الثاقب في المناقب

الثاقب في المناقب2%

الثاقب في المناقب مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 697

الثاقب في المناقب
  • البداية
  • السابق
  • 697 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 198734 / تحميل: 7690
الحجم الحجم الحجم
الثاقب في المناقب

الثاقب في المناقب

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

٦ - فصل:

في ظهور آياتها في غليان القدر بغير نار

وفيه: حديثان

٢٥٤ / ١ - عن زاذان، عن سلمانرضي‌الله‌عنه ، قال: أتيت ذات يوم منزل فاطمةعليها‌السلام فوجدتها نائمة قد تغطّت بالعباءة، ونظرت إلى قدر منصوبة بين يديها تغلي بغير نار، فانصرفت مبادراً إلى رسول الله (ص)، فلمّا بصر بي ضحك، ثمّ قال: « يا أبا عبد الله، أعجبك ما رأيت من حال ابنتي فاطمة؟ » قلت: نعم، يا رسول الله.

فقال رسول الله (ص): « أتعجب من أمر الله، إنّ الله تبارك وتعالى علم ضعف ابنتي فاطمة، فأيّدها بمن يعينها على دهرها من كرام ملائكته ».

٢٥٥ / ٢ - عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قد استقرض من يهوديّ شيئاً، فاسترهنه فدفع إليه ملاءة فاطمةعليها‌السلام ، وكانت من الصّوف؛ فأدخلها اليهودي داره، فوضعها في بيت، فلمّا كان الليل دخلت زوجته البيت الذي فيه الملاءة لشغل، فرأت نوراً ساطعاً في البيت فانصرفت إلى زوجها فأخبرته بما رأت في ذلك البيت، فتعجّب

__________________

١ - الخرائج والجرائح ٢: ٥٣١ قطعة منه، بحار الأنوار ٤٣: ٢٨ عن الخرائج.

٢ - الخرائج والجرائح ٢: ٥٣٧، بحار الأنوار ٤٣: ٣٠ عن الخرائج.

٣٠١

زوجها، وقد نسي أنّ في بيته ملاءة فاطمةعليها‌السلام ، فنهض مسرعاً، فدخل البيت فإذا ضياء الملاءة، منتشرة وشعاعها، كأنّها تشتعل من بدر منير، يلمع من قريب، فتعجّب من ذلك فأمعن النّظر في موضع الملاءة، فعلم أن النّور من ملاءة فاطمةعليها‌السلام ، فخرج اليهوديّ إلى قرابته، وزوجته إلى قرابتها(١) ، واستحضرهم الدار، فاجتمع ثمانون من اليهود، فرأوا ذلك فأسلموا.

__________________

(١) في ر، ك: أقرانها.

٣٠٢

الباب الخامس

في بيان آيات السبط الزكي أبي محمّد الحسن بن

عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام

وفيه سبعة فصول

٣٠٣

٣٠٤

١ - فصل:

في بيان آياته في إحياء الموتى

وفيه: حديث واحد

٢٥٦ / ١ - عن جابر بن يزيد الجعفيّ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « جاء أناس إلى الحسنعليه‌السلام فقالوا له: أرنا من عجائب أبيك التي كان يرينها.

قال: أفتؤمنون بذلك؟ فقالوا كلّهم: نعم، نؤمن بالله تعالى ». قال: « فأحيا لهم ميتاً بإذن الله، فقالوا بأجمعهم: نشهد أنّك ابن أمير المؤمنينعليه‌السلام حقّاً، وأنّه كان يرينا مثل ذلك كثيراً ».

__________________

١ - دلائل الإمامة: ٦٨، اثبات الهداة ٢: ٥٦٣ / ٣٩.

٣٠٥

٢ - فصل:

في بيان ظهور آياته فيما يشاكل ذلك

وفيه: حديث واحد

٢٥٧ / ١ - عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله (ص): « حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، فإنّه قد كانت فيهم الأعاجيب، ثمّ أنشأ(١) يحدّث (ص) فقال:

« خرجت طائفة من بني إسرائيل حتّى أتوا مقبرة لهم، وقالوا: لو صلّينا فدعونا الله تعالى فأخرج لنا رجلاً ممّن مات نسأله عن الموت؛ ففعلوا، فبينما هم كذلك، إذ أطلع رجل رأسه من قبر، بين عينيه أثر السجود، فقال: يا هؤلاء، ما أردتم منّي، لقد متّ منذ عام، ما كان سكنت عني حرارة الموت، حتّى كان الآن فادعوا الله أن يعيدني كما كنت ».

قال جابر بن عبد الله: ولقد رأيت وحقّ الله وحقّ رسول الله من الحسن بن عليّعليهما‌السلام أفضل وأعجب منها، ومن الحسين بن عليّعليهما‌السلام أفضل: وأعجب منها.

أمّا الذي رأيته من الحسنعليه‌السلام فهو: أنّه لمّا وقع عليه

__________________

١ - معالم الزلفى: ٤١٤.

(١) في م: انثنى.

٣٠٦

من أصحابه ما وقع، وألجأه ذلك إلى مصالحة معاوية، فصالحه، واشتدّ ذلك على خواص أصحابه، فكنت أحدهم فجئته فعذلته، فقال: « يا جابر، لا تعذلني، وصدّق رسول الله في قوله: ( إنّ ابني هذا سيّد، وإنَّ الله تعالى يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ) ».

فكأنّه لم يشف ذلك صدري فقلت: لعل هذا شيءً يكون بعد، وليس هذا هو الصلح مع معاوية، فإنّ هذا هلاك المؤمنين وإذلالهم، فوضع يده على صدري وقال: « شككت وقلت كذا ».

قال: « أتحب أن أستشهد رسول الله (ص) الآن حتّى تسمع منه؟! » فعجبت من قوله، إذ سمعت هدّة، وإذا بالأرض من تحت أرجلنا انشقت، وإذا رسول الله (ص)، وعليّ وجعفر وحمزةعليهم‌السلام قد خرجوا منها، فوثبت فزعاً مذعوراً، فقال الحسن: « يا رسول الله، هذا جابر، وقد عذلني بما قد علمت ».

فقال (ص) لي: « يا جابر، إنّك لا تكون مؤمناً حتّى تكون لأئمتك مسلّما، ولا تكون عليهم برأيك معترضاً، سلّم لابني الحسن ما فعل، فإنّ الحقّ فيه، إنّه دفع عن حياة(١) المسلمين الاصطلام بما فعل، وما كان ما فعله إلاّ عن أمر الله، وأمري ».

فقلت: قد سلمت يا رسول الله. ثمّ ارتفع في الهواء هو وعليّ وحمزة وجعفر، فما زلت أنظر إليهم حتّى انفتح لهم باب [ من السماء ] ودخلوها، ثمّ باب السماء الثانية، إلى سبع سماوات يقدمهم سيّدنا ومولانا محمّد (ص).

__________________

(١) في ر: خيار.

٣٠٧

٣ - فصل:

في بيان ظهور آياته من إخراج التمر من الشجر(*) اليابس

بإذن الله تعالى

وفيه: حديث واحد

٢٥٨ / ١ - عن إسماعيل بن مهران، عن منذر الكناسيّ(١) ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « خرج الحسن بن عليّعليهما‌السلام في بعض سفره ومعه رجل من ولد الزبير [ لا ](٢) يقول بإمامته، فنزلوا في منهل من المناهل، تحت نخل يابس، قد يبس من العطش »

قال: « ففرش لأبي محمّد الحسن تحت نخلة، والزبيريّ بحذائه تحت نخلة أخرى ».

__________________

(*) في هامش ر: النخل.

١ - بصائر الدرجات: ٢٧٦ / ١٠، الكافي ١: ٣٨٤ / ٤، الخرائج والجرائح ١: ٢٧١، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٦، كشف الغمة ١: ٥٥٧، الصراط المستقيم ٢: ١٧٧ / ٦، مدينة المعاجز: ٢٠٦ / ٣٠، اثبات الهداة ٢: ٥٥٥.

(١) في البصائر: عبد الله الكناسي، وفي الكافي: الكناسي، وفي المصدرين روى عنه اسماعيل بن مهران، وفي معجم رجال الحديث ٢٣: ١٣٧ ذكر الكناسي، وقال: روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وروى عنه إسماعيل بن مهران، ولم نجد ذكراً لعبد الله ومنذر في المصادر المتوفرة لدينا.

(٢) ليس في ر.

٣٠٨

قال: « فقام الزبيريّ ورفع رأسه وقال: لو كان في هذا النخل رطب لأكلنا منه. فقال الحسنعليه‌السلام : وإنّك لتشتهي الرطب؟! قال: نعم. فرفع يده إلى السماء ودعا بدعاء لم يسمع ولم يفهم، فاخضرّت النخلة، ثمّ صارت إلى حالتها فأورقت وحملت رطباً ».

قال: « فقال الجمّال الذي اكتروا منه: سحر والله! فقال الحسن: والله ليس بالسحر ولكن دعوة ابن نبيّ مجابة، فصعدوا إلى النخلة حتّى صرموا(١) ما كان فيها، وما كان كفاهم ».

__________________

(١) صرم: الصرم: القطع البائن للحبل والعذق، وقد صرم العذق عن النخلة، « لسان العرب - صرم - ١٢: ٣٣٤ ».

٣٠٩

٤ - فصل:

في ظهور آياته من إظهار بعض حكم القيامة،

وأحوالها في الدنيا

وفيه: حديث واحد

٢٥٩ / ١ - عليّ بن رئاب، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يحدّث عن آبائه أنّه أتى آت الحسن بن عليّعليهما‌السلام ، فقال: ما عجز عنه موسىعليه‌السلام من مسألة الخضرعليه‌السلام ، فقال: من الكنز الأعظم.

ثمّ ضرب بيده على منكب الرجل فقال: « إيه » ثمّ ركض ما بين يديه، فانفلق عن انسانين على صخرة، يرتفع منهما بخار أشدّ نتناً من الخبال وفي عنق كلّ واحد منهما سلسلة وشيطان مقرون به، وهما يقولان: يا محمّد، يا محمّد. والشيطانان يردَّان عليهما: كذبتما.

ثمّ قال: « انطبقي عليهما إلى الوقت المعلوم الذي لا يقدَّم ولا يؤخر » وهو خروج القائم المنتظرعليه‌السلام ، فقال الرجل: سحر. ثمّ ولّى على أن يخبر بضد ذلك فخرس.

وفي ذلك آيات بينات.

__________________

١ - عنه مدينة المعاجز: ٢٠٧ / ٣٦.

٣١٠

٥ - فصل:

في بيان آياته في انقلاب الرجل امرأة والامرأة رجلاً

وفيه: حديث واحد

٢٦٠ / ١ - وجدت في بعض كتب أصحابنا الثقات رضي الله عنهم أنّ رجلاً من أهل الشام أتى الحسنعليه‌السلام ومعه زوجته، فقال: يا ابن أبي تراب - وذكر بعد ذلك كلاماً نزهت عن ذكره - إن كنتم في دعواكم صادقين فحوّلني امرأة وحوّل امرأتي رجلاً. كالمستهزئ في كلامه، فغضبعليه‌السلام ، ونظر إليه شزراً، [ وحرّك شفتيه ](١) ودعا بما لم يُفهم، ثمّ نظر إليهما، وأحدَّ النظر، فرجع الشاميّ إلى نفسه وأطرق خجلاً ووضع يده على وجهه، ثمّ ولّى مسرعاً، وأقبلت امرأته(٢) ، وقالت: والله إنّي صرت رجلاً.

وذهبا حيناً من الزمان، ثمّ عادا إليه وقد ولد لهما مولود، وتضرّعا إلى الحسنعليه‌السلام تائبين ومعتذرين ممّا فرطا فيه، وطلبا منه انقلابهما إلى حالتهما الأولى، فأجابهما إلى ذلك، ورفع يده، وقال: « اللّهمَّ إن كانا صادقين في توبتيهما فتب عليهما، وحوّلهما إلى ما كانا عليه » فرجعا إلى ذلك لا شك فيه ولا شبهة.

__________________

١ - مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٨، باختلاف، الصراط المستقيم ٢: ١٧٧، باختصار، اثبات الهداة ٢: ٥٦٧، نحوه.

(١) من ر.

(٢) في ر: زوجته.

٣١١

٦ - فصل:

في بيان آياته فيما أعطاه جبرئيل من فاكهة الجنّة

وفيه: حديث واحد

٢٦١ / ١ - عن أبي الحسن عامر بن عبد الله، عن أبيه، عن الصادقعليه‌السلام ، عن آبائه، عن الحسينعليه‌السلام ، قال: « دخلت مع الحسنعليه‌السلام على جدّي رسول الله (ص) وعنده جبرئيلعليه‌السلام في صورة دحية الكلبيّ، وكان دحية إذا قدم من الشام على رسول الله (ص) حمل لي ولأخي خرنوباً(١) ونبقاً وتيناً، فشبّهناه بدحية بن خليفة الكلبيّ، وإنّ دحية كان يجعلنا نفتش كمّه، فقال جبرئيلعليه‌السلام : يا رسول الله، ما يريدان؟ قال: « إنّهما شبّهاك بدحية بن خليفة الكلبي، وإن دحية كان يحمل لهما إذا قدم من الشام نبقاً وتيناً وخرنوباً ».

قال: « فمدّ جبرئيلعليه‌السلام يده إلى الفردوس الأعلى، فأخذ منه نبقاً(٢) وخرنوباً وسفرجلاً ورمّاناً فملأنا به حجرنا ».

قال: « فخرجنا مستبشرين، فلقينا أبونا أمير المؤمنين عليّ عليه

__________________

١ - روضة الواعظين: ١٥٩.

(١) في ر: ثوباً.

(٢) في ر: تيناً.

٣١٢

السلام فنظر إلى ثمرة لم ير مثلها في الدنيا، فأخذ من هذا، ومن هذا واحداً واحداً، ودخل على رسول الله (ص) وهو يأكل فقال: « يا أبا الحسن، كُل وادفع إليَّ أوفر نصيب، فإنّ جبرئيلعليه‌السلام أتى به آنفاً ».

٣١٣

٧ - فصل:

فيما ظهر من آياته من الإخبار بالغائبات

وفيه: أربعة أحاديث

٢٦٢ / ١ - عن داود الرقيّ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « إنّ الحسن بن عليّعليه‌السلام قال لولده عبد الله: يا بني، إذا كان في عامنا هذا يدفع إليّ هذا الطاغي جارية تسمّى ( أنيس ) فتسمّني بسمّ قد جعله الطاغي تحت فصّ خاتمها. قال له عبد الله: فلم لا تقتلها قبل ذلك؟! قال: يا بني جفَّ القلم، وأبرم الأمر فانعقد، ولا حلّ لعقد الله [ المبرم ](١) .

فلمّا كان في العام القابل أهدي إليه جارية اسمها ( أنيس ) فلمّا دخلت عليه ضرب بيده على منكبها، ثمّ قال: يا أنيس، دخلتِ النار بما تحت فصّ خاتمك ».

٢٦٣ / ٢ - عن أبي أسامة زيد الشحام، عن أبي عبد الله عليه

__________________

١ - مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٨، نحوه، مدينة المعاجز: ٢٠٩ / ٤٤.

(١) من ر.

٢ - اثبات الوصية: ١٣٥، الكافي ١: ٤٦٣ / ٦، دلائل الإمامة: ٦٨، الخرائج والجرائح ١: ٢٣٩، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٧، عيون المعجزات: ٦٢، كشف الغمة ١: ٥٥٧، الصراط المستقيم ٢: ١٧٧، مدينة المعاجز: ٢٠٥ / ٢٧، وسائل الشيعة ٨: ٥٥ / ٨، مختصراً، اثبات الهداة ٢: ٥٥٦، وفي الكل ورد باختلاف يسير.

٣١٤

السلام، قال: « خرج الحسن بن عليّعليهما‌السلام إلى مكة ماشياً سنة من السنين، فورمت قدماه، فقال بعض مواليه: لو ركبت لسكن عنك بعض هذا الورم الذي برجلك.

قال: كلا، إذا أتينا المنزل فإنّه سيستقبلك عبد أسود، معه دهن لهذا الورم، فاشتر منه ولا تماكسه. فقال مولاه: بأبي أنت وأمّي، ليس أمامنا منزل فيه أحد يبيع هذا الدواء! قال: بلى، إنّه أمامك دون المنزل.

فسارا أميالاً، فإذا الأسود يستقبله، فقال الحسنعليه‌السلام : دونك الرجل فخذ منه الدهن واعطه ثمنه. فقال له الأسود: ويحك يا غلام، لمن أردت هذا الدهن؟ قال: للحسن بن عليّعليهما‌السلام قال: انطلق بي إليه.

فأخذ بيده حتّى أدخله عليه، فقال: بأبي أنت وأمّي، لم أعلم أنّك تحتاج إليه، ولا أنّه يراد ذلك، ولست آخذ له ثمناً، إنّما أنا مولاك، ولكن ادعو الله أن يرزقني ذكراً سوياً، يحبكم أهل البيت، فإنّي خلّفت امرأتي وقد أخذها الطلق(١) .

فقال له الحسنعليه‌السلام : انطلق إلى منزلك، فإنّ الله تبارك وتعالى وهب لك ذكراً سوياً، وهو لنا شيعة.

فرجع الأسود من فوره، فإذا بأهله قد وضعت غلاماً سوياً، فرجع إلى الحسنعليه‌السلام فأخبره بذلك، ودعا له خيراً، ومسح الحسنعليه‌السلام بذلك الدهن رجليه فما برح من مجلسه حتّى سكن ورمه، ومشى على قدميه ».

__________________

(١) زاد في ر: تمخض؛ وهي بمعنى: أخذها الطلق راجع لسان العرب: ٧: ٢٢٨ ( مخض ).

٣١٥

٢٦٤ / ٣ - عن الباقرعليه‌السلام ، عن آبائهعليهم‌السلام ، عن حذيفة، قال: بينا رسول الله (ص) على جبل أحد في جماعة من المهاجرين والأنصار إذ أقبل الحسن بن عليّعليه‌السلام يمشي على هدوء ووقار، فنظر إليه رسول الله (ص) فرمقه من كان معه، فقال له بلال: يا رسول الله، ما ترى أحدا بأحد؟! فقال (ص): « إنّ جبرئيلعليه‌السلام يهديه، وميكائيل يسدده، وهو ولدي والطاهر من نفسي، وضلع من أضلاعي، هذا سبطي وقرّة عيني بأبي هو ».

وقام، وقمنا معه، وهو يقول: « أنت تفاحى وأنت حبيبي وبهجة قلبي » وأخذ بيده، [ فمشى معه ](١) ونحن نمشي حتّى جلس وجلسنا حوله، فنظرنا إلى رسول الله (ص) وهو لا يرفع بصره عنه، ثمّ قال: « إنّه سيكون بعدي هادياً مهدياً، هدية من ربّ العالمين لي، ينبئ عنّي، ويعرّف الناس آثاري ويحيي سنّتي، ويتولى أموري في فعله، وينظر الله تعالى إليه، ويرحمه، رحم الله من عرف له ذلك وبرّني فيه، وأكرمني فيه ».

فما قطع صلوات الله عليه وآله كلامه حتّى أقبل إلينا أعرابي يجرّ هراوة له، فلمّا نظر إليه (ص) قال: « قد جاءكم رجل يكلمكم بكلام غليظ تقشعر منه جلودكم، وإنّه يسألكم عن أمور، ألا إنّ لكلامه جفوة » فجاء الأعرابي فلم يسلّم، فقال: أيّكم محمّد؟ قلنا: ما تريد؟ فقال (ص): « مهلاً » فقال: يا محمّد، قد كنت أبغضك ولم أرك، والآن قد ازددت لك بغضاً. فتبسّم رسول الله (ص) وغضبنا لذلك، فأردنا للأعرابي إرادة، فأومأ إلينا رسول الله (ص) أن امسكوا(٢) ، فقال الأعرابي: يا محمّد، إنّك تزعم أنّك نبيّ، وأنّك قد كذبت على

__________________

٣ - العدد القوية: ٤٢ / ٦٠.

(١) من ر.

(٢) في م: اسكتوا.

٣١٦

الأنبياء، وما معك من دلائلهم شيء.

فقال النبيّ (ص): « يا أعرابي، وما يدريك؟ » قال: فخبّرني ببراهينك.

قال: « إن أحببت أخبرتك كيف خرجت من منزلك، وكيف كنت في نادي قومك، وإن أردت أخبرك عضو من أعضائي، فيكون ذلك أوكد لبرهاني » قال: أو يتكلم العضو؟! قال: « نعم، يا حسن قم ».

فازدرى الأعرابي نفسه وقال: هو لا يأتي ويأمر صبيّاً يكلّمني؟! قال: « إنك ستجده عالماً بما تريد » فابتدر الحسن فقال: « مهلا يا أعرابي:

ما غبياً سألت وابن غبي

بل فقيهاً اذن وأنت الجهول

فإن تك قد جهلت فإنّ عندي

شفاء الجهل ما سأل السئول

وبحراً لا تقسّمه الدوالي

تراثاً كان أورثه الرسول

لقد بسطت لسانك، وعدوت طورك، وخادعتك نفسك، غير أنّك لا تبرح حتّى تؤمن إن شاء الله تعالى » فتبسّم الأعرابي وقال: هيهات(١) .

فقال له الحسنعليه‌السلام : « قد اجتمعتم في نادي قومك، وقد تذاكرتم ما جرى بينكم على جهلٍ، وخرق منكم، فزعمتم أنّ محمّداً صنبور(٢) ، والعرب قاطبة تبغضه، ولا طالب له بثأره، وزعمت أنّك قاتله وكاف قومك مؤونته، فحملت نفسك على ذلك، وقد أخذت قضاتك بيدك تؤمه وتريد قتله، تعسر عليك مسلكك، وعمى عليك بصرك، وأبيت إلاّ ذلك، فأتيتنا خوفاً من أن يستهزئوا بك، وإنّما جئت

__________________

(١) في م: مه.

(٢) الصنبور: أي أبتر لا عقب له ولا أخ فإذا مات انقطع ذكره. « لسان العرب - صنبر - ٤: ٤٦٩ ».

٣١٧

لخير يراد بك.

أنبئك عن سفرك: خرجت في ليلة ضحياء(١) ، إذ عصفت ريح شديدة اشتدَّ منها ظلماؤها، وأطبقت سماؤها، وأعصر سحابها، وبقيت محرنجماً(٢) كالأشقر إن تقدم نُحر، وإن تأخر عُقر، لا تسمع لواطئ حسّاً، ولا لنافخ خرسا(٣) ، تدالت عليك غيومها، وتوارت عنك نجومها، فلا تهتدي بنجم طالع، ولا بعلمٍ لا مع، تقطع محجّة وتهبط لجّة بعد لجّة، في ديمومة قفر، بعيدة القعر، مجحفة بالسفر، إذا علوت مصعداً وأرادت الريح تخطفك، والشوك تخبطك، في ريح عاصف وبرق خاطف، قد أوحشتك قفارها، وقطعتك سلامها، فانصرفت فإذا أنت عندنا، فقرّت عينك وظهر زينك(٤) ، وذهب أنينك ».

قال: من أين قلت - يا غلام - هذا؟! كأنّك قد كشفت عن سويداء قلبي، وكأنّك كنت شاهدي، وما خفي عليك شيء من أمري، وكأنّك عالم الغيب، يا غلام، لقّني الإسلام.

فقال الحسنعليه‌السلام : « الله أكبر، قل: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ».

فأسلم الرجل وحسن إسلامه، وسرَّ رسول الله (ص)، وسرّ المسلمون وعلّمه رسول الله (ص) شيئاً من القرآن، فقال: يا رسول الله، أرجع إلى قومي وأعرّفهم ذلك. فأذن له، فانصرف، ثمّ رجع

__________________

(١) ليلة ضحياء: مضيئة لا غيم فيها. « لسان العرب - ضحا - ١٤: ٤٧٩ ».

(٢) احرنجم: اجتمع. والمراد انطوى على نفسه. « لسان العرب - حرجم - ١٢: ١٣٠ ».

(٣) ولا لنافخ خرسا: المراد ولا لأحد صدى. « لسان العرب - نفخ - ٣: ٦٣، و - خرس - ٦: ٦٢ ».

(٤) في بعض النسخ: ذهنك.

٣١٨

ومعه جماعة من قومه، فدخلوا في الإسلام.

وكان الحسنعليه‌السلام إذا نظر إليه الناس قالوا: لقد أعطي هذا ما لم يعط أحدٌ من العالمين.

٢٦٥ / ٤ - وروي أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام كان في الرحبة، فقام إليه رجل، وقال: أنا من رعيتك وأهل بلادك. فقالعليه‌السلام : « لست من رعيتي ولا من أهل بلادي، وإنّ ابن الأصفر(١) بعث إلى معاوية بمسائل أقلقته، فأرسلك إليّ بها ».

قال: صدقت يا أمير المؤمنين، كان في خفية وأنت قد اطلعت عليها، ولم يعلم غير الله.

قال: « سل أحد ابني هذين ». قال: اسأل ذا الوفرة(٢) - يعني الحسنعليه‌السلام - فأتاه فقال: « جئت لتسأل(٣) : كم بين الحقّ والباطل؟ وكم بين السّماء والأرض؟ وكم بين المشرق والمغرب؟ وما قوس قزح؟ وما المؤنث؟ وما عشرة أشياء بعضها أشدّ من بعض؟ » [ قال: نعم ](٤) .

قال الحسنعليه‌السلام : « بين الحقّ والباطل أربعة أصابع، فما

__________________

٤ - الخصال: ٤٤٠ / ٣٣، الاحتجاج: ٣٩٨، الخرائج والجرائح ٢: ٥٧٢، روضة الواعظين: ٥٧، تحف العقول: ٢٢٨، الصراط المستقيم ٢: ١٧٨، مختصراً، حلية الأبرار ١: ٥٠٣، مدينة المعاجز: ٢٢٢ / ٧٨، الوسائل ٨: ٤٤٨ / ٥.

(١) ابن الأصفر: أي ملك الروم، لأن أباهم الأوّل كان أصفر اللون. « لسان العرب - صفر - ٤: ٤٦٥ ».

(٢) الوفرة: شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأذن. « لسان العرب - وفر - ٥: ٢٨٨ ».

(٣) في بعض النسخ: أسألك.

(٤) من ر.

٣١٩

رأيته بعينك فهو الحقّ وما سمعته(١) بأذنيك باطل كثير، وبين السّماء والأرض دعوة المظلوم مدّ البصر؛ وبين المشرق والمغرب مسيرة يوم للشمس؛ وقزح اسم للشيطان، لا تقل قوس قزح، هو قوس الله، وعلامة الخصب، وأمان لأهل الأرض من الغرق،

وأمّا المؤنث فهو من لا يدري أذكر هو أم أنثى، فإنّه ينتظر فيه، فإن كان ذكراً احتلم، وإن كانت أنثى حاضت وبدا ثدياها، وإلاّ قيل له: بل، فإن أصاب بوله الحائط فهو ذكر، وإن انتكص بوله على رجليه كما ينتكص بول البعير فهو امرأة.

وأمّا عشرة أشياء بعضها أشدّ من بعض فأشد شيء خلقه الله الحجر، وأشدّ منه الحديد، يقطع به الحجر، وأشدّ من الحديد النّار، تذيب الحديد، وأشدّ من النّار الماء، يطفئ النّار، وأشدّ من الماء السحاب، يحمل الماء، وأشدّ من السحاب الريح، تحمل السحاب، وأشدّ من الريح الملك الذي يردّها، وأشدّ من الملك ملك الموت الّذي يميت الملك، وأشدّ من ملك الموت الموت الذي يميت ملك الموت، وأشدّ من الموت أمر الله تعالى [ الذي ] يدفع الموت »

__________________

(١) في ر: تسمعه.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697