بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية7%

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية مؤلف:
المحقق: السيد علي العدناني الغريفي
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 534

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية
  • البداية
  • السابق
  • 534 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 183070 / تحميل: 6949
الحجم الحجم الحجم
بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

مؤلف:
العربية

١

٢

٣

٤

مقدمة التحقيق

لمحة موجزة عن آل طاووس

آل طاووس أسرة عراقية عريقة في السيادة والعلم بفنونه المختلفة الفقه، الحديث، الكلام، الأنساب، الأدب، الشعر تولت الزعامة الدينية في أواخر عصور الدولة العباسية ثم في الدولة الإيلخانية المغولية.

قد تسنمت هذه الأسرة الجليلة مدارج الكمال ومراقي المجد وقبضت على ناصية الفخار والعز في المائتين السابعة والثامنة بحيث طار صيتها في المحافل العلمية والنوادي الأدبية وتصدرت قائمة فضلاء عصرها وعلماء دهرها وامتطت صهوات المجد والشرف الباذخ وعلت على دست الرئاسة والنقابة المنيف حقبة من الدهر فزانوا النقابة فتاهت بهم اعتزازا وافتخارا.

هذه الأسرة الشريفة قد تحلى أفرادها - بالإضافة الى ميزتهم النسبيّة - بمؤهلات قلما تجتمع في شخص واحد، ذكاء حاد وحافظة قوية وفطنة نادرة وفضل واسع ونجابة ساطعة ورئاسة مقبولة ومرضية من قبل سلطات عصرهم فكانوا السادة والقادة والعلماء، ترمقهم عيون الفضيلة بالإكبار والإجلال ويصغي لهم سمع الدهر بالإطاعة والامتثال محطا لأنظار الخاص والعام تقصدهم قوافل ذوي الحاجات ويؤمهم ركب طالبي الفضيلة والكمال فلا تنكفئ إلا عن نيل مرادها وبلوغ مآربها المادية والمعنوية. تنحدر هذه الاسرة المباركة عن أصل زكي ونجار سني عن شجرة طيبة مباركة علوية إذ يتصل

٥

نسبها بالإمام الهمام أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالبعليهما‌السلام عن طريق داود بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالبعليهما‌السلام فإن داود المذكور كان رضيع الإمام جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام وقد حبسه المنصور الدوانيقي فأفلت منه بالدعاء الذي علمه الصادقعليه‌السلام لامه ام داود ويعرف بدعاء ام داود وبدعاء يوم الاستفتاح وهو النصف من رجب وام داود هي ام كلثوم بنت الإمام زين العابدين علي بن الحسين ابن علي بن ابي طالبعليهم‌السلام وكان داود يلي صدقات أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام نيابة عن أخيه عبد الله المحض وقد توفي داود بالمدينة وهو ابن ستين سنة وعقبه من ابنه سليمان بن داود وأعقب سليمان من ابنه محمد بن سليمان ويلقب بالبربري وخرج بالمدينة أيام أبي السرايا.

قال النسابة الشهير ابن عنبة الداودي في كتابه عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب ص ١٨٩ في ذكر عقب داود بن الحسن المثنى: ومنهم أبو عبد الله محمد الطاووس بن إسحاق لقب بذلك لحسن وجهه وجماله وولده كانوا بسورا المدينة(١) ثم انتقلوا الى بغداد والحلة وهم سادات وعلماء ونقباء معظمون منهم السيد الزاهد سعد الدين أبو إبراهيم موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد الطاووس.

وقال العلامة المجلسي:

وجدت في بعض كتب النسب أن محمد الطاووس كان يكنى أبا عبد الله وكان نقيب ( سورا ) وأبوه إسحاق كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة خمسمائة عن نفسه وخمسمائة عن والده وهو من أوائل من ولي النقابة بسورا.

__________________

(١) الظاهر ان الصحيح ( سورا ) على وزن بشرى فانه موضع بالعراق من ارض بابل وهي مدينة السريانيين وهي قريبة من الوقف والحلة المزيدية و ( سوراء ) كما ورد في بعض المصادر فانها بالالف الممدودة موضع يقال هو الى جنب بغداد وقيل هو بغداد نفسها. راجع معجم البلدان مادة ( سور )

٦

وإنما لقب بالطاووس لأنه كان مليح الصورة وقدماه غير مناسبة لحسن صورته فلقب بالطاووس لذلك(١) . ولقد برزت من هذه الاسرة الشريفة شخصيات علمية فذة قد أخذت على عاتقها مسؤولية الذب عن حريم الشريعة المحمدية والحقيقة الجعفرية فكانت على مستوى المسؤولية فبذلت في سبيل ذلك كل ما اوتيت من حول وقوة واستعداد قليل النظير فجنّدت في خدمة الدين فكرها الوقاد كسراج منير يزيح الظلمات وينير الطريق للفئة الخيرة السالكة درب الحق وسبيل الخير. ويراعها السيّال الذي هو خير من ألف سيف ذرب وعسّال مثقف. فألّفت وصنّفت وجدّت واجتهدت فتركت لنا تراثا علميا ضخما أغنت به المكتبة الإسلامية عموما والمكتبة الشيعية خصوصا فمنهم:

١ - سعد الدين أبو إبراهيم موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد الطاووس.

وصفه صاحب عمدة الطالب بالسيد الزاهد(٢) .

والذي يظهر من كلام ابنه رضي الدين علي بن موسى بن جعفر أنه كان محدثا راوية للأخبار جامعا لها فقد قال عنه في إجازاته عند ذكر مؤلفاته: ومن ذلك كتاب فرحة الناس!(٣) وبهجة الخواطر مما رواه والدي موسى بن جعفر ابن محمد بن طاووس قدس الله جل جلاله روحه ونور ضريحه ونقله في أوراق وأدراج وانتقل الى الله جل جلاله وما جمعه في كتاب ينتفع به المحتاج فجمعته بعد وفاته تلقاه الله جل جلاله بكراماته ويكمل أربع مجلدات لكل مجلد خطبة وسميته بهذا الاسم المذكور(٤) .

__________________

(١) بحار الانوار: ١٠٧ / ٤٤.

(٢) عمدة الطالب في أنساب آل ابي طالب: ١٩٠

(٣) المطبوع باسم فرحة الناظر وبهجة الخواطر.

(٤) بحار الانوار: ١٠٧ / ٣٩.

٧

وقد أعقب موسى بن جعفر المذكور أربعة بنين:

١ - جمال الدين أبا الفضائل أحمد بن موسى بن جعفر.

٢ - رضي الدين أبا القاسم علي بن موسى بن جعفر.

٣ - شرف الدين محمدا.

٤ - عز الدين الحسن.

وام هولاء الأربعة على ما هو ظاهر عبارات أغلب من ترجم لهم ليست واحدة فقد قال الشيخ يوسف البحراني في ترجمة رضي الدين علي وجمال الدين أحمد: رضي الدين أبو القاسم علي وجمال الدين أبو الفضائل٠ ابنا السيد سعد الدين أبي إبراهيم موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد ابن محمد بن أحمد بن محمد الطاووس وهما أخوان من ام وأب وامهما - على ما ذكره بعض علمائنا - بنت الشيخ مسعود ورام بن أبي فراس بن فراس ابن حمدان(١) وام امهما بنت الشيخ الطوسي، أجاز لها ولأختها ام الشيخ محمد بن إدريس جميع مصنفاته ومصنفات الأصحاب.

ثم قال: ويؤيده تصريح السيد رضي الدينرضي‌الله‌عنه عند ذكر الشيخ الطوسي بلفظ « جدي » وكذا عند ذكر الشيخ ورام بلفظه وهو أكثر بكثير في كلامه كمالا يخفى على من وقف عليه(٢) .

فظاهر عبارة الشيخ البحراني هو أن ام الأخوين علي وأحمد هي بنت الشيخ ورام وأما شرف الدين محمد وعز الدين الحسن فامهما سواها.

وقال عبد الله الأفندي في ترجمة أبي الفضائل أحمد:

__________________

(١) الشيخ ورام بن ابي فراس المالكي النخعي المتوفي سنة ٦٠٥.

(٢) لؤلؤة البحرين: ٢٣٦.

٨

وقال بعض العلماء بعد نقل نسبه الى الحسن بن علي بن أبي طالبعليهما‌السلام كما نقلناه: إن امه ام أخيه رضي الدين علي بنت الشيخ مسعود الورام ابن أبي فراس بن حمدان وام امه بنت الشيخ الطوسي وأجاز لها ولأختها ام الشيخ محمد بن إدريس جميع مصنفاته ومصنفات الأصحاب(١) .

وقال صاحب روضات الجنات عند ذكره لأبي الفضائل أحمد بن موسى:

أخو السيد رضي الدين علي من أبيه وامه التي هي بنت الورام من ابنة الشيخ المجازة منه مع أختها التي هي ام ابن إدريس جميع مصنفات الأصحاب(٢) .

وأيضا ذكر ذلك عند ترجمته لرضي الدين علي بن موسى فقال:

وأما امه وام أخيه السيد جمال الدين المتقدم ذكره فهي بنت الشيخ المسعود ورام بن أبي فراس المالكي صاحب كتاب « المجموع » المشهور وام امهما بنت شيخنا الطوسي وهي التي أجاز الشيخ لها ولأختها ام الشيخ محمد ابن ادريس الحلي جميع مصنفاته ومصنفات الأصحاب على ما نقله المحدث البحراني عن بعض علماءنا. ووقع النص على جديتهما له أيضا من جهة الام في مواضع كثيرة من مصنفات نفسه فليلاحظ(٣) .

وقد قال السيد محسن الأمين عند تعرضه لذكر أبي الفضائل أحمد بن موسى:

هو أخو السيد رضي الدين علي بن طاووس لأبيه وامه، امهما بنت

__________________

(١) رياض العلماء: ١ / ٧٤.

(٢) روضات الجنات: ١ / ٦٦.

(٣) روضات الجنات: ٤ / ٣٢٥.

٩

الشيخ ورام بن أبي فراس بن حمدان وامهما بنت الشيخ الطوسي المجازة هي وأختها ام ابن إدريس من أبيهما الشيخ الطوسي برواية جميع مصنفاته ومصنفات الأصحاب ولذلك يعبر ابن طاووس عن الشيخ الطوسي والشيخ ورام بجدي كما يعبر ابن إدريس عن الطوسي بذلك(١) .

فظاهر العبارات السابقة كما هو واضح، صريح في أن أبا الفضائل أحمد ورضي الدين عليا فقط هما لأب وام. وأما الشيخ محمد علي اليعقوبي فقد قال بعد ذكر أبناء موسى بن جعفر الأربعة:

وامهم بنت الشيخ ورام بن أبي فراس المالكي صاحب المجموعة المشهورة وام أبيهم بنت الشيخ الطوسي أبي جعفر محمد بن الحسن المتوفى سنة ٤٦٠ كما صرح السيد المترجم في ( إقباله ) ولذلك كان يعبر عن كل منهما بجدي(٢) .

والعبارة كما ترى ظاهرة في أن الأربعة كلهم لأب وام واحدة هي بنت الشيخ ورام. وقد تبعه في ذلك السيد عبد الرزاق كمونة في موارد الاتحاف(٣) .

اللهم إلا أن يقال إنما خصت المصادر السابقة الأخوين أحمد وعليا بالذكر لكونهما الأشهر وأن الأخوين الاخرين محمدا وحسنا لا شهرة لهما.

ملاحظة:

ذكر العلامة المحقق الشيخ آغابزرك الطهراني في حياة الشيخ

__________________

(١) اعيان الشيعة: ٣ / ١٨٩ ( طبعة دار التعارف بيروت )

(٢) البابليات: ١ / ٦٤.

(٣) موارد الاتحاف: ١ / ١٠٧.

١٠

الطوسي(١) . أن هذه النسبة غير صحيحة ( يعني أن ام امهما هي بنت الشيخ الطوسي ).

فليس الشيخ الطوسي الجد الامي بغير واسطة لابني طاووس ولا لابن إدريس الحلي، فقد صرحّ السيد رضى الدين علي بن طاووس في كثير من تصانيفه ومنها ( الإقبال ) - الذي هو أحد الكتب العشرة التي هي تتمات لمصباح المتهجد لشيخ الطائفة الطوسي - في دعاء أول يوم من شهر رمضان ص ٣٣٤ ( طبعة تبريز ): بأن الشيخ الطوسي جد والده - السيد الشريف أبي إبراهيم موسى بن جعفر - من قبل امه وأن الشيخ أبا علي خاله كذلك لكن ليس مراده الجد والخال أيضا بلا واسطة بأن تكون والدة أبيه الشريف موسى ابنة الشيخ الطوسيرحمه‌الله كما استظهره شيخنا الحجة الميرزا حسين النوري في مستدرك الوسائل: ٣ / ٤٧١.

وذلك لأن السيد رضي الدين علي بن طاووس ذكر في مقدمة كتابه ( فلاح السائل ) ما نصه:

( وجدت في المصباح الكبير الذي صنفه جدي لبعض امهاتي أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسيرحمه‌الله شيئا عظيما من الخير الكثير ).

وهذا منه صريح بأن شيخ الطائفة جده ( لبعض امهاته ) لا جده لامه بلا واسطة. كما أشار إلى ذلك المحقق السيد محمد صادق بحر العلوم مؤيدا كلام شيخه الطهراني(٢) .

ثم ان الشيخ ورام توفى سنة ٦٠٦ والحال أن الشيخ الطوسي توفى سنة ٤٦٠ ه‍ فبين الوفاتين مائة وخمسة وأربعون سنة فكيف يتصور كونه صهرا

__________________

(١) الكتاب لم يكن في متناول يدي لذا انقل العبارة عن المقدمة التي كتبها المحقق السيد محمد صادق بحر العلوم على كتاب رجال الطوسي ص ١٢٣.

(٢) مقدمة رجال الطوسي: ١٢٣.

١١

للشيخ على بنته وإن فرضت ولادة هذه البنت بعد وفاة الشيخ مع أنهم ذكروا أن الشيخ أجازها؟

ثم إن السيد رضي الدين قال في كتابه ( الإقبال ):

فمن ذلك ما رويته عن والدي قدس الله روحه ونور ضريحه فيما قرأته عليه من كتاب المقنعة بروايته عن شيخه الفقيه حسين بن رطبة عن خال والدي السعيد أبي علي الحسن بن محمد عن والده محمد بن الحسن الطوسي جد والدي من قبل امه عن الشيخ المفيد فظهر أن انتساب السيد الى الشيخ من طرف والده أبي إبراهيم موسى الذي امه بنت الشيخ لا من طرف امه بنت الشيخ ورام. وهذا مما نبه عليه العلامة المحدث الشيخ عباس القمي في الفوائد الرضوية: ٣٣٤.

٢ - جمال الدين أبو الفضائل أحمد بن موسى بن جعفر ( صاحب كتاب بناء المقالة الفاطمية ) وسأذكر طرفا من ترجمته فيما يأتي قريبا إن شاء الله تعالى.

٣ - رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر.

وهو ألمع شخصية في هذه الاسرة وأشخص أفرادها بحيث إذا أطلق ( ابن طاووس ) فالمراد هو يكون غالبا. وقد كان عالما فقيها أديبا شاعرا منشئا ورعا زاهدا نقيبا محترما ومقدما عند السلاطين وهو صاحب الكرامات الذي ما اتفقت كلمة العلماء على اختلاف مشاربهم على صدور الكرامات عن أحد ممن تقدمه أو تأّخر عنه غيره(١) .

قال العلامة الحلي في إجازته لبني زهرة:

ومن ذلك جميع ما صنفه السيدان الكبيران السيعدان رضي الدين علي

__________________

(١) البابليات: ١ / ٦٤.

١٢

وجمال الدين أحمد ابنا موسى بن طاووس الحسنيان قدس الله روحيهما وروياه وقرآه وأجيز لهما روايته عني عنهما وهذان السيدان زاهدان عابدان ورعان وكان رضي الدين علي صاحب كرامات حكى لي بعضها وروى لي والديرحمه‌الله البعض الآخر(١) .

وقال عنه الحر العاملي:

حاله في العلم والفضل والزهد والعبادة والثقة والفقه والجلالة والورع أشهر من أن يذكر وكان أيضا شاعرا أديبا منشئا بليغا له مصنفات كثيرة وعد قسما منها(٢) .

وجاء في نقد الرجال ص ٢٤٤:

من أجلاء هذه الطائفة وثقاتها جليل القدر، عظيم المنزلة، كثير الحفظ نقي الكلام، حاله في العبادة والزهد أظهر من أن يذكر له كتب حسنةرضي‌الله‌عنه .

ولد السيد رضي الدين علي يوم الخميس منتصف شهر محرم الحرام سنة ٥٨٩ ه‍ بالحلة المزيدية(٣) وبها نشأ ودرس وتعلم وكان ذا ذهن وقاد وحافظة قوية بحيث كان من ابتداء أمره قد برع في الدروس التي أخذها وقد بز أقرانه وفاق أخدانه وهو بعد في ريعان الشباب ومقتبل العمر. ويحدثنا هو بنفسه عن ذلك فيقول:

أول ما نشأت بين جدي ورام ووالدي وتعلمت الخط والعربية. وقرأت في علم الشريعة المحمدية وقرأت كتبا في اصول الدين واشتغلت

__________________

(١) بحار الانوار: ١٠٧ / ٦٤.

(٢) امل الآمل: ٢ / ٢٠٥.

(٣) لؤلؤة البحرين: ٢٤١.

١٣

بعلم الفقه وقد سبقني جماعة الى التعليم بعدة سنين فحفظت في نحو سنة ما كان عندهم وفضلت عليهم وابتدأت بحفظ الجمل والعقود وكان الذين سبقوني ما لأحدهم إلا الكتاب الذي يشتغل فيه وكان لي عدة كتب في الفقه من كتب جدي ورام، انتقلت إليّ من والدتي رضي الله عنها بأسباب شرعية في حياتها فصرت أطالع بالليل كل شيء يقرأ فيه الجماعة الذين تقدموني بالسنين وانظر كل ما قاله مصنف عندي واعرف ما بينهم من الخلاف على عادة المصنفين وإذا حضرت مع التلامذة بالنهار أعرف ما لا يعرفون واناظرهم وفرغت من الجمل والعقود وقرأت النهاية فلما فرغت من الجزء الأول منها استظهرت على العلم بالفقه حتى كتب شيخي محمد بن نما خطه لي على الجزء الأول وهو عندي الآن فقرأت الجزء الثاني من النهاية أيضا ومن كتاب المبسوط وقد استغنيت عن القراءة بالكلية وقرأت بعد ذلك كتبا لجماعة بغير شرح، بل للرواية المرضية وسمعت ما يطول ذكر تفصيله(١) .

وقد كان رضي الدين علي ورعا تقيا كثير الاحتياط، يقف عند ادنى شبهة حتى انه ترك الفتيا وتحرج عنها بل تعدى ذلك الى انه لم يصنف كتابا في الفقه. قال هو بنفسه في ذلك:

طلبني الخليفة المستنصر - جزاه الله عنا خير الجزاء - للفتوى، على عادة الخلفاء فلما وصلت الى باب الدخول تضرعت الى الله عز وجل وسألته أن يستودع مني ديني وكل ما وهبنيه، ويحفظ علي كل ما يقربني من مراضيه فحضرت فاجتهد بكل جهد بلغ توصله إليه أنني أدخل في فتواهم فقواني الله جل جلاله على مخالفتهم والتهوين بنفسي(٢) .

__________________

(١) كشف المحجة: ١٠٩ / ١٢٩ / ١٣٠.

(٢) كشف المحجة: ١١١.

١٤

وقال أيضا عند ذكره لمؤلفاته وكتبه:

واعلم انه إنما اقتصرت على تأليف كتاب غياث سلطان الورى لسكان الثرى من كتب الفقه في قضاء الصلوات عن الأموات وما صنفت غير ذلك من الفقه وتقرير المسائل والجوابات، لأني كنت قد رأيت مصلحتي ومعاذي في دنياي وآخرتي في التفرغ عن الفتوى في الأحكام الشرعية لأجل ما وجدت من الاختلاف في الرواية بين فقهاء أصحابنا في التكاليف الفعلية وسمعت كلام الله جل جلاله يقول عن أعز موجود عليه من الخلائق عليه محمد (ص): ( ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين ) فلو صنفت كتابا في الفقه يعمل بعدي عليها كان ذلك نقضا لتورعي عن الفتوى ودخولا تحت حظر الآية المشار إليها لأنه جل جلاله إذا كان هذا تهديده للرسول العزيز الأعلم لو تقوّل عليه فكيف يكون حالي إذا تقوّلت عليه جل جلاله وافتيت أو صنفت خطأ أو غلطا يوم حضوري بين يديه(١) .

انتقل المترجم له الى بغداد وهو في ريعان شبابه وبقي فيها نحوا من خمس عشرة سنة(٢) .

وفي بغداد اتصل بالمستنصر العباسي وكان عنده من المقربين والمحترمين وقد أنعم عليه الخليفة بدار يسكن فيها وتقع بالجانب الشرقي عند المأمونية في الدرب المعروف بدرب الجوبة(٣) .

وهناك توثقت صلاته بالوزير ابن العلقمي وأخيه وولده صاحب المخزن

__________________

(١) بحار الانوار: ١٠٧ / ٤٢.

(٢) بحار الانوار: ١٠٧ / ٢٠٨.

(٣) سعد السعود: ٢٣٣.

١٥

وكذلك بالوزير القمي وولده(١) .

وهنا عرض عليه الخليفة أمر الفتوى فأبى ورفض ذلك كما أشار هو إلى ذلك كما مرّ سلفا كما عرض عليه أمر نقابة الطالبيين فرفض أيضا وهو يحدثنا عن ذلك بنفسه:

( ثم عاد الخليفة ودعاني الى نقابة جميع الطالبيين على يد الوزير القمي وعلى يد غيره من أكابر دولتهم وبقي على مطالبتي بذلك عدة سنين، فاعتذرت بأعذار كثيرة، فقال الوزير القمي: ادخل واعمل فيها برضا الله، فقلت له: فلأي حال لا تعمل أنت في وزارتك برضا الله تعالى، والدولة أحوج إليك منها إليّ، ثم عاد يتهددني، وما زال الله جل جلاله يقويني عليهم حتى أيدني وأسعدني )(٢) .

( وعاد المستنصر وتحيل معي بكل طريق وقيل لي: إما أن تقول أن الرضي والمرتضى كانا ظالمين أو تعذرهما فتدخل في مثل ما دخلا فيه فقلت: ان أولئك كان زمانهم زمان بني بويه وهم مشغولون بالخلفاء والخلفاء بهم مشغولون، فتم للرضى والمرتضى ما أرادوا من رضى الله )(٣) .

وبقي على رفضه حتى عاد بعد ذلك كله الى الحلة وبقي فيها مدة من الزمن ثمّ انتقل منها الى النجف الأشرف فبقي فيها ثلاث سنين(٤) ثم انتقل الى كربلاء وبقي فيها مدة غير معلومة ثم عاد الى بغداد سنة ٦٥٢ ه‍ وبقي فيها الى حين احتلال بغداد من قبل المغول.

وهو يحدثنا عن ذلك:

__________________

(١) كشف المحجة: ١١٢ و ١١٣.

(٢) كشف المحجة: ١١٢.

(٣) كشف المحجة: ١١٢.

(٤) المصدر السابق: ١١٨.

١٦

( تم احتلال بغداد من قبل التترفي يوم الاثنين ١٨ محرم سنة ٦٥٦ وبتنا في ليلة هائلة من المخاوف الدنيوية فسلمنا الله جل جلاله من تلك الأهوال )(١) .

وجاء في مجموعة الشهيدرحمه‌الله تعالى:

تولى السيد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد الطاووس العلوي الحسني صاحب المقامات والكرمات والمصنفات نقابة العلويين من قبل هلاكو خان وذكر أنه كان قد عرضت عليه في زمان المستنصر العباسي فأبى وكان بينه وبين الوزير مؤيد الدين محمد بن أحمد بن العلقمي وبين أخيه وولده عز الدين أبي الفضل محمد بن محمد صاحب المخزن صداقة متأكدة أقام ببغداد نحوا من خمس عشرة سنة ثم رجع الى الحلة ثم سكن المشهد الشريف برهة ثم عاد في دولة المغول الى بغداد ولم يزل على قدم في الطاعات والتنزه عن الدنيات الى أن توفى بكرة الاثنين خامس ذي القعدة سنة ٦٦٤ وكان مولده يوم الخميس منتصف المحرم سنة ٥٨٩ وكانت مدة ولاية النقابة ثلاث سنين واحد عشر شهرا )(٢) .

وأما توليه نقابة الطالبيين من قبل هلاكو فقد ذكر ذلك ابن الطقطقي فقال:

لما فتح السلطان هلاكو بغداد في سنة ٦٥٦ ه‍ أمر أن يستفتي العلماء أيما أفضل: السلطان الكافر العادل أو السلطان المسلم الجائر؟ ثم جمع العلماء بالمستنصرية لذلك فلما وقفوا على الفتيا أحجموا عن الجواب وكان رضي الدين علي ابن طاووس حاضرا هذا المجلس وكان مقدما محترما فلما رأى احجامهم تناول الفتيا ووضع خطه فيها بتفضيل العادل الكافر على المسلم

__________________

(١) الاقبال: ٥٨٦.

(٢) بحار الانوار: ١٠٧ / ٤٤.

١٧

الجائر فوضع الناس خطوطهم بعده(١) .

وقد نال ابن طاووس بفتياه هذه مقاما كبيرا في نفس الكافر المحتل(٢) فكان نتيجة ذلك أن ( ظفرت بالأمان والإحسان وحقنت فيه دماءنا وحفظت فيه حرمنا وأطفالنا ونساءنا وسلم على أيدينا خلق كثير )(٣) .

وقد ولى النقابة في سنة ٦٦١(٤) وعندها جلس في مرتبة خضراء وكان الناس بعد كارثة المغول قد رفعوا السواد ولبسوا اللباس الأخضر فقال الشاعر على بن حمزة العلوي يهنيه:

فهذا علي نجل موسى بن جعفر

شبيه علي نجل موسى بن جعفر

فذاك بدست للامامة أخضر

وهذا بدست للنقابة أخضر

وذلك لأن المأمون العباسي لما عهد بولاية العهد الى الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ألبسه لباسا أخضر وأجلسه على وسادتين خضراوين(٥) وغير السواد وهو شعار الدولة العباسية وأمر بلباس اللون الأخضر فلبسه الناس ولبسه النقيب من بعد ذلك في عهد السلطان هلاكو خان. المتوفى سنة ٦٦٣.

وقد أخذ السيد أبو الفضائل المذكور وجماعة من العلماء وابن أخيه مجد الدين محمد الأمان من هلاكو لأهل الحلة والكوفة والمشهدين الشريفين من القتل فإنهم توجهوا الى بغداد سنة ٦٥٦ وأهدى السيد مجد الدين مؤلفه كتاب البشارة الى هلاكو فأعطاهم الأمان ورد الى مجد الدين محمد النقابة

__________________

(١) الاداب السلطانية: ١١.

(٢) السيد علي آل طاووس: ١١ للشيخ محمد حسن آل ياسين.

(٣) الاقبال: ٥٨٨.

(٤) الحوادث الجامعة: ٣٥٠.

(٥) غاية الاختصار عنه موارد الاتحاف: ١ / ١٠٧.

١٨

بالفرات ولم تطل أيامه في النقابة وتوفي سنة ٦٥٦. انظر القصة في كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين المبحث الثالث للعلامة الحلي والحوادث الجامعة لابن الفوطي: ٣٣٠ توفي المترجم له كما مرّ في بكرة الاثنين خامس ذي القعدة سنة ٦٦٤ ه‍ واختلف المترجمون في موضع قبره فقيل إنه في آخر بساتين ( الجامعين ) بالحلة مشهد يعرف بقبر السيد علي ابن طاووس يزوره الناس وقيل أنه دفن بالكاظمية وقال إبن الفوطى في حوادثه ص ٣٣٠ إنه حمل الى مشهد جده علي عليه السلام فيجوز أنه نقل بعد دفنه من الحلة الى النجف الأشرف والأثر الموجود هو موضع تربته وإذا تحقق هذا فالقبر الموجود في الحلة هو قبر ولده أبي القاسم رضي الدين علي بن طاووس فإن اسمه وكنيته كاسم أبيه وكنيته وكان يلقب بلقبه في حياته(١) .

وقد أرخ وفاته العلامة السيد مهدي بحر العلوم بقوله:

فقيه أهل البيت ذو الشمائل

هو ابن طاووس أبو الفضائل

هو ابن موسى شيخ ابن داود

في باخع مضى الى الخلود(٢)

وقد ذكر المترجمون له أنه كان شاعرا ولم يعثر على شعر له سوى أبيات هي منسوبة له وربما كان قد أنشدها وهي:

خبت نار العلى بعد اشتعال

ونادى الخير حي على الزوال

عد منا الجود إلا في الأماني

وإلا في الدفاتر والأمالي

فيا ليت الدفاتر كن قوما

فأثرى الناس من كرم الخصال

ولو أني جعلت أمير جيش

لما حاربت إلا بالسؤال

لأن الناس ينهزمون منه

وقد ثبتوا لأطراف العوالي(٣)

__________________

(١) البابليات: ١ / ٦٦.

(٢) عن موارد الاتحاف: ١ / ١١٠.

(٣) غاية الاختصار عنه موارد الاتحاف: ١ / ١٠٨.

١٩

خلف من البنين: صفي الدين محمدا ولقبه المصطفى مات دارجا والنقيب رضي الدين عليا وقد شارك اباه في الاسم واللقب(١) .

مشايخه:

١ - الشيخ الحسين بن احمد السوراوي.

٢ - الشيخ ابو الحسن علي بن يحيى الحناط.

٣ - الشيخ ابو السعادات اسعد بن عبد القاهر الاصفهاني مؤلف ( رشح الولاء ).

٤ - الشيخ نجيب الدين بن نما.

٥ - السيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي.

٦ - السيد صفي الدين محمد بن معد الموسوي.

٧ - الشيخ تاج الدين الحسن بن الدربي.

٨ - الشيخ سديد الدين سالم بن محفوظ بن غزيرة السوراوي.

٩ - السيد ابو حامد محي الدين محمد بن عبد الله بن زهرة الحلبي ابن اخ صاحب الغنية.

١٠ - الشيخ نجيب الدين يحيى بن محمد السوراوي

وقد ذكر تفاصيل هؤلاء العشرة في خاتمة مستدرك الوسائل ص ٤٧٢.

١١ - السيد كمال الدين حيدر بن محمد بن زيد بن محمد بن عبد الله الحسيني قرأ عليه في يوم السبت السادس عشر من جمادى الثانية ٦٢٠ كما ذكر في الباب ١٩٤ من كتاب اليقين.

١٢ - ومن مشايخه من العامة محب الدين محمد بن محمود المعروف بابن النجار البغدادي المتوفى ٦٤٣ صاحب ذيل تاريخ بغداد كما جاء في الاقبال: ٥٨٥ وسعد السعود: ٧٣.

__________________

(١) عمدة الطالب: ١٩١.

٢٠

تلامذته:

وهم كثيرون نذكر منهم:

١ - الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي.

٢ - العلامة الحلي جمال الدين الحسن بن يوسف.

٣ - ابن اخيه السيد غياث الدين عبد الكريم.

٤ - الشيخ تقي الدين الحسن بن داود صاحب ( الرجال ).

٥ - الشيخ محمد بن أحمد بن صالح القسيني.

٦ - اولاده الشيخ ابراهيم والشيخ جعفر والشيخ علي.

٧ - السيد احمد بن محمد العلوي.

٨ - السيد نجم الدين محمد بن الموسوي.

٩ - الشيخ محمد بن بشير.

١٠ - علي بن عيسى الاربلي.

مؤلفاته:

اما مؤلفاته فهي كثيرة فقد عدها بعضهم ٤٨ كتابا في مختلف الفنون تركنا ذكرها خوفا من الاطناب وهي مذكورة في الكتب التي ترجمت له راجع: ( علي بن طاووس ) للشيخ محمد حسن آل ياسين وامل الآمل: ٢ / ٢٠٥. ولؤلؤة البحرين: ٢٣٥ وروضات الجنات: ٤ / ٣٢٥ وغيرها.

٤ - شرف الدين محمد بن موسى بن جعفر ابن طاووس.

لم اعرف عنه شيئا سوى انه قد قتل ببغداد في غلبة التتار في سنة ست وخمسين وستمائة كما جاء في هامش عمدة الطالب ص ١٩٠ والحوادث الجامعة: ٣٢٩ وقد ذكر ابن عنبة انه مات دارجا(١) .

٥ - عز الدين ابو محمد الحسن بن موسى بن جعفر ابن طاووس.

ذكره ابن الفوطي في تلخيص مجمع الاداب ترجمة رقم ١٢١ ووصفه بالسيد

__________________

(١) عمدة الطالب: ١٩٠.

٢١

الجليل وانه كان زاهدا. وله من البنين ثلاثة: قوام الدين ابو طاهر احمد ومجد الدين ابو عبد الله محمد وسعد الدين ابو الحسن موسى. كما ورد ذكره في عمدة الطالب ص ١٩٠ وانه توفي سنة ٦٥٤ ه‍.

٦ - غياث الدين ابو المظفر عبد الكريم بن جمال الدين احمد بن موسى بن جعفر ابن طاووس.

هو الفقيه البارع والعالم العامل ذو المقام الرفيع في العلوم المختلفة انتهت اليه رئاسة الطالبيين وكانرحمه‌الله تعالى عالما فقيها عروضيا نحويا اديبا شاعرا نسابة نقيبا زاهدا ورعا ذا حافظة قوية جدا بحيث يحفظ كل ما يسمع بالاضافة الى ذكائه المفرط فيكون بهذا كامثال العلامة الحلي الذي نال درجة الاجتهاد قبل ان يبلغ او كابن سينا وغيرهما من النوابغ النوادر.

قال عنه تلميذه الحسن بن داود الحلي صاحب كتاب ( الرجال ) المعروف: سيدنا الامام المعظم غياث الدين الفقيه النسابة النحوي العروضي الزاهد العابد ابو المظفر قدس الله روحه، انتهت رياسة السادات وذوي النواميس اليه، وكان اوحد زمانه، حائري المولد، حلي المنشأ، بغدادي التحصيل، كاظمي الخاتمة، ولد في شعبان سنة ثمان واربعين وستمائة وتوفي في شوال سنة ثلاث وتسعين وستمائة وكان عمره خمسا واربعين سنة وشهرين واياما.

كنت قرينة طفلين الى أن توفي قدس الله روحه، ما رأيت قبله ولا بعده كخلقه وجميل قاعدته وحلو معاشرته ثانيا ولا لذكائه وقوة حافظته مماثلا، ما دخل في ذهنه شيء فكاد ينساه، حفظ القرآن في مدة يسيرة وله إحدى عشرة سنة، استقل بالكتابة واستغنى عن المعلم في أربعين يوما وعمره إذ ذاك أربع سنين، ولا تحصى مناقبه وفضائله له كتب كثيرة منها كتاب ( الشمل المنظوم في مصنفي العلوم ) ما لأصحابنا مثله ومنها كتاب ( فرحة الغري بصرحة الغري ) وغير ذلك(١) .

__________________

(١) رجال ابن داود: ١٣٠.

٢٢

فهو آية من آيات الله في خلقه قد منحه من لدنه حافظة تكاد تكون عديمة النظير واستعدادا قليل الوجود بحيث يستغني عن المعلم في أربعين يوما وهو في الرابعة من عمره والله يعطي من يشاء بغير حساب ولا استبعاد في ذلك وفخر المحققين ابن العلامة الحلي فاز بدرجة الاجتهاد في السنة العاشرة من عمره الشريف وروى عن إبراهيم بن سعيد الجوهري أنه قال رأيت صبيا له أربع سنين حملوه الى المأمون العباسي وكان قارئا ناظرا في الرأي والاجتهاد ولكن يبكي كلما يجوع(١) .

وقال ابن الفوطي معاصره:

كان جليل القدر، نبيل الذكر، حافظا لكتاب الله المجيد ولم أر في مشايخي أحفظ منه للسير والآثار والأحاديث والأخبار والحكايات والأشعار جمع وصنّف وشجرّ وألّف، وكان يشارك الناس في علومهم وكانت داره مجمع الأئمة والأشراف، وكان الأكابر والولاة والكتّاب يستضيئون بأنواره ورأيه، وكتبت لخزانته كتاب ( الدر النظيم في ذكر من تسمى بعبد الكريم ) وسألته عن مولده فذكر أنه ولد في شعبان سنة ثمان وأربعين وستمائة. وتوفي في يوم السبت سادس عشر شوال سنة ثلاث وتسعين وستمائة وحمل الى مشهد الإمام علي -عليه‌السلام - ودفن عند أهله(٢) .

وكلامه هذا ( حمل الى مشهد الإمام عليعليه‌السلام ودفن عند أهله ) يؤيد القول القائل بأن رضي الدين عليا حملت جنازته الى مشهد الإمام عليعليه‌السلام وان السيد عبد الكريم دفن عند أهله وبعيد أن تحمل جنازته من الكاظمية الى الحلة ولا يعرف حينئذ وجه نسبة القبر المعروف في الحلة له

__________________

(١) لؤلؤة البحرين: ١٩٣.

(٢) تلخيص مجمع الادآب: ترجمة رقم ١٧٧٤، ٢ / ١١٩٤ من الاجزاء المطبوعة.

٢٣

كما أشار الى ذلك بعض المحققين(١) وقال الحر العاملي بعد أن نقل عبارة ابن داود: وكان السيد المذكور شاعرا منشئا أديبا ورأيت له إجازة بخطه تاريخها سنة ٦٨٦ وكان من تلامذة عمه وأبيه والمحقق الحلي والمحقق الطوسي وغيرهم(٢) .

ووصفه الشهيد الثانيرحمه‌الله تعالى في إجازته التي كتبها لوالد الشيخ البهائي بعد ذكر أنه يروي جميع مصنفات ومرويات السيد عبد الكريم بأنه صاحب المقامات والكرامات(٣) .

وقال عنه المحقق الخبير المعروف عبد الله الأفندي:

الإمام العالم الفاضل العلامة الفقيه الكامل الجامع الفهامة صاحب كتاب ( فرحة الغري ) وغيره من المؤلفات وكان شاعرا منشئا أديبا بليغا. ( الى أن قال ) ثم ان لهقدس‌سره ولدا اسمه السيد أبو الفضل محمد ولم أدر هل كان من العلماء أم لا. ورأيت بخط السيد عبد الكريم هذا - وخطه لا يخلو من جودة - على ظهر كتاب الفتن والملاحم تأليف السيد رضى الدين علي ابن طاووس الذي كان بخط مؤلفه المذكور هكذا: ولد الولد المبارك أبو الفضل محمد بن عبد الكريم بعد طلوع الشمس من يوم الاثنين سلخ محرم من سنة سبعين وستمائة ببغداد جعله الله مباركا وسماه بهذا الاسم جده أطال الله بقاءه وذلك بباب المراتب(٤) . وقال بعد ذلك بقليل:

واعلم أن لهذا السيد ولد فاضل وهو السيد رضي الدين أبو القاسم علي

__________________

(١) تعليقة السيد محمد صادق بحر العلوم على لؤلؤة البحرين: ٢٥٩.

(٢) امل الآمل: ١٥٨.

(٣) بحار الانوار: ١٠٨ / ١٥٤.

(٤) رياض العلماء: ٣ / ١٦٤.

٢٤

ابن السيد غياث الدين عبد الكريم(١) .

هذا وإن مترجميه قد ذكروا أنه كان شاعرا ولم أعثر على شعر له وقد جاء في ديوان صفي الدين الحلي: ٢٢٦ طبعة بيروت أن صفي الدين قال يرثى السيد النقيب غياث الدين عبد الكريم بن عبد الحميد وقد خرج عليه جماعة من العرب بشط ( سورا ) من الفرات فحملوا عليه وسلبوه فمانعهم عن سلب سرواله فضربه أحدهم فقتله ويحرض النقيب الطاهر شمس الدين الآوي على أخذ ثاره:

هو الدهر مغرى بالكريم وسلبه

فإن كنت في شك بذاك فسل به

أرانا المعالي كيف ينهد ركنها

وكيف يغور البدر من بين شهبه

أبعد غياث الدين يطمع صرفه

بصرف خطاب الناس عن ذم خطبه(٢)

أساتذته:

لقد تخرج المترجم له على جماعة من أساطين العلم وفطاحل المعرفة منهم:

١ - والده النقيب السيد جمال الدين أحمد.

٢ - عمه النقيب السيد رضي الدين علي.

٣ - المحقق الحلي صاحب كتاب شرائع الإسلام.

٤ - الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد ابن عم المحقق الحلي.

٥ - الفيلسوف العظيم خواجة نصير الدين الطوسي.

__________________

(١) المصدر السابق: ٣ / ١٦٥ وذكره ايضا ابن عنبة في عمدة الطالب: ١٩١.

(٢) كما اشار الى ذلك الدكتور مصطفى جواد في تعليقته على ترجمة المذكور في هامش تلخيص مجمع الاداب.

٢٥

٦ - القاضي عميد الدين زكريا بن محمود القزويني صاحب عجائب المخلوقات.

٧ - السيد النسابة عبد الحميد بن فخار الموسوي. وغيرهم.

تلامذته:

نذكر منهم:

١ - الحسن بن داود صاحب كتاب ( الرجال ) المعروف.

٢ - الشيخ عبد الصمد بن أحمد بن أبي الجيش الحنبلي.

٣ - الشيخ علي بن الحسين بن حماد الليثي الواسطي.

وقد ذكر ابن الفوطي في الحوادث الجامعة ص ٤٨٠ في ترجمة كمال الدين محمد بن المخرمي قال: سمعت عليه بقراءة شيخنا غياث الدين أبي المظفر ابن طاووس جزء البانياسي.

٧ - السيد رضي الدين أبو القاسم علي ابن السيد رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن جعفر ابن طاووس. المسمى باسم أبيه والمكنى بكنيته والملقب بلقبه وهو صاحب كتاب زوائد الفوائد. وكذلك شاركهما الاسم والكنية واللقب ابن عم المترجم له وهو السيد رضى الدين أبو القاسم علي بن جمال الدين أحمد قال عن المترجم له العلامة عبد الله الأفندي:

السيد رضى الدين أبو القاسم علي بن السيد رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى ( ثم ساق نسبه الشريف ثم قال ) المسمى باسم أبيه المكنى بكنيته والملقب بلقبه في حياته، وهذا غريب عند العجم لكن عند العرب شائع سيما في الأزمنة السالفة، وعلى المشهور هو صاحب كتاب زوائد الفوائد في الأدعية ألّفه تتميما لكتب والده كالإقبال ونحوه وأكثره مأخوذ من الإقبال لوالده وقد

٢٦

رأيت نسخا منه(١) .

ولد المترجم له يوم الجمعة ثامن المحرم سنة ٦٤٧ ه‍(٢) في النجف الأشرف حيث بقي والده فيها قرابة ثلاث سنين(٣) وهو أصغر من أخيه محمد بأربع سنين حيث كانت ولادة أخيه محمد سنة ٦٤٣ ه‍(٤) ولا أعرف سنة وفاة المترجم له.

ووصف العلامة المجلسي قدس الله روحه المترجم له بالشريف المنيف الجليل(٥) عند ما عد له كتاب زوائد الفوائد.

وقال عنه صاحب روضات الجنات عند ذكر كتاب زوائد الفوائد:

ليس هو لصاحب هذه الترجمة ( يعني رضي الدين علي بن موسى ) بل هو لولده الصالح المحدث الذي جعله شريك نفسه في الاسم واللقب والكنية كما هو مذكور في كثير من كتب الإجازات(٦) .

وقال السيد عبد الرزاق كمونة:

كان عالما فاضلا ورعا ولي نقابة الطالبيين وهو الذي شارك والده في الإسم والكنية واللقب وهو صاحب كتاب الزوائد الذي ينقل عنه المجلسي في البحار الحديث المشهور في فضل تاسع شهر ربيع الأول وذكر شمس الدين أبو علي محمد بن أحمد العميدي الحسيني في المشجر الكشاف: كان هذا الشريف مع رضي الدين ناصر الملك الأمجد أبي الفضل الحسن ابن الملك

__________________

(١) رياض العلماء: ٤ / ١٦١.

(٢) كشف المحجة: ٤.

(٣) المصدر السابق: ١١٨.

(٤) المصدر السابق: ٤ و ١٥١.

(٥) بحار الانوار: ١ / ١٣.

(٦) روضات الجنات: ٤ / ٣٣٨.

٢٧

الناصر داود بن عيسى بن صلاح الدين وبينهما مكاتبات حسنة وإشارات تدل على مقام الشريف وجلالة قدره في الرياسة(١) .

وذكره أيضا ابن عنبة وقال أنه والد النقيب. قوام الدين احمد بن رضي الدين علي المذكور(٢) .

٨ - السيد المصطفى محمد بن رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى ابن جعفر ابن طاووس.

وهو الذي ألّف لأجله والده الجليل كتاب ( كشف المحجة لثمرة المهجة ) وهناك له لقب آخر وهو جلال الدين(٣) وفي مصادر أخرى صفي الدين(٤) قال عنه ابن الطقطقي.

لقبه جلال الدين يلقب المصطفى كان سيدا زاهدا منقطعا بداره عن الناس ذا خبر ورأي وكبر وترفع، كانت بيني وبينه معرفة تكاد أن تكون صداقة، عرض عليه النقابة صاحب الديوان ابن الجويني فامتنع وكان يتولى نقابة بغداد والمشهد ( مشهد الكاظمية ) فكفت يده عن ذلك. مات -رحمه‌الله - سنة ثمان وستمائة(٥) .

ولعلّ هنا قد وقع سهو من قلم الناسخ وذلك لأن أباه السيد رضي الدين عليا قد ذكر في كتابه كشف المحجة أنه قد ولد سنة ٦٤٣ ه‍(٦) كما مرت الإشارة إليه فالظاهر أن وفاته سنة ثمان وسبعمائة فيكون عمره الشريف ٦٥ سنة

__________________

(١) موارد الاتحاف ١ / ١١٠.

(٢) عمدة الطالب: ١٩١.

(٣) امل الآمل: ٢ / ٢٨٦ ورياض العلماء: ٥ / ١٢٨.

(٤) غاية الاختصار: ٥٨ عنه موارد الاتحاف: ١ / ١١١ و ٢ / ١٦٥.

(٥) المصدر السابق.

(٦) كشف المحجة: ٤ و ١٥١.

٢٨

وقال الحر العاملي:

الشيخ (!! ) جلال الدين محمد بن علي بن طاووس الحسني، كان من الفضلاء الصلحاء الزهاد، يروي عن المحقق(١) .

وهي بعينها عبارة الأفندي وبعدها استظهر أنه ولد ابن طاووس صاحب الإقبال(٢) .

قال عنه ابن عنبة: مات دارجا(٣) .

٩ - السيد مجد الدين محمد بن الحسن بن موسى بن جعفر ابن طاووس.

قال عنه ابن عنبة:

السيد الجليل خرج الى السلطان هلاكو خان وصنف له كتاب ( البشارة ) وسلم الحلة والنيل والمشهدين الشريفين من القتل والنهب ورد إليه حكم النقابة بالبلاد الفراتية فحكم في ذلك قليلا ثم مات دارجا(٤) .

وذكره السيد عبد الرزاق كمونة ووصفه بالسيد الجليل العالم الفاضل الزاهد ولي نقابة الطالبية بالبلاد الفراتية توفي سنة ٦٥٦ ه‍(٥) .

وقال ابن الفوطي بعد أن ذكر تسلط المغول على بغداد وقتلهم لسكانها ونهب أموالها قال:

وأما أهل الحلة والكوفة فإنهم انتزحوا الى البطائح بأولادهم وما قدروا

__________________

(١) امل الآمل: ٢ / ٢٨٦.

(٢) رياض العلماء: ٥ / ١٢٨.

(٣) عمدة الطالب: ١٩١.

(٤) المصدر السابق: ١٩١.

(٥) موارد الاتحاف: ١ / ١٩٠.

٢٩

عليه من أموالهم، وحضر أكابرهم من العلويين والفقهاء مع مجد الدين ابن طاووس العلوي الى حضرة السلطان وسألوه حقن دمائهم فأجاب سؤالهم وعين لهم شحنة فعادوا الى بلادهم وأرسلوا الى من في البطائح من الناس يعرفونهم ذلك فحضروا بأهلهم وأموالهم وجمعوا مالا عظيما وحملوه الى السلطان فتصدق عليهم بنفوسهم وقد عد مجد الدين في عداد من ماتوا في سنة ٦٥٦ ه‍(١) .

كما وذكره عمر رضا كحالة في معجم المؤلفين(٢) .

١٠ - السيد قوام الدين أبو طاهر أحمد بن الحسن بن موسى بن جعفر ابن طاووس ذكره ابن الفوطى وقال عنه:

كان من السادات الأكابر الأكارم، الأعيان الأعاظم، حج بالناس في أيام السلطان أرغون بن السلطان أباقا وأيام أخيه كيخاتو وحسنت سيرته وتسييره الحاج ذهابا ومجيئا، وشكره أهل العراق والغرباء الذين حجوا معه وكان جميل السيرة كريما، وله خيرات دارّة على الفقراء وكان دمث الأخلاق جميل السيرة رأيته وكتبت عنه بالحلة وكان قد رسم لي في كل عام خمسمائة رطل من القسب وكانت وفاته في سنة أربع وسبعمائة(٣) . كما ذكره ابن عنبة فقال:

السيد قوام الدين أحمد بن عز الدين الحسن أمير الحاج درج أيضا وانقرض السيد عز الدين(٤) .

وقال عنه ابن بطوطة:

__________________

(١) الحوادث الجامعة: ٣٣٠.

(٢) معجم المؤلفين: ٩ / ٢٢٤.

(٣) تلخيص مجمع الاداب: ٤ / ٧٥٧.

(٤) عمدة الطالب: ١٩١.

٣٠

السيد الشريف أبو طاهر أمير الحاج نقيب المشهد الشريف الغروي(١) كما ورد ذكره في موارد الأتحاف(٢) .

١١ - السيد رضي الدين أبو القاسم علي ابن السيد غياث الدين أبي المظفر عبد الكريم بن أحمد بن موسى بن جعفر ابن طاووس.

وهو عالم فاضل جليل وهو ابن صاحب كتاب ( فرحة الغري ) السيد عبد الكريم. وقد شارك عمه السيد رضي الدين عليا وابن عمه في اسمهما وكنيتهما ولقبهما وقد مرت الإشارة الى ذلك.

ذكره عبد الله الأفندي فقال:

فاضل جليل إلى أن قال: قد رأيت على ظهر نسخة من كتاب المجدي في أنساب الطالبين تأليف الشريف أبي الحسن علي بن محمد بن علي العلوي العمري النسابة صورة إجازة من السيد عبد الحميد بن فخار الموسوي لوالد هذا السيد - أعني عبد الكريم - المذكور وله أيضا وكان في جملته بهذه العبارة ( واجزت له ولولده السيد المبارك المعظم رضي الدين أبي القاسم علي أمتعه الله بطول حياته ). وقال أيضا:

رأيت في مشهد الرضا بخط ابن داودرحمه‌الله على آخر نسخة من كتاب الفصيح المنظوم لثعلب في اللغة نظم ابن أبي الحديد المعتز لي بهذه العبارة: ( بلغت المعارضة بخط المصنف مع مولانا النقيب الطاهر العلامة مالك الرق رضي الملة والحق والدين جلال الإسلام والمسلمين أبي القاسم علي بن مولانا الطاهر السعيد الإمام غياث الحق والدين عبد الكريم ابن طاووس العلوي الحسني عز نصره وزيدت فضائله، كتبه مملوكه حقا حسن

__________________

(١) رحلة ابن بطوطه: ١١١.

(٢) موارد الاتحاف: ٢ / ٤٧.

٣١

ابن علي بن داود غفر الله له في ثالث عشر من شهر رمضان المبارك من سنة إحدى وسبعمائة حامدا مصليا مستغفرا )(١) .

ووصفه الحر العاملي بالفاضل الصدوق وقال عنه إنه روى الشهيد عن ابن معية عنه ويروي عن أبيه(٢) .

وقال السيد عبد الرزاق كمونة:

كان سيدا جليل القدر كثير العلم واسع الرواية ولي نقابة مقابر قريش بعد وفاة والده. وقد رأيت أنه حدث غرق في بغداد سنة ٧٢٥ وكان نقيبا في مقابر قريش وتوفي بالطاعون الجارف سنة ٧٤٩ ودفن في المشهد الكاظمي(٣) .

وقال ابن عنبة: وولد غياث الدين عبد الكريم رضي الدين أبا القاسم عليا درج(٤) .

١٢ - السيد قوام الدين أحمد بن رضي الدين أبي القاسم علي بن رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن جعفر ابن طاووس.

قال ابن عنبة: وأما أبو القاسم رضي الدين صاحب الكرامات فولد صفي الدين محمد الملقب بالمصطفى مات دارجا والنقيب رضي الدين عليا والد النقيب قوام الدين أحمد(٥) .

قال عنه الأعلمي:

__________________

(١) رياض العلماء: ٤ / ١٢٣.

(٢) امل الآمل: ٢ / ١٩٣.

(٣) موارد الاتحاف: ٢ / ١٦٨.

(٤) عمدة الطالب: ١٩١.

(٥) عمدة الطالب: ١٩١.

٣٢

النقيب النسابة ولي النقابة بعد أبيه في أيام طفولته حضر عند السلطان السعيد أولجايتو طفلا فأجلسه على فخده وعظمه وولاه النقابة مكان رضي الدين(١) .

وكذلك ذكره إبن بطوطة عند وروده مشهد علي بن أبي طالبعليه‌السلام (٢) وكذلك ذكره صاحب موارد الأتحاف(٣) وتلخيص مجمع الأداب(٤) .

١٣ - نجم الدين أبو بكر عبد الله بن قوام الدين أحمد بن رضي الدين علي بن رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس.

ذكره ابن عنبة فقال: وولد النقيب قوام الدين نجم الدين أبا بكر عبد الله النقيب الطاهر وأخاه عمر ودرج الأول فإن كان للآخر عقب وإلا فقد انقرض آل طاووس(٥) .

ذكره الأعلمي فقال:

ولي النقابة ببغداد والحلة وسامراء بعد أبيه ولم يلي المشهدين وكان يدعى بنقيب النقباء ولكنه مات دارجا(٦) .

١٤ - السيد محمد بن أبي بكر بن أحمد بن علي بن موسى بن جعفر ابن طاووس كذا جاء في موارد الأتحاف وزاد عليه: قال ابن مهنا العبيدلي في

__________________

(١) دائرة المعارف: ٣ / ٢٠١.

(٢) رحلة ابن بطوطه: ١١١.

(٣) موارد الاتحاف: ١ / ١١٢.

(٤) تلخيص مجمع الاداب: ٤ / ٧٦٢.

(٥) عمدة الطالب: ١٩١.

(٦) دائرة المعارف: ٣ / ٢٠١.

٣٣

التذكرة كان نقيب مشهد الكاظمعليه‌السلام (١) .

وهو كما ترى لا يخلو من تأمل فإن علي بن موسى بن جعفر كما صرح بذلك ابن عنبة(٢) قد ولد ابنين محمدا الملقب بالمصطفى وأنه مات دارجا وعليا وأنه قد ولد قوام الدين أحمد وولد هذا الأخير نجم الدين أبا بكر عبد الله وأخاه عمر ودرج الأول فعليه لا بد أن يكون قد سقط من سلسلة النسب ( علي ) الذي هو ابن علي بن موسى بن جعفر ولكن هناك ابهام آخر وهو أنه على قول ابن عنبة فإن أبا بكر عبد الله بن أحمد قد مات دارجا لا عقب له فمن يكون السيد محمد هذا؟

١٥ - السيد عز الدين أو عز الشرف أبو المكارم حمزة بن سعد الشرف الحسن ابن الحسن بن علي ابن طاووس العلوي الحسني.

كذا ذكره ابن الفوطي ووصفه بالفقيه العابد وقال عنه: هو أخو كمال الدين علي وكان عز الشرف حمزة بن سعد الشرف كثير العبادة وكثير الوسوسة، رأيته سنة إحدى وثمانين وستمائة بالحلة السيفية وكتبت عنه:

فلا تأمنن الناس إني بلوتهم

فلم يبد لي منهم سوى الشر فاعلم

فإن تلق ذئبا فاطلب الخير عنده

وإن تلق إنسانا فقل رب سلم

وتوفي فجأة سنة عشر وسبعمائة(٣) .

أقول: والكلام السابق في السيد محمد يأتي هنا أيضا فإن من ترجم للسيد رضي الدين علي ابن طاووس لم يذكر له ابنا بإسم الحسن فتأمل وقد نقلت ما جاء عن ابن الفوطي ولم أتعرف على المترجم له بأكثر مما هو مسطور أعلاه.

__________________

(١) موارد الاتحاف: ٢ / ١٦٩.

(٢) عمدة الطالب: ١٩١.

(٣) تلخيص مجمع الادآب: ١ / ١٤٣ من المطبوع ترجمة رقم ١٦٥.

٣٤

مؤلف الكتاب

هو السيد الجليل والعالم الزاهد جمال الدين أبو الفضائل أحمد بن موسى بن جعفر ابن طاووس العلوي الحسني.

قد مرت الإشارة الى أن أباه هو السيد الجليل العابد موسى بن جعفر وقد أعقب أربعة بنين وهم: أبو الفضائل أحمد ورضي الدين علي وشرف الدين محمد وعز الدين الحسن وان امه هي بنت الشيخ ورام ابن أبي فراس.

كان المترجم له فقيها عالما فاضلا أديبا شاعرا متكلما مقدما جليلا وصفه ابن عنبة بالعالم الزاهد المصنف(١) وقال عنه تلميذه المعظم الحسن بن داود الحلي في كتابه المعروف برجال ابن داود: أحمد بن موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد الطاووس العلوي الحسني سيدنا الطاهر الإمام المعظم فقيه أهل البيت جمال الدين أبو الفضائل مات سنة ثلاث وسبعين وستمائة، مصنف مجتهد كان أورع فضلاء زمانه، قرأت عليه أكثر « البشرى » و « الملاذ » وغير ذلك من تصانيفه، وأجاز لي جميع تصانيفه ورواياته، وكان شاعرا مصقعا بليغا منشئا مجيدا. من تصانيفه

__________________

(١) عمدة الطالب: ١٩٠.

٣٥

كتاب « بشرى المحققين » في الفقه ست مجلدات، كتاب « الملاذ » في الفقه أربع مجلدات، كتاب « الكر » مجلد، كتاب « السهم السريع » في تحليل المبايعة مع القرض مجلد، كتاب « الفوائد العدة » في اصول الفقه مجلد كتاب « الثاقب المسخر على نقض المشجر » في اصول الدين، كتاب « الروح » نقضا على ابن أبي الحديد؛ كتاب « شواهد القرآن » مجلدان، كتاب « بناء المقالة العلوية في نقض الرسالة العثمانية » مجلد، كتاب « المسائل » في اصول الدين مجلد. كتاب « عين العبرة في غبن العترة » مجلد، كتاب « زهرة الرياض » في المواعظ مجلد، كتاب « الاختيار في أدعية الليل والنهار » مجلد، كتاب « الأزهار » في شرح لامية مهيار مجلدان كتاب « عمل اليوم والليلة » مجلد وله غير ذلك تمام اثنين وثمانين مجلدا من أحسن التصانيف وأحقها، وحقق الرجال والرواية والتفسير تحقيقا لا مزيد عليه، رباني وعلمني وأحسن إلي وأكثر فوائد هذا الكتاب ونكته من إشاراته وتحقيقاته جزاه الله عني أفضل جزاء المحسنين(١) .

وقال العلامة الحلي قدس الله روحه في إجازته لبني زهرة في ذكر ما اجيز له روايته عن مشايخه:

ومن ذلك جميع ما صنفه السيدان الكبيران السعيدان رضي الدين علي وجمال الدين أحمد ابنا موسى بن طاووس الحسنيان قدس الله روحهما وروياه وقرآه واجيز لهما روايته عني عنهما وهذان السيدان زاهدان عابدان ورعان(٢) .

قال عنه الحر العاملي بعد أن ساق نسبه الشريف: كان عالما فاضلا صالحا زاهدا عابدا ورعا فقيها محدثا مدققا ثقة ثقة شاعرا جليل القدر عظيم الشأن من مشائخ العلامة وابن داود. ثم نقل عبارة الحسن بن داود

__________________

(١) رجال ابن داود: ٤٥.

(٢) بحار الانوار: ١٠٧ / ٦٣.

٣٦

المتقدمة(١) .

ووصفه الشهيد الثانيقدس‌سره في إجازته لوالد الشيخ البهائي: بالسيد الإمام العلامة مصنف كتاب بشرى المحققين في الفقه ست مجلدات. وقال في ذكر كتبه الاخرى: وكتاب « ملاذ علماء الإمامية » في الفقه أربع مجلدات وكتاب « حل الإشكال في معرفة الرجال » وهذا الكتاب عندنا موجود بخطه المبارك وغيرها من الكتب تمام اثنين وثمانين مجلدا كلها من أحسن التصانيف وأحقها قدس الله روحه الزكية(٢) .

ووصفه المحقق عبد الله الأفندي الأصبهاني بالسيد السند الجليل وقال بعد أن نقل عبارة تلميذه الحسن بن داود المتقدمة:

ومن جملة كتبه « حل الإشكال في معرفة الرجال » ألفه على منوال اختيار رجال الكشي للشيخ الطوسي وقد حرره الشيخ حسن بن شيخنا الشهيد الثاني وسماه « التحرير الطاووسي » وكان فراغ السيد من الكتاب المذكور يوم الثالث والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وستمائة بالحلة مجاورا للدار التي كانت لجده ورام ابن أبي فراس(٣) .

وقال عنه صاحب روضات الجنات بعد أن وصفه بالسيد الجليل الفاضل الكامل وبعد أن نقل قسما من كلام الحسن بن داود:

ثم ان من جملة ما نسبه إليه الحسن بن داود المذكور هو كتاب « عين العبرة في غبن العترة » وبناؤه فيه على التكلم في الآيات الواردة في شأن أهل البيتعليهم‌السلام وتحقيق ذلك مع الآيات النازلة في بطلان طريقة مخالفيهم وحق الابانة عن جملة من مساويهم وهو نادر في بابه، مشتمل على

__________________

(١) امل الآمل: ٢ / ٢٩.

(٢) بحار الانوار: ١٠٨ / ١٥٤.

(٣) رياض العلماء: ١ / ٧٤.

٣٧

فوائد جليلة لم توجد في غير حسابه وقد أسنده في الديباجة وغيرها مكررا الى مسمى بعبد الله بن إسماعيل مع أن رجلا بهذه النسبة لم يوجد في طبقة من علماء أصحابنا وكان وجه ذلك رعاية غاية التقية ووقاية مهجة البقية. وعندنا منه نسخة ظريفة كلها بخط شيخنا الشهيد الثاني أعلى الله تعالى مقامه - وعلى ظهرها بخطه الشريف أيضا ما هو بهذه الصورة: كتاب « عين العبرة في غبن العترة » تأليف عبد الله بن إسماعيل - سامحه الله - وجدت بخط شيخنا الشهيد -رحمه‌الله - على ظهر هذا الكتاب ما صورته: هذا الكتاب من تصانيف السيد السعيد العلامة جمال الدين أبي الفضائل أحمد بن موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد الطاووس الحسني طاب ثراه وانتسابه الى « عبد الله بن إسماعيل » لأن كل العالم عباد الله ولأنه من ولد إسماعيل الذبيحعليه‌السلام . انتهى كلام الشهيد، قلت: وقد ذكر هذا الكتاب منسوبا الى السيد المذكور تلميذه الشيخ تقي الدين الحسن بن داود الحليرحمه‌الله في كتاب ( الرجال ) عند ذكر السيد وتعداد مصنفاته(١) .

وقال العلامة السيد محسن الأمين:

كان مجتهدا واسع العلم إماما في الفقه والاصولين والأدب والرجال ومن أورع فضلاء أهل زمانه وأتقنهم وأثبتهم وأجلهم وهو أول من قسم الأخبار من الإمامية الى أقسامها الأربعة المشهورة: الصحيح والموثوق والحسن والضعيف. واقتفى أثره في ذلك تلميذه العلامة وسائر من تأخر عنه من المجتهدين الى اليوم وزيد عليها في زمن المجلسيين على ما قيل بقية أقسام الحديث المعروفة من المرسل والمضمر والمعضل والمسلسل والمضطرب

__________________

(١) روضات الجنات: ١ / ٦٦.

٣٨

والمدلس والمقطوع والموقوف والمقبول والشاذ والمعلق وغيرها(١) .

وقال العلامة المحدث الجليل الشيخ النوري في مستدرك وسائل الشيعة بأنه أول من نظر في الرجال وتعرض لكلمات أربابها في الجرح والتعديل وما فيها من التعارض وكيفية الجمع في بعضها ورد بعضها(٢) .

مشايخه:

يروى السيد جمال الدين أحمد عن جماعة نذكر منهم.

١ - الشيخ نجيب الدين ابن نما.

٢ - الشيخ يحيى بن محمد بن يحيى بن الفرج السوراوي.

٣ - السيد فخار بن معد الموسوي.

٤ - السيد أحمد بن يوسف بن أحمد العريضي العلوي الحسيني.

٥ - الشيخ سعيد الدين أبا علي الحسين بن خشرم الطائي.

وأما تلامذته فأبرزهم:

١ - العلامة الحلي الحسن بن يوسف.

٢ - الشيخ تقي الدين الحسن بن داود الحلي صاحب كتاب ( الرجال ).

٣ - ولده السيد غياث الدين عبد الكريم ابن طاووس. توفي المترجم له كما ذكر تلميذه الشيخ حسن سنة ٦٧٣ ه‍ بالحلة الفيحاء وقبره فيها قد ظهر في السنين الأخيرة برؤيا رآها بعض الصالحين(٣) . وهو الآن عليه قبة بيضاء

__________________

(١) اعيان الشيعة: ٣ / ١٨٩ طبعة دار التعارف بيروت.

(٢) مستدرك وسائل الشيعة: ٣ / ٤٦٦.

(٣) لؤلؤة البحرين: ٢٤٢.

٣٩

في الشارع الواقع ظاهر المدينة الغربي على مقربة من باب كربلاء المعروف عند أهل الحلة بباب ( الحسين ) يتبرك الناس بزيارته خصوصا في كل يوم سبت من شهر رجب وكانت المحلة التي فيها قبره الآن تعرف قبل ثلاثة قرون بمحلة ( أبي الفضائل )(١) . ولكن ابن الفوطي المعاصر له قد ذكر في كتابه « الحوادث الجامعة » في حوادث سنة ٦٧٣ « أن فيها توفي جمال الدين أحمد ابن طاووس بالحلة ودفن عند جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام » فلا يعرف بناءا على هذا القول الأخير وجه تسمية القبر المنسوب الى المترجم له بالحلة. هذا وقد أعقب المترجم له العالم الجليل نادرة الدهر وأعجوبة الزمان السيد غياث الدين عبد الكريم ولم يذكر له ابن آخر.

وقد رثاه الشاعر عز الدين أبو علي الحسن بن محمد بن أبي الرضا ابن محمد العلوي الحلي بأبيات أولها:

رحلت جمال الدين فارتحل المجد

وغاض الندى والعلم والحلم والزهد(٢)

شعره:

جاء في آخر كتابه بناء المقالة الفاطمية عدة مقطوعات شعرية نذكر منها هذه الأبيات قالها عند توجهه الى مشهد أمير المؤمنينعليه‌السلام :

أتينا تباري الريح منا عزائم

الى ملك يستثمر الغوث آمله

كريم المحيا ما أظل سحابه

فاقشع حتى يعقب الخصب هاطله

إذا آمل أشفت على الموت روحه

أعادت عليه الروح فاتت شمائله

من الغرر الصيد الأماجد سنخه

نجوم إذا ما الجو غابت أوافله

إذا استنجدوا للحادث الضخم سددوا

سهامهم حتى تصاب مقاتله

وها نحن من ذاك الفريق يهزنا

رجاء تهز الأريحي وسائله

__________________

(١) البابليات: ١ / ٦٧.

(٢) تلخيص مجمع الاداب: ١ / ١٠٣.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534