وسائل الشيعة الجزء ١٨

وسائل الشيعة12%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 473

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 473 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 319576 / تحميل: 5914
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ١٨

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

والحاصل أنّ الأمر لا ينفكّ عن الإرادة بمعنى أنّه لا يجوز أن يأمر ولا يريد. والآية لم تدلّ على الجواز بهذا المعنى، كما قرّرنا. بل التّحقيق أنّ أمره كاشف عن إرادته. وأمّا أنّ مراده هل ينفكّ عن إرادته أم لا؟ فشيء آخر يستحقّ في موضعه.

وعلى المعتزلة والكراميّة: أنّه يحتمل أن يكون التّعليق باعتبار التّعلّق، أو كان المعنى لو كان شاء الله هدايتنا الآن، لنهتدي. والحقّ أنّ الأمر لا ينفك عن الإرادة، بالمعنى الّذي حقّقته. وأنّ الإرادة حاثّة من صفات الفعل. وسنحقّق ذلك في موضع آخر ـ ان شاء الله.

( قالَ: إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ ) ، أي: لم تذلّل للكراب وسقي الحرث.

و «لا ذلول» صفة البقرة، بمعنى غير ذلول.

و «لا» الثّانية. مزيدة(١) لتأكيد الأولى.

والفعلان، صفتا «ذلول»، كأنّه قيل: لا ذلول مثيرة وساقية.

وقرئ لا ذلول (بالفتح)، أي: هناك، أي: حيث هي: كقولك: مررت برجل لا بخيل ولا جبان، أي: هناك، أي: حيث هو.

و «تسقي» من السّقي.

( مُسَلَّمَةٌ ) :

سلّمها الله من العيوب، أو أهلها من العمل، أو خلص لونها من سلم له كذا إذا خلص له، أي: لم يشب صفرتها شيء من الألوان.

( لا شِيَةَ فِيها ) : لا لون فيها يخالف لون جلدها. فهي صفراء كلّها. حتّى قرنها وظلفها.

وهي في الأصل، مصدر وشاه وشيا وشية، إذا خلط بلونه لون آخر.

( قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِ ) ، أي: الحقّ البيّن الّذي لا يشتبه علينا.

وقرئ الآن (بالمدّ) على الاستفهام، ولآن (بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على اللّام.)(٢) ( فَذَبَحُوها ) :

__________________

(١) أ: تزايدة.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٦٣.

٤١

فيه اختصار. والتّقدير: فحصلوا البقرة المنعوتة، فذبحوها.

( وَما كادُوا يَفْعَلُونَ ) (٧١) لتطويلهم في السّؤال وكثرة مراجعاتهم.

وروي(١) أنّهم كانوا يطلبون البقرة الموصوفة، أربعين سنة

، أو لخوف الفضيحة في ظهور القاتل، أو لغلاء ثمنها إذ روي أنّه كان في بني إسرائيل شيخ صالح، له عجلة. فأتى بها الغيضة. وقال: أللّهمّ إنّي أستودعكها لابني حتّى تكبر. وكان برّا بوالديه. فثبت. وكانت من أحسن البقرة وأسمنها. ووحيدة بتلك الصّفات. فساوموها اليتيم وأمّه حتّى اشتروها بملء مسكها ذهبا. وكانت البقرة إذ ذاك بثلاثة دنانير.

وفي رواية العيّاشيّ:(٢) أنّه قال الرّضا ـ عليه السّلام: قال لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بعض أصحابه: إنّ هذه البقرة ما شأنها؟

فقال: إنّ فتى من بني إسرائيل كان بارّا بأبيه. وإنّه اشترى سلعة، فجاء إلى أبيه. فوجده نائما والإقليد تحت رأسه. فكره أن يوقظه. فترك ذلك. واستيقظ أبوه.

فأخبره. فقال له: أحسنت! خذ هذه البقرة. فهي لك عوض لما فاتك.

قال: فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: انظروا إلى البرّ ما بلغ بأهله.

وروي أنّ ذلك الشّابّ من بني إسرائيل، قد رأى محمّدا وعليّا في منامه وأحبّهما.

وقالا له: لأنّك تحبّنا نجزيك ببعض جزائك في الدّنيا. فإذا جاءك بنو إسرائيل يريدون شراء البقرة منك، فلا تبعها إلّا برضى من أمّك.

فلّمّا أرادوا شراءها، كلّما زادوا في ثمنها، لم ترض أمّه، حتّى شرطوا على أن يملئوا ثور(٣) بقرة عظيمة في ثمنها، فرضيت.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة. والحديث بتمامه مذكور في شرح الآيات الباهرة، منقولا عن التّفسير المنسوب إلى الحسن العسكريّ ـ عليه السّلام.(٤) وقد ذكرته بتمامه في تفسيرنا الموسوم بالتّبيان. وعلى الله التّكلان.

و «كاد» من أفعال المقاربة. وضع لدنوّ الخبر، حصولا فإذا دخل عليه النّفي، قيل معناه الإثبات، مطلقا. وقيل ماضيا. والحقّ أنّه كسائر الأفعال. ولا ينافي قوله تعالى

__________________

(١) الكشاف ١ / ١٥٣.

(٢) تفسير العياشي ١ / ٤٦، ح ٥٧، بتفاوت+ مجمع البيان ١ / ١٣٦.

(٣) الظاهر: مسك.

(٤) تفسير العسكري / ١٣١.

٤٢

( وَما كادُوا يَفْعَلُونَ ) ، قوله( فَذَبَحُوها ) لاختلاف وقتيهما، إذ المعنى أنّهم ما قاربوا أن يفعلوا حتّى انتهت سؤالاتهم. وانقطعت تعلّلاتهم. ففعلوا كالمضطرّ الملجأ إلى الفعل.(١) ( وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً ) :خاطب الجمع، لوجود القتل فيهم.

( فَادَّارَأْتُمْ فِيها ) : اختصمتم في شأنها، إذ الخصمان يدفع بعضهم بعضا.

وأصل الدّرء: الدّفع. ومنه الحديث ادرؤوا الحدود بالشّبهات، وقول رؤبة.

أدركتها قدّام كلّ مدرة

بالدّفع عنّي درء كلّ غنجة(٢)

فعلى هذا يحتمل أن يكون المعنى تدافعتم بأن طرح قتلها كلّ عن نفسه إلى صاحبه.

وقيل(٣) : الدّرء: العوج. ومنه قول الشّاعر :

فنكّب عنهم درء الأعادي

وداووا بالجنون من الجنون

وأصله: تدارأتم. فأدغمت التّاء في الدّال. واجتلبت لها همزة الوصل.

( وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ) (٧٢) :

مظهره وأعمل مخرج، لأنّه حكاية مستقبل، كما أعمل باسط ذراعيه. لأنّه حكاية حال ماضية.

( فَقُلْنا اضْرِبُوهُ ) :

عطف على «ادّارأتم» وما بينهما اعتراض.

والضّمير للنّفس. وتذكيره على تأويل الشّخص، أو القتيل.

( بِبَعْضِها ) ، أي: بعض كان.(٤) [وقيل(٥) : بأصغريها.

وقيل(٦) : بلسانها.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٦٣.

(٢) هو الظاهر. وفي الأصل ور: غنيجة. وفي أ: عيجة. وفي المصدر (مجمع البيان ١ / ١٣٧): عنجه.

(٣) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٤) يوجد في أبعد هذه العبارة: وفيه أقول أخذ مستندها غير معلوم.

(٥ و ٦) أنوار التنزيل ١ / ٦٣.

٤٣

وقيل(١) : بفخذها اليمنى.

وقيل(٢) : بالاذن.

وقيل(٣) : بالعجب. وهو اصل الذنب وفي الأحاديث الآتية: أنّ الضرب بذنبها].(٤) نقل(٥) أنّه لما ضرب ببعضها قام حيا وأوداجه تشخب دما. قال: قتلني فلان ابن عمّي. ثم قبض.

[وفيما يأتي من الخبر، أنّه عاش بعد ذلك سبعين سنة].(٦) ( كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى ) : يدلّ على ما حذف، أي: فضربوه، فحيى.

والخطاب مع من حضر حياة القتيل، أو نزول الآية.

( وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) (٧٣): لكي بكمل عقلكم وتعلموا أنّ من قدر على إحياء نفس، قدر على إحياء الأنفس.

وفي الآية مع ما ذكر في بيانه من الأحاديث الدّلالة على انّ التّموّل والغنى من عند الله، ينبغي أن يطلب منه، لا بمخالفة أمره، كما ناله الفتى من بني إسرائيل ولم ينله القاتل ابن عمّه.

[وفي عيون الأخبار(٧) : حدّثني(٨) أبي ـ رضي الله عنه. قال: حدّثني(٩) عليّ بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكميدانيّ ومحمّد بن يحيى العطّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطيّ. قال: سمعت أبا الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ يقول: إنّ رجلا من بني إسرائيل قتل قرابة له. ثمّ أخذه فطرحه(١٠) على طريق أفضل سبط من أسباط بني إسرائيل. ثمّ جاء يطلب بدمه.

فقالوا لموسى ـ عليه السّلام: إنّ سبط آل فلان قتلوا فلانا. فأخبرنا من قتله؟

قال: ائتوني ببقرة.

( قالُوا: أَتَتَّخِذُنا هُزُواً ) ؟

( قالَ: أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ ) .

__________________

(١ و ٢ و ٣) أنوار التنزيل ١ / ٦٣.

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٥) الكشاف ١ / ١٥٣+ مجمع البيان ١ / ١٣٧.

(٦) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٧) عيون الأخبار ٢ / ١٣ ـ ١٤، ح ٣١.

(٨ و ٩) المصدر: حدّثنا.

(١٠) المصدر: وطرحه.

٤٤

ولو أنّهم عمدوا إلى أيّ بقرة، أجزأتهم. ولكن شدّدوا، فشدّد الله عليهم.

( قالُوا: ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ ) ؟

( قالَ: إِنَّهُ يَقُولُ: إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ ) ، يعني: لا صغيرة ولا كبيرة،( عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ ) ».

ولو أنّهم عمدوا إلى أيّ بقرة، أجزأتهم. ولكن شدّدوا، فشدّد الله عليهم.

( قالُوا: ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها ) ؟

( قالَ: إِنَّهُ يَقُولُ: إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ) .

ولو أنّهم عمدوا إلى أيّ بقرة، لأجزأتهم. ولكن شدّدوا، فشدّد الله عليهم.

( قالُوا: ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ؟ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا. وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ ) .

( قالَ: إِنَّهُ يَقُولُ: إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ، مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها. قالُوا: الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ) .

فطلبوها فوجدوها عند فتى من بني إسرائيل.

فقال: لا أبيعها إلّا بملء مسكها ذهبا.

فجاءوا إلى موسى ـ عليه السّلام. فقالوا له ذلك. فقال: اشتروها. فاشتروها.

وجاؤوا بها. فأمر بذبحها. ثمّ أمروا بأن يضربوا(١) الميّت، بذنبها. فلمّا فعلوا ذلك، حيي المقتول. وقال: يا رسول الله! إنّ ابن عمّي قتلني دون من يدّعي عليه قتلي. فعلموا بذلك قاتله.

فقال: رسول(٢) الله، موسى [بن عمران](٣) ـ عليه السّلام ـ لبعض(٤) أصحابه: إنّ هذه البقرة لهابنا.

فقال: وما هو؟

فقال: إنّ فتى من بني إسرائيل كان بارّا بأبيه و [إنّه](٥) اشترى تبيعا(٦) . فجاء إلى أبيه. والأقاليد(٧) تحت رأسه. فكره أن يوقظه. فترك ذلك البيع. فاستيقظ أبوه. فأخبره.

__________________

(١) المصدر: أن يضرب.

(٢) كذا في المصدر. وفي الأصل ور: لرسول.

(٣) يوجد في المصدر.

(٤) كذا في المصدر. وفي الأصل ور: بعض.

(٥) يوجد في المصدر.

(٦) كذا في المصدر. وفي الأصل ور: بيعا.

(٧) المصدر: ورأى أنّ المقاليد.

٤٥

فقال له: أحسنت! خذ هذه البقرة. فهي لك عوضا لما فاتك.

قال: فقال له رسول الله، موسى [بن عمران](١) ـ عليه السّلام. انظروا إلى البرّ، ما يبلغ(٢) بأهله.

وفي كتاب الخصال، مثله سواء.(٣)

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٤) : حدّثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله(٥) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام. قال: إنّ رجلا من خيار بني إسرائيل وعلمائهم، خطب امرأة منهم. فأنعمت له. وخطبها ابن عمّ لذلك الرّجل. وكان فاسقا رديئا. فلم ينعموا له.

فحسد ابن عمّه الّذي أنعموا له. فقعد له. فقتله غيلة. ثمّ حمله إلى موسى ـ عليه السّلام.

فقال: يا نبيّ الله! هذا ابن عمّى. قد قتل.

فقال موسى: من قتله؟

قال: لا أدري.

وكان القتل في بني إسرائيل، عظيما جدّا. فعظم ذلك على موسى. فاجتمع إليه بنوا إسرائيل.

فقالوا: ما ترى؟ يا نبيّ الله! وكان في بني إسرائيل رجل له بقرة. وكان له ابن بارّ. وكان عند ابنه، سلعة.

فجاء قوم يطلبون سلعته. وكان مفتاح بيته تحت رأس أبيه. وكان نائما وكره ابنه أن ينبّهه وينغّص عليه نومه. فانصرف القوم: فلم يشتروا سلعته.

فلمّا انتبه أبوه قال له: يا بنيّ! ما صنعت في سلعتك؟

قال: هي قائمة. لم أبعها. لأنّ المفتاح كان تحت رأسك، فكرهت أن أنبّهك وأنغّص عليك نومك.

قال له أبوه: قد جعلت هذه البقرة لك عوضا عمّا فاتك من ربح سلعتك.

وشكر الله لابنه ما فعل بأبيه. وأمر بني إسرائيل أن يذبحوا تلك البقرة بعينها.

__________________

(١) يوجد في المصدر.

(٢) المصدر: بلغ.

(٣) بل في تفسير العياشي ١ / ٤٦، ح ٥٧، وكذلك عنه في البحار ١٣ / ٢٦٣، بعد نقله الحديث عن عيون الأخبار. والظاهر أنّ هذا سهو من صاحب تفسير نور الثقلين، كما يبدو من ملاحظة تفسيره ١ / ٨٨ (!)

(٤) تفسير القمي ١ / ٤٩ ـ ٥٠.

(٥) المصدر: رجالهم.

٤٦

فلمّا اجتمعوا إلى موسى وبكوا وضجّوا قال لهم موسى:( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ) .» فتعجّبوا. و( قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً ) ؟» إنا نأتيك بقتيل. فتقول اذبحوا بقرة! فقال لهم موسى:( أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ ) .

فعلموا أنّهم قد أخطأوا. فقالوا:( ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا، ما هِيَ ) ؟»( قالَ إِنَّهُ يَقُولُ: إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ ) (الفارض الّتي قد ضربها الفحل. ولم تحمل. والبكر الّتي لم يضربها.)( قالُوا: ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها ) ؟

( قالَ إِنَّهُ يَقُولُ: إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها ) ، أي: لونها شديد الصّفرة(١) ،( تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ) إليها.

( قالُوا: ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ؟ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا. وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ. قالَ: إِنَّهُ يَقُولُ: إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ ) ، أي، لم تذلّل( وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ ) ، أي: لا تسقي الزّرع.( مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها ) ، أي، لا نقط فيها إلّا الصّفرة.

( قالُوا: الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِ ) (٢) هي بقرة فلان. فذهبوا يشتروها.

فقال: لا أبيعها إلّا بملء جلدها ذهبا.

فرجعوا إلى موسى. فأخبروه.

فقال لهم موسى: لا بدّ لكم من ذبحها بعينها. فاشتروها(٣) بملء جلدها ذهبا، فذبحوها.

ثمّ قالوا: ما تأمرنا؟ يا نبيّ الله! فأوحى الله ـ تبارك وتعالى ـ إليه: قل لهم: اضربوه ببعضها. وقولوا من قتلك.

فأخذوا الذّنب، فضربوه به. وقالوا: من قتلك؟ يا فلان! فقال: فلان بن فلان. (ابن عمّه(٤) الّذي جاء به.) وهو قوله:( فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها. كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى. وَيُرِيكُمْ آياتِهِ

__________________

(١) المصدر: شديدة الصفرة.

(٢) يوجد في المصدر بعدها: فذبحوها. وما كادوا يفعلون.

(٣) ليس في المصدر.

(٤) المصدر: ابن عمى.

٤٧

لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) .

وفي شرح الآيات الباهرة(١) : قال الإمام ـ عليه السّلام: فألزم موسى ـ عليه السّلام ـ أهل القبيلة(٢) بأمر الله، أن يخلف خمسون رجلا من أماثلهم بالله القويّ الشّديد، إله بني إسرائيل مفضّل محمّد وآله الطّيّبين على البرايا أجمعين، إنّا ما قتلنا.

ولا علمنا له قاتلا. ثمّ بعد ذلك أجمع(٣) بنو إسرائيل(٤) على أنّ موسى ـ عليه السّلام ـ يسأل الله ـ عزّ وجلّ ـ أن يحييّ المقتول، ليسألوه من قتله. واقترحوا عليه ذلك.

قال الإمام ـ عليه السّلام: فأوحى الله ـ عزّ وجلّ ـ إليه: يا موسى! أجبهم إلى ما اقترحوه. وسلني أن أبيّن لهم القاتل، ليقتل ويسلم غيره من التّهمة والغرامة. فإنّي أريد إجابتهم إلى ما اقترحوه، توسعة الرّزق(٥) على رجل من خيار أمّتك دينه الصّلاة على محمّد وآله الطّيّبين والتّفضيل لمحمّد وعليّ بعده على سائر البرايا، أن أغنيه في الدّنيا ليكون ذلك بعض ثوابه عن تعظيمه لمحمّد وآله.

فقال موسى ـ عليه السّلام: يا ربّ! بيّن لنا قاتله.

فأوحى الله تعالى إليه: قل لبني إسرائيل: إنّ الله يبيّن لكم ذلك بأن أمركم أن تذبحوا بقرة، فتضربوا ببعضها المقتول، فيحيى. أفتسلمون(٦) لربّ العالمين ذلك؟

ثمّ قال الإمام ـ عليه السّلام: فلمّا استقرّ الأمر، طلبوا هذه البقرة. فلم يجدوها، إلّا عند شابّ من بني إسرائيل، أراه الله تعالى في منامه محمّدا وعليّا، فقالا: إنّك كنت لنا محبّا ومفضّلا. ونحن نريد أن نسوق إليك بعض جزائك في الدّنيا. فإذا راموا منك شراء بقرتك، فلا تبعها، إلّا بأمر أمّك.

ثمّ قال ـ عليه السّلام: فما زالوا يطلبون على النّصف ممّا تقول أمّه ويرجع إلى أمّه، فتضعف الثّمن، حتّى بلغ ملء مسك ثور أكبر ما يكون دنانير. فأوجبت لهم البيع.

فذبحوها. وأخذوا قطعة منها. فضربوه بها. وقالوا: أللّهمّ بجاه محمّد وآله الطّيّبين لـمّا أحييت هذا الميّت. وأنطقته ليخبرنا عن قاتله. فقام سالما سويّا.

فقال: يا نبيّ الله! قتلني هذان ابنا عمّي. حسداني على ابنة عمّي. فقتلاني.

__________________

(١) شرح الآيات الباهرة / ٢٢ ـ ٢٣.

(٢) المصدر: القتلة.

(٣) المصدر: امر.

(٤) المصدر: بني إسرائيل.

(٥) المصدر: للرزق.

(٦) المصدر: فتسلموا.

٤٨

فقال بعض بني إسرائيل لموسى ـ عليه السّلام: لا ندري أيّهما أعجب: إحياء الله هذا وإنطاقه بما نطق، أو إغناؤه لهذا الفتى بهذا المال العظيم؟

فأوحى الله إليه: يا موسى! قل لبني إسرائيل: من أحبّ منكم أن أطيّب في الدّنيا عيشه وأعظّم في جناني محلّه وأجعل لمحمّد وآله الطّيّبين فيها منادمته، فليفعل كما فعل هذا الفتى: إنّه كان قد سمع من موسى ابن عمران ذكر محمّد وعليّ وآلهما الطّيّبين فكان عليهم مصلّيا، ولهم على جميع الخلائق من الملائكة والجنّ والإنس مفضّلا. فلذلك صرفت إليه هذا المال العظيم.

ثمّ قال ـ عليه السّلام: فقال الفتى: يا نبيّ الله! كيف أحفظ هذه الأموال؟ وكيف لا أحذر عداوة من يعاديني فيها وحسد من يحسدني من أجلها؟

فقال له: قل عليه(١) من الصّلاة على محمّد وآله الطيبين ما كنت تقول، قبل أن تنالها.

فقالها الفتى. فما رامها حاسد، أو لصّ، أو غاصب، إلّا دفعه الله ـ عزّ وجلّ ـ بلطفه.

فلمّا قال موسى ـ عليه السّلام ـ للفتى ذلك، قال المقتول المنشور: أللّهمّ إنّي أسألك بما سألك به هذا الفتى، من الصّلاة على محمّد وآله الطيّبين والتّوسّل بهم، أن تبقيني في الدّنيا متمتّعا بابنة عمّي وتخزي أعدائي وحسّادي وترزقني منها كثيرا(٢) طيّبا.

قال: فأوحى الله إليه: يا موسى! إنّه كان لهذا الفتى المنشور بعد القتل، ستّون سنة. وقد وهبت له بمسألته وتوسّله بمحمّد وآله الطّيّبين، سبعين سنة تمام. مائة وثلاثين سنة صحيحه حواسّه، ثابتة فيها جنانه وقوّته وشهواته. يتمتّع بحلال هذه الدّنيا. ويعيش.

ولا يفارقها. ولا تفارقه. فإذا حان حينه، حان حينها. وماتا جميعا. فصارا إلى جناني. وكانا زوجين فيها ناعمين.

ثمّ قال ـ عليه السّلام: فضجّوا إلى موسى ـ عليه السّلام ـ وقالوا: افتقرت القبيلة ودفعت إلى التّلف وأسلخنا بلجاجنا عن قليلنا وكثيرنا؟ فادع الله تعالى لنا بسعة الرّزق.

فقال موسى ـ عليه السّلام: يا ويحكم! ما أعمى قلوبكم! أما سمعتم دعاء الفتى صاحب البقرة وما رزقه الله تعالى من الغنى! أو ما سمعتم دعاء(٣) المقتول المنشور وما أثمر

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) المصدر: أولادا كثيرا.

(٣) ليس في المصدر.

٤٩

له من العمر الطّويل والسّعادة والتّنعّم والتّمتّع بحواسّه وساير بدنه وعقله؟ لم لا تدعون الله تعالى بمثل دعائهما وتتوسّلون إلى الله تعالى بمثل وسيلتهما؟ ليسدّ فاقتكم ويجبر كسركم ويسدّ خلّتكم.

فقالوا: أللّهمّ إليك التجأنا وعلى فضلك اعتمدنا. فأزل فقرنا، وسدّ خلّتنا، بجاه محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والطّيّبين من آلهم.

فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى! قل لهم: ليذهب رؤساؤكم إلى خربة بني فلان، ويكشفوا في موضع كذا وجه الأرض قليلا، ويستخرجوا ما هناك، فإنّه عشرة آلاف ألف دينار، ليردّوا على كلّ من دفع من(١) ثمن البقرة ما دفع، لتعود أموالهم. ثمّ ليتقاسموا بعد ذلك ما فضل، وهو خمسة آلاف ألف دينار. على قدر ما دفع كلّ واحد منهم في هذه المحنة، لتتضاعف أموالهم، جزاء على توسّلهم بمحمّد وآله الطّيّبين واعتقادهم لتفضيلهم.

ثمّ قال ـ عزّ وجلّ:( وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) ، أي: يريكم سائر آياته، سوى هذه من الدّلالات على توحيده ونبوّة موسى ـ عليه السّلام ـ نبيّه وفضل محمّد على الخلائق سيّد إمائه وعبيده وتثبيت(٢) فضله وفضل آله الطّيّبين، على سائر خلق الله أجمعين، لعلّكم تعقلون وتتفكّرون أن الّذي يفعل هذه العجائب، لا يأمر الخلق إلّا بالحكمة. ولا يختار محمّدا وآله إلّا لأنّهم أفضل ذوي الألباب].(٣) .

( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ ) :

القساوة: الغلظ مع الصّلابة، كما في الحجر.

وقساوة القلب، مثل في نبوه(٤) عن الاعتبار، وأنّ المواعظ لا تؤثّر فيه. ثمّ لاستبعاد القسوة ونحوه. ثمّ أنتم تمترون.

( مِنْ بَعْدِ ذلِكَ ) ، يعني: إحياء القتيل، أو جميع ما عدّد من الآيات. فإنّها ممّا توجب لين القلب.

( فَهِيَ كَالْحِجارَةِ ) في قسوتها.

( أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ) : منها، يعني: أنّها في القساوة مثل الحجارة [أو زائدة عليها، أو أنّها

__________________

(١) المصدر: في.

(٢) المصدر: ثبت.

(٣) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٤) أ: بثوه.

٥٠

مثلها، أو مثل ما هو أشدّ منها قسوة، كالحديد. فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.

ويعضده قراءة الحجرّ بالفتح، عطفا على الحجارة](١) .

وإنّما لم يقل أقسى، لما في أشدّ من المبالغة. والدّلالة على اشتداد القوتين واشتمال المفضّل على زيادة واو للتخيير أو للتّرديد، بمعنى أنّ من عرف حالها شبّهها بالحجارة، أو بما هو أقسى منها.

( وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ. وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ. وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ) : تعليل للتّفضيل. فإنّ الحجارة ينفعل. فإنّ منها لما يتفجّر منه الأنهار.

والتّفجر: الفتح بسعة. ومنها ما ينبع منه الماء. ومنها ما يتردّى من أعلى الجبل انقيادا لما أراد الله تعالى به. وقلوب هؤلاء لا تتأثّر عن أمر الله تعالى.

والخشية مجاز من الانقياد.

( وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) (٧٤): وعيد على ذلك.

وقرأ ابن كثير ونافع ويعقوب وخلف وأبو بكر، بالياء والباقون، بالتّاء(٢) .

وقد ورد عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال:(٣) لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإنّ كثرة الكلام بغير ذكر الله يقسي القلب. وإنّ أبعد النّاس من الله، القاسي القلب.

[وفي كتاب الاحتجاج، للطّبرسيّ:(٤) وقال أبو محمّد العسكريّ ـ عليه السّلام: لـمّا نزلت هذه الآية( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ) في حقّ اليهود والنّواصب، فغلظ ما(٥) وبّخهم به رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله. فقال جماعة من رؤسائهم وذوي الألسن والبيان منهم. يا محمّد! إنّك لمجنون. فتدّعي(٦) على قلوبنا ما الله يعلم منها خلافه إنّ فيها خيرا كثيرا نصوم ونتصدّق ونواسي الفقراء.

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: إنّما الخير ما أريد به وجه الله وعمل على ما أمر الله تعالى. فأمّا ما أريد به الرّياء والسّمعة ومعاندة رسول الله ـ صلّى الله عليه

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٢) مجمع البيان ١ / ١٣٩.

(٣) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٤) الاحتجاج ١ / ٥٠.

(٥) المصدر: على اليهود ما.

(٦) المصدر: إنّك تهجونا وتدّعي.

٥١

وآله ـ وإظهار الغنى له والتّمالك والشّرف، فليس بخير. بل هو الشّرّ الخاصّ.(١) ووبال على صاحبه. يعذّبه الله به أشدّ العذاب.

فقالوا له: يا محمّد! أنت تقول هذا ونحن نقول: بل ما ننفقه إلّا لإبطال أمرك ودفع رئاستك ولتفريق أصحابك عنك. وهو الجهاد الأعظم. نؤمل به من الله الثّواب الأجلّ الأجسم.(٢)

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة. وفيه إلزامهم على الوجه الأعظم.

وفي الخرائج والجرائح،(٣) روي عن الحسين بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ في قوله تعالى( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ. فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ) : قال إنّه يقول: يبست قلوبكم، معاشر اليهود! كالحجارة اليابسة. لا ترشح برطوبة، أي: أنّكم لا حقّ الله تؤدّون، ولا بأموالكم تتصدّقون، ولا بالمعروف تتكرّمون، ولا للضّيف تقرون، ولا مكروبا تغيثون، ولا بشيء من الإنسانية تعاشرون، وتواصلون. أو( أَشَدُّ قَسْوَةً ) : أبهم على السّامعين. ولم يبيّن لهم كما يقول القائل: أكلت خبزا أو لحما، وهو لا يريد به أنّه لا أدري ما أكلت، بل يريد أن يبهم على السّامع حتّى لا يعلم ما ذا أكل. وإن يعلم أن قد أكل أيّهما.

( وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ ) ، أي: قلوبكم في القساوة بحيث لا يجيء منها خير، يا يهود! في الحجارة ما يتفجّر الأنهار، فيجيء بالخير والنّبات لبني آدم. و( إِنَّ مِنْها ) ، أي: من الحجارة( لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ ) دون الأنهار. وقلوبكم لا يجيء منها الكثير من الخير ولا القليل.( وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ ) ، أي: من الحجارة، إن أقسم عليها باسم الله تهبط. وليس في قلوبكم شيء منه.

فقالوا: يا محمّد! زعمت أنّ الحجارة ألين من قلوبنا؟ وهذه الجبال بحضرتنا.

فاستشهدها على تصديقك. فإن نطقت بتصديقك، فأنت المحقّ.

فخرجوا إلى أوعر جبل. فقالوا: استشهده.

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أسألك يا جبل! بجاه محمّد وآله الطّيّبين الّذين بذكر أسمائهم خفّف الله العرش على كواهل ثمانية من الملائكة بعد أن لم يقدروا على تحريكه.

__________________

(١) كذا في المصدر وفي الأصل ور. ولعله: الخالص.

(٢) المصدر: العظيم.

(٣) تفسير نور الثقلين ١ / ٩٠، ح ٢٤٥، نقلا الخرائج والجرائح.

٥٢

فتحرّك الجبل. وفاض الماء. ونادى: أشهد أنّك رسول الله. وأنّ قلوب هؤلاء اليهود، كما وصفت، أقسى من الحجارة.

فقال اليهود: علينا تلبس. أجلست أصحابك خلف هذا الجبل، ينطقون بمثل هذا؟ فإن كنت صادقا، فتنحّ من موضعك إلى ذي القرار. ومر هذا الجبل، يسير إليك.

ومره أن ينقطع بنصفين، ترتفع السّفلى وتنخفض العليا.

فأشار إلى حجر مد حرج. فتدحرج. ثمّ قال لمخاطبه: خذه. فقرّبه. فسيعيد عليك ما سمعت. فإنّ هذا جزء من ذلك الجبل.

فأخذه الرّجل. فأدناه من أذنه. فنطق الحجر بمثل ما نطق به الجبل.

قال: فإنّني بما اقترحت.

قال: فتباعد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى فضاء واسع، ثمّ نادى: أيّها الجبل! بحقّ محمّد وآله الطّيّبين، لـمّا اقتلعت من مكانك بإذن الله وجئت إلى حضرتي.

فتزلزل الجبل. وصار(١) مثل الفرس الهملاج. فنادى: أنا سامع لك، ومطيع أمرك.

فقال: هؤلاء اقترحوا على أن أمرك إن تنقطع من أصلك، فتصير نصفين، فينحطّ أعلاك ويرتفع أسفلك.

فانقطع نصفين. وارتفع أسفله. وانخفض أعلاه. فصار فرعه أصله.

ثمّ نادى الجبل: أهذا الّذي ترون دون معجزات موسى الّذي تزعمون أنّكم به تؤمنون؟

فقال رجل منهم: هذا رجل تتأتّى له العجائب. فنادى الجبل: يا عدوّ الله! أبطلتم بما تقولون نبوّة موسى حيث كان وقوف الجبل فوقهم كالظّلل فيقال هو رجل تتأتّى له العجائب. فلزمتهم الحجّة ولم يسلموا؟

وفي مجمع البيان(٢) : وروى عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال: إنّ حجرا كان يسلّم عليّ في الجاهليّة، وإنّي لأعرفه الآن.

وفي كتاب الخصال(٣) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال: كان فيما أوصى

__________________

(١) المصدر: سار. وهو الظاهر.

(٢) مجمع البيان: ١ / ١٤٠ ـ ١٤١.

(٣) الخصال ١٢٥ ـ ١٢٦، مقطع من ح ١٢٢.

٥٣

به رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ عليّا ـ عليه السّلام: يا عليّ! ثلاث يقسين القلب :استماع اللهو، وطلب الصّيد، وإتيان باب السّلطان.

وفيه(١) ، فيما علّم أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أصحابه: ولا يطول عليكم الأمل(٢) ، فتقسو قلوبكم.

عن أبي عبد الله، عن أبيه(٣) ـ عليهما السّلام. قال: أوحى الله ـ تبارك وتعالى ـ إلى موسى ـ عليه السّلام: لا تفرح بكثرة المال ـ إلى قوله ـ وترك ذكري يقسي القلوب.

وفي كتاب علل الشّرائع(٤) ، بإسناده إلى الأصبغ بن نباتة. قال: قال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام: ما جفّت الدّموع إلّا لقسوة القلوب. وما قست القلوب إلّا لكثرة الذّنوب.

وفي أصول الكافي(٥) : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عمرو ابن عثمان، عن عليّ بن عيسى رفعه. قال: فيما ناجى الله ـ عزّ وجلّ ـ به موسى ـ عليه السّلام: يا موسى! لا يطول في الدّنيا أملك، فيقسو قلبك. والقاسي القلب، منّي بعيد.

وفي شرح الآيات الباهرة(٦) : قال الإمام ـ عليه السّلام ـ في تأويل ذلك: وقلوبهم لا يتفجّر(٧) منها الخيرات ولا تنشقّ فيخرج منها قليل من الخيرات وإن لم يكن كثيرا.

ثمّ قال ـ عزّ وجلّ:( وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ) إذا أقسم عليها باسم الله وبأسماء أوليائه، محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والطّيّبين من آلهم ـ صلّى الله عليهم. وليس في قلوبكم شيء من هذه الخيرات.

ثمّ قال ـ عليه السّلام: وهذا التّقريع من الله تعالى لليهود والنّواصب. واليهود جمعوا الأمرين واقترفوا الخطيئتين. فغلظ على اليهود ما وبّخهم به رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله. وقال جماعة من رؤسائهم: يا محمّد! إنّك مجنون. تدّعي على قلوبنا ما الله(٨) يعلم منها خلافه. وإن فيها خيرا كثيرا، نصوم ونتصدّق ونواسي الفقراء.

ثمّ قال ـ عليه السّلام: فقالوا: يا محمّد! زعمت أنّه ما في قلوبنا شيء من مواساة الفقراء ومعاونة الضّعفاء؟ وإنّ الأحجار ألين من قلوبنا. وأطوع لله منّا. وهذه الجبال

__________________

(١) نفس المصدر: ٦٢٢.

(٢) المصدر: الأمد.

(٣) نفس المصدر / ٣٩، ح ٢٣.

(٤) علل الشرائع / ٨١، ح ١.

(٥) الكافي ٢ / ٣٢٩، ح ١.

(٦) تأويل الآيات الباهرة / ٢٤ ـ ٢٥.

(٧) المصدر: لا تنفجر. (٨) المصدر: فالله.

٥٤

بحضرتنا، هلمّ بنا إلى بعضها فاستشهده على تصديقك وتكذيبنا؟

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: نعم. فهلمّوا بنا إلى أيّها شئتم استشهده ليشهد لي عليكم.

قال: فخرجوا إلى أوعر جبل رأوه.

فقالوا: يا محمّد! هذا الجبل. فاستشهده! فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: أيّها الجبل! إنّي أسألك بجاه محمّد وآله الطّيّبين الّذين بذكر أسمائهم خفّف الله العرش على كواهل ثمانية من الملائكة بعد أن لم يقدروا على تحريكه وهم خلق كثير لا يعرف عددهم إلّا الله ـ عزّ وجلّ ـ، وبحقّ محمّد وآله الطّيّبين الّذين بذكر أسمائهم تاب الله تعالى على آدم وغفر خطيئته وأعاده إلى مرتبته، وبحقّ محمّد وآله الطّيّبين الّذين بذكر أسمائهم وسؤال الله بهم رفع إدريس في الجنّة مكانا عليّا، لـمّا شهدت لمحمّد بما أودعك الله بتصديقه على هؤلاء اليهود، في ذكر(١) قساوة قلوبهم وتكذيبهم في جحودهم لقول محمّد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله.

قال: فتحرّك الجبل. فتزلزل.(٢) وفاض عنه الماء. ونادى: يا محمّد! أشهد أنّك رسول الله ربّ العالمين، وسيّد الخلائق أجمعين صلّى الله عليك وآلك إلى العالمين والخلائق أجمعين. وأشهد أن قلوب هؤلاء اليهود أقسى من الحجارة. لا يخرج منها خير. وقد يخرج من الحجارة الماء سيلا وتفجيرا. وأشهد أنّ هؤلاء الكاذبون عليك بما به قذفوك من الفرية على ربّ العالمين.

ثمّ قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: وأسألك، أيّها الجبل! أمرك الله بطاعتي فيما التمسه(٣) منك بجاه محمّد وآله الطّيّبين الّذين بهم نجّى الله تعالى نوحا من الكرب العظيم وبهم برّد الله النار على إبراهيم وجعلها عليه سلاما ومكّنه في جوف النّار على سرير وفراش وبرد(٤) وأنبت مواليه من الأشجار الخضرة النّضرة الزهرة(٥) وعمّر ما حوله من انواع ما لا يوجد إلّا في الفصول الأربعة من جميع السّنة.

قال: فقال الجبل: بلى. أشهد، يا محمّد! لك بذلك. وأشهد أنّك لو اقترحت على

__________________

(١) المصدر: ذكره في.

(٢) المصدر: وتزلزل.

(٣) كذا في المصدر. وفي الأصل ور: التمسته.

(٤) كذا في المصدر. وفي الأصل ور: بئر.

(٥) المصدر: آنس هيئة.

٥٥

ربّك أن يجعل رجال الدّنيا قرودا وخنازير، لفعل. وأن يجعلهم ملائكة، لفعل وأن يقلب النّيران جليدا والجليد نيرانا، لفعل. وأن يهبط السّماء إلى الأرض أو يرفع الأرض إلى السّماء، لفعل. وأن يصيّر أطراف المشارق والمغارب والوهاد كلّها ضرب طرف الكبش(١) ، لفعل. وأنّه قد جعل الأرض والسّماء طوعك والبحار والجبال تنصرف(٢) بأمرك. وسائر ما خلق الله من الرّياح والصّواعق وجوارح الإنسان وأعضاء الحيوان لك مطيعة. وما أمرتها به من شيء ائتمرت.

تمّ كلامه صلوات الله عليه. فقالت اليهود بعد: أنت تلبس علينا واقترحوا عليه أشياء أن يفعلها الجبل المشار إليها فأجابهم إليها.

قال الإمام ـ عليه السّلام: فتباعد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى فضاء واسع. ثمّ نادى الجبل: يا أيّها الجبل! بحقّ محمّد وآله الطّيّبين الّذين بجاههم ومسألة عباد الله بهم أرسل الله على قوم عاد ريحا صرصرا عاتية تنزع النّاس كأنّهم أعجاز نخل خاوية، وأمر جبرئيل أن يصيح صيحة واحدة في قوم صالح حتّى صاروا كالهشيم المحتضر، لـمّا انقلعت من مكانك بإذن الله وجئت إلى حضرتي.

قال: فتزلزل(٣) الجبل، وصار كالقدح الهملاج، حتّى دنى من إصبعه. فلصق بها.

ووقف. ونادى: ها أنا سامع لك مطيع، يا رسول الله! وإن رغمت أنوف هؤلاء المعاندين، فمرني بأمرك.

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: إنّ هؤلاء المعاندين اقترحوا عليّ أن أمرك أن تنقلع(٤) من أصلك، فتصير نصفين، ثمّ ينحطّ أعلاك، ويرتفع أسفلك، وتصير ذروتك أصلك، وأصلك ذروتك.

فقال الجبل: أفتأمرنى بذلك، يا رسول الله؟

قال: بلى.

قال: فانقطع الجبل نصفين. وانحطّ أعلاه إلى الأرض. وارتفع أسفله فوق أعلاه.

__________________

(١) المصدر: ظرف الكيش. وفي هامش المصدر: صرة كصرة الكيس (خ ل). وكذلك في تفسير البرهان ١ / ١١٤.

(٢) المصدر: تتصرّف.

(٣) المصدر: فتحرّك.

(٤) المصدر: تنقطع.

٥٦

فصار فرعه أصله، وأصله فرعه.

ثمّ نادى الجبل: معاشر اليهود! هذا الّذي ترون دون معجزات موسى الّذي تزعمون أنّكم به مؤمنون.

فنظر اليهود بعضهم إلى بعض. فقال بعضهم: ما عن هذا محيص. وقال آخرون منهم: هذا رجل مبخوت. ومبخوت(١) تتأتّى له(٢) العجائب. فلا يغرّنّكم ما تشاهدون منه.

فناداهم الجبل: يا أعداء الله! أبطلتم بما تقولون نبوّة موسى؟ هلّا قلتم لموسى إذا قلب العصا ثعبانا وانفلق له البحر طرقا ووقف الجبل كالظّلّة فوقكم: إنّك تؤتى لك العجائب. فلا يغرّنا ما نشاهده منك؟

فألقمهم الجبل بمقالة الصّخور وألزمهم(٣) حجّة ربّ العالمين. (انتهى)](٤)

( أَفَتَطْمَعُونَ ) :

الخطاب لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ والمؤمنين.

( أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ ) ، أي: اليهود.

( وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ ) : من أسلافهم،( يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ) ، أي: التوراة، أو حين كلّم موسى،( ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ ) : يغيّرونه أو يأوّلونه بما يشتهون،( مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ ) : ولم يبق لهم فيه ريبة.

( وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) (٧٥) أنّهم مبطلون.

فإذا كان أخبار هؤلاء وأسلافهم بهذه الحالة، فما طمعكم بجهّالهم وسفلتهم؟

( وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا ) ، أي: اليهود.

( قالُوا: آمَنَّا ) ، أي: قال منافقوهم: آمنّا بأنّكم على الحقّ، ورسولكم هو المبشّر به في التوراة.

( وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا ) ، أي: الّذين لم ينافقوا عاتبين على من نافق.

( أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ ) وبيّنه في التوراة، من نعت محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ أو الّذين نافقوا لأعقابهم إظهارا، للتّصلّب في اليهوديّة ومنعا لهم عن إبداء ما

__________________

(١) المصدر: فوتآله

(٢) المصدر: لك.

(٣) المصدر: فالقاهم الجبل بمقالتهم الزور ولزومهم.

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

٥٧

وجدوا في كتابهم، فيتناول الفريقين.

فالاستفهام على الأوّل، تقريع، وعلى الثّاني، إنكار ونهي.

( لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ ) ليحتجّوا بما فتح الله عليكم، حال كونه ثابتا عند ربّكم، أي: من جملة ما ثبت عند ربّكم، أي: من جملة ما أنزل الله في كتابه.

( أَفَلا تَعْقِلُونَ ) (٧٦)، إمّا من كلام اللائمين، وتقديره «أفلا تعقلون أنّهم يحاجّوكم فيغلبون به عليكم»، أو متّصل بقوله أفتطمعون.

والمعنى: أفلا تعقلون حالهم. وأن لا مطمع لكم في إيمانهم.

[وفي مجمع البيان(١) :( تُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ ) . (الآية) وروي عن أبي جعفر الباقر ـ عليه السّلام ـ أنّه قال: كان قوم من اليهود ليسوا من المعاندين المتواطئين. إذا لقوا المسلمين حدّثوهم بما في التّوراة من صفة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله. فنهاهم كبراؤهم عن ذلك. وقالوا: لا تخبروهم بما في التّوراة من صفة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله. فيحاجّوكم به عند ربّكم. فنزلت هذه الآية].(٢)

( أَوَلا يَعْلَمُونَ ) هؤلاء( أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ ) من الكفر وما فتح الله وتحريف الكلم وغيره؟

( وَما يُعْلِنُونَ ) (٧٧) من الإيمان وغير ما فتح الله وتأويلاتهم وتحريفاتهم؟

( وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ ) ، اي: التّوراة( إِلَّا أَمانِيَ ) : استثناء منقطع.

والأمانيّ، جمع أمنيّة. وهي في الأصل: ما يقدّره الإنسان في نفسه.

( وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ) (٧٨): لا علم لهم.

روي أنّ رجلا قال للصّادق(٣) ـ عليه السّلام: إذا كان هؤلاء العوامّ(٤) من اليهود(٥) ، لا يعرفون الكتاب إلا ما يسمعونه من علمائهم، لا سبيل لهم إلى غيره، فكيف ذمّهم

__________________

(١) مجمع البيان ١ / ١٤٢.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٣) الاحتجاج ٢ / ٢٦٣.

(٤) ليس في ر.

(٥) ر: اليهود من العوامّ.

٥٨

بتقليدهم والقبول من علمائهم؟ وهل عوامّ اليهود إلّا كعوامّنا؟ يقلّدون علماءهم. فإن لم يجز لأولئك القبول من علمائهم، لم يجز لهؤلاء القبول من علمائهم.

فقال ـ عليه السّلام: بين عوامّنا وعلمائنا وبين عوامّ اليهود وعلمائهم، فرق من جهة وتسوية من جهة: أمّا من حيث استووا، فإنّ الله قد ذمّ عوامّنا بتقليدهم علماءهم كما قد ذمّ عوامّهم. وأمّا من حيث افترقوا، فلا.

قال: بيّن لي ذلك، يا بن رسول الله! قال ـ عليه السّلام: إنّ عوامّ اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصّراح وبأكل الحرام والرّشاء وبتغيير الأحكام عن واجبها بالشّفاعات والعنايات والمضايقات.(١) وعرفوهم بالتّعصّب الشّديد الّذي يفارقون به أديانهم. وأنّهم إذا تعصّبوا أزالوا حقوق من تعصّبوا عليه وأعطوا ما لا يستحقّه من تعصّبوا له من أموال غيرهم وظلموهم من أجلهم.

وعرفوهم يقارفون المحرّمات واضطرّوا بمعارف قلوبهم إلى أنّ من فعل ما يفعلونه، فهو فاسق، لا يجوز أن يصدق على الله ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله. فلذلك ذمّهم لـمّا قلّدوا من قد عرفوا ومن قد علموا أنّه لا يجوز قبول خبره ولا تصديقه في حكايته ولا العمل بما يؤدّيه إليهم عمّن لم يشاهدوه. ووجب عليهم النّظر بأنفسهم، في أمر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إذ كانت دلالته أوضح من أن تخفى وأشهر من أن لا تظهر (ص) لهم. وكذلك عوامّ أمّتنا، إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظّاهر والعصبية الشّديدة والتّكالب على حطام الدّنيا وحرامها وإهلاك من يتعصّبون عليه. وإن كان لإصلاح أمره مستحقّا. وبالرّفق(٢) والبر والإحسان على من تعصّبوا له. وإن كان للإذلال والإهانة مستحقّا. فمن قلّد من عوامّنا مثل هؤلاء الفقهاء، فهم مثل اليهود الّذين ذمّهم الله تعالى بالتّقليد لفسقة فقهائهم.

وأمّا من كان من الفقهاء، صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لأمر مولاه، فللعوامّ أن يقلدوه. وذلك لا يكون إلّا بعض فقهاء الشيعة، لا جميعهم. فأنّ من يركب(٣) من القبائح والفواحش، مراكب فسقة فقهاء(٤) العامّة، فلا تقبلوا منهم عنّا(٥) شيئا.

ولا كرامة لهم.(٦)

__________________

(١) المصدر: المضانعات.

(٢) المصدر: بالزخرف.

(٣) المصدر: فانّه من ركب.

(٤) ليس في المصدر.

(٥) المصدر: منّا عنه.

(٦) ليس في المصدر.

٥٩

( فَوَيْلٌ ) ، أي: تحسر وهلك.

مصدر. لا فعل له.

( لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ ) ، أي: المحرّف.

( بِأَيْدِيهِمْ ) : تأكيد.

( ثُمَّ يَقُولُونَ: هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ، لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ) ، أي: يحصلوا غرضا من أغراض الدّنيا. فإنّه قليل بالنّسبة إلى عقابهم.

( فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ ) من المحرّف.

( وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ) (٧٩) من الرّشى.

[وفي كتاب الاحتجاج،(١) للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ بإسناده إلى أبي محمّد العسكريّ ـ عليه السّلام ـ في قوله تعالى( وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَ ) : إن الأمّيّ، منسوب إلى أمّه، أي: كما هو خرج من بطن أمّه لا يقرأ ولا يكتب.( لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ ) المنزل من السّماء، ولا المتكلّم(٢) به. ولا يميّزون بينهما،( إِلَّا أَمانِيَ ) ، أي: إلّا أن يقرأ عليهم.

ويقال لهم: إنّ هذا كتاب الله وكلامه. لا يعرفون إن قرئ من الكتاب، خلاف ما هم فيه.( وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ) ، أي: ما يقرأ عليهم رؤساؤهم، من تكذيب محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ في نبوّته وإمامة عليّ، سيّد عترته. وهم يقلّدونهم. مع أنّه محرّم عليهم تقليدهم( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ) .

قال ـ عليه السّلام: قال الله تعالى: هذا القوم من اليهود، كتبوا صفة، زعموا أنّها صفة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله. وهي خلاف صفته. وقالوا للمستضعفين منهم: هذه صفة النّبيّ المبعوث في آخر الزّمان، أنّه طويل عظيم البدن والبطن، أهدف، أصهب الشّعر.

ومحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ بخلافه. وهو يجيء بعد هذا الزّمان، بخمسمائة سنة. وإنّما أرادوا بذلك، لتبقى لهم على ضعفائهم رئاستهم. وتدوم لهم إصاباتهم. ويكفوا أنفسهم مؤنة خدمة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وخدمة عليّ ـ عليه السّلام ـ وأهل خاصّته.

فقال الله ـ عزّ وجلّ:( فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ. وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ) » من هذه الصّفات المحرّمات المخالفات، لصفة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ وعليّ ـ عليه السّلام ـ الشّدة لهم من العذاب، في أسوء بقاع جهنم. وويل لهم الشّدّة من العذاب، ثانية مضافة

__________________

(١) الاحتجاج ٢ / ٢٦١.

(٢) المصدر: لا المتكذّب.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

[ ٢٣١٩٨ ] ٣ - وعنه، عن علي، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن وهب، عن جعفر، عن أبيه( عليهما‌السلام ) ، أنّه كره أن يشتري الرجل بدينار إلّا درهم وإلّا درهمين نسيئة، ولكن يجعل ذلك بدينار إلّا ثلثاً وإلّا ربعاً وإلّا سدساً أو شيئاً يكون جزءاً من الدينار.

[ ٢٣١٩٩ ] ٤ - وعنه، عن أبي عبدالله، عن الحسين بن الحسن الضرير، عن حماد بن ميسر(١) ، عن جعفر، عن أبيه( عليهما‌السلام ) أنّه كره أن يشتري الثوب بدينار غير درهم، لأنّه لا يدري كم الدينار من الدرهم.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على أنه لا بد من تقدير المبيع والثمن(٢) .

٢٤ - باب وجوب ذكر صرف الدراهم في بيع المرابحة

[ ٢٣٢٠٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد، عن محمّد بن أحمد النهدي(١٣) ، عن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال: قلت لأبي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّا نبعث بالدراهم لها صرف إلى الاهواز، فيشتري لنا بها المتاع، ثمّ نلبث فإذا باعه وضع عليه صرف، فإذا بعناه كان علينا أن نذكر له صرف الدراهم في المرابحة ويجزينا عن ذلك؟ فقال: لا بل إذا كانت المرابحة فاخبره بذلك، وإن كانت مساومة فلا بأس.

____________________

٣ - التهذيب ٧: ١١٦ / ٥٠٣.

٤ - التهذيب ٧: ١١٦ / ٥٠٤.

(١) في نسخة: حماد، عن ميسر ( هامش المخطوط ).

(٢) تقدم في الأبواب ٤، ٥، ١٨ من أبواب عقد البيع وشروطه.

الباب ٢٤

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٥: ١٩٨ / ٥.

(٣) في التهذيب: أحمد بن محمد النهدي.

٨١

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(١) .

وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم عن إسماعيل بن عبد الخالق نحوه(٢) .

٢٥ - باب وجوب ذكر الأجل في بيع المرابحة ان كان، فان لم يذكره كان للمشتري مثله

[ ٢٣٢٠١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن أيوب بن راشد، عن ميسر بياع الزطي قال: قلت لأبي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنا نشتري المتاع بنظرة فيجيء الرجل فيقول: بكم تقوّم عليك؟ فأقول: بكذا وكذا، فأبيعه بربح، فقال: إذا بعته مرابحة كان له من النظرة مثل مالك، قال: فاسترجعت، فقلت: هلكنا، فقال: ممّا؟ فقلت: لأنّ ما في الأرض ثوب إلّا أبيعه مرابحة فيشتري مني، ولو وضعت من رأس المال حتّى أقول: بكذا وكذا، فلمّا رأى ما شق عليّ، قال: أفلا أفتح لك بابا يكون لك فيه فرج؟ قل: قد قام عليّ بكذا وكذا وأبيعكه بزيادة كذا وكذا، ولا تقل بربح.

ورواه الصدوق بإسناده عن ميسر بياع الزطي نحوه(٣) .

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان نحوه(٤) .

____________________

(١) التهذيب ٧: ٥٨ / ٢٤٩.

(٢) التهذيب ٧: ٥٩ / ٢٥٦.

الباب ٢٥

فيه ٣ احاديث

١ - الكافي ٥: ١٩٨ / ٧.

(٣) الفقيه ٣: ١٣٤ / ٥٨٣.

(٤) التهذيب ٧: ٥٦ / ٢٤٥.

٨٢

[ ٢٣٢٠٢ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه،، وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) : في الرجل يشتري المتاع إلى أجل، قال: ليس له أن يبيعه مرابحة إلّا إلى الاجل الّذي اشتراه إليه، وإن باعه مرابحة ولم يخبره كان للّذي اشتراه من الاجل مثل ذلك.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(١) .

[ ٢٣٢٠٣ ] ٣ - وبإسناده عن الحسن بن محبوب، عن أبي محمّد الوابشي قال: سمعت رجلاً يسأل أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن رجل اشترى من رجل متاعاً بتأخير إلى سنة ثمّ باعه من رجل آخر مرابحة، أله أن يأخذ منه ثمنه حالا والربح؟ قال: ليس عليه إلّا مثل الذي اشترى، إن كان نقد شيئاً فله مثل ما نقد، وإن لم يكن نقد شيئاً آخر فالمال عليه إلى الاجل الذي اشتراه إليه، قلت له: فان كان الذي اشتراه منه ليس على مثله(٢) ، قال: فليستوثق من حقّه إلى الاجل الّذي اشتراه.

٢٦ - باب حكم من اشترى طعاماً فتغير سعره قبل أن يقبضه او دفع طعاما ونحوه عن اُجرة او دين فتغير سعره

[ ٢٣٢٠٤ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن ابن مسكان، عن

____________________

٢ - الكافي ٥: ٢٠٨ / ٣.

(١) التهذيب ٧: ٤٧ / ٢٠٣.

٣ - التهذيب ٧: ٥٩ / ٢٥٤.

(٢) في المصدر: بعلي.

الباب ٢٦

فيه ٦ أحاديث

١ - الفقيه ٣: ١٢٩ / ٥٦٢.

٨٣

الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) أنّه قال في رجل ابتاع من رجل طعاماً بدراهم فأخذ نصفه، ثمّ جاءه بعد ذلك وقد ارتفع الطعام أو نقص، فقال: إن كان يوم ابتاعه ساعره بكذا وكذا فهو ذلك، وإن لم يكن ساعره فإنّما له سعر يومه.

[ ٢٣٢٠٥ ] ٢ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في رجل ابتاع من رجل طعاما بدراهم فأخذ نصفه وترك نصفه، ثمّ جاءه بعد ذلك وقد ارتفع الطعام أو نقص، قال: إن كان يوم ابتاعه ساعره أن له كذا وكذا فانما له سعره، وإن كان إنما أخذ بعضاً وترك بعضاُ ولم يسم سعراً، فإنما له سعر يومه الذى يأخذه فيه ما كان.

ورواه الشيخ بإسناده عن ابن أبي عمير(١) .

أقول: لعل المراد بالمساعرة ما كان بصيغة السلم او البيع.

[ ٢٣٢٠٦ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في رجل اشترى طعاما كل كر بشيء معلوم، فارتفع الطعام او نقص، وقد اكتال بعضه فأبى صاحب الطعام أن يسلم له ما بقي، وقال: إنما لك ما قبضت، فقال: إن كان يوم اشتراه ساعره على أنّه له، فله ما بقي، وإن كان إنما اشتراه ولم يشترط ذلك فان له بقدر ما نقد.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم(٢) ، وكذا الذي قبله.

[ ٢٣٢٠٧ ] ٤ - وعن محمّد بن يحيى قال: كتب محمّد بن الحسن

____________________

٢ - الكافي ٥: ١٨١ / ١، والتهذيب ٧: ٣٤ / ١٤٢.

(١) لم نعثر عليه في التهذيب المطبوع.

٣ - الكافي ٥: ١٨١ / ٢.

(٢) التهذيب ٧: ٣٤ / ١٤٣.

٤ - الكافي ٥: ١٨١ / ٣.

٨٤

إلى أبي محمّد( عليه‌السلام ) : رجل استأجر أجيراً يعمل له بناء أو غيره وجعل يعطيه طعاماً وقطناً وغير ذلك، ثمّ تغير الطعام والقطن من سعره الذي كان أعطاه إلى نقصان أو زيادة، أيحتسب له بسعر يوم أعطاه، أو بسعر يوم حاسبه؟ فوقع( عليه‌السلام ) : يحتسب له بسعر يوم شارطه فيه إن شاء الله.

وأجاب( عليه‌السلام ) في المال يحل على الرجل فيعطي به طعاماً عند محلّه ولم يقاطعه ثمّ تغير السعر، فوقع( عليه‌السلام ) : له سعر يوم أعطاه الطعام.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار، قال: كتبت إلى أبي محمّد( عليه‌السلام ) وذكر الحديث(١) .

[ ٢٣٢٠٨ ] ٥ - وعنه قال: كتبت إليه في رجل كان له على رجل مال، فلمّا حل عليه المال أعطاه بها طعاما أو قطنا أو زعفرانا، ولم يقاطعه على السعر، فلمّا كان بعد شهرين أو ثلاثة ارتفع الطعام والزعفران والقطن أو نقص، بأي السعرين يحسبه؟ قال: لصاحب الدين(٢) سعر يومه الذي أعطاه وحلّ ماله عليه أو السعر الذي بعد شهرين أو ثلاثة يوم حاسبه؟.

فوقّع( عليه‌السلام ) : ليس له إلّا على حسب سعر وقت ما دفع إليه الطعام إن شاء الله.

قال: وكتبت إليه: الرجل استأجر أجيرا ليعمل له بناء أو غيره من الاعمال، وجعل يعطيه طعاماً أو قطناً وغيرهما، ثمّ تغير الطعام والقطن عن سعره الذي كان أعطاه إلى نقصان أو زيادة، أيحسب له بسعره يوم أعطاه أو بسعره يوم حاسبه؟.

____________________

(١) التهذيب ٧: ٣٥ / ١٤٤.

٥ - التهذيب ٦: ١٩٦ / ٤٣٢.

(٢) في التذكرة ٢: ٤: بأي السعرين يحسبه لصاحب الدين.

٨٥

فوقّع: يحسب له سعر يوم شارطه فيه ان شاء الله.

[ ٢٣٢٠٩ ] ٦ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن اسحاق بن عمار، عن أبي العطارد قال: قلت لأبي عبدالله( عليه‌السلام ) : أشتري طعاماً فيتغيّر سعره قبل أن اقبضه، قال: إنّي لاُحب أن تفي له كما أنّه إن كان فيه فضل أخذته.

ورواه الصدوق بإسناده عن إسحاق بن عمّار نحوه(١) .

٢٧ - باب حكم فضول المكائيل والموازين

[ ٢٣٢١٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن علي بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قلت له: إني أمرّ بالرجل فيعرض عليّ الطعام ويقول: قد أصبت طعاما من حاجتك، فأقول له: اخرجه أربحك في الكر كذا وكذا، فإذا أخرجه نظرت إليه فإن كان من حاجتي أخذته، وإن لم يكن من حاجتي تركته، قال: هذه المراوضة لا بأس بها.

قلت: فأقول له: اعزل منه خمسين كرا أو أقل أو أكثر بكيله(٢) ، فيزيد وينقص وأكثر ذلك ما يزيد لمن هي؟ قال: هي لك.

ثمّ قال: إنّي بعثت معتباً أو سلاماً فابتاع لنا طعاماً فزاد علينا بدينارين فقتنا به عيالنا بمكيال قد عرفنا، فقلت له: عرفت صاحبه؟ قال: نعم،

____________________

٦ - التهذيب ٧: ٣٩ / ١٦٥.

(١) الفقيه ٣: ١٢٩ / ٥٦٤.

الباب ٢٧

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٥: ١٨٢ / ٣.

(٢) في نسخة: نكيله ( هامش المخطوط )

٨٦

فرددنا عليه، فقلت: رحمك الله تفتيني بأن الزيادة لي وأنت تردها قد علمت أنّ ذلك كان له، قال: نعم إنما ذلك غلط الناس لان الذي ابتعنا به انما كان ذلك بثمانية دنانير أو تسعة ثمّ قال: ولكن أعد عليه الكيل.

[ ٢٣٢١١ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن عطية(١) قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) قلت: إنا نشتري الطعام من السفن ثمّ نكيله فيزيد؟ قال لي: وربما نقص عليكم؟ قلت: نعم، قال: فإذا نقص يردون عليكم؟ قلت: لا، قال: فلا بأس.

ورواه الصدوق بإسناده عن ابن أبي عمير مثله(٢) .

[ ٢٣٢١٢ ] ٣ - وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن فضول الكيل والموازين؟ فقال: إذا لم يكن تعديّاً(٣) فلا بأس.

ورواه الصدوق بإسناده عن عبد الرحمن بن الحجاج مثله(٤) .

[ ٢٣٢١٣ ] ٤ - وعن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن إسحاق المدايني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - أنه سأله فقال: إن صاحب الطعام يدعو كيالاً

____________________

٢ - الكافي ٥: ١٨٢ / ١، والتهذيب ٧: ٣٩ / ١٦٦.

(١) في الفقيه: الحسن بن عطية.

(٢) الفقيه ٣: ١٣٢ / ٥٧٥.

٣ - الكافي ٥: ١٨٢ / ٢، والتهذيب ٧: ٤٠ / ١٦٧.

(٣) في نسخة من الفقيه: تعدى ( هامش المخطوط ).

(٤) الفقيه ٣: ١٣١ / ٥٧٢.

٤ - الكافي ٥: ١٨٠ / ٩، وأورد صدره في الحديث ٧ من الباب ١٦ من هذه الأبواب.

٨٧

فيكيله لنا ولنا اُجراء فيعيرونه فيزيد وينقص، قال: لا بأس ما لم يكن شيء كثير غلط.

ورواه الصدوق بإسناده عن ابن مسكان(١) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يحيى(٢) وبإسناده عن محمّد بن يعقوب(٣) ، وكذا الحديثان قبله.

[ ٢٣٢١٤ ] ٥ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن فضول الموازين اللحم والقت ونحو ذلك، فأخبرته أنهم يشترون عندنا الوزنات بعشرة، واللحم الارطال بالدراهم، ولا يتزن إلّا راجحاً، وذلك الرجحان ليس له وقت يعرف، فقال: إذا كان ذلك بيع أهل البلد فانظر من ذلك الوسط فلا تعده.

[ ٢٣٢١٥ ] ٦ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبدالله( عليه‌السلام ) : آخذ الدراهم من الرجل فأزنها ثمّ اُفرّقها ويفضل في يدي منها فضل، قال أليس تزن الوفاء؟ قلت: بلى، قال: لا بأس.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن علي بن إسماعيل، عن إسحاق بن عمار نحوه(٤) .

____________________

(١) الفقيه ٣: ١٣٠ / ٥٦٨.

(٢) التهذيب ٧: ٣٨ / ١٦٠.

(٣) لم نعثر عليه في التهذيب المطبوع.

٥ - التهذيب ٧: ١٢٥ / ٥٤٨.

٦ - الفقيه ٣: ١٢٣ / ٥٣٧.

(٤) التهذيب ٧: ١١٠ / ٤٧٤.

٨٨

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٢٨ - باب وجوب احتساب العربون من الثمن

[ ٢٣٢١٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه، عن وهب، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) يقول: لا يجوز(١) العربون إلّا أن يكون نقداً(٢) من الثمن.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن أبي عبدالله(٣) .

ورواه الصدوق بإسناده عن وهب بن وهب(٤) .

ورواه الحميري في( قرب الإسناد) عن السندي بن محمّد، عن أبي البختري، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه( عليهما‌السلام ) (٥) .

____________________

(١) تقدم في الحديثين ١، ٤ من الباب ٢٠ من أبواب عقد البيع وشروطه.

(٢) لعله يأتي في الحديث ٢ من الباب ١٤ من ابواب بيع الثمار.

الباب ٢٨

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٥: ٢٣٣ / ١.

(٣) في التهذيب زيادة: بيع ( هامش المخطوط ).

(٤) في نسخة من التهذيب: هذا ( هامش المخطوط ).

(٥) التهذيب ٧: ٢٣٤ / ١٠٢١.

(٦) الفقيه ٣: ١٢٣ / ٤٣٨.

(٧) قرب الإِسناد: ٦٩.

٨٩

٢٩ - باب أن من اشترى الأرض بحدودها وما اُغلق عليه بابها فله جميع ما فيها

[ ٢٣٢١٧ ] ١ - محمّد بن الحسن الطوسي بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار أنه كتب إلى أبي محمّد( عليه‌السلام ) في رجل اشترى من رجل أرضاً بحدوها الاربعة وفيها زرع ونخل وغيرهما من الشجر، ولم يذكر النخل ولا الزرع ولا الشجر في كتابه، وذكر فيه أنّه قد أشتراها بجميع حقوقها الداخلة فيها والخارجة منها، أيدخل الزرع والنخل والاشجار في حقوق الأرض أم لا؟ فوقع: إذا ابتاع الأرض بحدودها وما أغلق عليه بابها فله جميع ما فيها إن شاء الله.

٣٠ - باب أن من باع واسستثنى نخلة او نخلات فله المدخل اليها والمخرج منها ومدى جرائدها إلّا مع الشرط

[ ٢٣٢١٨ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن الحسن - يعني الصفار - قال: كتبت إليه( عليه‌السلام ) - يعني الحسن بن علي العسكري( عليهما‌السلام ) - في رجل باع بستانا له فيه شجر وكرم، فاستثنى شجرة منها هل له ممرّ إلى البستان إلى موضع شجرته التي استثناها؟ وكم لهذه الشجرة التي استثناها إلى(١) حولها بقدر أغصانها أو بقدر موضعها الذي هي ثابتة فيه؟ فوقّع: له من ذلك على حسب ما باع وأمسك، فلا يتعدّى الحقّ

____________________

الباب ٢٩

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٧: ١٣٨ / ٦١٣ و ١٥٥ / ٦٨٥.

الباب ٣٠

فيه حديثان

١ - التهذيب ٧: ٩٠ / ٣٨١.

(١) في المصدر: من الأرض التي.

٩٠

في ذلك إن شاء الله.

[ ٢٣٢١٩ ] ٢ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قضى النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) في رجل باع نخلاً واستثنى غلّة نخلات فقضى له رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) بالمدخل إليها والمخرج منها، ومدى جرائدها.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم(١) .

ورواه الصدوق بإسناده عن إسماعيل بن مسلم، عن الصادق( عليه‌السلام ) (٢) .

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في إحياء الموات(٣) .

٣١ - باب حكم من اشترى بيتاً في دار هل يدخل الأعلى والأسفل أم لا؟

[ ٢٣٢٢٠ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار أنّه كتب إلى أبي محمّد الحسن بن علي( عليه‌السلام ) في رجل اشترى من رجل بيتاً في داره بجميع حقوقه وفوقه بيت آخر، هل يدخل البيت الاعلى في حقوق البيت الاسفل أم لا؟ فوقع( عليه‌السلام ) : ليس له إلّا ما اشتراه باسمه وموضعه إن شاء الله.

____________________

٢ - الكافي ٥: ٢٩٥ / ١.

(١) التهذيب ٧: ١٤٤ / ٦٤٠.

(٢) الفقيه ٣: ٥٧ / ٢٠٠.

(٣) يأتي في الباب ١٠ من أبواب إحياء الموات.

الباب ٣١

فيه حديثان

١ - التهذيب ٧: ١٥٠ / ٦٦٤.

٩١

ورواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار أيضاً مثله(١) .

[ ٢٣٢٢١ ] ٢ - وبالإسناد عن الصفار أنه كتب إليه في رجل اشترى حجرة أو مسكنا في دار بجميع حقوقها وفوقها بيوت ومسكن آخر، فتدخل البيوت الاعلى والمسكن الاعلى في حقوق هذه الحجرة اوالمسكن الاسفل الذي اشتراه أم لا، فوقّع: ليس له من ذلك إلّا الحق الذي اشتراه إن شاء الله.

أقول: قد فهم منه جماعة من فقهائنا دخول ما تناوله اللفظ لغة أو عرفاً(٢) .

٣٢ - باب ان من باع نخلاً مؤبراً (*) فالثمرة للبائع و إلّا فللمشتري إلّا مع الشرط

[ ٢٣٢٢٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى(٣) ، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبدالله بن هلال، عن عقبة بن خالد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قضى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أنّ ثمر النخل للذي أبرها، إلّا أن يشترط المبتاع.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٤) .

____________________

(١) الفقيه ٣: ١٥٣ / ٦٧٢.

٢ - التهذيب ٧: ١٥٠ / ٦٦٥.

(٢) راجع شرائع الاسلام ٢: ٢٧، والايضاح ١: ٥٠٠، والروضة البهية ١: ٣٩٣.

الباب ٣٢

فيه ٣ أحاديث

* - مؤبراً: ملقحاً ( الصحاح - أبر - ٢: ٥٧٤ ).

١ - الكافي ٥: ١٧٨ / ١٧.

(٣) ليس في التهذيب.

(٤) التهذيب ٧: ٨٧ / ٣٧١.

٩٢

[ ٢٣٢٢٣ ] ٢ - وعن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن يحيى بن أبي العلاء قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : من باع نخلاً قد لقح فالثمرة للبائع إلّا أن يشترط المبتاع، قضى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) بذلك.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن سماعة مثله(١) .

[ ٢٣٢٢٤ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال أميرالمؤمنين( عليه‌السلام ) : من باع نخلاً قد أبره فثمره للبائع، إلّا أن يشترط المبتاع، ثمّ قال(٢) : قضى به رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) .

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى(٣) .

٣٣ - باب أن من أمر أحداً أن يشتري له متاعاً لم يجز أن يشتري لنفسه، ثمّ يبيع إياه بربح ولا يعلمه

[ ٢٣٢٢٥ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الصفار، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن علي بن سليمان قال: قلت له: الرجل يأتيني فيقول: اشتر ثوباً بدينار أو أقل أو أكثر، وأشتري له بالثمن الّذي يقول، ثمّ

____________________

٢ - الكافي ٥: ١٧٨ / ١٢.

(١) التهذيب ٧: ٨٧ / ٣٦٩.

٣ - الكافي ٥: ١٧٧ / ١٤.

(٢) اضاف في المصدر: علي (عليه‌السلام ).

(٣) التهذيب ٧: ٨٧ / ٣٧٠.

الباب ٣٣

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٧: ٢٢٨ / ٩٩٧.

٩٣

أقول له: هذا الثوب بكذا وكذا بأكثر من الذي اشتريته، ولا اُعلمه أنّي ربحت عليه، وقد شرطت على صاحبه أن ينقد بالّذي أزيد(١) ، ولا أردّ به عليه، فهل يجوز الشرط والربح أو يطيب لي شيء منه، وهل يطيب لي أن أربح إذا كنت استوجبته من صاحبه؟ فكتب: لا يطيب لك شيء من هذا فلا تفعله.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الآداب(٢) .

٣٤ - باب ان من نقد عن المشتري الثمن ولو مع قدرته جاز له الشراء منه بربح

[ ٢٣٢٢٦ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن ابن مسكان، عن الحلبي قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن رجلين من الصيارفة ابتاعا ورقاً بدنانير، فقال: أحدهما لصاحبه: انقد عنّي، وهو موسر لو شاء أن ينقد نقد، فينقد عنه، ثمّ بدا له أن يشتري نصيب صاحبه بربح، أيصلح؟ قال: لا بأس به.

أقول: وتقدّم مايدلّ على ذلك(٣) .

____________________

(١) في المصدر: اُريد

(٢) تقدم في الباب ٦ من أبواب آداب التجارة.

الباب ٣٤

فيه حديث واحد

١ - الفقيه ٣: ١٨٤ / ٨٣٢، وأورده في الحديث ١ من الباب ٨ من أبواب الصرف.

(٣) تقدم في الباب ١٥ من هذه الأبواب.

٩٤

٣٥ - باب حكم اشتراط المشتري كون الوضيعة على البائع وجواز كل شرط سايغ مقدور

[ ٢٣٢٢٧ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن عبد الملك بن عتبة قال: سألت أبا الحسن موسى( عليه‌السلام ) عن الرجل ابتاع منه طعاما، أو ابتاع منه متاعاً علىّ أن ليس عليّ منه وضيعة، هل يستقيم هذا؟ وكيف يستقيم وجه ذلك؟ قال: لا ينبغي.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في خيار الشرط(١) ، وغيره(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٣٦ - باب أنه إذا عين نقداً لزم وإلّا انصرف إلى نقد البلد

[ ٢٣٢٢٨ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الصفّار، عن محمّد بن عيسى، عن أبي علي بن راشد قال: سألته قلت: جعلت فداك رجل اشترى

____________________

الباب ٣٥

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٧: ٥٩ / ٢٥٣، وأورده في الحديث ٣ من الباب ١٤ من أبواب بيع الحيوان.

(١) تقدم في الباب ٦ من أبواب الخيار.

(٢) تقدم في الحديثين ٣، ٤ من الباب ٢٦ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي ما يدل على بعض المقصود في الحديثين ٣، ٥ من الباب ٤ من أبواب المكاتبة، وفي الباب ٣٦ من هذه الأبواب.

الباب ٣٦

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٧: ٢٢٩ / ٩٩٨.

٩٥

متاعاً بألف درهم أو نحو ذلك ولم يسمّ الدراهم وضحا(١) ولا غير ذلك؟ قال: فقال: إن شرط عليك فله شرطه، وإلّا فله دراهم الناس الّتي تجوز بينهم.

قال: وإنّما أردت بذلك معرفة ما يجب عليّ في المهر لأنّهم قالوا: لا تأخذ إلّا وضحاً وإنما تزوجت على دراهم مسمّاة، ولم نقل وضحاً ولا غير ذلك.

٣٧ - باب أنه يجوز للبائع أن يرشو وكيل المشتري لئلّا يأخذ منه أكثر من حقه، ولا يجوز أن يرشوه ليأخذ اقل

[ ٢٣٢٢٩ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن إسماعيل بن أبي سماك(٢) ، عن محمّد بن أبي حمزة، عن حكيم بن حكم الصيرفي(٣) قال: سمعت أبا الحسن( عليه‌السلام ) (٤) وسأله حفص الاعور، فقال: إنّ السلطان يشترون منّا القرب والأداوى(٥) فيوكّلون الوكيل حتّى يستوفيه منّا فنرشوه حتّى لا يظلمنا، فقال: لا بأس ما تصلح به مالك، ثمّ سكت ساعة ثمّ قال(٦) : إذا أنت رشوته يأخذ أقل من الشرط؟ قلت: نعم، قال: فسدت رشوتك.

____________________

(١) الوضح من الدراهم، هي الدراهم الصحيحة ( مجمع البحرين - وضح - ٢: ٤٢٤ ).

الباب ٣٧

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٧: ٢٣٥ / ١٠٢٥.

(٢) في المصدر: إسماعيل بن أبي سمال

(٣) في المصدر: حكم بن حكيم الصيرفي.

(٤) في المصدر: أبا عبدالله (عليه‌السلام ).

(٥) الاداوى: جمع أداوة، وهي آنية كانوا يستعملونها ( القاموس المحيط - أدو - ٤: ٢٩٨ ).

(٦) في المصدر زيادة: أرأيت.

٩٦

أبواب أحكام العيوب

١ - باب أن كل ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب يثبت به الخيار في الرد إلّا مع التبري من العيوب

[ ٢٣٢٣٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد، عن السياري قال: روي عن ابن أبي ليلى أنّه قدّم إليه رجل خ ص ما له فقال: إن هذا باعني هذه الجارية، فلم أجد على ركبها حين كشفتها شعرا، وزعمت أنّه لم يكن لها قط. قال: فقال له ابن أبي ليلى: إنّ الناس يحتالون لهذا بالحيل حتّى يذهبوا به، فما الذى كرهت؟ قال: أيّها القاضي إن كان عيباً فاقض لي به، قال: اصبر حتّى أخرج إليك فإني أجد أذى في بطني، ثمّ دخل وخرج من باب آخر، فأتى محمّد بن مسلم الثقفي فقال له: أيّ شيء تروون عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) في المرأة لا يكون على ركبها شعر، ايكون ذلك عيباً؟ فقال: محمّد بن مسلم: أمّا هذا نصّاً فلا أعرفه، ولكن حدّثني أبو جعفر

____________________

أبواب أحكام العيوب

الباب ١

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٥: ٢١٥ / ١٢.

٩٧

( عليه‌السلام ) عن أبيه، عن آبائه( عليهم‌السلام ) ، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أنّه قال: كلّ ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب، فقال له ابن أبي ليلى: حسبك، ثمّ رجع إلى القوم فقضى لهم بالعيب.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود في الخيار(٢) ، وغيره(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

٢ - باب اقسام العيوب وما يرد منه المملوك من أحداث السنة

[ ٢٣٢٣١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضال، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) قال: تردّ الجارية من أربع خصال: من الجنون والجذام والبرص والقرن، القرن: الحدبة، إلّا أنه تكون في الصدر تدخل الظهر وتخرج الصدر.

ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد مثله، إلّا أنّه قال: والقرن والحدبة لأنّها تكون في الصدر إلى آخره(٥) .

[ ٢٣٢٣٢ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى وغيره جميعاً، عن أحمد بن محمّد،

____________________

(١) التهذيب ٧: ٦٥ / ٢٨٢.

(٢) تقدم في الباب ١٦ من أبواب الخيار.

(٣) تقدم في الباب ٢٤ من أبواب الذبح.

(٤) يأتي في الأبواب ٣، ٥، ٧، ٨ من هذه الأبواب.

الباب ٢

فيه ٨ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٢١٦ / ١٥.

(٥) التهذيب ٧: ٦٤ / ٢٧٧.

٢ - الكافي ٥: ٢١٧ / ١٧.

٩٨

عن أبي همام قال: سمعت الرضا( عليه‌السلام ) يقول: يردّ المملوك من أحداث السنة من الجنون والجذام والبرص، فقلت: كيف يردّ من أحداث السنة؟ قال: هذا أوّل السنة، فإذا اشتريت مملوكاً به شيء من هذه الخصال ما بينك وبين ذى الحجة رددته على صاحبه.

فقال له محمّد بن علي: فالاباق؟ قال: ليس الاباق من ذا إلّا أن يقيم البيّنة أنه كان آبق عنده.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي همام قال: سمعت الرضا( عليه‌السلام ) يقول وذكر نحوه إلّا أن قال: والبرص والقرن(١) .

ورواه أيضاً بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن محمّد بن عبد الحميد، عن محمّد بن علي، عن الرضا( عليه‌السلام ) نحوه إلى قوله: على صاحبه(٢) .

[ ٢٣٢٣٣ ] ٣ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن الوشاء، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال - في حديث - وعهدته - يعني الرقيق - السنة من الجنون، فما بعد السنة فليس بشيء.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله(٣) .

[ ٢٣٢٣٤ ] ٤ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن علي بن أسباط، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول:

____________________

(١) التهذيب ٧: ٦٣ / ٢٧٣.

(٢) التهذيب ٧: ٦٤ / ٢٧٥.

٣ - الكافي ٥: ١٧٢ / ١٣، وأورده بتمامه في الحديث ٧ من الباب ٣ من أبواب الخيار.

(٣) التهذيب ٧: ٢٥ / ١٠٥.

٤ - الكافي ٥: ٢١٦ / ١٦، وأورد صدره في الحديث ٥ من الباب ١، وفي الحديث ٨ من الباب ٣ من أبواب الخيار.

٩٩

الخيار في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري، وفي غير الحيوان أن يتفرقا.

وأحداث السنة تردّ بعد السنة، قلت: وما أحداث السنة؟ قال: الجنون والجذام والبرص والقرن، فمن اشترى فحدث فيه هذه الاحداث، فالحكم أن يردّ على صاحبه إلى تمام السنة من يوم اشتراه.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(١) .

[ ٢٣٢٣٥ ] ٥ - قال الكليني: وروى عن يونس أيضاً أنّ العهدة في الجنون والجذام والبرص سنة.

[ ٢٣٢٣٦ ] ٦ - قال: وروى الوشا إنّ العهدة في الجنون وحده إلى سنة.

[ ٢٣٢٣٧ ] ٧ - محمّد بن علي بن الحسين في( الخصال) عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن ابن فضال، عن أبي الحسن الثاني( عليه‌السلام ) قال: في أربعة أشياء خيار سنة: الجنون والجذام والبرص والقرن.

[ ٢٣٢٣٨ ] ٨ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن علي بن محمّد بن يحيى الخزاز، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن أبي إسحاق، عن ميسر، عن جابر، عن الهيثمّ بن عبد العزيز، عن شريح قال: أتى عليّا( عليه‌السلام ) خصمان فقال أحدهما: إنّ هذا باعني شاة تأكل الذبّان، فقال: يا شريح لبن طيب بغير علف قال: فلم يردّها.

____________________

(١) التهذيب ٧: ٦٣ / ٢٧٤.

٥ - الكافي ٥: ٢١٧ / ذيل الحديث ١٧.

٦ - الكافي ٥: ٢١٧ / ذيل الحديث ١٧.

٧ - الخصال: ٢٤٥ / ١٠٤.

٨ - التهذيب ٧: ٧٥ / ٣٢٢.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473