وسائل الشيعة الجزء ١٧

وسائل الشيعة12%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 483

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 483 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 297129 / تحميل: 183166
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

٢٤ - باب عدم جواز تعلّم النجوم والعمل بها وحكم النظر فيها (*)

[ ٢٢١٩٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن أسباط، عن عبد الرحمن بن سيابة قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّ الناس يقولون: إنّ النجوم لا يحلّ النظر فيها وهي تعجبني فإنّ كانت تضر بديني فلا حاجة لي في شيء يضرّ بديني، وإنّ كانت لا تضر بديني فوالله إنّي لأشتهيها وأشتهي النظر فيها، فقال: ليس كما يقولون لا تضرّ بدينك.

ثمّ قال: إنكم تنظرون في شيء منها كثيره لا يدرك وقليله لا ينتفع به الحديث.

أقول: يأتي وجهه(١) .

[ ٢٢١٩٦ ] ٢ - وعن أحمد بن محمّد، وعن عليّ بن محمّد جميعاً، عن عليّ بن الحسن التيّمي، عن محمّد بن الخطاب الواسطي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن حمّاد الأزدي، عن هشام

____________________

الباب ٢٤

فيه ١٢ حديثاً

* - قد صرح علمائنا بتحريم تعلم علم النجوم والعمل به، وصرحوا بكفر من اعتقد تأثير النجوم، أو مدخليتها في التأثير، وذكروا إنّ بطلان ذلك من ضروريات الدين، ونقلوا الإِجماع على ذلك، فممّن صرّح بما ذكرناه الشيخ المفيد، والمرتضى في الدرر والغرر، والشيخ الشهيد في قواعده وفي الدروس، والعلّامة في التذكرة والمنتهى والقواعد والتحرير، والشيخ عليّ في شرح القواعد، والشهيد الثإنّي في شرح الشرائع، والمحقّق في المعتبر، والكراجكي في كنز الفوائد وغيرهم، ولا يظهر منهم مخالف في ذلك على ما يحضرني ( منه. قده ).

١ - الكافي ٨: ١٩٥ / ٢٣٣.

(١) يأتي في الحديث ١٢ من هذا الباب.

٢ - الكافي ٨: ٣٥١ / ٥٤٩.

١٤١

الخفاف قال: قال لي أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : كيف بصرك بالنجوم؟ قال: قلت: ما خلفت بالعراق أبصر بالنجوم مني، قال: كيف دورإنّ الفلك عندكم؟ - إلى إنّ قال: - ما بال العسكرين يلتقيان في هذا حاسب وفي هذا حاسب فيحسب هذا لصاحبه بالظفر، ويحسب هذا لصاحبه بالظفر ثمّ يلتقيان فيهزم أحدهما الآخر فأين كانت النجوم؟ قال: قلت: لا والله لا اعلم ذلك، قال: فقال: صدقت إنّ أصل الحساب حق، ولكن لا يعلم ذلك إلّا من علم مواليد الخلق كلّهم.

[ ٢٢١٩٧ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعاً، عن عليّ بن حسان، عن عليّ بن عطية الزيات، عن معلّى بن خنيس قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن النجوم أحقّ هي؟ فقال: نعم إنّ الله بعث المشتري إلى الارض في صورة رجل فأخذ رجلاً من العجم فعلمه - إلى إنّ قال: - ثمّ اخذ رجلاً من الهند فعلّمه الحديث.

أقول: يأتي وجهه(١) .

[ ٢٢١٩٨ ] ٤ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عمّن أخبره، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سُئل عن النجوم؟ قال: ما يعلمها إلّا أهل بيت من العرب وأهل بيت من الهند.

[ ٢٢١٩٩ ] ٥ - وقد تقدّم في حديث القاسم بن عبد الرحمن أنّ النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) نهى عن خصال، منها: مهر البغي، ومنها النظر في النجوم.

____________________

٣ - الكافي ٨: ٣٣٠ / ٥٠٧.

(١) يأتي في الحديث ١٢ من هذا الباب.

٤ - الكافي ٨: ٣٣٠ / ٥٠٨.

٥ - تقدم في الحديث ١٤ من الباب ٥ من هذه الأبواب

١٤٢

[ ٢٢٢٠٠ ] ٦ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( الخصال) عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن العباس بن معروف، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن ظريف بن ناصح، عن أبي الحصين قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: سُئل رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) عن الساعة؟ فقال: عند إيمان بالنجوم وتكذيب بالقدر.

[ ٢٢٢٠١ ] ٧ - وعنه، عن الصفار، عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن إسحاق بن إبراهيم، عن نصر بن قابوس قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) : يقول: المنجم ملعون، والكاهن ملعون، والساحر ملعون والمغنية ملعونة، ومن آواها ملعون، وآكل كسبها ملعون.

[ ٢٢٢٠٢ ] ٨ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : المنجم كالكاهن والكاهن كالساحر، والساحر كالكافر، والكافر في النار.

[ ٢٢٢٠٣ ] ٩ - وبإسناده عن أبي جعفر، عن آبائه، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أنه نهى عن عدّة خصال منها النظر في النجوم.

[ ٢٢٢٠٤ ] ١٠ - أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسي في( الاحتجاج) عن هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - إنّ زنديقاً قال له: ما تقول في علم النجوم؟ قال: هو علم قلّت منافعه، وكثرت مضاره، لا يدفع به المقدور، ولا يتقي به المحذور، إنّ خبر المنجم بالبلاء لم ينجه التحرز من القضاء، وإنّ خبر هو بخير لم يستطع تعجيله، وإنّ حدث به سوء لم يمكنه صرفه، والمنجم يضاد الله في علمه بزعمه أنّه يردّ

____________________

٦ - الخصال: ٦٢ / ٨٧.

٧ - الخصال: ٢٩٧ / ٦٧.

٨ - الخصال: ٢٩٧ / ذيل الحديث ٦٧.

٩ - الخصال: ٤١٨ / ذيل الحديث ١٠.

١٠ - الاحتجاج: ٣٤٨.

١٤٣

قضاء الله عن خلقه.

[ ٢٢٢٠٥ ] ١١ - جعفر بن الحسن المحقق في( المعتبر) والعلامة في( التذكرة) والشهيدان قالوا: قال النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من صدق كاهناً أو منجّماً فهو كافر بما اُنزل على محمّد( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) .

[ ٢٢٢٠٦ ] ١٢ - عليّ بن موسى بن طاووس في كتاب( الاستخارات) نقلاً من كتاب الشيخ الفاضل محمّد بن عليّ بن محمّد في دعاء الاستخارة الّذي كان يدعو به الصادق( عليه‌السلام ) - إلى إنّ قال: - اللّهم إنّك خلقت أقواما يلجأون إلى مطالع النجوم لاوقات حركاتهم وسكونهم، وخلقتني أبرء إليك من اللجاء إليهم، ومن طلب الاختيارات بها، وأيقن إنّك لم تطلع أحداً على غيبك في مواقعها، ولم تسهل له السبيل إلى تحصيل أفاعيلها، وإنّك قادر على نقلها في مداراتها، عن السعود العامة والخاصة إلى النحوس، وعن النحوس الشاملة المضرّة إلى السعود، لإنّك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك اُم الكتاب، ما أسعدت من اعتمد على مخلوق مثله، واستبد الاختيار لنفسه، ولا اشقيت من اعتمد على الخالق الّذي أنت هو لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك الدعاء.

أقول: وتقدّم في آداب السفر ما يدلّ على عدم جواز العمل بالنجوم والامر بإحراق كتبها، وعدم جواز تعلمها إلّا ما يهتدى به في بر أو بحر(١) ، ويأتي ما يدلّ على ذلك(٢) ، ولا معارض له صريح فيحمل حديث المعلّى على تعلّم ما يهتدى به في برّ أو بحر أو على التقية، على أنّه قد روي في

____________________

١١ - المعتبر: ٣١١، وتذكرة الفقهاء: ٢٧١.

١٢ - فتح الأبواب : ١٩٨.

(١) تقدم في الباب ١٤ من أبواب السفر، وفي الحديث ١ من الباب ١٠ من أبواب صلاة الاستسقاء، وفي الباب ١٥ من أبواب أحكام شهر رمضان، وفي الحديث ١٢ من الباب ١٧ من هذه الأبواب

(٢) يأتي في الحديث ٣ من الباب ٢٦ من هذه الأبواب

١٤٤

عدّة أحاديث في( طبّ الأئمة) وغيره إنّ السحر حق، ولا شك في تحريمه، وكذا في الكهانة والقيافة وغيرهما، وأمّا النظر فيها لا للعمل ولا للحكم بل لمعرفة حكمة الله وقدرته وعجائب مخلوقاته فلا بأس به لما مرّ (١) في الحديث الاول والله أعلم، ولو كان المراد به ما زاد على ذلك تعين حمله على التقيّة.

٢٥ - باب تحريم تعلّم السحر وأجره (*) ، واستعماله في العقد وحكم الحل

[ ٢٢٢٠٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن

____________________

(١) مرّ في الحديث ١ من هذا الباب.

الباب ٢٥

فيه ٨ أحاديث

* - ذكر بعض المتأخرين أنّ تعلّم السحر ليدفع به المتنبّىء بالسحر جائز، وأنّه ربمّا يجب كفاية، ولا نصّ فيه، وتخصيص ذلك النص المتواتر المشتمل على نهاية التأكيد والتهديد والوعيد بغير مخصص غير جائز، وأصل هذا الحكم من العامة وهو موجود في كتبهم، ووجهه ظاهر على طريقتهم، لأنّهم لا يقولون بوجوب الإمامة، فتحتاجون إلى حفظ ظواهر الشريعة، وأمّا على قواعد الإمامية، فإنّ ذلك من وظائف الإمام لا من وظائف الرعية، وأفراد السحر ظاهرة لا تشتبه بالمعجزات، وقد ورد النص بإنّ كل من ادعى نبوة بعد محمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) وجب قتلهعلى كل من سمعه، وبأنّ الساحر حده القتل، فإذا كان الشارع أمر الرعية بقتل المتنبّىء بالسحر، ولم يأمرهم بتعلم السحر لإبطال دعواه، ولم يرخص لهم في تعلمه، بل حكم بإنّ تعلمه كفر، والنص في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عام قابل للتخصيص بغير الحرام كالسحر، فكيف يجعل مخصصا وهو غير صريح في إباحة شيء من المحرمات لأجل النهي عن المنكر، وبالجملة لا يظهر للتخصيص وجه ولا ريب عند المحققين إنّ احتمال التحريم أقوى من احتمال الوجوب، فضلا عن الجواز، وإنّ الحكم هنا بالجواز فضلا عن الوجوب بعيد عن الاحتياط موافق للعامة، ولا دليل عليه، ونظير هذا التخصيص إنّ تكون إمرأة ذات بعل تقول للرجل: « إنّ لم تزن بي مرة زنيت بغيرك عشر مرات » فينبغي إنّ يصير الزنا هنا حلالاً لأجل النهي عن المنكر، أو واجباً كفائياً من باب الحسبة، فإنّ نص تحريم الزنا ونص وجوب النهي عن المنكر تعارضاً، وهما عامّان كلّ واحد منهما قابل للتخصيص، وأمثال ذلك كثيرة ( منهقدّه ).

١ - الكافي ٥: ١١٥ / ٧.

١٤٥

شيخ من أصحابنا الكوفيّين قال: دخل عيسى بن شفقي(١) ، على أبي عبدالله( عليه‌السلام ) وكان ساحراً يأتيه الناس ويأخذ على ذلك الاجر، فقال له: جعلت فداك أنا رجل كانت صناعتي السحر وكنت آخذ عليه الاجر، وكان معاشي، وقد حججت منه ومنّ الله عليّ بلقائك، وقد تبت إلى الله عزّ وجلّ، فهل لي في شيء من ذلك مخرج؟ فقال له أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : حل ولا تعقد.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) .

ورواه الصدوق بإسناده عن عيسى بن السقفي نحوه(٣) .

ورواه الحميري في( قرب الإِسناد) عن الهيثمّ بن أبي مسروق النهدي، عن أبيه، عن عيسى بن السقفي نحوه (٤) .

أقول: خصه بعض علمائنا بالحل بغير السحر كالقرآن والذكر والتعويذ ونحوها، وهو حسن إذ لا تصريح بجواز الحل بالسحر(٥) .

[ ٢٢٢٠٨ ] ٢ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ساحر المسلمين يقتل وساحر الكفار لا يقتل، قيل: يا رسول الله لم لا يقتل ساحر الكفار؟ قال: لأنّ الشرك أعظم من السحر، لأنّ السحر والشرك مقرونان.

وفي( العلل) عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن أحمد بن أبي

____________________

(١) في التهذيب والفقيه: عيسى بن شقفي

(٢) التهذيب ٦: ٣٦٤ / ١٠٤٣.

(٣) الفقيه ٣: ١١٠ / ٤٦٣.

(٤) قرب الإسناد: ٢٥.

(٥) راجع المسالك ١: ١٢٩، ومفتاح الكرامة ٤: ٧٣.

٢ - الفقيه ٣: ٣٧١ / ١٧٥٢ وأورده في الحديث ١ من الباب ١ من أبواب بقيه الحدود.

١٤٦

عبدالله، عن النوفلي، عن السكوني مثله(١) .

[ ٢٢٢٠٩ ] ٣ - قال: وروي: أنّ توبة الساحر إنّ يحل ولا يعقد.

[ ٢٢٢١٠ ] ٤ - وفي( عيون الأخبار) عن محمّد بن القاسم المفسر، عن يوسف بن محمّد بن زياد وعليّ بن محمّد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن عليّ العسكري، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في حديث - قال في قوله عزّوجلّ:( وَمَا اُنْزِلَ على الـمَلَكَينِ ببابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ) (٢) قال: كان بعد نوح( عليه‌السلام ) قد كثرت السحرة المموهون، فبعث الله عزّ وجلّ ملكين إلى نبي ذلك الزمإنّ بذكر ما يسحر به السحرة وذكر ما يبطل به سحرهم ويرد به كيدهم فتلقاه النبي عن الملكين وأداه إلى عباد الله بأمر الله عزّوجلّ، وأمرهم إنّ يقفوا به على السحر وإنّ يبطلوه، ونهاهم إنّ يسحروا به الناس، وهذا كما يدلّ على السم ما هو وعلى ما يدفع به غائلة السم - إلى إنّ قال: - وما يعلمإنّ من أحد ذلك السحر وإبطاله حتّى يقولا للمتعلم إنما نحن فتنة وإمتحإنّ للعباد ليطيعوا الله فيما يتعلمون من هذا ويبطلوا به كيد السحرة ولا يسحروهم، فلا تكفر بإستعمال هذا السحر وطلب الاضرار به، ودعاء الناس إلى إنّ يعتقدوا أنّك به تحيي وتميت وتفعل ما لا يقدر عليه إلّا الله عزّ وجلّ، فإنّ ذلك كفر - إلى إنّ قال: - ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم لانهم إذا تعلموا ذلك السحر ليسحروا به ويضروا به فقد تعلّموا ما يضرّهم في دينهم ولا ينفعهم فيه الحديث.

[ ٢٢٢١١ ] ٥ - وعن تميم بن عبدالله القرشي، عن أبيه، عن أحمد بن عليّ الأنصاري، عن عليّ بن الجهم، عن الرضا( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: وأما هاروت وماروت فكانا ملكين علماً الناس السحر ليحترزوا

____________________

(١) علل الشرائع: ٥٤٦ / ١.

٣ - علل الشرائع: ٥٤٦ / ذيل الحديث ١، وأورده في الحديث ٢ من الباب ١ من أبواب بقية الحدود.

٤ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ١: ٢٦٦ / ١.

(٢) البقرّة ٢: ١٠٢.

٥ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ١: ٢٧١ / ٢.

١٤٧

به سحر السحرة، ويبطلوا به كيدهم، وما علماً أحداً من ذلك شيئاً حتّى(١) قالا: إنما نحن فتنة فلا تكفر، فكفر قوم باستعمالهم لما اُمروا بالاحتراز منه وجعلوا يفرّقون بما تعلّموه بين المرء وزوجه، قال الله تعالى:( وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِه مِنْ أَحَدٍ إِلّا بِإذنِ اللهِ ) (٢) - يعني بعلّمه -.

[ ٢٢٢١٢ ] ٦ - وفي( الخصال) عن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، عن يحيى بن محمّد بن صاعد، عن إبراهيم بن جميل، عن المعتمر بن سليمان، عن فضيل بن ميسرة، عن أبي جرير، عن أبي بردة، عن أبي موسى الاشعري قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن خمر، ومدمن سحر، وقاطع رحم الحديث.

[ ٢٢٢١٣ ] ٧ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإسناد) عن السندي بن محمّد، عن أبي البختري، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه أنّ علياً( عليه‌السلام ) قال: من تعلّم شيئاً من السحر قليلاً أو كثيراً فقد كفر، وكان آخر عهده بربه وحده إنّ يقتل إلّا أن يتوب.

[ ٢٢٢١٤ ] ٨ - فرات بن إبراهيم الكوفي في( تفسيره) عن عبد الرحمن بن الحسن التميمي معنعناً عن أبي عبدالله، عن آبائه، عن عليّ( عليهم‌السلام ) في حديث قال: نحن أهل بيت عصمنا الله من إنّ نكون فتّانين أو كذّابين أو ساحرين أو زنّائين(٣) ، فمن كان فيه شيء من هذه الخصال فليس

____________________

(١) في نسخة: إلّا ( هامش المخطوط ) وكذلك المصدر.

(٢) البقرّة ٢: ١٠٢.

٦ - الخصال: ١٧٩ / ٢٤٣ وأورده في الحديث ٢١ من الباب ٩ من أبواب الأشربة المحرمة، وفي الحديث ١٩ من الباب ٤٩ من أبواب جهاد النفس.

٧ - قرب الإسناد: ٧١.

٨ - تفسير فرات الكوفي: ٦٢.

(٣) في المصدر: الزيافين. والزياف: المختال المتكبر ( الصحاح - زيف - ٤: ١٣٧١ ).

١٤٨

منّا ولا نحن منه.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في الحدود(١) ، وغيرها(٢) ، ولا يخفى أنّه يحتمل كون ما مرّ من جواز الحلّ بالسحر مخصوصاً بتلك الشريعة المنسوخة.

٢٦ - باب تحريم إتيان العرّاف، وتصديقه والكهانة والقيافة

[ ٢٢٢١٥ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في حديث المناهي - إنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) نهى عن إتيان العرّاف، وقال: من أتاه وصدقه فقد برىء مما أنزل الله عزّوجلّ على محمّد( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) .

أقول: فسّر بعض اهل اللغة العرّاف بالكاهن، وبعضهم بالمنجّم(٣) .

[ ٢٢٢١٦ ] ٢ - وفي( الخصال) عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد ابن أبي عمير، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من تكهّن أو تكهّن له فقد

____________________

(١) يأتي في الحديث ٣ من الباب ١، وفي الباب ٣ من أبواب بقية الحدود.

(٢) يأتي في الحديث ٣ من الباب ٢٦ من هذه الأبواب

وتقدّم ما يدلّ عليه في الحديث ١ من الباب ٢، وفي الحديثين ٧ و ٨ من الباب ٢٤ من هذه الأبواب ، وفي الحديثين ٦، ٨ من الباب ١٤ من أبواب السفر، وفي الحديثين ٢، ٣٧ من الباب ٤٦ من أبواب جهاد النفس.

الباب ٢٦

فيه ٣ أحاديث

١ - الفقيه ٤: ٣ و ٤ / ١ وأورده في الحديث ١٠ من الباب ٤٢ من هذه الأبواب ، وفي الحديث ٣ من الباب ١٤ من أبواب السفر.

(٣) لسان العرب - عرف - ٩: ٢٣٧.

٢ - الخصال ١٩: ٦٨.

١٤٩

برىء من دين محمّد( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) .

قال: قلت فالقيافة(١) ، قال: ما اُحب إنّ تأتيهم، وقيل: ما يقولون شيئاً إلّا كان قريباً مما يقولون فقال: القيافة فضلة من النبوة ذهبت في الناس حين بعث النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) .

[ ٢٢٢١٧ ] ٣ - محمّد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من كتاب المشيخة للحسن بن محبوب، عن الهيثمّ قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّ عندنا بالجزيرة رجلاً ربما أخبر من يأتيه يسأله عن الشيء يسرق أو شبه ذلك فنسأله، فقال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من مشى إلى ساحر أو كاهن أو كذاب يصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل الله من كتاب.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود(٢) .

٢٧ - باب حكم الرقى

[ ٢٢٢١٨ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين، في( الخصال) عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه أنّ النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: لا رقى إلّا في ثلاثة: في حمة(٣) أو عين أو دم لا يرقأ.

____________________

(١) في نسخة: فالقافة ( هامش المخطوط ).

٣ - متسطرفات السرائر: ٨٣ / ٢٢.

(٢) تقدم في الحديث ١١ من الباب ٢٤ من هذه الأبواب ، وفي الباب ١٤ من أبواب السفر.

الباب ٢٧

فيه ٣ أحاديث

١ - الخصال: ١٥٨ / ٢٠١.

(٣) الحمة: سم العقرب ( الصحاح - حمم - ٥: ١٩٠٦ ).

١٥٠

[ ٢٢٢١٩ ] ٢ - وعن أحمد بن محمّد بن ابراهيم(١) ، عن أحمد بن يحيى القطان، عن بكر بن عبدالله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن أبيه، عن الحسين بن مصعب قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : يكره النفخ في الرقى والطعام وموضع السجود.

[ ٢٢٢٢٠ ] ٣ - محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي في كتاب( الرجال) قال: وجدت بخط جبرئيل بن أحمد، عن محمّد بن عبدالله بن مهران، عن محمّد بن علي، عن عليّ بن محمّد، عن الحسن بن علي، عن أبيه، عن أبي الصباح، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: خدم أبو خالد الكابلي علي بن الحسين( عليه‌السلام ) دهراً من عمره، ثمّ أنّه أراد أن ينصرف إلى أهله فأتى عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) فشكى اليه شدّة شوقه إلى والدته.

فقال: يا أبا خالد يقدم غداً رجل من أهل الشام له قدر ومال كثير، وقد أصاب بنتا له عارض من أهل الارض، ويريدون إنّ يطلبوا معالجا يعالجها فإذا انت سمعت قدومه فائته وقلّ له: أنا اُعالجها لك على إنّي أشترط عليك إنّي اُعالجها على ديتها عشرة(٢) آلاف درهم، فلا تطمئن إليهم، وسيعطونك ما تطلبه منهم، فلما أصبح وقدم الرجل ومن معه وكان رجلاً من عظماء أهل الشام في المال والمقدرة فقال: أما من معالج يعالج بنت هذا الرجل؟ فقال له أبو خالد الكابلي أنا اُعالجها على عشرة آلاف، فإن أنتم وفيتم وفيت لكم على إنّ لا يعود إليها أبداً، فشرطوا إنّ يعطوه عشرة آلاف درهم.

____________________

٢ - الخصال: ١٥٨ / ٢٠٣ وأورد نحوه في الحديث ٤٣ من الباب ١٠ من أبواب الأطعمة المباحة.

(١) في المصدر: أحمد بن محمّد بن الهيثمّ العجلي.

٣ - رجال الكشي ١: ٣٣٧ / ١٩٣.

(٢) في نسخة: خمسة ( هامش المخطوط ).

١٥١

ثمّ أقبل إلى علي بن الحسين( عليه‌السلام ) فأخبره بالخبر، فقال: إنّي لأعلم أنّهم سيغدرون بك، ولا يفون لك، فانطلق يا أبا خالد فخذ باُذن الجارية اليسرى ثمّ قل: يا خبيث يقول لك عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) : اخرج من هذه الجارية ولا تعد.

ففعل أبو خالد ما أمره، وخرج منها، فأفاقت الجارية، وطلب أبو خالد الّذي اشترطوا له فلم يعطوه.

فرجع أبو خالد مغتمّاً كئيباً، فقال له عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) : مالي أراك كئيباً يا أبا خالد ألم أقل لك إنّهم يغدرون بك؟ دعهم فإنهم سيعودون إليك فإذا لقوك فقل: لست اُعالجها حتّى تضعوا المال على يدي عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) فعادوا إلى أبي خالد يلتمسون مداواتها، فقال لهم: إنّي لا اُعالجها حتّى تضعوا المال على يدي عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) ، فإنه لي ولكم ثقة، فرضوا ووضعوا المال على يدي عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) فرجع إلى الجارية فأخذ باُذنها اليسرى فقال: يا خبيث يقول لك عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) : اُخرج من هذه الجارية ولا تعرض لها إلّا بسبيل خير فإنّك إنّ عدت أحرقتك بنار الله الموقدة التي تطلع على الافئدة، فخرج منها ولم يعد إليها، ودفع المال إلى أبي خالد فخرج إلى بلاده(١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الاحتضار(٢) ، وفي قراءة القرآن في غير الصلاة(٣) ، وغير ذلك(٤) .

____________________

(١) إعجاز عظيم لعليّ بن الحسين (عليه‌السلام ) ( هامش المخطوط ).

(٢) تقدم في الباب ١٤ من أبواب الاحتضار.

(٣) تقدم في الباب ٤١ من أبواب قراءة القرآن.

(٤) تقدم في الباب ٣٧ من أبواب الحيض.

١٥٢

٢٨ - باب حكم القصّاص

[ ٢٢٢٢١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) رأى قاصّاً في المسجد فضربه وطرده.

ورواه الشيخ بإسناده عن عليّ بن إبراهيم مثله(١) .

[ ٢٢٢٢٢ ] ٢ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( الاعتقادات) قال: ذُكر القصاصون عند الصادق( عليه‌السلام ) فقال: لعنهم الله إنّهم يشنعون علينا.

[ ٢٢٢٢٣ ] ٣ - قال: وسُئل الصادق( عليه‌السلام ) عن القُصّاص يحلّ الاستماع لهم، فقال: لا.

[ ٢٢٢٢٤ ] ٤ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : من أصغى إلى ناطق فقد عبده فإنّ كان الناطق عن الله فقد عبدالله، وإنّ كان الناطق عن ابليس فقد عبد إبليس.

ويأتي مسنداً في القضاء(٢) .

____________________

الباب ٢٨

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٧: ٢٦٣ / ٢٠ وأورده في الحديث ١ من الباب ٣٨ من أبواب أحكام المساجد، وفي الحديث ١ من الباب ٤ من أبواب بقيّة الحدود.

(١) التهذيب ١٠: ١٤٩ / ٥٩٥.

٢ - اعتقادات الصدوق: ١٠٥.

٣ - اعتقادات الصدوق: ١٠٥.

٤ - اعتقادات الصدوق: ١٠٥.

(٢) يأتي في الحديثين ٩، ١٣ من الباب ١٠ من أبواب صفات القاضي.

١٥٣

[ ٢٢٢٢٥ ] ٥ - قال: وسئل الصادق( عليه‌السلام ) عن قول الله( وَالشُّعَراء يَتَّبِعُهُم الغَاوُنَ ) (١) فقال( عليه‌السلام ) : هم القُصّاص.

أقول: وأحاديث مذمّة القُصّاص كثيرة.

٢٩ - باب كراهة الاجرة على تعليم القرآن مع الشرط دون تعليم غيره، واستحباب التسوية بين الصبي ان وحكم أُجرة القراءة

[ ٢٢٢٢٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن الفضل بن كثير، عن حسان المعلّم قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن التعليم؟ فقال: لا تأخذ على التعليم أجراً، قلت: فالشعر والرسائل وما أشبه ذلك اُشارط عليه؟ قال: نعم بعد إنّ يكون الصبيان عندك سواء في التعليم لا تفضّل بعضهم على بعض.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله(٢) .

[ ٢٢٢٢٧ ] ٢ - وعن عليّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرّة قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : هؤلاء يقولون: إنّ كسب المعلّم سحت، فقال: كذبوا(٣) أعداء

____________________

٥ - اعتقادات الصدوق: ١٠٥.

(١) الشعراء ٢٦: ٢٢٤.

الباب ٢٩

فيه ٨ أحاديث

١ - الكافي ٥: ١٢١ / ١.

(٢) التهذيب ٦: ٣٦٤ / ١٠٤٥ والاستبصار ٣: ٦٥ / ٢١٤.

٢ - الكافي ٥: ١٢١ / ٢.

(٣) في نسخة من الفقيه: كذب ( هامش المخطوط ).

١٥٤

الله، إنّما أرادوا أن لا يعلّموا(١) القرآن، لو أنّ المعلم أعطاه رجل دية ولده لكان(٢) للمعلّم مباحاً.

ورواه الصدوق بإسناده عن الفضل بن أبي قرة مثله(٣) .

محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن أبي عبدالله مثله(٤) .

[ ٢٢٢٢٨ ] ٣ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أبي عبدالله الرازي، عن الحسن بن علي، عن سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمار، عن العبد الصالح( عليه‌السلام ) قال: قلت له: إنّ لنا جاراً يكتّب، وقد سألني إنّ أسألك عن عمله؟ قال: مره إذا دفع اليه الغلام إنّ يقول لاهله: إنّي إنّما أُعلمه الكتاب والحساب واتّجر عليه بتعليم القرآن حتّى يطيب له كسبه.

[ ٢٢٢٢٩ ] ٤ - وعنه، عن يعقوب بن يزيد، عن إبن أبي عمير، عن الحكم بن مسكين، عن قتيبة الأعشى قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّي اُقرىء القرآن فتهدى إلي الهدية فأقبلها؟ قال: لا، قلت: إنّي لم أُشارطه قال: أرأيت لو لم تُقرىء كان يُهدى لك؟ قال: قلت: لا، قال: فلا تقبله.

ورواه الصدوق بإسناده عن الحكم بن مسكين(٥) .

____________________

(١) في الفقيه زيادة: أولادهم ( هامش المخطوط ).

(٢) في نسخة: كان ( هامش المخطوط ).

(٣) الفقيه ٣: ٩٩ / ٣٨٤.

(٤) التهذيب ٦: ٣٦٤ / ١٠٤٦ والاستبصار ٣: ٦٥ / ٢١٦.

٣ - التهذيب ٦: ٣٦٤ / ١٠٤٤ والاستبصار ٣: ٦٥ / ٢١٧.

٤ - التهذيب ٦: ٣٦٥ / ١٠٤٨ والاستبصار ٣: ٦٦ / ٢١٩.

(٥) الفقيه ٣: ١١٠ / ٤٦٢.

١٥٥

أقول: حمله الشيخ على أولوية التنزه لما مضى(١) ، ويأتي(٢) .

[ ٢٢٢٣٠ ] ٥ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: المعلّم لا يعلّم بالأجر، ويقبل الهدية إذا اُهدي إليه.

[ ٢٢٢٣١ ] ٦ - وعنه، عن النضر، عن القاسم، عن جراح المدائني قال: نهى أبو عبدالله( عليه‌السلام ) عن أجر القارىء الّذي لا يقرىء إلّا بأجر مشروط.

[ ٢٢٢٣٢ ] ٧ - محمّد بن عليّ بن الحسين قال: نهى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) عن أُجرة القارىء الّذي لا يقرىء إلّا على أُجر مشروط.

[ ٢٢٢٣٣ ] ٨ - قال: وقال عليّ( عليه‌السلام ) : من أخذ على تعليم القرآن أجراً كان حظه يوم القيامة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الأذان(٣) ، وفي القراءة(٤) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٥) .

____________________

(١) مضى في الحديثين ٢، ٣ من هذا الباب.

(٢) يأتي في الحديث ٥ من هذا الباب.

٥ - التهذيب ٦: ٣٦٥ / ١٠٤٧ والاستبصار ٣: ٦٦ / ٢١٨.

٦ - التهذيب ٦: ٣٧٦ / ١٠٩٧.

٧ - الفقيه ٣: ١٠٥ / ٤٣٧.

٨ - الفقيه ٣: ١٠٩ / ٤٦١.

(٣) تقدم في الحديث ٢ من الباب ٣٨ من أبواب الأذان.

(٤) تقدم في الأحاديث ٢، ٣، ٧، ٨ من الباب ٨ من أبواب قراءة القرآن.

(٥) يأتي في الحديث ١ من الباب ٣٠ من هذه الأبواب ، وفي الباب ٢، وفي الحديث ٢ من الباب ٧، وفي الباب ١٧ من أبواب المهور.

١٥٦

٣٠ - باب عدم جواز أخذ الأجرة على الأذان والصلاة بالناس والقضاء وساير الواجبات كتغسيل الاموات وتكفينهم ودفنهم

[ ٢٢٢٣٤ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن عبدالله بن المنبه، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ( عليهم‌السلام ) أنّه أتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين والله إنّي اُحبّك لله، فقال له: لكنّي أبغضك لله، قال: ولم؟ قال: لإنّك تبغي في الاذان، وتأخذ على تعليم القرآن أجراً، وسمعت رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) يقول: من أخذ على تعليم القرآن أجراً كان حظّه يوم القيامة.

ورواه الصدوق مرسلاً إلّا أنه قال: تبتغي في الأذان كسباً، ولم يزد على ذلك(١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الأذان(٢) ، وفي احاديث التظاهر بالمنكرات(٣) ، وفي اختتال الدنيا بالدين في جهاد النفس(٤) ، وغير ذلك(٥) ، ويأتي ما يدلّ على حكم القضاء(٦) .

____________________

الباب ٣٠

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٦: ٣٧٦ / ١٠٩٩ والاستبصار ٣: ٦٥ / ٢١٥.

(١) الفقيه ٣: ١٠٩ / ٤٦١.

(٢) تقدم في الباب ٣٨ من أبواب الأذان.

(٣) تقدم في الحديث ٦ من الباب ٤١ من أبواب الأمر والنهي.

(٤) تقدم في الباب ٥٢ من أبواب جهاد النفس.

(٥) تقدم في الباب ٨ من أبواب مقدّمة العبادات.

(٦) يأتي في الحديثين ١، ٩ من الباب ٨ من أبواب آداب القاضي.

١٥٧

٣١ - باب عدم جواز بيع المصحف وجواز بيع الورق والجلد ونحوهما، وأخذ الاجرة على كتابته

[ ٢٢٢٣٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن عبدالله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان، عن عبد الرحمن بن سيابة(١) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: إنّ المصاحف لن تشترى، فإذا اشتريت فقل: إنّما أشتري منك الورق، وما فيه من الأديم(٢) ، وحليته وما فيه من عمل يدك بكذا وكذا.

[ ٢٢٢٣٦ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن بيع المصاحف وشرائها؟ فقال: لا تشتر كتاب الله، ولكن اشتر الحديد والورق والدفّتين، وقل: أشتري منك هذا بكذا وكذا.

[ ٢٢٢٣٧ ] ٣ - ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى(٣) قال: سألته عن بيع المصاحف وشرائها؟ فقال: لا تشتر كلام الله، ولكن اشتر الحديد والجلود والدفتر، وقل: أشتري هذا منك بكذا وكذا.

[ ٢٢٢٣٨ ] ٤ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن غالب

____________________

الباب ٢١

فيه ١٣ حديثاً

١ - الكافي ٥: ١٢١ / ١.

(١) في المصدر: عبد الرحمن بن سليمان.

(٢) في نسخة: الأدم ( هامش المخطوط ).

٢ - الكافي ٥: ١٢١ / ٢.

٣ - التهذيب ٦: ٣٦٥ / ١٠٤٩.

(٣) في المصدر زيادة: عمّن سمعه.

٤ - الكافي ٥: ١٢١ / ٣.

١٥٨

ابن عثمان، عن روح بن عبد الرحيم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن شراء المصاحف وبيعها؟ فقال: إنما كان يوضع الورق عند المنبر، وكان ما بين المنبر والحائط قدر ما تمر الشاة أو رجل منحرف، قال: فكان الرجل يأتي فيكتب من ذلك، ثمّ إنهم اشتروا بعد، قلت: فما ترى في ذلك؟ فقال لي: أشتري أحبّ إليّ من إنّ أبيعه، قلت: فما ترى أن أعطي على كتابته أجراً؟ قال: لا بأس، ولكن هكذا كانوا يصنعون.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد نحوه(١) .

[ ٢٢٢٣٩ ] ٥ - وعن عليّ بن محمّد، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن محمّد بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن سابق السندي، عن عنبسة الوراق قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) فقلت: أنا رجل أبيع المصاحف، فإنّ نهيتني لم أبعها، فقال: ألست تشتري ورقاً وتكتب فيه؟ قلت: بلى واُعالجها، قال: لا بأس بها.

[ ٢٢٢٤٠ ] ٦ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضّالة، عن أبان، عن عبدالله بن سليمان قال: سألته عن شراء المصاحف؟ فقال: إذا أردت إنّ تشتري فقل: أشتري منك ورقه وأديمه وعمل يدك بكذا وكذا.

[ ٢٢٢٤١ ] ٧ - وعنه، عن النضر، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في بيع المصاحف، قال: لا تبع الكتاب ولا تشتره وبع الورق والاديم والحديد.

____________________

(١) التهذيب ٦: ٣٦٦ / ١٠٥٣.

٥ - الكافي ٥: ١٢٢ / ٤.

٦ - التهذيب ٦: ٣٦٥ / ١٠٥٠.

٧ - التهذيب ٦: ٣٦٦ / ١٠٥١.

١٥٩

[ ٢٢٢٤٢ ] ٨ - وعنه، عن النضر، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن بيع المصاحف وشرائها، فقال: إنّما كان يوضع عند القامة(١) والمنبر، قال: كان بين الحائط والمنبر قيد(٢) ممرّ شاة ورجل وهو منحرف فكان الرجل يأتي فيكتب البقرّة ويجىء آخر فيكتب السورة كذلك كانوا، ثمّ أنهم اشتروا بعد ذلك، فقلت فما ترى في ذلك؟ فقال: أشتريه أحب إليّ من أن أبيعه.

[ ٢٢٢٤٣ ] ٩ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد(٣) ، عن غالب بن عثمان، عن روح بن عبد الرحيم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) مثله، وزاد فيه قال: قلت: ما ترى أنّ اعطي على كتابته أجراً؟ قال: لا بأس، ولكن هكذا كانوا يصنعون.

[ ٢٢٢٤٤ ] ١٠ - وعنه، عن القاسم بن محمّد، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبدالله، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ اُمّ عبدالله بن الحارث أرادت إنّ تكتب مصحفاً، واشترت ورقاً من عندها، ودعت رجلاً فكتب لها على غير شرط، فأعطته حين فرغ خمسين ديناراً وأنه لم تبع المصاحف إلّا حديثاً.

[ ٢٢٢٤٥ ] ١١ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أبي عبدالله

____________________

٨ - التهذيب ٦: ٣٦٦ / ١٠٥٢.

(١) أيّ حائط المسجد أنّه كان قامة كما مر - ( منه. قده ).

(٢) قيد: أيّ قدر ( الصحاح - قيد - ٢: ٥٢٩ ).

٩ - التهذيب ٦: ٣٦٦ / ١٠٥٣.

(٣) في المصدر زيادة: عن عليّ بن فضال.

١٠ - التهذيب ٦: ٣٦٦ / ١٠٥٤.

١١ - التهذيب ٧: ٢٣١ / ١٠٠٧.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

والحديث عن معاوية وصاحبه عمرو يطول بحيث لا يسع المجال لعرض تاريخهما الحافل بالعجائب ونقتصر على التذكير ببعض غرائب معاوية التي لا يستطيع أحد نكرانها.

عض أفعال معاوية

* اغتصابه الخلافة بالقهر.

* قتل حجر بن عدي وأصحابه لأنهم رفضوا سب علي (ع) والبراءة منه ووقفوا في وجه من يفعل ذلك وقد قالت عائشة لمعاوية : الله الله في حجر وأصحابه وعاتبته وقالت : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : يقتل بعدي بعذراء (بالشام) سبعة رجال يغضب الله وأهل السماء لهم(١) . وقال الإمام علي (ع) : « يا أهل الكوفة سيقتل منكم سبعة نفر هم خياركم بعذراء مثلهم كمثل أصحاب الأخدود ».

* جعل سب علي (ع) سنة يتبرك بها غربانه في أقطار حكومته.

* سفك دماء شيعة الإمام الطاهر علي (ع) واستباحة أموالهم وأعراضهم وقطع أصولهم بقتل ذراريهم وأطفالهم وحتى نسائهم ، ولا أدري أين كان ابن آكلة الأكباد والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يوصي الأمة بهم خيرا.

* اجتهاده وإلحاقه زياد ابن أبيه وقد قال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله الولد للفراش وللعاهر الحجر.

* نقض كل المواثيق والعهود التي أبرمها مع الإمام الزكي الحسن بن

ــــــــــــــــ

(١) ـ الإصابة في تمييز الصحابة ابن حجر العسقلاني ص ٣١٥.

٢٠١

علي (ع) بعد أن عقد معه صلحا ، إلا أن معاوية وعندما هدأت له الأمور خطب في أهل الكوفة وقال : يا أهل الكوفة إني ما قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحج. ولقد علمت أنكم تصلون وتزكون وتحجون ولكنني قاتلتكم لأتأمر عليكم وعلى رقابكم(١) إلى أن قال : وكل شرط شرطته وكلشيء أعطيته الحسن بن علي تحت قدمي هاتين لا أفي به «.

* وختم صفحته السوداء مع الحسن (ع) بدس السم إليه فلقي الحسن (ع) ربه شهيدا مظلوما ، ولما سقي السم ، وقام لحاجته ثم رجع فقال : لقد سقيت السم عدة مرات فما سقيت مثل هذه لقد لفظت طائفة من كبدي فرأيتني أقلبه بعود في يدي.

وكان معاوية قد أطمع جعدة بنت الأشعث زوجة الحسن (ع) بالزواج من يزيد ابنه ثم طلب منها دس السم للحسن (ع) ، ولما استشهد الحسن (ع) أرسل لها قائلا : إنا نحب حياة يزيد ولولا ذلك لوفينا لك بتزويجه.

* أما أعظم ما فعله فهو استخلافه يزيد وهو الخمير السكير ، وسيأتيك خبره مع وجوه الصحابة وأفضال القوم.

إن بني أمية يبحثون عن هذه الفرصة منذ أن علاهم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله بالسيف ونصره الله عليهم وهم مشركون وأظهره على جزيرة العرب بعد أن أكرمه بالنبوة وحباه بالرسالة ، ولا يخفى عداء بني أمية لبني هاشم ، فكيف بهم إذا كان النبي من بني هاشم والأوصياء والخلفاء منهم ، وما كان في خلد معاوية يوم استقرت له السلطة وتم له الملك أن يتخذ ابنه ولي عهده ويأخذ له البيعة ويؤسس حكومة أموية مستقرة في أبناء بيته ، فلم يزل يروض الناس لبيعة

ــــــــــــــــ

(١) ـ البداية والنهاية لابن كثير ج ٨ ص ١٣٤.

٢٠٢

يزيد سبع سنين يرسل للأقطار بعد أن بويع له بالشام وسافر معاوية بنفسه إلى المدينة ومكة ساعيا وراء البيعة لابنه.

ونختم المطلب بقول الحسن البصري عندما سئل عن معاوية ، قال : ـ أربع خصال كن في معاوية لو لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت موبقة : انتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء حتى ابتزها أمرها بغير مشورة منها وفيهم بقايا الصحابة وذوي الفضيلة ، واستخلافه ابنه يزيد بعده سكيرا خميرا يلبس الحرير ويضرب بالطنابير ، وادعاؤه زيادا وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الولد للفراش وللعاهر الحجر ، وقتله حجرا ويل له من حجر « قالها مرتين »(١) .

أقول ربما يداري الرجل بعض أفعال معاوية وإلا فالموبقات كثيرة حدث عنها ولا حرج.

ــــــــــــــــ

(١) ـ الطبري ج ٤ ص ٢٠٨ ـ ابن كثير ج ٨ ص ٣٣.

٢٠٣

٢٠٤

الفصل السابع

كربلاء امتداد للسقيفة

٢٠٥

٢٠٦

كيف يرون معاوية ويزيد :

في إحدى المرات التقى بعض الإخوة الشيعة مع مجموعة وهابية صدفة وكنت موجودا ولم تكن الرؤية واضحة لدي وإن كانت ملامح الصواب بدأت تلوح لي ، ويبدو أن هؤلاء الوهابية كان لهم حوار سابق مع الشيعة فبدأوا معهم النقاش حول قضية الحسين (ع) وكربلاء ورأيت الوهابية وقد احتوشوا الإخوة والشرر يتطاير من أعينهم وكأنهم يريدون القتال ، تحدث أحد الشيعة عن عدم أحقية معاوية في تنصيب يزيد خليفة للمسلمين فذكر اسم معاوية مجردا من الترضي عليه فصرخ أحدهم في وجهه قائلا : ـ

قل رضي الله عنه هل هو أخوك حتى تذكره مجردا؟!.

فرد عليه الشيعي : هل أنت وأنا أفضل من علي (ع) وأكثر فهما منه؟ فشمر أحدهم عن ساعديه وكأنه ينوي ضربه وهو يقول : إسمعوا هذا هو ديدن الشيعة يشككون في كلشيء وهذا الرجل يسألنا سؤالا بديهيا والإجابة عنه واضحة فلا أحد يرى أن هنالك أفضل من علي سوى الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم جميعا وأرضاهم.

فالتفت إليه الشيعي وقال ، أولاً فليتكلم أحدكم ، ثانياً : إذا أردت الحديث فافهم أولاً ما أقول ثم تحدث ، وثالثا إذا كان علي (ع) أفضل منا وهو كذلك بلا شك فهو أدرى منا بالأصول أليس كذلك؟!

قالوا بحذر : نعم فقال لهم : علي حارب معاوية ، ليس فقط لم يترض عليه كما تطالبونني بل قاتلة أشد قتال ولو ظفر به لألحقه بأجداده ، قال أحدهم وهو يمضغ مسواكا : نقول كما قال السلف تلك دماء عصم الله منها سيوفنا فلنعصم ألسنتنا ، ونحن نرى معاوية صحابيا جليلا وأنه فعل خيرا عندما نصب يزيد ونرى

٢٠٧

أن خروج الحسين بن علي كان خطأ منه وقد تاب يزيد.

قال الشيعي : قولك فنعصم منها ألسنتنا لا ينطبق عليك لأنك الآن تقول أن معاوية صحابي جليل إذا لقد أخطأ علي في حربه لمعاوية ثم من قال لك أنك لن تسأل عن تلك الدماء. لا بد أن يكون لكم موقف تجاه ما جرى ، فهما جهتان إحداهما على حق والأخرى على باطل ووقوفك الآن في وجهي اشتراك في تلك (الفتنة) كما تدعي.

أما عن الحسين بن علي فهو لم يخطئ كما تقول فهو كما قال عنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سيد شباب أهل الجنة وهو من أهل بيت النبوة وتعلم من جده كيف ينصر الحق ، ويزيد تعلم من أبيه ما تعلم كما نقلت إلينا كتب التاريخ ، قاطعه أحد الوهابية : يجب على المسلمين أن يقتلوا هؤلاء الشيعة أينما وجدوهم فإنهم فتنة.

قال له أحد الشيعة وهو يبتسم : هكذا دائما كان أعداء الشيعة بأسم الحق يقتلون الحق وباسم الفتنة يحجبون الناس عن الحقائق وبالنتيجة أنت لا تفترق عن سلفك كثيرا ، إنك تربية ذلك المنهج الذي تبناه معاوية ويزيد وآل أمية ومن إليهم.

عندما وصل الحوار إلى هذا الحد أخذت أحدهم على جانب وأخبرته بأني لست شيعيا ولكني أسمع بهم فمن هم وماذا يقولون ولماذا تهاجمونهم بهذه الطريقة.

فقال لي : يا أخي أبعدك الله عن أمثال هؤلاء إنهم مشركون زنادقة يسبون الصحابة ويقولون أن جبرائيل خان الأمانة وأعطى الرسالة لمحمد وهي في الأساس لعلي ابن أبي طالب كما أنهم يعبدون الحجارة ويقولون بأشياء ما أنزل الله بها من سلطان

قلت مندهشا : من الذي قال لك؟!

قال مفتخرا : نحن نعرفهم جيدا ..

٢٠٨

أحسست بغثيان بسبب كذب هؤلاء القوم. لقد قرأت بعض كتب الشيعة التي ألفها كبار علمائهم ورأيت بعض الإخوة الشيعة ، لم أقرأ أو أسمع ما قاله هذا الوهابي. ولا أدري كيف يدعون نصرة الحق وهم يكذبون بل يبالغون فيه إلى حد يؤسف له ، صرخت في وجهه بلا وعي مني : ألا يمكنك أن تنصر الحق الذي تدعيه بدون أن تكذب وتفتري على القوم. فارتبك متلعثما : كيف تقول لي مثل هذا الكلام؟! قلت : أنت الذي أجبرتني على ذلك أنا قرأت للشيعة وجلست معهم وأعرف جيدا ما يقولون وما ذكرته لي بعيد عنهم كل البعد فهم يوقرون الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أكثر مني ومنك ويحترمون المقدسات الدينية ويؤمنون بالله ويدعونه ليل نهار ، ثم إن كلامك هذا متناقض فهم إذا كانوا يؤمنون بجبرائيل كونه يحمل وحي الرسالة للرسول فكيف يعبدون الحجر ، ثم إن مثل هذه التهم صارت قديمة لا يصدقها أحد والناس أكبر وعيا من أن تنطلي عليهم هذه الأكاذيب. قال : يبدوا أنك منهم! قلت : لست شيعيا ولو كنت فلاشيء يمنعني من التصريح بذلك لكنني الآن فقط عرفتكم ، أنتم لا تستطيعون الدفاع عن باطلكم إلا عن طريق الكذب ، ومما يحزنني أنني كنت أعتقد بأن أنصار السنة « الوهابية » هم أكثر الناس ورعا وتقوى ، لكن الآن تجليتم لي بحقيقتكم. أدرت له ظهري كيما أرجع إلى الإخوة فقال لي : على كل حال يجب ألا تتأثر بكلام هؤلاء فإن في حديثهم سحرا يؤثر ، ضحكت وقلت له : هذا ما قالته قريش للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عندما جاء بالقرآن ، ورجعت إليه مرة أخرى قائلا له : ـ دعنا من كل ذلك فأنا أسألك حول قضية الحسين بن علي كمسألة واضحة ماذا تقولون فيها؟ سكت وكأنه يبحث عن إجابة ثم قال : لماذا تبحثون عن هذه الأشياء؟!

قلت : أجب على سؤالي ودع عنك السبب.

٢٠٩

قال : معاوية صحابي جليل ، ويزيد كان أميرا على المسلمين والحسين خرج على ولي أمر زمانه ، ولو كان يزيد قد أخطأ فربما يكون قد تاب فلا داعي لأن نتحدث حوله ونشهر به.

قلت مختتما هذا الحوار الذي لن يثمر عنشيء : أنت بهذا تلغي الآيات القرآنية التي شهرت بقابيل ونمرود وفرعون والسامري وغيرهم من الطغاة أعداء الرسالات ،

وبقولك هذا تبرر لكل مخطئ في هذه الدنيا لأنه ربما يتوب ، وبهذه العقلية تعطل الدين ويصبح كل التاريخ بلا فائدة ، كلمة أخيرة أقولها لك أنتم لا ترتقون لمستوى الدفاع عن شريعة السماء لأنها لا تحتاج إلى مراوغة وكذب وافتراء وحديثي معك الآن إذا لم أصبح بسببه شيعيا فهو يبعدني عنكم أكثر فأكثر.

وحاول أن يعتذر قائلا : على كل حال نصيحة لك لا تقرأ لهؤلاء ونحن سنكون بالمرصاد لهم.

قلت : إذا كانوا على حق فالله ناصرهم وإن كانوا على باطل فأنتم أكثر بطلانا منهم ، وتركته وانصرفت راجعا إلى الإخوة فوجدت أن الوهابية لم تزل تدافع عن يزيد ومعاوية فتركتهم وانصرفت إلى بعض أشغالي أسفا على حال هؤلاء المساكين الذين يرددون ما يقوله أحبارهم بلا وعي ولا فهم.

مع الحسين (ع) :

قضية الحسين (ع) من أولى القضايا التي أخذت مساحة من دواخلي وعمقت جرحا أحسست به منذ اللحظة الأولى التي بدأت فيها الحقائق تتكشف مزيحة جهلا ووهما كنا نعيشه بإيعاز وتخطيط ذكي من أولئك الذين حرفوا الحقائق وفقا لأهوائهم ورغباتهم وبتنا نحن نعيش في قصور من زجاج نحلم بأن

٢١٠

يعيد التأريخ نفسه لنعيش تلك الحياة المعصومة التي كان يعيشها الصحابة والرعيل الأول من التابعين الذين عاشوا في صدر الإسلام ، ولا ننسى دور علمائنا الذين ظلوا يرددون ما وجدوه في التاريخ دون نظر وتحليل لما جرى فيه.

وقضية الحسين (ع) من القضايا التي أراد أعداء الإسلام أن لا تبرز للناس لأنها تمثل حلقة من حلقات الصراع بين الحق والباطل وتعتبر من أنصح صفحات التاريخ في قضية الجهاد والتضحية في سبيل رسالة السماء.

كثيرا ما كنت أسمع في مجتمعي السوداني أن فلانا (مظلوم ظلم الحسن والحسين) ولكن من ظلمهم وكيف؟ وما هو أساس ذلك الظلم؟ وهل الحسن والحسين من الشخصيات الهامشية في الإسلام حتى لا نقف عند ما جرى لهم من هذه الأمة التي لم تحفظ النبي فيهم؟!.

غاية ما تعلمناه في مدارسنا أنه كانت هنالك مذبحة في منطقة كربلاء بطلها الحسين بن علي بدون ذكر لأسباب أو نتائج ، ويبدو أن أهل السنة والجماعة لديهم قناعة بفتوى شريح القاضي « الحسين خرج عن حده فليقتل بسيف جده » أو أنهم يدفنون رؤوسهم في الرمال حياء مما فعله سلفهم (الصالح) في أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

استوقفتني قضية الحسين (ع) كثيرا كما استوقفتني قضية أمه الزهراء وأنا أبحث عن جهة الحق ، قرأت وسمعت عن قصة الحسين (ع) وعشت معه تارة أبكي وأخرى ألعن فيها من ظلمه وتارة أتأمل في واقع أمة كهذه ، لم أسمع بمثل هذه البشاعة من قبل ، أو سمعت ولكن كالعادة مخدرا بمقولة أن ما جرى في صدر الإسلام مرورا بالأمويين والعباسيين لا يجب علينا أن نبحث فيه ، ولا أن نتساءل ما هو جذر المشكلة ، لأن ذلك سيقودنا إلى نتائج ربما تخدش في أولئك المقدسين مما يجعل غضب الرحمن يصب علينا صبا.

٢١١

وقضية الحسين (ع) ستضعنا أمام أسئلة كثيرة وعلامات استفهام الإجابة عليها ستفضي بنا إلى أن الحسين كقضية لم يقتل في كربلاء ، بل إن أصل القضية يرجع إلى ما بعد وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله هنالك كانت البداية ، والنهاية كانت بجسد الحسين (ع) ليظهر يزيد بن معاوية أحقادا بدرية كما جاء في التاريخ فحينما جاؤوه برأس الحسين (ع) قال :

ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل

لأهلوا واستهلوا فرحا

ثم قالوا يا يزيد لا تشل

قد قتلنا القرم من ساداتهم

وعدلنا ميل بدر فاعتدل

إن القضية ليست خروج الحسين (ع) ضد أمير المؤمنين كما تسميه حاشية الضلالة عبدة الدينار والدرهم الذين باعوا دينهم من قبل لأبيه وأتموا الصفقة بقتلهم ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إن القضية قضية عداء طبيعي بين الحق والباطل وعداء تاريخي بين الهاشميين والأمويين ، وما يزيد إلا امتداد لأبيه الذي اكتسب شرعيته وملكه من الخليفة الثاني عمر بن الخطاب الذي اشتهر بقساوته ومساءلته للولاة فيما عدا معاوية « كسرى العرب » كما يقول عنه عمر لما عرف به من حبه للبذخ والترف واهتمامه بالمظاهر ، وهكذا كان معاوية في وضع مريح جعله يمتلك امبراطورية مسلحة بالشام ادخرت لنصرة الباطل فظهرت في صفين ضد علي ابن أبي طالب وفي النهاية أصبحت مقرا لحكم بني أمية.

والحديث عن كربلاء ذو شجون ، وما جرى فيها من أحداث يقرح الجفون ويفطر الفؤاد ، لقد خرج أبو عبد الله الحسين (ع) ليصلح في الأمة ويعيدها إلى رشدها وذلك بإرجاعها إلى المنبع الحقيقي المتمثل في خلفاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من أهل بيته المنصوص عليهم ، وها هو يقول قبل خروجه

٢١٢

« إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جديصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب ».

لم تلتزم الأمة بوصية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في استخلاف علي فابتلاها الله تعالى برجل كمعاوية سلط على رقابهم مراهقا فاجرا هو ابنه يزيد كما نجد في التاريخ الذي يحدثنا عن شخصية يزيد فيقول ابن كثير « كان يزيد صاحب شراب وفيه أيضا إقبال على الشهوات وترك بعض الصلوات في بعض الأوقات ». وقال صاحب الأغاني « كان يزيد أول من سن الملاهي في الإسلام من الخلفاء وآوى المغنين وأظهر الهتك وشرب الخمر ».

وجاء في أنساب الأشراف « كان يزيد أول من أظهر شرب الشراب والاستهتار الغناء والصيد واتخاذ القيان والغلمان والتفكه بما يضحك منه المترفون من القرود والمعافرة بالكلاب والديكة ».

هذا يسير مما وجدناه في كتب التاريخ عن شخصية يزيد ولو لم يفعل إلا قتله الحسين وأهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسبيه النساء الهاشميات لكفاه ليصاب بلعنات من السماء تلحقها لعنات من التاريخ الذي لم يحفظ لنا عن يزيد إلا الانحراف والمجون واللهو ، وقتل الأبرياء والتسلط على رقاب المسلمين إلى أن أهلكه الله ، ولا عجب أن يظهر من يدافع عن يزيد ويكتب كتابا ويطبعه باسم « حقائق عن أمير المؤمنين يزيد » فالتاريخ يعيد نفسه وسيستمر الصراع بين الحق والباطل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، ولكن مما يؤسف له حقا أن هنالك من يصدق هذه الترهات والخرافات ومحاولات الدفاع عن شخصيات سقط عنها القناع ولم يرحمها التاريخ.

٢١٣

من هو الحسين (ع) :

لولا أن منهج البحث يتطلب التعرض لسيرة يزيد لما تطرقت لذكرشيء منها ، ويكفي أن نتعرف على شخصية الحسين (ع) لندرك أن من قتله أو سكت على قتله أو رضي الله بذلك أو أسس أساس هذا الظلم والجور على أهل البيت (ع) هم أعداء للدين وللإسلام.

لقد جاء في الصحاح ، الحديث المتواتر لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا ». إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي لا ينطق إلا صدقا وعدلا كرس في العقول مفهوم حب أهل البيت (ع) وليس ذلك بسبب القرابة الدموية كما بينا ، إذ أنه لا يعقل وكيف تكون عواطفه مرتكزات تنطلق منها الأمة لتحديد معتقداتها وهو المبلغ لرسالة السماء وكل كلمة تنطق بها تمثل مفردة يجب النظر إليها بعين الاعتبار ، ولقد قرن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله حب الحسين بحب الله بلا قيد ولا شرط وذلك لا يكون إلا إذا كان الحسين يجسد الإرادة الإلهية والامتداد للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسؤولية تحمل الرسالة والدفاع عنها ، ولذلك قال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة » وأهل الجنة في سن واحدة وفيها من كل الأمم من يستحقها ومع ذلك فهما سيدا أهل الجنة!.

ماذا نعرف عن الحسن والحسين اللذين يستحقان هذه المرتبة العالية « سيادة أهل الجنة »؟ سؤال وجهته إلى أكثر من شخص تحير في الإجابة عليه « هل الله سبحانه وتعالى جعل الجنة لأقرباء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بدون عمل وإنجاز يستحقون به ذلك!!! إن الحسن والحسين إمامان أوصى بهما النبي (صلى

٢١٤

 الله عليه وآله وسلم) لأنهما من الأئمة الذين سيقع عليهم عب ء مواصلة المسيرة الرسالية على أن تلتف حولهم الأمة لتأخذ منهم معالم دينها.

والحسين من أهل الكساء الذين نزلت فيهم آية التطهير والمباهلة إنه الإمام البر التقي النقي ابن بنت المصطفى وثالث أولي الأمر المفروض علينا طاعتهم يذبح في كربلاء كما يفعل بالكبش ومع ذلك غيبوا الحقيقة عن الناس أرادوا لنا أن نعيش في جهل أن لا نقرأ خلف السطور في كتب التاريخ لماذا سمحت الأمة لنفسها أن تقتل أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن الممهد لذلك؟ لأن ظلم الحسين يجعلنا نتساءل عن ظلم الحسن والذي يعني التحدث عن معاوية وذلك يقودنا بالبحث عما أسموه بالفتنة في عهد عثمان وهذا بلا شك سيؤدي إلى هدم السقيفة على رؤوس أصحابها ، وهذا ما يخشاه علماؤنا الأفاضل.

إن الحسين لم يقتل في كربلاء وحدها يقول العلامة السيد هادي المدرسي : إن للحسين قضيتان. « قضية الجسد المقطع وقضية الحق المضيع » صحيح أن جسد الحسين قطع في كربلاء وفصل الرأس عن الجسد ولكن الحق مضيع منذ اعتلى أبو بكر منصة الحكم بلا حق وأبعد أبا الحسن عليا (ع) الخليفة الشرعي وعندما بلغ الأمر بالأمة أن يتسلط عليها شارب الخمر وراكب الفجور ضحى الحسين بنفسه وأهل بيته لينبه الأمة إلى خطورة ما هي عليه وإلى ذلك يشير الإمام الحسين (ع) عندما أرادوا منه أن يبايع يزيد وهو في المدينة قال : « نحن أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة بنا فتح الله وبنا يختم ويزيد شارب الخمر وقاتل النفس ومثلي لا يبايع مثله ».

وشئ متوقع أن تسمع الأمة بأن يذبح ابن بنت نبيها فلا تنصره ، فهذا هو الخليفة الأول أبو بكر يأمر بجمع الحطب حول بيت أم الحسين (ع) ليحرق أو يعطوه الشرعية وها هو عمر بن الخطاب يقف على باب دارها مهددا بالحرق

٢١٥

 حتى ولو كانت بنت المصطفى فيه كما مر فالقضية لها خلفية تاريخية منذ وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فالجرأة التي جعلت أولئك يتطاولون على أولياء الله ويتخذون منصب الخلافة هدفا يهون في سبيله التنازل عن رسالة الإسلام حتى ولو أدى ذلك إلى قتل علي وفاطمة (ع) وهتك ستار بيت النبوة والنيل من بيت نزل فيه الوحي ومنه انطلقت الرسالة كل هذا لا بد أن يترجم يوما في صورة قبيحة ستظل نقطة سوداء في جبين الأمة وصفحة دموية في تاريخها ألا وهي واقعة الطف التي كان أبطالها هم أهل ذلك البيت الذي هتك حرمته الخلفاء بما أحدثوه من أمور مع أن العهد قريب والرسول لما يقبر أما في زمن يزيد فقد أحكمت القبضة للكفار والمنافقين وبدأوا يقطفون ثمار السقيفة ، وتجلت أهدافهم لمحو رسالة السماء في أقبح صورها ظهر عاشوراء ٦١ ه‍.

رفض الإمام الحسين عقد البيعة ليزيد وبدأ في الاستعداد وتحرك إلى مكة التي أتته فيها الكتب والرسائل من أهل الكوفة يطلبون منه القدوم ، فأرسل إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل فاجتمع عليه أهل الكوفة وبايعه ثمانية عشر ألفا ، فلما علم يزيد بذلك عزل واليه على الكوفة نعمان بن بشير وولى عبيد الله بن زياد طالبا منه تتبع مسلم وقتله فقدم عبيد الله وتتبع الشيعة فثار عليه مسلم ولكن أهل الكوفة خذلوه عندما مارس معهم ابن زياد سياسة الترغيب والترهيب وبقي مسلم وحيدا يقاتل حتى قتل في تفاصيل مأساوية وقتل معه كبير الشيعة هناك هاني بن عروة وأرسل ابن زياد برأسيهما إلى يزيد.

توجه الحسين إلى العراق بعد استلامه رسالة من مسلم قبل قتله تفيد بعدد من بايع وانتظارهم له ، وقد حاول البعض أن يثني الحسين (ع) عن الخروج إلا أنه كان يقول : « والله لو أنني كنت في جحر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقضوا في حاجتهم والله ليعتدن علي كما اعتدت اليهود على السبت »

٢١٦

 وكما يقول ابن كثير يقول « لأن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي من أن تستحل بي يعني مكة » لقد كان يعلم أن القوم غير تاركيه حتى يبايع ولكنه كان مستعدا للتضحية فداء لهذا الدين ولا يبايع مثل يزيد ، يقول الإمام الحسين (ع) : « الحمد لله وما شاء الله ولا قوة إلا بالله ، خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة ، ما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف وخير لي مصرع أنا لاقية ، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا فيملأن مني أكراشا جوفا وأجربة سغبا لا محيص عن يوم خط بالقلم ، رضا الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين ، لن تشذ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لحمته وهي مجموعة له في حظيرة القدس تقربها عينه وينجز بها وعده. من كان باذلا فينا مهجته ، وموطنا نفسه على لقاء ربه فليرحل معنا ، فإني راحل مصبحا إن شاء الله ».

وانطلق غير مبال بأولئك الذين جبنوا عن مجابهة الباطل وسكتوا عن نصرة الحق ، انطلق ولسان حاله يقول : إن كان دين محمد لا يستقيم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني ، وفي الطريق لقي الفرزدق فاستخبره الخبر فقال : إن القوم قلوبهم معك وسيوفهم عليك.

أرسلت الجيوش لتقطع عليه الطريق وطلبوا منه إما البيعة أو القتل فرفض الإمام (ع) البيعة وقدم لهم خيارات أخرى رفضوها ثم خطب الحسين في ذلك الجيش « أيها الناس إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من رأى منكم سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله إلى أن قال : وأنا أحق من غير ».

رفضوا رجوعه أو التوجه إلى يزيد وتركوه يسير مجانبا الطريق حتى يرسلوا

٢١٧

 لابن زياد ليدلي برأيه ، لقي الحسين (ع) رجلا من أهل الكوفة فقال له : « فالا تنصرنا فاتق الله أن تكون ممن يقاتلنا فوالله لا يسمع واعيتنا أحد ثم لا ينصرنا إلا هلك ».

نزول الركب المقدس في كربلاء :

حطت الركاب في كربلاء ومنع أهل البيت (ع) الماء وجاء الأمر من عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد قائد الجيش الرسمي للوالي : أما بعد فإني لم أبعثك إلى حسين لتكف عنه ولا لتطاوله ولا لتمنيه السلامة والبقاء ولا لتقعد له عندي شافعا ، انظر فإن نزل حسين وأصحابه على الحكم واستسلموا فابعث بهم إلي سلما وإن أبوا فازحف عليهم حتى تقتلهم وتمثل بهم فإنهم لذلك يستحقون ، فإن قتل الحسين فأوطئ الخيل صدره وظهره فإنه عاق مشاق قاطع ظلوم وليس عهدي في هذا أن يضر بعد الموت شيئا ولكن على قول من قال : لو قد قتلته فعلت هذا به! إن أنت مضيت لأمرنا فيك جزيناك جزاء السامع المطيع ، وإن أبيت فاعتزل عملنا وجندنا وخل بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر فإنا قد أمرناه بأمرنا والسلام.

أحاطوا به يوم عاشوراء ـ بأبي وأمي ـ ولم يكن معه إلا بضعة وسبعون نفسا ما بين طفل وشاب وشيخ وامرأة ، خطب في أعدائه وحاول وعظهم وهدايتهم إلى سبيل الرشاد ولكن هيهات لقد ختم الله على قلوبهم وحقت عليهم كلمة العذاب ، وقد قال فيما قال : تبا لكم أيتها الجماعة وترحا! أحين استصرختمونا والهين فأصرخناكم موجفين سللتم علينا سيفا لنا في أيمانكم! وحششتم علينا نارا اقتدحناها على عدونا وعدوكم فأصبحتم إلبا لأعدائكم على أوليائكم بغير عدل أفشوه فيكم ولا أمل أصبح لكم فيهم ، فهلا لكم الويلات تركتمونا والسيف مشيم والجأش طامن ، والرأي لما يستحصف ولكن أسرعتم إلينا كطيرة الدبا وتداعيتم علينا كتهافت الفراش ، ثم نقضتموها سفها وضلة فسحقا لكم

٢١٨

 يا عبيد الأمة وشذاذ الآفاق ونبذة الكتاب ومحرفي الكلم وعصبة الإثم ونفثة الشيطان ومطفئي السنن. ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت وأنوف حمية ونفوس أبية لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام ألا وإني زاحف بهذه الأسرة على قلة العدد وخذلان الناصر ،. أما والله لا تلبثون بعدها إلا كريثما يركب الفرس ، حتى تدور بكم دور الرحى وتقلق بكم قلق المحور ، عهد عهده إلي أبي عن جدي رسول الله « فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون ، إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم ».

ثم رفع يديه إلى السماء وقال : « اللهم احبس عنهم قطر السماء وابعث عليهم سنين كسني يوسف وسلط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأسا مصبرة فإنهم كذبونا وخذلونا وأنت ربنا عليك توكلنا وإليك المصير ».

ثم قال (ع) : والله لا يدع الله أحدا منهم إلا انتقم لي منه قتلة بقتلة وضربة بضربة وإنه لخير لي ولأهل بيتي وأشياعي.

هذا هو كلام أبي عبد الله الحسين (ع) فاقرأ وتأمل تحس فيه بشفافية الروح المؤمنة وتدرك معنى الرسالية مما يؤكد أن ثورة الحسين لم تكن لتغيير نظام حاكم فقط إنما صرخة لتنبيه الأمة للانحراف العقائدي وابتعادها عن أوصياء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولكن من يستمع ..

أصر القوم على تنفيذ جريمتهم وبدأوا القتال الذي تطايرت فيه الأيدي وتساقطت الرؤوس ولم يرحم كبير ولا صغير مثل أصحاب الإمام حبيب بن مظاهر وزهير بن القين وغيرهم أولئك الذين فهموا ماذا تعني نصرتهم للحسين (ع) وهم على علم بقتلهم فكانوا يتفانون في الدفاع عن ابن رسول الله.

٢١٩

في عز القتال ووسط ذلك الجو الملتهب بحرارة المعركة يصلي الإمام صلاة الخوف مع أصحابه فيقف أحد الأصحاب لحمايته ويستقبل السهام بصدره دفاعا عن حجة الله على خلقه حتى إذا أصبح جسمه كالقنفذ من كثرة السهام سقط على وجه الأرض متمتما « هل وفيت يا بن رسول الله ».

وبدأ الشهداء يرتمون في أحضان الحور العين الواحد تلو الآخر ، الهاشميون وأبناء علي (ع) وأبناء الحسن ، ثم أبناء الحسين وكان آخرهم طفلا رضيعا للحسين (ع) أخرجه لهم ليجودوا عليه بقطرة ماء بعد أن صار يتلوى من العطش ، وقد جف ثدي أمه فاستقبله القوم بالسهام حتى ذبح في حجر أبيه.

وبقي الحسين وحيدا يلقي تارة نظرة إلى مخيم النساء بعد قليل سيصرن سبايا وهن بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتارة ينظر إلى القوم الذين احتوشوه استعدادا لقتله ويبكي! سألته أخته زينب لماذا البكاء؟ قال : أبكي لهؤلاء القوم الذين يدخلون النار بسببي هل رأيتم إنسانا يبكي على عدوه الذي يظلمه؟! لم يكن هذا إلا من الأنبياء.

ثم قاتلهم حتى قتل ونفذوا وصايا ابن زياد ، ففصلوا الرأس عن الجسد ثم أمروا بالخيل لتطأ صدره الشريف.

هذه بعض تفاصيل رزية الأمة وما أعظمها من رزية بكت لها السماوات قبل الأرض ، وبكى لها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم ولادة الحسين (ع) ، وستظل ذكراها تدمي القلوب ، وصدق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حينما قال « إن للحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تطفأ أبدا ».

ما زالت ذكرى أبي عبد الله (ع) عند شيعته محفوظة رغما عن أنوف بعض الجهلة الذين صاروا على منابر العلماء يتحدثون عن الدين وهو منهم براء في غفلة من الناس.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483