طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب0%

طرف من الأنباء والمناقب مؤلف:
المحقق: الشيخ قيس العطّار
الناشر: انتشارات تاسوعاء
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 653

طرف من الأنباء والمناقب

مؤلف: ابو القاسم علی بن موسی بن جعفر بن محمد بن طاووس حلّی (سيد بن طاووس)
المحقق: الشيخ قيس العطّار
الناشر: انتشارات تاسوعاء
تصنيف:

الصفحات: 653
المشاهدات: 189204
تحميل: 3928

توضيحات:

طرف من الأنباء والمناقب
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 653 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 189204 / تحميل: 3928
الحجم الحجم الحجم
طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب

مؤلف:
الناشر: انتشارات تاسوعاء
العربية

الطّرفة التاسعة

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٦٥؛ ٣٩٦ ) ونقلها العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩٠ ) مختصرة.

لقد وردت روايات كثيرة في مدح العبّاس بن عبد المطلّب، كما وردت رواية صحيحة في ذمّه، انظر معجم رجال الحديث ( ج ١٠؛ ٢٥٣، ٢٥٤ ). وليس هاهنا موضع بحثها رجاليّا بالتفصيل، وإنّما نقول: أنّ ما في هذه الطّرفة ورد مثله وله شواهد كثيرة.

ففي تفسير الإمام الحسن العسكريّعليه‌السلام ( ٥ - ٧ ) قال الباقر: لمّا أمرصلى‌الله‌عليه‌وآله العبّاس وغيره بسدّ الأبواب وأذن لعليّ بترك بابه، جاء العبّاس وغيره من آل محمّد، فقالوا: يا رسول الله ما بال عليّ يدخل ويخرج؟ فقال رسول الله: ذاك إلى الله فسلّموا لله حكمه، هذا جبرئيل جاءني عن الله عزّ وجلّ بذلك، ثمّ أخذهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما كان يأخذه إذا نزل الوحي، فسرّي عنه، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عبّاس، يا عمّ رسول الله، إنّ جبرئيل يخبرني عن الله « انّ عليّا لم يفارقك في وحدتك، وآنسك في وحشتك، فلا تفارقه في مسجدك »، لو رأيت عليّا وهو تيضوّر على فراش محمّد واقيا روحه بروحه، متعرضا لأعدائه، مستسلما لهم أن يقتلوه، كافيا شرّ قتلهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لعلمت أنّه يستحقّ من محمّد الكرامة والتفضيل، ومن الله التعظيم والتبجيل، إنّ عليّا قد انفرد عن الخلق في المبيت على فراش محمّد، ووقاية روحه بروحه، فأفرده الله تعالى دونهم بسلوكه في مسجده.

ولو رأيت عليّا - يا عمّ رسول الله - وعظيم منزلته عند ربّ العالمين، وشريف محلّه

٣٠١

عند الملائكة المقرّبين، وعظيم شأنه في أعلى علّيين، لا ستقللت ما تراه له هاهنا.

إيّاك يا عمّ رسول الله أن تجد له في قلبك مكروها فتصير كأخيك أبي لهب، فإنّكما شقيقان.

يا عمّ رسول الله، لو أبغض عليّا أهل السماوات والأرضين لأهلكهم الله ببغضه، ولو أحبّه الكفّار أجمعون لأثابهم الله عن محبّته بالعاقبة المحمودة؛ بأن يوفّقهم للإيمان ثمّ يدخلهم الجنّة برحمته.

يا عمّ رسول الله، إنّ شأن عليّ عظيم، إنّ حال عليّ جليل، إنّ وزن عليّ ثقيل، ما وضع حبّ عليّ في ميزان أحد إلاّ رجح على سيئاته، ولا وضع بغضه في ميزان إلاّ رجح على حسناته.

فقال العبّاس: قد سلّمت ورضيت يا رسول الله.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عمّ، انظر إلى السماء، فنظر العبّاس، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما ذا ترى؟ قال: أرى شمسا طالعة نقيّة من سماء صافيه جليّة، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عمّ رسول الله، إنّ حسن تسليمك لما وهب الله عزّ وجلّ لعلي من الفضيلة أحسن من هذه الشمس في هذه السماء، وعظم بركة هذا التسليم عليك أكثر من عظيم بركة هذه الشمس على النبات والحبوب والثمار حيث تنضجها وتنميها وتربّيها، فاعلم أنّه قد صافاك بتسليمك لعلي قبيلة من الملائكة المقربين أكثر من عدد قطر المطر وورق الشجر ورمل عالج وعدد شعور الحيوانات وأصناف النباتات، وعدد خطى بني آدم وأنفاسهم وألفاظهم وألحاظهم؛ كلّ يقولون: اللهم صلّ على العبّاس، عمّ نبيّك في تسليمه لنبيّك فضل أخيه عليّ، فاحمد الله واشكره، فلقد عظم ربحك وجلّت رتبتك في ملكوت السماوات.

ولتسليمه لعلي بالولاية جاء التسليم عليه في زيارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من البعد - كما في مفاتيح الجنان (٦١٨) نقلا عن المفيد والشهيد والسيّد ابن طاوس - حيث جاء في الزيارة « السلام عليك وعلى أهل بيتك الطيّبين الطاهرين الهادين المهديّين السلام على عمّك حمزة سيّد الشهداء، السلام على عمّك العبّاس بن عبد المطّلب، السلام على عمّك وكفيلك أبي طالب، السلام على ابن عمّك جعفر الطيّار في جنان الخلد ».

وقال العبّاس لعليعليه‌السلام - حين قلع عمر ميزاب العبّاس عن ظهر الكعبة -: يا بن أخي،

٣٠٢

إنّه كان لي عينان أنظر بهما، فمضت إحداهما وهي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبقيت الأخرى وهي أنت يا عليّ انظر بحار الأنوار ( ج ٨؛ ٢٤٤ ).

وفي إرشاد القلوب للديلمي ( ٣٩٠، ٣٩١ ) ذكر مشادّة وقعت للعبّاس وعليّعليه‌السلام مع أبي بكر، فيها قول العبّاس لعليعليه‌السلام : يا بن أخي أليس قد كفيتك؟ وإن شئت حتّى أعود إليه فاعرّفه مكانه وأنزع عنه سلطانه، فأقسم عليه عليّعليه‌السلام فسكت.

وفيه (٤٠٣) مرفوعا إلى سلمان الفارسيرضي‌الله‌عنه ، قال: كنت جالسا عند النبي المكرّم، إذ دخل العبّاس بن عبد المطّلب، فسلّم، فردّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليه ورحّب به، فقال: يا رسول الله بم فضّل علينا عليّ بن أبي طالب أهل البيت، والمعادن واحدة؟ فقال له النبي المكرم: إذن أخبرك يا عمّ [ ثمّ ذكر له أنّ الله خلقه وخلق عليّا قبل خلق العالم، ثمّ مزج روحيهما، وخلق من نورهما نور الحسن والحسين وفاطمة ] قال سلمان: فخرج العبّاس فلقيه أمير المؤمنين، فضمّه إلى صدره، فقبّل ما بين عينيه، فقال: بأبي عترة المصطفى من أهل بيت، ما أكرمكم على الله.

وقد أكّد النبي البيعة لعلي على العبّاس قبل وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لعلمه بما ستؤول إليه الأمور من ظلم عليّ وغضب حقّه، ولذلك أطبق المؤرّخون على أنّ العبّاس وقف بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بجانب عليّعليه‌السلام ودعا إلى بيعته، فقال له: امدد يدك أبايعك، فيقول الناس: عمّ رسول الله بايع ابن عمّه فلا يختلف عليك اثنان. انظر في هذا الأحكام السلطانيّة للماورديّ (٤) وتاريخ دمشق ( ج ٧؛ ٢٤٥ ) والصراط المستقيم ( ج ٣؛ ١٥٨ ) وطبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٢٤٦ ) والإمامة والسياسة ( ج ١؛ ٢١ ) والدرجات الرفيعة (٩٧).

وفي شرح النهج لابن ميثم ( ج ٢؛ ٢٦ ) أنّ عليّا امتنع من البيعة لأبي بكر بعد وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وامتنع معه جماعة بني هاشم كالزبير والعبّاس وبنيه وغيرهم، وقالوا: لا نبايع إلاّ عليّا.

وفي الإمامة والسياسة ( ج ١؛ ٢١ ) قول العبّاس لعليعليه‌السلام : ابسط يدك أبايعك ويبايعك أهل بيتي.

وفيه ( ج ١؛ ٩٨ ) قول العبّاس لعلي: فقد أوصيت عبد الله بطاعتك وبعثته على

٣٠٣

متابعتك، وأو جرته محبّتك. فكان العبّاس يوالي عليّا، وقد ناصره ودعا إلى بيعته، وأمر ولده وأهل بيته بذلك لمعرفته بحقّ عليّعليه‌السلام بالإمامة والولاية.

وفي شرح النهج ( ج ٦؛ ١٨ ) نقلا عن كتاب السقيفة للجوهريّ، أنّ أبا سفيان قال للعبّاس: يا أبا الفضل أنت أحقّ بميراث ابن أختك، امدد يدك لأبايعك فلا يختلف عليك الناس بعد بيعتي إيّاك، فضحك العبّاس، وقال: يا أبا سفيان، يدفعها عليّ ويطلبها العبّاس؟!

وانظر في عدم مبايعة العبّاس لأبي بكر وانضمامه إلى عليّ ومحاجته للشيخين، وأنّه كان من المتحصنين في الدار حين أراد عمر أن يحرق عليهم البيت، انظر تاريخ اليعقوبي ( ج ٢؛ ١٢٤ - ١٢٦ ) وسليم بن قيس (٧٧) والعقد الفريد ( ج ٥؛ ١٣ ) والإمامة والسياسة ( ج ١؛ ٢٨ ).

وفي الصراط المستقيم ( ج ٣؛ ١٠٦ ) قال: وأخرج مسلم أنّه قيل للزهريّ: لم يبايع عليّ ستّة أشهر؟ فقال: لا والله ولا واحد من بني هاشم.

وقد مرّت في ثنايا تخريجاتنا السالفة أكثر مطالب هذه الطّرفة، ودلّت عليها رواية تفسير الإمام العسكريّ أيضا، فانظر ما سلف.

فمن صدّق عليّا ووازره وأطاعه ونصره وقبله وأدى ما عليه من فرائض الله فقد بلغ حقيقة الإيمان

لقد دلّت الروايات من طرق الفريقين على أنّ الأعمال لا تقبل بدون ولاية عليّ بن أبي طالب، وأنّ المرء لو عبد الله ما عبده حتّى يكون كالشنّ البالي ثمّ جاء ببغض عليّ لأدخله الله النار، واستقصاء الروايات في ذلك يحتاج - بلا مبالغة - إلى مجلدات وأسفار، لكننا هنا نشير إلى بعضها لئلاّ يخلو منها الكتاب.

ففي إرشاد القلوب (٢٥٣): روي عن ابن عباس، قال: سأل رجل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن عمل يدخل به الجنّة، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : صلّ المكتوبات، وصم شهر رمضان، واغتسل من الجنابة، وأحبّ عليّا وادخل الجنّة من أيّ باب شئت، فو الّذي بعثني بالحقّ لو صلّيت

٣٠٤

ألف عام، وحججت ألف حجّة، وغزوت ألف غزوة، وأعتقت ألف رقبة، وقرأت التوراة والانجيل والزبور والفرقان، ولقيت الأنبياء كلّهم، وعبدت الله مع كلّ نبي ألف عام، وجاهدت معهم ألف غزوة، وحججت مع كلّ نبي ألف حجّة، ثمّ متّ ولم يكن في قلبك حبّ عليّ وأولاده، أدخلك الله النار مع المنافقين.

وفيه (٢٥٣) عن الصادقعليه‌السلام : أنّ الله تعالى ضمن للمؤمنين ضمانا، قال: قلت: وما هو؟ قال: ضمن له إن أقرّ لله بالربوبيّة، ولمحمّد بالنبوّة، ولعلي بالإمامة، وأدّى ما افترض عليه، أن يسكنه في جواره وهو في كشف الغمّة ( ج ١؛ ٣٨٩ ) أيضا.

وفي تفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ١٢٣ ) عن هشام بن عجلان، قال: قلت للصادقعليه‌السلام : أسألك عن شيء لا أسأل عنه أحدا، أسألك عن الإيمان الذي لا يسع الناس جهله؟ فقالعليه‌السلام : شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّدا رسول الله، والإقرار بما جاء من عند الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحجّ البيت، وصوم شهر رمضان، والولاية لنا، والبراءة من عدونا، وتكون من الصدّيقين.

وفي مناقب ابن المغازلي (٤٠) بسنده عن موسى بن إسماعيل، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه عليّعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أسبغ وضوءه، وأحسن صلاته، وأدّى زكاة ماله، وكفّ غضبه، وسجن لسانه، وبذل معروفه، واستغفر لذنبه، وأدّى النصيحة لأهل بيتي، فقد استكمل حقائق الإيمان، وأبواب الجنّة له مفتّحة.

وفي أمالي المفيد (١٣٩) بسنده عن أبي هارون العبديّ، قال: كنت أرى رأي الخوارج لا رأي لي غيره، حتّى جلست إلى أبي سعيد الخدريّ، فسمعته يقول: أمر الناس بخمس، فعملوا بأربع وتركوا واحدة، فقال له رجل: يا أبا سعيد ما هذه الأربع الّتي عملوا بها؟ قال: الصلاة، والزكاة، والحجّ، وصوم شهر رمضان، قال: فما الواحدة الّتي تركوها؟ قال: ولاية عليّ بن أبي طالب! قال الرجل: وإنّها لمفترضة معهنّ؟ قال أبو سعيد: نعم وربّ الكعبة، قال الرجل: فقد كفر الناس إذن؟! قال أبو سعيد: فما ذنبي. وهي أيضا

٣٠٥

في المسترشد (٤٧٥) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ١٩٩ ).

وانظر الفرائض مقرونة أو مختومة بالولاية لعلي وولدهعليهم‌السلام في إثبات الوصيّة (١٠١) والاحتجاج ( ج ١؛ ١٤٨ ) وكتاب سليم بن قيس (١٨٨) وكفاية الأثر ( ٢٨٣، ٢٨٤ ) في شروط الإسلام الّتي عرضها عبد العظيم الحسني على الإمام الهادي، وقول الإمام له: « هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده »، وأمالي الطوسي (١٢٤) وتفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٣٢٢ ) وبشارة المصطفى (١٠٨) والخصال ( ٤٣٢، ٤٣٣ ) وتفسير القمّي ( ج ١؛ ١٦٢ ) والكافي ( ج ١؛ ٢٠٠، ٢٨٩، ٢٩٠ ) و ( ج ٢؛ ١٨ ) وتفسير فرات (١٠٩).

وفي كفاية الأثر (١١٠) والصراط المستقيم ( ج ٢؛ ١١٦ ) عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: لا يتم الإيمان إلاّ بمحبّتنا أهل البيت، وإنّ الله تعالى عهد إليّ أنّه لا يحبّنا أهل البيت إلاّ مؤمن تقي ولا يبغضنا إلاّ منافق شقّي.

وفي شرح النهج ( ج ٦؛ ٢١٧ ) قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : والله لا يبغضه [ أي عليّاعليه‌السلام ] أحد من أهل بيتي ولا من غيرهم من الناس إلاّ وهو خارج من الإيمان.

وفي تاريخ بغداد ( ج ٤؛ ٤١٠ ) وكنوز الحقائق (٩٣) وبشارة المصطفى (١٥٤) قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عنوان صحيفة المؤمن حبّ عليّ بن أبي طالب. وهو حديث مخرّج في الصحاح والمسانيد الإماميّة، والعاميّة وقد ذاع صيته في الآفاق، وهو أشهر من أن يخفى.

وفي المسترشد (٢٩٢) قال عليّعليه‌السلام - في خطبة له -: حبّنا أهل البيت والإيمان معا.

وفي نهج الحقّ (٢٣٢) قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يقبل الله إيمان عبد إلاّ بولايته والبراءة من أعدائه. وهو في المناقب عن الصادق كما في ينابيع المودّة ( ج ١؛ ١٢١ ) وكفاية الطالب (٢٥١).

وانظر في أنّ الإيمان لا يتم إلاّ بولايتهعليه‌السلام ، والبراءة من أعدائه، الخصال (٣٤٦) واليقين (٣٥٣) وبصائر الدرجات (٤٣٣) وكفاية الأثر (١٢١) وتفسير فرات ( ٢٨٣، ٢٨٥، ٣١٠ ) والصراط المستقيم ( ج ٢؛ ١١٦ ) وتفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٢٨٥، ٢٨٦، ٣٢٦، ٣٩٦، ٤١٣ ) والكافي ( ج ١؛ ١٨١، ١٨٢، ١٨٥، ١٩٣، ١٩٤، ٢٠٨، ٢٠٩ ) وينابيع المودّة ( ج ٢؛ ١٢٨ ).

٣٠٦

وفي الكافي ( ج ١؛ ٣٩١ ) بسنده، عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال: من سرّه أن يستكمل الإيمان كلّه فليقل: القول منّي في جميع الأشياء قول آل محمّد، فيما اسروا وما أعلنوا، وفيما بلغني عنهم وفيما لم يبلغني.

بل إنّ عمر بن الخطّاب كان قد سمع ذلك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال مشيرا إلى عليّعليه‌السلام : هذا مولاي ومولى كلّ مؤمن، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن. انظر الرياض النضرة ( ج ٢؛ ١٧٠ ) ومناقب الخوارزمي (٩٧) والصواعق المحرقة (١٠٧) وذخائر العقبى (٦٨) وفرائد السمطين ( ج ١؛ ٧٨، ٧٩ / الأحاديث ٤٦، ٤٧، ٤٨، ٤٩ ).

وفي دلائل الإمامة (٢٣٧) بسنده، أنّ سلمان قال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وهل يكون إيمان بغير معرفة [ أي معرفة الأئمة ] بأسمائهم وأنسابهم؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا.

٣٠٧

٣٠٨

الطّرفة العاشرة

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٧٦، ٤٧٧ ) ونقلها العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩٠ ) باختصار.

لقد ذكرت المصادر الإسلاميّة، وروت كتب الفريقين، خطبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند منصرفه من حجّة الوداع، ومن ثمّ خطبته في المدينة قبل وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبلّغ في كلا الموضعين - غير المواضع الأخرى الكثيرة - ولاية عليّعليه‌السلام ، وأوصى المسلمين بالتمسّك بكتاب الله وعترته أهل بيته. وهذا ممّا لا يتنازع في صدوره عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله اثنان.

وأمّا سبب تخصيص هذه الطّرفة بالأنصار، فلأنّهم أطوع الناس للرسول والوصي، ولم تكن في قلوبهم الأحقاد الّتي كانت في صدور المهاجرين - أعني قريشا - لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام ، الّذي وترهم في الله بسيفه، وقد صرّحت الزهراءعليها‌السلام بذلك في خطبتها بعد غصب حقّها، وصرّح عليّعليه‌السلام طيلة عمره الشريف بظلم قريش له وحقدهم عليه وحسدهم له، بخلاف الأنصار الذين آزروا عليّا ونصروه وتابعوه حتّى آخر لحظة من عمره، حتّى أنّه لم يتخلّف عن بيعته - بعد عثمان - سوى نفر من الأنصار لا يتجاوزون عدد الأصابع، بخلاف قريش الّتي حاربته وألّبت عليه، وقد ثبت في التواريخ والسير أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مدح الأنصار، وأوصى بهم، وشكر لهم نصرتهم للإسلام، وبذلهم الأموال، ومواساتهم للمسلمين، وهذا بمنزلة الضروري من المطالب.

٣٠٩

قال لهمصلى‌الله‌عليه‌وآله : كتاب الله وأهل بيتي فإنّ اللّطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض

اعلم أنّ حديث الثقلين من الأحاديث المتواترة عند الفريقين، قال المناوي في فيض القدير ( ج ٣؛ ١٤ ): « قال السمهوديّ: وفي الباب ما يزيد عن عشرين من الصحابة »، وقال ابن حجر في الصواعق المحرقة (١٣٦): « اعلم أنّ الحديث التمسك بذلك طرقا كثيرة، وردت عن نيّف وعشرين صحابيا ».

وقد رواه عن النبي أكثر من ثلاثين صحابيا، وما لا يقل عن ثلاثمائة عالم من كبار علماء أهل السنة. انظر نفحات الأزهار ( ج ١؛ ١٨٥، ١٨٦ ).

وقد أفرد العلاّمة السيّد مير حامد حسين جزءين من « عبقات الأنوار » في طرق هذا الحديث، وانظر بعض تخريجاته في كتاب قادتنا ( ج ٧؛ ٣٥٤ - ٣٧٣ ).

وفي أمالي الطوسي (٢٥٥) بسنده، عن أبي سعيد الخدريّ، أنّه سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنّي تارك فيكم الثقلين، ألا إنّ أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض. وقال: ألا إنّ أهل بيتي عيبتي الّتي آوي إليها، وإنّ الأنصار كرشي، فاعفوا عن مسيئهم وأعينوا محسنهم.

وفي صحيح مسلم ( ج ٧؛ ١٢٢ / باب فضائل عليّ ) ما روى بإسناده عن زيد بن أرقم، قال فيه: قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوما فينا خطيبا بماء يدعى خمّا بين مكّة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكّر، ثمّ قال: أما بعد، ألا أيّها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربّي، فأجيب، وأنا تارك فيكم الثقلين: أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه، ثمّ قال: وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي.

فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ فقال: نساؤه من أهل بيته؟! ولكنّ أهل بيته من حرم الصدقة عليه بعده.

وفي حديث آخر أخرجه مسلم في صحيحه ( ج ٧؛ ١٢٣ ) عن زيد، وفيه: فقلنا: من

٣١٠

أهل بيته، نساؤه؟ قال: لا، وأيم الله إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر، ثمّ يطلّقها فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته الّذين حرموا الصدقة بعده.

وقال ابن حجر في الصواعق المحرقة (١٣٧) ثمّ أحقّ من يتمسك به منهم إمامهم عليّ ابن أبي طالب، لما قلنا من مزيد علمه ودقائق مستنبطاته.

وفي كتاب مائة منقبة لابن شاذان ( ١٤٠ / المنقبة ٨٦ ) رواه بسنده عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعليّ بن أبي طالب.

وفي معاني الأخبار (٩١) قال: فقام إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله جابر بن عبد الله، فقال: يا رسول الله ومن عترتك؟ قال: عليّ والحسن والحسين والأئمّة من ولد الحسين إلى يوم القيامة.

وانظر بعض تخريجات حديث الثقلين في تفسير العيّاشي ( ج ١؛ ١٥، ١٦ ) وتفسير القمّي ( ج ١؛ ١٧٢، ١٧٣ ) وأمالي الطوسي ( ١٦٢، ٥٤٨ ) وكشف الغمّة ( ج ١؛ ٤٩ ) وتقريب المعارف (١١١) ومعاني الأخبار ( ٩٠، ٩١ ) وفيه خمسة أحاديث، ونهج الحق ( ٢٢٥ - ٢٢٨ ) والعمدة لابن البطريق ( ٦٨ - ٧٦ ) وفيه أحد عشر حديثا، والكافي ( ج ١؛ ٢٩٤ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٤١ ).

وجواهر العقدين المخطوط (١٧٢) وكنز العمال ( ج ١٣؛ ١٤٠ ) وشرح النهج ( ج ٦؛ ٣٧٥ ) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ٢٠، ٢٩ ) وسنن الترمذيّ ( ج ٥؛ ٣٢٩ ) والدرّ المنثور ( ج ٦؛ ٧ ) ومسند أحمد ( ج ٢؛ ٥٨٥ ) و ( ج ٣؛ ٢٦ ) و ( ج ٤؛ ٣٦٦ ) والسنن الكبرى ( ج ٢؛ ١٤٨ ) ونظم درر السمطين (٢٣١) وتذكرة الخواص (٣٢٢) ومناقب ابن المغازلي ( ١٨، ٢٣٥ ) وصحيح مسلم ( ج ٤؛ ١٨٧٣ / باب فضائل عليّ ) وفيه عدّة أحاديث، وسنن ابن ماجة ( ج ٢؛ ٤٧٩ / باب افتراق الأمم ) وسنن أبي داود ( ج ٤؛ ١٩٧، ١٩٨ ) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١٦٣ ) وكفاية الطالب (٥٢) وأسد الغابة ( ج ٢؛ ١٢ ).

وهاهنا ملاحظة لا بدّ من التنبيه عليها، وهي أنّ الأسانيد الصحاح روت هذا الحديث في أماكن مختلفة، وأنّ النبي قاله في مواطن متعددة.

ففي الصواعق المحرقة (١٣٦) قال ابن حجر: اعلم أنّ لحديث التمسك بذلك طرقا كثيرة،

٣١١

وردت عن نيّف وعشرين صحابيا، وفي بعض تلك الطرق أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال ذلك بحجّة الوداع بعرفة، وفي أخرى أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قاله بالمدينة في مرضه وقد امتلأت الحجرة بأصحابه، وفي أخرى أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال ذلك بغدير خمّ، وفي أخرى أنّه لمّا قام خطيبا بعد انصرافه من الطائف، ولا تنافي؛ إذ لا مانع من أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله كرر عليهم ذلك في هذه المواطن وغيرها، اهتماما بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة.

ألا وإن الإسلام سقف تحته دعامة الدعامة دعامة الإسلام، وذلك قوله تعالى:( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) (١) فالعمل الصالح طاعة الإمام ولي الأمر والتمسك بحبل الله

يدلّ على هذا المطلب كلّ ما دلّ على أنّ قبول الفرائض والأعمال مشروط بمعرفة الأئمّةعليهم‌السلام ، كما مرّ تخريجه؛ فإنّ دعائم الإسلام كلّها تنتهي إلى دعامة طاعة الإمام ومتابعته ومعرفته، وقد ورد التصريح بذلك في روايات أهل البيتعليهم‌السلام وأنّهم دعائم الإسلام.

ففي تفسير القمّي ( ج ٢؛ ٢٠٨ ) عن الصادقعليه‌السلام : وقوله:( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) (٢) ، قال: كلمة الإخلاص، والإقرار بما جاء من عند الله من الفرائض، والولاية ترفع العمل الصالح إلى الله.

وعن الصادقعليه‌السلام أنّه قال:( الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ) قول المؤمن « لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، عليّ ولي الله وخليفة رسول الله »، وقال:( وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ ) الاعتقاد بالقلب أنّ هذا هو الحقّ من عند الله لا شكّ فيه من ربّ العالمين. وانظر تفسير البرهان ( ج ٣؛ ٣٥٩ / الحديث ٦ ) نقلا عن القمّي.

وفي البرهان ( ج ٣؛ ٣٥٨ / الحديث ١ ) نقلا عن الكليني بسنده إلى الصادقعليه‌السلام ، قال:

__________________

(١) فاطر؛ ١٠

(٢) فاطر؛ ١٠

٣١٢

( الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) ولا يتنا أهل البيت - وأهوى بيده إلى صدره - فمن لم يتولّنا لم يرفع الله له عملا.

وفي أمالي المفيد (٢١٧) بسنده، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : يا عليّ أنا وأنت وابناك الحسن والحسين، وتسعة من ولد الحسين أركان الدين ودعائم الإسلام. وروى مثله ابن جرير الطبريّ الإمامي في بشارة المصطفى (٤٩) ورواه والد الشيخ الصدوق في الإمامة والتبصرة (١١١) وفيه زيادة « من تبعنا نجا ومن تخلف عنّا فإلى النار ».

وفي بصائر الدرجات (٨٣) بسنده إلى الباقرعليه‌السلام قال: ونحن دعائم الإسلام.

وفي ينابيع المودّة ( ج ٣؛ ١٤٧ ) عن الإمام الباقرعليه‌السلام ، قال: نحن حجج الله، ونحن أركان الإيمان، ونحن دعائم الإسلام. نقله عن فرائد السمطين ( ج ٢؛ ٢٥٣ ) بسنده إلى الباقرعليه‌السلام .

وفي أمالي الصدوق (٥٠٠) بسنده عن عليّعليه‌السلام ، أنّه قال لقنبر: يا قنبر ألا إنّ لكلّ شيء دعامة، ودعامة الإسلام الشيعة.

وفي أمالي المفيد (٣٥٣) بسنده إلى الصادقعليه‌السلام ، قال: بني الإسلام على خمس دعائم: إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان، وحجّ البيت الحرام، والولاية لنا أهل البيت. ورواه الصدوق في أماليه (٢٢١) والطبريّ الإمامي في بشارة المصطفى (٦٩).

وفي تفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٢٧٩ ) عن يحيى السري، قال: قلت للصادق: أخبرني عن دعائم الإسلام الّتي بني عليها الدين، ولا يسع أحد التقصير في شيء منها؛ الّتي من قصر عن معرفة شيء منها فسد عليه دينه ولم يقبل منه عمله، ومن عرفها وعمل بها صلح له دينه وقبل منه عمله، ولم يضرّ ما هو فيه بجهل شيء من الأمور إن جهله؟ فقالعليه‌السلام : نعم، شهادة أن لا إله إلاّ الله، والإيمان برسوله، والإقرار بما جاء من عند الله، وحقّ من الأموال الزكاة، والولاية الّتي أمر الله بها ولاية آل محمّد ومثله في ينابيع المودّة ( ج ١؛ ١١٦ ).

وانظر الكافي ( ج ٢؛ ١٨ - ٢٠ ) ففيه خمسة عشر حديثا في دعائم الإسلام وأنّها مشروطة بالإمامة والولاية لأهل بيت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وكتب الصدوقرحمه‌الله - الذي تعد أقواله مضامين الروايات - لمن سأله عن وصف

٣١٣

دين الإماميّة على الإيجاز والاختصار: إنّ الدعائم الّتي بني عليها خمس: الصلاة والزكاة والصوم والحج وولاية النبي والأئمّة من بعده، وهم اثنا عشر؛ أوّلهم أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام وآخرهم الحجّة بن الحسنعليهم‌السلام .

الله الله في أهل بيتي، مصابيح الهدى، ومعادن العلم، وينابيع الحكم

هذا وما سيأتي في الطّرفة (٢٠) من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الله الله في أهل بيتي، فإنّهم أركان الدين ومصابيح الظلم ومعدن العلم » مضمون واحد.

وهذا المضمون لا يكاد يحصى في روايات أهل البيت، وفي روايات العامة أيضا، وهو مذكور في جلّ المصادر والكتب الّتي خرّجت حديث الثقلين، وبيعة غدير خم، فراجعها.

وفي الكافي ( ج ١؛ ٢٢١ ) عقد بابا أسند فيه ثلاثة أحاديث تحت عنوان « أنّ الأئمّة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة »، في الثالث منها بإسناده إلى الصادقعليه‌السلام أنّه قال لخيثمة: يا خيثمة، نحن شجرة النبوة، وبيت الرحمة، ومفاتيح الحكمة، ومعدن العلم، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، وموضع سرّ الله، ونحن وديعة الله في عباده، ونحن حرم الله الأكبر، ونحن ذمّة الله، ونحن عهد الله، فمن وفى بعهدنا فقد وفي بعهد الله، ومن خفرها فقد خفر ذمة الله وعهده.

وفي بصائر الدرجات ( ٣٨٢ - ٣٨٥ ) عقد ابن فروخ الصفّار في الجزء السابع / الباب ١٩ في ذلك، تحت عنوان « ما جاء عن الأئمّة من أحاديث رسول الله الّتي صارت إلى العامّة وما خصّوا به من دونهم ».

وفي الحديث التاسع من الباب المذكور بسنده عن عليّعليه‌السلام أنّه: صعد على منبر الكوفة، فحمد الله وأثنى عليه وشهد بشهادة الحقّ، ثمّ قال: إنّ الله بعث محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله بالرسالة، واختصّه بالنبوّة، وأنبأه بالوحي، وأنال الناس وأنال، وفينا أهل البيت معاقل العلم، وأبواب الحكم، وضياء الأمر، فمن يحبّنا أهل البيت ينفعه إيمانه ويقبل عمله، ومن لا يحبّنا أهل البيت فلا ينفعه إيمانه ولا يقبل منه عمله ولو صام النهار وقام اللّيل.

٣١٤

وفي المسترشد (٢٩٢) قال عليّ في خطبة له: نحن والله الّذي لا إله غيره أئمّة العرب ومنار الهدى ...

وفي فرائد السمطين ( ج ١؛ ٤٤ ) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ٢٠ ) قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : نحن أهل البيت مفاتيح الرحمة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ومعدن العلم.

وفي بشارة المصطفى (١٦) بسنده، أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: عليّ وفاطمة والحسن والحسين أهل بيتي وثقلي.

وقد نبّهنا على أنّ الأحاديث في مضمون الطّرفة كثيرة جدا يصعب حصرها، حتّى أنّ الأئمّة كانوا يقولون: إنّ في بيوتنا زغب جناح جبرئيل، كما في بصائر الدرجات ( ٣١، ٣٢ ) بأسانيده إلى الحسين والسجاد والصادقعليهم‌السلام ، وإنّما اقتصرنا على بعض ما ورد في ذلك، فإنّها لا يكاد يخلو منها كتاب من كتب الإماميّة.

ومن هو منّي بمنزلة هارون من موسى

حديث المنزلة من الأحاديث المتواترة عند المسلمين، وقد رواه الأئمّة والحفّاظ في كتبهم وتصانيفهم، وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يصدع به على رءوس الملأ من المسلمين، وفي عدّة مواطن، وقد رواه جمّ غفير من الصحابة، كما روي عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، فلا يكاد يخلو منه مصنف إمامي، وهو موجود في احتجاجات الإمام عليّعليه‌السلام ومناشداته في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي الشورى، وبعد بيعة عثمان، وفي الرحبة، وفي الكوفة، وقد رواه الأعلام، حتّى قال أبو الصلاح الحلبي في تقريب المعارف (٢٠٥): « إنّ كلّ ناقل لغزاة تبوك ناقل لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي ».

وخلاصة الحادثة هي ما رواه أبو جعفر الطبريّ الإمامي في بشارة المصطفى (٢٠٥) عن سعد بن مالك، قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله غزا [ غزوة تبوك ] على ناقته الحمراء، وخلف عليّا، فنفست عليه قريش، وقالوا: إنّما خلّفه لما استثقله وكره صحبته، فجاء عليّعليه‌السلام حتّى أخذ بغرز الناقة، فقال: يا نبي الله لأتبعنّك - أو إنّي تابعك - زعمت قريش أنّك لما استثقلتني

٣١٥

وكرهت صحبتي، قال: وبكى عليّعليه‌السلام ، فنادى رسول الله في الناس فاجتمعوا، فقال: يا أيها الناس ما منكم من أحد إلاّ وله خاصة، ثمّ قال لعلي: أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي؟ قالعليه‌السلام : رضيت عن الله وعن رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وهذا أشهر موارد الحديث، فإنّ النبي بلّغ ذلك للمسلمين في موارد وأماكن أخرى تظهر بمتابعة المرويّات.

انظر الكافي ( ج ٨؛ ١٠٧ ) وتفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ١٣٥ ) وتفسير القمّي ( ج ٢؛ ١٠٩ ) وتفسير فرات ( ١٣٧، ١٥٩، ٣٤٢، ٤٢١ ) وبشارة المصطفى ( ١٤٧، ١٥٥، ١٦٧، ٢٠٣ ) وأمالي الصدوق ( ٤٧، ٨١، ١٤٧، ٢٦٦، ٣٣٢ ) والاحتجاج ( ج ١؛ ٥١، ٧٥ ) والإرشاد (٨٣) وكشف الغمّة ( ج ١؛ ٢٨٨ ) وأمالي الطوسي ( ٥٤٨، ٥٥٥، ٥٦٠ ) والخصال ( ٥٥٤، ٥٧٢ ) وكتاب سليم بن قيس: ١١٨، وورد في أكثر من خمسة عشر موردا من الكتاب، وأمالي المفيد (٧٥٧) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ١٨٦ - ١٩١ ) و ( ج ٣؛ ١٥، ١٦ ).

وتاريخ دمشق ( ج ١؛ ٣٣٤ / الحديثان برقم ٤٠٣ و ٤٠٤ ) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١١٠ ) وأسنى المطالب ( ٢٧ و ٢٩ / الباب السادس - الحديثان ٩ و ٢٣ ) ومطالب السئول (٤٣) ومناقب الخوارزمي (٢١١) وكفاية الطالب (١١) ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ( ج ٥؛ ٣١ ) ومناقب ابن المغازلي ( ٢٧ - ٣٧ ) وصحيح مسلم ( ج ٤؛ ١٨٧٠ / باب فضائل عليّ ) وسنن ابن ماجة ( ج ١؛ ٤٢ ) وميزان الاعتدال ( ج ٣؛ ٥٤٠ ) وسنن الترمذيّ ( ج ٥؛ ٣٠٤ ) والمعيار والموازنة (٢١٩) وصحيح البخاري ( ج ٥؛ ٣ و ٢٤ / كتاب الفضائل ) ومسند أحمد ( ج ١؛ ١٧٠، ١٧٣، ١٧٥، ١٨٥ ) وسنن أبي داود ( ج ١؛ ٢٩ ) وأسد الغابة ( ج ٤؛ ٢٦ ) و ( ج ٥؛ ٨ ) وخصائص النسائي ( ١٥، ١٦ ) وكنز العمال ( ج ٦؛ ٤٠٢ ) وذخائر العقبى (١٢٠) وتذكرة الخواص (١٩) والفصول المهمة ( ٣٨، ٣٩ ) ومستدرك الحاكم ( ج ٣؛ ١٣٢ ) والإصابة ( ج ٢؛ ٥٠٧ ) وفرائد السمطين ( ج ١؛ ١٤٩ ) وحلية الأولياء ( ج ٧؛ ١٩٥، ١٩٦ ) تاريخ بغداد ( ج ١١؛ ٤٣٢ ). وانظر بعض تخريجاته في كتاب قادتنا ( ج ٢؛ ٤١١ - ٤٢٨ ).

٣١٦

ألا إنّ باب فاطمة بابي، وبيتها بيتي، فمن هتكه هتك حجاب الله قال الكاظمعليه‌السلام : هتك والله حجاب الله وحجاب الله حجاب فاطمة

معلوم بالضرورة أنّ باب عليّ وفاطمة وبيتها، هما باب وبيت رسول الله؛ لأنها بضعته وعليّا أخوه، ومعلوم أيضا أنّ حجاب فاطمة هو حجاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وحجاب رسول الله هو حجاب الله. وهذا لا شبهة فيه ولا غبار عليه، وقد ورد في النصوص ما يدلّ عليه.

ففي شواهد التنزيل ( ج ١؛ ٥٣٤ ) بإسناده، عن أنس وبريدة، قالا: قرأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الآية( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) (١) فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله أيّ بيوت هذه؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : بيوت الأنبياء، فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا البيت منها - لبيت عليّ وفاطمة -؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم، من أفاضلها.

وأسند في شواهد التنزيل ( ج ١؛ ٥٣٢ - ٥٣٤ ) ثلاثة أحاديث في ذلك، عن أبي برزة وأنس بن مالك وبريدة. ورواه الثعلبي كما في خصائص الوحي المبين (٧٩) وأخرجه ابن مردويه كما في كشف الغمّة ( ج ١؛ ٣١٩ ) والدر المنثور للسيوطي ( ج ٥؛ ٥٠ ) ورواه محمّد ابن العبّاس الماهيار كما في تفسير البرهان ( ج ٣؛ ١٣٨ ) ورواه فرات في تفسيره ( ٢٨٦، ٢٨٧ ) عن زيد بن عليّ، ورواه القمّي في تفسيره ( ج ٢؛ ١٠٤ ) عن الباقرعليه‌السلام ، ورواه الطبرسي في مجمع البيان ( ج ٤؛ ١٤٤ ) مرفوعا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فكيف صرّحصلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّ بيت عليّ وفاطمة من بيوت الأنبياء لو لا أنّه بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيكون حجاب من فيه حجاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وحجاب الرسول حجاب الله.

ففي بصائر الدرجات (٨٤) بإسناده عن الباقرعليه‌السلام قال: بنا عبد الله وبنا عرف الله وبنا وعد الله، ومحمّد حجاب الله.

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٢٧٣ ) في قوله تعالى:( تَجْرِي بِأَعْيُنِنا ) (٢) ،

__________________

(١) النور؛ ٣٦

(٢) القمر؛ ١٤

٣١٧

عن الأعمش قال: جاء رجل مشجوج الرأس يستعدي عمرا على عليّ، فقال عليّعليه‌السلام [ في رواية الأصمعي ]: رأيته ينظر في حرم الله إلى حريم الله، فقال عمر: اذهب وقعت عليك عين من عيون الله، وحجاب من حجب الله، تلك يد الله اليمنى يضعها حيث يشاء.

وفي الخصال (٦٠٧) بسنده عن الصادقعليه‌السلام في بيان شرائع الدين، قال في كلام طويل: وحبّ أولياء الله والولاية لهم واجبة، والبراءة من أعدائهم واجبة، ومن الّذين ظلموا آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وهتكوا حجابه ...

وفي الكافي ( ج ١؛ ٣٠٠ ) بسنده عن الباقرعليه‌السلام ، قال: فخرجت [ عائشة ] مبادرة على بغل بسرج فقالت: نحّوا ابنكم [ تعني الحسنعليه‌السلام ] عن بيتي، فإنّه لا يدفن في بيتي ويهتك على رسول الله حجابه، فقال لها الحسينعليه‌السلام : قديما هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله ومثله بتفصيل في ( ج ١؛ ٣٠٢ ) من الكافي عن الباقرعليه‌السلام أيضا.

وسيأتي هتكهم لحجاب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله في حرقهم بابه، وشجّهم جنبي الزهراء الّتي هي روح النبي الّتي بين جنبيه، وإسقاطهم محسنا، وما فعلوه بعلي، وقد علمت أنّ محمّدا وعليّا وفاطمة وكلّ الأئمّة حجابهم حجاب الرسول، وحجاب الرسول حجاب الله.

٣١٨

الطّرفة الحادية عشر

روى هذه الطّرفة - عن كتاب الطّرف - العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٧٨ ) والعلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩٠ - ٩١ ) باختصار.

ومضمون هذه الطّرفة صحيح ومتسالم عليه ومرويّ في كتب الأصحاب، إذ أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أخذ على الناس الإقرار بولاية عليّ وإمامته وإمرته للمؤمنين قبل حجّة الوداع وفيها وبعدها، وقد تقدّم مثله في حديث الثقلين، لكنّ تخصيص أخذ البيعة لوصيّه بالمهاجرين ممّا لم نعثر عليه في مصدر، ولكن يدلّ عليه أنّ المعارضين لهذه البيعة والولاية كانوا كلّهم من قريش - أي المهاجرين - وعلى رأسهم الشيخان، فإنّهما وغيرهما من قريش اعترضوا على النبي واستفهموا بقولهم: أمن الله ومن رسوله؟ فلذلك خصّهم الإمام بالذكر لأنّهم المقصودون بالذات من هذه البيعة، وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقصد تأكيد البيعة عليهم، لعلمهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّهم سينقضون العهد وينكثون البيعة، وسيأتي اعتراض بعضهم بعد قليل.

إنّي أعلمكم أنّي قد أوصيت وصيّي ولم أهملكم إهمال البهائم، ولم أترك من أموركم شيئا سدى

في كتاب سليم بن قيس (٢٣٦) قول ابن عبّاس في محاججة معاوية: يا معاوية أما علمت أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين بعث إلى مؤتة أمّر عليهم جعفر بن أبي طالب، ثمّ قال: إن هلك جعفر فزيد بن حارثة، فإن هلك زيد فعبد الله بن رواحة، ولم يرض لهم أن يختاروا

٣١٩

لأنفسهم، أفكان يترك أمّته لا يبيّن لهم خليفته فيهم!! بلى والله ما تركهم في عمياء ولا شبهة، بل ركب القوم ما ركبوا بعد نبيّهم، وكذبوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهلكوا وهلك من شايعهم، وضلّوا وضلّ من تابعهم، فبعدا للقوم الظالمين.

وفي الكافي ( ج ١؛ ١٩٩ ) بسنده عن عبد العزيز بن مسلم، عن الإمام الرضاعليه‌السلام في كلام طويل له في الإمامة: إنّ الله عزّ وجلّ لم يقبض نبيّه حتّى أكمل له الدين وأنزل في حجّة الوداع - وهي آخر عمرهصلى‌الله‌عليه‌وآله -( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) (١) وأمر الإمامة من تمام الدين، ولم يمضصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى بيّن لأمّته معالم دينهم، وأوضح لهم سبيلهم، وتركهم على قصد سبيل الحقّ، وأقام لهم عليّا علما وإماما، وما ترك شيئا يحتاج إليه الأمّة إلاّ بيّنه، فمن زعم أنّ الله عزّ وجلّ لم يكمل دينه ردّ كتاب الله، ومن ردّ كتاب الله فهو كافر به ....

وانظر هذه الرواية في عيون أخبار الرضا ( ١٧١ - ١٧٥ ) وأمالي الصدوق ( ٥٣٦ - ٥٤٠ ) وإكمال الدين ( ٦٧٥ - ٦٨١ ) ومعاني الأخبار ( ٩٦ - ١٠١ ) والمنقول هنا هو صدر الرواية.

وفي تفسير فرات (٣١٦) بسنده عن ابن عبّاس في قوله تعالى:( وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) (٢) ، قال: قضى إليه بالوصيّة إلى يوشع بن نون، وأعلمه أنّه لم يبعث نبيّا إلاّ وقد جعل له وصيّا، وإنّي باعث نبيّا عربيّا وجاعل وصيّه عليّا، قال ابن عبّاس: فمن زعم أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يوص فقد كذب على الله وجهّل نبيّه، وقد أخبر الله نبيّه بما هو كائن إلى يوم القيامة.

والأدلّة النقليّة والعقليّة قائمة على إيصاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّه لم يترك أمّته سدى، وقد ألّفت المؤلّفات في إثبات ذلك، وسيأتيك هنا أنّ النبي أوصى وصيّه عليّا وأمرهم بالتسليم عليه بإمرة المؤمنين والتسليم له، فاعترض الشيخان وغيرهما مستفهمين بقولهما: فبأمر من الله أوصيت أم بأمرك؟!.

__________________

(١) المائدة؛ ٣

(٢) القصص؛ ٤٤

٣٢٠