مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة الجزء ٣

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة18%

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 307

الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 307 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 133338 / تحميل: 5834
الحجم الحجم الحجم
مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة الجزء ٣

مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

____________________

= رشيد البلايا، وكان قد ألقى إليه علم البلايا والمنايا، وكان حياتَه إذا لقي الرجل قال له: فلان، أنت تموت بميتة كذا، وتُقتل أنت يا فلان بقتلة كذا وكذا، فيكون كما قال رشيد. وكان أميرالمؤمنينعليه‌السلام يقول: أنت رشيد البلايا! أي تقتل بهذه القتلة، فكان كما قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام .» (اختيار معرفة الرجال، ١: ٢٩١، رقم ١٣١). وفي (أمالي الطوسي: ١٦٥ - ١٦٦، رقم ٢٧٦/٢٨): «وكان أميرالمؤمنينعليه‌السلام يسمّيه: رشيد المبتلى.».

وكانرضي‌الله‌عنه شديد الإجتهاد في العبادة والطاعة، حتى روي عن ابنته قنوا أنها قالت: «قلتُ لأبي: ما أشدّ اجتهادك! فقال: يا بُنيّة، سيجيء قوم بعدنا بصائرهم في دينهم أفضل من اجتهاد أولّيهم!» (البحار: ٤٢: ١٢٣، باب ١٢٢، رقم ٦).

ملاحظة مهمّة: قد يخطر في ذهن القاريء الكريم هذا السؤال وهو: إذا كان رشيد الهجري قد قُتل على يد عبيداللّه بن زياد لعنه الله، فهل قتله قبل مقتل الإمام الحسينعليه‌السلام أم بعده؟

وفي معرض الإجابة عن هذا السؤال نقول: إننا لم نعثر على إشارة تأريخية - حسب متابعتنا - تحدّد بالضبط اليوم الذي قُتل فيه أو أنّه قُتل قبل مقتل الإمامعليه‌السلام أم بعده، ولكنّ الأرجح - استنتاجاً - هو أنّه قُتل في الأيام الأولى من ولاية ابن زياد على الكوفة، لانّه ابتداء أيّامه الأولى فيها بقتل وجوه الشيعة وحواريّ عليّ والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم، بل لعلّه قُتل في اليوم الأوّل من ولاية ابن زياد على الكوفة، ذلك لأنّ بعض المؤرّخين يقول: «لما أصبح ابن زياد بعد قدومه إلى الكوفة صال وجال، وأرعد وأبرق، وأمسك جماعة من أهل الكوفة فقتلهم في الساعة، وقد عمد إلى ذلك لإماتة الأعصاب وصرف الناس عن الثورة.» (حياة الإمام الحسين بن عليعليهما‌السلام ، ٢: ٣٦٠، عن الفصول المهمّة: ١٩٧ ووسيلة المآل: ١٨٦)، هذا أولاً، وثانياً: لو أنّ رشيد الهجريرضي‌الله‌عنه كان حيّاً إلى وقت قيام مسلمعليه‌السلام أو إلى وقت خروج الإمامعليه‌السلام من مكّة الى العراق أو إلى ما بعد مقتل الإمامعليه‌السلام ، فإنَّ المتوقَّع بدرجة كبيرة أن يكون لهذا الشيعي الحواريّ تحرّك محسوس، يناسب كلَّ فترة من تلك الفترات، ودور مهم ملموس لايمكن أن يغفل عنه التأريخ ولو بإشارة موجزة!

وهنا ربّما انقدح في ذهن القاريء الكريم سؤال آخر: وهو إذا كان رشيدرضي‌الله‌عنه قد قُتل في الأيام =

٨١

____________________

= الأولى من ولاية ابن زياد على الكوفة، فذلك من مختصات الجزء الثاني من هذه الدراسة، فلماذا لم يأتِ ذكره في ذلك الجزء كما ذُكر ميثم التمّاررضي‌الله‌عنه مثلاً؟

وفي الإجابة نقول: كان رأي مؤلّف الجزء الثاني أنّ رشيد الهجريرضي‌الله‌عنه قد قُتل على يد زياد لاعلى يد عبيد اللّه بن زياد، وكان قد اعتمد في تبنّي هذا الرأي على الأدلّة التالية:

أولاً: في كتاب الإرشاد للشيخ المفيد: عن ابن عبّاس، عن مجاهد، عن الشعبي، عن زياد بن النضر الحارثي قال: «كنت عند زياد إذ اُتي برشيد الهجري فقال له زياد: ما قال لك صاحبك - يعني علياًعليه‌السلام - إنّا فاعلون بك!؟ قال: تقطعون يدي ورجلي وتصلبونني. فقال زياد: أمَ والله لأكذبنّ حديثه، خلّو سبيله. فلما أراد أن يخرج قال زياد: والله ما نجد له شيئاً شرّاً ممّا قال له صاحبه، إقطعوا يديه ورجليه واصلبوه. فقال رشيد: هيهات، قد بقي لي عندكم شيء أخبرني به أميرالمؤمنينعليه‌السلام ! فقال زياد: إقطعوا لسانه. فقال رشيد: الآن والله جاء تصديق خبر أميرالمؤمنينعليه‌السلام .».

وقال المفيد (ره): «وهذا الخبر أيضاً قد نقله المؤالف والمخالف عن ثقاتهم عمّن سمّيناه، واشتهر أمره عند علماء الجميع، وهو من جملة ما تقدّم ذكره من المعجزات والأخبار عن الغيوب.». (الإرشاد: ١٥٤).

ونقله الطبرسي في (إعلام الورى: ٣٤٣)، وابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة، ٢: ٢٩٤)، وقال السمعاني في (الأنساب، ٥: ٦٢٧): «كان يؤمن بالرجعة. قال الشعبي: دخلتُ عليه يوماً فقال: خرجتُ حاجّاً فقلتُ لأعهدن بأمير المؤمنين عهداً، فأتيتُ بيت عليّ فقلت لإنسان: إستأذن لي على عليّعليه‌السلام ! قال: أو ليسَ قد مات عليّرضي‌الله‌عنه !؟ قلت: قد مات فيكم، والله إنه ليتنفّس الآن تنفّس الحيّ! فقال: أما إذا قد عرفت سرَّ آل محمّد فادخل! قال: فدخلتُ على أميرالمؤمنين وأنّبأني بأشياء تكون! فقال له الشعبي: إنْ كُنت كاذباً فلعنك اللّه! وبلغ الخبر زياداً فبعث الى رشيد فقطع لسانه وصلبه على باب دار عمرو بن حريث.»، وقد نقل العسقلاني هذه القصة بطولها وتفاصيلها في (لسان الميزان، ٣: ٢) وأشار إليها الذهبي في (ميزان الإعتدال، ٢: ٥٢). =

٨٢

____________________

= ثانياً: الروايات التي تقول إنّ عبيداللّه بن زياد هو القاتل ثلاثة:

أ - رواية ابي حيّان البجلي عن قنوا بنت رشيد (الرواية الأولى في المتن).

ب - رواية فضيل بن الزبير (وهي الرواية الثانية في المتن).

ج - رواية كتاب (الإختصاص: ٧٧) عن أبي حسّان العجلي عن قنوا بنت رشيد الهجريرضي‌الله‌عنه وهي شبيهة بالرواية الأولى.

وهذه الروايات كلّها ضعيفة، أمّا الأولى والثانية فباعتراف السيّد الخوئي بأنهما ضعيفتان (راجع: معجم رجال الحديث، ٧: ١٩٣)، وأمّا الثالثة فهي من روايات كتاب الإختصاص التي شكّك السيّد الخوئي (ره) في انتسابه إلى الشيخ المفيد (ره) (راجع: معجم رجال الحديث، ٧: ١٩١)، هذا فضلاً عن أنّ الرواية الأولى في سندها محمد بن عبداللّه بن مهران وهو غالٍ كذّاب فاسد المذهب والحديث، ضعيف (معجم رجال الحديث، ١٦: ٢٤٧)، والرواية الثانية أيضاً فيها هذا الرجل، إضافة الى فضيل بن الزبير وهو من أصحاب الباقر والصادقعليهما‌السلام فكيف يمكنه الرواية عن عليّعليه‌السلام ، فالرواية إذن مرسلة (راجع: معجم رجال الحديث، ١٦: ٣٢٦).

والرواية الثالثة - رواية الإختصاص - مروية عن أبي حسّان العجلي وهو رجل مجهول (راجع: تنقيح المقال، ٣: ١٠، الكنى).

ثالثاً: إنّ الدعيّ لقب أُطلق على زياد بن أبيه الذي ادّعى معاوية بن أبي سفيان أنه أخوه لأبيه من الزنا بأمّه، وأمّا عبيداللّه بن زياد فهو ابن دعيّهم وليس الدعيّ نفسه.

ويمكن أنّ يُردّ على ما ذهب إليه مؤلّف الجزء الثاني بما يلي:

١) - أنّ رواية الإرشاد - التي تقول إنّ زياداً هو القاتل - ضعيفة لاأقلّ بالشعبي وهو عامر بن شراحيل «قال الشيخ المفيد (ره): وبلغ من نصب الشعبي وكذبه أنه كان يحلف باللّه أنّ عليّاً دخل اللحد وما حفظ القرآن. وبلغ من كذبه أنه قال: لم يشهد الجمل من الصحابة إلاّ أربعة فإن جاؤا بخامس فأنا كذّاب... كان الشعبي سكّيراً خمّيراً مقامراً، روي عن أبي حنيفة أنّه خرق ما سمع منه لما رأى خمره وقمره؛ راجع: الفصول المختارة: ١٧١ وقاموس الرجال، ٥: ٦١٢» (الجزء الثاني من هذه الدراسة: ٢٣٩). =

٨٣

رشيد الهجريرضي‌الله‌عنه : قال أبوحيّان: «قلتُ لها: أخبريني ما سمعت من أبيك.

____________________

= ومن هنا يسري الحكم على ما ورد في إعلام الورى والأنساب وشرح النهج وميزان الإعتدال ولسان الميزان بشأن هذه الرواية لأنّ الجميع عن الشعبي!

٢) - إنّ رواية كتاب الإختصاص لها طريق آخر - غير كتاب الإختصاص - وهو كتاب (أمالي الطوسي: ١٦٥، رقم ٢٧٦/٢٨، ففيه يروي الطوسي (ره) مباشرة عن أستاذه المفيد (ره)، بسند آخر عن أبي حسّان العجلي، وبهذا ينتفي اثر عدم قبول هذه الرواية بسبب التشكيك في كون كتاب الإختصاص من تأليف الشيخ المفيد (ره)!

٣) - صحيح أنّ لقب الدعيّ أطلق على زياد بسبب ادّعاء معاوية بأنه أخوه لأبيه من الزنا، ولكنّ هذا لايمنع من إطلاق هذا اللقب على ابنه عبيداللّه أيضاً، ألم تسمع قول الإمام الحسينعليه‌السلام : «الا وإنّ الدعيّ بن الدعيّ قد ركز بين اثنتين، بين السلّة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة» (مقتل الحسينعليه‌السلام ، للمقرّم: ٢٣٤) وقول عبداللّه بن يقطررضي‌الله‌عنه : «ايها الناس، أنا رسول الحسين بن فاطمة بنت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله إليكم لتنصروه وتؤازروه على ابن مرجانة وابن سميّة الدعيّ بن الدعيّ» (إبصار العين: ٩٣).

٤) - الرسالة الإحتجاجية الكبيرة التي بعث بها الإمام الحسينعليه‌السلام إلى معاوية، والتي احتجّ فيها عليه - في جملة ما احتجّعليه‌السلام به - بقتله مجموعة من أعلام شيعة عليعليه‌السلام ، كحجر بن عدي، وعمرو بن الحمق الخزاعي، والحضرميين، هذه الرسالة كتبها الإمامعليه‌السلام بعد أن أخذ معاوية الناس بالبيعة لابنه يزيد بولاية العهد «وأخذك الناس ببيعة إبنك، غلام حدث يشرب الخمر، ويلعب بالكلاب...» (اختيار معرفة الرجال، ١: ٢٥٢، رقم ٩٩)، فهذه الرسالة إذن كان الإمامعليه‌السلام قد بعثها إلى معاوية بعد موت زياد بن أبيه، لأنّ معاوية إنّما أخذ الناس بهذه البيعة ليزيد بعد موت زياد لمعارضته الشديدة لذلك.

فلوكان زياد هو قاتل رشيد الهجريرضي‌الله‌عنه لكان الإمامعليه‌السلام - على احتمالٍ قويّ - قد احتجّ على معاوية أيضاً بقتل رشيدرضي‌الله‌عنه لمنزلته الخاصة عند عليّعليه‌السلام والتي قد لاتقلّ عن منزلة حجر بن عديرضي‌الله‌عنه وعمرو بن الحمق الخزاعيرضي‌الله‌عنه والحضرميينرضي‌الله‌عنه ، وفي هذا مؤيّد قويّ على أنّ زياداً ليس هو قاتل رشيدرضي‌الله‌عنه بل إبنه عبيدالله!

٨٤

قالت: سمعتُ أبي يقول: أخبرني أميرالمؤمنين صلوات اللّه عليه، فقال: يا رشيد، كيف صبرك إذا أرسل إليك دعيُّ بني أميّة فقطع يديك ورجليك ولسانك؟

قلت: يا أميرالمؤمنين، آخر ذلك إلى الجنّة؟

فقال: يا رشيد، أنت معي في الدنيا والآخرة!

قالت: فواللّه ما ذهبت الأيّام حتّى أرسل إليه عبيداللّه بن زياد الدعيّ، فدعاه إلى البراءة من أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، فأبى أن يبرأ منه!

فقال له الدعيّ: فبأيّ ميتة قال لك تموت!؟

فقال له: أخبرني خليلي أنّك تدعوني إلى البراءة منه فلا أبرأ منه، فتقدّمني فتقطع يديّ ورجليَّ ولساني!

فقال: واللّه لأكذبنّ قوله فيك.

قالت: فقدّموه فقطعوا يديه ورجليه وتركوا لسانه، فحملتُ أطراف يديه ورجليه، فقلت: يا أبتِ، هل تجد ألماً لما أصابك!؟(١)

فقال: لا يا بُنيّة إلّا كالزحام بين الناس!

فلما احتملناه وأخرجناه من القصر اجتمع الناس حوله.

فقال: إئتوني بصحيفة ودواة أكتبْ لكم ما يكون إلى قيام الساعة! فأُرسل إليه

____________________

(١) لو كان هذا السؤال موجّهٌ إلى إنسان وخزته شوكة أو جرحت يده سكين جرحاً بسيطاً لكان سؤالاً في محلّه، أمّا أنْ يوجّه هذا السؤال إلى رجل قطعت يداه ورجلاه فهذا كاشف عن أنَّ السائل يعلم أنَّ هذا الرجل على مستوىً عال جداً من الناحية المعنوية والرياضة الروحية إلى درجة أنّه يتسامى على الآلام العظيمة فهي عنده طفيفة جداً أو لايشعر بها، ولقد صدّق رشيدرضي‌الله‌عنه ظنّ ابنته إذ أجابها: لايا بنيّة إلاّ كالزحام بين الناس!

٨٥

الحجّام حتى يقطع لسانه، فمات رحمة اللّه عليه في ليلته.».(١)

وروى الكشّي أيضاً بسند عن فضيل بن الزبير قال: «خرج أميرالمؤمنينعليه‌السلام يوماً إلى بستان البرني، ومعه أصحابه، فجلس تحت نخلة، ثمّ أمر بنخلة فلُقطت فأُنزل منها رطب فوضع بين ايديهم، قالوا: فقال رشيد الهجري: يا أميرالمؤمنين، ما أطيب هذا الرطب!

فقال: يا رشيد، أما إنّك تُصلب على جذعها!

فقال رشيد فكنتُ أختلف إليها طرفي النهار أسقيها!

ومضى أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، قال فجئتها يوماً وقد قُطع سعفها، قلتُ اقترب أجلي، ثمّ جئت يوماً فجاء العريف فقال: أجب الأمير.

فأتيته، فلما دخلت القصر فإذا الخشب مُلقى، ثمّ جئت يوماً آخر فإذا النصف الإخر قد جُعل زرنوقاً(٢) يُستقى عليه الماء، فقلت ما كذبني خليلي! فأتاني العريف فقال: أجب الأمير. فأتيته، فلما دخلت القصر إذا الخشب مُلقى، فإذا فيه الزرنوق! فجئت حتى ضربت الزرنوق برجلي ثمّ قلتُ: لك غُذيتُ ولي أنبتَّ! ثمّ أُدخلت

____________________

(١) اختيار معرفة الرجال، ١: ٢٩٠ - ٢٩١، رقم ١٣١، وروى الشيخ الطوسي (ره) هذه الرواية بتفاوت، عن الشيخ المفيد (ره) بسند إلى أبي حسّان العجلي، عن بنت رشيد الهجريرضي‌الله‌عنه ، وفيها: «ثمّ دخل عليه جيرانه ومعارفه يتوجّعون له، فقال: إيتوني بصحيفة ودواة أذكر لكم ما يكون ممّا علّمنيه مولاي أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، فأتوه بصحيفة ودواة، فجعل يذكر ويُملي عليهم أخبار الملاحم والكائنات، ويسندها إلى أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، فبلغ ذلك ابن زياد فأرسل إليه الحجّام حتى قطع لسانه، فمات من ليلته تلك رحمه الله.» (أمالي الطوسي: ١٦٥،رقم ٢٧٦/٢٨).

(٢) الزرنوق: تثنيته الزرنوقان، وهما منارتان تبنيان على جانبي رأس البئر.

٨٦

على عبيداللّه بن زياد.

فقال: هات من كذب صاحبك!

فقلت: واللّه ما أنا بكذّاب ولاهو، ولقد أخبرني أنك تقطع يدي ورجلي ولساني.

قال: إذاً واللّه نكذّبه، إقطعوا يده ورجله، وأخرجوه!

فلما حُمل إلى أهله أقبل يحدّث الناس بالعظائم، وهو يقول: أيها الناس، سلوني فإنّ للقوم عندي طلبة لم يقضوها. فدخل رجل على ابن زياد فقال له: ما صنعتَ؟ قطعتَ يده ورجله وهو يحدّث الناس بالعظايم!

قال: ردّوه. وقد انتهى إلى بابه، فردّوه فأمر بقطع يديه ورجليه ولسانه، وأمر بصلبه.».(١)

إضطهاد مجاميع من رجال المعارضة وحبسهم

قال المامقاني (ره): «إنّ ابن زياد لما أطّلع على مكاتبة أهل الكوفة الحسينعليه‌السلام حبس أربعة آلاف وخمسمائة رجل من التّوابين من أصحاب أميرالمؤمنين وأبطاله الذين جاهدوا معه، منهم سليمان بن صُرد وإبراهيم بن مالك الأشتر و فيهم أبطال وشجعان.».(٢)

ونقل القرشي أنّ عدد الذين اعتقلهم ابن زياد في الكوفة إثنا عشر ألفاً،(٣) وأنّ من بين أولئك المعتقلين سليمان بن صُرد الخزاعي، والمختار بن أبي عبيد الثقفي

____________________

(١) اختيار معرفة الرجال، ١: ٢٩١ - ٢٩٢، رقم ١٣٢.

(٢) تنقيح المقال، ٢: ٦٣؛ وانظر: قاموس الرجال، ٥: ٢٨٠.

(٣) راجع: حياة الإمام الحسين بن عليعليهما‌السلام ، ٢: ٤١٦، نقلاً عن «المختار مرآة العصر الأموي».

٨٧

واربعمائة من الوجوه والأعيان.(١)

و «حبس جماعة من الوجوه استيحاشاً منهم، وفيهم الأصبغ بن نباتة، والحارث الأعور الهمداني».(٢)

وذكر الطبري أنّ ابن زياد: «أمر أن يُطلب المختار وعبداللّه بن الحارث وجعل فيهما جعلًا، فأُتي بهما فحُبسا».(٣)

قتل عبداللّه بن يقطررضي‌الله‌عنه (٤)

إنّ المشهور عند أهل السير(٥) هو أنّ الإمام الحسينعليه‌السلام سرّح عبداللّه بن يقطررضي‌الله‌عنه إلى مسلم بن عقيلعليه‌السلام بعد خروجه من مكّة في جواب كتاب مسلم إلى الإمامعليهما‌السلام الذي أخبره فيه باجتماع الناس وسأله فيه القدوم إلى الكوفة، فقبض عليه الحصين بن نمير(٦) (أو بن تميم)(٧) بالقادسية، لكنّ هناك روايتين

____________________

(١) نفس المصدر السابق نقلاً عن الدرّ المسلوك في أحوال الأنبياء والأوصياء.

(٢) مقتل الحسينعليه‌السلام ، للمقرّم: ١٥٧.

(٣) تأريخ الطبري، ٣: ٢٩٤، وقال البلاذري، في أنساب الأشراف، ٥: ٢١٥: «أمر زياد بحبسهما - المختار والحارث - بعد أن شتم المختار واستعرض وجهه بالقضيب فشتر عينه، وبقيا في السجن إلى أن قُتل الحسين.».

ويبدو أنّ المختار (ره) - من مجموع روايات حبسه - قد حُبس مرتين، الأولى مع ميثم التمّار ثمّ أُخرج بشفاعة ابن عمر له عند يزيد، ثمّ حُبس المرّة الثانية إلى أن قُتل الإمامعليه‌السلام ، والله العالم.

(٤) عبداللّه بن يقطر الحميريرضي‌الله‌عنه : مضت ترجمته في الجزء الثاني من هذه الدراسة ص ١٦٧ - ١٧٢.

(٥) راجع: إبصار العين: ٩٣.

(٦) راجع: الإرشاد: ٢٠٣.

(٧) راجع: إبصار العين: ٩٣.

٨٨

تفيدان أنهرضي‌الله‌عنه كان رسولاً من مسلمعليه‌السلام إلى الإمامعليه‌السلام ، وقبض عليه مالك بن يربوع التميمي أحد مأموري الحصين بن نمير خارج الكوفة.

وتفصيل القصة - على أساس رواية كتاب تسلية المجالس- هكذا: أنه بينما كان عبيداللّه بن زياد يتكلّم مع أصحابه في شأن عيادة هانيء:(١) «إذ دخل عليه رجل من أصحابه يُقال له مالك بن يربوع التميمي، فقال: أصلح اللّه الأمير، إني كنت خارج الكوفة أجول على فرسي، إذ نظرتُ إلى رجل خرج من الكوفة مسرعاً إلى البادية، فأنكرته، ثمّ إني لحقته، وسألته عن حاله فذكر أنه من أهل المدينة! ثمّ نزلت عن فرسي ففتّشته فأصبت معه هذا الكتاب. فأخذه ابن زياد ففضّه فإذا فيه:

بسم اللّه الرحمن الرحيم: إلى الحسين بن علي: أمّا بعدُ: فإني أخبرك أنه بايعك من أهل الكوفة نيفاً على عشرين ألف رجل، فإذا أتاك كتابي فالعجل العجل، فإنّ الناس كلّهم معك، وليس لهم في يزيد هوى ...

فقال ابن زياد: أين هذا الرجل الذي أصبت معه الكتاب؟

قال: هو بالباب.

فقال: إئتوني به.

فلما وقف بين يديه، قال: ما اسمك؟

قال: عبداللّه بن يقطين.(٢)

____________________

(١) وفي رواية مناقب آل أبي طالب، ٤: ٩٤، أنّ ابن زياد بعد أن زار شريكاً في مرضه في بيت هانيء، وجرى ماجرى من خطة اغتياله، فخرج، فلمّا دخل القصر أتاه مالك بن يربوع التميمي بكتاب أخذه من يد عبداللّه بن يقطررضي‌الله‌عنه ... وفي الرسالة: «.. أمّا بعد، فإني أخبرك أنه قد بايعك من أهل الكوفة كذا، فإذا أتاك كتابي...».

(٢) لاريب أنّ إسم يقطين هنا تصحيف لإسم يقطر (والتصحيف في مثل هذه الحالات كثير =

٨٩

قال: من دفع إليك هذا الكتاب؟

قال: دفعته إليَّ أمرأة لا أعرفها!

فضحك ابن زياد وقال: إختر أحد إثنين، إمّا أن تخبرني من دفع إليك الكتاب أو القتل!

فقال: أمّا الكتاب فإنّي لا أُخبرك، وأمّا القتل فإني لا أكرهه لأنّي لا أعلم قتيلًا عند اللّه أعظم أجراً ممّن يقتله مثلك!

قال: فأمر به فضربت عنقه(١) .».(٢)

وقال المحقّق الشيخ محمّد السماوي (ره): «وقال ابن قتيبة وابن مسكويه: إنّ الذي أرسله الحسين قيس بن مسهّر وإنَّ عبداللّه بن يقطر بعثه الحسينعليه‌السلام مع مسلم، فلما أن رأى مسلم الخذلان قبل أن يتمّ عليه ماتمّ بعث عبداللّه إلى الحسين

____________________

= خصوصاً في المخطوطات)، ذلك لأنّ إسم يقطين لم يرد إلاّ في كتاب تسلية المجالس، كما أن إسم الأب في رواية ابن شهرآشوب في المناقب، ٤: ٩٤ المشابهة لهذه الرواية هو يقطر وليس يقطين، هذا فضلاً عن أنّ رواية كتاب تسلية المجالس نفسها تذكر أنّ عبداللّه هذا رجل من اهل المدينة، والتأريخ لم يذكر لنا رجلاً من شهداء النهضة الحسينية من اهل المدينة بهذا الإسم (من غير بني هاشم) سوى عبداللّه بن يقطررضي‌الله‌عنه .

(١) وفي رواية الإرشاد:٢٠٣؛ وتأريخ الطبري، ٣: ٣٠٣، أنّ ابن يقطررضي‌الله‌عنه كان رسولاً من الإمامعليه‌السلام الى مسلم بن عقيلعليه‌السلام ، وأنّ ابن زياد قال له: «إصعد القصر والعن الكذّاب بن الكذّاب! ثمّ انزل حتى أرى فيك رأيي. فصعد القصر، فلما اشرف على الناس قال: أيّها الناس، أنا رسول الحسين بن فاطمة بنت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله إليكم لتنصروه وتؤازروه على ابن مرجانة وابن سميّة الدعيّ ابن الدعيّ، فأمر به عبيداللّه فألقي من فوق القصر إلى الأرض، فتكسّرت عظامه وبقي به رمق، فأتاه عبدالملك بن عمير اللخمي (قاضي الكوفة وفقيهها!!) فذبحه بمدية، فلمّا عيب عليه قال: إني أردت أن أُريحه!» (انظر: إبصار العين: ٩٣).

(٢) تسلية المجالس، ٢: ١٨٢.

٩٠

يخبره بالأمر الذي انتهى، فقبض عليه الحصين وصار ما صار عليه من الأمر الذي ذكرناه.».(١)

وهذا يؤيّد انّ عبداللّه بن يقطررضي‌الله‌عنه كان رسولًا من مسلمعليه‌السلام إلى الإمامعليه‌السلام ، ولكنّة يخالف ما في رواية المناقب ورواية تسلية المجالس في أنهرضي‌الله‌عنه كان قد حمل إلى الإمامعليه‌السلام خبر الخذلان لاخبر البشرى بالعدد الكبير من المبايعين!

والظاهر أنّ عبداللّه بن يقطررضي‌الله‌عنه - على المشهور- قُتل بنفس الطريقة التي قُتل بها قيس بن مسهّر الصيداويرضي‌الله‌عنه ، حيث أُلقي كلُّ منهما من فوق القصر، لكنّ الأوّل قُتل قبل الثاني رضوان اللّه تعالى عليهما، بدليل أنّ خبر مقتل ابن يقطررضي‌الله‌عنه ورد إلى الإمامعليه‌السلام بزبالة في الطريق إلى العراق في نفس خبر مقتل مسلمعليه‌السلام وهانيءرضي‌الله‌عنه ، فنعاهم الإمامعليه‌السلام قائلًا: «أمّا بعدُ، فقد أتانا خبرٌ فظيع، قُتل مسلم بن عقيل وهانيء بن عروة وعبداللّه بن يقطر، وقد خذلنا شيعتنا ...»،(٢)

وبذلك يكون عبداللّه بن يقطررضي‌الله‌عنه ثاني رسل النهضة الحسينية الذين استشهدوا أثناء أداء مهمّة الرسالة، بعد شهيد النهضة الحسينية الأول سليمان بن رزينرضي‌الله‌عنه رسول الإمامعليه‌السلام إلى البصرة.

البحث لمعرفة مكان مسلم بن عقيلعليه‌السلام

كان الهمُّ الأكبر لعبيداللّه بن زياد منذ بدء وصوله الكوفة هو معرفة مكان مسلم بن عقيلعليه‌السلام ، فهو طلبته الكبرى ومبتغاه الأساس تنفيذاً لرسالة يزيد التي طلب منه فيها أن يطلب مسلماًعليه‌السلام طلب الخرزة.

____________________

(١) إبصار العين: ٩٤.

(٢) المصدر السابق.

٩١

وكان مسلمعليه‌السلام نتيجة الإجراءات الإرهابية المتسارعة التي اتخذها ابن زياد وما أخذ به العرفاء والناس قد خرج من دار المختار حتى انتهى الى دار هانيءرضي‌الله‌عنه فاتخذها مقرّاً له، وأخذت الشيعة تختلف إليه فيها على تستر واستخفاء وتواصٍ بالكتمان.

قال الدينوري: «وخفي على عبيداللّه بن زياد موضع مسلم بن عقيل، فقال لمولى له من أهل الشام يسمّى معقلًا- وناوله ثلاثة آلاف درهم في كيس(١) - وقال:

خذ هذا المال وانطلق فالتمس مسلم بن عقيل، وتأتَّ له بغاية التأتّي!

فانطلق الرجل حتى دخل المسجد الأعظم، وجعل لايدري كيف يتأتّى الأمر، ثمّ إنّه نظر إلى رجل يكثر الصلاة إلى سارية من سواري المسجد، فقال في نفسه:

إنّ هؤلاء الشيعة يكثرون الصلاة! وأحسب هذا منهم! فجلس الرجل حتى إذا انفتل من صلاته قام، فدنا منه، وجلس فقال: جُعلت فداك، إني رجل من أهل الشام، مولى لذي الكلاع، وقد أنعم اللّه عليّ بحبّ أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، وحبّ من أحبّهم، ومعي هذه الثلاثة آلاف درهم، أحبّ إيصالها إلى رجل منهم، بلغني أنه قدم هذا المصر داعية للحسين بن عليّعليه‌السلام ، فهل تدلّني عليه لأوصل هذا المال إليه، ليستعين به على بعض أموره ويضعه حيث أحبَّ من شيعته؟

قال له الرجل: وكيف قصدتني بالسؤال عن ذلك دون غيري ممّن هو في المسجد!؟

قال: لأنّي رأيت عليك سيما الخير، فرجوت أن تكون ممّن يتولّى أهل بيت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

____________________

(١) وفي مثير الأحزان: ٣٢: «فأعطاه أربعة آلاف درهم».

٩٢

قال له الرجل: ويحك، قد وقعتَ عليّ بعينك، أنا رجل من إخوانك وإسمي مسلم بن عوسجة، وقد سُررتُ بك، وساءني ما كان من حسّي قِبلك، فإنّي رجل من شيعة أهل هذا البيت، خوفاً من هذا الطاغية ابن زياد، فأعطني ذمّة اللّه وعهده أن تكتم هذا عن جميع الناس.

فأعطاه من ذلك ما أراد!

فقال له مسلم بن عوسجة: إنصرف يومك هذا، فإنْ كان غدٌ فائتني في منزلي حتى انطلق معك إلى صاحبنا- يعني مسلم بن عقيل- فأوصلك إليه.

فمضى الشاميُّ، فبات ليلته، فلما أصبح غدا إلى مسلم بن عوسجة في منزله، فانطلق به حتّى أدخله إلى مسلم بن عقيل، فأخبره بأمره، ودفع إليه الشاميّ ذلك المال، وبايعه!

فكان الشاميّ يغدو إلى مسلم بن عقيل، فلا يحجبُ عنه، فيكون نهاره كلّه عنده، فيتعرّف جميع أخبارهم، فإذا أمسى وأظلم عليه الليل دخل على عبيداللّه ابن زياد فأخبره بجميع قصصهم، وما قالوا وفعلوا في ذلك، وأعلمه نزول مسلم في دار هانيء بن عروة.».(١)

إشارة:

قد يأسف المتتبّع باديء ذي بدء للسهولة التي تمّت بها عملية اختراق حركة مسلم بن عقيلعليه‌السلام من داخلها على يد الجاسوس معقل مولى عبيداللّه بن زياد،

____________________

(١) الأخبار الطوال: ٢٣٥ - ٢٣٦؛ وانظر: الإرشاد: ١٨٩؛ وتاريخ الطبري، ٣: ٢٨٢ والكامل في التاريخ، ٣: ٣٩٠؛ ومقاتل الطالبين: ٦٤؛ وروضة الواعظين: ١٧٤ وتجارب الأمم، ٢: ٤٣؛ وتذكرة الخواص: ٢١٨.

٩٣

من طريق مسلم بن عوسجة الأسديّرضي‌الله‌عنه ، وهو علم من أعلام الشيعة في الكوفة، وأحد شهداء الطفّ، وهو الشريف السَرِيُّ في قومه،(١) والفارس الشجاع الذي له ذكر في المغازي والفتوح الإسلامية، وقد شهد له الأعداء بشجاعته وخبرته وبصيرته وإقدامه.(٢)

وفي ظنّ المتتبع أنّ على مسلم بن عوسجةرضي‌الله‌عنه أن يحذر أكثر ويحتاط حتّى يطمئنّ تماماً إلى حقيقة هويّة معقل الجاسوس قبل أن يدلّه على مكان مسلم بن عقيلعليه‌السلام أو يستأذن له في الدخول عليه! ليخترق بذلك الحركة من داخلها!

لكنّ ما وقع فعلًا هو أنّ ابن عوسجةرضي‌الله‌عنه لم يكن قد قصّر في حذره وحيطته، غير أنّ معقلًا كان فعلًا «ماهراً في صناعته وخبيراً فيما انتُدب إليه»(٣) لاختراق حركة مسلمعليه‌السلام من داخلها.

أمّا سهولة تعرّفه على ابن عوسجةرضي‌الله‌عنه فلا تحتاج الى كثير جهد ومشقّة إذا كانرضي‌الله‌عنه وجهاً شيعياً معروفاً في الكوفة، وقد كشف له معقل عن سرّ سهولة تعرّفه عليه حين قال له: «سمعت نفراً يقولون: هذا رجلٌ له علم بأهل هذا البيت، فأتيتك لتقبض هذا المال وتدلّني على صاحبك فأبايعه، وإنْ شئتَ أخذتَ البيعة

____________________

(١) راجع: إبصار العين: ١٠٧.

(٢) لما قُتل مسلم بن عوسجةرضي‌الله‌عنه في كربلاء صاحت جارية له: «واسيّداه يا ابن عوسجتاه! فتباشر أصحاب عمر بذلك، فقال لهم شبث بن ربعي: ثكلتكم أمّهاتكم! إنمّا تقتلون أنفسكم بأيديكم، وتذلّون أنفسكم لغيركم، أتفرحون أن يُقتل مثل مسلم بن عوسجة!؟ أما والذي أسلمتُ له، لرُبَّ موقف له قد رأيته في المسلمين كريم، لقد رأيته يوم سَلَق آذربيجان قتل ستّة من المشركين قبل أن تتامّ خيول المسلمين، أفيقُتل منكم مثله وتفرحون!؟» (تاريخ الطبري، ٣: ٣٢٥؛ والكامل في التاريخ،٣: ٢٩٠).

(٣) حياة الإمام الحسين بن عليّعليهما‌السلام ، ٢: ٣٢٩.

٩٤

له قبل لقائه!»،(١) ولقد عبّر له ابن عوسجةرضي‌الله‌عنه عن استيائه لسرعة تعرّفه عليه بقوله: «.. ولقد سائتني معرفتك إيّاي بهذا الأمر من قبل أن ينمى مخافة هذا الطاغية وسطوته ..».(٢)

ثمّ إن ابن عوسجةرضي‌الله‌عنه أخّر معقلًا أيّاماً قبل أن يطلب الأذن له، وكان يجتمع معه في منزله هو تلك الأيّام «إختلفْ إليَّ أيّاماً في منزلي فإني طالب لك الأذن على صاحبك ..»،(٣) ثمّ لم يدخله على مسلم بن عقيلعليه‌السلام حتى طلب له الأذن فأُذن له، ولاشك أنّ أخذ الأُذن يتمّ بعد شرح ظاهر الحال الذي تظاهر به معقل، ومن الدلائل على مهارة ابن زياد ومعقل في فنّ التجسس أنّ ابن زياد أوصى معقلًا أن يتظاهر بأنّه رجل من أهل الشام ومن أهل حمص بالذات،(٤) ذلك حتّى لايكون بإمكان مسلم بن عوسجة أن يسأل ويستفسر عن حقيقة حاله في قبائل الكوفة، كما أنّ أهل حمص آنذاك على ما يبدو قد عُرف عنهم حبّهم لأهل البيتعليهم‌السلام ، أو عُرف أنّ فيهم من يحبّ أهل البيتعليه‌السلام ، فيكون ذلك مدعاة لاطمئنان من يتخذه معقل منفذاً لاختراق حركة مسلمعليه‌السلام من داخلها، كما أنّ معقلًا قد ادّعى أمام ابن عوسجةرضي‌الله‌عنه أنه مولىً لذي الكلاع الحميري هناك في الشام، والمعروف عن جلّ الموالي حبّهم لأهل البيتعليهم‌السلام !

الخلاصة أنّ معقلًا كان قد أحكم خطّته واتقن تمثيل دوره المرسوم وبرع في

____________________

(١) و (٢) إبصار العين: ١٠٨ - ١٠٩؛ وانظر: الإرشاد: ١٨٩؛ وتأريخ الطبري، ٣: ٢٨٢.

(٣) راجع: الإرشاد: ١٨٩.

(٤) قال ابن نما (ره): «ثمّ إنّ عبيداللّه بن زياد حيث خفي عليه حديث مسلم دعا مولى له يقال له معقل، فأعطاه أربعة آلاف درهم.. وأمره بحسن التوصّل إلى من يتولّى البيعة وقال: أعلمه أنّك من أهل حمص جئت لهذا الأمر، فلم يزل يتلطّف حتى وصل الى مسلم بن عوسجة الأسدي..» (مثير الأحزان: ٣٢).

٩٥

ذلك، لكنّ في حضوره يومياً عند مسلم بن عقيلعليه‌السلام ، ودخوله عليه في أوّل الناس، وخروجه عنه آخرهم، فيكون نهاره كلّه عنده، ما يدعو إلى الريبة والشك فيه، فلماذا لم يرتب ولم يشكّ فيه مسلمعليه‌السلام وأصحابه!؟ إنّ في هذا ما يدعو إلى الإستغراب والحيرة فعلًا!

لكننا حيث لانملك معرفة تفاصيل جريان حركة أحداث تلك الأيّام بشكلٍ كافٍ، وحيث لم يأتنا التأريخ إلّا بنزرٍ قليل منها لاينفعنا إلّا في رسم صورة عامة عن مجرى حركة تلك الأحداث، وحيث نعلم أنّ مسلم بن عقيلعليه‌السلام ومسلم بن عوسجةرضي‌الله‌عنه وأصحابهما هم من أهل الخبرة الإجتماعية والسياسية والعسكرية، فلا يسعنا أن نتعرض باللوم عليهم أو أن نتهمهم بالسذاجة! بل علينا أن نتأدّب بين يدي تلك الشخصيات الإسلامية الفذّة، وأن ننزّه ساحاتهم المقدّسة عن كلّ مالايليق بها، وأن نقف عند حدود معرفتنا التأريخية القاصرة لانتعدّاها إلى استنتاجات واتهامات غير صائبة ولا لائقة، خصوصاً إذا تذكّرنا حقيقة أنَّ عمليات الإختراق من الداخل من خلال دسّ الجواسيس المتظاهرين بغير حقيقتهم كانت أمراً مألوفاً منذ قديم الأيام ولم تزل حتّى يومنا الحاضر وتبقى إلى ما شاء اللّه، وشذّ وندر أن يجد الإنسان حركة سياسية تغييرية تعمل لقلب الأوضاع سلمت من الإختراق من داخلها من قبل أعدائها، بل قد لايجد الإنسان حركة سياسية تغييرية غير مخترقة، وهذ لايعني أنّ قيادتها ساذجة ولاتتمتع بالحكمة!

اعتقال هانيء بن عروةرضي‌الله‌عنه

كان هانيء بن عروة المراديرضي‌الله‌عنه بفطنته السياسية والإجتماعية يتوقع مايحذره من عبيداللّه بن زياد برغم التستر والخفاء الذي كانت تتمّ في ظلّهما اجتماعات مسلمعليه‌السلام مع مريديه وأتباعه في بيته، وبرغم التواصي بالكتمان، ذلك لأنّ هانئاًرضي‌الله‌عنه كان يعلم أنّ الهمّ الأكبر لابن زياد هو معرفة مكان ومقرّ

٩٦

مسلمعليه‌السلام ، فلابدّ له من أن يتجسس ويحتال الحيلة لمعرفة ذلك، وكان هانيءرضي‌الله‌عنه يعرف مكر ابن زياد وغدره، فانقطع عن زيارة القصر خشية أن يمشي الى المحذور برجليه فيواجه الخطر بمعزلٍ عن قوّة قبيلته التي يحُسب لها ألف حساب في مجتمع الكوفة، تقول الرواية التأريخية «وخاف هانيء بن عروة على نفسه، فانقطع عن حضور مجلسه وتمارض.

فقال ابن زياد لجلسائه: مالي لا أرى هانياً!؟

فقالوا: هو شاكٍ.

فقال: لو علمتُ بمرضه لعدتُه!!

ودعى محمّد بن الأشعث،(١) وأسماء بن خارجة، وعمرو بن الحجّاج الزبيدي- وكانت رويحة بنت عمرو تحت هانيء بن عروة، وهي أمّ يحيى بن هانيء-

فقال لهم: ما يمنع هاني بن عروة من إتياننا!؟

فقالوا: ما ندري، وقد قيل إنه يشتكي.

قال: قد بلغني أنه قد بريء، وهو يجلس على باب داره!، فالقوه ومروه ألّا يدع ما عليه من حقّنا، فإنّي لا أحبّ أن يفسد عندي مثله من أشراف العرب!

فأتوه حتّى وقفوا عليه عشيّة وهو جالس على بابه.

وقالوا له: مايمنعك من لقاء الأمير!؟ فإنّه قد ذكرك وقال لو أعلم أنّه شاكٍ لَعدتُه.

فقال لهم: الشكوى تمنعني!

____________________

(١) محمد بن الأشعث بن قيس الكندي، وأمّه أخت أبي بكر (راجع: تهذيب التهذيب، ٩: ٥٥).

٩٧

فقالوا له: قد بلغه أنّك تجلس كلّ عشية على باب دارك! وقد استبطأك، والإبطاء والجفاء لايحتمله السلطان، أقسمنا عليك لما ركبتَ معنا!

فدعى بثيابه فلبسها، ثمّ دعى ببغلة فركبها، حتّى إذا دنى من القصر كأنّ نفسه أحسّت ببعض الذي كان، فقال لحسّان بن أسماء بن خارجة: يا ابن الأخ، إنّي واللّه لهذا الرجل لخايف! فما ترى؟

فقال: يا عمّ، واللّه ما أتخوّف عليك شيئاً، ولم تجعل على نفسك سبيلًا.

ولم يكن حسّان يعلم في أيّ شيء بعث إليه عبيداللّه.

فجاء هانيء حتى دخل على عبيداللّه بن زياد وعنده القوم، فلما طلع قال عبيداللّه: أتتك بخاين رجلاه!(١)

فلما دنى من ابن زياد، وعنده شريح القاضي،(٢) إلتفت نحوه فقال:

أُريدُ حياته ويُريد قتلي

عذيرك من خليلك من مُراد

وقد كان أوّل ما قدم مكرماً له ملطفاً ...

فقال له هاني: وما ذاك أيّها الأمير!؟

قال: إيه يا هاني بن عروة، ما هذه الأمور التي تربّص في دارك لأمير المؤمنين وعامّة المسلمين؟ جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك وجمعت له السلاح والرجال في الدور حولك، وظننت أنَّ ذلك يخفى عليَّ!؟

قال: ما فعلتُ ذلك، وما مسلم عندي.

____________________

(١) هذا مثل معروف، وقد ضبطه المحقّق السماوي هكذا: «أتتك بحائن رجلاه تسعى»: والحائن: الميّت، مِنَ الحَيْن بفتح الحاء وهو الموت. (إبصار العين: ١٤٣).

(٢) مرّت بنا ترجمة مفصلة وافية لشريح القاضي في الجزء الثاني، ص ١٨٣ - ١٨٥.

٩٨

قال: بلى، قد فعلتَ!

فلما كثر ذلك بينهما وأبى هاني إلّا مجاحدته ومناكرته، دعى ابن زياد معقلًا ذلك العين، فجاء حتى وقف بين يديه.

فقال: أتعرف هذا؟

قال: نعم!

وعلم هاني عند ذلك أنّه كان عيناً عليهم، وأنه قد أتاه بأخبارهم، فأُسقط في يده ساعة، ثُمَّ راجعته نفسه.

فقال: إسمع منّي وصدّق مقالتي، فواللّه لاكذبت، واللّه ما دعوته إلى منزلي، ولاعلمت بشيء من أمره حتى جاءني يسألني النزول فاستحييتُ من ردّه، ودخلني من ذلك ذمام فضيّفته وآويته، وقد كان من أمره ما بلغك، فإنْ شئت أن أعطيك الآن موثقاً مغلّظاً ألّا أبغيك سوءً ولاغائلة، ولآتينّك حتى أضع يدي في يدك، وإنْ شئت أعطيتك رهينة تكون في يدك حتّى آتيك، وأنطلق إليه فآمره أن يخرج من داري إلى حيث شاء من الأرض فأخرجُ من ذمامه وجواره.

فقال له ابن زياد: واللّه لاتفارقني أبداً حتى تأتيني به!

قال: لاواللّه، لاأجيئك به أبداً، أجيئك بضيفي تقتله!؟

قال: واللّه لتأتينّي به.

قال: لا واللّه لاآتيك به.

«فلما كثر الكلام بينهما قام مسلم بن عمرو الباهلي- وليس بالكوفة شاميٌّ ولابصريٌّ غيره- فقال: أصلح اللّه الأمير، خلّني وإيّاه حتّى أكلمه.

فقام فخلا به ناحية من ابن زياد، وهما منه بحيث يراهما، فإذا رفعا أصواتهما

٩٩

سمع ما يقولان.

فقال له مسلم: يا هاني، أُنشدك اللّه أن تقتل نفسك، وأن تدخل البلاء في عشيرتك، فواللّه إنّي لأنفس بك عن القتل، إنّ هذا الرجل إبن عمّ القوم، وليسوا قاتليه ولاضائريه، فادفعه إليهم فإنه ليس عليك بذلك مخزاة ولامنقصة، إنما تدفعه إلى السلطان!

فقال هاني: واللّه إنّ عليَّ في ذلك الخزي والعار أن أدفع جاري وضيفي وأنا حيٌّ صحيح أسمع وأرى، شديد الساعد كثير الأعوان، واللّه لو لم أكن إلّا واحداً ليس لي ناصر لم أدفعه حتّى أموت دونه!

فأخذ يناشده وهو يقول: واللّه لا أدفعه إليه أبداً!

فسمع ابن زياد ذلك، فقال: أدنوه منّي.

فأدنوه منه، فقال: واللّه لتأتينيّ به أو لأضربنّ عنقك.

فقال هاني: إذن لكثر البارقة حول دارك!

فقال ابن زياد: والهفاه عليك، أبالبارقة تخوّفني!؟- وهو يظنّ أنَّ عشيرته سيمنعونه- ثمّ قال: أدنوه منّي!

فأُدني منه، فاعترض وجهه بالقضيب، فلم يزل يضرب به أنفه وجبينه وخدّه حتى كسر أنفه وسالت الدماء على وجهه ولحيته، ونثر لحم جبينه وخدّه على لحيته حتى كُسر القضيب!

وضرب هاني يده إلى قائم سيف شرطيّ، وجاذبه الرجل ومنعه! فقال عبيداللّه: أحروريٌّ(١) ساير اليوم!؟ قد حلّ لنا دمك! جرّوه.

____________________

(١) الحروري: لقب يُطلق على كلّ خارجي (من الخوارج) آنذاك، نسبة إلى حرورأ، إسم موضع =

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

كتاب الديات

ومقاصده ستة:الاول في الموجب

وهو: الاتلاف مباشرة، أو تسبيبا...الاول: المباشرة

وهي: فعل ما يحصل معه الاتلاف لا مع القصد، فالطبيب يضمن ما يتلف بعلاجه إن قصر، أو عالج طفلا أو مجنونا لم يأذن الولي، أو بالغا لم يأذن ولو كان حاذقا، وإن أذن له البالغ فآل إلى التلف ضمن على رأي في ماله، وهل يبرأ بالابراء قبله؟ فيه قولان(١) .

_____________________

(١) ذهب إلى الابرار الشيخ في النهاية: ٧٦٢، والحلبى في الكافى: ٤٠٢ والقاضى في المهذب ٢ / ٤٩٩، وغيرهم وأما القول الثانى، فقال الشيخ محمد حسن في جواهره ٤٣ / ٤٧: " ولكن لم نتحقق القاتل قبل المصنف(المحقق) وان حكى عن ابن ادريس.

نعم يظهر من الفاضل التردد فيه كالمصنف هما حيث اقتصر على نقل القولين وأما ما نقل عن ابن ادريس من أنه يذهب إلى عدم الابراء فلم أجد له موضعا، بل الموجود في السرائر خلافه، فان قال في ص ٤٢٩: " ومن تطب أو تبطير فليأخذ البراء‌ة من ولى من يطيبه أو صاحب الدابة والا فهو ضامن اذا هلك بفعله شئ، هذا اذا كان الذى جنى عليه الطبيب غير بالغ أو مجنونا، أما اذا كان عاقلا مكلفا فأمر الطيب بفعل شئ ففعله على ما أمره به فلا يضمن الطبيب، سواء البراء‌ة من الولى أو لم يأخذها " وقال السيد العاملى: ".

أما ابن ادريس فقد عرفت أنه ليس مخالفا " مفتاح الكرامة ١٠ / ٢٧٣(*)

٢٠١

وتضمن العاقلة ما يتلفه النائم بانقلابه وإن كانت ظئرا(١) للضرورة، وإن كانت للفخر فالدية في مالها(٢) .

ويضمن المعنف بزوجته بجماعة قبلا أو دبرا أو بضمه في ماله، وكذا(٣) الزوجة وحامل المتاع إذا كسره أو أصاب به غيره والصائح بالمريض أو المجنون أو الطفل(٤) أو العاقل مع غفلته أو بالمفاجأة(٥) بالصيحة مع التلف في ماله، وكذا المشهر سيفه في الوجه، ولو فر فألقى نفسه في بئر أو من سقف أو صادفه في هربه سبع قال الشيخ: لا ضمان(٦) ، ولو كان أعمى ضمن، أو مبصرا ولا يعلم البئر أو انخسف به السقف أو اضطره إلى مضيق فافترسه الاسد ضمن، والصادم هدر.

ويضمن دية المصدوم في ماله إذا لم يفرط - بأن يقف في المضيق(٧) - على إشكال، ولو تعثر بالجالس في المضيق ضمن الجالس، ولو تعثر بقائم فالعاثر هدر والقائم مضمون عليه، لا القيام من مرافق المشي بخلاف القعود، ولو مات المتصادمان فلورثة كل نصف ديته ونصف قيمة فرسه على الآخر ويقع التقاص في الدية، ولو ركب الصبيان بأنفسهما أو أركبهما الوليان فنصف دية كل منهما على عاقلة الآخر، ولو أركبهما أجنبي فديتهما عليه، ولو كانا عبدين تهادرا(٨) ولا يضمن المولى، ولو مات أحد المتصادمين فعلى الآخر نصف ديته، ولو كانا حاملين فعلى كل

_____________________

(١) وهى: المرضعة لغير ولدها، لانها تعطف على الرضيع، انظر: مجمع البحرين ٣ / ٦ ظأر.

٠٢) أى: ان الظئر ان كانت انما ظئرت للضرورة والفقر فالضمان على عاقلتها، وان كانت للفخر والعز فالضمان عليها من مالها خاصة.

(٣) أى: وكذا يمن ".

(٤) في(م): " أو الطفل أو المجنون ".

(٥) في(س) و(م): " أو المفاجاة ".

(٦) قاله في المبسوط ٧ / ١٥٩.

(٧) قال الشهيد في غاية المراد: " قوله: بأن يقف في المضيق تفسير للتفريط لا لعدم التفريط ".

(٨) في(س) و(م): " تهاترا "(*)

٢٠٢

[ واحدة ](١) نصف دية الجنين(٢) ، ولو مر بين الرماة فديته على عاقلة الرامي، إلا أن التحذير ويتمكن من العدول، ولو قرب البالغ صبيا فالضمان عليه لا على الرامي على إشكال.

ويضمن الختان حشفة الغلام لو قطعهما، ولو وقع على غيره من علو قصدا والوقوع قاتل قتل، وإلا فالدية، ولو اضطر أو قصد الوقوع لغير ذلك فالدية على العاقلة، ولو ألقاه الهواء أو زلق فلا ضمان، ولو أوقعه[ غيره ](٣) ضمنهما، ولو قمصت المركوبة بنخس ثالثة فصرعت الراكبة فالدية على الناخسة إن الجأت، وإلا القامصة، وقيل: بينهما(٤) ، وقيل: عليهما الثلثان(٥) .

ويضمن المخرج ليلا حتى يرجع، فإن عدم فالدية، وإن وجدت مقتولا فالقصاص، ولو ادعاه على غيره بالبينة برئ، ولو وجد ميتا ففي الضمان إشكال، ولو أنكر الولد أهله صدقت الظن مالم يعلم كذبها فتضمن الدية إلا أن تحضره أو من يشتبه به(٦) ، ولو استأجرت اخرى وسلمته ضمنته.

وعن الصادق عليه السلام في لص جمع الثياب ووطأ المرأة مكرها وقتل ولدها الثائر فلما خرج قتلته، ضمان(٧) أولياء اللص دية الولد، ودفع أربعة آلاف درهم إلى

_____________________

(١) في(الاصل): " واحد " والمثبت من(س) و(م) وهو الاصح.

(٢) في(س) و(م): " الجنينين ".

(٣) في(الاصل): " غيرهما " والصحيح ما اثبتناه وهو من(س).

(٤) قاله الشيخ في النهاية: ٧٦٣، والقاضى في المهذب ٢ / ٤٩٩.

(٥) قاله الشيخ المفيد في المقنعة: ١١٧، وابن زهرة في الغنية: ٥٥٩، والمحقق في الشرائع ٤ / ٢٥١، وغيرهم.

(٦) لفظ " به " لم يرد في(م).

(٧) في(س): " ضمن "(*)

٢٠٣

المرأة من تركته لمكابرتها(١) على فرجها، وليس عليها ضمان(٢) .

وعنه عليه السلام في امرأة أدخلت ليلة البناء بها صديقها(٣) إلى الحجلة فقتله زوجها فقتلت الزوج، تضمن المرأة دية الصديق وقتلها بالزوج(٤) .

وعن علي عليه السلام في أربعة سكروا فجرح اثنان وقتل اثنان، أن دية المقتولين على المجروحين، ووضع أرش الجراحات منها(٥) .

_____________________

(١) في(م): " لمكابرته ".

(٢) روى الحديث الكلينى في الكافى ٧ / حديث ١٢، والشيخ في التهذيب ١٠ / ٢٠٨ حديث ٨٢٣ بسندهما عن عبدالله بن طلحة عن أبى عبدالله عليه السلام قال: سألته عن رجل سارق دخل على امرأة ليسرق متاعها فلما جمع الثياب تابعته نفسه فكابرها على نفسها فواقعها، فتحرك ابنها فقام فقتله بفأس كان معه فلما فرغ حمل الثياب وذهب ليخرج، حملت عليه بالفأس فقتله، وجاء اهله يطلبون بدمه من الغد؟ فقال أبوعبدالله عليه السلام: اقض على هذا كما صفت لك، فقال: يضمن مواليه الذين يطلبون بدمه دية الغلام، ويضمن السارق فيما ترك أريعة ألاف درهم بمكابرتها(لمكابرتها) على فرجها، انه وهو في ماله عزيمة، وليس عليها في قتلها اياه شئ(لانه سارق) قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من كابر امرأة ليفجر بها فقتله فلا دية له ولا قود.علما بان الشق الاخير من الحديث الذى يبتدأ " قال رسول الله " تفرد بذكره الكلينى.وروى الحديث هذا الحديث الشيخ الصدوق في الفقيه ٤ / ١٢١ حديث ٤٢٢ بسنده عن يونس بن عبدالرحمن عن عبدالله بن سنان عن إبى عبدالله عليه السلام.

(٣) لفظ " إلى " ليس في(م).

(٤) روى هذا الحديث الكلينى في الكافى ٧ / ٢٩٤ حديث ١٣، والشيخ في التهذيب ١٠ / ٢٠٩ حديث ٨٢٤ بسندهما عن عبدالله بن لحة عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قلت: رجل تزوج امرأة، فلما كان ليلة البناء عمدت المرأة إلى رجل صديق لها فأدخلته الجملة، فلما دخل الرجل يباضع أهله ثار الصديق واقتتلا في البيت، فقتل الزوج لصديق، وقامت المرأة فضربت الزوج ضربة فقتله بالصديق، فقال: تضمن المرأة دية الصديق، وتقتل بالزوج.

ورواه الشيخ الصدوق باختلاف في الفقيه ٤ / ١٢٢ حديث ٤٢٦ بسنده عن يونس بن عبدالرحمن عن عبدالله بن سنان(*)

(٥) روى هذا الحديث الكلينى في الكافى ٧ / ٢٨٤ حديث ٥، والشيخ في التهذيب ١٠ / ٢٤٠ حديث ٩٥٦، بسندها عن محمد بن قيس عن أبى جعفر عليه السلام، قال: قضى أميرالمؤمنين عليه السلام في أربعة شربوا فسكروا، فأخذ بعضهم عل يبعض السلاح، فاقتتلوا فقتل اثنان وجرح اثنان، فأمر بالمجروحين فضرب كل واحد منهما ثمانين جلدة، وقضى بدية المقتولين على المجروحين، وأمر أن تقاس جراحة المجروحين فنرفع من الدية، فان مات المجروحان فليس على أحد من أولياء المقتولين شئ.

٢٠٤

الثاني: التسبيب

وهما لايحصل التلف إلا معه بغيره كوضع الحجر في الطريق أو ملك غيره فتلف العابر(١) ، فيضمن في ماله، ولو وضعه في ملكه أو مباح لم يضمن، وكذا لو نصب سكينا فمات العاثر، أو حفر بئرا في الطريق أو ملك غيره(٢) ، فلو رضي المالك به أو كان في الطريق لمصلحة المسلمين فلا ضمان.

ويضمن معلم السباحة في ماله لو غرق الصغير البالغ الرشيد، ولو رمى مع غيره بالمنجنيق فقتله سقط ما قابل فعله وضمن الباقون في مالهم(٣) حصصهم، ويتعلق الضمان بمن يمد الحبال لا ممسك الخشب وغيره، وكذا لو اشتركوا في هدم حائط فوقع على أحدهم.

ويضمن الراكب والقائد ما تجنيه الدابة بيديها ورأسها، فإن وقف أو ضربها أو ساقها ضمن جناية يديها ورجليها، ولو ركبها اثنان تساويا، ولوكان صاحبها معها ضمن دون الراكب، ولو ألقت الراكب لم يضمن المالك وإن كان معها، إلا أن ينفرها، ولو أركب مملوكه الصغير ضمن جناية الراكب، ويتعلق برقبة البالغ وفي المال يتبع.

والآذن لغيره في دخول منزله يضمن جناية الكلب، وإلا فلا، ويجب حفظ الصائلة فيضمن جنايتها لو أهمل، ولو جهل حالها أو لم يفرط فلا ضمان، ولا يضمن الدافع والهر كذلك، ولو جنت الداخلة ضمن صاحبها مع التفريط، ولا يضمن صاحب الاخرى جنايتها.

_____________________

(١) في(س) و(م): " فيتلف العائر ".

(٢) في(س): " ضمن ".

(٣) في(م): " ماله "(*)

٢٠٥

ولو سقط الاناء الموضوع على حائطه فلا ضمان لما يتلف به، ولا يضمن صاحب الحائط بوقوعه على أحد، فإن بناه مائلا إلى الطريق، أو بناه في غير ملكه، أو مال بعد بنائه إلى الطريق أو غير ملكه وتمكن من الازالة ضمن، ولو وقع قبل التمكن فلا ضمان، ولا يضمن ناصب الميزاب إلى الطريق بوقوعه، وكذا الرواشن(١) .

ولو أجج نارا في ملكه لم يضمن لو سرت إلى غيره، إلا مع الزيادة عن قدر الحاجة وغلبة الظن بالتعدي كأيام الهواء، ولو عصفت(٢) بغتة فلاضمان، ولو أجج في ملك غيره ضمن الانفس والاموال، ولو قصده(٣) قيد بالنفس مع تعذر الفرار.

ولو بالت دابته في الطريق قال الشيخ: يضمن لو زلق فيه غيره، ولو ألقى قمامة المنزل المزلقة أو رش الدرب قال: يضمن(٤) ، والوجه تخصيص الضمان بمن لم يشاهد القمامة والرش.

ولو اصطدمت سفينتان ضمن القيمان كل منهما نصف السفينتين وما فيهما من مالهما مع التفريط، وكذا الحمالان، ولو كانا مالكين فلكل على صاحبه نصف قيمة ما أتلفه، ولو لم يفرطا بأن غلبهما الهواء فلا ضمان، ولايضمن صاحب الواقفة

_____________________

(١) جمع روشن، وهى: أن تخرج أخشابا إلى الدرب وتبنى عليها وتجعل لها قوائم من أسفل، انظر: مجمع البحرين ٦ / ٢٥٥ روشن.

(٢) في(م): " عصف ".

(٣) في(م): " قصد ".

(٤) قالهما في المبسوط ٧ / ١٨٩(*)

٢٠٦

لو(١) وقعت عليها الاخرى، ويضمن صاحب الواقفة لو فرط، ولو أصلح السفينة حال السير أو أبدل لوحا أو أراد رم موضع فانهتك ضمن في ماله.

ولو وقع في زبية(٢) الاسد فتعلق بثان والثاني بثالث والثالث برابع، فعن علي عليه السلام: أن الاول فريسة الاسد وعليه ثلث دية الثاني، وعلى الثاني ثلثا دية الثالث، وعلى الثالث دية الرابع(٣) .

ويحتمل وجوب دية الثاني على الاول والثالث على الثاني والرابع على الثالث، ولو شرك بين مباشر الامساك والمشارك بالجذب، فعلى الاول دية ونصف وثلث، وعلى الثاني نصف وثلث، وعلى الثالث ثلث.

ولو جذب الاول ثانيا إلى بئر والثاني ثالثا وماتوا بوقوع كل منهم على صاحبه، فالاول مات بفعله وفعل الثاني فيسقط مقابل فعله، والثاني مات بجذبه الثالث وبجذب الاول فيسقط مقابل فعله، ولا ضمان على الثالث وله دية كاملة، فإن رجحنا المباشر فديته(٤) على الثاني، وإلا عليهما.

ولو صاح بصغير فارتعد وسقط من سطح ضمن، ولو خوف حاملا فأجهضت ضمن الجنين، ولو حفر في ملكه بئرا فسقط جدا جاره فلاضمان، ولو حفر بئرا قريبة العمق فعمقها آخر فالضمان على الاول، ويحتمل التساوي.

_____________________

(١) في(س) و(م): " اذا ".

(٢) قال المقدس في مجمعة " الزبية بالصم حفيرة تحفر لاسد، وهذه الواقعة مشهورة بين أصحابنا بلل بين غيرهم أيضا ".

(٣) روى الحديث الكلينى في الكافى ٧ / ٢٨٩ حديث ٣، والشيخ في التهذيب ١٠ / ٢٣٩ حديث ٩٥١، بسندها عن محمد بن قيس عن أبى جعفر عليه السلام قال: قضى أميرالمؤمنين عليه السلام في أربعة نفر اطلعوا في زبية الاسد، فخر أحدهم فاستمسك بالثانى واستمسك الثانى باثالث واستمسك الثالث بالرابع، حتى أسقط بعضهم بعضا على الاسد فقتلهم الاسد، فقضى بالاول فريسة الاسد وغرم أهله ثلث الدية لاهل الثانى وغرم أهل الثانى لاهل الثالث ثلثى الدية وغرم الثالث لاهل الرابع دية كاملة

(٤) في(م): " فالدية "(*).

٢٠٧

(ولو تصادمت مستولدتان بعد التكون علقة، وقيمة إحداهما مائتان والاخرى مائة، فلصاحب النفيسة مائة وعشرون، وعلى صاحب الخسيسة مائة، لانها أقل الامرين، وله سبعون، فيفضل عليه ثلاثون)(١) .

المقصد الثاني فيمن تجب عليه

تجب دية العمد وشبهه على الجاني في ماله، ودية الخطأ على العاقلة، فهنا مطالب:

الاول جهة العقل أربعة:

العصوبة، والعتق، وضمان الجريرة، والامامة.

فالعصبة كل من يتقرب بالاب أو بالابوين من الذكور البالغين العقلاء، كالاخوة وأولادهم والعمومة وأولادهم(٢) وإن كان غيرهم أولى بالميراث، قال الشيخ: ولا يدخل الآباء والاولاد، ولا يشركهم القاتل ولا الفقير، ويعتبر فقره عند المطالبة، ويقدم المتقرب بالابوين على المتقرب بالاب(٣) .

ويعقل المولى من أعلى لامن أسفل، ويعقل الضامن لا المضمون، ويقدم العصبة ثم المعتق ثم ضامن الجريرة ثم الامام، ولا تعقل العاقلة عبدا ولا صلحا ولا عمدا مع وجود القاتل وإن أوجبت الدية كقتل الاب، ولا ما يجنيه على نفسه خطأ

_____________________

(١) ما بين القوسين لم يرد في(م) ورود في متن نسخة(الاصل) ورود في متن نسخة(الاصل) وفي حاشيتها: " هذه المسألة ضرب المصنف رحمه الله عليها بخطه ".ورد أيضا في حاشية(س) مع وجود علامة القسط والصحة، ورود أيضا في(ع) معبرا عنه بالنسخة.قال الشهيد رحمه الله في غاية المراد بعد نقل نص ما بين القوسين: " أقول: هذه المسألة مضروب عليها في أصل المصنف الذى بخطه، وهى موجودة في أكثر النسخ، لانها ستارت قبل الضروب من المنصف أو غيره " فتأمل ".

(٢) لفظ " والعمومة وأولادهم " لم يرد في(م).

(٣) قاله في المبسوط ٧ / ١٧٤ و ١٧٥.

٢٠٨

ولا إقرارا، ودية جناية الذمي في ماله وإن كانت خطأ، فإن عجز فعلى الامام، وتحمل العاقلة دية الموضحة فما زاد، للشيخ(١) قولان فيما دونهما.

الثاني: في كيفية التوزيع

وتقسط على الغني نصف دينار وعلى الفقير ربع، وقيل: بحسب ما يراه الامام(٢) ، وتؤخذ من الاقرب، فإن ضاقت فمن الابعد أيضا، فإن ضاقت فمن المعتق، فإن ضاق فمن عصبة المعتق، فإن ضاقت فمن معتق المعتق، فإن ضاقت فمن عصبة معتق المعتق، فأن فقد(٣) فمن معتق[ معتق ](٤) المعتق، فإن فقد فمن معتق أب المعتق، فإن فقد فمن عصبة معتق أب المعتق وهكذا، ولو زادت الدية عن العاقلة أجمع فمن الامام، وقيل: من القاتل(٥) ، ولو زادت العاقلة عن الدية لم يخص البعض، ولو غاب البعض لم يخص الحاضر.

وتستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين من حين الموت، وفي الطرف من حين الجناية، وفي السراية من حين الاندمال، ولا يتوقف الاجل على الحاكم، ولو مات بعض العاقلة بعد الحلول لم تسقط عن تركته، ولو هرب قاتل العمد وشبيهه أو مات أخذت من الاقرب إليه ممن يرث ديته، فإن فقد فمن بيت المال.

قال الشيخ: ويستأدى الارش بعد حول إن لم يزد على الثلث، وإلا اخذ

_____________________

(١) ذهب إلى التحميل في الخلاف: مسألة ١٠٦ من كتاب الديات وذهب إلى عدم التحميل في النهاية: ٧ ٧٣.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٧ / ١٧٨، والمحقق في الشرائع ٤ / ٢٩٠، وغيرهما.

(٣) في(س) و(م): " فان ضافت "

(٤) زادة من في(س) و(م).

(٥) قال الشهيد في غاية المراد: " قول المصنف: وقيل القاتل، ما قواه المحقق من أنها على الاخ، فلا يكون ذلك قولا للمحقق، وليس هناك قائل فيما علمته بكونها على القاتل من خصوصيد هذه المسألة، نعم لو كانت العاقلة فقراء ابتداء وجبت على القاتل عند الشيخ في النهاية وسلار وأبى الصلاح ".

٢٠٩

الزائد بعد الحول الثاني، ولو كان أكثر من الدية كاليدين والرجلين لاثنين حل لكل واحد ثلث بعد سنة، وإن كان لواحد حل له ثلث لكل جناية سدس(١) .

الثالث: في الاحكام

فلا(٢) يعقل إلا من عرف كيفية انتسابه إلى القاتل، ولا يكفي كونه من القبيلة، ولو قتل الاب ولده خطأ فالدية على العاقلة، وأجود القولين(٣) منعه من الارث فيها لا في التركة(٤) ، ولا يضمن العاقلة جناية بهيمة ولا إتلاف مال وإن كان المتلف صبيا أو مجنونا.

ولو رمى طائرا ذميا(٥) ثم أسلم فقتل السهم مسلما، لم يعقل عصبته المسلمون

_____________________

(١) قاله في المبسوط ٧ / ١٧٦.

(٢) في(م): " ولا " وقال المقدس في مجمعه: " عدم الفاء أظهر، كانه أراد التفريح على ما سبق من أنه لما كان العقل على ما سبق أنه لما كان العقل على القرابة وذى النسب أولا فلا يضمن الا من عليه كيفية انتسابه إلى القاتل ".

(٣) لا اشكال في أن القاتل عمدا ظلما لا يرث مقتوله، انما الاشكال فيما اذا كان القاتل خطأ، فهل يرث مقتوله؟ فيه ثلاثة أقول:

(أ) يرث مطلقا، وهو اختيار سلار في المراسم ٢١٨، والمحقق في الشرائع ٤ / ١٤، وغيرهما.

(ب) بمنع مطلقا، وهو اختيار الفضل بن شاذان كما عنه في الكافى ٧ / ١٤٢، وابن أبى عقيل كما عنه في المختلف: ٧٤٢، وظاهر الكلينى في الكافى ٧ / ١٤٢ فانه نقله عن الفضل وسكت، وغيرهم.

(ج) يمنع من الدية خاصة، وهو اختيار ابن الجنيد كما عنه في المختلف ٧٤٣، والسيد المرتضى في الانتصار: ٣٠٧، وأبوالصلاح في الكافى: ٣٧٥، وابن البراج في المهذب ٢ / ١٦٢، وابن حمزة في الوسيلة: ٤٧٥، وابن زهرة في الغنيية ٥٤٦، وابن ادريس في السرائر ٤٠٥ وغيرهم ولزيادة راجع: مفتاح الكرامة ٨ / ٤١ ٤٦، جواهر الكلم ٣٩ / ٣٧ ٤٠.

(٤) في(م): " وأجود القول منعه ممن الارث منها من التركة ".

(٥) لفظ " ذميا " منصوب على الحال، أى: رمى في حال كونه ذميا، وفي(م): " ذمى ".

٢١٠

لانه حال الرمي ذمي، ولا الكفار لتجدد الرمي ذمي، ولا الكفار لتجدد إسلامه، فيضمن الديد في ماله، ولو رمى طائرا مسلما(١) ثم ارتد ثم أصاب مسلما م يعقل عصبت المسلمون على إشكال، ولا الكفار.

والشركاء في عتق عبد واحد كالواحد يلزمهم نصف دينار، فإن مات أحدهم لم يضمن عصبته أكثر من حصته.

والمتولد بين عتيقين يعقله مولى الاب، فإن كان الاب رقيقا عقله مولى الام، فإن اعتق الاب انجر الولاء، فإن جنى الولد قبل جر الولاء فأرش الجناية على مولى الام والزائد بالسراية بعد الانجرار على الجاني، لانه نتيجة جناية قبل الجر فلا يحمله مولى الاب، وحصل بعد الجر فلا يحمله مولى الام، وهو بين موال فلا يحمله الامام.

المقصد الثالث في دية النفس

المقتول إما مسلم(٢) ومن هو بحكمه، أو كافر، والثاني لادية له إلا أن يكون يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا، فديته ثمانمائة درهم إن كان ذكرا حرا، وإن كان عبدا فقيمته مالم تتجاوز دية مولاه، وإن كان انثى فأربعمائة، وإن كانت أمة فقيمتها ما لم تتجاوز دية الذمية، وحكم أطفالهم حكمهم، وفي المسلم عبد الذمي إشكال.

وأما المسلم ومن هو بحكمه من الاطفال المولودين على الفطرة أو الملتحق بإسلام أحد أبويه، فإن كان حرا ذكرا وكان القتل عمدا فديته أحد الستة: إما ألف دينار، أو ألف شاة، أو عشرة آلاف(٣) درهم، أو مائتا حلة هي أربعمائة ثوب من برود اليمن، أو مائة من مسان الابل، أو مائتا بقرة، وتستأدي في سنة واحدة من مال الجاني، ويتخير الجاني في بذل أيها شاة، ولا تجزي المراض ولا القيمة.

_____________________

(١) لفظ " مسلما " منصوب على الحال، أى رمى في حال كونه مسلما.

(٢) في(م): " أما ".

(٣) في(س): " ألف "(*)

٢١١

ودية شبيه العمد ثلاث وثلاثون حقة وثلاث وثلاثون بنت لبون وأربع وثلاثون ثنية طروقة الفحل، أو أحد الخمسة المذكورة من مال الجاني في سنتين، ويرجع في معرفة الحامل إلى العارف، فإن ظهر الغلط وجب البدل، وكذا لو أزلقت(١) قبل التسليم وإن احضر، وإن(٢) كان بعده فلا شئ.

ودية الخطأ المحض أحد الخمسة، أو مائة من الابل: عشرون بنت مخاض وعشرون ابن لبون ذكر وثلاثون بنت لبون وثلاثون حقة من مال العاقلة، وتستأدى في ثلاث سنين وإن كانت دية طرف.

ولو قتل في الشهر الحرام أو الحرم الزم دية وثلثا، ولا تغليظ في الاطراف، ولو رمى في الحل فقتل في الحرم غلظ، وفي العكس إشكال، ويضيق على الملتجئ إلى الحرم إلى أن يخرج فيقتص منه، ولو جنى في الحرم اقتص منه فيه(٣) ، قال الشيخ: وكذا في مشاهد الائمة عليهم السلام(٤) .

ودية الانثى نصف ذلك، وولد الزنا كالمسلم على رأي، وكالذمي على رأي، ولا دية لغير الذمي وإن كانوا أهل عهد أو لم تبلغهم الدعوة، ودية العبد قيمته ما لم تتجاوز دية الحر فترد إليها.

ودية جنين الحر المسلم مائة دينار إذا تم ولم تلجه الروح ذكرا كان أو انثى، وجنين(٥) الذمي عشر دية أبيه، والمملوك عشر قيمة امه المملوكة، وتعتبر قيمتها وقت الجناية لا الالقاء، ولو كان الحمل زائدا عن واحد فلكل واحد دية.

_____________________

(١) أى: أسقطت.

(٢) في(م): " ولو ".

(٣) لفظ " فيه " لم يرد في(م).

(٤) قاله في النهاية: ٦ ٧٥.

(٥) في(م): " ودية جنين "(*)

٢١٢

ولو ولجته الروح فدية كاملة للذكر ونصف للانثى بشرط تيقن(١) الحياة، ولو لم تتم خلقته قيل: غرة(٢) ، والمشهور في النطفة بعد استقرارها عشرون دينارا وفي العلقة أربعون، وفي المضغة ستون، وفي العظم ثمانون، وفيما بين ذلك بحسابه.

ولو قتلت ومات معها بعد علم حياته فدية للمرأة ونصف الديتين للجنين إن جهل حاله، ولو علمت الذكورة أو الانوثة حكم بديتها، ولو ألقته ضمنت وإن كان تسبيبا، ولو افزعت فالدية على المفزع، ولو افزع المجامع فعزل فعليه عشرة دنانير.

ولو أسلمت الذمية بعد الضرب ثم ألقته لزمه دية جنين مسلم، ولو ضرب الحربية فلا شئ لعدم الضمان حال الضرب، ولو كانت أمة فاعتقت فللمولى عشر قيمة أمته يوم الجناية.

ولو اعترف الجاني بحياته ضمن العاقلة جنينا غير حي والضارب الباقي، ولو أنكر فأقام هو والولي بينتين(٣) حكم للولي، ولو ألقته فمات بعد الالقاء، أو بقي ضمنا(٤) حتى مات، أو كان صحيحا ومثله لا يعيش قتل الضارب مع العمد، ولو كانت حياته مستقرة فقتله آخر عزر الاول وقتل الثاني مع العمد، ولو لم تكن مستقرة عزر الثاني وقتل الاول، ولو اشتبه فلا قود وعليه الدية، ولو وطأها ذمي ومسلم واشتبه اقرع والزم الضارب دية جنين من الحق به.

_____________________

(١) في متن(س): " تعيين " وفى الحاشية: " تيقن خ ل ".

(٢) الغرة عند الفقهاء: العبد الذى ثمنه عشر الدية، انظر: مجمع البحرين ٣ / ٤٢٢، غرر ويحتمل في نسخة(الاصل) و(س): " عشرة " وعلى كل حال فالقائل بهذا القول الشيخ في الخلاف: مسألة ١٢٦ من كتاب الفرائض: وفيه: أن عليه غرة.

(٣) في(م): " ببينتين ".

(٤) أى: مريضا زمنا، انظر: لسان العرب ١٣ / ٢٦٠ ضمن(*)

٢١٣

ولو ألقت عضوا فدية عضو الجنين، وكذا لو ألقت أربعة أيد، ولو ماتت لزمه ديتها ودية الجنين، ولو ألقت العضو ثم الجنين تداخلت دية العضو في دية الجنين، سواء كان ميتا أو حيا غير مستقر الحياة، ولو استقرت حياته ضمن دية اليد، ولو تأخر وحكم العارفون بأنها يدحي فنصف الدية، وإلا فنصف المائة.

ويرث دية الجنين وارث المال الاقرب فالاقرب، ودية جراحاته وأعضائه(١) بنسبة ديته، وفي قطع رأس الميت مائة دينار، وفي جوارحه وشجاجه بحسب ذلك، ويصرف في وجوه البر لا الوارث، وقال المرتضى(٢) : لبيت المال(٣) .

تتمة: من أتلف مأكول اللحم أو غيره مما تقع عليه الذكاة بالذكاة ضمن الارش، وليس للمالك دفعه وأخذ القيمة على رأي، ولو أتلفه لا بالذكاة أو ما لاتقع عليه الذكاة فالقيمة، ففي كلب الصيد أربعون درهما، وفي كلب الغنم كبش أو عشرون(٤) ،

_____________________

(١) في(م): " ودية أعضائه وجراحاته ".

(٢) قال النجاشى في رجاله ٢٧٠ و ٢٧١: " على بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى ابن ابراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب عليه السلام، أبوالقاسم المرتضى، حاز من العلوم ما لم يدانه فيه أحد في زمانه، وسمع من الحديث فأكثر، وكان متكلما شاعرا أديبا عظيم المنزلة في العلم والدين والدنيا.

مات رضى الله عنه لخمس بقين من شهر ربيع الاول سنة ست وثلاثين وأربعمائه، وصلى عليه ابنه في داره ودفن فيها، وتوليت غسله ومعى الشريف أبويل محمد بن الحسن الجعفرى وسلار بن عبدالعزيز " وقال المصنف في رجاله:٩٤ ".ذو المجدين علم الهدى رضى الله عنه، متوحد في علوم كثيرة مجمع على فضله مقدم في علوم، مثل علم الكلام والفقيه واصول الفقه في علوم كثيرة مجمع على فضله مقدم في علوم، مثل علم الكلام والفقه واصول الفقه والادب من النحو والشعر واللغة وغير ذلك، وله ديوان شعر يزيد على عشرين ألف بيت.وكان مولده سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، ويوم توفى كان عمره ثمانين سنة وثمانية أشهر وأيام، نضر الله وجهه.

(٣) نقله عنه المحقق في الشرائع ٤ / ٢٨٤، ولم أجده في كتبه المتوفرة لدى.

(٤) في حاشية(س): " درهما خ ل "(*)

٢١٤

وفي كلب الحائط عشرون، وفي كلب الزرع قفيز(١) بر، ولا قيمة لغيرها من الكلاب، وهذه التقديرات للقاتل، أما الغاصب فالقيمة وإن زادت، ولو أتلف على الذمي خنزيرا فالقيمة عند مستحليه وفي أطرافه الارش، ولو أتلف الذمي(٢) خمرا أو آلة لهو لمثله ضمنها، ولو كان مسلما لمسلم أو لذمي متظاهر فلا ضمان، ولو كان لذمي مستتر ضمن بقيمته عند مستحليه، ولو جنت الماشية على الزرع ضمن مالكها مع التفريط لا بدونه، وقيل: يضمن ليلا لانهارا(٣) ، وعن علي عليه السلام في بعير عقل أحد الاربعة يده فوقع في بئر فاندق: يضمن(٤) الثلاثة حصته(٥) .

المقصد الرابع في دية الاطراف

كل ما لا تقدير فيه ففيه الارش، وفي شعر الرأس أو اللحية الدية، فإن نبتا(٦) فالارش، وفي شعر المرأة ديتها، فإن نبت فمهر نسائها، وفي الحاجبين خمسمائة دينار، وفي أحدهما النصف، وفى البعض بالحساب، وفي الاهداب الارش ولا شئ مع الاجفان وقال الشيخ: الدية، ومع الاجفان ديتان(٧) .

_____________________

(١) في(م): " قفيز من بر "

(٢) لفظ " على الذمى " لم يرد في(م).

(٣) ذهب اليه الشيخ في المبسوط ٨ / ٧٩ وأبوالصلاح في الكافى: ٤٠١، وابن حمزة في الوسيلة: ٤٢٨، وغيرهم.

(٤) في(م): " تضمين ".

(٥) روى هذا الحديث الشيخ في التهذيب ١٠ / ٢٣ حديث ٩١٠، والصدوق في الفقيه ٤ / ١٢٧ حديث ٤٥٠، بسندهما عن محمد بن قيس عن ابى جعفر عليه السلام قال: قضى اميرالمؤمنين عليه السلام في أربعد أنفس شركاء في بعير، فعقله أحدهم فانطلق البعير فبعث في عقاله فتردى فانكسر، فقال أصحابه للذى عقله: اغرام لنا بعيرنا، قال: فقضى بينهم أن يغرموا له من أجل أنه أوثق حظه فذهب بحظه.

(٦) في(س): " ثبتا ".

(٧) قاله في الخلاف: مسألة ٢٥ من كتاب الديات، وفي(س) وم): " الديتان ".

٢١٥

وفي العينين الدية، وفي كل واحدة النصف، وفي الاجفان الدية، وفي كل واحد الربع على رأي، وفي البعض بالحساب، ولا تتداخل مع العين، وفي صحيحة الاعور خلقة أو بآفة من الله الدية، ولو استحق أرشها فالنصف، وفي خسف العوراء الثلث.

وفي الانف الدية، وكذا مارنه(١) أو كسر ففسد، ولو جبر على غير عيب فمائة، وفي شلله ثلثا ديته، وفي الروثة - وهي: الحاجز - نصف الدية، وفي أحد المنخرين النصف، وقيل: الثلث(٢) .

وفي الاذنين الدية، وفي كل واحدة النصف، وفي البعض بالحساب، وفي شحمتها ثلث ديتها، وفي خرمها ثلث ديتها.

وفي الشفتين الدية وفي كل واحدة النصف، وقيل: الثلث في العليا(٣) ، وقيل: أربعمائة وفي السفلى الباقي وفي البعض بالنسبة مساحة(٤) ، وحد السفلى: ما يتجافى(٥) عن اللثة مع طول الفم، والعليا: ما يتجافى(٦) عنها متصلا بالمنخرين مع طول الفم، وليست حاشية الشدقين منهما، فإن تقلصت فالحكومة، وقيل: ديتها(٧) ، وفي الاسترخاء الثلثان.

وفي اللسان الدية، وفي الاخرس الثلث، وفي البعض بنسبة ما يسقطه من حروف المعجم - وهي: ثمانية وعشرون حرفا(٨) - فلو أسقط نصفها فنصف الدية

_____________________

(١) المارن: ما دون قصبة الانف، وهو: مالان، انظر: مجمع البحرين ٦ / ٣١٦ مرن.

(٢) ذهب اليه ابن الجنيد كما عنه في المختلف: ٨١٩، والمحقق في الشرائع ٤ / ٢٦٣، وغيرهما.

(٣) اختاره الشيخ في المبسوط ٧ / ١٣٢، وسلار في المراسم، ٤ ٢٤، والحلبى في الكافى: ٣٩٨، وغيرهم.

(٤) قاله ابن حمزة في الوسيلة:، ٤٤٣ وعيره، وفي(م): " وفى البعض بنسية مساحته ".

(٥) و(٦) في(س) و(م): " ما تجافى ".

(٧) قاله الشيخ في المبسوط ٧ / ١٣٣.

(٨) لفظ " حرفا " لم يردفى(م)(*)

٢١٦

وإن قطع ربعه، وبالعكس(١) ، وفي الاخرس بالمساحة، ولو ازداد سرعة أو ثقلا أو[ نقل ](٢) الفاسد إلى الصحيح فالحكومة، فإن جنى آخر بعد ذهاب بعض الحروف أخذ بنسبما ذهب من الباقي، ولو قطعه آخر بعد إعدام الكلام فعليه الثلث، وفي لسان الطفل الدية، فإن بلغ حد الكلام ولم يتكلم فالثلث، فإن تكلم بعد[ قطعه ](٣) حسب الذاهب من الحروف وأخذ من الجاني بنسبته، ويصدق الصحيح في ذهاب نطقه عند الجناية مع القسامة بالاشارة، ولو اذهب النطق عاد فللشيخ قولان(٤) في استعادة الدية، ولو أنبت الله اللسان بعد قطعه فلا استرجاع وكذا سن المثغر(٥) ولو كان له طرفان فأذهب أحدهما ونطق بالحروف فالارش.

وفي الاسنان الدية، وتقسم على ثمانية وعشرين: اثنا عشر مقاديم ثنيتان ورباعيتان ونابان ومثلها من أسفل وستة عشر مآخير، وهي: من كل جانب ضاحك وثلاثة أضراس، ففي كل سن من المقاديم خمسون دينارا، وفي كل من المآخير خمسة[ و ](٦) عشرون، وفي الزائدة المنفردة(٧) الثلث، ولا شئ مع الانضمام، فإن اسودت بالجناية ولم تسقط أو انصدعت(٨) فالثلثان، وفى المسودة الثلث، ودية السن في الظاهر مع السنخ، ولوكسر الظاهر خاصة فالدية فإن قلع آخر

_____________________

(١) أى: لو أسقط ربعها فربع الدية وان قطع نصفه.

(٢) في(الاصل) و(س): " تنقل " والمثبت من هو الانسب.

(٣) زيادة من(س).

(٤) ذهب إلى الاستعادة في المبسوط ٧ / ١٣٦، وذهب إلى عدم الاستعادة في الخلاف: مسألة ١٣٦ من كتاب الديات.

(٥) أى: وكذا في سن المثعر لاسترجاع فيه، والمثغر: من سقطت أسنانه الرواضع التى من شأنها السقوط ونبت مكانها، انظر: مجمع البحرين ٣ / ٢٣٦ ثغر، وفي(م): " المتغر ".

(٦) زيادة من(س) و(م).

(٧) في(س) و(م): " منفردة ".

(٨) في(س) و(م): " تصدعت "

٢١٧

فعليه حكومة، فإن(١) نبت سن الصغير فالارش، وإلا الدية.وفي العنق إذا كسر فاضور(٢) أو منع الازدراد فالدية، فإن زال فالارش، وفي اللحيين(٣) من الطفل أو من(٤) لا أسنان له الدية، ولو قلعا مع الاسنان فديتان، وفي نقصان المضغ أو تصلبهما الارش.

وفي اليدين الدية، وفي كل واحدة(٥) النصف، وحدهما: المعصم، فإن قطع معها بعض الزند فالدية وحكومة، وإن قطعت من المرفق أو المنكب فدية واحدة، ولوكان على المعصم كفان باطشان فالازيد[ بطشا ](٦) هو الاصلي وإن كانت منحرفة عن الساعد، ولو تساويا فلا قصاص في إحداهما وفيه نصف دية اليد وزيادة حكومة، وفي الذراعين الدية، وكذا في العضدين، وفي كل اصبع من اليدين أو الرجلين مائة دينار، وفي كل أنملة ثلثها، إلا في الابهام فالنصف، وفي الزائدة ثلث الاصلية سواء الاصبع والانملة، وفي شلل الاصبع ثلثا ديتها، وفي قطع المشلولة الثلث وإن كان خلقة، وفي الظفر عشرة دنانير إن لم ينبت أو نبت أسود، فإن نبت أبيض فخمسة، ولو قطعت اليد دخلت الاصابع في ديتها، فإن قطع الكف بعد الاصابع فالحكومة.

وفي الظهر إذا كسر أو أحدودب أو تعذر القعود فالدية، فإن صلح فالثلث، ولو كسر الصلب وجبر على غير عيب فمائة دينار(٧) ، فإن عثم(٨) فألف، ولو شلت الرجلان بكسرة فدية وثلثان، ولو ذهب مشيه وجماعه بكسره فديتان.

_____________________

(١) في(م): " وان ".

(٢) أى: التورى، انظر: مجمع البحرين ٣ / ٣٧٥ ضور.

(٣) بفتح الام: العظمان اللذان تنبت اللحية عل بشرتهما، ويقال لملتقاهما الذفن، وعليهما نبات الاسنان السفلى، انظر: مجمع البحرين ١ / ٣٧٣ لحا.

(٤) في(م): " ومن لا ".

(٥) في(س): " واحد ".

(٦) زيادة من(س).

(٧) لفظ " دينار " لم يرد في(م).

(٨) أى: انجير على غير استواء، انظر: لسان العرب ١٢ / ٣٨٤ عثم

٢١٨

وفي قطع النخاع الدية، وفي الذكر وإن كان للصبي أو المسلول أو الحشفة فما زاد الدية، ولو قطع بعض الحشفة نسب المقطوع إلى باقيها خاصة، ولو قطع الحشفة وآخر الباقي فعلى الاول دية وعلى الثاني حكومة، وفي العنين الثلث.

وفي الخصيتين الدية، وفي كل واحدة النصف، وقيل: في اليسرى الثلثان(١) ، وفي ادرة(٢) الخصيتين أربعمائة دينار، فإن فحج(٣) وتعذر المشي فثمانمائة[ دينار ](٤) وفي الاليين الدية، وفي كل واحدة النصف.

وفي الرجلين الدية، وفي كل واحدة النصف، وحدهما: مفصل الساق(٥) ، وفي الساقين الدية، وكذا في الفخذين، وفي الشفرين الدية(٦) ، وفي كل واحدة(٧) النصف(٨) ، وفي الركب حكومة.

وفي إفضائها ديتها إلا من الزوج للبالغة، فإن كان قبله ضمن الزوج المهر والدية وأنفق حتى يموت أحدهما، وإن أكرهها غير الزوج فالمهر الدية، ولا مهر لو طاوعته وعليه الدية، ولو كانت بكرا فلها أرش البكارة زائدا عن المهر، فإن اقتض بكرا بإصبعه فخرق مثانتها بحيث لا تملك بولها فالدية ومهر المثل.

وفي الثديين ديتها، وفي كل واحد(٩) النصف، ولو انقطع اللبن أو تعذر

_____________________

(١) قاله سلار في المراسم: ٢٤٤، والقاضى في المهذب ٢ / ٤٨١، وابن حمزة في الوسيلة: ٤٥١.

(٢) وهى: النفخة، انظر: العين ٨ / ٦٥ أدر.

(٣) الفحج: تباعد ما بين الرجلين، انظر: مجمع البحرين ٢ / ٣٢١ فحج، والمراد منه هنا شدد انتفاخ الخصيتين، بحيث تكون سببا في تباعد ما بين الرجلين فيتعذر المشى.

(٤) زيادة من(س).

(٥) في(س): " الساقين ".

(٦) في(س) و(م): " دية المرأة ".

(٧) في(س) و(م): " واحد ".

(٨) في(س): " نصف ".

(٩) في(م): " واحدة "

٢١٩

نزوله منهما فالحكومة، فإن قطع معهما شئ(١) من جلد الصدر فديتها(٢) والحكومة، وفي الحملتين ديتهما(٣) ، وكذا في حلمتي الرجل على رأي، وقيل: في حلمتي(٤) الرجل الثمن(٥) .

وفي كل ضلع يخالط القلب إذا كسر خمسة وعشرون دينارا، وفيما يلي العضدين عشرة، وفي كسر البعصوص(٦) بحيث لا يملك الغائط، أو العجان(٧) بحيث لا يملك الغائط والبول الدية.

وفي كسر عظم من عضو خمس دية العضو، فإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية كسره، وفي موضحته ربع دية كسره، وفي رضه ثلث ديته، فإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية رضه، وفي فكه بحيث يتعطل العضو ثلثا ديته، فإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية فكه.

وفي الترقوة(٨) إذا كسرت فجبرت على غير عيب أربعون[ دينارا ](٩) ومن داس بطن إنسان حتى أحدث اقتص منه، أو فدى نفسه بثلث الدية.

_____________________

(١) في(م): " شيئا ".

(٢) في(س): " فديتهما ".

(٣) قال الشهيد في غاية المراد: " الضمير في ديتهما يعود إلى الثديين، والمراد منه: حملتا ثدى المرأد ".

(٤) في(س): حملة ".

(٥) هذا القول في كتاب ظريف بن ناصح عنه في الفقيه ٤ / ٩٥ والتهذيب ١٠ / ٦٥، واختاره أيضا الشيخ الصدوق في الفقيه ٤ / ٩١، وابن حمزه في الوسيلة: ٤٥٠، وابن سعيد في الجامع: ٥٩٠.

(٦) وهو: عظم دقيق حول الدبر، انظر: مجمع البحرين ٤ / ١٦٤ بعص.

(٧) وهو: ما بين الخصيصة وحلقة الدبر، انظر: مجمع البحرين ٦ / ٢٨١ عجن.

(٨) وهى: العظام المكتنفة لثغرة النحر، انظر: مجمع البحرين ٥ / ١٤٢ ترق.

(٩) زيادة من(س).

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307