وسائل الشيعة الجزء ١٧

وسائل الشيعة12%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 483

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 483 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 296417 / تحميل: 183157
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

٧٧ - باب أن من أخذ من مال اليتيم شيئاً ثمّ أدرك اليتيم جاز له دفعه اليه والى الولي، ويجزيه ايصاله إلى اليتيم على وجه الصلة، وعلى أيّ وجه كان، فإنّ مات أوصله إلى وارثه أو وكيله أو صالحه عليه

[ ٢٢٤٧٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، وصفوان، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) في الرجل يكون عند بعض أهل بيته المال لايتام فيدفعه إليه فيأخذ منه دراهم يحتاج إليها، ولا يعلم الّذي كان عنده المال للايتام أنه أخذ من أموالهم شيئاً، ثمّ ييسر بعد ذلك أيّ ذلك خير له، أيعطيه الّذي كان في يده أم يدفع إلى اليتيم وقد بلغ؟ فقال: وهل يجزيه إنّ يدفعه إلى صاحبه على وجه الصلة، ولا يعلمه أنه أخذ له مالا؟ فقال: يجزيه أيّ ذلك فعل إذا أوصله إلى صاحبه، فإنّ هذا من السرائر إذا كان من نيّته إن شاء رده إلى اليتيم إنّ كان قد بلغ على أيّ وجه شاء وإنّ لم يعلمه أنه كان قبض له شيئاً، وإن شاء رده إلى الّذي كان في يده.

وقال إذا كان صاحب المال غائبا فليدفعه إلى الّذي كان المال في يده.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(١) .

[ ٢٢٤٧٧ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أبي عبدالله الرازيّ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن مندل، عن عبد الرحمن

____________________

الباب ٧٧

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٥: ١٣٢ / ٧.

(١) التهذيب ٦: ٣٤٢ / ٩٥٨.

٢ - التهذيب ٦: ٣٤٣ / ٩٥٩، وأورده في الحديث ١ من الباب ٦ من أبواب الصلح.

٢٦١

بن الحجّاج وداود بن فرقد جميعاً، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قالا: سألناه عن الرجل يكون عنده المال لأيتام فلا يعطيهم حتّى يهلكوا، فيأتيه وارثهم أو وكيلهم فيصالحه على إنّ يأخذ بعضا ويدع بعضاً ويبرئه ممّا كان أيبرأ منه؟ قال: نعم.

[ ٢٢٤٧٨ ] ٣ - وعنه، عن أبي عبدالله، عن الحسن بن ظريف، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) مثله، وزاد: وعن الرجل يكون للرجل عنده المال إما بيع وإما قرض، فيموت ولم يقضه إيّاه فيترك أيتاما صغاراً فيبقى لهم عليه لا يقضيهم، أيكون ممّن يأكل أموال اليتامى؟ قال: لا إذا كان نوى أن يؤدّي اليهم.

أقول: ويأتي ما يدلّ على بعض المقصود(١) .

٧٨ - باب حكم الاخذ من مال الولد والاب

[ ٢٢٤٧٩ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الرجل يحتاج إلى مال ابنه، قال: يأكل منه ما شاء من غير سرف.

وقال: في كتاب عليّ( عليه‌السلام ) : إنّ الولد لا يأخذ من مال والده شيئاً إلّا باذنه والوالد يأخذ من مال ابنه ما شاء، وله إنّ يقع على جارية ابنه إذا لم يكن الابن وقع عليها، وذكر إنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال

____________________

٣ - التهذيب ٦: ٣٨٤ / ١١٣٦.

(١) يأتي في الحديث ٢ من الباب ٣، وفي الحديث ٣ من الباب ٥، وفي الباب ٦ من أبواب الصلح.

الباب ٧٨

فيه ١٠ أحاديث

١ - التهذيب ٦: ٣٤٣ / ٩١٦، والاستبصار ٣: ٤٨ / ١٥٧، والكافي ٥: ١٣٥ / ٥، وأورد نحوه عن الفقيه في الحديث ٦ من الباب ٤٠ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

٢٦٢

لرجل: أنت ومالك لابيك.

[ ٢٢٤٨٠ ] ٢ - وعنه، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) إنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال لرجل: أنت ومالك لابيك، قال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : ما أحب(١) إنّ يأخذ من مال ابنه إلّا ما احتاج إليه ممّا لابد منه إنّ الله لا يحبّ الفساد(٢) .

ورواه الكليني عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب(٣) ، وكذا الّذي قبله.

[ ٢٢٤٨١ ] ٣ - وبإسناده عن( الحسين بن سعيد، عن حمّاد) (٤) ، عن عبدالله بن المغيرة، عن ابن سنان قال، سألته - يعني أبا عبدالله( عليه‌السلام ) - مإذا يحل للوالد من مال ولده؟ قال: أما إذا أنفق عليه ولده بأحسن النفقة فليس له إنّ يأخذ من ماله شيئاً، وإنّ كان لوالده جارية للولد فيها نصيب فليس له إنّ يطأها إلّا إنّ يقومها قيمة تصير لولده قيمتها عليه، قال: ويعلن ذلك.

قال: وسألته عن الوالد أيرزأ(٥) من مال ولده شيئاً؟ قال: نعم ولا يرزأ الولد من مال والده شيئاً إلّا بإذنه، فإنّ كان للرجل ولده صغار لهم جارية فأحب أن

____________________

٢ - التهذيب ٦: ٣٤٣ / ٩٦٢، والاستبصار ٣: ٤٨ / ١٥٨.

(١) في نسخة: لا نحب ( هامش المخطوط ).

(٢) يأتي في النكاح في ترجيح ولاية الجد على ولاية الأب، حديث فيه تأويل حسن لحديث انت ومالك لأبيك( منه. قده ).

(٣) الكافي ٥: ١٣٥ / ٣.

٣ - التهذيب ٦: ٣٤٥ / ٩٦٨، والاستبصار ٣: ٥٠ / ١٦٣.

(٤) في التهذيب: الحسين بن حمّاد.

(٥) رزأه ماله: كجعله وعلمه رزءا بالضم أصاب منه شيئاً كارتزأ ماله ورزأه رزءا ومرزئة؛ أصاب منه خير ( القاموس المحيط - رزأ - ١: ١٦ ).

٢٦٣

يقتضيها(١) فليقوّمها على نفسه قيمة، ثم ليصنع بها ماشاء إنّ شاء وطأ وإنّ شاء باع.

[ ٢٢٤٨٢ ] ٤ - وعنه، عن عثمان بن عيسى، عن سعيد بن يسار قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : أيحج الرجل من مال ابنه وهو صغير؟ قال: نعم، قلت: يحج حجة الاسلام وينفق منه؟ قال: نعم بالمعروف، ثمّ قال: نعم يحج منه وينفق منه، إنّ مال الولد للوالد، وليس للولد إنّ يأخذ من مال والده إلّا بإذنه.

أقول: تجويز أخذ نفقة الحجّ محمول على أخذها قرضا، أو تساوي نفقة السفر والحضر مع وجوب نفقته على الولد واستقرار الحجّ في ذمته.

[ ٢٢٤٨٣ ] ٥ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل لابنه مال فيحتاج الاب إليه قال: يأكل منه، فأمّا الأُم فلا تأكل منه إلّا قرضاً على نفسها.

ورواه الصدوق بإسناده عن حريز(١) .

أقول: حكم الأُم محمول على وجود زوجها فتجب نفقتها عليه، لا على ولدها.

[ ٢٢٤٨٤ ] ٦ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن اسباط، عن عليّ بن جعفر، عن أبي إبراهيم( عليه‌السلام ) قال: سألته

____________________

(١) في المصدرين: يفتضها، والظاهر هو الصواب.

٤ - التهذيب ٦: ٣٤٥ / ٩٦٧، الاستبصار ٣: ٥٠ / ١٦٥، وأورده مع إختلاف، في الحديث ١ من الباب ٣٦ من أبواب وجوب الحجّ.

٥ - الكافي ٥: ١٣٥ / ١، والتهذيب ٦: ٣٤٤ / ٩٦٤، والاستبصار ٣: ٤٩ / ١٦٠.

(٢) الفقيه ٣: ١٠٨ / ٤٥٥.

٦ - الكافي ٥: ١٣٥ / ٢، والتهذيب ٦: ٣٤٤ / ٩٦٣، والاستبصار ٣: ٤٨ / ١٥٩.

٢٦٤

عن الرجل يأكل من مال ولده؟ قال: لا، إلّا إنّ يضطر إليه فيأكل منه بالمعروف، ولا يصلح للولد إنّ يأخذ من مال والده شيئاً إلّا باذن والده.

ورواه الحميري في( قرب الإسناد) عن عبدالله بن الحسن، عن جده عليّ بن جعفر إلّا أنه قال: لا إلّا بإذنه أو يضطر فيأكل بالمعروف او يستقرض منه حتّى يعطيه إذا أيسر (١) .

[ ٢٢٤٨٥ ] ٧ - وعن أبي عليّ الاشعري، عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن عبد الكريم، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في الرجل يكون لولده مال فأحب إنّ يأخذ منه، قال: فليأخذ، وإنّ كانت أمه حية فما أحب إنّ تأخذ منه شيئاً إلّا قرضا على نفسها.

[ ٢٢٤٨٦ ] ٨ - وعن محمّد بن يحيى، عن عبدالله بن محمّد، عن عليّ ابن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : ما يحل للرجل من مال ولده؟ قال: قوته(٢) بغير سرف إذا اضطر اليه، قال: فقلت له: فقول رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) للرجل الّذي أتاه فقدم أباه فقال له: انت ومالك لابيك، فقال: إنما جاء بأبيه إلى النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقال: يا رسول الله هذا أبي وقد ظلمني ميراثي من أمي فأخبره الاب أنه قد أنفقه عليه وعلى نفسه، وقال: أنت ومالك لابيك، ولم يكن عند الرجل شيء أو كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) يحبس الاب للابن؟!

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسين بن أبي العلاء(٣) .

____________________

(١) قرب الإسناد: ١١٩.

٧ - الكافي ٥: ١٣٥ / ٤، والتهذيب ٦: ٣٤٤ / ٩٦٥، والاستبصار ٣: ٤٩ / ١٦١.

٨ - الكافي ٥: ١٣٦ / ٦.

(٢) في نسخة: قوت ( هامش المخطوط ).

(٣) الفقيه ٣: ١٠٩ / ٤٥٦.

٢٦٥

ورواه في( معاني الأخبار) عن أبيه، عن أحمد بن ادريس، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم (١) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يحيى، وبإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) ، وكذا كلّ ما قبله.

[ ٢٢٤٨٧ ] ٩ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( عيون الأخبار) وفي( العلل) باسانيد تأتي عن محمّد بن سنان (٣) ، إنّ الرضا( عليه‌السلام ) كتب اليه فيما كتب من جواب مسائله: وعلة تحليل مال الولد لوالده بغير إذنه وليس ذلك للولد لإنّ الولد موهوب للوالد في قوله عزّوجلّ:( يَهَبُ لـِمَن يَشَاءُ إناثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ ) (٤) مع أنّه المأخوذ بمؤنته صغيراً وكبيراً، والمنسوب إليه والمدعو له لقوله عزّوجلّ:( ادعُوهُم لِآبَائِهِم هُوَ أَقسَطُ عِندَ اللهِ ) (٥) ولقول النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : أنت ومالك لابيك، وليس للوالدة مثل ذلك، لا تأخذ من ماله شيئاً إلّا بإذنه أو بإذن الأب، ولإنّ الوالد مأخوذ بنفقة الولد، ولا تؤخذ المرأة بنفقة ولدها.

[ ٢٢٤٨٨ ] ١٠ - عليّ بن جعفر( في كتابه) عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الرجل يكون لولده الجارية أيطؤها؟ قال: إنّ أحب، وإنّ كان لولده مال وأحب إنّ يأخذ منه فليأخذ، وإنّ كانت الأُمّ حيّة فلا أُحب إنّ تأخذ منه شيئاً إلّا قرضاً.

____________________

(١) معاني الأخبار: ١٥٥ / ١.

(٢) التهذيب ٦: ٣٤٤ / ٩٦٦، والاستبصار ٣: ٤٩ / ١٦٢.

٩ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٩٦، علل الشرائع: ٥٢٤ / ١.

(٣) تأتي في الفائدة الاولى / ٣٨٢ من الخاتمة.

(٤) الشورى ٤٢: ٤٩.

(٥) الأحزاب ٣٣: ٥.

١٠ - مسائل عليّ بن جعفر: ١٤٢ / ١٦٣.

٢٦٦

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك هنا(١) ، وفي النكاح(٢) .

ثمّ أنّ ما تضمنّ جواز أخذ الاب من مال الولد محمول إما على قدر النفقة الواجبة عليه مع الحاجة، أو على الاخذ على وجه القرض، أو على الاستحباب بالنسبة إلى الولد، وما تضمن منع الولد محمول على عدم الحاجة، أو على كون الاخذ لغير النفقة الواجبة، وكذا ما تضمّن منع الاُم ذكر ذلك بعض الأصحاب(٣) لما مر(٤) ، ولما يأتي في النفقات إنّ شاء الله(٥) .

٧٩ - باب جواز تقويم الاب جارية البنت والابن الصغيرين ووطئها بالملك إذا لم يكن وطأها الابن

[ ٢٢٤٨٩ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) : إنّي كنت وهبت لابنة لي جارية حيث زوجتها فلم تزل عندها وفي بيت زوجها حتّى مات زوجها، فرجعت إلي هي والجارية أفيحلّ لي أن أطأ الجارية؟ قال: قوّمها قيمة عادلة واشهد على ذلك، ثمّ إنّ شئت فطأها.

ورواه الكليني عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد،

____________________

(١) يأتي في الباب ٧٩ من هذه الأبواب

(٢) يأتي الحديثين ٢، ٥ من الباب ٥ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة، وفي الباب ٤٠ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٣) المختلف: ٣٤٤، والاستبصار ٣: ٥١، والكافي ٨: ٥٠٦ ومفتاح الكرامة ٤: ١٢٨.

(٤) مرّ في الأحاديث ٢، ٣، ٦، ٨ من هذا الباب.

(٥) يأتي في الباب ١١ من أبواب النفقات.

الباب ٧٩

فيه حديثان

١ - التهذيب ٦: ٣٤٥ / ٩٧٠.

٢٦٧

عن ابن محبوب مثله(١) .

[ ٢٢٤٩٠ ] ٢ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد(٢) ، عن فضّالة، عن أبان، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الوالد يحل له من مال ولده إذا احتاج إليه؟ قال: نعم، وإنّ كان له جارية فأراد إنّ ينكحها قوّمها على نفسه ويعلن ذلك، قال: وإنّ كان للرجل جارية فأبوه أملك بها إنّ يقع عليها ما لم يمسها الابن.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه في النكاح(٤) .

ثمّ إنّ بعض الأصحاب حمل حديث ابن محبوب على حصول الرضا من البنت وبقية الاحاديث على عدم بلوغ الولد فإنّ الوالد وليّه ووكيله وهو الاحوط(٥) .

٨٠ - باب جواز إنفاق الزوج من مال زوجته بإذنها وطيبة نفسها

[ ٢٢٤٩١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبدالله( عليه‌السلام ) : جعلت فداك امرأة دفعت إلى

____________________

(١) الكافي ٥: ٤٧١ / ٥.

٢ - التهذيب ٦: ٣٤٥ / ٩٦٩، والاستبصار ٣: ٥٠ / ١٦٤.

(٢) في التهذيب: الحسين بن حمّاد.

(٣) تقدم في الحديث ١ من الباب ٧٨ من هذه الأبواب

(٤) يأتي في الحديث ٥ من الباب ٥ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة، وفي الأحاديث ١، ٢، ٣، ٤ من الباب ٤٠ من أبواب نكاح العبيد والإِماء.

(٥) السرائر: ٢٠٥.

الباب ٨٠

فيه حديثان

١ - الكافي ٥: ١٣٦ / ١.

٢٦٨

زوجها مالاً من مالها ليعمل به، وقالت له حين دفعته إليه: أنفق منه، فإنّ حدث بك حدث فما أنفقت منه حلالاً طيباً، وإن حدث بي حدث فما أنفقت منه فهو حلال طيب، فقال: أعد عليّ يا سعيد المسألة، فلمّا ذهبت أعيد عليه المسألة عرض فيها صاحبها وكان معي حاضرا فأعاد عليه مثل ذلك، فلمّا فرغ أشار بإصبعه إلى صاحب المسألة، فقال: يا هذا إنّ كنت تعلم أنها قد أقضت بذلك إليك فيما بينك وبينها وبين الله فحلال طيب، ثلاث مرات، ثمّ قال: يقول الله جلّ اسمه في كتابه:( فَإن طِبنَ لَكُم عَن شَيءٍ مِنهُ نَفساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً ) (١) .

محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد مثله(٢) .

[ ٢٢٤٩٢ ] ٢ - وعنه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن قول الله عزّوجلّ:( فَإن طِبنَ لَكُم عَن شَيءٍ مِنهُ نَفساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً ) (٣) قال: يعني بذلك أموالهنّ التي في أيديهن ممّا يملكن.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك عموماً(٤) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٥) .

٨١ - باب أنّ المرأة إذا أذنت لزوجها في الانفاق من مالها لم يجز له إنّ يشتري منه جارية يطؤها

[ ٢٢٤٩٣ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن

____________________

(١) النساء ٤: ٤.

(٢) التهذيب ٦: ٣٤٦ / ٩٧١.

٢ - التهذيب ٦: ٣٤٦ / ٩٧٢.

(٣) النساء ٤: ٤.

(٤) تقدم في الحديث ١ من الباب ٢ من هذه الأبواب

(٥) يأتي في الباب ٨١ من هذه الأبواب

الباب ٨١

فيه حديثان

١ - التهذيب ٦: ٣٤٦ / ٩٧٥.

٢٦٩

ابن أبي عمير، عن هشام وغيره، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في الرجل تدفع إليه امرأته المال فتقول له: اعمل به واصنع به ما شئت، أله إنّ يشتري الجارية يطؤها؟ قال: لا، ليس له ذلك.

[ ٢٢٤٩٤ ] ٢ - وعنه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن الحسين بن المنذر قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : دفعت الي امرأتي مالاً أعمل به فأشتري من مالها الجارية أطؤها؟ قال: فقال: أرادت إنّ تقر عينك، وتسخن عينها؟!

ورواه الصدوق بإسناده عن حفص بن البختري، إلّا أنّه قال: اعمل به ما شئت - إلى إنّ قال: - فقال: لا، إنّها دفعت إليك لتقر عينها، وأنت تريد أن تسخن عينها(١) .

٨٢ - باب عدم جواز صدقة المرأة من بيت زوجها إلّا بإذنه، وكذا المملوك من مال سيده

[ ٢٢٤٩٥ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن عليّ بن جعفر أنه سأل أخاه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) عن المرأة لها إنّ تعطي من بيت زوجها بغير إذنه؟ قال: لا إلّا أن يحلّلها.

ورواه عليّ بن جعفر في كتابه(٢) .

[ ٢٢٤٩٦ ] ٢ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن

____________________

٢ - التهذيب ٦: ٣٤٧ / ٩٧٦.

(١) الفقيه ٣: ١٢١ / ٥٢٠.

الباب ٨٢

فيه ٤ أحاديث

١ - التهذيب ٦: ٣٤٦ / ٩٧٤.

(٢) مسائل علي بن جعفر: ١٥٨ / ٢٣١.

٢ - التهذيب ٦: ٣٤٦ / ٩٧٣.

٢٧٠

بكير قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) ما يحل للمرأة أن تصدّق من مال(١) زوجها بغير إذنه؟ قال: المأدوم.

ورواه الكليني عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد(٢) .

أقول: هذا محمول على حصول الرضا وإنّ لم يصرح بالاذن لما مر(٣) .

[ ٢٢٤٩٧ ] ٣ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن حمّاد بن عمرو وأنس ابن محمّد، عن أبيه، جميعاً، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في وصية النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لعليّ( عليه‌السلام ) - قال: يا عليّ ليس على النساء جمعة - إلى إنّ قال: - ولا تعطي من بيت زوجها شيئاً بغير إذنه.

[ ٢٢٤٩٨ ] ٤ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار، عن الحجّال، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن صفوان بن يحيى، عن عبدالله بن مسكان، عن محمّد بن عليّ الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن البستإنّ يكون عليه المملوك أو أجير ليس له من البستإنّ شيء فتناول الرجل من بستانه؟ فقال: إنّ كان بهذه المنزلة لا يملك من البستان شيئاً فما أُحب إنّ يأخذ منه شيئاً.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في الاطعمة(٤) .

____________________

(١) في الكافي: بيت ( هامش المخطوط ).

(٢) الكافي ٥: ١٣٧ / ٢.

(٣) مر في الحديث ١ من هذا الباب.

٣ - الفقيه ٤: ٢٦٣ / ٨٢٤.

٤ - التهذيب ٦: ٣٨٠ / ١١١٧.

(٤) يأتي في الحديث ٣ من الباب ٦٣ من ابواب الاطعمة المحرمة، ويأتي ما ينافيه في الحديث ٣ من الباب ٢٤ من أبواب آداب المائدة.

٢٧١

٨٣ - باب جواز استيفاء الدين من مال الغريم الممتنع من الاداء بغير إذنه ولو من الوديعة إذا لم يستحلفه

[ ٢٢٤٩٩ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد(١) ، عن ابن أبي عمير، عن داود بن رزين(٢) قال: قلت لأبي الحسن موسى( عليه‌السلام ) : إنّي أُخالط السلطان فتكون عندي الجارية فيأخذونها، والدابّة الفارهة فيبعثون فيأخذونها، ثمّ يقع لهم عندي المال فلي إنّ آخذه؟ قال: خذ مثل ذلك ولا تزد عليه.

ورواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن أبي عمير نحوه، إلّا أنه قال: إنّي أُعامل قوماً(٣) .

وعنه، عن داود بن زربي مثله(٤) .

[ ٢٢٥٠٠ ] ٢ - وعنه، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي العباس البقباق، أنّ شهاباً مارأه في رجل ذهب له بألف درهم واستودعه بعد ذلك ألف درهم، قال أبو العباس فقلت له: خذها مكان الألف الّتي أخذ منك، فأبى شهاب، قال: فدخل شهاب على أبي عبدالله( عليه‌السلام ) فذكر له

____________________

الباب ٨٣

فيه ١٣ حديثاً

١ - التهذيب ٦: ٣٣٨ / ٩٣٩.

(١) في المصدر: أحمد بن محمّد بن عيسى، وفي الموضع الثاني من التهذيب: الحسين بن سعيد، عن داود.

(٢) في الموضع الثاني من التهذيب وفي الفقيه: داود بن زربي.

(٣) الفقيه ٣: ١١٥ / ٤٨٩.

(٤) التهذيب ٦: ٣٤٧ / ٩٧٨.

٢ - التهذيب ٦: ٣٤٧ / ٩٧٩، والاستبصار ٣: ٥٣ / ١٧٤.

٢٧٢

ذلك، فقال: أمّا أنا فأحب أن تأخذ وتحلف.

[ ٢٢٥٠١ ] ٣ - وعنه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أخي الفضيل بن يسار قال: كنت عند أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ودخلت امرأة وكنت أقرب القوم إليها، فقالت لي: اسأله، فقلت: عماذا؟ فقالت: إنّ ابني مات وترك مإلّا كان في يد أخي فأتلفه، ثمّ أفاد مالاً فأودعنيه، فلي إنّ آخذ منه بقدر ما أتلف من شيء؟ فأخبرته بذلك فقال: لا، قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك.

أقول: حمله الشيخ على من استحلف المنكر قال: لما روي عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أنه قال: من حلف فليصدق، ومن حلف له فليرض، ومن لم يرض فليس من الله في شيء، وحمل بقيّة الاحاديث على من لم يستحلف غريمه، وحمل المنع من أخذ الوديعة على الكراهة(١) .

ونحوه قال الصدوق(٢) .

[ ٢٢٥٠٢ ] ٤ - وعنه، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بكر قال: قلت له: رجل لي عليه دراهم فجحدني وحلف عليها، أيجوز لي إنّ وقع له قبلي دراهم إنّ آخذ منه بقدر حقي؟ قال: فقال: نعم ولكن لهذا كلام، قلت: وما هو؟ قال: تقول: اللّهم إنّي لا آخذه(٣) ظلماً ولا خيانة وإنّما أخذته مكان مالي الّذي أخذ منّي لم أزدد عليه شيئاً.

أقول: هذا محمول على من حلف من غير إنّ يستحلف.

____________________

٣ - التهذيب ٦: ٣٤٨ / ٩٨١، والاستبصار ٣: ١٧٢، وأورد نحوه في الحديث ١ من الباب ٦ من أبواب الايمان.

(١) راجع التهذيب ٦: ٣٤٩، والاستبصار ٣: ٥٤.

(٢) راجع الفقيه ٣: ١١٤ / ٤٨٨.

٤ - التهذيب ٦: ٣٤٨ / ٩٨٢، والاستبصار ٣: ٥٢ / ١٦٨، والفقيه ٣: ١١٤ / ٤٨٥.

(٣) في نسخة: لم آخذه، وفي اخرى: لن آخذه ( هامش المخطوط ).

٢٧٣

[ ٢٢٥٠٣ ] ٥ - وبإسناده عن الحسن بن محبوب، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قلت له: رجل كان له على رجل مال فجحده إيّاه وذهب به، ثمّ صار بعد ذلك للرجل الّذي ذهب بماله مال قبله، أيأخذه مكان ماله الّذي ذهب به منه ذلك الرجل؟ قال: نعم، ولكن لهذا كلام يقول: اللّهمّ إنّي آخذ هذا المال مكان مالي الّذي أخذه منّي وإنّي لم آخذ الّذي أخذته خيانة ولا ظلماً.

ورواه الكليني عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد وسهل بن زياد جميعاً، عن ابن محبوب(١) .

ورواه الصدوق بإسناده عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي بكر الحضرمي نحوه(٢) ، والّذي قبله بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن سيف ابن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي نحوه.

[ ٢٢٥٠٤ ] ٦ - وزاد: وفي خبر آخر: إنّ استحلفه على ما أخذ منه فجائز إنّ يحلف إذا قال هذه الكلمة.

[ ٢٢٥٠٥ ] ٧ - وعنه، عن عليّ بن رئاب، عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن رجل وقع لي عنده مال فكابرني عليه وحلف ثمّ وقع له عندي مال آخذه(٣) لمكان مالي الّذي أخذه وأجحده وأحلف عليه كما صنع قال: إنّ خإنّك فلا تخنه ولا تدخل فيما عتبه عليه.

ورواه الصدوق بإسناده عن عليّ بن رئاب(٤) .

____________________

٥ - التهذيب ٦: ١٩٧ / ٤٣٩، والاستبصار ٣: ٥٢ / ١٦٩.

(١) الكافي ٥: ٩٨ / ٣.

(٢) الفقيه ٣: ١١٤ / ٤٨٦.

٦ - الفقيه ٣: ١١٤ / ٤٨٧.

٧ - التهذيب ٦: ٣٤٨ / ٩٨٠، والاستبصار ٣: ٥٢ / ١٧١.

(٣) في نسخة: فآخذه ( هامش المخطوط ).

(٤) الفقيه ٣: ١١٣ / ٤٨٢.

٢٧٤

ورواه الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب(١) .

[ ٢٢٥٠٦ ] ٨ - وبإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار، عن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن مهزيار، عن إسحاق بن إبراهيم إنّ موسى ابن عبد الملك كتب إلى أبي جعفر( عليه‌السلام ) يسأله عن رجل دفع إله رجل مالاً ليصرفه في بعض وجوه البر، فلم يمكنه صرف المال في الوجه الّذي أمره به، وقد كان له عليه مال بقدر هذا المال، فسأل: هل يجوز لي إنّ أقبض مالي أو أرده عليه؟ فكتب: اقبض مالك مما في يدك.

[ ٢٢٥٠٧ ] ٩ - وعنه، عن محمّد بن عيسى(٢) ، عن عليّ بن سليمان قال: كتبت إليه: رجل غصب مالاً أو جارية ثمّ وقع عنده مال بسبب وديعة أو قرض مثل خيانة أو غصب(٣) . أيحل له حبسه عليه أم لا؟ فكتب: نعم يحل له ذلك إنّ كان بقدر حقّه، وإنّ كان أكثر فيأخذ منه ما كان عليه ويسلم الباقي إليه إنّ شاء الله.

[ ٢٢٥٠٨ ] ١٠ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن حديد، عن جميل بن دراج قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) ، عن الرجل يكون له على الرجل الدين فيجحده فيظفر من ماله بقدر الّذي جحده أيأخذه وإنّ لم يعلم الجاحد بذلك؟ قال: نعم.

[ ٢٢٥٠٩ ] ١١ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن معاوية بن عمّار،

____________________

(١) الكافي ٥: ٩٨ / ١.

٨ - التهذيب ٦: ٣٤٨ / ٩٨٤، والاستبصار ٣: ٥٢ / ١٧٠.

٩ - التهذيب ٦: ٣٤٩ / ٩٨٥، والاستبصار ٣: ٥٣ / ١٧٣.

(٢) في الاستبصار: محمّد بن يحيى.

(٣) في الاستبصار: مثل ما خانه أو غصبه ( هامش المخطوط ).

١٠ - التهذيب ٦: ٣٤٩ / ٩٨٦، والاستبصار ٣: ٥١ / ١٦٧.

١١ - الفقيه ٣: ١١٤ / ٤٨٣.

٢٧٥

عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قلت له: الرجل يكون لي عليه حقّ فيجحدنيه ثمّ يستودعني مالاً، ألي إنّ آخذ مالي عنده؟ قال: لا، هذه الخيانة.

ورواه الكليني، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن معاوية بن عمّار(١) .

ورواه الشيخ بإسناده عن ابن أبي عمير(٢) .

أقول: تقدم وجهه(٣) .

[ ٢٢٥١٠ ] ١٢ - وبإسناده عن زيد الشحّام قال: قال لي أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : من ائتمنك بأمانة فأدّها إليه ومن خإنّك فلا تخنه.

[ ٢٢٥١١ ] ١٣ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإسناد) عن عبدالله بن الحسن، عن جده عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الرجل الجحود أيحلّ أن أجحده مثل ما جحد؟ قال: نعم، ولا تزداد.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في الإيمان(٤) ، وفي القضاء(٥) ، وفي الشركة(٦) .

____________________

(١) الكافي ٥: ٩٨ / ٢.

(٢) التهذيب ٦: ١٩٧ / ٤٣٨.

(٣) تقدم في الحديث ٣ من هذا الباب.

١٢ - الفقيه ٣: ١١٤ / ٤٨٤.

١٣ - قر الإِسناد: ١١٣.

(٤) يأتي في الباب ٤٧، وفي الحديث ٤ من الباب ٤٨ من أبواب الأيمان.

(٥) يأتي في الحديث ٢ من الباب ١٠ من أبواب أحكام الدعوى.

(٦) يأتي في الباب ٥ من أبواب الشركة، وفي الحديث ١ من الباب ٩٣ من أبواب الوصايا.

٢٧٦

٨٤ - باب أنّ من دفع اليه مال يفرقه في المحاويج و كان منهم جاز إنّ يأخذ لنفسه كأحدهم وأن يعطي عياله إن كانوا منهم إلّا إنّ يعين له أشخاصا ً

[ ٢٢٥١٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن سعيد بن يسار قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : الرجل يُعطى الزكاة فيقسمها في أصحابه أيأخذ منها شيئاً؟ قال: نعم.

[ ٢٢٥١٣ ] ٢ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن - يعني ابن الحجّاج - عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في رجل أعطاه رجل مالاً ليقسمه في المساكين وله عيال محتاجون أيعطيهم منه من غير إنّ يستأذن(١) صاحبه؟ قال: نعم.

[ ٢٢٥١٤ ] ٣ - وبهذا الإسناد عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سألته عن رجل أعطاه رجل مالاً ليقسمه في محاويج أو في مساكين، وهو محتاج، أيأخذ منه لنفسه ولا يعلمه؟ قال: لا يأخذ منه شيئاً حتّى يأذن له صاحبه.

أقول: جوّز الشيخ حمله على الكراهة، وعلى أخذ أكثر ممّا يعطي غيره، ويمكن الحمل على من عين له أشخاص فلا يجوز أن يتعدّاهم، وقد تقدم ما يدلّ على ذلك في الزكاة(٣) .

____________________

الباب ٨٤

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٥٥٥ / ١، وأورده في الحديث ١ من الباب ٤٠ من أبواب المستحقين للزكاة.

٢ - التهذيب ٦: ٣٥٢ / ١٠٠١.

(١) في نسخة: يستأمر ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ٦: ٣٥٢ / ١٠٠٠، والاستبصار ٣: ٥٤ / ١٧٦.

(٣) تقدم في الحديثين ٢، ٣ من الباب ٤٠ من أبواب المستحقين للزكاة.

٢٧٧

٨٥ - باب جواز أخذ الجعل على معالجة الدواء، وعلى التحول من المسكن ليسكنه غيره، وعلى شراء الاشياء

[ ٢٢٥١٥ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الرجل يعالج الدواء للناس فيأخذ عليه جعلاً؟ فقال: لا بأس به.

ورواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن مسلم مثله(١) .

[ ٢٢٥١٦ ] ٢ - وبالإسناد عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل يرشو الرجل الرشوة على إنّ يتحول من منزله فيسكنه؟ قال: لا بأس به.

أقول: الظاهر أنّ المراد المنزل المشترك بين المسلمين كالارض المفتوحة عنوة، أو الموقوفة على قبيل وهما منه.

[ ٢٢٥١٧ ] ٣ - وبإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب، عن محمّد بن أحمد، عن العمركي، عن صفوان بن يحيى، عن عليّ بن مطر، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الرجل يريد إنّ يشترى داراً أو أرضاً أو خادماً، ويجعل له جعلاً قال: لا بأس به.

____________________

الباب ٨٥

فيه ٤ أحاديث

١ - التهذيب ٦: ٣٧٥ / ١٠٩٦.

(١) الفقيه ٣: ١٠٧ / ٤٤٧.

٢ - التهذيب ٦: ٣٧٥ / ١٠٩٥.

٣ - التهذيب ٦: ٣٨٥ / ١١٤٥.

٢٧٨

[ ٢٢٥١٨ ] ٤ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم أو غيره، عن عبدالله بن سنان قال: سُئل أبو عبدالله( عليه‌السلام ) وأنا أسمع فقيل له: إنا نأمر الرجل فيشتري لنا الارض والغلام والجارية، ونجعل له جعلاً؟ قال: لا بأس بذلك.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد(١) .

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في أحكام العقود(٢) ، وغيرها إنّ شاء الله(٣) .

٨٦ - باب تحريم الغش بما يخفى كشوب اللبن بالماء

[ ٢٢٥١٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن هشام ابن سالم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: ليس منا من غشنا.

[ ٢٢٥٢٠ ] ٢ - وبهذا الإِسناد عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لرجل يبيع التمر: يا فلان أما علمت أنّه ليس من المسلمين من غشهم؟!

____________________

٤ - الكافي ٥: ٢٨٥ / ٢، وأورده في الحديث من الباب ٢٠ من أبواب العقود، ومثله في الحديث ١ من الباب ٤ من أبواب الجعالة.

(١) التهذيب ٦: ٣٨١ / ١١٢٤.

(٢) يأتي في الباب ١٨، وفي الحديث ٢ من الباب ١٩، وفي الباب ٢٠ من أبواب أحكام العقود.

(٣) يأتي في الحديث ١ من الباب ١ من أبواب الإجارة، وفي الحديث ٤ من الباب ١٤ من أبواب البيع الحيوان.

وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود في الحديث ٣ من الباب ٢٧ من هذه الأبواب

الباب ٨٦

فيه ١٢ حديثاً

١ - الكافي ٥: ١٦٠ / ١، التهذيب ٧: ١٢ / ٤٨.

٢ - الكافي ٥: ١٦٠ / ٢.

٢٧٩

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد(١) ، وكذا الّذي قبله.

[ ٢٢٥٢١ ] ٣ - وعن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم قال: كنت أبيع السابري(٢) في الظلال، فمر بي أبوالحسن الاول موسى( عليه‌السلام ) (٣) فقال لي: يا هشام، إنّ البيع في الظلال غش، والغش لا يحلّ.

ورواه الصدوق بإسناده عن هشام بن الحكم مثله(٤) .

[ ٢٢٥٢٢ ] ٤ - وعنه، عن أبيه(٥) ، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال نهى النبي(٦) ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) إنّ يشاب اللبن بالماء للبيع.

ورواه الصدوق بإسناده عن إسماعيل بن مسلم(٧) .

ورواه الشيخ بإسناده عن عليّ بن إبراهيم(٨) ، وكذا الّذي قبله.

[ ٢٢٥٢٣ ] ٥ - وعن محمّد بن يحيى، عن بعض اصحابنا، عن سجادة،

____________________

(١) التهذيب ٧: ١٢ / ٤٩.

٣ - الكافي ٥: ١٦٠ / ٦، التهذيب ٧: ١٣ / ٥٤، وأورده في الحديث ١ من الباب ٥٨ من أبواب آداب التجارة.

(٢) السابري: نوع من الثياب الرقيق ( الصحاح - سبر - ٢: ٦٧٥ ).

(٣) في الفقيه زيادة: راكبا ( هامش المخطوط ).

(٤) الفقيه ٣: ١٧٢ / ٧٧١.

٤ - الكافي ٥: ١٦٠ / ٥.

(٥) في المصدر زيادة: عن ابن أبي عمير.

(٦) في نسخة: رسول الله ( هامش المخطوط ).

(٧) الفقيه ٣: ١٧٣ / ٧٧١.

(٨) التهذيب ٧: ١٣ / ٥٣.

٥ - الكافي ٥: ١٦٠ / ٣.

٢٨٠

جالساً عند النبيّ -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - إذ جاءه رجل من أهل اليمن فقال: إنّ ثلاثة من أهل اليمن أتوا عليّاً -رضي‌الله‌عنه - يختصمون إليه في ولد وقعوا على إمراة في طهرٍ واحد، فقال لاثنين منهما: طيبا بالولد لهذا، فقالا: لا ثم قال للاثنين: طيبا بالولد لهذا، فقالا: لا. ثم قال: أنتم متشاكسون، إني مقرع بينكم، فمن قرع فله الولد وعليه لصاحبيه ثلثا الدية، فأقرع بينهم، فجعله لمن قرع، فضحك رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - حتّى بدت أضراسه - أو قال: نواجذه -.

قد اتّفق الشيخان على ترك الإِحتجاج بالأجلح بن عبد الله الكندي، وإنّما نقما عليه حديثاً واحداً لعبد الله بن بريدة، وقد تابعه على ذلك الحديث ثلاثة من الثقات، فهذا الحديث إذاً صحيح ولم يخرجاه »(١). .

وقال الحاكم: « أخبرني عبد الله بن محمّد بن موسى العدل، محمد بن أيوب أنا إبراهيم بن موسى، ثنا عيسى بن يونس، ثنا الأجلح، عن الشعبي، عن عبد الله ابن الخليل، عن زيد بن أرقم قال: بينا أنا عند رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - إذ جاءه رجل من أهل اليمن، فجعل يحدّث النبيّ -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - ويخبره، فقال: يا رسول الله أتى علياً -رضي‌الله‌عنه - ثلاثة نفر يختصمون في ولد وقعوا على امرأة في طهر واحد، فقال لاثنين: طيبا نفسا بهذا الولد. ثم قال: أنتم شركاء متشاكسون، إني مقرع بينكم، فمن قرع له فله الولد وعليه ثلث الدية لصاحبيه، فأقرع بينهم، فقرع لأحدهم فدفع إليه الولد. فضحك النبيّ -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - حتى بدت نواجذه - أو قال أضراسه -.

حدّثنا علي بن جمشاد، ثنا بشر بن موسى ثنا الحميدي، ثنا سفيان، ثنا الأجلح بهذا. وزاد فيه: فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ما أعلم فيها إلّا ما قال علي.

__________________

(١). المستدرك على الصحيحين ٢ / ٢٠٧.

٢٨١

هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. وقد زاد الحديث تأكيداً برواية ابن عيينة، وقد تابع أبو إسحاق السبيعي الأجلح في روايته »(١). .

وقال الحاكم:

« أخبرني علي بن محمد بن دحيم الشيباني، حدّثنا أحمد بن حازم الغفاري، حدّثنا مالك بن إسماعيل النهدي، حدّثنا الأجلح، عن الشعبي، عن عبد الله ابن الخليل، عن زيد بن أرقم: إن علياً بعثه النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - إلى اليمن، فارتفع إليه ثلاثة يتنازعون ولداً، كلّ واحدٍ يزعم أنه ابنه، قال: فخلا باثنين فقال: أتطيبان نفساً لهذا الباقي؟ قالا: لا. وخلا باثنين فقال لهما مثل ذلك، فقالا: لا. فقال: أراكم شركاء متشاكسين وأنا مقرع بينكم، فأقرع بينهم، فجعله لأحدهم وأغرمه ثلثي الديّة للباقيين. قال: فذكر ذلك لرسول الله فضحك حتى بدت نواجذه.

قد أعرض الشيخان عن الأجلح بن عبد الله الكندي وليس في رواياته بالمتروك، فإنّ الذي ينقم عليه مذهبه مذهبه »(٢). .

٨ - ابن حجر: صدوق

وقال ابن حجر العسقلاني: « أجلح بن عبد الله بن حجّية - بالمهملة والجيم مصغرا - يكنّى أبا حجيّة الكندي، يقال اسمه: يحيى. صدوق شيعي، من السابعة. مات سنة ٤٥ »(٣). .

فهو عند ابن حجر « صدوق » ومن الطبقة السّابعة، أي في طبقة كبار أتباع التابعين كمالك والثوري، كما ذكر في أوّل الكتاب في بيان الطبقات.

__________________

(١). المستدرك ٣ / ١٣٥ كتاب معرفة الصحابة.

(٢). المستدرك ٤ / ٩٦ كتاب الأحكام.

(٣). تقريب التهذيب ١ / ٤٩.

٢٨٢

٩ - إنّه من رجال الكتب الأربعة

والأجلح من رجال: صحيح أبي داود، وصحيح الترمذي، وصحيح النسائي، وصحيح ابن ماجة. كما في الرمز الموضوع على اسمه في ( تهذيب التهذيب ) و ( تقريب التهذيب ) وغيرهما. وقال السّيوطي: « روى له الأربعة ».

وقد صرّح أكابر القوم بأنّ رجال الكتب الصّحاح معدّلون ومزكّون، وكلّهم من أهل التقوى والديانة

١٠ - رواية الأئمة عنه

وقد روى عنه أيضاً كبار الأئمة الأعلام، كشعبة، وسفيان الثوري، وابن المبارك، وأضرابهم قال ابن حجر:

« وعنه: شعبة، وسفيان الثوري، وابن المبارك، وأبو اُسامة، ويحيى القطّان، وجعفر بن عون، وغيرهم »(١). .

ورواية الثقة العدل عن رجل توثيق للمروي عنه وتعديل له وبهذا الأسلوب أراد ابن حجر المكّي إثبات فضيلةٍ لمعاوية، وهذه عبارته في ذكر فضائله المزعومة:

« منها: إنّه حاز شرف الأخذ عن أكابر الصّحابة والتابعين له، وشرف أخذ كثيرين من أجلّاء الصحابة والتابعين عنه فتأمّل هؤلاء الأئمة أئمة الإِسلام الذين رووا عنه تعلم أنّه كان مجتهداً أيّ مجتهد، وفقيهاً أيّ فقيه »(٢). .

__________________

(١). تهذيب التهذيب ١ / ١٦٥.

(٢). تطهير الجنان واللّسان: ٣٣ هامش الصواعق المحرقة.

٢٨٣

فهكذا يكون رواية شعبة والثوري وأمثالهما عن الأجلح دليلاً على ثبوت إمامة الأجلح وجلالته.

وقال الذهبي بترجمة أبي العبّاس العذري أحمد بن عمر الأندلسي المتوفى سنة ٤٧٨:

« ومن جلالته: أنّ إمامي الأندلس - ابن عبد البر، وابن حزم - رويا عنه »(١). .

ومثله قول المقري المالكي بترجمة أبي الوليد الباجي حيث قال:

« وممّا يفتخر به أنه روى عنه حافظاً المغرب والمشرق: أبو عمر بن عبد البر والخطيب أبو بكر ابن ثابت البغدادي، وناهيك بهما »(٢). .

هذا، وقد صرّح ابن قيّم الجوزيّة: بأنّ مجرَّد رواية العدل عن غيره تعديل له، هو أحد القولين في المسألة، وهو أحد الرّوايتين عن أحمد بن حنبل فإنّه قال بعد كلامٍ له: « هذا، مع أنَّ أحد القولين: أن مجرد رواية العدل عن غيره تعديل له وإنْ لم يصرّح بالتعديل، كما هو إحدى الروايتين عن أحمد »(٣). .

١١ - رواية شعبة عنه وهو لا يروي إلّا عن ثقة

إنّه قد عرفت من كلام العسقلاني أن من الرّواة عن الأجلح: شبعة بن الحجاج وقد ذكر القوم أنّ شعبة كان لا يروي إلّا عن ثقة، حتى أنّ السبكي صحّح حديث « من زار قبري وجبت له شفاعتي » متمسّكاً بقول خصمه ابن تيميّة بأنّ جماعةً ذكرهم - وفيهم شعبة - لا يروون إلّا عن ثقة قال السبكي:

__________________

(١). العبر - حوادث ٤٧٨

(٢). نفح الطيب ٢ / ٢٨١ ترجمة أبي الوليد الباجي.

(٣). زاد المعاد في هدي خير العباد ٥ / ٤٧٥.

٢٨٤

« وموسى بن هلال، قال ابن عدي: أرجو أنّه لا بأس به. وأمّا قول أبي حاتم الرازي فيه: إنّه مجهول فلا يضرّه، فإنّه إمّا أنْ يريد جهالة العين أو جهالة الوصف، فإنْ أراد جهالة العين - وهو غالب اصطلاح أهل هذا الشأن في هذا الإِطلاق - فذلك مرتفع عنه، لأنّه قد روى عنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن جابر المحاربي، ومحمد بن إسماعيل الأحمسي، وأبو اُميّة محمد بن إبراهيم الطرسوسي، وعبيد بن محمّد الرزاق، والفضل بن سهل، وجعفر بن محمد المروزي. وبرواية الاثنين تنتفي جهالة العين، فكيف رواية سبعة.

وإنْ أراد جهالة الوصف، فرواية أحمد يرفع من شأنه، لا سيّما ما قاله ابن عدي فيه، وممّن ذكره من مشايخ أحمد: أبو الفرج ابن الجوزي، وأبو إسحاق الصريفيني.

وأحمد – رحمه ‌الله - لم يكن يروي إلّا عن ثقة، وقد صرّح الخصم بذلك في الكتاب الذي صنّفه في الردّ على البكري بعد عشر كراريس منه، قال: إنّ القائلين بالجرح والتعديل من علماء الحديث نوعان، منهم: من لم يرو إلّا عن ثقة عنده، كمالك وشبعة، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد ابن حنبل، وكذلك البخاري وأمثاله »(١). .

فمن هذا الكلام الذي احتجّ به السبكي - لتوثيق موسى بن هلال - يظهر بكلّ وضوحٍ وثاقة الأجلح أيضاً، لكونه من مشايخ شبعة، وهو لا يروي إلّا عن ثقة.

١٢ - رواية أحمد عنه وهو لا يروي إلّا عن ثقة

وأيضاً، فإنّه من مشايخ أحمد بن حنبل في ( المسند )، بل لقد روى فيه

__________________

(١). شفاء الأسقام في زيارة خير الأنام. الحديث الأول من الباب الأول ٩ - ١٠.

٢٨٥

حديث الولاية عن طريقه فقال كما سمعت سابقاً:

« ثنا ابن نمير، حدّثني أجلح الكندي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه بريدة قال: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - بعثين إلى اليمن ».

وهذا، وأحمد لم يخرّج في المسند إلّا عمّن ثبت عنده صدقه وديانته، كما قال أبو موسى المديني، فيما نقله عنه السبكي في ( طبقاته ) كما سمعت سابقاً فقال: « قال أبو موسى المديني: ولم يخرّج في المسند إلّا عمّن ثبت عنده صدقه وديانته دون من طعن في أمانته قال أبو موسى: ومن الدليل على إنّ ما أودعه الإِمام أحمد في مسنده قد احتاط فيه إسناداً ومتناً، ولم يورد فيه إلّا ما صحّ سنده: ما أخبرنا أبو علي الحدّاد قال: أنا أبو نعيم وأنا أبو الحسين وأنا ابن المذهب قالوا: أنا القطيعي، ثنا عبد الله قال: حدّثني أبي، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن أبي التيّاح قال: سمعت أبا زرعة يحدّث عن أبي هريرة عن النبيّ أنّه قال: يهلك امّتي هذا الحي من قريش. قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: لو أنَّ الناس اعتزلوهم.

قال عبد الله قال لي أبي في مرضه الذي مات فيه: إضرب على هذا الحديث، فإنّه خلاف الأحاديث عن النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم -. يعني قوله: إسمعوا وأطيعوا. وهذا - مع ثقة رجال إسناده، حين شذَّ لفظه عن الأحاديث المشاهير - أمر الضّرب عليه، فكان دليلاً على ما قلناه ».

١٣ - روى عنه النسائي وشرطه أشدّ من شرط الشيخين

وأيضاً، فقد أخرج عنه النسائي في صحيحه كما في ( تهذيب التهذيب ) و ( تقريب التهذيب ) وغيرهما، وكما عرفت من عبارة السّيوطي في ( اللّالي المصنوعة ). وللنسائي شرط في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم:

قال الذهبي: « قال ابن طاهر: سألت سعد بن علي الزنجاني عن رجل،

٢٨٦

فوثّقه، فقلت: قد ضعّفه النسائي! فقال: يا بنيّ، إنّ لأبي عبد الرحمن شرطاً في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم »(١). .

ونقله السّبكي في ( طبقاته ) والصفدي في ( وفياته ) بترجمة النسائي في ( فيض القدير ).

وذكر ذلك ابن حجر العسقلاني في ( النكت على علوم ابن الصّلاح ) في بيان أن النسائي لا يخرّج عمّن أجمعوا على تركه. قال: « فكم من رجلٍ أخرج له أبو داود والترمذي، وتجنّب النسائي إخراج حديث، بل قد تجنّب إخراج حديث جماعة من رجال الشيخين، حتى قال بعض الحفّاظ: إنّ شرطه في الرجال أقوى من شرطهما ».

ترجمة سعد الزّنجاني

وسعد بن علي الزنجاني - الذي نقلوا عنه ذلك - من كبار الحفّاظ ومشاهير المنقدين:

١ - السمعاني: « أبو القاسم سعد بن علي بن محمد الزنجاني، شيخ الحرم في عصره، كان جليل القدر، عالماً زاهداً، كان الناس يتبرّكون به حتى قال حاسده لأمير مكة: إنّ الناس يقبّلون يد الزنجاني أكثر ممّا يقبّلون الحجر الأسود توفي بمكة سنة ٤٧٠ »(٢). .

٢ - الذهبي: « الزنجاني، الإِمام الثبت الحافظ القدوة قال أبو سعد السمعاني: سمعت بعض مشايخنا يقول: كان جدّك أبو المظفر عزم أنْ يجاور بمكة في صحبة سعد الإِمام، فرأى ليلةً والدته كأنّها كشفت رأسها تقول: يا بني بحقّي عليك إلّا رجعت إلى مرو فإنّي لا اُطيق فراقك، فانتبهت مغموماً وقلت:

__________________

(١). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٧٠٠ ترجمة النسائي.

(٢). الأنساب - الزنجاني ٦ / ٣٠٧.

٢٨٧

أشاور سعد بن علي، فأتيته ولم أقدر من الزّحام أنْ اُكلّمه، فلمـّا قام تبعته، فالتفت إليَّ وقال: يا أبا المظفّر العجوز تنتظرك. ودخل البيت. فعرفت أنّه تكلّم على ضميري، فرجعت تلك السنة.

وكان حافظاً متقناً ورعاً كثير العبادة، صاحب كرامات وآيات وإذا خرج إلى الحرم يخلو المطاف ويقبّلون يده أكثر ممّا يقبّلون الحجر الأسود.

ابن طاهر - ممّا سمعه السلفي منه -: سمعت الحبّال يقول: كان عندنا سعد بن علي ولم يكن على وجه الأرض مثله في عصره.

وسمعت أن محمد بن الفضل الحافظ يقول ذلك.

وقال محمد بن طاهر الحافظ: ما رأيت مثل الزنجاني »(١). .

١٤ - من أسامي أئمة الحديث الشّيعة

إنّ التشيّع في كبار أئمة الحديث كثير شائع، فلو كان التشيّع قادحاً لزم طرح أخبار جميعهم قال ابن قتيبة: « الشيعة: الحارث الأعور، وصعصعة ابن صوحان، والأصبغ بن نباتة، وعطيّة العوفي، وطاوس، والأعمش، وأبو إسحاق السّبيعي، وأبو صادق، وسلمة بن كهيل، والحكم بن عتيبة، وسالم بن أبي الجعد، وإبراهيم النخعي، وحبة بن جوين، وحبيب بن أبي ثابت، ومنصور بن المعتمر، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وفطر بن خليفة، والحسن بن صالح بن حيّ، وشريك، وأبو اسرائيل الملّائي، ومحمّد بن فضيل، ووكيع، وحميد الرواسي، وزيد بن الحباب، والفضيل بن دكين، والمسعودي الأصغر، وعبيد الله بن موسى، وجرير بن عبد الحميد، وعبد الله بن داود، وهشيم، وسليمان التيمي، وعوف الأعرابي، وجعفر الضّبيعي، ويحيى

__________________

(١). تذكرة الحفّاظ ٣ / ١١٧٤.

٢٨٨

ابن سعيد القطّان، وابن لهيعة، وهشام بن عمّار، والمغيرة صاحب إبراهيم. ومعروف بن خرّبوذ، وعبد الرزاق، ومعمر، وعلي بن الجعد »(١). .

فإذا كان إبراهيم بن النخعي، وسفيان الثوري، وشعبة، وشريك، ويحيى بن سعيد القطّان وأمثالهم شيعة فليكن الأجلح شيعياً مثلهم وليس التشيع بقادح وإلّا اتّسع الفتق على الرّاقع، وظهر فساد عظيم ليس له دافع.

١٥ - تصريح الذهبي بوجوب قبول رواية الشّيعي

هذا، وقد صرّح الذهبي بأن التشيع في التابعين وتابعيهم كثير، مع الدين والورع والصدق، وأنه لو ذهب حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبويّة، وهذا مفسدة بيّنة

قال ذلك بترجمة أبان بن تغلب الكوفي:

« أبان بن تغلب الكوفي. شيعي جلد لكنّه صدوق، فلنا صدقه وعليه بدعته. وقد وثّقه أحمد وابن معين وأبو حاتم واُورده ابن عدي وقال: كان غالياً. وقال [ السعدي ] الجوزجاني: زائغ مجاهر. فلقائل أن يقول: كيف ساغ توثيق مبتدع، وحدّ الثقة: العدالة والإتقان، فكيف يكون عدلاً من هو صاحب بدعة؟

وجوابه: إنّ البدعة على ضربين، فبدعة صغرى كغلّو التشيع، أو كالتشيع بلا غلو ولا تحرّف، فهذا كثير في التّابعين وتابعيهم، مع الدين والورع والصّدق، فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبويّة، وهذا مفسدة بيّنة. ثم بدعة كبرى، كالرفض الكامل والغلوّ فيه، والحطّ على أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - والدعاء إلى ذلك. فهذا النوع لا يحتجّ به ولا كرامة

__________________

(١). المعارف: ٦٢٤.

٢٨٩

وأيضاً فما استحضر الآن رجلاً صادقاً ولا مأموناً، بل الكذب شعارهم والتقيّة والنفاق دثارهم»(١). .

وعليه، فلو كان في الاجلح تشيع، فإنّه لا يوجب طرح حديثه، وإلّا لذهب جملة من الآثار النبويّة، وهذا مفسدة بيّنة

١٦ - نسبة السيوطي ما قاله الذهبي إلى أئمة الحديث

والحافظ السّيوطي ينصّ على أنّ هذا الذي نقلناه عن الذهبي هو قول أئمة الحديث، وهذه عبارته في رسالته ( إلقام الحجر فيمن زكّى ساب أبي بكر وعمر ):

« قال أئمّة الحديث - وآخرهم الذهبي في ميزانه - البدعة على ضربين: صغرى كالتشيع، وهذا كثير في التابعين وتابعيهم، مع الدين والورع والصّدق، ولا يردّ حديثهم ».

وقد ذكر السيوطي هذا المطلب في ( تدريب الرّاوي ) أيضاً(٢). .

فالطعن في الأجلح بسبب التشيع - هذا الأمر الكثير وجوده في التابعين وتابعيهم، مع الدين والورع والصّدق، وليس بقادحٍ لدى أئمّة الحديث - غريب جدا!!

١٧ - جرح المخالف في الاعتقاد غير مقبول

وقال الحافظ ابن حجر: « فصل: وممّن ينبغي أن يتوقّف في قبول قوله في الجرح: من كان بينه وبين من جرحه عداوة سببها الاختلاف في الاعتقاد،

__________________

(١). ميزان الاعتدال ١ / ٥.

(٢). تدريب الراوي - شرح تقريب النواوي ١ / ٣٢٦.

٢٩٠

فإن الحاذق إذا تأمّل ثلب أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب، وذلك لشدّة انحرافه في النّصب، وشهرة أهلها بالتشيّع، فتراه لا يتوقّف في جرح من ذكره منهم بلسان ذلق وعبارة طلق، حتى أنّه أخذ يليّن مثل الأعمش وأبي نعيم وعبيد الله بن موسى، وأساطين الحديث وأركان الرواية، فهذا إذا عارضه مثله أو أكبر منه، فوثّق رجلاً ضعّفه، قبل التوثيق »(١). .

ففي هذه العبارة تصريح بعدم قبول القدح في مثل الأعمش بسبب التّشيع، فكذلك الأجلح، لا يلتفت إلى قدح من قدح فيه بسبب التشيع

١٨ - التشيع محبّة علي وتقديمه على الصحابة

وقال ابن حجر في معنى التشيع ما نصّه:

« التشيع محبة علي وتقديمه على الصّحابة، فمن قدّمه على أبي بكر وعمر فهو غال في التشيّع، ويطلق عليه رافضي وإلاّ فشيعي، فإن انضاف إلى ذلك السبب أو التصريح بالبغض فغال في الرفض، وإن اعتقد الرجعة إلى الدنيا فأشدّ في الغلوّ »(٢). .

فعلى هذا: إذا كان الأجلح شيعيّاً فهو ليس إلّا محبّاً لأمير المؤمنين ومقدّماً له على الصحابة سوى الشيخين، وهذا المعنى لا يوجب الجرح والقدح عند أهل السنّة أبداً، إلّا إذا اختاروا مذهب النواصب والخوارج

١٩ - المقبلي: التشيّع ما يسع منصفاً الخروج عنه

وقال صالح بن مهدي المقبلي في كتابه ( العلم الشامخ ): « والواجب على المتدين اطراح التحرّب، والتكلّم بما يعلم، نصيحةً لله ورسوله

__________________

(١). لسان الميزان ١ / ١٦.

(٢). مقدمة فتح الباري: ٤٦٠.

٢٩١

وللمسلمين، وتراهم سوّوا بين الثريّا والثرى، وقرنوا الطلقاء بالسّابقين الأوّلين. والعجب من المحدّثين تراهم يجرحون بمثل قول شريك القاضي وقد قيل عنده: معاوية حليم. فقال: ليس بحليم من سفّه الحق وحارب علياً. وبقوله - وقد قيل له: ألا تزور أخاك فلاناً؟ فقال: - ليس بأخٍ لي من أزرأ على علي وعمّار. فليت شعري كيف الجمع بالنقم بهذين الأمرين.

ثم لم ترهم يبالون بلعن علي فوق المنابر وبمعاداة من عاداهم، وتراهم يتكلّمون في وكيع وأضرابه من تلك الدرجة الرفيعة دينا وورعا، يقولون يتشيّع، وتشيّعه إنّما هو بمثل ما ذكرنا من شريك، فإن كان التشيّع إنّما هو ذلك القدر فلعمري ما يسع منصفا الخروج عنه.

وعلى الجملة، فالشيعة المفرطة غلوا قطعاً، وأراد المحدّثون - وسائر من سمّى نفسه بالسنيّة - ردّ بدعتهم، فابتدعوا في الجانب الآخر، ووضعوا ما رفع الله ورفعوا ما وضع »(١). .

وعليه، فالأجلح إذا كان شيعيّاً كان بمثل وكيع والأعمش، لا يقدح فيه التشيع، بل جرحه بهذا السبب يكون كجرح الأعمش ووكيع بدعة.

٢٠ - لو كان الأجلح شيعيّاً غليظاً لما رووا عنه

وقال الشيخ نور الحق ابن الشيخ عبد الحق(٢). في ( تيسير القاري بشرح صحيح البخاري ) في شرح حديث البخاري: « حدّثنا حجاج بن المنهال، حدّثنا شعبة قال: حدّثني عدي بن ثابت قال: سمعت البراء قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم - أو قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم -: الأنصار

__________________

(١). العلم الشّامخ في إيثار الحق على الآباء والمشايخ: ٢٢.

(٢). هو: « الشيخ العالم الفقيه المفتي نور الحق بن محب الله بن نور الله بن المفتي نور الحقّ بن عبد الحق البخاري الدهلوي أحد العلماء المشهورين » نزهة الخواطر ٦ / ٣٨٩.

٢٩٢

لا يحبّهم إلّا مؤمن ولا يبغضهم إلّا منافق، فمن أحبّهم أحبّه الله ومن أبغضهم أبغضه الله »(١). .

قال: « قال القسطلاني: عدي بن ثابت ثقة، كان قاضي الشيعة وإمام مسجدهم في الكوفة، روى عنه شعبة وهو من أكابر أهل الحديث حتى لقّبوه بـ « أمير المؤمنين في الحديث ». ومن هنا يعلم أن مذهب الشّيعة واعتقاداتهم لم يكن في ذاك الزّمان على هذا الفساد والفضيحة كما عند متأخريهم، فقد قيل: أنه لم يكن عقيدتهم في ذلك الزمان بأكثر من أنْ يحبّوا علياً أمير المؤمنين أكثر من حبّهم لغيره من الأئمة، وأنّهم لم يكونوا يقولون بالأفضلية على الترتيب الذي يقول أهل السنّة، وإلّا فأيّ معنى لنصبهم السنّي الخالص قاضياً لهم وإماماً في مسجدهم. ولو قيل: لعلّ عدي بن ثابت أيضاً كان يرى هذا المذهب الغليظ، كان احتمالاً باطلاً وظنّاً فاسداً، فإنّ شعبة - الذي هو قدوة أهل السنّة وشيخ شيوخ البخاري، ويلقّبه المحدّثون بأمير المؤمنين - يروي حديث رسول الله عن الشيعي الغليظ؟ حاشا وكلّا! ».

ففي هذا الكلام تصريحٌ بأنّ الرواية عن الشيعي الغليظ لا تجوز. فالأجلح ليس بشيعيٍ غليظ وإلّا لما روى عنه أئمة السنة، غاية ما هنالك أن يكون حال الاجلح حال عدي بن ثابت بناء على ما ذكر، فكما أن شعبة روى عن عدي بن ثابت وأدخل البخاري حديثه في صحيحه، كذلك حديث الأجلح صحيح يجوز الاستدلال والاحتجاج به.

٢١ - كان النّسائي يتشيع

وممّا يدل على أن التشيع ليس بقادحٍ قولهم في ترجمة النسائي: « كان

__________________

(١). تيسير القاري بشرح صحيح البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب حبّ الأنصار من الايمان.

٢٩٣

يتشيّع »، مع أنّ النسائي من أكابر أئمتهم الثقات المعتمدين، كما هو معروف ولا يحتاج إلى بيان فممن قال بترجمته « كان يتشيّع » هو ابن خلّكان، وهذه عبارته: « خرج إلى دمشق ودخل، فسئل عن معاوية وما روي من فضائله، فقال: أما يرضى معاوية أن يخرج رأساً برأس حتى يفضّل! وفي روايةٍ اُخرى: ما أعرف له فضيلةً إلّا: لا أشبع الله بطنك.

وكان يتشيّع.

فما زالوا يدفعون في حضنه حتى أخرجوه من المسجد. وفي روايةٍ أخرى: يدفعون في خصيتيه وداسوه، ثم حمل إلى الرملة ومات بها »(١). .

وعلى الجملة، فلو كان التشيع قادحاً لما وثّقوا النسائي، ولا جعلوا كتابه أحد الصحاح الستّة، ولا وصفوه بتلك الأوصاف الجليلة

٢٢ - كان الحاكم شيعيّا ً

وكذلك الحاكم النيسابوري قال الذّهبي بترجمته: « قال ابن طاهر: سألت أبا إسماعيل الأنصاري عن الحاكم فقال: ثقة في الحديث، رافضي خبيث. ثم قال ابن طاهر: كان شديد التعصّب للشيعة في الباطن، وكان يظهر التسنّن في التقديم والخلافة، وكان منحرفاً عن معاوية وآله متظاهراً بذلك ولا يعتذر منه.

قلت: أمّا انحرافه عن خصوم علي فظاهر، وأمّا أمر الشيخين فمعظّم لهما بكل حال، فهو شيعي لا رافضي »(٢). .

فمن كلام الذهبي يعلم أنّ التشيّع غير الرفض، وأنّه ليس بقادحٍ في الوثاقة والعدالة، كما أن منه يظهر إمكان الجمع بين التشيع وتعظيم الشيخين،

__________________

(١). وفيات الأعيان ١ / ٧٧.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٣ / ١٠٤٥.

٢٩٤

فالقدح في الأجلح بأمرٍ يجتمع مع تعظيم الشيخين عجيب وغريب جدّاً. بل يظهر من عبارة ابن طاهر إمكان اجتماع الرفض مع الوثاقة، فكيف يكون مجرّد التشيّع جرحاً؟ وقد عرفت أن الأجلح لم يتهم بغير التشيّع!!

٢٣ - التشيع لا ينافي التسنّن

وقال ( الدهلوي ): « إعلم أنّ الشيّعة الاُولى هم الفرقة السنيّة التفضيليّة، وكانوا يلقّبون في السّابق بالشّيعة، فلمـّا لقّب الغلاة والروافض والإِسماعيلية أنفسهم بهذا اللقب، وكانوا مصدراً للقبائح والشرور الإِعتقاديّة والعمليّة نفت الفرقة السنيّة والتفضيلية هذا اللقب عن نفسها خوفاً عن التباس الحق بالباطل ولقّبوا بأهل السنّة والجماعة. فمن هنا يظهر أنّ ما قيل في الكتب التاريخية القديمة من: « فلان من الشّيعة » أو « من شيعة علي » والحال أنّه من رؤساء أهل السنّة والجماعة صحيح، وفي تاريخ الواقدي والإِستيعاب شيء كثير من هذا الجنس، فلينّتبه »(١). .

إذن، تشيّع الأجلح لا ينافي تسنّنه، ولا يكون سبباً للقدح والجرح والتّضعيف.

وقد تبع ( الدهلويَّ ) في هذه الدعوى تلميذه الرّشيد الدهلوي، وكذا المولوي حيدر علي الفيض آبادي في ( منتهى الكلام ).

٢٤ - استنكار الأجلح سبّ الشيخين

وقد ذكروا بترجمة الأجلح أنه كان يستنكر سبّ أبي بكر وعمر قال الذهبي:

__________________

(١). التحفة الاثنا عشرية: ١١.

٢٩٥

« أجلح بن عبد الله، أبو حجيّة الكندي عن الشّعبي وعكرمة. وعنه:

القطّان وابن نمير وخلق. وثّقه ابن معين وغيره. وضعّفه النسائي. وهو شيعي، مع أنّه روى عنه شريك أنّه قال: سمعنا أنّه ما سبّ أبا بكر وعمر أحد إلاّ افتقر أو قتل. مات سنة ١٤٥ »(١). .

وقال ابن حجر: « وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة. ويروي عنه الكوفيّون وغيرهم. ولم أر له حديثاً منكراً مجاوزاً للحدّ لا إسناداً ولا متناً، إلّا أنّه يعدّ في شيعة الكوفة، وهو عندي مستقيم الحديث صدوق. وقال شريك عن الأجلح: سمعنا أنّه ما يسب أبا بكر وعمر أحد إلّا مات قتيلاً أو فقيراً »(٢). .

ومن هنا يظهر أنّ الأجلح سنّي غالٍ في الشيخين، فكيف يردّ حديث هكذا شخص؟ وكيف يرمى بالتشيّع ويقدح فيه؟

٢٥ - في الصحابة رافضة غلاة كأبي الطفيل

وقال ابن قتيبة: « أسماء الغالية من الرافضة: أبو الطّفيل صاحب راية المختار، وكان آخر من رأى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - موتاً، والمختار، وأبو عبد الله الجدلي، وزرارة بن أعين، وجابر الجعفي »(٣). .

فلو فرضنا كون الأجلح رافضياً غالياً، فإنّ حاله يكون حال أبي الطّفيل الصّحابي(٤). . أحد مصاديق الآيات والأحاديث الكثيرة - الواردة عند أهل السنّة - في حق الصّحابة.

__________________

(١). الكاشف ١ / ٥٣.

(٢). تهذيب التهذيب ١ / ١٦٦.

(٣). المعارف: ٦٢٤.

(٤). لاحظ ترجمته في: اُسد الغابة ٣ / ٤١ و ٥ / ١٧٩، الإصابة ٧ / ١١٠ وغيرهما من الكتب المؤلّفة في أسماء الصحابة وتراجمهم.

٢٩٦

٢٦ - قولهم بقبول رواية المبتدع

وذهب كثير علماء أهل السنّة السّلف والخلف منهم إلى قبول رواية المبتدع كما نصَّ عليه المحقّقون فلو فرض كون الأجلح رافضيّاً وعدّ من المبتدعة فخبره مقبول وروايته معتمدة وإليك بعض النصوص الصّريحة فيما ذكرناه:

قال ابن الصّلاح: « إختلفوا في قبول رواية المبتدع الذي لا يكفَّر ببدعته:

فمنهم: من ردَّ روايتهم مطلقاً، لأنّه فاسق ببدعته، وكما استوى في الكفر المتأوّل وغير المتأوّل يستوي في الفسق المتأول وغير المتأول.

ومنهم: من قبل رواية المبتدع إذا لم يكن ممّن يستحل الكذب في نصرة مذهبه، سواء كان داعيةً إلى بدعته أو لم يكن، وعزا بعضهم هذا إلى الشافعي لقوله: أقبل شهادة أهل الأهواء إلّا الخطّابية من الرّافضة لأنهم يرون الشهادة بالزّور لموافقيهم.

وقال قوم: يقبل روايته إذا لم يكن داعية ولا تقبل إذا كان داعية إلى بدعة. وهذا مذهب الكثير أو الأكثر من العلماء. وحكى بعض أصحاب الشافعي -رضي‌الله‌عنه - خلافاً بين أصحابه في قبول رواية المبتدع إذا لم يدع إلى بدعة، وقال: أما إذا كان داعيةً فلا خلاف بينهم في عدم قبول روايته. وقال أبو حاتم ابن حِبان البستي أحد المصنّفين من أئمّة الحديث: الداعية إلى البدع لا يجوز الاحتجاج به عند أئمّتنا قاطبة، لا أعلم بينهم فيه خلافاً.

وهذا المذهب الثالث أعدلها وأولاها، والأول بعيد مباعد للشائع من أئمة الحديث، فإنّ كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة، وفي الصحيحين

٢٩٧

كثير من أحاديثهم في الشّواهد والأصول، والله أعلم »(١). .

وقال النووي بعد إيراد الأقوال المذكورة: « في الصحيحين وغيرهما من كتب أئمة الحديث الإِحتجاج بكثيرٍ من المبتدعين غير الدّعاة، ولم يزل السّلف والخلف على قبول الرواية منهم والإحتجاج بها، والسماع منهم وإسماعهم، من غير إنكار منهم. والله أعلم »(٢). .

وقال الزين العراقي: « والقول الثالث: أنه إنْ كان داعيةً إلى بدعته لم يقبل، وإن لم يكن داعية قبل، وإليه ذهب أحمد كما قاله الخطيب. قال ابن الصلاح: وهذا مذهب الكثير أو الأكثر وهو أعدلها وأولاها وفي الصحيحين كثير من أحاديث المبتدعة غير الدّعاة احتجاجاً واستشهاداً، كعمران بن حطّان وداود بن الحصين وغيرهما. وفي تاريخ نيسابور للحاكم في ترجمة محمد بن يعقوب الأصم: إن كتاب مسلم ملآن من الشّيعة »(٣) .

ومثل هذه كلمات غيرهم

٢٧ - من أسماء المبتدعة في الصحيحين

وقال السّيوطي: « فائدة - أردت أنْ أسرد أسماء من رمي ببدعةٍ ممّن أخرج لهم البخاري ومسلم أو أحدهما » فذكر أسماء طائفةٍ ممّن رمي بالإِرجاء وهو تأخير القول في الحكم على مرتكب الكبائر بالنار. وممّن رمي بالنصب وهو بغض علي وتقديم غيره عليه. وممّن رمي بالتشيع وهو تقديم علي على الصّحابة. وممّن رمي بالقدر وهو زعم أنّ الشر من خلق العبد. وممّن رمي برأي ابن أبي جهم وهو نفي صفات الله والقول بخلق القرآن. والأباضية وهم

__________________

(١). علوم الحديث: ٢٣٠.

(٢). المنهاج في شرح صحيح مسلم ١ / ٦١.

(٣). شرح ألفية الحديث ١ / ٣٠٣.

٢٩٨

الخوارج، وممّن رمي بالوقف في مسألة خلق القرآن. ومن الذين يرون الخروج على الأئمّة ولا يباشرون ذلك. قال: « فهؤلاء المبتدعة ممّن أخرج لهم الشيخان أو أحدهما »(١) .

فإذا كان رواية كلّ هؤلاء مقبولة فرواية الأجلح كذلك!

٢٨ - قبول بعضهم رواية المبتدع الداعي

بل نصَّ جماعة منهم على قبول رواية المبتدع الداعي، وقد دافع ابن الوزير في ( الروض الباسم ) عن هذا القول، وهو ظاهر كلام الشّافعي المتقدم نقله، فإنّه لم يفرّق بين الداعية وغيره، بل نصّوا على إخراج الشيخين عن بعض الدعاة، فاحتجّ البخاري بعمران بن حطّان وهو من الدّعاة، واحتّجا بعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني، وكان داعياً إلى الإِرجاء! بل عن أبي داود: ليس في أهل الأهواء أصح حديثاً من الخوارج!(٢)

قوله:

وقد ضعّفه الجمهور

أقول

هذا كذب وزور، فإنّه لم يضعّفه إلّا شرذمة من المتعصّبين، ونحن ننقل كلمة كلّ واحدٍ منهم عن ( تهذيب التهذيب )(٣) وننظر فيها:

__________________

(١). تدريب الرّاوي ١ / ٣٢٨ - ٣٢٩.

(٢). تدريب الرّاوي ١ / ٣٢٦.

(٣). تهذيب التهذيب - ترجمة الأجلح ١ / ١٦٥.

٢٩٩

النظر في كلمات القادحين في الأجلح

* ففيه: « قال القطّان: في نفسي منه شيء. وقال أيضاً: ما كان يفصل بين الحسين بن علي وعلي بن الحسين. يعني: إنّه ما كان بالحافظ ».

أقول: إنّ القطّان هو يحيى بن سعيد، وقد نصّ ابن حجر في ( تهذيب التهذيب ) على روايته عن الأجلح فيمن روى عنه، وفي ( شفاء الأسقام للسّبكي ) عن ابن تيمية: إنّ القطّان لا يروي إلّا عن ثقة فيكون قوله: « في نفسي منه شيء » مردوداً بروايته هو عنه!

على أنّ القطّان قد تفوّه بكل وقاحة وصلافة بهذه الكلمة بحق الإِمام أبي عبد الله الصّادقعليه‌السلام ! فمن بلغ في سوء الأدب وظلمة القلب هذا الحدّ كيف يعتني بتقوّله في حق الأجلح؟!

وأمّا أنّه « ما كان يفصل » فهذا - إنْ كان - ليس بقادح، لأنّ أهل السنّة غير قائلين بوجوب معرفة الأئمّةعليهم‌السلام ، بل إنّ عدم فصله بين الإِمام الحسين والإِمام السّجاد -عليهما‌السلام - وجهله بهما يدل على عدم اعتنائه بأئمّة أهل البيت، فلا يكون متّهماً في روايته منقبةً من مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وأمّا دلالته على « أنّه ما كان بالحافظ » فيردّه تصريح الأئمة بأنّ الخطأ في بعض المواضع لا يوجب السّقوط عن الإِعتبار، ولا يدل على عدم الحفظ، قال الذهبي: « ليس من شرط الثقة أن لا يخطي ولا يغلط ولا يسهو »(١). .

وقال بجواب العقيلي:

« وأنا أشتهي أنْ تعرّفني مَن هو الثقة الثبت الذي ما غلط ولا انفرد بما لا يتابع عليه؟ بل الثقة الحافظ إذا انفرد بأحاديث كان أرفع له وأكمل لرتبته وأدلّ على

__________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٣٣ ترجمة أبي بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483