ديوان صالح الكواز

ديوان صالح الكواز0%

ديوان صالح الكواز مؤلف:
تصنيف: دواوين
الصفحات: 143

ديوان صالح الكواز

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: صالح الكواز
تصنيف: الصفحات: 143
المشاهدات: 16945
تحميل: 9018

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 143 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 16945 / تحميل: 9018
الحجم الحجم الحجم
ديوان صالح الكواز

ديوان صالح الكواز

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ديوان صالح الكواز

١

٢

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

ترجمة صاحب الديوان

أسرته، مولده ووفاته، أولاده، مجمل أحواله، صفاته، ورعه وصلاحه، دراسته وتحصيله، نظرة في شعره، منزلته الشعرية، أقوال مشاهير شعراء عصره في حقّه، معارضة الشعراء لبعض قصائده، اجتماعه بالشاعر الأخرس البغدادي، اجتماعه بالشاعر عبد الباقي العمري، ديوانه.

يعتبر الشيخ صالح الكواز من أبرز شعراء عصره وأدباء دهره، ولعلّني أوّل مَنْ كتب عنه وترجم له، فقد سبق أن نشرت ترجمة لأخيه الصغير الشيخ حمادي الكواز في مجلة الاعتدال النجفية سنة 1354 هـ (1) ، وفي ضمنها تعرّضت لذكر أخيه الكبير الشيخ صالح الكواز (صاحب الديوان)، وبعد ذلك ترجمت لهما معاً في كتابنا (البابليات) (2) .

ولم يكتب عن المترجم أحد من المؤرّخين والباحثين إلاّ العلاّمة الزركلي في كتابه (الأعلام) (3) الذي نقل كلّ ما كتبه عنه من كتابنا (البابليات)،

____________________

1 - العدد 9 من المجلد 3.

2 - الجزء الثاني الصادر سنة 1370 هـ‍‍.

3 - ص 283.

٣

كما وكتب عنه سيدنا الأمين (رحمه الله) في كتابه الكبير (أعيان الشيعة)، ولكنّه اختلطت لديه ترجمته بترجمة أخيه الشيخ حمادي؛ فذكر عن شاعرنا المترجم بأنّه كان كأخيه الشيخ حمادي سليقي النظم، يقول فيعرب، ولا معرفة له بالنحو، في حين أنّ ذلك مخالف للحقيقة والصواب؛ لأنّ المترجم كان على جانب عظيم من الفضل والتضلّع في علمي النحو والأدب - كما سنفصّل ذلك -، بخلاف أخيه الشيخ حمادي الذي كان أُميّاً لا يعرف من النحو والعربية شيئاً، بل كان ينظم على الذوق والسليقة.

وشاعرنا المترجم هو أبو المهدي الشيخ صالح ابن المهدي ابن الحاج حمزة عربي المحتد، يرجع في الأصل إلى قبيلة (الخضيرات)، إحدى عشائر شمّر المعروفة في نجد والعراق، وأُمّه من أُسرة آل العذاري المعروفة بالفضل والأدب.

كانت ولادته سنة 1233 ه‍‍ـ، ووفاته في شوال سنة 1290 هـ، كما قرأت ذلك بخطّ معاصره الشيخ الأديب علي بن الحسين العوضي؛ فيكون عمره (57) سنة، ودُفن في النجف الأشرف.

وممّا يدلّك على سمو مكانته إقامة مجلس العزاء والفاتحة له من قبل العلاّمة الكبير السيد مهدي القزويني، وقد رثاه نخبة من فطاحل شعراء عصره، وفي مقدّمتهم الشاعر المشهور السيد حيدر الحلّي الذي رثاه بقصيدة مثبّتة في ديوانه المطبوع مطلعها:

كلّ يومٍ يسومني الدهرُ ثكلا

ويريني الخطوبَ شكلاً فشكلا

كما رثاه الشيخ محمّد الملا بقصيدة مطلعها:

قالوا تعزّ فقلتُ أينَ عزائي

والبينُ أصمى سهمهُ أحشائي

ولئن عاش ومات أخوه الشيخ حمادي أُميّاً فقد كان صاحب الديوان يعدّ في طليعة أفاضل الفيحاء في عصره علماً وأدباً، ودرس النحو والصرف والمنطق والمعاني والبيان على خاله الشيخ علي العذاري، والشيخ حسن الفلوجي، والسيد مهدي السيد داود (1) ، وتخرّج في الفقه وعلوم الدين على العلاّمة السيد مهدي القزويني، وبالإضافة

____________________

1 - وقد ترجمنا لكلّ واحد منهم في كتابنا البابليات.

٤

إلى ذلك كلّه فنحن نجد في ثنايا أشعاره ما يستدلّ به على تضلّعه في جملة من العلوم الرياضية وغيرها، كقوله على اصطلاح المنطقيين:

شاركنها بعمومِ الجنسِ وانفردت

عنهنّ فيما يخصّ النوعَ من نسبِ

وعلى اصطلاح الكلاميين قوله:

لو رامهُ العقلُ المجرد

عادَ في طرفٍ حسير

ولكي نرسم للقارئ الكريم صورة تامّة عن شاعرنا المترجم نذكر بأنّه كان خفيف شعر العارضين، أسمر اللون شاحبه، رثّ الثياب، كثير الصمت، وكان يتعاطى مهنة أبيه وهي بيع (الكيزان) والجرار والأواني الخزفية؛ ولذلك أشتهر بـ (الكوّاز).

وكان مع رقّة حاله، وضعف ذات يده يحمل بين جنبيه نفساً أبية تفيض عفةً وشرفاً وعزةً وكرماً، متعففاً عمّا في أيدي الناس، قانعاً بما قُدّر له من الرزق، مترفّعاً عن الاستجداء بشعره، فما ورد عنه في هذا المجال أنّه طلب إليه أحد ذوي الجاه والسلطات الرسمية في الحلّة أن ينظم له أبياتاً في رثاء أبيه، ويؤرّخ فيها عام وفاته؛ لتُنقش على صخرة تُبنى على ضريحه في مقبرة (مشهد المقدّس)، وبذل له على ذلك بتوسّط أحد أصدقائه ما يُقارب الأربعين ليرة عثمانية، فامتنع عن ذلك مع شدّة حاجته وعظيم فاقته؛ لأنّه كان لا يزفّ عرائس أفكاره الأبكار إلاّ لأهل البيت الأطهار (عليهم السّلام)، وإذا تعدّى ذلك فإلى بعض الأُسر العريقة بالعلم والأدب، الشهيرة بالمجد والشرف، كآل القزويني في الحلّة، وآل كاشف الغطاء في النجف الأشرف، وآل كبّة في بغداد، وآل الرشتي في كربلاء وأضرابهم.

وكان يجمع بين الرقة والظرافة، والنسك والورع، والتقى والصلاح، فقد قال عنه علي ابن الحسين العوضي: كان على ما فيه من الظرف ناسكاً ورعاً متهجداً، يحيي أكثر لياليه بالعبادة، طابق اسمه مسمّاه، لطيف المحاضرة، حاضر الجواب، سريع البديهة، لطيفاً في كلّ فصل وباب، وقال عنه أيضاً: كان يسكن محلّة (التعيس) إحدى محلاّت الحلة الشمالية، ويُقيم صلاة الجماعة في أحد مساجد الجباوين بالقرب من مرقد أبي الفضائل

٥

ابن طاووس، وللناس أتمّ وثوق في الائتمام به انتهى.

وإلى ذلك أشار مَنْ رثاه من الشعراء، فقد ورد في مرثية السيد حيدر الحلّي له بقوله:

ثـكلُ أُمِّ القربضِ فيكَ عظيم

ولأُمّ الـصلاحِ أعـظمُ ثكلا

قد لعمري أفنيتَ عمركَ نسكا

وسلختَ الزمانَ فرضاً ونفلا

وطـويتَ الأيامَ صبراً عليها

فـتساوت عليكَ حزناً وسهلا

طالما وجهكَ الكريمُ على اللّه

بـهِ قـوبلَ الـحيا فاستهلا

وإلى ذلك أشار أيضاً الشيخ محمد الملاّ في مرثيته له بقوله:

ذهبَ الردى منهُ بنفسٍ مكرم

ومنزّهٌ عن ريبةٍ ورباءِ

يبكيكَ مسجدكَ الذي هو لم يزل

لكَ في صلاةٍ مزهراً ودعاءِ

وقد أعقب المترجم من الولد ثلاثة: هم الشيخ مهدي، والشيخ عبد اللّه، وعبد الحسين، وقد ذكر الشاعر ابن الملاّ في قصيدته التي رثاه بها اثنين منهم، ولم يذكر الثالث؛ لصغر سنّه يومذاك، وكلّهم توفوا بعد أبيهم بمدّة وجيزة، ولو عاش أصغرهم لأحيى ذكر أبيه وهو عبد الحسين، الذي كان أبوه قد وكل أمر تربيته وتعليمه القرآن إلى المرحوم الشيخ محمد الملاّ يوم كان هذا الشيخ تجتمع إليه تلاميذه في جامع ملاصق لداره، فمرض ابن الكوّاز المذكور يوماً مرضاً عاقه عن الحضور عند مؤدّبه. فلمّا أبلّ من مرضه كتب معه أبوه إلى أُستاذه رقعة هذا نصها: كان عبدك مريضاً، وليس على المريض حرج، وهذا تكليف رفعه اللّه عنه، فارفع تكليفك عنه، وضع العفو مكان العصا.

فأجابه الشيخ محمد الملاّ وذلك سنة 1285:

أصالح أنّا قد أردنا صلاحَ مَنْ

أرادَ بطولِ البعدِ عنّا تخلّصا

فإنّ العصا كانت دواهُ وإنّنا

رفعنا العصا عنهُ وإن كانَ قد عصى

ولمّا توفّي والده المترجم صار يدرس ولده عبد الحسين المذكور قواعد اللغة العربية وآدابها على العلاّمة السيد محمد القزويني (طاب ثراه)، وله من العمر (15) سنة،

٦

فامتدح أُستاذه السيد بقصيدة تائية - كما حدّثني بذلك السيد القزويني نفسه - وقال: ظننت أنّها من قصائد أبيه، وقد انتحلها لنفسه؛ لرقة ألفاظها، وحسن معانيها، فنظمتُ له هذين البيتين طالباً منه تشطيرهما على سبيل الاختبار والامتحان:

لقد قيلَ لي إنّ عبد الحسين

بنظمِ القريضِ غدا فائقا

فقلتُ النظامُ مع الامتحان

يُرى كاذبا فيهِ أو صادقا

فشطرهما مرتجلاً وقد أحسن كما ترى:

لقد قيلَ لي إنّ عبد الحسين

بـنهجِ أبـيهِ غـدا لاحقا

وهـا هـو قـاربهُ إنّـه

بـنظمِ القريضِ غدا فائقا

فـقلتُ النظامُ مع الامتحان

قـد فضحَ الشاعرَ السارقا

فـدعهُ يـشطّرُ بيتي كي

يُـرى كاذباً فيهِ أو صادقا

قال السيد القزويني: فاعتقدت عند ذلك أنّ القصيدة له فأجزته عليها، وقد توفّى عبد الحسين المذكور حوالي سنة 1295 هـ‍‍، وهو ابن نيف وعشرين سنة تقريباً، ولم نعثر على شي‌ء من شعره (1) .

وبعد أن انتهينا من ترجمة حياته لا بدّ لنا من إلقاء نظرة سريعة في أدبه، وإعطاء صورة واضحة للقارئ الكريم عن شاعرية هذا الشاعر الفحل، الذي كانت له مكانة أدبية كبيرة، وشاعرية يُشار إليها بالبنان، وناهيك بمَنْ يطريه شاعر عصره على الإطلاق السيد حيدر الحلّي، فيقول عنه في تصديره إحدى قصائد المترجم في كتابه (دمية القصر) المخطوط ما هذا نصه: أطول الشعراء باعاً في الشعر، وأثقبهم فكراً في انتقاء لئالي النظم والنثر، خطيب مجمعة الأدباء، والمشار إليه بالتفضيل على سائر الشعراء.

وقال عنه أيضاً في الكتاب المذكور وهو في صدر التقديم لإحدى قصائده: فريد الدهر، وواحد العصر، الذي سجدت لعظيم بلاغته جباه أقلامه، واعترفت بفصاحته فضلاء عصره وأيامه، وفاق بترصيع نظامه وتطريز كلامه أرباب الأدب من ذوي الرتب، ومن

____________________

1 - ترجمنا له في كتابنا البابليات 2 / 108.

٧

رأيه في النظم على كلّ رأي، أديب راجح الشيخ صالح الحلّي.

وسُئل الحاج جواد بذقت أحد شعراء كربلاء المشهورين في عصر الكوّاز (1) عن أشعر مَنْ رثى الإمام الحسين بن علي (عليه السّلام) فقال: أشعرهم مَنْ شبّه الحسين بنبيين من أولي العزم في بيت واحد، وهو الكوّاز بقوله:

كأنّ جسمكَ موسى مُذ هوى صعقا

وإنّ رأسكَ روحُ اللّهِ مُذ رُفعا

إلى غير ذلك من أقوال عارفي فضله، ومقدّري مكانته الأدبية وشاعريته اللامعة.

وقد ذاع شعره، واشتهر ذكره، وتناقل المنشدون والخطباء في المحافل الحسينية قصائده في أهل البيت (عليهم السّلام)، فكانت تُتلى وتُنشد في شتى المناسبات، وفي أُمّهات المدن العراقية، كبغداد والحلّة، والنجف الأشرف وكربلاء والبصرة، وأنت حين تُمعن النظر في شعره تجده يمتاز على شعر غيره ممّن عاصره، أو تقدّم عليه، أو تأخّر عنه فيما أودعه من التلميح، بل التصريح على الأغلب إلى حوادث تاريخية، وقصص نبوية، وأمثال سائرة؛ ليتخلّص منها إلى فاجعة الطفّ، ممّا يحوج القارئ إلى الإلمام بكثير من القضايا والوقائع، ومراجعة الكتب التاريخية.

ولا يخفى على القارئ الكريم أنّ ذلك فنّ من فنون الصناعة البديعية الشعرية، الذي قلّ مَنْ حاكاه فيه من أدباء عصره وغيرهم.

وبالإضافة إلى ذلك كلّه كان يمتاز بالرصانة في التركيب، والرقّة في الألفاظ، والدقّة في المعاني والإبداع في التصوير، وإليك بعض الشواهد على ذلك من قصائده المتفرّقة فمنها قوله:

وهـل تؤمنُ الدنيا التي هي أنزلت

سـليمانَ مـن فـوقِ البناءِ المحلّقا

ولا سـدّ فـيها الـسدّ عـمّنْ أقامه

طـريق الردى يوماً ولا ردماً لقى

مضى من (قصي) مَنْ غدت لمضيّه

كـوجهِ (قصير) شانه جذعٌ منشقا

ومن بائيته في شهداء الطفّ:

تـأسّـى بـهم (آلُ الـزبير) فـذلّلت

(لمصعبَ) في الهيجا ظهورُ المصاعبِ

ولـولاهم (آلُ الـمهلّبِ) لـم تـمت

لـدى واسـطَ مـوتِ الأبيّ المحاربِ

____________________

1 - سيأتي ذكره في آخر هذا الديوان.

٨

و (زيـدٌ) وقـد كـانَ الإبـاءُ سجية

لآبـائـهِ الـغـرّ الـكرامِ الأطـايبِ

كأنّ عـليهِ اُلـقي الـشبحُ الـذي

تـشكّلَ فـيهِ شـبهُ عـيسى لصالبِ

ومن نونيته قوله:

وقفوا معي حتى إذا ما استيأسوا

(خلصوا نجيّاً) بعد ما تركوني

فكأنّ (يوسفَ) في الديارِ محكم

وكأنّني بـ (صواعهِ) اتهموني

ومنها:

نبذتهم الهيجاء فوق تلاعها

كالنون ينبذ في العرا (ذا النون)

فتخال كلا ثم (يونس) فوقه

شجر الفنا بدلا عن (اليقطين)

وقوله:

فليبكِ (طالوتُ) حُزناً للبقيّةِ من

قد نالَ (داودَ) فيه أعظمُ الغلبِ

وقوله:

وهادرُ الدمِ من (هبارٍ) ساعةَ إذ

بالرمحِ هودجَ مَنْ تنمى لهُ قرعا

وتجد في خلال شعره ما هو جدير بان يكون من الامثال السائرة والحكم الخالدة كقوله:

وإنّ امرئً سرنَ الليالي بضعنه

لأسرعَ ممّنْ سارَ من فوقِ أنيقِ

وقوله:

ولو لم تنم أجفانُ عمرو بن كاهل

لما نالت النمرانُ منهُ منالها

وقوله:

والفضلُ آفةُ أهليهِ ويوسف في

غيابةَ الجبِّ لولا الفضلُ لم يغبِ

وحسنُ نصر بن حجّاج نفاهُ وفي

سواهُ طيبة منها العيشُ لم يطبِ

وقوله:

وإذا ما الكريمُ جاءَ بعذر

فالذي منهُ يقبلُ العذرَ أكرمُ

٩

وقوله:

ومَنْ شاطرَ الناسَ أمواله

فقد شاطرتهُ الرضى والغضبُ

وقوله:

ولربما فرحَ الفتى في نيله

أرباً خلعنَ عليهِ ثوبَ حزينِ

وإذا أضلَّ اللّهُ قوماً أبصروا

طُرقَ الهدايةِ ضلّةً في الدينِ

وقوله:

إذا كانتِ الأبناءُ فيها شمائل

لآبائها فالأُمّهاتُ نجائبُ

وحين نظم نونيته العصماء التي رثى بها أهل البيت (عليهم السّلام) ومطلعها:

هـل بـعدَ موقفنا على يبرين

أحـيا بـطرفٍ بالدموعِ ضنين

هم أفضلُ الشهداءِ والقتلى الأُلى

مـدحوا بوحي في الكتابِ مبين

لا عيبَ فيهم غيرَ قبضهم اللوا

عندَ اشتباكِ السمرِ قبضَ ضنين

عارضها جماعة من مشاهير شعراء ذلك العصر وزناً وروياً، وفي مقدّمتهم السيد حيدر بقصيدته التي يندب في أوّلها الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ومطلعها:

إن ضاعَ وتركَ يابنَ حامي الدين

لا قالَ سيفكَ للمنايا كوني

ومنهم الشيخ حسن قفطان النجفي بقصيدته التي رثى فيها العباس بن علي (عليه السّلام) ومطلعها:

هيهاتَ أن تجفوا السهادَ عيوني

أو أنّ داعيةَ الأسى تجفوني

ومنهم الشيخ محسن أبو الحبّ، خطيب كربلاء المتوفّى سنة 1305 هـ‍‍ بقصيدة مطلعها:

إن كنت مشفقة علي دعيني

مازال لومك بالهوى يغريني

ومنهم صديقه الحاج جواد بذقت الحائري إلاّ أنّ قصيدته مضمومة القافية وأوّلها:

١٠

فوقَ الحمولةِ لؤلؤ مكنون

زعمَ العواذلُ أنّهنَّ ضعونِ (1)

ومنهم الشيخ عبد الحسين شكر النجفي المتوفّى 1285 بقصيدة رثى فيها الإمام

____________________

1 - ممّا يجب التنبيه عليه هو أنّ صاحب كتاب شعراء الحلّة قد ترجم لصاحب الديوان، ونقل ممّا أثبتناه في كتابنا (البابليات) جملة من شعره، ثمّ أراد (الباحث) أن يأتي بشي‌ء جديد لم يأت به غيره؛ فنسب له هذه القصيدة النونية وأورد منها (21) بيتاً وهي ليست للكوّاز، وإنّما هي للحاج جواد المذكور كما أثبتها السيد الأمين في الجزء السابع عشر من (الأعيان) ص 188، نقلاً عن (الطليعة) للسماوي، وهي مدونة في كثير من المجاميع المخطوطة، ومثبّتة بديوان الحاج جواد بذقت الذي كانت نسخة الأصل منه في مكتبة سادن الروضة الحسينية.

ومن الجديد الذي جاء به قوله: إنّ المترجم دخل يوماً على صديقه الشاعر عبد الباقي العمري ولم يعرفه، وكان عنده ساقياً - كذا - للقهوة اسمه مالك قال فيه:

قلتُ ما الاسم فدتك

النفسُ منّي قالَ مالك

فقال الكوّاز:

قلتُ صف لي خدّكَ الزا

هي وصف حسنَ اعتدالك

وليعلم القارئ أنّ هذا الشعر الذي نسبه للكوّاز والعمري ليس لهما، وإنّما البيتان هما من أبيات نظمها شاعر قديم سبق الكوّاز والعمري، وصاحب كتاب شعراء الحلّة بستمئة عام، وقد أوردها صاحب شذرات الذهب ابن عماد الحنبلي المتوفّى (1089)، وذكرها في حوادث سنة (654)، حيث قال: وفيها توفّى الأمير مجاهد الدين إبراهيم بن أدنبا الذي بنى الخانقاه المجاهدية بدمشق، ومن نظمه في مليح اسمه مالك قوله:

ومـليحٌ قـلتُ مـا الاسـم

حـبـيبي قالَ مـالـك

قـلتُ صـف لـي وجـهك

الزاهي وصف حسنَ اعتدالك

قالَ كـالغصنِ وكـالبدر

وما أشـبـه ذلك

وذكر للكوّاز قطعة مطلعها:

يا ابنةَ العامري هل للمشوق

رشقةً من طلى لماكِ الرحيقِ

ونسى أنّه نسبها لأخيه الشيخ حمادي في الجزء الثاني من كتابه المذكور.

١١

علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) ومطلعها:‍

ماذا أصابَ عوالمَ التكوين

فتجلببت أقمارها بدجونِ (1)

ومنهم الشيخ سالم الطريحي المتوفّى بعد الكوّاز ببضع سنين بقصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السّلام) مطلعها:

أبدارِ وجرة أمْ على جيرون

عقلوا خفافَ ركائبٍ وضعونِ

وهذه المعارضة لقصيدته تلك من قبل شعراء عصره المشهورين تدلّك - بلا شك - على شهرته ومكانته العالية.

ولشاعرنا المترجم أبيات مشهورة مثبّتة في محلّها من هذا الديوان أوّلها:

وشاعرٌ ملا الأوراقَ قافية

ويحسبُ الشعرَ في تسويدِ أوراقِ

وآخرها بيته المشهور المعروف:

أخرست (أخرس) بغدادَ وناطقها

وما تركت (لباقي) الشعرِ من باقي (2)

وقد صادف بعد ذلك أن اجتمع بالسيد عبد الغفار الأخرس المشار إليه بهذا البيت، وذلك على ما حدّثنا به سيدنا الأستاذ العلاّمة السيد محمد القزويني (طاب ثراه) من أنّه في سنة 1285، وهي السنة التي قُتل فيها السيد رضا الرفيعي والد السيد جواد - سادن الروضة الحيدرية - أمرت الحكومة العثمانية بنفي جماعة من رؤساء النجف الأشرف إلى الحلّة، واتّفق في أثناء ذلك قدوم الشاعر السيد عبد الغفار الأخرس البغدادي

____________________

1 - وهي مثبّتة في ديوانه الذي نشرناه في النجف الأشرف سنة 1374.

2 - أخرس بغداد: المقصود به الشاعر المشهور السيد عبد الغفار الأخرس البغدادي المتوفّى سنة 1290. ويقصد بباقي الشعر: الشاعر المشهور عبد الباقي العمري المتوفّى سنة 1278، وقد تضمّن سيدنا وأستاذنا العلاّمة السيد محمد القزويني صدر هذا البيت في بيتين خاطب فيهما (حفيد أخيه السيد مهدي ابن الهادي ابن المرزا صالح القزويني)، وكانت في لسانه حبسة وتمتمة، ويسمّيه عمّه المذكور أخرس قزوين:

قولوا لأخرسَ قزوين إذا تُليت

فرائدُ فكرهِ قد صاغَ رائقها

لم تبقَ ناطقُ شعرٍ في الورى ولقد

(أخرستَ أخرسَ بغدادَ وناطقها)

وقذ ذكرنا القصة في ترجمة السيد مهدي في كتابنا البابليات 4 / 161.

١٢

إلى الفيحاء، فاجتمع في نادي أحد زعماء الشمرت بأحد ظرفاء الحلّة ممّن تجمعه وإيّاه صلة الأدب، وكان من بين الحاضرين شاعرنا الكوّاز - فقال الأخرس البغدادي لصاحبه: أرني (كوّازكم) الذي يقول (أخرست أخرس البغداد وناطقها الخ). فقال: ها هو ذا جليسك. فلمّا رأى (الأخرس) هيئته استصغره وأعرض عنه، وقال: إنّه ليس هذا. فقال له صاحبه: أيّها السيد إنّه هو، هو بعينه، والمرء مخبوء تحت طي لسانه لا طيلسانه. فعند ذلك عاتب الأخرس شاعرنا الكوّاز على ذلك البيت، فقال الكوّاز للأخرس: أما علمت أنّ بمقدار علوّ همّة الشاعر تكون حماسته، وإليك فاسمع الآن ما أقوله وأنشد:

فلو إنّ لبسي قدرَ نفسي لأصبحت

تُحاكُ ثيابي من جناحِ الملائكِ

ولو كانَ فيما أستحقُ مجالسي

نصبنَ على هامِ السماكِ أرائكي

ولمّا بلغ عبد الباقي العمري للوصلي قول الكوّاز المذكور أعلاه وهو (وما تركتُ لباقي الشعرِ من باقي)، قال العمري: إذن أين أضع الباقيات الصالحات؟

ويروى أنّ الكوّاز جاء إلى بغداد ونزل ضيفاً على الحاج عيسى والحاج أحمد آل شالجي موسى من تجار وأدباء بغداد، فأرادوا زيارة عبد الباقي العمري فذهب معهما الكوّاز على تنكّره وجلس في طرف المجلس، فقال عبد الباقي: حضرني شطر وهو: (قيل لي مَنْ سما سماء المعالي)، وجعل يردّده ولا يحضره عجز له، فلمّا طال ذلك على الكوّاز قال: (قلت عيسى سما السماءِ وأحمد)، فقال عبد الباقي: أنتَ الكوّاز بلا شك، وقرّبه وأدناه وكساه.

وقد حدّث جماعة من معاصري شاعرنا المترجم بأنّه جمع المختار من شعره وشعر أخيه الشيخ حمادي في ديوان أسماه (الفرقدان)، وقد حرصت عليه زوجته بعد وفاته كلّ الحرص، ثمّ لا يُدرى أين ذهب بعد ذلك.

وقيل: إنّ ولد المترجم (عبد اللّه) جمع المختارات من شعر والده في ديوان رتّبه على الحروف الهجائية، ثمّ استُعير منه ولم يُعد إليه. وعلى أيّة حال، فقد ضاع ذلك الديوان المجموع مع ما ضاع من النفائس الشعرية والأدبية في ذلك العهد.

وقد بذلت من الجهد الشيء الكثير لجمع ما تيسّر لي جمعه من شعره منذ أمد

١٣

بعيد، من شتى المصادر والمجاميع المخطوطة التي تضمّها مكتبتنا، والتي عثرت عليها في مكتبات النجف والحلّة، وكربلاء وبغداد.

وكان ثمرة تلك الجهود التي بذلناها هذا (الديوان) (1) الذي يضمّ حوالي (1500) بيت، والذي يسرّنا أن نقدّمه إلى القرّاء الكرام؛ خدمة للأدب والشعر والتاريخ، وإحياء لذكرى هذا الشاعر الكبير، واللّه من وراء القصد.

النجف الأشرف

محمد علي اليعقوبي

1 شعبان 1384 ه‍‍ـ

____________________

1 - ومن هذا الديوان نقل الأستاذ إبراهيم الوائلي بعض الشواهد في شعر الكوّاز في كتابه (الشعر السياسي العراقي في القرن التاسع عشر ص 185).

١٤

العلويات

وهي قصائده في رثاء الحسين بن علي وبقيّة الشهداء (عليهم السّلام)، وإليها أشار السيد حيدر الحلّي بقوله:

ولكَ السائراتُ شرقاً وغربا

جـئنَ بعداً ففقنَ ما جاءَ قبلا

كنتَ أخلصتَ نيّةَ القولِ فيها

فـجزاكَ الحسينُ عنهنَّ فعلا

فهي (الصالحاتُ) بعدكَ تبقى

بـلسانِ الزمانِ للحشرِ تُتلى

١٥

١٦

قال المرحوم الشيخ صالح الكوّاز، الحي في رثاء شهيد الطفّ أبي عبد اللّه الحسين وأهل بيته وأصحابه (عليهم السّلام):

بـاسمِ الـحسينِ دعـا نـعاءٌ نعائي

فـنعى الـحياةَ لـسائرِ الأحياءِ (1)

وقضى الهلاكُ على النفوسِ وإنّما

بـقيتْ لـيبقى الحزنُ في الأحشاءِ

يـومٌ بهِ الأحزانُ مازجتِ الحشى

مـثلُ امـتزاجِ الـماءِ بالصهباءِ

لـم أنـسَ إذ تركَ المدينةَ وارداً

لا مـاءَ مـدينَ بـلْ نجيعُ دماءِ

قـد كـانَ موسى والمنيّةُ إذ دنت

جـاءَتـهُ مـاشيةً عـلى اسـتحياءِ

ولـهُ تـجلّى الـلّهُ جـلَّ جلاله

مـن طورِ وادي الطفِّ لا سيناءِ

فـهناكَ خـرَّ وكلُّ عضوٍ قد غدا

مـنـهُ الـكليمُ مـكلّمُ الأحـشاءِ

يـا أيّـها الـنبأ العظيمُ إليكَ في

إبـنـاكَ مـنّي أعـظمُ الأنـباءِ

إنّ الـلذينَ تـسرعا يـقيانكَ الأ

رمـاح فـي صـفينَ بـالهيجاءِ

فـأخذتَ فـي عـضديهما تثنيهما

عـمّا أمـامكَ مـن عـظيمِ بلاءِ

ذا قـاذفٌ كـبداً لـهُ قِـطعاً وذا

فـي كـربلاءَ مـقطّعُ الأعضاءِ

مُـلقى على وجهِ الصعيدِ مجرَّداً

فـي فـتيةٍ بيضُ الوجوهِ وضاءِ

تـلكَ الـوجوهُ الـمشرقاتُ كأنّها الـ

أقـمارُ تـسبحُ فـي غديرِ دماءِ

____________________

1 - نعاء فلاناً (كقطام) أي إنعه وأظهر خبر وفاته، ومنه قول أبي تمام:

نعاءٌ إلى كلّ حي نعى

فتى العربِ اختطَّ ربعَ الغنا

١٧

رقـدوا وما مرّت بهم سِنةُ الكرى

وغـفتْ جـفونُهمُ بـلا إغـفاءِ

مـتوسّدينَ مـن الصعيدِ صخورَه

مـتـمهّدينَ خـشونةَ الـحصباءِ

مُـدثّرينَ بـكربلاءَ سـلبَ القنا

مُـزملينَ عـلى الـرّبى بـدماءِ

خُضبوا وما شابوا وكانَ خضابُهم

بدمٍ مـن الأوداجِ لا الـحنّاءِ

أطـفالهم بـلغوا الـحلومَ بقربهم

شـوقاً مـن الـهيجاءِ لا الحسناءِ

ومـغسّلينَ ولا مـياه لـهم سوى

عـبراتِ ثـكلى حـرّةِ الأحشاءِ

أصـواتها بُـحَّت فـهنَّ نـوائح

يـنـدبنَ قـتـلاهنَّ بـالإيـماءِ

أنّـى التفتّنَ رَأيْنَ ما يُدمي الحشى

مـن نـهبِ أبـياتٍ وسلبِ رداءِ

تـشكو الـهوانَ لـندبها وكـأنّه

مـغضٌ ومـا فـيهِ من الإغضاءِ

وتـقولُ عـاتبةً عليهِ وما عسى

يُـجدي عـتابٌ مـوزّعَ الأشلاءِ

قـد كـنتَ لـلبعداءِ أقربَ منجد

والـيومَ أبـعدهم عـن الـقرباءِ

أدعـوكَ مـن كثبٍ فلم أجدِ الدعا

إلاّ كـمـا نـاديـتُ لـلـمتنائي

قـد كنتَ في الحرمِ المنيعِ خبيئة

والـيومُ نـقعُ الـيعملاتِ خبائي

أُسـبى ومثلكَ مَنْ يحوطُ سرادقي

هـذا لـعمري أعـظمُ الـبرحاءِ

مـاذا أقـولُ إذا الـتقيتُ بشامت

إنّـي سُـبيتُ وإخـوتي بإزائي

حـكمَ الـحمامُ عليكم أن تُعرضوا

عـنّي وإن طـرقَ الهوانُ فنائي

مـا كنتُ أحسبُ أن يهونَ عليكم

ذُلّـي وتـسييري إلـى الـطلقاءِ

هـذي يـتاماكم تـلوذُ بـبعضها

ولـكـم نـساءٌ تـلتجي لـنساءِ

١٨

عـجباً لـقلبي وهـو يألفُ حبكم

لِـمْ لا يـذوبُ بـحرقةِ الأرزاءِ

وعجبتُ من عيني وقد نظرت إلى

مـاءِ الـفراتِ فلم تسل في الماءِ

وألـومُ نـفسي فـي امتدادِ بقائها

إذ لـيسَ تـفنى قـبلَ يـومِ فناءِ

ما عذرُ مَنْ ذكرَ الطفوفَ فلم يُمت

حـزناً بـذكرِ الـطاءِ قبلَ الفاءِ

إنّـي رضيتُ من النواظرِ بالبكا

ومـن الـحشى بتنفّسِ الصُعداءِ

مـا قدرُ دمعي في عظيمِ مصابكم

إلاّ كـشكرِ الـلّهِ فـي الآلاءِ (1)

وكـلاهما لا يـنهضانِ بـواجب

أبداً لدى الآلاءِ والأرزاءِ

زعـمتْ أُمـيّةُ أنّ وقـعةَ دارها

مثلُ الطفوفِ وذاك غيرُ سواءِ (2)

أيـنَ الـقتيلُ عـلى الفراشِ بذلّة

مـن خائضِ الغمراتِ في الهيجاءِ

شـتّانِ مـقتولٌ عـليهِ عـرسه

تـهوى ومقتولٌ على الورهاءِ (3)

لـيسَ الذي اتّخذَ الجدارَ من القنا

حـصناً كـمقريهنَّ فـي الأحشاءِ

____________________

1 - الآلاء: النعم.

2 - يشير إلى مصرع الخليفة الثالث (عثمان بن عفان) حين تألّب المسلمون على قتله في داره سنة 35 هـ‍، بعد أن امتنع عن تنفيذ رغباتهم في خلع نفسه، أو إقصاء أقاربه عن الحكم، وقُتلت معه زوجته نائلة بنت القرافصة، وعمره يومئذ 84 سنة.

3 - الورهاء: الفرس.

١٩

وقال في رثائه أيضاً (عليه السّلام)، وذكر في آخرها الشهيد زيد بن علي بن الحسين (عليه السّلام):

أغـابـاتُ أُسدٍ أمْ بروجُ كـواكب

أمْ الـطـفُّ فـيهِ اسـتشهدت آلُ غـالبِ

ونـشرُ الـخزامى سـارَ تـحملهُ الـصبا

أمْ الـطيبُ مـن مـثوى الـكرامِ الأطائبِ

وقـفـتُ بـهِ رهـنَ الـحوادثِ أنـحني

مـن الوجدِ حتى خلتني قوسَ (حاجبِ) (1)

تـمـثّلت في أكـنافهِ ركـبُ هـاشم

تـهـاوت إلـيهِ فـيهِ خـوصُ الـركائبِ

أتـوهـا وكـلُّ الأرضِ ثـغرٌ فـلم يـكن

لـهـم مـلـجأ إلاّ حدودُ الـقواضبِ

وسـمـراً إذا ما زعـزعوها حـسبتها

مـن الـلينِ أعـطافَ الـحسانِ الكواعبِ

وإن أرسـلـوها في الـدروعِ رأيـتها

أشدّ نـفـوذاً مـن أخِ الـرملِ واثـبِ

هم الـقـومُ تؤمٌ لـلعلاءِ ولـيدهم

ونـاشـؤهم لـلـمجدِ أصـدقَ صـاحبِ

إذا هو غـنّـتهُ الـمـراضعُ بـالـثنا

صـغـى آنـسـاً بـالمدحِ لا بـالمحالبِ

ومن قـبـلِ تـلـقينِ الأذانِ يـهـزّه

نداءُ صـريـخٍ أو صـهيلُ سـلاهبِ

بـنـفسي هـم مـن مـستميتينَ كـسروا

جـفونَ الـمواضي فـي وجـوهِ الكتائبِ

وصـالوا عـلى الأعـداءِ أُسـداً ضوارياً

بـعـوجِ الـمواضي لا بـعوجِ الـمخالبِ

تـراهـم وإن لـم يـجهلوا يـومَ سـلمهم

أقل ظـهـوراً مـنهم فـي الـمواكبِ

____________________

1 - ويعني حاجب بن زرارة التميمي صاحب القوس التي رهنها عند كسرى إنوشروان وقصّته معروفة.

٢٠