وركبت السفينة

وركبت السفينة0%

وركبت السفينة مؤلف:
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 665

وركبت السفينة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: مروان خلفيات
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 665
المشاهدات: 261445
تحميل: 4141

توضيحات:

وركبت السفينة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 665 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 261445 / تحميل: 4141
الحجم الحجم الحجم
وركبت السفينة

وركبت السفينة

مؤلف:
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ولا شك في أن هناك كثيرا مما لم يصل الينا من السنن التي تفرد بها الصحابة الأكثر اتصالا بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كأبي بكر وعمر وعلي وعثمان(١) وابن مسعود، وسلمان الذي كان له مجلسٌ متميز من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

يقول ابن تيمية: " وقد كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحدِّث، أو يفتي أو يقضي، أو يفعل الشئ، فيسمعه أو يراه من يكون حاضرا ويبلغه أولئك - أو بعضهم - لمن يبلغون فينتهي علم ذلك إلى من شاء الله من العلماء من الصحابة والتابعين ومِن بعدهم، ثم في مجلسٍ آخر قد يحدث أو يفتي، أو يقضي، أو يفعل شيئا، ويشهده بعض من كان غائبا عن ذلك المجلس ويبلغونه لمن أمكنهم فيكون عند هؤلاء من العلم ماليس عند هؤلاء، وعند هؤلاء ما ليس عند هؤلاء "(٢) .

وقال ابن سعد في طبقاته: " قال محمد بن عمر الأسلمي: إنما قلت الرواية عن الأكابر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنهم ماتوا قبل أن يحتاج إليهم "!! وقال: " ومنهم من لم يحدث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيئا ولعله أكثر له صحبةً ومجالسة وسماعا من الذي حدّث عنه!! ولكنا حملنا الأمر في ذلك منهم على التوقي في الحديث... وعلى الاشتغال بالعبادة والأسفار في الجهاد في سبيل الله حتى مضوا فلم يحفظ عنهم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شئٌ "(٣) .

تأمل أخي القارئ في هذه الشهادة؟ ألا تعني أنّ هناك صحابةٌ لم يرووا شيئا مع انهم أكثر سَماعاً وصحبةً ممن رووا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟! وأليس هذا اعترافا منه بضياع السنن وإن لم يصرّح بذلك؟!

____________

١ - يقول محمد زهو في الحديث والمحدثون: ص ١٤٧ " الاشتغال بالخلافة والحروب عامةً عاقّ كثيرا من الصحابة عن تحمل الحديث وروايته كما في الخلفاء الأربعة وطلحة والزبير " فزهو يعترف أنّ عند هؤلاء سننا لم تصل إلينا!!

٢ - رفع الملام.

٣ - راجع حجية السنة: ص ١٥٠.

١٦١

أما قوله " حملنا الأمر في ذلك منهم على التوقي في الحديث... وعلى الاشتغال بالعبادة والأسفار... " فهو يعني أنّ الله لم يختر الصحابة لتبليغ دينه لأنه(١) يعلم أنّ السفر والجهاد والاشتغال بالعبادة والتوقّي في الحديث سيمنعهم من الرواية!! وهذا ما لا يقبله المنطق السليم، فالله لا يقبل بهذا لأنَّ إبقاء السنن في صدورهم معناه إضعاف الإسلام وتعطيل مواده!

وهذه الأسباب التي ذكرها، ليست بمانع للرواية عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فالصحابة لم يكونوا منشغلين بالعبادة والأسفار في الجهاد مثل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومع ذلك استطاع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يوصل الإسلام كاملا.

ويعترف رشيد رضا السلفي بضياع السنن حيث قال: " ونحن نجزم بأننا نسينا وأضعنا من حديث نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حظا عظيما!!!! لعدم كتابة علماء الصحابة كل ما سمعوه ولكن ليس منه ما هو بيان للقرآن أو من أمور الدين "(٢) .

لا أدري كيف علم رشيد رضا بأن هذه الأحاديث المنسية الضائعة ليست مما هو بيان للقرآن وأمور الدين وهي مفقودة؟! فإذا كان قد اطلع عليها فهي ليست ضائعة!

فقوله هذا مجرد ظن لا يعول عليه.. ولذلك فنحن نقبل شهادته ولا نقبل تأويله. وقال محمد محي الدين عبد الحميد: " فأما سنة رسول الله فلم تكتب، وليس فيهم - أي الصحابة - من يدعي حفظها جميعها ولا أكثرها، وكل واحد منهم قد فاته من قول الرسول أو فعله الشئ الكثير "(٣) .

وقول محيي الدين بأن كل صحابي قد فاته من سنة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الشئ الكثير، هو اعتراف ضمني بضياع السنن.

ويعترف أبو شهبة صاحب كتاب - دفاع عن السنة - بضياع السنة والأخبار،

____________

١ - ذكر قوله أبو رية في الأضواء: ص ٥٠.

٢ - من تقديمه لكتاب توضيح الأفكار، الصنعاني: ص ١٥.

١٦٢

فبعد ان ذكر أن أكثر الصحابة من الأعراب قال عنهم بأنهم: " حضروا حجة الوداع ثم رجعوا إلى البادية فلم يعلم عنهم خبرٌ وكثير منهم مات في حروب الردّة، وفي الفتوحات في عهد أبي بكر وعمر(١) وفي الطاعون العام كعمواس وغير ذلك، وكل هذا من أسباب خفاء الأسماء وضياع الأخبار!! "(٢) .

فتأمل عبارته " وضياع الأخبار "!! إنها تتضمن المعنى نفسه في قولنا: ضياع السنة، ولكن اللفظ مختلف!!

والآن بعد أن أثبتنا ضياع الكثير من السنة نأتي للسؤال التالي: هل حمل الله الصحابة سنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لينقلوها لمن بعدهم؟!

أرى أنّ الجواب واضحٌ، فلو جعل الله الصحابة نقلة الدين، لكان عالما بتضييع سنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - والعياذ بالله - لأن كثيرا من السنن سواءً كانت تشريعية، أو عقائدية أو أخلاقية قد بقيت في صدور اولئك المائة وعشرة آلاف صحابي، فكيف يمكن التصديق بأنّ الله(٣) قد اختارهم لتبليغ دينه، وهو يعلم بذهاب السنن معهم وضياعها؟!! ولابد من القول أنّ الله قد اختار لتبليغ دينه بعد نبيه أُناسا قد حفظوا السنة ووعوها، لكي تنقل هذه السنة المدوّنة من شخص مختص بها إلى غيره، وهذه أضمن طريقةٍ لبقاء الإسلام.

ألا ترى أنّ الإسلام كان موجودا بوجود الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحيث إذا ذهب تفرقت الأمة؟

أمّا القول: إن الله قد وزع دينه على ١١٤ ألف صحابي ليبلغوه للناس - مع علمه بأنه لن يروى إلاّ عن ١٥٦٥ منهم - فهو افتراءٌ باطل على الله عزوجل شأنه العظيم!

وينبغي - لقارئنا الكريم - أن يعرف: أنّ هذه السنن التي بقيت في صدور الصحابة، فيها المقيد والمخصص والناسخ والمفصل، وهذا مما يجعلنا أمام مشكلة كبرى، فمن يدري، بأننا ربما نمارس بعض الأحكام المقيدة أو المخصصة أو المنسوخة بالسنن التي

____________

١ - الوسيط في علوم مصطلح الحديث: ص ٥١٩.

١٦٣

ضاعت وبقيت في صدور الصحابة؟! مع العلم أنه لا يجوز العمل بالمطلق قبل الفحص عن مقيده ولا العام قبل الفحص عن مخصصه، وكذلك يتوقف العمل بالنص إذا احتمل وجود ناسخ، ولكن كيف يمكننا أن نعرف: أن الأحكام التي وصلتنا غير مقيدة أو مخصصة أو منسوخة، والسنة التي تبين هذه الأمور مفقودة؟!

إنّ في هذا المنهج - منهجُ أهل السنة والجماعة - ضياعا لكثير من الآثار النبويّة والتي لا يستغني عنها المسلم. فلو أن الله جعل هذا المنهج هو المعبِّر عن دينه لما سمح بضياع نصٍّ واحد، ومن هذا نعلم أن الله لم يختره، كما أن الله لم يقبض نبيه محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا بعد أن أكمل الدين وبين كل ما يحتاجه الناس. ولو أن الله جعل الصحابة سفراءه في التبليغ لاستلزم ذلك إبقاءهم أحياء حتى يخرجوا كل ما عندهم من سنة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبذلك تُبرأ ذمتهم أمام الله والأجيال ثم يقبضهم الله إليه.

ولو افترضنا - أيضا - أن الله اختار الصحابة لينقلوا دينه للناس، للزم ذلك عدم موت هذا الجم الغفير منهم والذي يقدَّر ب‍ ١١٤ ألف صحابي في عصر من العصور ويلزم ذلك، إذا سئل أحدهم عن أمرٍ مّا أن يجتمعوا من جميع أقطار الأرض ليتداولوا فيه ويطرحوا ما عندهم من سنن بخصوص المسألة المطروحة، ويبحثوا فيما إذا كان هناك مقيد أو مخصص أو ناسخ في تلك السنن وصولا الى الجواب المطلوب. وإلا لو سئل أحدهم وأجاب حالا فلربما يقع في الخطأ وذلك لاحتمال وجود الناسخ أو المقيد أو المخصص مع صحابي آخر.

لكل هذا نقول: يجب على من يخلف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مهمته أن يكون على علم تامّ بالسنة النبوية وعلومها، وأن يتمَّ تداول هذا العلم بين خلفاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى قيام الساعة. هذا ما يفرضه العقل والشرع.

١٦٤

ضياع السنّة في عهد التابعين

لقد تم فقدان الكثير من السنة في عهد التابعين، إضافة الى مافقد منها في عهد الصحابة. وفي الصفحات التالية نقدم الأدلة التي تؤكد ذلك وبالتفصيل.

أبو قلابة عبد الله بن زيد البصري(١) :

" كتب أحاديث كثيرة، وجمع ثروة علمية لا تقدر، وكان يقول: الكتاب أحب إلي من النسيان ".

وأوصى أبو قلابة بكتبه فقال: " ادفعوا كتبي إلى أيوب إن كان حيا وإلا فاحرقوها(٢) !! فجئ بها عدل راحلة من الشام "(٣) .

إنّ كتب ابن قلابة تعدل راحلة، فهل وصلت إلينا مضامين كتبه؟! أعتقد أنه لم يصل إلينا منها إلا القليل، وفقدها خير دليل على ذلك!

ذكوان أبو صالح السمان:

قال الأعمش " كتبت عن أبي صالح ألف حديث "(٤) وكانت لدى سهيل بن أبي صالح صحيفة عن أبيه، وللأسف، لم يخرج البخاري منها شيئا(٥) ، وإذا كان مسلم قد أخرج منهاماهو مثبت في صحيحه، فإنه لم يستوعبها كلها. فياترى أين نجد الألف حديث التي كتبها الأعمش عن أبي صالح؟ فما وردنا عن الأعمش قليل بالنسبة لألف حديث!

____________

١ - ما سنكتبه هنا قد اعتمدنا فيه على كتاب: دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه للدكتور الأعظمي، بالإضافة إلى ما وجدناه من خلال بحثنا.

٢ - انظروا كيف يفعل أمناء الإسلام بسنن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم !

٣ - الكفاية: ص ٣٥١ - ٣٥٢. تذكرة الحفاظ ١/٩٤، الرامهرمزي: ص ٥١. الأعظمي: ١/١٤٤.

٤ - الأعظمي: ١/١٤٧.

٥ - المصدر السابق. الموضوعات، ابن الجوزي.

١٦٥

الشعبي:

هو من كبار التابعين ورد عنه قوله: " ولقد نسيت من العلم ما لو حفظه أحد لكان به عالما!! "(١) .

إن الشعبي قد نسي من الحديث ما لو حفظه أحدٌ لكان عالما، وأقل عالم في ذلك الزمان كان يحفظ عشرة آلاف حديث، فهذا يعني أنّ الشعبي نسي الآلاف من الأحاديث!!

وزد على ذلك أن ما كان يحفظه الشعبي قد اندرس قسمٌ كبير منه. فلقد كانت للشعبي كتب عدة، منها: كتاب الجراحات، كتاب الصدقات، الفرائض، كتاب في الطلاق وله مجموعة فقهية من الأحاديث(٢) " ولا ندري عن هذه المجموعة الفقهية شيئا "(٣) فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة!!

عبيدة بن عمرو السلماني المرادي:

من فقهاء الكوفة كانت عنده كتب كثيرة، فدعا بها عند موته فمحاها، وقال:

أخشى أن يليها أحدٌ بعدي فيضعوها في غير موضعها(٤) .

هذا تابعيٌّ محا كتبه التي جمع فيها السنة، وهذا محو للسنة!

عروة بن الزبير بن العوام:

من كبار التابعين جمع أحاديث عائشة في حياتها " ويبدو أنه جمع كمية كبيرة من الكتب، وأحرق إما بعضها أو كلها، تحت مؤثرات شتى، وكان يتألم بعد ذلك على ما

____________

١ - تذكرة الحفاظ: ص ٨٤. الأعظمي: ١/١٥٢.

٢ - راجع كتاب الأعظمي: ١/١٥٣. الكفاية: ص ٢٦٤.

٣ - الأعظمي: ١/١٥٣.

٤ - الأعظمي: ١/١٥٦ - ١٥٧. ابن سعد: ٦/٦٣٠. العلل: ١/٤٣. تاريخ بن أبي خيثمة.

١٦٦

فعل "(١) .

روى معمر عن هشام بن عروة، قال: أحرق أبي يوم الحرة كتب فقه كانت له، قال: فكان يقول بعد ذلك: لأن تكون عندي أحب إلي من أن يكون لي مثل أهلي ومالي "(٢) . هكذا تذهب أحكام الإسلام التشريعية. ونحن نتألَّم على ضياع كتب الفقه هذه كعروة، لكن الفرق أنه فقدها بإرادته أما نحن فمن ضحايا التاريخ.

أبو بكر بن حزم الأنصاري:

تابعي فقيه قال مالك عنه: " لم يكن أحد بالمدينة عنده من علم القضاء ما عند أبي بكر بن حزم... وقد أوصاه عمر أن يكتب له ما عند خالته عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية وما عند القاسم بن محمد بن أبي بكر ولم ينقل إلينا شئ عن الذي انجزه أبو بكر ابن حزم، ولعله ضاع فيما ضاع من ثروتنا عبر القرون "(٣) !!

وقد أرسل ابن حزم الأنصاري الى عمر بن عبد العزيز كتبا " ويبدو انه لم يحتفظ بنسخة من كتبه، لأنه عندما سئل ابنه عن مصير تلك الكتب قال: ضاعت "(٤) .

وهكذا تضيع مواد الإسلام، ولا أدري هل جعل الله سنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عرضةً للضياع أم إنه حفظها عند من يقدّر قيمتها؟

____________

١ - الأعظمي: ١/١٥٨.

٢ - المصدر السابق: ص ١٥٨. ابن سعد: ٥/١٣٣. رجال ابن اسحاق: ص ٤١.

الرامهرمزي: ٣٥.

٣ - لمحات في اصول الحديث، محمد أديب صالح: ص ٦٧ - ٦٨ ويعترف الاستاذ محمد أديب صالح بأن هناك ثروة حديثية ضاعت، فتدبر!

٤ - التهذيب: ١٢/٣٩. الأعظمي: ١/١٦٩.

١٦٧

الحسن البصري:

من مشاهير التابعين، وكان عند الحسن كتب(١) لكنه للأسف أحرقها. قال سهل بن حصين بن مسلم الباهلي: " بعثت إلى عبد الله بن الحسن بن أبي الحسن ابعث إلي بكتب أبيك، فبعث إلي: انه لما ثقل، قال: اجمعها لي، فجمعتها له، وما ندري ما يصنع بها، فأتيته بها، فقال للخادم: استجري التنور، ثم أمر بها، فأحرقت غير صحيفة واحدة، فبعث بها إلي... "(٢) .

فليتأمل العقلاء كيف تحرق السنن وتندرس. ومن المؤكد أنّ لدى الحسن سننا كثيرة لم تصل إلينا. قال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس: " اختلفت إلى الحسن عشر سنين، أو شاء الله، فليس من يوم إلا أسمع منه ما لم أسمع من قبل ذلك "(٣) .

لو سمع الربيع من الحسن كل يوم حديثا واحدا على مدار عشر سنين لبلغ ما عند الحسن ٣٦٥٠ حديثا، ولكن لم يصل إلينا عن الحسن ربع هذا الرقم!!!

سفيان بن عيينة:

كتب الحديث وهو ابن خمس عشرة سنة. قال العجلي: " كان حديث ابن عيينة نحوا من سبعة آلاف "(٤) قال يونس بن عبد الأعلى: " كتبت عن سفيان كثيرا ".

هذا سفيان بن عيينة عنده سبعة آلاف حديث وما روي عنه لا يساوي شيئا بالنسبة لهذا الرقم!!!

____________

١ - الأعظمي: ١/١٧٣.

٢ - ابن سعد: ٧/١: ١٢٧.

٣ - مصطلح الحديث، الشهاوي: ص ٢٠١.

٤ - تاريخ بغداد: ٩/١٧٩.

١٦٨

يحيى بن أبي كثير اليماني:

أحد الأئمة الأثبات الثقات المكثرين، رأى أنسا ولم يسمع منه(١) .

قال الأوزاعي: " جالست يحيى بن أبي كثير، وكتبت عنه أربعة عشر كتابا أو ثلاثة عشر، فاحترق كله "!! أي احترقت السنة!!

عبد الملك بن جريج:

حضر في مجلس عطاء سبع عشرة سنة(٢) " ولقد كتب كثيرا جدا من الأحاديث النبوية، كما ألف كتبا عديدة حتى إنه لما قدم على أبي جعفر، قال له: جمعت حديث ابن عباس ما لم يجمعه أحد "(٣) .

" أما عن عدد مؤلفاته ونوعيتها وأسمائها فلا نعلم عنها شيئا بالتفصيل... ويذكر ابن النديم أن له من الكتب(٤) :

١ - كتاب السنن.

٢ - كتاب الحج أو كتاب المناسك.

٣ - كتابا في التفسير.

٤ - كتاب الجامع.

وقد فقدت هذه الكتب التي تحمل سنة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ! وصرح الأعظمي أنّ ابن جريج كتب أحاديثا كثيرة جدا مع أنّ الذي وصل إلينا عنه قليلٌ قياسا لما ورد من حفظه للحديث وجمعه لحديث ابن عباس بما يعدل حمل بعير!!

____________

١ - الأعظمي: ١/٣٢١. هدي الساري، ابن حجر: ٢/٢٢٣.

٢ - تاريخ بغداد: ١٠/٤٠١ - ٤٠٢.

٣ - الأعظمي: ١/٢٨٦. تاريخ بغداد: ١٠/٤٠٠.

٤ - الفهرست: ص ٢٦٦.

١٦٩

كثير بن مرة الحضري:

ذكر الدكتور محمد عجاج الخطيب أنّ عبد العزيز والد عمر بن عبد العزيز كتب إلى كثير بن مرة الحضري عالم حمص وكان قد أدرك بحمص سبعين بدريا من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتب له أن يكتب إليه ما سمع من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ...

قال عجاج: " إلا أن المصادر لم تخبرنا عن امتثال كثير بن مرة للأمير. فنقف أمام هذا الخبر التاريخي متسائلين: ترى هل كتب كثير للأمير ما طلب منه من حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ وإذا كتب إليه فما مقدار ما كتبه، وعن أي الصحابة كتب إليه؟ ثم إلى مَن آلت تلك الصحف أو الدفاتر المدوَّنة؟ كل هذه أسئلة تعرض أمامنا، وتحتاج إلى بحث وتنقيب، وريثما يكشف لنا التاريخ عن خبايا تراثنا العظيم!! نجيب عن هذه الأسئلة على ضوء ما لدينا من أخبار قليلة.

إن ما نعرفه من عناية هؤلاء بالحديث يرجح عندنا أن يستجيب كثير بن مرة لطلب الأمير ولو ظن الأمير عبد العزيز امتناع عالم حمص عن إجابته ما كتب إليه، مما يرجح عندي أنّ كثيرا تلقى رسالة الأمير وأجابه إلى طلبه، لما عرف عن كثير من نشاط علمي عظيم... "(١) .

ولكن ما هو مصير هذا النشاط العلمي العظيم وما كتبه للأمير؟!

عبد الرحمن الأوزاعي:

من أئمة المذاهب الفقهية، ألف كتبا عديدة " ولم يبق منها شئ إلا الاقتباسات في الكتب "(٢) .

وقد كتب الأوزاعي عن المحدث يحيى بن أبي كثير أربعة عشر كتابا أو ثلاثة عشر

____________

١ - السنة قبل التدوين: ص ٣٧٤.

٢ - الأعظمي: ١/٢٧٨.

١٧٠

فاحترقت كلها(١) !! و " أجاب الأوزاعي في سبعين ألف مسألة " وفي رواية أنه أفتى في ثمانين ألف مسألة. وقال أبو زرعة أنه " روي عنه ستون ألف مسألة "(٢) .

" وكان يعتمد في فتاويه على ما لديه من أخبار وآثار " " قال الهقل بن زياد:

وسئل الأوزاعي يوما عن مسألة فقال: ليس عندي فيها خبر، إن التي أفتيتها كلها كان عندي أخبارها "(٣) !!

وقد تتبع عبد الله الجبّوري ما روي عن الأوزاعي فوجد له في البخاري ٤٠ حديثا ومسلم ٥١ وابن ماجة ٧٣ والنسائي ٥٠ وأبي داود ٤٠ والترمذي ٤٠. فيكون مجموع ماجاءنا عن الأوزاعي - بعد غض النظر عن المكرر - ٢٩٤ حديثا!!

إنّ الأوزاعي لا يفتي إلا بخبر مروي كما مر، وقد أجاب في ثمانين ألف مسألة، وروي له في كتب السنن ٢٩٤ حديثا فهذا يعني أننا فقدنا عشرات الآلاف من الأخبار التي كانت عند الأوزاعي!! وضع علامات تعجب ولا حرج!!

فماذا سيقول المعاندون عن هذه الرزية؟ وهل تبقى لأحدٍ عين يرفعها في وجه الحقيقة؟ فالرواية ثابتة على أن الأوزاعي أجاب في ثمانين ألف مسألة والأوزاعي نفسه يقول: " التي أفتيتها كان عندي أخبارها "، فهل يبقى جواب إلا التسليم لهذه الحقيقة؟!

وهناك عدة كتب للأوزاعي مفقودةٌ، يقول الجبّوري: " منها: ماوقع للأوزاعي من العوالي... أما كتابه الأول - أي العوالي - فيبدو أنه في الحديث كما يظهر من اسمه "(٤) ولكن أين هو؟!!

____________

١ - انظر الإمام الأوزاعي، عبد الله الجبوري عن سير أعلام النبلاء وتهذيب التهذيب.

٢ - المصدر السابق: ص ٤٢ - ٤٣، عن تذكرة الحفاظ: ١/١٧٩. تهذيب التهذيب: ٢/٢٤٠ و ٢٤٢.

والبداية والنهاية: ١٠/١١٦.

٣ - المصدر السابق: ص ٤٣ عن ابن عساكر ج ١٠، وكتب صدقة بن عبد الله السمين عن الأوزاعي ألفا وخمسمائة حديث " الميزان ٢/٣١٠ - ٣١١.

٤ - الإمام الأوزاعي: ص ٨٢ - ٨٣.

١٧١

خاتمة المطاف في أحاديث التابعين:

أولا لابد من التنويه الى أننا أخذنا قسما من شخصيات التابعين، ولو طاوعنا القلم لأتينا على مجلد كبير. ولكن السؤال هنا: من هو المسؤول عن ضياع هذه الكتب والسنن؟!

أعتقد أنّ الجواب يكون في أحد أمرين: إما أنّ الله هو المسؤول إذ جعل سنته عند هؤلاء بين الحرق والمحو والضياع، وحاشا لله من هذا القول الباطل، وإما أن نقول أنّ الله لم يخترهم وهو الصحيح وإلا لاتهمنا الله بالظلم والتفريط في سنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . إنَّ فعل التابعين من حرق السنن(١) ومحوها هو دليلٌ على أنهم لم يكونوا يرون أنفسهم أوصياء على الدين.

لقد كان الله يعلم أنه لو ترك السنة بيد التابعين فانها ستذهب بين الحرق والمحو والاندراس لذلك نحن نقول: إنَّ الله قد جعل السنة بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند شخصٍ يخلفه وهو يقوم ببيان الدين وإذا مات أعطى السنة المدونة لمن بعده، وهكذا حتى قيام الساعة، وهي أضمن طريقة لحفظ السنة بدلا من أن تترك بين الحرق والمحو...

ضياع السنة بعد التابعين

إنّ السنة التي تعرضت للحرق والمحو والاندراس في عهد الصحابة والتابعين، كذا كان حظها في عهد المحدثين. وفي هذه الصفحات سيقف المرء مذهولا أمام عدد الأحاديث التي فقدت في هذا العهد.

____________

١ - قال الدكتور عجاج الخطيب في اصول الحديث: ص ٢٠٤: " ومن الجدير بالذكر أنه كان لعبدالله بن لهيعة (١٧٤ هـ‍) محدِّث الديار المصرية كتب كثيرة، احترقت!!! سنة " ١٦٩ هـ‍ " وكانت كتبه صحيحة " عن تذكرة الحفاظ: ١/٢٢٠ ومع أنّ ابن لهيعة والأوزاعي ليسا من التابعين لكنني رأيت أنه لا بأس من أن أجعلهما في هذا البحث.

١٧٢

في البدء يحسن بنا أن نعرف عدد الأحاديث الصحيحة الموجودة في كتب السنن، ثم نتابع بحثنا. روى البخاري في صحيحه ٤٠٠٠ حديث دون المكرر. وروى مسلم نفس العدد. واتفق الشيخان على ألفي حديث ومائتين، فيصبح مجموع الصحيحين ٥٨٠٠ حديثا(١) . وروى ابن ماجة ٤٣٤١ حديثا. أخرج أصحاب الصحاح الخمسة من أحاديث ابن ماجة ٣٠٠٢ " ثلاثة آلاف حديث وحديثين " فيبقى ما انفرد به ١٣٣٩ حديثا، وروى أبو داود ٤٠٠٠ حديث. وروى مالك في موطئه ٧٠٠ حديث، وفي مسند أحمد ٣٠ ألف حديث. وهناك صحيح ابن خزيمة لكن أكثره عدم! وأضف لهذه الكتب سنن الترمذي والنسائي ومستدرك الحاكم... واحذف غير الصحيح والمكرر فتبلغ الأحاديث الصحيحة قرابة أربعين ألف حديث.

ولكن ماذا يساوي هذا الرقم الذي وصل إلينا من الأحاديث أمام ما كان يحفظه منها المحدثون؟

كان البخاري يحفظ مائة الف حديث صحيح خرج منها في صحيحه ٨٠٠٠ حديث بالمكرر. وردَ عنه قوله: " أحفظُ مائة ألف حديث صحيح "، " وما تركت من الصحاح أكثر "(٢) .

إذا كان عند البخاري مائة ألف حديث صحيح ولم يخرج منها إلاّ ٨٠٠٠ حديث، فهذا يعني أننا خسرنا ٩٢ ألف حديث صحيح!!! وهو رقم يفوق رقم عدد الأحاديث الصحيحة الموجودة الآن بكثير: ولو قلنا إنَّ البخاري يحفظ أربعين ألف حديث صحيح وهي الموجودة في كتب السنن فيبقى الاشكال قائما ومعناه أننا خسرنا ٥٢ ألف حديث صحيح كان يحفظها البخاري.

أما أبو زرعة الرازي فقال فيه الحافظ أبو بكر محمد بن عمر الرازي: " لم يكن في

____________

١ - الحديث والمحدثون، محمد زهو: ص ٤٥٣.

٢ - كل الكتب التي تحدثت عن البخاري.

١٧٣

هذه الأمة أحفظ من أبي زرعة، وكان يحفظ سبعمائة ألف حديث، وكان يحفظ مائة وأربعين ألفا في التفسير والقراءات "(١) .

وقال الحافظ يحيى بن منده: " وبلغني بإسناد هو لي مسموع أنَّ أبا زرعة قال: أنا أحفظ ستمائة ألف حديث صحيح، وأربعة عشر ألف إسنادٍ في التفسير والقراءات... "(٢) .

إنَّ عدد الأحاديث الصحيحة عند المحدثين سبعمائة ألف حديث وهو الرقم الذي كان يحفظه أبو زرعة ويؤيده ما صح عن أحمد بن حنبل أنه قال: " صح من الحديث سبعمائة ألف وكسر "(٣) .

فأين ذهبت هذه السبعمائة ألف حديث التي حفظها أبو زرعة وأشار لها أحمد بن حنبل؟!!

إنَّ الموجود الآن كما قلنا أربعون ألف حديث صحيح. وهذا يعني أننا خسرنا قرابة ٦٠٠ ألف حديث صحيح!!!. حقيقة: يطول وقوف الباحثين حيارى عندها. أين ذهبت هذه الآلاف المؤلفة من الأنوار النبوية؟

إنّ لدى المحدثين ٧٠٠ ألف حديث صحيح والموجود الآن أربعون ألفا! ألا يعني هذا أنّ أكثر من ثلثي السنة قد اندرس؟! فهل سنقر بهذه الحقيقة التي تنطق بها النصوص؟(٤)

____________

١ - راجع " أبو زرعة الرازي "، الدكتور سعدي الهاشمي: ١/٢٠٧ عن تهذيب الكمال.

٢ - المصدر السابق، وراجع تاريخ ابن كثير: ١١/٣٧.

٣ - تدريب الراوي: ١/٥٠. تهذيب التهذيب: ٧/٣٠.

٤ - إنّ كل محدث كان يحفظ الآلاف من الأحاديث، فقد كان عند مسلم صاحب الصحيح ثلاثمائة الف حديث مسموعة. طبقات الحفاظ: ٢/١٥١. وكتب أحمد بن الفرات ألف ألف وخمسمائة ألف حديث.

خلاصة التهذيب: ص ٩. وكان إسحاق بن راهويه يحفظ أكثر من مئة ألف حديث. الحديث والمحدثون: ص ٣٥١. وقال يحيى بن معين: " كتبت بيدي ألف ألف حديث " تدريب الراوي: ص ٥٠.

وغيرهم الكثير.

١٧٤

وقد يعاند البعض ويقول إنَّ عدد الأحاديث الصحيحة الموجودة الآن أكثر من أربعين ألف.

فلنفترض أنها أكثر، ولتكن خمسين(١) أو ستين ألفا فماذا يغير هذا من القضية، إنّ النتيجة ستبقى كما هي، وهي ضياع القسم الأكبر من السنة.

وقد أقر أبو زرعة الرازي بأنّ حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يُحصى، فقد سئل: أليس يقال إن حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أربعة آلاف حديث؟ فقال: " ومن قال ذا؟! " قلقل الله أنيابه!! " هذا قول الزنادقة، ومن يحصي حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ "(٢) .

تسعة وثلاثون موطأ مفقود!!!

فيما سبق كنا نتحدث عما وسعته صدور المحدثين، وهم فضلا عما حملوا من الحديث فقد دوَّنوه في كتبهم، فممن دوَّن الحديث في كتب خاصة: الأوزاعي، والثوري، وحماد بن سلمه، ومعمر بن راشد، والربيع بن صبيح، وهشيم بن شبير السلمي الواسطي، وجرير بن عبد الحميد، وعبد الله بن مبارك، ومالك بن أنس، وفضلا عن هؤلاء فقد " تلاهم كثيرون من أهل عصرهم في النَسج على منوالهم، ومن ثَمَّ نجد أنه ما في مصرٍ من الأمصار الإسلامية إلا وقد جُمع الأحاديث فيه إمام أو أئمة... والأثر الباقي من كتب هذا القرن - الثاني الهجري - هو الموطأ "(٣) .

لقد ذكر أبو شهبة عشرة أسماء ممن دونوا الحديث وقال: تلاهم كثيرون في النسج على منوالهم. وذكر الدكتور نور الدين عتر: إنّ عدد الموطآت في هذا العهد أربعون موطأ(٤) ولكن الأثر الباقي كما يقول أبو شهبة هو موطأ مالك!!

____________

١ - ذهب السيوطي إلى أن الأحاديث الصحيحة وغير الصحيحة لاتبلغ - دون تكرار - خمسين ألفا!، تدريب الراوي: ١/١٠٠.

٢ - الإصابة: ١/٣. توضيح الأفكار، الصنعاني: ص ٤٣.

٣ - راجع الوسيط في علوم الحديث: ص ٦٧.

٤ - راجع كتابه: في علوم الحديث: ص ٥٩.

١٧٥

أين ذهبت كتب الحديث هذه؟ وكم تحوي من الحديث يا ترى؟! هذا بشير بن هشيم الواسطي وهو ممن كتب في هذا القرن كان يحفظ عشرين ألف حديث(١) .

ولا نريد أن نقيس حفظ الآخرين على حفظه، ولكن لنأخذ موطأ مالك الأثر شالباقي من الأربعين! هذا الأثر يحوي ٧٠٠ حديث. ولو افترضنا أنّ كل موطأ من هذه الموطآت يحوي ٧٠٠ حديث لبلغ عدد الأحاديث الضائعة ثمانية وعشرين ألف حديث!!

مع أن هناك موطآت أكبر من موطأ مالك كموطأ ابن أبي ذئب(٢) .

عشرات المسانيد مفقودة!!!

المسند: هو عبارة عن كتاب حديث، يرتب صاحبه الأحاديث فيه حسب رواتها وإن اختلفت موضوعاتها، وإذا أردنا أن نكون دقيقين في التعريف فإن المسند هو " الجزء الذي تجمع فيه أحاديث رجل معين، كمسند أبي بكر الصديق، ومسند عمر بن عبد العزيز "(٣) .

لقد درج العلماء على كتابة الحديث بهذه الطريقة، ولكن أكثر مسانيدهم قد فقدت، أو لم تتم... والمذكور منها:

١ - مسند ابن صبيح.

قال عز الدين التنوخي: " ومن المؤسف أنا لا ندري شيئا عن مصير مسند ابن صبيح "(٤) .

____________

١ - تدريب الراوي: ص ٥٢.

٢ - تدريب الراوي: ٤٠ - ٤١.

٣ - الرسالة المستطرفة: ص ٤٦.

٤ - من كتاب الجزء الأول من شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع الفراهيدي، تأليف الشيخ عبد الله بن حميد السالمي.

١٧٦

٢ - مسند ابن أبي عمر: محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني " ت/٢٤٣ هـ‍ "(١) .

٣ - مسند أحمد بن حازم بن محمد بن أبي غرزة: أبي عمرو الغفاري " ت/٢٧٦ ه‍ "، قال الذهبي في السير ١٣/٢٣٩: له مسند كبير وقع لنا منه جزء!!

٤ - مسند أحمد بن سنان: أبو جعفر الواسطي القطان " ت/٢٥٦ هـ‍ "، انظر السير ١٢/٢٤٤.

٥ - مسند أحمد بن منيع بن عبد الرحمن: أبي جعفر البغوي " ت/٢٤٤ هـ‍ ".

٦ - مسند بقي بن مخلد " ت/٢٧٩ هـ‍ ": انظر السير ١٢/٢٩١، ومعجم الأدباء ٧/٦٧.

٧ - مسند شعبة: آدم بن اياس " ت/٢٢٠ هـ‍ ".

٨ - مسند الصحابة للبغوي: أبو القاسم عبد الله بن محمد " ت/٣١٧ هـ‍ ".

٩ - مسند الصحابة الذين نزلوا مصر: محمد الربيع الجيزي.

١٠ - مسند عبد الله بن دينار: أبو نعيم الأصبهاني " ت/٤٣٠ هـ‍ ".

١١ - مسند علي بن عبد العزيز البغوي " ت/٢٨٦ هـ‍ ": انظر السير ١٣/٣٤٨.

١٢ - مسند علي: مطين أبو جعفر محمد بن عبد الله " ت ٢٩٧ هـ‍ "، انظر السير ١٤/٤٢.

١٣ - مسند عمر للإسماعيلي: أبو بكر أحمد بن إبراهيم الجرجاني " ت/٣٧١ هـ‍ "، في مجلدين، انظر السير ١٦/٢٩٣.

١٤ - مسند عمر النجار.

١٥ - مسند الفريابي: أبو بكر جعفر بن محمد بن الحسن " ت/٣٠١ هـ‍ ".

١٦ - مسند قيس بن الربيع.

١٧ - مسند مالك لابن عدي: أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني " ت/٣٦٥ هـ‍ ".

____________

١ - الرسالة المستطرفة: ص ٤٧.

١٧٧

١٨ - مسند مالك للنسائي " ت/٣٠٣ هـ‍ ": انظر السير ٨/٨٥.

١٩ - مسند محمد بن سنجر الجرجاني " ت/٢٥٨ هـ‍ ". انظر السير ١٢/٤٨٦.

٢٠ - مسند المروزي: محمد بن نصر " ت/٢٩٤ هـ‍ ".

٢١ - مسند مسدد بن مسرهد الأسدي " ت/٢٢٨ هـ‍ ".

٢٢ - مسند النسائي " ت/٣٠٣ هـ‍ ".

٢٣ - مسند يحيى بن عبد الحميد الحماني " ت/٢٢٨ هـ‍ ": انظر السير ١٠/٥٢٧.

٢٤ - مسند يعقوب بن سفيان.

٢٥ - مسند يعقوب بن شيبة " ت/٢٦٢ هـ‍ " فقد معظمه ولم يبق إلا الجزء العاشر منه!!

٢٦ - مسند الأوزاعي.

٢٧ - مسند أبي زرعة الرازي " ت/٢٦٤ هـ‍ ".

٢٨ - مسند أبي علي الحسن بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن عيسى بن ماسر جس الماسرجسي " وقد قيل إنه لم يصنف في الإسلام مسند أكبر منه "(١) .

٢٩ - مسند أبي العباس محمد ابن اسحاق السراج " ولم يوجد منه إلا الطهارة "(٢) .

٣٠ - مسند أبي نعيم بن حماد الخزاعي " ت/٢٢٨ هـ‍ ".

٣١ - مسند عبيدالله بن موسى العبسي " ت/٢١٣ هـ‍ ".

٣٢ - مسند أبي يعقوب اسحاق بن بهلول التنوخي " ت/٢٥٢ هـ‍ " " وهو مسند كبير "(٣) .

____________

١ - الرسالة المستطرفة: ص ٥٥.

٢ - الرسالة المستطرفة: ص ٥٦.

٣ - المصدر السابق: ص ٤٧.

١٧٨

٣٣ - مسند الحافظ أبي بكر الإسماعيلي، وهو مسند كبير جدا في نحو مائة مجلد(١) .

٣٤ - مسند أبي بكر بن أبي عاصم، وهو مسند كبير يحتوي على مايقارب الخمسين ألف حديث.

٣٥ - مسند أبي يوسف يعقوب بن شيبة بن الصلت السدوسي " ت/٢٦٢ هـ‍ " قال الذهبي: وهو صاحب المسند الكبير الذي ما صنف أحسن منه ولكنه ما اتمه!!

٣٦ - مسند أبي اسحاق ابراهيم بن معقل بن الحجاج النسفي " ت/٢٩٥ هـ‍ " وهو مسند كبير.

٣٧ - مسند أبي العباس الوليد بن توبة الأصبهاني " ت/٣١٠ هـ‍ " وهو مسند كبير.

٣٨ - ثلاثة مسانيد لأبي العباس الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز البالوزي " ت/٣٠٣ هـ‍ ":!!

٣٩ - مسند أبي يحيى عبد الرحمن بن محمد الرازي " ت/٣٠١ هـ‍ ".

٤٠ - مسند أبي إسحاق إبراهيم بن يوسف الرازي " ت/٣٠١ هـ‍ ".

٤١ - مسند أبي محمد عبد الله بن محمد بن ناجية البربري " ت/٣٠١ هـ‍ ".

٤٢ - مسند دعلج بن أحمد بن محمد السجزي " ت/٣٥١ هـ‍ ".

٤٣ - مسند أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم التميمي الحفظي " ت/٣٣٧ هـ‍ ".

٤٤ - مسند أبي الحسن علي بن حمشاه النيسابوري " ت/٣٣٨ هـ‍ ".

٤٥ - مسند أبي الحسين أحمد بن عبيد بن إسماعيل البصري الصفار.

٤٦ - مسند محب الدين أبي عبد الله النجار البغدادي.

٤٧ - مسند أبي حفص عمر بن أحمد البغدادي المعروف بابن شاهين.

٤٨ - مسند أبي الحسن علي بن الحسين الذهلي.

____________

١ - المصدر السابق.

١٧٩

٤٩ - مسند أبي إسحاق إبراهيم بن سعيد الجوهري ت/٢٤٩ هـ‍.

٥٠ - مسند أبي عبد الله محمد بن يوسف الصبي الفرياني.

هذه خمسون مسندا مفقودة وهناك غيرها الكثير. وذكر الكتاني في الرسالة المستطرفة، اثنين وثمانين مسندا، وقال: " والمسانيد كثيرة سوى ما ذكرناه "(١) !!

وقال الدكتور محمود الطحّان: " المسانيد التي صنفها الأئمة المحدثون كثيرةٌ ربما تبلغ مائة مسند أو تزيد "(٢) .

هل هناك ماهو أعظم من هذه الخسارة؟! لقد فقدنا أكثر من ثمانين مسندا وهذه حقيقة لا يستطيع إنكارها أحدٌ.

إنَّ لأحمد بن حنبل مسنداً كهذه المسانيد، وفيه ثلاثون ألف حديث؟!!

وليس من المنطق السليم أن يقال إنَّ هذه المسانيد والموطآت قد وجدت مضامينها في كتب الصحاح الستة، إذ لا دليل على ذلك، فإذا نظرنا إلى كتب السنن سنجد أنَّ كل كتاب منها يحوي من الأحاديث ما لا يحويه غيره وبأعداد كبيرة.

ويعترف شيخ الإسلام السيوطي أنَّ هناك كتب حديث اخرى لم تصل إلينا.

فحين تعرَّض لحديث: (اختلاف أمتي رحمة) قال: " ولعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا "(٣) .

فكلام السيوطي هنا يدل على أنَّ هناك كتب سنن للحفاظ لم تصل إلينا.

ولرشيد رضا شهادةٌ في ضياع بعض كتب الحديث، فقد قال في تقديمه لكتاب الاعتصام للشاطبي: " وقد تركت تصحيح بعض الأحاديث والآثار التي أحفظها من

____________

١ - ص ٥٥، وراجع هذه المسانيد المذكورة وغيرها في الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة، محمد بن جعفر الكتاني: ص ٤٧ - ٥٥، وراجع مقدمة فواز أحمد زمرلي على مسند فاطمة الزهراءعليها‌السلام للسيوطي.

٢ - اصول التخريج ودراسة الأسانيد: ص ٤٠.

٣ - انظر ضعيف الجامع الصغير وزياداته، الألباني ١/١١١.

١٨٠