الثاقب في المناقب

الثاقب في المناقب8%

الثاقب في المناقب مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 697

الثاقب في المناقب
  • البداية
  • السابق
  • 697 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 198700 / تحميل: 7690
الحجم الحجم الحجم
الثاقب في المناقب

الثاقب في المناقب

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

عذافر ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ليس التعزية إلا عند القبر ثم ينصرفون لا يحدث في الميت حدث فيسمعون الصوت

أي الصبر ، يقال ( عزيته ) أي صبرته والمراد بها طلب التسلي عن المصاب والتصبر عن الحزن والانكسار بإسناد الأمر إلى الله ، ونسبته إلى عدله وحكمته وذكر ما وعد الله على الصبر مع الدعاء للميت والمصاب لتسليته عن مصيبته ، وهي مستحبة إجماعا ولا كراهة فيها بعد الدفن عندنا انتهى.

وقال : في النهاية التعزية مستحبة قبل الدفن وبعده بلا خلاف بين العلماء في ذلك إلا الثوري فإنه قال : لا يستحب التعزية بعد الدفن.

وقال في التذكرة : قال : الشيخ التعزية بعد الدفن أفضل وهو جيد.

وقال : المحقق في المعتبر : التعزية مستحبة وأقلها أن يراه صاحب التعزية وباستحبابها قال : أهل العلم مطلقا ، خلافا للثوري فإنه كرهها بعد الدفن ثم قال فأما رواية إسحاق بن عمار فليس بمناف لما ذكرنا لاحتمال أنه يريد عند القبر. بعد الدفن أو قبله. وقال : الشيخ بعد الدفن أفضل وهو حق انتهى.

وقال في المنتهى : قال الشيخ في المبسوط يكره الجلوس للتعزية يومين أو ثلاثة وخالف فيه ابن إدريس وهو الحق انتهى ، ولنرجع إلى بيان ما يستفاد من الخبر بعد ما نبهناك على ما ذهب إليه الأصحاب.

فاعلم : أن الظاهر منقوله عليه‌السلام : « ليس التعزية إلا عند القبر » عند انحصار التعزية فيما يقع عند القبر بعد الدفن كما هو الظاهر أو مطلقا كما نقلنا عن المحقق ، ولعله على ما ذكره الشيخ في المبسوط ، لكن فيه أنه لا يدل إلا على عدم استحباب التعزية بعد ذلك لا كراهتها ، مع أن مقتضى الجمع بين الأخبار انحصار السنة المؤكدة في ذلك.

وقوله عليه‌السلام : « ثم ينصرفون » يدل على كراهة المقام عند القبر بعد الدفن

١٢١

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال التعزية لأهل المصيبة بعد ما يدفن.

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن الحجال ، عن إسحاق بن عمار قال ليس التعزية إلا عند القبر ثم ينصرفون لا يحدث في الميت حدث فيسمعون الصوت.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال التعزية الواجبة بعد الدفن.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن القاسم بن محمد ، عن

إلا بقدر التعزية.

وقوله عليه‌السلام : « فيسمعون الصوت » يدل على إمكان سماع ما يحدث في القبر ولا استبعاد في ذلك وإن كان نادرا لمخالفته للحكمة غالبا.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « بعد ما يدفن » حمل على أن المراد أن تأخيرها عنه أفضل من تقديمها عليه كما قال به الشيخ والفاضلان ، فإن تعريف المبتدأ باللام يدل على الحصر ، فالمراد حصر التعزية الكاملة والسنة الأكيدة منها فيه.

الحديث الثالث : موثق. وهو الخبر الأول مع اختلاف في السند إلى إسحاق.

الحديث الرابع : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « التعزية الواجبة » حمل على تأكد الاستحباب وهو مؤيد لما ذكرنا من الجمع والحمل.

الحديث الخامس : ضعيف. إن كان القاسم الجوهري أو كان مسئولا وإلا فمجهول.

١٢٢

الحسين بن عثمان قال لما مات إسماعيل بن أبي عبد اللهعليه‌السلام خرج أبو عبد اللهعليه‌السلام فتقدم السرير بلا حذاء ولا رداء.

قوله عليه‌السلام : « بلا حذاء ولا رداء » يدل على استحباب كون صاحب التعزية كذلك مطلقا أو في خصوص جنازة الابن وأيد الأولى بأنه وضع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رداءه في جنازة سعد ، ويدل على خصوص وضع الرداء ما سيأتي من الأخبار ، وقد ورد النهي عنه في رواية السكوني عن الصادق عن آبائهعليهم‌السلام قال : قال رسول الله :صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة ما أدري أيهم أعظم جرما؟ الذي يمشي مع الجنازة بغير رداء ، والذي يقول قفوا ، والذي يقول : استغفروا له غفر الله لكم؟

قال في الذكرى : بعد إيراد هذه الرواية ومنه يعلم كراهية مشي غير صاحب الجنازة بغير رداء ، ويظهر من ابن حمزة تحريمه ، أما صاحب الجنازة فخلعه ليتميز عن غيره ، لخبر ابن أبي عمير وخبر أبي بصير ذكره الجعفي وابن حمزة والفاضلان وذكر ابن الجنيد أيضا التميز بطرح بعض زيه بإرسال طرف العمامة أو أخذ مئزر من فوقها على الأب والأخ ، ولا يجوز على غيرهما وابن حمزة منع هنا مع تجويزه الامتياز ، فكأنه خص التميز في غير الأب والأخ بهذا النوع من الامتياز ، وأنكر ابن إدريس الامتياز بهذين لعدم الدليل عليهما وزعم أنه من خصوصيات الشيخ ، ورده الفاضلان بأحاديث الامتياز ، ولعله إنما أنكر هذا النوع من الامتياز ، والظاهر أن الأخبار لا تتناوله ، ثم لم نقف على دليل الشيخ عليه ولا على اختصاص الأب والأخ.

وقال : أبو الصلاح يتحفى ويحل أزراره في جنازة أبيه وجده لأبيه خاصة ويرده ما تقدم انتهى.

وقال : العلامة في المختلف قال أبو الصلاح : يستحب للرجل أن يتحفى ويحل أزراره في جنازة أبيه وجده لأبيه دون من عداهم ، فإن قصد بالاستثناء التحريم منعناه عملا بالأصل ، وإن قصد انتفاء الاستحباب منعناه أيضا لأن المقتضي

١٢٣

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ينبغي لصاحب المصيبة أن يضع رداءه حتى يعلم الناس أنه صاحب المصيبة.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن رفاعة النخاس ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال عزى أبو عبد اللهعليه‌السلام رجلا بابن له فقال :

للاستحباب هناك ليس إلا تميزه عن غيره وهو متحقق هنا ، ويؤيده رواية الحسين ابن عثمان انتهى.

أقول : إذا سمعت ما تلونا عليك فاعلم : أن الظاهر من الأخبار استحباب وضع الرداء لصاحب الجنازة أي الجماعة الذين يعدون من أصحاب تلك المصيبة لعموم الأخبار وكراهة ذلك أو حرمته لغيرهم ، وإثبات الحرمة مشكل ، وكذا إثبات مرجوحية سائر أنواع الامتياز ، والقول باستحبابها أيضا لا يخلو من إشكال. وإن كان التعليل الوارد في بعض الأخبار يشهد بذلك كما لا يخفى ، وأما التحفي فظاهر هذا الخبر ، استحبابه إما في مطلق المصيبة أو في مصيبة الابن ، والأولى الاقتصار على الابن وإن كان العموم لا يخلو من قوة والله يعلم.

الحديث السادس : حسن.

قوله عليه‌السلام : « ينبغي » ظاهره استحباب وضع الرداء لصاحب المصيبة ، والظاهر الرجوع في ذلك إلى العرف كما ذكرناه ولا يبعد أن يكون المراد بالرداء الثوب المتعارف الذي يلبسه الناس فوق الثياب ليكون وضعه علة للامتياز ، ومن هذا التعليل فهموا غير ذلك من أنواع الامتياز خصوصا في الأزمنة التي لا يصلح وضع الرداء للامتياز والله يعلم.

الحديث السابع : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « رجلا بابن له » أي بسبب فقد ابنه.

١٢٤

الله خير لابنك منك وثواب الله خير لك من ابنك فلما بلغه جزعه بعد عاد إليه فقال له قد مات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فما لك به أسوة فقال إنه كان مرهقا فقال إن أمامه ثلاث خصال شهادة أن لا إله إلا الله ورحمة الله وشفاعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

قوله عليه‌السلام : « الله خير لابنك منك » لما كان الغالب أن الحزن على الأولاد يكون لتوهم أمرين باطلين. أحدهما : أنه على تقدير وجود الولد يصل نفع الوالد إليه ، أو أن هذه النشأة خير له من النشأة الأخرى ، والحياة خير له من الممات فأزالعليه‌السلام وهمه : بأن الله تعالى ورحمته خير لابنك منك ومما تتصور من نفع توصله إليه على تقدير الحياة ، والموت مع رحمة الله خير من الحياة.

وثانيهما : توقع النفع منه مع حياته أو الاستئناس به فأزالعليه‌السلام ذلك الوهم أيضا بأن ما عوضك الله من الثواب على فقده خير لك من كل نفع تتوهمه أو تقدره في حياته.

قوله عليه‌السلام : « فعاد إليه » يفهم منه استحباب تكرار التعزية مع بقاء الجزع.

قوله عليه‌السلام . « فما لك به أسوة ».

قال : في القاموس : « الأسوة » ويضم القدوة وما يأتسي به الحزين ، والجمع إسى ويضم وأساه تأسيه فتأسى عزاه فتعزى.

وقال في النهاية : الأسوة بكسر الهمزة وضمها القدوة. أقول : يحتمل هذا الكلام : وجهين.

الأول : أن يكون المراد بالأسوة القدوة : والمعنى أنك تتأسى به ويلزمك التأسي به في الموت فلأي شيء تجزع مع أنك بعد الموت تجتمع مع ابنك ، والغرض أنه لو كان لأحد بقاء في الدنيا كان ذلك لأشرف الخلائق ، فإذا لم يبق هو في الدنيا فكيف تطمع أنت في البقاء ، ويحتمل أن يكون الغرض أنه ينبغي لك مع علمك بالموت أن تصلح أحوال نفسك ولا تحزن على فقد غيرك كما ورد في

١٢٥

فلن تفوته واحدة منهن إن شاء الله.

٨ ـ الحسين بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ينبغي لصاحب المصيبة أن لا يلبس رداء وأن يكون في قميص

خبر آخر أنهم قالوا : لصاحب مصيبة غفلت عن المصيبة الكبرى وجزعت للمصيبة الصغرى.

الثاني : أن يكون المراد بالأسوة ما يتأسى به الحزين أي ينبغي أن يحصل لك به وبسبب مصيبته وتذكرها تأسي وتعز عن كل مصيبة لأنه من أعظم المصائب ، وتذكر المصائب العظيمة يهون صغارها لما سيأتي عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال : إن أصبت بمصيبة في نفسك أو في مالك أو في ولدك فاذكر مصابك برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإن الخلائق لم يصابوا بمثله قط ، وقيل المراد أنك من أهل التأسي برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن أمته فينبغي أن يكون مصيبتك بفقده أعظم وما ذكرنا أظهر.

قوله عليه‌السلام : « إنه كان مرهقا » بالتشديد على صيغة المفعول.

قال في النهاية : الرهق السفه وغشيان المحارم وفيه فلان مرهق : أي متهم بسوء وسفه ، ويروي مرهق أي ذو رهق.

وقال في القاموس : « الرهق » محركة السفه والنوك والخفة وركوب الشر والظلم وغشيان المحارم « والمرهق » كمكرم من أدرك وكمعظم الموصوف بالرهق ومن يظن به السوء.

أقول : المراد « إن حزني » ليس بسبب فقده بل بسبب أنه كان يغشى المحارم وأخاف أن يكون معاقبا معذبا فعزاهعليه‌السلام بذكر وسائل النجاة وأسباب الرجاء.

الحديث الثامن : مجهول. بسعدان ، ويمكن أن يعد حسنا لأنهم ذكروا في سعدان أن له أصلا ويكون كتابه من الأصول مدح له.

قوله عليه‌السلام : « وأن يكون في قميص حتى يعرف فيه » إيماء إلى أن المراد

١٢٦

حتى يعرف.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم قال رأيت موسىعليه‌السلام يعزي قبل الدفن وبعده.

١٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن مهران قال كتب أبو جعفر الثانيعليه‌السلام إلى رجل ذكرت مصيبتك بعلي ابنك وذكرت أنه كان أحب ولدك إليك وكذلك الله عز وجل إنما يأخذ من الوالد وغيره أزكى ما عند أهله

بالرداء الثوب الأعلى الذي يلبسه أصناف الناس غالبا ليصير نزعه سببا للامتياز ، والكلام في الاستدلال بالتعليل على سائر أفراد الامتياز ما مر.

الحديث التاسع : حسن. كالصحيح بل لا يقصر عن الصحيح.

قوله عليه‌السلام : « قبل الدفن وبعده » أي يجمعهما في كل جنازة أو كان يفعل تارة هكذا وتارة هكذا ، ويدل على جواز التعزية قبل الدفن واستحبابه على التقديرين وعلى حصول التعزية بها قبل الدفن خاصة على الثاني فيدل على ما ذكرنا من التأويل في الأخبار السابقة.

الحديث العاشر : ضعيف. والظاهر أن مهزيار مكان ابن مهران كما سيجيء في آخر الكتاب هذا المضمون وفيه علي بن مهزيار ، لكن سيأتي رواية سهل عن علي بن مهران في باب غسل الأطفال.

قوله عليه‌السلام : « ذكرت » يدل على أنه شكا فيما كتب إليهعليه‌السلام فقد ابنه.

قوله عليه‌السلام : « أزكى » أي أطهر وأحسن ما عند أهله أي أهل هذا المأخوذ.

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« وأحسن عزاك مقصورا أو ممدودا » أي صبرك. في القاموس العزي الصبر أو حسنه كالتعزوة ، عزي كرضى عزاء فهو عز وعزاه تعزية.

قوله عليه‌السلام : « وربط على قلبك » أي ألقى الله على قلبك صبرا. قال في

١٢٧

ليعظم به أجر المصاب بالمصيبة فأعظم الله أجرك وأحسن عزاك وربط على قلبك إنه قدير وعجل الله عليك بالخلف وأرجو أن يكون الله قد فعل إن شاء الله تعالى.

(باب)

(ثواب من عزى حزينا ً)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن آبائهعليهم‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عزى حزينا كسي في الموقف حلة يحبر بها.

القاموس : ربط جأشه رباطة اشتد قلبه والله على قلبه. ألهمه الصبر وقواه انتهى.

أقول. منه قوله تعالى «وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ »(١) .

قوله عليه‌السلام : « وأرجو أن يكون الله قد فعل » بشارة له بأنهعليه‌السلام قد دعا له بالخلف واستجيب دعاؤه.

باب ثواب من عزى حزيناً

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « حلة يحبر بها » قال في القاموس : الحلة بالضم إزار ورداء بردا وغيره ولا يكون حلة الا من ثوبين أو ثوب له بطانة.

وقال : فيه الحبر بالكسر الأثر أو أثر النعمة والحسن وبالفتح السرور كالحبور والحبرة والحبر محركة وأحبره سره والنعمة كالحبرة وقال : تحبير الخط والشعر وغيرهما تحسينه.

وقال في النهاية : الحبر بالكسر وقد يفتح الجمال والهيئة الحسنة يقال حبرت الشيء تحبيرا إذا حسنته.

أقول : قد ظهر أنه يمكن أن يقرأ على المجهول مشددا أي يحسن ويزين

__________________

(١) سورة الكهف : ١٤.

١٢٨

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن وهب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عزى مصابا كان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجر المصاب شيئا.

(باب)

(المرأة تموت وفي بطنها صبي يتحرك )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في المرأة تموت ويتحرك الولد في بطنها أيشق بطنها ويخرج الولد؟

بها ، ومخففا أي يسر بها ، وروي في الذكرى : يحبى بها من الحبوة والعطاء ثم قال وروي تحبر بها أي يسر بها.

الحديث الثاني : ضعيف. وروى العامة مثله عن عبد الله بن مسعود عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

باب المرأة تموت وفي بطنها ولد يتحرك

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام « نعم ويخاط بطنها » المشهور بين الأصحاب أنه يجب الشق حينئذ وإخراج الولد توصلا إلى بقاء الحي ، قالوا : ولا عبرة بكونه مما يعيش عادة كما ذكره المحقق وغيره تمسكا بإطلاق الروايات.

وقال بعض المتأخرين : لو علم موته حال القطع انتهى وجوبه ، وإطلاق الروايات تقتضي عدم الفرق في الجانب بين الأيمن والأيسر ، بل لا يعلم خصوص شق الجانب أيضا ، وقيده الشيخان في المقنعة والنهاية وابن بابويه بالجانب الأيسر ، وأما خياطة المحل بعد القطع فقد نص عليه المفيد في المقنعة والشيخ في المبسوط وأتباعهما كما ورد في هذه الرواية وإن خلا عنه غيرها ، وردها المحقق في المعتبر بالقطع وبأنه لا ضرورة إلى ذلك فإن المصير إلى البلاء : ولا يخفى أن القطع لا

١٢٩

قال فقال نعم ويخاط بطنها :

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن وهب بن وهب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا ماتت المرأة وفي بطنها ولد يتحرك فيتخوف عليه فشق بطنها وأخرج الولد.

وقال في المرأة يموت ولدها في بطنها فيتخوف عليها قال لا بأس أن يدخل

يضر لأن مراسيل ابن أبي عمير في حكم المسانيد وضعف التعليل ظاهر.

الحديث الثاني : ضعيف. والظاهر أنه سقط عن أبيه بعد ابن خالد كما يشهد به ما مر آنفا في الباب السابق.

قوله عليه‌السلام : « ولد يتحرك » ظاهره أن مناط الوجوب الحركة ، ويمكن أن يكون المناط العلم بالحياة ، وعبر بها عنها لأنها لا يعلم غالبا إلا بها لكن العلم بغير ذلك نادر.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس » لا خلاف بين الأصحاب في وجوب التقطيع والإخراج مع الخوف على الأم ونقل فيه الشيخ في الخلاف الإجماع واستدل بهذه الرواية.

قال في المعتبر :( وهب هذا ) عامي لا يعمل بما يتفرد به ، والوجه أنه إن مكن التوصل إلى إسقاطه صحيحا بشيء من العلاجات. وإلا توصل إلى إخراجه بالأرفق ويتولى ذلك النساء فإن تعذر النساء فالرجال المحارم فإن تعذر جاز أن يتولاه غيرهم دفعا عن نفس الحي.

أقول : ضعفه منجبر بعمل الأصحاب على ما هو دأبهم وما ذكره من التفصيل لا يأبى عنه الخبر واعلم أن ظاهرقوله عليه‌السلام لا بأس : الجواز ويمكن أن يكون هذا النوع من التعبير لرفع توهم الحذر عن مباشرة الرجل ذلك على كل حال كما في قوله تعالى «فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما »(١) وقوله تعالى «فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا »(٢) ويحتمل أن يكون المراد عدم البأس مع عدم رفق النساء وإن

__________________

(١) سورة البقرة ، ١٥٨.

(٢) سورة النساء : ١٠١.

١٣٠

الرجل يده فيقطعه ويخرجه إذا لم ترفق به النساء.

(باب)

(غسل الأطفال والصبيان والصلاة عليهم )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن موسى ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال السقط إذا تم له أربعة أشهر غسل.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي وزرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن الصلاة على الصبي متى يصلى

أمكنهن الإخراج بغير رفق فلا ينافي الوجوب مع عدمهن أو عدم قدرتهن أصلا والله يعلم.

باب غسل الأطفال والصبيان والصلاة عليهم

الحديث الأول : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « السقط » إلخ ظاهر الأصحاب الاتفاق على وجوب تغسيل السقط إذا تمت له أربعة أشهر كما يدل عليه هذا الخبر.

قال في المعتبر لا يغسل السقط إلا إذا استكمل شهورا أربعة وهو مذهب علمائنا ، ثم استدل عليه بهذا الخبر وخبر سماعة الاتي وقال : لا مطعن على الروايتين بانقطاع سند الأولى وضعف سماعة عن سند الثانية لأنه لا معارض لهما مع قبول الأصحاب لهما ، وأما الصلاة عليه فلا وهو اتفاق علمائنا ، ثم قال : ولو كان السقط أقل من أربعة أشهر لم يغسل ولم يكفن ولم يصل عليه بل يلف في خرقة ويدفن ، ذكر ذلك الشيخان وهو مذهب العلماء.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « إذا عقل الصلاة » اعلم أن الأصحاب اختلفوا في حكم الصلاة على الطفل فذهب الأكثر ومنهم الشيخ والمرتضى وابن إدريس إلى أنه يشترط في

١٣١

عليه قال إذا عقل الصلاة قلت متى تجب الصلاة عليه فقال إذا كان ابن ست سنين والصيام إذا أطاقه.

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة قال رأيت ابنا لأبي عبد اللهعليه‌السلام في حياة أبي جعفرعليه‌السلام يقال له : عبد الله فطيم قد درج

وجوب الصلاة عليه بلوغ الحد الذي يمرن فيه على الصلاة وهو ست سنين.

وقال : المفيد في المقنعة لا يصل على الصبي حتى يعقل الصلاة وقال ابن الجنيد : يجب على المستهل. وقال ابن أبي عقيل : لا تجب الصلاة على الصبي حتى تبلغ.

أقول : في هذا الخبر إجمال واقتصر المفيد (ره) على القول به بذكر لفظه ولم يبين المراد ويحتمل أن يكون الراوي علم أن عقل الصلاة حد التمرين ومراده بالوجوب هنا مطلق الثبوت ، أو وجوب التمرين على الولي فالمعنى أنه متى يعقل الصلاة بحيث يؤمر بها تمرينا.

فقال : إذا كان ابن ست سنين ، ويؤيده ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهماعليهما‌السلام في الصبي متى يصلي فقال : إذا عقل الصلاة قلت : متى يعقل الصلاة ويجب عليه قال : لست سنين ولو لم يكن مراد السائل ذلك يظهر من أخبار أخر أن هذا هو حد عقل الصلاة كما هو الغالب في الأطفال أيضا وسيأتي حكم تمرين الصلاة والصيام في أبوابها إن شاء الله.

الحديث الثالث : حسن.

قوله عليه‌السلام : « قد درج » أي كان ابتداء مشيه قال : في القاموس درج دروجا ودرجانا مشى.

قوله عليه‌السلام : « ذاك شر لك » أي كونك مولى لي شرف لك وفخر فإنكار ذلك شر لك والملعون كأنه غضب من ذلك.

قوله عليه‌السلام : « في جنازة الغلام » وفي التهذيب في جنان الغلام وما هنا هو

١٣٢

فقلت له يا غلام من ذا الذي إلى جنبك لمولى لهم فقال هذا مولاي فقال له المولى يمازحه لست لك بمولى فقال ذلك شر لك فطعن في جنازة الغلام

الظاهر ، وهو كناية عن الموت.

قال في النهاية : في حديث عليعليه‌السلام والله لود معاوية أنه ما بقي من بني هاشم إلا طعن في نيطه ، يقال : طعن في نيطه أي في جنازته ومن ابتدأ في شيء أو دخله فقد طعن فيه ويروي طعن على ما لم يسم فاعله ، « والنيط نياط القلب » وهو علاقته ، وقال : في خبر ، تقول العرب إذا أخبرت عن موت إنسان رمى في جنازته لأن الجنازة تصير مرميا فيها ، والمراد بالرمي الحمل والوضع انتهى ، ويحتمل أن يكون الطعن بمعناه المعروف والجنازة كناية عن الشخص وبعض المعاصرين قرأ احتار بالحاء المهملة والتاء المثناة من فوق والراء المهملة.

قال في القاموس : الحتار من كل شيء كفافه وما استدار به وحلقة الدبر أو ما بينه وبين القبل ، أو الخط بين الخصيتين ، وريق الجفن وشيء في أقصى فم البعير انتهى.

قال : بعض أفاضل المعاصرين أظن الجميع تحريفا من النساخ وأنه طعن في حياته الغلام أي في حياة أبي جعفرعليه‌السلام أي أصابه الطاعون في حياته وعلى تقدير جنان وحتارا أيضا يكون المعنى إصابة الطاعون في ذلك المكان ، وأما كون طعن مبنيا للفاعل وعود ضميره إلى المولى أو مبنيا للمفعول ونائب فاعله المولى ففي غاية البعد لفظا ومعنى وتركيبا فإن استعمال الطعن المتعارف بمثل الرمح ونحوه في معنى الوكز ونحوه غير معروف ، ولو سلم فالمعهود المتعارف أن يقال طعنه في جنانه وحمله على الطعن بالرمح ونحوه لا يليق والمقام والذوق لا يقبلان كون المولى ضربه ضربة في ذلك المكان فمات منها أو طعنة بالرمح كذلك انتهى ولا يخفى غرابته.

١٣٣

فمات فأخرج في سفط إلى البقيع فخرج أبو جعفرعليه‌السلام وعليه جبة خز صفراء وعمامة خز صفراء ومطرف خز أصفر فانطلق يمشي إلى البقيع وهو معتمد علي والناس يعزونه على ابن ابنه فلما انتهى إلى البقيع تقدم أبو جعفرعليه‌السلام فصلى عليه وكبر عليه أربعا ثم أمر به فدفن ثم أخذ بيدي فتنحى بي ثم قال إنه لم يكن يصلى على الأطفال إنما كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يأمر بهم فيدفنون

قوله عليه‌السلام : « في سقط » وهو معرب معروف.

قوله عليه‌السلام : « ومطرف خز » قال في القاموس : المطرف كمكرم رداء من خز مربع ذو أعلام.

وقال الجوهري : المطرف والمطرف واحد المطارف وهي أردية من خز مربعة لها أعلام. أقول : يدل الخبر على استحباب التزين ولبس الثياب الصفر.

قوله عليه‌السلام : « فكبر عليه أربعا » محمول على التقية كما مر.

قوله عليه‌السلام : « إنه لم يكن يصلي » على البناء للمجهول أي في زمن النبي وأمير المؤمنين ( صلى الله عليهما ).

قوله عليه‌السلام : « فيدفنون من وراء » في التهذيب والاستبصار من وراء وراء مكررا.

قال في النهاية في حديث الشفاعة : يقول : إبراهيم إني كنت خليلا من وراء وراء هكذا يقال مبينا على الفتح أي من خلف حجاب ، ومنه حديث معقل أنه حدث ابن زياد بحديث فقال : شيء سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو من وراء وراء ، أي ممن جاء خلفه وبعده ، ويقال : لولد الولد وراء انتهى.

أقول : الظاهر أنه على التقديرين ، كناية إما عن عدم الإحضار في محضر الجماعة للصلاة ، أو عدم إحضار الناس في إعلامهم للصلاة ، ويحتمل بعيدا أن يكون من وراء وراء بيانا للضمير في يدفنون أي كان يأمر في أولاد أولاده بذلك ، أو

١٣٤

من وراء ولا يصلي عليهم وإنما صليت عليه من أجل أهل المدينة كراهية أن يقولوا لا يصلون على أطفالهم.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران ، عن ابن مسكان ، عن زرارة قال مات ابن لأبي جعفرعليه‌السلام فأخبر بموته فأمر به فغسل وكفن ومشى معه وصلى عليه وطرحت خمرة فقام عليها ثم قام على قبره حتى فرغ منه ثم انصرف وانصرفت

يكون المراد أنه كان يفعل ذلك بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعد الأزمنة المتصلة بعصرهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيكون الغرض بيان استمرار هذا الحكم من زمان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الأعصار بعده ليظهر كون فعلهم على خلافه بدعة ، غاية الظهور كل ذلك خطر بالبال والأول عندي أظهر والله يعلم.

قوله عليه‌السلام : « كراهية أن يقولوا ».

أقول : المشهور بين الأصحاب استحباب الصلاة على من لم يبلغ ست سنين إذا ولد حيا والظاهر من هذا الخبر وكثير من الأخبار وسيأتي بعضها وعدم استحبابها قبل الست ، ويظهر منها إن ما ورد من الأمر بالصلاة قبل ذلك محمول على التقية.

فإن قيل : ظاهر هذا الخبر عدم شرعية الصلاة على غير البالغ مطلقا ولم يقل به أحد.

قلت مقتضى الجمع بين الأخبار الحمل على ما قبل الست بأن يكون اللام للعهد ، أي مثل هذه الأطفال مع أنه يمكن أن يقال إطلاق الطفل على غير البالغ مطلقا غير معلوم في اللغة والعرف القديم كما لا يخفى على من راجع كلام اللغويين واستعمالات القدماء. وبالجملة الأحوط بالنظر إلى الأخبار ترك الصلاة عليهم قبل ذلك والله يعلم.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « خمرة » قال في القاموس : الخمرة حصيرة صغيرة من

١٣٥

معه حتى إني لأمشي معه فقال أما إنه لم يكن يصلى على مثل هذا وكان ابن ثلاث سنين كان عليعليه‌السلام يأمر به فيدفن ولا يصلى عليه ولكن الناس صنعوا شيئا فنحن نصنع مثله قال قلت فمتى تجب الصلاة عليه فقال إذا عقل الصلاة وكان ابن ست سنين قال قلت فما تقول في الولدان فقال سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عنهم فقال الله أعلم بما كانوا عاملين.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن إسماعيل ، عن عثمان بن عيسى ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام قال سألته عن السقط إذا

السعف.

أقول : لعلهم طرحوا ليجلس عليها فلم يجلس ، وظاهر هذا الخبر استحباب القيام حتى يدفن ، ولعله محمول على التقية كما أن الصلاة أيضا كانت لها.

قوله عليه‌السلام : « متى تجب عليه الصلاة » يحتمل صلاة الجنازة وصلاة التمرينقوله عليه‌السلام : « الله علم بما كانوا عاملين » أقول سيأتي شرح هذا الكلام وتفصيل القول فيه في باب الأطفال إن شاء الله تعالى.

الحديث الخامس : موثق. إن اعتبرنا توثيق نصر بن الصباح لعلي بن إسماعيل كما حكم الشهيد الثاني بصحة خبره ، وحسن موثق إن لم نعتبره.

قوله عليه‌السلام : « إذا استوى خلقه » استدل بهذا الخبر على ما عليه الفتوى كما ذكرنا ، ولا يخفى أن الحكم فيه وقع معلقا على استواء الخلقة لا على بلوغ الأربعة إلا أن يدعى التلازم بين الأمرين وإثباته مشكل.

ثم اعلم أن ظاهر بعض الأصحاب أنه يلف في خرقة ويدفن بعد الغسل.

وأوجب الشهيد (ره) ومن تأخر عنه تكفينه بالقطع الثلاث ، وتحنيطه أيضا ، والظاهر من الخبر وجوب التكفين على ما هو المعهود لأنه المتبادر من الكفن عند الإطلاق والأحوط التحنيط أيضا لعموم الأخبار.

١٣٦

استوى خلقه يجب عليه الغسل واللحد والكفن فقال كل ذلك يجب عليه.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن مهران ، عن محمد بن الفضيل قال كتبت إلى أبي جعفرعليه‌السلام أسأله عن السقط كيف يصنع به فكتب

قوله عليه‌السلام : « واللحد » قال الجوهري : اللحد بالتسكين الشق في جانب القبر ، واللحد بالضم لغة : فيه تقول ألحدت القبر لحدا وألحدت أيضا فهو ملحد ، أقول : يمكن أن يكون هنا اسما مصدرا وظاهره وجوب اللحد للميت ، والمشهور بينهم استحبابه بل لا خلاف بينهم في ذلك.

قال في التذكرة : ويستحب أن يجعل له لحد ومعناه أنه إذا بلغ الحافر أرض القبر حفر في حائطه مما يلي القبلة مكانا يوضع فيه الميت ، وهو أفضل من الشق ومعناه أن يحفر في قعر القبر شقا شبه النهر يضع الميت فيه ويسقف عليه بشيء ذهب إليه علماؤنا وبه قال : الشافعي وأكثر أهل العلم.

وقال أبو حنيفة : الشق أفضل لكل حال ، ثم قال : يستحب أن يكون اللحد واسعا بقدر ما يتمكن فيه الجالس من الجلوس انتهى.

أقول : يمكن حمل الخبر على الاستحباب المؤكد مع أن الوجوب في عرف الأخبار أعم من المعنى المصطلح والأولى عدم الترك.

الحديث السادس : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « يدفن بدمه » الظاهر أن المراد أنه لا يغسل بل يدفن ملطخا بالدم ، وقيل المراد أنه يدفن معه ما فضل من الدم عن المرأة عند الولادة ولا يخفى بعده.

وحمل القوم هذا الخبر على ما إذا لم يتم له أربعة أشهر كما مر وقالوا يلف في خرقة ويدفن ، واستدلوا على حكم هذا النوع من السقط بهذا الخبر مع أنه خال عن ذكر اللف وبعضهم عبروا عن هذا النوع بمن لم يلجه الروح.

وقال : الشهيد الثاني (ره) المراد به من نقص سنه عن أربعة أشهر وقد صرح

١٣٧

عليه‌السلام إلي أن السقط يدفن بدمه في موضعه.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن سعيد ، عن علي بن عبد الله قال سمعت أبا الحسن موسىعليه‌السلام يقول إنه لما قبض إبراهيم بن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جرت فيه ثلاث سنن أما واحدة فإنه لما مات انكسفت الشمس فقال الناس انكسفت الشمس لفقد ابن رسول الله فصعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإن انكسفتا أو واحدة منهما فصلوا ثم

في المعتبر أن مدار وجوب الغسل وعدمه على بلوغ أربعة أشهر وعدمه كما نقلنا عنه سابقا وهو الأظهر كما عرفت من الأخبار.

قوله عليه‌السلام : « في موضعه » لعل المراد أنه لا يلزم نقله إلى المقابر لأن ذلك حكم من ولجته الروح ومات ، بل يدفن في الدار التي وقع فيها السقط لا خصوص موضع السقط والله يعلم.

الحديث السابع : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « آيتان من آيات الله » أي علامتان من علاماته تدلان على وجوب القادر الحكيم وقدرته وعلمه.

قوله عليه‌السلام : « مطيعان » وفي بعض النسخ مطيعان له وهو المراد.

قوله عليه‌السلام : « لا ينكسفان لموت أحد » أي بمحض الموت ، بل إذا كان ذلك بسبب فعل الأمة واستحقوا العذاب والتخويف يمكن أن ينكسفا لذلك ، فلا ينافي ما روي في الأخبار من انكسافهما لشهادة الحسين ( صلوات الله عليه ) ولعنة الله على قاتله فإنها كانت بفعل الأمة الملعونة ، واستحقوا بذلك التخويف والعذاب بخلاف فوت إبراهيمعليه‌السلام فإنه لم يكن بفعل الأمة.

قوله عليه‌السلام : « يا علي قم فجهز ابني » لعل تقديم صلاة الكسوف هنا لتضييق

١٣٨

نزل عن المنبر فصلى بالناس صلاة الكسوف فلما سلم قال يا علي قم فجهز ابني فقام عليعليه‌السلام فغسل إبراهيم وحنطه وكفنه ثم خرج به ومضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى انتهى به إلى قبره فقال الناس إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نسي أن يصلي على إبراهيم لما دخله من الجزع عليه فانتصب قائما ثم قال يا أيها الناس أتاني جبرئيلعليه‌السلام بما قلتم زعمتم أني نسيت أن أصلي على ابني لما دخلني من الجزع ألا وإنه ليس كما ظننتم ولكن اللطيف الخبير فرض عليكم خمس صلوات وجعل لموتاكم من كل صلاة تكبيرة وأمرني أن لا أصلي إلا على من صلى ثم قال يا علي انزل فألحد ابني فنزل فألحد إبراهيم في لحده فقال الناس إنه لا ينبغي لأحد أن ينزل في قبر

وقته ، وتوسعة وقت التجهيز على ما هو المشهور بين الأصحاب في مثله.

قال في القاموس : جهاز الميت والعروس والمسافر : « بالكسر والفتح » وما يحتاجون إليه وقد جهزه تجهيزا.

قوله عليه‌السلام : « زعمتم » أي قلتم ويطلق غالبا على القول الباطل أو الذي يشك فيه.

قال في القاموس : الزعم مثلثة ، القول الحق والباطل والكذب وأكثر ما يقال فيما يشك فيه انتهى.

قوله عليه‌السلام : « من كل صلاة » يدل على وجوب التكبيرات الخمس مع التعليل كما مر.

قوله عليه‌السلام : « إلا على من صلى » أي لزم تمرينه بالصلاة كما سيأتي تفسيره ويدل على عدم مشروعية الصلاة على من يبلغ الست بتوسط الأخبار الأخرى.

قوله عليه‌السلام : « فألحد ابني » بفتح الحاء أو بكسره من باب الأفعال في القاموس لحد القبر كمنع ، والحدة عمل له لحدا : والميت دفنه.

أقول : يدل على شرعية اللحد وعمومه للأطفال أيضا ، ويدل على عدم كراهة

١٣٩

ولده إذ لم يفعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا أيها الناس إنه ليس عليكم بحرام أن تنزلوا في قبور أولادكم ولكني لست آمن إذا حل أحدكم الكفن عن ولده أن يلعب به الشيطان فيدخله عند ذلك من الجزع ما يحبط أجره ثم انصرفصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٨ ـ علي ، عن علي بن شيرة ، عن محمد بن سليمان ، عن حسين الحرشوش ، عن هشام بن سالم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن الناس يكلمونا ويردون علينا قولنا إنه لا يصلى على الطفل لأنه لم يصل فيقولون لا يصلى إلا على من صلى فنقول نعم فيقولون أرأيتم لو أن رجلا نصرانيا أو يهوديا أسلم ثم مات من ساعته فما الجواب فيه فقال قولوا لهم أرأيت لو أن هذا الذي أسلم الساعة ثم افترى على إنسان ما كان يجب عليه في فريته فإنهم سيقولون يجب عليه الحد فإذا قالوا هذا قيل لهم فلو أن هذا الصبي الذي لم يصل افترى على إنسان هل

نزول مطلق ذي الرحم كما ذكره الأكثر ، وقد مر الكلام فيه ولم أر من الأصحاب من تعرض لهذا الخبر ، ويدل على كراهة نزول الوالد في قبر الولد وعدم حرمته ويدل على مطلوبية حل عقد الكفن وعلى أن الجزع الشديد يحبط الأجر وعلى الإحباط في الجملة.

الحديث الثامن : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « على من وجبت عليه الصلاة » أي لزم تمرينه ويلزم عليه بسبب التمرين ، وحاصل الجواب أن مناط وجوب الصلاة كون الميت بحيث تلزمه الصلاة ولا مدخل للفعل في ذلك ، وهذا الخبر يدل على أن ما ورد من الصلاة على الطفل الذي لم يبلغ الست محمول على التقية. وأن الصلاة عليه غير مطلوب فإنه الظاهر من قوله لا يصلي.

ويمكن أن يأول بأن المراد : عدم وجوب الصلاة عليه قبل ذلك ، بأن يكون المخالف الذي عورض في ذلك قائلا بالوجوب ، ويؤيده قوله وإنما يجب أن

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

عمر بن سعد لعنه الله رجل يقال له: ( تميم بن الحصين ) فنادى: يا حسين، ويا أصحاب الحسين، أما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنّه بطون الحيات، والله لا ذقتم منه قطرة، حتّى تذوقوا الموت جزعاً. فقال الحسين صلوات الله عليه: هذا وأبوه من أهل النار، اللّهمّ اقتل هذا عطشاً في هذا اليوم ».

قال: « فخنقه العطش حتّى سقط عن فرسه فوطأته الخيل بسنابكها حتّى مات لعنه الله ».

٢٨٧ / ٣ - عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة؛ قال: حدّثني مَن شهد عسكر الحسينعليه‌السلام : أنّ الحسين لمّا غلب على عسكره العطش ركب المسناة(١) يريد الفرات، فقال رجل من بني أبان بن دارم: حولوا بينه وبين الماء. ورمى بسهم فأثبته في حنكه، فقالعليه‌السلام : « اللّهمّ اظمئه اللّهمّ اظمئه » فو الله ما لبث الرجل إلاّ يسيراً حتّى صبّ الله عليه الظمأ.

قال القاسم بن الأصبغ: لقد رأيته وبين يديه قلال فيها الماء، وإنّه ليقول: ويلكم اسقوني قتلني الظمأ. فيعطى القلّة(٢) أو العس(٣) الذي كان أحدهما مروياً أهل بيتٍ، فيشربه، ثمّ يقول: ويلكم اسقوني قتلني الظمأ.

قال: فو الله ما لبث إلاّ يسيراً حتّى انقدَّ بطنه انقداد بطن البعير.

وفي رواية أخرى: النار توقد من خلفه، والثلج موضوع من قدامه، وهو يقول: اسقوني إلى آخر الكلام.

__________________

٣ - مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٥٦، عنه مدينة المعاجز: ٢٤١ ح ٣٥.

(١) المسناة: سد يا بنى لحجز ماء السيل. « لسان العرب - سنا - ١٤: ٤٠٦ ».

(٢) القلّة: إناء من الفخّار يشرب منها. المعجم الوسيط ٢: ٧٥٦ ( قلل ).

(٣) العس: القدح الكبير. المعجم الوسيط ٢: ٦٠٠ ( عسس ).

٣٤١

٩ - فصل:

في بيان ظهور آياته من الاخبار بالغائبات

وفيه: حديث واحد

٢٨٨ / ١ - عن أبي عبد الله صلوات الله عليه، قال: « قال الحسين صلوات الله عليه لغلمانه وقد أرسلهم إلى ضيعة له: لا تخرجوا يوم كذا وكذا - وقد سمّاه - واخرجوا يوم الخميس فإنّكم إن خالفتموني قُطِعَ عليكم الطريق، وقُتِلتم، وذهب ما معكم ».

قال: « فخالفوه، وأخذوا طريق الحرّة فاستقبلهم لصوص فقتلوهم كلّهم، ثمّ دخل عليه والي المدينة من ساعته، فقال: بلغني قتل غلمانكم ومواليكم، فاجرك الله فيهم.

فقال صلوات الله عليه: أما إنّي أدلك على من قتلهم، فاشدد يديك بهم. قال: أو تعرفهم؟! قال: نعم، كما أعرفك، وهذا منهم، وأشار بيده إلى رجل كان على رأسه قائماً.

قال الرجل: يا ابن رسول الله، كيف عرفت أنّي منهم؟! قال الحسين صلوات الله عليه: إن صدقتك تصدقني؟ قال: نعم، والله لأفعلن.

__________________

١ - دلائل الإمامة: ٧٦، الخرائج والجرائح ١: ٢٤٦ / ٣، الصراط المستقيم ٢: ١٧٨ / ٣، الهداية الكبرى: ٢٠٥، مدينة المعاجز: ٢٣٨ / ٢٠.

٣٤٢

قال: خرجت ومعك فلان وفلان. وسمّاهم بأسمائهم كلهم، أربعة منهم من موالي الأسود والبقية من حبشان المدينة.

قال الوالي: وربّ القبر والمنبر، لتصدقن أو لأنثرن لحمك بالسياط. قال: والله ما كذب الحسين، كأنّه كان معنا! ».

قال: « فجمعهم الوالي، فأقرّوا بأجمعهم، فأمر بهم فضربت أعناقهم ».

٣٤٣

١٠ - فصل:

في بيان ظهور آياته في معان شتّى

وفيه: حديثان

٢٨٩ / ١ - عن الباقر صلوات الله عليه، قال: « حدثني نجاد مولى أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله، قال: رأيت أمير المؤمنين صلوات الله عليه يرمي نصالاً، ورأيت الملائكة يردّون عليه أسهمه، فعميت، فذهبت إلى مولاي الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما، فشكوت ذلك إليه.

فقال: لعلك رأيت الملائكة تردّ على أمير المؤمنين أسهمه؟ فقلت: أجل. فمسح بيده على عيني فرجعت بصيراً بقوة الله تعالى ».

٢٩٠ / ٢ - عن يحيى بن أم الطويل، قال: كنّا عند الحسين صلوات الله عليه إذ دخل عليه شاب يبكي، قال له: « وما يبكيك؟! » قال: إنّ والدتي توفيت في هذه الساعة، ولم توصي، ولها مال وكانت قد أمرتني أن لا أحدث في أمرها حدثاً حتّى أعلمك بخبرها.

فقال الحسينعليه‌السلام : « قوموا بنا حتّى نصير إلى هذه الحرّة » فقمنا معه حتّى انتهى إلى باب البيت الذي فيه المرأة [ وهي ]

__________________

١ - عنه في مدينة المعاجز: ٢٤٧ / ٧٠.

٢ - الخرائج والجرائح ١: ٢٤٥، مدينة المعاجز: ٢٤٦ / ٦٤.

٣٤٤

مسجاة، حتى أشرف على البيت فدعا الله تعالى ليحييها حتّى توصي بما يجب من وصيتها.

فأحياها الله تعالى، وإذا المرأة قد جلست وهي تتشهّد أن لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله ثمّ نظرت إلى الحسين صلوات الله عليه، فقالت: أدخل البيت يا مولاي، وأمرني بأمرك.

فدخل الحسين صلوات الله عليه وجلس عند فخذها، ثمّ قال لها: « أوصي رحمك الله » فقالت: يا ابن رسول الله، لي من المال كذا وكذا في مكان كذا وكذا، وقد جعلت ثلثه إليك لتضعه حيث شئت من أوليائك ومواليك، والثلثان لابني هذا إن علمت أنّه من مواليك وأوليائك، وإن كان مخالفاً فخذه إليك فلا حقّ للمخالفين في أموال المؤمنين.

ثمّ سألته أن يصلّي عليها، وأن يتولّى أمرها ثمّ صارت المرأة ميتة كما كانت »

والباقي وجدت في الكتاب الأصل بياضاً.

٣٤٥

٣٤٦

الباب السابع

في ذكر آيات زين العابدين عليّ بن الحسين

صلوات الله عليهما

وفيه ثمانية فصول

٣٤٧

٣٤٨

١ - فصل:

في بيان ظهور آياته في إنطاق الله تعالى الحجر الأسود

حجّة له

وفيه: حديث واحد

٢٩١ / ١ - عن أبي عبد الله صلوات الله عليه، قال: « جاء محمّد ابن الحنفيةرضي‌الله‌عنه إلى عليّ بن الحسين زين العابدين صلوات الله عليهما وقال: يا عليّ، ألست تقرّ بأنّي إمام عليك؟ قال: يا عمّ، لو علمت ذلك لما خالفتك، وإنّ طاعتي عليك وعلى الخلق مفترضة. وقال: يا عمّ، أما تعلم أنّي وصي أبي، وأبي وصي أبيه؟! فتشاجرا ساعة.

فقال عليّ بن الحسين زين العابدين صلوات الله عليهما: مَن ترضى أن يكون بيننا؟ قال: من شئت. قال: أترضى أن يكون بيننا الحجر الأسود؟ قال: سبحان الله، أدعوك إلى الناس، وتدعوني إلى حجر أسود لا يتكلم؟

فقال عليّعليه‌السلام : يتكلم، أما علمت أنّه يأتي يوم القيامة وله عينان ولسان وشفتان، يشهد لمن وافاه بالموافاة؟! فندنوا أنا وأنت،

__________________

١ - بصائر الدرجات: ٥٢٢ / ٣، الكافي ١: ٢٨٢ / ٥، دلائل الإمامة: ٨٧، الخرائج والجرائح ١: ٢٥٧، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٤٧، الاحتجاج: ٣١٦، كشف الغمة ٢: ٣٢٣، الإمامة والتبصرة: ٦٠ / ٤٩، مدينة المعاجز: ٢٩٧ / ٢١، الهداية الكبرى: ٢٢٠.

٣٤٩

فندعو الله عزّ وجلّ أن ينطقه لنا، أينا حجّة الله على خلقه.

فانطلقا وصلّيا عند مقام إبراهيم صلوات الله عليه ودنوا من الحجر، وقد كان محمّد بن الحنفية، قال له: لئن لم أجبك إلى ما دعوتني إليه إنّي إذا لمن الظالمين، فقال عليّ بن الحسينعليهما‌السلام لمحمّد: تقدّم يا عمّي، فإنّك أسن مني.

فقال محمّد للحجر: أسألك بحرمة الله وحرمة رسول الله، وبحرمة كلّ مؤمن إن كنت تعلم أنّي حجّة الله على عليّ بن الحسين إلاّ نطقت بالحقّ، وبيّنت ذلك لنا. فلم يجبه، ثمّ قال محمّد لعليّ صلوات الله عليه: تقدم فسله.

فتقدم عليّ بن الحسينعليهما‌السلام فتكلم بكلام لا يُفهم، ثمّ قال: أسألك بحرمة الله تعالى، وحرمة رسوله، وحرمة أمير المؤمنين، وحرمة الحسن، وحرمة الحسين، وحرمة فاطمة بنت محمّد (ص) أجمعين إن كنت تعلم أنّي حجّة الله على عمّي إلاّ نطقت بذلك، وبيّنته لنا، حتّى يرجع عن رأيه.

فقال الحجر بلسان عربي: يا محمّد بن عليّ، اسمع وأطع عليّ بن الحسين، فإنّه حجّة الله على خلقه. فقال ابن الحنفية عند ذلك: سمعت وأطعت وسلّمت ».

٣٥٠

٢ - فصل:

في بيان ظهور آياته في إحياء الموتى

وفيه: حديث واحد

٢٩٢ / ١ - عن ثابت بن دينار، عن ثوير بن سعيد بن علاقة، قال: دخل محمّد بن الحنفيةرضي‌الله‌عنه على سيّد العابدين عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما فرفع يده فلطمه(١) ، وهو في عينه صغير، ثمّ قال: أنت الذي تدّعي الإمامة؟! فقال له عليّ بن الحسين صلوات الله عليه: « اتق الله، ولا تدّعين ما ليس لك ». فقال: هي والله لي. فقال له عليّ بن الحسين: « قم بنا نأتي المقابر حتّى يتبيّن لي ولك ».

فذهبا حتّى انتهيا إلى قبرٍ طري فقال له: « هذا ميت قريب العهد بالموت، فادعه واسأله عن خبرك، فإن كنت إماماً أجابك، وإلاّ دعوته

__________________

١ - عنه في مدينة المعاجز: ٣١٨ / ٩٢.

(١) ونحن نجلّ محمد بن الحنفية عن الظلم والبغي، ولطم بريء دون مبرر، وأما مطالبته سيد العابدين عليه‌السلام بإثبات إمامته فهذا من حقّ كلّ مطالب، ولذلك نعتقد فيهم أنّهم أصحاب معجزات ودلائل لإثبات إمامتهم للناس فسبيل الإمامة عندنا سبيل النبوة وامتداد لها وهذا كلّه مستوفى في محله من كتبنا الكلامية.

وربّما تستدعي المصالح العامة مشاجرتهما في الإمامة مع علم ابن الحنفية واعتقاده بإمامة ابن أخيه الإمام زين العابدين عليه‌السلام لإرشاد الآخرين وإقامة الحجّة عليهم كما في مشاجرة عليّ والعبّاس ونحو ذلك.

٣٥١

فأخبرني ». فقال له: أو تفعل ذلك؟! قال: نعم. فقال له محمّد بن الحنفية: فلا أستطيع أن أفعل ذلك.

قال: فدعا الله تعالى عليّ بن الحسينعليهما‌السلام بما أراد، ثمّ دعا صاحب القبر فخرج ينفض التراب عن رأسه وهو يقول: الحقّ لعليّ بن الحسين دونك.

قال: فأقبل محمّد بن الحنفية وانكبَّ على رجل عليّ بن الحسين يقبلها، ويلوذ به، ويقول: استغفر لي.

قال المصنف رحمة الله عليه: إنّ ما ذكرناه من دلالته صلوات الله عليه من إحياء الموتى وكلام الحجر الأسود، ونطق الشاة، فهي على طريق توارد الأدلة، وتبيين الحجة، والحجّة القاطعة.

٣٥٢

٣ - فصل:

في بيان ظهور آياته في استلانة الغل من الحديد في يده

وفيه: حديث واحد

٢٩٣ / ١ - عن ابن شهاب الزهريّ، قال: شهدت عليّ بن الحسين صلوات الله عليه يوم جهز إلى عبد الملك بن مروان من المدينة إلى الشام فأثقله(١) حديداً، ووكّل به حفّاظاً في عدة وجمع، فاستأذنتهم في التسليم عليه والتوديع له، فأذنوا لي، فدخلت عليه وهو في قبّة والأقياد في رجليه، والغل في يديه، فبكيت وقلت: وددت أنني مكانك، وأنت سالم. فقال: « يا زهريّ، أو تظن [ أنّ ] هذا ممّا ترى عليّ وفي عنقي يحزنني؟! أما لو شئت ما كان، فإنّه إن بلغ منك ومن أمثالك ليذكر القبر ».

ثمّ أخرج يده من الغل، ورجليه من القيد، وقال: « يا زهريّ، لاجزت(٢) معهم على ذا منزلين من المدينة ».

فما لبثنا إلاّ أربع ليال حتّى قدم الموكّلون به يطلبونه بالمدينة، فما وجدوه، وكنت فيمن سألهم عنه، فقال لي بعضهم: إنّا لنراه

__________________

١ - حلية الأولياء ٣: ١٣٥، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٣٢، كشف الغمة ٢: ٢٨٨، عنه في مدينة المعاجز: ٣٠٨ / ٤٤.

(١) في ش، ص، ع: فأوثقه.

(٢) في هامش ص: لا ذهبت.

٣٥٣

متبوعاً، إنّه لنازل ونحن حوله نحرسه(١) إذ أصبحنا فما وجدنا في محله إلاّ حديده.

فقال الزهريّ: فقدمت بعد ذلك على عبد الملك بن مروان، فسألني عن عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما، فأخبرته، فقال لي: إنّه قد جاءني في يوم فقده الأعوان، فدخل عليَّ فقال: « ما أنا وأنت؟ » قلت: أقم عندي. فقال: « لا أحب » ثمّ خرج، فو الله لقد امتلأت في ثوبي خيفة.

قال الزهريّ: فقلت: يا أمير المؤمنين، ليس عليّ بن الحسين حيث تظن، إنّه مشغول بنفسه. فقال: حبذا شغل مثله، فنعم ما شغل به.

قال: وكان الزهريّ إذا ذكر عليّ بن الحسين صلوات الله عليه بكى وقال: زين العابدين.

وروى ذلك أبو نعيم الأصفهانيّ الحافظ في كتاب ( حلية الأولياء ).

__________________

(١) في ع، ك، م، لا نرقد.

٣٥٤

٤ - فصل:

في بيان ظهور آياته في كون النبيّ معه

وفيه: حديث واحد

٢٩٤ / ١ - عن الباقرعليه‌السلام ، قال: « واصل(١) أبيعليه‌السلام ثلاثة أيّام ولياليهن، فلمّا كان في اليوم الرابع قيل له: لو طعمت شيئاً. فقال: إنّ النبيّ (ص) كان عندي فسقاني لبناً ».

قال: « فشكّ بعض من كان عنده، فعلم صلوات الله عليه وآله بذلك، فدعا بطشت فتقيأ فيه لبناً ».

__________________

١ - عنه في مدينة المعاجز: ٣١٩ / ٩٣.

(١) واصل: أي صام ثلاثة أيام لم يأكل فيها شيئا. « النهاية ٥: ١٩٣ ».

٣٥٥

٥ - فصل:

في بيان ظهور آياته فيما صلّى عليه

أهل السماوات والأرض

وفيه: حديث واحد

٢٩٥ / ١ - عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيّب؛ وعبد الرزاق، عن معمر، عن عليّ بن زيد، قال: قلت لسعيد بن المسيّب: إنّك أخبرتني أنّ عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما النفس الزكيّة، وإنّك لا تعرف(١) له نظيرا. قال: كذلك، وما هو مجهول ما أقول فيه، والله ما رؤي مثله.

قال عليّ بن زيد: فقلت له: والله إنّ هذه الحجة لوكيدة يا سعيد، فَلِم لم تصل على جنازته.

قال: سمعته يقول: أخبرني أبي أبو عبد الله الحسين، عن أبيه، عن النبيّ (ص)، عن جبرئيل، عن الله تعالى أنّه قال: « ما من عبد من عبادي آمن بي، وصدّق بك، وصلّى في مسجدك ركعتين على خلاء من الناس، إلاّ غفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلم أر شاهداً أفضل من عليّ بن الحسين، حيث حدَّثني بهذا الحديث، فلمّا أن مات شهد جنازته البر والفاجر، وأثنى عليه الصالح والطالح وانهال الناس

__________________

١ - اختيار معرفة الرجال: ١٦٦ / ١٨٦، ١٨٨، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٣٤، عنه في مدينة المعاجز: ٣٠٨ / ٤٥.

(١) في ش، ص: لا تعلم.

٣٥٦

يتبعونه، حتّى وضعت الجنازة، فقلت: إن أدركت الركعتين يوماً من الدهر فاليوم، فلم يبق رجل ولا امرأة، ثمّ خرجنا إلى الجنازة، فوثبت لأصلّي، فجاء تكبير من السماء، فأجابه تكبير من الأرض، ففزعت وسقطت على وجهي، فكبّر مَن في السماء سبعاً، وكبّر من في الأرض سبعاً، وصلّوا على عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما، ودخل الناس المسجد فلم أدرك الركعتين ولا الصلاة عليه، إنّ هذا لهو الخسران المبين.

قال: فبكى سعيد، وقال: ما أردت إلاّ خيراً، ليتني كنت صلّيت عليه، فإنّه ما رؤي مثله.

٣٥٧

٦ - فصل:

في بيان ظهور آياته في طاعة الوحش له والتماسهم

منه الحاجة

وفيه: حديثان

٢٩٦ / ١ - عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « كان عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما مع أصحابه في طريق مكّة فمرّ به(١) ثعلب وهم يتغدون.

فقال لهم عليّ بن الحسين: هل لكم أن تعطوني موثقاً من الله لا تهيجون هذا الثعلب فأدعوه فيجيبني؟ فحلفوا له، فقال: يا ثعلب، أنت آمن فجاء حتّى أقعى(٢) بين يديه، فطرح إليه عُراقاً(٣) فولّى به فأكله.

ثمّ قال: هل لكم أن تعطوني أيضاً موثقاً من الله فأدعوه أيضاً فيجيبني؟ فحلفوا له(٤) ، فقال: يا ثعلب، أنت آمن. فجاء حتّى أقعى بين يديه، فكلح(٥) له رجل في وجهه، فخرج يعدو، فقال صلوات الله

__________________

١ - بصائر الدرجات: ٣٦٩ / ٧، الاختصاص: ٢٩٧، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٤١.

(١) في ر، ك، م: فهمهم.

(٢) أقعى: أي جلس على استه. « لسان العرب - قعا - ١٥: ١٩٢ ».

(٣) العراق: العظم من غير لحم. « لسان العرب - عرق - ١٠: ٢٤٤ ».

(٤) في م: فاعطوه.

(٥) زاد في ر: فأعطوه فجاء، وكلح: أي عبس وتكبر. « لسان العرب - كلح - ٣: ٥٧٤ ».

٣٥٨

عليه: وأيّكم الذي خفر(١) ذمّتي؟ فأخبره الرجل، ثمّ استغفر الله وسكت ».

٢٩٧ / ٢ - عن جابر بن عبد اللهرضي‌الله‌عنه ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « بينما عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما مع أصحابه إذ أقبلت ظبية من الصحراء حتّى قامت حذاءه وحمحمت، فقال بعض القوم: يا ابن رسول الله، ما تقول هذه الظبية؟ قال: تزعم أن فلانا القرشيّ أخذ خشفها بالأمس، وأنّها لم ترضعه من الأمس شيئاً، فبعث إليه عليّ بن الحسين أن أرسل إليّ بالخشف، فبعث به إليه، فلمّا أن رأته حمحمت وضربت بيدها، ثمّ رجع ».

قال: « فوهبه عليّ بن الحسين لها، وكلّمها بكلام نحو كلامها، فحمحمت وضربت بيدها، وانطلقت والخشف معها، فقالوا: يا ابن رسول الله، ما الذي قالت؟ قال: دعت الله لكم وجزتكم خيراً ».

قال مصنف هذا الكتابرضي‌الله‌عنه : إنّ الله تعالى ألهم البهائم تعظيم قدرهم ليتنبّه الناس على عظم أقدارهم وشرف آثارهم عند الله تعالى.

__________________

(١) خفر: أي نقض العهد. « لسان العرب - خفر - ٤: ٢٥٣ ».

٢ - بصائر الدرجات: ٣٥ / ١٠ الاختصاص: ٢٩٢، دلائل الإمامة: ٨٩، الخرائج والجرائح ١: ٢٥٩، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٤٠، كشف الغمة ٢: ١٠٩، الصراط المستقيم ٢: ١٨٠ / ٤، الهداية الكبرى: ٢١٥.

٣٥٩

٧ - فصل:

في بيان ظهور آياته من الإخبار بالغائبات

وفيه: خمسة أحاديث

٢٩٨ / ١ - عن عبد الله بن عطاء التميميّ، قال: كنت مع عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليهم في المسجد، فمرّ عمر بن عبد العزيز وعليه نعلان شراكهما فضّة، وكان من أخرق(١) الناس، وهو شاب، فنظر إليه عليّ بن الحسين زين العابدينعليه‌السلام وقال: « يا عبد الله، أترى هذا المترف، إنّه لن يموت حتّى يلي الناس ».

قلت: « إنّا لله وإنّا إليه راجعون، هذا الفاسق؟! قال: « نعم، ولا يلبث إلاّ يسيرا حتّى يموت، فإذا مات لعنه أهل السماء، واستغفر له أهل الأرض ».

٢٩٩ / ٢ - عن أبي الجارود، عن أبي جعفر صلوات الله عليه، قال: « لمّا دخل كنكر الكابلي على عليّ بن الحسين صلوات الله

__________________

١ - دلائل الإمامة: ٨٨، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٤٣.

(١) في م: أدق، وفي ش، ص: أحمق.

٢ - رجال الكشي: ١٢٠ / ١٩٢، الخرائج والجرائح ١: ٢٦٢، قطعة منه، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٤٧، نحوه، أعلام الورى: ٢٥٩، الهداية الكبرى: ٢٢١، مدينة المعاجز: ٣١٦ / ٨٢، عن كتابنا.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697