العقائد الإسلامية الجزء ٤

العقائد الإسلامية7%

العقائد الإسلامية مؤلف:
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 523

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 523 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 195967 / تحميل: 7973
الحجم الحجم الحجم
العقائد الإسلامية

العقائد الإسلامية الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

وفي ميزان الاعتدال: ٢/٤١٠:

عن أنسرضي‌الله‌عنه مرفوعاً: من أحبني فليحب علياً، ومن أبغض أحداً من أهل بيتي حرم شفاعتي.. الحديث. وذكره في لسان الميزان: ٣/٢٧٦

وفي مجمع الزوائد: ٧/٥٨٠:

عن النبي ( ص ) قال.. لا يبغضنا أهل البيت أحدٌ إلا أكبه الله في النار..

ورواه الدهلوي في حياة الصحابة: ٢/٣٦٩

وفي فردوس الأخبار: ٣/٦٢٦:

عن عليعليه‌السلام ( عن النبي ): من لم يعرف حق عترتي فهو لاحدى ثلاث: إما منافق وإما لزنية، وإما امرؤ حملت به أمه بغير طهر.

وفي بشارة المصطفى للطبري الشيعي/١٥٠:

قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى، أخبرنا الحسين بن موسى، أخبرنا الحسين بن ابراهيم بن بابويه، أخبرنا علي بن ابراهيم بن همام، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن ابن زياد، عن عبيد الله بن صالح، عن زيد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي من أحبني وأحبك وأحب الأئمة من ولدك، فليحمد الله على طيب مولده، فإنه لا يحبنا إلا من طابت ولادته، ولا يبغضنا إلا من خبثت ولادته!!

وويلٌ للمكذبين بفضلهم

وفي كنز العمال: ١٢/١٠٣:

من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن التي غرسها ربي، فليوال علياً من بعدي، وليوال وليه، وليقتد بأهل بيتي من بعدي، فإنهم عترتي، خلقوا من طينتي، ورزقوا فهمي وعلمي، فويلٌ للمكذبين بفضلهم من أمتي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي ( الخطيب، والرافعي، عن ابن عباس ).

١٢١

ورواه الكنجي في كفاية الطالب/٢١٤، عن ابن عباس عن النبي ( ص ).

ورواه في مناقب آل أبي طالب: ١/٢٥١

واللعنة على ظالميهم وقاتليهم

في مستدرك الحاكم: ٢/٥٢٥:

عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن موهب قال سمعت علي بن الحسين يحدث عن أبيه عن جدهرضي‌الله‌عنه قال: قال رسول الله ( ص ): ستة لعنتهم ولعنهم الله وكل نبى مجاب: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمتسلط بالجبروت ليذل من أعز الله ويعز من أذل الله، والتارك لسنتي، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والمستحل لحرم الله. انتهى.

ثم رواه بسند آخر وصححه، وقال: قد احتج الإمام البخاري بإسحاق بن محمد الفروي وعبد الرحمن بن أبي الرجال في الجامع الصحيح. وهذا أولى بالصواب من الاسناد الأول. انتهى.

راجع أيضاً: المستدرك: ٣/١٤٩، و١/٣٦

ورواه الطبراني في الأوسط: ٢ ص ٣٩٨

ومجمع الزوائد: ٩/٢٧٢

وابن أبي عاصم في السنة: ٢/٦٢٨ والأزرقي في أخبار مكة: ١ جزء ٢/١٢٥

وفي المعجم الكبير للطبراني: ١٧/٤٣:

عن عمرو بن سعواء اليافعي قال قال رسول الله ( ص ): سبعة لعنتهم.. الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والتارك لسنتي والمستأثر بالفيء، والمتجبر بسلطانه.

وفي تاريخ الطبري: ٥/٤٢٦:

عن كثير بن عبد الله.. قال زهير بن القين لشمر: يا بن البوال على عقبيه ما إياك أخاطب، إنما أنت بهيمة! والله ما أظنك تحكم من كتاب الله آيتين...

١٢٢

فقال له شمر: إن الله قاتلك وصاحبك عن ساعة!

قال أفبالموت تخوفني... ثم أقبل على الناس.. فقال: عباد الله لا يغرنكم من دينكم هذا الجلف الجافي... فوالله لا تنال شفاعة محمد قوماً أراقوا دماء ذريته وأهل بيته!!

ولا يقبل عمل المسلم إلاّ بحبّهم

في المعجم الكبير للطبراني: ١١/١٤٢:

عن ابن عباس قال قال رسول الله ( ص ): يا بني عبد المطلب إني سألت الله لكم ثلاثاً، سألته أن يثبت قائمكم، ويعلم جاهلكم، ويهدي ضالكم... فلو أن رجلاً صفن بين الركن والمقام وصلى وصام، ثم مات وهو مبغضٌ لأهل بيت محمدرضي‌الله‌عنهم ، دخل النار!!

ورواه الدهلوي في حياة الصحابة: ٢/٣٦٢

وفي الطبراني الاوسط: ٣/١٢٢:

عن الحسن بن عليعليه‌السلام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إلزموا مودتنا أهل البيت، فإنه من لقي الله وهو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا، والذي نفسي بيده لا ينفع عبداً عمله إلا بمعرفة حقنا.

ورواه المفيد في الأمالي ص ١٣ و٤٤، ورواه في مجمع الزوائد: ٩/١٧٢

وفي مناقب آل أبي طالب: ٣/٢:

كتاب ابن مردويه، بالاسناد عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: يا علي لو أن عبداً عبد الله مثل ما دام نوح في قومه، وكان له مثل جبل أحد ذهباً فأنفقه في سبيل الله، ومد عمره حتى حج ألف عام على قدميه، ثم قتل بين الصفا والمروة مظلوماً، ثم لم يوالك يا علي، لم يشم رائحة الجنة، ولم يدخلها.

وفي تاريخ النسائي، وشرف المصطفى واللفظ له: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

١٢٣

لو أن عبداً قام لله تعالى بين الركن والمقام ألف عام، ثم ألف عام، ولم يكن يحبنا أهل البيت، لأكبه الله على منخره في النار!! انتهى.

وفي فردوس الأخبار: ٢/١٤٢ و٢٢٦:

عن ابن مسعود عن النبي ( ص ) قال: حب آل محمد يوماً، خير من عبادة سنة. ومن مات عليه دخل الجنة.

والأمة مسؤولةٌ عنهم يوم القيامة

في صحيح مسلم: ٧/١٢٢:

عن زيد بن أرقم ( قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خماً، بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال:

أما بعد، ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تاركٌ فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال:

وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي!!

وفي مجمع الزوائد: ١/١٧٠:

عن زيد بن ثابت، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني تركت فيكم خليفتين: كتاب الله، وأهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض.

رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات.

ورواه بنحوه: ٩/١٦٢، وقال: رواه أحمد، وإسناده جيد.

وروى الطبراني في الأوسط: ٢/٢٢٦:

عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وشبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين كسبه وفيما أنفقه، وعن حبنا أهل البيت.

١٢٤

وفي مجمع الزوائد: ١٠/٦٢٦:

عن ابن عباس قال قال رسول الله ( ص ): لا تزول قدما يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن جسد فيما أبلاه... وعن حبنا أهل البيت. قيل: يارسول الله فما علامة حبكم؟ فضرب بيده على منكب علي!

ورواه الكنجي في كفاية الطالب/٣٢٤، عن أبي ذر.

وروى الحسكاني في شواهد التنزيل: ٢/١٠٦:

وفي حديث أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم: وقفوهم إنهم مسؤولون. عن ولاية علي بن أبي طالب.

وهذه الأحكام مختصةٌ بهم ولا يقاس بهم أحد

في فردوس الأخبار: ٥/٣٤ ح ٧٠٩٤:

عن أنس بن مالك عن النبي ( ص ) قال: نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد. انتهى.

وفي فردوس الأخبار: ٤/٢٨٣:

وفي كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: لا يقاس بآل محمد من هذه الأمة أحد، ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً، هم أساس الدين، وعماد اليقين، اليهم يفيء الغالي، وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة. انتهى.

ولا نطيل في استعراض أحاديث المكانة الشرعية المختصة بأهل البيتعليهم‌السلام ، فهي في مصادر السنيين كثيرة وصريحة، تدل على أن حبهم وولايتهم وإطاعتهم بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من أركان الدين.. والافاضة في ذلك تخرجنا عن غرضنا.

ومحبو أهل البيت وشيعتهم جزءٌ من المقياس النبوي

فتح الباري: ١/٤٣١:

روى حديث ( تقتل عماراً الفئة الباغية ) جماعة من الصحابة، منهم قتادة بن

١٢٥

النعمان كما تقدم، وأم سلمة عند مسلم، وأبو هريرة عند الترمذي، وعبد الله بن عمرو بن العاص عند النسائي، وعثمان بن عفان، وحذيفة، وأبو أيوب، وأبو رافع، وخزيمة بن ثابت، ومعاوية، وعمرو بن العاص، وأبو اليسر، وعمار نفسه، وكلها عند الطبراني وغيره، وغالب طرقها صحيحة أو حسنة، وفيه عن جماعة آخرين يطول عدهم.

وفي هذا الحديث علمٌ من أعلام النبوة، وفضيلةٌ ظاهرةٌ لعلي ولعمار، ورد على النواصب الزاعمين أن علياً لم يكن مصيباً في حروبه.

وفي رواية ابن مسعود سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا اختلف الناس كان ابن سمية مع الحق.

وقال الحافظ ابن كثير: ومعلوم أن عماراً كان في جيش علي يوم صفين، وقتله أصحاب معاوية من أهل الشام، وكان الذي تولى قتله رجلٌ يقال له أبو الغادية، وقيل إنه صحابي! وفي رواية وقاتله في النار، لا أناله الله شفاعتي يوم القيامة!

وفي تاريخ بغداد: ٢/١٤٦:

عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: شفاعتي لأمتي، من أحب أهل بيتي، وهم شيعتي.

وحسنه العزيزي في السراج المنير: ٢/٣٧٠

ورواه في كنز العمال: ١٤/٣٩٨

وروى ابن أبي عاصم في السنة: ١/٣٣٤:

عن علي بن أبي طالب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أول من يرد علي الحوض أهل بيتي، ومن أحبني ( أحبهم؟ ) من أمتي.

١٢٦

كيف طبقت الخلافة القرشية سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فيهم!

جعلت الخلافة لعنهم على المنابر فريضة!

في صحيح مسلم: ٧/١٢٠:

عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أن تسب أبا تراب؟!

فقال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه! لأن تكون لي واحدة منهن أحب اليّ من حمر النعم!

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له ( وقد ) خلفه في بعض مغازيه فقال له علي يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي... الخ... وذكره فتح الباري: ٧/٦٠، عن مسلم والترمذي وأبي يعلى.

وفي مستدرك الحاكم: ٣/١٢١:

عن ابن أبي مليكة عن أبيه قال: جاء رجل من أهل الشام فسب علياً عند ابن عباس فحصبه ابن عباس فقال: يا عدو الله آذيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهينا. لو كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حياً لآذيته. هذا حديث صحيح الاسناد، ولم يخرجاه.

ورواه الحاكم في: ١/٣٦ ورواه الطبراني في الاوسط: ٢/٣٩٨، والصغير: ٣٩٨٢ والديلمي في فردوس الأخبار: ٢/٣٣٣ والهيثمي في مجمع الزوائد: ١/٤٢٥ و٧/٤١٨ و٥٨٠ - وابن حجر في الصواعق المحرقة/١٧٤

وابن العربي في شرح الترمذي: ٤ جزء ٨/٣١٨، وقال: رواه غير واحد عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، عن علي بن حسين، عن النبي مرسلاً، وهذا أصح.

ورواه في بحار الأنوار: ٢٧/٢٢٥

١٢٧

وأجبرت المسلمين على أن يكونوا نواصب

الخطط السياسية للمحامي أحمد حسين يعقوب/١٠٧:

خليفة المسلمين معاوية يرعى الرواية والرواة:

قال ابن أبي الحديد في شرح النهج: ٣/٥٩٥:

روى أبو الحسن على بن محمد بن أبي سيف المدائني في كتاب الاحداث قال: كتب معاوية نسخةً واحدة الى عماله بعد عام الجماعة:

أن برئت الذمة ممن روى شيئاً من فضل أبي تراب ( يعني الإمام علي ) وأهل بيته. ( يعني أهل بيت النبوة الكرام ) فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون علياً، ويبرؤون منه، ويقعون فيه، وفي أهل بيته، وكان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة، لكثرة من بها من شيعة عليعليه‌السلام ، فاستعمل عليهم زياد بن سمية وضم اليه البصرة، فكان يتتبع الشيعة وهو بهم عارف لأنه كان منهم أيام علي، فقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم، وقطع الأيدى والأرجل، وسمل العيون، وصلبهم على جذوع النخل، وطردهم وشردهم عن العراق، فلم يبق بها معروف منهم.

مرسوم آخر لخليفة المسلمين معاوية

ويضيف المدائني بالحرف:

وكتب معاوية الى عماله في جميع الآفاق أن لا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة!

وكتب اليهم: أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان، ومحبيه وأهل ولايته، والذين يروون فضائله ومناقبه، فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم، واكتبوا لي بكل ما يروى كل رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته.

ففعلوا ذلك حتى أكثروا من فضائل عثمان ومناقبه، لما كان يبعثه اليهم معاوية من الصلات والكسا والحبا والقطائع، ويفيضه في العرب منهم والموالي، فكثر ذلك

١٢٨

في كل مصر، وتنافسوا في المنازل والدنيا، فليس يجيء أحد من الناس عاملاً من عمال معاوية فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلا كتب اسمه وقربه وشفعه!

فلبثوا بذلك حيناً.

مرسوم ثالث لخليفة المسلمين معاوية

كتب معاوية الى عماله: إن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر، وفي كل وجه وناحية، فإذا جاكم كتابي هذا فادعوا الناس الى الرواية في فضائل الصحابة، والخلفاء الأوليين، ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب الا وتأتوني بمناقض له في الصحابة، فإن هذا أحب الى وأقر لعيني، وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته، وأشد عليهم من مناقب عثمان وفضله!

فقرئت كتبه على الناس، فرويت أخبار كثيرةٌ في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها، وجد الناس في رواية ما يجرى هذا المجرى، حتى أشاروا بذكر ذلك على المنابر، وألقي الى معلمي الكتاتيب، فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع، حتى رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن، وحتى علموا بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم، فلبثوا بذلك ماشاء الله.

مرسوم رابع لخليفة المسلمين معاوية

ثم كتب معاوية نسخةً واحدةً الى جميع البلدان: انظروا من قامت عليه البينة أنه يحب علياً وأهل بيته فامحوه من الديوان، وأسقطوا عطاءه ورزقه!

وشفع ذلك بنسخة أخرى: من اتهمتموه بموالاة هولاء القوم فنكلوا به واهدموا داره!

فلم يكن البلاء أشد ولا أكثر منه بالعراق، ولا سيما الكوفة، حتى أن الرجل من شيعة على ليأتيه من يثق به فيدخل بيته، فيلقى اليه سره، ويخاف من خادمه ومملوكه ولا يحدثه حتى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ليكتمن عليه، فظهر حديث

١٢٩

كثير موضوع وبهتان منتشر.. ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة!!

وكان أعظم الناس في ذلك بلية القراء المراؤون والمستضعفون، الذين يظهرون الخشوع والنسك، فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم، ويقربوا مجالسهم، ويصيبوا به الأموال والضياع والمنازل، حتى انتقلت تلك الأخبار، والأحاديث الى أيدى الديانين الذين لا يستحلون الكذب والبهتان، فقبلوها ورووها وهم يظنون أنها حق! ولو علموا أنها باطلة لما رووها ولا تدينوا بها. فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي، فازداد البلاء والفتنة، فلم يبق أحد من هذا القبيل إلا وهو خائفٌ على دمه، أو طريدٌ في الأرض.

تفاقم الأمر

ويضيف ابن أبي الحديد نقلاً عن المدائني: ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسين وولي عبد الملك بن مروان، فاشتد البلاء على الشيعة، وولى عليهم الحجاج بن يوسف، فتقرب اليه أهل النسك والصلاح والدين ببغض علي وموالاة أعدائه! وموالاة من يدعى من الناس أنهم أيضاً من أعدائه، فأكثروا من الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم، وأكثروا من الغض من علي وعيبه والطعن فيه والشنآن له، حتى أن انساناً وقف للحجاج ويقال إنه جد الأصمعي عبد الملك بن قريب، فصاح به: أيها الأمير إن أهلي عقوني فسموني علياً، وإني فقير بائس، وأنا الى صلة الأمير محتاج، فتضاحك له الحجاج، وقال: للطف ما توسلت به، قد وليتك كذا!

وتابع ابن أبي الحديد قائلاً: وقد روى ابن عرفة المعروف بنفطويه، وهو من أكابر المحدثين وأعلامهم، في تاريخه ما يناسب هذا الخبر، وقال: إن اكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية، تقرباً اليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم!! انتهى.

١٣٠

أما الدولة العباسية فقد واصلت السياسة الأموية في اضطهاد أهل البيتعليهم‌السلام ، واضطهاد محبيهم ورواة فضائلهم، وأعطت للنواصب ووضاعي الأحاديث نفس المكانة المحترمة التي كانت لهم عند الخلافة الأموية!

وثقافة المسلمين السنيين إنما تكونت في ظل هاتين الدولتين.. ولذا صار من المألوف أن تقرأ فيها مثل هذه النص ( أسد بن وداعة شامي تابعي ناصبي كان يسب علياً، وكان عابداً، وثقه النسائي! ) الغدير: ٥/٢٩٤

وفي النصائح الكافية لمحمد بن عقيل/٢٢:

وهؤلاء هم الذين قال فيهم الإمام أحمدرحمه‌الله لما سئل عن معاوية: إن قوماً أبغضوا علياً فتطلبوا له عيباً فلم يجدوا، فعمدوا الى رجل قد ناصبه العداوة فأطروه كيداً لعلي!!

وفي كتاب الإمام الصادق والمذاهب الأربعة: ٢/٢٧٧:

قال الرياشي: سمعت محمد بن عبد الحميد قال: قلت لابن أبي حفصة: ما أغراك ببني علي؟!

قال: ما أحد أحب إلي منهم، ولكن لم أجد شيئاً أنفع عند القوم منه! أي من بغضهم والتحامل عليهم! وكان ابن أبي حفصة يتحامل على آل علي، ويكثر هجاءهم طمعاً بجوائز العباسيين!! انتهى.

ولا نطيل بذكر الشواهد الكثيرة على هذه السياسة المؤذية لله تعالى ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد أفرد السيد محمد بن عقيل الحضرمي كتاباً لتعصبات علماء الجرح والتعديل ضد أهل البيتعليهم‌السلام ومحبيهم، سماه ( العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل ).

ولم يؤثر ذلك في كل الناس

في العقد الفريد لابن عبد ربه: ٥/١٥٦:

انتقص ابن حمزة بن عبد الله بن الزبير علياً فقال له أبوه... أما ترى علياً وما يظهر

١٣١

بعض الناس من بغضه ولعنه على المنابر فكأنما والله يأخذون بناصيته رفعاً الى السماء، وما ترى بني مروان وما يندبون به موتاهم من المدح... فكأنما يكشفون عن الجيف!!

**

بعض ما ورد عن المقياس النبوي في مصادرنا

روى الكليني في الكافي: ٨/٩٣:

عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنه قال: لله عز وجل في بلاده خمس حرم: حرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحرمة آل رسول اللهعليهم‌السلام ، وحرمة كتاب الله عز وجل، وحرمة كعبة الله، وحرمة المؤمن. انتهى.

وروى نحوه في مجمع الزوائد: ١/٢٦٦، عن أبي سعيد الخدري، قال قال رسول الله ( ص ): إن لله عز وجل حرمات ثلاث، من حفظهن حفظ الله له أمر دينه ودنياه، ومن لم يحفظهن لم يحفظ الله له شيئاً: حرمة الإسلام، وحرمتي، وحرمة رحمي.

وفي معاني الأخبار للصدوق/٥٨:

حدثنا أبو العباس محمد بن ابراهيم بن إسحاق الطالقانيرحمه‌الله قال: حدثنا عبدالعزيز بن يحيى الجلودي بالبصرة قال: حدثني المغيرة بن محمد، قال: حدثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام قال:

خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه بالكوفة بعد منصرفه من النهروان، وبلغه أن معاوية يسبه ويلعنه ويقتل أصحابه، فقام خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذكر ما أنعم الله على نبيه وعليه، ثم قال:

لولا آية في كتاب الله ما ذكرت ما أنا ذاكره في مقامي هذا، يقول الله عز وجل: وأما بنعمة ربك فحدث. اللهم لك الحمد على نعمتك التي لا تحصى، وفضلك الذي لا ينسى.

١٣٢

يا أيها الناس: إنه بلغني ما بلغني، وإني أراني قد اقترب أجلي، وكأني بكم وقد جهلتم أمري، وإني تارك فيكم ماتركه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كتاب الله وعترتي، وهي عترة الهادي الى النجاة خاتم الأنبياء، وسيد النجباء، والنبي المصطفى.

يا أيها الناس:

لعلكم لا تسمعون قائلاً يقول مثل قولي بعدي إلا مفتر، أنا أخو رسول الله، وابن عمه، وسيف نقمته، وعماد نصرته وبأسه وشدته.

أنا رحى جهنم الدائرة، وأضراسها الطاحنة، أنا موتم البنين والبنات، أنا قابض الأرواح، وبأس الله الذي لا يرده عن القوم المجرمين.

أنا مجدل الأبطال، وقاتل الفرسان، ومبير من كفر بالرحمن، وصهر خير الأنام.

أنا سيد الأوصياء، ووصي خير الأنبياء، أنا باب مدينة العلم، وخازن علم رسول الله ووارثه، وأنا زوج البتول سيده نساء العالمين فاطمة التقية، ومن ولدي مهدي هذه الأمة.

ألا وقد جعلت محنتكم.. ببغضي يعرف المنافقون، وبمحبتي امتحن الله المؤمنين، هذا عهد النبي الأمي الي أنه لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق.

وأنا صاحب لواء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الدنيا والآخرة، ورسول الله فرطي، وأنا فرط شيعتي، والله لا عطش محبي، ولا خاف وليي. وأنا ولي المؤمنين، والله وليي.

حسب محبي أن يحبوا ما أحب الله، وحسب مبغضي أن يبغضوا ما أحب الله.

ألا وإنه بلغني أن معاوية سبني ولعنني. اللهم اشدد وطأتك عليه، وأنزل اللعنة على المستحق، آمين رب العالمين، رب إسماعيل وباعث ابراهيم.إنك حميد مجيد.

وفي أمالي الصدوق/٢٦٩:

عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا سيد الأنبياء والمرسلين، وأفضل من الملائكة المقربين، وأوصيائي سادة أوصياء النبيين والمرسلين، وذريتي أفضل

١٣٣

ذريات النبيين والمرسلين، وأصحابي الذين سلكوا منهاجي أفضل أصحاب النبيين والمرسلين، وابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين، والطاهرات من أزواجي أمهات المؤمنين، وأمتي خير أمة أخرجت للناس، وأنا أكثر النبيين تبعاً يوم القيامة، ولي حوضٌ عرضه ما بين بصرى وصنعاء، فيه من الأباريق عدد نجوم السماء، وخليفتي على الحوض يومئذ خليفتي في الدنيا.

فقيل: ومن ذاك يا رسول الله؟

قال: إمام المسلمين وأمير المؤمنين ومولاهم بعدي علي بن أبي طالب، يسقي منه أولياءه، ويذود عنه أعداءه كما يذود أحدكم الغريبة من الابل عن الماء.

ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحب علياً وأطاعه في دار الدنيا ورد على حوضي غداً، وكان معي في درجتي في الجنة، ومن أبغض علياً في دار الدنيا وعصاه، لم أره ولم يرني يوم القيامة، واختلج دوني، وأخذ به ذات الشمال الى النار.

وفي رواية قال: جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أكل من قال: لا إلَه إلا الله مؤمن؟

قال: إن عداوتنا تلحق باليهود والنصارى! إنكم لا تدخلون الجنة حتى تحبوني، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض هذا، يعني علياً.

وفي أمالي الصدوق/١٣٤:

وفي حديث علي بن أبي طالب قال: بينا أنا وفاطمة والحسن والحسين عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ التفت إلينا فبكى فقلت: ما يبكيك يا رسول الله؟

فقال: أبكي مما يصنع بكم بعدي!

فقلت: وما ذاك يارسول الله؟

قال: أبكي من ضربتك على القرن، ولطم فاطمة خدها، وطعنة الحسن في الفخذ والسم الذي يسقى، وقتل الحسين!

قال: فبكى أهل البيت جميعاً، فقلت يا رسول الله، ما خلقنا ربنا إلا للبلاء.

١٣٤

قال: أبشر يا علي، فإن الله عز وجل قد عهد إلي أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق.

وفي أمالي الصدوق/٨٩:

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : حرب علي حرب الله، وسلم علي سلم الله.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ولي علي ولي الله، وعدو علي عدو الله.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : علي حجة الله، وخليفته على عباده.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : حب علي إيمان، وبغضه كفر.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : حزب علي حزب الله، وحزب أعدائه حزب الشيطان.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : علي مع الحق والحق معه لا يفترقان حتى يردا علي الحوض.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي: قسيم النار والجنة.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من فارق علياً فقد فارقني، ومن فارقني فقد فارق الله عز وجل.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة.

وفي أمالي المفيد/١٦٩:

في حديث أبي ذر الغفاري قال: رأيت رسول الله وقد ضرب كتف علي بن أبي طالبعليه‌السلام بيده، وقال:

يا علي: من أحبنا فهو العربي، ومن أبغضنا فهو العلج.

شيعتنا أهل البيوتات والمعادن والشرف، ومن كان مولده صحيحاً، وما على ملة ابراهيمعليه‌السلام إلا نحن وشيعتنا، وسائر الناس منها براء!

وإن لله ملائكة يهدمون سيئات شيعتنا كما يهدم القدوم البنيان.

وفي أمالي المفيد/٢١٣:

عن الإمام الصادق عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي: يا علي أنت مني وأنا منك، وليك ولي وولي ولي الله، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله.

١٣٥

يا علي: أنا حرب لمن حاربك، وسلم لمن سالمك، يا علي لك كنز في الجنة إلا من عرفك وعرفته، ولا يدخل النار إلا من أنكرك وأنكرته.

يا علي: أنت والأئمة من ولدك على الأعراف يوم القيامة تعرف المجرمين بسيماهم والمؤمنون بعلاماتهم.

يا علي: لولاك لم يعرف المؤمنون بعدي.

وفي الغدير: ١٠/١٥٩:

لما قدم معاوية المدينة صعد المنبر فخطب ونال من ابن علي ومن علي!

فقام الحسن فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

إن الله عز وجل لم يبعث بعثاً إلا جعل له عدواً من المجرمين، فأنا ابن علي وأنت ابن صخر، وأمك هند وأمي فاطمة، وجدتك قتيلة وجدتي خديجة، فلعن الله ألأمنا حسباً، وأخملنا ذكراً، وأعظمنا كفراً، وأشدنا نفاقاً!

فصاح أهل المسجد: آمين آمين. فقطع معاوية خطبته ودخل منزله!

وفي لفظ: خطب معاوية بالكوفة حين دخلها، والحسن والحسينرضي‌الله‌عنهما جالسان تحت المنبر، فذكر علياًعليه‌السلام فنال منه ثم نال من الحسن، فقام الحسين ليرد عليه، فأخذه الحسين بيده فأجلسه، ثم قام فقال:

أيها الذاكر علياً! أنا الحسن وأبي علي، وأنت معاوية وأبوك صخر، وأمي فاطمة وأمك هند، وجدي رسول الله وجدك عتبة بن ربيعة، وجدتي خديجة، وجدتك قتيلة! فلعن الله أخملنا ذكراً، وألأمنا حسباً، وشرنا قديماً وحديثاً، وأقدمنا كفراً ونفاقاً. فقال طوائف من أهل المسجد: آمين.

مقاتل الطالبين ص ٢٢، وشرح ابن أبي الحديد: ٤/١٢، وجمهرة الرسائل: ٢/٩ و٥٠

بعض ما ورد في مصادرنا في عدم شمول الشفاعة للنواصب

في بصائر الدرجات/٥٢:

حدثنا سلام بن أبي عمرة الخراساني، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن

١٣٦

أبيه أنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أراد أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويدخل جنة ربي جنة عدن غرسة ربي، فليتول علي بن أبي طالب، وليعاد عدوه، وليأتم بالأوصياء من بعده، فإنهم أئمة الهدى من بعدي، أعطاهم الله فهمي وعلمي، وهم عترتي من لحمي ودمي. الى الله أشكو من أمتي المنكرين لفضلهم، القاطعين فيهم صلتي!

وأيم الله ليقتلن ابني - يعني الحسين - لا أنالهم الله شفاعتي. ورواه في الامامة والتبصرة/٤١. وتقدم في المكذبين بفضلهم.

وفي الطبراني الكبير: ٥/١٩٤ ومجمع الزوائد: ٩/١٨٠:

عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يحيا حياتي، ويموت موتتي، ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي، فإن ربي غرس قصباتها بيده، فليتول علي بن أبي طالب، فإنه لن يخرجكم من هدى، ولن يدخلكم في ضلالة. انتهى.

ولا بد إذا صح الحديث أن يكون قوله ( فإن ربي غرس قصباتها بيده ) مجازياً لاجل بيان أهمية جنة الخلد، وأنها من خاص عطاء الله تعالى.

وفي المحاسن: ١/١٨٦:

عنه، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن علي الصائغ، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إن المؤمن ليشفع لحميمه إلا أن يكون ناصباً، ولو أن ناصباً شفع له كل نبي مرسل وملك مقرب ما شفعوا.

ورواه في ثواب الأعمال /٢٠٣، والمحاسن /١٨٤، والبحار: ٨/٤١، ونحوه في بشارة المصطفى للطبري الشيعي/٣٨

بعض ماورد في مصادرنا في أحكام التعامل مع النواصب

في الكافي: ٥/٣٤٨:

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال: لا يتزوج المؤمن الناصبة المعروفة بذلك. عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال له الفضيل: أتزوج الناصبة؟ قال: لا، ولا كرامة.

١٣٧

قلت: جعلت فداك، والله إني لأقول لك هذا، ولو جاءتني ببيت ملآن دراهم ما فعلت.

وفي الكافي: ٥/٣٤٩:

عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله عن الناصب الذي قد عرف نصبه وعداوته، هل نزوجه المؤمنة، وهو قادرٌ على رده، وهو لا يعلم برده؟

قال: لا يزوج المؤمن الناصبة، ولا يتزوج الناصب المؤمنة، ولا يتزوج المستضعف مؤمنة.

وفي الكافي: ٥/٣٥١:

عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سأله أبي وأنا أسمع عن نكاح اليهودية والنصرانية، فقال: نكاحهما أحب إلي من نكاح الناصبية، وما أحب للرجل المسلم أن يتزوج اليهودية ولا النصرانية، مخافة أن يتهود ولده أو يتنصر.

وفي الكافي: ٣/١٣٣:

عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن ابن أبي يعفور قال: كان خطاب الجهني خليطاً لنا وكان شديد النصب لآل محمدعليهم‌السلام ، وكان يصحب نجدة الحروري!

قال: فدخلت عليه أعوده للخلطة والتقية، فإذا هو مغمى عليه في حد الموت، فسمعته يقول: مالي ولك يا علي!! فأخبرت بذلك أبا عبد الله فقال أبو عبد الله: رآه ورب الكعبة، رآه ورب الكعبة!

وفي الكافي: ٤/٣٠٩:

عن وهب بن عبد ربه قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أيحج الرجل عن الناصب؟

فقال: لا.

فقلت: فإن كان أبي؟

قال: فإن كان أباك فنعم.

١٣٨

وفي وسائل الشيعة: ١/١٥٨:

عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ( في حديث ) قال: من اغتسل من الماء الذي قد اغتسل فيه فأصابه الجذام، فلا يلومن إلا نفسه.

فقلت لأبي الحسنعليه‌السلام : إن أهل المدينة يقولون: إن فيه شفاء من العين، فقال: كذبوا، يغتسل فيه الجنب من الحرام، والزاني، والناصب الذي هو شرهما و( شر ) كل من خلق الله، ثم يكون فيه شفاء من العين؟ !!

وفي وسائل الشيعة: ١/١٦٥:

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه كره سؤر ولد الزنا، وسؤر اليهودي والنصراني، والمشرك وكل من خالف الإسلام، وكان أشد ذلك عنده سؤر الناصب.

وفي الهداية للصدوق/٢٦:

إذا صليت على ناصب، فقل بين التكبيرة الخامسة: اللهم اخز عبدك في عبادك وبلادك، اللهم أصله أشد نارك، وأذقه حر عذابك، فإنه كان يوالي أعداءك ويعادي أولياءك، ويبغض أهل بيت نبيك. فإذا رفع فقل: اللهم لا ترفعه ولا تزكه.

النصب يجر الى التجسيم

في تنزيه الأنبياء للشريف المرتضى/١٧٧:

مسألة: فإن قيل: فما معنى الخبر المروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته. وهذا خبر مشهور لا يمكن تضعيفه ونسبته الى الشذوذ؟ .

الجواب: قلنا أما هذا الخبر فمطعون عليه مقدوح في راويه، فإن راويه قيس بن أبي حازم، وقد كان خولط في عقله في آخر عمره مع استمراره على رواية الأخبار، وهذا قدحٌ لا شبهة فيه، لأن كل خبر مروي عنه لا يعلم تاريخه يجب أن يكون مردوداً، لأنه لا يؤمن أن يكون مما سمع منه في حال الاختلال، وهذه طريقة في

١٣٩

قبول الأخبار وردها ينبغي أن تكون أصلاً ومعتبراً فيمن علم منه الخروج، ولم يعلم تاريخ ما نقل عنه.

على أن قيساً لو سلم من هذا القدح كان مطعوناً فيه من وجه آخر، وهو أن قيس بن أبي حازم كان مشهوراً بالنصب والمعاداة لأمير المؤمنين صلاة الله وسلامه عليه والانحراف عنه، وهو الذي قال: رأيت علي بن أبي طالب على منبر الكوفة يقول: انفروا الى بقية الأحزاب، فأبغضته حتى اليوم في قلبي. الى غير ذلك من تصريحه بالمناصبة والمعاداة. وهذا قادح لا شك في عدالته.

فضل العلماء الذين يدفعون شبهات النواصب

في الصراط المستقيم للبياضي: ٣/٥٦:

عن الهاديعليه‌السلام : لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم من العلماء ودالين عليه، والداعين اليه، والذابين عن دينه بحجج الله.. ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة، كما يمسك صاحب السفينة سكانها، أولئك هم الأفضلون عند الله عز وجل. ( وهو في الاحتجاج للطبرسي: ١/١٥ )

وقال عليعليه‌السلام : من قوى مسكيناً في دينه، ضعيفاً في معرفته، على ناصب مخالف فأفحمه، لقنه الله يوم يدلى في قبره أن يقول: الله ربي، ومحمد نبيي، وعلي وليي، والكعبة قبلتي، والقرآن عدتي، والمؤمنون إخواني.

فيقول الله أدليت بالحجة، فوجبت لك عالي درجات الجنة، فعند ذلك يتحول عليه قبره أنزه رياض الجنة.

وقال الرضاعليه‌السلام : أفضل ما يقدمه العالم من محبينا ليوم فقره ومسكنته أن يعين في الدنيا مسكيناً من يد ناصب عدو لله ورسوله، يقوم من قبره والملائكة صفوف الى محل من الجنان، فيحملونه على أجنحتهم، ويقولون: طوباك طوباك يادافع الكلاب عن الأبرار، ويا أيها المتعصب للأئمة الأخيار.

١٤٠

وفي الإحتجاج للطبرسي: ١/١٦:

وعنهعليه‌السلام قال: يأتي علماء شيعتنا القوامون بضعفاء محبينا وأهل ولايتنا يوم القيامة والأنوار تسطع من تيجانهم، على رأس كل واحد منهم تاج بهاء، قد انبثت تلك الأنوار في عرصات القيامة ودورها مسيرة ثلاثمائة ألف سنة، فشعاع تيجانهم ينبث فيها كلها، فلا يبقى هناك يتيم قد كفلوه ومن ظلمة الجهل علموه ومن حيرة التيه أخرجوه، إلا تعلق بشعبة من أنوارهم، فرفعتهم الى العلو حتى تحاذى بهم فوق الجنان، ثم ينزلهم على منازلهم المعدة في جوار أساتيذهم ومعلميهم، وبحضرة أئمتهم الذين كانوا اليهم يدعون.

ولا يبقى ناصبٌ من النواصب يصيبه من شعاع تلك التيجان إلا عميت عينه وأصمت أذنه وأخرس لسانه، وتحول عليه أشد من لهب النيران، فيحملهم حتى يدفعهم الى الزبانية فيدعونهم الى سواء الجحيم.

١٤١

١٤٢

الفصل السادس عشر

شفاعة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة

بيد أهل بيتهعليهم‌السلام

تقدم في الفصول السابقة من السنيين عن أويس القرني أنه يشفع لمثل ربيعة ومضر وتميم.

وعرفت أن أويساً ما كان إلا شيعياً مخلصاً لأهل البيتعليهم‌السلام ، وأنه بايع أمير المؤمنينعليه‌السلام على بذل مهجته دونه، واستشهد تحت رايته في صفين.

وإذا كان أويس صاحب هذه الشفاعة الكبيرة، فكيف تكون شفاعة علي الذي فداه بنفسه؟!

ثم كيف لا تكون لأهل البيتعليهم‌السلام شفاعةٌ مميزة، وقد نصت الأحاديث الصحيحة على أن الجنة والشفاعة محرمةٌ على مبغضيهم وظالميهم، كما عرفت!

إن الذين يستكثرون الشفاعة على أهل البيتعليهم‌السلام ، إنما يقفلون أعينهم عمداً عن المقام المميز الذي ثبت لهم بالأحاديث الصحيحة في مصادر الجميع.. أو يحسدون أهل بيت نبيهم على ما فضلهم به ربهم، صلى الله عليه وعليهم.

١٤٣

ثم اعجب لهؤلاء المستكثرين للشفاعة على أهل بيت نبيهم، وهم يعلمون أن جدهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هو رئيس المحشر يوم القيامة، وصاحب الشفاعة الكبرى فيه وصاحب حوض الكوثر.. وذلك ملكٌ عظيم يحتاج الى من يديره، وينفذ فيه أوامر النبي وتوجيهاته..

فمن يكون هؤلاء المنفذون غير أهل بيته الأطهار، ومعهم ملائكة الله تعالى؟!

وفيما يلي نورد أحاديث تدل على مقامهم وشفاعتهم من مصادر الطرفين:

عليعليه‌السلام صاحب لواء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة

روت بعض صحاح إخواننا أحاديث لواء الحمد، وهو لواء رئاسة المحشر، الذي يعطيه الله لرسوله يوم القيامة.

ولكن هذا اللواء بقي في الصحاح بلا أحد يحمله!

والسبب في ذلك أن حامله عليعليه‌السلام ، وأحاديثه تضمنت فضائل له، وتعريضاً بالصحابة، وهي أمورٌ لا يتحملها الخلفاء، فتركها رواة الخلافة!!

ماذا روت الصحاح عن رئاسة المحشر ولواء الحمد؟

أما البخاري فلم يرو أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سيد ولد آدم يوم المحشر، ولا أنه يعطى لواء الحمد، ولا أنه يكون أول شافع!

فالبخاري قلد كعب الأحبار الذي زعم أن الشافع الأول هو ابراهيم أو اسحاق، كما بينا ذلك في المجلد الثالث!

ولذا أعطى مقام الشفاعة الأول لأنبياء اليهود، وأبقي المحشر بلا رئيس ولا لواء!

ولعل أمر المحشر عنده يحتاج الى سقيفة قرشية لاختيار رئيس له!!

وأما مسلم فقد روى في صحيحه: ٧/٥٩:

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع.

ونحوه في ابن ماجة: ٢ /١٤٤٠، وأبي داود: ٢/٤٠٧

١٤٤

وأما الترمذي فروى حديث لواء الحمد في: ٤/٢٩٤:

عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض، ولا فخر.

ورواه بصيغ أخرى في: ٤/٣٧٠، وفي: ٥/٢٤٥ و٢٤٧ و٢٤٨

**

أما أحاديث أن علياً حامل لواء المحشر، وأنه الساقي على حوض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقد صارت من نصيب المصادر البعيدة عن رقابة الخلافة!

ولا بأس بذلك، لأن بعض هذه المصادر أقدم من الصحاح الستة، وكل مصنفيها محترمون موثقون عند السنيين، وبعضهم شيوخ أصحاب الصحاح!

وقد أورد الأميني في الغدير : ٢/٣٢١، عدداً من هذه الأحاديث، وذكر فيها لواء الحمد والسقاية على الحوض معاً.. ونحن نورد ما فيه ذكر اللواء، مما ذكره في الغدير، وغيره:

ففي مناقب الصحابة لأحمد بن حنبل/٦٦١:

حدثنا محمد بن هشام بن البختري، ثنا الحسين بن عبيد الله العجلي، ثنا الفضيل بن الاستثناء، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله ( ص ): أعطيت في علي خمساً هن أحب إلي من الدنيا وما فيها:

أما واحدة: فهو تكأتي الى بين يدي، حتى يفرغ من الحساب.

وأما الثانية: فلواء الحمد بيده، آدمعليه‌السلام ومن ولد تحته.

وأما الثالثة: فواقفٌ على عقر حوضي يسقي من عرف من أمتي.

وأما الرابعة: فساتر عورتي ومسلمي الى ربي.

وأما الخامسة: فلست أخشى عليه أن يرجع زانياً بعد إحصان أو كافراً بعد إيمان.

١٤٥

ورواه أبو نعيم في الحلية: ١٠/٢١١ والطبري المؤرخ في الرياض النضرة ٢/٢٠٣ ورواه في كنز العمال ٦/٤٠٣

وفي مناقب الخوارزمي/٢٠٣:

عن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

يا علي؟ سألت ربي عز وجل فيك خمس خصال فأعطاني:

أما الأولى: فإني سألت ربي: أن تنشق عني الأرض وانفض التراب عن رأسي وأنت معي، فأعطاني.

وأما الثانية: فسألته أن يوقفني عند كفة الميزان وأنت معي، فأعطاني.

وأما الثالثة: فسألته أن يجعلك حامل لوائي وهو لواء الله الأكبر، عليه المفلحون والفائزون بالجنة، فأعطاني.

وأما الرابعة: فسألت ربي أن تسقي أمتي من حوضي فأعطاني.

وأما الخامسة: فسألت ربي أن يجعلك قائد أمتي الى الجنة فأعطاني. فالحمد لله الذي من به علي. انتهى.

ورواه في فرائد السمطين في الباب الثامن عشر، وفي كنز العمال ٦/٤٠٢

وفي الدر المنثور: ٦/٣٧٩:

أخرج ابن مردويه عن علي قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم تسمع قول الله: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية، أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا جثت الأمم للحساب، تدعون غراً محجلين.

وفي الطبراني الصغير: ٢/٨٨:

عن عبد الله بن عكيم الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل أوحى إلي في علي بن أبي طالب ثلاثة أشياء ليلة أسرى بي: إنه سيد المؤمنين وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين. انتهى.

وروى نحوه الحاكم: ٣/١٣٨، عن أسعد بن زرارة، وقال: إسناده صحيح.

١٤٦

ومعنى قائد الغر المحجلين: أن علياًعليه‌السلام صاحب لواء أهل الجنة.

وفي الطبراني الكبير: ٢/٢٤٧:

عن جابر: قالوا يا رسول الله، من يحمل رايتك يوم القيامة؟

قال: من يحسن أن يحملها إلا من حملها في الدنيا، علي بن أبي طالب.

وفي فردوس الأخبار: ٥/٨٣٤٦:

عن اُبي بن كعب أن النبي ( ص ) قال لعلي: يا علي أنت تغسل جثتي، وتؤدي ذمتي، وتواريني في حفرتي، وتفي بذمتي، وأنت صاحب لوائي في الدنيا والآخرة.

وفي كنز العمال: ١٣/١٤٥:

عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: أنت أمامي يوم القيامة فيدفع إلي لواء الحمد فأدفعه اليك، وأنت تذود الناس عن حوضي ( ابن عساكر، وقال: فيه أبو حذيفة إسحاق بن بشر، ضعيف ) انتهى.

ورواه في إحقاق الحق: ٦/١٧٩، عن أرجح المطالب/٦٦٢، ط. لاهور.

وفي إحقاق الحق: ٢٧/١٩٩:

عن كتاب التبر المذاب لأحمد الحافي الشافعي/٨١:

قال الواقدي وهشام بن محمد: لما رآهم الحسين مصرين على قتله، أخذ المصحف ونشره، ونادى: بيني وبينكم كتاب الله وسنة جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، بم تستحلون دمي؟

ألست ابن بنت نبيكم؟

ألم يبلغكم قول جدي في وفي أخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة؟! ...

فبم تستحلون دمي وجدي الذائد على الحوض يذود عنه رجالاً كما يذاد البعير الشارد عن الماء، ولواء الحمد بيد أبي يوم القيامة... الخ.

١٤٧

وفي كنز العمال: ١١/٦٢٥ وج ١٣/١٢٩:

عن الخطيب والرافعي عن علي قال قال رسول الله ( ص ):

سألت الله يا علي فيك خمساً، فمنعني واحدة وأعطاني أربعاً: سألت الله أن يجمع عليك أمتي فأبى علي، وأعطاني فيك أنك أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة أنا وأنت معي، ومعك لواء الحمد أنت تحمله بين يدي تسبق به الأولين والآخرين، وأعطاني فيك أنك ولي المؤمنين بعدي.

وروى في كنز العمال: ١٣/١٥٢، حديثين في الموضوع جاء في أولهما:

أن تسقي أمتي من حوضي، وأن يجعلك قائد أمتي الى الجنة، فأعطاني.

وذكر أن ابن الجوزي والذهبي ضعفا هذا الحديث بعبد الله بن أحمد بن عامر عن أبيه، وقال: ولم أقف لهذا الرجل على ترجمة، وللحديث الأخير شاهدٌ من حديث ابن عباس، إلا أن ابن الجوزي أورده في الموضوعات، وللحديث الأول شاهد. انتهى.

فقد مال الى تصحيح الحديثين بشواهدهما، وهو أمر متفق عليه في علم الحديث، وكم من حديث ضعيف عندهم صححوه بشواهده.

ولكنه لم يذكر شواهدهما! ومن عادة المعتدلين السنيين أنهم لا يحبون أن يفتحوا نقاشاً صريحاً مع المتعصبين.

والأحاديث التي أوردناها من مصادرهم كافية للشهادة لهما، وفيها صحيحٌ سالم بشهادتهم!!

ويفهم من كلام صاحب كنز العما أيضاً أنه لا يأخذ بتضعيفات ابن الجوزي والذهبي لأحاديث فضائل أهل البيتعليهم‌السلام .

١٤٨

أما مصادرنا فقد تواترت فيها أحاديث أن لواء الحمد يكون بيد عليعليه‌السلام :

ففي أمالي الصدوق/٦١:

عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

يا علي أنت أخي ووزيري، وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة، وأنت صاحب حوضي، من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني.

وفي بشارة المصطفى للطبري الشيعي /١٢٥:

بسنده عن الحسين بن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي أنت المظلوم بعدي، فويل لمن قاتلك وطوبى لمن قاتل معك...

يا علي أنت أول من تنشق عنه الأرض معي، وأنت أول من يبعث معي، وأنت أول من يجوز الصراط معي...

وأنت أول من يرد حوضي، تسقي منه أولياءك وتذود عنه أعداءك.

وأنت صاحبي إذا قمت المقام المحمود تشفع لمحبنا فيهم.

وأنت أول من يدخل الجنة وبيدك لوائي لواء الحمد، وهو سبعون شقة، الشقة منه أوسع من الشمس والقمر.

وأنت صاحب شجرة طوبى في الجنة، أصلها في دارك وأغصانها في دور شيعتك ومحبيك. انتهى. وروى نحوه في ٢٢٠

١٤٩

عليعليه‌السلام آمر السقاية على حوض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة

حوض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أو حوض الكوثر، قضيةٌ كبيرة يوم القيامة.. فهو عين الحياة في أرض المحشر، يصب ماؤها من نهرين من أنهار الجنة، وكل الخلائق يحتاجون الى الشرب منه، لأنه لا يمكن لأحد أن يدخل الجنة إلا بأن يشرب منه!

ففي كنز العمال: ١٤ /٤٢٠ : ما أنتم بجزء من مائة ألف جزء ممن يرد على الحوض - حم، د، ك، عن زيد بن أرقم. انتهى.

والشربة منه تروي الانسان رياً أبدياً، فلا يظمأ بعدها أبداً.. ويبدو أنها تؤثر على التركيب الفيزيائي لبدن الانسان، فتجعله صالحاً للحياة في الجنة.

وقد خص الله به سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجعل أمره بيده ويد أهل بيته الطاهرين، فلا يشرب أحد منه إلا ببطاقة منهم!!

كما أن أحاديث حوض الكوثر قضيةٌ كبيرة أيضاً في مصادر المسلمين!

ونشكر الله أنها بقيت في الصحاح ولم تحذف منها! لأنها كانت مهددة بالنسيان والحذف!! بسبب أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في آخر سنة من عمره الشريف ركز على العقيدة بالحوض، خاصة في خطب حجة الوداع، وربطه بوصيته بالقرآن وأهل بيته الطاهرين، وأكد على أن من لا يطيع وصيته فيهم يمنعه الله تعالى من ورود الحوض والشرب منه، وبالتالي من دخول الجنة.

وأخبرصلى‌الله‌عليه‌وآله أن أكثر أصحابه سوف يطردون عن الحوض، ولا يسمح لهم بالشرب منه!!!

فأحاديث الحوض تتضمن إذن: بيان مقام أهل البيت الطاهرين، والأمر باتباعهم، وأنهم ومحبيهم الواردون على الحوض، والساقون عليه..

كما تتضمن ذم مبغضيهم ومخالفيهم، وأنهم مطرودون عن الحوض، ممنوعون من الورود عليه والشرب منه، حتى لو كانوا صحابة!!

١٥٠

محاولات الأمويين التكذيب بأحاديث الحوض

من الطبيعي أن ينزعج المنافقون والحاسدون لبني هاشم من هذا التأكيد النبوي، ولا بد أنهم كانوا يسخرون من عقيدة ( حوض محمد وأهل بيته ).

ولا نحتاج الى تتبع سخريتهم في زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكنا نراها ظاهرة عند ورثتهم من الحكام الكبار في العهد الأموي، مثل عبيد الله بن زياد، الذي كان الحاكم المطلق للعراق وايران وما وراءها!!

ويبدو أنه كان يعمل لحذف عقيدة الحوض من الإسلام.. ولكن المؤمنين وقفوا في وجهه!

فقد ذكر الحاكم في المستدرك: ١/٧٥:

أن أبا سبرة بن سلمة الهذلي سمع ابن زياد يسأل عن الحوض حوض محمد! فقال: ما أراه حقاً! بعد ما سأل أبا برزة الأسلمي، والبراء بن عازب، وعائذ بن عمرو، قال: ما أصدق هؤلاء!! الخ.

وقال في: ١/٧٨:

عن أنس قال دخلت على عبيد الله بن زياد وهم يتراجعون في ذكر الحوض، قال فقال جاءكم أنس، قال يا أنس ما تقول في الحوض؟

قال قلت: ما حسبت أني أعيش حتى أرى مثلكم يمترون في الحوض!

لقد تركت بعدي عجائز ما تصلي واحدة منهن صلاة إلا سألت ربها أن يوردها حوض محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله !! هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وله عن حميد شاهد صحيح على شرطهما... انتهى.

وروى نحوه أبو يعلى في مسنده: ٦/٩٦

وروى البيهقي في الاعتقاد والهداية/٨٤:

عن أبي حمزة قال: دخل أبو برزة على عبيد الله بن زياد فقال: إن محمدكم هذا لدحداح!!!

١٥١

فقال: ما كنت أراني أن أعيش في قوم يعدون صحبة محمد صلى الله عليه وسلم عاراً!

قالوا: إن الأمير إنما دعاك ليسألك عن الحوض!

فقال: عن أي باله:

قال: أحقٌ هو:

قال: نعم، فمن كذب به فلا سقاه الله منه!! انتهى.

وقد يدافع النواصب عن هذه الروايات بأنها تتحدث عن حالة شخصية في ابن زياد، وليس عن اتجاه عند الخلافة الأموية وأنصارها.

ولكنه يجد أنها اتجاه وليست حالة شخصية!

فهذا عمر بن عبد العزيز، وهو في مطلع القرن الثاني، أراد أن يتثبت من صحة أحاديث الحوض! أو يقنع بها بني أمية وأجواءهم في العاصمة! أو يواصل ما عمله الأمويون.. فأرسل الى المدينة في إحضار صحابي كبير السن، لكي يسمع منه مباشرة حديث الحوض!!

فقد روى البيهقي في شعب الايمان: ٨/٢٤٣:

عن شعبة، أخبرنا أبو بكر بن فورك، أنا عبد الله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود، ثنا أبو عتبة، عن محمد بن المهاجر، عن عباس بن سالم اللخمي، أن ابن عبد العزيز بعث الى أبي سلام الحبشي، وحمل على البريد حتى قدم عليه، فقال: إني بعثت اليك أشافهك حديث ثوبان في الحوض!

فقال أبو سلام: سمعت ثوبان يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: حوضي من عدن أبين الى عمان البلقاء، أكوازه مثل عدد نجوم السماء، ماؤه أحلى من العسل، أشد بياضاً من اللبن، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً، أول من يرد علي فقراء أمتي.

فقال عمر: يا رسول الله من هم؟

١٥٢

قال: هم الشعث الرؤوس، الدنس الثياب الذين لا ينكحون المتنعمات، ولا تفتح لهم أبواب السدد.

وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء: ٤/٣٥٥:

أبو سلام ممطور الحبشي، ثم الدمشقي، الأسود الأعرج... استقدمه عمر بن عبد العزيز في خلافته اليه على البريد، ليشافهه بما سمع من ثوبان في حوض النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: شققت علي. فاعتذر اليه عمر وأكرمه. توفي سنة نيف ومئة .

ندم أئمة المذاهب على تدوين أحاديث الحوض!!

بل يدل النص التالي على أن حساسية الدولة من أحاديث الحوض امتدت الى زمن العباسيين، بسبب أن هذه الأحاديث تتضمن ذم الصحابة!!

فقد أعلن الإمام مالك ندمه على تدوين حديث الحوض في كتابه الموطأ! الذي دونه بأمر المنصور العباسي ليكون الكتاب الرسمي الالزامي للمسلمين!

وكان الإمام الشافعي يظهر تأسفه أيضاً لتدوين مالك لهذه الأحاديث، ولو كانت صحيحة!!

قال الصديق المغربي في فتح الملك العلي/١٥١:

حكي عن مالك أنه قال: ما ندمت على حديث أدخلته في الموطأ إلا هذا الحديث!! وعن الشافعي أنه قال: ما علمنا في كتاب مالك حديثاً فيه إزراء على الصحابة إلا حديث الحوض، ووددنا أنه لم يذكره!! انتهى.

ويناسب هنا أن نتوسع قليلاً في سبب ندم الإمام مالك والشافعي:

فقد طلب العباسيون عندما كانوا يخططون لثورتهم من الأئمة من أهل البيتعليهم‌السلام أن يتحالفوا معهم للاطاحة ببني أمية، فلم يستجب لهم الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام ، بينما استجاب لهم الحسنييون وتحالفوا معهم، وعينوا لحركتهم إماماً حسنياً،

١٥٣

وبدؤوا فعاليتهم ضد الأمويين في الحجاز والعراق وخراسان، بشعار: يالثارات الحسين، والدعوة الى الخليفة المرضي من آل محمد، والبراءة من غاصبي حقهم من الشيخين والأمويين بعدهم!!

وما أن حققت ثورتهم انتصارت حاسمة على يد أبي مسلم الخراساني، حتى اختلفوا مع حلفائهم الحسنيين، ونشبت بينهم معارك ضارية في الحجاز والعراق، انتصر فيها العباسييون وتفردوا بالحكم..

وهنا بدأ العباسيون بتغيير استراتيجيتهم الفكرية التي أخذوا البيعة عليها من الناس، فاستثنوا الشيخين أبا بكر وعمر من البراءة واللعن، وحصروه ببني أمية بمن فيهم عثمان!

ويدل ندم مالك على وجود ذم الصحابة في كتابه، على أنه ألفه قبل أن يتبلور التحول في خط الخلافة العباسية، ويعدلوا عن البراءة من الشيخين الى تبني ولايتهما والتأكيد عليها..

ذلك أن العباسيين كانوا سياسيين ولم يكونوا علماء، وكانت المرجعية الدينية للمعارضة في الأئمة من أولاد عليعليه‌السلام .. فأراد العباسيون أن يتبنوا مرجعية دينية، غير أموية وغير علوية، فاختار أبو جعفر المنصور الإمام مالك، وطلب منه أن يؤلف كتاباً سهلاً ممهداً موطأً، لينشره في بلاد المسلمين ويلزمهم به، فألف له الموطأ ووضع فيه حديث الحوض الذي يذم الصحابة ّ لأنه ينسجم مع خطهم الفكري، ونشرت الخلافة الكتاب، وأصدر المنصور قراره الذي ذهب مثلاً ( لا يفتين أحد ومالك في المدينة ).

ولكن ندم مالك، والشافعي، والخلافة العباسية لم ينفع، لأن حديث الحوض دخل في كتاب الخلافة الرسمي، وصار شاهداً لأحاديث الحوض الأخرى التي سمعها الناس ورووها ودونوها!

بل صار ندمهم شاهداً تاريخياً قوياً على صحة صدور هذه الأحاديث النبوية

١٥٤

الخطيرة، وتأكيد خط أهل البيتعليهم‌السلام ومكانتهم في الإسلام!

وإذا لاحظنا أن البخاري ومسلماً قد ألفا صحيحيهما في عصر المتوكل العباسي وبعده، وأن بغض المتوكل لعلي وأهل البيت النبوي كان مشهوراً.. فينبغي أن نشكرهما لأنهما رويا شيئاً من حديث الحوض الذي فيه إزراء على الصحابة حسب تعبير الشافعي، ولا نكلفهما أن يرويا أن علياًعليه‌السلام هو الساقي على حوض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنه يذود عنه الكفار والصحابة المطرودين!

والنتيجة للمتأمل في أحاديث حوض الكوثر

أن موقف السلطة الأموية والعباسية لم يمنع من روايتها، ولكنه سبب أن يقلل الرواة منها ويتحاشوا ما كان شديداً على الصحابة!!

وقد رأيت أن البخاري ومسلماً لم يرويا حديث أنس مع ابن زياد، وغيره مما هو صحيح على شرطهما!!

وبذلك يصح أن تقدر أن ما روته مصادرهم من أحاديث طرد الصحابة الخائنين عن الحوض، ليس إلا جزءا قليلاً منها!

على أن عدداً من المصادر بدلت كلمة أصحابي بكلمة: أمتي، أو بكلمة: الناس! وتحاشت صحاحهم رواية الأحاديث التي تربط حوض الكوثر بأهل البيت النبوي ومحبيهم، وتجعلهم المؤمنين المقبولين، والغر المحجلين، الذين يوافون النبي على حوضه، ويردون منه ويدخلون الجنة!!

نماذج من أحاديث الحوض والصحابة لمطرودين

في البخاري: ٧/٢٠٧:

عن عبد الله بن عمرو قال النبي صلى الله عليه وسلم: حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء، من شرب منها فلا يظمأ أبداً.

١٥٥

وفي البخاري: ٨/٨٦:

عن أسماء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا على حوضي أنتظر من يرد علي، فيؤخذ بناس من دوني فأقول أمتي! فيقول: لا تدري مشوا على القهقرى. انتهى.

وفي البخاري: ٢/٩٧٥:

عن ابن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يرد على الحوض رجالٌ من أصحابي فيحلؤون عنه! فأقول: يا رب أصحابي؟! فيقول: فإنه لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أعقابهم القهقرى.

وفي مسلم: ١/١٥٠:

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ( ص ): ترد على أمتي الحوض وأنا أذود الناس عنه.

قالوا يا نبي الله أتعرفنا؟

قال: نعم تردون علي غراً محجلين من آثار الوضوء. وليصد عني طائفةٌ منكم فلا يصلون، فأقول يا رب هؤلاء من أصحابي؟! فيجيبني ملكٌ فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟ !!

وفي مسلم: ٧/٧٠:

عن أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال: لأذودن عن حوضي رجالاً كما تذاد الغريبة من الابل.

ورواه أحمد في: ٢/٢٩٨

ورواه في المسند الجامع - تحقيق د. عواد: ٣/٣٤٣ و٥/١٣٥ و١٨ /٤٧١

والبيهقي في البعث والنشور/١٢٥

ومجمع الزوائد: ١٠/٦٦٥

١٥٦

وروى مسلم: ٢/٣٦٩، وأحمد: ٥/٣٩٠:

عن عمار بن ياسر قال: أخبرني حذيفة عن النبي ( ص ) قال: في أصحابي اثنا عشر منافقاً، منهم ثمانيةٌ لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط! انتهى.

وقد اهتم ابن حجر بحكم أحواض الابل التي في الحديث فقال في فتح الباري: ٥/٣٣:

وقوله لأذودن.. أي لأطردن، ومناسبته الترجمة من ذكره ( ص ) أن صاحب الحوض يطرد إبل غيره عن حوضه، ولم ينكر ذلك، فيدل على الجواز. انتهى.

وروى ابن أبي شيبة في المصنف: ١٥/١٠٩:

عن حذيفة قال: المنافقون الذين فيكم اليوم شرٌ من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم!

قال الراوي هو شقيق، قلت: يا أبا عبد الله وكيف ذاك؟!

قال: إن أولئك كانوا يسرون نفاقهم، وإن هؤلاء أعلنوه!!

وقال المفيد في الافصاح/٥٠:

وقالعليه‌السلام : أيها الناس، بينا أنا على الحوض إذ مُر بكم زمراً، فتفرق بكم الطرق فأناديكم: ألا هلموا الى الطريق، فيناديني مناد من ورائي: إنهم بدلوا بعدك، فأقول: ألا سحقاً، ألا سحقاً(١) .

وقالعليه‌السلام : ما بال أقوام يقولون: إن رحم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لاتنفع يوم القيامة، بلى والله إن رحمي لموصولةٌ في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرطكم على الحوض، فإذا جئتم قال الرجل منكم يارسول الله أنا فلانٌ بن فلان، وقال الآخر: أنا فلانٌ بن فلان، فأقول: أما النسب فقد عرفته، ولكنكم أحدثتم بعدي فارتددتم القهقرى(٢) .

وقالعليه‌السلام ، وقد ذكر عنده الدجال:

أنا لفتنة بعضكم أخوف مني لفتنة الدجال(٣) .

وقالعليه‌السلام : إن من أصحابي من لا يراني بعد أن يفارقني(٤) .

في أحاديث من هذا الجنس يطول شرحها، وأمرها في الكتب عند أصحاب

١٥٧

الحديث أشهر من أن يحتاج فيه الى برهان.

على أن كتاب الله عز وجل شاهد بما ذكرناه، ولو لم يأت حديث فيه لكفى في بيان ما وصفناه.

قال الله سبحانه وتعالى: وما محمدٌ إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم؟! ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين.

فأخبر تعالى عن ردتهم بعد نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله على القطع والثبات!

وقال في هامشه:

(١) مسند أحمد ٦: ٢٩٧، ومسند أبي يعلى: ١١/٣٨٧ )

(٢) مسند أحمد ٣: ١٨ و٦٢ قطعة منه

(٣) كنز العمال: ١٤/٣٢٢/٢٨٨١٢

(٤) مسند أحمد: ٦/٣٠٧

وفي فردوس الأخبار: ٣/٤٤٤:

عن أنس بن مالك عن النبي ( ص ) قال: ليرفعن أناسٌ من أصحابي وأنا على الحوض، فإذا عاينوني عرفتهم وأنا على الحوض، قد ذبلت شفاههم فاختلجوا دوني.

وعن ابن عباس قال: قال رسول الله: من أحب علياً وأطاعه في دار الدنيا ورد على حوضي غداً، وكان معي في درجتي في الجنة.

ومن أبغض علياً في دار الدنيا وعصاه، لم أره ولم يرني يوم القيامة، واختلج دوني وأخذ به ذات الشمال الى النار. انتهى.

من أسس تدوين أحاديث القيامة عند علماء الخلافة

ونصل من أحاديث الحوض الى قضية أوسع تتعلق بموضوعنا، وهي أحاديث مقام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة..

١٥٨

فإن المتأمل فيها في مصادر إخواننا السنيين يصل الى قناعة بأن أحاديثها كانت تتضمن أن أهل بيته معه في المحشر والجنة، بدليل بقاء ذكرهم وتسميتهم في عدد منها! وأنها كانت تتضمن بيان المصير الأسود لأكثر الصحابة!

وقد رأيت أنهم لم يستطيعوا أن يتخلصوا من الأحاديث التي تنص على أنه لا يرد منهم الحوض ولا ينجو إلا مثل همل النعم!

وهمل النعم هي النعاج المفردة الخارجة عن القطيع! وهو يعني أن أكثرية قطيع الصحابة لا ينجو!!

وبهذا نعرف الصعوبة في المهمة التي عهدت بهاالخلافة القرشية الى علماء الحديث، أو تبرعوا هم بها، بتدوين صحاح ترضى عنها وتتبنى نشرها!!

فلا بد أنهم وقفوا طويلاً أمام مشكلة تدوين أحاديث القيامة والآخرة، لأنها تعطي أهل البيت مقاماً الى جنب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .. ولأنها تذم الصحابة وتخبر عن هلاك أكثرهم!!

ولا شك أن الذين ألفوا بعد مالك بن أنس واجهوا نفس مشكلته، وخافوا أن يقعوا في نفس ( مزلق ) التشيع الذي وقع فيه!!

لذا رأوا أنهم مجبرون على أن اتباع الأسس التالية:

أولاً: أن يختاروا الأحاديث التي ليس فيها ذكر لأهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهي قليلة جداً جداً!

ثانياً: أن يجردوا الأحاديث من ذكر مقام أهل البيت النبوي مهما أمكن!

ثالثاً: أن يستبدلوا أسماء أهل البيت والكلمات التي استعملها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في التعبير عنهم بكلمات عن الأمة والصحابة.

رابعاً: أن يتحاشوا الأحاديث التي فيها ذم الصحابة، أو يحذفوا منها الذم أو يوجهوه الى آخرين.

خامساً: أن يدونوا الأحاديث الموضوعة في فضل الصحابة، خاصة الخلفاء

١٥٩

الثلاثة، لكي تقابل الأحاديث في فضائل أهل البيت النبوي!!

وتفصيل هذاالموضوع يخرجنا عن بحثنا، فنكتفي بذكر نماذج صغيرة:

فقد روى الخطيب في تاريخ بغداد ٩/٤٥٣:

عن ابن عباس قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذٌ بيد علي يقول: هذا أول من يصافحني يوم القيامة.

وفي الاستيعاب: ٤/١٦٩:

عن أبي ليلى الغفاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب فإنه أول من يراني، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق الأكبر، وهو فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب المنافقين.

ورواه ابن حجر في الاصابة: ٤/١٧٠، وضعفه بدون حجة، وكذا فعل ابن كثير في البداية: ٧/٣٤٨.

وفي سنن ابن ماجة: ١/٤٤:

عن عباد بن عبد الله قال: قال عليرضي‌الله‌عنه : أنا عبد الله وأخو رسوله، وأنا الصديق الأكبر، لا يقولها بعدي إلا كذاب! صليت قبل الناس سبع سنين. هذا حديث صحيح.

ورواه العزيزي في السراج المنير: ٢/٤٠٢، وقال البوصيري في الزوائد: صحيحٌ على شرط الشيخين، وتكلم فيه بعضهم لأجل عباد، لكن تابعته عليه معاذة العدوية.

وفي كنز العمال: ١١/٦١٦:

إن هذا أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصديق الأكبر، وهذا فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهذا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظالمين - قاله لعلي. ( الطبراني عن سلمان وأبي ذر معاً، والبيهقي، وابن سعد، عن حذيفة ). انتهى.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523