وسائل الشيعة الجزء ٢٤

وسائل الشيعة13%

وسائل الشيعة مؤلف:
المترجم: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 449

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 449 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 252285 / تحميل: 5757
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٢٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

[هـ] ـ «والخَتل » : بفتح الخاء المعجمة ، والتاء المثناة من فوق : الخُدعة ، يقال : ختله يختله من باب ضرب إذا خدعه وراوغه(١) ، وختل الدنيا بالدين إذا طلبها بعمل الآخرة.

[و] ـ «وصنفٌ يطلبه للفقه والعقل » : يطلب العلم لتحصيل البصيرة الكاملة في الدين ، والتطلُّع إلى أحوال الآخرة ، وحقارة الدنيا ، ولتكمیل عقله الفطري.

ولمّا ذكر الأصناف الثلاثة وغاية مقاصدهم من طلب المال أراد أن يذكر جملة من أوصاف كل واحد منهم ليعرفوا بها فقالعليه‌السلام : «فصاحب الجهل والمِراء مؤذ ، ممار» ، أي : مؤذ لغيره لخبث باطنه ، وقدرته على التكلُّم بالأقوال الخشنة عند المباحثة ، والمحاورة في كيفية النزاع والجدل ، يريد بذلك الاستطالة والتفوّق على صاحبه ، أو لمجرد التذاذه بالغلبة كما هو دأب الأكثرين(٢) .

«والممار » اسم فاعل من (ماراه).

[ز] ـ «استطال عليه » : أي : تطاول وتفاخر.

[من أخلاق العلامة السيِّد رضا آل بحرالعلوم]

نقل جدّي العلّامة السيِّد آل بحر العلوم (طاب ثراه)(٣) : (أنَّ يوماً من الأيام كان هو مع أخيه جدّي السيِّد علي آل بحر العلوم صاحب البرهان القاطع (طاب ثراه)

__________________

(١) مجمع البحرين ١ : ٦٢١.

(٢) شرح اُصول الكافي ٢ : ١٨٢.

(٣) غفل مؤلف الكتاب السيِّد جعفر بن محمّد باقر بن علي بن السیِّد رضا آل بحر العلومرحمه‌الله عن ذكر اسم راوي الحكاية ، والراوي هو أحد أولاد السيِّد الرضارحمه‌الله ، غير السيِّد عليرحمه‌الله ، والسيد الرضارحمه‌الله انجب من الأولاد سبعة وهم : السيِّد جواد ، السيِّد حسين ، السيِّد عبد الحسين ، السيِّد علي ـ جدّ المؤلف المذكور في الحكاية ـ ، السيِّد كاظم ، السيِّد محمّد تقي ، السيِّد محمّد علي ، فيكون الراوي احد الستة الباقون.

٢٢١

بخدمة والدهما السيِّد رضا بحر العلوم (طاب ثراه) ، فأمرهما السيِّد والدهما المذكور بمصاحبتهما اله إلى عيادة شخص من أكابر بیوت العلم المعروفين بالنَّجف.

قال : وبالاتفاق لمّا دخلنا على صاحب الدار لم نجد في مجلسه من أهل العلم أحداً ، وكان الحاضرون كلهم من السواد السوقية ، فلمَّا استقر بنا الجلوس وأدّى كلٌّ منّا مع صاحبه الوظائف والرسوم العادية ، سأل الشيخ صاحب المنزل والدي عن مسألة فقهية وادّعى الاشتباه فيها على الأصحاب ، وأخذ يقرر إشكاله على الأصحاب لوالدي ، فلمَّا أتمّ كلامه أجابه والدي : بأنك مشتبه في فهم مرادهم ، وإن الإشكال غير وارد عليهم بعد فهم المراد ، وأخذ في بيان مرادهم بأحسن تقریر ، وأوفی بيان وتعبیر ، فلمَّا فرغ من الكلام لم يتقبل الشيخ منه ذلك وأخذ في التثبُّت بالمناقشات ، فكرَّر الوالد عليه الكلام بأوفى من المرة الأولى ، فلم يقنع الشيخ بذلك ، فکرَّر عليه الكلام ثالثاً وبالغ في الايضاح ، فلم يقنع الشيخ بذلك ، فسكت الوالد ولم يتكلَّم بعده بكلمة واحدة ، وحين رأي الشيخ من والدي ذلك قوي عزمه على الكلام وأخذ بإقامة ما عنده من البراهين على صحَّة ما ادّعاه من الغثّ والسمين ، والوالد ساكت لا يتكلَّم بحيث تحقَّق عند العام الحاضرين في ذلك المجلس تفوق الشيخ على السيِّد الوالد وإقحامه بما لا مزيد عليه.

قال : ونحن حاضرون وأدركنا ذلك المعنى من أهل المجلس ، وكنا نقدر على إعانة الوالد ومساعدته في الكلام وإقعاد كلمته على حسب الواقع والمرام ، ولكنّا تأدُّباً اللوالد ، وتوقيراً لصاحب المنزل سكتنا ، ولمّا قمنا وخرجنا من المنزل تقدم أخي السيِّد علي إلى جنب السيِّد الوالدرحمه‌الله وقال له : يا والدي ، ما الَّذي دعاك إلى السكوت عن إحقاق الحق وقمع الباطل حَتَّى فضحت نفسك ، وفضحت جدَّنا بحر العلوم ، بل وأسأت جعفر بن محمّدعليه‌السلام بهذا السكوت ، لِمَ سكتّ وأنت محقٌّ في کلامك؟ وبالغ في انزعاجه من تلك الحالة ، ولمّا سكن قال له والديرحمه‌الله : مع العلم

٢٢٢

بأن الطرف المقابل ـ يعني الشيخ ـ فهم كلامي ؛ لأنه ليس بتلك الدرجة من الغباوة بحيث لم يفهم ما قلته ، ولاسيَّما مع تكراري عليه ذلك مرّات ، فالمجادلة معه أكثر من ذلك ما هو إلا لأجل إقعاد الكلمة والالتذاذ بالغلبة ، وهو ممقوت عند صاحب الشرع).

(ولعمري) لتلك حالة لا توجد إلا عند الأوحدين من الناس ، ولاسيَّما بمحضر جماعة من العوام الَّذين هم كالأنعام ، ولا يعرفون الموازين العلمية للأشخاص إلّا بما يشاهدونه بأعينهم من المفاوضات والمكالمات ، ولكن ربَّما كان السكوت جواباً ، قال أبو العبَّاس الناشئ :

وإذا بُليتُ بِجاهلٍ مُتَحامِلٍ

حَسِبَ(١) المَحالَ من الأُمورِ صَوابا

أوليتُهُ منِّي السكوتَ ورُبَّما

كانَ السُكوتُ عنِ القبیحِ(٢) جَوابا(٣)

وقيل لبعض : (ما لكم لا تعاتبون الجهّال ليعلموا؟ فقال : إنّا لا نكلّف العُمْيَ بأن يبصروا ، ولا الصُمَّ بأن يسمعوا )(٤) .

وقال آخر : (ليس على العالم شيء أصعب ولا أتعب من جاهل يغالطه بالجهل إذا لم يكن عندَهُ عالم يفقه کلامه )(٥) .

__________________

(١) في الوفيات : (يجد).

(٢) في الوفيات : (الجواب).

(٣) وفيات الأعيان ٣ : ٣٧١ ، وانشده الإمام الرضاعليه‌السلام كما في عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١ : ١٨٧ ويدل ذلك أنه لغير الناشئ الصغير المتوفی سنة ٣٦٦ هـ ، فلاحظ.

(٤) فيض القدير ٢ : ٢٢.

(٥) لم أهتد إلى مصدر هذا القول.

٢٢٣

(رجع)

[ح] ـ «متعرّض للمقال » : لأن غرض إظهار التفوُّق والغلبة والتفاخُر والجاه ، ولا يحصل إلا بجلاله ومقاله.

[ط] ـ «في أندية الرجال » : الأندية ، جمع النادي وهو : مجلس القوم ما داموا مجتمعين فيه فإذا تفرقوا فليس بناد(١) .

[ي] ـ «قد تسربل الخشوع » : السِّربال بالكسر : القميص ، وسربلته : أي ألبسته السربال ـ أعني القميص(٢) .

والخشوع : التذلُّل والخضوع ، يعني : أظهر الخشوع بالتشبُّه بالخاشعين ، والتزييّ بزيهم مع أنه خال من الورع اللازم للخشوع.

[مراتب الورع]

(واعلم أنّ الورع على مراتب :

الأول : ورع التائبين ، وهو ما يخرج به الإنسان عن الفسق ويوجب قبول شهادته.

الثاني : ورع الصالحين ، وهم ترك الشبهات خوفاً من سقوط المنزلة بارتكابها.

الثالثة : ورع المتَّقين ، وهم ترك الحلال الَّذي يُتخوَّف منه أن ينجرّ إلى الحرام ، كترك التكلُّم بأحوال الناس خوفاً من الوقوع في الغيبة.

الرابع : ورع السالكين ، وهم الإعراض عما سواه تعالی خوفاً من صرف ساعة من العمر فيما لا يفيد زيادة القرب منه)(٣) .

[ك] ـ «فدقَّ الله من هذا » ، أي من أجل عمله هذا العمل.

__________________

(١) ينظر : لسان العرب ١٥ : ٣١٧ ، مادة (ن. د. ي).

(٢) الصحاح ٥ : ١٧٢٩.

(٣) بحار الأنوار ٦٧ : ١٠٠.

٢٢٤

[ل] ـ «خيشومه » : أي أعلى أنفه ، وهو كناية عن إذلاله وجعله خائباً خاسراً عمّا قصده من العمل.

[م] ـ «وقطع منه حيزومه » : الحَيزوم بفتح الحاء المهملة والياء المثناة من تحت ، والزاي المعجمة : وسط الصدر ، وفي القاموس : هو ما استدار من الظهر والبطن(١) .

وكيف كان فهو أيضاً كناية عن إهلاکه واستيصاله بالمرَّة ، لقطع ما هو مناط الحياة.

[ن] ـ «ذو خِبّ ومَلَق » : الخب بكسر الخاء المعجمة والباء الموحدة المشددة ، مصدر بمعنى : الخدعة والغش(٢) .

والملق بالتحريك : اللُّطف الشديد ، والتودُّد فوق ما ينبغي باللسان من غير أن يكون له أثر في القلب(٣) .

[س] ـ «يستطيل على مثله » : من أشباهه أي على من يشابهه في رتبة العلم

والفضل.

[ع] ـ «ويتواضع للأغنياء من دونه » : أي ممَّن هو دونه في الرتبة والمنزلة ، والاستطالة على المماثل ، والتواضع للأدون من أقبح الأفعال ، ودليل على ركاكة الذات وشناعة الصفات.

__________________

(١) القاموس المحيط ٤ : ٩٦.

(٢) مجمع البحرين ١ : ٦١٦ ، والخب بالفتح : الخداع ، وهو الجريز الَّذي يسعى بين الناس بالفساد. (ينظر : النهاية في غريب الحديث ٢ : ٤).

(٣) ينظر : العين ٥ : ١٧٤ ، الصحاح ٤ : ١٥٥٦.

٢٢٥

[ف] ـ «فهو الحلوانهم هاضم » : الحلوان هو الرشوة ، فكأن ما يأخذه منهم اُجرة لما يعمله ، وفي بعض النسخ لحلوائهم بالهمزة وهي الأطعمة اللَّذيذة.

[ص] ـ «ولدينه » : بإفراد الضمير كما هو المتَّفق عليه في نسخ الكافي.

[ق] ـ «حاطم » : أي كاسر ؛ لأنه باع دينه بدنياه ، بل بلقمة من مائدتهم تبعاً لقوَّة الشهوة ، فهو معط لهم فوق ما يأخذ منهم ؛ لأنه يأخذ منهم ما يطعمون ، ومعط إياهم من دينه ، فلا جرم كان عادماً لإيمانه ويقينه ، أو لأنه يحلّ لهم بفتواه ما يشتهون ، ويحطم دينه بما يُدهن فيدهنون.

وبناءً على ما في المتن من ضمير الجمع فله وجه ، فإن فعله ذلك يوجب تجرّيهم على الحرام ، واعطاءهم إيّاه بالرشوة عند ما يتوقعون منه ما يوافق طباعهم ، فهو حاطم لدينهم ، ثُمَّ دعا عليه بالاستیصال بحيث لم يبق له خبر ولا أثر.

[ر] ـ «عمي عليه الخبر » : أي خفي ، كناية عن عمى البصر.

[ش] ـ «وقطع من آثار العلماء أثره » : أي ما بقی من أثار علمه بين الناس ، فلا يُذكر به كما يُذكر به غيره في الدهور ، وتوجب اشتهاره وحسن ذكره ، وإنما دعا على الصنفين للحوق ضررهما على العلماء المحقّين ، أكثر من ضرر الكفّار المتمرِّدين.

[ت] ـ «وصاحب الفقه والعقل » : وهو الصنف الَّذي يطلب العلم لتکميل القوَّة النظرية والقوَّة العلمية والتخلُّق بالأخلاق الحسنة.

[ث] ـ «قد تحنّك في برنسه » : التحنُّك إدارة طرف العمامة تحت حنکه ، أي ما تحت ذقنه ، وفيه استحباب التحنُّك.

٢٢٦

وقال المجلسيرحمه‌الله في (مرآة العقول) في شرح هذا الخبر (عند قوله : تحنُّك في برنسه) : (يومين إلى استحباب التحنُّك في الصلاة)(١) .

وفيه ما فيه ، نعم ، يدل على ذلك من النصوص ما رواه صاحب العوالي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من صلّى بغير حنك فأصابه داء لا دواء له ، فلا يلومنّ إلّا نفسه »(٢) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من صلّی مقتطعاً (٣) فأصابه داء لا دواء له ، فلا يلومنّ إلّا نفسه »(٤) .

وفي (شرح المفاتيح) : (أن الأوّل مروي في العوالي في مكانين عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله )(٥) .

ورواه عنه أيضاً في (المستدرکات)(٦) .

والثاني رواه مستقلاً فخر الإسلام في (شرح الإرشاد)(٧) ، فلا دغدغة في ذلك.

(والبرنس) : قلنسوة طويلة ، كان يلبسها النُسَّاك في صدر الإسلام(٨) .

__________________

(١) مرآة العقول ١ : ١٦٢.

(٢) يأتي تخريج الحديث.

(٣) (مقتطعاً) هي تصحيف (مقتعطاً) كما في مجمع البحرين ٣ : ٥٣٣ وهو : شدّ العمامة على الرأس من غير إدارة على الحنك.

(٤) يأتي تخريج الحديث.

(٥) شرح المفاتيح مخطوط لم أقف عليه ، وفي العوالي الحديثان موجودان في مكانين وليس الأول منه ، فلاحظ (ينظر : عوالي اللئالي ٢ : ٢١٦ ح ٦ للأول ، و ٤ : ٣٧ ح ١٢٨ للثاني).

(٦) مستدرك الوسائل ٣ : ٢١٥ ح ٣٤٠٢ / ٢.

(٧) عنه کشف اللثام ٣ : ٢٦٢ في لباس المصلي.

(٨) الصحاح ٣ : ٩٠٨.

٢٢٧

أو كل ثوب رأسه منه [ملترق به ، من](١) درّاعة كان أوجبّة أو ممطر ، معرَّب یوناني(٢) .

ويكفي في كراهة ترك التحنُّك أو السدل مطلقاً ولو في غير الصلاة المرسل أن الطبقية عِمة إبليس ؛ ولذا لم يتوقَّف أحد في كراهة عدم التحنُّك مطلقاً ، كما صرّح به جدّي صاحب البرهان (طاب ثراه)(٣) .

[خ] ـ «وجِلاً ، خائفاً » : من عدم قبول عمله ؛ لعلمه بأن الله إنَّما يتقبل أعمال المتَّقين ، ولعلَّه لا يكون منهم ، أو لعلمه بأنَّ المقبول إنَّما هو العمل الصالح ولا يعلم صلاح عمله ، أو يخاف من سوء الخاتمة وانقلاب العاقبة وعدم الاستمرار كما انعكست حالة كثير من العُبَّاد في آخر عمره.

[ذ] ـ «داعياً لقبول » : عمله وحسن عاقبته ومغفرة ذنوبه.

[ض] ـ «مشفقاً » : من عدم استجابته ، فإنَّ الدعاء أيضاً من جملة الأعمال التي لا تقبل إلا الصالح منها ، أو من أن يكون قَدْ صدر منه ما يحبس دعاءه ، كما قالعليه‌السلام في دعاء كميل : «اللهُمَّ اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء »(٤) .

وكما في الحديث : «أعوذ بك من الذنوب التي تردّ الدعاء »(٥) .

وهي كما جاءت به الرواية عن الصادقعليه‌السلام : «سوءُ النيَّة والسريرة ، أو ترك التصديق بالإجابة ، والنفاق مع الإخوان ، وتأخير الصلاة عن وقتها »(٦) .

__________________

(١) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٢) النهاية في غريب الحديث ١ : ١٢٢.

(٣) البرهان القاطع : مخطوط لم أقف عليه.

(٤) دعاء کميل ورد في العديد من كتب الدعاء والزيارة ، ولا حاجة لذكرها.

(٥) ورد بهذا النص في مجمع البحرين ٢ : ٣٨.

(٦) مجمع البحرين ٢ : ٣٨.

٢٢٨

[ظ] ـ «مقبلاً على شأنه » : أي على إصلاح نفسه ، وتهذيب باطنه بالتخلية من الرذائل ، والتحلية بالفضائل.

[غ] ـ «عارفاً » : بأهل زمانه وبحركاتهم ومقاصدهم بالمكاشفات القلبية والمشاهدات العينية.

[أب] ـ «مستوحشاً » : من أوثق إخوانه ؛ لعلمه بأن مخالطتهم تُميتُ القلب ، وتُفسد الدين ، فيختار الاعتزال عنهم ؛ لما فيه السلامة ، إذ قَدْ خُصّ بالبلاء من عرفته الناس ؛ ولذا ورد : «فُرَّ من الناس فرارَكَ مِنَ الأسدِ »(١) .

وفي الشعر الفارسي :

دلا خو کن بتنهائي

که از تنها بلا خيزد

سعادت آنکسي دارد

که از مردم ببرهيزد

وإن شئت توسيع المخاض بأكثر من ذلك ، فنقول : لمّا عرفت أنه ليس الغرض من بعث الأنبياء إلا تهذيب الأخلاق البشرية ، كما قال سيد الأنبياءصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنَّما بعثتُ لأتَمِّمَ مكارِمَ الأخلاق »(٢) .

فلا بد من مباشرة الأعمال الشرعية بصورة توجب التحلّي بالفضائل ، والتخلّي عن الرذائل ، وتسبِّب التحصّل للأخلاق الفاضلة ، وتبديل الملكات الرذيلة ، وهذا الأمر لا محال يتوقَّفُ على تنبُّهٍ کامل واطّلاع وافر على أحوال النفس ، والأُمور الباطنية ، وتقلُّبات القلب ، ودقائق آفات النفس ، ويحتاج إلى

__________________

(١) شرح اُصول الكافي ٢ : ١٨٧.

(٢) تقدم ذكره.

٢٢٩

اهتمام عظيم في إيقاع العبادات على وجه الإخلاص المحض ، وخلوص النيَّة من جميع الشوائب ، والاهتمام بذلك كلّه ، وملاحظة هذه المعاني مع المعاشرة والمخالطة ، وارتكاب اللوازم والرسوم والعادات ، ومباشرة الأُمور الدنيوية مطلقاً متعسِّرٌ جداً ، بل يتعذَّر على أكثر النفوس.

فلا جرم أنَّ كثيراً من السالكين ، وعلماء الشريعة ، وحكماء الملَّة في كلّ زمان من الأزمان اختاروا العزلة ، وتقليل الخلطة بعد تحصيل العلوم اليقينية ، وحصول الملكات العلمية ، وتكميل القوَّة النظرية ، وكانوا يحثُّون تلاميذهم عليها ، وفي صدر السلف أيضاً كان شعار خلّص الصحابة وكمّل التابعين هو الانقطاع إلى الله ، والانفراد لجهة العبادة من غير تزيّ بزيٍّ خاص ، ولا تسمّ باسم مخصوص ، ولا وضع اصطلاح جدید.

قال مالك بن دينار : (من لم يأنس بمحادثة الله عن محادثة المخلوقين ، فقد قلّ علمه ، وعَمِيَ قلمه ، وضاع عمره )(١) .

قيل لبعضهم : (من معك في الدار؟

قال : الله تعالى معي ، ولا يستوحش من أنس به)(٢) .

ووصف بعض العارفين صفة أهل المحبة الواصلين ، فقال : (جدّد لهم الودّ في كلّ طرفة بدوام الاتصال ، وآواهم (٣) في كنفة بحقائق السكون إليه حَتَّى أنّت قلوبهم ، وحنّت أرواحهم شوقاً ، وكان الحبُّ والشوق منهم إشارة من الحق إليهم عن

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ١٠ : ٤٣.

(٢) لم أهتد إلى مصدر هذا القول.

(٣) في الأصل : (واوهم) وما في المتن من استظهارنا حَتَّى يستقيم النص.

٢٣٠

حقيقة التوحيد وهو الوجود بالله ، فذهبت مناهم ، وانقطعت آمالهم عنده ؛ لما بان منه لهم )(١) .

[أج] ـ «فشدّ الله من هذا أركانه » : المشار إليه بهذا هو العالم الَّذي هو صاحب الفقه والعقل ، أي : ثبّت الله تعالى ، وأحكم غاية الإحكام أركانه الظاهرة ، أعني جوارحه وأعضاءه الباطنة من عقله وفهمه ودينه.

__________________

(١) لم اهتد إلى مصدر هذا القول.

٢٣١

الحديث العاشر

منهومان لا يشبعان

[٧٦] ـ قالرحمه‌الله : عنه ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسی ، وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن حمّاد بن عيسى ، عن عمر بن أذينة ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس ، قال: سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : منهومان لا يشبعان : طالب دنيا وطالب علم ، فمن اقتصر من الدنيا على ما أحلّ الله له سلم ، ومن تناولها من غير حلّها هلك ، إلا أن يتوب أو يراجع ، ومن أخذ العلم من أهله وعمل بعلمه نجا ، ومن أراد به الدنيا فهي حظُّه »(١) .

أقول : واستيعاب المرام في موضعين :

الموضع الأول

فيما يتعلق برجال السند :

ومرجع الضمير كما عرفت.

[ترجمة عُمَر بن أذينة]

أمّا عُمَر بن أذينة : هو ابن محمّد بن عبد الرحمن بن اُذينة ، بضم الهمزة ، وفتح الذال المعجمة ، وسكون الياء المنقطة تحتها نقطتين ، وفتح النون.

ذكره النجاشي في (الفهرست) وعدّ نسبه إلى عدنان ، ثُمَّ قال : (شيخ أصحابنا البصريين ووجههم ، روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام بمكاتبة (٢) ، له كتاب (الفرائض) )(٣) .

وزاد في (الخلاصة) : (أنه كان ثقة صحيحاً ).

__________________

(١) معالم الدين : ١٥ ، الكافي ١ : ٤٦ ح ١.

(٢) في رجال النجاشي : (بمکاتبه) ، وفي الخلاصة : (مکاتبة) ولعله الأصح ، فلاحظ.

(٣) رجال النجاشي : ٢٨٣ رقم ٧٥٢.

٢٣٢

ثُمَّ قال : (قال الكَشِّي : قال حمدويه : سمعت أشياخي منهم العبيدي وغيره ، أنَّ ابن اُذينة كوفي ، وكان هرب من المهدي ، ومات باليمن ؛ فلذلك لم يروِ عنه كثير ، ويقال : اسمه محمّد بن عُمَر بن اُذينة ، غلب عليه اسم أبيه )(١) .

وفي (المشتركات) : (ابن اُذينة ، الثقة ، روى عنه ابن أبي عمير ، وصفوان ، والحسن بن محمّد بن سماعة ، وحريز ، وأحمد بن ميثم ، وأحمد بن محمّد بن عيسی ، وأبوه ، وعثمان بن عيسی ، وجميل بن درَّاج ، وحمّاد بن عيسی )(٢) .

[ترجمة أبان بن أبي عياش]

(وأمّا أبان : فهو ابن أبي عياش ـ بالعين المهملة ، والشين المعجمة ـ واسم أبي عياش : فيروز ـ بالفاء المفتوحة ، والياء المنقطة تحتها نقطتين الساكنة وبعدها راء ، وبعد الواو زاي ـ تابعي ضعيف ، روى عن أنس بن مالك ، وروي عن علي بن الحسين عليهما‌السلام ، لا يُلتفت إليه ، وينسب أصحابنا وضع كتاب سليم بن قيس إليه )(٣) .

وفي (الخلاصة) : (الأقوى عندي التوقُّف فيما يرويه ؛ لشهادة ابن الغضائري عليه بالضعف )(٤) .

وقال الشيخ في رجاله : (إنه ضعيف )(٥) .

وحكم بتضعيفه خالنا المجلسيرحمه‌الله في (الوجيزة )(٦) .

__________________

(١) خلاصة الأقوال : ٢١١ رقم ٢ ، اختيار معرفة الرجال ٢ : ٦٢٦ رقم ٦١٢.

(٢) هداية المحدثين : ١٢٣.

(٣) خلاصة الأقوال : ٣٢٥ رقم ٢ ، شرح اُصول الكافي ٢ : ٣٠٧.

(٤) خلاصة الأقوال : ٣٢٥ رقم ٢ ، رجال ابن الغضائري : ٣٦ رقم ١.

(٥) رجال الطوسی : ١٣٦ رقم ١٢٦٤ / ٣٦.

(٦) الوجيزة في الرجال : ١١ رقم ٥.

٢٣٣

ولم يتعرَّض لذكره صاحب (البُلغة) ؛ بناءً على ما بنى عليه من إسقاط المجاهيل والضعفاء.

[ترجمة سليم بن قيس]

وأمّا سُلیم بن قيس : فقد صرّح السيِّد الداماد بأنه صاحب أمير المؤمنينعليه‌السلام ومن خواصّه ، روی عن السبطين والسجاد والباقر والصادقعليهم‌السلام وهو من الأولياء ، والحقّ فيه ـ وفاقاً للعلّامة وغيره من وجوه الأصحاب ـ تعديلُهُ(١) .

وقال ابن شهر آشوب : (سُليم بن قيس الهلالي صاحب الأحاديث ، له كتاب )(٢) .

وقال ابن طاووس : (تضمّن الكتاب ما يشهد بشكره [وصحَّة كتابه] ) ، انتهى(٣) .

وقال المجلسي : (وكتاب سُليم بن قيس في غاية الاشتهار ، وقد طعن فيه جماعة ، والحق أنه من الأُصول المعتبرة )(٤) .

وفي موضع من البحار ـ أظنُّه في كتاب الغيبة ـ عدّه من الثقات العظام(٥) .

__________________

(١) نسبه أبو علي الحائري في منتهى المقال إلى السيِّد الداماد في رواشحه ، ولم أعثر عليه في الرواشح السماوية ، وذكره المازندراني في شرح اُصول الكافي ٢ : ٣٠٧ عن بعض المحدثين من أصحابنا ، ولم يصرّحرحمه‌الله بأنه للسيد الداماد ، فلاحظ.

وينظر : خلاصة الأقوال : ١٦١ رقم ١ ، منتهى المقال ٣ : ٣٨٢.

(٢) معالم العلماء : ٩٣ رقم ٣٩٠.

(٣) التحرير الطاووسي : ٢٥٢ رقم ١٨٠ وما بين المعقوفين من المصدر.

(٤) بحار الأنوار ١ : ٣٢.

(٥) قال النعماني : (وليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم ورواه عن الأئمّةعليهم‌السلام خلاف في أن كتاب سليم بن قيس الهلالي أصل من أكبر كتب الأُصول التي رواها أهل العلم ومن حملة حديث أهل البيتعليهم‌السلام وأقدمها ، لأن جميع ما اشتمل عليه هذا الأصل إنما هو من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين والمقداد وسلمان الفارسي وأبي ذر ومن جرى مجراهم ممن عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنينعليه‌السلام وسمع منهما ، وهو من الأُصول التي ترجع الشيعة إليها ويعول عليها). (غيبة النعماني : ١٠٣).

٢٣٤

وقال الشيخ أبو علي : (ولقد طعن فيه الغضائري ، ولو حَكَمْنا بالطَّمْنِ لِطَعنهِ ، لَمّا سَلِمَ جليلٌ مِنَ الطَّعن)(١) .

الموضع الثاني

في شرح المتن :

ذُكر هذا الحديث في الكافي في باب (المستأكل بعلمه والمباهي به)(٢) ، والمراد بالمستأكل من يتخذ علمه رأس مال يأكل منه ويتوسَّع به في معاشه ، يقال : فلان ذو أكل ، إذا كان ذا حظّ من الدنيا ورزق واسع ، والمأكل : الكسب.

قال أبو جعفر الباقرعليه‌السلام : «ويحك يا أبا الربيع [لا تطلبنّ الرئاسة ، ولا تكن ذئباً ، و] لا تأكل بنا الناس ، فيفقرك الله »(٣) .

نهاه أن يجعل العلوم الشرعية التي أخذها منهمعليهم‌السلام آلة الأكل والأموال ، كما هو شأن قضاة الجور ، وأوعده بأن الله يفقره في الدنيا بتفويت المال ونقص العيش.

والحديث : مروي في التهذيب أيضاً(٤) .

[أ] ـ «والمنهوم » : من النَّهَم ، بالتحريك ، وهو إفراط الشهوة في الطعام(٥) .

__________________

وقال عنه في موضع من بحار الأنوار ٣٠ : ١٣٤ ما نصّه : (والحق أن بمثل هذا لا يمكن القدح في كتاب معروف بين المحدّثين اعتمد عليه الكليني والصدوق وغيرهما من القدماء ، وأكثر أخباره مطابقة لما رُوى بالأسانيد الصحيحة في الأُصول المعتبرة).

(١) منتهى المقال ٣ : ٣٨٢.

(٢) الكافي ١ : ٤٦ وفيه ستة أحاديث.

(٣) الكافي ٢ : ٣٩٨ ح ٦ ، وما بين المعقوفين من المصدر

(٤) تهذيب الأحكام ٦ : ٣٢٨ ح ٩٠٦ / ٢٧.

(٥) لسان العرب ١٢ : ٥٩٣.

٢٣٥

وليس فيه دلالة على ذمّ الحرص في تحصيل العلم حَتَّى يُحمل على أن المراد من العلم هو غير علم الآخرة ، بل المقصود أن (أنه ـ ظ) خاصية الدنيا والعلم(١) ذلك ، يعني : مَنْ ذاق طعم حلاوة العلم ، وحلاوة الدنيا لم يشبع منهما ، (أمّا الدنيا) فكلَّما تناول مرتبة من مراتبها حثَّهُ الحرص وطول الأمل إلى تناول ما فوق ذلك ، ولا يكاد يقنع بمرتبة من مراتب الدنيا ، فهو في ألم من تلك الأحوال حَتَّى يموت.

[ب] ـ «وأمّا طالب العلم » : فلأنَّ ساحة العلوم أوسع من أن يحوم حولها عقل أحد من أفراد البشر ، قال تعالى : ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ(٢) .

[ج] ـ «فمَنِ اقتصَرَ مِنَ الدُّنيا على ما أحَلًّ اللهَ لَهُ سَلِم » : أي وإن كان كثيراً في غاية الكثرة ، وكان فيه شهوة وميل إليها كما هو مقتضى العموم المستفاد من الموصول ؛ ولأنَّ جمع الدنيا من مَمَرّ الحلال حلال لا عقوبة فيه وإن بلغ ما بلغ ، ما لم يؤدِّ إلى حد الغرور ، وقطع علائق التوكُّل على الله تعالى ، والاستيثاق بما عنده من المال.

[د] ـ «إلا أن يتوب » : إلى الله تعالى بأن يندم على ما فعل فيما سبق ، ويعزم على الترك فيما يأتي ، أو يراجع من ظلمه ويرضيه.

وظاهر الحديث : أن كلّا من التوبة والمراجعة ناج (منجٍ ـ ظ) من العقاب ، وهو مشکل مع اشتغال الذمَّة بمال الناس المتناول له من غير حلّه ، فأمّا أن يجعل

__________________

(١) كذا والجملة غير مستقيمة ، إلا إذا قلنا : (خاصية الدنيا بالعلم).

(٢) سورة يوسف : من آية ٧٦.

٢٣٦

(أو) : بمعنى الواو للتفسير ، كما هو مذهب الكوفيين ، وابن مالك ، والأخفش ، والجرمي ، واختاره ابن هشام في المغني(١) .

أو للإضراب كما قال ابن مالك :

خَيَّر ، أبِحُ ، قَسِّمْ بِأَوْ وأبْهِمِ

وَاشْكُكْ وإضرابٌ بِها أيضاً نُمِي

والفرق بين الإباحة والتخيير جواز الجمع في تلك دونه ، واحتجوا له بقول توبة :

وقد زَعَمَتْ ليلى بِأنِّيَ فاجِرٌ

نَفسي تُقاها أو عَلَيْها فُجُورها(٢)

وله شواهد أخر.

(أو) : يجعل التوبة علاجاً لما وقع منه من الظلم في حق نفسه من غير تعلُّق بحقّ الغير ، والمراجعة علاجاً لما وقع منه من الاغتصاب لحق الغير ، فإن ذلك لا يرفع إلا مع إرضاء صاحب الحقّ.

ويحتمل تخصيص التوبة بما إذا لم يقدر على رد المال الحرام إلى صاحبه والمراجعة بما قدر عليه.

[هـ] ـ «ومن أخذ العلم من أهله وعمل بعلمه نجا » : أهل العلم هم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة المعصومون ، والعلماء التابعون لهم ، يعني : من أخذ العلم منهم وعمل بما يقتضيه علمه نجا من العقوبات الأُخروية ، ومن كل ما يمنعه عن

__________________

(١) لم يذکر ابن هشام معنى التفسير كما لم يذكره غيره ، وإنما قال : (والخامس ـ أي من معاني (أو) ـ : الجمع المطلق كالواو ، قاله الكوفيون والأخفش والجرمي ...) ثُمَّ استغرب بعدها من ذهاب ابن مالك إلى هذا الرأي أيضاً واعترض عليه. (ينظر : المغني ١ : ٦٣).

(٢) البيت لتوبة من الحمير. (ينظر : أمالي القالي ١ : ١٣١ ، خزانة الأدب ١١ : ٦٨).

٢٣٧

التقرُّب إلى الله تعالی ؛ إذ اللازم لطريقتهم لاحق بهم لا محالة ، بل منهم ، كما ورد : «إنَّ سلمان منَّا أهلَ البيت »(١) .

ولا شك أن طريقتهم هي الطريقة الحقَّة التي لا يشوبها أدنی رائحة الباطل ، كما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «الحق مع علي وهو مع الحق ، أينما دار »(٢) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «اللهُمَّ أدر الحق معه أينما دار »(٣) ، رواه العامَّة في صحاحهم ، وذكروا في ذلك خمسة عشر حديثاً ، ومن جملة من رواه ، إمام الحرمين في الجمع بين الصّحاح السَّتة) في الجزء الثالث منه ، والزمخشري في ربيع الأبرار(٤) .

وقال ابن أبي الحديد في شرحه عند قول أمير المؤمنينعليه‌السلام : «إن الأئمّة من قريش غُرسوا في هذا البطن من هاشم لا تصلح على من سواهم ، ولا تصلح الولاة من غيرهم » :

(فإن قلت : إنَّك شرحت هذا الكتاب على مذهب المعتزلة ، فما قولك في هذا الكلام ، وهو تصريح بأن الإمامة لا تصلح من قريش إلا في بني هاشم خاصَّة ، وليس ذلك بمذهب المعتزلة.

قلت : هذا الموضع مشکل ، ولي فيه نظر ، وإن صحّ أن علياًعليه‌السلام قال ذلك ، قلت : كما قال ؛ لأنه ثبت عندي أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «إنه مع الحق وإن الحق يدور معه

__________________

(١) عیون أخبار الرضاعليه‌السلام ١ : ٧٠.

(٢) ذكر المؤلفينرحمه‌الله الحديث بالمعنى ونصّه : «علي مع الحق والحق مع علي ، يدور معه حيثما دار ». (شرح نهج البلاغة ١٨ : ٧٢).

(٣) ذكر المؤلفرحمه‌الله الحديث بالمعنى ونصّه : «اللهمّ أدر الحق مع على حيث دار ». (خصائص الوحي المبین ٣١).

(٤) ينظر : مصادر هذا الحديث الشريف من كتب أهل السنة في كتاب الغدير ٣ : ١٧٦ ـ ١٧٩ ، فإن مؤلفهرحمه‌الله كفانا مؤونة ذلك ، فجزاه الله عن كتابه هذا وغيره ألف خير.

٢٣٨

حيثما دار » ، ويمكن أن يتأول ويطبّق على مذهب المعتزلة ، فيحمل على أن المراد به كمال الإمامة ، كما حُمل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد » على نفي الكمال ، لا على نفي الصحَّة) ، انتهى(١) .

وأنت خير بأن نفي الصحَّة أقرب إلى المعنى الحقيقي من نفي الكمال كما حُقّق في محلّه ، ويدل على صحَّة قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما رواه ابن حجر في (الصواعق) أنه خرّج مسلم والترمذي وغيرهما عن وائلة أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «إنّ الله اصطفی كنانة من بني إسماعيل ، واصطفى من بني كنانة قريشاً ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم »(٢) .

وأصرح من ذلك كلّه ما نقله أبو العبَّاس القلقشندي المصري الشافعي في كتابه (نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب) : (أنهم يعني أصحابه الشافعية نصّوا على أن الهاشمي أولى بالإمامة من غيره من قريش).

راجع الفصل الأول من مقدمة الكتاب المزبور(٣) .

[و] ـ «من أراد به الدنيا فهي حظه » : يعني من أراد بعلمه التوسل إلى زخارق الدنيا ، والتقرَّب إلى الملوك والسلاطين ، وجلب المال من الفاسقين ، والسوق على العالمين ، ذلك حظه وثمرة علمه وماله في الآخرة من نصيب ، قال الله تعالی : ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ(٤) .

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ٩ : ٨٧.

(٢) الصواعق المحرقة : ١٨٨ ح ٣١.

(٣) نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب : ٧.

(٤) سورة الشوری : ٢٠.

٢٣٩

الحديث الحادي عشر

الحديث لمنفعة الدنيا

[٧٧] ـ قالرحمه‌الله : عنه ، عن الحسين بن محمّد بن عامر ، عن معلّی بن محمّد ، عن الحسن بن علي الوشّاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : «من أراد الحديث لمنفعة الدنيا ، لم يكن له في الآخرة نصيب ، ومن أراد به خير الآخرة أعطاه الله تعالى خير الدنيا والآخرة »(١) .

أقول : واستيعاب المرام في موضعين :

الموضع الأول

في رجال السند :

ومرجع الضمير كما تقدّم.

[ترجمة معلی بن محمّد]

ومعلّی بن محمّد : هو أبو الحسن البصري.

قال في (الخلاصة) : (وهو مضطرب الحديث والمذهب ، ونقل عن ابن الغضائري : أنه يعرف حديثُه وينكر ، وأنه يروي عن الضعفاء ، وأنه يجوّز أن يخرج شاهداً )(٢) .

وقال في (التعليقة) : (قال جدّي رحمه‌الله : لم نطّلع على خبر يدلُّ على اضطرابه في الحديث والمذهب كما ذكره بعض الأصحاب ) ، انتهى(٣) .

ولم يذكره صاحب (البُلغة) ، وقال في حاشية له على هذا المقام ما لفظه : (لم نذكر معلّی بن محمّد البصري ؛ لأنه ضعيف مضطرب.

__________________

(١) معالم الدين : ١٦ ، الكافي ١ : ٤٦ ح ٢.

(٢) خلاصة الأقوال : ٤٠٩ رقم ٢ ، رجال ابن الغضائري : ٩٦ رقم ١٤١ / ٢٦.

(٣) تعليقة البهبهاني على منهج المقال : ٣٢٩.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

٧٧ - باب ان من وجد كسرة أو تمرة استحبّ له رفعها وأكلها، وان كانت في قذر استحبّ له غسلها وأكلها.

[ ٣٠٨٣٦ ] ١ - أحمد بن أبي عبد الله البرقي في( المحاسن) عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال - في التمرة والكسرة تكون في الأرض مطروحة، فيأخذها إنسان(١) - ويأكلها: لا تستقرّ في جوفه حتّى تجب له الجنّة.

[ ٣٠٨٣٧ ] ٢ - وعن موسى بن القاسم، عن محمد بن سعيد بن غزوان، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من وجد تمرة أو كسرة ملقاة فأكلها، لم تستقرّ(٢) في جوفه حتّى يغفر الله له.

[ ٣٠٨٣٨ ] ٣ - محمد بن يعقوب، عن حميد بن زياد، عن الخشّاب، عن ابن بقاح، عن عمرو بن جميع، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من وجد كسرة، فأكلها( كان له حسنة) (٣) ، ومن وجدها في قذر، فغسلها، ثمَّ رفعها كان(٤) له سبعون حسنة.

[ ٣٠٨٣٩ ] ٤ - وبهذا الإِسناد عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد الله( عليه

____________________

الباب ٧٧

فيه ٥ أحاديث

١ - المحاسن: ٤٤٥ / ٣٢٩.

(١) في المصدر زيادة: فيمسحها.

٢ - المحاسن: ٤٤٥ / ٣٣٠.

(٢) في المصدر: تقرّ.

٣ - الكافي ٦: ٣٠٠ / ٥، المحاسن: ٤٤٥ / ٣٢٨.

(٣) في المصدر: كانت له حسنة. وفي المحاسن: كانت له سبعمائة حسنة ( هامش المخطوط ).

(٤) في المصدر: كانت.

٤ - الكافي ٦: ٣٠٠ / ٦.

٣٨١

السلام) ، قال: دخل رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) على عائشة، فرأى كسرة، كاد أن يطأها، فأخذها، وأكلها، وقال: يا حميراء، أكرمي جوار نعم الله عليك، فإنها لم تنفر عن قوم، فكادت تعود إليهم.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) عن أبيه، عن يونس، عن عمرو بن جميع (١) ، وكذا الذي قبله.

[ ٣٠٨٤٠ ] ٥ - محمد بن عليّ بن الحسين في( الأمالي) عن جعفر بن عليّ، عن جدّه الحسن بن عليّ، عن جدّه عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم، عن الصادق( عليه‌السلام ) ، عن آبائه، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من وجد كسرة أو تمرة، فأكلها لم تفارق جوفه حتّى يغفر الله له.

ورواه البرقيُّ، في( المحاسن) عن النوفلي (٢) .

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك في الخلوة(٣) .

٧٨ - باب استحباب لحس الأصابع من المأدوم، وتحريم الاستنجاء بالخبز ونحوه.

[ ٣٠٨٤١ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عمرو بن شمر، قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: إنّي لألحس أصابعي من المأدوم، حتّى أخاف أن يرى

____________________

(١) المحاسن: ٤٤٥ / ٣٣١.

٥ - أمالي الصدوق: ٢٤٦ / ١٤.

(٢) المحاسن: ٥٨٨ / ٨٧.

(٣) تقدم في الباب ٣٩ من أبواب أحكام الخلوة.

الباب ٧٨

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٦: ٣٠١ / ١، أورد ذيله في الحديث ١ من الباب ٤٠ من أبواب أحكام الخلوة.

٣٨٢

خادمي أنَّ ذلك من الجشع، وليس ذلك كذلك، إنّ قوماً اُفرغت عليهم النعمة وهم اهل الثرثار، فعمدوا إلى مخِّ الحنطة فجعلوها هجاء، فجعلوا ينجون بها صبيانهم، حتّى اجتمع من ذلك جبل، قال: فمرّ رجل صالح على امرأة وهي تفعل ذلك بصبيّ لها، فقال ويحكم، اتّقوا الله، لا يغيّر ما بكم من نعمة، فقالت: كأنّك تخوِّفنا بالجوع مادام ثرثارنا يجري، فإنّا لا نخاف الجوع، قال: فأسف الله عزّ وجلّ، وأضعف لهم الثرثار، وحبس عنهم قطر السماء ونبت الأرض، قال: فاحتاجوا إلى ذلك الجبل، قال: فان كان ليقسم بينهم بالميزان.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة (١) .

وعن محمد بن عليّ، عن الحكم بن مسكين، عن عمرو بن شمر نحوه(٢) .

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على الحكم الأول(٣) ، ويأتي ما يدلُّ على الثاني(٤) .

٧٩ - باب وجوب إكرام الخبز والحنطة والشعير، وتحريم إهانته ودوسه بالرجل ووطء السفرة بها.

[ ٣٠٨٤٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن هارون بن

____________________

(١) المحاسن: ٥٨٦ / ٨٥.

(٢) المحاسن: ٥٨٧ / ٨٦.

(٣) تقدم في الباب ٦٧ من هذه الأبواب.

(٤) يأتي في الباب ٧٩ من هذه الأبواب.

الباب ٧٩

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٣٠٢ / ٢.

٣٨٣

مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قال النبيُّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : أكرموا الخبز، فانّه قد عمل فيه ما بين العرش إلى الأرض، والأرض وما فيها من كثير من خلقها - إلى أن قال: - إنه كان نبي قبلكم يقال له: دانيل(١) ، وأنّه أعطى صاحب معبر رغيفاً ليعبر به، فرمى صاحب المعبر بالرغيف، وقال: ما أصنع بالخبز، هذا الخبز عندنا قد يداس بالأرجل، فلمّا رأى ذلك دانيل، رفع يده إلى السماء، وثمَّ قال: اللهمَّ أكرم الخبز، فقد رأيت يا ربّ ما صنع هذا العبد وما قال، قال: فأوحى الله إلى القطر أن احتبس، وأوحى إلى الأرض: أن كوني طبقاً كالفخّار، قال: فلم تمطر حتّى بلغ من أمرهم أنّ بعضهم أكل بعضاً، فلما بلغ منهم ما أراد الله من ذلك، قالت امرأة لاُخرى ولهما ولدان: يا فلانة تعالي حتى نأكل اليوم أنا وأنت ولدي، فاذا جعنا أكلنا ولدك، قالت لها. نعم فأكلتاه، فلمّا جاعتا من بعد، راودت الاخرى على ولدها، فامتنعت عليها، فقالت لها: نبيُّ الله بيني وبينك، فاختصمتا الى دانيل، فقال لهما: وقد بلغ الأمر إلى ما أرى ؟ قالتا له: نعم(٢) وأشدّ، فرفع يده إلى السماء، وقال: اللهمَّ عد علينا بفضل رحمتك، ولا تعاقب الأطفال ومن فيه خير بذنب صاحب المعبر وضربائه، قال: فأمر الله إلى السماء: أن امطري على الأرض، وأمر الأرض: أن انبتي لخلقي ما قد فاتهم من خيرك، فإنّي قد رحمتهم بالطفل الصغير.

[ ٣٠٨٤٣ ] ٢ - أحمد بن محمّد البرقي في( المحاسن) عن هارون بن مسلم، عن مسعدة، عن جعفر (٣) ، عن آبائه، عن عليّ( عليه‌السلام ) ،

____________________

(١) في نسخة: دانيال ( هامش المخطوط )، وكذلك المصدر في جميع المواضع.

(٢) في المصدر زيادة: يا نبي الله.

٢ - المحاسن: ٥٨٥ / ٨١.

(٣) في المصدر زيادة: عن أبيه.

٣٨٤

قال: أكرموا الخبز، فإنّه قد عمل فيه ما بين العرش إلى الأرض وما بينهما.

[ ٣٠٨٤٤ ] ٣ - وعن محمد بن عليّ، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن صاحب لنا(١) يكون على سطحه الحنطة والشعير، فيطؤونه يصلّون(٢) عليه، قال: فغضب، ثمَّ قال: لو لا أنّي أرى أنّه من أصحابنا للعنته.

وعن أبيه، عن محمد بن سنان، عن أبي عيينة، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) مثله(٣) ، وزاد فيه: أما يستطيع أن يتّخذ لنفسه مصلّى يصلّي فيه ؟! ثمَّ قال: إنَّ قوماً وسّع الله عليهم في أرزاقهم حتّى طغوا، فاستخشنوا الحجارة، فعمدوا الى النقي(٤) ، فصنعوا منه كهيئة الأفهار(٥) ، فجعلوه في مذاهبهم(٦) ، فأخذهم الله بالسّنين، فعمدوا إلى أطعمتهم، فجعلوها في الخزائن، فبعث الله على خزائنهم ما أفسده، حتّى احتاجوا إلى ما كانوا يستنظفون(٧) به في مذاهبهم، فجعلوا يغسلونه، ويأكلونه، ثمَّ قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : والله لقد دخلت على أبي العبّاس، وقد أخذ القوم المجلس، فمدّ يده إليَّ والسفرة بين يديه موضوعة، فأخذ بيدي، فذهبت لأخطو إليه، فوقعت رجلي على طرف السّفرة، فدخلني من ذلك ما شاء الله أن يدخلني، إنَّ الله يقول:( فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا

____________________

٣ - المحاسن: ٥٨٨ / ٨٨، أورد صدره في الحديث ٧ من الباب ٤٠ من أبواب مكان المصلي.

(١) في المصدر زيادة: فلاحٍ.

(٢) في المصدر: ويصلون.

(٣) المحاسن: ٥٨٨ / ذيل ٨٨، وفيه: عن عيينة والظاهر أن ما في المتن هو الصواب لموافقته للبحار ٨٠: ٢٠٤ / ١٢ وقد استظهر في معجم رجال الحديث ٢١: ٢٦٨ اتحادهما.

(٤) النقي: دقيق الحنطة المنخول. ( مجمع البحرين ١: ٤٢٠ ).

(٥) الافهار: جمع فهر وهو الحجر ملء الكف. ( الصحاح ٢: ٧٨٤ ).

(٦) المَذْهَب: المتوضأ، أو بيت الخلاء. ( القاموس المحيط ١: ٧٠ ).

(٧) في المصدر: يستطيبون، الاستطابة: الاستنجاء. ( الصحاح ١: ١٧٣ ).

٣٨٥

بِكَافِرِينَ ) (١) قوماً والله يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويذكرون الله كثيراً.

[ ٣٠٨٤٥ ] ٤ - قال البرقيُّ: قال ابن سنان: وفي رواية أبي بصير، قال: نزلت فيهم هذه الآية:( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً ) (٢) الآية.

[ ٣٠٨٤٦ ] ٥ - العيّاشي في( تفسيره) ، عن حفص بن سالم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: إنَّ قوماً في بني إسرائيل كان يؤتى لهم من طعامهم، حتّى جعلوا منه تماثيل يستنجون بها، فلم يزل الله بهم حتّى اضطرّوا الى التماثيل ينقونها، ويأكلونها وهو قول الله عزّ وجلّ:( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً ) (٣) الآية.

[ ٣٠٨٤٧ ] ٦ - وعن زيد الشحّام، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: كان أبي يكره أن يمسح يده بالمنديل، وفيها شيء من الطعام تعظيماً له، إلّا أن يمصّها، أو يكون الى جانبه صبيّ فيمصّها له، قال: وإنّي أجد اليسير يقع من الخوان، فآخذه(٤) ، فيضحك الخادم، ثمَّ قال: إنَّ أهل قريه ممّن كان قبلكم، كان الله قد أوسع عليهم حتّى طغوا، فقال بعضهم لبعض: لو عمدنا إلى شيء من هذا النقيّ، فجعلناه نستنجي به، كان ألين علينا من الحجارة، قال: فلما فعلوا ذلك بعث الله على أرضهم دواباً أصغر من الجراد، فلم تدع لهم شيئاً إلّا أكلته، فبلغ بهم الجهد الى أن أقبلوا على الذي كانوا يستنجون به، فأكلوه، وهي القرية التي قال الله:( ضَرَبَ اللهُ

____________________

(١) الأنعام ٦: ٨٩. الاية ( فَإِن يَكْفُرْ ) .

٤ - المحاسن: ٥٨٨ / ٨٨.

(٢) النحل ١٦: ١١٢.

٥ - تفسير العياشي ٢: ٢٧٣ / ٧٨.

(٣) النحل ١٦: ١١٢.

٦ - تفسير العياشى ٢: ٢٧٣ / ٧٩، أورد صدره عن الكافي والمحاسن في الحديث ١ من الباب ٥٣، وقطعة عن المحاسن في الحديث ٨ من الباب ٧٦ من هذه الأبواب وقطعة عن الكافي في الحديث ٣ من الباب ١٣١ من أبواب الأطعمة المباحة.

(٤) في المصدر: فأتفقده.

٣٨٦

مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً ) إلى قوله:( بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ) (١) .

أقول: وتقدَّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٣) .

٨٠ - باب استحباب التواضع لله بترك أكل الطيبات، حتى ترك نخل الطحين، والإِفراط في التنعم بأطعمة العجم ونحوها.

[ ٣٠٨٤٨ ] ١ - أحمد بن أبي عبد الله البرقيُّ في( المحاسن) عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، ومحمد بن سنان جميعاً، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: كان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) لا ينخل له الدقيق، ويقول: لا تزال هذه الاُمّة بخير ما لم يلبسوا لباس العجم، ويطعموا أطعمة العجم، فإذا فعلوا ذلك ضربهم الله بالذلّ.

[ ٣٠٨٤٩ ] ٢ - وعن جعفر بن محمد، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، عن آبائه، قال: دخل النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) مسجد قبا، فأُتي بإناء فيه لبن حليب مخيض بعسل، فشرب منه حسوة أو حسوتين، ثم وضعه، فقيل: يا رسول الله أتدعه محرّماً ؟ فقال: اللهمّ إنّي أتركه تواضعاً لله.

[ ٣٠٨٥٠ ] ٣ - وبهذا الإِسناد قال: أُتي بخبيص، فأبى أن يأكل، فقيل:

____________________

(١) النحل ١٦: ١١٢.

(٢) تقدم في الباب ٤٠ من أبواب أحكام الخلوة، وفي الباب ٧٨ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الباب ٨٤ من هذه الأبواب.

الباب ٨٠

فيه ٨ أحاديث

١ - المحاسن: ٤٤٠ / ٢٩٩، اورده في الحديث ٤ من الباب ١٤ من أبواب أحكام الملابس.

٢ - المحاسن: ٤٠٩ / ١٣٣.

٣ - المحاسن: ٤٠٩ / ١٣٣.

٣٨٧

أتحرِّمه ؟ فقال: لا، ولكنّي اكره أن تتوق نفسي اليه، ثمَّ تلا الآية:( أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا ) (١) .

[ ٣٠٨٥١ ] ٤ - وعن محمد بن عليّ، عن أرطاة بن حبيب، عن أبي داود، عن عبد الله بن شريك، عن حبّة العرني، قال: أُتي أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) بخوان فالوذج، فوضع بين يديه، فنظر إلى صفائه وحسنه، فوجأ بأصبعه فيه حتّى بلغ أسفله، ثمَّ سلّها ولم يأخذ منه شيئاً، تلمّظ أصبعه وقال: إنَّ الحلال طيّب وما هو بحرام، ولكنّي أكره أن أعوّد نفسي ما لم أعوّدها، ارفعوه عنّي، فرفعوه.

[ ٣٠٨٥٢ ] ٥ - وعنه، عن سفيان عن الصباح الحذاء، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: بينا أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في الرحبة في نفر من أصحابه، إذ أُهدي اليه طشت خوان فالوذج، فقال لأصحابه: مدّوا أيديكم، فمدّوا أيديهم، ومدّ يده، ثمَّ قبضها، وقال: إني ذكرت أنَّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لم يأكله، فكرهت أكله.

[ ٣٠٨٥٣ ] ٦ - وعن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن بزيع ابن عمرو بن بزيع، قال: دخلت على أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، وهو يأكل خلاًّ وزيتاً في قصعة سوداء، مكتوب في وسطها بصفرة( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) فقال: ادنُ يا بزيع ! فدنوت، فأكلت معه، ثمَّ حسا من الماء ثلات حسوات حين(٢) لم يبقَ من الخبز شيء، ثمَّ ناولني فحسوت البقية.

[ ٣٠٨٥٤ ] ٧ - وعن يعقوب بن يزيد، عمّن ذكره، عن إبراهيم بن

____________________

(١) الاحقاف ٤٦: ٢٠.

٤ - المحاسن: ٤٠٩ / ١٣٤.

٥ - المحاسن: ٤١٠ / ١٣٥.

٦ - المحاسن: ٤٤٠ / ٣٠٠.

(٢) في المصدر: حتى.

٧ - المحاسن: ٤٤٠ / ٣٠١.

٣٨٨

عبد الحميد، عن الثمالي قال: لما دخلت على عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) دعا بنمرقة، فطرحت، فقعدت عليها، ثمَّ أُتيت بمائدة لم أرَمثلها قطُّ، فقال لي: كل، فقلت: ما لك لا تأكل ؟ فقال: إنّي صائم، فلمّا كان الليل أُتي بخلّ وزيت، فأفطر عليه، ولم يؤتَ بشيء من الطعام الذي قرّب إلي.

[ ٣٠٨٥٥ ] ٨ - الحسن بن محمد الديلمي في( الإِرشاد) عن سويد بن غفلة، قال: دخلت على عليّ بن أبي طالب( عليه‌السلام ) فوجدته جالساً وبين يديه إناء فيه لبن، أجد ريح حموضته، وفي يده رغيف، أرى قشار الشعير في وجهه، وهو يكسر بيده، ويطرحه فيه، فقال: ادنُ فاصب من طعامنا، فقلت: إنّي صائم، فقال( عليه‌السلام ) : سمعت رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) يقول: من منعه الصّيام من طعام يشتهيه كان حقّاً على الله أن يطعمه من طعام الجنّة، ويسقيه من شرابها، قال: قلت لفضّة، وهي قريبة منه قائمة: ويحك يا فضّة ! ألا تتّقين الله في هذا الشيخ بنخل هذا الطعام من النخّالة التي فيه ؟ قالت: قد تقدَّم إلينا أن لا ننخل له طعاماً، قال: ما قلت لها ؟ فأخبرته، فقال: بأبي وأُمّي من لم ينخل له طعام، ولم يشبع من خبز البرّ ثلاثة أيّام حتّى قبضه الله، قال: وكان( عليه‌السلام ) يجعل جريش الشعير في وعاء ويختم عليه، فقيل له في ذلك، فقال: أخاف هذين الولدين أن يجعلا فيه شيئاً من زيت أو سمن.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك(١) ويأتي ما يدلُّ عليه(٢) .

____________________

٨ - إرشاد القلوب: ٢١٥.

(١) تقدم في الحديث ٥ من الباب ٦ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الحديث ١٢ من الباب ١١٢ من هذه الأبواب.

٣٨٩

٨١ - باب كراهة وضع الخبز تحت القصعة.

[ ٣٠٨٥٦ ] ١ - محمد بن يعقوب عن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الوشّاء، عن( الميثمي) (١) ، عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : لا يوضع الرّغيف تحت القصعة.

[ ٣٠٨٥٧ ] ٢ - وعن عليّ بن محمد بن بندار، وغيره، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل النّوفلي، عن الفضل بن يونس، قال: تغدّى عندي أبو الحسن( عليه‌السلام ) فجيء بقصعة وتحتها خبز، فقال: أكرموا الخبز أن(٢) يكون تحتها وقال لي: مر الغلام أن يخرج الرّغيف من تحت القصعة.

[ ٣٠٨٥٨ ] ٣ - وعنهم عن أحمد، عن ابن فضّال، عن( الميثمي) (٣) ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، أنّه كره ان يوضع الرَّغيف تحت القصعة.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) (٤) ، وكذا كل ما قبله.

____________________

الباب ٨١

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٣٠٣ / ٣، والمحاسن: ٥٨٩ / ٩٠، وأورده في الحديث ٥ من الباب ١٦ من أبواب أحكام المساكن.

(١) في المحاسن: المثنى ( هامش المخطوط ).

٢ - الكافي ٦: ٣٠٤ / ١١، والمحاسن: ٥٨٩ / ٨٩.

(٢) في الكافي زيادة لا.

٣ - الكافي ٦: ٣٠٤ / ١٢.

(٣) في المحاسن: المثنّى ( هامش المخطوط ).

(٤) المحاسن: ٥٨٩ / ٩١.

٣٩٠

٨٢ - باب كراهة ترك الإِناء بغير غطاء، وتحريم استعمال أواني الذهب والفضّة.

[ ٣٠٨٥٩ ] ١ - أحمد بن محمد بن خالد في( المحاسن) عن محمد بن عليّ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: لا تدعوا آنيتكم بغير غطاء فإنَّ الشيطان إذا لم تغطّ الآنية بزق فيها، وأخذ ممّا فيها ما شاء.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك في المساكن(١) ، وعلى الحكم الثاني في النجاسات(٢) ، الأطعمة المحرَّمة(٣) .

٨٣ - باب انه يستحب إذا حضر الخبز أن لا ينتظر به غيره.

[ ٣٠٨٦٠ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن طلحة بن زيد، عن بعض رجاله رفعه، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : أكرموا الخبز، قيل: يا رسول الله وما إكرامه ؟ قال: إذا وضع لا ينتظر به غيره. الحديث.

وعن الحسين بن محمد، عن السياري، عن عليّ بن أسباط، عن بعض أصحابه، قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) ، وذكر مثله(٤) .

____________________

الباب ٨٢

فيه حديث واحد

١ - المحاسن: ٥٨٤ / ٧٥.

(١) تقدم في الباب ١٦ من أحكام المساكن.

(٢) تقدم في البابين ٦٥ و ٦٦ من أبواب النجاسات.

(٣) تقدم في الباب ٦١ من أبواب الأطعمة المحرّمة.

الباب ٨٣

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٦: ٣٠٣ / ٥، وأورد ذيله في الحديث ٢ من الباب ٨٤ من هذه الأبواب.

(٤) الكافي ٦: ٣٠٣ / ٤.

٣٩١

أقول: ويأتي ما يدلُّ على ذلك(١) .

٨٤ - باب انه لا يجوز أن يوطأ الخبز، ولا ينبغي أن يقطع إلّا إذا لم يكن ادم، فيجوز القطع، ويستحبّ كسره باليد.

[ ٣٠٨٦١ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) ، قال: لا تقطعوا الخبز بالسكّين، ولكن اكسروه باليد، خالفوا العجم.

[ ٣٠٨٦٢ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن طلحة بن زيد، عن بعض رجاله رفعه، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : أكرموا الخبز، إلى أن قال: ومن كرامته أن لا يوطأ، ولا يقطع.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن أبيه رفعه، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، وذكر مثله(٢) .

[ ٣٠٨٦٣ ] ٣ - وعن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن السياري، عن أبي عليّ بن راشد، رفعه إلى أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: كان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) إذا لم يكن له ادم قطع الخبز بالسكين.

[ ٣٠٨٦٤ ] ٤ - وبالإِسناد عن السيّاري، رفعه إلى أبي عبد الله( عليه

____________________

(١) يأتي في الباب ٨٥ من هذه الأبواب.

الباب ٨٤

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٣٠٤ / ١٤.

٢ - الكافي ٦: ٣٠٣ / ٥.

(٢) المحاسن: ٥٨٥ / ٨٠.

٣ - الكافي ٦: ٣٠٣ / ٩، والمحاسن: ٥٩٠ / ٩٤.

٤ - الكافي ٦: ٣٠٤ / ١٠، والمحاسن: ٥٩٠ / ٩٥.

٣٩٢

السلام) ، قال: أدنى الادم قطع الخبز بالسكّين.

[ ٣٠٨٦٥ ] ٥ - وعن عليّ بن محمد بن بندار، وغيره، عن أحمد بن محمد(١) ، عن محمد بن جمهور، عن ادريس بن يوسف، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : لا تقطعوا الخبز بالسكين، ولكن اكسروه باليد، وليكسر لكم، خالفوا العجم.

أحمد بن محمد البرقيُّ في( المحاسن) عن أبي يوسف، عن محمد ابن جمهور مثله (٢) .

وروى الذي قبله عن السيّاري، وكذا الذي قبلهما.

[ ٣٠٨٦٦ ] ٦ - وعن الحسن بن عليّ رفعه، قال: لا بأس بقطع الخبز بالسكّين.

٨٥ - باب كراهة شمّ الخبز، واستحباب أكله قبل اللحم إذا حضرا

[ ٣٠٨٦٧ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفلي، عن السّكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إيّاكم أن تشمّوا الخبز كما يشمّه السباع، فانَّ الخبز مبارك، أرسل الله له السماء مدراراً، وله أنبت الله المرعى، وبه

____________________

٥ - الكافي ٦: ٣٠٤ / ١٣.

(١) في المصدر زيادة: عن يعقوب بن يزيد.

(٢) المحاسن: ٥٨٩ / ٩٢.

٦ - المحاسن: ٥٨٩ / ٩٣، وتقدم ما يدل على ذلك في البابين ٧٧ و ٧٩ من هذه الأبواب.

الباب ٨٥

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ٣٠٣ / ٦.

٣٩٣

صلّيتم وبه صمتم، وحججتم بيت ربّكم.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) ( عن يعقوب بن يزيد) (١) ، عن محمّد القمّي، عن إدريس بن يوسف، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) مثله، إلى قوله: مدراراً(٢) .

[ ٣٠٨٦٨ ] ٢ - وبهذا الإِسناد قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إذا أُتيتم بالخبز واللحم فابدؤوا بالخبز، فسدّوا خلال الجوع، ثمَّ كلوا اللّحم.

٨٦ - باب استحباب تصغير الرغفان وكسرها الى فوق وتخمير الخمير.

[ ٣٠٨٦٩ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يعقوب بن يقطين، قال: قال أبو الحسن الرضا( عليه‌السلام ) : قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : صغّروا رغفانكم، فإنّ مع كلِّ رغيف بركة.

[ ٣٠٨٧٠ ] ٢ - وبالإِسناد عن يعقوب بن يقطين، قال: رأيت أبا الحسن الرِّضا( عليه‌السلام ) يكسر الرغيف إلى فوق.

____________________

(١) في المحاسن: عن أبي يوسف عن يعقوب بن يزيد.

(٢) المحاسن: ٥٨٥ / ٨٢.

٢ - الكافي ٦: ٣٠٣ / ٧.

الباب ٨٦

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٣٠٣ / ٨.

٢ - الكافي ٦: ٣٠٣ / ذيل ٨، وأورده في الحديث ٤ من الباب ٣١ من هذه الأبواب.

٣٩٤

[ ٣٠٨٧١ ] ٣ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد) عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليّ( عليه‌السلام ) ، أنّه كان يعاتب غلمانه في تخمير الخمير، ويقول: هو أكثر للخبز.

٨٧ - باب كراهة الأكل في السوق.

[ ٣٠٨٧٢ ] ١ - محمد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من( جامع) البزنطي، قال: سئل أبو الحسن( عليه‌السلام ) عن السفلة ؟ فقال: الذي يأكل في الأسواق.

[ ٣٠٨٧٣ ] ٢ - الحسن بن الفضل الطبرسيُّ في( مكارم الأخلاق) عن النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: الأكل في السوق دناءة.

أقول: وتقدَّم في التجارة(١) ، أنَّ الأسواق منازل الشياطين، وأنّها شرُّ بقاع الأرض.

٨٨ - باب كراهة ترك اللحم أربعين يوماً.

[ ٣٠٨٧٤ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ،

____________________

٣ - قرب الاسناد: ٣٤، وعنه في البحار ٦٦: ٢٦٨.

الباب ٨٧

فيه حديثان

١ - السرائر: ٤٧٧.

٢ - مكارم الأخلاق: ١٤٩.

(١) تقدم في الباب ٦٠ من أبواب آداب التجارة.

الباب ٨٨

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٦: ٣٠٩ / ١، وأورده في الحديث ١ من الباب ١٢ من أبواب الأطعمة المباحة.

٣٩٥

قال: اللحم ينبت اللحم، ومن تركه أربعين يوماً ساء خلقه، ومن ساء خلقه فأذّنوا في أُذنه.

أقول: ويأتي ما يدلُّ على ذلك(١) .

٨٩ - باب كراهة أكل لحم الغريض، يعني: النيء حتى تغيره الشمس أو النار

[ ٣٠٨٧٥ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن الحكم، عن هشام بن سالم، قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن أكل اللحم النيء ؟ فقال هذا طعام السباع.

[ ٣٠٨٧٦ ] ٢ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) : أنَّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) نهى أن يؤكل اللحم غريضاً، وقال: إنّما تأكله السباع ولكن حتّى تغيّره الشمس أو النار.

ورواه الصدوق بإسناده عن حريز مثله، إلّا أنّه قال في آخره: قال حريز: يعني: حتّى تغيّره الشمس أو النار(٢) .

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، وزاد بعد قوله السباع: قال حريز (٣) والذي قبله عن عليّ بن الحكم

____________________

(١) يأتي في الباب ١٢ من ابواب الأطعمة المباحة.

الباب ٨٩

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ٣١٤ / ٢، والمحاسن: ٤٧٠ / ٤٦٠.

٢ - الكافي ٦: ٣١٣ / ١.

(٢) الفقيه ٣: ٢٢١ / ٢١٦.

(٣) المحاسن: ٤٧٠ / ٤٦١.

٣٩٦

٩٠ - باب ما يستحبّ الدعاء به عند أكل الطعام الذي يخاف ضرره.

[ ٣٠٨٧٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن موسى بن عمر، عن( حفص) (١) بن بشير، عن إبراهيم بن مهزم، عن أبي مريم، عن الأصبع بن نباتة، قال: دخلت على أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) وقدّامه شواء، فقال: ادن فكل، فقلت: يا أمير المؤمنين هذا لي ضارّ، فقال: ادن اُعلّمك كلمات لا يضرّك معهنّ شيء ممّا تخاف، قل: « بسم الله خير الأسماء، بسم الله ملء الأرض والسماء، الرحمن الرحيم، الذي لا يضرُّ مع اسمه شيء ولا داء » تغدّ معنا.

[ ٣٠٨٧٨ ] ٢ - أحمد بن أبي عبد الله البرقيُّ في( المحاسن) عن يعقوب ابن يزيد، عن( أحمد بن الحسن الميثمي) (٢) ، عن أبي مريم الأنصاري، عن الأصبغ بن نباتة، قال: دخلت على أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) وبين يديه شواء، فدعاني، فقال: هلمّ إلى هذا الشواء، فقلت أنا إذا أكلته ضرّني، فقال: ألا أُعلّمك كلمات تقولهنّ، وأنا ضامن لك أن لا يؤذيك طعام، قل: « اللهمّ إنّى أسألك باسمك خير الأسماء، ملء الأرض والسماء، الرحمن الرحيم، الذي لا يضرّ معه داء » فلا يضرّك أبداً.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك(٣) .

____________________

الباب ٩٠

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ٣١٨ / ١.

(١) في نسخة: جعفر ( هامش المخطوط ) وكذلك المصدر.

٢ - المحاسن: ٤٣٨ / ٢٨٩.

(٢) في المصدر: أحمد بن محسن الميثمي.

(٣) تقدم في الباب ٦١ من هذه الأبواب.

٣٩٧

٩١ - باب كراهة أكل الطعام الحار جداً، واستحباب تركه حتى يبرد أو يمكّن، وتذكر النار عنده.

[ ٣٠٨٧٩ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حكيم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: الطعام الحارّ غير ذي بركة.

[ ٣٠٨٨٠ ] ٢ - وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: أُتي النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) بطعام حارّ، فقال: إنّ الله لم يطعمنا النار، نحّوه حتىّ يبرد، فترك حتّى برد.

[ ٣٠٨٨١ ] ٣ - وعنه، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن يونس بن يعقوب، عن سليمان بن خالد، قال: حضرت عشاء أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في الصيف، فأُتي بخوان عليه خبز، وأُتي بجفنة ثريد ولحم، فقال: هلمّ إلى هذا الطعام، فدنوت، فوضع يده فيه فرفعها، وهو يقول: أستجير بالله من النار، أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، هذا لا نقوى عليه، فكيف النار ؟! هذا لا نطيقه، فكيف النار ؟! هذا لا نصبر عليه، فكيف النار ؟! قال: فكان يكرّر ذلك، حتّى أمكن الطعام، فأكل، وأكلنا معه.

____________________

الباب ٩١

فيه ٩ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٣٢٢ / ٣، والمحاسن: ٤٠٧ / ١١٩.

٢ - الكافي ٦: ٣٢٢ / ٤، والمحاسن: ٤٠٦ / ١١٥.

٣ - الكافي ٦: ٣٢٢ / ٥، والمحاسن: ٤٠٧ / ١٢٢، و ١٢٣، وأورد ذيله عن السند الثاني في الحديث ٢ من الباب ٧٢ من أبواب الأطعمة المباحة.

٣٩٨

وعن أبي عليّ الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، عن الحسن بن علي، عن يونس بن يعقوب عن سليمان بن خالد، عن عامل كان لمحمد بن راشد، قال: حضرت عشاء جعفر بن محمد( عليه‌السلام ) ، وذكر نحوه(١) .

[ ٣٠٨٨٢ ] ٤ - وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن القاسم ابن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : أقرّوا الحارّ حتّى يبرد فإنَّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قرّب إليه طعام حارّ، فقال: أقرّوه حتّى يمكن، ما كان الله ليطعمنا ناراً، والبركة في البارد.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) عن القاسم بن يحيى، والأصمّ، عن حريز، عن محمد بن مسلم (٢) . والذي قبله عن ابن محبوب، وعن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن سليمان بن محمد بن راشد. والذي قبلهما عن ابن فضّال. والأول عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، ومحمد بن حكيم مثله.

[ ٣٠٨٨٣ ] ٥ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: إنَّ النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أُتي بطعام حارّ جدّاً، فقال: ما كان الله ليطعمنا النار، أقرّوه حتّى يبرد ويمكن، فإنّه طعام ممحوق البركة، وللشيطان فيه نصيب.

____________________

(١) الكافي ٨: ١٦٤ / ١٧٤

٤ - الكافي ٦: ٣٢١ / ١.

(٢) المحاسن: ٤٠٦ / ١١٨، وفيه: عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن محمد ابن مسلم ورواه أيضاً عن بعض أصحابنا، عن الأصم، عن حريز، عن محمد بن مسلم.

٥ - الكافي ٦: ٣٢٢ / ٢.

٣٩٩

أحمد بن أبي عبد الله البرقيُّ في( المحاسن) عن النوفلي مثله (١) .

[ ٣٠٨٨٤ ] ٦ - وعن أبيه، عمّن ذكره، عن أيّوب بن الحرّ، عن شريك العامري، عن بشر بن غالب قال: خرجنا مع الحسين( عليه‌السلام ) إلى المدينة، ومعه شاة قد طبخت( أعضاء) (٢) فجعل يناول القوم عضواً عضواً.

[ ٣٠٨٨٥ ] ٧ - وعن أبي يوسف، عن إسماعيل المدايني، عن عبد الله بن بكير، قال: أمر أبو عبد الله( عليه‌السلام ) بلحم، فبرّد له، ثمَّ أُتي به، فقال: « الحمد لله الذي جعلني اشتهيه » ثمَّ قال: النعمة على العافية أفضل من النعمة على القدرة.

[ ٣٠٨٨٦ ] ٨ - وعن أبيه، عن سليمان الجعفري، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال: الحارُّ غير ذي بركة، وللشيطان فيه نصيب.

[ ٣٠٨٨٧ ] ٩ - وعن محمد بن عليّ بن عائذ بن حبيب، قال: كنّا عند أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، فأُتينا بثريد، فمددنا أيدينا إليه، فإذا هو حارٌّ، فقال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : نهينا عن أكل النار، كفّوا، فانَّ البركة في برده.

____________________

(١) المحاسن: ٤٠٦ / ١١٦.

٦ - المحاسن: ٤٠٥ / ١١١.

(٢) في المصدر: أعضاءها.

٧ - المحاسن: ٤٠٦ / ١١٢، وأورده عن الكافي في الحديث ٥ من الباب ٥٦ من هذه الأبواب.

٨ - المحاسن: ٤٠٦ / ١١٧.

٩ - المحاسن: ٤٠٧ / ١٢١.

يأتي ما يدل علي ذلك في الباب ٩٣ وفي الحديث ١٢ من الباب ١١٢ من هذه الأبواب، وفي الحديث ٤٣ من الباب ١٠ من أبواب الأطعمة المباحة.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449