كامل الزيارات

كامل الزيارات11%

كامل الزيارات مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مكتبة الصدوق
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 357

كامل الزيارات المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 357 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 151373 / تحميل: 9594
الحجم الحجم الحجم
كامل الزيارات

كامل الزيارات

مؤلف:
الناشر: مكتبة الصدوق
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

ثمَّ ترفع يديك وتقول: «اللّهُمَّ إنّي أسْأَلُكَ مَسْألَةَ المِسْكِين المسْتَكِين، العَليلِ الذَّليلِ الَّذي لَمْ يُرِدْ بِمَسْألَتِهِ غَيرَكَ، فَإنْ لَمْ تُدْرِكْهُ رَحْمَتُكَ عَطِبَ، أَسأَلُكَ أنْ تُدارِكَني بِلطْفٍ مِنْكَ، وَأنْتَ الَّذِي لا تُخَيِّبُ سائِلَكَ (١) ،وَتُعْطِي المَغْفِرَةَ وَتَغْفِرُ الذُّنُوبَ، فَلا أكُونَنَّ يا سَيِّدي أنا أهْوَنَ خَلْقِكَ عَلَيْكَ، وَلا أكُونُ أهْوَنَ مَنْ وَفَدَ إَلَيْكَ بِابْنِ حَبيبِكَ، فَإنّي أمَّلْتُ وَرَجَوتُ، وَطَمِعْتُ وَزُرْتُ وَاغْتربْتُ (٢) ،رَجاءً لَكَ أنْ تُكافِيَني إذْ أخْرَجَتَني مِنْ رَحْلي، فَأَذِنْتَ لي بِالمَسِير إلى هذا المَكانِ رَحْمَةً مِنْكَ، وَتَفَضُّلاً مِنْكَ، يا رَحمنُ يا رَحيمُ ».

واجتهد في الدُّعاء ما قدرت عليه، وأكثر منه إن شاءَ الله، ثمَّ تخرج من السَّقيفة وتقف بحذاء قبور الشُّهداء تؤمي إليهم أجمعين وتقول: «السَّلام عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلام عَلَيْكُمْ يا أهْلَ الْقُبُورِ مِنْ أهْلِ دِيارِ المُؤمِنينَ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُم فَنِعمَ عُقْبى الدَّارِ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أولياءَ الله، السَّلامُ عَلَيْكُم يا أنْصارَ اللهِ وَأنْصارَ رَسُولِهِ، وَأنْصارَ أميرِ المؤمِنينَ، وَأنْصارَ ابْنِ رَسُولِهِ وَأنْصارَ دينِهِ، أشْهَدُ أنَّكُمْ أنْصارُ اللهِ كَما قال اللهُ عزَّوجَلّ: «وَكأَيِّنْ مِنْ نَبيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أصابَهُمْ في سَبيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا (٣) »،فَما ضَعُفْتُمْ وَما اسْتَكَنْتُمْ، حَتّى لَقِيتُمُ اللهَ عَلى سَبيلِ الحَقِّ، صَلّى اللهُ عَلَيْكُمْ وَعَلى أرْواحِكُمْ وَأبْدانِكُمْ وَأجْسادِكُمْ، أبْشِرُوا بِمَوعِدِ اللهِ الَّذي لا خُلْفَ لَهُ وَلا تَبْدِيلَ، إنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ وَعْدَهُ، وَاللهُ مُدْرِكٌ بِكُمْ ثأرَ ما وَعَدَكُمْ (٤) ،أنْتُمْ خاصَّةُ اللهِ اخْتَصَّكُمْ اللهُ لأبي عَبْدِاللهِ عليه‌السلام ، أنْتُمُ الشُّهداءُ وَأنْتُمُ السُّعَداء، سُعِدْتُمْ عِنْدَاللهِ، وَفُزْتُمْ بِالدَّرَجاتِ مِنْ جَنّاتٍ لا يَطْعُنُ أهْلُها وَلا يُهْرَمُونَ، وَرَضُوا بِالمَقامِ في دارِ السَّلامِ، مَع مَنْ نَصَرْتُم (٥) ،جَزاكُمُ اللهُ خَيْراً مِنْ

__________________

١ - في بعض النّسخ: « لا يخيّب سائلك ».

٢ - أي اخترتُ الغربة وتركتُ الوطن.

٣ - آل عمران: ١٤٦.

٤ - قوله: « ثأر ما وعدكم » لعلّ الإضافة بيانيّة، أو المعنى: ثَأْرَ ما وَعَدَكُمْ ثَأرَهُ، وفي التهذيب: « ثأراً وعدكم » وهو أظهر. ( البحار )

٥ - قوله: « لا يطعن أهلها » على بناء المعلوم - بضمّ العين - أي لا يشيبون، عن قولهم: طعن في السِّنّ إذا ذهب فيه، أو على بناء المجهول من الطَّعن بالرّمح ونحوه، أو من الطّاعون. وفي بعض النّسخ بالظّاء المعجمة من الطَّعن بمعنى السِّير، أي لا يخرجون منها. وقوله: « مَعَ من

٢٦١

أعْوانٍ جَزاءَ مَنْ صَبَر مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنْجزَ اللهُ ما وَعَدَكُمْ مِنَ الْكَرامَةِ في جَوارِهِ وَدارِهِ مَعَ النَّبيِّين وَالمرْسَلِينَ، وَأميرِ المؤمِنينَ وَقائِدِ الغُرِّ المُحَجِّلِينَ (١) ، أسْأَلُ الله الَّذي حَمَلَني إلَيْكُمْ حَتى أراني مَصارِعَكُم أنْ يُرِينيِكُمْ عَلَى الحَوْضِ رِواءً مَرْويَّينِ، وَيُريَني أعْداءَكُمْ في أسْفَلِ دَرَكٍ مِنَ الجَحِيمِ، فَإنَّهُمْ قَتَلُوكُمْ ظُلْماً وَأرادُوا إماتَةَ الحَقِّ، وَسَلَبُوكُمْ لاِبْنِ سُمَيَّةَ وابْنِ آكِلَةِ الأكْبادِ، فَأسْألُ الله أنْ يُرينيَهُمْ ظِمآء مُظْمَئينَ (٢) مُسَلْسَلِينَ مغلّلين، يُساقُونَ إلى الجحيم، السَّلام عَلَيْكُم يا أنْصارَ اللهِ وَأنْصارَ ابْنِ رَسُولِ اللهِ مِنِّي ما بَقِيتُ [وَبَقِيَ اللَّيلُ وَالنَّهارُ]، وَالسَّلام عَلَيْكُمْ دائِماً إذا فُنِيتُ وَبَلَيْتُ، لَهْفى عَلَيكُمْ أيُّ مُصِيبَةٍ أصابَتْ كُلَّ مَوْلىً لِمُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، لَقَدْ عَظُمَتْ وَخُصَّتْ وَجَلَّتْ وَعَمَّتْ مُصيبَتُكُمْ، أنَا بِكُمْ لَجَزِعٌ، وَأنّا بِكُمْ لَمُوجَعٌ مَحزُونٌ، وَأنا بِكُمْ لَمُصابٌ مَلْهُوفٌ (٣) ، هَنيئاً لُكُمْ ما اُعْطِيتُمْ، وَهَنيئاً لَكُمْ ما بِهِ حُيّيتُمْ، فَلَقَدْ بَكَتْكُمُ الملائِكَةُ وَحَفَّتْكُمْ وَسَكَنَتْ مَعَسْكَرَكُمْ، وَحَلَّتْ مَصارِعَكُمْ، وَقَدَّسَتْ وَصَفَّتْ بِأجْنِحَتِها عَلَيْكُم، لَيْسَ لَها عَنْكُمْ فِراقٌ إلى يَومِ التَّلاقِ، وَيَوم المَحْشَرِ وَيَومَ المَنْشَر طافَتْ عَلَيْكُمْ رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ، وَبَلَغْتُم بِها شَرَفَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، أتَيْتُكُمْ شَوقاً، وَزُرْتُكُمْ خَوفاً، أسْأَلُ اللهَ أنْ يُرِينِيَكُمْ عَلَى الحَوْضِ وَفي الجِنانِ مَعَ الأنْبياءِ وَالمُرْسَلينَ، وَالشُّهداءِ وَالصّالِحينَ، وَحَسُنَ أولئكَ رَفيقاً »،

__________________

نصرتم » لعلّه متعلّق بقوله: « فزتم ». ( العلاّمة المجلسيّ رحمه الله )

١ - قال في النّهاية: ومنه الحديث: « أمّتي الغُرُّ المُحَجَّلُونَ » أي بيضُ مواضع الوضوء من الأيْدي والوجْه والأقْدام، استَعار أثرَ الوضوء في الوجْه واليَدَين والرِّجلين للإنسان من البَياضِ الّذي يكون في وجْه الفَرس ويَدَيْه ورِجْلَيه - انتهى.

٢ - قوله: « مروتين » هو من قولهم رويت القوم أرويهم رَيّاً إذا استقيت لهم الماءَ وهو تأكيد للرِّواء - بالكسر والمدّ -، أي رواء من الماء رواهم ساقي الحوض صلوات الله عليه، وكذا قوله: « مُظمَئين » - على بناء المفعول من باب الإفعال، أو التّفعيل - تأكيد للظّمْآء بالكسر - من قولهم: أظمأته وظمأته أي عطشته، أي جعلهم اللهُ ظماء ومنع منهم الماء لسوء أعمالهم، أو المراد كثرة أسباب عطشهم مِن شدَّة الحَرّ والحركات العنيفة وأمثالها. ( البحار )

٣ - قال في القاموس: لَهِفَ، كفرح: حَزِنَ وتَحَسَّر، كتَلَهَّفَ عليه. ويا لَهْفَةُ: كلمةٌ يُتَحَسَّر بها على فائتٍ، ويقال: يا لَهْفه عليك، ويا لَهْفَ، ويا لهفا، إلى آخر ما قال.

٢٦٢

ثمَّ دُرْ في الحائر وأنت تقول: «يا مَنْ إلَيْهِ وَفَدْتُ، وَإلَيْهِ خَرَجْتُ، وَبِهِ اسْتَجَرْتُ، وَإلَيْهِ قَصَدْتُ، وَإلَيْهِ بِابْنِ نَبيِّهِ تَقَرَّبْتُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمُنَّ عَليَّ بِالجَنَّةِ، وَفُكَّ رَقَبَتي مِنَ النّارِ، اللّهُمَّ ارْحَمْ غُرْبَتي وَبُعْدَ داري، وَارْحَمْ مَسِيري إلَيْكَ وَإلى ابْنِ حَبِيبِكَ، وَاقْلِبْني مُفْلِحاً مُنْجِحاً قَدْ قَبِلْتَ مَعْذِرَتي وَخُضوعي وَخُشُوعي عِنْدَ إمامي وَسَيِّدي وَمَولايَ، وَارْحَمْ صَرْخَتي (١) وَبُكائي وَهَمِّي وَجَزَعي وَخُشُوعِي وَحُزْني، وَما قَدْ باشَرَ قَلْبي مِنَ الجَزَع عَلَيْهِ، فَبِنِعْمَتِكَ عَليَّ وَبِلُطْفِكَ لي خَرَجْتُ إلَيْهِ، وَبِتَقْويَتِكَ إيّايَ، وَصَرْفِكَ المَحذُورِ عَنِّي، وَكِلاءَتِكَ (٢) بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ لي، وَبِحفْظِكَ وَكَرامَتِكَ إيّايَ، وَكُلَّ بَحْرٍ قَطَعْتُهُ، وَكُلُّ وادٍ وَفَلاةٍ سَلَكْتُها، وَكُلُّ مَنزلٍ نَزَلْتُهُ، فَأنْتَ حَمَلْتَني في الْبَرِّ وَالبَحْرِ، وَأنْتَ الَّذي بَلَغْتَني وَوَفَّقتَني وَكَفَيْتَني، وَبِفَضْلِ مِنْكَ وَوِقايَةٍ بَلَغْتُ، وَكانَتِ المِنَّةُ لَكَ عَليَّ في ذلِكَ كُلِّهِ، وأثَري مَكْتُوبٌ عِنْدَكَ وَاسْمي وَشَخْصِي، فَلَكَ الحَمْدُ عَلى ما أبَلَيْتَني وَاصْطَنَعْتَ عِنْدي (٣) ،اللّهُمَّ فَارْحَمْ فَرَقي مِنْكَ، وَمَقامِي بَينَ يَدَيْكَ وَتَمَلُّقي، وَاقْبَلْ مِنِّي تَوَسُّلي إلَيْكَ بِابْنِ حَبِيبِكَ، وَصَفْوَتِكَ وَخِيرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَتَوَجُّهِي إلَيْكَ، وَأقِلْني عَثْرَتي، وَاقْبلْ عَظيمَ ما سَلَف مِنّي، وَلا يَمْنَعْكَ ما تَعْلَمُ مِنّي مِنَ الُعُيوبِ وَالذُّنُوبِ وَالإسْرافِ عَلى نَفْسي، وَإنْ كُنْتَ لي ماقِتاً (٤) فَارْضَ عَنِّي، وَإنْ كُنْتَ عَليَّ ساخِطاً فَتُبْ عَليَّ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ، اللّهُمَّ اغْفِرْ لي وَلِوالِدَيَّ وَارْحَمْهُما كَما رَبَّياني صَغيراً وَاجْزِهِما عَنِّي خَيْراً، اللّهُمَّ اجْزِهِما بِالإحْسانِ إحْساناً وَبِالسَّيِّئات غُفْراناً، اللّهُمَّ أدْخِلْهُما الجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ، وَحَرِّمْ وُجُوهَهُما عَنْ عَذابكَ، وَبَرِّدْ عَلَيْهِما مَضاجَعَهُما، وَافْسَحْ لَهُما في قَبريْهما (٥) ،وعَرِّفْنيهما في مُسْتَقَرٍّ مِنْ رَحْمَتِكَ وَجَوارِ حَبِيبِكَ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله ».

* * * * *

__________________

١ - الصَّرْخَة: الصّيحة الشّديدة.

٢ - كَلأَهُ الله كِلاءةَ وكِلاءً: حفظه وحرسه، يقال: اذهب في كِلاءة الله.

٣ - الاصطناع: افتعال من الصَّنيعة، وهي العطيّة والكَرامة والإحسان.

٤ - أي مبغضاً، ومَقَتَه مَقْتاً: أبغضه أشدّ البغض عن أمر قبيح.

٥ - أي: وسّع قبريهما.

٢٦٣

الباب الثّمانون

( كيف الصّلاة عند قبر الحسين عليه السلام)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد البرقيِّ. وحدَّثني محمّد بن عبدالله، عن أبيه عبدالله بن جعفر الحِميريِّ، عن أبي عبدالله البرقيِّ، عن جعفر بن ناجية، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: صلِّ عند رأس قبر الحسينعليه‌السلام ».

٢ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين؛ وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن موسى بن عُمَر؛ وأيّوب بن نوح، عن عبدالله بن المغِيرةً، عن أبي اليَسَع(١) « قال: سأل رجلٌ أبا عبداللهعليه‌السلام - وأنا أسمع - قال: إذا أتيتُ قبر الحسينعليه‌السلام أجعله قبلة إذا صلّيتُ؟ قال: تَنحَّ هكذا ناحية(٢) ».

٣ - حدّثني عليُّ بن الحسينرحمه‌الله عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نَجران، عن يزيدَ بن إسحاقَ، عن الحسن بن عطيّة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إذا فرغت من التّسليم على الشّهداء ائت(٣) قبر الحسينعليه‌السلام ، ثمَّ تجعله بين يديك ثمَّ تصلّي ما بدالك ».

٤ - وعنه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن علي بن عُقْبة، عن عبيدالله بن علي الحلبيِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قلت: إنّا نزور قبر الحسينعليه‌السلام فكيف نصلي عنده(٤) ؟ قال: تقوم خلفه عند كتفيه، ثمَّ تصلّي على النّبيّ وتصلّي على الحسينعليه‌السلام ».

٥ - حدَّثني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن أيّوب بن نوح؛ و

____________

١ - الظّاهر هو عيسى بن السّري الكرخيّ، مولى ثقة، روى عن أبي عبدالله عليه السلام.

٢ - قال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: « لعلّ الأمر بالتّنحّي محمولة على التّقيّة، ويحتمل أن يكون المراد المنع عن السّجود على قبره عليه السلام، بل يبعد منه قليلاً ويصلّي خلفه ».

٣ - في بعض النّسخ: « فأت ».

٤ - في البحار: « كيف نصلّي عليه ».

٢٦٤

غيره، عن عبدالله بن المغِيرَة قال: حدَّثنا أبو اليَسَع « قال: سأل رَجلٌ أبا عبداللهعليه‌السلام - وأنا أسمع - عن الغُسل إذا أتى قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: أجعله قبلةً إذا صَلّيت؟ قال: تنحَّ هكذا ناحية، قال: آخذ مِن طِين قبره ويكون عندي أطلب بَرَكته؟ قال: نَعَم - أو قال: لا بأس بذلك - ».

٦ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البَصريِّ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصَمّ قال: حدَّثنا هشام بن سالم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « أنّه أتاه رَجلٌ فقال له: يا ابن رسول الله هل يُزار والدك؟ قال: فقال: نَعَم، ويصلّي عنده، وقال: ويصلّى خلفه ولا يتقدَّم ».

الباب الحادي والثّمانون

( التّقصير في الفريضة والرّخصة في التّطوّع عنده وجميع المشاهد)

١ - حدَّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن(١) ، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد الجوهريّ، عن عليِّ بن أبي حمزة « قال: سألت العبد الصّالح عن زيارة قبر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ، فقال: ما اُحب لك تركه، قلت: ما تَرى في الصّلاة عنده وأنا مقصّر؟ قال: صَلِّ في المسجد الحرام ما شِئتَ تَطوُّعاً، وفي مسجد الرَّسول ما شِئت تطوُّعاً، وعند قبر الحسين [عليه‌السلام ]، فإنّي اُحبُّ ذلك، قال: وسألته عن الصّلاة بالنّهار عند قبر الحسينعليه‌السلام تَطَوُّعاً، فقال: نَعَم ».

٢ - حدَّثني جعفر بن محمّد بن إبراهيم الموسويّ، عن عبيدالله بن نَهِيك، عن ابن أبي عُمَير، عن أبي الحسنعليه‌السلام « قال: سألته عن التّطوُّع عند قبر الحسينعليه‌السلام وبمكّة والمدينة وأنا مقصّر، قال: تَطوَّعْ عنده وأنتَ مقصِّرٌ ما شئتَ، وفي المسجد الحرام وفي مسجد الرَّسول وفي مشاهد النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله فإنّه خير ».

__________________

١ - يعني ابن الوليد. وما في بعض النّسخ: « محمّد بن الحسين » - مكبّراً - تصحيف.

٢٦٥

حدَّثني عليُّ بن الحسين، عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عُمَير؛ وإبراهيمَ بن عبدالحميد جميعاً، عن أبي الحسنعليه‌السلام مثله.

حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن جعفر بن محمّد بن حَكيم الخَثعميِّ، عن إبراهيم بن عبدالحميد، عن أبي الحسنعليه‌السلام مثله.

٣ - حدَّثني عليُّ بن محمّد بن يعقوبَ الكِسائيُّ قال: حدَّثنا عليُّ بن الحسن بن فَضّال، عن عَمْرِو بن سعيد، عن مُصدِّق بن صَدَقَهَ، عن عمّار بن موسى السّاباطيِّ « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الصَّلاة في الحائر، قال: ليس الصّلاة إلاّ الفرض بالتّقصير، ولا تصلّي النّوافل(١) ».

٤ - حدثني أبي - عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بنِ محمّد بن - عيسى، عن عليِّ بن إسماعيل، عن صَفوانَ بن يحيي، عن إسحاقَ بنِ عمّار، عن أبي الحسنعليه‌السلام « قال: سألته عن التَّطوُّع عند قبر الحسينعليه‌السلام ومشاهد النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والحرمين، والتَّطوُّع فيهنَّ بالصّلاة ونحن مقصّرون، قال: نَعَم تَطَوَّعْ ما قَدَرتَ عليه، هو خيرٌ ».

٥ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن محمّد بن الحسين بن ابي الخّطاب، عن صَفوانَ بن يحيى، عن إسحاقَ بنِ عمّار « قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : جُعِلت فداك أتنقَّل في الحَرَمين(٢) وعند قبر الحسينعليه‌السلام وأنا اُقصّر؟ قال: نَعَم ما قَدَرتَ عليه ».

٦ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد الجوهريّ، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام « قال: سألته عن التّطوُّع عن قبر الحسينعليه‌السلام ومشاهد النَّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والحرمين في الصَّلاة ونحن نقصِّر، قال: نعم تطوِّعْ ما قدرت عليه ».

__________________

١ - في البحار: « ولا يصلّي النّوافل ».

٢ - تنفّل المصلّي: تطوَّع، وهو يصلّي النّافلة والنّوافل.

٢٦٦

حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله قال: سألت أيّوبَ بنِ نوح عن تقصير الصّلاة(١) في هذه المشاهد: مكّة والمدينة والكوفة وقبر الحسينعليه‌السلام الأربعة، والَّذي روي فيها، فقال: أنا اُقصّر، وكان صَفوانُ يقصّر، وابن أبي عُمَير وجميع أصحابنا يُقصّرون.

الباب الثّاني والثّمانون

( التّمام عند قبر الحسين عليه السلام وجميع المشاهد (٢) )

١ - حدَّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن، عن الحسن بن مَتِّيل، عن سَهل بن زياد الآدميِّ، عن محمّد بن عبدالله، عن صالِح بن عُقْبة، عن أبي شِبْل(٣) « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : أزورُ قبر الحسينعليه‌السلام ؟ قال: زُرِ الطَّيِّب، وأتمَّ الصَّلاة عِندَه، قال: أتمُّ الصَّلاة عِنده؟ قال، أتمَّ، قلت: فإنَّ بعضَ أصحابنا يروي التَّقصير، قال: إنّما يفعل ذلك الضَّعَفَة(٤) ».

حدَّثني محمّد بن يعقوبَرحمه‌الله عن جماعة مشايخه، عن سَهل بن زياد بإسناده مثله سَواء(٥) .

٢ - حدَّثني أبو عبدالرَّحمن محمّد بن أحمد العسكريّ، عن الحسن بن علي بن مَهزيارَ، عن أبيه عليِّ، عن الحسن بن سعيد، عن إبراهيمَ بن أبي البِلاد، عن

__________________

١ - في البحار: « عن تقصير الصّلوات ».

٢ - قال العلاّمة الأمينيّ ( ره ): « ليس في أخبار الباب ما يدلّ على الإتمام في غير المواطن الأربع، فالتّعبير بجميع المشاهد لا وجه له ». أقول: الظّاهر مراده المشاهد الأربعة المذكورة.

٣ - هو عبدالله بن سعيد الاُسديّ بيّاع الوشي، ثقة. ( صه )

٤ - في بعض نسخ التّهذيب: « الضّعفاء »، والضَّعْفَة في الدّين الجاهلين بالأحكام، أو المراد يفعل ذلك من يكون له ضعف لا يمكنه الإتمام، أو يشقّ عليه فيختار الأسهل، وإن كان مرجوحاً، والأخير أظهر. ( ملاذ الأخيار )

٥ - راجع الكافي ج ٤ ص ٥٨٧ ح ٦.

٢٦٧

رَجل مِن أصحابنا يقال له: الحسين، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: تتمّ الصّلاة في ثلاثةَ مواطن: في مسجد الحرام ومسجد الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وعند قبر الحسينعليه‌السلام ».

٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وأخي؛ وعليُّ بن الحسين، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بنِ محمّدِ بن عيسى، عن الحسين بن سعيد(١) ، عن عبدالمَلِك القمّيِّ، عن إسماعيلَ بن جابر، عن عبدالحميد - خادم إسماعيلَ بن جعفر - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: تتمّ الصّلاة في أربعة مَواطِن: في المسجد الحرام ومسجد الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ومسجد الكوفة وحرم الحسينعليه‌السلام ».

٤ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريُّ، عن أبيه، عن أحمدَ بن أبي عبدالله البرقيِّ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى - عن بعض أصحابنا - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: من الأمر المذخور إتمام الصّلاة في أربعة مَواطِن: بمكّة والمدينة ومسجد الكوفة والحائِر ».

قال ابن قولُوَيه: وزاده الحسين بن أحمدَ بن المغِيرَة عقب هذا الحديث في هذا الباب بما أخبره به حيدر بن محمّد بن نُعَيم السَّمرقنديُّ بإجازته بخطّه باجتيازه للحجّ:

٥ - عن أبي النَّضر محمّد بن مسعود العياشيّ، عن عليّ بن محمّد قال: حدَّثني محمّد بن أحمد، عن الحسين بن عليِّ بن النّعمان، عن أبي عبدالله البرقيِّ؛ وعليِّ بن مَهزيار؛ وأبي عليِّ بن راشد جميعاً، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « أنّه قال: مِن مخزون عِلم اللهِ الإتمام في أربعة مواطن: حَرَمِ الله وحَرَمِ رسوله وحَرَمِ أميرِ المؤمنين وحَرَمِ الحسين صلوات الله عليهم أجمعين ».

٦ - حدَّثني محمّد بن هَمّام بن سُهَيل، عن جعفر بن محمّد بن مالك الفزاريّ قال: حدَّثنا محمّد بن حَمدانَ المدائنيِّ، عن زياد القنديِّ « قال: قال أبو الحسن موسىعليه‌السلام : اُحبُّ لك ما اُحبُّ لِنفسي، وأكرِهُ لك ما أكرِهُ لِنفسي، أتمُّ الصّلاة في الحَرَمين وبالكوفة وعند قبر الحسينعليه‌السلام ».

__________________

١ - كذا، والظّاهر سقط هنا « عن محمّد بن سِنان ».

٢٦٨

٧ - حدَّثني عليُّ بن حاتم القزوينيُّ قال: أخبرنا محمّد بن أبي عبدالله الأسديّ قال: حدَّثنا القاسم بن الرَّبيع الصَّحّاف، عن عَمرِو بن عثمان، عن عَمرِو بن مَرزوق « قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن الصّلاة في الحَرَمين وفي الكوفةَ وعند قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: أتمَّ الصَّلاة فيهم ».

٨ - حدَّثني محمّد بن يعقوبَ؛ وجماعَةُ مشايخي، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سِنان، عن حذيفةَ بنِ منصور قال: حدَّثني مَن سمع أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: « تتمّ الصّلاة في المسجد الحرام ومسجد الرَّسول ومسجد الكوفة وحرم الحسينعليه‌السلام ».

٩ - ومن زيادة الحسين بن أحمدَ بن المغِيرة ما في حديث أحمدَ بن إدريس ابن أحمدَ بن زكريّا القمّيِّ قال: حدَّثني محمّد بن عبدالجبّار، عن عليِّ بن إسماعيل، عن محمّد بن عَمرو، عن فائد الحنّاط، عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام « قال: سألته عن الصّلاة في الحَرَمين، فقال تتمّ ولو مَرَرْت به مارّاً ».

١٠ - حدَّثني أحمد بن إدريس ( كذا ) قال: حدّثني أحمد بن أبي زاهِر، عن محمّد بن الحسين الزَّيّات، عن الحسن(١) ، عن عمران بن حمران « قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : اُقصّر في المسجد الحرام أو أتمّ؟ قال: إن قصّرتَ فلك، وإن أتممتَ فهو خير، وزيادة في الخير خَيرٌ ».

الباب الثّالث والثمانون

( إنَّ الصَّلاة الفريضة عنده تَعدل حَجَّة، والنّافلة عُمرة)

١ - حدَّثني جعفر بن محمّد بن إبراهيم الموسويُّ، عن عبيدالله بن نَهيك، عن ابن أبي عُمَير - عن رجل - عن أبي الحسن(٢) عليه‌السلام « قال: قال لرجل: يا فلانُ ما يمنعك إذا عرضت لك حاجَة أن تأتي قبر الحسينعليه‌السلام فتصلّي عنده أربعَ

__________________

١ - هو ابن حمّاد بن عديس.

٢ - في جلّ النّسخ: « عن أبي جعفر » وهذا سهوٌ أو تصحيف.

٢٦٩

رَكعات ثمَّ تسأل حاجَتَك (١) فإنَّ الصّلاة الفريضة عنده تَعدِل حجَّة، والنّافلة تَعدِل عُمرَة ».

٢ - حدَّثني أبي؛ وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أبي عبدالله الجامورانيّ الرَّازيّ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي حمزة، عن الحسن بن محمّد بن عبدالكريم أبي عليٍّ، عن المفضّل بن عُمَر، عن جابر الجعفيِّ « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام للمفضّل(٢) - في حديث طويل - في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام : ثمَّ تمضي إلى صلاتك ولك بكلِّ رَكعةٍ رَكعتَها عنده كثواب مَن حجّ ألفَ حجِّةٍ واعتمر ألفَ عُمرةٍ وأعتق ألفَ رَقَبةٍ، وكأنَّما وقف في سبيل الله ألفَ مرَّةٍ مع نَبيٍّ مُرسَل - وذكر الحديث - ».

٣ - حدَّثني عليُّ بن الحسين، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن أحمد؛ وحدَّثني محمّد بن الحسين بن متّ الجوهريُّ، عن محمّد بن أحمد، عن هارونَ بن مسلم، عن أبي علي الحَرّانيِّ « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما لمن زار قبر الحسينعليه‌السلام ؟ قال: مَن أتاه وزارَه وصلّى عنده رَكعتين أو أربع رَكعات كَتَب اللهُ له حَجّة وعُمرةً، قال: قلت: جُعِلتُ فِداك وكذلك لكلِّ مَن أتى قبر إمامٍ مفترض طاعتُه؟ قال: وكذلك لكلِّ مَن أتى قبر إمام مُفترض طاعتُه ».

حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أبي القاسم، عن أبي علي الخزاعي « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام - وذكر مثله -.

٤ - حدثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن العَلاء بن رَزين، عن شُعيب العَقْرَقُوفيِّ(٣) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام

__________________

١ - أي من الله تعالى، لأنّ الدّعاء عند قبّته مستجاب.

٢ - كذا، وتقدّم الكلام فيه، فمن أراد الاطّلاع فليراجع ص ٢٢٥ ذيل الخبر ٥.

٣ - بفتح أوَّله وسكون الثّاني - مركّب من « عَقْر » و « قُوف » كبَعلَبَكَ، قريةٌ مِن نواحي دُجَيل بينها وبين بغداد أربعة فراسخ وإلى جانبها تَلٌّ عظيم من تراب يرى من خمسة فراسخ كأنّه قلعة عظيمة، وعن بعض أنّه مقبرة الملوك الكيانيّين الّذين كانوا قبل آل ساسان من النّبط، وذكر أهل السِّيَر أنّ عَقرقوف تنسب إلى عقرقوف بن طهمورث؛ الملك المشهور. ( من العجم )

٢٧٠

« قال: قلت له: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام ما له من الثَّواب والأجْر جُعِلتُ فِداك؟ قال: يا شُعيبُ ما صَلّى عِنده أحدٌ الصَّلاة إلاّ قَبِلَها اللهُ مِنه، ولا دَعا عنده أحدٌ دَعوةَ إلاّ اسْتُجيبَ له عاجِلةً وآجِلةً، فقلتُ: جُعلتُ فِداك زِدني فيه، قال: يا شعيب أيْسَرُ ما يقال لزائر الحسين بن عليّعليهما‌السلام : قد غفر [الله] لك يا عبدالله فاستأنف [اليوم] عَملاً جديداً ».

الباب الرَّابع والثّمانون

( وَداع قبر الحسين بن عليِّ عليهما السلام)

١ - حدَّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد. وحدَّثني أبي؛ وعليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسن، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد. وحدّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالَةَ بن أيّوب، عن نُعَيْم بن الوليد، عن يوسفَ الكُناسيِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إذا أردتَ أن تُودِّعَ الحسين بن عليِّعليهما‌السلام فقل: «السَّلامُ عَلَيْكَ ورَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، أَسْتَودِعُك اللهَ وَأقْرَءُ عَلَيْكَ السَّلامَ، آمَنّا بِاللهِ وَوَبِالرَّسُولِ وَبِما جِئتَ بِهِ وَدَلَلْتَ عَلَيهِ، وَاتَّبَعْنا الرَّسُولَ، فَاكْتُبنا مَعَ الشّاهِدينَ، اللّهُمّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّا وَمِنْهُ، اللّهُمَّ إنّا نَسْأَلُكَ أنْ تَنْفَعَنا بِحُبِّهِ، اللّهُمَّ ابْعَثْهُ مَقاماً مَحْمُوداً تَنْصُرُ بِهِ دِينَكَ وَتَقْتُلُ بِهِ عَدُوَّكَ، وَتُبِيرُ بِهِ مَنْ نَصَبَ حَرْباً لآلِ مُحَمَّدٍ (١) فَإنَّكَ وَعَدْتَهُ ذلِكَ، وَأنْتَ لا تُخلِفُ المِيعادَ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، أشْهَدُ أنَّكُمْ شُهَداءُ نُجَباءُ، جاهَدْتُمْ في سَبيل اللهِ َقاتلتُمْ عَلى مِنْهاج رَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تَسْليماً، أنْتُمُ السّابِقُونَ وَالمهاجِرُونَ وَالأنْصارُ، أشْهَدُ أنَّكُمْ أنْصارُ اللهِ وأنْصارُ رَسُولِهِ، فَالحَمْدُ للهِ الَّذي صَدَقَكُمْ وَعْدَهُ وأراكُمْ ما

__________________

١ - أباره أي أهلكه.

٢٧١

تُحبُّونَ، وَصَلّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، اللّهُمَّ لا تَشْغَلْني في الدُّنْيا عَنْ ذِكْرِ نِعْمَتِكَ، لا بإكْثارِ تُلْهِيَني عَجائِبُ بَهْجَتِها، وَتَفْتِنَني زَهَراتُ زينَتِها (١) ، وَلا بإقْلالٍ يَضُرُّ بِعَمَلي كَدُّهُ، وَيَمْلأُ صَدْري هَمُّهُ، أعْطِني مِنْ ذلِكَ غِنىً عَنْ شِرارِ خَلْقِكَ، وَبَلاغاً أنالُ بِهِ رِضاكَ، ياأرْحَمَ الرَّاحِمينَ، وَصَلّى اللهُ عَلى رَسُولِهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللهِ، وَعَلى أهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبينَ الأخْيارِ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ » ».

٢ - حدَّثني أبو عبدالرَّحمن محمّد بن أحمدَ بنِ الحسين العَسكريُّ - بـ « عَسْكَر مُكْرَم »(٢) - عن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن ابيه، عن محمّد بن أبي عُمير، عن محمّد بن مَروانَ، عن أبي حمزة الثُّماليّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إذا أردتَ الوداع بعد فَراغِك مِن الزِّيارات فأكثر منها مَا اسْتَطَعتَ، ولْيَكنْ مقامك بالنِّينوى أو الغاضِريَّة، ومتى أردتَ الزِّيارة فاغتسل وزُرْ زَرْوَة الوَداع، فإذا فَرَغْتَ مِن زيارتك فاستقبل بِوجْهِك وَجْهَه والتمس القبر وقل:

«السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَليَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِاللهِ، أنْتَ لي جُنَّةٌ مِنَ الْعَذابِ، وَهذا أوانُ أنْصِرافي عَنْكَ؛ غَيرَ راغِبٍ عَنْكَ، وَلا مُسْتَبْدِلٍ بِكَ سِواكَ، وَلا مُؤثِرٍ عَلَيْكَ غَيرَكَ، وَلا زاهِدٍ في قُرْبِكَ (٣) ،جُدْتُ بِنَفْسي لِلْحَدَثانِ (٤) ،وَتَرَكْتُ الاُهْلَ وَالأوطانَ، فَكُنْ لي يَومَ حاجَتي وَفَقْرِي، وَفاقَتي، يَومَ لا يُغْني عَنّي والِدي وَلا وَلَدي، وَلا حَميمِي ولا قَرِيبي، أسْألُ اللهَ الَّذي قَدَّرَ وَخَلَقَ أنْ يُنَفِّسَ بِكَ كَرْبي، وَأسْألُ اللهَ

__________________

١ - قال في النّهاية: « الزّهرة: البياض النيِّر، وزهرة الدُّنيا وزينتها، أي حُسْنها وبَهْجَتِها وكَثْرة خَيْرها ».

٢ - عَسْكَرُ مُكْرَم - بضمِّ الميم وسكون الكاف وفتح الرّاء -: وهو بلد مشهور من نواحي خوزستان منسوب إلى مكرم بن معزاء الحارث أحد بني جَعْوَنَة بن الحارث بن نُمَير بن عامر بن صَعْصَة. ( من معجم البلدان ).

٣ - زهد فيه، كمنع وسمِع وكرم: ضدُّ رَغِبَ. ( القاموس ).

٤ - أي بذلت نفسي لحدثان الزّمان، وجعلتها عرضة لها باختيار السّفر لا سيّما هذا السّفر في تلك الأزمان المخوفة. ( ملاذ الأخيار ) وفي القاموس: « جاد بنفسه: قارب أن يَقضي ».

٢٧٢

 

الَّذي قَدَّر عَليَّ فِراقَ مكانِكَ أنْ لا يَجْعَلهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّي وَمِنْ رَجْعَتي (١) ،وَأسْألُ اللهَ الَّذي أبْكى عَلَيْكَ عَيْني أنْ يَجْعَلَهُ سَنَداً لي (٢) ،وَأسْألُ اللهَ الَّذي نَقلَني إلَيْكَ مِنْ رَحْلي وَأهْلي أنْ يَجْعَلَهُ ذُخْراً لي، وَأسْألُ اللهَ الَّذي أراني مَكانَكَ وَهَداني للتَّسْليم عَلَيْكَ وَلِزيارَتي إيّاك أنْ يُورِدَني حَوْضَكُمْ، وَيَرْزُقَني مُرافِقَتَكُمْ في الجِنانِ مَعَ آبائِكَ الصّالِحينَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعين، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفْوَةَ اللهِ [وَابْنَ صَفْوَتِه]، السَّلامُ عَلى رَسُولِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللهِ، حَبيبِ اللهِ وَصَفْوَتِهِ، وَأميِنِه وَرَسُولِهِ، وَسَيِّدِ النَّبِيِّينَ، السَّلامُ عَلى أمير المؤمنين وَوَصيّ رَسُولِ رَبِّ العالمين، وَقائدِ الغُرِّ المحجِّلينَ، السَّلامُ عَلَى الأئمَّةِ الرَّاشِدينَ والمَهْدِيّينَ، السَّلام عَلى مَنْ في الحائِر مِنْكُم (٣) [وَرَحمةُ اللهِ وَبركاتُهُ]، السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ اللهِ الباقِينَ المقِيمِينَ، الَّذينَ هُمْ بِأمْرِ رَبِّهِمْ قائِمونَ، السَّلامُ عَلَيْنا وَعَلى عِبادِ اللهِ الصّالِحينَ، وَالحمْدُ لله رَبِّ العالَمِين ».

وتقول:(٤) «سَلامُ اللهِ وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ المُقرَّبينَ وَأنْبِيائِهِ المُرْسَلينَ، وَعِبادِهِ الصّالِحينَ عَلَيْكَ يا ابْنَ رَسُولِ اللهِ وَعَلى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ وَعَلى ذُرِّيَّتك وَمَنْ حَضَرَكَ مِنْ أوليائِكَ، أسْتَودِعُكَ اللهَ وَأسْترعِيك (٥) وَأقْرَءُ عَلَيْكَ السَّلامَ، آمَنّا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَبما جاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِاللهِ، اللّهُمَّ اكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدِينَ »،

وتقول(٦) : «اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ وَلا تَجْعَلُهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِن زيارَتي ابْن رَسُولِكَ، وَارْزُقني زيارَتَهُ أبَداً ما أبْقَيْتَني، اللّهُمَّ انْفَعْني بِحُبِّهِ يا رَبَّ العالمِينَ، اللّهُمَّ ابْعَثْهُ (٧) مَقاماً محمُوداً إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ، اللّهُمَّ إنّي أسْألُكَ بَعْدَ الصَّلاةِ وَالتَّسْلِيمِ أنْ تُصَلّي عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، وَأنْ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زيارَتي إيّاهُ،

__________________

١ - في بعض النّسخ: « رجوعي ».

٢ - أي معتمداً. ( المجلسيّ - ره - ) وفي القاموس: « السَّنَد محرّكة: مُعْتَمد الإنسان ».

٣ - الظّاهر أنّ الخطاب متوجّهٌ إلى الأئمّة، والمراد الحسين عليه السلام، أو المراد من أهل بيتكم وأولادكم. ( ملاذ الأخيار )

٤ - في التّهذيب: « ثمّ أشر إلى القبر بمسبحتك اليُمنى وقلْ: إلخ ».

٥ - أي اطلب من الله حفظك، واسترعاه إيّاه استحفظه.

٦ - في التّهذيب: « ثمّ ارفع يديك إلى السّماء وقل: - إلخ ».

٧ - زيد في بعض النّسخ: « أبعثني معه ».

٢٧٣

فَإِنْ جَعَلْتَهُ يا رَبِّ فَاحْشُرني مَعَهُ وَمَعَ آبائِهِ، وَإنْ أبْقَيْتَني يا رَبِّ فَارْزُقْني الْعَوْدَ إلَيْهِ ثُمَّ الْعَوْدَ بِرَحمتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمين، اللّهُمَّ اجْعَلْ لي لِسانَ صِدْقٍ في أولِيائِكَ، وَحَبِّبْ إليَّ مَشاهِدَهُمْ (١) ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ، وَلا تَشْغَلْني عَنْ ذِكْركَ بإكْثار مِنَ الدُّنْيا تَلْهِيَني عَجائبُ بَهْجَتِها وَتُفْتِنَني زَهْراتُ زِينَتِها، وَلا بإقْلالٍ يَضُرُّني بِعَمَلي كَدُّهُ، وَيَملأُ صَدْري هَمُّهُ، وَأعْطِني بِذلِكَ غِنىً عَنْ شِرارِ خَلْقِكَ، وَبَلاغاً أنالُ بِهِ رِضاكَ يا رَحْمُنُ، والسَّلامُ عَلَيْكمْ يا مَلائِكَةَ اللهِ وزُوّارَ قَبرِ أبي عَبْدِالله عليه‌السلام »،

ثمّ ضَع خَدَّك الأيمن على القبر مرَّةً والأيسر مرَّة، وألحَّ في الدُّعاء والمسألة، فإذا خرجت فلا تُوَلِّ وَجْهَك عن القبر حتّى تخرج ».

الباب الخامس والثّمانون

( زيارة قبر العبّاس بن عليٍّ عليهما السلام)

١ - حدَّثني أبو عبدالرَّحمن محمّد بن أحمدَ بن الحسين العَسكريُّ بالعسكر، عن الحسن بن عليٍّ بن مَهزيار، عن أبيه عليٍّ بن مهزيار، عن محمّد بن أبي عُمَير، عن محمّد بن مَروانَ، عن أبي حمزة الثّماليِّ « قال: قال الصّادقعليه‌السلام : إذا أردت زيارة قبر العبّاس بن عليِّعليهما‌السلام - وهو على شطِّ الفُرات بحَذاء الحائِر - فقف على باب السَّقيفة وقل:

«سَلامُ الله وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ المُقَرَّبِينَ، وَأنْبِيائِهِ المُرْسَلينَ، وَعِبادِهِ الصّالِحينَ وَجَميع الشُّهَداءِ وَالصِّدِّيقِينَ، وَالزَّاكياتُ الطَّيِّباتُ فيما تَغْتَدي وَتَروحُ عَلَيْكَ يا ابْنَ أمِيرِ المؤْمِنينَ، أشْهَدُ لَكَ بالتَّسْليمِ وَالتَّصدِيقِ وَالوَفاءِ وَالنَّصِيحَةِ لِخَلَفِ النَّبيِّ المرْسَل، وَالسِّبْطِ المنْتَجبِ، وَالدَّليلِ العالِمِ، وَالْوَصِيِّ المُبَلِّغِ، وَالمظْلُومِ المهْتَضَمِ، فَجَزاكَ اللهُ عَنْ رَسُولِهِ وَعَنْ أميرِ المؤمنين وَعَنِ الحَسَنِ والحُسين صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أفْضَلَ الجَزاءِ بِما صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ، وَأعَنْتَ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ، لَعَنَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ جَهِلَ

__________________

١ - قوله: « مشاهدهم » أي مواطن حضورهم وظهورهم أحياء وأمواتاً. ( البحار )

٢٧٤

حَقَّكَ، وَاسْتَخَفَّ بِحُرْمَتِكَ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ حالَ بَيْنَكَ وَبَين ماءِ الْفُراتِ، أَشْهَدُ أنَّكَ قُتِلْتَ مَظْلُوماً، وَأنَّ اللهَ مُنْجِزٌ لَكُمْ ما وَعَدَكُمْ، جِئتُكَ يا ابْنَ أمير المؤْمِنينَ وافِداً إلَيْكُمْ، وَقَلْبي مُسَلّمٌ لَكُمْ، وَأنا لَكُمْ تابِعٌ، وَنُصْرَتي لَكُمْ مُعدَّةٌ حَتّى يحكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيرُ الحاكِمينَ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ عَدُوِّكُمْ، إنّي بِكُم وَبإيابِكُمْ مِنَ المؤمِنينَ، وَبِمَنْ خالَفَكُمْ وَقَتَلَكُم مِنَ الكافِرينَ، قَتَلَ اللهُ اُمَّةً قَتَلَتْكُمْ بِالأيْدِي وَالألْسُنِ ِ ».

ثمَّ ادخل وانكبّ على القبر وقل:

«السَّلامُ عَلَيْكَ أيُّها الْعَبْدُ الصّالِحُ، المُطِيعُ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأمِيرِ المؤمِنينَ، وَالحَسَنِ وَالحُسَين عليهم‌السلام، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ وَرِضْوانُهُ، وَعَلىُ رُوحِكَ وَبَدَنِكَ، وَاُشْهِدُ اللهَ أنَّكَ مَضَيْتَ عَلىُ ما مَضىُ عَلَيهِ الْبَدْرِيُّونَ، المُجاهِدُونَ في سَبِيل اللهِ، المُناصِحُونَ لَهُ في جِهادِ أعدائِهِ، المُبالِغُونَ في نُصْرَةِ أولِيائِهِ، الذَّابُّونَ عَنْ أحِبّائِهِ، فَجزاكَ اللهُ أفْضَلَ الجَزاءِ، وَأكْثَر الجَزاءِ، وَأوْفَرَ الجَزاءِ، وَأوْفى جَزاءِ أحَدٍ مِمَّنْ وَفى بِبَيْعَتِه، وَاسْتَجابَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَأطاعَ وُلاةَ أمْرِهِ، أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ بالَغْتَ في النَّصيحَةِ، وَأعْطَيْتَ غايَةَ المَجْهُودِ، فَبَعَثَكَ اللهُ في الشُّهَداءِ، وَجَعَلَ رُوحَكَ مَعَ أرْواحِ الشُّهَداءِ (١) ،وَأعْطاكَ مِنْ جِنانِهِ أفْسَحَها مَنْزِلاً، وَأفْضَلَها غُرَفاً، وَرَفَعَ ذِكْرَكَ في عِلِّيِّينَ، وَحَشَرَكَ مَعَ النَّبِيِّينَ، والصِّديقِينَ وَالشُّهَدآءِ وَالصّالِحينَ، وَحَسُنَ أولئِكَ رَفيقاً، أشْهَدُ أنَّكَ لَمْ تَهنْ وَلَمْ تَنْكُلِ، وَأنَّكَ مَضَيْتَ عَلى بَصيرةٍ مِنْ أمْرِكَ، مُقْتَديّاً بِالصّالِحينَ وَمُتَّبِعاً لِلنَّبيِّينَ، فَجَمَعَ اللهُ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ، وَبَينَ رَسُولِهِ وَأوْلِيائِهِ في مَنازِلِ المُخْبِتينَ، فَإنَّهُ أرْحَمُ الرَّاحِمينَ » »(٢) .

__________________

١ - في البحار: « مع أرواح السّعداء ».

٢ - قال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: ذكر الأصحاب في زيارته عليه السلام الصّلاة، والخبر خال عنها، ولذا بعض المعاصرين يمنع من الصّلاة لغير المعصوم لعدم التَّصريح في النُّصوص بالصَّلاة لهم عند زيارتهم، لكن لو أتى الإنسان بها لا على قصد أنّها مأثورة على الخصوص بل للعمومات الّتي في إهداء الصّلاة والصّدقة والصّوم وسائر الاُفعال الخير للأنبياء والأئمّة والمؤمنين والمؤمنات، وأنّها تدخل على المؤمنين في قبورهم وتنفعهم لم يكن به بأس وكان حسناً، مع أنّ المفيد و

٢٧٥

الباب السّادس والثمانون

( وَداع قَبر العَبّاس بن عَليٍّ عليهما السلام)

١ - حدَّثني أبو عبدالرَّحمن محمّد بن أحمدَ بن الحسين العَسكريُّ بالعَسكر، عن الحسن بن عليٍّ بن مَهزيار، عن أبيه علىّ بن مَهزيار، عن محمّد بن أبي عُمَير، عن محمّد بن مَروان، عن أبي حمزةَ الثّماليِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إذا ودَّعت العبّاس فَأته وقل: «أسْتَودِعُكَ اللهَ وَأسْتَرعِيكَ وَأقْرَءُ عَلَيْكَ السَّلامَ، آمَنّا بِاللهِ وَبرسُولِهِ وَبِكِتابِهِ وَبِما جاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، اللّهُمَّ اكتُبنا مَعَ الشّاهِدينَ، اللّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زيارَة قَبرِ ابْنِ أخي نَبِيّك، وَارْزُقني زِيارَتَهُ أبَداً ما أبْقَيْتَني، وَاحْشُرني مَعَهُ وَمَعَ آبائِهِ في الجِنانِ، وَعَرِّف بَيْني وَبَيْنَهُ وَبَينَ رَسُولِكَ وَأولِيائِكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتَوَفَّني عَلَى الايمانَ بِكَ وَالتَّصْدِيقِ بِرَسُولِكَ، وَالْوِلايَةِ لِعَليِّ ابْنِ أبي طالِبٍ وَالأئمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ، وَالْبَراءةِ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَإنّي رَضيتُ بِذلِكَ يارَبَّ ».

وتدعو لنفسك ولوالديك والمؤمنين والمسلمينَ وتخيّر من الدُّعاء ».

* * * * *

____________

غيره - رحمهم الله - ذكروها في كتبهم، فلعلّهم وصل إليهم خبرٌ آخر لم يصلْ إلينا.

ثمّ اعلم أنّ ظاهر تلك الرّواية جواز الوقوف على قبره - رضي الله عنه - على أيِّ وجهٍ كان، ولو كانت السّقيفة في الزّمن السّابق على نحو بناء زَماننا، لكان ظاهر الخبر مواجهته عند الزّيارة، لكن ظاهر كلام الأصحاب وعملهم أنّ في زيارة غير المعصوم لا ينبغي مواجهته، بل ينبغي استقبال القبلة فيها والوقوف خلفه، ولم أر تصريحاً في أكثر الزّيارات المنقولة بذلك.

نعم ورد في زيارة المؤمنين مطلقاً استحباب استقبال القبلة، لكن لايبعد أن يقال كما أنّهم امتازوا عن سائر المؤمنين بهذه الزيارات المشتملة على المخاطبات، فلعلّهم امتازوا عنهم باستقبالهم كما هو عادة المكالمات والمحاورات. لكن ورد في بعض الرّوايات المنقول الأمر باستقبال القبلة عند زيارة بعضهم كزيارة عليِّ بن الحسين عليه السلام فيما ورد عن النّاحية المقدّسة، والتّخير فيما لم يرد فيه شيء على الخصوص أظهر، والله يعلم - انتهى.

٢٧٦

الباب السّابع والثّمانون

( وداع قُبور الشّهداء عليه السلام)

تقول: «اللّهُمَّ لا تجعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زيارتي إيّاهُمْ، وَأشْرِكْني مَعَهُم في صالِحِ ما أعْطَيْتَهُمْ عَلى نَصْرِهِمْ ابْنَ بِنْتِ نَبيِّكَ، وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وَجِهادِهِمْ مَعَهُ في سَبيِلكَ، اللّهُمَّ اجْمَعْنا وَإيّاهُمْ في جَنَّتِكَ مَعَ الشُّهَداءِ وَالصّالِحِينَ، وَحَسُنَ أولئِكَ رَفيقاً، أسْتَودِعُكُمُ اللهَ وأقْرَءُ عَلَيْكُم السَّلامُ، اللّهُمَّ ارْزُقْني الْعَودَ إلَيْهِم، وَاحْشُرني مَعَهُمْ يا أرْحَمَ الرَّاحِمين (١) ».

الباب الثّامن والثّمانون

( فَضل كربلاء وزيارة الحسين عليه السلام)

[ للحسين(٢) بن أحمدَ بن المغِيرَة فيه حديث رواه شيخه أبو القاسمرحمه‌الله مصنّف هذا الكتاب نقل عنه وهو عن زائدة، عن مولانا عليِّ بن الحسينعليهما‌السلام ، ذهب على شَيخُنارحمه‌الله أن يضمّنه كتابه هذا وهو ممّا يليق بهذا الباب ويشتمل أيضاً على مَعانٍ شتّى حَسَنٍ تامّ الألفاظ، أحببتُ إدخاله وجعلته أوَّل الباب، وجميع أحاديث هذا الباب وغيرها ممّا يَجري مجراها يستدلُّ بها على صِحّة قبر مولانا الحسينعليه‌السلام بكربلاء، لأنَّ كثيراً مِنَ المخالفين يُنكرونَ أنَّ قبرَه

__________________

١ - قال العلاّمة المجلسيّ عليه السلام: « يظهر من القرائن أنّ وَداع الشّهداء أيضاً من تتمّة رواية الثّماليّ، والكلّ من تتممّة الرّواية الكبيرة الّتي اسلفنا ذكرها عن الثّمالي ( ص ٢٣٦ ح ٢١ ).

٢ - هذا الحديث ليس من أصل الكتاب، وإنّما أدرجه فيه بعض تلامذة المؤلّف قدّس سرّه فما في البحار مِن نقله عن الكتاب من غير تنبيه على ما ذكر ليس في محلّه. ( الأميني - ره - )

٢٧٧

بكربلاء كما ينكرون أنّ قبرَ مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام بالغَريِّ بظهر نجف الكوفة وقد كنت استفدت هذا الحديث بمصر عن شيخي أبي القاسم عليِّ بن محمّد بن عُبْدوُس الكوفيِّرحمه‌الله ممّا نقله عن مُزاحِم بن عبدِالوارث البّصريِّ بإسناده عن قُدامَةَ بن زائِدَة، عن أبيه زائِدَة، عن عليِّ بن الحسينعليهما‌السلام ، وقد ذاكرتُ شيخنا ابنَ قُولُوَيْه بهذا الحديث بعدَ فَراغِه مِن تصنيف هذا الكتاب ليدخله فيه فما قضى ذلك وعاجلتْه مَنيَّتهرضي‌الله‌عنه وألْحقه بمواليهعليهم‌السلام .

وهذا الحديث داخلٌ فيما أجاز لي شيخيرحمه‌الله وقد جمعت بين الرِّوايتين بالألفاظ الزَّائِدة والنّقصان والتَّقديم والتّأخير فيها حتّى صحّ بجميعه عَمّن حدَّثني به أوَّلاً ثمَّ الآن، وذلك أنّي ما قَرَءْتُه على شيخيرحمه‌الله ولا قرءه عَليَّ، غير أنّي أرويه عَمّن حدَّثني به عنه، وهو:

أبو عبدالله أحمدُ بن محمّد بن عيّاش(١) قال: حدَّثني أبو القاسم جعفر بن محمّد ابن قولُوَيه قال: حدَّثني أبو عيسى عبيدالله بن الفضل بن محمّد بن هِلال الطّائيُّ البَصريُّ قال: حدَّثني أبو عثمان سعيد بن محمّد قال: حدَّثنا محمّد بن سلاَم بن يَسار(٢) الكوفيُّ قال: حدَّثني أحمدُ بن محمّد الواسطيُّ قال: حدَّثني عيسى بن أبي شَيبة القاضي قال: حدَّثني نوح بن دُرّاج قال: حدَّثني قُدامة بن زائِدة، عن أبيه « قال: قال عليُّ بن الحسينعليهما‌السلام : بلغني يا زائِدَةُ أنّك تَزورُ قبرَ أبي عبدالله الحسينعليه‌السلام أحياناً؟ فقلت: إنَّ ذلك لَكَما بَلَغك، فقال لي: فلما ذا تفعَلُ ذلك ولك مَكانٌ عند سُلطانك الَّذي لا يحتمل أحداً على محبّتنا وتفضيلنا وذِكرِ فضائِلنا والواجب على هذه الاُمّة مِن حَقِّنا؟ فقلت: واللهِ ما اُريد بذلك إلاّ اللهَ وَرسولَه، ولا أحْفِلُ بسخط مَن سَخَط، ولا يكبُرُ في صدري مكروه ينالني بسببه، فقال: والله إنَّ ذلك لَكذلك، فقلت: والله إنَّ ذلك لَكذلك، يقولها - ثلاثاً - و

__________________

١ - هو أحمد بن محمّد بن عبيدالله بن الحسن بن عيّاش الجوهري، المتوفّى سنة ٤٠١. قال النّجاشي رحمه الله: رأيت هذا الشّيخ وكان صديقاً لي ولوالديّ، وسمعت منه شيئاً كثيراً، ورأيت شيوخنا يضعّفونه فلم أرو عنه وتجنّبته.

٢ - في بعض النّسخ: « سيّار ».

٢٧٨

أقولها - ثلاثاً - فقال: أبشِر ثمَّ أبشِر ثمَّ أبشِر (١) فَلأخبرنَك بخبر كان عندي في النُّخَبِ (٢) المخزونة، فإنّه لمّا أصابنا بالطّفّ ما أصابنا وقُتِل أبيعليه‌السلام وقُتِل مَن كان معه مِن وُلده وإخوته وسائر أهلِه وحملت حُرُمه ونساؤه على الأقتاب يرادّ بنا الكوفة، فجعلت أنظر إليهم صَرعى ولم يواروا فعظم ذلك في صدري واشتدَّ لما أرى منهم قلقي، فكادت نفسي تخرج وتبيّنت ذلك منّي عَمّتي زَينب الكُبرى بنت عليٍّعليهما‌السلام فقالت: ما لي أراك تجود بنفسك يا بقيّة جدِّي وأبي وإخوتي؟!! فقلت: وكيف لا أجزع وأهْلَعُ وقد أرى سَيّدي وإخوتي وعُمُومتي وولد عَمّي وأهلي مُصرعين بدمائهم، مرمّلينَ بالعرى، مسلبين، لا

__________________

١ - قال العلاّمة الأميني رحمه الله: ذهب غير واحدٍ من الفقهاء والمحقّقين إلى جواز زيارة الحسين عليه السلام مع أيّ خوف وضرر، لإطلاق النّصوص كما مرّت في الباب ٤٥، ولعلّ التاريخ يملي علينا دروساً من عمل الأصحاب على عهد الأئمّة صلوات الله عليهم منضمّة بتقريرهم له، يؤكّد ما اختاره المحقّقون ولقد حمل إلينا عن أولئك أنّهم ما صدّهم عن قصد مشهد الحسين عليه السلام ما كابدوه من المثلة والتّنكيل والعقوبة بحبس وضرب وقطع يد وهتك حرمة وقابلوها بجأش طامن، ولبّ راجح، وشوق متأكّد، وهذا كتابنا ينطق عليك بالحقّ في حديث مرّ [في ص ١٣٥ تحت رقم ٢] في زيارة ابن بكير وإتيانه لها من أرّجان ( من بلاد فارس ) خائفاً مشفقاً من السّلطان والسّعاة وأصحاب المسالح، وهو من فقهاء الطّائفة كما في رجال الكشّي، وفيما يأتي [في الباب ٩١ تحت رقم ٧] من حديث زيارة مثل محمّد بن مسلم على خوف ووجل وهو أكبر ثقة في الطائفة، عدّه الصّادق عليه السلام من أوتاد الأرض وأعلام الدّين، وفي كلا الحديثين فضلاً عن تقرير الإمام عليه السلام لفعلهما بيان ثواب جميل لهما بذلك ونصّ على أنّ ما كان من هذا أشدّ فالثّواب على قدر الخوف، ويدلّ على مختار المحقّقين حديث هشام بن سالم الثّقة الجليل المرويّ عن الصّادق عليه السلام المذكور بطوله [في ص ١٣٣ تحت رقم ٢ من الكتاب] وفيه تفصيل بيان ثواب عظيم لمن يقتل دون الحسين عليه السلام، وأجر جميل لا يستهان به لمن حبس في إتيانه، وجزاء جزيل لمن ضرب بعد الحبس في قصد مشهده، إذن فلا ندحة من تعميم الحكم على جميع ما ذكر وإن صعّد وصوّب فيه المهملجون.

٢ - في بعض النّسخ بالحاء المهملة، وفي بعضها: « في البحر ».

٢٧٩

يُكفَّنون ولا يُوارون، ولا يُعَرِّج عليهم أحدٌ، ولا يقرُبُهم بَشرٌ، كأنّهم أهل بيتٍ مِن الدَّيْلَم والخَزَر؟!! فقالت: لا يُجْزِ عَنَّك ما ترى، فوالله إنَّ ذلك لعهد مِن رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى جَدِّك وأبيك وعمّك، ولقد أخذ الله ميثاق اُناسٍ مِن هذه الاُمّة لا تعرفهم فَراعِنَة هذه الاُمّة وهم معروفون في أهل السّماوات أنَّهم يجمعون هذه الأعضاء المُتَفَرّقَةَ فيُوارونَها وهذه الجُسومَ المُضَرَّجة، وينصبون لهذا الطّفّ عَلَماً لِقَبر أبيك سيّد الشُّهداء لا يدرس أثره ولا يعفو رَسمُه على كرورِ اللّيالي والأيّام، وليجتهدنَّ أئمّة الكفر وأشياع الضّلالة في مَحْوِه وتطمِيسه فلايزداد أثره إلاّ ظهوراً وأمره الاّ عُلوّاً، فقلت: وما هذا العهد وما هذا الخبر؟! فقالت: نَعَم، حدَّثتني اُمُّ أيمن أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله زارَ منزل فاطمةعليها‌السلام في يوم من الأيّام فعملت له حَريرة، وأتاه عليٌّعليه‌السلام بطبق فيه تمرٌ، ثمَّ قالت اُمُّ أيمن: فأتيتهم بعُسٍّ (١) فيه لبن وزُبْد، فأكل رَسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليُّ وفاطمةُ والحسنُ والحسينُعليهم‌السلام من تلك الحَريرة، وشرب رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وشربوا من ذلك اللّبن، ثمَّ أكل وأكلوا من ذلك التَّمر والزُّبْد، ثمَّ غَسَل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يده وعلي يَصبُّ عليه الماء، فلمّا فرغ من غَسْل يده مسح وجهه، ثمَّ نظر إلى عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين نظراً عرفنا به السّرور في وجهه ثمّ رمق بطرْفه (٢) نحو السّماء مليّاً، ثمَّ [أنّه] وجّه وجهه نحو القِبلة وبسط يديه ودعا ثمّ خَرَّ ساجداً وهو يَنشِجُ (٣) فأطال النَّشوج ( كذا ) وعلا نَحِيبه وجرت دموعه، ثمَّ رفع رأسه وأطرق إلى الأرض ودموعُهُ تقطر كأنّها صوب المطر، فحَزنَت فاطمة وعليُّ والحسن والحسينعليهم‌السلام وحزنتُ معهم لما رَأينا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهبناه أن نسأله حتّى إذا طال ذلك قال له عليُّ؛ وقالت له فاطمة: ما يُبكيك يا رَسول الله لا أبكى الله عَينيك فقد أقرح قلوبنا ما نَرى من حالك؟!

__________________

١ - العُسّ - بالضّمّ والسّين المهملة المشدّدة -: القدح الكبير، وفي بعض النّسخ: « بقعب » - بفتح القاف المعجمة - يقال للقدح من خشب مقعّر.

٢ - أي نظر.

٣ - نشج الباكي نشيجاً غُصّ بالبكاء في حلقه، من غير انتحاب.

٢٨٠

فقال: يا أخي سَرَرت بكم - وقال مُزاحِم بن عبدالوارث في حديثه ههنا: - فقال: يا حبيبي إنّي سَرَرتُ بكم سروراً ما سَرَرت مثله قطّ وإنّي لأنظر إليكم وأحمدُ الله علىُ نعمته عليَّ فيكم إذا هبط عليَّ جبرئيلعليه‌السلام فقال: يا محمّد إنَّ الله تبارك وتعالى اطّلع على ما في نَفسِك وعرف سرورَك بأخيك وابنتك وسِبطيك فأكمل لك النِّعمة وهَنَّأك العَطِيّة بأن جعلهم وذُرّيّاتهم ومحبِّيهم وشيعتهم مَعَكَ في الجنَّة لا يفرق بينك وبينهم يحبون كما نحبي (١) ويُعطون كما تعطى حتّى ترضى وفوق الرِّضا على بلوى كثيرة تنالهم في الدُّنيا ومكاره تصيبهم بأيدي اُناس يَنتحلون مِلّتك ويزعمون أنّهم من اُمّتك بُرَآء من الله ومنك خَبْطاً خَبْطاً (٢) وقَتلاً قَتلاً، شتّى مَصارِعُهم، نائية قبورهم، خيرة من الله لهم ولك فيهم، فاحمدِ اللهَ عزَّوجَلَّ على خيرته وارضِ بقضائه.

فحمدتُ اللهَ ورَضيت بقضائِه بما اختاره لكم، ثمَّ قال لي جبرئيل: يا محمّد إنَّ أخاك مُضطَهدٌ بعدَك مغلوبَ على اُمّتك متعوبُ من أعدائِك، ثمَّ مقتلولٌ بعدَك يقتله أشرُّ الخلق والخَليقة، وأشقى البَريّة، يكون نظيرَ عاقِرِ النّاقة ببلد تكون إليه هِجرته وهو مَغرَسُ شيعته وشيعة ولده، وفيه على كلِّ حال يكثر بَلواهم ويعظم مُصابهم، وإنَّ سِبطَك هذا - وأومأ بيده إلى الحسينعليه‌السلام - مقتولٌ في عِصابة من ذُريّتك وأهل بيتك وأخيار من اُمّتك بضِفَّة الفرات(٣) بأرض يقال لها: كربلاء(٤) ، مِن أجلِها يكثر الكَرْب والبَلاء على أعدائك وأعداء ذرِّيتك في اليوم الّذي لا ينقضي كَربُه، ولا تَفنى حَسرتُه، وهي أطيب بقاع الأرض(٥) ، وأعظمها حُرْمةً، يُقتَل فيها سِبْطُك وأهلُه، وأنّها مِن بَطحاء الجَنّة، فإذا كان ذلك اليَوم الَّذي يُقتَل فيه سِبطُك وأهلُه، وأحاطتْ به كَتائبُ أهل -

__________________

١ - من الحباء وهو العطاء بلا منٍّ ولا جزاء. وفي بعض النّسخ: « يحيون كما تحيي »، والأنسب هو ما في المتن.

٢ - خبط خبطاً ضرب ضرباً شديداً.

٣ - الضِّفَّة من النّهر جانبه، ومن البحر ساحله.

٤ - في البحار: « بأرض تدعى كربلاء ».

٥ - في البحار: « وهي أطهر بقاع الأرض ».

٢٨١

الكفر واللَّعنة، تَزَعْزَعَتِ الأرضُ مِن أقطارها ومادّتِ الجبالُ وكثر اضطرابها واصطفَقَتِ (١) البِحار بأمواجِها، وماجَتِ السّماوات بأهلها غضباً لك يا محمّد ولِذُرّيَّتك، واستعظاماً لما يُنْتَهك مِن حُرْمَتِك، ولشرّ ما تكافى به في ذرِّيّتك وعِترتك، ولا يبقى شَيءٌ من ذلك إلاّ استأذن اللهَ عزَّوجَلَّ في نُصرةِ أهلك المستضعَفين المظلومين الّذين هم حُجّة الله على خَلقه بعدك فيوحي اللهُ إلى السَّماوات والأرض والجِبال والبَحار ومَن فيهنَّ: أنّي أنا الله؛ الملِكُ القادِرُ الَّذي لا يَفوتُه هاربٌ ولا يعجزه مُمتنعٌ وأنا أقدر فيه على الانتصار والانتقام، وعزَّتي وجَلالي لأُعذِّبنَّ مَن وَتر رسولي وصَفِيّي؛ وانتَهكَ حُرمَتَه وقَتَلَ عترتَه ونبذَ عَهدَه وظَلَم أهل بَيْته (٢) عذاباً لا اُعذِّبه أحداً من العالمَينَ، فعند ذلك يَضِجّ كلُّ شيء في السّماوات والأرضين بلَعن مَن ظَلَم عِترتَك واستحلَّ حُرمَتك، فإذا بَرزت تلك العِصابة إلى مضاجِعها تولّى الله عزَّوجلَّ قبض أرواحها بيده وهبط إلى الأرض ملائكة من السّماء السّابعة معهم آنِيةٌ من الياقوت والزُّمرُّد مملوءة من ماء الحياة وحُلَلٌ مِن حُلَلِ الجنّة وطيبٌ من طيب الجنّة، فغَسّلوا جثثهم بذلك الماء وألبسوها الحلل وحَنّطوها بذلك الطّيب، وصلَّت الملائكة صَفّاً صَفّاً عليهم، ثمَّ يبعث الله قَوماً من اُمّتك لا يَعرِفُهم الكُفّار لم يشركوا في تلك الدِّماء بقولٍ ولا فعلٍ ولا نِيّة، فيوارُون أجسامَهم ويقيمون رَسْماً لقبر سَيّد الشّهداء بتلك البطحاء يكون عَلَماً لأهل الحقّ، وسَبباً للمؤمنين إلى الفَوز وتحفّه ملائكة من كلِّ سماء مائة ألف ملك في كلِّ يوم وليلة، ويصلّون عليه ويطوفون عليه ويسبّحون الله عنده ويستغفرون الله لِمَن زارَه ويكتبون أسماءَ مَن يأتيه زائراً من اُمتك مُتقرّباً إلى الله تعالى وإليك بذلك، وأسماء آبائهم وعَشائرهم وبُلدانهم، ويوسِمون في وجوههم بِميسم (٣) نور عرش اللهِ: « هذا زائر قبر خَيرِ الشُّهداء وابن خيرِ الأنبياء »، فإذا كان يوم القيامه سطع في وجوههم من أثر ذلك الميسم

__________________

١ - اصطفق الأشجار اضطربت، واهتزّتت بالرّيح والعود: تحرّكت أوتاره.

٢ - في بعض النّسخ: « أهله ».

٣ - الميسم: الحديدة أو الآلة الّتي يوسم بها.

٢٨٢

نور تغشى منه الأبصار يدلُّ عليهم ويعرفون به، وكأنّي بك يامحمّد بيني وبين ميكائيل، وعليُّ أمامنا ومعنا من ملائكة اللهِ ما لا يُحصىُ عَددُهم، ونحن نلتقط من ذلك الميسم في وجهه من بين الخلائق حتّى ينجيهم الله مِن هول ذلك اليوم وشدائده، وذلك حكم الله وعطاؤه لمن زارَ قبرَك يا محمّد أو قبرَ أخيك أو قبرَ سِبطيك لا يريد به غيرَ اللهِ عزَّوجلَّ، وسَيجتهد(١) أناس ممّن حقّتْ عليهم اللّعنة مِن الله والسَّخَط أن يعفوا رَسْم ذلك القبر ويمحو أثره فلا يجعل الله تبارك وتعالى لهم إلى ذلك سبيلاً. ثمَّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فهذا أبكاني وأحْزَنني،

قالت زَينب: فلمّا ضرب ابن مُلْجم - لعنه الله - أبيعليه‌السلام ورأيت عليه أثَر الموت منه قلت له: يا أبة حدَّثتْني اُمُّ أيمن بكذا وكذا، وقد أحببت أن أسمعه منك، فقال: يا بنيّة الحديث كما حدَّثَتْك اُمُّ أيمن، وكأنّي بك وببنات أهلِك سبايا(٢) بهذا البلد أذِلاّء خاشعين تخافون أن يَتَخَطّفكم النّاس؛ فصبراً صَبراً، فوالَّذي فَلَق الحبَّة وبَرَءَ النَّسَمة ما لله على ظَهر الأرض يومئذٍ وليُّ غيرُكم وغيرُ مُحبّيكم وشيعتكم، ولقد قال لنا رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين أخبرنا بهذا الخبر: أنَّ إبليس - لعنه الله - في ذلك اليوم يطِيرُ فَرحاً فيَجول الأرض كلّها بشياطينه وعَفارِيتِه فيقول: يا معاشِرَ الشّياطين قد أدركنا مِن ذُريّة آدم الطّلبة وبلغنا في هَلاكهم الغاية وأورثناهم النّار إلاّ مَن اعتصَمَ بهذه العِصابة، فاجعلوا شغلكم بتشكيك النّاس فيهم وحملهم على عَداوتهم، وإغرائهم بهم وأوليائهم حتّى تستحكمـ[ـوا] ضَلالة الخلق وكفرهم، ولا ينجو منهم ناجٍ، ولقد صدق عليهم إبليس وهو كَذوب، أنّه لا ينفع مع عداوتكم عمل صالِح ولا يضرّ مع محبّكم وموالاتكم ذَنبٌ غير الكبائر؛

قال زائدة: ثمَّ قال عليُّ بن الحسينعليهما‌السلام بعد أن حدَّثني بهذا الحديث: خذه إليك، أما لو ضربت في طلبه إباط الإبل حَولاً لكان قليلاً ](٣)

__________________

١ - في البحار: « سيجدّ ».

٢ - في بعض النّسخ: « نساء ».

٣ - في صحّة الحديث وعدم صحّته أقوال لا يسعنا ذكرها.

٢٨٣

رَجعنا إلى الأصل

١ - أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولُوَيه القمّيُّ الفقيهرحمه‌الله قال: حدَّثني أبي؛ وعليُّ بن الحسين؛ وجماعة مشايخيرحمهم‌الله عن سعد بن عبدالله بن أبي خَلَف، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سِنان، عن أبي سعيد القَمّاط قال: حدَّثني عبدالله بن أبي يَعفور « قال: سمعتُ أبا عبداللهعليه‌السلام يقول لرجل مِن مَواليه: يا فلان أتزورُ قبر أبي عبدالله الحسين بن عليِّعليهما‌السلام ؟ قال: نَعَم إني أزورُه بين ثلاث سنين أو سَنتين مرَّة، قال له - وهو مصفرُّ الوجه -: أما واللهِ الَّذي لا إله إلاّ هو لَوْ زُرتَه لكان أفضل لك ممّا أنت فيه! فقال له: جُعلتُ فِداك أكلُّ هذا الفضل؟ فقال: نَعَم والله، لو إنّي حدَّثتكم بفضل زيارته وبفضل قبره لتركتمُ الحَجَّ رأساً وما حَجَّ منكم أحَدٌ، ويحك أما تعلم أنَّ الله اتّخذ [بفضل قبره] كربلاء حَرَماً آمِناً مبارَكاً قبل أن يتّخذ مَكّة حَرَماً؟ قال ابن أبي يعفور: فقلت له: قد فرض اللهُ على النّاس حِجَّ البيت ولم يذكر زيارة قبر الحسينعليه‌السلام فقال: وإن كان كذلك فإنَّ هذا شيء جعله الله هكذا، أما سمعت قول أبي أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث يقول: إنَّ باطن القدم أحقُّ بالمسح من ظاهر القدم ولكنَّ الله فرض هذا على العِباد؟! أو ما علمتَ أنَّ الموْقف لو كان في الحَرَم كان أفضل لأجل الحَرَم ولكنَّ الله صنع ذلك في غير الحَرَم؟! ».

٢ - حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد ابن سِنان، عن أبي سعيد القَمّاط، عن عُمَرَ بن يزيدَ بيّاع السّابريّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنَّ أرض كعبة قالت: مَن مِثلي؛ وقد بنى الله بيته على ظَهري ويأتيني النّاس من كلِّ فجِّ عَمِيق، وجُعِلتُ حَرمَ الله وأمنه؟!! فأوحى الله إليها أن كفّي وقَرّي؛ فَوَعِزَّتي وجَلالي ما فضل ما فضّلت به فيما أعطيت به أرض كربلاء إلاّ بمنزلة الإبرة غَمَسَت(١) في البَحر فحملت من ماء البحر، ولو

____________

١ - في بعض النّسخ: « غرست ».

٢٨٤

لا تُربة كربلاء ما فضّلتك؛ ولو لا ما تضمّنتْه أرضُ كربلاء لما خلقتك ولا خلقتُ البيت الَّذي افتخرتِ به؛ فقرِّي واستقرِّي وكوني دَنيّاً متواضعاً ذليلاً مَهيناً غير مُستَنكفٍ ولا مُستَكبرٍ لأرض كربلاء وإلاّ سُختُ بك(١) وهَوَيتُ بك في نار جهنّم ».

وحدَّثني أبي؛ وعليُّ بن الحسين، عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن عليٍّ قال: حدَّثنا عبّاد أبو سعيد العُصْفُريّ، عن عمرَ بن يزيد بيّاع السّابري، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام - وذكر مثله -.

٣ - حدَّثني أبو العبّاس الكوفيّ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن أبي سعيد العُصْفُريّ، عن عَمرو بن ثابت، عن أبيه، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: خلق الله تبارك وتعالى أرض كربلاء قبل أن يخلق الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام، وقدَّسها وبارَك عليها، فما زالَتْ قبل خلْق الله الخلق مقدّسة مباركةً، ولاتزال كذلك حتّى يجعلها الله أفضلَ أرْض في الجنّة وأفضل منزل ومسكن يسكن الله فيه أولياءه في الجنّة ».

٤ - حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن أبي سعيد - عن بعض رجاله - عن أبي الجارود « قال: قال عليُّ بن الحسينعليهما‌السلام : اتّخذ الله أرض كربلاء حَرماً آمناً مباركاً قبل أن يخلق الله أرض الكعبة ويتّخذها حرماً بأربعة وعشرين ألف عام، وأنّه إذا زلزل الله تبارك وتعالى الأرض وسيّرها رفعتْ كما هي بتربتها نوارنيّة صافية، فجعلت في أفضل رَوضة مِن رياض الجنَّة، وأفضل مسكنٍ في الجنَّة، لا يسكنها إلاّ النّبيّون والمرسلون - أو قال أولوا العزم مِن الرُّسل - وأنّها لتزهر بين رياض الجنّة كما يزهر الكوكب الدُّرّيّ بين الكواكب لأهل الأرض يغشي نورها أبصار أهل الجنَّة جميعاً، وهي تنادي: أنا أرضُ الله المقدَّسة الطيِّبة المبارَكة الّتي تضمّنت سَيّد الشّهداء وسَيّد شباب أهل الجنّة ».

__________________

١ - ساخت بهم الأرض أي خسفت.

٢٨٥

حدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين؛ وجماعة مشايخي، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن عليِّ، عن عبّاد أبي سعيد العُصْفُريِّ - عن رَجل - عن أبي الجارود قال: قال عليُّ بن الحسينعليهما‌السلام - وذكر مثله -.

٥ - وروي « قال أبو جعفرعليه‌السلام : الغاضِريّة هي البقعة الّتي كلّم الله فيها موسى بن عِمرانَعليه‌السلام ، وناجى نوحاً فيها، وهي أكرم أرض الله عليه، ولولا ذلك ما استودع الله فيها أولياءَه وأنبياءَه، فزوروا قبورنا بالغاضِريّة ».

٦ - وقال أبو عبداللهعليه‌السلام : « الغاضريّه تربةٌ من بيت المقدس(١) ».

٧ - وعنهما(٢) بهذا الإسناد عن أبي سعيد العُصفريِّ، عن حمّاد بن أيّوب، عن أبي عبدالله، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام « قال: قال رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يقبر ابني بأرض يقال لها: كربلاء، هي البقعة الّتي كانت فيها قبّة الإسلام، الّتي نجا الله عليها المؤمنين الّذين آمنوا مع نوح في الطّوفان ».

٨ - وبإسناده عن ابن ميثَم التّمّار(٣) ، عن الباقرعليه‌السلام « قال: مَن بات ليلة عرفة في كربلاء وأقام بها حتّى يعيد وينصرف وقاه الله شرّ سنته ».

٩ - وبهذا الإسناد عن عليِّ بن حَرب(٤) ، عن الفضل بن يحيى، عن أبيه، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: زوروا كربلاء ولا تقطعوه، فإنّ خير أولاد الأنبياء ضمنته، ألا وإنَّ الملائكة زارَتْ كربلاء ألف عام من قبل أن يسكنه جَدِّي الحسينعليه‌السلام ، وما مِن ليلة تمضي إلاّ وجبرئيل وميكائيل يزورانه، فاجتهدْ يا يحيى أن لا تفقد من ذلك الموطن ».

١٠ - حدَّثني أبي؛ وجماعة مشايخيرحمهم‌الله عن سعد بن عبدالله،

__________________

١ - في بعض النّسخ: « من تربة بيت المقدس ». وهذه الأخبار مرسلات لا يحتجّ بها، ولاُستاذنا الغفّاريّ - أيّده الله - في مورد بيت المقدس والكعبة والكوفة كلامٌ في هامش الفقيه، راجع ج ١ ص ٢٣٣ و ٢٣٤.

٢ - يعني محمّد بن قولويه وعليّ بن الحسين بن بابويه.

٣ - مشترك بين عمران الميثميّ وصالِح بن ميثم.

٤ - في بعض النّسخ: « علي بن حارث ».

٢٨٦

عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن جعفر بن محمّد بن عبيدالله، عن عبدالله بن ميمون القدَّاح، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مرَّ أمير المؤمنينعليه‌السلام بكربلاء في اُناس من أصحابه فلمّا مرَّ بِهَا اغْرَوْرَقَت عَيناهُ بالبكاء، ثمَّ قال: هذا مناخُ رِكابهم وهذا مُلْقىُ رِحالُهم، وهنا تُهْرَق دِماؤهم، طوبى لك من تُربة عليك تُهرقُ دِماء الأحبَّة ».

١١ - حدَّثني أبي، ومحمّد بن الحسن، عن الحسن بن متّيل، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن محمّد بن سِنان - عمّن حدّثه - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: خرج أمير المؤمنين عليٌّعليه‌السلام يَسيرُ بالنّاس حتّى إذا كان مِن كربلاء على مَسيرَة مِيل أو مِيلين تقدَّم بين أيديهم حتّى صار بمصارع الشُّهداء، ثمَّ قال: قبض فيها مائتا نَبيٍّ ومائتا وَصيٍّ ومائتا سبطٍ، كلّهم شُهداء بأتباعهم، فطاف بها على بَغلَتِه خارجاً رِجله من الرِّكاب فأنشأ يقول: مَناخ رِكاب ومَصارعُ الشُّهداء، لا يسبقهم من كان قبلهم ولا يلحقهم مَن أتى بعدهم »(١) .

__________________

١ - ذكر ابن أعثم الكوفيّ المتوفّى ٣١٤ في كتابه المعروف بـ « الفتوح » في ذكر مسير عليّ بن أبي طالب عليه السلام إلى صفّين كلاماً طويلاً - إلى أن قال: - « ثمَّ سار حتّى نزل بدير كعب فأقام هنالك باقي يومه وليلته. وأصبح سائراً حتّى نزل بكربلاء، ثمَّ نظر إلى شاطيء الفرات وأبصر هنالك خَيلاً، فقال: يا ابن عبّاس أتعرف هذا الموضع؟ فقال: لا يا أمير المؤمنين ما أعرفه، فقال: أما! إنّك لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجاوزه حتّى تَبكي كبكائي، قال: ثم بكى علي عليه السلام بكاء شديدا، حتى اخضلّت لحيته بدموعه وسالت الدموع على صدره، ثمّ جعل يقول: أواه! ما لي ولآل أبي سفيان! ثمّ التفت إلى الحسين عليه السلام فقال: أصبر ابا عبدالله! فلقد لقي أبوك منهم مثل الّذي تلقى مِن بَعدي.

قال: ثمَّ جعل عليٌّ عليه السلام يجول في أرض كربلاء كأنّه يطلب شيئاً، ثمّ نزل ودعا بماء فتوضّأ وضوء الصّلاة، ثمّ قام فصلّى ما شاء أن يصلّي، والنّاس قد نزلوا هُنالك من قرب نِينَوى إلى شاطىء الفرات، قال: ثمّ خفق برأسه خفقة فنام وانتبه فزعاً فقال: يا ابن عبّاس ألا اُحدِّثك بما رأيتُ السّاعة في منامي؟! فقال: بلى يا أمير المؤمنين، فقال: رأيت رجالاً بيض الوجوه، في أيديهم أعلام بيض، وهم متقلّدون بسيوف لهم، فخطّوا حول هذه الأرض خطّة، ثمَّ رأيت هذه النّخيل وقد ضربت بسعفها الأرض، ورأيت نَهراً يجري بالدَّم العبيط، ورأيت ابني الحسين و

٢٨٧

١٢ - حدَّثني أبي وجماعة مشايخيرحمهم‌الله عن محمّد بن يحيى العطّار

__________________

قد غرق في ذلك الدَّم وهو يستغيثُ فلا يُغاث، ثمّ إنّي رأيت أولئك الرّجال البيض الوجوه الّذين نزلوا من السّماء وهو ينادون: صبراً آل الرّسول صبراً! فإنّكم تقتلون على أيدي أشرار النّاس، وهذه الجنّة مشتاقة إليك يا ابا عبدالله، ثمّ تقدَّموا إليَّ فعزوني وقالوا: أبشر يا أبا الحسن فقد أقرَّ الله عينك بابنك الحسين غداً يوم يقوم النّاس لربّ العالمين، ثمّ إنّي انتبهت؛ فهذا ما رأيت فوالّذي نفس علي بيده لقد حدَّثني الصّادق المصدّق أبو القاسم صلى الله عليه وآله وسلم أنّي سأرى هذه الرؤيا بعينها في خروجي إلى قتال أهل البغي علينا، وهذه أرض كربلاء الّتي يدفن فيها ابني الحسين وشيعته وجماعة من ولد فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، وأنّ هذه البقعة المعروفة في أهل السّماوات تذكر بأرض كرب وبلاء، وليحشرنّ منها قوم يدخلون الجنّة بلا حساب.

ثمّ قال: يا ابن عبّاس اطلبْ لي حولها صِيران الظّباء، فطلبها ابن عبّاس وجدها، ثمّ قال: يا أمير المؤمنين قد أصبتها، فقال علي عليه السلام: الله أكبر! صدق الله ورسوله.

ثمّ قام علي عليه السلام يهرول نحوها حتى وقف عليها، ثمّ أخذ قبضة من بعر الظّباء فشمّها، فإذا لها لون كلون الزَّعفران ورائحة كرائحة المِسك، فقال عليُّ عليه السلام: نعم هي هذه بعينها، ثمّ قال: أتعلم ما هذه يا ابن عبّاس؟ قال: لا يا أمير المؤمنين، فقال: إنّ مسيح عيسى ابن مريم قد مرَّ بهذه الأرض ومعه الحواريّون، فشمَّ هذه البَعر كما شممته، وأقبلت إليه الظّباء حتّى وقفت بين يديه، فبكى عيسى وبكى معه الحواريّون، وهم لا يدرون لماذا يبكي عيسى عليه السلام، فقالوا: يا روح الله ما يُبكيك؟ ولماذا اختلست ههنا؟ فقال لهم: أتعلمون ما هذه الأرض؟ قالوا: لا يا روح الله، فقال: هذه أرض يقتل عليها فرخ الرَّسول أحمد المصطفى، وفرخ ابنته الزّهراء قرينة الطّاهرة البتول مريم بنت عِمران، - إلى أن قال: -

قال ابن عبّاس: فلمّا رجع عليّ عليه السلام من صِفّين وفرغ من أهل النّهروان دخل عليه الأعور الهَمدانيّ، فقال له عليُّ عليه السلام: يا حارث أعَلِمتَ أنّي منذ البارحة كئيب حزين فزع وَجِل؟ فقال الحارث: ولم ذاك يا أمير المؤمنين؟ أندماً منك على قتال أهل الشّام وأهل البصرة والنَّهروان؟ فقال: لا، ويحك يا حارث وإنّي بذلك مَسرور، ولكنّي رأيت في منامي أرض كربلاء، ورأيت ابني الحسين مذبوحاً مطروحاً على وجه الأرض، ورأيت الأشجار منكبة، والسّماء مصدّعة، والرّحال متطأمنة، وسمعت منادياً ينادي بين السّماء والأرض وهو يقول: أفزعتمونا يا قتلة الحسين أفزعكم الله وقتلكم، ثمَّ إنّي انتبهت وأنا منه على وَجَل لما رأيت، فقال له الحارث: كلاّ يا أمير المؤمنين، لا يكون إلاّ خيراً، فقال له عليّ عليه السلام: هيهات يا حارث سبقتْ كلمة الله ونفذ قضاؤه، وقد أخبرني حبيبي محمّد عليه السلام أنْ ابني يقتله يزيد - زاده الله في النّار عذاباً. ( راجع الفتوح ج ١ ص ٥٧١ إلى ٥٧٤، طبع دار الكتب العلميّة: بيروت - لبنان )

٢٨٨

عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سِنان، عن عَمرو بن ثابت، عن أبيه، عن ابي جعفرعليه‌السلام « قال: خلق الله تعالى كربلاء قبل أن يخلق الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام، وقدّسها وبارك عليها، فما زالتْ قبل أن يخلق الله الخلق مقدّسة مباركة، ولا تزال كذلك، ويجعلها أفضل أرضٍ في الجنَّة ».

١٣ - وروى هذا الحديث جماعة مشايخنارحمهم‌الله : أبي؛ وأخي؛ وغيرهم، عن أحمدَ بن إدريسَ، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عليٍّ، عن أبي سعيد العُصْفُريِّ، عن عَمرو بن ثابت أبي المِقدام، عن أبيه، عن أبي جعفرعليه‌السلام مثله، وزاد فيه: « وأفضل منزل ومسكن يسكن الله فيه أولياءه في الجنَّة ».

حدَّثني أبي؛ وأخي؛ وعليُّ بن الحسين، عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن عليٍّ قال: حدّثنا عبّاد أبو سعيد العُصْفُريُّ، عن عَمْرِو بن ثابِت أبي المِقدام، عن أبيه، عن أبي جعفرعليه‌السلام - وذكر مثله مع الزِّيادة -.

١٤ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن عليٍّ قال: حدَّثنا عبّاد أبو سعيد العُصْفُريّ، عن صَفوانَ الجمّال « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إنَّ اللهَ تبارَك وتعالى فضّل الأرضين والمياه بعضها على بعضٍ، فمنها ما تفاخَرَتْ ومنها ما بَغَتْ، فما مِنْ ماءٍ ولا أرض إلاّ عوقبت لتركها التَّواضع لله حتّى سلّط اللهُ المشركينَ على الكَعبة، وأرسل إلى زَمزم ماءً مالحاً حتّى أفسد طعمَه، وإنَّ أرض كربلاء وماء الفُرات أوَّلُ أرض وأوَّلُ ماء قدَّس اللهُ تبارك وتعالى، فباركَ الله عليهما فقال لها: تكلّمي بما فضّلك الله تعالى فقد تفاخرتِ الأرضون والمياه بعضها على بعض؟! قالت: أنا أرض الله المقدَّسة المباركة؛ الشِّفاء في تُربتي ومائي، ولا فخر، بل خاضعة ذليلة لمن فعل بي ذلك، ولا فخر على مَن دوني، بل شُكراً لله. فأكرمها وزاد في تواضعها(١) وشكرها الله بالحسينعليه‌السلام وأصحابه، ثمَّ قال أبو عبداللهعليه‌السلام : مَن تواضع لله رَفَعَهُ الله و

__________________

١ - في بعض النّسخ: « وزادها لتواضعها ».

٢٨٩

مَن تكبّر وَضعه الله تعالى ».

الباب التّاسع والثّمانون

( فضل الحائر وحُرْمَته)

١ - حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه عبدالله بن محمّد ابن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن عمّار « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: موضعُ قبرِ الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام منذ يوم دُفِنَ فيه رَوْضَةٌ من رِياض الجنَّة، وقال: موضع قبر الحسينعليه‌السلام تُرْعَةٌ من تُرَع الجَنّة(١) ».

٢ - حدَّثني أبي؛ وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطينيِّ، عن محمّد بن إسماعيل البصريِّ - عمّن رواه - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: حُرْمةُ قبر الحسين فرسخ في فرسخ من أربعة جَوانبه ».

٣ - حدَّثني حكيم بن داود بن حكيمرحمه‌الله عن سَلَمة بن الخطّاب، عن منصور بن العبّاس - يرفعه إلى أبي عبداللهعليه‌السلام - « قال: حَريم(٢) قبر الحسينعليه‌السلام خمس فراسخ من أربعة جَوانِبِ القبر ».

٤ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاقَ بن عمّار « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إنَّ لموضع قبر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام حرمةً معلومة، مَن عَرفها واستجار بها اُجير، قلت: فَصِفْ لي مَوضِعَها جُعِلتُ فِداك، قال: أمسح من موضع قبره اليوم، فامسح خمسة وعشرين ذِراعاً مِن ناحية رِجلَيه وخمسة وعشرين ذراعاً ممّا يلي وَجهَه، وخمسة وعشرين ذراعاً مِن خَلْفَه، وخمسة وعشرين ذراعاً مِن ناحية

__________________

١ - قال في النّهاية: فيه: « إنّ منبري على تُرْعة من تُرَع الجنَّة »، التُّرْعة في الأصل: الرّوضة على المكان المرتفع خاصّة، فإذا كانت في المطمئنّ فهي روضة. قال القتيبيّ: معناه أنّ الصّلاة والذّكر في هذا الموضع يؤدّيان إلى الجنّة، فكأنّه قطعة منها - انتهى.

٢ - في بعض النّسخ: « حرم ».

٢٩٠

رأسِه، وموضع قبره مُنذ يوم دُفِنَ رَوضةٌ من ريِاض الجنَّة، ومنه معراج يعرج فيه بأعمال زوَّاره إلى السّماء، فليس ملكٌ ولا نَبيٌّ في السَّماوات إلاّ وَهُم يسألون - الله أنْ يأذن لهم في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، فَفَوجٌ ينزل وفَوجٌ يعرج ».

٥ - حدَّثني أبي؛ وجماعة مشايخيرحمهم‌الله عن سعد بن عبدالله، عن هارون بن مسلم، عن عبدالرَّحمن الأشعَث، عن عبدالله بن حمّاد الأنصاريّ، عن عبدالله بن سِنان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سَمعتُه يقول: قبر الحسينعليه‌السلام عِشرون ذِراعاً في عِشرين ذِراعاً مُكسَّراً رَوضةٌ من رياض الجنَّة - وذكر الحديث - ».

وعنه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليٍّ الوشّاء، عن إسحاقَ بنِ عَمّار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام - مثله.

الباب التّسعون

( إنَّ الحائر مِن المواضع الَّتي يحبُّ الله أنْ يُدعىُ فيها)

١ - حدَّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن، عن الحسن بن مَتِّيل، عن سَهل بن زياد، عن أبي هاشم الجعفريِّ(١) « قال: بعث إليَّ أبو الحسنعليه‌السلام في مرضه؛ وإلى محمّد بن حَمزة، فسبقني إليه محمّد بن حمزة فأخبرني أنّه ما زال يقول: ابعثوا إلى الحائر(٢) [ابعثوا إلى الحائر]، فقلت لمحمّد: ألا قلت: أنا أذهب إلى الحائر؟!

ثمّ دخلت عليه فقلت له: جُعِلتُ فِداك أنا أذهب إلى الحائر، فقال: انظروا

__________________

١ - هو داود بن القاسم بن إسحاق بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب أبو هاشم الجعفري رحمه الله، من أهل بغداد، جليل القدر عظيم المنزلة عند الأئمّة علهيم السلام، وقد شاهد الجواد والهادي والعسكريّ عليهم السلام. ( جش، ست، صه )

٢ - أي ابعثوا رجلاً إلى حائر الحسين عليه السلام يدعو لي ويسأل الله شفائي عنده. ( البحار )

٢٩١

في ذلك (١) ، ثمَّ قال: إنَّ محمّداً ليس له سِرٌّ مِن زيد بن عليٍّ (٢) ، وأنا أكره أن يسمع ذلك، قال: فذكرت ذلك لِعليِّ بن بلال، فقال: ما كان يصنع بالحائر وهو الحائر!

فقدمت العَسكر فدخلت عليه، فقال لي: أجلس - حين أردت القيام -، فلمّا رأيته أنِسَ بي ذكرتُ قول عليّ بن بِلال، فقال لي: ألا قلت له: إنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يطوف بالبيت ويقبّل الحَجر، وحرمة النَّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والمؤمن أعظم من حُرمَة البيت، وأمره الله أن يقِفَ بَعَرَفَة، إنّما هي مواطن يحبُّ الله أن يذكر فيها، فأنا اُحبُّ أن يُدعى لي حيث يحبُّ الله أن يُدعىُ فيها، والحائر مِن تلك المواضع ».

٢ - حدَّثني عليُّ بن الحسين؛ وجماعة، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن عيسى، عن أبي هاشم الجعفريّ « قال: دخلت أنا ومحمّد بن حمزةَ عليه(٣) نعوده وهو عَليل، فقال لنا: وجّهوا قوماً إلى الحائر مِن مالي، فلمّا خرجنا من عنده قال لي محمّدُ بن حمزةَ: المشير يوجّهنا إلى الحائر وهو بمنزلة مَن في الحائر، قال: فعدتُ إليه فأخبرته، فقال لي: ليس هو هكذا، إنَّ لله مواضع يحبُّ أن يعبد فيها، وحائر الحسينعليه‌السلام مِن تلك المواضع ».

٣ - قال الحسين بن أحمدَ بن المغيرة: وحدَّثني أبو محمّد الحسن بن أحمد بن عليٍّ الرَّازيّ المعروف بالوهورديُّ(٤) بنيسابور بهذا الحديث، وذكر في آخره غير ما مضى في الحديثين الأوّلين، أحببت شرحه في هذا الباب لأنّه منه:

قال أبو محمّد الوهورديُّ: حدَّثني أبو عليٍّ محمّد بن همّامرحمه‌الله قال: حدَّثني محمّد الحميريُّ قال: حدَّثني أبو هاشم الجعفريُّ « قال: دخلت على أبي الحسن عليِّ بن محمّدعليهما‌السلام وهو محمومٌ عَليلٌ، فقال لي: يا ابا هاشم ابعث رَجلاً

__________________

١ - قيل: أي تفكّروا وتدبّروا فيه بأن يقع على وجه لا يطّلع عليه أحدٌ للتّقية.

٢ - « إنّ محمّداً » يعني ابن حمزة، « ليس له سرّ » أي حصانة، بل يفشي الأسرار. ( البحار )

٣ - يعني أبا الحسن العسكري عليه السلام.

٤ - في البحار: « بالرّهورديّ ».

٢٩٢

مِن موالينا إلى الحائر يدعو الله لي، فخرجتُ من عِنده فاستقبلني عليُّ بن بِلال فأعلمتُه ما قال لي، وسألته أن يكون الرَّجل الّذي يخرج، فقال: السّمع والطّاعة ولكنّي أقول: أنّه أفضل مِن الحائر إذ كان بمنزلة مَن في الحائر، ودعاؤه لنفسه أفضل مِن دعائي له بالحائر!

فأعلمتهعليه‌السلام ما قال، فقال لي: قل له: كان رَسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل من البيت والحَجر، وكان يطوف بالبيت ويستلم الحجر، وإنَّ لله تعالى بِقاعاً يحبّ أن يُدعى فيها فيستجيب لمن دَعاه، والحائر منها ».

الباب الحادي والتّسعون

( ما يستحبُّ مِن طين قبر الحسين عليه السلام وأنَّه شِفاءٌ)

١ - حدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال، عن كِرام(١) ، عن ابن أبي يَعْفور « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : يأخذ الإنسان من طِين قبر الحسينعليه‌السلام فيتنفع به ويأخذ غيره فلا ينتفع به؟ فقال: لا؛ واللهِ الَّذي لا إله إلاّ هو ما يأخذه أحَدٌ وهو يَرى أنَّ الله ينفعه به إلاّ نفعه الله به ».

٢ - حدَّثني محمّد بن عبدالله، عن أبيه، عن أبي عبدالله البرقيِّ - عن بعض أصحابنا - « قال: دفعت إليَّ امرءة غَزْلاً فقالت: ادفعه إلى حجبة مَكّة ليخاط به كِسوة الكعبَة، قال: فكرهت أن أدفعه إلى الحَجَبة وأنا أعْرِفهم، فلمّا أن صِرنا إلى المدينة دَخلْتُ على أبي جعفرعليه‌السلام فقلت له: جُعِلتُ فِداك إنَّ امرءة أعطَتْني غَزْلاً فقالت: ادفعه بمكّة ليخاط به كِسوة الكعبة؛ فكرهت أن أدفعه إلى الحَجَبة،

__________________

١ - هو عبدالكريم بن عمرو الخثعميّ الملقّب بـ « كرام » بكسر الكاف وتخفيف الرّاء المهملة. روى عن الصّادق والكاظم عليهما السلام.

٢٩٣

فقال: اشتر به عَسَلا وزَعفَران، وخذ مِن طِين قبر الحسينعليه‌السلام واعْجنه بماء السَّماء واجعل فيه من العَسَل والزَّعْفَران وفرِّقه على الشّيعة ليداووا به مَرضاهم ».

٣ - حدَّثني أبي، عن سَعد بن عبدالله، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيلَ البَصريّ، ولقبه فهد - عن بعض رِجاله - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: طين قبر الحسينعليه‌السلام شِفاءٌ من كلِّ داءٍ ».

٤ - وعنه، عن سَعد بن عبدالله، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن محمّد بن سليمانَ البَصريّ، عن أبيه، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: في طين قبر الحسينعليه‌السلام الشِّفاء مِنْ كلِّ داءٍ، وهو الدَّواء الأكبر ».

٥ - حدَّثني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين - عن شيخ من أصحابنا - عن أبي الصَّبّاح الكِنانيِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: طين قبر الحسينعليه‌السلام شَفاه وإنْ اُخذ على رأس ميل ».

٦ - وروي عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أصابتْه علَّةٌ فبَدَء بطِين قبر الحسينعليه‌السلام شَفاه اللهُ مِن تِلك العِلَّة إلاّ أن تكون عِلّة السّام(١) ».

٧ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريُّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البَصريِّ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ قال: حدَّثنا مُدْلِج، عن محمّد بن مسلم « قال: خرجت إلى المدينة وأنا وَجِعٌ، فقيل له: محمّد بن مسلم وَجِعٌ، فأرسل إليَّ أبو جعفرعليه‌السلام شِرْباً مع غُلام مغطّى بمِنْديل، فناولنيه الغلام وقال لي: اشربه؛ فإنّه قد أمرني أن لا ابرح حتّى تشربه، فتناولته فإذا رائحة المسك منه، وإذا بشرابٍ طيِّب الطَّعم بارد، فلمّا شَرِبْتُه قال لي الغلام: يقول لك مولاك: إذا شربته فتعال.

ففكّرت فيما قال لي وما أقدرُ علَى النُّهوض قبل ذلك على رِجلي، فلمّا استقرّ الشّراب في جَوْفي فكأنّما نشطتُ(٢) مِن عِقال، فأتيتُ بابه فاسْتأذنتُ عليه

__________________

١ - السّام هنا بمعنى الموت.

٢ - كذا في النّسخ، والصّواب: « فكأنّي اُنشط » من باب الإفعال، كما يأتي.

٢٩٤

فصوّت بي: صحّ الجسم أُدخل! فدَخَلتُ عليه وأنا باكٍ، فسلّمت عليه وقبّلت يدَه ورأسَه؛

فقال لي: وما يُبكيك يا محمّد؟! قلت: جُعِلتُ فِداك أبكي على اغترابي وبُعْدِ الشُقَّة وقِلَّة القُدْرَة على المَقام عندَك أنظر إليك،

فقال لي: أمّا قلّة القُدرَة فكذلك جعل اللهُ أولياءَنا وأهلَ مودَّتنا، وجعل البَلاء إليهم سَريعاً، وأمّا ما ذكرت من الغُرْبة، فإنَّ المؤمن في هذه الدُّنيا غريب وفي هذا الخلق المنكوس، حتّى يخرج مِن هذه الدَّار إلى رحمة الله، وأمّا ما ذكرت من بُعدِ الشُّقَّة فلك بأبي عبداللهعليه‌السلام اُسْوَة بأرض نائية عنّا بالفُرات، وأمّا ما ذكرتَ مِن حُبِّك قُرْبنا والنَّظر إلينا؛ وأنّك لا تَقدِر على ذلك، فاللهُ يعلم ما في قلبك وجَزاؤك عليه؛

ثمّ قال لي: هل تأتي قبر الحسينعليه‌السلام ؟ قلت: نَعَم؛ على خوف ووَجَل، فقال: ما كان في هذا أشدُّ فالثَّوابُ فيه على قَدْرِ الخَوف، ومَن خاف في إتيانه أمِنَ الله رَوعَته يَومَ يقومُ النّاس لِرَبِّ العالمين، وانْصَرَفَ بالمغفرةِ، وسَلَمَتْ عليه الملائكة، ورآه النَّبيُّ(١) صلى‌الله‌عليه‌وآله وما يصنع، ودعا له: وانقلب بنعمةٍ من الله وفَضلٍ لم يَمْسَسْه سُوءٌ واتّبعَ رَضوانَ الله؛

ثمَّ قال لي: كيف وَجدتَ الشَّراب؟ فقلت: أشهد أنّكم أهل بيت الرَّحمة وأنّك وصيّ الأوصياء، ولقد أتاني الغلام بما بعثته وما أقدرُ على أن استقلَّ على قدمي، ولقد كنتُ آيساً مِن نفسي، فنالني الشَّراب فشَرِبتُه فما وَجَدتُ مثلَ رِيحه ولا أطيبَ مِن ذَوقِه ولا طَعْمِه ولا أبرَد منه، فلمّا شَربتُه قال لي الغلام: إنّه أمرني أن أقولَ لك: إذا شربته فَاقبَلْ إليَّ؛ وقد علمتُ شِدَّةَ ما بي، فقلت: لأذهبنَّ إليه ولو ذَهَبَتْ نفسي، فأقبلتُ إليك فكأنّي اُنشطت مِن عِقال، فالحمد ‏للهِ الَّذي جعلكم رَحمةً لِشيعتكم [ورَحمة عليَّ]؛

فقال: يا محمّد إنّ الشَّراب الَّذي شَرِبته فيه من طِينَ قبر الحسينعليه‌السلام (٢) ،

__________________

١ - في بعض النّسخ: « زار النّبيّ ».

٢ - في البحار: « فيه من طين قبور آبائي ».

٢٩٥

وهو أفضل ما استشفي به، فلا تَعدل به، فإنّا نَسقيه صبياننا ونساءَنا فنَرى فيه كلَّ خير، فقلت له: جُعِلتُ فِداك إنّا لنأخذ منه ونستشفي به؟ فقال: يأخذه الرَّجل فيخرجه مِنَ الحائر وقد أظهره فلا يمرُّ بأحدٍ من الجنِّ به عاهَةٌ، ولا دابّةٍ ولا شيءٍ فيه آفةٌ إلاّ شَمّه فتذهب بَرَكته فيصير بَرَكته لغيره، وهذا الَّذي نتَعالج (١) به ليس هكذا، ولولا ما ذكرت لك ما يمسح به (٢) شيءٌ ولا شُرِبَ منه شيءٌ إلاّ أفاق مِن ساعته، وما هو إلاّ كحَجَر الأسوَد أتاه صاحبُ العاهات والكفر والجاهليّة، وكان لا يتمسّح به أحَدٌ إلاّ أفاق، وكان كأبيض ياقوتة فَأسْوَدَّ حتّى صار إلى ما رأيت، فقلت: جُعِلت فِداك وكيف أصنع به؟ فقال: تصنع به مع إظهارك إيّاه ما يصنع غيرك تَستخفّ به فتطرحه في خُرجِك وفي أشياءَ دَنِسة فيذهب ما فيه ممّا تريده له (٣) ، فقلت: صدقتَ جُعلتُ فداك، قال: ليس يأخذه أحَدٌ إلاّ وهو جاهل بِأخذِه ولا يكادُ يسلم بالنّاس، فقلتُ: جُعِلتُ فِداك وكيف لي أن آخذه كما تأخذ[ه]؟ فقال لي: اُعطيك منه شيئاً؟ فقلت: نَعَم، قال: إذا أخذته فكيف تصنع به؟ فقلت: أذهب به معي، فقال: في أيِّ شيءٍ تَجعلُهُ؟ فقلت: في ثيابي، قال: فقد رَجَعْتَ إلى ما كنتَ تَصنَع، أشرَب عندنا منه حاجَتَك ولا تَحمِله، فإنّه لا يسلم لك، فسقاني منه مرَّتين، فما أعلم أنّي وجدتُ شيئاً ممّا كنتُ أجدُ حتّى انصرفت ».

٨ - حدَّثني محمّد بن الحسين بن متّ الجوهريّ، عن محمّد بن أحمدَ بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن الخَيبريّ، عن أبي وَلاّد، عن أبي بكر الحَضرَميّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: لو أنَّ مريضاً مِن المؤمنين يعرف حَقَّ أبي عبداللهعليه‌السلام (٤) وحُرْمَتَه ووِلايَتَه أخذَ مِن طِين قبرِه مثل رأس أنملَة كان له دَواء ».

* * * * *

__________________

١ - في بعض النّسخ: « يتعالج ».

٢ - في البحار: « ما تمسّح به ».

٣ - في البحار: « ممّا تريد به ».

٤ - المراد به السِّبط الشَّهيد المُفَدَّى الحسين عليه السلام.

٢٩٦

الباب الثّاني والتّسعون

( إنّ طين قبر الحسين عليه السلام شفاء وأمان)

١ - حدَّثني أبي؛ وجماعةرحمهم‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن عيسى - عن رَجل - « قال: بعث إليّ أبو الحسن الرّضاعليه‌السلام من خراسان ثياب رِزَم(١) وكان بين ذلك طِينٌ، فقلت للرَّسول: ما هذا؟ قال: طين قبر - الحسينعليه‌السلام ؛ ما كان يوجِّه شيئاً من الثِّياب ولا غيره إلاّ ويجعل فيه الطِّين، وكان يقول: هو أمانٌ بإذنِ الله »(٢) .

٢ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن موسى بن سَعدانَ، عن عبدالله بن القاسم، عن الحسين بن أبي العلاء « قال: سمعتُ أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: حنّكوا أولادَكم بتربة الحسينعليه‌السلام فإنّه أمان ».

٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أيّوب بن نوح، عن عبدالله بن المغِيرة قال: حدَّثنا أبو اليَسَع « قال: سأل رَجلٌ أبا عبداللهعليه‌السلام - وأنا أسمع - قال: آخُذُ من طِين قبر الحسين ويكون عندي أطلبُ بَرَكته؟ قال: لا بأس بذلك ».

٤ - وعنه، عن سعد، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن العبّاس بن موسى الورَّاق، عن يونس، عن عيسى بن سُليمان، عن محمّد بن زياد، عن عمّته « قالت: سَمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إنَّ في طِين الحائر الَّذي فيه الحسينعليه‌السلام شِفاءً مِن كلِّ داءٍ وأماناً من كلِّ خوف ».

____________

١ - الرِّزْمَة - بالكسر -: ما شُدّ في ثوبٍ واحدٍ، جمعها رِزَم. والخبر مذكور في التّهذيب مع زيادة، وفيه: « بعث إليَّ أبو الحسن عليه السلام رزم ثياب ». ( راجع التّهذيب ج ٨ باب أحكام الطّلاق ح ٣٩ ).

٢ - قال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: يدلّ الخبر على استحباب جعل التّربة بين الأمتعة لحفظها، وأنّه لا ينافي احترامها. ( ملاذ الأخيار ).

٢٩٧

٥ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن أحمدَ بن إدريسَ؛ ومحمّد بن يحيى، عن العَمْرَكي بن عليٍّ البوفكيِّ، عن يحيى - وكان في خدمة أبي جعفر الثّاني - عن عيسى بن سليمان، عن محمّد بن مارِد، عن عَمّته « قالت: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إنَّ في طِينِ الحائر الَّذي فيه الحسينعليه‌السلام شِفاءً من كلِّ داءً وأماناً من كلِّ خَوف ».

٦ - حدَّثني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيلَ، عن الخَيبريِّ، عن أبي وَلاّد، عن أبي بكر الحَضرَميِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: لو أنَّ مريضاً مِن المؤمنين يَعرِف حَقَّ أبي عبداللهعليه‌السلام وحُرْمته وولايته اُخذ له من طِين قَبره على رأس ميل كان له داوءً وشفاءً ».

الباب الثّالث والتّسعون

( من أين يؤخذ طين قبر الحسين عليه السلام وكيف يؤخذ)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن يعقوبَ بن يزيدَ، عن الحسن بن عليِّ، عن يونس بن رَبيع، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنَّ عند رأس الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام لتربة حَمراء فيها شِفاء من كلِّ داءٍ إلاّ السّام(١) ، قال: فأتينا القبر بَعْدَ ما سَمعنا هذا الحديث فاحتفرنا عند رأس القبر، فلمّا حفرنا قدرَ ذِراع انحدرت علينا من رأس القبر مثل السِّهلَة(٢) حَمراء قدر دِرهم فحملناه إلى الكوفة فمزجناه وخَبَئناه(٣) ، فأقبلنا نعطي النّاس يَتداوون به ».

٢ - حدَّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن؛ وعليُّ بن الحسين؛ عن سعد، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن رِزق الله بن العَلاء، عن سليمان بن عَمْرو والسَّرَّاج - عن بعض أصحابنا - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: يؤخذ طين قبر الحسينعليه‌السلام من عند القبر على قدر سَبعين باعاً »(٤)

__________________

١ - أي الموت، كما مرّ.

٢ - السّهلة - بالكسر -: ترابٌ كالرّمل يجيء به الماء.

٣ - أي جعلناه مستوراً.

٤ - الباع قدر مدّ اليدين.

٢٩٨

٣ - حدَّثني عليُّ بن الحسين، عن عليِّ بن إبراهيمَ، عن إبراهيم بن إسحاقَ النّهاونديِّ، عن عبدالله بن حمّاد الأنصاريِّ، عن عبدالله بن سِنان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إذا تَناوَلَ أحَدُكم مِن طينَ قبر الحسين فليقل:

«اللّهُمَّ إنّي أسْأَلُك بحقِّ المَلَكِ الَّذي تَناوَلَهُ، وَالرَّسُولَ الَّذي بَوَّأَهُ، وَالْوَصِيِّ الَّذي ضُمِّنَ فيهِ، أنْ تجعَلَهُ شِفاءً مِن كُلِّ داءٍ ( - كذا وكذا - ) ويسمّي ذلك الدَّاء »(١) .

٤ - حدَّثني حكيم بن داود، عن سَلَمةَ، عن عليِّ بن الرّيّان بن الصَّلت، عن الحسين بن أسد، عن أحمدَ بن مُصْقَلَة، عن عمّه، عن أبي جعفر الموصليّ « أنّ أبا جعفرعليه‌السلام قال: إذا أخذت طين قبر الحسين فقل:

«اللّهُمَّ بِحَقِّ هذِهِ التُّرْبَةِ، وَبِحقِّ المَلَكِ المُوَكِّلِ بِها، وَالملكِ الَّذِي كَرَبها (٢) ،وَبِحَقِّ الْوَصيِّ الَّذِي هُوَ فيها، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْ هذا الطِّين شِفاءً مِن كلِّ داءٍ وَأماناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ »،

فإن فعل ذلك كان حتماً شفاءً [له] مِن كلِّ داء، وأماناً من كلِّ خَوف ».

٥ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه، عن جدِّه عليِّ بن مَهزيار، عن الحسن بن سعيد، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ قال: حدّثنا أبو عمرو شيخ من أهل الكوفة، عن أبي حمزة الثُّماليِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: كنت بمكّة - وذكر في حديثه - قلت: جُعِلتُ فِداك إنّي رأيت أصحابنا يأخذون من طين الحائر ليستشفون به؛ هل في ذلك شَيءٌ ممّا يقولون من الشِّفاء؟ قال: قال: يُستَشفى بما بينه وبين القبر على رأس أربعة أميال، وكذلك قبر جَدِّي رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكذلك طِين قبر الحسن وعليٍّ ومحمّد(٣) ، فَخُذْ منها فإنّها شِفاءٌ مِن

__________________

١ - في مصباح الطّوسي رحمه الله عن ابن سنان مثله وفيه: « بحقّ الملك الّذي تناول، والرّسول الّذي نزّل » ورواية ابن قولويه أصوب. ( البحار )

٢ - كربها أي حفرها، من قولهم: كربت الأرض، ويحتمل أن يكون بتشديد الرّاء والباء للتّعدية، أي أخذها ورجع بها إلىُ النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كما في ساير الأدعية. ( البحار )

٣ - فيه كلام، وقال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: « ما تضمّنه الخبر من جواز الاستشفاء.

٢٩٩

كلِّ سُقْم، وجُنّةٌ ممّا يُخاف ولا يَعدِلُها شيءٌ من الأشياء الّتي يستشفى بها إلاّ الدُّعاء، وإنّما يفسدها ما يخالطها من أوعيتها وقلّة اليقين لِمَن يُعالِج بها، فأمّا مَن أيقنَ أنّها له شِفاء إذا يعالِج بها كَفَتْه بإذن اللهِ من غَيرها ممّا يتعالِج به، ويفسدها الشّياطين والجنُّ من أهل الكفر مَن هم يتمسّحون بها، وما تمرُّ بشيء إلاّ شمّها، وأمّا الشّياطين وكفّار الجنِّ فإنّهم يَحسدون بني آدم عليها فيتمسّحون بها فيذهب عامّة طِيبها، ولا يُخرَجُ الطّين مِنَ الحائر إلاّ وقد استعدّ له ما لا يحصى منهم وأنّه لفي يد صاحبها (١) ، وهم يتمسّحون بها، ولا يقدرون مع الملائكة أن يدخلوا الحائِر ولو كان مِنَ التُّربة شيءٌ يَسلمُ ما عولِج به أحدٌ إلاّ بَرِئ مِن ساعته، فإذا أخذتَها فَاكتُمْها، وأكثِرْ عليها من ذكر الله تعالى، وقد بلغني أنَّ بعضَ مَن يأخذ مِن التُّربة شيئاً يستخفُّ به حتّى أنَّ بعضهم ليطرحها في مِخْلاة الإبل والبَغل والحِمار أو في وِعاءِ الطّعام وما يمسح به الأيدي من الطّعام، والخُرَج والجَوالق! فكيف يستشفي به مَن هذا حاله عنده؟! ولكنَّ القلب الّذي ليس فيه [الـ]ـيقينُ من المُستَخفِّ بما فيه صلاحه يفسد عليه عَمله ».

٦ - حدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن رزق الله بن العَلاء، عن سليمان بن عَمرٍو السَّرَّاج - عن بعض أصحابنا - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: يؤخذ طين قبر الحسينعليه‌السلام مِن عند القبر على سبعين باعاً في سبعين باعاً ».

٧ - حدَّثني محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد(٢) - رفعه - « قال: قال:

__________________

بتربة غير الحسين عليه السلام مخالفٌ لسائر الأخبار وما ذهب إليه الأصحاب، ولعلّه محمولٌ على الاستشفاء بغير الأكل من الاستعمالات، كالتّمسّح بها وحملها معه »، وقال العلاّمة الأمينيّ ( ره ) مثله.

١ - في بعض النّسخ: « ما لايحصى منهم والله إنّها لفي يدي صاحبها - إلخ ».

٢ - هو أبو الحسن عليّ بن محمّد بن إبراهيم بن أبان الرّازيّ المعروف بـ « علاّن » وهو من مشائخ الكليني ( ره )، وما في بعض النسخ: « عليّ بن محمّد بن عليّ » سهو من النّسّاخ. والخبر مذكور في الكافي، راجع ج ٤ ص ٥٨٨ ح ٧.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357