العقائد الإسلامية الجزء ٤

العقائد الإسلامية11%

العقائد الإسلامية مؤلف:
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 523

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 523 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 195621 / تحميل: 7952
الحجم الحجم الحجم
العقائد الإسلامية

العقائد الإسلامية الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

إلّا إذا دلّت القرينة عليه ، كما لو أمره بالبيع في سوقٍ بعيدٍ من بلدٍ آخَر يضيع الثمن بترك قبضه ، أو لا يتمكّن الموكّل من قبض الثمن ، أو يقول له : بِعْه على مَنْ كان من الغرباء ولا تصاحبه ، ففي مثل ذلك يكون مأذوناً له في القبض ، فإن دفع السلعة إلى المشتري ولم يقبض ، كان ضامناً ؛ لأنّ ظاهر حال الموكّل أنّه إنّما أمره بالبيع لتحصيل ثمنه ، ولا يرضى بتضييعه ، ولهذا يُعدّ مَنْ فَعَل ذلك مضيّعاً مفرّطاً.

وإن لم تدلّ القرينة عليه ، فإن دلّت على المنع ، لم يجز له القبض إجماعاً.

وإن لم تكن هناك قرينة تدلّ على أحدهما ، لم يملك القبض أيضاً ؛ لأنّ الوكالة بالبيع مغايرة للوكالة بالقبض ، وأحدهما غير الآخَر ، وغير دالٍّ عليه بإحدى الدلالات الثلاث ، فيكون القبض غيرَ مأذونٍ فيه ، والموكّل إنّما أذن بالبيع ، وقَبْضُ الثمن أمرٌ وراء البيع ، وليس كلّ مَنْ يرتضي للبيع يرتضي لقبض الثمن ، فقد لا يأتمنه عليه.

وأصحّهما عند الشافعيّة(١) : أنّه يملكه ؛ لأنّه من توابع البيع ومقتضياته ، فالإذن في البيع إذْنٌ فيه وإن لم يصرّح به(٢) .

مسألة ٦٩٩ : إذا وكّله في البيع ، فقد قلنا : إنّه لا يملك قبض الثمن ، لكن يملك تسليم المبيع إلى المشتري إن كان في يده - وهو قول أكثر الشافعيّة ٣ - لأنّ البيع يقتضي إزالة الملك ، فيجب التسليم. ولأنّ تسليم المبيع إلى المشتري من تمامه وحقوقه.

____________________

(١) كذا في النسخ الخطّيّة والحجريّة. والظاهر هكذا : « وهو أحد وجهي الشافعيّة ، وأصحّهما عندهم ».

(٢ و ٣) الوسيط ٣ : ٢٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣٩.

٨١

وقال بعضهم : فيه وج هان هُما الوجهان في أنّه هل يملك قبض الثمن؟ فإنّهما جاريان في أنّه هل يملك تسليم المبيع(١) ؟.

واتّفقوا على أنّ الوكيل بعقد الصرف يملك القبض والإقباض ؛ لأنّه شرط صحّة العقد ، وكذا في السَّلَم يقبض وكيل المُسْلَم إليه رأس المال ، ووكيل المُسْلم يقبضه إيّاه لا محالة عندهم(٢) .

وعندي في ذلك كلّه نظر ، والوجه : أنّه لا يملك القبض بحالٍ.

مسألة ٧٠٠ : إذا وكّله في البيع ، لم يملك قبض الثمن على ما تقدّم(٣) ، ويملك تسليم المبيع إلى المشتري ، لكن لا يسلّم قبل أن يقبض الموكّل أو مَنْ يرتضيه الثمنَ ، فإن سلّمه قبل قبض الثمن ، كان ضامناً.

وقال بعض العامّة : إن قلنا : لا(٤) يملك قبض الثمن لو تعذّر قبضه من المشتري ، لم يكن ضامناً ، وإن قلنا : يملك قبض الثمن ، لم يملك تسليم المبيع قبل قبضه ، فإن سلّم قبل قبضه كان ضامناً(٥) .

والتقدير الأوّل يقتضي جواز أن يسلّم المبيع قبل إيفاء الثمن ، وهو ضعيف.

أمّا لو أذن له في البيع بثمن مؤجَّل ، فهنا يسلّم المبيع ؛ إذ لا يثبت للبائع هنا حقّ حبس المبيع على الثمن عند تأجيل الثمن.

ويجي‌ء للشافعيّة قول : إنّه لا يجوز له التسليم ، لا لغرض الحبس ، لكن لأنّه لم يفوّض إليه(٦) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٢٨ - ٢٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣٩.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٠.

(٣) في ص ٧٩ ، المسألة ٦٩٨.

(٤) في الطبعة الحجريّة : « لم » بدل « لا ».

(٥) المغني ٥ : ٢١٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٣٩.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٠.

٨٢

ثمّ إذا حلّ الأجل ، لم يملك الوكيل قبض الثمن إلّا بإذنٍ مستأنف.

مسألة ٧٠١ : الوكيل في البيع يملك تسليم المبيع بعد الإيفاء على ما قلناه نحن ، ولا يملك قبض الثمن على ما اخترناه ، ولا يملك إبراء المشتري من الثمن ، عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي وأحمد(١) - لأنّ إبراء الموكّل يصحّ ، فلا يصحّ إبراء وكيله بغير إذنه. ولأنّ الإبراء ليس من البيع ولا من تتمّته ، وهو مغاير للبيع وغير لازمٍ له ، فلا يكون التوكيل في البيع توكيلاً فيه. ولأنّ فيه إضراراً بالبائع ، والوكيل منصوب لمصلحته ، لا لفعل ما يتضرّر به. ولأنّه مغاير للبيع حقيقةً ، وغير مستلزمٍ له ولا لازم ، فكان كالإبراء من غير الثمن.

وقال أبو حنيفة : الوكيل في البيع إذا أبرأ المشتري من الثمن ، برئ ، وضمنه الوكيل ؛ لأنّ حقوق البيع تتعلّق بالوكيل ، فلمّا مَلَك المطالبة مَلَك الإسقاط(٢) .

وهو باطل ؛ فإنّه إنّما يتعلّق بالوكيل من الحقوق ما نصّ عليه الموكّل أو تضمّنه نصّه.

ويبطل ما قاله بأمين الحاكم والوصي والأب ، فإنّه يملك المطالبة بثمن المبيع ، ولا يملك الإبراء.

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٨ ، بحر المذهب ٨ : ٢١٤ ، الوسيط ٣ : ٢٨٩ ، الإقناع في الفقه الشافعي : ١١٢ ، حلية العلماء ٥ : ١٢٤ ، البيان ٦ : ٣٧١ ، المغني ٥ : ٢١٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٣٩.

(٢) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٣٥ - ٢٣٦ ، بدائع الصنائع ٦ : ٢٨ ، المبسوط - للسرخسي - ١٩ : ٣٣ و ٣٥ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ٢١ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٣٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٥٥ ، بحر المذهب ٨ : ٢١٤ ، الوسيط ٣ : ٢٨٩ ، البيان ٦ : ٣٧١ ، المغني ٥ : ٢١٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٣٩.

٨٣

مسألة ٧٠٢ : إذا وكّ له في البيع فباعه بثمنٍ حال وقلنا : له قبض الثمن أو جعل له الموكّل(١) ذلك ، فلا يسلّم المبيع حتى يقبض الثمن ، كما لو أذن فيهما.

ولكلٍّ من الوكيل والموكّل مطالبة المشتري بالثمن على كلّ حال - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّ الموكّل يصحّ قبضه لهذا الدَّيْن ، فجاز له المطالبة به ، كسائر ديونه التي وكّل فيها.

وقال أبو حنيفة : ليس للموكّل المطالبة بالثمن ؛ لأنّ حقوق العقد تتعلّق بالوكيل ، دون الموكّل ، ولهذا يتعلّق مجلس الصرف والخيار به ، دون موكّله(٣) .

والفرق ظاهر ؛ لأنّ مجلس العقد من شروط العقد وهو العاقد ، فيتعلّق به ، وأمّا الثمن فهو حقّ الموكّل ومالٌ من أمواله ، فكان له المطالبة به.

مسألة ٧٠٣ : إذا وكّله في البيع ومَنَعه من قبض الثمن ، لم يكن للوكيل القبضُ إجماعاً.

ولو مَنَعه من تسليم المبيع ، فكذلك.

وقال بعض الشافعيّة : هذا الشرط فاسد ؛ فإنّ التسليم مستحقّ‌

____________________

(١) في « ج ، ر » : « الموكّل له » بدل « له الموكّل ».

(٢) بحر المذهب ٨ : ٢١٤ ، البيان ٦ : ٣٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٠ ، المغني ٥ : ٢٦٣ - ٢٦٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٣٨.

(٣) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٣٥ ، بدائع الصنائع ٦ : ٣٣ ، المبسوط - للسرخسي - ١٩ : ٣٣ و ٣٥ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٣٧ - ١٣٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٥٤ - ٢٥٥ ، بحر المذهب ٨ : ٢١٤ ، البيان ٦ : ٣٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٢٩ ، المغني ٥ : ٢٦٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٣٨.

٨٤

بالعقد (١) .

ثمّ اختلف هؤلاء فقال بعضهم : إنّ الوكالة تفسد بهذا الشرط حتى أنّه يسقط الجُعْل المسمّى فيه ، ويرجع إلى أُجرة المثل ؛ لأنّ استحقاقه مربوط بالبيع ، والامتناع من التسليم ، فكان الجُعْل مقابلاً بشي‌ءٍ صحيح وشي‌ءٍ فاسد ، فليفسد المسمّى.

وقيل : المسألة مبنيّة على أنّ في صورة الإطلاق هل للوكيل التسليم ، أم لا؟ إن قلنا : لا ، فعند المنع أولى. وإن قلنا : نعم ، فكذلك ؛ لأنّه من توابع البيع وتمام العقد ، كالقبض ، لا لأنّ تسليمه مستحقّ بالعقد ، فإنّ المستحقّ هو التسليم لا تسليمه ، والممنوع منه تسليمه.

نعم ، لو قال : امنع المبيع ، فهذا الشرط فاسد ؛ لأنّه لا يجوز منع المالك عن ملكه حيث يستحقّ إثبات اليد عليه ، وفرقٌ بين أن يقول :

لا تسلّمه إليه ، وبين أن يقول : أمسكه وامنعه منه(٢) .

وأمّا الوكيل بالشراء فإن لم يسلّم الموكّل إليه الثمنَ واشترى في الذمّة ، فسيأتي الكلام في [ أنّ ](٣) المطالبة على مَنْ تتوجّه؟ وإن سلّمه إليه واشترى بعينه أو في الذمّة ، فالقول في أنّه هل يسلّمه؟ وهل يقبض المبيع بمجرّد التوكيل بالشراء؟ كالقول في أنّ وكيل البائع هل يسلّم المبيع ويقبض الثمن بمجرّد التوكيل بالبيع؟.

وجزم بعض الشافعيّة هنا بتسليم الثمن وقبض المبيع ؛ لأنّ العرف يقتضي ذلك. ولأنّ الملك في الثمن لا يتعيّن إلّا بالقبض ، فيستدعي إذناً جديداً ، وأمّا المبيع فإنّه متعيّن للملك(٤) .

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٠.

(٣) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

(٤) الوسيط ٣ : ٢٨٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢١٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤١.

٨٥

ومَنْ طرد الخلاف مَ نَع العرف الفارق بين الطرفين. ولو كان المعنى الثاني معتبراً ، لوجب أن يجزم بقبض وكيل البائع الثمن إذا كان معيّناً ، ولم يفرّقوا بين أن يبيع بثمنٍ معيّن أو في الذمّة ، بل ذكروا الوجهين وأطلقوا فيهما(١) .

مسألة ٧٠٤ : إذا دفع المشتري الثمن إلى الموكّل أو إلى الوكيل المأذون له أو إلى المطلق إذا جوّزنا له قبض الثمن ، فالوكيل يسلّم المبيع ، سواء أذن له الموكّل أو لا ، أو مَنَعه ؛ لأنّ المشتري إذا دفع الثمن ، صار قبض المبيع مستحقّاً ، وللمشتري الانفراد بأخذه ، فإن أخذه المشتري فذاك ، وإن سلّمه الوكيل فالأمر محمول على أخذ المشتري ، ولا حكم للتسليم.

مسألة ٧٠٥ : قد بيّنّا أنّه ليس للوكيل أن يسلّم المبيع إلى المشتري قبل أن يستوفي الموكّل الثمن أو الوكيل إن أذن له أو لغيره ، فلو سلّمه إلى المشتري قبل ذلك ، غرّمه الموكّل قيمته إن كانت القيمة والثمن متساويين.

ولو كان الثمن أكثر ، لم يكن عليه إلّا القيمة ؛ لأنّه لم يقبض الثمن ، فلا يكون مضموناً عليه ، وإنّما يضمن ما فرّط فيه ، وهو العين حيث سلّمها قبل الإيفاء.

ولو كانت القيمة أكثر بأن باعه بغبنٍ محتمل يتغابن الناس بمثله ، فالأقوى أنّه يغرم جميع القيمة حيث فرّط فيها ، كما لو لم يبع بل أتلفها ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة. والثاني : أنّه يغرم القيمة ، ويحطّ قدر الغبن ؛ لصحّة البيع بذلك الثمن(٢) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٠.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢١٧ - ٢١٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤١.

٨٦

ولو باع بغبْنٍ فاحش بإذن الموكّل ، احتُمل الوجهان.

أمّا الأوّل : فظاهر.

وأمّا الثاني : فقياسه أن لا يغرم إلّا قدر الثمن ؛ لصحّة البيع به بالإذن. فإن قبض الوكيل الثمن بعد ما غرم ، دفعه إلى الموكّل ، واستردّ ما غرمه.

البحث الثالث : فيما يملك الوكيل بالشراء

مسألة ٧٠٦ : الوكيل بالشراء إذا اشترى ما وُكّل فيه ، مَلَك تسليم ثمنه‌ ؛ لأنّه من تتمّته وحقوقه ، فهو كتسليم المبيع في الحكم ، والحكم في قبض المبيع كالحكم في قبض الثمن في البيع ، الوجه عندنا أنّه لا يملكه كما قلنا في البيع : لا يملك الوكيل فيه قبض الثمن. فإذا اشترى الوكيل بثمنٍ معيّن ، فإن كان في يده ، طالَبه البائع به ، وإلّا فلا.

فإن اشترى عبداً ونقد ثمنه ، فخرج العبد مستحقّاً ، لم يملك مخاصمة البائع في الثمن.

ولو اشترى شيئاً وقبضه وأخّر دفع الثمن إلى البائع لغير عذرٍ فهلك في يده ، ضمن. وإن كان لعذرٍ - مثل أن مضى لينقده فهلك ، أو نحو ذلك - فلا ضمان عليه ؛ لأنّه في الصورة الأُولى مفرّط ، دون الثانية.

مسألة ٧٠٧ : إذا وكّله في الشراء فإمّا أن تكون العين شخصيّةً(١) أو كلّيّةً.

فإن كانت كلّيّةً - مثل أن يقول : وكّلتُك في شراء عبدٍ هنديّ أو تركيّ ، أو يطلق على الأصحّ كما قلنا - اقتضى ذلك شراء السليم دون المعيب ، عند‌

____________________

(١) يأتي حكمها في ص ٩٢ ، المسألة ٧١١.

٨٧

علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي وأحمد(١) - لأنّ الإطلاق في الشراء يقتضي السلامة ، كما أنّ الإطلاق في البيع يقتضي سلامة المبيع ، حتى أنّ للمشتري الردَّ لو خرج معيباً.

وقال أبو حنيفة : يجوز أن يشتري العمياء والمقعدة والمقطوعة اليدين والرِّجْلين ؛ لعموم أمره ، كالمضارب(٢) .

وهو خطأ بما تقدّم. ولأنّه إذا أسلم في شي‌ء موصوف استحقّ السليم منه.

والفرق واقع بين الوكيل والمضارب حيث جوّزنا له أن يشتري الصحيح والمعيب ؛ لأنّ صاحب المال أمره أن يشتري ذلك للتجارة وطلب الربح ، وذلك قد يحصل بالمعيب كما يحصل بالسليم ، فلهذا كان له شراؤهما ، بخلاف الوكيل ؛ فإنّه يقتضي السلامة ؛ لجواز أن يريد المالك القنية والانتفاع ، والعيب قد يمنع بعض المقصود من ذلك ، وإنّما يقتنى ويدّخر السليم دون المعيب.

وقد ناقض أبو حنيفة نفسَه في أصله ؛ فإنّه قال في قوله تعالى :( فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) (٣) : لا تجوز العمياء ولا المقطوعة اليدين والرِّجْلين(٤) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٥٥٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٩ ، بحر المذهب ٨ : ٢٠٨ ، حلية العلماء ٥ : ١٣٠ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٢٣ ، البيان ٦ : ٣٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٢ ، المغني ٥ : ٢٦٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٣٣.

(٢) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٣٣ ، بدائع الصنائع ٦ : ٢٩ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٧٦ / ١٧٥٥ ، المبسوط - للسرخسي - ١٩ : ٣٩ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ٣٢ ، الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ٤٦٤ / ١٨٧١ ، بحر المذهب ٨ : ٢٠٨ ، حلية العلماء ٥ : ١٣٠ ، البيان ٦ : ٣٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٢ ، المغني ٥ : ٢٦٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٣٤.

(٣) النساء : ٩٢.

(٤) بدائع الصنائع ٥ : ١٠٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٢ : ١٩ ، المبسوط - للسرخسي - =

٨٨

مسألة ٧٠٨ : لو اشتر ى الوكيل المعيبَ جاهلاً بعيبه ، صحّ البيع ؛ لأنّه إنّما يلزمه الشراء الصحيح في الظاهر ، وليس مكلَّفاً بالسلامة في الباطن ؛ لأنّ ذلك لا يمكن الوقوف عليه ، فلا يجوز تكليفه به ، ويعجز عن التحرّز عن شراء معيبٍ لا يظهر عيبه.

ويقع البيع للموكّل - وهو قول أكثر الشافعيّة(١) - كما لو اشتراه بنفسه جاهلاً بعيبه.

وقال الجويني : لا يقع عن الموكّل ؛ لأنّ الغبن يمنع الوقوع عن الموكّل مع سلامة المبيع وإن لم يعرف الوكيل فعند العيب أولى(٢) .

ويفارق مجرّد الغبن ؛ لأنّه لا يُثبت الخيار عندهم(٣) ، فلو صحّ البيع ولزم الموكّل للزم ، ولحقه الضرر ، والعيب يُثبت الخيار ، فالحكم بوقوعه عنه لا يورّطه في الضرر.

وحيث يقع عن الموكّل وكان الوكيل جاهلاً بالعيب ، فللموكّل الردّ إذا اطّلع عليه ؛ لأنّه المالك.

وهل يملك الوكيل الردّ بالعيب؟

أمّا عندنا : فلا ؛ لأنّه إنّما وكّله في الشراء ، وهو مغاير للردّ ، فلا يملكه ، وهو قول بعض الشافعيّة(٤) .

وقال أكثرهم : إنّه يملك الردّ ، وينفرد الوكيل بالفسخ ؛ لأنّ الموكّل‌ أقامه مقام نفسه في هذا العقد ولواحقه. ولأنّه لو لم يكن له الردّ وافتقر إلى

____________________

= ٧ : ٢ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٢٣٤ ، المغني ٥ : ٢٦٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٣٥.

(١) الوجيز ١ : ١٩١ ، الوسيط ٣ : ٢٨٩ ، البيان ٦ : ٣٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٢.

(٢ - ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٢.

٨٩

استئذان الموكّل ، فربما لا يرضى الموكّل ، فيتعذّر الردّ حينئذٍ ؛ لكونه على الفور ، ويبقى المبيع في عهدة الوكيل ، وفيه ضرر عظيم(١) .

ونمنع إقامة الموكّل له مقامه في جميع الأشياء ، بل إنّما أقامه مقام نفسه في العقد ، وهو مضادٌّ للفسخ.

ونمنع كون الخيار على الفور.

سلّمنا ، لكن بالنسبة إلى المالك ، فإذا علم بالعيب ، اختار حينئذٍ على الفور إمّا الفسخ أو الإمضاء ، كما لو اشترى شيئاً فغاب ولم يعلم بعيبه إلّا بعد مدّةٍ ثمّ ظهر على العيب.

ولأنّا لو لم نُثبت الردَّ له ، لكان كسائر الأجانب عن العقد ، فلا أثر لتأخيره. ولأنّ مَنْ له الردّ قد يعذر في التأخير لأسبابٍ داعية إليه ، فهلاّ كانت مشاورة الوكيل(٢) عذراً؟!

وأيضاً فإنّه وإن تعذّر منه الردّ فلا يتعذّر نفس الردّ ؛ إذ الموكّل يردّ إذا كان قد سمّاه في العقد أو نواه ، على أنّ في كون المبيع للوكيل وفي تعذّر الردّ منه بتقدير كونه له خلافاً سيأتي.

مسألة ٧٠٩ : لو كان الوكيل في الشراء وكيلاً في ردّ المعيب ، فاشترى معيباً جاهلاً بعيبه ، كان له الرد ، وللموكّل أيضاً الردّ ؛ لأنّ الملك له.

وإن حضر الموكّل قبل ردّ الوكيل ورضي بالعيب ، لم يكن للوكيل ردّه ؛ لأنّ الحقّ له ، بخلاف عامل المضاربة إذا اشترى المعيب جاهلاً بعيبه ، فإنّ له الردَّ وإن رضي ربّ المال بالعيب ؛ لأنّ له حقّاً في العين ، ولا يسقط حقّه برضا غيره.

____________________

(١) البيان ٦ : ٣٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٢.

(٢) أي : مشاورة الوكيل للموكّل.

٩٠

وإن لم يحضر الموكّل وأراد الوكيل الردَّ ، فقال البائع : توقّف حتى يحضر الموكّل فربما يرضى بالمعيب ، لم يلزمه ذلك ؛ لأنّه لا يأمن فوات الردّ بهرب البائع وفوات الثمن بتلفه.

فإن أخّره بناءً على هذا القول فلم يرض به الموكّل ، لم يسقط الردّ وإن قلنا بأنّ الردّ على الفور ؛ لأنّه أخّره بإذن البائع.

وإن قال البائع : موكّلك قد علم بالعيب فرضيه ، لم يُقبل قوله إلّا ببيّنةٍ ، فإن لم تكن له بيّنة ، لم يستحلف الوكيل إلّا أن يدّعي علمه ، فيحلف على نفيه عند الشافعي(١) .

وقال أبو حنيفة : لا يستحلف ؛ لأنّه لو حلف كان نائباً في اليمين(٢) .

وفيه إشكال من حيث إنّه لا نيابة هنا ، وإنّما يحلف على نفي علمه ، وهذا لا ينوب فيه عن أحد.

وإن أقرّ بذلك ، لزمه - عندنا - في حقّ نفسه ، دون موكّله ، فيمينه في حقّه دونه.

وقال ابن أبي ليلى : إنّه لا يردّ حتى يحضر الموكّل ويحلف(٣) .

فإن ردّ الوكيل فحضر الموكّل ورضي بأخذه معيباً ، افتقر إلى عقدٍ جديد ؛ لخروجه عن ملكه بالردّ ، فلا يعود إلّا بالعقد.

ولو قال الموكّل : قد كان بلغني العيب ورضيت به ، فصدّقه البائع ، أو‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٩ ، بحر المذهب ٨ : ٢٠٩ ، حلية العلماء ٥ : ١٣٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٢٣ ، البيان ٦ : ٣٧٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٣ ، المغني ٥ : ٢٦١ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٣٤.

(٢) الأُم ٧ : ١٠٥ ، بحر المذهب ٨ : ٢٠٩ ، حلية العلماء ٥ : ١٣٣ ، المغني ٥ : ٢٦١ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٣٤.

(٣) الأُم ٧ : ١٠٥ ، بحر المذهب ٨ : ٢٠٩ ، حلية العلماء ٥ : ١٣٣.

٩١

قامت به بيّنة ، بطل الردّ ، وعلمنا أنّه لم يقع موقعه ، وكان للموكّل استرجاعه ، وعلى البائع ردّه عليه ؛ لأنّ رضاه به عزل للوكيل عن الردّ ؛ لأنّه لو علم لم يكن له الردّ ، إلّا أن نقول : إنّ الوكيل لا ينعزل حتى يعلم العزل.

وإن رضي الوكيل بالعيب أو أمسكه إمساكاً ينقطع به الردّ فحضر الموكّل فأراد الردّ ، فله ذلك إن صدّقه البائع على أنّ الشراء له ، أو قامت به بيّنة.

وإن كذّبه ولم تكن له بيّنة فحلف البائع أنّه لا يعلم أنّ الشراء له ، فليس له الردّ ؛ لأنّ الظاهر أنّ مَن اشترى شيئاً فهو له ، ويلزمه ، وعليه غرامة الثمن ، وبهذا قال الشافعي(١) .

وقال أبو حنيفة : للوكيل شراء المعيب ؛ عملاً بالإطلاق(٢) .

مسألة ٧١٠ : لو اشترى الوكيل المعيبَ مع علمه بالعيب ، فإن كان بإذن الموكّل ، فلا ردّ هنا لا للوكيل ولا للموكّل إجماعا ، كما لو باشر الموكّل العقد مع علمه بالعيب.

وإن لم يأذن له ، فهل للوكيل الردّ إن كان الموكّل قد جعل إليه ذلك ، أو قلنا : إنّه يملكه؟ يحتمل عدمه ؛ لإقدامه على شراء المعيب عالماً بعيبه ، فلا يكون له الردّ ، وبه قال الشافعي(٣) .

ويحتمل أن يكون له الردّ ؛ لأنّه نائب عن الموكّل ، وللموكّل الردّ ؛ لجهله ، فكذا للوكيل.

أمّا الموكّل فهل له الردّ؟ للشافعيّة وجهان :

____________________

(١) المغني ٥ : ٢٦٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٣٤.

(٢) راجع المصادر في الهامش (٢) من ص ٨٧.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٢.

٩٢

أحدهما : المنع ؛ لأ نّه نزّل الوكيل منزلة نفسه في العقد ولواحقه ، فيكون اطّلاعه على العيب كاطّلاع الموكّل ، كما أنّ رؤيته كرؤيته في إخراج العقد عن أن يكون على قولَي شراء الغائب.

وأصحّهما عندهم : أنّ له الردَّ - وهو المعتمد - لأنّ اطّلاعه ورضاه بعد العقد لا يُسقط حقَّ الردّ للموكّل ، فكذا اطّلاعه في الابتداء(١) .

وعلى هذا فينتقل الملك إلى الوكيل ، أو ينفسخ العقد من أصله؟ للشافعيّة وجهان(٢) .

والقائل بالانتقال إلى الوكيل كأنّه يقول بانعقاد العقد موقوفاً إلى أن يتبيّن الحال ، وإلّا فيستحيل ارتداد الملك من الموكّل إلى الوكيل.

وهذه الاختلافات متفرّعة على وقوع العقد للموكّل مع علم الوكيل بالعيب ، ومذهب الشافعيّة [ خلافه ](٣) (٤) .

والوجه : أن نقول : إنّه يقع عن الموكّل إن نسبه إليه أو نواه وصدّقه على ذلك ، لكن لا وقوعاً لازماً ، بل بمنزلة عقد الفضولي ؛ لأنّ الإطلاق إذا كان يقتضي شراء السليم فإذا اشترى المعيب يكون قد اشترى ما لم يوكّل فيه ، فيكون فضوليّاً ، ولا يقع العقد عن الوكيل ؛ لأنّ المالك لو رضي بالمعيب وأجاز عقد وكيله ، كان الملك له ، فدلّ على أنّه يقع عن الموكّل ، لكن للموكّل الفسخ حيث لم يأذن له فيه.

مسألة ٧١١ : إذا كانت العين شخصيّةً بأن وكّله في شراء عبدٍ بعينه أو سلعةٍ بعينها ، فاشتراها ثمّ ظهر أنّها معيبة ، فإن كان الوكيل جاهلاً بالعيب ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٢ - ٢٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٢.

(٢ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٢.

(٣) ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

٩٣

لم يكن له الردُّ با لاستقلال ؛ لأنّه لم يكن له الردُّ مع الإطلاق فمع التعيين أولى ، ولأنّ المالك قطع نظره بالتعيين ، وربما رضيه على جميع صفاته ، وربما كان قد اطّلع على عيبه.

وللشافعيّة وجهان :

هذا أحدهما ؛ لأنّه ربما يتعلّق غرضه بعينه فينتظر مشاورته.

والثاني - وهو الأصحّ عندهم - : إنّ له الردَّ ؛ لأنّ الظاهر أنّ الموكّل طلب السليم لا المعيب(١) .

فروع :

أ - لا استبعاد عندي في أنّه إذا أطلق بأن قال له : اشتر عبداً هنديّاً ، فاشترى معيباً جاهلاً بعيبه : أنّه يملك الرد ؛ لأنّه اشترى ما لم يؤذن له فيه.

لكن الأقرب : المنع ؛ لأنّا قد بيّنّا أنّ الشراء وقع عن الموكّل ، فلا ينتقل خيار الردّ إلى الوكيل.

ب - لم تذكر الشافعيّة فيما إذا وكّله في ابتياع عينٍ شخصيّة وظهر عيبها أنّه متى يقع عن الموكّل؟ ومتى لا يقع؟

والقياس عندهم يقتضي أنّه كما سبق في الحالة الأُولى.

نعم ، لو كان المبيع معيباً يساوي ما اشتراه به وهو عالم به ، فإيقاعه عن الموكّل هنا أولى ؛ لجواز تعلّق الغرض بعينه(٢) .

ج - لو وكّله في الشراء مطلقاً وعيّن له عيناً شخصيّة فوجدها الوكيل معيبةً قبل أن يعقد الشراء ، فهل للوكيل شراؤها؟ يحتمل ذلك والعدمُ.

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٢.

٩٤

قال بعض العامّة : فیه وجهان مبنيّان على ما إذا علم عيبه بعد شرائه ، إن قلنا : يملك ردّه ، فليس له شراؤه ؛ لأنّ العيب إذا جاز به الردّ بعد العقد فلأن يمنع الشراء أولى. وإن قلنا : لا يملك الردّ هناك ، فله الشراء هنا ؛ لأنّ تعيين الموكّل قطع نظره واجتهاده في جواز الردّ [ فكذلك ](١) في الشراء(٢) .

والوجه عندي : أنّه يجوز له شراؤه ، فإن كان الموكّل قد علم بسبق العيب ، فلا ردّ. وإن لم يكن قد علم ، كان له الردّ ، ولا يضرّه علم الوكيل ؛ لأنّ الحقّ للموكّل لا للوكيل ، سواء قلنا : إنّه يملك الردّ لو علم بعد البيع ، أو لا.

ونمنع الملازمة بين جواز الردّ بعد العقد ومنع الشراء ؛ فإنّه يجوز أن يملك الردّ والشراء معاً.

مسألة ٧١٢ : جميع ما ذكرنا في الحالتين - أعني في كلّيّة العين أو شخصيّتها - مفروض فيما إذا اشترى الوكيل بمالٍ في الذمّة ، أمّا إذا اشترى بعين مال الموكّل ، فحيث قلنا هناك : لا يقع عن الموكّل ، فهنا لا يصحّ أصلاً ، وحيث قلنا : يقع ، فكذلك هنا.

وهل للوكيل الردّ؟ أمّا عندنا : فلا ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة. والثاني : نعم(٣) .

ويمكن أن يكون الوجهان عندهم مبنيّين على المعنيين السابقين ، فإن علّلنا انفراد الوكيل بالردّ بأنّه أقامه مقام نفسه في العقد ولواحقه ، فنعم. وإن علّلنا بأنّه لو أخّر ربما لزمه العقد وصار المبيع كَلّاً عليه ، فلا ؛ لأنّ المشترى‌

____________________

(١) ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

(٢) المغني ٥ : ٢٦٢ - ٢٦٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٣٥.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٢.

٩٥

بملك [ الغير ] (١) لا يقع له بحال(٢) .

مسألة ٧١٣ : إذا ثبت الردّ للوكيل في صورة الشراء في الذمّة لو اطّلع الموكّل على العيب قبل اطّلاع الوكيل أو بعده ورضيه ، سقط عن الوكيل ، بخلاف عامل القراض ؛ فإنّه يبقى له الردّ وإن رضي المالك لحظّه في الربح ، ولا يسقط خيار الموكّل بتأخير الوكيل وتقصيره ، فإذا أخّر أو صرّح بالتزام العقد ، فله الردّ ؛ لأنّ أصل الحقّ باقٍ بحاله ، على إشكالٍ من حيث إنّه نائب ، فكأنّه بالتزام العقد أو التأخير عزل نفسه عن العقد.

والأظهر عند الشافعيّة : المنع(٣) .

وإذا قلنا بأنّه ليس له العود إلى الردّ أو أثبتنا له العود ولم يعد ، فإذا اطّلع الموكّل عليه وأراد الردّ ، فله ذلك إن سمّاه الوكيل في الشراء ، أو نواه وصدّقه البائع عليه. وإن كذّبه ، ردّه على الوكيل ، ولزمه البيع ؛ لأنّه اشترى في الذمّة ما لم يأذن فيه الموكّل ، فينصرف إليه ، وهو أحد قولَي الشافعيّة.

والثاني : أنّ المبيع يكون للموكّل ، والردّ قد فات ؛ لتفريط الوكيل ، فيضمن للموكّل(٤) .

والذي يضمنه قدر نقصان قيمته من الثمن ، فلو كانت القيمة تسعين والثمن مائةً ، رجع بعشرة ، ولو تساويا فلا رجوع ، وهو قول بعض الشافعيّة(٥) .

وقال الأكثر منهم : يرجع بأرش العيب من الثمن ؛ لفوات الردّ بغير تقصيره ، فكان له الأرش ، كما لو تعذّر الردّ بعيبٍ حادث ، إلّا أنّ هناك‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « العين ». والصحيح ما أثبتناه من المصدر.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٢ - ٥٤٣.

(٤ و ٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٣.

٩٦

يؤخذ الأرش من البائع ؛ لتلبيسه ، وهنا من الوكيل ؛ لتقصيره(١) .

ولو التمس البائع من الوكيل تأخير الردّ حتى يحضر الموكّل ، فقد قلنا : إنّه لا تجب عليه الإجابة ؛ لأنّ الردّ حقٌّ ثبت له ، فلا يكلّف تأخيره.

فإن أخّر كما التمسه البائع ، فحضر الموكّل ولم يرض به ، قال بعض الشافعيّة : المبيع للوكيل ، ولا ردّ ؛ لتأخيره مع الإمكان(٢) .

وقال بعضهم : له الردّ ؛ لأنّه لم يرض بالعيب(٣) .

ولو ادّعى البائع رضا الموكّل بالعيب فأنكر الوكيلُ العلمَ ، ففي إحلافه خلاف سبق(٤) .

فإن قلنا بالحلف فعرضت اليمين على الوكيل ، فإن حلف ردّه ، ثمّ إن حضر الموكّل وصدّق البائع ، فله استرداد المبيع من البائع ؛ لموافقته إيّاه على الرضا قبل الردّ ، وبه قال بعض الشافعيّة(٥) .

وقال بعضهم : لا يستردّ ، وينفذ فسخ الوكيل(٦) .

وإن نكل ، حلف البائع ، وسقط ردّ الوكيل ، فإذا حضر الموكّل فإن صدّق البائع ، فذاك. وإن كذّبه ، قال بعض الشافعيّة : لزم العقد الوكيل ، ولا ردّ ؛ لإبطال الحقّ بالنكول(٧) .

مسألة ٧١٤ : هذا كلّه في طرف الشراء ، أمّا الوكيل بالبيع إذا باع فوجد المشتري عيباً ، ردّه عليه إن لم يعلمه وكيلا ، ثمّ هو يردّ على الموكّل. وإن علمه وكيلاً ، ردّه على الموكّل خاصّةً.

وقال بعض الشافعيّة : إن شاء ردّه على الوكيل ، وإن شاء ردّه على‌

____________________

(١ - ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٣.

(٤) في ص ٩٠ ، ضمن المسألة ٧٠٩.

(٥ و ٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٣.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٤.

٩٧

الموكّل ، فإذا ردّه على الوكيل ردّه على الموكّل(١) .

وهو ممنوع ؛ لبراءة ذمّة الوكيل من العهدة.

وهل للوكيل حطّ بعض الثمن للعيب؟ للشافعيّة قولان(٢) .

ويحتمل أنّه ليس له ذلك ؛ لأنّه مأمور بالبيع ، وأن يكون له ؛ لأنّ الأمر بالبيع إنّما يتناول ثمن مثل السلعة ، وثمن مثل سلعته ما قبضه ثمناً بعد إسقاط الأرش.

ولو زعم الموكّل حدوث العيب في يد المشتري ، وصدّق الوكيل المشتري ، ردّ المشتري على الوكيل ، ولم يردّ الوكيل على الموكّل عند الشافعيّة(٣) .

والوجه : إنّه مع عدم البيّنة يحلّف المشتري البائعَ على عدم السبق ، ويستقرّ البيع للمشتري مجّاناً.

هذا إن علم المشتري بالوكالة. وإن لم يعلم ، ردّ على الوكيل.

تذنيب : هل لعامل القراض أن يشتري مَنْ ينعتق على المالك؟ سيأتي.

فإن قلنا : له ذلك فلو اشترى أباه فظهر معيباً ، فللوكيل ردّه إن جعلنا للوكيل الردَّ أو كان وكيلاً فيه ؛ لأنّه لا يعتق على الموكّل قبل الرضا بالعيب.

البحث الرابع : في تخصيصات الموكّل

مسألة ٧١٥ : يجب على الوكيل تتبّع تخصيصات الموكّل ، ولا يجوز له العدول عنها ولا التجاوز بها ، إلّا في صورة السُّوق على ما يأتي(٤) ، بل‌

____________________

(١ - ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٤.

(٤) في ص ٩٨.

٩٨

يجب النظر إلى تقييد ات الموكّل في الوكالة.

ويشترط على الوكيل رعاية المفهوم منها بحسب العرف ، فإذا عيّن الموكّل بالبيع شخصاً فقال : بِعْ على زيدٍ ، لم يجز له بيعه من غيره ؛ لاختلاف الأغراض في أعيان المشترين ، فقد يرغب إلى شخصٍ دون غيره إمّا لسهولة معاملته ، وإمّا لخلوّ ماله عن الشبهات ، فقد يكون أقرب إلى الحِلّ وأبعد عن الشبهة ، وإمّا لإرادة تخصيصه بذلك المبيع إمّا لإفادته إيّاه شيئاً ، أو لإمكان استرداده منه ، فإن باع الوكيل من غير مَنْ عيّن له الموكّل ، كان موقوفاً ، فإن أجازه الموكّل صحّ البيع ، وإلّا فلا.

تذنيب : لو قال : بِعْه من زيدٍ بمائة ، لم يجز بيعه على غيره بأزيد إلّا أن يجيز.

مسألة ٧١٦ : لو عيّن له زماناً ، لم يجز له التخطّي ولا العدول عنه‌ ، فإذا قال : بِعْه اليوم ، أو يوم كذا ، لم يجز له التقديم ولا التأخير ؛ لأنّه ربما يحتاج إلى البيع في ذلك الوقت ، دون ما قبله وما بعده ، فإن قدّم أو أخّر ، وقف على الإجازة.

ولو عيّن له مكاناً من سُوقٍ ونحوه ، فإن كان له في ذلك المكان غرضٌ صحيح بأن كان الراغبون فيه أكثر والنقد فيه أجود والمتعاملون فيه أسمح ، لم يجز له البيع في غيره.

وإن لم يكن له غرض ، فالأقرب : جواز بيعه في غيره ؛ لأنّ التعيين في مثل ذلك يقع اتّفاقاً من غير باعثٍ إليه ، وإنّما الغرض والمقصود تحصيل الثمن ، فإذا حصل في غيره ، جاز ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

والثاني : لا يجوز التعدّي ؛ لجواز أن يكون له فيه غرض صحيح‌

٩٩

لا يطّلع عليه (١) .

وهو غير محلّ النزاع ؛ لأنّا نفرض الكلام فيما لو انتفى الغرض بالكلّيّة ، أمّا لو جوّزنا حصول غرضٍ صحيح ، فإنّه لا يجوز له التعدّي.

ولو نهاه صريحاً عن البيع في غير السُّوق الذي عيّنه ، لم يجز له التعدّي إلى المنهيّ عنه إجماعاً.

ولو قال : بِعْه في بلد كذا ، احتُمل أن يكون كقوله : بِعْه في السُّوق الفلاني ، حتى لو باعه في بلدٍ آخَر ، جاء فيه التفصيل : إن كان له غرض صحيح في التخصيص ، لم يجز التعدّي ، وإلّا جاز ، لكن يضمن هنا الوكيل بالنقل إلى غير المعيّن ، وكذا الثمن يكون مضموناً في يده ، بل لو أطلق التوكيل في بلدٍ ، يبيعه في ذلك البلد ، فلو نقله صار ضامناً.

مسألة ٧١٧ : الموكّل إذا أذن للوكيل في البيع ، فإمّا أن يُطلق ، أو يُقيّد.

فإن أطلق ، فقد بيّنّا أنّه يُحمل على البيع بثمن المثل بنقد البلد حالّاً.

وإن قيّد فقال : بِعْه بمائة درهمٍ ، لم يجز له البيع بأقلّ ، فإن باع بالأقلّ ، كان موقوفاً ؛ لأنّه غير مأذون فيه ، ويكون الوكيل هنا فضوليّاً ، إن أجاز المالك البيعَ صحّ ، وإلّا فلا ، وكان للموكّل فسخ البيع.

وقول الشيخرحمه‌الله : « إذا تعدّى الوكيل شيئاً ممّا رسمه الموكّل ، كان ضامناً لما تعدّى فيه »(٢) لا ينافي ما قلناه.

ولو باعه بأكثر من مائة درهمٍ ، فإن كانت الكثرة من غير الجنس‌ - مثل : أن يبيعه بمائة درهمٍ وثوبٍ - جاز عند علمائنا ، سواء كانت الزيادة قليلةً أو كثيرةً ، وسواء كانت الزيادة

____________________

(١) الوسيط ٣ : ٢٩٣ - ٢٩٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢١٨ ، البيان ٦ : ٣٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٦.

(٢) النهاية : ٣١٩.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

وقال في هامشه : أورده الهيثمي في مجمع الزوائد ( ٩/١٠٢ ) وقال رواه الطبراني والبزار، وفيه عمر بن سعيد المصري وهو ضعيف. انتهى.

وكلام هذا المهمش ليس دقيقاً، لأن رواية كنز العمال عن ثلاثة: سلمان وأبي ذر وحذيفة. ورواية الطبراني والبزار التي ضعفها الهيثمي بعمر بن سعيد المصري إنما هي عن أبي ذر وحده، وبالتالي فهو لم يضعف رواية سلمان وأبي ذر معاً، ولا رواية حذيفة التي نقلها صاحب كنز العمال عن البيهقي، وعن طبقات ابن سعد!

واليك ما قاله في مجمع الزوائد: ٩/١٠٢:

وعن أبي ذر وسلمان قالا: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي فقال: إن هذا أول من آمن بي، وهذا أول من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصديق الأكبر، وهذا فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهذا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظالمين.

رواه الطبراني والبزار عن أبي ذر وحده وقال فيه: أنت أول من آمن بي، وقال فيه: والمال يعسوب الكفار. وفيه عمرو بن سعيد المصري وهو ضعيف. انتهى.

ومهما يكن، فإن بعض طرق الحديث صحيحةٌ على مبانيهم بدون حاجة الى شواهد، وبعضها صحيحةٌ بشواهدها. ولكنهم لا يبحثون أسانيده وأسانيد شواهده، ويضعفونه ويحكمون عليه بأنه منكر، لأنه يتضمن شهادة من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بصفات مهمة لعليعليه‌السلام ، وهي أمر منكر يضر بالخلافة القرشية!!

بل الأحوط عند بعض علماء الخلافة أن يعارضوه بأحاديث تشهد بأن الصفات التي وردت فيه قد ثبتت لخلفاء قريش، وليس لعلي!!

ونترك لقب الصديق والفاروق فعلاً، ونذكر ما رووه حول: أول من تنشق عنه الأرض مع النبي في يوم المحشر، وأول من يصافح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لإنهما من صلب موضوعنا.

١٦١

أما الأول:

فقد روى الحاكم في المستدرك: ٢/٤٦٥، وصححه:

عن ابن عمررضي‌الله‌عنهما قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا أول من تنشق الأرض عنه، ثم أبو بكر، ثم عمر، ثم آتي أهل البقيع فيحشرون معي، ثم أنتظر أهل مكة!!

وتلا عبد الله بن عمر: يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً ذلك حشر علينا يسير!

ورواه أيضاً في: ٣/٦٨، وصححه.

ورواه في كنز العمال: ١١/٤٠٣

وروى نحوه في/٤٢٦ و٤٣٣ ( عن الترمذي، وحسنه، وأبي عروبة في الأوائل، والطبراني الكبير، وابن عساكر، وأبي نعيم في فضائل الصحابة، عن ابن عمر.

وبآخر عن ابن عساكر، عن أبي هريرة. انتهى.

وتلاحظ في هذه الأحاديث أنها تعطي الأولية في الحشر ودخول الجنة لأبي بكر وعمر، ثم لأهل البقيع، ثم للقرشيين في مكة!

كما يوجد عندهم حديث آخر يميلون الى قبوله، رواه في كنز العمال: ١٣/٢٣٣ عن علي! قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أنا أول من تنشق الأرض عنه ولا فخر، فيعطيني الله من الكرامة ما لم يعطني من قبل. ثم ينادي مناد: يا محمد قرب الخلفاء، فأقول: ومن الخلفاء؟!

فيقول جل جلاله: عبد الله أبو بكر الصديق، فأول من تنشق الأرض عنه بعدي أبو بكر، ويقف بين يدي الله فيحاسب حساباً يسيراً، ويكسى حلتين خضراوين، ثم يوقف أمام العرش.

ثم ينادي مناد: أين عمر بن الخطاب؟ فيجيء وأوداجه تشخب دماً فأقول: عمر! من فعل هذا بك! ؟

فيقول: مولى المغيرة بن شعبة، فيوقف بين يدي الله فيحاسب حساباً يسيراً، ثم يكسى حلتين خضراوين، ثم يوقف أمام العرش.

١٦٢

ثم يؤتى بعثمان بن عفان وأوداجه تشخب دماً، فأقول: عثمان! من فعل بك هذا! ؟

فيقول: فلانٌ وفلان، فيوقف بين يدي الله فيحاسب حساباً يسيراً، ثم يكسى حلتين خضراوين، ثم يوقف أمام العرش.

ثم يؤتى بعلي وأوداجه تشخب دماً فأقول: علي! من فعل بك هذا؟!

فيقول: عبد الرحمن بن ملجم، فيوقف بين يدي لله فيحاسب حساباً يسيراً، ثم يكسى حلتين خضراوين، ثم يوقف أمام العرش مع أصحابه.

الزوزني، وفيه علي بن صالح، قال الذهبي: لا يعرف، وله خبرٌ باطل، وقال في اللسان ذكره ابن حبان في الثقات وقال: روى عنه أهل العراق، مستقيم الحديث. انتهى.

وهكذا عالج رواة الخلافة أولية علي التي رواها عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ! فوضعوا حديثاً على لسان علي نفسه! يجعل الأولية لخلفاء قريش بالترتيب، ويجعل علياً الرابع!!

وإذا كلمتهم في السند تراهم يعرضون عن بحث أسانيد الأحاديث التي فيها فضائل علي، ويعملون المستحيل لتصحيح الأحاديث التي فيها فضائل غيره، ويمدح ابن حبان واضع الحديث بأنه مستقيم الحديث، أي أحاديثه في مدح الخلفاء والأمراء وعمالهم!

**

وأما حديث أن أول من يصافحه النبي يوم القيامة علي.. فقد وجدوا له معالجة أخرى، فإذا كان علي أول شخص يستقبله الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ويصافحه يوم القيامة، فإن عمر أول شخص يستقبله الله تعالى يوم القيامة ويصافحه!! ويرحب به، ويدخله الجنة!!

فقد روى ابن ماجة في صحيحه: ١/٣٩:

حدثنا إسماعيل بن محمد الطلحي، أنبأنا داود بن عطاء المديني، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي بن كعب، قال:

١٦٣

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول من يصافحه الحق عمر، وأول من يسلم عليه، وأول من يأخذ بيده فيدخله الجنة.

ورواه في كنز العمال: ١/٥٧٨ - هـ، ك - عن أبي. انتهى.

وقد جاءت روايتهم فاقعةً الى حد أن الذهبي الذي يحب التجسيم ويحب عمر، لم يستطع الدفاع عنها!

وكذلك الألباني، حيث ضعفها على مضض في ضعيفته برقم ٢٢٤٨٥.

**

نتيجة كلية

والنتيجة الأكيدة عند المتأمل في هذه الأحاديث من مصادر الفريقين:

أن علياً وأهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لهم دورٌ كبير في الشفاعة مع النبي يوم القيامة.. بل إن كل مؤمن مقبول له شفاعة يوم القيامة بحسبه، ولما كان أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سادة المؤمنين، فشفاعتهم أكبر وأعظم.

أما الصحابة فتدل أحاديث القيامة على أن أكثرهم يكونون مشغولين الى آخر نفس في معالجة مشكلتهم وتخليص أنفسهم!!

عليعليه‌السلام هو ذائد المنافقين عن حوض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة!

تقدم في الفصل الخامس عشر تحت عنوان: علي ميزان الإسلام والكفر، حديث الإمام الحسن السبطعليه‌السلام ، وقد صححه الحاكم وغيره، وفيه:

( فقال له الحسن: أما والله لئن وردت عليه الحوض، وما أراك ترده، لتجدنه مشمر الازار على ساق، يذود عنه رايات المنافقين ذود غريبة الابل! قول الصادق المصدوق، وقد خاب من افترى ).

كما تقدمت بعض أحاديثه في حمل لواء المحشر عن أحمد وغيره.

١٦٤

وفي مناقب الصحابة لأحمد/٦٦٧:

وفيما كتب إلينا ( عبد الله بن غنام ) يذكر أن عباد بن يعقوب حدثهم، نا علي بن عابس، عن عبد الله عن أبي حرب بن أبي الأسود الدئلي، قال اشتكى أبو الأسود الفالج فنعت له ثعلب فطلبناها في خرب البصرة، فبينا أنا أطوف إذا أنا برجل يصلي فأشار إلي فأتيته فقال: من أنت؟ فقلت أبو حرب بن أبي الأسود، فقال: أقرئ أباك السلام وقل له عبد الله بن فلان يقرأ عليك السلام ويقول لك: أشهد أني سمعت علياً يقول: لأذودن بيدي هاتين القصيرتين عن حوض رسول الله رايات الكفار والمنافقين، كما تذاد غريبة الإبل عن حياضها. انتهى.

وفي تاريخ المدينة لابن شبة: ١/٣٧:

حدثنا محمد بن بكار قال، حدثنا أبو معشر، عن حرام بن عثمان ( عن أبي ) عتيق، عن جابر بن عبداللهرضي‌الله‌عنهما قال: أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم أناساً من المسجد وقال: لا ترقدوا في مسجدي هذا. قال: فخرج الناس، وخرج عليرضي‌الله‌عنه ، فقال: لعليرضي‌الله‌عنه إرجع فقد أحل لك فيه ما أحل لي، كأني بك تذودهم على الحوض، وفي يدك عصا عوسج.

وفي مجمع الزوائد: ٩/١٧٣:

وعن أبي هريرة أن علي بن أبى طالبرضي‌الله‌عنه قال: يا رسول الله، أيما أحب اليك أنا أم فاطمة؟

قال: فاطمة أحب إلي منك، وأنت أعز عليّ منها. وكأنى بك وأنت على حوضي تذود عنه الناس، وإن عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء، وإني وأنت والحسن والحسين وفاطمة وعقيل وجعفر في الجنة، إخواناً على سرر متقابلين، أنت معي وشيعتك في الجنة. ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: إخواناً على سرر متقابلين، لا ينظر أحد في قفا صاحبه.

رواه الطبراني في الأوسط، وفيه سلمى بن عقبة ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.

١٦٥

ورواه في تفسير الميزان: ١٢/١٧٦ ، عن تفسير البرهان عن الحافظ أبي نعيم عن رجاله عن أبي هريرة..

وفي مجمع الزوائد: ٩/١٣٥:

عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا علي معك يوم القيامة عصا من عصى الجنة تذود بها المنافقين عن حوضي. رواه الطبراني في الأوسط وفيه سلام بن سليمان المدايني وزيد العمي، وهما ضعيفان وقد وثقا، وبقية رجالهما ثقات.

وعن عبد الله بن إجارة بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهو على المنبر يقول: أنا أذود عن حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هاتين القصيرتين، الكفار والمنافقين كما تذود السقاة غريبة الابل عن حياضهم.

رواه الطبراني في الاوسط، وفيه محمد بن قدامة الجوهري، وهو ضعيف.

وعن علي بن أبي طالب قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا ترضى يا علي إذا جمع الله النبيين في صعيد واحد، حفاة عراة مشاة قد قطع أعناقهم العطش فكان أول من يدعي ابراهيم فيكسى ثوبين أبيضين، ثم يقوم عن يمين العرش، ثم يفجر مثعب من الجنة الى حوضي، وحوضي أبعد مما بين بصرى وصنعاء، فيه عدد نجوم السماء قدحان من فضة، فأشرب وأتوضأ وأكسى ثوبين أبيضين، ثم أقوم عن يمين العرش، ثم تدعى فتشرب وتتوضأ وتكسى ثوبين أبيضين، فتقوم معي، ولا أدعى الى خير إلا دعيت له.

رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عمران بن ميثم، وهو كذاب.

وفي مجمع الزوائد: ١٠/٣٦٦:

وعن أبي هريرة وجابر بن عبد الله قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي بن أبي طالب صاحب حوضي يوم القيامة، فيه أكوابٌ كعدد نجوم السماء، وسعة حوضي مابين الجابية الى صنعاء. رواه الطبراني في الأوسط، وفيه ضعفاء وثقوا.

١٦٦

وفي الغدير: ١/٣٢١:

أخرج الطبراني بإسناد رجاله ثقات عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي معك يوم القيامة عصا من عصي الجنة، تذود بها المنافقين عن الحوض.

الذخاير/٩١، الرياض: ٢/٢١١، مجمع الزوائد: ٩/١٣٥، الصواعق/١٠٤. انتهى.

وهو في الطبراني الصغير: ٢/٨٩، ورواه الديلمي أيضاً في فردوس الأخبار: ٥/٣١٧ و ٤٠٨، وفي طبعة أخرى من الصواعق/١٧٤

وفي تاريخ دمشق لابن عساكر: ١/٢٦٥:

أخبرنا أبو الحسن السلمي، أنبأنا عبد العزيز التميمي، أنبأنا علي بن موسى بن الحسين، أنبأنا أبو سليمان بن زير، أنبأنا محمد بن يوسف الهروي، أنبأنا محمد بن النعمان بن بشير، أنبأنا أحمد بن الحسين بن جعفر الهاشمي اللهبي، حدثني عبد العزيز بن محمد، عن حرام بن عثمان، عن عبد الرحمن ومحمد ابني جابر بن عبد الله عن أبيهما جابر بن عبد الله الأنصاري قال:

جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن مضطجعون في المسجد، وفي يده عسيب رطب فضربنا، وقال: أترقدون في المسجد، إنه لا يرقد فيه أحد.

فأجفلنا وأجفل معنا علي بن أبي طالب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

يا علي إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي، ياعلي ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة.

والذي نفسي بيده إنك لتذودن عن حوضي يوم القيامة رجالاً كما يذاد البعير الضال عن الماء بعصى من عوسج، كأني أنظر مقامك من حوضي.

قال ( و ) أخبرناه عاليا أبو المظفر بن القشيري وأبو القاسم الشحامي قالا: أنبأنا محمد بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو سعيد محمد بن بشر، أنبأنا محمد بن ادريس، أنبأنا سويد بن سعد، أنبأنا حفص بن ميسرة، عن حزام بن عثمان، عن ابن جابر - أراه عن جابر - قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن مضطجعون في

١٦٧

المسجد، فضربنا بعصف في يده فقال: أترقدون في المسجد إنه لا يرقد فيه.

فأجفلنا فأجفل علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعال يا علي إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة، والذي نفسي بيده إنك لذواد عن حوضي يوم القيامة، تذود كما يذاد البعير الضال عن المأ بعصى لك من عوسج، كأني أنظر الى مقامك من حوضي. انتهى.

ونقله عنه في إحقاق الحق: ١٧/٣٧٤، ورواه الخوارزمي في مناقبه/٦٥

وفي الروض الأنف: ٢/١٤٦:

من طريق جابر بن عبد الله أن رسول الله ( ص ) قال لعلي: والذي نفسي بيده إنك لذائد عن حوضي يوم القيامة، تذود عنه كفار الأمم كما تذاد الابل الضالة عن الماء.

وقال السهيلي: إلا أن هذا الحديث يرويه حرام بن عثمان عن جابر عن النبي. وقد سئل مالك عنه فقال: ليس بثقة، وأغلظ فيه الشافعي. انتهى.

وكذلك ضعفه في تهذيب التهذيب: ٤/٢٨٣

ولا بد أن مالكاً سئل عنه، بعد أن ندم على تدوين حديث الحوض في موطئه!

وسواء صح ما نقلوه عن الشافعي في راوي الحديث حرام بن عثمان أم لا، فإن الذين ضعفوا هذا الحديث قد تعصبوا ضد أهل البيت، ودلسوا أيضاً!

ذلك أن القاعدة عند العلماء: أنهم إذا ضعفوا طريقاً لحديث مروي من طرق أخرى صحيحة، أن ينبهوا الى ذلك، ويذكروا أن له طرقاً أخرى ليس فيها حرام!! خاصة أنه حديثٌ مشهورٌ من رواية أهل البيت واحتجاجاتهم من زمن علي والحسنينعليهم‌السلام ، وكذلك في احتجاج شيعتهم ومحاوراتهم من القرن الأول نثراً وشعراً .

وقد نقلته مصادر السنيين بأسانيد صحيحة عن علي، وعن الحسن السبطعليهما‌السلام ، وقد تقدم في الفصل الخامس عشر تحت عنوان: عليعليه‌السلام ميزان الإسلام والكفر والايمان والنفاق، فراجع.

١٦٨

وكذا روته مصادرهم فيما روت من خطب الإمام الحسينعليه‌السلام ومحاوراته لجيش يزيد في كربلاء..

ولذلك يعتبر علماء الجرح والتعديل مثل هذا العمل تدليساً، يقصد منه إيهام القارىء بضعف متن هذا الحديث وأسانيده الأخرى!!

**

وأخيراً، فقد روت مصادر السنيين حديثاً غير مفهوم، ورد فيه أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يذود عن الحوض لأهل اليمن!

ففي المسند الجامع - تحقيق الدكتور عواد: ٣/٣٤٣ - ح ٢٠٦٢ - ٤٨:

عن ثوبان، أن نبي الله ( ص ) قال: إني لبعقر حوضي أذود الناس لأهل اليمن أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم. فسئل عن عرضه؟ فقال: من مقامي الى عمان.

وسئل عن شرابه؟ فقال: أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، يغث فيه ميزابان يحدانه من الجنة، أحدهما من ذهب، والآخر من ورق. انتهى.

وقد وجدنا حديثاً صححه في مجمع الزوائد، وهو يعطي ضوءاً على هذا الحديث المبهم، ويدل على أنه نصه كان يرتبط بأهل البيتعليهم‌السلام ، فصار لأهل اليمن!!

قال في مجمع الزوائد: ١٠/٣٦٦:

وعن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حوضي أذود عنه الناس لأهل بيتى إني لأضربهم بعصاي هذه حتى ترفض.

قلت: فذكر الحديث وهو في الصحيح غير قوله ( لأهل بيتي ).

رواه البزار بإسنادين، ورجال أحدهما رجال الصحيح. انتهى.

ومعنى ذلك أن إحدى روايتي البزاز التي فيها ( لأهل بيتي ) صحيحة، ولعل أصل الحديث أذود عنه أنا وأهل بيتي، أو أذود من خالف أهل بيتي..

١٦٩

من أحاديث الحوض في مصادرنا

أما مصادرنا فلا مشكلة لها مع أحاديث حوض الكوثر ولا مع غيرها، لذك تجد أحاديثه صحيحة ومتواترة في مصادرنا، وهي من حججنا على إمامة أهل البيت النبوي الطاهرينعليهم‌السلام ..

قال الصدوق في كتاب الاعتقادات/٤٣:

إعتقادنا في الحوض: أنه حق، وأن عرضه مابين أيلة وصنعاء، وهو للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله . الساقي عليه يوم القيامة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالبعليهما‌السلام ، يسقي منه أولياءه ويذود عنه أعداءه، ومن شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا.

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ليختلجن قوم من أصحابي دوني وأنا على الحوض، فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأنادي ياربي أصحابي أصحابي، فيقال لي: إنك لاتدري ما أحدثوا بعدك! .

وروى في كتاب الخصال/٦٢٤، عن عليعليه‌السلام :

أنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومعي عترتي وسبطي على الحوض، فمن أرادنا فليأخذ بقولنا وليعمل عملنا، فإن لكل أهل بيت نجيب ولنا شفاعة، ولأهل مودتنا شفاعة، فتنافسوا في لقائنا على الحوض، فإنا نذود عنه أعداءنا ونسقي منه أحباءنا وأولياءنا، ومن شرب منه شربةً لم يظمأ بعدها أبداً.

حوضنا مترعٌ فيه مثعبان ينصبان من الجنة أحدهما من تسنيم، والآخر من معين، على حافتيه الزعفران، وحصاه اللؤلؤ والياقوت، وهو الكوثر.

ورواه في تفسير فرات الكوفي/٣٦٦، وتفسير نور الثقلين: ٥/٥١١

وفي تفسير فرات/١٧٢، من رواية يخبر بها النبي ابنته الصديقة فاطمة الزهراءعليها‌السلام بما سيحدث لها ولأولادها من بعده، ويعلمها الصبر على أمر الله تعالى، قال:

يا فاطمة بنت محمد...

١٧٠

أما ترضين أن يكون أبوك يأتونه يسألونه الشفاعة.

أما ترضين أن يكون بعلك يذود الخلق يوم العطش عن الحوض فيسقي منه أولياءه، ويذود عنه أعداءه.

أما ترضين أن يكون بعلك قسيم النار، يأمر النار فتطيعه يخرج منها من يشاء ويترك من يشاء.

أما ترضين أن تنظرين الى الملائكة على أرجاء السماء ينظرون اليك والى ما تأمرين به، وينظرون الى بعلك قد حضر الخلائق وهو يخاصمهم عند الله!

فما ترين الله صانع بقاتل ولدك وقاتليك؟ !!

وقد أوردنا في معجم أحاديث الإمام المهدي: ٣ /١٥٣:

عن تفسير العياشي: ١/١٤، والكافي: ١ /٦٢:

عن علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ابراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، قال قلت لأمير المؤمنينعليه‌السلام : إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله غير ما في أيدي الناس، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنتم تخالفونهم فيها، وتزعمون أن ذلك كله باطل، أفترى الناس يكذبون على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمدين؟ ويفسرون القرآن بآرائهم؟

قال: فأقبل علي فقال: قد سألت فافهم الجواب.

إن في أيدي الناس حقاً وباطلاً، وصدقاً وكذباً، وناسخاً ومنسوخاً، وعاماً وخاصاً، ومحكماً ومتشابهاً، وحفظاً ووهماً، وقد كذب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على عهده حتى قام خطيباً فقال: أيها الناس قد كثرت عليّ الكذابة، فمن كذب عليّ متعمداً فليتبوء مقعده من النار! ثم كذب عليه من بعده!

وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس:

١٧١

رجلٌ منافقٌ يظهر الايمان، متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمداً، فلو علم الناس أنه منافقٌ كذاب، لم يقبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ورآه وسمع منه، وأخذوا عنه، وهم لا يعرفون حاله، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عز وجل: وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم، وإن يقولوا تسمع لقولهم.

ثم بقوا بعده فتقربوا الى أئمة الضلالة والدعاة الى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال، وحملوهم على رقاب الناس، وأكلوا بهم الدنيا!

وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله، فهذا أحد الأربعة.

ورجلٌ سمع من رسول الله شيئاً لم يحمله على وجهه ووهم فيه، ولم يتعمد كذباً فهو في يده، يقول به ويعمل به ويرويه فيقول: أنا سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه ولو علم هو أنه وهم لرفضه.

ورجلٌ ثالثٌ سمع من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شيئاً أمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شيء ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ، ولو علم أنه منسوخ لرفضه، ولم علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.

وآخرُ رابعٌ لم يكذب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مبغض للكذب خوفاً من الله وتعظيماً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم ينسه، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع لم يزد في ولم ينقص منه، وعلم الناسخ من المنسوخ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ فإن أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مثل القرآن ناسخ ومنسوخ [ وخاص وعام ] ومحكم ومتشابه قد كان يكون من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الكلام له وجهان: كلامٌ عام وكلامٌ خاص، مثل القرآن، وقال الله عز وجل في كتابه: ما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا.

فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله . وليس كل أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يسأله عن الشيء فيفهم! وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه حتى أن

١٧٢

كانوا ليحبون أن يجييء الأعرابي والطارئ فيسأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى يسمعوا.

وقد كنت أدخل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كل يوم دخلةً وكل ليلة دخلةً فيخليني فيها أدور معه حيث دار، وقد علم أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري، فربما كان في بيتي يأتيني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أكثر ذلك في بيتي، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عني نسائه، فلا يبقى عنده غيري، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عني فاطمة، ولا أحدٌ من بنيَّ، وكنت إذا سألته أجابني، وإذا سكت عنه وفنيت مسائلي ابتدأني، فما نزلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي، وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وخاصها وعامها، ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها، فما نسيت آيةً من كتاب الله ولا علماً أملاه عليّ وكتبته، منذ دعا الله لي بما دعا، وما ترك شيئاً علمه الله من حلال ولا حرام، ولا أمر ولا نهي كان أو يكون ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته، فلم أنس حرفاً واحداً، ثم وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكماً ونوراً، فقلت: يا نبي الله بأبي أنت وأمي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئاً ولم يفتني شيء لم أكتبه، أفتتخوف علي النسيان فيما بعد؟

فقال: لا، لست أتخوف عليك النسيان والجهل. وقد أخبرني ربي أنه قد استجاب لي فيك، وفي شركائك الذين يكونون من بعدك.

فقلت: يا رسول الله ومن شركائي من بعدي؟

قال: الذين قرنهم الله بنفسه وبي.

فقال: الأوصياء مني الى أن يردوا علي الحوض، كلهم هاد مهتد لا يضرهم من خذلهم، هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفارقهم ولا يفارقونه، بهم تنصر أمتي وبهم يمطرون، وبهم يدفع عنهم، وبهم استجاب دعاءهم.

١٧٣

فقلت: يارسول الله سمهم لي فقال: ابني هذا، ووضع يده على رأس الحسن، ثم ابني هذا ووضع يده على رأس الحسين، ثم ابنٌ له يقال له علي، وسيولد في حياتك فاقرأه مني السلام، ثم تكملة اثني عشر من ولد محمد.

فقلت له: بأبي أنت وأمي فسمهم لي، فسماهم رجلاً رجلاً فيهم والله يا أخا بني هلال مهدي أمة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي يملؤ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، والله إني لأعرف من يبايعه بين الركن والمقام، وأعرف أسماء آبائهم وقبائلهم!! انتهى.

ويوجد قسم منه في نهج البلاغة - شرح صبحي الصالح، خطبة ٢١٠، وشرح محمد عبده ص ٢١٤. وروى ابن الجوزي قسماً منه في تذكرة الخواص /١٤٣، مرسلاً عن كميل بن زياد. ورواه النعماني/٧٥، والطبري الشيعي في المسترشد /٢٩، والصدوق في كمال الدين: ١/٢٨٤، والخصال: ١ /٢٥٥، والحراني في تحف العقول/١٩٣، والطبرسي في الاحتجاج: ١/٢٦٤، وابن ميثم البحراني في شرح النهج: ٤ /١٩، والعاملي في إثبات الهداة: ١/٦٦٤، والمجلسي في البحار: ٢ /٢٢٨، و: ٣٦/٢٧٣ و٢٧٦، و: ٩/٩٨

١٧٤

أهل البيتعليهم‌السلام وشيعتهم على الحوض

في مقاتل الطالبين/٤٣:

حدثني محمد بن الحسين الأشناني وعلي بن العباس المقانعي قالا: حدثنا عباد بن يعقوب قال: أخبرنا عمرو بن ثابت، عن الحسن بن حكم، عن عدي بن ثابت، عن سفيان بن أبي ليلى، وحدثني محمد بن أحمد أبو عبيد قال: حدثنا الفضل بن الحسن المصري قال: حدثنا محمد بن عمرويه قال: حدثنا مكي بن ابراهيم، قال حدثنا السري بن إسماعيل، عن الشعبي، عن سفيان بن أبي ليلى دخل حديث بعضهم في حديث بعض، وأكثر اللفظ لأبي عبيدة قال: أتيت الحسن بن علي حين بايع معاوية فوجدته بفناء داره وعنده رهط فقلت:

السلام عليك يا مذل المؤمنين!

فقال عليك السلام يا سفيان، إنزل.

فنزلت فعقلت راحلتي ثم أتيته فجلست اليه، فقال: كيف قلت ياسفيان؟

فقلت: السلام عليك يا مذل رقاب المؤمنين.

فقال: ما جر هذا منك إلينا؟

فقلت: أنت والله - بأبي أنت وأمي - أذللت رقابنا حين أعطيت هذا الطاغية البيعة وسلمت الأمر الى اللعين بن اللعين بن آكلة الاكباد، ومعك مائة ألف كلهم يموت دونك، وقد جمع الله لك أمر الناس.

فقال: يا سفيان، إنا أهل بيت إذا علمنا الحق تمسكنا به، وإني سمعت علياً يقول سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: لا تذهب الليالي والأيام حتى يجتمع أمر هذه الأمة على رجل واسع السرم ضخم البلعوم يأكل ولا يشبع، لا ينظر الله اليه ولا يموت حتى لا يكون له في السماء عاذرٌ ولا في الأرض ناصر، وإنه لمعاوية، وإني عرفت أن الله بالغ أمره.

١٧٥

ثم أذن المؤذن فقمنا على حالب يحلب ناقة، فتناول الاناء فشرب قائماً ثم سقاني، فخرجنا نمشي الى المسجد، فقال لي: ما جاءنا بك يا سفيان؟

قلت: حبكم والذي بعث محمداً بالهدى ودين الحق.

قال: فأبشر يا سفيان فإني سمعت علياً يقول: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

يقول: يرد علي الحوض أهل بيتي ومن أحبهم من أمتي كهاتين، يعني السبابتين، ولو شئت لقلت هاتين يعني السبابة والوسطى، إحداهما تفضل على الأخرى.

أبشر يا سفيان فإن الدنيا تسع البر والفاجر، حتى يبعث الله إمام الحق من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

هذا لفظ أبي عبيد وقال ( وفي حديث محمد بن الحسين وعلي بن العباس بعض هذا الكلام موقوفاً، عن الحسن غير مرفوع الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إلا في ذكر معاوية فقط ).

ورواه ابن طاووس في الملاحم والفتن/١٠٩، ملخصاً عن الفتن للسليلي...

ورواه ابن أبي الحديد: ١٦/٤٤، عن أبي الفرج بسنديه بتقديم وتأخير، وفي سنده محمد بن أحمد بن عبيد بدل محمد بن أحمد أبو عبيد. والبصري بدل المصري. وابن عمرو بدل محمد بن عمرويه، والاشنانداني بدل الأشناني.

ورواه في البحار: ٤٤ /٥٩، وفي العوالم: ١٦ /١٧٨، عن ابن أبي الحديد بسنديه.

١٧٦

شعر حوض الكوثر في مصادر الحديث والأدب

تعتبر مجموعة شعر الكوثر التي نقلتها مصادر الحديث والأدب، من الأدلة العلمية المهمة على صحة أحاديث أن الساقي على الحوض والذائد عنه هو عليعليه‌السلام . وأول شعر نقله الرواة من ذلك رجز أمير المؤمنين في حرب صفين:

ففي مناقب آل أبي طالب: ١/٢١٩:

أنهعليه‌السلام عندما دعي الى المبارزة في صفين قال مرتجزاً:

أنا عليٌّ صاحب الصمصامه

وصاحب الحوض لدى القيامه

أخو نبي الله ذي العلامه

قد قال إذ عمّمني العمامه

أنت أخي ومعدن الكرامه

ومن له من بعدي الإمامه

- كما روت كتب التاريخ والحديث والعقائد أبياتاً للامام الحسينعليه‌السلام ، جاءت ضمن خطبته التاريخة في كربلاء، ذكر فيها الحوض..كما في الاحتجاج: ٢ /٢٦ وتفسير نور الثقلين: ٣/٥٦٥ ، وغيرهما، منها:

أنا ابن أباة الضيم من آل هاشم

كـفـاني بـهذا مفخراً حين أفخر

وجدي رسول الله أكرم من مشى

ونحن سـراج الله في الخلق نزهر

ونحن أمان الله للناس كـلـهـم

نـطـول بـهذا في الأنام ونجهر

ونحن ولاة الحوض نسقي محبنا

بـكـأس رسول الله ما ليس ينكر

وشـيعتنا في الحشر أكرم شيعة

ومـبـغضنا يـوم القيامة يخسر

وفي بشارة المصطفى/١١٢:

أبو عبدالله الحسين بن الحسن الحسيني الجرجاني القاضي، قدم علينا من بغداد، قال: حدثني الشريف أبو محمد الحسن بن أحمد المحمدي النقيب قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عباس الجوهري قال، حدثنا أحمد بن زياد الهمداني قال: رأيت صبياً صغيراً يكون سباعياً أو ثمانياً بالمدينة، على ساكنها أفضل السلام، ينشد:

١٧٧

لنحن عـلى الحوض ذواده

نـــذود وتـسـعـد وراده

ومـا فـاز من فاز إلا بنا

وما خـاب مـن حـبنا زاده

ومن سرنا نال منا السرور

ومــن سـاءنا سـاء ميلاده

ومـن كـان ظالمـنا حقنا

فـإن الـقــيامة مـيعـاده

فقلت يا فتى لمن هذه الأبيات؟

فقال: لمنشدها.

فقلت: من الفتى؟

فقال علويٌّ فاطميٌّ، إيهاً عنك. انتهى.

ونسب في رشفة الصادي/١٩٢، هذه الأبيات الى الإمام محمد الباقرعليه‌السلام .

**

وقد ترجم الأميني في من الغدير : ٢، لعدد من شعراء الغدير الذين ذكروا الحوض، نذكر بعضهم:

فمن أقدمهم سفيان بن مصعب العبدي الكوفي:

وهو من شعراء أهل البيت عيهم السلام في القرن الثاني، وقد مدحه الإمام الصادقعليه‌السلام واستنشده شعره في رثاء الإمام الحسينعليه‌السلام قال العبدي من قصيدة طويلة:

هل في سؤالك رسم المنزل الخرب

بـرءٌ لقلبك مـن داء الهوى الوصب

أم حـره يـوم وشـك البين يبرده

ما استحدثته النوى من دمعك السرب

يا رائد الحي حسب الحي ما ضمنت

لـه المدامع مـن مـاء ومن عشب

لهفي لما استودعت تلك القباب وما

حجبن من قـضـب عنا ومن كثب

لأشـرقـن بدمعي إن نـأت بـهم

دارٌ ولم أقض ما في النفس من إرب

ما هز عطفي من شوق الى وطني

ولا اعتراني من وجد ومن طـرب

١٧٨

مـثـل اشتياقي من بعد ومنتزح

الـى الـغـري وما فيه من الحسب

يـا راكباً جسرةً تطوي مناسمها

مـلاءة الـبـيـد بالتقريب والجنب

تثني الـريـاح إذا مرت بغايتها

حسـرى الطلائح بالغيطان والخرب

بلغ سـلامي قبراً بالغري حوى

أوفـى البرية مـن عجم ومن عرب

يا صاحب الكوثرالرقراق زاخره

ذود النواصب عن سـلسـاله العذب

قـارعت منهم كماة فـي هواك

بما جردت من خاطر أو مقول ذرب

حـتـى لقد وسمت كلما جباهم

خواطري بمضاء الشـعـر والخطب

-وقال أيضاً في مدح علي عليه‌السلام :

أنت عـين الالَه والجنب من

فـرط فيه يصلى لظى مذموما

أنت فلك النجاة فينا وما زلـ

ت صراطاً الى الهدى مستقيما

وعليك الورود تسقي من الحو

ض ومن شئت ينثني محروما

واليك الجواز تدخل من شئـ

ـت جناناً ومن تشـاء جحيما

وقال الأميني في الغدير: ٢/٢٩٦ :

في مقتضب الأثر عن أحمد بن زياد الهمداني قال: حدثني علي بن ابراهيم بن هاشم قال: حدثني أبي عن الحسن بن علي سجاده، عن أبان بن عمر ختن آل ميثم قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام فدخل عليه سفيان بن مصعب العبدي قال: جعلني الله فداك ما تقول في قوله تعالى ذكره:

وعلى الأعراف رجالٌ يعرفون كلاً بسيماهم؟

قال: هم الأوصياء من آل محمد الاثني عشر، لا يعرف الله إلا من عرفهم وعرفوه.

قال: فما الأعراف جعلت فداك؟

قال: كثائب من مسك، عليها رسول الله والأوصياء يعرفون كلاً بسيماهم.

فقال سفيان: أفلا أقول في ذلك شيئاً؟

١٧٩

فقال من قصيدة:

أيا ربعهم هل فيك لي اليوم مربع

وهـل لليال كـن لي فيك مرجع

ومنها:

وأنتم ولاة الحشـر والنشر والجزا

وأنتم لـيـوم المفزع الهول مفزع

وأنتم عـلى الاعراف وهي كثائب

من الـمـسـك رياها بكم يتضوع

ثـمـانـيـة بالعرش إذ يحملونه

ومن بعدهم في الأرض هادون أربع

وروى أبو الفرج في الاغاني ٧/٢٢ ، عن أبي داود المسترق سليمان بن سفيان: أن السيد والعبدي اجتمعا فأنشد السيد:

أدين بـمـا دان الوصي به

يوم الخريبة من قتل المحلينا

وبالذي دان يوم النهروان به

وشـاركت كفه كفي بصفينا

فقال له العبدي: أخطأت، لو شاركت كفك كفه كنت مثله، ولكن قل: تابعت كفه كفي، لتكون تابعاً لا شريكاً.

فكان السيد بعد ذلك يقول: أنا أشعر الناس إلا العبدي.

**

ومن شعراء الكوثر السيد الحميري، المتوفى ١٧٣:

وهو اسماعيل بن محمد بن يزيد بن وداع الحميري، الملقب بالسيد.

قال عنه المرزباني: لم يسمع أن أحداً عمل شعراً جيداً وأكثر غير السيد.

وروى عن عبد الله بن إسحاق الهاشمي قال: جمعت للسيد ألفي قصيدة وظننت أنه ما بقي عليَّ شيء، فكنت لا أ زال أرى من ينشدني ما ليس عندي، فكتبت حتى ضجرت، ثم تركت.

وقال: سئل أبو عبيدة من أشعر المولدين؟ قال: السيد وبشار.

ونقل عن الحسين بن الضحاك أنه قال: ذاكرني مروان بن أبي حفصة أمر السيد بعد موته، وأنا أحفظ الناس بشعر بشار والسيد، فأنشدته قصيدته المذهبة التي أولها:

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523