الثاقب في المناقب

الثاقب في المناقب8%

الثاقب في المناقب مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 697

الثاقب في المناقب
  • البداية
  • السابق
  • 697 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 198722 / تحميل: 7690
الحجم الحجم الحجم
الثاقب في المناقب

الثاقب في المناقب

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

(باب )

(كراهية الارتماس في الماء للصائم )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الصائم يستنقع في الماء ولا يرتمس رأسه.

في قضاء الصوم فذهب الأكثر إلى وجوبه لهذا الخبر ولصحيحة الحلبي(١) .

وقال الصدوق : بعد نقل هذه الرواية وفي خبر آخر إن من جامع في أول شهر رمضان ثم نسي الغسل حتى خرج شهر رمضان أن عليه أن يغتسل ويقضي صلاته وصيامه إلى ذلك اليوم ولا يقضي ما بعد ذلك.

وقال ابن إدريس : لا يجب قضاء الصوم لأنه ليس من شرطه الطهارة في الرجال إلا إذا تركها الإنسان معتمدا من غير اضطرار وهذا لم يتعمد تركها ووافقه المحقق في الشرائع والنافع.

باب كراهية الارتماس في الماء للصائم

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « يستنقع » الاستنقاع كما يظهر من كتب اللغة النزول في الماء واللبس فيه وعبر عنه أكثر الأصحاب : بالجلوس فيه ، وهو أخص من المعنى اللغوي وعلى التقديرين هو مكروه للمرأة دون الرجال كما سيأتي.

قوله عليه‌السلام : « ولا يرتمس » لعله كان الأولى يرمس كما في غيره من الكتب لأن الارتماس لازم وهو الاغتماس والاختفاء تحت الماء وقوله « رأسه » إما مرفوع بالفاعلية أو منصوب بنزع الخافض ويمكن أن يكون استعمل متعديا ولم ينقل.

ثم اعلم : أن الخبر ظاهرا يدل على عدم جواز الارتماس للصائم واختلف الأصحاب في حكمه فذهب الأكثر إلى أن الارتماس مفسد للصوم وبه قال المرتضى وادعى

__________________

(١) الوسائل ج ٧ ص ٤٣ ح ١.

٢٨١

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال لا يرتمس الصائم ولا المحرم رأسه في الماء.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الصائم يستنقع في الماء ويصب على رأسه ويتبرد بالثوب وينضح بالمروحة وينضح البورياء تحته ولا يغمس رأسه في الماء.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن الهيثم ، عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لا تلزق ثوبك إلى جسدك وهو رطب وأنت صائم حتى تعصره.

٥ ـ محمد بن يحيى وغيره ، عن محمد بن أحمد ، عن السياري ، عن محمد بن علي الهمذاني ، عن حنان بن سدير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الصائم يستنقع في الماء قال لا بأس ولكن لا ينغمس فيه والمرأة لا تستنقع في الماء لأنها تحمل الماء بفرجها.

الإجماع عليه.

وقال ابن إدريس إنه مكروه.

وقال الشيخ في الاستبصار : إنه محرم ولا يوجب قضاء ولا كفارة.

الحديث الثاني : حسن وهو كما تقدم.

الحديث الثالث : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « ويتبرد بالثوب » يدل على الجواز ولا ينافي الكراهة المشهورةالحديث الرابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « لا تلزق » يدل على المنع من بل الثوب على الجسد وحمل على الكراهة ولم يذهب إلى التحريم أحد ، لضعف المستند ووجود المعارض كما مر.

الحديث الخامس : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « والمرأة لا تستنقع » المشهور بين الأصحاب كراهة جلوس المرأة في الماء.

٢٨٢

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن بعض أصحابنا ، عن مثنى الحناط والحسن الصيقل قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الصائم يرتمس في الماء قال لا ولا المحرم قال وسألته عن الصائم يلبس الثوب المبلول قال لا.

(باب )

(المضمضة والاستنشاق للصائم )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه فقال إن كان وضوؤه لصلاة فريضة فليس عليه شيء وإن كان وضوؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء.

وقال أبو الصلاح : إذا جلست المرأة في الماء إلى وسطها لزمها القضاء.

ونقل عن ابن البراج : أنه أوجب الكفارة أيضا بذلك وهما نادران.

والحق الشهيد في اللمعة بالمرأة : الخنثى والخصي الممسوح لمساواتها لهما في العلة وفيه إشكال.

الحديث السادس : ضعيف وقد مر الكلام فيه.

باب المضمضة والاستنشاق للصائم

الحديث الأول : حسن ورواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي(١) .

قوله عليه‌السلام : « إن كان وضوؤه » المشهور بين الأصحاب أنه من أدخل فمه الماء فابتلعه سهوا فإن كان متبردا فعليه القضاء وإن كان للمضمضة به للطهارة فلا شيء عليه وقال في المنتهى : وهذا مذهب علمائنا. واستدل عليه بروايتي سماعة(٢) ويونس(٣) وفيهما ضعف ، وهذا الخبر يدل على وجوب القضاء إذا دخل الماء الحلق من وضوء

__________________

(١) الوسائل : ج ٧ ص ٤٩ ح ١.

(٢) الوسائل : ج ٧ ص ٤٩ ح ٣.

(٣) الوسائل : ج ٧ ص ٥٠ ح ٤.

٢٨٣

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن أبي جميلة ، عن زيد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الصائم يتمضمض قال لا يبلع ريقه حتى يبزق ثلاث مرات.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد عمن ذكره ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه في الصائم يتمضمض ويستنشق قال نعم ولكن لا يبالغ.

النافلة ويستفاد منه وجوب القضاء إذا دخل من مضمضة التبرد أو العبث بطريق أولى.

وأما الكفارة فلا تثبت إلا مع تعمد الازدراد قطعا.

وقال بعض المحققين : وفي معنى دخول الماء من الوضوء الواجب دخوله من المضمضة للتداوي أو لإزالة النجاسة ولا يلحق بالمضمضة الاستنشاق في هذا الحكم قطعا ولا يجب بما يسبق منه قضاء ولا كفارة بل لو قيل بأن تعمد إدخال الماء من الأنف غير مفسد للصوم لم يكن بعيدا.

ثم اعلم : أن المعروف من مذهب الأصحاب جواز المضمضة للصائم في الوضوء وغيره ، بل قال في المنتهى ولو تمضمض لم يفطر بلا خلاف بين العلماء ، سواء كان في الطهارة أو غيرها ، وربما ظهر من كلام الشيخ عدم جواز المضمضة للتبرد وهو ضعيف.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « أن (١) يبزق ثلاث مرات » حمل في المشهور على الاستحباب.

قال : في الدروس يستحب للمتمضمض أن يتفل ثلاثا ، وكذا ذائق الطعام وشبهه انتهى.

والأحوط عدم ترك العمل به.

الحديث الثالث : حسن.

قوله عليه‌السلام : « ولكن لا يبلغ » (٢) أي الماء وجوبا أو الريق بعد المضمضة كما مر

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن في الكافي : حتى يبق.

(٢) هكذا في الأصل : ولكن في الكافي : ولكن لا يبالغ.

٢٨٤

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الريان بن الصلت ، عن يونس قال الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء وإن تمضمض في وقت فريضته فدخل الماء حلقه فليس عليه شيء وقد تم صومه وإن تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الإعادة والأفضل للصائم أن لا يتمضمض.

(باب )

(الصائم يتقيأ أو يذرعه القيء أو يقلس )

١ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان وأبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار جميعا ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا تقيأ الصائم فعليه قضاء ذلك اليوم وإن ذرعه من غير أن يتقيأ فليتم

استحبابا ، وفي بعض النسخ لا يبالغ فهو أيضا محمول على الكراهة.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « يستاك » المشهور بين الأصحاب استحباب الاستياك للصائم باليابس والرطب.

بل قال : في المنتهى : إنه قول علمائنا أجمع إلا ابن أبي عقيل فإنه كرهه بالرطب.

قوله عليه‌السلام : « في غير وقت فريضة » لا يخفى أنه موافق للتفصيل المستفاد من الخبر السابق وإن استدل به بعض الأصحاب على عدم النقض بما يدخل في الحلق من مضمضة الوضوء للصلاة مطلقا كما عرفت.

قوله عليه‌السلام : « أن لا يتمضمض » لعله محمول على المضمضة لغير الوضوء.

باب في الصائم يتقيأ أو يذرعه القيء أو يقلس

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « فعليه قضاء ذلك اليوم » اختلف الأصحاب في حكم تعمد القيء للصائم بعد اتفاقهم على أنه لو ذرعه أي سبقه بغير اختياره لم يفطر.

٢٨٥

صومه.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا تقيأ الصائم فقد أفطر وإن ذرعه من غير أن يتقيأ فليتم صومه.

٣ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الذي يذرعه القيء وهو صائم قال يتم صومه ولا يقضي.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الرجل يخرج من جوفه القلس حتى يبلغ الحلق ثم يرجع إلى جوفه وهو صائم قال ليس بشيء.

فذهب الشيخ وأكثر الأصحاب : إلى أنه موجب للقضاء خاصة.

وقال ابن إدريس : إنه محرم ولا يجب به قضاء ولا كفارة.

وحكى السيد المرتضى عن بعض علمائنا قولا : بأنه موجب للقضاء والكفارة ، وعن بعضهم أنه ينقض الصوم ولا يبطله قال : وهو الأشبه والمعتمد الأول كما يدل عليه هذا الخبر.

الحديث الثاني : صحيح. وهو كالخبر السابق والإفطار لا يستلزم الكفارة كما توهم.

الحديث الثالث : مجهول كالصحيح.

الحديث الرابع : موثق.

قوله عليه‌السلام : « من جوفه القلس » قال : الجزري « القلس » بالتحريك ، وقيل : بالسكون ما خرج من الجوف ملء الفم ، أو دونه وليس بقيء فإن عاد فهو القيء.

قوله عليه‌السلام : « ليس بشيء » إما لعدم الاختيار أو لعدم الوصول إلى الفم والأول أظهر.

٢٨٦

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال سئل أبو جعفرعليه‌السلام عن القلس يفطر الصائم قال لا.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال سألته عن القلس وهي الجشأة يرتفع الطعام من جوف الرجل من غير أن يكون تقيأ وهو قائم في الصلاة قال لا ينقض ذلك وضوءه ولا يقطع صلاته ولا يفطر صيامه.

(باب )

(في الصائم يحتجم ويدخل الحمام )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الصائم أيحتجم فقال إني أتخوف عليه أما يتخوف على نفسه قلت ما ذا يتخوف عليه قال الغشيان أو تثور به مرة قلت أرأيت إن قوي على ذلك ولم يخش شيئا قال نعم إن شاء.

قال في الدروس : لو ابتلع ما خرج منه كفر ، واقتصر في النهاية ، والقاضي في رواية محمد بن سنان(١) لا يفطر ويحمل على عوده بغير قصد.

الحديث الخامس : صحيح وقد مر فيه الكلام.

الحديث السادس : موثق.

قوله عليه‌السلام « وهي الجشأة » قال : الجوهري الجشأة كهمزة.

وقال الأصمعي : ويقال : الجشاء على وزن فعال.

باب في الصائم يحتجم ويدخل الحمام

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « أو تثور به مرة » هي بالكسر تطلق على الصفراء والسوداء والخبر يدل على كراهة الحجامة مع خوف ثوران المرة وطريان الغشي ، ولا خلاف بين الأصحاب في عدم حرمة إخراج الدم في الصوم ولا في كراهته إذا كان مضعفا.

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن في الوسائل : عبد الله بن سنان فراجع چ ٧ ص ٦٢ ح ٩.

٢٨٧

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحجامة للصائم قال نعم إذا لم يخف ضعفا.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه سئل عن الرجل يدخل الحمام وهو صائم فقال لا بأس ما لم يخش ضعفا.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يدخل الحمام وهو صائم قال لا بأس.

(باب )

(في الصائم يسعط ويصب في أذنه الدهن أو يحتقن )

١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الصائم يشتكي أذنه يصب فيها الدواء قال لا بأس به.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد قال سألت أبا عبد الله

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : صحيح. ويدل على جواز دخول الحمام في الصوم ، والمنع منه إذا كان مضعفا وحمله الأصحاب على الكراهة.

الحديث الرابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس » أي مطلقا ، ولا ينافي الكراهة إذا كان مضعفا ويمكن حمله على ما إذا لم يكن مضعفا.

باب في الصائم يسعط ويصب في أذنه الدهن أو يحتقن

الحديث الأول : صحيح.

٢٨٨

عليه‌السلام عن الصائم يصب في أذنه الدهن قال لا بأس به.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد أنه سأله عن الرجل يحتقن تكون به العلة في شهر رمضان فقال الصائم لا يجوز له أن يحتقن.

٤ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسين ، عن أحمد بن الحسن ، عن أبيه ، عن علي بن رباط ، عن ابن مسكان ، عن ليث المرادي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الصائم

قوله عليه‌السلام : « لا بأس به » يدل على جواز صب الدواء في الأذن وبإطلاقه يشمل ما إذا وصل إلى الجوف وإن كان بعيدا ، وحمله بعض الأصحاب على عدمه وحكم بأنه مع الوصول إلى الجوف مفسد للصوم ، وللمناقشة فيه مجال.

وحكم في الدروس : بكراهته مع عدم التعدي إلى الحلق.

الحديث الثاني : حسن وقد مر الكلام فيه.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام . « لا يجوز له أن يحتقن » يدل على عدم جواز الاحتقان للصائم مطلقا ، واختلف الأصحاب في حكمه.

وقال المفيد : إنه يفسد الصوم وأطلق.

وقال علي بن بابويه : لا يجوز للصائم أن يحتقن.

وقال ابن الجنيد : ويستحب للصائم الامتناع من الحقنة لأنها تصل إلى الجوف.

واستقرب العلامة في المختلف : أنها مفطرة مطلقا ، ويجب بها القضاء خاصة.

وقال : الشيخ في جملة من كتبه ، وابن إدريس تحرم الحقنة بالمائع خاصة ، ولا يجب بها قضاء ولا الكفارة واستوجه المحقق في المعتبر تحريم الحقنة بالمائع والجامد بدون الإفساد ولا يخلو من قوة.

الحديث الرابع : موثق.

٢٨٩

يحتجم ويصب في أذنه الدهن قال لا بأس إلا السعوط فإنه يكره.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن العمركي بن علي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام قال سألته عن الرجل والمرأة هل يصلح لهما أن يستدخلا الدواء وهما صائمان قال لا بأس.

٦ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسين ، عن محمد بن الحسين ، عن أبيه قال كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام ما تقول في التلطف يستدخله الإنسان وهو صائم فكتب لا بأس بالجامد.

قوله عليه‌السلام : « فإنه يكره » يدل على كراهة السعوط وعدم كراهة صب الدواء في الأذن ، والمشهور كراهة التسعط بما لا يتعدى إلى الحلق.

وقال : الصدوق في الفقيه : ولا يجوز للصائم أن يتسعط.

ونقل عن المفيد وسلار : أنهما أوجبا به القضاء والكفارة ، وأما السعوط بما يتعدى إلى الحلق فالمشهور : إن تعمده يوجب القضاء والكفارة.

ويمكن المناقشة فيه بانتفاء ما يدل على كون مطلق الإيصال إلى الجوف مفسدا.

الحديث الخامس : صحيح ويدل على جواز الاحتقان بالجامد فيمكن حمل الخبر السابق على المائع جمعا.

الحديث السادس : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « في التلطف » قال الجوهري : « التلطف » للأمر الترفق له وألطف الرجل البعير أدخل قضيبه في الحياء وذلك إذا لم يهتد لموضع الضراب انتهى وهنا كناية عن الحقنة.

والجواب : يدل على التفصيل المتقدم.

٢٩٠

(باب )

(الكحل والذرور للصائم )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سليمان الفراء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في الصائم يكتحل قال لا بأس به ليس بطعام ولا شراب.

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سليمان الفراء ، عن غير واحد ، عن أبي جعفرعليه‌السلام مثله.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن سعد بن سعد الأشعري ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال سألته عمن يصيبه الرمد في شهر رمضان هل يذر

باب الكحل والذرور للصائم

الحديث الأول : سنده الأول صحيح. والثاني مرسل في قوة الحسن.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس به » يدل على جواز الاكتحال للصائم مطلقا.

والمشهور بين الأصحاب : كراهة الاكتحال بما فيه صبر أو مسك ، ومقتضى بعض الروايات المعتبرة كراهة الاكتحال بكل ما له طعم يصل إلى الحلق ، وبه قطع العلامة في التذكرة والمنتهى وهو قوي.

بل قال بعض المحققين : لا يبعد كراهة الاكتحال مطلقا لصحيحة سعد بن سعد(١) وصحيحة الحلبي(٢) .

الحديث الثاني : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « هل يذر » قال : في القاموس « الذر » طرح الذرور في العين وقال

__________________

(١) الوسائل : ج ٧ ص ٥٢ ح ٣.

(٢) الوسائل : ج ٧ ص ٥٣. ح ٩.

٢٩١

عينه بالنهار وهو صائم قال يذرها إذا أفطر ولا يذرها وهو صائم.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال سألته عن الكحل للصائم فقال إذا كان كحلا ليس فيه مسك وليس له طعم في الحلق فلا بأس به.

(باب )

(السواك للصائم )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن السواك للصائم فقال نعم يستاك أي النهار شاء.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الصائم يستاك بالماء قال لا بأس به وقال لا يستاك بسواك رطب.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه كره للصائم أن يستاك بسواك رطب وقال لا يضر أن يبل سواكه

الذرور ما يذر في العين.

الحديث الثالث : موثق وقد مر الكلام فيه.

باب السواك للصائم

الحديث الأول : حسن وقد مر الكلام في مثله.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « لا يستاك » قال الشيخ في التهذيب : الكراهة في هذه الأخبار إنما توجهت إلى من لا يضبط نفسه فيبصق ما يحصل في فيه من رطوبة العود ، فأما من يتمكن من حفظ نفسه فلا بأس باستعماله على كل حال.

الحديث الثالث : حسن.

٢٩٢

بالماء ثم ينفضه حتى لا يبقى فيه شيء.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الصائم ينزع ضرسه قال لا ولا يدمي فاه ولا يستاك بعود رطب.

(باب )

(الطيب والريحان للصائم )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث بن

قوله عليه‌السلام : « حتى لا يبقى » قال سيد المحققين في المدارك : لا بأس بالمصير إلى ما تضمنه هذه الروايات. لأن رواية ابن سنان(١) مطلقة ورواية الحلبي(٢) غير صريحة في انتفاء كراهة السواك بالرطب لأن نفي البأس لا ينافي الكراهة انتهى كلامه ولا يخلو من قوة.

الحديث الرابع : موثق. ويدل على جواز قلع الضرس في الصوم.

وقال في الدروس : ويكره نزع الضرس لمكان الدم رواه عمار(٣) ولعل المرادبالعود الرطب العود المرطب بالماء لا العود الذي فيه رطوبة من نفسه وإن أمكن أن يشمله.

باب الطيب والريحان للصائم

الحديث الأول : موثق. وفي بعض النسخ هكذا عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث وهو الظاهر ، وفي بعضها عن أحمد بن محمد بن علي ، عن غياث وهو اشتباه.

__________________

(١) الوسائل : ج ٧ ص ٥٧ ح ١.

(٢) الوسائل : ج ٧ ص ٥٧ ح ٢.

(٣) الوسائل : ج ٧ ص ٥٩ ح ١١.

٢٩٣

إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيهعليه‌السلام أن عليا صلوات الله عليه كره المسك أن يتطيب به الصائم.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن داود بن إسحاق الحذاء ، عن محمد بن الفيض قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ينهى عن النرجس فقلت جعلت فداك لم ذلك فقال لأنه ريحان الأعاجم.

وأخبرني بعض أصحابنا أن الأعاجم كانت تشمه إذا صاموا وقالوا إنه يمسك الجوع.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن

قوله عليه‌السلام : « كره المسك » ظاهر أكثر الأصحاب استحباب التطيب للصائم بأنواع الطيب ، وإنما خصوا الكراهة بشم الرياحين خصوصا النرجس.

وألحق العلامة في المنتهى. بالنرجس المسك لشدة رائحته ، ولهذه الرواية واقتصر الشهيد (ره) في الدروس على نسبة الكراهة إلى هذه الرواية.

الحديث الثاني : مجهول. وقد أومأنا إلى أن المشهور بين الأصحاب كراهة شم الرياحين في الصوم وتأكد كراهة شم النرجس من بينها.

بل قال في المنتهى : إن كراهة شم الرياحين قول علمائنا أجمع ، والذي يظهر من كلام أهل اللغة أنه يطلق الريحان على كل نبت له رائحة طيبة وربما يخص بما له ساق.

وأما تأكد كراهة النرجس فمستنده هذه الرواية.

قوله عليه‌السلام : « وأخبرني » الظاهر أنه كلام الكليني ، وعلله المفيد في المقنعة بوجه آخر ، وهو أن ملوك العجم كان لهم يوم معين يصومونه فيكثرون فيه شم النرجس فنهواعليهم‌السلام عنه خلافا لهم.

الحديث الثالث : ضعيف.

٢٩٤

الفضل النوفلي ، عن الحسن بن راشد قال كان أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا صام تطيب بالطيب ويقول الطيب تحفة الصائم.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الصائم يشم الريحان والطيب قال لا بأس به.

وروي أنه لا يشم الريحان لأنه يكره له أن يتلذذ به.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسن بن راشد قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الحائض تقضي الصلاة قال لا قلت تقضي الصوم قال نعم قلت من أين جاء ذا قال إن أول من قاس إبليس قلت والصائم يستنقع في الماء قال نعم قلت فيبل ثوبا على جسده قال لا قلت من أين جاء ذا قال من

قوله عليه‌السلام : « تحفة الصائم » أي يستحب أن يؤتى به للصائم ويتحف به لأنه ينتفع به في حالة الصوم ولا ينتفع بغيره من المأكول والمشروب ، أو أتحف الله الصائم به بأنه أحل له التلذذ به في الصوم.

ثم اعلم : أن هذا الخبر يدل على عدم كراهة استعمال مطلق الطيب بل على استحبابه.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس به » يدل على عدم كراهة شم الريحان ، وحمل على الجواز جمعا ، لكن روايات الجواز التي ظاهرها عدم الكراهة أقوى سندا ، ولذا مال بعض المحققين من المتأخرين إلى عدم الكراهة.

قوله عليه‌السلام : « يكره له أن يتلذذ » جعل الشهيدرحمه‌الله في الدروس هذا التعليل مؤيدا لكراهة المسك ولعله مخصوص بالتلذذ الحاصل من الريحان.

الحديث الخامس : ضعيف.

٢٩٥

ذاك قلت الصائم يشم الريحان قال لا لأنه لذة ويكره له أن يتلذذ.

(باب )

(مضغ العلك للصائم )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت الصائم يمضغ العلك قال لا.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال قال أبو جعفرعليه‌السلام يا محمد إياك أن تمضغ علكا فإني مضغت اليوم علكا وأنا صائم فوجدت في نفسي منه شيئا.

قوله عليه‌السلام : « من ذاك » أي مما أنبأتك عليه من عدم تطرق القياس في دين الله ووجوب التسليم في كل ما ورد من الشارع.

باب مضغ العلك للصائم

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « قال : لا » ماله طعم كالعلك إذا تغير الريق بطعمه ولم ينفصل منه أجزاء فابتلع الصائم الريق المتغير بطعمه ففي فساد الصوم به قولان :

أحدهما : الإفساد لهذا الخبر ولما ذكره في المختلف من أن وجود الطعم في الريق دليل على تحلل شيء من أجزاء ذي الطعم فيه لاستحالة انتقال الأعراض فكان ابتلاعه مفطرا.

واعترض عليه باحتمال الانفعال بالمجاورة.

قال في المنتهى : وقد قيل أن من لطخ باطن قدميه بالحنظل وجد طعمه ولا يفطره إجماعا انتهى.

وأما الخبر : فالأجود حمل النهي فيه على الكراهة كما اختاره الشيخ في المبسوط ، وابن إدريس ، وجماعة لصحيحة محمد بن مسلم(١) وغيرها.

الحديث الثاني : صحيح وقد مر الكلام فيه.

__________________

(١) الوسائل : ج ٧ ص ٧٣ ح ١.

٢٩٦

(باب )

(في الصائم يذوق القدر ويزق الفرخ )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن المرأة الصائمة تطبخ القدر فتذوق المرقة تنظر إليه فقال لا بأس قال وسئل عن المرأة يكون لها الصبي وهي صائمة فتمضغ الخبز وتطعمه فقال لا بأس والطير إن كان لها.

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن الحسين بن زياد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس للطباخ والطباخة أن يذوق المرق وهو صائم.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن فاطمة صلى الله عليها كانت تمضغ للحسن ثم للحسين صلوات الله عليهما وهي صائمة في شهر رمضان.

باب في الصائم يذوق القدر ويزق الفرخ

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام « لا بأس به » المشهور بين الأصحاب جواز مضغ الطعام للصبي وزق الطائر وذوق المرق مطلقا كما دل عليه هذه الرواية.

وقال : الشيخ في كتاب الأخبار بتفصيل سنشير إليه.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور. ويدل على المشهور.

الحديث الثالث : ضعيف. ويدل على المشهور أيضا.

٢٩٧

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن علي بن النعمان ، عن سعيد الأعرج قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الصائم يذوق الشيء ولا يبلعه قال لا.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « قال لا » اعلم : أن الشيخقدس‌سره أورد هذا الخبر في الكتابين وأوله بما لفظه في التهذيب هذه الرواية محمولة على من لا يكون له حاجة إلى ذلك والرخصة إنما وردت في ذلك لصاحبة الصبي أو الطباخ الذي يخاف فساد طعامه أو من عنده طائر إن لم يزقه هلك ، فأما من هو مستغن عن جميع ذلك فلا يجوز له أن يزق الطعام انتهى.

ولا يخفى ما فيه من البعد ، إذ لا دلالة في الأخبار السابقة على التقييد الذي اعتبره والأولى الحمل على الكراهة.

« فرع »

لو مضغ الصائم شيئا فسبق منه شيء إلى الحلق بغير اختياره فظاهر أصول الأصحاب عدم فساد صومه بذلك للإذن فيه شرعا وعدم تعمد الازدراد.

وقال في المنتهى : لو أدخل فمه شيئا فابتلعه سهوا ، فإن كان لغرض صحيح فلا قضاء عليه وإلا وجب القضاء انتهى وفيه نظر.

٢٩٨

(باب )

(في الصائم يزدرد نخامته ويدخل حلقه الذباب )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس بأن يزدرد الصائم نخامته.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله ، عن آبائهعليهم‌السلام أن عليا صلوات الله عليه سئل عن الذباب يدخل حلق الصائم قال ليس عليه قضاء لأنه ليس بطعام.

باب في الصائم يزدرد نخامته ويدخل حلقه الذباب

الحديث الأول : موثق. واختلف الأصحاب في حكم النخامة ، فجوز المحقق في الشرائع : ابتلاع ما يخرج عن الصدر ما لم ينفصل عن الفم ، ومنع من ازدراد ما ينزل عن الرأس وإن لم يصل إلى الفم.

وحكم الشهيدان : بالتسوية بينهما في جواز الازدراد ما لم يصلا إلى فضاء الفم والمنع إذا صارتا فيه.

وجزم الفاضلان في المعتبر والمنتهى والتذكرة : بجواز اجتلاب النخامة من الصدر والرأس وابتلاعهما ما لم ينفصلا عن الفم وهو الأقوى.

ثم إن قلنا : إن ذلك مفسد للصوم فالأصح أنه غير موجب للكفارة.

وربما قيل : بوجوب كفارة الجمع بناء على تحريمه وهو مدفوع بالأصل والروايات الدالة على جواز الابتلاع في باب المساجد.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « لأنه ليس بطعام » أي ليس مما يعتاد أكله أو ليس دخول الذباب

٢٩٩

(باب )

(في الرجل يمص الخاتم والحصاة والنواة )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يعطش في شهر رمضان قال لا بأس بأن يمص الخاتم.

٢ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن ، عن محسن بن أحمد ، عن يونس بن يعقوب قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول الخاتم في فم الصائم ليس به بأس فأما النواة فلا.

مما يعد طعما وأكلا ، والأول أظهر لفظا والثاني معنى.

واختلف الأصحاب في أكل ما ليس بمعتاد أو شربه.

قال السيد المرتضىرضي‌الله‌عنه في بعض كتبه : إن ابتلاع غير المعتاد كالحصاة ونحوها لا يفسد الصوم وحكاه في المختلف عن ابن الجنيد أيضا ، واستدل لهما بأن تحريم الأكل والشرب إنما ينصرف إلى المعتاد ثم أجاب بالمنع من تناول المعتاد خاصة ولا بأس به إذا صدق على تناوله اسم الأكل والشرب.

وقال الشهيد (ره) في الدروس : ولا إفطار لسبق الغبار إلى الحلق أو الذباب وشبهه ويجب التحفظ من الغبار.

باب الرجل يمص الخاتم والحصاة والنواة

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس » بأن يمص الخاتم لا خلاف فيه بين الأصحاب.

الحديث الثاني : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « فأما النواة فلا » يحمل مع العلم بانفصال شيء على الحرمة كما هو المشهور ، وإن أمكن المناقشة فيه بأن ابتلاع في مثل هذا لا يسمى أكلا عرفا ، وقل ما يخلو الريق عن مثله ، ومع عدم العلم على الكراهة إما لتكليف الريق بالطعم أو لاحتمال انفصال شيء منها وقد مر بعض القول فيه في باب مضغ العلك.

٣٠٠

٦ - فصل:

في ظهور آياتها في غليان القدر بغير نار

وفيه: حديثان

٢٥٤ / ١ - عن زاذان، عن سلمانرضي‌الله‌عنه ، قال: أتيت ذات يوم منزل فاطمةعليها‌السلام فوجدتها نائمة قد تغطّت بالعباءة، ونظرت إلى قدر منصوبة بين يديها تغلي بغير نار، فانصرفت مبادراً إلى رسول الله (ص)، فلمّا بصر بي ضحك، ثمّ قال: « يا أبا عبد الله، أعجبك ما رأيت من حال ابنتي فاطمة؟ » قلت: نعم، يا رسول الله.

فقال رسول الله (ص): « أتعجب من أمر الله، إنّ الله تبارك وتعالى علم ضعف ابنتي فاطمة، فأيّدها بمن يعينها على دهرها من كرام ملائكته ».

٢٥٥ / ٢ - عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قد استقرض من يهوديّ شيئاً، فاسترهنه فدفع إليه ملاءة فاطمةعليها‌السلام ، وكانت من الصّوف؛ فأدخلها اليهودي داره، فوضعها في بيت، فلمّا كان الليل دخلت زوجته البيت الذي فيه الملاءة لشغل، فرأت نوراً ساطعاً في البيت فانصرفت إلى زوجها فأخبرته بما رأت في ذلك البيت، فتعجّب

__________________

١ - الخرائج والجرائح ٢: ٥٣١ قطعة منه، بحار الأنوار ٤٣: ٢٨ عن الخرائج.

٢ - الخرائج والجرائح ٢: ٥٣٧، بحار الأنوار ٤٣: ٣٠ عن الخرائج.

٣٠١

زوجها، وقد نسي أنّ في بيته ملاءة فاطمةعليها‌السلام ، فنهض مسرعاً، فدخل البيت فإذا ضياء الملاءة، منتشرة وشعاعها، كأنّها تشتعل من بدر منير، يلمع من قريب، فتعجّب من ذلك فأمعن النّظر في موضع الملاءة، فعلم أن النّور من ملاءة فاطمةعليها‌السلام ، فخرج اليهوديّ إلى قرابته، وزوجته إلى قرابتها(١) ، واستحضرهم الدار، فاجتمع ثمانون من اليهود، فرأوا ذلك فأسلموا.

__________________

(١) في ر، ك: أقرانها.

٣٠٢

الباب الخامس

في بيان آيات السبط الزكي أبي محمّد الحسن بن

عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام

وفيه سبعة فصول

٣٠٣

٣٠٤

١ - فصل:

في بيان آياته في إحياء الموتى

وفيه: حديث واحد

٢٥٦ / ١ - عن جابر بن يزيد الجعفيّ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « جاء أناس إلى الحسنعليه‌السلام فقالوا له: أرنا من عجائب أبيك التي كان يرينها.

قال: أفتؤمنون بذلك؟ فقالوا كلّهم: نعم، نؤمن بالله تعالى ». قال: « فأحيا لهم ميتاً بإذن الله، فقالوا بأجمعهم: نشهد أنّك ابن أمير المؤمنينعليه‌السلام حقّاً، وأنّه كان يرينا مثل ذلك كثيراً ».

__________________

١ - دلائل الإمامة: ٦٨، اثبات الهداة ٢: ٥٦٣ / ٣٩.

٣٠٥

٢ - فصل:

في بيان ظهور آياته فيما يشاكل ذلك

وفيه: حديث واحد

٢٥٧ / ١ - عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله (ص): « حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، فإنّه قد كانت فيهم الأعاجيب، ثمّ أنشأ(١) يحدّث (ص) فقال:

« خرجت طائفة من بني إسرائيل حتّى أتوا مقبرة لهم، وقالوا: لو صلّينا فدعونا الله تعالى فأخرج لنا رجلاً ممّن مات نسأله عن الموت؛ ففعلوا، فبينما هم كذلك، إذ أطلع رجل رأسه من قبر، بين عينيه أثر السجود، فقال: يا هؤلاء، ما أردتم منّي، لقد متّ منذ عام، ما كان سكنت عني حرارة الموت، حتّى كان الآن فادعوا الله أن يعيدني كما كنت ».

قال جابر بن عبد الله: ولقد رأيت وحقّ الله وحقّ رسول الله من الحسن بن عليّعليهما‌السلام أفضل وأعجب منها، ومن الحسين بن عليّعليهما‌السلام أفضل: وأعجب منها.

أمّا الذي رأيته من الحسنعليه‌السلام فهو: أنّه لمّا وقع عليه

__________________

١ - معالم الزلفى: ٤١٤.

(١) في م: انثنى.

٣٠٦

من أصحابه ما وقع، وألجأه ذلك إلى مصالحة معاوية، فصالحه، واشتدّ ذلك على خواص أصحابه، فكنت أحدهم فجئته فعذلته، فقال: « يا جابر، لا تعذلني، وصدّق رسول الله في قوله: ( إنّ ابني هذا سيّد، وإنَّ الله تعالى يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ) ».

فكأنّه لم يشف ذلك صدري فقلت: لعل هذا شيءً يكون بعد، وليس هذا هو الصلح مع معاوية، فإنّ هذا هلاك المؤمنين وإذلالهم، فوضع يده على صدري وقال: « شككت وقلت كذا ».

قال: « أتحب أن أستشهد رسول الله (ص) الآن حتّى تسمع منه؟! » فعجبت من قوله، إذ سمعت هدّة، وإذا بالأرض من تحت أرجلنا انشقت، وإذا رسول الله (ص)، وعليّ وجعفر وحمزةعليهم‌السلام قد خرجوا منها، فوثبت فزعاً مذعوراً، فقال الحسن: « يا رسول الله، هذا جابر، وقد عذلني بما قد علمت ».

فقال (ص) لي: « يا جابر، إنّك لا تكون مؤمناً حتّى تكون لأئمتك مسلّما، ولا تكون عليهم برأيك معترضاً، سلّم لابني الحسن ما فعل، فإنّ الحقّ فيه، إنّه دفع عن حياة(١) المسلمين الاصطلام بما فعل، وما كان ما فعله إلاّ عن أمر الله، وأمري ».

فقلت: قد سلمت يا رسول الله. ثمّ ارتفع في الهواء هو وعليّ وحمزة وجعفر، فما زلت أنظر إليهم حتّى انفتح لهم باب [ من السماء ] ودخلوها، ثمّ باب السماء الثانية، إلى سبع سماوات يقدمهم سيّدنا ومولانا محمّد (ص).

__________________

(١) في ر: خيار.

٣٠٧

٣ - فصل:

في بيان ظهور آياته من إخراج التمر من الشجر(*) اليابس

بإذن الله تعالى

وفيه: حديث واحد

٢٥٨ / ١ - عن إسماعيل بن مهران، عن منذر الكناسيّ(١) ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « خرج الحسن بن عليّعليهما‌السلام في بعض سفره ومعه رجل من ولد الزبير [ لا ](٢) يقول بإمامته، فنزلوا في منهل من المناهل، تحت نخل يابس، قد يبس من العطش »

قال: « ففرش لأبي محمّد الحسن تحت نخلة، والزبيريّ بحذائه تحت نخلة أخرى ».

__________________

(*) في هامش ر: النخل.

١ - بصائر الدرجات: ٢٧٦ / ١٠، الكافي ١: ٣٨٤ / ٤، الخرائج والجرائح ١: ٢٧١، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٦، كشف الغمة ١: ٥٥٧، الصراط المستقيم ٢: ١٧٧ / ٦، مدينة المعاجز: ٢٠٦ / ٣٠، اثبات الهداة ٢: ٥٥٥.

(١) في البصائر: عبد الله الكناسي، وفي الكافي: الكناسي، وفي المصدرين روى عنه اسماعيل بن مهران، وفي معجم رجال الحديث ٢٣: ١٣٧ ذكر الكناسي، وقال: روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وروى عنه إسماعيل بن مهران، ولم نجد ذكراً لعبد الله ومنذر في المصادر المتوفرة لدينا.

(٢) ليس في ر.

٣٠٨

قال: « فقام الزبيريّ ورفع رأسه وقال: لو كان في هذا النخل رطب لأكلنا منه. فقال الحسنعليه‌السلام : وإنّك لتشتهي الرطب؟! قال: نعم. فرفع يده إلى السماء ودعا بدعاء لم يسمع ولم يفهم، فاخضرّت النخلة، ثمّ صارت إلى حالتها فأورقت وحملت رطباً ».

قال: « فقال الجمّال الذي اكتروا منه: سحر والله! فقال الحسن: والله ليس بالسحر ولكن دعوة ابن نبيّ مجابة، فصعدوا إلى النخلة حتّى صرموا(١) ما كان فيها، وما كان كفاهم ».

__________________

(١) صرم: الصرم: القطع البائن للحبل والعذق، وقد صرم العذق عن النخلة، « لسان العرب - صرم - ١٢: ٣٣٤ ».

٣٠٩

٤ - فصل:

في ظهور آياته من إظهار بعض حكم القيامة،

وأحوالها في الدنيا

وفيه: حديث واحد

٢٥٩ / ١ - عليّ بن رئاب، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يحدّث عن آبائه أنّه أتى آت الحسن بن عليّعليهما‌السلام ، فقال: ما عجز عنه موسىعليه‌السلام من مسألة الخضرعليه‌السلام ، فقال: من الكنز الأعظم.

ثمّ ضرب بيده على منكب الرجل فقال: « إيه » ثمّ ركض ما بين يديه، فانفلق عن انسانين على صخرة، يرتفع منهما بخار أشدّ نتناً من الخبال وفي عنق كلّ واحد منهما سلسلة وشيطان مقرون به، وهما يقولان: يا محمّد، يا محمّد. والشيطانان يردَّان عليهما: كذبتما.

ثمّ قال: « انطبقي عليهما إلى الوقت المعلوم الذي لا يقدَّم ولا يؤخر » وهو خروج القائم المنتظرعليه‌السلام ، فقال الرجل: سحر. ثمّ ولّى على أن يخبر بضد ذلك فخرس.

وفي ذلك آيات بينات.

__________________

١ - عنه مدينة المعاجز: ٢٠٧ / ٣٦.

٣١٠

٥ - فصل:

في بيان آياته في انقلاب الرجل امرأة والامرأة رجلاً

وفيه: حديث واحد

٢٦٠ / ١ - وجدت في بعض كتب أصحابنا الثقات رضي الله عنهم أنّ رجلاً من أهل الشام أتى الحسنعليه‌السلام ومعه زوجته، فقال: يا ابن أبي تراب - وذكر بعد ذلك كلاماً نزهت عن ذكره - إن كنتم في دعواكم صادقين فحوّلني امرأة وحوّل امرأتي رجلاً. كالمستهزئ في كلامه، فغضبعليه‌السلام ، ونظر إليه شزراً، [ وحرّك شفتيه ](١) ودعا بما لم يُفهم، ثمّ نظر إليهما، وأحدَّ النظر، فرجع الشاميّ إلى نفسه وأطرق خجلاً ووضع يده على وجهه، ثمّ ولّى مسرعاً، وأقبلت امرأته(٢) ، وقالت: والله إنّي صرت رجلاً.

وذهبا حيناً من الزمان، ثمّ عادا إليه وقد ولد لهما مولود، وتضرّعا إلى الحسنعليه‌السلام تائبين ومعتذرين ممّا فرطا فيه، وطلبا منه انقلابهما إلى حالتهما الأولى، فأجابهما إلى ذلك، ورفع يده، وقال: « اللّهمَّ إن كانا صادقين في توبتيهما فتب عليهما، وحوّلهما إلى ما كانا عليه » فرجعا إلى ذلك لا شك فيه ولا شبهة.

__________________

١ - مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٨، باختلاف، الصراط المستقيم ٢: ١٧٧، باختصار، اثبات الهداة ٢: ٥٦٧، نحوه.

(١) من ر.

(٢) في ر: زوجته.

٣١١

٦ - فصل:

في بيان آياته فيما أعطاه جبرئيل من فاكهة الجنّة

وفيه: حديث واحد

٢٦١ / ١ - عن أبي الحسن عامر بن عبد الله، عن أبيه، عن الصادقعليه‌السلام ، عن آبائه، عن الحسينعليه‌السلام ، قال: « دخلت مع الحسنعليه‌السلام على جدّي رسول الله (ص) وعنده جبرئيلعليه‌السلام في صورة دحية الكلبيّ، وكان دحية إذا قدم من الشام على رسول الله (ص) حمل لي ولأخي خرنوباً(١) ونبقاً وتيناً، فشبّهناه بدحية بن خليفة الكلبيّ، وإنّ دحية كان يجعلنا نفتش كمّه، فقال جبرئيلعليه‌السلام : يا رسول الله، ما يريدان؟ قال: « إنّهما شبّهاك بدحية بن خليفة الكلبي، وإن دحية كان يحمل لهما إذا قدم من الشام نبقاً وتيناً وخرنوباً ».

قال: « فمدّ جبرئيلعليه‌السلام يده إلى الفردوس الأعلى، فأخذ منه نبقاً(٢) وخرنوباً وسفرجلاً ورمّاناً فملأنا به حجرنا ».

قال: « فخرجنا مستبشرين، فلقينا أبونا أمير المؤمنين عليّ عليه

__________________

١ - روضة الواعظين: ١٥٩.

(١) في ر: ثوباً.

(٢) في ر: تيناً.

٣١٢

السلام فنظر إلى ثمرة لم ير مثلها في الدنيا، فأخذ من هذا، ومن هذا واحداً واحداً، ودخل على رسول الله (ص) وهو يأكل فقال: « يا أبا الحسن، كُل وادفع إليَّ أوفر نصيب، فإنّ جبرئيلعليه‌السلام أتى به آنفاً ».

٣١٣

٧ - فصل:

فيما ظهر من آياته من الإخبار بالغائبات

وفيه: أربعة أحاديث

٢٦٢ / ١ - عن داود الرقيّ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « إنّ الحسن بن عليّعليه‌السلام قال لولده عبد الله: يا بني، إذا كان في عامنا هذا يدفع إليّ هذا الطاغي جارية تسمّى ( أنيس ) فتسمّني بسمّ قد جعله الطاغي تحت فصّ خاتمها. قال له عبد الله: فلم لا تقتلها قبل ذلك؟! قال: يا بني جفَّ القلم، وأبرم الأمر فانعقد، ولا حلّ لعقد الله [ المبرم ](١) .

فلمّا كان في العام القابل أهدي إليه جارية اسمها ( أنيس ) فلمّا دخلت عليه ضرب بيده على منكبها، ثمّ قال: يا أنيس، دخلتِ النار بما تحت فصّ خاتمك ».

٢٦٣ / ٢ - عن أبي أسامة زيد الشحام، عن أبي عبد الله عليه

__________________

١ - مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٨، نحوه، مدينة المعاجز: ٢٠٩ / ٤٤.

(١) من ر.

٢ - اثبات الوصية: ١٣٥، الكافي ١: ٤٦٣ / ٦، دلائل الإمامة: ٦٨، الخرائج والجرائح ١: ٢٣٩، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٧، عيون المعجزات: ٦٢، كشف الغمة ١: ٥٥٧، الصراط المستقيم ٢: ١٧٧، مدينة المعاجز: ٢٠٥ / ٢٧، وسائل الشيعة ٨: ٥٥ / ٨، مختصراً، اثبات الهداة ٢: ٥٥٦، وفي الكل ورد باختلاف يسير.

٣١٤

السلام، قال: « خرج الحسن بن عليّعليهما‌السلام إلى مكة ماشياً سنة من السنين، فورمت قدماه، فقال بعض مواليه: لو ركبت لسكن عنك بعض هذا الورم الذي برجلك.

قال: كلا، إذا أتينا المنزل فإنّه سيستقبلك عبد أسود، معه دهن لهذا الورم، فاشتر منه ولا تماكسه. فقال مولاه: بأبي أنت وأمّي، ليس أمامنا منزل فيه أحد يبيع هذا الدواء! قال: بلى، إنّه أمامك دون المنزل.

فسارا أميالاً، فإذا الأسود يستقبله، فقال الحسنعليه‌السلام : دونك الرجل فخذ منه الدهن واعطه ثمنه. فقال له الأسود: ويحك يا غلام، لمن أردت هذا الدهن؟ قال: للحسن بن عليّعليهما‌السلام قال: انطلق بي إليه.

فأخذ بيده حتّى أدخله عليه، فقال: بأبي أنت وأمّي، لم أعلم أنّك تحتاج إليه، ولا أنّه يراد ذلك، ولست آخذ له ثمناً، إنّما أنا مولاك، ولكن ادعو الله أن يرزقني ذكراً سوياً، يحبكم أهل البيت، فإنّي خلّفت امرأتي وقد أخذها الطلق(١) .

فقال له الحسنعليه‌السلام : انطلق إلى منزلك، فإنّ الله تبارك وتعالى وهب لك ذكراً سوياً، وهو لنا شيعة.

فرجع الأسود من فوره، فإذا بأهله قد وضعت غلاماً سوياً، فرجع إلى الحسنعليه‌السلام فأخبره بذلك، ودعا له خيراً، ومسح الحسنعليه‌السلام بذلك الدهن رجليه فما برح من مجلسه حتّى سكن ورمه، ومشى على قدميه ».

__________________

(١) زاد في ر: تمخض؛ وهي بمعنى: أخذها الطلق راجع لسان العرب: ٧: ٢٢٨ ( مخض ).

٣١٥

٢٦٤ / ٣ - عن الباقرعليه‌السلام ، عن آبائهعليهم‌السلام ، عن حذيفة، قال: بينا رسول الله (ص) على جبل أحد في جماعة من المهاجرين والأنصار إذ أقبل الحسن بن عليّعليه‌السلام يمشي على هدوء ووقار، فنظر إليه رسول الله (ص) فرمقه من كان معه، فقال له بلال: يا رسول الله، ما ترى أحدا بأحد؟! فقال (ص): « إنّ جبرئيلعليه‌السلام يهديه، وميكائيل يسدده، وهو ولدي والطاهر من نفسي، وضلع من أضلاعي، هذا سبطي وقرّة عيني بأبي هو ».

وقام، وقمنا معه، وهو يقول: « أنت تفاحى وأنت حبيبي وبهجة قلبي » وأخذ بيده، [ فمشى معه ](١) ونحن نمشي حتّى جلس وجلسنا حوله، فنظرنا إلى رسول الله (ص) وهو لا يرفع بصره عنه، ثمّ قال: « إنّه سيكون بعدي هادياً مهدياً، هدية من ربّ العالمين لي، ينبئ عنّي، ويعرّف الناس آثاري ويحيي سنّتي، ويتولى أموري في فعله، وينظر الله تعالى إليه، ويرحمه، رحم الله من عرف له ذلك وبرّني فيه، وأكرمني فيه ».

فما قطع صلوات الله عليه وآله كلامه حتّى أقبل إلينا أعرابي يجرّ هراوة له، فلمّا نظر إليه (ص) قال: « قد جاءكم رجل يكلمكم بكلام غليظ تقشعر منه جلودكم، وإنّه يسألكم عن أمور، ألا إنّ لكلامه جفوة » فجاء الأعرابي فلم يسلّم، فقال: أيّكم محمّد؟ قلنا: ما تريد؟ فقال (ص): « مهلاً » فقال: يا محمّد، قد كنت أبغضك ولم أرك، والآن قد ازددت لك بغضاً. فتبسّم رسول الله (ص) وغضبنا لذلك، فأردنا للأعرابي إرادة، فأومأ إلينا رسول الله (ص) أن امسكوا(٢) ، فقال الأعرابي: يا محمّد، إنّك تزعم أنّك نبيّ، وأنّك قد كذبت على

__________________

٣ - العدد القوية: ٤٢ / ٦٠.

(١) من ر.

(٢) في م: اسكتوا.

٣١٦

الأنبياء، وما معك من دلائلهم شيء.

فقال النبيّ (ص): « يا أعرابي، وما يدريك؟ » قال: فخبّرني ببراهينك.

قال: « إن أحببت أخبرتك كيف خرجت من منزلك، وكيف كنت في نادي قومك، وإن أردت أخبرك عضو من أعضائي، فيكون ذلك أوكد لبرهاني » قال: أو يتكلم العضو؟! قال: « نعم، يا حسن قم ».

فازدرى الأعرابي نفسه وقال: هو لا يأتي ويأمر صبيّاً يكلّمني؟! قال: « إنك ستجده عالماً بما تريد » فابتدر الحسن فقال: « مهلا يا أعرابي:

ما غبياً سألت وابن غبي

بل فقيهاً اذن وأنت الجهول

فإن تك قد جهلت فإنّ عندي

شفاء الجهل ما سأل السئول

وبحراً لا تقسّمه الدوالي

تراثاً كان أورثه الرسول

لقد بسطت لسانك، وعدوت طورك، وخادعتك نفسك، غير أنّك لا تبرح حتّى تؤمن إن شاء الله تعالى » فتبسّم الأعرابي وقال: هيهات(١) .

فقال له الحسنعليه‌السلام : « قد اجتمعتم في نادي قومك، وقد تذاكرتم ما جرى بينكم على جهلٍ، وخرق منكم، فزعمتم أنّ محمّداً صنبور(٢) ، والعرب قاطبة تبغضه، ولا طالب له بثأره، وزعمت أنّك قاتله وكاف قومك مؤونته، فحملت نفسك على ذلك، وقد أخذت قضاتك بيدك تؤمه وتريد قتله، تعسر عليك مسلكك، وعمى عليك بصرك، وأبيت إلاّ ذلك، فأتيتنا خوفاً من أن يستهزئوا بك، وإنّما جئت

__________________

(١) في م: مه.

(٢) الصنبور: أي أبتر لا عقب له ولا أخ فإذا مات انقطع ذكره. « لسان العرب - صنبر - ٤: ٤٦٩ ».

٣١٧

لخير يراد بك.

أنبئك عن سفرك: خرجت في ليلة ضحياء(١) ، إذ عصفت ريح شديدة اشتدَّ منها ظلماؤها، وأطبقت سماؤها، وأعصر سحابها، وبقيت محرنجماً(٢) كالأشقر إن تقدم نُحر، وإن تأخر عُقر، لا تسمع لواطئ حسّاً، ولا لنافخ خرسا(٣) ، تدالت عليك غيومها، وتوارت عنك نجومها، فلا تهتدي بنجم طالع، ولا بعلمٍ لا مع، تقطع محجّة وتهبط لجّة بعد لجّة، في ديمومة قفر، بعيدة القعر، مجحفة بالسفر، إذا علوت مصعداً وأرادت الريح تخطفك، والشوك تخبطك، في ريح عاصف وبرق خاطف، قد أوحشتك قفارها، وقطعتك سلامها، فانصرفت فإذا أنت عندنا، فقرّت عينك وظهر زينك(٤) ، وذهب أنينك ».

قال: من أين قلت - يا غلام - هذا؟! كأنّك قد كشفت عن سويداء قلبي، وكأنّك كنت شاهدي، وما خفي عليك شيء من أمري، وكأنّك عالم الغيب، يا غلام، لقّني الإسلام.

فقال الحسنعليه‌السلام : « الله أكبر، قل: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ».

فأسلم الرجل وحسن إسلامه، وسرَّ رسول الله (ص)، وسرّ المسلمون وعلّمه رسول الله (ص) شيئاً من القرآن، فقال: يا رسول الله، أرجع إلى قومي وأعرّفهم ذلك. فأذن له، فانصرف، ثمّ رجع

__________________

(١) ليلة ضحياء: مضيئة لا غيم فيها. « لسان العرب - ضحا - ١٤: ٤٧٩ ».

(٢) احرنجم: اجتمع. والمراد انطوى على نفسه. « لسان العرب - حرجم - ١٢: ١٣٠ ».

(٣) ولا لنافخ خرسا: المراد ولا لأحد صدى. « لسان العرب - نفخ - ٣: ٦٣، و - خرس - ٦: ٦٢ ».

(٤) في بعض النسخ: ذهنك.

٣١٨

ومعه جماعة من قومه، فدخلوا في الإسلام.

وكان الحسنعليه‌السلام إذا نظر إليه الناس قالوا: لقد أعطي هذا ما لم يعط أحدٌ من العالمين.

٢٦٥ / ٤ - وروي أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام كان في الرحبة، فقام إليه رجل، وقال: أنا من رعيتك وأهل بلادك. فقالعليه‌السلام : « لست من رعيتي ولا من أهل بلادي، وإنّ ابن الأصفر(١) بعث إلى معاوية بمسائل أقلقته، فأرسلك إليّ بها ».

قال: صدقت يا أمير المؤمنين، كان في خفية وأنت قد اطلعت عليها، ولم يعلم غير الله.

قال: « سل أحد ابني هذين ». قال: اسأل ذا الوفرة(٢) - يعني الحسنعليه‌السلام - فأتاه فقال: « جئت لتسأل(٣) : كم بين الحقّ والباطل؟ وكم بين السّماء والأرض؟ وكم بين المشرق والمغرب؟ وما قوس قزح؟ وما المؤنث؟ وما عشرة أشياء بعضها أشدّ من بعض؟ » [ قال: نعم ](٤) .

قال الحسنعليه‌السلام : « بين الحقّ والباطل أربعة أصابع، فما

__________________

٤ - الخصال: ٤٤٠ / ٣٣، الاحتجاج: ٣٩٨، الخرائج والجرائح ٢: ٥٧٢، روضة الواعظين: ٥٧، تحف العقول: ٢٢٨، الصراط المستقيم ٢: ١٧٨، مختصراً، حلية الأبرار ١: ٥٠٣، مدينة المعاجز: ٢٢٢ / ٧٨، الوسائل ٨: ٤٤٨ / ٥.

(١) ابن الأصفر: أي ملك الروم، لأن أباهم الأوّل كان أصفر اللون. « لسان العرب - صفر - ٤: ٤٦٥ ».

(٢) الوفرة: شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأذن. « لسان العرب - وفر - ٥: ٢٨٨ ».

(٣) في بعض النسخ: أسألك.

(٤) من ر.

٣١٩

رأيته بعينك فهو الحقّ وما سمعته(١) بأذنيك باطل كثير، وبين السّماء والأرض دعوة المظلوم مدّ البصر؛ وبين المشرق والمغرب مسيرة يوم للشمس؛ وقزح اسم للشيطان، لا تقل قوس قزح، هو قوس الله، وعلامة الخصب، وأمان لأهل الأرض من الغرق،

وأمّا المؤنث فهو من لا يدري أذكر هو أم أنثى، فإنّه ينتظر فيه، فإن كان ذكراً احتلم، وإن كانت أنثى حاضت وبدا ثدياها، وإلاّ قيل له: بل، فإن أصاب بوله الحائط فهو ذكر، وإن انتكص بوله على رجليه كما ينتكص بول البعير فهو امرأة.

وأمّا عشرة أشياء بعضها أشدّ من بعض فأشد شيء خلقه الله الحجر، وأشدّ منه الحديد، يقطع به الحجر، وأشدّ من الحديد النّار، تذيب الحديد، وأشدّ من النّار الماء، يطفئ النّار، وأشدّ من الماء السحاب، يحمل الماء، وأشدّ من السحاب الريح، تحمل السحاب، وأشدّ من الريح الملك الذي يردّها، وأشدّ من الملك ملك الموت الّذي يميت الملك، وأشدّ من ملك الموت الموت الذي يميت ملك الموت، وأشدّ من الموت أمر الله تعالى [ الذي ] يدفع الموت »

__________________

(١) في ر: تسمعه.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697