مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة الجزء ٣

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة0%

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 307

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمد جواد الطبسي
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الصفحات: 307
المشاهدات: 114775
تحميل: 3614

توضيحات:

الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 307 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 114775 / تحميل: 3614
الحجم الحجم الحجم
مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة الجزء 3

مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

سلّم على الحسين وقال له: واللّه ما أخرجني من الكوفة إلّا ما أخرج هذا من كراهة قتالك أو القتال معك! ولكنّ اللّه قذف في قلبي نصرتك! وشجّعني على المسير معك!

فقال له الحسين: فاخرج معنا راشداً محفوظاً.».(١)

ونقول: إنّ هذا التردّد الذي اعترى قلب هذا الصحابيّ الجليل القدررضي‌الله‌عنه - كما تصف رواية البلاذري- لايتلائم مع ما رواه جماعة من أهل السير عن هذا الصحابيّ الكبيررضي‌الله‌عنه أنه قال: «سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول:

إنّ ابني هذا- يعني الحسين- يُقتل بأرض يُقال لها كربلاء، فمن شهد ذلك منكم فلينصره!

قال: فخرج أنس بن الحارث إلى كربلاء فقُتل مع الحسين!».(٢)

كما لايتلائم ما ذكره البلاذري من أنّ مكان لقائه بالإمامعليه‌السلام في قصر بني مقاتل مع ما يوحيه ظاهر رواية ابن عساكر، وما ذكره ابن حجر العسقلاني(٣) من أنه خرج إلى كربلاء فقُتل مع الحسين!

وفي إبصار العين أنه «كان جاء الى الحسينعليه‌السلام عند نزوله كربلاء، والتقى معه ليلًا فيمن أدركته السعادة!».(٤)

وهذا الصحابي الجليل هو: «أنس بن الحرث بن نبيه بن كاهل بن عمرو بن صعب بن أسد بن خزيمة، الأسدي الكاهلي، كان صحابياً كبيراً ممّن رأى

____________________

(١) أنساب الأشراف، ٣: ٣٨٤.

(٢) تاريخ ابن عساكر / ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام / المحمودي، ٣٤٧ – ٣٤٩، رقم ٢٨٣ وانظر أُسد الغابة، ١: ١٢٣؛ والإصابة، ١: ٦٨، وراجع: ذخائر العقبى: ١٤٦.

(٣) راجع: الإصابة، ١: ٦٨، رقم ٢٦٦.

(٤) راجع: إبصار العين: ٩٩ - ١٠٠.

٢٨١

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وسمع حديثه روى أهل السير: أنّه لما جاءت نوبته استأذن الحسينعليه‌السلام في القتال فأذن له- وكان شيخاً كبيراً- فبرز وهو يقول:

قد علمتْ كاهلها ودودان

والخندفيون وقيس عيلان

بأنّ قومي آفة للأقران».(١)

وقد ذكر الشيخ باقر شريف القرشي أن الصحابي الجليل أنس بن الحارث الكاهليرضي‌الله‌عنه قد لازم الإمام الحسينعليه‌السلام وصحبه من مكّة.(٢) ولعل الشيخ القرشي عثر على وثيقة تأريخية تقول بذلك- أو لعل هذا من سهو قلمه الشريف- لأن الذي عليه أهل السير أن أنس بن الحارث الكاهليرضي‌الله‌عنه قد التحق بالإمامعليه‌السلام بعد خروجه من مكّة (في العراق)(٣) أو عند نزوله كربلاء.

لقاء الإمامعليه‌السلام مع الرجلين المشرقيين

روى الشيخ الصدوق (ره) بسنده عن عمرو بن قيس المشرقيّ قال: «دخلت على الحسينعليه‌السلام أنا وابن عمٍّ لي، وهو في قصر بني مقاتل، فسلّمنا عليه، فقال له ابن عمّي: يا أباعبداللّه، هذا الذي أرى خضابٌ أو شَعرُك؟

فقال: خضاب! والشيب إلينا بني هاشم يعجل!

ثمّ أقبل علينا فقال: جئتما لنصرتي؟

فقلت: إنّي رجل كثير العيال، وفي يدي بضائع للناس، ولا أدري ما يكون، وأكره أنْ أُضيع أمانتي!

____________________

(١) راجع: إبصار العين: ٩٩ - ١٠٠.

(٢) راجع: حياة الإمام الحسين بن عليّعليهما‌السلام : ١: ١٠١ و٣: ٢٣٤.

(٣) راجع: إبصار العين: ٩٩.

٢٨٢

وقال له ابن عمّي مثل ذلك!

قال لنا: فانطلقا فلاتسمعا لي واعية ولاتريا لي سواداً! فإنّه من سمع واعيتنا أو رأى سوادنا فلم يجبنا ولم يُغثنا كان حقّاً على اللّه عزّ وجلّ أن يُكبّه على منخريه في النار!».(١)

إشارة:

لو كان هذان المشرقيّان صادقين فيما اعتذرا به! أو كانا صادقين في رغبتهما في الإلتحاق بالإمامعليه‌السلام ! لكان بإمكانهما على الأقلّ- وهما إبنا عمّ- أن يختارا أحدهما للإلتحاق بالإمامعليه‌السلام لنصرته، والآخر منهما للبقاء وأداء الأمانات إلى أهلها!

لكنّه الوهن (حبّ الدنيا وكراهية الموت) والشلل النفسي المتفشّي في هذه الأمّة، له ذرائع ومعاذير لاتنتهي!

إنّ سؤالهما عن الخضاب! كاشف عن انحطاط اهتمامهما، فبدلًا من أنْ يسألا الإمامعليه‌السلام عن نهضته ومسارها ومصيرها وكلّ ما يرتبط بها! كان سؤال أحدهما:

«يا أبا عبداللّه، هذا خضابٌ أم شعرك؟»!

ثم ها هو الإمامعليه‌السلام يشملهما برحمته ورأفته الغامرة، فيحذّرهما من أن يكونا ممن يستمع واعيته فلايجيبه، ويرى له سواداً فلا يُغيثه وينصره! فيكون حقّاً على اللّه أن يُكبّه على منخريه في النار!

ما أعظمك وأرحمك يا مولانا يا أباعبداللّه الحسين!!

رؤيا المنايا أيضاً بين قصر بني مقاتل ونينوى!

روى الطبري، عن أبي مخنف، عن عبدالرحمن بن جندب، عن عقبة بن

____________________

(١) ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: ٢٣٢؛ وعنه نفس المهموم: ٢٠٢.

٢٨٣

سمعان قال: «لما كان في آخر الليل أمر الحسين بالإستقاء من الماء، ثمّ أمرنا بالرحيل ففعلنا فلما ارتحلنا من قصر بني مقاتل وسرنا ساعة خفق الحسين برأسه خفقة، ثمّ انتبه وهو يقول: إنّا للّه وإنا إليه راجعون، والحمد للّه ربّ العالمين ففعل ذلك مرتين أو ثلاثاً! فأقبل إليه ابنه عليّ بن الحسين على فرس له فقال: إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، والحمدُ للّه ربّ العالمين! يا أبتِ، جُعلت فداك، مِمَّ حمدت اللّه واسترجعت؟

قال: يا بُنيَّ إنّي خفقتِ برأسي خفقة، فعنَّ لي فارس على فرس فقال: القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم! فعلمتُ أنّها أنفسنا نُعيت إلينا!

قال له: يا أبتِ لا أراك اللّه سوءاً، ألسنا على الحقّ؟

قال: بلى والذي إليه مرجع العباد!

قال: يا أبتِ، إذاً لانبالي نموتُ محقّين!

فقال له: جزاك اللّه من ولدٍ خير ما جزى ولداً عن والده.».(١)

١٧)- نينوى:

«وبسواد الكوفة ناحية يُقال لها نينوى، منها كربلاء التي قُتل بها الحسينرضي‌الله‌عنه »(٢) و «نينوى: تقع شرق كربلاء وهي الموضع المعروف بباب طويريج شرقي كربلاء ..».(٣)

____________________

(١) تأريخ الطبري، ٣: ٣٠٩؛ والإرشاد: ٢٠٩؛ وسير أعلام النبلاء، ٣: ٢٩٨؛ وانظر: مقاتل الطالبيين: ٧٤؛ وأنساب الأشراف، ٣: ٣٨٤.

(٢) راجع: معجم البلدان، ٥: ٣٣٩.

(٣) راجع: خطب الإمام الحسينعليه‌السلام ، ١: ١٣٣.

٢٨٤

كان الإمام الحسينعليه‌السلام قد ارتحل بالركب الحسيني من منطقة قصر بني مقاتل آخر الليل، «فلما أصبح نزل فصلّى الغداة، ثمّ عجّل الركوب، فأخذ يتياسر بأصحابه يُريد أن يفرّقهم! فيأتيه الحرُّ بن يزيد فيردّهم فيردّه! فجعل إذا ردّهم إلى الكوفة ردّاً شديداً امتنعوا عليه فارتفعوا! فلم يزالوا يتسايرون حتّى انتهوا إلى نينوى المكان الذي نزل به الحسين.

قال فإذا راكبٌ على نجيب له وعليه السلاح متنكّب قوساً مُقبلٌ من الكوفة! فوقفوا جميعاً ينتظرونه، فلما انتهى إليهم سلّم على الحرّ بن يزيد وأصحابه، ولم يُسلّم على الحسينعليه‌السلام وأصحابه! فدفع إلى الحرّ كتاباً من عبيداللّه بن زياد فإذا فيه: أمّا بعدُ، فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابي ويقدم عليك رسولي، فلا تُنزله إلّا بالعراء! في غير حصنٍ وعلى غير ماء! وقد أمرت رسولي أن يلزمك ولايفارقك حتّى يأتيني بإنفاذك أمري، والسلام.

قال فلما قرأ الكتاب قال لهم الحرّ: هذا كتاب الأمير عبيداللّه بن زياد يأمرني فيه أن أجعجع بكم في المكان الذي يأتيني فيه كتابه، وهذا رسوله وقد أمره أن لايفارقني حتّى أُنفذ رأيه وأمره!

فنظر إلى رسول عبيداللّه يزيدُ بن زياد بن المهاصر- أبوالشعثاء الكندي ثمّ النهدي(١) - فعنَّ له، فقال: أمالك بن النسر البَدّي!؟

____________________

(١) يزيد بن زياد بن مهاصر، أبو الشعثاء الكندي البهدلي (في رواية الطبري: الهندي). كان رضوان الله تعالى عليه رجلاً شريفاً شجاعاً، خرج إلى الحسينعليه‌السلام من الكوفة قبل أن يتّصل به الحرّ.

وروى أبو مخنف: أنّ أبا الشعثاء قاتل فارساً، فلمّا عقرت فرسه جثا على ركبتيه بين يدي الحسين فرمى بمائة سهم، ما سقط منها إلاّ خمسة أسهم، وكان رامياً وكان كلّما رمى قال:

أنا ابن بهدله

فرسان العَرجله

=

٢٨٥

قال: نعم. وكان أحدُ كندة.

فقال له يزيد بن زياد: ثكلتك أمُّك، ماذا جئت فيه!؟

قال: وما جئتُ فيه!؟ أطعتُ إمامي ووفيت ببيعتي!

فقال له أبوالشعثاء: عصيتَ ربّك وأطعتَ إمامك في هلاك نفسك! كسبت العار والنار! قال اللّه عزّ وجلّ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ ) (١)

فهو إمامك!

قال وأخذ الحرُّ بن يزيد القوم بالنزول في ذلك المكان على غير ماء ولافي قرية! فقالوا: دعنا ننزل في هذه القرية يعنون نينوى، أو هذه القرية يعنون الغاضرية،(٢) أو هذه الأخرى يعنون الشفيّة!(٣)

فقال: لا واللّه ما استطيع ذلك! هذا رجلٌ قد بُعث إليَّ عيناً!

فقال له زهير بن القين: يا ابن رسول اللّه! إنّ قتال هؤلاء أهون من قتال من يأتينا من بعدهم، فلعمري ليأتينا مِن بعد من ترى مالا قِبَل لنا به!

____________________

= فيقول الحسينعليه‌السلام : «أللّهمّ سدّد رميته، واجعل ثوابه الجنّة» فلمّا نفدت سهامه قام فقال: ما سقط منها إلّا خمسة أسهم، ثمّ حمل على القوم بسيفه وقال:

أنا يزيد وأبي مهاصر

كأنني ليث بغيل خادر

يا ربّ إنّي للحسين ناصر

ولابن سعد تاركٌ وهاجر

فلم يزل يقاتل حتّى قُتل رضوان الله عليه. (راجع: إبصار العين: ١٧١ - ١٧٢).

(١) سورة القصص: الآية ٤١.

(٢) الغاضرية: قرية منسوبة إلى غاضرة من بني أسد، وهي تقع على بعد كيلومتر تقريباً شمال كربلاء. (خطب الإمام الحسينعليه‌السلام ، ١: ١٣٤).

(٣) شُفَيّة: قرية عند كربلاء أيضاً (إبصار العين: ١٦٨)، وهي بئر لبني أسد. (خطب الإمام الحسينعليه‌السلام ، ١: ١٣٤)

٢٨٦

فقال له الحسينعليه‌السلام : ما كنت لأبدأهم بالقتال.

فقال له زهير بن القين: سِرْ بنا إلى هذه القرية حتّى تنزلها فإنها حصينة، وهي على شاطيء الفرات، فإن منعونا قاتلناهم، فقتالهم أهون علينا من قتال مَن يجيء من بعدهم!

فقال له الحسين: وأيّة قرية هي؟

قال: هي العَقْر!(١)

فقال الحسين: أللّهمّ إنّي أعوذ بك من العقر!

ثُمَّ نزل، وذلك يوم الخميس وهو اليوم الثاني من المحرم سنة ٦١».(٢)

وفي رواية الدينوري: «.. فقال له زهير: فها هنا قرية بالقرب منّا على شطّ الفرات، وهي في عاقول(٣) حصينة، الفرات يحدق بها إلّا من وجه واحد!

قال الحسين: وما اسم تلك القرية؟

قال: العقر

قال الحسين: نعوذ باللّه من العقر!

فقال الحسين للحرّ: سِرْ بنا قليلًا، ثمّ ننزل!

____________________

(١) العقر: «.. والعقر عدّة مواضع، منها: عَقْرُ بابل قرب كربلاء من الكوفة ...» (راجع: معجم البلدان، ٤: ١٣٦).

(٢) تأريخ الطبري، ٣: ٣٠٩؛ والإرشاد: ٢٠٩ بتفاوت يسير، وانظر: أنساب الأشراف، ٣: ٣٨٤ – ٣٨٥ ومثير الأحزان: ٤٨.

(٣) عاقول الوادي ما اعوجّ منه، والأرض العاقول التي لايُهتدى إليها. (راجع: لسان العرب، ١١: ٤٦٣).

٢٨٧

فسار معه حتّى أتوا كربلاء! فوقف الحرّ وأصحابه أمام الحسين ومنعوهم من المسير، وقال: إنزل بهذا المكان، فالفرات منك قريب!

قال الحسين: وما اسم هذا المكان؟

قالوا له: كربلاء!

قالعليه‌السلام : ذات كرب وبلاء! ولقد مرَّ أبي بهذا المكان عند مسيره إلى صفّين وأنا معه، فوقف فسأل عنه، فأُخبر باسمه، فقال: هاهنا محطّ ركابهم، وها هنا مهراق دمائهم! فَسُئل عن ذلك، فقال: ثقل لآل بيت محمّد، ينزلون هاهنا!

ثمّ أمر الحسين بأثقاله، فحُطَّت بذلك المكان يوم الأربعاء، غُرّة المحرّم من سنة إحدى وستين.».(١)

وفي رواية السيّد ابن طاووس (ره): «ثُمَّ إنّ الحسينعليه‌السلام قام وركب وسار، وكلّما أراد المسير يمنعونه تارة ويسايرونه أخرى، حتى بلغ كربلاء، وكان ذلك في اليوم الثاني، من المحرّم، فلما وصلها قال: ما اسم هذه الأرض؟ فقيل: كربلا.

فقالعليه‌السلام : أللّهم إنّي أعوذ بك من الكرب والبلاء! ثم قال: هذا موضع كرب وبلاء! إنزلوا، هاهنا محطّ رحالنا، ومسفك دمائنا، وهنا محلّ قبورنا! بهذا حدّثني جدّي رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ! فنزلوا جميعا.».(٢)

وفي تذكرة الخواص: «فلما قيل للحسين: هذه أرض كربلا. شمّها وقال: هذه واللّه هي الأرض التي أخبر بها جبرائيل رسول اللّه وأنني أُقتلُ فيها!».(٣)

____________________

(١) الأخبار الطوال: ٢٥٢ – ٢٥٣.

(٢) اللهوف: ٣٥.

(٣) تذكرة الخواص: ٢٢٥.

٢٨٨

وفي المقتل المنسوب إلى أبي مخنف: «وساروا جميعاً إلى أن أتوا أرض كربلاء وذلك يوم الأربعاء، فوقف فرس الحسينعليه‌السلام ، فنزل عنها وركب أخرى فلم تنبعث خطوة واحدة! ولم يزل يركب فرساً بعد فرس حتّى ركب سبعة أفراس وهنّ على هذه الحال! فلما رأى ذلك قال: يا قوم ما اسم هذه الأرض؟

قالوا: أرض الغاضرية.

قال: فهل لها إسم غير هذا؟

قالوا: تُسمّى نينوى.

قال: أَهَلْ لها إسم غير هذا؟

قالوا: شاطىء الفرات.

قال: أَهلْ لها إسم غير هذا؟

قالوا: تسمّى كربلاء.

فعند ذلك تنفّس الصعداء! وقال: أرض كربٍ وبلاء! ثمّ قال:

إنزلوا، هاهنا مناخ ركابنا، هاهنا تُسفك دماؤنا، هاهنا واللّه تُهتك حريمنا، هاهنا واللّه تُقتل رجالنا، هاهنا واللّه تذبح أطفالنا، هاهنا واللّه تُزار قبورنا، وبهذه التربة وعدني جدّي رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولاخلف لقوله. ثمّ نزل عن فرسه ...».(١)

أسماء بقيّة الأنصار الملتحقين بالإمامعليه‌السلام أثناء الطريق

كُنّا قد تعرّضنا خلال البحث إلى ذكر مجموعة من أنصار الإمام الحسينعليه‌السلام الذين مرَّ لهم ذكر في بعض وقائع الطريق من مكّة إلى كربلاء، وترجمنا لكلّ منهم في موقعه المناسب من سياق البحث، كزهير بن القينرضي‌الله‌عنه ، وبرير بن

____________________

(١) مقتل الحسينعليه‌السلام ، لأبي مخنف: ٧٥ – ٧٦.

٢٨٩

خضيررضي‌الله‌عنه ، ونافع بن هلال الجمليرضي‌الله‌عنه ، وعمرو بن خالد الصيداويرضي‌الله‌عنه ، ومجمع بن عبداللّه العائذيرضي‌الله‌عنه وآخرين غيرهم.

غير أنّ هناك عدداً آخر من أنصارهعليه‌السلام كانوا قد التحقوا به أيضاً أثناء الطريق، منهم من لم نأتِ على ذكره في موقع إلتحاقه لأنّه لم يكن له شأن يُذكر في جريان سياق أحداث الطريق، ومنهم من لم تحدّد كتب التواريخ أو التراجم مكان إلتحاقه، وقد آثرنا أن نجمع أسماء هؤلاء الأبرار رضوان اللّه تعالى عليهم في قائمة واحدة، نبدأها بالذين حُددّت مواقع التحاقهم، ثُمَّ نتبعهم الآخرينرضي‌الله‌عنه :

سلمان بن مضارب البجليرضي‌الله‌عنه

ذكره المحقّق السماوي (ره) قائلًا: «كان سلمان ابن عمّ زهير لحاً، فإن القين أخو مضارب، وأبوهما قيس، وكان سلمان حجّ مع ابن عمّه سنة ستين، ولما مال في الطريق مع الحسينعليه‌السلام وحمل ثقله إليه مال معه في مضربه.

قال صاحب الحدائق: إنّ سلمان قُتل فيمن قتل بعد صلاة الظهر، فكأنّه قُتل قبل زهير.».(١)

وقال السيّد الخوئي (ره): «سلمان بن مضارب: ابن قيس، ابن عمّ زهير بن القين، عدّه بعضهم من المستشهدين مع زهير بن القين يوم الطفّ.».(٢)

وقال النمازي (ره): «سلمان بن مضارب بن قيس، ابن عمّ زهير بن القين، من أصحاب مولانا الحسين صلوات اللّه عليه المستشهدين بالطفّ، كان مع زهير، فلما عدل زهير إلى الحسينعليه‌السلام عدل معه، وقُتل يوم عاشوراء رضوان اللّه تعالى

____________________

(١) إبصار العين: ١٦٩.

(٢) معجم رجال الحديث: ٨: ١٨٥، رقم ٥٣٣٣.

٢٩٠

عليه، كما ذكره العلّامة المامقاني في رجاله، وكذا ذكره في عطيّة الذرّة.».(١)

وبهذا يتضح عدم صحة قول الدينوري(٢) أنّه لم يعدل مع زهير أحد من أصحابه أو لم يُقم معه.

وهب بن وهب (ابن الحبّاب الكلبي)

روى الشيخ الصدوق (ره) في أماليه يصف وقائع حرب يوم عاشوراء وتتابع أصحاب الإمام الحسينعليه‌السلام في الخروج إلى البراز قائلًا: «وبرز من بعده(٣) وهب بن وهب، وكان نصرانيّاً أسلم على يد الحسينعليه‌السلام هو وأمّه، فاتّبعوه إلى كربلاء، فركب فرساً وتناول بيده عود الفسطاط (عمود الفسطاط)، فقاتل وقتل من القوم سبعة أو ثمانية، ثم استوسر فأُتي به عمر بن سعد لعنه اللّه، فأمر بضرب عنقه، ورمى به إلى عسكر الحسينعليه‌السلام ، وأخذت أمّه سيفه وبرزت! فقال لها الحسينعليه‌السلام : يا أمّ وهب، إجلسي فقد وضع اللّه الجهاد عن النساء، إنّك وابنك مع جدّي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله في الجنّة.».(٤)

ويبدو أنّ العلّامة المجلسي (ره) يرى أنّ وهب هذا هو نفسه: وهب بن عبداللّه بن حباب الكلبي، لنقرأ هذه الفقرة من مقتل البحار:

«ثُمّ برز من بعده(٥) وهب بن عبداللّه بن حباب الكلبي، وقد كانت معه أمّه يومئذ.

____________________

(١) مستدركات علم رجال الحديث: ٤: ١٠٥، رقم ٦٤١٨.

(٢) راجع: الأخبار الطوال: ٢٤٧.

(٣) أي: من بعد يزيد بن زياد بن مهاصر – أبي الشعثاء الكنديرضي‌الله‌عنه -.

(٤) أمالي الصدوق: ١٣٧، المجلس ٣٠، حديث رقم ١.

(٥) أي: من بعد برير بن خضير الهمدانيرضي‌الله‌عنه .

٢٩١

فقالت: قم يا بُنيّ فانصر ابن بنت رسول اللّه!

فقال: أفعل يا أُمّاه ولا أقصّر!

فبرز وهو يقول:

إنْ تنكروني فأنا ابن الكلب

سوف تروني وترون ضربي

وحملتي وصولتي في الحرب

أدرك ثأري بعد ثأر صحبي

وأدفع الكرب أمام الكربِ

ليس جهادي في الوغى باللعبِ

ثمّ حمل فلم يزل يقاتل حتّى قتل منهم جماعة، فرجع إلى أمّه وأمرأته، فوقف عليهما فقال: يا أمّاه أرضيتِ؟

فقالت: ما رضيتُ أو تقتل بين يدي الحسينعليه‌السلام !

فقالت إمرأته: باللّه لاتفجعني في نفسك!

فقالت أمّه: يا بُنيّ لاتقبل قولها، وارجع فقاتل بين يدي ابن رسول اللّه فيكون غداً في القيامة شفيعاً لك بين يدي اللّه.

فرجع قائلًا:

إنّي زعيمٌ لك أُمَّ وَهْبِ

بالطعن فيهم تارة والضربِ

ضرب غلام مؤمنٍ بالربّ

حتّى يُذيق القوم مُرَّ الحربِ

إنّي امرؤٌ ذو مرَّة وعصبِ

ولستُ بالخوّار عند النكب

حسبي إلهي من عليم حسبي

فلم يزل يقاتل حتّى قتل تسعة عشر فارساً وإثني عشر راجلًا! ثمّ قُطعت يداه، فأخذت امرأته عموداً وأقبلت نحوه وهي تقول: فداك أبي وأمّي! قاتل دون الطيّبين حرم رسول اللّه. فأقبل كي يردّها إلى النساء فأخذت بجانب ثوبه وقالت:

لن أعود أو أموت معك! فقال الحسينعليه‌السلام : جزيتم من أهل بيت خيراً! إرجعي إلى النساء رحمك اللّه.

٢٩٢

فانصرفت، وجعل يُقاتل حتّى قُتل رضوان اللّه عليه، قال فذهبت امرأته تمسح الدّم عن وجهه، فبصر بها شمر، فأمر غلاماً له فضربها بعمودٍ كان معه، فشدخها وقتلها، وهي أوّل امرأة قتلت في عسكر الحسين.

ورأيت حديثاً أنّ وهب هذا كان نصرانيّاً، فأسلم هو وأمّه على يدي الحسين، فقتل في المبارزة أربعة وعشرين راجلًا وإثني عشر فارسااً، ثمّ أُخذ أسيراً، فأُتي به عمر بن سعد فقال: ما أشدّ صولتك!؟ ثمّ أمر فضربت عنقه، ورمي برأسه إلى عسكر الحسينعليه‌السلام ، فأخذت أمّه الرأس فقبّلته، ثمّ رمت بالرأس إلى عسكر ابن سعد، فأصابت به رجلًا فقتلته! ثمّ شدّت بعمود الفسطاط، فقتلت رجلين! فقال لها الحسينعليه‌السلام : إرجعي يا أمّ وهب، أنت وابنك مع رسول اللّه فإنّ الجهاد مرفوع عن النساء. فرجعت وهي تقول: إلهي لاتقطع رجائي! فقال لها الحسينعليه‌السلام : لايقطع اللّه رجاكِ يا أمّ وهب.».(١)

ونقل السيّد إبراهيم الزنجاني يقول: «وقيل إنّ وهب كان عمره خمساً وعشرين سنة، وإسم زوجته هانية، وكان لها سبعة عشر يوماً منذ عرسه، وله عشرة أيّام منذ دخل في دين الإسلام على يدي الحسينعليه‌السلام من المنزل الثامن: الثعلبية في طريق كربلاء ..».(٢)

نعيم بن العجلان الأنصاري الخزرجيرضي‌الله‌عنه

قال المحقّق السماوي (ره): «كان النضر والنعمان ونعيم إخوة، من أصحاب أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، ولهم في صفّين»

مواقف فيها ذكر وسمعة، وكانوا شجعاء

____________________

(١) البحار: ٤٥: ١٦ - ١٧.

(٢) وسيلة الدارين في أنصار الحسين: ٢٠٢.

(٣) وقعة صفّين: ٣٨٠ و ٥٠٧.

٢٩٣

شعراء، مات النضر والنعمان، وبقي نعيم في الكوفة، فلما ورد الحسينعليه‌السلام إلى العراق خرج إليه وصار معه، فلما كان اليوم العاشر تقدّم إلى القتال، فقُتل في الحملة الأولى.».(١)

وقد وردعليه‌السلام في زيارة الناحية المقدّسة: «السلام على نعيم بن عجلان الأنصاري».(٢)

زاهر بن عمر الأسلمي الكندي- صاحب عمرو بن الحمقرضي‌الله‌عنه :

قال النمازي (ره): «قال العلّامة المامقاني: هو زاهر بن عمر الأسلمي الكندي، من أصحاب الشجرة، وروى عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وشهد الحديبية وخيبر، وكان من أصحاب عمرو بن الحمق الخزاعي، كما نصّ على ذلك أهل السير، وقالوا: إنه كان بطلًا مجرّباً، شجاعاً، مشهوراً، محبّاً لأهل البيت، معروفاً، وحجّ سنة ستين، فالتقى مع الحسينعليه‌السلام فصحبه، وكان ملازماً له حتّى حضر معه كربلاء، واستشهد بين يديه ..».(٣)

لكنّ المحقّق السماوي (ره) لم يذكر أنّ له صحبة، بل قال: «زاهر بن عمرو الكندي: كان زاهر بطلًا مجرّباً وشجاعاً مشهوراً، ومحبّاً لأهل البيت معروفاً، قال أهل السير: إنّ عمرو بن الحمق لما قام على زياد قام زاهر معه، وكان صاحبه في القول والفعل، ولما طلب معاوية عمرواً طلب معه زاهراً، فقتل عمرواً وأفلت زاهر، فحجّ سنة ستين، فالتقى مع الحسينعليه‌السلام فصحبه وحضر معه كربلاء. وقال السروي: قُتل في الحملة الأولى.».(٤)

____________________

(١) إبصار العين: ١٥٨.

(٢) البحار: ١٠١: ٢٧٢.

(٣) مستدركات علم رجال الحديث: ٣: ٤١٦، رقم ٥٦٩٩.

(٤) إبصار العين: ١٧٣.

٢٩٤

وقد وردعليه‌السلام في زيارة الناحية المقدّسة: «السلام على زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي».(١)

نقول: إذا كان مفاد عبارة «وحجّ سنة ستين» أنّه أتمّ الحجّ فإنّ زاهراً يكون قد التحق بالإمامعليه‌السلام بعد خروجه من مكّة في منزل من منازل الطريق، وإذا كان مفادها أنه أتى إلى مكّة قاصداً الحجَّ، فالتقى مع الإمامعليه‌السلام في مكّة وصحبه ولازمه، فإنَّ زاهراً يكون- على هذا- ممّن انضمّ إلى الإمامعليه‌السلام في مكّة، وخرج معه منها، ولم يتمّ حجّه.

أبوثمامة عمرو بن عبداللّه الهمداني الصائديرضي‌الله‌عنه

قال المحقّق السماوي (ره): «كان أبوثمامة تابعياً، وكان من فرسان العرب ووجوه الشيعة، ومن أصحاب أميرالمؤمنينعليه‌السلام الذين شهدوا معه مشاهده، ثم صحب الحسنعليه‌السلام بعده، وبقي في الكوفة، فلما توفي معاوية كاتبَ الحسينعليه‌السلام ، ولما جاء مسلم بن عقيل إلى الكوفة قام معه، وصار يقبض الأموال من الشيعة بأمر مسلم فيشتري بها السلاح، وكان بصيراً بذلك، ولما دخل عبيد اللّه الكوفة وثار الشيعة بوجهه، وجهّه مسلم فيمن وجهّه، وعقد له على ربع تميم وهمدان ولما تفرّق عن مسلم الناس بالتخذيل اختفى أبوثمامة، فاشتدّ طلب ابن زياد له، فخرج إلى الحسينعليه‌السلام ، ومعه نافع بن هلال الجملي، فلقياه في الطريق وأتيا معه.

وروى أبومخنف: أنّ أبا ثمامة لما رأى الشمس يوم عاشوراء زالت، وأنّ الحرب قائمة، قال للحسينعليه‌السلام : يا أبا عبداللّه، نفسي لنفسك الفداء! إنّي أرى هؤلاء قد اقتربوا منك، ولا واللّه لاتُقتل حتّى أُقتل دونك إن شاء اللّه، وأحبّ أن

____________________

(١) البحار: ١٠١: ٢٧٣.

٢٩٥

ألقى اللّه ربّي وقد صلّيت هذه الصلاة التي دنا وقتها، فرفع الحسين رأسه ثمّ قال:

ذكرت الصلاة! جعلك اللّه من المصلّين الذاكرين، نعم هذا أوّل وقتها ..

قال: ثُمَّ إنّ أباثمامة قال للحسين وقد صلّى: يا أبا عبداللّه، إنّي قد هممتُ أن ألحق بأصحابي، وكرهت أن أتخلّف وأراك وحيداً من أهلك قتيلًا. فقال له الحسينعليه‌السلام : تقدّم، فإنّا لاحقون بك عن ساعة! فتقدّم فقاتل حتّى أُثخن بالجراحات، فقتله قيس بن عبداللّه الصائدي ابن عمّ له كان له عدوّاً، وكان ذلك بعد قتل الحرّ.».(١)

وقد وردعليه‌السلام في زيارة الناحية المقدّسة: «السلام على أبي ثمامة الصائدي عمر بن عبداللّه الصائدي.».(٢)

الحبّاب بن عامر بن كعب بن تميم اللّاة بن ثعلبة، التميميرضي‌الله‌عنه

قال المحقّق السماوي (ره): «كان الحبّاب في الكوفة من الشيعة، وممّن بايع مسلماً، وخرج إلى الحسينعليه‌السلام بعد التخاذل عن مسلم فصادفه في الطريق، فلزمه حتّى قُتل بين يديه. قال السروي: قتل في الحملة الأولى.».(٣)

جندب بن حجير الكندي الخولانيرضي‌الله‌عنه :

قال المحقّق السماويرضي‌الله‌عنه : «كان جندب من وجوه الشيعة، وكان من أصحاب أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، خرج إلى الحسينعليه‌السلام فوافقه في الطريق قبل اتصال الحرّ به، فجاء معه إلى كربلا.

____________________

(١) راجع: إبصار العين: ١١٩ – ١٢١.

(٢) البحار: ٤٥: ٧٣.

(٣) إبصار العين: ١٩٥.

٢٩٦

قال أهل السير: إنّه قاتل فقُتل في أوّل القتال.

وقال صاحب الحدائق: إنّه قُتل هو وولده حجير بن جندب في أوّل القتال.(١)

ولم يصحّ لي أنّ ولده قُتل معه، كما أنّه ليس في القائميات ذكر لولده، فلهذا لم أُترجمه معه.».(٢)

وقد وردعليه‌السلام في زيارة الناحية المقدّسة: «السلام على جندب بن حجر الخولاني.».(٣)

سويد بن عمرو بن أبي المطاع الأنماري الخثعميرضي‌الله‌عنه

لم نعثر في كتب التواريخ والتراجم- حسب متابعتنا- على مكان إلتحاق هذا الشهيد بركب الإمام الحسينعليه‌السلام ، إذ لم يُذكر فيمن التحق بالإمامعليه‌السلام في مكّة، كما لم يُذكر فيمن التحق بهعليه‌السلام في كربلاء، فالظنّ أنّه ممّن التحق بالإمامعليه‌السلام في الطريق بين مكّة وكربلاء، ولذا فقد أوردنا ذكره هنا احتياطاً.

قال المحقّق السماوي (ره): «كان سويد شيخاً شريفاً عابداً كثير الصلاة، كان شجاعاً مجرّباً في الحروب، كما ذكره الطبري والداودي ...».(٤)

ولقد كان آخر من بقي من أنصار أبي عبداللّه الحسينعليه‌السلام (من غير الهاشميين) بشر بن عمرو الحضرمي وسويد بن عمرو بن أبي المطاع «وقال أهل السير: إنّ بشراً الحضرمي قُتل، فتقدّم سويد، وقاتل حتّى أُثخن بالجراح وسقط على وجهه، فظُنَّ بأنه قُتل، فلما قُتل الحسينعليه‌السلام وسمعهم يقولون: قُتل الحسين،

____________________

(١) الحدائق الوردية: ١٢٢.

(٢) إبصار العين: ١٧٤.

(٣) البحار: ٤٥: ٧٢ و١٠١: ٢٧٣.

٢٩٧

وجد به إفاقة، وكان معه سكّين خبّأها، وكان قد أُخذ سيفه منه، فقاتلهم بسكّينه ساعة، ثمّ إنّهم عطفوا عليه، فقتله عروة بن بكّار التغلبي، وزيد بن ورقاء الجهني.».(١)

سعيد بن عبداللّه الحنفيرضي‌الله‌عنه

ولم نعثر في كتب التواريخ والتراجم- حسب متابعتنا أيضاً- على مكان إلتحاق هذا الشهيد بالإمامعليه‌السلام إلّا ما ذكره المحقّق السماوي (ره) بقوله: «ثمَّ بعثه مسلم بكتاب إلى الحسين، فبقي مع الحسين حتّى قُتل معه»،(٢) ولايُعلم من هذه العبارة متى بعثه مسلمعليه‌السلام ، أكان ذلك قبل بعثه عابس بن أبي شبيب الشاكريرضي‌الله‌عنه أم بعده بقليل أو كثير؟ ولذا فالأقوى أنّه التحق بالإمامعليه‌السلام في مكّة، لكنّ الإحتمال باقٍ في أنّ إلتحاقه بالإمامعليه‌السلام ربّما كان في الطريق بعد خروج الإمامعليه‌السلام من مكّة.

وهذا الشهيدرضي‌الله‌عنه من أفاضل شهداء الطفّ، وقد مرّت بنا ترجمته في الجزء الثاني من هذه الدراسة.(٣)

ويكفيه فضلًا وشرفاً- فضلًا عن شرف الشهادة- ما ورد في حقّه من سلام مفصّل وثناء عاطر في زيارة الناحية المقدّسة:

«السلام على سعد بن عبداللّه الحنفي القائل للحسين وقد أذن له في الإنصراف: لا واللّه، لا نخلّيك حتى يعلم اللّه أنّا قد حفظنا غيبة رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيك، واللّه لو أعلم أنّي أُقتل ثمَّ أُحيى ثمّ أُحرقُ ثمّ أُذرى، ويفعل بي ذلك سبعين مرّة ما فارقتك حتّى أَلقى حمامي

____________________

(١) و(٢) إبصار العين: ١٦٩ – ١٧٠.

(٣) إبصار العين: ٢١٧.

(٣) الجزء الثاني: (الإمام الحسينعليه‌السلام في مكّة المكرّمة): ٤١.

٢٩٨

دونك! وكيف أفعل ذلك وإنّما هي موتة أو هي قتلة واحدة!؟ ثمّ بعدها الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً!

فقد لقيت حمامك وواسيت إمامك، ولقيت من اللّه الكرامة في دار المقامة، حشرنا اللّه معكم في المستشهدين! ورزقنا مرافقتكم في أعلى عليين.».(١)

تم بحمد الله

____________________

(١) البحار ٤٥: ٧٠ و١٠١: ٢٧٢.

٢٩٩

٣٠٠