وسائل الشيعة الجزء ٣٠

مؤلف: الشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 553
مؤلف: الشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 553
دليل الکتاب
تقديم:.................................................................... ٧-١٨
الفوائد
الفائدة الأولى: في ذکر طرق الشيخ الصدوق، في «الفقيه»................... ٢١-١٢٥
الفائدة الثانية: في ذکر طرق الشيخ الطوسي في «التذهيب والاستبصار»..... ١٢٧-١٤٣
الفائدة الثالثة: في تفسير عدّة الکليني وسائر مبهماته....................... ١٤٥-١٤٩
الفائدة الرابعة: في ذکر الکتب المعتمدة في تأليف هذا الکتاب............... ١٥١-١٦٥
الفائدة الخامسة: في طرق المؤلف رواية الکتاب المذکورة...................... ١٦٧-١٨٩
الفائدة السادسة: في شهادة کثير من علمائنا بصحة تلک الکتب............ ١٩١-٢١٧
الفائدة السابعة: في ذکر أصحاب الاجماع وأمثالهم کأصحاب الأصول ونحوهم ٢١٩-٢٣٩
الفائدة الثامنة: في تفصيل بعض القرائن التي تقترن بالخبر.................... ٢٤١-٢٤٧
الفائدة التاسعة: في الاستدلال علي صحة أحاديث الکتب المنقول منها....... ٢٤٩-٢٦٥
الفائدة العشرة: في جواب ما عساه يرد عل ما ذکر من الاعتراض............ ٢٦٧-٢٧٩
الفائدة الحادية عشرة: في الأحاديث المضمرة..................................... ٢٨٣
الفائدة الثانية عشرة: في ذکر جملة من القرائن المستفادة من أحوال الرجال تفصيلاً ٢٨٥-٢٣٧
نهاية الكتاب في مصطلحات المؤلف...................................... ٥٣٩-٥٤٣
المُقَدَمُة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العلمين، والصلاة التامة والسلام الدائم على سيّد الأنبياء وخاتم المرسلين، وعلى المرسلين، وعلى الأئمّة الأطهار من آله الأخيار، وعلى أتباعهم الصالحين المهتدين.
وَبَعْدُ ، فإنّ الحديث الشريف هو ثاني أعمدة الدين الإِسلاميّ الحنيف بعد القرآن الكريم، ولقد ثبتتْ حجّيّتُه بالأدلّة القاطعة في اُصول الفقه، وأصْبح منذ طلوعه محطّاً لإِفادة المسلمين، فاستفاد العلماء من أنواره الساطعة، وتخصّص أعلام جهابذة بعلومه، وألّفوا فيها الكتب النافعة.
وحاز علماء مذهب أهل البيتعليهمالسلام - تبعاً لأئمّتهم - قصب السَبْق في تدوين الأحاديث وكتابة السُنّة، والحفاظ عليها من الدسّ والتزوير والوضع والاختلاق، فكان ما جاء من طرقهم أصح المتون بأصح الأسانيد، كما اهتموا بتفصيل معارفها وعلومها، وقد خلّدوا في هذا الفنّ تُراثاً ضخماً فخماً، فجزاهم الله عن الإسلام وأهله خيراً.
وكان من خيرة ما أُلِّفَ من الجوامع الحديثيّة الكُبرى عند الشيعة الإِماميّة كتاب« تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة » للشيخ المحدّث الفقيه محمّد بن الحسن بن عليّ الحُرّ العامليّ المشغرائيّ ولد سنة (١٠٣٣) وتوفّي سنة (١١٠٤).
وقد صرف مايقرب من عشرين سنةً من عمره الشريف في تأليف هذا الكتاب.
وتميّز هذا الكتاب بميّزات هامة جعلته موضع عناية العلماء والفقهاء خاصة نُشير إلى أهمّها:
١ - اختصاصه بأحاديث الأحكام:
حيث جمع أحاديث الأحكام الفقهيّة خاصّة، مفرداً لها عن سائر أحاديث العقائد والتاريخ والتفسير، وغيرها، بينما سائر المجامع الحديثية لم تلتزم بذلك.
٢ - عدم اقتصاره على ما في الكتب الأربعة:
حيث أورد فيه كلّ مايتعلق بالأحكام الفقهيّة من الأحاديث المذكورة في تلك الكتب وغيرها من المؤلفات الكثيرة جداً، وبذلك كان أكبر مصَدر لأحاديث الأحكام وأجمع لما يعتمد عليه في ذلك، إلى حين تأليفه.
٣ - ترتيبه:
حيث رتب الأحاديث على كتبٍ، وأبواب، وفصول، وفروع، ومسائل، على ترتيب ما أورده المحقّق الحلي في« شرائع الإِسلام في مسائل الحلال والحرام » أكبر كتاب فقهيّ حاوٍ لكلّ الكتب الفقهيّة، بأوسع تفريع، وحاوٍ لكل الأحكام الشرعيّة الخمسة، وما يتفرّع عليها، وهو المتداول منذ تأليفه، في الحوزات
العلميّة، للدراسة والتحقيق والشرح والتعليق، في فقه الشيعة الإِمامية.
فيكون المتمرّس في تداول ذلك الكتاب، قادراً على التوصل الى دليله من الحديث في كتاب« الوسائل » بسرعة فائقة.
٤ - إثبات الأسانيد:
حيث أثبت مع المتون الأسانيد كاملة، فيسّر للمراجع أمر نقدها وتمحيصها، في نفس الوقت الذي يعالج المتون.
٥ - جمع الأشباه والنظائر:
ومن ميزاته الهامّة أنه جمع في كلّ باب، كلّ الأشباه والنظائر من الأحاديث، فيجد الباحث في مكانٍ واحدٍ الأحاديث المتفقة سنداً ومتناً مجموعةً في باب واحدٍ، متقاربةً، فيكون بإمكانه الوقوف على القرائن المؤدّية الى تصحيح المتن أو السند أو كليهما بسهولة تامّة، وبملاحظة سريعة.
٦ - تحجيم الكتاب إلى أصغر حدّ:
وأهم ما امتاز به هذا الكتاب، بحيث انقطع إليه العلماء، هو أنّ المؤلّف حاول تحجيم الكتاب إلى أبلغ حدّ ممكن، مع الاحتفاظ على ميزة جمعه لكلّ ما يحتاج إليه الفقيه من أحاديث الأحكام.
وقد تمّ ذلك للمؤلف باتّباعه أساليب خاصّة، سيأتي ذكرها، وأهمّها عدم تعّرضه للبحث الفقهيّ أو الرجاليّ، وعدم تصدّيه لتصحيح المتون أو الأسانيد، فأنّه لو تعرّض إلى ذلك في كلّ حديث، لأدّى الى تضخيم التاب إلى أضعاف ماهو عليه الآن، ولَخرج عن كونه كتاب حديثٍ، إلى كونه كتاب فقهٍ أو رجالٍ.
وهذه أهم الفوائد التي امتاز بها الكتاب.
وقد اعتُرض على مَنهج المؤلّف في نقاط، منها:
١ - أنّه عنوان للأبواب بما لا يًوافق عليه كلّ الفقهاء، بل استفاد المؤلّف حكماً من الأحاديث وعنون الباب به، بينما لا دلالة فيها عليه.
٢ - أنّه لم يستقص في كلّ باب ما يدلّ عليه من الأحاديث، وإنّما اكتفى بذكر بعضها، وأشار إلى باقيها بقوله: تقدّم - أو - يأتي ما يدل عليه.
٣ - أنه قطّع الأحاديث، واكتفى في كلَّ باب بما يرتبط بعنوان الباب من ذلك الحديث، بينما قد يكون في سائر قطع الحديث. ما له دخل في فهم المراد الفقهيّ.
والجواب عن ذلك:
أمّا الأول: بأنّ المؤلّف إنّما حاول أن يذكر تحت عنوان الباب ما يدلّ على حكمه من الأحاديث، بحسب نظره وفهمه، وهذا طبيعيّ لكلّ مؤلّف ليتسنّى له توزيع الأحاديث، على الأبواب، حسب منهجه.
وأما الاختلاف في الرأي، والفتوى، فهذا لم يتكفّل المؤلّف التوجّه إليه، بل لقد تنصّل عن عهدة ذلك صراحةً عند ما ذكّر بما ربمّا يُشاهَد من أمثال تلك المخالفة، بين عنوان الباب ومدلول احاديثه، قائلاً: إنّ الاعتبار حينئذٍ بما تدل عليه الأحاديث لا العناوين [ لاحظ هذا الكتاب، ص ٥٤٢ ].
وعن الثاني : بأنّ ذلك كان في مدّ نظر المؤلّف، وملتفتاً إليه، فاكتفى بذكر ما هو اساسيّ، وما انْحصر بذلك الباب فقط، أو لم يُذكر في سائر الأبواب كثيراً أو كان قد ذُكر في أبواب بعيدة عن موضع هذا الباب، ويُشير الى ماتكرر ذكره، في أبواب متعدّدة، أو ذُكر قريباً جدّاً من هذا الباب.
ولعلّ وجه اعتماده على ذلك هو ما ذكرناه من قصده إلى تحْجيم الكتاب إلى
أصغر مدىَّ ممكن، مع أنّ العلماء النَابهين تكفيهم الإِشارات الى ما تقدم ويأتي في الأبواب التي هي مظانُّ لوجودها.
ثمّ إنّ أعلاماً توفّروا لبيان ذلك بدقّة فائقة وتعيين موارده في أعمال وجهود لذلك، وبذلتْ لجنة خاصّة في مؤسسة آل البيتعليهمالسلام لإِحياء التراث العامرة، جهدها في تعيين تلك الموارد، بنحو دقيق وصرفت طاقتها لاستيفاء ذلك وتصحيح ما أمكن منه في تلك الأعمال، وجاء عملها في هوامش طبعتها هذه.
وأما عن الثالث: فبأنّ هذا الأمر قد صرّح المؤلّف بالتزامه، وبنى عليه بنيان كتابه، ومع ذكره مصدر الحديث، وتعيين تلك المصادر بشكل دقيق في طبعتنا هذه، لم يبق لهذا الاشكال أثر يذكر.
ثم إنّ المعهود من المؤلّف، والذي يقتضيه حسن الظن به أنه لا يترك من الحديث ماله دخل - ولو احتمالاً - في فهم الحكم منه، كما هو الملاحظ من عادته، وإنما يترك مالا دخل له في ذلك، وإلا لكان ناقصاً لغرضه.
ثم إن ايراد الحديث كاملاً في كل مورد مناسب لجملة واحدة من جمله، يؤدّي - بلا ريب - إلى تضخم كتاب الحديث الى حدّ كبير جدّاً وهومنافٍ لغرض المؤلّف الذي ذكّرنا به مراراً.
والاقتصار على ذكر الحديث في مورد واحد كاملاً، والاشارة إليه في بقيّة الموارد عندما يناسب من الابواب غير وافٍ ، ويرد عليه:
أداؤه إلى عدم اتّحاد المنهج في تأليف الكتاب، وقد التزم المؤلف هنا بذكر القطعة المرتبطة بعنوان كلّ باب في بابه، وليس بابٌ أولى - بذكر كلّ الحديث فيه - من باب آخر.
ثم إنّ الإِرجاع في سائر الموارد الى الباب - الذي ذُكر فيه الحديث كاملاً - لايتفاوت في الصعوبة والإِشكال عن الإِرجاع الى مصدر الحديث حيث يوجد
الحديث فيه بنحو كامل، غير مقطّع.
والمراجع يجد الحديث مقطعاً في سائر الموارد على كلّ حال.
فلو التزمنا بمنهج المؤلّف فيصغر حجم الكتاب، لم يكن لنا طريق صحيح مقبول إلّا ما قام به من التقطيع.
وبما قامت به مؤسّسة آل البيت (عليهمالسلام ) من تعيين محلّ الحديث في مصادره، وتعيين المواضع التي وردت فيه بقية قطع الحديث صدراً وذيلاً، يحصل الغرض الذي أشار إليه المعترض.
هذا ما يرتبط بعمله في متون الأحاديث.
وأما ما يرتبط بالأسانيد:
فقد حاول المؤلّف إثبات الأسانيد وعدم حذفها، وهذا - كما ذكرنا - من ميّزات الكتاب، حيث يمكن المراجع نقدها عند الحاجة، لكنّه عمد الى اختصارها، والاقتصار على اسم الراوي فقط، وحذف مايزيد على ذلك من الكنى والألقاب والتواريخ والأمكنة، وما أشبه، وذلك في أكثر الموارد، وخاصة في الأسانيد المتكرّرة، والأسماء المعروفة المتداولة.
ولاريبَ أنّ ذلك مؤثّر في تحجيم الكتاب إلى حدّ كبير جدّاً.
ثم إنّه لم يحاول تصحيح ما ربما يوجد في الأسانيد من السهو والنقص أو الزيادة، والتحريف أو التصحيف، أو غير ذلك من العلل والخلل، بل اعتمد في ما أثبته على ما وجده في النسخ المتوفّرة لديه، فأثبت ما فيها نصّاً، على ما هو عليه، لأنّ الأمانة العلميّة تفرض عليه ذلك، فقد قررّ علماء الدراية: أنّ على الناسخ والناقل أن يذكر ما يجده في الاُصول التي ينقل عنها، نصّ ما يجده، ولو كان خطأً، من دون تصرّف من حك أو إصلاح أو تغيير.
وقد تبيّن لنا تعمّد المصنف هذه الطريقة، فإنه عندما يورد سنداً معلّلاً،
أو اسماً مصحّفاً أو محرّفاً، نجده يذكر بعده - مباشرةً - نفس السند - نقلاً عن نفس المصدر أو عن مصدر آخر - بصورة صحيحة لا تعليل فيها ولا تحريف أو تصحيف.
ولا ريب أنّ الناظر إلى السند المنقول مرّتين - في موضع واحد - يعرف أمر الخلل والعلل بصورة واضحة، فكيف بالمؤلّف الذي كتب ذلك بيده، وهو خبير ماهر بالحديث متناً وإسناداً؟!
وأيضاً: فإنّا نجده كثيراً ما يورد السند المعلل في المتن، ثم يُشير في الهامش ألى تعليله بكلمة [ كذا ] أوينقل من نسخة اُخرى ماهو الصحيح بعنوان [ خ ل ]، من دون أن يغيّره في المتن.
فإثباته للسند المعلل، مع وجود الصحيح في نسخة أخرى، وعدم تصرّفه في ذلك بالتصحيح والتبديل والتغيير، دليل على التزامه بهذا الأمر، الذي يدلّ أيضاً على ورعه وعلمه ودقّته.
وأمّا: لماذا لم يذكر في الكتاب أوجه الخطأ ولم يصحّح ذلك، حتى يدفع عن نفسه شبهة الغفلة ولا يتهم بعدم المعرفة لأمور السند وعلله؟
فالجواب: أنّ أمثال هذه الأمور تقع في الأحاديث بشكل مكرّر وكثير نسبيّاً، فلو التزم المؤلّف بالإشارة إليه في كلّ مورد لخرج من هدفه الذي تبناه وبنا عليه كتابه وهو الجمع والترتيب، دون الشرح والتوضيح والتصحيح، وإلا لتضخم كتابه الى أضعاف ما هو عليه، ولفوّت على نفسه إمكانية إتمام الكتاب وإنجازه.
والدليل على توجه المؤلّف إلى ذلك، وتعمده تركه: أنّه عندما تصدّى لشرح ( الوسائل ) في كتاب ( تحرير وسائل الشيعة ) انطلق في المناقشات المؤدّية إلى تصحيح ما وقع وتصويبه، وكذلك في ما علّقه على هامش مبيّضة الكتاب - وهي النسخة الثالثة، التي اعتمدناها - وقد أتبتنا في الهوامش ما علّقه المصنّف، وتلك الهوامش تدلّ بوضوُح على قدرته الفائقة في علم الرجال وتوجّهه الكامل إلى ما وقع في تلك الأسانيد، وابدى آراء وملاحظاتٍ قيّمة لتصحيحها.
وبهذا البيان، تندحر الشُبَه التي أثارها بعض المتطفّلين على كتب الرجال، ومَنْ لم يركن في معرفته واطلاعه إلى ركن قويم، بل حاول مقارنة ما توهّمه من المخالفات، بما يجده في سائر المؤلّفات، وخاصة تلك التي ألّفها المخالفون، لحسن ظنّه بهم، من دون أن يعتمد على مؤلّفات الأصحاب، بعد ضبطها بالنسخ المصححة المأمونة، بل اكتفى في التهجّم على الكتب ومؤلّفيها بمراجعة النسخ المطبوعة التجارية، وتغافل عمّا وقع من أمثالها بل أضعافها في المصادر التي اعتمدها للتصحيح بزعمه.
ومع إغفاله لأبسط قواعد علم الحديث والدراية، من لزوم إثبات العلماء ما يجدونه في النسخ التي ينقلون منها، رعاية لأمانة النقل، وتورّعاً من التصرّف ونسبة الخلاف إلى الكتب المنقول عنها، ومنهم المؤلّف - قدس الله سرّه -.
ولنكتف بهذا الحديث القصير عن المؤلّف ومنهجه في تأليف الكتاب، على أمل أن نعود اليه في دراسة مستوعبة متكاملة مدعومة بالشواهد والأرقام، ان يسرّ الله له وقتاً أوسع، وانقطاعاً أوفر، فذلك ما لم نجده فعلاً، والله المسؤول للتوفيق له.
صلتي بالكتاب:
يتصل كل طالب للعلوم الدينيّة في الحوزة العلمية بكتاب( وسائل الشيعة ) ارتباطاً وثيقاً يكاد يكون عضوياً حيث إنّ أيّ أحد لايستغني عنه، منذ البداية الاُولى لحياته العلمية.
وكذلك كنتً، منهمكاً إبّان الدراسة - وخاصة في الفقه - بمراجعة هذا الكتاب بين الحين والآخر، وبتعبير أدق: يوميّاً.
وقد تمَّ وتكامل اتصالي به لما طلب إليّ القيام بمراجعته النهائية عندما قامت مؤسسة آل البيت (عليهمالسلام ) لإِحياء التراث في قم بتحقيق هذه الطبعة منه.
فكان ذلك باعثاً لانشدادي بالكتاب وتوغلي في أعماقه، حيث وُفّقتُ لمراجعته - كاملاً - أكثر من مرّة، خلال ثلاث سنوات.
فقرأتُ نصّه، إسناداً ومتناً، وقابلتُه على نسخة المؤلّف أو ما صحح عليها، فكنتُ أعيش خلال ذلك عوالم من الحديث والفقه واللغة، الى غيرها من الفوائد المشحون بها الكتاب، فوجدتُ لذّة عضيمة في تجوالي في رياض هذه الجنّة الفيحاء من آثار آل محمد عليهم الصلاة والسلام، ملئتُ منها بالروح والرحمة، والحمد لله ربّ العالمين.
ولذلك فإنّي اُوصي إخواني طلبة العلم بأن يلتزموا بقراءة الوسائل - كاملاُ - دورة واحدة - على الأقل - قبل أن يتوغّلوا في العلوم الشرعية، لِيمْتاروا بالمعارف من كل نوع، إضافة الى مايفيض عليهم ذلك من التمرّس في الأسانيد، ومعرفة طبقات الرواة، ولغة الحديث، واُسلوب إلقاء الأئمةعليهمالسلام للأحكام، والجمع بين الأحاديث المتخالفة، وفقه الحديث، والاُنس بمواضع وجود الاحاديث، وترتيب أبواب الفقه، الى غير ذلك من الفوائد والعوائد المتفرقة المهمة قبل إن يمضي بهم العمر، فلا يجدوا سعة من الوقت، والحول، والطول، وفقهم الله وايّانا للعلم والعمل الصالح.
وأحمد الله جلّ وعز على توفيقه إياي لمراجعة الكتاب، بعد أن أنجزت مؤسسة آل البيت (عليهمالسلام ) تحقيقه،وصفّه في بيروت، واعداده للطبع، فباشرتُ العمل فيه، بقرائة نصّه حرفيّاً، وتسجيل الملاحظات على ما وقفتُ عليه من مواضع الخلل، بمقارنة ذلك بما لدينا من نسخ الكتاب بخط المؤالفرحمهالله ، أو المقابلة على نسخٍ بخطه، وإثبات ما تأكدنا من صحته في هذه الطبعة.
وقد بذلنا جُهداً واسعاً في هذا المجال الى حدّ الوثوق والاطمئنان بأن ما أثبتناه في متن الكتاب يطابق ما أثبته المؤلف في نسخته.
إلّا أن يكون الخطأ في نُسخته فقد خرجنا من عهدته، وقد أشرنا إلى كثير منه في الهوامش، عند مخالفة ما أثبته لما جاء في مصادره في النسخ التي راجعناها، ويقرب - في النظر - أن ما أثبتته هو الصحيح.
أو يكون قد أخطأنا فيه مما زاغت عنه الباصرة، ولا ندّعي العصمة ولا الإِحاطة الكاملة لما في هذا العمل من السعة والطول، ولعلّ أهم الأسباب في حدوث كثير من ذلك هو تعدد مجالات العمل، من الطبع بالصفّ الالكتروني في بيروت، وتعدد الايدي في مراحل العمل، وما يعرض على الكتاب في مراحل الطبع والإخراج: وقد قيل: إن الخطأ المطبعيّ من قبيل « لزوم ما لايلزم ».
ويكفي فخراً أن تكون الأخطاءُ معدودةً بالنسبة إلى حجم الكتاب الذي يتجاوز ( خمسة عشر ألف ) صفحة، وبالنسبة إلى ما يوجد من الطبعات السابقة للكتاب، وبالنسبة الى ما يصدر من مطبوعات حديثة مليئة بالأخطاء، على صغر حجمها.
وأمّا ما يَرْتبطُ بهذا الجُزْء:
فهو يحتوي على ( خاتمة الوسائل ) بفوائده الاثني عشر.
وهو من عملي الخاصّ، قمتُ بتحقيقه على ثلاث نُسخٍ:
الاُولى: المصوّرة على نسخة خطّ المؤلّفرحمهالله ، وهي النسخة الثالثة التي كتبها، وتعتبر مبيّضة الكتاب، وقد ذكرناها بعنوان (الاصل).
الثانية: المصحّحة على نسخة المؤلف، بمقابلة جمع من اعلام النجف الأشرف وقد كتب التصحيحات سماحة الحجة المرحوم السيّد محمّد الرضوي نجل أية الله الحجة المقدّس السيد مرتضى الكشميري رحمة الله عليه.
وقد سجلت التصحيحات على الحجرية المطبوعة سنة (١٢٨٨) بطهران، والنسخة من محفوظات مكتبتنا.
وقد عبرنا عنها بالمصححة الاُولى.
الثالثة: المصحّحة بخطّ العلامة الشيخ غلام حسن الفنجابي الباكستانيّ في النجف الاشرف سنة ١٣٧١، كما جاء بخطه على ظهر النسخة، وقد سجّلت التصحيحات على الحجرّية المطبوعة سنة (١٣٢٤) بطهران، والمعروفة بطبعة عين الدولة، والنسخة من موقوفات الحجة المرحوم السيّد علي اكبر الموسي الملكيّ التبريزيّ المتوفى سنة (١٣٩٦).
وقد عبرنا عنها بالمصححة الثانية.
ولم نحاول تعقّب المؤلّف فيما أورده في الكتاب، فيما إذا خالفناه في الرأي اتباعاً لنفس الغرض الذي لاحقه المؤلف من مجانبة تضخيم الكتاب، وزيادة حجمه، فأعرضنا عن المناقشة في ما أثبته حذراً من التطويل.
نعم، قد يستطرد المؤلف إلى بعض المناقشات في ما علقه على كتابه هنا وفي الأصل، وكذلك تبعناه في تعاليقنا، وكفى ذلك إثباتا لامكان الدخول في التفاصيل في جميع الموارد، إلّا إن ذلك الهدف المرسوم هو المانع من التوسّع، فلم نثقل الكتاب بالهوامش، ولا بالتخريجات من الكتب الرجالية، لأنّ المؤلّف ذكر أسمائها أو أسماءمؤلفيها غالباً، وهي مرتبة على حروف المعجم، فيستطيع المراجع من العثور على المنشود فيها بسهولة ويسر.
وقد أثّر ذلك في جمع كلّ فوائد الخاتمة في جزء واحد، هو هذا المجلد الذي بين أيدينا، وهو أمر لايخفى على المراجع حسنه وفائدته.
وقد أضْفَيْنا على النصّ عنصر الضبط للأسماء والكلمات فقمنا بضبطها بشكل تامّ، ضبط رسم بالحروف، وضبط قلم بالحركات، وهو أمر خلت منه النسخ المعتمدة، مع أن الحاجة إليه ماسّة في مثل هذا الكتاب.
وأضفنا على المتن مارأيناه ضروريا،ً تصحيحاً وتوضيحاً، كبعض العناوين واضعين له بين المعقوفين، تميزاً.
واستغنينا عن وضع فهارس خاصة بهذا الجزء، اعتماداً على ماسيوضع للكتاب كلّه من الفهارس المتنوعة، بعون الله، إلّا فهرس المصادر والمراجع التي أفردتها هنا لبعض الاعتبارات.
وفي نهاية هذا التقديم:
أحمد الله تعالى على توفيقه للعمل في هذا الكتاب، وإنجازه بأحسن ما يرام، وعلى ما ألهمني من تصحيحه وضبطه، وأسأله التوفيق للمزيد من فضله، انه ولي التوفيق والتسديد.
وأشكر مَنْ أتاح لي هذه الفرصة الثمينة، وهو فضيلة العلّامة الجليل الأخ السيد جواد الشهرستاني دام عزّه الذي بذل غاية وسعه في إحياء التراث وخدمته من خلال مؤسسة آل البيت (عليهمالسلام ) لإِحياء التراث، وكذا سائر العاملين المخلصين في هذه المؤسسة الموّقرة.
نسأل الله للجميع التوفيق والتأييد، إنّه مجيب الدعاء حميدٌ مجيدٌ.
وكَتَبَ السيد محمّد رضا الحسيني الجلاليّ |
[ بسم الله الرحمن الرحيم ]
خاتمة الكتاب
وهي تَشْتَمِلُ على فَوائد مُهِمّة اثْنتيْ عشرة