بنور فاطمة (ع)

بنور فاطمة (ع)14%

بنور فاطمة (ع) مؤلف:
تصنيف: السيدة الزهراء سلام الله عليها
الصفحات: 276

بنور فاطمة (ع)
  • البداية
  • السابق
  • 276 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 92711 / تحميل: 7033
الحجم الحجم الحجم
بنور فاطمة (ع)

بنور فاطمة (ع)

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

ابن زياد ما يزال جاثما على صدر الأمة باسم جديد وشريح القاضي ما زال يفتي بلسان حديث : بكفر ونجاسة شيعة أبي عبد الله الحسين (ع) وطهارة اليهود ووجوب الصلح معهم(١) ، بل هم أفضل من شيعة الحسين (ع) ، وما يزال التضليل والكبت كما فعل قاتلوا الحسين (ع) عندما جاءوا بالسبايا وتساءل الناس من هؤلاء فقالوا أنهم سبايا من الديلم فشمت الناس بهم ووصل الأمر ببعضهم أن فكر في امتلاك إحدى السبايا كجارية وهن ربيبات بيت الوحي الذي حرمت على أهله الصدقة وأمر الله بمودتهم ، قال تعالى :( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) .

ولكن ما زالت خطبة زينب بنت علي (ع) تدوي في أسماع الشيعة وهي تخاطب يزيد الذي أدخل إليه رأس الحسين وهو متخذ مجلسا للشراب ووضع الرأس بين يديه فراح ثنايا الحسين بمخصرته وهو ينشد :

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل

لست من خندف إن لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل

خطبت عقيلة الهاشميين زينب بلسان يفرغ عن أبيها علي (ع) خطبة طويلة نختار منها هذا المقطع الذي جعل المجالس تعقد للحسين في أوساط شيعته إلى يومنا هذا وإلى ما شاء الله قالت فيما قالت مخاطبة يزيد « فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تميت وحينا ولا تمحو ذكرنا ولا يرحض عنك عارها ، وهل رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد ، وجمعك إلا بدد ، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين ».

رغم توارثنا لعادات بني أمية وقبولنا لها مثل الاحتفال بيوم عاشوراء الذي

ــــــــــــــــ

(١) ـ فتوى بعض العلماء حول التطبيع مع اليهود مثل ابن باز.

٢٢١

قتل فيه ابن بنت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله نعيب على الشيعة إقامتها لمجالس العزاء الحسينية ، ولا دليل لدينا سوى ادعاء عمر بن الخطاب لحرمة البكاء وهو القائل « كل الناس أفقه منك يا عمر ». لقد بكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لقتل الحسين في يوم ولادته ، كما بكته السماء بل حتى الجمادات كما جاء في كتب التاريخ ، وبكاء النساء لمقتل حمزة أيضا وتشجيع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لهن وإعانتهن حينما قال : على مثل حمزة فلتبك البواكي ، ولقد أقام عليه أهل المدينة مآتم العزاء فلم نر مستنكرا لذلك فيما وصل إلينا.

والمحاولات التي يبثها المغرضون اليوم حول البكاء على الحسين ما هي إلا إحدى المحاولات لإسكات صوت الحق وإطفاء نور الله ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ، ولو لم يفعل الشيعة ذلك لإحياء ذكرى كربلاء لحاولوا طمسها كما فعلوا بحادثة الغدير ولقالوا لنا اليوم أن الذي قتل لم يكن الحسين بن علي (ع).

ويكفي فخرا لمجالس الحسين أنها ما فتئت تؤرق مضاجع الطغاة وتلهب في النفوس المؤمنة روح الجهاد ويكفي قراءة خطبة واحدة من خطب الحسين (ع) ليسري مفعولها السحري في الأرواح المؤمنة.

لن أستطيع في هذه الوجيزة أن أستعرض كافة جوانب كربلاء ولكن يجب على الأمة ألا تغلق على نفسها مثل هذه الكنوز التي لا يعرفها إلا من هداه الله.

السجود على التربة الحسينية :

هنالك مسألة مرتبطة بهذا البحث ، كثير من الناس استشكل فيها على الشيعة ، ومن خلال تجربتي الشخصية لم أجد عند أحد دليلا شرعيا يؤيد إشكاله

٢٢٢

اللهم إلا ما يتناقله ببغاوات الوهابية فيما يرتبط بالتوحيد والشرك الذي هم أبعد الناس فهما له ، والمسألة هي السجود على التربة الحسينية قال لي بعضهم « الشيعة يا أخي يعبدون الحجر ويصلون له » وكثيرا ما سمعت هذه الجملة لذا وجب علي توضيح الأمر حتى لا نصبح كالهمج الرعاع أتباع كل ناعق نميل مع كل ريح.

أولاً : إن للسجود صيغتين :.

أ ـ السجود للشئ.

ب ـ السجود على الشئ.

أما الأول فهو حالة من حالات الشرك بلا خلاف ، والشيعة تحرم ذلك البتة لأنه سجود لغير الله وهذا لا يحتاج مني إلى كبير عناء فلتراجع فتاوى علماء الشيعة في ذلك.

أما الثانية فالكل يسجد على شيء ، والسجود لا يتحقق في الأساس إلا على شيء.

والشيعة يسجدون على التربة وليس للتربة ، ويكون السؤال لماذا التربة الحسينية بالخصوص؟ وهذا السؤال سنجيب عليه في نقطتين : الأولى فيما يختص بالتربة كما هي والثانية بخصوص التربة الحسينية.

* النقطة الأولى :

إن علماء مدرسة أهل البيت (ع) ومن أقوال أئمتهم يوجبون أن يكون موضع الجبهة في الصلاة من الأرض أو ما أنبتته الأرض مما لا يؤكل ولا يلبس في الغالب.

أما فقهاء أهل السنة الأربعة فإنهم يجوزون السجود على كلشيء بما في

٢٢٣

ذلك الأرض.

وعلماء الشيعة لهم ما يؤيد قولهم من مصادر أهل السنة نذكر منها : ـ

١ ـ حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

« جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا » (بخاري ج ١ / ١٠٩).

٢ ـ وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

« جعلت لي الأرض كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا » (بخاري ج ١ / ٣٧١ ، مسلم ١ / ٣٧١).

٣ ـ وعن أبي سعيد الخدري في حديث جاء فيه :

« وكان سقف المسجد من جريد النخل وما نرى في السماء شيئا فجاءت قزعة فأمطرنا فصلى بنا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى رأيت الطين والماء على جبهته وأرنبتهصلى‌الله‌عليه‌وآله » (بخاري ج ٢ / ٣٨٦).

وكثير من الأحاديث التي تؤكد على مسألة السجود على التربة.

* النقطة الثانية : لماذا السجود على التربة الحسينية.

أولاً : السجود على التربة الحسينية يمثل حالة من حالات السجود على الأرض وإجماع المسلمين على صحة السجود على الأرض وترابها قائم فلا يوجد مبرر لاستثناء تربة الحسين (ع).

ثانياً : إن أئمة أهل البيت (ع) كانوا يؤكدون على مسألة السجود على التربة الحسينية والإمام علي بن الحسين (ع) أول من سجد عليها وكل أئمة أهل البيت (ع) كان يسجدون عليها ويؤكدون على استحباب السجود عليها كما جاء عن الإمام الصادق (ع) « إن السجود على تربة أبي عبد الله الحسين يخرق الحجب السبع ».

٢٢٤

وتربة الحسين عبارة عن تراب من كربلاء يخلط بالماء ويصب في قوالب ثم يجفف ويوضع في موضع الجبهة للسجود عليه.

ثالثا : هنالك دلالات كبيرة في السجود على تربة سيد الشهداء (ع) لا تخفى على الألمعي منها(١) : ـ

١ ـ الدلالة العقائدية :

عمر بن سعد غداة يوم عاشوراء صلى بجيشه صلاة الصبح جماعة ثم قتل الصلاة في ظهيرة نفس اليوم بقتله سيد الشهداء ، ونحن بصلاتنا على تربة الحسين نعلن أننا لا نصلي صلاة ميتة مثل صلاة عمر بن سعد وأميره يزيد وأبيه ومن ولاه ، لا نحن نصلي صلاة الحسين وأبيه وجده وهذا ما يكرس مفهوم الولاء لأهل البيت (ع) عند شيعتهم ولهذا ركز الأئمة (ع) على التذكير بتربة الحسين (ع) التي يعني السجود عليها تمام التسليم والخضوع لله بانتهاج نهج أوليائه.

٢ ـ الدلالة التاريخية :

حاول البعض طمس معالم يوم الغدير الذي بويع فيه لعلي (ع) بالخلافة ، وعاشوراء كانت في عهد بني أمية وما أدراك ما بنو أمية ، والتربة الحسينية وثيقة تاريخية حية تحمل شواهد الجريمة التي نفذها الحكم الأموي يوم العاشر من محرم ، وإذا كانت الأجهزة الظالمة عبر التاريخ قد مارست أساليب المصادرة لقضية كربلاء ، وما زال امتدادهم إلى يومنا هذا ، فإن الأئمة من أهل البيت (ع) رسخوا في وعي الأمة وفي وجدان الأجيال حالة التعاطي والارتباط بقضية الحسين (ع) من خلال الإحياء والرثاء والبكاء والزيارة وفي هذا المسار تأتي مسألة التأكيد على التربة الحسينية.

ــــــــــــــــ

(١) ـ التشيع ـ السيد عبد الله الغريفي.

٢٢٥

٣ ـ الدلالة الجهادية :

التربة الحسينية إحدى صيغ التجذير للوهج الثوري والجهادي في حس الجماهير المسلمة ، وهذا ما تحتاج إليه كل الأمة الإسلامية ، خاصة ونحن نعيش فترة يواجه فيها المد الإسلامي بكل أنواع الحروب ، والتعامل مع هذه التربة ليس تعاملا مع كتلة ترابية جامدة وإنما هو تعامل مع مزيج متحرك من مفاهيم الثورة وقيم الجهاد ومضامين الشهادة ، فمع كل ذرة من ذرات هذه التربة صرخة جهادية ونداء ثوري ومفهوم استشهادي لا يقوى الزمن بكل امتداداته ولا تقوى الأجهزة المتسلطة بكل إمكاناتها أن تجمد تلك الدلالات فالتربة الحسينية عقيدة وجهاد وثورة وحركة واستشهاد.

٢٢٦

الفصل الثامن

في دائرة النور

( الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسه نار ، نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شئ عليم )

(سورة النور : آية / ٣٥)

٢٢٧

٢٢٨

من ركام الباطل إلى النور

من وسط ركام الباطل المظلم أسرعت إلى حيث النور وانكشف الغطاء عن البصر إثر الحجة تلو الأخرى والدليل يضاف إليه دليل والعقل يستنير ولا سبيل إلا أهل البت (ع) ، ودخلت دائرة النور والنور لا يرى إلا بنفسه ،. وسنا بريق كنوز أهل البيت يخطف الأبصار.

تأسفت لحال من لم يوفقه الله للاهتداء إليهم ، ونظرة عامة إلى منهجهم وكلماتهم وأحوالهم كافية للتدليل على أنهم هم أمناء الله على وحيه المنزل على نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الأمانة العظمى التي لا يمكن أن يتحملها من يعتريه الشيطان بين الفنية والأخرى ولا يؤدي حقها من كان كل الناس أفقه منه ولا يستطيع حفظها من آثر هواه وهوى عشيرته على التمسك بأبسط مفردات الحق.

أهل البت (ع) كلماتهم نور لم أسمع بها عند الآخرين ، منهجهم في تربية الأمة وتوجيهها يجعلك تحس بمعنى خلافة الله في الأرض ، لم يشهد التاريخ بأنهم تعلموا على أيدي أحد بل الكل يدعي الرجوع إليهم وما الفقهاء الأربعة إلا نتاج جامعة الإمام الصادق العلمية في المدينة المنورة والتي تخرج منها أيضا جابر بن حيان بعلم الكيمياء الذي أخذه من الإمام الصادق (ع) ، ولا يسعني أن أستعرض ولو قطرة من بحار علومهم التي أخذ منها شيعتهم فكان تفوقهم على من سواهم في جميع المجالات ، وموسوعة واحدة من مصادرهم الحديثية تكفي لتلتهم كل ما عند أهل السنة والجماعة من مصادر ، وبحار الأنوار بمجلداته العشرة بعد المائة دلتنا على ذلك وحقا إنه بحار من أنوار العلم.

وقد سعى المفسدون في الأرض إلى تشويه صورة مذهب أهل البيت (ع) وحاولوا ممارسة التضليل الإعلامي ، ومن جملة ذلك الطعن في نهج البلاغة الجامع

٢٢٩

لبعض خطب ورسائل وكلمات أمير المؤمنين (ع) وهو هو بمتنه الذي أعجز البلغاء وإن ما جاء فيه كاف لبيان صحة النسبة لأمير المؤمنين وعلى هؤلاء أن يأتونا بخطبة واحدة قالها أحد الخلفاء أو كلمة قصيرة تشبه الخطب الواردة في نهج البلاغة. قيل لأحد الإخوة أن نهج البلاغة وضعه الشريف الرضي فقال لهم إذا هو إمام مفترض الطاعة!!

ولأهل البيت (ع) تراث عظيم كان من الممكن أن تستفيد منه الأمة ولكنها أبت إلا نفورا ، وإحدى معاجزهم التي بهرتني ، ذلك المنهج في الدعاء وكيفية التقرب إلى الله تعالى والأدب الرفيع في مخاطبة الرب سبحانه ، والقارئ للصحيفة السجادية وهي صحيفة كلها أدعية للإمام الرابع علي بن الحسين السجاد (ع) يتعجب لماذا لم يهتم علماء السنة بهذه الصحيفة هل لأنها واردة عن أحد الأئمة أهل البيت؟ أم ماذا!!.

أحد الإخوة الذين استبصروا ، كان يميل للوهابية بعد أن عملوا على تزريقه أفكارهم ومعتقداتهم وقبل أن ينغمس معهم تماما من الله عليه بأحد الأصدقاء والذي أعطاه بعض مؤلفات الشيعة ليقرأها ، ولقد سمع من قبل عن الشيعة وحذر منهم ، فطلب مني ومن بعض الإخوة جلسة حوار حول التشيع وما إليه فرحبنا به وجلسنا فدار النقاش حول معتقدات الشيعة وبعد نقاش طويل تنفس قائلا : هذا الكلام حق لا لبس فيه ولكن لماذا يقولون عن الشيعة كل هذه الأقاويل؟! قلت له : كما أن للحق أنصارا يعملون على نصرته. فإن للباطل جنودا وشياطين يوحون إليهم ، ولا يمكن أن يعتمد الباطل لا على باطل.

قال هذا الأخ وعلامات الأسف والتأثر واضحة عليه : لقد قالوا لنا إن الشيعة يخالفون المسلمين في كلشيء حتى الصلاة.

كان وقت صلاة المغرب قد حان فقلت : الآن بإمكانك أن تصلي معنا

٢٣٠

لترى هل صلاتنا تختلف كما يدعون.

توضأنا وصلينا وكان اليوم يوم خميس وبعد الصلاة وكما هو معروف عند الشيعة يستحب قراءة دعاء كميل وهو دعاء علمه أمير المؤمنين علي (ع) لأحد أصحابه وهو كميل بن زياد النخعي والشيعة يواظبون على قراءته.

قرأنا ذلك الدعاء وأحسست بانفعال هذا الأخ بالدعاء ، حينها تألمت لهذه الأمة المحرومة من هذه الكنوز التي لم يبخل بها أهل البيت (ع) خصوصا فيما يختص بالأدعية التي تجعل الإنسان في عالم آخر وهو يناجي ربه.

بعد الدعاء رأيت الدموع في عينيه وهو يقول بحرقة : خدعونا وقالوا لنا أن الشيعة لا يعرفون الصلاة والله نحن ما عرفنا الصلاة ولم نفهم الصلاة.

فقرات

من أدعية أهل البيت (ع)

* ـ من دعاء الصباح لأمير المؤمنين (ع).

« اللهم يا من دلع لسان الصباح بنطق تبلجه وسرح قطع الليل المظلم بغياهب تلجلجه وأتقن صنع الفلك الدوار في مقادير تبرجه وشعشع ضياء الشمس بنور تأججه ، يا من دل على ذاته بذاته وتنزه عن مجانسة مخلوقاته وجل عن ملاءمة كيفياته ، يا من قرب من خطرات الظنون وبعد عن لحظات العيون وعلم بما كان قبل أن يكون ، يا من أرقدني في مهاد أمنه وأمانه وأيقظني إلى ما منحني من مننه وإحسانه ، وكف أكف السوء عني بيده وسلطانه ».

« افتح اللهم لنا مصاريع الصباح بمفاتيح الرحمة والفلاح وألبسني اللهم من

٢٣١

أفضل خلع الهداية والصلاح واغرس اللهم بعظمتك في شرب جناني ينابيع الخشوع وأجر اللهم لهيبتك من آماقي زفرات الدموع وأدب اللهم نزق الخرق مني بأزمة القنوع ».

* ـ من دعاء يوم عرفة للإمام الحسين (ع) :

« الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع ولا لعطائه مانع ولا كصنعه صنع صانع وهو الجواد الواسع فطر أجناس البدائع وأتقن بحكمته الصنائع لا تخفى عليه الطلائع ولا تضيع عنده الودائع جازي كل صانع ورايش كل قانع وراحم كل ضارع ومنزل المنافع والكتاب الجامع بالنور الساطع وهو للدعوات سامع وللكربات دافع وللدرجات رافع وللجبابرة قامع فلا إله غيره ولاشيء يعدله وليس كمثله شئ وهو السميع البصير اللطيف الخبير وهو على كلشيء قدير ، اللهم إني أرغب إليك وأشهد بالربوبية لك مقرا بأنك ربي وأن إليك مردي ابتدأتني بنعمتك قبل أن أكون شيئا مذكورا وخلقتني من التراب ثم أسكنتني الأصلاب آمنا لريب المنون واختلاف الدهور والسنين

« اللهم اجعلني أخشاك كأني أراك وأسعدني بتقواك ولا تشقني بمعصيتك وخر لي في قضائك وبارك لي في قدرك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت ، اللهم اجعل غناي في نفسي واليقين في قلبي والإخلاص في عملي والنور في بصري والبصيرة في ديني ومتعني بجوارحي واجعل سمعي وبصري الوارثين مني وانصرني على من ظلمني. إلهي كيف أعزم وأنت القاهر وكيف لا أعزم وأنت الآمر إلهي ترددي في الآثار يوجب بعد المزار فاجمعني علك بخدمة توصلني إليك كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك عميت عين لا تراك عليها رقيبا وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا ».

٢٣٢

* ـ مناجاة الشاكرين : للإمام زين العابدين (ع) :

بسم الله الرحمن الرحيم

« إلهي أذهلني عن إقامة شكرك تتابع طولك ، وأعجزني عن إحصاء ثنائك فيض فضلك ، وشغلني عن ذكر محامدك ترادف عوائدك ، وأعياني عن نشر عوارفك توالي أياديك ، وهذا مقام من أعترف بسبوغ النعماء ، وقابلها بالتقصير ، وشهد على نفسه بالإهمال والتضييع ، وأنت الرؤوف الرحيم البر الكريم ، الذي لا يخيب قاصديه ، ولا يطرد عن فنائه آمليه ، بساحتك تحط رحال الراجين ، وبعرصتك تقف آمال المسترفدين ، فلا تقابل آمالنا بالتخييب والايئاس ، ولا تلبسنا سربال القنوط والإبلاس ، إلهي تصاغر عند تعاظم آلائك شكري ، وتضاءل في جنب إكرامك إياي ثنائي ونشري ، جللتني نعمك من أنوار الإيمان حللا ، وضربت علي لطائف برك من العز كللا ، وقلدتني مننك قلائد لا تحل ، وطوقتني أطواقا لا تفل ، فآلاؤك جمة ضعف لساني عن إحصائها ، ونعماؤك كثيرة قصر فهمي عن إدراكها فضلا عن استقصائها ، فكيف لي بتحصيل الشكر ، وشكري إياك يفتقر إلى شكر ، فكلما قلت لك الحمد وجب علي لذلك أن أقول لك الحمد ، إلهي فكما غذيتنا بلطفك وربيتنا بصنعك ، فتمم علينا سوابغ النعم ، وادفع عنا مكاره النقم ، وآتنا من حظوظ الدارين أرفعها وأجلها عاجلا وآجلا ، ولك الحمد على حسن بلائك وسبوغ نعمائك حمدا يوافق رضاك ويمتري العظيم من برك ونداك يا عظيم يا كريم ، برحمتك يا أرحم الراحمين

* قبسات من نور آل محمد :

إن الفقه الشيعي هو الشجرة الطيبة الراسخة الجذور المتصلة الأسس بالنبوة ، والذي امتاز بالسعة والشمولية والعمق والدقة والقدرة على مسايرة

٢٣٣

العصور المختلفة ، والمستجدات المتلاحقة من دون أن يتخطى الحدود المرسومة في الكتاب والسنة ويعتمد الفقه الشيعي إضافة إلى الكتاب والسنة العقل والإجماع الكاشف عن وجود النص أو موافقة المعصوم.

إن الشيعة الإمامية قدمت في ظل هذه الأسس الأربعة فقها يتناسب مع المستجدات ، جامعا لما تحتاج إليه الأمة ، ولم يغلق باب الاجتهاد(١) عندهم ، بل ظل مفتوحا طيلة القرون الماضية إلى يومنا هذا ، فأنتج عبر العصور فقهاء عظاما ، وموسوعات كبيرة لم يشهد التاريخ لها ولهم مثيلا ، والمقام لا يتسع لبسط الكلام عن الفقه الجعفري كما أن مفهوم الاجتهاد عند الشيعة غير ما هو عند السنة ، فليراجع معالم المدرستين ج ٢.

إلا أن هنالك بعض الاختلافات بين الفقه الجعفري وفقه أهل السنة والجماعة حاول البعض أن يتخذها ذريعة ليرمي التشيع بكل فرية وتشويه ، وأنا لست بصدد بيان كل مواقع الاختلاف ، ولكني سأختار بعض المفردات عند الفقه الشيعي يثير حولها الجاهلون شبهات لاتهام الشيعة ، سأطرحها لأبين رأي الدين فيها ثم أترك للقارئ الحكم.

وقبل ذلك أقول أن الاختلاف ليس في الفروع فقط ، بل هنالك خلافات جوهرية في الأصول العقائدية فالحديث عن التوحيد يطول ، يلتقي فيه أهل السنة مع الشيعة ويفترقون ، فالله سبحانه وتعالى في كتب أهل السنة والجماعة والتي بلورها الوهابيون في كتبهم يمشي ويتحرك من مكان إلى آخر وينزل ويصعد ويضحك وله يدان وقدمان وساق الخ حتى أبتعد الناس عن ربهم.

ــــــــــــــــ

(١) ـ المكلف إما مجتهد يستنبط الأحكام الشرعية أو محتاط أو مقلد لمرجع مجتهد جامع للشرائط المذكورة في كتب الفقه.

٢٣٤

أذكر هنا أن أحد الشباب الذين خدعوا بالوهابية جرى حوار بينه وبين أحد الإخوة وكان محور حديثهما التوحيد وكان هذا الوهابي مصرا على أن لله مكانا وحيزا يوجد في العرش فوق السماوات ، فقال له الأخ : يعني إذا اخترعت صاروخا يسير أسرع من الضوء واتجهت به إلى السماء هل بإمكاني الوصول إلى مكان الله ووجوده هناك؟

قال : نعم! فضحك الأخ وقرر الصمت.

هذا حال التوحيد الذي من أجله بعث الأنبياء عند القوم ، أما الشيعة فإن أئمتهم لم يتركوا لهم مجالا ليشطوا عن الحق والمعرفة الصحيحة كما فعل غيرهم ، وإنما تركوا لهم كنوزا من المعارف الإلهية نزل بها الوحي على النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ويكفي من ذلك ما جاء في نهج البلاغة عن علي بن أبي طالب (ع) يقول في إحدى تلك الخطب مبينا حقيقة التوحيد :

« الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ، ولا يحصي نعماءه العادون ، ولا يؤدي حقه المجتهدون ، الذي لا يدركه بعد الهمم ، ولا يناله غوص الفطن ، الذي ليس لصفته حد محدود ، ولا نعت موجود ولا وقت معدود ولا أجل ممدود فطر الخلائق بقدرته ونشر الرياح برحمته ، ووتد الصخور ميدان أرضه.

أول الدين معرفته ، وكمال معرفته التصديق به ، وكمال التصديق به توحيده ، وكمال توحيده الإخلاص له. وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه ، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف ، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة ، فمن وصف الله فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثناه ومن ثناه فقد جزأه ومن جزأه فقد جهله ، ومن جهله فقد أشار إليه ، ومن أشار إليه فقد حده ، ومن حده فقد عده ، ومن قال (فيم) فقد ضمنه ومن قال (علام) فقد أخلى منه كائن لا عن حدث ،

٢٣٥

موجود لا عن عدم الخ »(١) .

وهنالك الكثير من المفارقات بين المدرستين تحتاج إلى مجلدات لاستقصائها وعلى الجميع أن يبحث ليلقى الله على حجة وسأذكر بعض المفردات الفقهية الخلافية لنرى مع من الحق.

* التقية :

ما أكثر ما شنع خصوم الشيعة عليهم في التقية التي غاب معناها عن أذهانهم ورسموا لها معاني من مخيلتهم الخربة فصاروا يتهمون بها الشيعة والتشيع ، وعندما أوضح هنا معنى التقية وشرعيتها لا أنتصر للشيعة ومعتقداتهم بقدر ما أنصر القرآن ومفاهيمه التي تمسك بها الشيعة فكان صحة ما يعتقدون به فرعا لأصل صحة القرآن الذي غابت بصائره عن العقول النجدية فتاهت حتى أنها تكاد لا تفقه الفرق بين الطهارة والنجاسة.

البعض يردد أقوال الآخرين دون تمحيص ومعرفة غافلين عن خطورة استهزائهم بما لا يعلمون فيستهزئون من حيث لا يشعرون بالحق والقرآن وذلك ستكون عاقبته وخيمة ، وما أكثر ما سمعت « أن الشيعة منافقون لأنهم يعتقدون بالتقية وهي تعني النفاق وإظهار خلاف الباطن » ضاربين بذلك الآيات القرآنية وسيرة الأنبياء عرض الحائط.

وقبل استعراض أدلة شرعية التقية من القرآن والسنة كما جاء في كتب أهل السنة والجماعة ، والتي أرى أن الشيعة أعلم بها من أهلها ، نتحدث عن معنى التقية وظروفها.

ــــــــــــــــ

(١) ـ نهج البلاغة الخطبة الأولى ..

٢٣٦

إن الشيعة ومنذ وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله عاشوا في اضطهاد وتشريد وتقتيل من قبل السلطات الجائرة التي تعاقبت ، وبعد واقعة كربلاء أصبح الشيعة وحدهم المناوئين للحكام والمتصدين لهموم الأمة باعتبار أن أئمتهم هم الحافظون للشريعة ، لذلك كرست الحكومات كل جهودها لضربهم.

لهذا السبب ولغيره عرف الشيعة بالتقية دون غيرهم من الفرق الإسلامية التي كان علماؤها ومن ورائهم العامة يؤيدون كل سلطان عادل أو جائر ، بينما يصور لنا الإمام الباقر (ع) حال الشيعة آنذاك يقول : « وكان من أعظم ذلك وأكبره زمن معاوية بعد موت الحسن (ع) فقتلت شيعتنا بكل بلدة وقطعت الأيدي والأرجل على الظنة وكل من يذكر بحبنا والانقطاع إلينا سجن أو نهب ماله أو هدمت داره ثم لم يزل البلاء يشتد ويزداد إلى زمان عبيد الله بن زياد قاتل الحسين (ع) ثم جاء الحجاج فقتلهم كل قتلة وأخذهم بكل ظنة وتهمة حتى أن الرجل ليقال له زنديق وكافر أحب إليه من أن يقال شيعة علي ».

هذا هو الحال باختصار وعند عرضنا للأدلة سيتبين بإذن الله تعالى أن التقية حاجة فطرية وكلنا نستخدمها في حياتنا العملية خصوصا أولئك الذين يواجهون الطواغيت في كل مكان ، يعلمون بأهميتها في مسيرتهم الجهادية.

والتقية في اللغة معناها الحذر ، قال ابن منظور في لسان العرب توقيت واتقيت ، أتقيه تقى وتقية وتقاء : يعني حذرته.

أما التقية شرعا كما عرفها الشيخ الأنصاري من ـ كبار علماء الشيعة المتقدمين ـ في كتابه المكاسب (التحفظ عن ضرر الغير بموافقته في قول أو فعل مخالف للحق).

وشرعية التقية تؤخذ من الكتاب والسنة كمصدرين للتشريع وستجد أن العقل يؤيد مشروعيتها.

٢٣٧

* أما من الكتاب العزيز :

قوله تعالى( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله فيشيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ) (آل عمران / ٢٨).

وواضح من قوله تعالى( إلا أن تتقوا منهم تقاة ) شرعية التقية وأن المؤمن إذا خاف من الكفار يجوز له مداراتهم تقية منه ودفاعا عن نفسه من غير أن يعتقد ذلك.

يقول الفخر الرازي في تفسير هذه الآية :

(المسألة الرابعة) اعلم أن للتقية أحكاما كثيرة ونحن نذكر بعضها :

« الحكم الأول » إن التقية إنما تكون إذا كان الرجل في قوم كفار ، ويخاف على نفسه وماله فيداريهم بلسانه وذلك بأن لا يظهر العداوة باللسان ، بل يجوز أن يظهر الكلام الموهم للمحبة والموالاة ولكن بشرط أن يضمر خلافه وأن يعرض في كل ما يقول ، فإن التقية تأثيرها في الظاهر لا في أحوال القلوب.

« الحكم الثاني » هو أنه لو أفصح بالإيمان والحق حيث يجوز له التقية كان ذلك أفضل.

« الحكم الثالث » إنها إنما تجوز فيما يتعلق بإظهار الموالاة والمعاداة ، وقد تجوز أيضا فيما يتعلق بإظهار الدين ، فأما ما يرجع ضرره إلى الغير كالقتل والزنا وغصب الأموال والشهادة بالزور وقذف المحصنات واطلاع الكفار على عورات المسلمين فذلك غير جائز.

« الحكم الرابع » ظاهر الآية يدل أن التقية إنما تحل مع الكفار الغالبين ، إلا أن مذهب الشافعي رضي الله عنه أن الحالة بين المسلمين إذا شاكلت الحالة بين المسلمين والمشركين حلت التقية محاماة عن النفس.

٢٣٨

« الحكم الخامس » التقية جائزة لصون النفس. وهل هي جائزة لصون المال؟

يحتمل أن يحكم فيها بالجواز لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله « حرمة مال المسلم كحرمة دمه » ولقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله « من قتل دون ماله فهو شهيد » ولأن الحاجة إلى المال شديدة ، والماء إذا بيع بألفين سقط فرض الوضوء وجاز الاقتصار على التيمم دفعا لذلك القدر من نقصان المال فكيف لا يجوز ههنا والله أعلم.

« الحكم السادس » قال مجاهد : هذا الحكم كان ثابتا في أول الإسلام لأجل ضعف المؤمنين ، فأما بعد قوة دولة الإسلام فلا ، وروي عن عوف بن الحسن أنه قال : لتقية جائزة للمؤمنين إلى يوم القيامة ، وهذا القول أولى لأن دفع الضرر عن النفس واجب بقدر الامكان(١) .

يتضح من كلام الرازي دلالة الآية على شرعية التقية ، ويذكر ذات المعنى ابن كثير في تفسيره(٢) .

** ويقول الله سبحانه وتعالى( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) (سورة النحل / ١٠٦).

 والتي نزلت في عمار بن ياسر ، وكلنا يعرف قصة تعذيب كفار قريش له حتى قال ما طلبوه منه من تمجيد آلهتهم وغير ذلك ، إلا أن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بشره وأبويه بالجنة وقال له إذا عادوا فعد بمثل ما قلت ، ولا أعتقد أن هنالك أوضح من ذلك لفهم التقية والتي مارسها مؤمن آل فرعون كما جاء في القرآن( وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه ) (سورة غافر : آية / ٢٨).

ــــــــــــــــ

(١) ـ التفسير الكبير للفخر الرازي ج ٨ / ١٣.

(٢) ـ تفسير القرآن العظيم ج ١ / ٣٠٨.

٢٣٩

* أما من السنة :

فقد أورد الرازي نقلا عن البخاري في صحيحه من كتاب الأدب باب المداراة مع الناس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنا لنكشر في وجوه قوم وقلوبنا تلعنهم » ، كما نقل ـ الرازي ـ أن مسيلمة الكذاب أخذ رجلين من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : لأحدهما : أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال : نعم نعم نعم ، فقال : أفتشهد أني رسول الله؟ قال : نعم. وكان مسيلمة يزعم أنه رسول بني حنيفة ومحمد رسول قريش فتركه ودعا الآخر فقال : أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال : نعم ، قال : أفتشهد أني رسول الله؟ قال : إني أصم ثلاثا فقدمه وقتله فبلغ ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أما هذا المقتول فمضى على يقينه وصدقه فهنيئا له وأما الآخر فقبل رخصة الله فلا تبعة عليه(١) .

كل ذلك يدلل على مشروعية التقية وأنها حكم عام يشمل كل إنسان ، وبضم حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه » يكتمل المطلب.

والتقية كحكم لها ضوابطها وحدودها والشيعة فيما يرتبط بفروع دينهم لا يحتاجون لغيرهم للأخذ منهم ولقد جئنا بالأدلة حتى لا يطلق البسطاء تهمهم بجهل. وإليك روايات عن طريق أهل البيت (ع) وهم الحجة على شيعتهم لا غيرهم :

* ـ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) قال : اتقوا على دينكم فاصحبوه بالتقية فإنه لا إيمان لمن لا تقية له إنما أنتم من الناس كالنحل في الطير لو

ــــــــــــــــ

(١) ـ تفسير الرازي ج ٨ / ١٢.

٢٤٠

 أن الطير تعلم ما في أجواف النحل ما بقي منهاشيء إلا أكلته ولو أن الناس علموا ما في أجوافكم أنكم تحبوننا أهل البيت لأكلوكم بألسنتهم ولنجلوكم في السر والعلانية رحم الله عبدا منكم كان على ولايتنا.

* ـ عن الإمام محمد بن علي الباقر (ع) : التقية في كل ضرورة وصاحبها أعلم بها حين تنزل به.

* ـ وعنه أيضا : إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم فإذا بلغ الدم فلا تقية.

* ـ وقال الإمام الصادق (ع) : « من لا تقية له لا دين له ».

وهذا قليل من كثير ورد عن طريق أهل البيت (ع) وعرفنا أصله في القرآن ، والعقل يذعن بذلك إذ أنه من البداهة أن التوقي والحذر مطلوبان في كل الأحوال ، ولا تكون التقية بذلك نفاقا كما حاول البعض أن يعرفها وكيف يأمرنا الله بالنفاق.

كما أنها لا تجعل من الدين وأحكامه سرا من الأسرار كما ذهب إليه بعض المستشرقين وأذيالهم ، فكيف تكون السرية عند الشيعة ، وهذه كتبهم ليس دونها حاجز أو حجاب ، فليبحث الجميع وليفتش. هذه النجف أمامكم وتلك قم فارحلوا إليها وانزلوا على مكاتبها فلن تجدوا دونكم سترا أو ممانعة ، أي الكتب أحببت فهي تحت يدك وفي متناولها وفيها أمهات الكتب ومصادر الأحكام لم تبق مسألة إلا وفصلت ولم تطرح قضية إلا وحلت وعلماؤهم شهرتهم عمت أرجاء المعمورة.

وفي الخاتمة أورد قصة لأحد الأصدقاء المهتدين ، التف حوله عدد من الشباب يحاولون إجباره على أن يعترف بأن التقية نفاق فقال لهم : عرفوا لي النفاق. قالوا : هو إضمار الكفر وإظهار الإيمان ، قال لهم : أما التقية فهي إظهار الكفر وإضمار الإيمان كما جاء في القرآن فهل لديكم دليل بحرمة ذلك؟

٢٤١

فسكتوا. وقد قال الإمام علي (ع) « لو سكت الجاهل ما اختلف حول الحق اثنان »(*) .

* الوضوء :

إن الوضوء واجب ، وبنقصانه بلا سبب تكون الصلاة باطلة ، هذا ما اتفق عليه المسلمون ، إلا أن هنالك اختلافا في كيفيته والتي بلا شك يتوقف عليها صحة صلاة الجميع ، والشيعة تبعا لأئمتهم يعتقدون بصحة الوضوء الذي يتعبدون به ووضوء غيرهم غير تام ولا تصح به الصلاة ولهم أدلتهم على ذلك من القرآن والسنة.

وبالرغم من أن هذه المسائل التي ذكرناها فرعية تتبع الأصل إلا أن بعض الكتاب والمرتزقة والمأجورين أبوا إلا أن يدخلوا الناس في مباحث فرعية لإلهائهم الناس عن الالتفات إلى الاختلاف في المنبع والذي يؤدي إلى الاختلاف في طعم الماء بسبب ذلك إلا أن علماء الشيعة لم يتوانوا في إثبات حتى فروع دينهم من كتب العامة. هنا تكمن قوة الحجة.

هناك اختلاف بين مدرسة أهل السنة والجماعة ومدرسة أهل البيت (ع) حول حكم الأرجل في الوضوء بالإضافة إلى كيفية غسل الأيدي.

أما الأخيرة فإن الشيعة يرون أن الغسل في اليدين يبتدئ بالمرفقين وينتهي بأطراف الأصابع ولا يسوغ الابتداء بأطراف الأصابع والانتهاء بالمرفقين ، ولو فعل المتوضئ ذلك بطل وضوؤه وقد أخذوا ذلك من الممارسة العملية لوضوء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي بينه الأئمة (ع) فيما ورد عنهم :

ــــــــــــــــ

(*) ـ فليراجع كتاب إسلامنا في التوفيق بين الشيعة والسنة ـ التشيع ـ لعبد الله الغريفي.

٢٤٢

* سئل الإمام الباقر (ع) عن وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فدعا بطشت أو بتور فيه ماء فغسل كفيه ، ثم غمس كفه اليمنى في التور فغسل وجهه بها واستعان بيده اليسرى بكفه على غسل وجهه ، ثم غمس كفه اليسرى في الماء فاغترف بها من الماء فغسل يده اليمنى من المرفق إلى الكف لا يرد الماء إلى المرفقين ثم غمس كفه اليمنى في الماء فاغترف بها من الماء فأفرغه على يده اليسرى من المرفق إلى الكف لا يرد الماء إلى المرفق كما صنع باليمنى ثم مسح رأسه وقدميه إلى الكعبين بفضل كفيه لم يجدد ماء(١) .

ومن خلال آية الوضوء نستطيع أن نتعرف على الكيفية ثم نرى ما هو حكم الأرجل ونأتي بالأدلة من الطريقين. يقول تعالى :( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) (سورة المائدة : آية / ٦).

قد يقال بأن دلالة الآية صريحة في بيان كيفية الوضوء ووجوب غسل اليدين بدءا بالأصابع وإنهاء بالمرفقين ، ولكن بقليل من التأمل نقول أن اليد مشتركة بين الأصابع إلى الزند إلى المرفق وإلى الكتف ، فإذا قيل اغسلوا أيديكم يكون مجملا ومبهما يحتاج إلى مفسر يعين حد المغسول به فجاءت إلى المرافق و( إلى ) هنا لبيان حد المغسول به لا لبيان كيفية الغسل والآية ناظرة إلى ما هو متفاهم عرفا إذ أنه إذا قيل لشخص اغسل هذا البيت أو ضع عليه طلاء إلى السقف فهل يبدأ من تحت إلى أعلى أم العكس؟ ولعل فتاوى الأئمة الأربعة بالجواز لا بالوجوب في الابتداء بالأصابع يؤكد هذا المعنى ولو كانت( إلى ) جاءت لبيان كيفية الغسل لوجب على الأئمة الأربعة أن يفتوا بوجوب ذلك.

ــــــــــــــــ

(١) ـ وسائل الشيعة ج ١ / ٢٧٥.

٢٤٣

ولفظ( إلى ) يستخدم أحيانا بمعنى « مع » كقوله تعالى( ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ) .

والشيعة اتبعوا بالإضافة إلى النص من هم أعرف بالقرآن من غيرهم.

* حكم الأرجل :

أما حكم الأرجل فهو أوضح من مسألة كيفية غسل اليدين ومن خلال نفس الآية وهو وجوب المسح ، ولا معنى للقول بالغسل وهو مخالف للآية الكريمة بالإضافة إلى السيرة العملية لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وفيما يلي بيان ذلك.

* في قوله تعالى( وأرجلكم ) وردت قراءتان مشهورتان : ـ

القراءة الأولى :

( وأرجلكم ) بالجر وهي قراءة ابن كثير وحمزة وأبي عمرو وعاصم (في رواية أبي بكر عنه) كما ذكر ذلك الرازي في تفسيره(١) وبناء على هذه القراءة فالأرجل معطوفة على الرؤوس فوجب مسحهما كما وجب ذلك في الرؤوس ، يقول الرازي :

اختلف الناس في مسح الرجلين وفي غسلهما ، فنقل القفال في تفسيره عن ابن عباس وأنس بن مالك وعكرمة والشعبي وأبي جعفر محمد بن علي الباقر : أن الواجب فيهما المسح ، وقال الحسن البصري ومحمد بن جرير الطبري : المكلف مخير بين المسح والغسل.

أما القراءة الثانية وهي قراءة « وأرجلكم » بالنصب وهي قراءة نافع وابن عامر وعاصم في رواية حفص عنه كما ذكر ذلك الرازي ، وبناء على هذه القراءة

ــــــــــــــــ

(١) ـ تفسير الرازي ج ١١ / ١٦١.

٢٤٤

يكون حكم الأرجل المسح أيضا ، لأنها معطوفة على الرؤوس المنصوبة محلا المجرورة لفظا فقوله تعالى( برؤوسكم ) لها حالتان :

ـ النصب محلا لأنها مفعول به.

ـ الجر لفظا لأنها مسبوقة بحرف الجر.

فالأرجل المعطوفة على الرؤوس يجوز فيها حالتان.

ـ النصب عطفا على المحل.

الجر عطفا على اللفظ. والعطف على المحل وارد في لغة العرب فيقال « ليس فلان بعالم ولا عاملا » بنصب عامل عطفا لها على محل عالم.

* كما أنه لا يصح عطف الأرجل على الوجوه والأيدي ، حيث لا يجوز العطف على الأبعد مع إمكان العطف على الأقرب ، وكذلك لوجود الفاصل الأجنبي ، فلا يصح أن يقال (ضربت زيدا ومررت ببكر وخالدا) بعطف خالد على زيد لوجود الفاصل وهو « مررت ببكر » كذلك في آية الوضوء لا يصح عطف (أرجلكم) على( وجوهكم وأيديكم ) لإمكان العطف على الأقرب وهو( رؤوسكم ) ولوجود الفاصل الأجنبي وهو جملة( وامسحوا برؤوسكم ) .

* أخبار من مصادر سنية توضح وجوب المسح دون الغسل :

١ ـ في مسند الإمام أحمد عن علي قال « كنت أرى باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما حتى رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يمسح

 

٢٤٥

 ظاهرهما »(١) .

٢ ـ أخرج الحاكم في المستدرك بسنده إلى رفاعة بن رافع عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « إنها لا تتم صلاة أحد حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عز وجل يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين »(٢) ، قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، وقد أخرجه بخمسة أسانيد صحيحة.

٣ ـ أخرج الإمام أحمد بسنده عن أبي مال الأشعري أنه قال لقومه اجتمعوا أصلي بكم صلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فلما اجتمعوا قال : هل فيكم أحد غيركم قالوا : إلا ابن أخت لنا ، قال : ابن أخت القوم منهم ، فدعا بجفنة فيها ماء فتوضأ وتمضمض واستنشق وغسل وجهه ثلاثة وذراعيه ثلاثا ومسح برأسه وظهر قدميه ثم صلى بهم(٣) .

٤ ـ أخرج ابن ماجة في سننه قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « لا تتم الصلاة لأحد حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين »(٤) .

٥ ـ وأخرج أيضا عن الربيع قالت : أتاني ابن عباس عن هذا الحديث تعني حديثها الذي ذكرت أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله توضأ وغسل رجليه فقال ابن عباس : « إن الناس أبوا إلا الغسل ولا أجد في كتاب الله إلا المسح »(٥) .

ــــــــــــــــ

(١) ـ مسند أحمد بن حنبل ج ١ / ٩٥.

(٢) ـ المستدرك ج ١ / ٢٤٢.

(٣) ـ مسند أحمد بن حنبل ج ٥ / ٣٤٢.

(٤) ـ سنن ابن ماجة ج ١ / ١٥٦.

(٥) ـ سنن ابن ماجة ج ١ / ١٥٦.

٢٤٦

هذا هو حكم الأرجل في الوضوء « المسح » ، وقد قال ابن عباس للذين يقولون بالغسل : ألا تتدبرون القرآن لقد أبدل الله تعالى الغسل مسحا في التيمم وأسقط المسح في آية التيمم فما لكم لا تفقهون؟!

يقول تعالى في نفس آية الوضوء من سورة المائدة( وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ) (سورة المائدة : آية / ٦) فتأمل

* الجمع بين الصلاتين :

هو الجمع بين صلاتي الظهر والعصر ويسمى عند الفقهاء بالظهرين ، والمغرب والعشاء ويسمى بالعشائين بالإضافة إلى صلاة الصبح.

والأدلة على ذلك كثيرة ومتواترة من القرآن الكريم وعن طريق المدرستين.

يقول الله تعالى( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) (سورة الإسراء : آية / ٧٨).

ـ الدلوك : معناها الزوال.

ـ الغسق : فيه قولان :

أ ـ أول ظلمة الليل.

ب ـ شدة الظلمة في نصف الليل.

ـ قرآن الفجر : صلاة الفجر.

وبناء على تفسير الغسق بأول الليل يكون النص قد حدد ثلاث أوقات للصلاة :

الوقت الأول : الزوال وهو بداية الوقت للظهر والعصر معا.

٢٤٧

الوقت الثاني : أول الليل وهو بداية الوقت للمغرب والعشاء معا.

الوقت الثالث : الفجر وهو الوقت الخاص بالصبح.

وبناء على تفسير الغسق بنصف الليل يكون النص دالا على جواز الجمع فوقت الفرائض الأربع : الظهر والعصر والمغرب والعشاء ممتد من الزوال إلى نصف الليل فالظهر والعصر يشتركان في الوقت من الزوال إلى الغروب إلا أن الظهر قبل العصر ، ويشترك المغرب والعشاء في الوقت من الغروب إلى نصف الليل غير أن المغرب قبل العشاء ، أما فريضة الصبح فقد اختصها الله بوقتها المنوه به في قوله تعالى( وقرآن الفجر ) (١) .

يقول الفخر الرازي في تفسيره لهذه الآية « يكون المذكور في الآية ثلاثة أوقات : وقت الزوال ووقت أول المغرب ووقت الفجر ، وهذا يقتضي أن يكون الزوال وقتا للظهر والعصر فيكون هذا الوقت مشتركا بين هاتين الصلاتين وأن يكون أول المغرب وقتا للمغرب وقتا للمغرب والعشاء فيكون هذا الوقت مشتركا أيضا بين هاتين الصلاتين فهذا يقتضي جواز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء مطلقا ».

إلا أن الرازي يعقب قائلا « إلا أنه دل الدليل على أن الجمع جائز بعذر السفر وعذر المطر وغيره »(٢) .

ونحن نرد عليه قوله الأخير للأدلة التي تواترت عن طريق أهل السنة والجماعة والتي أكدت على جواز الجمع مطلقا في الحضر ودون عذر ، وأهل البيت (ع) قالوا أيضا بذلك وأهل البيت أدرى بما فيه.

ــــــــــــــــ

(١) ـ التشيع ـ السيد عبد الله الغريفي.

(٢) ـ تفسير الفخري الرازي ج ٢١ / ٢٧.

٢٤٨

الأدلة من السنة :

١ ـ عن سهل بن حنيف قال : سمعت أبا أمامة يقول : صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر ثم خرجنا حتى دخلنا على أنس بن مالك فوجدناه يصلي العصر فقلت : يا عم ما هذه الصلاة التي صليت؟ قال : العصر وهذه صلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله التي كنا نصلي معه(١) .

٢ ـ عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال : « إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله صلى بالمدينة سبعا وثمانية الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء »(٢) .

٣ ـ خطب ابن عباس يوما بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم وجعل الناس يقولون الصلاة ، الصلاة فجاءه رجل من بني تميم لا يفتر ولا ينثني الصلاة الصلاة ، فقال ابن عباس : أتعلمني الصلاة لا أم لك! ثم قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جمع بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء ، فقال عبد الله بن شقيق (راوي الحديث) فحاك في صدري من ذلكشيء فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته(٣) .

٤ ـ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : صلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الظهر والعصر جميعا بالمدينة من غير خوف ولا سفر ، قال أبو الزبير فسألت سعيدا لم فعل ذلك؟ قال : سألت ابن عباس كما سألتني فقال : أراد أن لا يحرج أحدا من أمته(٤) .

٥ ـ عن ابن عباس قال : جمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين

ــــــــــــــــ

(١) ـ البخاري ج ١ / ٢٨٨.

(٢) ـ المصدر ج ١ / ١٨٦.

(٣) ـ مسلم ج ٢ / ١٥٢ باب الجمع بين الصلاتين في الحضر.

(٤) ـ مسلم ج ٢ / ١٥٢ نفس الباب.

٢٤٩

الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر ، قال الراوي : قلت

لابن عباس : لم فعل ذلك. قال : كي لا يحرج أمته(١) .

* الأدلة من طريق أهل البيت (ع) :

هذا هو حال الجمع بين الصلاتين كما هو واضح إطلاقه في كل الأحوال تخفيفا للأمة ، وذلك ما جاءت به كتب أهل السنة والجماعة ، أما ما جاء عن أهل البيت (ع) فكثير نختار منه :

١ ـ عن الإمام الصادق (ع) قال :

صلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالناس الظهر والعصر حين زالت الشمس في جماعة من غير علة ، وإنما فعل ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليتسع الوقت على أمته(٢) .

٢ ـ عن الإمام الباقر (ع) قال : « إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر فإذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء الآخرة ».

٣ ـ وبتفصيل أكثر يقول الإمام الصادق (ع) « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات ، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر حتى يبقى من الشمس مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات ، فإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر وبقي وقت العصر حتى تغيب الشمس ». وقال : « إذا غابت الشمس فقد دخل

ــــــــــــــــ

(١) ـ المصدر ج ٢ / ١٥٢.

(٢) ـ وسائل الشيعة ج ٣ / ١٠١.

٢٥٠

وقت المغرب حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي ثلاث ركعات ، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة حتى يبقى من انتصاف الليل مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات ، وإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت المغرب وبقي وقت العشاء إلى انتصاف الليل ». وسائل الشيعة.

وهكذا تكون الصلاة خمس صلوات واجبة مفروضة في اليوم والليلة هي الفجر ووقته معلوم والظهر والعصر لهما وقت مشترك يجوز الجمع فيه على أن يقدم الظهر وأيضا للمغرب والعشاء وقت مشترك يجوز الجمع فيه على أن يقدم المغرب على العشاء ، وهذا ما يؤمن به الشيعة ويعملون به ، وهو الحق.

* الزواج المنقطع « المتعة » :

باسم الشرف والكرامة أخذ البعض يطعن في أحكام الله التي شرعها في كتابه وبلغها نبيه محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله والتي التزم بها شيعة أهل البيت (ع) فكان جزاؤهم التشنيع والاتهام والإشاعات والكذب عليهم.

وبلغ ذلك حده في زواج المتعة الذي جاء به القرآن وقال به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه ، وعلى مشروعيته أكد أهل البيت (ع).

ولنا حديث حول هذا الموضوع ، ولكن قبل ذلك نستعرض بعض الأدلة التي تحسم الأمر تماما إذا كان أهل السنة والجماعة يؤمنون بكلام الله تعالى وقول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم نعرج لنتعرف على أقوال أولئك الذين ظنوا بأنهم بلغوا شأوا بعيدا من معرفة ما يضر المجتمع وما يصلحه.

الدليل القرآني :

قوله تعالى :( فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ) (سورة

٢٥١

النساء : آية / ٢٤).

ذكر الرازي في تفسيرها(١) ، أنه روي أن أبي بن كعب كان يقرأ( فما استمتعتم به منهن ) إلى أجل مسمى ـ( فآتوهن أجورهن ) وهذه أيضا قراءة ابن عباس والأمة ما أنكرت عليهما في هذه القراءة فكان ذلك إجماعا من الأمة على صحة هذه القراءة ، ويقل الرازي أثناء بحثه حول آية المتعة عن عمران بن حصين أنه قال : نزلت آية المتعة في كتاب الله تعالى ولم تنزل بعدها آية تنسخها وأمرنا بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم ينهنا عنها ثم قال رجل برأيه ما شاء(٢) . ومثله يروي الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ج ٤ / ٤٣٦ ، كما قال بنزول هذه الآية في المتعة مجاهد فيما أخرج الطبري.

وفي الدر المنثور عن الحكم أنه سئل عن هذه الآية (آية المتعة) أمنسوخة قال : لا ، وقال علي : لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي(٣) .

وأعتقد أن مفهوم هذه الآية حول المتعة واضح جدا ومن خلال سياق الآيات نستطيع أن نتعرف على أنواع الزواج التي شرعت في الشريعة الإسلامية ، وقد أكد على ذلك تواتر الروايات التي جاءت تبين الآية ، وتؤيدها مجموعة من الأحاديث التي جاءت في الصحاح.

إلا أن علماء العامة وكما تعودنا منهم كثرة محاولات التضليل وتشويه صورة الشيعة ، أنكروا المتعة وتبرأوا منها وهم يحسبون أنهم بذلك يضربون التشيع ، وغفلوا أو ربما عن وعي أنهم بذلك قد ضربوا القرآن الحكيم وطعنوا في

ــــــــــــــــ

(١) ـ تفسير الرازي ج ١٠ / ٥١.

(٢) ـ المصدر ج ١ / ٤٩.

(٣) ـ الدر المنثور ج ٢ / ٤٨٦.

٢٥٢

الحكمة الإلهية للتشريع ، وكأنما أرادوا أن يفرضوا على الله شريعة تلائم عقولهم التي لم تستوعب مضامين الرسالة وروحها ، فصعب عليهم التعرف على الحق والتسليم له ، وكان بينها وبين الحقيقة حجاب التكبر والغطرسة وادعاء العلم ، والله يعلم وهم من جهل مركب في طغيانهم يعمهون.

أقول ذلك وأتألم لحال الأمة التي أصبح علماؤها أكثر الناس جهلا بأمور دينهم.

قرأت كتبهم واستمعت إلى علمائهم حول الزواج « المؤقت » ، فوجدت أن أفضل من تحدث عنه قال إنه تقنين للزنا ، وبقولهم هذا يكون الله تعالى ورسوله قد شرعا الزنا ـ حاشا الله ورسوله ـ حتى ولو صدقت دعواهم بنسخه أو تحريمه بعد تشريعه تكون هنالك فترة زمنية مارس فيها المسلمون الزنا مقننا ..

والآن لنر الأدلة المأخوذة من الصحاح ، هل قالت عن المتعة أنها زنا؟!.

* عن عبد الله بن مسعود قال : « كنا نغزوا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وليس لنا نساء ، فقلنا : ألا نستخصي فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل معين »(١) .

* عن سلمة بن الأكوع عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « أيما رجل وامرأة توافقا فعشرة ما بينهما ثلاث ليال فإن أحبا أن يتزايدا أو يتتاركا. تزايدا أو تتاركا »(٢) .

* عن جابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع قالا : كنا في جيش فأتانا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : « قد أذن لكم أن تستمتعوا فاستمتعوا »(٣) .

ــــــــــــــــ

(١) ـ صحيح مسلم ج ٢ باب نكاح المتعة وأخرجه البخاري ج ٧ / ٨.

(٢) ـ البخاري ج ٧ / ٢٥.

(٣) ـ البخاري ج ٧ / ٢٤ باب نكاح المتعة.

٢٥٣

* عن جابر بن عبد الله قال : « كنا نتمتع على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأبي بكر وعمر حتى نهانا عمر عنها أخيرا يعني متعة النساء »(٤) .

* عن جابر بن عبد الله قال : « تمتعنا متعتين على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الحج والنساء فنهانا عمر عنهما فانتهينا »(٥) .

* كما ذكر الرازي أنه روي أن عمر قال على المنبر : « متعتان كانتا مشروعتين في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا أنهى عنهما متعة الحج ومتعة النكاح ».

هذه وغيرها من الأحاديث والروايات تبين أن زواج المتعة زواج شرعي وأن تحريمه لم يكن من الله ورسوله إنما قال فيها الرجل « عمر » بما شاء ، ونحن غير ملزمين بقول عمر الذي ارتآه ونقبل بشهادته فيما يخص حليتها ، لأن القرآن أمرنا بأخذ ما قاله لنا الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وما شرعه أما ما قاله عمر إذا خالف كتاب الله وسنة رسوله فنضرب به عرض الحائط ، وهنالك من هو أعلم منه وكان يرجع إليه في المعضلات وقد قال بحليتها وهو الإمام علي (ع) الذي ينقل قوله السيوطي في الدر المنثور « لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي ».

وهذا ينقلنا لنخوض قليلا في الحديث عن المجتمع ، وما سببه تحريم زواج المتعة من مشاكل.

إن مشكلة الجنس من أكثر المشاكل عمقا وتعقيدا وتأثيرا في المجتمع

ــــــــــــــــ

(٤) ـ مسند أحمد بن حنبل ج ٣ / ٣٠٤.

(٥) ـ مسند أحمد بن حنبل ج ٣ / ٣٥٦.

٢٥٤

 الإنساني بما تحمله من مضاعفات خطيرة تؤثر في مسار حياة الإنسان ومن أبرز هذه المضاعفات الانحرافات الجنسية وإشباع الغريزة بصورة غير مشروعة مما ينعكس سلبا على المجتمع ، بالإضافة إلى الانعكاسات النفسية والاكتئاب والانطواء وسائر التوترات التي تكون نتاجا للممارسة المنحرفة للجنس أو كبت هذه الغريزة والتي تعتبر متأصلة في تكوين الإنسان ولا تنفك عنه ، وغير ذلك من المشاكل التي درسها علماء النفس والتربية والاجتماع والسياسة.

والإنسان كما يحتاج للغذاء يحتاج للقنوات التي من خلالها يشبع غريزته الجنسية ، وكما هو واضح في مجتمعاتنا ـ والسودان أبرز المصاديق ـ تأخرت سن الزواج نسبة لظروف كثيرة بعضها يرتبط بالناحية المادية وبعضها يرتبط بالاستعداد الذاتي للإنسان لتحمل مسؤولية تكوين العائلة ، فأصبح الرجل يتزوج فوق سن الثلاثين ، وبين هذه السن وسن البلوغ التي تبدأ معها الحاجة للجنس سنين طويلة فتبرز الحاجة إلى وجود حلول في هذه الفترة والحل ربما يكون بأحد أمرين : أما إسكات نداء الجنس بالوعظ والإرشاد والتخويف والتحذير وهذه الوسيلة ربما يكون لها تأثير في الواقع الخارجي ولكن تبقى المشكلة في داخل كيان الإنسان تحتاج إلى حل ، والحل الآخر يكمن في الإباحة الجنسية وهذا ما لا يقبله عاقل يؤمن بالقيم الدينية والمثل والمبادئ الإنسانية كما أنه يترتب عليه مضاعفات خطيرة في حياة الإنسان وسلوكه إضافة إلى كثير من السلبيات على مستوى الفرد والمجتمع.

٢٥٥

يقول العالم النفسي « برتراندرسل » : (إن سن الزواج قد تأخرت بغير اختيار وتدبير فإن الطالب كان يستوفي علومه قبل مائة سنة أو مائتين في نحو الثامنة عشرة أو العشرين فيتأهب للزواج في سن الرجولة الناضجة ، ولا يطول به عهد الانتظار إلا إذا آثر الانقطاع للعلم مدى الحياة ، وقل يؤثر ذلك بين المئات والألوف من الشباب.

وأما في العصر الحاضر فالطلاب يتخصصون لعلومهم وصناعاتهم بعد الثامنة عشرة أو العشرين ، ويحتاجون بعد التخرج من الجامعات إلى زمن يستعدون فيه لكسب الرزق من طريق التجارة والأعمال الصناعية والاقتصادية ، ولا يتسنى لهم الزواج وتأسيس البيوت قبل الثلاثين ، فهنالك فترة طويلة يقضيها الشاب بين سن البلوغ وسن الزواج لم يحسب لها حساب في التربية القديمة ، وهذه الفترة هي فترة النمو الجنسي والرغبة الجامحة وصعوبة المقاومة للمغريات ، فهل من المستطاع أن نسقط حساب هذه الفترة من نظام المجتمع الإنساني كما أسقطها الأقدمون وأبناء القرون الوسطى؟ إننا إذا أسقطناها من الحساب فسيكون نتيجة ذلك شيوع الفساد والعبث بالنسل والصحة بين الشباب والشابات)(١) .

وفي الواقع إن كلمة المؤمنين علي (ع) لخصت معاناة الأمة من جراء تحريم الزواج المؤقت ، قال علي (ع) « ما كانت المتعة إلا رحمة من الله رحم بها أمة محمد ولولا نهي عمر ما زنى إلا شقي ».

هذه الرحمة الإلهية تعني أن المتعة تحمي الإنسان من كل المضاعفات الخطيرة

ــــــــــــــــ

(١) ـ الزواج المؤقت ص ١١ محمد تقي الحكيم.

٢٥٦

التي تفرزها مشكلة الجنس ، ولا تبقي للزنا أثرا في مجتمعاتنا إلا لدى من تجذرت عنده نزعات الشذوذ الخلقي ، ومع المتعة لا يبقى أي داع لتحليل العادة السرية ، كما أفتى بذلك بعض علماء الدين المعاصرين.

وقد وقع في يدي صدفة كتاب طبع في السعودية طباعة فاخرة عنوانه الإسلام والجنس يقول فيه الكاتب : « وفي حالات الاضطرار يجوز للمسلم ممارسة العادة السرية لأنه لا حرج في الدين » ولكن لم يبين لنا هذا العلامة حدود الاضطرار وملاكه ونحن نشاهد في بلداننا كل أنواع المحفزات من خلاعة وتبرج فهل نعمل بفتواه والرجل يعيش بعد البلوغ عشرين عاما بلا زواج؟!.

في حواراتي المختلفة مع بعض الإخوة كثيرا ما يربطون المتعة بالزنا ويدور نقاشهم عن الآثار بعيدا عن أصل مشروعيتها.

ولقد ثبت أنها شرعت ، والحديث عن نسخها يفتقد للدليل القوي ، وما جاء من روايات وأحاديث متهافته ومتضاربة لا يقوى على النهوض لمستوى دليل في مقابل ما أوردناه ، أما نهي عمر عنها فلا يجدي في مقامنا هذا كما بينا خصوصا وأن هنالك من نادى بحليتها من الصحابة.

أما كون المتعة زنا ، فهذا قول غريب يقودنا إلى إشكالات أشرنا إليها ، والزنا هو ممارسة الجنس بصورة غير مشروعة والمتعة غير ذلك فهي لا تختلف عن الزواج إلا في بعض الآثار سنذكرها إن شاء الله ..

وهنالك من يقول بعدم قبول المجتمع لها ، أقول إن تشريع الله تعالى لا يخضع لمدى قبول المجتمع له أو رفضه ، إنما يجب أن يخضع المجتمع لأحكام الله فتكون حاكمة عليه ، وما أكثر رفض المجتمعات قديما وحديثا للأحكام السماوية؟! فاجأت أحدهم بالسؤال : هل تقبل أن يتزوج أبوك زوجة أخرى وأمك

٢٥٧

موجودة؟ فأجاب بسرعة : لا! قلت : ولم وقد شرع الله له في القرآن أن يتزوج أربعة؟!

وهنالك بعض الشبهات الجانبية تثار حول هذا الموضوع لا تقدح في صحته ، أما التعامل مع هذا الحكم كيف يكون فذلك بحث آخر ، مثلا ربما يقال أنه بعد انتهاء مدة عقد المتعة من الذي يضمن ألا تتزوج المرأة قبل تمام العدة؟ أقول إن للشريعة الإسلامية والرسالات السماوية عموما مميزات تفوقت بها على القوانين الوضعية لضبط المجتمع وأهم هذه الميزات والتي تعتبر ضمانة لعدم الاخلال بالقانون هي الإيمان والتقوى ، إذ أن أحكام الشريعة الإسلامية نزلت ليطبقها من يؤمن بالله واليوم الآخر والثواب والعقاب ، وإلا ما هو الضمان أن يكون الابن الذي يأتي من زوجتك هو من صلبك ، وكيف يمكننا أن نثق بأن المرأة المطلقة اعتدت كامل أيامها ، وكيف يتسنى لك أن تعلم أنك ابن أبيك إن كثيرا من الأشياء تتحكم فيها القيم والمبادئ والأخلاق والإيمان والتقوى والورع وتبقى المشكلة في ذات الإنسان وليس في التشريع ، وإذا فقد الالتزام النابع من الإيمان لم تكن الأحكام المجردة مانعة من انتهاك الحرمات وحدوث الفوضى ، وهذا تشريع ملك اليمين فهل نعتبره زنا أيضا وأن المجتمع لا يقبله وبالتالي نلغيه؟ وبعد قرون نكتشف أن زواج الرجل بأربع زوجات لا يلائم المجتمع فنلغيه وهكذا. إن حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة.

وإليك بيان تفصيلي عن الزواج المؤقت الذي لا يفترق عن الزواج الدائم إلا في بعض الآثار.

٢٥٨

ما المقصود بالزواج المؤقت(١) :

عقد زواج بين الرجل والمرأة ضمن شروط شرعية محددة من أهمها : ـ

١ ـ الايجاب والقبول.

٢ ـ تحديد المدة ضمن صيغة العقد.

٣ ـ تحديد المهر.

٤ ـ إذن الولي إذا كانت البنت بكرا على رأي الكثير من الفقهاء.

٥ ـ انتفاء الموانع الشرعية من النكاح ، كالنسب أو السبب أو الرضاع أو الاحصان أو العدة أو غير ذلك.

٦ ـ لا يجوز للمسلمة أن تتمتع بالكافر ، كما لا يجوز للمسلم أن يتمتع بالمشركة غير الكتابية.

العناصر المشتركة بين الزواج الدائم والزواج المؤقت :

١ ـ العقد الشرعي المشتمل على الايجاب والقبول اللفظيين.

٢ ـ الآثار الشرعية المترتبة على العقد إلا ما استثنته الأدلة الخاصة.

٣ ـ أحكام الأولاد واحدة في الزواجين.

٤ ـ العدة واجبة على المرأة مع الدخول وعدم اليأس في الحالتين وبالنسبة للوفاة تجب العدة حتى وإن كانت المرأة صغيرة أو يائسة أو غير مدخول بها.

ــــــــــــــــ

(١) ـ التشيع السيد عبد الله الغريفي ص ٥٣٢.

٢٥٩

* عناصر الاختلاف بين الزواجين :

١ ـ في الزواج المؤقت تحدد المدة والأجل وفي الدائم لا تحديد للمدة والأجل.

٢ ـ في المؤقت يشترط ذكر المهر وفي الدائم لا يشترط ذلك.

٣ ـ في المؤقت لا طلاق بل تبين المرأة بانتهاء المدة أو بهبة المدة لها أو الوفاة ، وفي الدائم لا تبين المرأة إلا بالطلاق أو الوفاة إلا في الحالات الاستثنائية كالارتداد والفسخ فتبين المرأة بلا طلاق.

٤ ـ في المؤقت لا توارث بين الزوجين إلا مع الشرط عن بعض الفقهاء ، وفي الدائم يتوارث الزوجان إلا في حالات استثنائية كالقتل أو كون الزوجة غير مسلمة.

٥ ـ في المؤقت لا نفقة للزوجة إلا مع الشرط ضمن العقد وفي الدائم تجب النفقة إلا في الحالات الاستثنائية كالنشوز.

٦ ـ في المؤقت لا قسم للزوجة ولا تجب مضاجعتها ولا مقاربتها في كل أربعة أشهر مرة وفي الدائم يجب ذلك.

٧ ـ في المؤقت تستحق المرأة المهر كاملا وإن لم يدخل بها إذا لم يكن ذلك بسبب مانع من قبلها ، وفي الدائم لا تستحق المهر كاملا إلا مع الدخول.

هذا هو زواج المتعة كما شرعه الدين وهو رحمة الله تعالى للإنسان الذي خلق ضعيفا ، وقد قال تعالى في سورة النساء بعد بيان أنواع الزواج المختلفة بما فيها الزواج المؤقت( يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا ) (١)

ــــــــــــــــ

(١) ـ سورة النساء : آية / ٢٨.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276