سيدة النساء فاطمة الزهراء (ع)

سيدة النساء فاطمة الزهراء (ع)0%

سيدة النساء فاطمة الزهراء (ع) مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف: السيدة الزهراء سلام الله عليها
ISBN: 964-319-218-0
الصفحات: 245

سيدة النساء فاطمة الزهراء (ع)

مؤلف: علي موسى الكعبي
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف:

ISBN: 964-319-218-0
الصفحات: 245
المشاهدات: 50232
تحميل: 6912

توضيحات:

سيدة النساء فاطمة الزهراء (ع)
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 245 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 50232 / تحميل: 6912
الحجم الحجم الحجم
سيدة النساء فاطمة الزهراء (ع)

سيدة النساء فاطمة الزهراء (ع)

مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
ISBN: 964-319-218-0
العربية

سيدة نساء أهل الجنة ، وأنّ الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة »(١) .

وعن ابن عباس ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «أفضل نساء أهل الجنة : مريم بنت عمران ، وفاطمة بنت محمد ، وخديجة بنت خويلد ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون »(٢) .

وعن الحسن بن زياد العطار ، قال : قلت لاَبي عبداللهعليه‌السلام : قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «فاطمة سيدة نساء أهل الجنة » أسيدة نساء عالمها؟ قالعليه‌السلام : «ذاك لمريم ، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة من الأولين والآخرين »(٣) .

٨ ـ أحبّ الناس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

عن عبدالله بن بريدة ، عن أبيه ، قال : كان أحبّ النساء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة ، ومن الرجال علي بن أبي طالب(٤) .

وعن أُسامة بن زيد ـ في حديث ـ قال : سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أي أهل

__________________

١) سنن الترمذي ٥ : ٦٦٠ / ٧٣٨١. ومستدرك الحاكم ٣ : ١٥١ ، رواه بطريقين ، وقال في الثاني منهما : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. وجامع الاصول ١٠ : ٨٢ / ٦٦٦١. وذخائر العقبى : ١٢٩. ومسند أحمد ٥ : ٣٩١. وكنز العمال ١٢ : ٩٦ / ٣٤١٥٨ و ١٠٢ / ٣٤١٩٢ و ١٣ : ٦٤٠ / ٣٧٦١٧. وحلية الأولياء ٤ : ١٩٠. والمعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٣ / ١٠٠٦. ومجمع الزوائد ٩ : ٢٠١. والخصائص : ٣٤ ـ مطبعة التقدم ـ القاهرة. وإتحاف السائل : ٢٨. والصواعق المحرقة : ١٩١ الباب ١١ الفصل ٣.

٢) البداية والنهاية ٢ : ٥٥. والمعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٧ / ١٠١٩. ومسند أحمد ١ : ٢٩٣ و ٣١٦ و٣٢٢. ومستدرك الحاكم ٢ : ٤٩٧. وقال : صحيح الاسناد ولم يخرجاه بهذا اللفظ ، و ٣ : ١٦٠ و ١٨٥. والإصابة ٤ : ٣٧٨. والاستيعاب ٤ : ٣٧٦. واُسد الغابة ٥ : ٤٣٧. وروي عن عائشة وبلفظ « سيدات نساء أهل الجنة » في مستدرك الحاكم ٣ : ١٨٥. وكنز العمال ١٢ : ١٤٤ / ٣٤٤٠٦.

٣) أمالي الصدوق : ١٨٧ / ١٩٦.

٤) مستدرك الحاكم ٣ : ١٥٥. وقال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. وسنن الترمذي ٥ : ٦٩٨ / ٣٨٦٨. والاستيعاب ٤ : ٣٧٨. وذخائر العقبى : ٣٥.

١٠١

بيتك أحبّ إليك؟ قال : «أحبّ أهلي إليّ فاطمة »(١) .

وعن جميع بن عمير ، قال : دخلت مع عمتي على عائشة ، فسألت : أي الناس كان أحبّ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قالت : فاطمة. فقيل : ومن الرجال؟ قالت : زوجها ، إن كان ما علمت صوّاماً قوّاماً(٢) .

وعنه ، قال : دخلت مع أُمّي على عائشة ، فسمعتها من وراء الحجاب وهي تسألها عن عليعليه‌السلام فقالت : تسألني عن رجلٍ والله ما أعلم رجلاً كان أحبّ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من علي ، ولا في الأرض امرأة كانت أحبّ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من امرأته(٣) .

٩ ـ أول من يدخل الجنّة :

عن عليعليه‌السلام ، قال : «أخبرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن أول من يدخل الجنة أنا وفاطمة والحسن والحسين. قلت : يا رسول الله ، فمحبّونا؟ قال : من ورائكم »(٤) .

وعن أبي هريرة ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أول شخص يدخل الجنة

__________________

١) المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٣ / ١٠٠٧. ونحوه في سنن الترمذي ٥ : ٦٧٨ / ٣٨١٩. والصواعق المحرقة : ١٩١ باب ١١ فصل ٣. وتاريخ بغداد ٩ : ٦٢. ومقتل الحسينعليه‌السلام / الخوارزمي ١ : ٥٦.

٢) المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٣ / ١٠٠٨. ومستدرك الحاكم ٣ : ١٥٧. وقال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وسنن الترمذي ٥ : ٧٠١ / ٣٨٧٤. واُسد الغابة ٥ : ٥٢٢. ومقتل الحسينعليه‌السلام / الخوارزمي ١ : ٥٧. وذخائر العقبى : ٣٥. والاستيعاب ٤ : ٣٧٨.

٣) مستدرك الحاكم ٣ : ١٥٤ وقال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه.

٤) مستدرك الحاكم ٣ : ١٥١. وقال : صحيح الاسناد ولم يخرجاه. وذخائر العقبى : ١٢٣. ومسند فاطمةعليها‌السلام / السيوطي : ٤٥ ـ ٤٦.

١٠٢

فاطمة ، مثلها في هذه الاُمّة كمثل مريم بنت عمران في بني إسرائيل »(١) .

١٠ ـ غضّ الأبصار لمرورها على الصراط :

عن عليعليه‌السلام قال : «قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كان يوم القيامة قيل : يا أهل الجمع ، غضّوا أبصاركم حتى تمرّ فاطمة بنت محمد ، فتمرّ وعليها ريطتان خضراوان ، أو حمراوان »(٢) .

وعن أبي أيوب الأنصاري ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من بطنان العرش : يا أهل الجمع نكّسوا رؤوسكم وغضّوا أبصاركم حتى تمرُّ فاطمة بنت محمد على الصراط » قال : «فتمرُّ ومعها سبعون ألف جارية من الحور العين كالبرق اللامع »(٣) .

قال البشنوي الكردي :

وقف الندا في موضع عبرت

فيـه البتول عيـونكم غضّـوا

فتمـرّ والأبصـار خـاشعة

وعلـى بنـان الظالـم العضُّ

تسـودُّ حينئـذٍ وجـوههـم

ووجـوه أهل الحقّ تبيضُّ(٤)

١١ ـ جلالة بعثتهاعليها‌السلام يوم القيامة :

عن أبي هريرة ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «تبعث الأنبياء يوم القيامة على

__________________

١) الفردوس / الديليمي ١ : ٣٨ / ٨١. وكنز العمال ١٢ : ١١٠ / ٣٤٢٣٤. ومقتل الحسينعليه‌السلام / الخوارزمي ١ : ٧٦.

٢) المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٠ / ٩٩٩. ومستدرك الحاكم ٣ : ١٥٣ نحوه وقال : هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وص ١٦١ مثله وقال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. وإتحاف السائل / المناوي : ٧٢. وكفاية الطالب / الكنجي : ٣٦٤.

٣) الصواعق المحرقة : ١٩٠ باب ١١ فصل ٣. وإتحاف السائل / المناوي : ٧٣. ومناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٣٢٦. وكشف الغمة / الاربلي ١ : ٤٥٧.

٤) مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٣٢٧.

١٠٣

 الدوابّ ، ليوافوا بالمؤمنين من قومهم المحشر ، ويبعث صالح على ناقته ، وأُبعث على البراق ، خطوها عند أقصى طرفها ، وتبعث فاطمة أمامي »(١) .

وعنه أيضاً ، في حديث آخر بنحو ما تقدم إلاّ أن فيه : « ... وتبعث فاطمة والحسن والحسين على ناقتين من نوق الجنة ، وعلي بن أبي طالب على ناقتي ، وأنا على البراق »(٢) .

وعن عليعليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إذا كان يوم القيامة حُملتُ على البراق ، وحملت فاطمة على ناقتي القصواء »(٣) .

وعن بريدة ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا أُبعث على البراق ، يخصّني الله به من بين الأنبياء ، وفاطمة على العضباء »(٤) .

١٢ ـ تكثير الطعام في بيتهاعليها‌السلام

ومن كرامات الزهراءعليها‌السلام التي تدلُّ على فضلها ومنزلتها عند الله تعالى ، تكثير الطعام في بيتها ، وقد رواه جابر وحذيفة بن اليمان وأبي سعيد بألفاظ مختصرة ومطولة(٥) .

__________________

١) مستدرك الحاكم ٣ : ١٥٢ ، وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ومقتل الحسينعليه‌السلام / الخوارزمي ١ : ٥٥.

٢) كنز العمال ١١ : ٧٥٨ / ٣٣٦٨٩. وتاريخ بغداد ٣ : ١٤١.

٣) كنز العمال ١١ : ٦٥٤ / ٣٣١٦٤. وميزان الاعتدال ٣ : ٣١٥. ولسان الميزان ٤ : ٣٩٩.

٤) تاريخ دمشق / ابن عساكر ١٠ : ٣٢٧.

٥) راجع : تفسير البيضاوي ١ : ١٥٨ ـ دار الكتب العلمية. والبداية والنهاية / ابن كثير ٦ : ١١٥. وفضائل فاطمةعليها‌السلام / ابن شاهين : ٣٦ / ١٤. وذخائر العقبى : ٤٥. وكفاية الطالب : ٣٦٧. وتفسير فرات : ٨٣ ـ طهران. وكشف الغمة / الاربلي ١ : ٤٦٩. أمالي الطوسي : ٦١٤ ـ ٦١٥ / ١٢٧١ و ١٢٧٢. والثاقب في المناقب / ابن حمزة الطوسي : ٢٩٦ / ٢٥٢. والخرائج والجرائح / الراوندي ٢ : ٥٣٣. ومهج الدعوات / ابن طاووس : ٦.

١٠٤

ومن ذلك ما أخرجه أبو يعلى عن جابر ، قال : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أقام أياماً لم يطعم طعاماً حتى شقّ ذلك عليه ، فطاف في منازل أزواجه ، فلم يجد عند واحدة منهنّ شيئاً فأتى فاطمةعليها‌السلام فقال : «يا بنية ، هل عندك شيء آكله فإنّي جائع؟ » فقالت : «لا والله » فلمّا خرج من عندها بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم ، فأخذته منها فوضعته في جفنة لها وقالت : «والله لاَوثرن بهذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على نفسي ومن عندي » وكانوا جميعاً محتاجين إلى شبعة طعام ، فبعثت حسناً أو حسيناً إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فرجع إليها فقالت له : «بأبي أنت وأُمّي ، قد أتى الله بشيءٍ قد خبأته لك » فقال : «هلمي يابنية بالجفنة » ، فكشفت عن الجفنة ، فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً ، فلمّا نظرت إليها بهتت وعرفت أنها بركة من الله ، فحمدت الله تعالى ، وقدمته إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فلما رآه حمد الله وقال : «من أين لك هذا يا بنية؟ » قالت : «يا أبتِ هو من عند الله ، إنّ الله يرزق من يشاء بغير حساب » فحمد الله ، ثم قال : «الحمدُ لله الذي جعلك شبيهة سيدة نساء بني إسرائيل ، فإنّها كانت إذا رزقها الله رزقاً فسئلت عنه قالت : هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب »(١) .

١٣ ـ إنحصار ذرية الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بنسلهاعليها‌السلام

إنحصرت ذرية الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله بفاطمةعليها‌السلام ، فقد تزوج خديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة ، وأنجبت له القاسم وعبدالله وهو الطيّب أو الطاهر ، وفاطمة ، وفي غيرهم خلاف. وتزوج بعد خديجة أربع عشرة امرأة ، دخل باثنتي عشرة منهنّ ، وتوفيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعنده تسع ، ولم يولد له منهنّ ، إلاّ مارية القبطية ، فقد ولدت له إبراهيم ومات طفلاً ، أما أولاد

__________________

١) الدر المنثور / السيوطي ٢ : ١٨٦. والبداية والنهاية ٦ : ١١٥.

١٠٥

خديجة فماتوا صغاراً.

وبناءً على أنّ زينب ورقية وأم كلثوم ، بنات خديجة من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنّ زينب تزوجها أبو العاص بن الربيع قبل الإسلام ، وولدت له بنتاً ، وهي أُمامة ، تزوجها الإمام عليعليه‌السلام بعد فاطمةعليها‌السلام بوصية منها ، ولم ترزق أولاداً ، وتزوج رقية ابن عمّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عتبة بن أبي لهب ، وتزوّج أمّ كلثوم أخوه عتيق بن أبي لهب ، وطلّقهما النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد الإسلام من عتبة وعتيق ، فتزوج عثمان ابن عفان رقية ، وولدت منه ذكراً ، وهو عبدالله ، ومات في السنة السادسة من عمره ، فتزوج بعدها اختها أم كلثوم ولا عقب لها ، وتوفيت زينب ورقية وأم كلثوم في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يبق له من الولد إلاّ فاطمة ، ولا عقب له إلاّ منها.

وعليه فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا عقب له من الصلب ، لكنّه لم يحرم من الذرية والنسل ، بل لقد دلّ القرآن الكريم على أنّ الحسن والحسينعليهما‌السلام هما ابناه حقيقة ، فقد اتفقت كلمة المفسرين على أنّ المراد بقوله تعالى في آية المباهلة :( أبناءنا وأبناءكم ) الحسن والحسينعليهما‌السلام (١) .

قال الرازي : هذه الآية دالة على أنّ الحسن والحسين كانا ابني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وَعَدَ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يدعو أبناءه ، فدعا الحسن والحسين ، فوجب أن يكونا ابنيه ، وممّا يؤكّد هذا قوله تعالى في سورة الأنعام :( ومن ذريته داود وسليمان ) إلى قوله :( وزكريا ويحيى وعيسى ) (٢) ومعلوم أنّ عيسىعليه‌السلام إنّما انتسب إلى إبراهيمعليه‌السلام بالاُمّ لا بالأب ، فثبت أنّ ابن البنت قد

__________________

١) تقدّمت تخريجاته في أول هذا الفصل.

٢) سورة الأنعام : ٦ / ٨٤.

١٠٦

يسمّى ابناً(١) .

وقد روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : «ابناي هذان إمامان ، قاما أو قعدا »(٢) مشيراً إلى الحسن والحسينعليهما‌السلام .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ الله عزَّ وجل جعل ذرية كلّ نبي في صلبه ، وإنّ الله عزَّ وجل جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب »(٣) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لكلِّ بني أب عصبة ينتمون إليها إلاّ ولد فاطمة ، فأنا وليهم ، وأنا عصبتهم ، وهم عترتي خلقوا من طينتي »(٤) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «كل بني آدم ينتمون إلى عصبتهم إلاّ ولد فاطمة ، فإنّي أنا أبوهم ، وأنا عصبتهم »(٥) .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام لمحمد بن الحنفية : «يا بني أنت ابني ، وهذان ابنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله »(٦) . مشيراً إلى الحسن والحسينعليهما‌السلام .

ولا يتنافى ذلك مع قوله تعالى :( ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم ) (٧) ذلك لاَنّه أراد البالغين من الرجال في ذلك الوقت(٨) ، ولقد كان لهصلى‌الله‌عليه‌وآله أولاد ذكور ، وهم إبراهيم والقاسم وعبدالله ، ولم يبلغ أحد منهم مبلغ

__________________

١) تفسير الرازي ٨ : ٨١.

٢) مجمع البيان / الطبرسي ٢ : ٧٦٣ عند تفسير الآية ٦١ من سورة آل عمران و٨ : ٥٦٦ عند تفسير الآية ٤٠ من سورة الأحزاب. ومناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٣٩٤.

٣) المعجم الكبير ٣ : ٤٤ / ٢٦٣٠. وتاريخ بغداد ٣ : ٣١٧.

٤) كنز العمال ١٢ : ٩٨ / ٣٤١٦٨.

٥) تاريخ بغداد ١١ : ٢٨٥.

٦) بحار الأنوار ٤٥ : ٣٤٩.

٧) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٤٠.

٨) راجع : مجمع البيان / الطبرسي ٨ : ٥٦٦.

١٠٧

الرجال ، وكذلك شأن أولاد فاطمةعليها‌السلام .

ونلمس من خلال انحصار ذرية الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بفاطمةعليها‌السلام مسألتين مهمتين :

الاُولى : إذا لم يكن للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أبناء ولا أبناء أبناء ولا نسل ولا ذرية إلاّ من فاطمةعليها‌السلام ، كان من المحتّم وبحكم الطبيعة البشرية أن تنحصر عاطفته الأبوية بأولاد فاطمةعليها‌السلام ، وأن يهتمّ بتربيتهم وتعليمهم ، وقد شاءت الارادة الربانية أن يستأثر الحسن والحسينعليهما‌السلام بذلك الاهتمام ، وأن يكونا بمثابة ابنيه ، وقد عبّرصلى‌الله‌عليه‌وآله عن تلك الاُبوة وهذه البنوّة بعبارات شتّى غير ما قدّمنا ، منها قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «الحسن والحسين ابناي ، من أحبّهما أحبّني ، ومن أحبّني أحبّه الله ، ومن أحبّه الله أدخله الجنة »(١) . وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «ابناي هذان سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما »(٢) وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «هذان ابناي وابنا ابنتي ، اللهمّ إنّي أحبّهما فأحبّهما وأحبّ من يحبّهما »(٣) وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ ابنيّ هذين ريحانتاي من الدنيا »(٤) .

وكان من ثمار اهتمام الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحسن والحسينعليهما‌السلام وتربيتهما ، أن تكون أخلاقهما وشمائلهما وسيرتهما تعبيراً صريحاً ومصداقاً حقيقياً لاَخلاق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وشمائله وسيرته ومكارم أخلاقه ، وأن يكون لهما من علمه وحلمه وشجاعته وكرمه وزهده وصبره ما لم يكن لاَحد بعد أبيهما أمير المؤمنينعليه‌السلام .

__________________

١) مستدرك الحاكم ٣ : ١٦٦ وصححه على شرط الشيخين.

٢) الصواعق المحرقة / الهيتمي : ١٩١ باب ١١ فصل ٣.

٣) الصواعق المحرقة / الهيتمي : ١٩١ / باب ١١ فصل ٣.

٤) الصواعق المحرقة / الهيتمي : ١٩١ باب ١١ فصل ٣. وصحيح البخاري ٥ : ١٠٢ / ٢٤١.

١٠٨

روى الطبراني بالاسناد عن عليعليه‌السلام ، قال : «من أراد أن ينظر إلى وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من رأسه إلى عنقه فلينظر إلى الحسن ، ومن أراد أن ينظر إلى ما دون عنقه إلى رجله فلينظر إلى الحسين ، اقتسماه »(١) .

وعن زينب بنت أبي رافع : أتت فاطمةعليها‌السلام بالحسن والحسين إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في شكواه التي توفي فيها فقالت : «يا رسول الله ، هذان ابناك ، ورّثهما شيئاً ». فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أما الحسن فإنّ له هديي وسؤددي ، وأمّا الحسين فإنّ له جودي وشجاعتي »(٢) .

ولا ريب أن حبّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله للحسن والحسينعليهما‌السلام واهتمامه بهما والحثّ على محبتهما ، ليس هو وليد التعلّق العاطفي والعلاقة الأبوية وحسب ، بل لما أتاهما الله من فضله وحباهما من كرامته ، ومن هنا أمر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله الناس بالتمسك بهما كقادة رساليين للاُمّة من بعد أبيهما علي المرتضىعليه‌السلام ، تماماً كما أمرهم بالتمسك بالكتاب الكريم بنصّ حديث الثقلين المتواتر بين الفريقين ، ونصّ على إمامتهما صراحة بقوله : «ابناي هذان إمامان ، قاما أو قعدا » وجعلهما حجّة على الناس أجمعين.

وعليه يجب أن نخصّهما بالولاء ، وأن نؤمن إيماناً صادقاً أنّ عداءهما أو جحود فضلهما هو عداء وجحود لرسالة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وسُنّته ، وأن حبّهما والتمسك بهما يضمن سعادة الدارين ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من سرّه أن يحيا حياتي ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربّي ، فليوالِ عليّاً من بعدي ، وليوالِ وليه ، وليقتدِ بأهل بيتي من بعدي ، فإنّهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ورزقوا

__________________

١) المعجم الكبير ٣ : ٩٥ / ٢٧٦٩ و ٢٧٧٠.

٢) الاصابة ٤ : ٣١٦. ومقتل الحسينعليه‌السلام / الخوارزمي ١ : ١٠٥. وكفاية الطالب / الكنجي : ٤٢٤. والارشاد / المفيد ٢ : ٧. والخصال / الصدوق : ٧٧ / ١٢٢.

١٠٩

فهماً وعلماً ، فويلٌّ للمكذّبين بفضلهم من أُمّتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي »(١) .

الثانية : إنّ إنحصار ذرية الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بابنته فاطمةعليها‌السلام فيه إشارة واضحة إلى كرامة المرأة في تعاليم الإسلام السامية ، وردّ على المفاهيم الجاهلية التي كانت تحطّ من قيمتها ، وتقلّل من شأنها ، وتهضم حقوقها ، فكان بعضهم يئد البنات وهنّ في المهد ، وقد عبّر القرآن الكريم عن رفضه لهذه العادة المقيتة بقوله :( وإذا الموؤدة سُئلت *بأيّ ذنب قتلت ) (٢) . وكانوا لا يورّثون المرأة ، ويتشاءمون إذا ولد لهم الإناث( وإذا بُشّر أحدهم بالاُنثى ظلّ وجهه مسودّاً وهو كظيم ) (٣) ، وكانوا يقولون إنّ أولاد البنات لا يكونوا ذرية ، وشاعرهم يقول :

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا

بنوهنّ أبناء الرجال الأباعدِ

فكان انحصار نسب سيد الكونين المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله بابنته فاطمةعليها‌السلام إيذاناً بإبطال ذلك المفهوم الجاهلي البغيض.

ويستفاد من كلام بعض المفسرين في تفسير قوله تعالى :( إنّا أعطيناك الكوثر ) (٤) أن المراد بالكوثر ذرية الزهراءعليها‌السلام فهي الوسيلة لكثرة أولاد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وبقاء نسله ، وهو من أعظم بركاتها.

قال الرازي في القول الثالث من تفسير الآية : الكوثر أولادهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قالوا :

__________________

١) شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد ٩ : ١٧٠ / ١٢. وحلية الأولياء / أبو نعيم ١ : ٨٦.

٢) سورة التكوير : ٨١ / ٨ ـ ٩.

٣) سورة النحل : ١٦ / ٥٨.

٤) سورة الكوثر : ١٠٨ / ١.

١١٠

لاَنّ هذه السورة إنّما نزلت ردّاً على من عابهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعدم الأولاد ، فالمعنى أنه يعطيه نسلاً يبقون على مرّ الزمان ، فانظر كم قُتِل من أهل البيت ، ثمّ العالم ممتلئ منهم ، ولم يبقى من بني أُمية في الدنيا أحد يُعبا به ، ثم اُنظر كم كان فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر والصادق والرضا والنفس الزكية وأمثالهم(١) .

وقال الآلوسي :( إنّ شانئك ) أي مبغضك( هو الأبتر ) الذي لاعقب له ، حيث لا يبقى منه نسل ولا حسن ذكر ، وأمّا أنت فتبقى ذريتك ، وحسن صيتك ، وآثار فضلك إلى يوم القيامة وفيها دلالة على أنّ أولاد البنات من الذرية(٢) .

وقال ابن حجر الهيتمي في الآيات الواردة في أهل البيتعليهم‌السلام : الآية الثانية عشرة : قوله تعالى :( وإنّه لعلم للساعة ) (٣) قال مقاتل بن سليمان ومن تبعه من المفسرين : إنّ هذه الآية نزلت في المهدي. وستأتي الأحاديث المصرّحة بأنّه من أهل البيت النبوي ، وحينئذٍ في الآية دلالة على البركة في نسل فاطمة وعليعليهما‌السلام ، وأن الله ليخرج منهما طيباً ، وأن يجعل نسلهما مفاتيح الحكمة ومعادن الرحمة.

ثم قال معقّباً على دعاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام حين زوّجه فاطمةعليها‌السلام : «اللهمّ إني أُعيذه بك وذريته من الشيطان الرجيم » ما نصّه : وقد ظهرت بركة دعائهصلى‌الله‌عليه‌وآله في نسليهما ، فكان منه من مضى ومن يأتي ، ولو لم يكن في

__________________

١) تفسير الرازي ٣٢ : ١٢٤.

٢) روح المعاني / الآلوسي ٣٠ : ٢٤٧.

٣) سورة الزخرف : ٤٣ / ٦١.

١١١

الآتين إلا الإمام المهدي لكفى(١) .

المبحث الثاني : مكارم أخلاقها :

١ ـ العبادة :

كانت فاطمةعليها‌السلام أعبد نساء زمانها ، وقد ضربت المثل الأعلى بعبادتها وإيمانها وطاعتها وانقطاعها إلى الله سبحانه.

عن الإمام الباقرعليه‌السلام ـ في حديث ـ قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ ابنتي فاطمة ملأ الله قلبها وجوارحها إيماناً ويقيناً إلى مشاشها ، ففرغت لطاعة الله »(٢) .

وسأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاًعليه‌السلام : «كيف وجدت أهلك؟ » فقالعليه‌السلام : «نعم العون على طاعة الله »(٣) .

وعن الطبرسي ، قال : سُمّيت فاطمةعليها‌السلام بالبتول لانقطاعها إلى عبادة الله(٤) .

ومن مظاهر عبادتهاعليها‌السلام طول قيامها في الصلاة وكثرة خشوعها ، فقد روي عن الحسن البصري أنه قال : ما كان في هذه الاُمّة أعبد من فاطمة ، كانت تقوم حتى تتورّم قدماها(٥) .

__________________

١) الصواعق المحرقة / ابن حجر : ١٦٢ ـ ١٦٣ ، الفصل الأول ، الباب (١١).

٢) دلائل الإمامة / الطبري : ١٣٩ / ٤٧. والمناقب / ابن شهرآشوب ٣ : ٣٣٧. والثاقب في المناقب / ابن حمزة الطوسي : ٢٩١. وبحار الأنوار ٤٣ : ٢٩ عن الخرائج والجرائح للقطب الراوندي.

٣) المناقب / ابن شهرآشوب ٣ : ٣٥٦.

٤) مجمع البيان / الطبرسي ١٠ : ٥٦٨. والمصباح / الكفعمي : ٦٥٩ ـ منشورات اسماعيليان ـ قم.

٥) المناقب / ابن شهر آشوب ٣ : ٣٤١. ومقتل الحسينعليه‌السلام / الخوارزمي ١ : ٨٠. وربيع الأبرار / الزمخشري ٢ : ١٠٤ وزارة الأوقاف ـ الجمهورية العراقية.

١١٢

وقال الديلمي وابن فهد : روي أنّ فاطمةعليها‌السلام كانت تنهج في صلاتها من خيفة الله تعالى(١) .

ومن المظاهر البارزة في عبادتهاعليها‌السلام كثرة الصلوات والأدعية والأذكار التي خصّها بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكانت تواظب على أدائها في محرابها رغم أنها كانت تباشر شؤون المنزل وتربية الأولاد بنفسها.

فعن الإمام الصادقعليه‌السلام : أنّ أُمّه الزهراءعليها‌السلام كانت تصلي للاَمر المخوف العظيم ركعتين ، تقرأ في الاُولى الحمد و( قُل هو الله أحد ) خمسين مرة ، وفي الثانية مثل ذلك ، فإذا سلّمت ، صلّت على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ ترفع يديها بالدعاء : «اللهمَّ إنّي أتوجّه بهم إليك ، وأتوسّل إليك بحقّهم العظيم الذي لايعلم كنهه سواك ، وبحقّ من حقّه عندك عظيم ، وبأسمائك الحسنى ، وكلماتك التامات التي أمرتني أن أدعوك بها » إلى آخر الدعاء(٢) .

وعنهعليه‌السلام : أنّها كانت إذا أصبحت يوم الجمعة تغتسل وتصفّ قدميها وتصلي أربع ركعات مثنىً مثنىً ، تقرأ في أول ركعة فاتحة الكتاب و( قل هو الله أحد ) خمسين مرة ، وفي الثانية فاتحة الكتاب والعاديات خمسين مرة ، وفي الثالثة فاتحة الكتاب و( إذا زلزلت ) خمسين مرة ، وفي الرابعة فاتحة الكتاب وإذا جاء نصر الله خمسين مرة ، فإذا فرغت منها قالت : «إلهي وسيدي ، من تهيّأ أو تعبّأ أو أعدّ أو استعدّ لوفادة مخلوق رجاء رفده وفوائده ونائله وفواضله وجوائزه ، فإليك يا إلهي كانت تهيئتي وتعبيتي وإعدادي واستعدادي ، رجاء رفدك ومعروفك ، ونائلك وجوائزك ، فلا تخيبني من ذلك ،

__________________

١) ارشاد القلوب / الديلمي : ١٠٥ منشورات الرضي ـ قم. وأعلام الدين / الديلمي : ٢٤٧ ـ مؤسسة آل البيتعليهم‌السلام ـ قم. وعدة الداعي / ابن فهد : ١٥١ ـ دار المرتضى ـ بيروت.

٢) مصباح المتهجد / الطوسي : ٣٠٢ ـ مؤسسة فقه الشيعة ـ بيروت.

١١٣

يا من لا يخيّب مسألة سائل ، ولا تنقصه عطية نائل » إلى آخر الدعاء ، وذلك مما علّمها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

وعنهعليه‌السلام : أنّها كانت تصلّي صلاة الأوابين ، وهي أربع ركعات ، تقرأ في كلِّ ركعة خمسين مرة( قل هو الله أحد ) (٢) .

وروي عنهعليه‌السلام أنّه قال : «كانت لاُمّي فاطمة عليها‌السلام ركعتان تصليهما تقرأ في الاُولى الحمد مرة ، و ( إنّا أنزلناه في ليلة القدر ) مائة مرة ، وفي الثانية الحمد مرة ، ومائة مرة ( قل هو الله أحد ) ، فإذا سلّمت سبّحت تسبيح الزهراء عليها‌السلام ، ثمّ تقول : سبحان ذي العزّ الشامخ المنيف ، سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم ، سبحان ذي الملك الفاخر القديم ، سبحان من لبس البهجة والجمال ، سبحان من تردّى بالنور والوقار » إلى آخر التسبيح(٣) .

أمّا الأدعية التي خصّها بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو تلك المروية عنها فهي كثيرة وذات أغراض مختلفة كالتعقيبات عقيب الصلوات والتسبيحات والأحراز ، ودعائها عند رؤية هلال شهر رمضان ، وعندما تأوي إلى النوم ، وأدعيتها في أيام الاسبوع ، وغيرها مما تضيق بذكرها أوراق هذا البحث ، لذا نكتفي بالاشارة إلى مظانّها(٤) .

__________________

١) مصباح المتهجد / الطوسي : ٣١٨. وجمال الأسبوع / ابن طاووس : ١٣٢ ـ الرضي ـ قم.

٢) الفقيه / الصدوق ١ : ٣٥٦ / ١٥٦٠. وتفسير العياشي ٢ : ٢٨٦ / ٤٤.

٣) جمال الاُسبوع / ابن طاووس : ٢٦٣ و ٢٦٦. ومصباح المتهجد / الطوسي : ٣٠١.

٤) المعجم الكبير / الطبراني ٢٣ : ٣٣٩ / ٧٨٧. ومستدرك الحاكم ٣ : ١٥٧. ومسند أحمد ٦ : ٢٩٨. ومجمع الزوائد ١٠ : ١٠٨ و١٢٢. وذخائر العقبى : ٥٠. وكنز العمال ١٥ : ٥٠١ / ٤١٩٧٥ و ٥٠٩ / ٤١٩٨٦ و ٥١٣ / ٤٢٠٠٠. ومسند فاطمةعليها‌السلام / السيوطي : ٣ / ٤ و ٢٥ / ٣٤ و ٩٧ / ٢٣١ و ١٠٣ / ٢٤٥. وفضائل شهر رمضان / الشيخ الصدوق : ٩٨ / ٨٤. ومصباح المتهجد / الطوسي :

١١٤

وعلّمها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أذكاراً تقولها عند النوم وفي دبر كل صلاة ، وهي معروفة بتسبيح فاطمةعليها‌السلام ، وكان السبب في تشريعها على ما أخرجه الشيخ الصدوق وغيره عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال لرجلٍ من بني سعد : « ألاأُحدّثك عنّي وعن فاطمةعليها‌السلام ، أنّها كانت عندي فاستقت بالقربة حتى أثّرت في صدرها ، وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها ، وكسحت البيت حتى اغبرت ثيابها ، وأوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها ، فأصابها من ذلك ضرر شديد ، فقلت لها : لو أتيت أباك فسألتيه خادماً يكفيك حرّ ما أنت فيه من هذا العمل ، فأتت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فوجدت عنده حدّاثاً ، فاستحيت فانصرفت ، فعلمصلى‌الله‌عليه‌وآله أنهاعليها‌السلام قد جاءت لحاجة فغدا علينا فقال : يا فاطمة ، ما كانت حاجتك أمسِ عند محمد؟ فقلت : أنا والله أُخبرك يا رسول الله ، إنّها استقت بالقربة حتى أثّرت في صدرها ، وجرّت بالرحى حتى مجلت يداها ، وكسحت البيت حتى اغبرّت ثيابها ، وأوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها ، فقلت لها : لو أتيت أباك فسألتيه خادماً يكفيك حرّ ما أنت فيه من هذا العمل.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أفلا أُعلّمكما ماهو خير لكما من الخادم؟ إذا أخذتما منامكما فكبّرا أربعاً وثلاثين تكبيرة ، وسبّحا ثلاث وثلاثين تسبيحة ، واحمدا ثلاثاً وثلاثين تحميدة ، فقالت فاطمة عليها‌السلام : رضيت عن الله وعن رسوله ، رضيت عن الله وعن رسوله »(١) .

__________________

٢٢٠. ودلائل الإمامة / الطبري : ١٧٢ / ١٢ و ١٠٨ / ٣٥. والدعوات / الراوندي : ٩١. وفلاح السائل / ابن طاووس : ١٧٣ و ٢٠٢ و ٢٣٨ و ٢٥٠ ـ دفتر تبليغات ـ قم. ومهج الدعوات / ابن طاووس : ٥ و ٧ و ١٣٩ و ١٤١ و ١٤٢ ـ مؤسسة الأعلمي ـ بيروت. والمصباح / الكفعمي : ٧٢ و ١٧٩. والبلد الأمين / الكفعمي : ٥٥. وبحار الأنوار ٨٦ : ٦٦ / ٤ و ١٦٥ ـ ١٧٢ / ٤٤ ، ٩٠ : ٣٣٨ ـ ٣٣٩ / ٤٨ ، ٩٤ : ٢٢٥ / ١.

١) الفقيه / الصدوق ١ : ٢١١ / ٩٤٧. وعلل الشرائع ٢ : ٣٦٦ / ١. ونحوه في صحيح البخاري ٧ :

١١٥

وجاء في رواية اُخرى عن أمير المؤمنين عليعليه‌السلام أنه قال : «فو الله ماتركتهنّ منذ علّمنيهنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » فقال له ابن الكوّاء : ولا ليلة صفّين؟ قالعليه‌السلام : «نعم ، ولا ليلة صفّين »(١) .

وجاء في بعض الروايات أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمرها بعمل تلك التسبيحات عند الرقاد وبعد كلّ صلاة(٢) ، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «فذلك خير لك من الذي أردت ، ومن الدنيا وما فيها »(٣) .

وفي خبر آخر : «فذلك مائة على اللسان ، وألف في الميزان »(٤) .

أما كيفية تسبيح فاطمةعليها‌السلام فإنّ المروي عن أئمة أهل البيتعليهم‌السلام وعليه عمل الإمامية ، هو أربع وثلاثون تكبيرة ، ثمّ ثلاث وثلاثون تحميدة ، ثمّ

__________________

١٢٦ / ١٤ ـ كتاب الدعوات. وصحيح مسلم ٤ : ٢٠٩١ / ٢٧٢٧ ـ كتاب الذكر والدعاء. ومسند أحمد ٦ : ٢٩٨. والمعجم الكبير / الطبراني ٢٣ : ٣٣٩ / ٧٨٧. وحلية الأولياء ١ : ٦٩. والسنن الكبرى / البيهقي ٧ : ٢٩٣. وكنز العمال ١٥ : ٤٩٦ ـ ٥٠٩ بعدّة طرق. وذخائر العقبى : ٤٩ ـ ٥٠. واسعاف الراغبين / الصبّان : ١٨٩ ـ دار الكتب العلمية. والثغور الباسمة / السيوطي : ٢٢ ، وقال : هذا حديث صحيح مشهور ، أخرجه الأئمة الستة وغيرهم من طرق كثيرة بألفاظ مطولة ومختصرة.

١) مستدرك الحاكم ٣ : ١٥٢. ومسند أحمد ١ : ١٠٦. وتاريخ بغداد ٣ : ٢٣ / ٩٤٥ و١٢ : ٢٢ / ٦٣٨٦. والطبقات الكبرى / ابن سعد ٨ : ٢٥. وصفة الصفوة / ابن الجوزي ٢ : ١٠ ـ ١١ ، دار المعرفة ـ بيروت. وذخائر العقبى : ١٠٥ ـ ١٠٦. وتذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي : ٣١٢. ومجمع الزوائد ١٠ : ٣٢٨. وكنز العمال ١٥ : ٥٠٤ / ٤١٩٨١ و ٥٠٥ / ٤١٩٨٢.

٢) تذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي : ٣١١. ومسند فاطمة / السيوطي : ٨. ودعائم الإسلام / النعمان ١ : ١٦٨.

٣) كنز العمال ١٥ : ٥٠٠ / ٤١٩٧٤ و ٥٠٧ / ٤١٩٨٣. ودعائم الإسلام / النعمان ١ : ١٦٩.

٤) كنز العمال ١٥ : ٥٠٧ / ٤١٩٨٤.

١١٦

ثلاث وثلاثون تسبيحة بعد الصلوات(١) .

وقد استفاضت الأخبار في فضله والحثّ عليه ، قال الإمام الباقرعليه‌السلام : «ماعُبد الله بشيءٍ من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة عليها‌السلام ولو كان شيء أفضل منه لنحله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة عليها‌السلام »(٢) .

وقال الإمام الصادقعليه‌السلام : «تسبيح فاطمة عليها‌السلام في كل يومٍ دبر كلّ صلاة أحبّ إليَّ من صلاة ألف ركعة في كل يوم »(٣) .

وعن أبي هارون المكفوف ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، قال : «يا أبا هارون ، إنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليها‌السلام كما نأمرهم بالصلاة ، فالزمه فإنّه لم يلزمه عبد فشقي »(٤) .

٢ ـ العلم :

الزهراءعليها‌السلام العالمة المعلمة ، تلقّت العلم منذ طفولتها عن أبيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وما كانت تأتيه لبعض شؤونها إلاّ وأتحفها بشيء من العلم أو الدعاء أو الصلوات والأذكار.

روى الشيخ الكليني بالإسناد عن زرارة ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : «جاءت فاطمة عليها‌السلام تشكو إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعض أمرها ، فأعطاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كُريسة ، وقال : تعلّمي ما فيها ، فإذا فيها : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن

__________________

١) راجع : الكافي / الكليني ٢ : ٥٣٦ / ٦ و٣ : ٣٤٢ / ٨ و ٩. والتهذيب / الطوسي ٢ : ١٠٥ / ٤٠٠ و١٠٦ / ٤٠١. و٣ : ٦٧ / ٢١٨. وجواهر الكلام ١٠ : ٣٩٩ دار الكتب الإسلامية.

٢) الكافي / الكليني ٣ : ٣٤٣ / ١٤. والتهذيب / الطوسي ٢ : ١٠٥ / ٣٩٨.

٣) الكافي / الكليني ٣ : ٣٤٣ / ١٥. والتهذيب / الطوسي ٢ : ١٠٥ / ٣٩٩.

٤) الكافي / الكليني ٣ : ٣٤٣ / ١٣. والتهذيب / الطوسي ٢ : ١٠٥ / ٣٩٧.

١١٧

كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو يسكت »(١) .

ومما يدلُّ على كمال فهمها وفطنتها ، أنّها كانت تجيب عن بعض المشكلات التي يعجز عن حلّها علماء الصحابة في زمانها.

فقد روي عن عليعليه‌السلام : «أنّه كان عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أيّ شيء خير للمرأة؟ فسكتوا ، فلما رجع ، قال لفاطمة ، أي شيء خير للنساء؟ قالت : لايراهن الرجال. فذكر ذلك للمصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : إنّما فاطمة بضعة مني ».

قال المنّاوي : رواه البزار ، وفيه دليل على فرط ذكائها ، وكمال فطنتها ، وقوة فهمها ، وعجيب إدراكها(٢) .

وروى الراوندي في النوادر مسنداً عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، قال : «سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أصحابه عن المرأة ماهي؟ قالوا : عورة. قال : فمتى تكون أدنى من ربها؟ فلم يدروا ، فلمّا سمعت فاطمة عليها‌السلام ذلك قالت : أدنى ما تكون من ربها أن تلزم قعر بيتها ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليهم‌السلام إنّ فاطمة بضعة مني »(٣) .

وكان بيت الزهراءعليها‌السلام بمثابة المدرسة الاُولى لتعليم النساء في الإسلام حيث كن يقصدنهاعليها‌السلام لينهلن من معارفها ، ويقتبسن من أنوارها ، ويستلهمن من روحانيتها ومكارمها ، وقد أشرنا إلى دورها العلمي في تعليم النساء معالم الدين والعبادة وما يشكل عليهن في أواخر الفصل المتقدم.

وممّا يدلّ على أنّهاعليها‌السلام كانت محوراً يستقطب حوله نساء المدينة ، أنّها

__________________

١) الكافي ٢ : ٦٦٧ / ٦.

٢) إتحاف السائل : ٣٠. ونحوه في المناقب / ابن شهرآشوب ٣ : ٣٤١ وفيه : «أن لا ترى رجلاً ولا يراها رجل ». فضمّها إليه وقال : «ذرية بعضها من بعض ».

٣) بحار الأنوار ٤٣ : ٩٢. عن النوادر / الراوندي : ١٤ الطبعة الاُولى.

١١٨

لما جاءت إلى مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عقيب وفاة أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله وخطبت خطبتها المعروفة ، أقبلت في لُمّة من حفدتها ونساء قومها ، وألقت خطبة أُخرى بليغة بنساء المهاجرين والأنصار حينما جئن لعيادتها وهي في مرض الموت(١) .

وللزهراءعليها‌السلام دور في حفظ السُنّة النبوية ، على الرغم من تقدم وفاتها ، حيث ودّعت الدنيا وهي في عمر الورد ، فقد روى عنها جمع من الصحابة ، منهم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والإمام الحسينعليه‌السلام ، وعبدالله بن مسعود ، وعبدالله ابن عباس ، وأنس بن مالك ، وعائشة ، وأُمّ سلمة ، وأسماء بنت عميس ، وزينب بنت أبي رافع وغيرهم.

وأخرج الطبراني والحافظ ابن كثير أحاديثهم مسندة عن الزهراءعليها‌السلام فبلغت تسعة عشر حديثاً(٢) ، وأخرج أبو جعفر الطبري الإمامي في أول الدلائل ثمانية عشر حديثاً مسنداً عنها غير الأحاديث المتقدمة(٣) .

وجمع الحافظ جلال الدين السيوطي حديث الزهراءعليها‌السلام المروي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في (مسند فاطمة الزهراءعليها‌السلام ) فكان فيه ٢٨٢ حديثاً في مجمل أحوالها وتاريخها وما روي عنها ، وقد جمعه من كتب العامّة المعتبرة(٤) . وجمع الشيخ عزيز الله العطاردي في (مسند فاطمة الزهراء) ١١٢ حديثاً

__________________

١) ستأتي الخطبتان في الفصل اللاحق.

٢) راجع : المعجم الكبير / الطبراني ٢٢ : ٤١٣ ـ ٤٢٤. وجامع المسانيد والسنن / ابن كثير ١٦ : ٣٤ ـ ٥٠ ، دار الفكر ـ بيروت.

٣) دلائل الإمامة / الطبري : ٦٥ ـ ٧٩.

٤) طبع بتصحيح الحافظ عزيز بيك ، مدير لجنة أنوار المعارف بحيدرآباد الهند ، في حيدرآباد الهند ـ المطبعة العزيزية سنة ١٤٠٦ هـ ، ويقع في ١٢٠ صفحة.

١١٩

مروياً عنها من مصادر الشيعة وبعض مصادر العامّة ، موزعة على ١٦ باباً من أبواب القرآن والفقه والدعاء والعقائد والاحتجاج والحكم والمواعظ وغيرها(١) ، وعدّ في آخر المسند تسعة وعشرين صحابياً ممن روى عنهاعليها‌السلام .

وفي آخر عوالم الزهراءعليها‌السلام للشيخ عبدالله البحراني ، جمع محققو الكتاب مسند الزهراءعليها‌السلام من كتب الفريقين في أواخر الجزء الثاني منه ، تحت عنوان (الأحاديث الغراء من مسند فاطمة الزهراءعليها‌السلام ) فبلغ ٢١٩ حديثاً في عناوين مختلفة(٢) .

وممّا تقدّم يتبين أن ما قاله السيوطي في (الثغور الباسمة) : جميع ماروته فاطمةعليها‌السلام من الحديث لا يبلغ عشرة أحاديث لتقدم وفاتها(٣) ، لايجانب الصواب ، بل ويناقضه ما أخرجه السيوطي نفسه في (مسند فاطمة الزهراءعليها‌السلام ) من حديثها الذي بلغ أضعاف هذا العدد.

وقال سبط ابن الجوزي : قالوا : وقد روت عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمانية عشر حديثاً ، وقيل : ثمانين حديثاً ، وإنّها يسيرة بالنسبة إليها(٤) ، ولا ريب في ذلك فهي سيدة العترة النبوية الذين أوصى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الاُمّة بالتمسك بهم بعد كتاب الله في حديث الثقلين المتواتر عند الفريقين.

ومن العلم الذي خصّت به فاطمةعليها‌السلام ما كان مودعاً في مصحفهاعليها‌السلام وتداوله الأئمة الاثني عشر من أبنائهاعليهم‌السلام بعدها ، وقد وصفوه صلوات الله

__________________

١) مسند فاطمةعليها‌السلام / العطاردي : ٤٧١ ـ ٥٨٦ ، منشورات عطارد.

٢) عوالم الزهراءعليها‌السلام / البحراني ٢ : ٨٥٥ ـ ٩٣٤ تحقيق مؤسسة الإمام المهدي (عج) ـ قم.

٣) الثغور الباسمة / السيوطي : ٥١ ، ونقل عن الحافظ البدخشاني في ص٥٢ أنه قال : كل ما روي عنها ثمانية عشر حديثاً.

٤) تذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي : ٣١٠.

١٢٠