وسائل الشيعة الجزء ٢٤

وسائل الشيعة13%

وسائل الشيعة مؤلف:
المترجم: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 449

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 449 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 252441 / تحميل: 5762
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٢٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

فقال : هو كما يعمي المطر ويعمي البحر بزبده ، وأراد كثرة الدعاء لها بالاستسقاء.

وقال الأزهري : كأنه لمّا كثر هذا الحرف في كلامهم حذفوا بعض حروفه المعرفة المخاطب به ، وهذا كقولهم : لا هُمَّ ، وتمام الكلام (اللهُمَّ) ، وكقولك : لَهِنَّكَ ، والأصلُ (للهِ إنَّك)(١) .

وكيف كان فالمقصود أنَّ من عادات العرب أنهم يقولون عند التحيَّة في الغداة : عم صباحاً.

وفي المساء : عم مساءً ، أي : انعم صباحك ومساءك ، من النعومة.

قال امرؤ القيس بن حجر الكندي :

ألا عِمْ صباحاً أیُّها الطَّللُ البالي

وهَلْ يَعِمَنْ مَنْ كانَ في العُصُرِ الخالي

وقال في (مجمع البحرين) : (اختلفت الأقاويل في معنى (السلام عليك) فمن قائل : معناه (الدعاء) أي : سَلِمتَ من المكاره.

ومن قائل : معناه (اسم الله عليك) ، أي : أنت في حفظه ، كما يقال : (الله معك) ، وإذا قلت : (السلام علينا) ، أو (السلام على الأموات) فلا وجه ؛ لكون المراد به الإعلام بالسلامة ، بل الوجه أن يقال : هو دعاء بالسلامة لصاحبه من آفات الدنيا ، ومن عذاب الآخرة ، وضعه الشارع موضع التحيَّة والبشري بالسلامة.

ثم إنه اختار لفظ (السلام) وجعله تحيّةً لما فيه من المعاني ، أو لأنه مطابق للسلام الَّذي هو اسم من أسماء الله تيَّمُناً وتبرُّكاً ، وكان يُحيّى به قبل الإسلام ، ويُحيّی بغيره ، بل كان السلام أقل ، وغيره أكثر وأغلب ، فلمَّا جاء الإسلام اقتصروا عليه ومنعوا ما سواه من تحايا الجاهلية.

__________________

(١) لسان العرب ١٢ : ٦٤١.

٢٨١

قالرحمه‌الله : وإيراده على صيغة التعريف أزين لفظاً ، وأبلغ معنی) ، انتهى(١) .

ولعمري إن هذا تبدیل بالأحسن ؛ لأن الحياة إن لم تكن مقرونة بالسلامة لي يعتد بها ، بل لعلَّ الموت خير منها.

[أحكام السلام]

إذا عرفت ذلك فهنا فروع :

الأوَّل : قَدْ عرفت أنَّ السلام من السُّنن الخاصة المؤكّدة ، وردّه فرض ؛ لصيغة الأمر الدالّة على الوجوب في آية التحيَّة(٢) ، المراد بها السلام ظاهراً على ما نصّ عليه أهل اللُّغة ، ودلّ عليه العرف.

قال في (القاموس) : (التحيَّة ، هي : السلام )(٣) .

وفي (لسان العرب) : (والتحيَّة : السلام ، وقد حيَّاهُ تحيَّةً )(٤) .

فلو كانت التحيَّة بغير لفظ السلام كقولك : صبّحك الله بالخير ، أو مسّاك الله بالخير ، لم يجب الردّ كما عليه الأكثر ، واختاره الأُستاذ (طاب ثراه) في (العروة)(٥) ، وذهب غير واحد من الفقهاء إلى وجوب الرد حينئذ ، منهم الفاضل المقدادرحمه‌الله في (کنز العرفان) ، فقد صرّح بأنه : (ليس المراد بحُيِّيتم في الآية : سلام عليکم ، بل كلّ تحيّة وبِرٍّ وإحسان )(٦) .

__________________

(١) مجمع البحرين ٢ : ٤٠٨.

(٢) وردت آية التحية في سورة النساء آية ٨٦ ، وهي : ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴾.

(٣) القاموس المحیط ٤ : ٣٢٢.

(٤) لسان العرب ١٤ : ٢١٦.

(٥) العروة الوثقی ٣ : ٢٢ مسألة ٢٧.

(٦) كنز العرفان ١ : ٢٢٣.

٢٨٢

واستند في ذلك إلى ما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره عن الصادقينعليهما‌السلام أنه قال : «التحيَّة السلام وغيرُه من البرّ » ، انتهى(١) .

وربّما يُرشد إلى ذلك ما رواه في (المناقب) ، قال أنس : «حيّت جارية للحسنعليه‌السلام بطاقة ريحان ، فقال لها : «أنتِ حُرَّة لوجه الله » ، فقلت له في ذلك؟ فقال : «أدَّبنا الله عزَّ وجلَّ فقال : ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ ﴾ الآية ، وكان أحسن منها إعتاقها»»(٢) .

وما عن (الخصال) ، فيما علّم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه ، قال : «إذا عطس أحدكم فسمِّتوه ، قولوا : يرحمك الله ، ويقول : يغفر الله لكم ويرحمكم ، قال الله تعالى : ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم ﴾ الآية»(٣) .

وقولهعليه‌السلام : «وحيَّا كما الله من كاتبين»(٤) .

أقول : لا شكّ في إطلاق التحيَّة قبل الإسلام على ما يشمل السلام وغيره من التحيَّات المعروفة عند الجاهلية كما تقدّم تفصيله ، فلمَّا جاء الإسلام اقتصروا من التحايا على السلام ، وتغلّب فيه الاستعمال كما هو الشائع في العرف وعند أهل البيتعليهم‌السلام من حيث لم يستعملوا سواه ، بل في (الكافي) عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : يُكره للرجل أن يقول : حيّاك الله ، ثُمَّ يسكت حَتَّى يتبعها بالسلام »(٥) .

__________________

(١) تفسیر القمي ١ : ١٤٥.

(٢) مناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام ٣ : ١٨٣.

(٣) الخصال : ٦٣٣.

(٤) مصباح المتهجد : ٢١٧ ح ٦٩ / ٣٣١ ضمن دعاء يُقرأ بعد الفجر.

(٥) الكافي ٢ : ٦٤٦ ح ١٥.

٢٨٣

فلا ريب في أنَّ إطلاق الآية يحمل على ذلك ، فأمّا الروايات المذكورة المتضمِّنة لإطلاق التحيَّة في الآية الشريفة على غير السلام من أنواع البرّ والإحسان ، فعلی تقدیر صحَّتها يمكن أن يكون ذلك من البطون التي أخبروا بهاعليهم‌السلام ، فلا ينافي كون المراد من ظاهرها خاصَّة السلام.

والحاصل : أنَّه لا يجب ردّ غير السلام من أفراد التحيَّة ، كما قاله الأكثر ؛ للأصل وعدم الدليل الدال على الوجوب ، بل ويظهر من بعض الروايات تخصيص الوجوب بالسلام خاصة ، كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من بدأ بالكلام قبل السلام ، فلا تجيبوه »(١) .

إذ غير السلام من الأفراد داخل تحت عموم الكلام ، والعجب من المعاصر النوريرحمه‌الله في (شرح نجاة العباد) حيث استظهر عدم الإشكال في وجوب الرد في غير الصلاة ، وجعل محلّ الكلام في حال الصلاة ، مع اعترافه بأنَّ كثيراً من المفسِّرين وأهل اللُّغة فسّروا التحيَّة بالسلام(٢) ، وأنه على هذا لا عموم في الآية الكريمة ، هذا كلُّه في غير حال الصلاة ، وأمّا فيها فالأحوط الرد بقصد الدعاء إذا كان ممَّن يستحق الرد ؛ لما ثبت من جواز الدعاء في الصلاة لنفسه ولغيره وبدون ذلك لا يجوز.

الثاني : يجب ردُّ السلام نطقاً ، ولو كان في حال الصلاة ، وهو المجمع ع بین علمائنا كما في (التذكرة)(٣) ؛ ولإطلاق الأمر بالرد المتناول لحال الصلاة وغيرها ؛ ولأن ترك الجواب إهانة ، ولا يجوز إهانة المؤمن.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٤٤.

(٢) وسيلة المعاد في شرح نجاة العباد ٢ : ٤١٠.

(٣) تذکرة الفقهاء ٣ : ٣٧٦.

٢٨٤

الثالث : الظاهر من الآية المعقبة بناء التعقيب من قوله تعالى : ﴿فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ﴾ وجوب الفورية ، وفي (الجواهر) : (أنه ظاهر الأدلة والفتاوی )(١) .

وفي الحدائق : (أن معناه تعجيله بحيث لا يُعدُّ تاركاً له عرفاً ) ، انتهى(٢) .

ولا فرق في ذلك بين سائر الأحوال حَتَّى حال الصلاة ؛ وذلك لإطلاق الآية ، وعليه فالكلام يقع في مقامين :

المقام الأول : لو عصى المكلّف بالتراخي العرفي في غير حال الصلاة وأخلّ بالفورية ، أو ترکه ساهياً ، فهل يجب عليه إتيانه ثانياً ، وإن عصي فثالثاً ، وهكذا فوراً ففوراً ، أو أنه يسقط الوجوب بفوت الوقت ، أو يبقى الوجوب مُوسَّعاً ، فالساقط الفورية دون الوجوب ، اختار الأول الأردبيليرحمه‌الله في (شرح الإرشاد)(٣) ؛ نظراً منه إلى مقتضى ظاهر الواجبات الفورية في سائر الموارد ، فإنَّها من قبيل تعدُّد المطلوب ، وأنَّه لو كان المسلم حاضراً وجب عليه الرد دائماً ، ولو غاب يجب عليه قصده أينما كان حَتَّى يرد عليه ، بل احتمل الوجوب في نفسه ، ومع عدم إمكان الوصول إلى المسلِّم وعدم سماعه ؛ إذ ذاك يجب مع إمكانه ، فلا يسقط حينئذ أصل الرد ، وفيه أن الكلّية غير مسلَّمة في الواجبات الفورية ، وليس كلّ واجب فوري يتعدد فيه المطلوب ، بل إنَّما هو فيما إذا استفید فوريتها من الأمر ولو بالقرينة ، بخلاف ما نحن فيه ، فإنَّ فوریته مستفادة من الكيفية المأخوذة في ردِّ التحيَّة عُرفاً ، فهي من أوصاف المأمور به وقيوده ، أعني الرد لا الأمر.

__________________

(١) جواهر الكلام ١١ : ١٠٤.

(٢) الحدائق الناضرة ٩ : ٨١.

(٣) مجمع الفائدة ٣ : ١٢٢.

٢٨٥

وبعبارة اُخرى : إنَّ السلام وردَّه من قبيل الخطاب والجواب المرتبط أحدهما بالآخر ربطاً وضعياً ، نظير القبول الملحوظ فيه الفورية ؛ لربطه بالإيجاب ربطاً وضعياً ؛ ولذا لا يُكتفى بإتيانه في ثاني الحال وثالثه عند التخلُّف في أول الحال إلا بإعادة الإيجاب ثانياً ، وعلى هذا فمتى اُخلّ بالفورية العرفية سقط أصلُ الوجوب ، فعدم الوجوب حينئذ في ثاني الحال وثالثه ؛ لعدم صدق الردِّ عرفاً ، نظير ما لو قال المولى : إذا ركب الأمير فخذ ركابه. فكما أن من المعلوم وجوب المبادرة إلى الأخذ بالركاب حال الرکوب ، أيضاً من المعلوم عدم وجوب الأخذ في ثاني الحال وثالثه ، وما ذلك إلا من حيث فوات الكيفية المطلوبة فيه ، فلا يجب التلافي بعد ذلك لا قضاءً ولا أداءً.

بل لنا اختيار عدم وجوب الردِّ في الحال الثاني حَتَّى مع استفادة الفورية من نفس الأمر ، وهو الحق الحقيق الَّذي عليه أهل التحقيق ؛ إذ الظاهر من الصيغة على القول بدلالتها بنفسها على الفور هو الوجوب في أول الوقت ، والظاهر هو الحجّة وهو تكلیف واحد من قبيل المطلق والمقيَّد ، والحقُّ أنَّ المقيَّد ينتفي بانتفاء قيده ، فلا يبقى تكليف في الوقت الثاني مع الشك فيه ، كما هو مقتضی أصل البراءة ، وثبوت وجوب الموقَّت بعد فوات الوقت خلاف التحقيق ؛ لأن الجنس لا بقاء له بعد انتفاء الفصل كما حُقّق في محلّه.

والحقُّ أنَّ القضاء بفرض جديد فالخطاب غير شامل لثاني الحال ، ووجو مالم يشمله الخطاب غير معقول ، هذا كلّه مضافاً إلى السيرة القطعية وهو اختيار

٢٨٦

الشيخ في (الجواهر) ، وسيدنا الأُستاذ (طاب ثراه) في (العروة)(١) ، وممَّا ذكرنا تعرف ما في الوجه الثالث ، بل هو باطل حَتَّى مع البناء على اختلاف کيفيات الفور ، فبعضها على نحو تعدُّد المطلوب ، وبعضها على نحو وحدة المطلوب ؛ إذ مع الشك في دخول واجب فوري في أحد القسمين بخصوصه لم يكن لنا الحكم بإرادة بقائه في الذمَّة لو انتفت الفورية عمداً أو سهواً ؛ لأنَّ الشك حينئذ في التكليف الزائد المدفوع بالأصل ، ولا مجال للتمسُّك بالاستصحاب ، فإنَّه من قبيل الشكّ السَّببي الَّذي يُقدّم فيه الأصل على المسبَّب قطعاً.

المقام الثاني : فيما لو عصى المكلّف بالتراخي العرفي في أثناء الصلاة ، ففي بطلان ذلك وعدمه وجوه :

الأول : البطلان مطلقاً ؛ وستعرف وجه الإطلاق ، وهو اختيار العلّامة في (التحرير) قالرحمه‌الله : (لو ترك المصلّي ردَّ السلام مع تعيينه عليه ، فالوجه بطلان صلاته) ، انتهى(٢) .

وربّما يُستدل له بأن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن الضد الخاص ، أو عدم الأمر به كما هو المنقول عن البهائي(٣) ، وضعفهما ظاهر ، أمّا الأول :

فلمنع الاقتضاء أولاً ، وثانياً وإنْ سلّمنا الاقتضاء فيدل عليه من باب المقدِّمة وبالتبعية ، ولو سلَّمنا دلالة النهي على الفساد في العبادات فهو مخصوص بالنهي

__________________

(١) مجمع الفائدة ٣ : ١١٤ وما بعدها ضمن أحكام السلام ، العروة الوثقى ٣ : ١٥ وما بعدها ضمن مبطلات الصلاة.

(٢) تحرير الأحكام ١ : ٢٦٩.

(٣) تعليقة على معالم الأُصول للقزويني ٣ : ٦٥٦.

٢٨٧

الأصلي لا التبعي ، مع أنَّ بطلان الصلاة ببطلان الجزء لا يتمُّ إلا إذا لم يتدارك فتأمَّل ، ومجرد القراءة المحرَّمة أو الذكر المحرَّم بين الصلاة لا دليل على كونه مبطلاً ، مع أنَّ تخصيص الكلام بالذكر والقراءة لا وجه له ؛ إذ قَدْ يضاد الردّ بعض الأكوان والأفعال كما لو سلّم عليه ومرّ مستعجلاً وتوقَّف إيصال جوابه إلى مشي وحركة ولا يمكن إيصاله برفع الصوت ، فإنَّ الأمر بالردّ يقتضي النهي عن الكون لا عن الذكر والقراءة.

وأمّا عن الثاني ؛ فلأن عدم الأمر بالضد لمانع الاستهجان العرفي أو العقلي لا ينافي المحبوبية الواقعية ، فالصلاة في حال الأمر بالردّ محبوبة وإن لم يمكن الشارع الأمر بها ، فيقصد المصلّي التارك للردّ أمثال المحبوبية الواقعية حينئذ ، وهو من المحقّق في محلّه في الأُصول.

هذا ، وربّما يُدَّعی ظهور النصوص في وجوب الرد في الصلاة ، فيكون کسائر ما يجب في الصلاة من الستر والاستفال ونحوهما ، ولا ينافيه وجوبه قبلها ؛ إذ هو فهم عرفي من اللفظ كالمحرم قبل الصلاة لو فرض مجيء نهي به نحو : لا تنظر إلى الأجنبية في الصلاة. وفيه أنه لاشك في ظهور الأدلَّة في إرادة أنَّ الصلاة لا تمنع من وجوب الردّ ، لا أنّه من واجبات الصلاة.

الثاني : وهو الأظهر عام البطلان مطلقاً كما اختاره الشيخ في (الجواهر) ، والسيد الأُستاذ في (العروة) تبعاً (للدروس) و (البيان) و (الذكری) و (الموجز)

٢٨٨

و (جامع المقاصد) و (فوائد الشرائع) و (الإرشاد) و (المسالك)(١) لما عرفت من بطلان الوجهين المزبورين اللَّذينِ يمكن الاستناد إليهما في القول بالبطلان.

الثالث : التفصيل بين ما لو اشتغل بشيء من الواجب في زمان الترك ، فالمتَّجه بطلان الصلاة وعدمه ، فالصحَّة بتقريب أن التعمُّد بالترك موجب لفساد الجزء المستلزم لفساد الكلّ ، إمّا لاقتضاء الأمر بالشيء والنهي عن الضدّ الخاص ، أو لعدم الأمر به ، فيلزم التشريع المفسد للجزء المستلزم لفساد الكلّ ، بحيث لا يجزي بعد إعادته على الوجه الصحيح ، أو لأنه في مثل المفروض من نحو کلام الآدميين في البطلان ، بخلاف ما لو ترك الردَّ وسكت حَتَّى مضى زمان الرد ، ثُمَّ اشتغل بالقراءة فإنَّه لا يبطل ؛ لعدم المقتضي ، وقد عرفت الجواب عمّا عدا الأخير ، وأمّا عنه فهو أنَّ القرآن قرآن بالنظم والأُسلوب ، وحرمة القراءة ـ على فرض تسليمها ـ لا تلحقه بكلام الآدميين مادام قصده الحكاية لكلام الله التي لا تحقق القرآنية بدونها ، إنْ هو إلّا كقراءة المجنب القرآن.

الرابع : يُستحب إفشاء السلام وتأكيده ، وفيه من الفضل حَتَّى قيل أنه مندوب أفضل من ردِّه الواجب ، ويدلُّ عليه مارواه في الكافي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : «من التواضع أن تسلّم على من لقيت »(٢) .

فإنَّ التواضع المطلوب لا يحصل عرفاً إلّا بالإفشاء ، وعن أبي جعفرعليه‌السلام قال : «كان سلمان رحمه‌الله يقول : افشوا سلام الله ؛ فإن سلام الله لا ينال الظالمين »(١) .

__________________

(١) جواهر الكلام ١١ : ٦٨ في حكم رد السلام ، العروة الوثقی ٣ : ١٦ مسألة ١٦ ، الدروس ١ : ١٨٦ ، البيان : ٩٥ ، ذكرى الشيعة ٤ : ٢٤ ، جامع المقاصد ٢ : ٣٥٦.

(٢) الكافي ٢ : ٦٤٦ ح ١٢.

٢٨٩

وفي هذا المعنى أخبار كثيرة.

الخامس : المشهور أنه يجب على الراد إسماع المسلّم تحقيقاً أو تقديراً ، واستدل عليه بالتبادر ، وحكم العرف والعادة ، وبما في الكافي عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : «إذا سلّم أحدكم فليجهر بسلامه لا يقول : سلّمت فلم يردوا عليّ ، ولعلَّه يكون قَدْ سلّم ولم يُسمِعْهُم ، فإذا ردّ أحدكم فليجهر بردِّه ولا يقول المُسَلّم : سلَّمْتُ فلم يَرُدّوا عليَ »(٢) .

ويدلّ بعمومه على المصلّي وغيره ، وقيل : لا يجب الإسماع ، وهو ظاهر المحقِّق في (المعتبر) والأردبيلي في (شرح الإرشاد)(٣) ؛ لصحيحة منصور عن الصادقعليه‌السلام ، وموثَّقة عمّار الدالَّتينِ على إخفاء الرد ، وهما محمولان على التقية(٤) ، وكذلك رواية محمّد بن مسلم(٥) .

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٤٤.

(٢) الكافي ٢ : ٦٤٥ ح ٧.

(٣) المعتبر ٢ : ٢٦٣ ، مجمع الفائدة ٣ : ١١٩.

(٤) صحيحة منصور : «وبإسناده عن سعد ، عن محمّد بن عبد الحميد ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن علي بن النعمان ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : إذا سلَّم عليك الرجل وأنت تصلّي ، قال : تردّ عليه خفياً ، كما قال». (وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٨ ح ٩٣٠٤ / ٣.

موثقة عمار : «وعنه ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمر بن موسی ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن السلام على المصلّي فقال : إذا سلّم عليك رجل من المسلمين وأنت في الصلاة فردّ عليه فيما بينك وبين نفسك ولا ترفع صوتك». (وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٨ ح ٩٣٠٥ / ٤).

(٥) محمّد بن الحسن بإسناده ، عن احمد بن محمّد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام ابن سالم ، عن محمّد بن مسلم قال : «دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام وهو في الصلاة فقلت : السلام عليك. فقال : السلام عليك. فقلت : كيف أصبحت؟ فسكت ، فلمَّا انصرف ، قلت : أيردّ السلام وهو في الصلاة؟ قال : نعم ، مثل ما قيل له». (وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٧ ح ٩٣٠٢ / ١).

٢٩٠

السادس : يتحقق السلام من الجماعة بوقوعه من واحد ، ويحصل الامتثال بالرد من واحد ؛ لأنَّهما من الأُمور الكفاية ، ويدل عليه ما رواه في (الكافي) عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «إذا سلّم من القوم واحد أجزأ عنهم ، وإذا رد واحد أجزأ عنهم »(١) .

ونحوه رواية ابن أبي بكير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وصحيحة عبد الرحمن بن الحجَّاج ، ويترتب عليه أنّه لو سلّم على جماعة منهم المصلّي فردّ الجواب غيره لم يجز له الردّ بعد تمام الردّ ، نعم ، يجوز قبله.

السابع : قال الأستاذ (طاب ثراه) في (العروة) : (لو ردّ السلام صبيٌّ مميِّز ففي كفايته إشكال ، والأحوط ردّ المصلّي بقصد القرآن أو الدعاء)(٢) .

أقول : وجه الإشكال والترديد من عموم قوله تعالى : ﴿فَحَيُّوا ﴾ الشامل المثل الصبي المميِّز ، ولاسيَّما إذا كان ابن عشر سنين ؛ ولأن عبادته شرعية كما يظهر من بعض الأخبار ، ومن أنه مندوب ، ولا يسقط الواجب بالمندوب ، والأقوى الكفاية وسقوط الفرض بالنفل الكثير ، وعليه فلو كان المسلِّم على المصلي صبياً مميِّزاً ، فالأقوى وجوب الرد عليه بعنوان ردّ التحيَّة ، وإن أراد الاحتياط فليقصد القرآن أو الدعاء.

الثامن : إذا كان بعض المسلَّم عليهم مصلياً وبعضهم قاعداً ، فهل يجب الردّ على القاعد أو يتساويان؟ الأظهر التساوي وبردِّ أحدهما يسقط عن الآخر ، ولا يسقط بردِّ من لم يكن مقصوداً بالسلام ؛ لعدم صدق الردِّ عليه.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٤٧ ح ٣.

(٢) العروة الوثقی ٣ : ١٩ مسألة ٢١.

٢٩١

التاسع : إذا سلّم واحد على جماعة يكفي جواب واحد إجماعاً ، كما هو الشأن في سقوط جميع الواجبات الكفائية بعد قيام من به الكفاية ، ولا يعتبر في السقوط قصد المجیب الردّ عن الجميع ، نعم ، قيل باستحباب أجوبة متعدِّدة ولو بعد جواب واحد فيما لم يكن في الصلاة ، ولم يكفِ ردُّ من لم يكن داخلاً في الجماعة لما ذكرناه.

العاشر : عكس السابق ، بأن سلّم جماعة على شخص واحد ، فهل يكتفي بجواب واحد بصيغة الجمع عن سلامهم بحيث يقصد منها جواب واحد الجماعة ، كما يكتفي بجواب واحد في المسألة السابقة ، أو يجب تكرار الجواب ورد المُسَلّمين؟

المنقول عن ظاهر المشهور الثاني ، وهو الحقُّ فإن تعدُّد التحيَّة بتعدُّد المسلّمین موجب لتعدُّد الردّ ، فلا معنى لكفاية ردّ واحد ، ولو كان بصيغة الجمع ؛ ضرورةَ عدم تعدُّد الردّ مع وحدة الصيغة ، ولا فرق في ذلك بين كون المسلّم عليه الواحد في الصلاة أو خارجها ، فيجب عليه التكرار في الجواب حَتَّی حال الصلاة بعدد أشخاص المسلّمين ، كما يجب عليه في خارجها ، وصریح بعض الأعلام في أجوية مسائله هو الاكتفاء بردّ واحد لو قصد بردّه الردّ على الجميع ، وكان المشروع بردّه بعد فراغ الجميع من صيغة السلام ، وهو كما ترى ؛ فإنَّ قصد التعدُّد لا يوجب التعدُّد الواقعي ، وهذا الفرع غير مذكور في العروة.

الحادي عشر : إنما يجب ردّ السلام على من علم بكونه مقصوداً بالتحيَّة خصوصاً أو عموماً ، أمّا لو شك فيه لم يجب ، ولو كان في حال الصلاة لا يجوز له ذلك حين بطلت صلاته ، إلّا أن يقصد بردّه القرآن أو الدعاء.

٢٩٢

الثاني عشر : يجب أن يكون الردّ في أثناء الصلاة بمثل ما سلَّمَ، فلو قال (قیل ـ ظ) : سلام عليکم. يجب أن يقول في الجواب : (سلام عليکم) ، بل الأحوط المماثلة في التعريف والتنكير والإفراد والجمع ، نعم ، لا يجب المماثلة إذا زاد قوله : ورحمة الله وبركاته ، كما لا تجب في أمير الصلاة أيضاً ، بل الأحوط إسقاط الزيادة المزبورة في حال الصلاة ، ولو اقتصر المسلّم في سلامه بلفظ (سلام) كما هو المتعارف ما بين كثير من العوام والنسوان ـ سواء كان مكلّفاً أو غير مكلّف ـ قيل بعدم وجوب ردّ مثل هذا السلام بغير الصلاة ، فإن التحيَّة التي وجب ردّها في الشرع إنَّما هي التحيَّة الصحيحة ، وأمَّا في أثناء الصلاة فالظاهر عدم جوازه ؛ لكونه موجباً لفساد الصلاة ، نعم ، ربّما فرق كما في (العروة)(١) بين ما لو كان المسلّم شخصاً عالماً عارفاً بقواعد النحو ، وأنَّ قوله : سلام ، متدأ محذوف الخبر وكان المحذوف منويّاً له ، وجب الردّ حينئذ ، وما لو لم يكن كذلك فلا يجب ، وفيه أن الصحَّة والغلط تابعان للّسان العربي ولا مدخلية الاقتصاد فيهما ، بل ولا العلم والجهل ، وحذف الخبر من الكلام يُعد من اللّسان العربي ، ولا فرق فيه بين العالم ، والجاهل ، والشيخ ، وصاحب الجواهر أوجب ردّ السلام الغلط ؛ لصدق التحيَّة به عرفاً ، وهو الأقرب ، هذا والظاهر أن العامَّة لا يوجبون الاتحاد مطلقاً.

قال الفخر الرازي في تفسيره : (المبتدئ يقول : السلام عليك ، والمجيب يقول : وعليکم السلام ، وهذا هو الترتيب الحسن ) ، انتهي(٢) .

__________________

(١) العروة الوثقی ٣ : ١٥ وما بعدها.

(٢) تفسير الرازي ١٠ : ٢١٢.

٢٩٣

ومنه ما يُحکی أنَّ جدّي بحر العلوم (طاب ثراه) مذ كان مجاوراً لبيت الله الحرام دخل عليه رجل من أهل مكَّة من أهل السنَّة وسلّم عليه ، فأجابه السيدرحمه‌الله بقوله : سلام عليکم.

ثُمَّ التفترحمه‌الله إلى أن المماثلة بين السلام وجوابه خلاف مذهب الجمهور ، وكانرحمه‌الله يستعمل التقيَّة معهم ، فأخذ في تدارك المطلب بأن قال للوارد : يا شيخ ، لقد تسالمنا ولم يرد أحدُنا جواب سلام صاحبه ، عليکم السلام ، فاعتقد الشيخ أنَّ السيِّد قصد بقوله : سلام عليکم ، التحيَّة للمبتدئ لا جواب التحيَّة ، والجواب إنَّما هو قوله : عليکم السلام.

الثالث عشر : يُشترط في صحَّة جواب التحيَّة صدوره من المجيب بعد فراغ المحيِّي من تمام الصيغة لعدم صدق الردّ قبل ذلك وهو واضح.

الرابع عشر : قال في (العروة) مقتضي بعض الأخبار عدم جواز الابتداء بالسلام على الكافر إلّا لضرورة ، ولكن يمكن الحمل على إرادة الكراهة(١) .

أقول : روى الصدوقرحمه‌الله في الخصال عن الصادقعليه‌السلام ، عن أبيه الباقرعليه‌السلام قال : «لا تسلّموا على اليهود ، ولا على النصارى ، ولا على المجوس ، ولا على عبدة الأوثان ، ولا على موائد شرب الخمر ، ولا على صاحب الشطرنج والنرد ، ولا على المخنَّث ، ولا على الشاعر الذي يقذف المحصنات ، ولا على المصلّي ؛ وذلك لأنَّ المصلّي لا يستطيع أن يردّ السلام ؛ لأنَّ التسليم من المسلّم تطوع

__________________

(١) العروة الوثقی ٣ : ٢٥ مسألة ٣٢.

٢٩٤

والرد عليه فريضة ، ولا على آكل الربا ، ولا على رجل جالس على غائط ، ولا على الَّذي في الحمّام ، ولا على الفاسق المعلن بفسقه »(١) .

وإنَّما حُمل النهي هنا على الكراهة جمعاً بينه وبين ما مرّ من الأخبار.

وإذا سلّم أهل الملل من الكفَّار ، فقل في الردّ عليهم : عليك ؛ لما رُوي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال : «لا تبدؤوا أهل الكتاب بالتسليم ، وإذا سلّموا عليكم فقولوا : وعليكم »(٢) .

وفي حديث آخر : «إذا سلّم عليك اليهودي والنصراني والمشرك فقل : عليك »(٣) .

وفي خبر آخر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنهم سلّموا عليه فردّ عليهم بلفظ : «عليك»(٤) .

وفي خبر آخر تقول في الردّ : «سلام »(٥) .

روی هذه الأخبار في الكافي.

الخامس عشر : قال السيِّد الأُستاذ (طاب ثراه) في (العروة) : (المستفاد من بعض الأخبار أنه يُستحب أن يسلّم الراكب على الماشي ، وأصحاب الخيل على أصحاب البغال ، وهم على أصحاب الحمير ، والقائم على الجالس ، والجماعة القليلة على الجماعة الكثيرة ، والصغير على الكبير.

__________________

(١) الخصال : ٤٨٤ ح ٥٧.

(٢) الكافي ٢ : ٦٤٩ ح ٢.

(٣) الكافي ٢ : ٦٤٩ ح ٤.

(٤) الكافي ٢ : ٦٤٨ ح ١.

(٥) الكافي ٢ : ٦٤٨ ح ٦.

٢٩٥

قال : ومن المعلوم أنَّ هذا مستحب في مستحب ، وإلا فلو وقع العكس لم يخرج عن الاستحباب أيضاً)(١) .

هذا تمام الكلام في أحكام السَّلام.

رجع

[تتمة شرح الحديث]

[د] ـ «واجلس بين يديه ولا تجلس خلفه» : أي حيث تواجهه ولا تحوجه في الخطاب والمواجهة إلى الانحراف لما فيه من صعوبة نظره إليك ، وحرمانك من التشرُّف بنظرك إلى وجهه مع أنه عبادة.

[هـ] ـ «ولا تضجر بطول صحبته » : وفيه مبالغة على لزوم الوقوف عند العلماء ، وترك الإلحاح على السؤال من العالم ، بل اللازم انتظار صدور الكلام منه ، فإذا شرع البيان تصغي إليه بقلبك.

[و] ـ والمقصود من قوله : «فإنَّما مثل العالم مثل النخلة » : التمثيل للإيضاح ، بانَّك كما لا تسارع إلى الصعود على النخلة ولا إلى هزّها قبل أوان اقتطاف ثمرتها ، فكذلك ينبغي لك أن لا تحرِّك العالم ولا تضطره إلى كثرة الكلام ، واتباع السؤال بالسؤال.

[ز] ـ «والعالم أعظم أجراً من الصائم القائم » : إذ لا ريب أنَّ العالم الرباني الهادي للخلق إلى الحقّ أعظم أجراً من الصائم القائم ، فإنَّ الثاني إنَّما يكفُّ نفسه عن المفطرات والملهيات ، وفي ذلك تفع لنفسه دون غيره ، بخلاف الأول فإنه بعلمه ينقذ الناس من الوقوع في الشبهات والاعتقادات الباطلة ، وكذلك المجاهد

__________________

(١) العروة الوثقی ٣ : ٢٦ مسالة ٣٣.

٢٩٦

الغازي في سبيل الله ، فإنه بمجاهدته مع الكفَّار مدافع عن غلبة الكفَّار على أبدان الخلق ، بخلاف العالم ، فإنه بعلمه مدافع لجنود الجهل عن الاستيلاء على قلوب الضعفاء.

[ح] ـ «ثلم في الإسلام» : قال في (مجمع البحرين) : (الثلمة كبرمة : الخلل الواقع في الحائط وغيره ، والجمع : ثلم كبرم. وعلَّل ذلك بأنَّهم حصون كحصون سور المدينة ، فذكر ذلك على سبيل الاستعارة والتشبيه ) ، انتهى(١) .

ويستعمل متعديّاً ولازماً ؛ ولذا عُديّ بـ(في) في الحديث.

[في العالم العامل]

[ ٨٢] ـ قالرحمه‌الله : (فصل ، ويجب على العالم العمل ، كما يجب على غيره ، لكنَّه في حق العالم آكد ، ومن ثُمَّ جعل الله تعالی ثواب المطيعات من نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعقاب العاصيات منهن ، ضعف ما لغيرهِنَّ ، وليجعل له حظاً وافراً من الطاعات والقربات ، فإنَّها تفيد النفس ملكةً صالحةً واستعداداً تامّاً لقبول الكمالات)(٢) .

[أ] ـ أقول : إعلم أنَّه كلَّما ازداد العبد معرفة بالله تعالی ازداد خضوعاً له وخوفاً منه ، نظير خدم السلطان وحشمه ، فإنَّهم كلما ازدادوا قرباً من السلطان ازداد خطرهم وثقلت تكاليفهم ؛ لزيادة معرفتهم بشؤون السلطنة وعلو العرش الملوكي ، فما ظنُّك بمالك الملوك ووالي مملكة الوجود ، فإذا كان عالماً لا بدَّ له من العلم بأن الله مطَّلع على الضمائر ، عالم بالسرائر ، رقيب على أعمال عباده ، قائم على كل نفس بما كسبت ، وأن سرّ القلب في حقّه مکشوف ، كما أن ظاهر

__________________

(١) مجمع البحرين ١ : ٣٢٢.

(٢) معالم الدين : ١٨.

٢٩٧

البشرة للخلق مكشوف ، بل أشد من ذلك ، قال الله تعالى : ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ(٢) ، وقال : ﴿إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا(٣) ، فهذه المعومات التي هي من خصائص العلماء ، تقهر قلب العالم على مراعاة جانب الله ، وصرف الهمَّة إليه ، واستغراق قلبه بملاحظة ذلك الجلال منكسراً تحت هيبته ، فلا يبقى فيه متسع الالتفات إلى الغير ، فصار همّه همّاً واحداً ولابد من أن يكفيه الله سائر الهموم ، ومن ثُمَّ جعل الله ثواب المطيعات من نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعقابهن ضعفاً بما أنهن عالمات بالأحكام الشرعية من حيث معاشرتهن لهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واختصاصهن بصحبته ، وكسبهن الأخلاق الفاضلة من طول مجاورته ، وكان فعل الواجبات وترك المحرمات في حقّهن آكد من الغير ، وكذلك ثوابهن وعقابهن أكثر من الغير ، فإن الثواب والعقاب يتأكَّدان بتأكُّد الوجوب والحرمة ؛ إذ ربّما يخفّف العقاب عن بعض الجهّال لعذر الجهل ، وكذلك يخفف الثواب لوقوعه من العامل مع قلَّة معرفته فاقداً لشرائط الكمال.

[ب] ـ «وليجعل له حظاً وافراً إلخ » : بأن يجدَّ ويجتهد في العبادة كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «أفضل الناس من عشق العبادة ، فعانقها وأحبها بقلبه ، وباشرها بجسده وتفرغ لها ، فهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا ، على عسر أم على يسر »(٣) .

__________________

(١) سورة العلق : آية ١٣.

(٢) سورة النساء : من آية ١.

(٣) الكافي ٢ : ٨٣ ح ٣ وفيه وفي غيره من المصادر الحديثية أن الحديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلاحظ.

٢٩٨

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام : مذ سأله بعض أصحابه عن طلب الصّيد ، إلى أن قالعليه‌السلام : «وإنَّ المؤمنَ لفي شُغُلٍ عن ذلك ، شغله طلب الآخرة عن طلب الملاهي »(١) .

وعن کميل بن زياد ، قال : قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «يا کميل ، إنّه لا تخلو من نعمة الله عزَّ وجلَّ عندك وعافيته ، فلا تخلُ من تحميده ، وتمجيده ، وتسبيحه ، وتقديسه ، وشكره ، وذكره على كلّ حال الخبر»(٢) .

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام في تفسير قول الله عزَّ وجلَّ : ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(٣) ، قال : «خلقهم للعبادة »(٤) .

وبالجملة : فإن العالم أولى بهذه من غيره وأحرى.

قال علي بن الحسين : «إنَّ أحقَّ الناس بالاجتهاد ، والورع ، والعمل بما عند الله ويرضاه ، الأنبياءُ وأتباعُهم »(٥) .

والمعروف على قدر المعرفة ، والمراد من المعروف كلّ ما عُرف من طاعة الله والتقرُّب إليه ، فلا ينبغي للعالم أن يَنقُصَ معروفُه عن معرفته.

__________________

(١) مستدرك الوسائل ١ : ١٢١ ح ١٥١ / ٤.

(٢) بحار الأنوار ٧٤ : ٢٧٣ ضمن وصاياهعليه‌السلام .

(٣) سورة الذاريات : آية ٥٦.

(٤) تفسير العياشي ٢ : ١٦٤ ح ٨٢.

(٥) مستدرك الوسائل ١ : ١٢٥ ح ١٦٣ / ٩.

٢٩٩

الحديث السادس عشر

العلماء رجلان

[ ٨٣] ـ قالرحمه‌الله : وقد روينا بالإسناد السالف وغيره ، عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن حمّاد بن عيسى ، عن عمر بن اُذينة ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي ، قال : سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يحدِّث عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال في كلام له : «العلماء رجلان : رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناجٍ ، وعالمٌ تارك لعلمه فهذا هالِكٌ ، وإنَّ أهل النار ليتأذَّون من ريح العالم التارك لعلمه ، وإن أشد أهل النار ندامة وحسرة رجل دعا عبداً إلى الله ، فاستجاب له وقبل منه ، فأطاع الله، فأدخله الجنَّة وأدخل الداعي النار بترکه علمه ، واتّباعِه الهوي ، وطول الأمل ، أمّا اتّباعُ الهوى فيصدُّ عن الحق ، وطولُ الأملِ يُنسي الآخرة »(١) .

أقول : أمّا رجال السند فقد تقدّم ذكرهم جميعاً ، وأمّا ما يتعلق بشرح المتن :

[أ] ـ قال صاحب الوافي : (هذا التقسيم للعلماء الَّذينَ علمهم مقصور على ما يتعلق بالعمل ، کالعالم بالشريعة ، وكالعالم بالأخلاق دون الَّذينَ علمُهم مقصود لذاته ، کالعالم بالمبدأ والمعاد ، فإنّه لا يكون غالباً إلا ناجياً ، وإذا وقع منه زلَّة أو ذنب تذکّر لربه وتاب ، وتضرّع إليه وأناب ) ، انتهى(٢) .

[ب] ـ «آخذ بعلمه » : يعني عامل بمقتضاه من تهذيب الظاهر والباطن عن الأعمال القبيحة ، والأخلاق الرذيلة ، وتحليتهما بالأعمال الحسنة ، والأخلاق الفاضلة.

__________________

(١) معالم الدين : ١٨ ، الكافي ١ : ٤٤ ح ١.

(٢) الوافي ١ : ٢٠٣ ح ١٣٧ / ١ باب استعمال العلم.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

عليه وآله) : صاحب الرحل يشرب أوّل القوم، ويتوضّأ آخرهم.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) .

أقول: هذا محمول على الغسل بعد الأكل ؛ لما مرّ(١) .

[ ٣٠٧٢٥ ] ٧ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد) عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه( عليه‌السلام ) ، قال: صاحب الرحل يتوضّأ أوّل القوم قبل الطعام، وآخر القوم بعد الطعام.

٥١ - باب استحباب غسل الأيدي في إناء واحد.

[ ٣٠٧٢٦ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن خلف بن حمّاد، عن عمرو بن ثابت، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: اغسلوا أيديكم في إناء واحد تحسن أخلاقكم.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) (٢) عن عثمان بن حمّاد، عن عمرو بن ثابت مثله(٣) .

[ ٣٠٧٢٧ ] ٢ - وعن عليّ بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن الفضل بن المبارك، عن الفضل بن يونس قال: لمّا تغدّى عندي أبو الحسن( عليه

____________________

(١) مرّ في الأحاديث ٢ و ٣ و ٤ من هذا الباب. ويأتي في الحديث ٧ من هذا الباب.

٧ - قرب الاسناد: ٣٤.

الباب ٥١

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٢٩١ / ٢.

(٢) في المحاسن زيادة: عن أبيه.

(٣) المحاسن: ٤٢٦ / ٢٢٩.

٢ - الكافي ٦: ٢٩١ / ٣، وأورد صدره في الحديث ٥ من الباب ٥٠ من هذه الأبواب.

٣٤١

السلام) وجيء بالطشت بدئ به، وكان في صدر المجلس، فقال: ابدأ بمن على يمينك، فلمّا توضّأ واحد أراد الغلام أن يرفع الطشت، فقال له أبو الحسن( عليه‌السلام ) : دعها، واغسلوا أيديكم فيها.

ورواه البرقيُّ كما مرّ(١) ، إلّا أنّه قال: انزعها(٢) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب مثله، إلى قوله: دعها(٣) .

[ ٣٠٧٢٨ ] ٣ - أحمد بن أبي عبد الله في( المحاسن) عن عبد الرحمن ابن أبي داود، قال: تغدّينا عند أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، فأُتي بالطشت، فقال: أمّا أنتم يا أهل الكوفة فلا تتوضّؤون إلّا واحداً واحداً، وأمّا نحن فلا نرى بأساً أن نتوضّأ جماعة، قال: فتوضّأنا جميعاً في طشت واحد.

[ ٣٠٧٢٩ ] ٤ - وعن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح، قال: تعشّينا عند أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ليلة جماعة، فدعا بوضوء، فقال: تعال حتّى نخالف المشركين الليلة، نتوضّأ جميعاً.

وعن النهيكي عبد الله بن محمد، عن إبراهيم بن عبد الحميد مثله(٤) .

____________________

(١) مرّ في الحديث ٥ من الباب ٥٠ من هذه الأبواب.

(٢) في هامش المصححة الاولى: « أفرغها » محتمل الاصل.

(٣) التهذيب ٩: ٩٨ / ٤٢٥.

٣ - المحاسن: ٤٢٦ / ٢٣١.

٤ - المحاسن: ٤٢٨ / ٢٤٣.

(٤) المحاسن: ٤٢٨ / ذيل ٢٤٣.

٣٤٢

٥٢ - باب استحباب التمندل من الغسل بعد الطعام وتركه قبله

[ ٣٠٧٣٠ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مرازم قال: رأيت أبا الحسن( عليه‌السلام ) إذا توضّأ قبل الطعام لم يمسّ المنديل، وإذا توضّأ بعد الطعام مسّ المنديل.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب(١) .

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير مثله (٢) .

[ ٣٠٧٣١ ] ٢ - وعن عليّ بن محمد، عن( محمد بن أحمد بن أبي محمود) (٣) ، عن أبيه، عن رجل، قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : إذا غسلت يدك للطعام فلا تمسح يدك بالمنديل( فلا) (٤) تزال البركة في الطعام ما دامت النداوة في اليد.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) عن محمد بن أحمد بن أبي محمود (٥) .

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك(٦) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٧) .

____________________

الباب ٥٢

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ٢٩١ / ٢.

(١) التهذيب ٩: ٩٨ / ٤٢٦.

(٢) المحاسن: ٤٢٨ / ٢٤٤.

٢ - الكافي ٦: ٢٩١ / ١.

(٣) في المصدر: عن محمد بن أحمد، عن أبي محمود.

(٤) في المصدر: فإنّه لا.

(٥) المحاسن: ٤٢٤ / ٢١٦.

(٦) تقدم في الحديث ٢ من الباب ٥٠ من هذه الأبواب.

(٧) يأتي في الحديثين ٣ و ٤ من الباب ٥٤ من هذه الأبواب.

٣٤٣

٥٣ - باب كراهة مسح اليد بالمنديل، وفيها شيء من الطعام، حتى يمصّها، أو يمصّها أحد، وكراهة إيواء منديل الغمر في البيت.

[ ٣٠٧٣٢ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن أبي المغرا، عن زيد الشحّام، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، أنّه كره أن يمسح الرجل يده بالمنديل، وفيها شيء من الطعام تعظيماً للطعام، حتّى يمصّها، أو يكون إلى جانبه صبيّ يمصّها.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) عن ابن فضّال مثله (١) .

[ ٣٠٧٣٣ ] ٢ - وعنهم عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عدَّة من أصحابه، عن عليّ بن أسباط، عن عمّه يعقوب بن سالم رفعه، قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : قال رسول الله: لا تؤووا منديل الغمر في البيت، فإنّه مربض الشيطان.

ورواه البرقي في( المحاسن) مثله (٢) .

[ ٣٠٧٣٤ ] ٣ - ورواه الصدوق في( الخصال) بإسناده الآتي (٣) إلى عليّ

____________________

الباب ٥٣

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٢٩١ / ٣، وأورده في الحديث ٣ من الباب ١٣١ من أبواب الأطعمة المباحة ونحوه عن العياشي في الحديث ٦ من الباب ٧٩ من هذه الأبواب.

(١) المحاسن: ٤٢٩ / ٢٤٥.

٢ - الكافي ٦: ٢٩٩ / ١٨، وأورد نحوه عن العلل في الحديث ٣ من الباب ١٠ من أبواب أحكام المساكن.

(٢) المحاسن: ٤٤٨ / ٢٤٦.

٣ - الخصال: ٦٣٢.

(٣) يأتي في الفائدة الأولى من الخاتمة برمز ( ر ).

٣٤٤

( عليه‌السلام ) في حديث الأربعمائة، وزاد: اغسلوا صبيانكم من الغمر، فإنّ الشيطان ليشمّ الغمر، فيفزع الصبيُّ في رقاده، ويتأذّى به الملكان.

٥٤ - باب استحباب مسح الوجه والرأس والحاجبين والعينين بعد الوضوء من الطعام، وقول: الحمد لله المحسن المجمل المنعم المفضل ثلاثاً، والدعاء بالمأثور.

[ ٣٠٧٣٥ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن أحمد بن محمد - أبي عبد الله -، عن بعض رجاله، عن إبراهيم بن عقبة، يرفعه إلى أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: مسح الوجه بعد الوضوء يذهب بالكلف(١) ، ويزيد في الرزق.

[ ٣٠٧٣٦ ] ٢ - وعن عليّ بن محمد رفعه، عن مفضّل، قال: دخلت على أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، وشكوت(٢) الرمد، فقال لي: أو تريد الطريف ؟ ثمَّ قال لي: إذا غسلت يدك بعد الطعام فامسح حاجبيك، وقل ثلاث مرّات: الحمد لله المحسن المجمل المنعم المفضل، قال: ففعلت، فما رمدت عيني بعد ذلك(٣) .

[ ٣٠٧٣٧ ] ٣ - أحمد بن أبي عبد الله البرقي في( المحاسن) عن بعض من رواه، عن أبي جعفر الثاني( عليه‌السلام ) ، أنّه يوم قدم المدينة تغدّا معه جماعة، فلمّا غسل يديه من الغمر مسح بهما رأسه ووجهه قبل أن يمسحهما

____________________

الباب ٥٤

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٢٩١ / ٤.

(١) الكلف: داء يصيب الوجه يغير لون بشرته « الصحاح ٤: ١٤٢٣ ».

٢ - الكافي ٦: ٢٩٢ / ٥.

(٢) في المصدر زيادة: إليه.

(٣) في المصدر زيادة: والحمد لله رب العالمين.

٣ - المحاسن: ٤٢٦ / ٢٣٤.

٣٤٥

بالمنديل، وقال: اللهمَّ اجعلني ممّن لا يرهق وجهه قتر ولا ذلّة.

[ ٣٠٧٣٨ ] ٤ - وقال: وفي حديث آخر عن النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إذا غسلت يدك بعد الطعام فامسح وجهك وعينيك قبل أن تمسح بالمنديل، وتقول: اللهم إنّي أسألك المحبّة والزينة، وأعوذ بك من المقت والبغضة.

٥٥ - باب استحباب اختيار إطعام الشيعة على إطعام غيرهم.

[ ٣٠٧٣٩ ] ١ - أحمد بن محمد بن خالد في( المحاسن) عن محمد بن علي، عن الحسن بن عليّ، عن سيف بن عميرة، عن سعيد بن الوليد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: لئن اُطعم مسلماً حتّى يشبع أحبّ إليَّ من أن أُطعم أفقا من الناس، قلت: وما الأفق من الناس ؟ قال: مائة ألف(١) من غيركم.

[ ٣٠٧٤٠ ] ٢ - وعن ابن شمّون، عن ابن الأشعث، عن عبد الله بن حمّاد، عن عبد الله بن سنان، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: لئن أُطعم رجلاً من شيعتي أحبّ إليَّ من أن أُطعم أفقا من الناس، قلت: كم الأفق ؟ قال: مائة ألف.

[ ٣٠٧٤١ ] ٣ - وعن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن الوصافي، عن

____________________

٤ - المحاسن: ٤٢٦ / ذيل ٢٣٤.

الباب ٥٥

فيه ٥ أحاديث

١ - المحاسن: ٣٩١ / ٣٠، وأورد نحوه عن المعاني في الحديث ٦ من الباب ٣٠، ونحوه عن ثواب الأعمال في الحديث ٥ من الباب ٤٣ من هذه الأبواب.

(١) في المصدر زيادة: إنسان.

٢ - المحاسن: ٣٩١ / ٣١.

٣ - المحاسن: ٣٩٢ / ٣٥.

٣٤٦

أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: لئن أُشبع أخاً لي في الله أحبّ إليَّ من أن أُشبع عشرة مساكين.

[ ٣٠٧٤٢ ] ٤ - وعن أبيه، عن بعض أصحابه، عن صفوان بن مهران، قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : لئن اُطعم رجلاً من أصحابي حتّى يشبع أحبّ إليَّ من أن أخرج الى السوق، فأشتري رقبة، وأعتقها، ولئن اُعطي رجلاً من أصحابى درهماً أحبّ إليَّ من أن أتصدّق بعشرة، ولئن أعطيه عشرة أحبّ إليَّ من أن أتصدّق بمائة.

[ ٣٠٧٤٣ ] ٥ - وعن( محمد بن عليّ، عن عليّ بن يعقوب) (١) ، عن هارون بن مسلم، عن أيّوب بن حرّ، عن الوصّافي، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: لأكلة أُطعمها أخاً لي في الله أحبّ إليَّ من أن أشبع مسكيناً، ولئن أشبع أخاً لي في الله أحبّ إليَّ من أن أشبع عشرة مساكين، ولئن أعطيه عشرة دراهم أحبّ إليَّ من أن أعطي مائة درهم في المساكين.

وعن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أيّوب بن الحرّ نحوه(٢) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) .

____________________

٤ - المحاسن: ٣٩٢ / ٣٦.

٥ - المحاسن: ٣٩٢ / ٣٧.

(١) في المصدر: محمد بن علي بن يعقوب الهاشمي.

(٢) المحاسن: ٣٩٢ / ٣٨.

(٣) تقدم في البابين ٣٠ و ٤٣ من هذه الأبواب.

٣٤٧

٥٦ - باب استحباب التسمية والتحميد في أول الأكل وفي أثنائه، لا الصمت.

[ ٣٠٧٤٤ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن أبي عليِّ الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن كليب الأسدي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: إنَّ الرجل المسلم إذا أراد(١) يطعم طعاماً فأهوى بيده، وقال: بسم الله، والحمد لله ربّ العالمين، غفر الله عزّ وجلّ له من قبل أن تصير(٢) اللقمة إلى فيه.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) عن موسى بن القاسم، عن صفوان مثله (٣) .

[ ٣٠٧٤٥ ] ٢ - وعنه عن ابن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: إذا وضع الغذاء أو العشاء فقل: بسم الله، فإنَّ الشيطان يقول لأصحابه: اخرجوا فليس ههنا عشاء ولا مبيت، وإذا نسي أن يسمّي قال لأصحابه: تعالوا، فإنَّ لكم ههنا عشاء ومبيتاً.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) عن ابن فضّال (٤) . ورواه بعدّة أسانيد اُخر.

____________________

الباب ٥٦

فيه ٩ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٢٩٣ / ٧.

(١) في المصدر زيادة: أن.

(٢) في المصدر: تصل.

(٣) المحاسن: ٤٣٥ / ٢٧٣.

٢ - الكافي ٦: ٢٩٣ / ٤.

(٤) المحاسن: ٤٣٢ / ٢٦٠.

٣٤٨

[ ٣٠٧٤٦ ] ٣ - وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد ابن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : من أكل طعاماً فليذكر اسم الله عليه، فإن نسي ثمَّ ذكر الله بعد تقيّأ الشيطان ما كان أكل، واستقبل(١) الرجل الطعام.

[ ٣٠٧٤٧ ] ٤ - وبهذا الإِسناد قال: من ذكر اسم الله على الطعام لم يسأل عن نعيم ذلك أبداً.

ورواه الصدوق في( ثواب الأعمال) عن محمد بن الحسن، عن سعد، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم (٢) .

ورواه في( الأمالي) (٣) عن الحسين بن إبراهيم بن تاتانة(٤) ، عن عليّ ابن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن يحيى الخزاز مثله.

[ ٣٠٧٤٨ ] ٥ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عن رجل، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: إذا أكلت الطعام فقل: بسم الله في أوّله وآخره، فإنَّ العبد إذا سمّى(٥) قبل أن يأكل لم يأكل معه الشيطان، وإذا لم يسمّ أكل معه الشيطان، وإذا سمّى بعدما يأكل، وأكل الشيطان معه، تقيّأ الشيطان ما أكل.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) عن أبي أيّوب المدايني، عن ابن أبي

____________________

٣ - الكافي ٦: ٢٩٣ / ٥، والمحاسن: ٤٣٤ / ٢٦٥.

(١) في المصدر: واستقلّ.

٤ - الكافي ٦: ٢٩٣ / ٦، والمحاسن: ٤٣٤ / ٢٦٩.

(٢) ثواب الأعمال: ٢١٩.

(٣) أمالي الصدوق: ٢٤٦ / ١٣.

(٤) في الأمالي: ناتانه.

٥ - الكافي ٦: ٢٩٤ / ١١.

(٥) في المحاسن: في طعامه ( هامش المخطوط ).

٣٤٩

عمير، عن حسين بن مختار، عن رجل(١) ، والذى قبله، عن أبيه، عن محمد بن يحيى، وكذا الذي قبلهما.

[ ٣٠٧٤٩ ] ٦ - وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن القاسم ابن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : اذكروا الله على الطعام، ولا تلغطوا(٢) فانّه نعمة من نعم الله، ورزق من رزقه، يجب عليكم فيه شكره وذكره وحمده.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) عن القاسم بن يحيى مثله (٣) .

[ ٣٠٧٥٠ ] ٧ - وعن عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن إسماعيل المدايني، عن عبد الله بن بكير(٤) ، قال: أمر أبو عبد الله( عليه‌السلام ) بلحم، فبرّد، وأُتي به، فقال: الحمد لله الذي جعلني أشتهيه، ثمَّ قال: النعمة في العافية أفضل من النعمة على القدرة.

[ ٣٠٧٥١ ] ٨ - محمد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن سماعة بن مهران، قال: كنت مع أبي عبد الله( عليه‌السلام ) فقال: يا سماعة، أكلاً وحمداً، لا أكلاً وصمتاً.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) (٥) عن محمد بن عليّ، عن سليمان بن

____________________

(١) المحاسن: ٤٣٢ / ٢٥٩.

٦ - الكافي ٦: ٢٩٦ / ٢٣.

(٢) زاد في المحاسن: ( به ) هامش المخطوط.

(٣) المحاسن: ٤٣٤ / ٢٦٦.

٧ - الكافي ٦: ٢٩٦ / ٢٤، وأورده عن المحاسن في الحديث ٧ من الباب ٩١ من هذه الأبواب.

(٤) في المصدر زيادة: عن رجل.

٨ - الفقيه ٣: ٢٢٤ / ١٠٤٩.

(٥) المحاسن: ٤٣٥ / ٢٧٥.

٣٥٠

سفيان(١) ، عن سماعة مثله.

[ ٣٠٧٥٢ ] ٩ - محمد بن عليّ بن عثمان الكراجكي في( كنز الفوائد) عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) : أنَّ أبا حنيفة أكل معه، فلمّا رفع الصادق( عليه‌السلام ) يده من أكله، قال: الحمد لله ربِّ العالمين، اللهمَّ هذا منك ومن رسولك( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، فقال أبو حنيفة: يا أبا عبد الله ! أجعلت مع الله شريكاً ؟ فقال له: ويلك، إنَّ الله يقول في كتابه:( وَمَا نَقَمُوا إلّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ ) (٢) ويقول في موضع آخر:( وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ ) (٣) فقال أبو حنيفة: والله لكأنّي ما قرأتهما قطُّ.

أقول: وتقدَّم ما يدلّ على ذلك(٤) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٥) .

٥٧ - باب استحباب التسمية في أول الطعام، والتحميد في آخره.

[ ٣٠٧٥٣ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن

____________________

(١) في المحاسن زيادة: عن موسى العطار، عن جعفر بن عثمان الرواسي.

٩ - كنز الفوائد: ١٩٦.

(٢) التوبة ٩: ٧٤.

(٣) التوبة ٩: ٥٩.

(٤) تقدم في الباب ١٧ من أبواب الذكر، وفي الحديث ٢ من الباب ١ من أبواب التسليم، وفي الحديثين ٢ و ٣ من الباب ١٢ من هذه الأبواب.

(٥) يأتي في الحديث ٥٧ من الباب ١٠ من أبواب الأطعمة المباحة، وفي الأبواب ٥٧ و ٥٨ و ٥٩ و ٦١ و ٩٠ و ١١٢ من هذه الأبواب.

الباب ٥٧

فيه ١٢ حديثاً

١ - الكافي ٦: ٢٩٢ / ١، والتهذيب ٩: ٩٨ / ٤٢٧، والمحاسن: ٤٣٢ / ٢٥٨.

٣٥١

النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قال رسول الله( عليه‌السلام ) : إذا وضعت المائدة حفّتها أربعة آلاف ملك، فاذا قال العبد: بسم الله، قالت الملائكة: بارك الله عليكم في طعامكم، ثمَّ يقولون للشيطان: اخرج يا فاسق، لا سلطان لك عليهم، فاذا فرغوا، فقالوا: الحمد لله، قالت الملائكة: قوم أنعم الله عليهم فأدُّوا شكر ربّهم، وإذا لم يسمُّوا قالت الملائكة للشيطان(١) : ادن يا فاسق فكل معهم، فإذا رفعت المائدة، ولم يذكروا اسم الله عليها، قالت الملائكة: قوم أنعم الله عليهم، فنسوا ربّهم.

ورواه الصدوق بإسناده عن اسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) نحوه، إلّا أنّه قال: وإذا رفعت المائدة، ولم يحمدوا الله(٢) .

[ ٣٠٧٥٤ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: إذا وضع الخوان فقل: بسم الله، فإذا أكلت فقل: بسم الله [ على ](٣) أوّله وآخره، وإذا رفع فقل: الحمد لله.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب(٤) ، وكذا الذي قبله.

[ ٣٠٧٥٥ ] ٣ - وعن عليّ بن محمد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، في حديث أنّه قال: ما من شيء إلّا وله حدٌّ ينتهي إليه، فجيء

____________________

(١) كتب على ( للشيطان ): المحاسن ( هامش المخطوط ).

(٢) الفقيه ٣: ٢٢٤ / ١٠٤٧.

٢ - الكافي ٦: ٢٩٢ / ٢، والمحاسن: ٤٣٣ / ٢٦٢.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) التهذيب ٩: ٩٩ / ٤٢٨.

٣ - الكافي ٦: ٢٩٢ / ٣، وأورد ذيله في الحديث ٢ من الباب ٦٦ من هذه الأبواب.

٣٥٢

بالخوان فقالوا: ما حدُّه ؟ قال: حدُّه إذا وضع قيل: بسم الله، وإذا رفع قيل: الحمد لله، ويأكل كلُّ إنسان ممّا بين يديه، ولا يتناول من قدّام الآخر شيئاً.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبي أسامة، عن أبي خديجة مثله، الى قوله قيل: الحمد لله (١) .

وروى الذي قبله، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، والأوّل عن النوفلي مثله.

[ ٣٠٧٥٦ ] ٤ - وعن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرّاح المدايني، قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : اذكر اسم الله على الطعام، فاذا فرغت فقل: الحمد لله الذي يطعم، ولا يُطعَم.

[ ٣٠٧٥٧ ] ٥ - وعنهم، عن أحمد، عن أبيه، عمّن حدَّثه، عن عبد الرحمن العرزمي(٢) ، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : من ذكر اسم الله عند طعام أو شراب في أوّله، وحمد الله في آخره لم يسأل عن نعيم ذلك الطعام أبداً.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) (٣) ، وكذا الذي قبله.

[ ٣٠٧٥٨ ] ٦ - وعنهم، عن سهل، عن ابن شمون، عن الأصمّ، عن

____________________

(١) المحاسن: ٤٣١ / ٢٥٥.

٤ - الكافي ٦: ٢٩٤ / ١٣، والمحاسن: ٤٣٤ / ٢٦٨.

٥ - الكافي ٦: ٢٩٤ / ١٤.

(٢) في المصدر: العزرمي، وكذلك المحاسن.

(٣) المحاسن: ٤٣٤ / ٢٧٠.

٦ - الكافي ٦: ٢٩٦ / ٢٥.

٣٥٣

مسمع، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قال رسول الله( عليه‌السلام ) : ما من رجل يجمع عياله، ويضع مائدته(١) ، فيسمّون في أوّل طعامهم، ويحمدون(٢) في آخره، فترفع(٣) المائدة، حتّى يغفر لهم.

[ ٣٠٧٥٩ ] ٧ - محمد بن عليّ بن الحسين، قال: قال الصادق( عليه‌السلام ) : ما اتخمت قطُّ، وذلك أنّي لم أبدأ بطعام إلّا قلت: بسم الله، ولم أفرغ من طعام إلّا قلت: الحمد لله.

[ ٣٠٧٦٠ ] ٨ - وبإسناده عن عمر بن قيس الماصر، قال: دخلت على أبي جعفر( عليه‌السلام ) وبين يديه خوان، وهو يأكل، فقلت له ما حدّ هذا الخوان ؟ فقال إذا وضعته فسمِّ الله، وإذا رفعته فاحمد الله، وقمّ ما حول الخوان، فهذا حدّه. الحديث.

[ ٣٠٧٦١ ] ٩ - وفي( الأمالي) عن الحسين بن إبراهيم بن تاتانة (٤) ، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق، عن آبائه، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: من ذكر اسم الله على طعام لم يسأل عن نعيم ذلك الطعام أبداً.

وفي( ثواب الأعمال) عن محمد بن الحسن، عن سعد، عن محمد ابن الحسين، عن محمد بن يحيى الخزاز مثله (٥) .

____________________

(١) في المصدر زيادة: بين يديه ويسمّي.

(٢) في المصدر زيادة: الله عزّ وجلّ.

(٣) في المصدر: فترتفع.

٧ - الفقيه ٣: ٢٢٥ / ١٠٥٢.

٨ - الفقيه ٣: ٢٢٥ / ١٠٥٣، وأورد ذيله في الحديث ٣ من الباب ١٤ من أبواب الأشربة المباحة.

٩ - أمالي الصدوق: ٢٤٦ / ١٣، والمحاسن: ٤٣٤ / ٢٦٩، وأورده في الحديث ٤ من الباب ٥٦ من هذه الأبواب.

(٤) في الأمالي: ناتانه.

(٥) ثواب الأعمال: ٢١٩.

٣٥٤

[ ٣٠٧٦٢ ] ١٠ - وفي( العلل) عن محمد بن الحسن، عن محمد بن يحيى، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن عبد الله ابن محمد، عن داود بن أبي يزيد، عن عبد الله بن هلال، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: لمّا جاء المرسلون إلى إبراهيم( عليه‌السلام ) جاءهم بالعجل، فقال: كلوا، فقالوا: لا نأكل حتّى تخبرنا ما ثمنه، فقال: إذا أكلتم فقولوا: بسم الله، فاذا فرغتم فقولوا: الحمد لله. الحديث.

[ ٣٠٧٦٣ ] ١١ - أحمد بن أبي عبد الله البرقي في( المحاسن) عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل النوفلي، عن الفضل بن يونس، قال: قلت لأبي الحسن( عليه‌السلام ) وسمعته يقول، وقد أُتينا بالطعام: الحمد لله الذي جعل لكلِّ شيء حدّاً، قلنا: ما حدّ ذا الطعام(١) ؟ فقال: حدّه إذا وضع ان تسمّي عليه، وإذا رفع أن تحمد الله عليه.

[ ٣٠٧٦٤ ] ١٢ - وعن أبيه، عمّن ذكره، عن أبي الحسن موسى( عليه‌السلام ) ، قال: في وصيّة رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لعليّ( عليه‌السلام ) : يا عليّ ! إذا أكلت فقل: بسم الله، وإذا فرغت فقل: الحمد لله، فإنَّ حافظيك لا يبرحان يكتبان لك الحسنات حتّى تبعده عنك.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلُّ عليه هنا(٣) وفي

____________________

١٠ - علل الشرائع: ٣٥ / ٦.

١١ - المحاسن: ٤٣١ / ٢٥٦.

(١) في المصدر زيادة: إذا وضع وما حدّه إذا رفع.

١٢ - المحاسن: ٤٣١ / ٢٥٧.

(٢) تقدم في الباب ١٧ من أبواب الذكر، وفي الحديثين ٢ و ٣ من الباب ١٢ وفي الباب ٥٦ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الأبواب ٥٨ و ٥٩ و ٦١ و ١١٢ من هذه الأبواب.

٣٥٥

الأشربة(١) ويأتي أيضاً ما يدلُّ على أنَّ التسمية فرض، ولعلّه محمول على الاستحباب المؤكّد أو على شكر النعمة(٢) .

٥٨ - باب أنّ من نسي التسمية على الطعام يستحب أن يقول اذا ذكر: بسم الله على أوّله وآخره، وأنّه إن سمّى واحد من الجماعة أجزأ عن الجميع.

[ ٣٠٧٦٥ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن أبي عليِّ الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في حديث التسمية على الطعام، قال: قلت: فإن نسيت أن أُسمّي ؟ قال: تقول: بسم الله على أوّله وآخره.

[ ٣٠٧٦٦ ] ٢ - وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: إذا حضرت المائدة، فسمّى رجل منهم أجزأ عنهم أجمعين.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) عن ابن محبوب (٣) ، والذي قبله عن محمد بن عيسى عن صفوان.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب(٤) ، والذي قبله بإسناده

____________________

(١) يأتي في الباب ١٠ وفي الحديث ٧ من الباب ١٤ من أبواب الأشربة المباحة.

(٢) يأتي في الحديثين ١ و ٢ من الباب ١١٢ من هذه الأبواب.

الباب ٥٨

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٢٩٥ / ٢٠، والتهذيب ٩: ٩٩ / ٤٣١، والمحاسن: ٤٣٩ / ٢٩٢، وأورد صدره في الحديث ١ من الباب ٦١ من هذه الأبواب.

٢ - الكافي ٦: ٢٩٣ / ٩.

(٣) المحاسن: ٤٣٩ / ٢٩٣.

(٤) التهذيب ٩: ٩٩ / ٤٢٩.

٣٥٦

عن محمد بن يعقوب مثله.

[ ٣٠٧٦٧ ] ٣ - محمد بن عليّ بن الحسين قال: روي: أنَّ من نسي(١) أن يسمّي على كلّ لون فليقل: بسم الله على أوّله وآخره.

٥٩ - باب استحباب الدعاء بالمأثور قبل الأكل وبعده، وحمد الله على الاشتهاء.

[ ٣٠٧٦٨ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: كان أبي( عليه‌السلام ) يقول: الحمد لله الذي أشبعنا في جائعين، وأروانا في ظامئين، وآوانا في ضاحين،(٢) وحملنا في راجلين، وأمننا في خائفين، وأخدمنا في عانين.

[ ٣٠٧٦٩ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) إذا طعم عند أهل بيت، قال لهم: « طعم عندكم الصائمون، وأكل طعامكم(٣) الأبرار، وصلّت عليكم الملائكة الأخيار ».

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب مثله(٤) .

____________________

٣ - الفقيه ٣: ٢٢٤ / ١٠٥١.

(١) كتب في هامش المصححة الاولى: « ينسى » محتملة من خطه رحمه‌الله .

الباب ٥٩

فيه ٩ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٢٩٥ / ١٦، والمحاسن: ٤٣٦ / ٢٨٠.

(٢) في المصدر: ضائعين.

٢ - الكافي ٦: ٢٩٤ / ١٠، والمحاسن: ٤٣٩ / ٢٩٤.

(٣) في المصدر: عندكم.

(٤) التهذيب ٩: ٩٩ / ٤٣٠.

٣٥٧

[ ٣٠٧٧٠ ] ٣ - وعن عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن( أحمد بن الحسن الميثمي) (١) رفعه، قال: كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) إذا وضعت المائدة بين يديه، قال: « سبحانك اللهمّ ما أحسن ما تبتلينا، سبحانك اللهمّ(٢) ما أكثر ما تعطينا، سبحانك ما أكثر ما تعافينا، اللهمَّ أوسع علينا وعلى فقراء المؤمنين والمسلمين ».

[ ٣٠٧٧١ ] ٤ - وعنهم، عن أحمد بن محمد - أبي عبد الله - عن محمد بن عبد الله، عن عمرو المتطبّب، عن أبي يحيى الصنعاني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: كان عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) إذا وضع الطعام بين يديه، قال: « اللهمّ هذا من منّك وفضلك وعطائك، فبارك لنا فيه، وسوِّغناه، وارزقنا خلفاً، إذا( أكلنا وربّ) (٣) محتاج إليه، رزقت، فأحسنت، اللهمَّ اجعلنا من الشاكرين » واذا رفع الخوان، قال: « الحمد لله الذي حملنا في البرِّ والبحر، ورزقنا من الطيبات، وفضّلنا على كثير ممّن خلق تفضيلاً ».

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) ، وكذا الذي قبله (٤) .

[ ٣٠٧٧٢ ] ٥ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن( أحمد بن الحسن

____________________

٣ - الكافي ٦: ٢٩٣ / ٨، المحاسن: ٤٣٥ / ٢٧٦.

(١) في المحاسن: أحمد بن محسن الميثمي.

(٢) كتب في المخطوط على ( اللهم ) علامة نسخة.

٤ - الكافي ٦: ٢٩٤ / ١٢.

(٣) في المصدر: أكلناه فرب.

(٤) المحاسن: ٤٣٣ / ٢٦٣.

٥ - الكافي ٦: ٢٩٤ / ١٥، المحاسن: ٤٣٦ / ذيل ٢٧٧.

٣٥٨

الميثمي) (١) ، عن إبراهيم بن مهزم، عن رجل، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) إذا رفعت المائدة، قال: « اللهمَّ أكثرت، وأطبت، وباركت، وأشبعت، وأرويت، الحمد لله الذي يطعم، ولا يُطعَم ».

[ ٣٠٧٧٣ ] ٦ - وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة(٢) ، قال: أكلت مع أبي عبد الله( عليه‌السلام ) طعاماً، فما أحصي كم مرَّة قال: « الحمد لله الذي جعلني أشتهيه ».

[ ٣٠٧٧٤ ] ٧ - وعنه، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جدِّه الحسن بن راشد، عن( ابن بكير) (٣) ، قال: كنّا عند أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، فاطعمنا ثمَّ رفعنا أيدينا، فقلت(٤) : الحمد لله، فقال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) :( اللهمَّ لك الحمد، بمحمّد رسولك لك الحمد، اللهمَّ لك الحمد، صلِّ على محمّد وعلى أهل بيته) (٥) .

[ ٣٠٧٧٥ ] ٨ - وعن أبي عليّ الأشعري، عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن حسين بن أحمد المنقري، عن يونس بن ظبيان، قال: كنت مع أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، فحضر وقت العشاء، فذهبت

____________________

(١) في المحاسن: أحمد بن محسن الميثمي عن مهزم.

٦ - الكافي ٦: ٢٩٥ / ١٧، المحاسن: ٤٣٧ / ٢٨٣.

(٢) في المصدر: عبيد بن زرارة.

٧ - الكافي ٦: ٢٩٦ / ٢٢، المحاسن: ٤٣٧ / ٢٨١.

(٣) في المحاسن: أبي بكر.

(٤) في المصدر: فقلنا.

(٥) في الكافي: اللهم هذا منك ومن محمد رسولك، اللهم لك الحمد صلِّ على محمد وآل محمد.

٨ - الكافي ٦: ٢٩٥ / ٢١.

٣٥٩

أقوم، فقال: اجلس يا أبا عبد الله، فجلست حتّى وضع الخوان، فسمّى حين وضع، فلمّا فرغ قال: « الحمد لله هذا منك ومن محمد(١) ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ».

وروى البرقيُّ في( المحاسن) الحديث الأول عن أبيه، عن ابن أبي عمير. والثاني عن النوفلي. والثالث عن يعقوب بن يزيد، والرابع عن محمد بن أبي عبد الله، والخامس عن محمد بن علي، عن أحمد بن الحسن. والسادس عن الحسن بن علي، بن فضال والسابع عن القاسم بن يحيى والثامن عن محمد بن عليّ عن عبيس بن هشام (٢) .

[ ٣٠٧٧٦ ] ٩ - وفي( المحاسن) أيضاً (٣) عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن وهب، عن أبي حمزة، عن عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) ، أنّه كان إذا طعم قال: « الحمد لله الذي أطعمنا، وسقانا، وكفانا، وأيّدنا، وآوانا، وأنعم علينا، وأفضل الحمد لله الذي يطعم، ولا يُطعَم ».

محمد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن أبي حمزة الثمالي مثله(٤) .

____________________

(١) في المحاسن: وبمحمد ( هامش المخطوط ).

(٢) المحاسن: ٤٣٧ / ٢٨٤.

٩ - المحاسن: ٤٣٥ / ٢٧٧.

(٣) في المصدر: عن أبي عبد الله البرقي.

(٤) الفقيه ٣: ٢٢٦ / ١٠٦٣.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449