كامل الزيارات

كامل الزيارات0%

كامل الزيارات مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مكتبة الصدوق
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 357

كامل الزيارات

مؤلف: ابوالقاسم جعفر بن محمد بن جعفر بن موسی بن قولويه القمی‌ (ابن قولويه)
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مكتبة الصدوق
تصنيف:

الصفحات: 357
المشاهدات: 127131
تحميل: 7486


توضيحات:

كامل الزيارات المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 357 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 127131 / تحميل: 7486
الحجم الحجم الحجم
كامل الزيارات

كامل الزيارات

مؤلف:
الناشر: مكتبة الصدوق
العربية

ثمَّ ترفع يديك وتقول: «اللّهُمَّ إنّي أسْأَلُكَ مَسْألَةَ المِسْكِين المسْتَكِين، العَليلِ الذَّليلِ الَّذي لَمْ يُرِدْ بِمَسْألَتِهِ غَيرَكَ، فَإنْ لَمْ تُدْرِكْهُ رَحْمَتُكَ عَطِبَ، أَسأَلُكَ أنْ تُدارِكَني بِلطْفٍ مِنْكَ، وَأنْتَ الَّذِي لا تُخَيِّبُ سائِلَكَ (١) ،وَتُعْطِي المَغْفِرَةَ وَتَغْفِرُ الذُّنُوبَ، فَلا أكُونَنَّ يا سَيِّدي أنا أهْوَنَ خَلْقِكَ عَلَيْكَ، وَلا أكُونُ أهْوَنَ مَنْ وَفَدَ إَلَيْكَ بِابْنِ حَبيبِكَ، فَإنّي أمَّلْتُ وَرَجَوتُ، وَطَمِعْتُ وَزُرْتُ وَاغْتربْتُ (٢) ،رَجاءً لَكَ أنْ تُكافِيَني إذْ أخْرَجَتَني مِنْ رَحْلي، فَأَذِنْتَ لي بِالمَسِير إلى هذا المَكانِ رَحْمَةً مِنْكَ، وَتَفَضُّلاً مِنْكَ، يا رَحمنُ يا رَحيمُ ».

واجتهد في الدُّعاء ما قدرت عليه، وأكثر منه إن شاءَ الله، ثمَّ تخرج من السَّقيفة وتقف بحذاء قبور الشُّهداء تؤمي إليهم أجمعين وتقول: «السَّلام عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، السَّلام عَلَيْكُمْ يا أهْلَ الْقُبُورِ مِنْ أهْلِ دِيارِ المُؤمِنينَ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُم فَنِعمَ عُقْبى الدَّارِ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أولياءَ الله، السَّلامُ عَلَيْكُم يا أنْصارَ اللهِ وَأنْصارَ رَسُولِهِ، وَأنْصارَ أميرِ المؤمِنينَ، وَأنْصارَ ابْنِ رَسُولِهِ وَأنْصارَ دينِهِ، أشْهَدُ أنَّكُمْ أنْصارُ اللهِ كَما قال اللهُ عزَّوجَلّ: «وَكأَيِّنْ مِنْ نَبيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أصابَهُمْ في سَبيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا (٣) »،فَما ضَعُفْتُمْ وَما اسْتَكَنْتُمْ، حَتّى لَقِيتُمُ اللهَ عَلى سَبيلِ الحَقِّ، صَلّى اللهُ عَلَيْكُمْ وَعَلى أرْواحِكُمْ وَأبْدانِكُمْ وَأجْسادِكُمْ، أبْشِرُوا بِمَوعِدِ اللهِ الَّذي لا خُلْفَ لَهُ وَلا تَبْدِيلَ، إنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ وَعْدَهُ، وَاللهُ مُدْرِكٌ بِكُمْ ثأرَ ما وَعَدَكُمْ (٤) ،أنْتُمْ خاصَّةُ اللهِ اخْتَصَّكُمْ اللهُ لأبي عَبْدِاللهِ عليه‌السلام ، أنْتُمُ الشُّهداءُ وَأنْتُمُ السُّعَداء، سُعِدْتُمْ عِنْدَاللهِ، وَفُزْتُمْ بِالدَّرَجاتِ مِنْ جَنّاتٍ لا يَطْعُنُ أهْلُها وَلا يُهْرَمُونَ، وَرَضُوا بِالمَقامِ في دارِ السَّلامِ، مَع مَنْ نَصَرْتُم (٥) ،جَزاكُمُ اللهُ خَيْراً مِنْ

__________________

١ - في بعض النّسخ: « لا يخيّب سائلك ».

٢ - أي اخترتُ الغربة وتركتُ الوطن.

٣ - آل عمران: ١٤٦.

٤ - قوله: « ثأر ما وعدكم » لعلّ الإضافة بيانيّة، أو المعنى: ثَأْرَ ما وَعَدَكُمْ ثَأرَهُ، وفي التهذيب: « ثأراً وعدكم » وهو أظهر. ( البحار )

٥ - قوله: « لا يطعن أهلها » على بناء المعلوم - بضمّ العين - أي لا يشيبون، عن قولهم: طعن في السِّنّ إذا ذهب فيه، أو على بناء المجهول من الطَّعن بالرّمح ونحوه، أو من الطّاعون. وفي بعض النّسخ بالظّاء المعجمة من الطَّعن بمعنى السِّير، أي لا يخرجون منها. وقوله: « مَعَ من

٢٦١

أعْوانٍ جَزاءَ مَنْ صَبَر مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنْجزَ اللهُ ما وَعَدَكُمْ مِنَ الْكَرامَةِ في جَوارِهِ وَدارِهِ مَعَ النَّبيِّين وَالمرْسَلِينَ، وَأميرِ المؤمِنينَ وَقائِدِ الغُرِّ المُحَجِّلِينَ (١) ، أسْأَلُ الله الَّذي حَمَلَني إلَيْكُمْ حَتى أراني مَصارِعَكُم أنْ يُرِينيِكُمْ عَلَى الحَوْضِ رِواءً مَرْويَّينِ، وَيُريَني أعْداءَكُمْ في أسْفَلِ دَرَكٍ مِنَ الجَحِيمِ، فَإنَّهُمْ قَتَلُوكُمْ ظُلْماً وَأرادُوا إماتَةَ الحَقِّ، وَسَلَبُوكُمْ لاِبْنِ سُمَيَّةَ وابْنِ آكِلَةِ الأكْبادِ، فَأسْألُ الله أنْ يُرينيَهُمْ ظِمآء مُظْمَئينَ (٢) مُسَلْسَلِينَ مغلّلين، يُساقُونَ إلى الجحيم، السَّلام عَلَيْكُم يا أنْصارَ اللهِ وَأنْصارَ ابْنِ رَسُولِ اللهِ مِنِّي ما بَقِيتُ [وَبَقِيَ اللَّيلُ وَالنَّهارُ]، وَالسَّلام عَلَيْكُمْ دائِماً إذا فُنِيتُ وَبَلَيْتُ، لَهْفى عَلَيكُمْ أيُّ مُصِيبَةٍ أصابَتْ كُلَّ مَوْلىً لِمُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، لَقَدْ عَظُمَتْ وَخُصَّتْ وَجَلَّتْ وَعَمَّتْ مُصيبَتُكُمْ، أنَا بِكُمْ لَجَزِعٌ، وَأنّا بِكُمْ لَمُوجَعٌ مَحزُونٌ، وَأنا بِكُمْ لَمُصابٌ مَلْهُوفٌ (٣) ، هَنيئاً لُكُمْ ما اُعْطِيتُمْ، وَهَنيئاً لَكُمْ ما بِهِ حُيّيتُمْ، فَلَقَدْ بَكَتْكُمُ الملائِكَةُ وَحَفَّتْكُمْ وَسَكَنَتْ مَعَسْكَرَكُمْ، وَحَلَّتْ مَصارِعَكُمْ، وَقَدَّسَتْ وَصَفَّتْ بِأجْنِحَتِها عَلَيْكُم، لَيْسَ لَها عَنْكُمْ فِراقٌ إلى يَومِ التَّلاقِ، وَيَوم المَحْشَرِ وَيَومَ المَنْشَر طافَتْ عَلَيْكُمْ رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ، وَبَلَغْتُم بِها شَرَفَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، أتَيْتُكُمْ شَوقاً، وَزُرْتُكُمْ خَوفاً، أسْأَلُ اللهَ أنْ يُرِينِيَكُمْ عَلَى الحَوْضِ وَفي الجِنانِ مَعَ الأنْبياءِ وَالمُرْسَلينَ، وَالشُّهداءِ وَالصّالِحينَ، وَحَسُنَ أولئكَ رَفيقاً »،

__________________

نصرتم » لعلّه متعلّق بقوله: « فزتم ». ( العلاّمة المجلسيّ رحمه الله )

١ - قال في النّهاية: ومنه الحديث: « أمّتي الغُرُّ المُحَجَّلُونَ » أي بيضُ مواضع الوضوء من الأيْدي والوجْه والأقْدام، استَعار أثرَ الوضوء في الوجْه واليَدَين والرِّجلين للإنسان من البَياضِ الّذي يكون في وجْه الفَرس ويَدَيْه ورِجْلَيه - انتهى.

٢ - قوله: « مروتين » هو من قولهم رويت القوم أرويهم رَيّاً إذا استقيت لهم الماءَ وهو تأكيد للرِّواء - بالكسر والمدّ -، أي رواء من الماء رواهم ساقي الحوض صلوات الله عليه، وكذا قوله: « مُظمَئين » - على بناء المفعول من باب الإفعال، أو التّفعيل - تأكيد للظّمْآء بالكسر - من قولهم: أظمأته وظمأته أي عطشته، أي جعلهم اللهُ ظماء ومنع منهم الماء لسوء أعمالهم، أو المراد كثرة أسباب عطشهم مِن شدَّة الحَرّ والحركات العنيفة وأمثالها. ( البحار )

٣ - قال في القاموس: لَهِفَ، كفرح: حَزِنَ وتَحَسَّر، كتَلَهَّفَ عليه. ويا لَهْفَةُ: كلمةٌ يُتَحَسَّر بها على فائتٍ، ويقال: يا لَهْفه عليك، ويا لَهْفَ، ويا لهفا، إلى آخر ما قال.

٢٦٢

ثمَّ دُرْ في الحائر وأنت تقول: «يا مَنْ إلَيْهِ وَفَدْتُ، وَإلَيْهِ خَرَجْتُ، وَبِهِ اسْتَجَرْتُ، وَإلَيْهِ قَصَدْتُ، وَإلَيْهِ بِابْنِ نَبيِّهِ تَقَرَّبْتُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمُنَّ عَليَّ بِالجَنَّةِ، وَفُكَّ رَقَبَتي مِنَ النّارِ، اللّهُمَّ ارْحَمْ غُرْبَتي وَبُعْدَ داري، وَارْحَمْ مَسِيري إلَيْكَ وَإلى ابْنِ حَبِيبِكَ، وَاقْلِبْني مُفْلِحاً مُنْجِحاً قَدْ قَبِلْتَ مَعْذِرَتي وَخُضوعي وَخُشُوعي عِنْدَ إمامي وَسَيِّدي وَمَولايَ، وَارْحَمْ صَرْخَتي (١) وَبُكائي وَهَمِّي وَجَزَعي وَخُشُوعِي وَحُزْني، وَما قَدْ باشَرَ قَلْبي مِنَ الجَزَع عَلَيْهِ، فَبِنِعْمَتِكَ عَليَّ وَبِلُطْفِكَ لي خَرَجْتُ إلَيْهِ، وَبِتَقْويَتِكَ إيّايَ، وَصَرْفِكَ المَحذُورِ عَنِّي، وَكِلاءَتِكَ (٢) بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ لي، وَبِحفْظِكَ وَكَرامَتِكَ إيّايَ، وَكُلَّ بَحْرٍ قَطَعْتُهُ، وَكُلُّ وادٍ وَفَلاةٍ سَلَكْتُها، وَكُلُّ مَنزلٍ نَزَلْتُهُ، فَأنْتَ حَمَلْتَني في الْبَرِّ وَالبَحْرِ، وَأنْتَ الَّذي بَلَغْتَني وَوَفَّقتَني وَكَفَيْتَني، وَبِفَضْلِ مِنْكَ وَوِقايَةٍ بَلَغْتُ، وَكانَتِ المِنَّةُ لَكَ عَليَّ في ذلِكَ كُلِّهِ، وأثَري مَكْتُوبٌ عِنْدَكَ وَاسْمي وَشَخْصِي، فَلَكَ الحَمْدُ عَلى ما أبَلَيْتَني وَاصْطَنَعْتَ عِنْدي (٣) ،اللّهُمَّ فَارْحَمْ فَرَقي مِنْكَ، وَمَقامِي بَينَ يَدَيْكَ وَتَمَلُّقي، وَاقْبَلْ مِنِّي تَوَسُّلي إلَيْكَ بِابْنِ حَبِيبِكَ، وَصَفْوَتِكَ وَخِيرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَتَوَجُّهِي إلَيْكَ، وَأقِلْني عَثْرَتي، وَاقْبلْ عَظيمَ ما سَلَف مِنّي، وَلا يَمْنَعْكَ ما تَعْلَمُ مِنّي مِنَ الُعُيوبِ وَالذُّنُوبِ وَالإسْرافِ عَلى نَفْسي، وَإنْ كُنْتَ لي ماقِتاً (٤) فَارْضَ عَنِّي، وَإنْ كُنْتَ عَليَّ ساخِطاً فَتُبْ عَليَّ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ، اللّهُمَّ اغْفِرْ لي وَلِوالِدَيَّ وَارْحَمْهُما كَما رَبَّياني صَغيراً وَاجْزِهِما عَنِّي خَيْراً، اللّهُمَّ اجْزِهِما بِالإحْسانِ إحْساناً وَبِالسَّيِّئات غُفْراناً، اللّهُمَّ أدْخِلْهُما الجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ، وَحَرِّمْ وُجُوهَهُما عَنْ عَذابكَ، وَبَرِّدْ عَلَيْهِما مَضاجَعَهُما، وَافْسَحْ لَهُما في قَبريْهما (٥) ،وعَرِّفْنيهما في مُسْتَقَرٍّ مِنْ رَحْمَتِكَ وَجَوارِ حَبِيبِكَ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله ».

* * * * *

__________________

١ - الصَّرْخَة: الصّيحة الشّديدة.

٢ - كَلأَهُ الله كِلاءةَ وكِلاءً: حفظه وحرسه، يقال: اذهب في كِلاءة الله.

٣ - الاصطناع: افتعال من الصَّنيعة، وهي العطيّة والكَرامة والإحسان.

٤ - أي مبغضاً، ومَقَتَه مَقْتاً: أبغضه أشدّ البغض عن أمر قبيح.

٥ - أي: وسّع قبريهما.

٢٦٣

الباب الثّمانون

( كيف الصّلاة عند قبر الحسين عليه السلام)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد البرقيِّ. وحدَّثني محمّد بن عبدالله، عن أبيه عبدالله بن جعفر الحِميريِّ، عن أبي عبدالله البرقيِّ، عن جعفر بن ناجية، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: صلِّ عند رأس قبر الحسينعليه‌السلام ».

٢ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين؛ وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن موسى بن عُمَر؛ وأيّوب بن نوح، عن عبدالله بن المغِيرةً، عن أبي اليَسَع(١) « قال: سأل رجلٌ أبا عبداللهعليه‌السلام - وأنا أسمع - قال: إذا أتيتُ قبر الحسينعليه‌السلام أجعله قبلة إذا صلّيتُ؟ قال: تَنحَّ هكذا ناحية(٢) ».

٣ - حدّثني عليُّ بن الحسينرحمه‌الله عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نَجران، عن يزيدَ بن إسحاقَ، عن الحسن بن عطيّة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إذا فرغت من التّسليم على الشّهداء ائت(٣) قبر الحسينعليه‌السلام ، ثمَّ تجعله بين يديك ثمَّ تصلّي ما بدالك ».

٤ - وعنه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن علي بن عُقْبة، عن عبيدالله بن علي الحلبيِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قلت: إنّا نزور قبر الحسينعليه‌السلام فكيف نصلي عنده(٤) ؟ قال: تقوم خلفه عند كتفيه، ثمَّ تصلّي على النّبيّ وتصلّي على الحسينعليه‌السلام ».

٥ - حدَّثني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن أيّوب بن نوح؛ و

____________

١ - الظّاهر هو عيسى بن السّري الكرخيّ، مولى ثقة، روى عن أبي عبدالله عليه السلام.

٢ - قال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: « لعلّ الأمر بالتّنحّي محمولة على التّقيّة، ويحتمل أن يكون المراد المنع عن السّجود على قبره عليه السلام، بل يبعد منه قليلاً ويصلّي خلفه ».

٣ - في بعض النّسخ: « فأت ».

٤ - في البحار: « كيف نصلّي عليه ».

٢٦٤

غيره، عن عبدالله بن المغِيرَة قال: حدَّثنا أبو اليَسَع « قال: سأل رَجلٌ أبا عبداللهعليه‌السلام - وأنا أسمع - عن الغُسل إذا أتى قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: أجعله قبلةً إذا صَلّيت؟ قال: تنحَّ هكذا ناحية، قال: آخذ مِن طِين قبره ويكون عندي أطلب بَرَكته؟ قال: نَعَم - أو قال: لا بأس بذلك - ».

٦ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البَصريِّ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصَمّ قال: حدَّثنا هشام بن سالم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « أنّه أتاه رَجلٌ فقال له: يا ابن رسول الله هل يُزار والدك؟ قال: فقال: نَعَم، ويصلّي عنده، وقال: ويصلّى خلفه ولا يتقدَّم ».

الباب الحادي والثّمانون

( التّقصير في الفريضة والرّخصة في التّطوّع عنده وجميع المشاهد)

١ - حدَّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن(١) ، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد الجوهريّ، عن عليِّ بن أبي حمزة « قال: سألت العبد الصّالح عن زيارة قبر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ، فقال: ما اُحب لك تركه، قلت: ما تَرى في الصّلاة عنده وأنا مقصّر؟ قال: صَلِّ في المسجد الحرام ما شِئتَ تَطوُّعاً، وفي مسجد الرَّسول ما شِئت تطوُّعاً، وعند قبر الحسين [عليه‌السلام ]، فإنّي اُحبُّ ذلك، قال: وسألته عن الصّلاة بالنّهار عند قبر الحسينعليه‌السلام تَطَوُّعاً، فقال: نَعَم ».

٢ - حدَّثني جعفر بن محمّد بن إبراهيم الموسويّ، عن عبيدالله بن نَهِيك، عن ابن أبي عُمَير، عن أبي الحسنعليه‌السلام « قال: سألته عن التّطوُّع عند قبر الحسينعليه‌السلام وبمكّة والمدينة وأنا مقصّر، قال: تَطوَّعْ عنده وأنتَ مقصِّرٌ ما شئتَ، وفي المسجد الحرام وفي مسجد الرَّسول وفي مشاهد النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله فإنّه خير ».

__________________

١ - يعني ابن الوليد. وما في بعض النّسخ: « محمّد بن الحسين » - مكبّراً - تصحيف.

٢٦٥

حدَّثني عليُّ بن الحسين، عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عُمَير؛ وإبراهيمَ بن عبدالحميد جميعاً، عن أبي الحسنعليه‌السلام مثله.

حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن جعفر بن محمّد بن حَكيم الخَثعميِّ، عن إبراهيم بن عبدالحميد، عن أبي الحسنعليه‌السلام مثله.

٣ - حدَّثني عليُّ بن محمّد بن يعقوبَ الكِسائيُّ قال: حدَّثنا عليُّ بن الحسن بن فَضّال، عن عَمْرِو بن سعيد، عن مُصدِّق بن صَدَقَهَ، عن عمّار بن موسى السّاباطيِّ « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الصَّلاة في الحائر، قال: ليس الصّلاة إلاّ الفرض بالتّقصير، ولا تصلّي النّوافل(١) ».

٤ - حدثني أبي - عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بنِ محمّد بن - عيسى، عن عليِّ بن إسماعيل، عن صَفوانَ بن يحيي، عن إسحاقَ بنِ عمّار، عن أبي الحسنعليه‌السلام « قال: سألته عن التَّطوُّع عند قبر الحسينعليه‌السلام ومشاهد النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والحرمين، والتَّطوُّع فيهنَّ بالصّلاة ونحن مقصّرون، قال: نَعَم تَطَوَّعْ ما قَدَرتَ عليه، هو خيرٌ ».

٥ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن محمّد بن الحسين بن ابي الخّطاب، عن صَفوانَ بن يحيى، عن إسحاقَ بنِ عمّار « قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : جُعِلت فداك أتنقَّل في الحَرَمين(٢) وعند قبر الحسينعليه‌السلام وأنا اُقصّر؟ قال: نَعَم ما قَدَرتَ عليه ».

٦ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد الجوهريّ، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام « قال: سألته عن التّطوُّع عن قبر الحسينعليه‌السلام ومشاهد النَّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والحرمين في الصَّلاة ونحن نقصِّر، قال: نعم تطوِّعْ ما قدرت عليه ».

__________________

١ - في البحار: « ولا يصلّي النّوافل ».

٢ - تنفّل المصلّي: تطوَّع، وهو يصلّي النّافلة والنّوافل.

٢٦٦

حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله قال: سألت أيّوبَ بنِ نوح عن تقصير الصّلاة(١) في هذه المشاهد: مكّة والمدينة والكوفة وقبر الحسينعليه‌السلام الأربعة، والَّذي روي فيها، فقال: أنا اُقصّر، وكان صَفوانُ يقصّر، وابن أبي عُمَير وجميع أصحابنا يُقصّرون.

الباب الثّاني والثّمانون

( التّمام عند قبر الحسين عليه السلام وجميع المشاهد (٢) )

١ - حدَّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن، عن الحسن بن مَتِّيل، عن سَهل بن زياد الآدميِّ، عن محمّد بن عبدالله، عن صالِح بن عُقْبة، عن أبي شِبْل(٣) « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : أزورُ قبر الحسينعليه‌السلام ؟ قال: زُرِ الطَّيِّب، وأتمَّ الصَّلاة عِندَه، قال: أتمُّ الصَّلاة عِنده؟ قال، أتمَّ، قلت: فإنَّ بعضَ أصحابنا يروي التَّقصير، قال: إنّما يفعل ذلك الضَّعَفَة(٤) ».

حدَّثني محمّد بن يعقوبَرحمه‌الله عن جماعة مشايخه، عن سَهل بن زياد بإسناده مثله سَواء(٥) .

٢ - حدَّثني أبو عبدالرَّحمن محمّد بن أحمد العسكريّ، عن الحسن بن علي بن مَهزيارَ، عن أبيه عليِّ، عن الحسن بن سعيد، عن إبراهيمَ بن أبي البِلاد، عن

__________________

١ - في البحار: « عن تقصير الصّلوات ».

٢ - قال العلاّمة الأمينيّ ( ره ): « ليس في أخبار الباب ما يدلّ على الإتمام في غير المواطن الأربع، فالتّعبير بجميع المشاهد لا وجه له ». أقول: الظّاهر مراده المشاهد الأربعة المذكورة.

٣ - هو عبدالله بن سعيد الاُسديّ بيّاع الوشي، ثقة. ( صه )

٤ - في بعض نسخ التّهذيب: « الضّعفاء »، والضَّعْفَة في الدّين الجاهلين بالأحكام، أو المراد يفعل ذلك من يكون له ضعف لا يمكنه الإتمام، أو يشقّ عليه فيختار الأسهل، وإن كان مرجوحاً، والأخير أظهر. ( ملاذ الأخيار )

٥ - راجع الكافي ج ٤ ص ٥٨٧ ح ٦.

٢٦٧

رَجل مِن أصحابنا يقال له: الحسين، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: تتمّ الصّلاة في ثلاثةَ مواطن: في مسجد الحرام ومسجد الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وعند قبر الحسينعليه‌السلام ».

٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وأخي؛ وعليُّ بن الحسين، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بنِ محمّدِ بن عيسى، عن الحسين بن سعيد(١) ، عن عبدالمَلِك القمّيِّ، عن إسماعيلَ بن جابر، عن عبدالحميد - خادم إسماعيلَ بن جعفر - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: تتمّ الصّلاة في أربعة مَواطِن: في المسجد الحرام ومسجد الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ومسجد الكوفة وحرم الحسينعليه‌السلام ».

٤ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريُّ، عن أبيه، عن أحمدَ بن أبي عبدالله البرقيِّ، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى - عن بعض أصحابنا - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: من الأمر المذخور إتمام الصّلاة في أربعة مَواطِن: بمكّة والمدينة ومسجد الكوفة والحائِر ».

قال ابن قولُوَيه: وزاده الحسين بن أحمدَ بن المغِيرَة عقب هذا الحديث في هذا الباب بما أخبره به حيدر بن محمّد بن نُعَيم السَّمرقنديُّ بإجازته بخطّه باجتيازه للحجّ:

٥ - عن أبي النَّضر محمّد بن مسعود العياشيّ، عن عليّ بن محمّد قال: حدَّثني محمّد بن أحمد، عن الحسين بن عليِّ بن النّعمان، عن أبي عبدالله البرقيِّ؛ وعليِّ بن مَهزيار؛ وأبي عليِّ بن راشد جميعاً، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « أنّه قال: مِن مخزون عِلم اللهِ الإتمام في أربعة مواطن: حَرَمِ الله وحَرَمِ رسوله وحَرَمِ أميرِ المؤمنين وحَرَمِ الحسين صلوات الله عليهم أجمعين ».

٦ - حدَّثني محمّد بن هَمّام بن سُهَيل، عن جعفر بن محمّد بن مالك الفزاريّ قال: حدَّثنا محمّد بن حَمدانَ المدائنيِّ، عن زياد القنديِّ « قال: قال أبو الحسن موسىعليه‌السلام : اُحبُّ لك ما اُحبُّ لِنفسي، وأكرِهُ لك ما أكرِهُ لِنفسي، أتمُّ الصّلاة في الحَرَمين وبالكوفة وعند قبر الحسينعليه‌السلام ».

__________________

١ - كذا، والظّاهر سقط هنا « عن محمّد بن سِنان ».

٢٦٨

٧ - حدَّثني عليُّ بن حاتم القزوينيُّ قال: أخبرنا محمّد بن أبي عبدالله الأسديّ قال: حدَّثنا القاسم بن الرَّبيع الصَّحّاف، عن عَمرِو بن عثمان، عن عَمرِو بن مَرزوق « قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن الصّلاة في الحَرَمين وفي الكوفةَ وعند قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: أتمَّ الصَّلاة فيهم ».

٨ - حدَّثني محمّد بن يعقوبَ؛ وجماعَةُ مشايخي، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سِنان، عن حذيفةَ بنِ منصور قال: حدَّثني مَن سمع أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: « تتمّ الصّلاة في المسجد الحرام ومسجد الرَّسول ومسجد الكوفة وحرم الحسينعليه‌السلام ».

٩ - ومن زيادة الحسين بن أحمدَ بن المغِيرة ما في حديث أحمدَ بن إدريس ابن أحمدَ بن زكريّا القمّيِّ قال: حدَّثني محمّد بن عبدالجبّار، عن عليِّ بن إسماعيل، عن محمّد بن عَمرو، عن فائد الحنّاط، عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام « قال: سألته عن الصّلاة في الحَرَمين، فقال تتمّ ولو مَرَرْت به مارّاً ».

١٠ - حدَّثني أحمد بن إدريس ( كذا ) قال: حدّثني أحمد بن أبي زاهِر، عن محمّد بن الحسين الزَّيّات، عن الحسن(١) ، عن عمران بن حمران « قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : اُقصّر في المسجد الحرام أو أتمّ؟ قال: إن قصّرتَ فلك، وإن أتممتَ فهو خير، وزيادة في الخير خَيرٌ ».

الباب الثّالث والثمانون

( إنَّ الصَّلاة الفريضة عنده تَعدل حَجَّة، والنّافلة عُمرة)

١ - حدَّثني جعفر بن محمّد بن إبراهيم الموسويُّ، عن عبيدالله بن نَهيك، عن ابن أبي عُمَير - عن رجل - عن أبي الحسن(٢) عليه‌السلام « قال: قال لرجل: يا فلانُ ما يمنعك إذا عرضت لك حاجَة أن تأتي قبر الحسينعليه‌السلام فتصلّي عنده أربعَ

__________________

١ - هو ابن حمّاد بن عديس.

٢ - في جلّ النّسخ: « عن أبي جعفر » وهذا سهوٌ أو تصحيف.

٢٦٩

رَكعات ثمَّ تسأل حاجَتَك (١) فإنَّ الصّلاة الفريضة عنده تَعدِل حجَّة، والنّافلة تَعدِل عُمرَة ».

٢ - حدَّثني أبي؛ وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أبي عبدالله الجامورانيّ الرَّازيّ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي حمزة، عن الحسن بن محمّد بن عبدالكريم أبي عليٍّ، عن المفضّل بن عُمَر، عن جابر الجعفيِّ « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام للمفضّل(٢) - في حديث طويل - في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام : ثمَّ تمضي إلى صلاتك ولك بكلِّ رَكعةٍ رَكعتَها عنده كثواب مَن حجّ ألفَ حجِّةٍ واعتمر ألفَ عُمرةٍ وأعتق ألفَ رَقَبةٍ، وكأنَّما وقف في سبيل الله ألفَ مرَّةٍ مع نَبيٍّ مُرسَل - وذكر الحديث - ».

٣ - حدَّثني عليُّ بن الحسين، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن أحمد؛ وحدَّثني محمّد بن الحسين بن متّ الجوهريُّ، عن محمّد بن أحمد، عن هارونَ بن مسلم، عن أبي علي الحَرّانيِّ « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما لمن زار قبر الحسينعليه‌السلام ؟ قال: مَن أتاه وزارَه وصلّى عنده رَكعتين أو أربع رَكعات كَتَب اللهُ له حَجّة وعُمرةً، قال: قلت: جُعِلتُ فِداك وكذلك لكلِّ مَن أتى قبر إمامٍ مفترض طاعتُه؟ قال: وكذلك لكلِّ مَن أتى قبر إمام مُفترض طاعتُه ».

حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أبي القاسم، عن أبي علي الخزاعي « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام - وذكر مثله -.

٤ - حدثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن العَلاء بن رَزين، عن شُعيب العَقْرَقُوفيِّ(٣) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام

__________________

١ - أي من الله تعالى، لأنّ الدّعاء عند قبّته مستجاب.

٢ - كذا، وتقدّم الكلام فيه، فمن أراد الاطّلاع فليراجع ص ٢٢٥ ذيل الخبر ٥.

٣ - بفتح أوَّله وسكون الثّاني - مركّب من « عَقْر » و « قُوف » كبَعلَبَكَ، قريةٌ مِن نواحي دُجَيل بينها وبين بغداد أربعة فراسخ وإلى جانبها تَلٌّ عظيم من تراب يرى من خمسة فراسخ كأنّه قلعة عظيمة، وعن بعض أنّه مقبرة الملوك الكيانيّين الّذين كانوا قبل آل ساسان من النّبط، وذكر أهل السِّيَر أنّ عَقرقوف تنسب إلى عقرقوف بن طهمورث؛ الملك المشهور. ( من العجم )

٢٧٠

« قال: قلت له: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام ما له من الثَّواب والأجْر جُعِلتُ فِداك؟ قال: يا شُعيبُ ما صَلّى عِنده أحدٌ الصَّلاة إلاّ قَبِلَها اللهُ مِنه، ولا دَعا عنده أحدٌ دَعوةَ إلاّ اسْتُجيبَ له عاجِلةً وآجِلةً، فقلتُ: جُعلتُ فِداك زِدني فيه، قال: يا شعيب أيْسَرُ ما يقال لزائر الحسين بن عليّعليهما‌السلام : قد غفر [الله] لك يا عبدالله فاستأنف [اليوم] عَملاً جديداً ».

الباب الرَّابع والثّمانون

( وَداع قبر الحسين بن عليِّ عليهما السلام)

١ - حدَّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد. وحدَّثني أبي؛ وعليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسن، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد. وحدّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فَضالَةَ بن أيّوب، عن نُعَيْم بن الوليد، عن يوسفَ الكُناسيِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إذا أردتَ أن تُودِّعَ الحسين بن عليِّعليهما‌السلام فقل: «السَّلامُ عَلَيْكَ ورَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، أَسْتَودِعُك اللهَ وَأقْرَءُ عَلَيْكَ السَّلامَ، آمَنّا بِاللهِ وَوَبِالرَّسُولِ وَبِما جِئتَ بِهِ وَدَلَلْتَ عَلَيهِ، وَاتَّبَعْنا الرَّسُولَ، فَاكْتُبنا مَعَ الشّاهِدينَ، اللّهُمّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّا وَمِنْهُ، اللّهُمَّ إنّا نَسْأَلُكَ أنْ تَنْفَعَنا بِحُبِّهِ، اللّهُمَّ ابْعَثْهُ مَقاماً مَحْمُوداً تَنْصُرُ بِهِ دِينَكَ وَتَقْتُلُ بِهِ عَدُوَّكَ، وَتُبِيرُ بِهِ مَنْ نَصَبَ حَرْباً لآلِ مُحَمَّدٍ (١) فَإنَّكَ وَعَدْتَهُ ذلِكَ، وَأنْتَ لا تُخلِفُ المِيعادَ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، أشْهَدُ أنَّكُمْ شُهَداءُ نُجَباءُ، جاهَدْتُمْ في سَبيل اللهِ َقاتلتُمْ عَلى مِنْهاج رَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تَسْليماً، أنْتُمُ السّابِقُونَ وَالمهاجِرُونَ وَالأنْصارُ، أشْهَدُ أنَّكُمْ أنْصارُ اللهِ وأنْصارُ رَسُولِهِ، فَالحَمْدُ للهِ الَّذي صَدَقَكُمْ وَعْدَهُ وأراكُمْ ما

__________________

١ - أباره أي أهلكه.

٢٧١

تُحبُّونَ، وَصَلّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، اللّهُمَّ لا تَشْغَلْني في الدُّنْيا عَنْ ذِكْرِ نِعْمَتِكَ، لا بإكْثارِ تُلْهِيَني عَجائِبُ بَهْجَتِها، وَتَفْتِنَني زَهَراتُ زينَتِها (١) ، وَلا بإقْلالٍ يَضُرُّ بِعَمَلي كَدُّهُ، وَيَمْلأُ صَدْري هَمُّهُ، أعْطِني مِنْ ذلِكَ غِنىً عَنْ شِرارِ خَلْقِكَ، وَبَلاغاً أنالُ بِهِ رِضاكَ، ياأرْحَمَ الرَّاحِمينَ، وَصَلّى اللهُ عَلى رَسُولِهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللهِ، وَعَلى أهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبينَ الأخْيارِ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ » ».

٢ - حدَّثني أبو عبدالرَّحمن محمّد بن أحمدَ بنِ الحسين العَسكريُّ - بـ « عَسْكَر مُكْرَم »(٢) - عن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن ابيه، عن محمّد بن أبي عُمير، عن محمّد بن مَروانَ، عن أبي حمزة الثُّماليّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إذا أردتَ الوداع بعد فَراغِك مِن الزِّيارات فأكثر منها مَا اسْتَطَعتَ، ولْيَكنْ مقامك بالنِّينوى أو الغاضِريَّة، ومتى أردتَ الزِّيارة فاغتسل وزُرْ زَرْوَة الوَداع، فإذا فَرَغْتَ مِن زيارتك فاستقبل بِوجْهِك وَجْهَه والتمس القبر وقل:

«السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَليَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِاللهِ، أنْتَ لي جُنَّةٌ مِنَ الْعَذابِ، وَهذا أوانُ أنْصِرافي عَنْكَ؛ غَيرَ راغِبٍ عَنْكَ، وَلا مُسْتَبْدِلٍ بِكَ سِواكَ، وَلا مُؤثِرٍ عَلَيْكَ غَيرَكَ، وَلا زاهِدٍ في قُرْبِكَ (٣) ،جُدْتُ بِنَفْسي لِلْحَدَثانِ (٤) ،وَتَرَكْتُ الاُهْلَ وَالأوطانَ، فَكُنْ لي يَومَ حاجَتي وَفَقْرِي، وَفاقَتي، يَومَ لا يُغْني عَنّي والِدي وَلا وَلَدي، وَلا حَميمِي ولا قَرِيبي، أسْألُ اللهَ الَّذي قَدَّرَ وَخَلَقَ أنْ يُنَفِّسَ بِكَ كَرْبي، وَأسْألُ اللهَ

__________________

١ - قال في النّهاية: « الزّهرة: البياض النيِّر، وزهرة الدُّنيا وزينتها، أي حُسْنها وبَهْجَتِها وكَثْرة خَيْرها ».

٢ - عَسْكَرُ مُكْرَم - بضمِّ الميم وسكون الكاف وفتح الرّاء -: وهو بلد مشهور من نواحي خوزستان منسوب إلى مكرم بن معزاء الحارث أحد بني جَعْوَنَة بن الحارث بن نُمَير بن عامر بن صَعْصَة. ( من معجم البلدان ).

٣ - زهد فيه، كمنع وسمِع وكرم: ضدُّ رَغِبَ. ( القاموس ).

٤ - أي بذلت نفسي لحدثان الزّمان، وجعلتها عرضة لها باختيار السّفر لا سيّما هذا السّفر في تلك الأزمان المخوفة. ( ملاذ الأخيار ) وفي القاموس: « جاد بنفسه: قارب أن يَقضي ».

٢٧٢

 

الَّذي قَدَّر عَليَّ فِراقَ مكانِكَ أنْ لا يَجْعَلهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّي وَمِنْ رَجْعَتي (١) ،وَأسْألُ اللهَ الَّذي أبْكى عَلَيْكَ عَيْني أنْ يَجْعَلَهُ سَنَداً لي (٢) ،وَأسْألُ اللهَ الَّذي نَقلَني إلَيْكَ مِنْ رَحْلي وَأهْلي أنْ يَجْعَلَهُ ذُخْراً لي، وَأسْألُ اللهَ الَّذي أراني مَكانَكَ وَهَداني للتَّسْليم عَلَيْكَ وَلِزيارَتي إيّاك أنْ يُورِدَني حَوْضَكُمْ، وَيَرْزُقَني مُرافِقَتَكُمْ في الجِنانِ مَعَ آبائِكَ الصّالِحينَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعين، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفْوَةَ اللهِ [وَابْنَ صَفْوَتِه]، السَّلامُ عَلى رَسُولِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللهِ، حَبيبِ اللهِ وَصَفْوَتِهِ، وَأميِنِه وَرَسُولِهِ، وَسَيِّدِ النَّبِيِّينَ، السَّلامُ عَلى أمير المؤمنين وَوَصيّ رَسُولِ رَبِّ العالمين، وَقائدِ الغُرِّ المحجِّلينَ، السَّلامُ عَلَى الأئمَّةِ الرَّاشِدينَ والمَهْدِيّينَ، السَّلام عَلى مَنْ في الحائِر مِنْكُم (٣) [وَرَحمةُ اللهِ وَبركاتُهُ]، السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ اللهِ الباقِينَ المقِيمِينَ، الَّذينَ هُمْ بِأمْرِ رَبِّهِمْ قائِمونَ، السَّلامُ عَلَيْنا وَعَلى عِبادِ اللهِ الصّالِحينَ، وَالحمْدُ لله رَبِّ العالَمِين ».

وتقول:(٤) «سَلامُ اللهِ وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ المُقرَّبينَ وَأنْبِيائِهِ المُرْسَلينَ، وَعِبادِهِ الصّالِحينَ عَلَيْكَ يا ابْنَ رَسُولِ اللهِ وَعَلى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ وَعَلى ذُرِّيَّتك وَمَنْ حَضَرَكَ مِنْ أوليائِكَ، أسْتَودِعُكَ اللهَ وَأسْترعِيك (٥) وَأقْرَءُ عَلَيْكَ السَّلامَ، آمَنّا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَبما جاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِاللهِ، اللّهُمَّ اكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدِينَ »،

وتقول(٦) : «اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ وَلا تَجْعَلُهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِن زيارَتي ابْن رَسُولِكَ، وَارْزُقني زيارَتَهُ أبَداً ما أبْقَيْتَني، اللّهُمَّ انْفَعْني بِحُبِّهِ يا رَبَّ العالمِينَ، اللّهُمَّ ابْعَثْهُ (٧) مَقاماً محمُوداً إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ، اللّهُمَّ إنّي أسْألُكَ بَعْدَ الصَّلاةِ وَالتَّسْلِيمِ أنْ تُصَلّي عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، وَأنْ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زيارَتي إيّاهُ،

__________________

١ - في بعض النّسخ: « رجوعي ».

٢ - أي معتمداً. ( المجلسيّ - ره - ) وفي القاموس: « السَّنَد محرّكة: مُعْتَمد الإنسان ».

٣ - الظّاهر أنّ الخطاب متوجّهٌ إلى الأئمّة، والمراد الحسين عليه السلام، أو المراد من أهل بيتكم وأولادكم. ( ملاذ الأخيار )

٤ - في التّهذيب: « ثمّ أشر إلى القبر بمسبحتك اليُمنى وقلْ: إلخ ».

٥ - أي اطلب من الله حفظك، واسترعاه إيّاه استحفظه.

٦ - في التّهذيب: « ثمّ ارفع يديك إلى السّماء وقل: - إلخ ».

٧ - زيد في بعض النّسخ: « أبعثني معه ».

٢٧٣

فَإِنْ جَعَلْتَهُ يا رَبِّ فَاحْشُرني مَعَهُ وَمَعَ آبائِهِ، وَإنْ أبْقَيْتَني يا رَبِّ فَارْزُقْني الْعَوْدَ إلَيْهِ ثُمَّ الْعَوْدَ بِرَحمتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمين، اللّهُمَّ اجْعَلْ لي لِسانَ صِدْقٍ في أولِيائِكَ، وَحَبِّبْ إليَّ مَشاهِدَهُمْ (١) ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ، وَلا تَشْغَلْني عَنْ ذِكْركَ بإكْثار مِنَ الدُّنْيا تَلْهِيَني عَجائبُ بَهْجَتِها وَتُفْتِنَني زَهْراتُ زِينَتِها، وَلا بإقْلالٍ يَضُرُّني بِعَمَلي كَدُّهُ، وَيَملأُ صَدْري هَمُّهُ، وَأعْطِني بِذلِكَ غِنىً عَنْ شِرارِ خَلْقِكَ، وَبَلاغاً أنالُ بِهِ رِضاكَ يا رَحْمُنُ، والسَّلامُ عَلَيْكمْ يا مَلائِكَةَ اللهِ وزُوّارَ قَبرِ أبي عَبْدِالله عليه‌السلام »،

ثمّ ضَع خَدَّك الأيمن على القبر مرَّةً والأيسر مرَّة، وألحَّ في الدُّعاء والمسألة، فإذا خرجت فلا تُوَلِّ وَجْهَك عن القبر حتّى تخرج ».

الباب الخامس والثّمانون

( زيارة قبر العبّاس بن عليٍّ عليهما السلام)

١ - حدَّثني أبو عبدالرَّحمن محمّد بن أحمدَ بن الحسين العَسكريُّ بالعسكر، عن الحسن بن عليٍّ بن مَهزيار، عن أبيه عليٍّ بن مهزيار، عن محمّد بن أبي عُمَير، عن محمّد بن مَروانَ، عن أبي حمزة الثّماليِّ « قال: قال الصّادقعليه‌السلام : إذا أردت زيارة قبر العبّاس بن عليِّعليهما‌السلام - وهو على شطِّ الفُرات بحَذاء الحائِر - فقف على باب السَّقيفة وقل:

«سَلامُ الله وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ المُقَرَّبِينَ، وَأنْبِيائِهِ المُرْسَلينَ، وَعِبادِهِ الصّالِحينَ وَجَميع الشُّهَداءِ وَالصِّدِّيقِينَ، وَالزَّاكياتُ الطَّيِّباتُ فيما تَغْتَدي وَتَروحُ عَلَيْكَ يا ابْنَ أمِيرِ المؤْمِنينَ، أشْهَدُ لَكَ بالتَّسْليمِ وَالتَّصدِيقِ وَالوَفاءِ وَالنَّصِيحَةِ لِخَلَفِ النَّبيِّ المرْسَل، وَالسِّبْطِ المنْتَجبِ، وَالدَّليلِ العالِمِ، وَالْوَصِيِّ المُبَلِّغِ، وَالمظْلُومِ المهْتَضَمِ، فَجَزاكَ اللهُ عَنْ رَسُولِهِ وَعَنْ أميرِ المؤمنين وَعَنِ الحَسَنِ والحُسين صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أفْضَلَ الجَزاءِ بِما صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ، وَأعَنْتَ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ، لَعَنَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ جَهِلَ

__________________

١ - قوله: « مشاهدهم » أي مواطن حضورهم وظهورهم أحياء وأمواتاً. ( البحار )

٢٧٤

حَقَّكَ، وَاسْتَخَفَّ بِحُرْمَتِكَ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ حالَ بَيْنَكَ وَبَين ماءِ الْفُراتِ، أَشْهَدُ أنَّكَ قُتِلْتَ مَظْلُوماً، وَأنَّ اللهَ مُنْجِزٌ لَكُمْ ما وَعَدَكُمْ، جِئتُكَ يا ابْنَ أمير المؤْمِنينَ وافِداً إلَيْكُمْ، وَقَلْبي مُسَلّمٌ لَكُمْ، وَأنا لَكُمْ تابِعٌ، وَنُصْرَتي لَكُمْ مُعدَّةٌ حَتّى يحكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيرُ الحاكِمينَ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ عَدُوِّكُمْ، إنّي بِكُم وَبإيابِكُمْ مِنَ المؤمِنينَ، وَبِمَنْ خالَفَكُمْ وَقَتَلَكُم مِنَ الكافِرينَ، قَتَلَ اللهُ اُمَّةً قَتَلَتْكُمْ بِالأيْدِي وَالألْسُنِ ِ ».

ثمَّ ادخل وانكبّ على القبر وقل:

«السَّلامُ عَلَيْكَ أيُّها الْعَبْدُ الصّالِحُ، المُطِيعُ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأمِيرِ المؤمِنينَ، وَالحَسَنِ وَالحُسَين عليهم‌السلام، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ وَرِضْوانُهُ، وَعَلىُ رُوحِكَ وَبَدَنِكَ، وَاُشْهِدُ اللهَ أنَّكَ مَضَيْتَ عَلىُ ما مَضىُ عَلَيهِ الْبَدْرِيُّونَ، المُجاهِدُونَ في سَبِيل اللهِ، المُناصِحُونَ لَهُ في جِهادِ أعدائِهِ، المُبالِغُونَ في نُصْرَةِ أولِيائِهِ، الذَّابُّونَ عَنْ أحِبّائِهِ، فَجزاكَ اللهُ أفْضَلَ الجَزاءِ، وَأكْثَر الجَزاءِ، وَأوْفَرَ الجَزاءِ، وَأوْفى جَزاءِ أحَدٍ مِمَّنْ وَفى بِبَيْعَتِه، وَاسْتَجابَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَأطاعَ وُلاةَ أمْرِهِ، أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ بالَغْتَ في النَّصيحَةِ، وَأعْطَيْتَ غايَةَ المَجْهُودِ، فَبَعَثَكَ اللهُ في الشُّهَداءِ، وَجَعَلَ رُوحَكَ مَعَ أرْواحِ الشُّهَداءِ (١) ،وَأعْطاكَ مِنْ جِنانِهِ أفْسَحَها مَنْزِلاً، وَأفْضَلَها غُرَفاً، وَرَفَعَ ذِكْرَكَ في عِلِّيِّينَ، وَحَشَرَكَ مَعَ النَّبِيِّينَ، والصِّديقِينَ وَالشُّهَدآءِ وَالصّالِحينَ، وَحَسُنَ أولئِكَ رَفيقاً، أشْهَدُ أنَّكَ لَمْ تَهنْ وَلَمْ تَنْكُلِ، وَأنَّكَ مَضَيْتَ عَلى بَصيرةٍ مِنْ أمْرِكَ، مُقْتَديّاً بِالصّالِحينَ وَمُتَّبِعاً لِلنَّبيِّينَ، فَجَمَعَ اللهُ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ، وَبَينَ رَسُولِهِ وَأوْلِيائِهِ في مَنازِلِ المُخْبِتينَ، فَإنَّهُ أرْحَمُ الرَّاحِمينَ » »(٢) .

__________________

١ - في البحار: « مع أرواح السّعداء ».

٢ - قال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: ذكر الأصحاب في زيارته عليه السلام الصّلاة، والخبر خال عنها، ولذا بعض المعاصرين يمنع من الصّلاة لغير المعصوم لعدم التَّصريح في النُّصوص بالصَّلاة لهم عند زيارتهم، لكن لو أتى الإنسان بها لا على قصد أنّها مأثورة على الخصوص بل للعمومات الّتي في إهداء الصّلاة والصّدقة والصّوم وسائر الاُفعال الخير للأنبياء والأئمّة والمؤمنين والمؤمنات، وأنّها تدخل على المؤمنين في قبورهم وتنفعهم لم يكن به بأس وكان حسناً، مع أنّ المفيد و

٢٧٥

الباب السّادس والثمانون

( وَداع قَبر العَبّاس بن عَليٍّ عليهما السلام)

١ - حدَّثني أبو عبدالرَّحمن محمّد بن أحمدَ بن الحسين العَسكريُّ بالعَسكر، عن الحسن بن عليٍّ بن مَهزيار، عن أبيه علىّ بن مَهزيار، عن محمّد بن أبي عُمَير، عن محمّد بن مَروان، عن أبي حمزةَ الثّماليِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إذا ودَّعت العبّاس فَأته وقل: «أسْتَودِعُكَ اللهَ وَأسْتَرعِيكَ وَأقْرَءُ عَلَيْكَ السَّلامَ، آمَنّا بِاللهِ وَبرسُولِهِ وَبِكِتابِهِ وَبِما جاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، اللّهُمَّ اكتُبنا مَعَ الشّاهِدينَ، اللّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زيارَة قَبرِ ابْنِ أخي نَبِيّك، وَارْزُقني زِيارَتَهُ أبَداً ما أبْقَيْتَني، وَاحْشُرني مَعَهُ وَمَعَ آبائِهِ في الجِنانِ، وَعَرِّف بَيْني وَبَيْنَهُ وَبَينَ رَسُولِكَ وَأولِيائِكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتَوَفَّني عَلَى الايمانَ بِكَ وَالتَّصْدِيقِ بِرَسُولِكَ، وَالْوِلايَةِ لِعَليِّ ابْنِ أبي طالِبٍ وَالأئمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ، وَالْبَراءةِ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَإنّي رَضيتُ بِذلِكَ يارَبَّ ».

وتدعو لنفسك ولوالديك والمؤمنين والمسلمينَ وتخيّر من الدُّعاء ».

* * * * *

____________

غيره - رحمهم الله - ذكروها في كتبهم، فلعلّهم وصل إليهم خبرٌ آخر لم يصلْ إلينا.

ثمّ اعلم أنّ ظاهر تلك الرّواية جواز الوقوف على قبره - رضي الله عنه - على أيِّ وجهٍ كان، ولو كانت السّقيفة في الزّمن السّابق على نحو بناء زَماننا، لكان ظاهر الخبر مواجهته عند الزّيارة، لكن ظاهر كلام الأصحاب وعملهم أنّ في زيارة غير المعصوم لا ينبغي مواجهته، بل ينبغي استقبال القبلة فيها والوقوف خلفه، ولم أر تصريحاً في أكثر الزّيارات المنقولة بذلك.

نعم ورد في زيارة المؤمنين مطلقاً استحباب استقبال القبلة، لكن لايبعد أن يقال كما أنّهم امتازوا عن سائر المؤمنين بهذه الزيارات المشتملة على المخاطبات، فلعلّهم امتازوا عنهم باستقبالهم كما هو عادة المكالمات والمحاورات. لكن ورد في بعض الرّوايات المنقول الأمر باستقبال القبلة عند زيارة بعضهم كزيارة عليِّ بن الحسين عليه السلام فيما ورد عن النّاحية المقدّسة، والتّخير فيما لم يرد فيه شيء على الخصوص أظهر، والله يعلم - انتهى.

٢٧٦

الباب السّابع والثّمانون

( وداع قُبور الشّهداء عليه السلام)

تقول: «اللّهُمَّ لا تجعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زيارتي إيّاهُمْ، وَأشْرِكْني مَعَهُم في صالِحِ ما أعْطَيْتَهُمْ عَلى نَصْرِهِمْ ابْنَ بِنْتِ نَبيِّكَ، وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وَجِهادِهِمْ مَعَهُ في سَبيِلكَ، اللّهُمَّ اجْمَعْنا وَإيّاهُمْ في جَنَّتِكَ مَعَ الشُّهَداءِ وَالصّالِحِينَ، وَحَسُنَ أولئِكَ رَفيقاً، أسْتَودِعُكُمُ اللهَ وأقْرَءُ عَلَيْكُم السَّلامُ، اللّهُمَّ ارْزُقْني الْعَودَ إلَيْهِم، وَاحْشُرني مَعَهُمْ يا أرْحَمَ الرَّاحِمين (١) ».

الباب الثّامن والثّمانون

( فَضل كربلاء وزيارة الحسين عليه السلام)

[ للحسين(٢) بن أحمدَ بن المغِيرَة فيه حديث رواه شيخه أبو القاسمرحمه‌الله مصنّف هذا الكتاب نقل عنه وهو عن زائدة، عن مولانا عليِّ بن الحسينعليهما‌السلام ، ذهب على شَيخُنارحمه‌الله أن يضمّنه كتابه هذا وهو ممّا يليق بهذا الباب ويشتمل أيضاً على مَعانٍ شتّى حَسَنٍ تامّ الألفاظ، أحببتُ إدخاله وجعلته أوَّل الباب، وجميع أحاديث هذا الباب وغيرها ممّا يَجري مجراها يستدلُّ بها على صِحّة قبر مولانا الحسينعليه‌السلام بكربلاء، لأنَّ كثيراً مِنَ المخالفين يُنكرونَ أنَّ قبرَه

__________________

١ - قال العلاّمة المجلسيّ عليه السلام: « يظهر من القرائن أنّ وَداع الشّهداء أيضاً من تتمّة رواية الثّماليّ، والكلّ من تتممّة الرّواية الكبيرة الّتي اسلفنا ذكرها عن الثّمالي ( ص ٢٣٦ ح ٢١ ).

٢ - هذا الحديث ليس من أصل الكتاب، وإنّما أدرجه فيه بعض تلامذة المؤلّف قدّس سرّه فما في البحار مِن نقله عن الكتاب من غير تنبيه على ما ذكر ليس في محلّه. ( الأميني - ره - )

٢٧٧

بكربلاء كما ينكرون أنّ قبرَ مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام بالغَريِّ بظهر نجف الكوفة وقد كنت استفدت هذا الحديث بمصر عن شيخي أبي القاسم عليِّ بن محمّد بن عُبْدوُس الكوفيِّرحمه‌الله ممّا نقله عن مُزاحِم بن عبدِالوارث البّصريِّ بإسناده عن قُدامَةَ بن زائِدَة، عن أبيه زائِدَة، عن عليِّ بن الحسينعليهما‌السلام ، وقد ذاكرتُ شيخنا ابنَ قُولُوَيْه بهذا الحديث بعدَ فَراغِه مِن تصنيف هذا الكتاب ليدخله فيه فما قضى ذلك وعاجلتْه مَنيَّتهرضي‌الله‌عنه وألْحقه بمواليهعليهم‌السلام .

وهذا الحديث داخلٌ فيما أجاز لي شيخيرحمه‌الله وقد جمعت بين الرِّوايتين بالألفاظ الزَّائِدة والنّقصان والتَّقديم والتّأخير فيها حتّى صحّ بجميعه عَمّن حدَّثني به أوَّلاً ثمَّ الآن، وذلك أنّي ما قَرَءْتُه على شيخيرحمه‌الله ولا قرءه عَليَّ، غير أنّي أرويه عَمّن حدَّثني به عنه، وهو:

أبو عبدالله أحمدُ بن محمّد بن عيّاش(١) قال: حدَّثني أبو القاسم جعفر بن محمّد ابن قولُوَيه قال: حدَّثني أبو عيسى عبيدالله بن الفضل بن محمّد بن هِلال الطّائيُّ البَصريُّ قال: حدَّثني أبو عثمان سعيد بن محمّد قال: حدَّثنا محمّد بن سلاَم بن يَسار(٢) الكوفيُّ قال: حدَّثني أحمدُ بن محمّد الواسطيُّ قال: حدَّثني عيسى بن أبي شَيبة القاضي قال: حدَّثني نوح بن دُرّاج قال: حدَّثني قُدامة بن زائِدة، عن أبيه « قال: قال عليُّ بن الحسينعليهما‌السلام : بلغني يا زائِدَةُ أنّك تَزورُ قبرَ أبي عبدالله الحسينعليه‌السلام أحياناً؟ فقلت: إنَّ ذلك لَكَما بَلَغك، فقال لي: فلما ذا تفعَلُ ذلك ولك مَكانٌ عند سُلطانك الَّذي لا يحتمل أحداً على محبّتنا وتفضيلنا وذِكرِ فضائِلنا والواجب على هذه الاُمّة مِن حَقِّنا؟ فقلت: واللهِ ما اُريد بذلك إلاّ اللهَ وَرسولَه، ولا أحْفِلُ بسخط مَن سَخَط، ولا يكبُرُ في صدري مكروه ينالني بسببه، فقال: والله إنَّ ذلك لَكذلك، فقلت: والله إنَّ ذلك لَكذلك، يقولها - ثلاثاً - و

__________________

١ - هو أحمد بن محمّد بن عبيدالله بن الحسن بن عيّاش الجوهري، المتوفّى سنة ٤٠١. قال النّجاشي رحمه الله: رأيت هذا الشّيخ وكان صديقاً لي ولوالديّ، وسمعت منه شيئاً كثيراً، ورأيت شيوخنا يضعّفونه فلم أرو عنه وتجنّبته.

٢ - في بعض النّسخ: « سيّار ».

٢٧٨

أقولها - ثلاثاً - فقال: أبشِر ثمَّ أبشِر ثمَّ أبشِر (١) فَلأخبرنَك بخبر كان عندي في النُّخَبِ (٢) المخزونة، فإنّه لمّا أصابنا بالطّفّ ما أصابنا وقُتِل أبيعليه‌السلام وقُتِل مَن كان معه مِن وُلده وإخوته وسائر أهلِه وحملت حُرُمه ونساؤه على الأقتاب يرادّ بنا الكوفة، فجعلت أنظر إليهم صَرعى ولم يواروا فعظم ذلك في صدري واشتدَّ لما أرى منهم قلقي، فكادت نفسي تخرج وتبيّنت ذلك منّي عَمّتي زَينب الكُبرى بنت عليٍّعليهما‌السلام فقالت: ما لي أراك تجود بنفسك يا بقيّة جدِّي وأبي وإخوتي؟!! فقلت: وكيف لا أجزع وأهْلَعُ وقد أرى سَيّدي وإخوتي وعُمُومتي وولد عَمّي وأهلي مُصرعين بدمائهم، مرمّلينَ بالعرى، مسلبين، لا

__________________

١ - قال العلاّمة الأميني رحمه الله: ذهب غير واحدٍ من الفقهاء والمحقّقين إلى جواز زيارة الحسين عليه السلام مع أيّ خوف وضرر، لإطلاق النّصوص كما مرّت في الباب ٤٥، ولعلّ التاريخ يملي علينا دروساً من عمل الأصحاب على عهد الأئمّة صلوات الله عليهم منضمّة بتقريرهم له، يؤكّد ما اختاره المحقّقون ولقد حمل إلينا عن أولئك أنّهم ما صدّهم عن قصد مشهد الحسين عليه السلام ما كابدوه من المثلة والتّنكيل والعقوبة بحبس وضرب وقطع يد وهتك حرمة وقابلوها بجأش طامن، ولبّ راجح، وشوق متأكّد، وهذا كتابنا ينطق عليك بالحقّ في حديث مرّ [في ص ١٣٥ تحت رقم ٢] في زيارة ابن بكير وإتيانه لها من أرّجان ( من بلاد فارس ) خائفاً مشفقاً من السّلطان والسّعاة وأصحاب المسالح، وهو من فقهاء الطّائفة كما في رجال الكشّي، وفيما يأتي [في الباب ٩١ تحت رقم ٧] من حديث زيارة مثل محمّد بن مسلم على خوف ووجل وهو أكبر ثقة في الطائفة، عدّه الصّادق عليه السلام من أوتاد الأرض وأعلام الدّين، وفي كلا الحديثين فضلاً عن تقرير الإمام عليه السلام لفعلهما بيان ثواب جميل لهما بذلك ونصّ على أنّ ما كان من هذا أشدّ فالثّواب على قدر الخوف، ويدلّ على مختار المحقّقين حديث هشام بن سالم الثّقة الجليل المرويّ عن الصّادق عليه السلام المذكور بطوله [في ص ١٣٣ تحت رقم ٢ من الكتاب] وفيه تفصيل بيان ثواب عظيم لمن يقتل دون الحسين عليه السلام، وأجر جميل لا يستهان به لمن حبس في إتيانه، وجزاء جزيل لمن ضرب بعد الحبس في قصد مشهده، إذن فلا ندحة من تعميم الحكم على جميع ما ذكر وإن صعّد وصوّب فيه المهملجون.

٢ - في بعض النّسخ بالحاء المهملة، وفي بعضها: « في البحر ».

٢٧٩

يُكفَّنون ولا يُوارون، ولا يُعَرِّج عليهم أحدٌ، ولا يقرُبُهم بَشرٌ، كأنّهم أهل بيتٍ مِن الدَّيْلَم والخَزَر؟!! فقالت: لا يُجْزِ عَنَّك ما ترى، فوالله إنَّ ذلك لعهد مِن رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى جَدِّك وأبيك وعمّك، ولقد أخذ الله ميثاق اُناسٍ مِن هذه الاُمّة لا تعرفهم فَراعِنَة هذه الاُمّة وهم معروفون في أهل السّماوات أنَّهم يجمعون هذه الأعضاء المُتَفَرّقَةَ فيُوارونَها وهذه الجُسومَ المُضَرَّجة، وينصبون لهذا الطّفّ عَلَماً لِقَبر أبيك سيّد الشُّهداء لا يدرس أثره ولا يعفو رَسمُه على كرورِ اللّيالي والأيّام، وليجتهدنَّ أئمّة الكفر وأشياع الضّلالة في مَحْوِه وتطمِيسه فلايزداد أثره إلاّ ظهوراً وأمره الاّ عُلوّاً، فقلت: وما هذا العهد وما هذا الخبر؟! فقالت: نَعَم، حدَّثتني اُمُّ أيمن أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله زارَ منزل فاطمةعليها‌السلام في يوم من الأيّام فعملت له حَريرة، وأتاه عليٌّعليه‌السلام بطبق فيه تمرٌ، ثمَّ قالت اُمُّ أيمن: فأتيتهم بعُسٍّ (١) فيه لبن وزُبْد، فأكل رَسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليُّ وفاطمةُ والحسنُ والحسينُعليهم‌السلام من تلك الحَريرة، وشرب رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وشربوا من ذلك اللّبن، ثمَّ أكل وأكلوا من ذلك التَّمر والزُّبْد، ثمَّ غَسَل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يده وعلي يَصبُّ عليه الماء، فلمّا فرغ من غَسْل يده مسح وجهه، ثمَّ نظر إلى عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين نظراً عرفنا به السّرور في وجهه ثمّ رمق بطرْفه (٢) نحو السّماء مليّاً، ثمَّ [أنّه] وجّه وجهه نحو القِبلة وبسط يديه ودعا ثمّ خَرَّ ساجداً وهو يَنشِجُ (٣) فأطال النَّشوج ( كذا ) وعلا نَحِيبه وجرت دموعه، ثمَّ رفع رأسه وأطرق إلى الأرض ودموعُهُ تقطر كأنّها صوب المطر، فحَزنَت فاطمة وعليُّ والحسن والحسينعليهم‌السلام وحزنتُ معهم لما رَأينا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهبناه أن نسأله حتّى إذا طال ذلك قال له عليُّ؛ وقالت له فاطمة: ما يُبكيك يا رَسول الله لا أبكى الله عَينيك فقد أقرح قلوبنا ما نَرى من حالك؟!

__________________

١ - العُسّ - بالضّمّ والسّين المهملة المشدّدة -: القدح الكبير، وفي بعض النّسخ: « بقعب » - بفتح القاف المعجمة - يقال للقدح من خشب مقعّر.

٢ - أي نظر.

٣ - نشج الباكي نشيجاً غُصّ بالبكاء في حلقه، من غير انتحاب.

٢٨٠