥٣.

٤ - المحاسن: ٣٧٧ / ذيل الحديث ١٥٣.

٥ - المحاسن: ٣٧٧ / ١٥٢.

(٢) الخبب نوع من العدو، وهو خطوات واسعة دون الركض. ( المصباح المنير ١: ١٦٢ ).

٦ - المحاسن: ٣٧٨ / ١٥٤.

٤٣٩

النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) من كراع الغميم فصفّ له المشاة وقالوا نتعرض لدعوته، فقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): اللهمّ أعطهم أجرهم وقوّهم، ثمّ قال: لو استعنتم بالنسلان لخفّف أجسامكم، وقطعتم الطريق، ففعلوا فخفّ أجسامهم.

[ ١٥٢٠٧ ] ٧ - وعن الحجّال، عن أبي إسحاق المكّي قال، تعرضت المشاة للنبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) بكراع الغميم(١) ليدعو لهم، فدعا لهم وقال خيراً، ثمّ قال: عليكم بالنسلان والبكور وشيء من الدلج فإنّ الأَرض تطوى بالليل.

أقول: ويأتي في حديث سرعة المشي يذهب ببهاء المؤمن، فهو محمول على زيادة السرعة، لأَنّ أقل مراتبها لا يذهب بالبهاء أو يخصّ بغير السفر، أو بغير الإِعياء (٢) .

٥٢ - باب جملة مما يستحب للمسافر استعماله من الاداب

[ ١٥٢٠٨ و ١٥٢٠٩ ] ١ و ٢ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن سليمان بن داود المنقري، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال لقمان لابنه: إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في

__________________

٧ - المحاسن: ٣٧٨ / ١٥٥.

(١) كراع الغميم: موضع في الحجّاز بين مكّة والمدينة، وهو واد أمام عسفان بثمانية أميال ( معجم البلدان ٤: ٤٤٣ ).

(٢) يأتي في الحديث ١ من الباب ٦٣ من هذه الأبواب.

وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الحديث ١ من الباب ١١ من أبواب وجوب الحجّ.

الباب ٥٢

فيه حديثان

١ و ٢ - الفقيه ٢: ١٩٤ / ٨٨٤، وأورد صدره في الحديث ١ من الباب ٤ من أبواب أحكام الخلوة، وقطعة منه في الحديث ٩ من الباب ١٠ من هذه الأبواب.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562