وسائل الشيعة الجزء ٣٠

وسائل الشيعة0%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 553

وسائل الشيعة

مؤلف: الشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف:

الصفحات: 553
المشاهدات: 17006
تحميل: 3744


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 553 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 17006 / تحميل: 3744
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء 30

مؤلف:
العربية

الفائدة الثامنة

[ تفصيل القرائن المعتبرة الدالة على ثبوت الخبر ]

٢٤١

٢٤٢

في تفصيل بعض القرائن التي تقترن بالخبر.

قد صرح جمع من المحققين من علمائنا أن القرينة هنا هي: ما ينفكّ عنه الخبر، وله دخل في ثبوته، وأما ما لا ينفكّ عنه فليس بقرينة، ككون المخبر إنسانا أو ناطقا أو نحوهما.

والقرائن المتعبرة أقسام:

بعضها يدل على ثبوت الخبر عنهمعليهم‌السلام .

وبعضها على صحة مضمونه، وإن احتمل كونه موضوعا.

وبعضها على ترجيحه على معارضه.

ونحن نذكر هنا أنواعا:

منها: كون الراوي ثقة، يؤمن منه الكذب، عادة.

وذلك قرينة واضحة على صحة الحديث، بمعنى ثبوته.

وكثيرا ما يحصل العلم بذلك، حتى لا يبقى شك أصلا، وإن كان ثقة فاسد المذهب، كما صرح به الشيخ وغيره.

خصوصا إذا انضم إلى ذلك جلالته في العلم والفضل والصلاح، وقد صرح بذلك صاحب المدارك، كما يأتي نقله.

٢٤٣

وهذا أمر وجداني يساعده الأحاديث المتواترة في الأمر بالعمل بخبر الثقة، والنهي عن العمل بالظن.

ومعلوم أن النسبة - بين الثقة والعدل - العموم والخصوص من وجهٍ، كما ذكره الشيهد الثاني في بعض مؤلّفاته، في بحث استبراء الجارية.

والأحاديث المشار إليها عامة مطلقة فيما يرويه الثقة ويحكم بصحته، سواء رواه مرسلا، أم مسندا: عن ثقة أو ضعيف، أو مجهول.

ومنها: كون الحديث موجودا في كتاب من كتب الأصول المجمع عليها، أو في كتاب أحد الثقات:

لما أشرنا إليه من النصوص المتواترة، وقد عرفت بعضها في القضاء(١) .

ولا يخفى: أن إثبات الحديث في الكتاب يقتضي زيادة الاعتماد.

ومن المعلوم - قطعا - أن الكتب التي أمرواعليهم‌السلام بالعمل بها كان كثير من رواتها ضعفاء ومجاهيل، وكثير منها مراسيل.

وقد علم بالتتبع والنقل الصريح: أنهم ما كانوا يثبتون حديثا في كتاب معتمد حتى يثبت عندهم صحة نقله، وقد نصوا على استثناء أحاديث خاصة من بعض الكتب، وهو قرينة على ما قلنا.

وكون الحديث مأخوذا من الكتب المشار إليها يعلم بالتصريح، وبقرائن ظاهرة في ( التهذيب ) و ( الاستبصار ) و ( الفقيه ) وغيرها، كما عرفت.

ومنها: كون الحديث موجودا في الكتب الأربعة، ونحوها، من الكتب المتواترة اتفاقا، المشهود لها بالصحة.

__________________

(١) كتاب القضاء أبواب صفات القاضي، الباب (٨) باب وجوب العمل بأحاديث النبي والأئمة ( ع ) المنقولة في الكتاب المعتمدة.

٢٤٤

ومنها: كونه منقولا من كتاب أحد من أصحاب الإجماع:

ويعلم ذلك بالتتبع والقرائن وتصريح الشيخ وغيره، كما مر.

ومنها: كون بعض رواته من أصحاب الإجماع، وقد صح عنه، مطلقا، بمعنى أنه ثبت نقله له أعم من أن يكون مرسلا أو مسندا، عن ثقة، أوضعيف، أو مجهول:

لما تقدم من ذلك الإجماع الشريف، الذي قد علم دخول المعصوم فيه(١) .

ومنها: كونه من روايات بعض الجماعة الذين وثقهم الأئمة عليهم‌السلام ، وأمروا بالرجوع إليهم، والعمل برواياتهم.

ومنها: كونه موافقا للقرآن.

لما عرفت في القضاء من النص المتعدد(٢) .

والمراد: الآيات الواضحة الدلالة، أو المعلوم تفسيرها عنهمعليهم‌السلام .

ومنها: كونه موافقا للسنة المعلومة الثابتة:

لما مر أيضا(٣) .

ومنها: كونه مكررا في كتب متعددة معتمدة:

وقد عرفت أن وجوده في كتاب واحد معتمد قرينة منصوصة نصا متواترا، فكيف إذا وجدَ في كتب متعددة؟

وهذه القرينة موجودة في أحاديث هذا الكتاب كثيرا، كما عرفت.

والذي لم نذكره من تكررها في الكتب أكثر مما ذكرناه، لأن أكثرها أو كلها مروية في كتب كثيرة جدا، قد نبهنا على بعضها، وتركنا الباقي اختصاراً.

__________________

(١) تقدم في الفائدة السابعة ( ص ٢٢١ وما بعدها ).

(٢) كتاب القضاء، ابواب صفات القاضي، الباب (١٣).

(٣) كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب ( ١٤ ).

٢٤٥

وخصوصا ( تفسير العياشي ) فإن فيه أحاديث كثيرة جدا لاتحصى عدّاً، قد نقلناها من غيره، ولم نشر إلى وجودها فيه، وكذا ( مناقب ) ابن شهرآشوب، وكذا ( نوادر ) أحمد بن محمد بن عيسى. وكذا ( روضة الواعظين ). وكذا جملة من الكتب المعتمدة.

ومنها: كونها موافقا للضروريات:

لأنه راجع إلى موافقة النص المتواتر، لما تقدّم(١) .

ومنها: عدم وجود معارض:

فإن ذلك قرينة واضحة.

وقد ذكر الشيخ: إنه يكون مجمعا عليه، لأنّه لولا ذلك لنقلوا له معارضا، صرح بذلك في مواضع: منها أول ( الاستبصار )(٢) ، وقد نقله الشهيد في ( الذكرى ) عن الصدوق في ( المقنع ) وارتضاه(٣) .

ومنها: عدم احتماله للتقية:

لما تقدم(٤) .

ومنها: تعلقه بالاستحباب مع ثبوت المشروعية:

لما عرفت في مقدمة العبادات من أحاديث: « من بلغه شيء من الثواب »(٥) .

__________________

(١) تقدم في الحديث ٨٤ من الباب ٨ من أبواب صفات القاضي.

(٢) الاستبصار، للطوسي ( ج ١ ص ٤ ).

(٣) الذكرى، للشهيد ( لاحظ ص ٤ ).

(٤) تقدم في الحديث ١ من الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.

(٥) تقدم في الجزء الاول ( ص ٨٠ - ٨٢ ) الباب (١٨) من ابواب مقدمة العبادات من كتاب الطهارة.

٢٤٦

ومنها: موافقته للاحتياط:

لما عرفت في القضاء من الأحاديث الكثيرة الدالة على الأمر به(١) .

ومنها: اجتماع قرينتين فصاعدا مما ذكر.

ومنها: موافقته لدليل عقلي قطعي:

وهو راجع إلى موافقة النص المتواتر، لأنه لا ينفك منه أصلا.

ومنها: موافقته لإجماع المسلمين.

ومنها: موافقته لإجماع الإمامية.

لما مر من النص(٢) .

ومنها: موافقته للمشهور بين الإمامية:

لما مر(٣) .

ومنها: موافقته لفتوى جماعة من علمائهم.

ومنها: كون الراوي غير متهم في تلك الرواية، لعدم موافقتها لاعتقاده أو غير ذلك:

ومن هذا الباب: رواية العامّة للنُصوص على الأئمةعليهم‌السلام ، ومعجزاتهم وفضائلهم، فإنهم بالنسبة إلى تلك الروايات ثقات، وبالنسبة إلى غيرها ضعفاء.

والقرائن كثيرة غير ذلك، يعرفها الماهر في هذا الفن.

وإذا تأملت وجدت كل حديث من أحاديث هذا الكتاب محفوفا بقرائن كثيرة، وبعضها بأكثرها.

والله الموفق.

__________________

(١) تقدم في كتاب القضاء أبواب صفات القاضي، الباب - (١٢) باب وجوب التوقف والاحتياط.

(٢) مر في الاحاديث ١، ١٩، ٤٣ من الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.

(٣) مر في الحديث ١ من الباب ٩ من ابواب صفات القاضي.

٢٤٧

٢٤٨

الفائدة التاسعة

في ذكر الأدلة على صحة أحاديث الكتب المعتمدة،

تفصيلا

٢٤٩

٢٥٠

في ذكر الاستدلال على صحة أحاديث الكتب التي نقلنا منها هذا الكتاب وأمثالها، تفصيلا، ووجُوب العمل بها فقد عرفت الدليل على ذلك إجمالا(١) .

ويظهر من ذلك ضعف الاصطلاح الجديد على تقسيم الحديث إلى صحيح، وحسن، وموثق، وضعيف، الذي تجدد في زمن العلامة، وشيخه أحمد ابن طاووس.

__________________

(١) عقد المؤلف ( الفائدة السادسة ) لذكر كلمات العلماء الدالة على التزامهم بصحة الكتب المعتمدة في هذا الكتاب، وعقد هذه الفائدة التاسعة لجمع الأدلة المستفادة من كلماتهم مع تفصيل أكثر في البحث، فلاحظ ما تقدم ١٩١ - ٢١٨.

ولابد من التنبيه على أن أكثر ما ذكره المؤلف، من الوجوه المؤيدة لمرامه قد انتقدها المحققون والعلماء، بردود حاسمه، كما أن المؤلف الحر العاملي، نفسه، قد أبدى توقفه في بعضها، في نهاية هذه الفائدة، نفسها.

وبما أنا لم نقصد هنا إلا لتحقيق النص، فقد أعرضنا عن التعليق عليه بما يلزم، ولكن نلفت توجه المراجع إلى بعض المصادر المتكفلة لذلك:

١ - رسالة الأخبار والأصول، للشيخ المجدد الوحيد البهبهاني.

٢ - وسائل الشيعة إلى أحكام الشريعة، للحجة المحقق السيد محسن الأعرجي الكاظمي.

٣ - نتيجة المقال في علم الرجال، للشيخ محمد حسن البار فروشي. وأكثر الكتب الرجالية، تتعرض في مقدمتها لبيان ذلك، والله الموفق.

٢٥١

والذي يدل على ذلك وجوه:

الأول:

أنا قد علمنا - علما قطعيا، بالتواتر، والأخبار المحفوفة بالقرائن -: أنه قد كان دأب قدمائنا، وأئمّتناعليهم‌السلام ، في مدة تزيد على ثلاثمائة سنة، ضبط الأحاديث، وتدوينها في مجالس الأئمة، وغيرها.

وكانت همة علمائنا مصروفة، في تلك المدة الطويلة، في تأليف ما يحتاج إليه من أحكام الدين، لتعمل بها الشيعة.

وقد بذلوا أعمارهم في تصحيحها، وضبطها، وعرضها على أهل العصمة.

واستمر ذلك إلى زمان الأئمة الثلاثة، أصحاب الكتب الأربعة، وبقيت تلك المؤلفات بعدهم - أيضاً - مدة.

وأنهم نقلوا كتبهم من تلك الكتب، المعلومة، المجمع على ثبوتها.

وكثير من تلك الكتب وصلت إلينا.

وقد اعترف بهذا جمع من الأصوليين، أيضا.

الثاني:

أنا قد علمنا بوجود أصول، صحيحة، ثابتة، كانت مرجع الطائفة المحقة، يعملون بها، بأمر الأئمّة.

وأن أصحاب الكتب الأربعة، وأمثالها، كانو متمكنين من تمييز الصحيح من غيره، غاية التمكن.

وأنها كانت متميزة، غير مشتبهة.

وأنهم كانوا يعلمون: أنه مع التمكن من تحصيل الأحكام الشرعية بالقطع واليقين - لايجوز العمل بغيره.

٢٥٢

وقد علمنا: أنهم لم يقصروا في ذلك، ولو قصروا لم يشهدوا بصحه تلك الأحاديث، بل المعلوم، من حال أرباب السير، والتواريخ: أنهم لا ينقلون من كتاب غير معتمد مع تمكنهم من النقل من كتاب معتمد، فما الظن برئيس المحدثين، وثقة الإسلام، ورئيس الطائفة المحقة؟؟؟

ثم لو نقلوا من غيرالكتب المعتمدة، كيف يجوز - عادة - أن يشهدوا بصحة تلك الأحاديث؟ ويقولوا: إنها حجة بينهم وبين الله؟ ومع ذلك يكون شهاداتهم باطلة، ولا ينافي ذلك ثقتهم وجلالتهم؟؟

هذا عجيب ممن يظنه بهم.

الثالث:

أن مقتضى الحكمة الربانية، وشفقة الرسول والأئمةعليهم‌السلام بالشيعة أن لا يضيع من في أصلاب الرجال منهم، وأن تمهد لهم أصول معتمدة يعملون بها زمن الغيبة.

ومصداق ذلك هو ثبوت الكتب المشار إليها، وجواز العمل بها.

الرابع:

الأحاديث، الكثيرة، الدالة على أنهم أمروا أصحابهم بكتابة ما يسمعونه منهم، وتأليفه، والعمل به، في زمان الحضور والغيبة.

وأنه: « سيأتي زمان لايأنسون فيه إلا بكتبهم ».

وما قد علم - بما تقدم - من نقل ما في تلك الكتب إلى هذه الكتب المشهورة.

مع أن كثيراً من الكتب التي ألفها ثقات الإمامية، في زمان الأئمةعليهم‌السلام موجودة الآن، موافقة لما ألفوه في زمان الغيبة.

٢٥٣

الخامس:

الأحاديثُ، الكثيرة، الدالة على صحة تلك الكتب، والأمر بالعمل بها.

وما تضمن من أنها عرضت على الأئمةعليهم‌السلام ، وسألوا عن حالها، عموما، وخصوصا.

وقد تقدم بعضها.

وقد صرح المحقّق - فيما تقدم(١) - أن كتاب يونس بن عبد الرحمن، وكتاب الفضل بن شاذان ؛ كانا عنده، ونقل منهما الأحاديث.

وقد ذكر المحدّثون، وعلماء الرجال: أنهما عرضا على الأئمةعليهم‌السلام ، كما مر.

فما الظن بالأئمة الثلاثة، أصحاب الكتب الأربعة؟

وقد صرح الصدوق - في مواضع -: أن كتاب محمد بن الحسن ؛ الصفار - المشتمل على مسائله، وجوابات العسكريعليه‌السلام - كان عنده، بخط المعصوم(٢) .

وكذلك كتاب عبيد الله بن علي ؛ الحلبيّ، المعروض على الصادقعليه‌السلام .

وغير ذلك.

ثم إنك تراهم، كثيرا ما يرجحون حديثا مرويا في غير الكتاب المعروض على الحديث المروي فيه! وهل لذلك وجه، غير جزمهم بثبوت أحاديث الكتابين؟ وأنهما من الأصول المعتمدة؟

__________________

(١) مر في الفائدة السادسة ( ص ٢٠٩ ).

(٢) لاحظ الفقيه ٤: ١٥١ ب ٩٩ ح ١.

٢٥٤

والحاصل: الأحاديثُ المتواترة دالة على وجوب العمل بأحاديث الكتب، المعتمدة، ووجوب العمل بأحاديث الثقات.

فإن قلت: هذه الأحاديث من جملة أحاديث الكتب المعتمدة، ومن جملة روايات الثقات.

فالاستدلال دوري.

قلت: هذه الأحاديث موصوفة بصفات:

منها: كونها موجودةً في الكتب المعتمدة.

ومنها: كونها من روايات الثقات.

ومنها: كونها متواترة.

ومنها: كونها محفوفة بالقرائن القطعية.

ومنها: كونها مفيدة للعلم بقول المعصوم.

إلى غير ذلك.

فيمكن الاستدلال - بها باعتبار كل صفة من هذه الصفات - على حجية الأقسام الباقية، فاندفع الدوْر، لاختلاف الحيثيّات، والاعتبارات.

أو نستدل بأحاديث كل كتاب على حجية ماسواه من الكتب، وبرواية كل ثقة على حجية رواية غيره من الثقات.

كما أنا نستدل بنص كل إمام على غيره من الأئمة، وبإعجاز كل إمام على إمامة نفسه.

وما أجابوا به - هناك - أجبنا به، أوبما هو أقوى منه - هنا -.

مع وجود أدلة أخرى - هنا - ومقدمات أخرى قطعية.

ثم يقال للمعترض: إنك تستدل بالدليل العقلي على مطالب كثيرة، منها: حجية الدليل السمعي، فإن استدللت - على حجية الدليل العقلي -

٢٥٥

بدليل عقلي أو سمعي ؛ لزم الدور.

وما اجبت به، فهو جوابنا، وهو ما مر.

السادس:

إن أكثر أحاديثنا كان موجودا في كتب الجماعة، الذين أجمعوا على تصحيح ما يصح عنهم، وتصديقهم، وأمر الأئمةعليهم‌السلام بالرجوع إليهم، والعمل بحديثهم، ونصوا على توثيقهم، كما مر.

والقرائن على ذلك كثيرة، ظاهرة، يعرفها المحدث، الماهر.

السابع:

أنه لو لم تكن أحاديث كتبنا مأخوذة من الأصول، المجمع على صحتها، والكتب التي أمر الأئمةعليهم‌السلام بالعمل بها، لزم أن يكون أكثر أحاديثنا غير صالح للاعتماد عليها.

والعادة قاضية ببطلانه، وأن الأئمةعليهم‌السلام ، وعلماء الفرقة الناجية لم يتسامحوا، ولم يتساهلوا في الدين إلى هذه الغاية، ولم يرضوا بضلال الشيعة إلى يوم القيامة.

الثامن:

أن رئيس الطائفة في كتابي الأخبار، وغيره من علمائنا، إلى وقت حدوث الاصطلاح الجديد، بل بعده، كثيرا ما يطرحون الأحاديث الصحيحة عند المتأخرين، ويعملون بأحاديث ضعيفة على اصطلاحهم.

فلولا ما ذكرناه، لما صدر ذلك منهم، عادة.

وكثيرا مايعتمدون على طرق ضعيفة، مع تمكنهم من طرق اخرى صحيحة، كما صرح به صاحب المنتقى، وغيره.

٢٥٦

وذلك ظاهر في صحة تلك الأحاديث، بوجوه اُخر من غيراعتبار الأسانيد، ودال على خلاف الاصطلاح الجديد، لما يأتي تحقيقه.

وقد قال السيد محمد في ( المدراك ) - في بحث الاعتماد على أذان الثقة -: نعم، لو فرض إفادته العلم بدخول الوقت - كما قد يتفق كثيرا في أذان الثقه، الضابط، الذي يعلم منه الاستظهار في الوقت، إذا لم يكن هناك مانع من العلم - جاز التعويل عليه، قطعا.

انتهى(١) .

وصرح بمثله كثير من علمائنا، في مواضع كثيرة.

التاسع:

ما تقدم من شهادة الشيخ، والصدوق ؛ والكليني، وغيرهم من علمائنا، بصحة هذه الكتب والأحاديث، وبكونها منقولة من الأصول، والكتب المعتمدة.

ونحن نقطع - قطعا، عاديا، لا شك فيه -: أنهم لم يكذبوا، وانعقاد الإجماع على ذلك إلى زمان العلامة.

والعجب أن هؤلاء المتقدمين، بل من تأخر عنهم، كالمحقّق، والعلامة، والشهيدين، وغيرهم: إذا نقل واحد منهم قولا، عن أبي حنيفة، أو غيره من علماء العامة، أو الخاصة، أو نقل كلاما من كتاب معين، ورجعنا إلى وجداننا، نرى أنه قد حصل لنا العلم بصدق دعواه، وصحة نقله، لا الظن، وذلك علم عادي - كما نعلم أن الجبل لم ينقلب ذهبا، والبحر لم ينقلب دما - فكيف يحصل العلم من نقله عن غير المعصوم، ولا يحصل من نقله عن المعصوم غير الظن؟

__________________

(١) المدارك، للعاملي ( ج ٣ ص ٩٨ ).

٢٥٧

مع أنه لا يتسامَحُ ولا يتساهل من له أدنى ورع وصلاح، في القسم الثاني، وربما يتساهل في الأول؟

والطرق إلى العلم واليقين كانت كثيرة، بل بقي منها طرق متعددة، كما عرفت.

وكل ذلك واضح، لولا الشبهة والتقليد؟!.

فكيف إذا نقل جماعة كثيرة، واتفقت شهادتهم على النقل، والثبوت، والصحة؟

وقد وجدت هذا المضمون في بعض تحقيقات الشيخ محمد ابن الشيخ حسن ابن الشهيْد الثاني، بخطه،قدس‌سره .

العاشر:

أنا كثيرا ما نقطع - في حق كثير من الرواة -: أنهم لم يرضوا بالافتراء في رواية الحديث.

والذي لم يعلم ذلك منه، يعلم أنه طريق إلى رواية أصل الثقة الذي نقل الحديث منه، والفائدة في ذكره مجرد التبرك باتصال سلسلة المخاطبة اللسانيّة، ودفع تعيير العامة الشيعة بأن أحاديثهم غير معنعنة، بل منقولة من أصول قدمائهم!.

الحادي عشر:

أن طريقة القدماء موجبة للعلم مأخوذة عن أهل العصمة لأنهم قد أمروا باتباعها، وقرروا العمل بها، فلم ينكروه، وعمل بها الإمامية في مدة تقارب سبعمائة سنة، منها - في زمان ظهور الأئمةعليهم‌السلام - قريب من ثلاثمائة سنة.

واصطلاح الجديد ليس كذلك قطعا، فتعين العمل بطريقة القدماء.

٢٥٨

الثاني عشر:

أن طريقة المتقدمين مباينة لطريقة العامة، والاصطلاح الجديد موافق لاعتقاد العامة، واصطلاحهم، بل هو مأخوذ من كتبهم كما هو ظاهر بالتتبع، وكما يفهم من كلام الشيخ حسن، وغيره.

وقد أمرنا الأئمةعليهم‌السلام باجتناب طريقة العامة.

وقد تقدم بعض ما يدل على ذلك، في القضاء في أحاديث ترجيح الحديثين المختلفين، وغيرها(١) .

الثالث عشر:

أن الاصطلاح الجديد يستلزم تخطئة جميع الطائفة المحقّة، في زمن الأئمة، وفي زمن الغيبة، كما ذكره المحقق، في أصوله، حيث قال:

أفرط قوم في العمل بخبر الواحد.

إلى أن قال: واقتصر بعض عن هذا الإفراط، فقالوا: كل سليم السند يعمل به.

وما علم أن الكاذب قد يصدق، ولم يتفطن أن ذلك طعن في علماء الشيعة، وقدح في المذهب، إذ لا مصنّف إلا وهو يعمل بخبر المجروح، كما يعمل بخبر العدل.

انتهى(٢) .

ونحوه كلام الشيخ وغيره في عدة مواضع.

الرابع عشر:

أنه يستلزم ضعف أكثر الأحاديث، التي قد علم نقلها من الأصول

__________________

(١) تقدم في كتاب القضاء أبواب صفات القاضي الباب (٩).

(٢) المعتبر ( ج ١ ص ٢٩ ).

٢٥٩

المجمع عليها، لأجل ضعف بعض رواتها، أو جهالتهم، أو عدم توثيقهم، فيكون تدوينها عبثا، بل محرّما، وشهادتهم بصحتها زورا وكذبا.

ويلزم بطلان الإجماع، الذي علم دخول المعصوم فيه - أيضاً - كما تقدم.

واللوازم باطلة، وكذا الملزوم.

بل يستلزم ضعف الأحاديث كلها، عند التحقيق، لأن الصحيح - عندهم -: « ما رواه العدل، الإماميّ، الضابط، في جميع الطبقات ».

ولم ينصوا على عدالة أحد من الرواة، إلا نادراً، وإنما نصوا على التوثيق، وهو لايستلزم العدالة، قطعا، بل بينهما عموم من وجه، كما صرح به الشهيد الثاني، وغيره.

ودعوى بعض المتأخرين: أن « الثقة » بمعنى « العدل، الضابط ».

ممنوعة، وهو مطالب بدليلها.

وكيف؟ وهم مصرحون بخلافها، حيث يوثقون من يعتقدون فسقه، وكفره، وفساد مذهبه؟!

وإنما المراد بالثقة: من يوثق بخبره، ويؤمن منه الكذب عادة، والتتبع شاهد به، وقد صرح بذلك جماعة من المتقدمين، والمتأخرين.

ومن معلوم - الذي لاريب فيه، عند منصف -: أن الثقة تجامع الفسق، بل الكفر.

وأصحاب الاصطلاح الجديد قد اشترطوا - في الراوي - العدالة فيلزم من ذلك ضعف جميع أحاديثنا، لعدم العلم بعدالة أحد منهم ؛ إلا نادرا.

ففي إحداث هذا الاصطلاح غفلة، من جهات متعددة، كما ترى.

وكذلك كون الراوي ضعيفا في الحديث لا يستلزم الفسق، بل يجتمع

٢٦٠