الإمام المهدي المصلح العالمي المنتظر

الإمام المهدي المصلح العالمي المنتظر0%

الإمام المهدي المصلح العالمي المنتظر مؤلف:
تصنيف: الإمامة
ISBN: 978-964-497-086-3
الصفحات: 204

الإمام المهدي المصلح العالمي المنتظر

مؤلف: الشيخ محمد جواد الطبسي
تصنيف:

ISBN: 978-964-497-086-3
الصفحات: 204
المشاهدات: 56640
تحميل: 3642

توضيحات:

الإمام المهدي المصلح العالمي المنتظر
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 204 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 56640 / تحميل: 3642
الحجم الحجم الحجم
الإمام المهدي المصلح العالمي المنتظر

الإمام المهدي المصلح العالمي المنتظر

مؤلف:
ISBN: 978-964-497-086-3
العربية

قال الباقرعليه‌السلام لمحمّد بن مسلم :« وأمًا شبهه من عيسى ، فاختلاف من اختلف فيه ، حتّى قالت طائفة منهم : ما ولد ، وقالت طائفة : مات ، وقالت طائفة : قُتلوصُلب» (١) .

٧ ـ صفة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

وذكرت الروايات عن المهديعليه‌السلام :«أنّه يهتدي بهداه ، ويسير بسيرته» (٢) ، أي يسير بسيرة رسول الله ، ويهدي النّاس بطريقة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

قال الإمام الباقرعليه‌السلام :« وأمّا شبهه من جدّه المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فخر وجه بالسيف ،وقتله أعداء الله وأعداء رسوله ، والجبّارين والطواغيت ، وأنّه ينصر بالسيفوالرعب ...» (٣) .

وقال أيضاً : « وسمع منه أبو بصير :وأمّا من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله فالقيام بسيرته ، وتبيين آثاره» (٤) .

السؤال الثلاثون :

لماذا يقوم المهدي عليه‌السلام بالسيف؟

لا شكّ أنّ الإمام المهدي هو الذي يقوم بالسيف ، وقد مرّ عليك أنّ فيهعليه‌السلام شبهاً من جدّه المصطفى ، حيث يقوم بالسيف ، وأنّه سوف ينتصر على أعداء الله بالسيف. فإن قيل : لماذا بالسيف وقد ملأ العالم بالأسلحة الحديثة؟

_________________________

(١)بحار الأنوار : ٥١ / ٢١٨.

(٢)كمال الدين : ٢ / ٣٥٠.

(٣)و(٤)بحار الأنوار : ٥١ / ٢١٨.

١٢١

قلنا : من المحتمل أن تقع حروب ذرّيّة قبل الظهور ، ممّا يسبّب زوال التكنولوجيا الحديثة ، ومنهنا لا تجد سلاحاً غير السيف في عصر الظهور.

ومن المحتمل أيضاً أن يكون السيف هو رمز القدرة ، بمعنى أنّه يحارب الأعداء لا أنّه يحارب أعدائه حقيقة بالسيف.

السؤال الحادي الثلاثون :

ما هي مواريث الأنبياء الموجودة عند الإمام المهدي عليه‌السلام ؟

الجواب : إنّ حكومة المهديعليه‌السلام هي مظهر القدرة الإلٰهيّة اللامتناهية ، فإنّ الإرادة الإلهيّة اقتضت أن يعطي عبده الصالح بما أعطى أنبياءه من الصفات العالية ، حتّى يحيي ذكرى جميع الأنبياء والمرسلين من الأوّلين والآخرين ، وورث أيضاً ما بقى عنهم من المواريث ، وإليك المواريث الموجودة عند الإمام المهديعليه‌السلام :

١ ـ عمامة رسول الله وقميصه

روي :«أنّ الإمام المهدي عندما يظهر يكون على رأسه عمامة جدّه صلى‌الله‌عليه‌وآله البيضاء» (١) ، وهكذا يرتدي قميص جدّه الملطّخ بالدماء في معركة اُحد.

كما أشار الإمام الصادقعليه‌السلام إلى ذلك وقال ليعقوب بن شعيب :«ألا اُريك قميص القائم الذي يقوم به؟

فقلت : بلى.

قال : فدعا بقَمطر ففتحه ، وأخرج منه قميص كرابيس ، فنشره فإذا في كمّه الأيسر دمٌ.

_________________________

(١)عقد الدرر : ٢٧٧.

١٢٢

فقال :هذا قميص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي عليه يوم ضربت رباعيته ، وفيه يقوم القائم.

فقبّلت الدم ووضعته على وجهي ، ثمّ طواه أبو عبداللهعليه‌السلام ورفعه»(١) .

٢ ـ درع الرسول وذو فقاره

وأشار الصادقعليه‌السلام إلى أنّ وراثة سلاح الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله من علامات الإمامة. قال الحارث بن المغيرة النصري : «قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : بأي شيء يُعرف الإمام؟

قال :بالسكينة والوقار.

قلت : وبأيّ شيء؟

قال :وتعرفه بالحلال والحرام ، وبحاجة النّاس إليه ، ولا يحتاج إلى أحد ،ويكون عنده سلاح رسول الله ...» (٢) .

٣ ـ راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

وعنده أيضاً راية النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله التي جاء بها جبرئيل إليه في يوم بدر ، ولمّا رفعت إنتصر المسلمون ، ولقد حمل الإمام أمير المؤمنين ونشرها يوم الجمل ، وقفأ عين الفتنة ، وأصرّ جماعة من الصحابة على رفع تلك الراية يوم صفّين ،ـفلم يقبل ذلك ، فقال للحسن :

«يا بنيّ ، إنّ للقوم مدّة يبلغونها ، وإنّ هذه الراية لا ينشرها بعدي إلاّ القائم صلوات الله عليه» (٣) .

_________________________

(١)الغيبة : ٢٤٣.

(٢)الغيبة : ٢٤٢.

(٣)معجم أحاديث الإمام المهديعليه‌السلام : ٣ / ٣٨٦.

١٢٣

قال أبو خالد الكابلي : «قال لي عليّ بن الحسينكأنّي بصاحبكم قد علا فوق نجفكم بظهر كوفان في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً ، جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن شماله ، وإسرافيل أمامه ، معه راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد نشرها ، لا يهوى بها إلى قوم إلاّ أهلكم الله عزّوجلّ »(١) .

٤ ـ عصى موسىعليه‌السلام

روى الصفّار بسنده عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، قال :«كانت عصى موسى لآدم ، فصارت إلى شعيب ، ثمّ صارت إلى موسى بن عمران ، وإنّها لعندنا ، وإنّ عهدي بها آنفاً ، وهي خضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرها ، وإنّها لتنطق إذا استُنطقت ، اُعدّت لقائمنا ليصنع كما كان موسى يصنع بها ، وإنّها لتروّع وتلقف ، قال : إنّ رسول الله لما أراد الله أن يقبضه أورث عليّاً علمه وسلاحه ، وما هناك ، ثمّ صار إلى الحسن والحسين ، ثمّ حين قتل الحسين استودعه اُمّ سلمة ، ثمّ قبض بعد ذلك منها.

قال : فقلت : ثمّ صار إلى عليّ بن الحسين ، ثمّ انتهى إليك؟

قال :نعم» (٢) .

٥ ـ حَجر موسىعليه‌السلام

أمّا الصخرة التي ضرب عليها موسى وخرج منها ماءً معيناً ، فهي عند الإمام المهديعليه‌السلام .

قال الباقرعليه‌السلام :«إذا قام القائم بمكّة وأراد أن يتوجّه إلى الكوفة نادى مناديه : _________________________

(١)أمالي المفيد : ٤٥. معجم أحاديث الإمام المهديعليه‌السلام : ٣ / ٢٠١.

(٢)بصائر الدرجات : ١٨٣.

١٢٤

ألا لا يحمل أحد منكم طعاماً ولا شراباً ، ويجمل حجر موسى بن عمران ،وهو وقر بعير ، ولا ينزل منزلاً إلاّ انبعث عين منه ، فمن كان جائعاً شبع ، ومن كان ظمآن روي ، فهو زادهم حتّى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة» (١) .

٦ ـ تابوت السكينة

وهذا هو ذلك الصندوق الذي أرسله اللهتعالى إلى اُمّ موسى ، فوضعت فيه رضيعها وأقته في البحر ، وفي هذا الصندوق وضع فيه موسىعليه‌السلام في آخر أيّام حياته الألواح والسلاح ، وكلّ آثار نبوّته(٢) .

فعلى قول بعض الأعلام : «كان في ذلك الصندوق صور أنبياء الله ، وكان يحمله بنو إسرائيل في حروبهم ، وكانوا يرزقون الشهادة ببركته»(٣) .

والحجّة القائمعليه‌السلام عندما يظهر يذهب إلى بيت المقدس ، يخرج ذلك التابوتوخاتم سليمان وألواح موسىعليه‌السلام (٤) .

٧ ـ مجموعة اُخرى من آثار الأنبياء

روى الصفّار القمّي عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن معاوية بن وهب ، عن سعيد السماك ، قال : «كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام ؛ إذ دخل عليه رجلان من الزيديّة ، فقالا : أفيكم إمام مفترض طاعته؟

فقال : لا.

_________________________

(١)بصائر الدرجات : ١٨٨.

(٢)الشيعة والرجعة : ١ / ١٦٤.

(٣)المصدر المتقدّم : ١٦٣.

(٤)بصائر الدرجات : ١٧٥.

١٢٥

فقالا له : فأخبرنا عنك الثقات إنّك تعرفه ، ونسمّيهم لك ، وهم فلان وفلان ،وهم أصحاب ورع وتشمير ، وهم ممّن لا يكذّبون.

فغضب أبو عبداللهعليه‌السلام وقال :ما أمرتهم بهذا ، فلمّا رأيا الغضب في وجهه خرجا.

فقال لي :أتعرف هذين؟

قلت : نعم ، هما من أهل سوقنا من الزيديّة ، وهما يزعمان أنّ سيف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند عبدالله بن الحسن.

فقال :كذبا لعنهما الله ، ولا والله ما رآه عبدالله بعينه ، ولا بواحد من عينيه ،ولا رآه أبوه ، إلاّ أن راه عند عليّ بن الحسين بن عليّ ، وإن كانا صادقَين فما علامة في مقبضه ، وما لا ترى في موضع مضربه ، وإنّ عندي لسيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ودرعه ولامته ومغفره ، فإن كانا صادقَين فما علامة في درعة ، وإنّ عندي لراية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المغلبة ، وإنّ عندي ألواح موسى وعصاه ، وإنّ عندي لخاتم سليمان بن داود ، وإنّ عندي الطست الذي كان يقرّب بها موسى القربان ، وإنّ عندي الإسم الذي كان إذا أراد رسول الله أن يضعه بين المسلمين والمشركين لم يصل من المشركين إلى المسلمين نشّابة ، وإنّ عندي التابوت التي جاءت به الملائكة تحمله ، ومثل السلاح فينا مثل التابوت في بني إسرائيل أهل بيت وقف التابوت على باب دارهم اُوتوا النبوّة كذلك ، ومن صار إليه السلاح منّا اُوتي الإمامة ، ولقد لبس أبي درع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فخطّت على أرض خطيطاً ، ولبستها أنا فكانت ، وقائمنا ممّن إذا لبسها ملأها إن شاء الله »(١) .

واُشير أيضاً في بعض الأحاديث إلى آثار اُخرى ، كما عن الصادق وغيره من

_________________________

(١)بصائر الدرجات : ١٧٤.

١٢٦

المعصومين ، مثل : درع رسول الله ولواه(١) ، وقميص آدم(٢) ، وكتب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) ، ونعل رسول الله(٤) ، وخاتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٥) ، والجفنة التي اُهديت إلى رسول الله ملأ لحم وثريد(٦) ، وقميص إبراهيم ويوسف(٧) ، وإن كلّ ذلك موجود ومذخور عند قائم آل محمّدعليهم‌السلام .

٨ ـ الكتب السماويّة

لقد وصلت جميع الكتب السماويّة إلى يد العترة الطاهرة عن طريق الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجميعها موجودة الآن عند آخر الذخائر الإلهيّة ، أي الحجّة القائم المهديعليه‌السلام .

وسيأتي بكلّ ذلك عندما يخرج من وراء ستار الغيبة.

قال الصادقعليه‌السلام لأبي بصير :«يا أبا محمّد ، إنّ الله لم يعط الأنبياء شيئاً إلاّ وقد أعطى محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله جميع ما أعطى الأنبياء ، وعندنا الصحف التي قال الله : ( صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ ) (٨) .

قلت : جعلت فداك ، وهي الألواح؟

قال:نعم »(٩) .

_________________________

(١)و(٢)بصائر الدرجات : ١٧٨.

(٣)المصدر المتقدّم : ١٨٠.

(٤)و(٥)المصدر المتقدّم : ١٨٢.

(٦)المصدر المتقدّم : ١٨٥.

(٧)المصدر المتقدّم : ١٨٩.

(٨)الأعلى (٨٧) : ١٩.

(٩)بصائر الدرجات : ١٣٦.

١٢٧

٩ ـ القرآن الذي جمعه عليّعليه‌السلام

لمّا ارتحل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بقي عليّعليه‌السلام حليف البيت يجمع القرآن بأمر منه ، ولمّا فرغ من جمعه حمل القرآن إلى المسجد وعرضه على أبي بكر ، فقال له عمر : يا عليّ ، اردده فلا حاجة لنا به ، فأخذهعليه‌السلام وانصرف ...

فلمّا استخلف عمر سأل عليّاً أن يدفع إليهم القرآن فقال : يا أبا الحسن ، إن جئت بالقرآن الذي كنت قد جئت به إلى أبي بكر حتّى نجتمع عليه.

فقالعليه‌السلام :هيهات ، ليس إلى ذلك سبيل ، إنّما جئت به ليقوم الحجّة عليكم ،ولا تقولوا يوم القيامة : إنّا كنّا عن هذا غافلين ، أو تقولوا : ما جئتنا به ، إنّ القرآن الذي عنده لا يمسّه إلاّ المطهّرون والأوصياء من ولدي .

قال عمر : فهل لإظهاره وقت معلوم؟

فقال :نعم ، إذا قام القائم من ولدي يظهر ويحمل النّاس عليه فتجري السنّة ...» (١) .

وعنده أيضاً جميع آثار المعصومين وكتبهم ، كالصحيفة الجامعة(٢) التي هي بإملاء رسول الله ، وخطّ الإمام أمير المؤمنين ، وكتاب عليّ(٣) ، ومصحف فاطمة(٤) ،والجفر الأبيض(٥) ، والجفر الأحمر(٦) ، والصحيفة التي فيها أسماء جميع الأنبياء

_________________________

(١)الشيعة والرجعة : ١ / ٤١٨.

(٢)بصائر الدرجات : ١٤٢.

(٣)المصدر المتقدّم : ١٤٧.

(٤)و(٦)المصدر المتقدّم : ١٥١.

(٥)معجم أحاديث الإمام المهديعليه‌السلام :

١٢٨

والملوك(١) ، وأتباع أهل البيت ، وغير ذلك(٢) ، وقد تصدّى الصفّار القمّيرحمه‌الله لجمع هذه الروايات والأحاديث عن النبيّ وأهل البيت في كتابه بصائر الدرجات ، فراجع.

وقفة قصيرة : فإن قيل : فما فائدة هذه المواريث التي عند الإمام المهديعليه‌السلام ؟

قلنا : لقد مرّ عليك أنّ بعض هذه المواريث يستخدمه القائمعليه‌السلام عندما يظهر للغلبة والنصر على الأعداء كما استخدمه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام للغلبة على الأعداء في بدر ، ولإطفاء نار الحرب في الجمل ، وهي الراية التي جاء بها جبرئيل إلى رسول الله في غزوة بدر. وهكذا شأن تابوت السكينة الذي كان مع بني إسرائيل للغلبة على الأعداء ، وحجر موسىعليه‌السلام .

وتدلّ هذه المواريث أيضاً على إمامته ، حيث كانت كلّها بيد من تقدّمه من الأئمّة الهداة ، تدلّ أيضاً تقدّمه على سائر النّاس في زمانه. فلو علم اليهودـمثلاًـأنّ عنده عصا موسى وألواحه وتابوت السكينة وغيرها من آثار الأنبياء ، وخصوصاً آثار موسىعليه‌السلام لآمنوا به ، وتركوا الحرب والتخاصم معه.

وهكذا لو علمت النصارى بنزول عيسى إلى الأرض ، وكسره الصليب ،وصلاته خلف المهديعليه‌السلام لآمن به أكثرهم إلاّ ما شذّ وندر.

ولو قيل : إنّه مرّ علينا أنّ عصا موسى عند الإمام المهديعليه‌السلام ، وهي خضراء كهيئتها ، فكيف يمكن أن تبقى هذه العصا خضراء وقد مرّ عليها آلاف من السنينولم تتغيّر.

_________________________

(١)معجم أحاديث الإمام المهديعليه‌السلام : ١٦٩.

(٢)المصدر المتقدّم : ١٧١.

١٢٩

قلنا : إنّ الله لمّا أمات الذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها ، فقال : أنّى يحيي هذه الله بعد موتها ، وأحياه الله بعد مائة عام ، قال له : فانظر إلى طعامكوشرابك لم يتسنّه ، أي لقد مرّ على طعامك وشرابك هذه الأعوام ولم يتغيّر طعمهولا لونه ولا رائحته.

فما هو جوابك في هذا المقام ، فكان الجواب هو الجواب.

١٣٠

١٣١

١٣٢

تتميّز حكومة الإمام المهدي الكريمة بمميّزات خاصّة كما صرّحت بذلك الروايات ، وأنّه لا توجد دولة إلى الآن ، سواء كانت على حقّ أو باطل ، فيها هذه المميّزات ، وأنّ لله عزّوجلّ قد جعل كلّ مظاهر الجمال في حكومة ذخيرته في آخر الزمان.

وسنبحث في هذا الفصل حول التغييرات العظيمة في ذلك اليوم ، وما يحصل في ذلك اليوم من أحداث غريبة ، ومعاجز عجيبة على يد المهديعليه‌السلام ، من نزول عيسى من السماء وكشفه عن خزائن الدنيا ، ورجوع الأنبياء ، وإحياء بعض الأموات إلى الدنيا.

السؤال الثاني والثلاثون :

هل إنّ حكومة المهدي عليه‌السلام عالميّة؟

الجواب : تحدّث القرآن الكريم عن عالميّة الدين الإسلامي بقوله :( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (١) .

والجدير بالذكر أنّ الإسلام إلى اليوم لم يظهر على كلّ الأديان ، وأنّ الوعد الإلهي لمّا لم يتخلّف سوف يأتي ذلك اليوم الذي يعم هذا الدين على كلّ العالم.

_________________________

(١)التوبة(٩) : ٣٣.

١٣٣

ولا يتحقّق هذا الوعد إلاّ بظهور المنتظر(عج)عندما يؤسّس الحكومة العالميّة ،ويطبّق الدين الإسلامي في أنحاء العالم ، كما وعد الله عزّوجلّ.

وورد أيضاً في القرآن الكريم حول وراثة الصالحين من عباده للأرض فقال :( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) (١) .

فمع العلمم أنّ هذا الوعد لم يتحقّق بعد ، ستكون هذه الوراثة على يد الإمام المهدي كما نبّهت بذلك الأحاديث الإسلاميّة(٢) .

قال الصادقعليه‌السلام في تفسير قوله تعالى :( وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا ) (٣) :«إذا قام القائم لا تبقى أرض إلاّ نودي فيها شهادة أن لا إلٰه إلاّ الله» (٤) .

تظافرت الروايات عن النبيّ والأئمّة على أنّ المهديعليه‌السلام سيملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، حيث أكّد على كلمة الأرض لا غير.

فبالنتيجة : أنّ الآيات تؤكّد على حكومته العالميّة من خلال تطبيق الدين ووراثة الصالحين على جميع الأرض ، وروايات الخاصّة والعامّة تؤكّد على هذا المعنى.

قال الباقرعليه‌السلام مؤكّداً هذا المعنى :«يفتح الله له شرق الأرض وغربها» (٥) ، ويشهد بذلك أيضاً ما ورد من شمول دولتهعليه‌السلام بلاد الحجاز ، وايران ، والعراق ، والشام ،والروم ، وقسطنطينيّة ، وأرمينية والصين وغيرها من دول العالم ، فلا شكّ أنّ هذه

_________________________

(١)الأنبياء (٢١) : ١٠٥.

(٢)تفسير القمّي : ٢ / ٧٧.

(٣)آل عمران(٣) : ٨٣.

(٤)تفسير العيّاشي : ١ / ١٨٣. بحار الأنوار : ٥٣ / ٣٤٠.

(٥)بحار الأنوار : ٥٢ / ٢٩١.

١٣٤

الدول الكبرى كانت تشكّل ثلاثة أرباع العالم في عصر الروايات.

السؤال الثالث والثلاثون :

ما هو اليوم الذي سيظهر فيه الإمام المهدي عليه‌السلام ؟

الجواب : فيه ثلاثة أقوال ، وإن كان من المعروف أنّه سيظهر في يوم الجمعة.

القول الأوّل : يوم الجمعة ، فروى الصدوق في الخصال عن الصادقعليه‌السلام ، قال :«يخرج قائمنا أهل البيت يوم الجمعة» (١) .

القول الثاني : يوم السبت ، روى الصدوق في كمال الدين عن الباقرعليه‌السلام ، قال :«يخرج القائم يوم السبت ، يوم عاشوراء ، اليوم الذي قُتل فيه الحسين» (٢) .

القول الثالث : يوم عاشوراء ، روى الطوسي بسنده عن الصادقعليه‌السلام :«إنّالقائم صلوات الله عليه ينادي باسمه ليلة ثلاث وعشرين ، ويقوم يوم عاشوراء ، يوم قُتل فيه الحسين بن عليّ عليهما‌السلام » (٣) .

فيمكن الجمع بين ما تقدم من الروايات بأنّ الإمام المهديعليه‌السلام سيظهر في يوم الجمعة ، ويقوم في يوم السبت ، ويشهد بذلك ما روي من أنّ الإمام بعد ما يظهر بمكّة يذهب إلى المدينة ، فلمّا يسمع السفياني بخروج الإمام يرسل جيشاً لمحاربة الإمام ، فيخرج منها خائفاً قاصداً إلى مكّة ، ثمّ تبدأ نهضتهعليه‌السلام وإن لم يصرّح بأنّه متى يخرج للمرّة الثانية ، وفي أي يوم يكون.

هذا إذا لم نرجّح ظهور الإمام في يوم عاشوراء ، وإلاّ فعلينا أن نعرف في أيّ

_________________________

(١)الخصال : ٢ / ٣٩٤.

(٢)كمال الدين : ٢ / ٦٥٣. تهذيب الأحكام : ٤ / ٣٣٣.

(٣)بحار الأنوار : ٥٢ / ٢٩٠ ، عن الطوسي في الغيبة.

١٣٥

يوم استشهد الإمام الحسينعليه‌السلام ، وعلى أساس ذلك يمكن التعيين في أنّه يوم الجمعة أو يوم السبت ، ويبدو في نظري القاصر أنّ ظهور الإمام سيكون يوم السبت؛ لأنّ الإمامعليه‌السلام قُتل في يوم السبت.

وثانياً إنّ الذين صرّحوا على أنّه يكون في يوم السبت ، والذين قالوا بيوم عاشوراء يعتقدون أنّ خروجه سيكون في يوم السبت.

ويشهد بذلك تطبيق الإمام يوم عاشوراء وهو يوم خروج الإمام المهديعليه‌السلام على يوم السبت.

قال الباقرعليه‌السلام :«كأنّي بالقائم يوم عاشوراء يوم السبت قائماً بين الركنوالمقام ، بين يديه جبرئيل وينادي البيعة لله ، فيملأها عدلاً كما ملئت ظلماًوجوراً» (١) .

وقال الصادقعليه‌السلام :« ويقوميوم عاشوراء ، وهو اليوم الذي قُتل فيه الحسين بن عليّ ، لكأنّي في يوم السبت العاشر من المحرّم» (٢) .

السؤال الرابع والثلاثون :

كم يعيش المهدي عليه‌السلام عندما يظهر؟

الجواب : إختلف الروايات في مدّة بقاء المهدي بعد الظهور ، فهذه المدّة غير معلومة بالضبط ، فقيل أربعين يوماً(٣) ، وقيل : سبع سنوات(٤) ، وقيل :

 _________________________

(١)كتاب الغيبة : ٤٥٣.

(٢)الإرشاد : ٢٤١. إعلام الورى : ٤٣١.

(٣)الفتوحات المكّيّة : ٣ / ٣١.

(٤)ينابيع المودّة : ٣٣١.

١٣٦

ثماني سنوات(١) ، وقيل : تسع سنوات(٢) ، وقيل : عشر سنوات(٣) ، وقيل : إحدى عشر سنة(٤) ، وقيل : تسعة عشر سنة(٥) ، وقيل : عشرون سنة(٦) ، وقيل : ثلاثمائةوتسع سنين(٧) .

قال بعض الأعلام : « وهذه الأقوال بظاهرها متناقضة لا يعتمد على شيء منها»(٨) .

وربّما ترجّح رواية السبع على بقيّة الأقوال لكونها مكرّرة في روايات السنّةوالشيعة ، ومطابقة لما ورد عن الباقر والصادق من التأكيد على قول السبع سنوات ، وتأييد بعض الأعلام ، كالمفيد في الإرشاد ، على أظهريّة رواية السبع على بقيّة الروايات.

قال الصادقعليه‌السلام :«يملك القائم سبع سنين تكون سبعين سنة من سنيّكم هذه» (٩) .

ربّما يستغرب القارئ من إطالة السبع سنين إلى سبعين سنة ، ولكم لا غرابة بعد أن عرفنا بأن هذه الأمر غيبي.

وقد ذكر ذلك الإمام الباقرعليه‌السلام لأبي بصير حينما استغرب أبو بصير وتعجّب

_________________________

(١ ـ ٣) الشيعة والرجعة : ١ / ٢٢٤.

(٤)الغيبة : ٣٣١.

(٥)الإرشاد : ٣٤٥.

(٦)الغيبة : ١٨١.

(٧)بحار الأنوار : ٥٢ / ٢٩١.

(٨)الشيعة والرجعة : ١ / ٢٢٥.

(٩)منتخب الأنوار المضيئة : ١٩٥.

١٣٧

لما قالعليه‌السلام : «إنّ كلّ سنة يمكث مقدار عشر سنوات ، وقال : كيف تطول السنون؟

قالعليه‌السلام :يأمر الله تعالى الفلك باللبوث وقلّة الحركة .

قال : قالت له : إنّهم يقولون : إنّ الفلك إن تغيّر فسد؟

قالعليه‌السلام :ذاك قول الزنادقة ، وأمّا المسلمون فلا سبيل لهم إلى ذلك ، وقد شقّ الله القمر لنبيّه ، وردّ الشمس ليوشع بن نون ، وأخبر بطول القيامة ، وأنّه كألف سنة ممّا تعدوّن »(١) .

وأجاب الشيخ المفيد على بعض الشبهات بعد تأييده لرواية السبع قائلاً : لقد روي أنّ مدّة حكومة القائمعليه‌السلام تسعة عشر سنة ، ولكنّها سنين طويلة أيّامهاوأشهرها ، وهذا أمرٌ غيبي لا يمكننا الإحاطة به ، ولكم كذا وردت الروايات عندنا ، ولهذا لا يمكننا أن نجزم ونقطع شيء واحد ، وإن كانت رواية السبع سنين أظهر(٢) .

السؤال الخامس والثلاثون :

أين يسكن الإمام المهدي عليه‌السلام ؟

الجواب : سكن الإمامعليه‌السلام من حين ولد إلى اليوم وحين الظهور في أماكن خاصّة ، وإليك ما وصل إلينا حول سكنه بحسب الفترات الزمنيّه التي عاش فيها :

١ ـ الفترة التي قبل غيبته

لا شكّ أنّ الحجّة القائم المهديعليه‌السلامولد في مدينة سامراء ، ولقد بقي هناك إلى

_________________________

(١)الشيعة والرجعة : ١ / ٢٢٥.

(٢)الإرشاد : ٣٤٥.

١٣٨

يوم استشهاد والده الكريم الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام . وقد رأته حكيمة عمّة الإمام العسكري في نفس الدار التي ولد فيها ، ورآه أحمد بن إسحاق(١) وغيره(٢) هناك ، ورآه أيضاً أبو الأديان وجعفر الكذّاب في نفس الدار بعد استشهاد الإمام العسكريعليه‌السلام ، حيث صلّى على والده الكريم.

وإنّ طلب الإمامعليه‌السلام من والدته المعروفة بالجدّة أن تذهب به إلى المدينة بسنة قبل وفاتهعليه‌السلام (٣) .

٢ ـ فترة الغيبة الصغرى

لم نعثر في رواياتنا على سكن معروف بعينه للإمام المهديعليه‌السلام في هذه الفترة ، أي الغيبة الصغرى ، التي استمرّت حوالي٧٤ سنة ، رغم وجود بيت والده الكريم الإمام العسكريعليه‌السلام في سامراء.

فالإمام المهدي وإن شوهد في الدار ولكن لم يدلّ أي دليل على أنّه كان ساكناً بها. روى الشيخ الطوسي عن جماعة ، عن جعفر بن محمّد بن قولويه وغيره ، عن محمّد بن يعقوب الكليني ، عن عليّ بن قيس ، عن بعض جلاوزة السواد ، قال : «شهدت نسيماً آنفاً بسرّ من رأى وقد كسر باب الدار ، فخرج إليه وبيده طبرزين ، فقال : ما تصنع في داري؟

قال نسيم : إنّ جعفراً زعم أنّ أباك مضى ولا ولد له ، فإن كانت دارك فقد انصرفت عنك ، فخرج عن الدار»(٤) ، ويبدو أنّه كان يسكن في العراق وإن

_________________________

(١)بشارة الإسلام : ١٦٧.

(٢)كتال الغيبة : ١٦٥.

(٣)راجع : حياة الإمام العسكريعليه‌السلام : ٢٤٢.

(٤)كتاب الغيبة : ١٦١.

١٣٩

لم يثبت ذلك أيضاً : لأنّ نوّابه الأربعة كانوا على اتّصال دائم معه ، وحيث أنّهم كانوا يسكنون في العراق ، وعلى الخصوص مدينة بغداد ، ومن استلامهم لرسائل النّاسوحملها إلى الإمام ، والحصول على أجوبتها يمكن الحدس بأنّ سكنه كان في مكان بحيث يسهل على نوّابه اللقاء به ، فلهذا كان مكانه معروفاً لدى النوّاب الأربعة فقط لا غير.

فعن إسحاق بن عمّار ، قال : «سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول :للقائم غيبتان ، احداهما طويلة والإخرى قصيرة ، فالاُولى يعلم بمكانه فيها خاصّة من شيعته ، والاُخرى لا يعلم بمكانه فيها إلاّ خاصّة مواليه في دينه »(١) .

ويشهد أيضاً أنّه لم يختار سكناً معيّناً في الغيبة الصغرى ، ما رواه الكليني مرفوعاً عن الزهري ، قال : «طلبت هذا الأمر طلباً شاقّاً حتّى ذهب لي فيه مال صالح ، فرفعت إلى العمري وخدمته ولزمته وسألته بعد ذلك عن صاحب الزمان ، فقال لي : ليس إلى ذلك وصول ، فخضعت فقال لي : بكّر بالغداة ، فوافيت فاستقبلني معه شاب من أحسن النّاس وجهاً ، وأطيبهم رائحة بهيئة التجّار ، وفي كمّه شيء كهيئة التجّار ، فلمّا نظرت إليه دنوت من العمري فأومأ إليَّ فعدلت إليهوسألته ، فأجابني عن كلّ ما أردت ، ثمّ مرّ ليدخل الدارـوكانت من الدور التي لا يكترث لهاـفقال العمري : إن أردت أن تسأل سل ، فإنّك لا تراه بعد ذا ، فذهبت لأسأل فلم يسمع ، ودخل الدار ، وما كلّمني بأكثر من أن قال :ملعون ملعون من أخّر العشاء إلى أنتشتبك النجوم ، ملعون من أخّر الغداة إلى أن تنقضي النجوم ودخل الدار »(٢) ، وعدم الاكتراث ، أي عدم الاعتناء بها.

_________________________

(١)بحار الأنوار : ٥٢ / ١٥٥.

(٢)كتاب الغيبة : ١٦٤.

١٤٠