تاريخ مقام الامام المهدي (عج) في الحلة

تاريخ مقام الامام المهدي (عج) في الحلة18%

تاريخ مقام الامام المهدي (عج) في الحلة مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
ISBN: 964-297-132-5
الصفحات: 215

تاريخ مقام الامام المهدي (عج) في الحلة
  • البداية
  • السابق
  • 215 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 94855 / تحميل: 6120
الحجم الحجم الحجم
تاريخ مقام الامام المهدي (عج) في الحلة

تاريخ مقام الامام المهدي (عج) في الحلة

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٢٩٧-١٣٢-٥
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

أقول : لا يبعد أن يكون المؤلف كتب هذه النسخةفي مدرسة صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف الواقعة بجانب هذا المقام كما صرحنا به في المخطوطة الاولى من هذا الباب.

يقول كاتب هذه السطور : إن من فضل الله ومننه السابغة عليّ أن وفقني لرؤية تلك النسخة وذلك في خلال زيارتي الرابعة لسيدي ومولاي الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام وفي الأول من شهر جمادى الآخرة من سنة ١٤٢٥ هـ وذلك بفضل الجهود المشكورة من قبل ادارة المكتبة الرضوية على المنسوبة اليه أفضل الصلاة والسلام ، وقبلت النسخة ووضعتها على عيني تبركاً بها ، لكن في البداية لم ارَ ما رآه صاحب الاعيان على ظهر النسخة من خط المؤلف والواقف وبعد تفحصي للنسخة ظهر أن ورقة وضعت على ظهر النسخة في أثناء تجليدها بأخفت ما كتب على ظهر النسخة ، فأخبرت ادارة المكتبة بأهمية ما كتب على ظهرها ، فقامت ادارة المكتبة يجهود مشكورة وبدون تلف لما كتب على ظهر النسخة برفع تلك الورقة التي اخفت تلك المعالم ، وطلبوا مني أن اصحح ما وقع من الاشتباه عند صاحب الفهرست عن هذه النسخة ، فكتبت في ورقة معزولة اسم النسخة ومؤلفها الأصلي وعصره واُرفقت الورقة التي كتبتها مع النسخة الأصلية وهذا بمنّه وفضله سبحانه عليّ والحمد لله رب العالمين.

راجع عن هذه النسخة الخطية :

١ ـ أعيان الشيعة ، العاملي ، ج ٤٤ ص ٨٦ طبعة قديمة ، وج ٩ ص ١٧٨ طبعة حديثة.

٤١

٢ ـ فهرست مكتبة الامام الرضا ( آستان قدس رضوي ) / فارسي ج ١٣ طبعة ٢ ص ١٣٢ رقم ١٤١ تحقيق سيد علي اردلان جوان.

ملاحظة : توجد صورة لتلك النسخة اُخذت عن النسخة الخطية أوردتها في الباب الثاني عشر من كتابنا هذا.

المخطوطة الرابعة : ( في سنة ٧٢٣ هـ / ١٣٠٢ م )

تحرير الاحكام الشرعية على مذهب الامامية

إن أهم ما يرشدناالى تاريخ المقامفي هذه المخطوطة ، هي أنها كتبت في داخل المقام سنة ٧٢٣ هـ ، ولتسليط الضوء على النسخة نأتي على ذكر اسم النسخة ومؤلفها وأحوال الناسخ ومواصفات تلك النسخة ومكانها وهذا المطلب يتطلب عدة أمور فلنأت على ذكرها :

الأمر الأول : في اسم الكتاب ومؤلفه.

( تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الأمامية ) ، تأليف : العلامة الحليرحمه‌الله الشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الأسدي ( ٦٤٨ ـ ٧٢٦ هـ ) ، من المتون الفقهية المهمة للعلامةرحمه‌الله صاحب الموسوعات الفقهية والمصنفات الاصولية والكلامية ، وهو دورة كاملة من الطهارة الى الديات ، يشتمل على معظم المسائل الفقهية ، مع إيراد أكثر المطالب التكليفية الشرعية الفرعية ، من غير تطويل بذكر حجة ودليل ، مقتصرا على مجرد الفتوى ، تاركا الأستدلال ، مستوعباً الفروع والجزئيات ، مستخرجاً لفروع لم يسبق إليها ، مرتباً على ترتيب كتب الفقهفي أربع قواعد في العبادات ،

٤٢

المعاملات ، الإيقاعات ، الأحكام ، صنفه العلامة في ١٠ ربيع الأول من سنة ٦٩٠ هـ(١)

الأمرالثاني : في اسم الناسخ وأحواله.

اسم الناسخ : محمود بن محمد بن بدر.

أقول : وأحتمل أنه محمود بن محمد بن بدر الرازي الغزي المجاور بالحرم الشريف الغروي الناسخ لكتاب ( مختلف الشيعة في أحكام الشريعة ) للعلامة الحليرحمه‌الله وفرغ من نسخه يوم الأربعاء ٢٤ شوال سنة ٧٣٧ هـ ونسخة الكتاب المذكور هي الموجودة في مكتبة الآخوند في همدان وتحت رقم ٤٥٩١.(٢)

أقول : ويظهر منها أنه انتقل الى الغري بعد وفاة العلامةرحمه‌الله .

مكان النسخ : في مقام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف بالحلة.

تأريخ النسخ : فرغ منها يوم الثلاثاء سادس رجب سنة ٧٢٣ هـ ( وهي نسخة عصر المؤلف ).

مواصفات النسخة : ( تحتوي على القاعدة الأولى والثانية ) ، وبها سقط في أولها وآخرها ، استنساخها غير جيد ، ويوجد في ( نهاية القاعدة الأولى ) تاريخ النسخ ، وفي حاشيتها توجد تصحيحات ، كما يوجد عليها إنهاء المؤلف للكتاب في ٢٦ جمادى الآخرة سنة ٧٢٤ هـ

__________________

١ ـ انظر : مجلة تراثنا عدد ٦٨ وكتاب الذريعة ج ٣ ص ٣٧٨.

٢ ـ انظر : مكتبة العلامة الحلي ص ١٧٧ ، علما انني كتبت ( همدان ) بالدال المهملة مع ان حقها ان تكتب بالمعجمة ( همذان ) وبفتح الميم لكن جرينا على شائع الاستعمال عند المتاخرين و( همدان ) بفتح الهاء وسكون الميم وبالدال المهملة اسم قبيلة يمانية ( قحطانية ) كانت من شيعة الامام امير المؤمنينعليه‌السلام .

٤٣

عدد الورقات : ٢٦١.

عدد الأسطر : ٢٦ سطر.

حجم الورقة : ٢٣ × ١٦ سم.

لون الغلاف : أحمر ، العطف بني.

مكان النسخة : قم المقدسة ، مكتبة السيد المرعشيرحمه‌الله رقم ( ٦٧٣٢ ).

يقول كاتب هذه السطور : إنّ من فضل الله ومننه السابغة علي أن وفقني لرؤية تلك النسخة وذلك في خلال زيارتي الخامسة لسيدي ومولاي علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ، في آخر شهر شعبان من سنة ١٤٢٥ هـ ، وذلك بفضل الجهود المشكورة من قبل إدارة مكتبة السيد المرعشيرحمه‌الله في بلدة قم المقدسة المحوسة بالعلم والعلماء وبخصوص جهود الحجة السيد محمود المرعشي ( دامت بركاته ) ، وهي من نفائس مخطوطات تلك المكتبة بحيث انني رأيت النسخة محفوظة في صندوق زجاجي مفرغ من الهواء في معرض نفائس مخطوطات تلك المكتبة.

أقول : والآن نأتي على وصف ما رأيته في آخر تلك النسخة.

تمت القاعدة الاولى وهي العبادات من كتاب التحرير ويتلوه الجزء الثاني منه وهي القاعدة الثانية في المعاملات وفرغ من تسويد مصنفه حسن بن يوسف بن مطهر ليلة الثلاثاء عاشر ربيع الاول من سنة تسعين وستمائة والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين.

و كتب الناسخ : هذه صورة خط المصنف دام ظله وأبقاه وفرغ

٤٤

العبد الاصغر من كتابته وهو محمود بن محمد بن بدر وقد يوم الثلاثاء سادس من شهر رجب الاصم عام ثلاثة وعشرين وسبعمائة في(١) صاحب الزمان بالحلة المحروسة حماها الله اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المؤمنين والمؤمنات بحق محمد وآله الاخيار الابرار ، بلغت المقابلة بنسخة الاصل.

خط المؤلف : انهاه الله تعالى مجالس آخرها سادس عشرين جمادى الآخر من سنة اربع وعشرين وسبعمائة كتبه حسن يوسف المطهر ( كذا ) الحلي حامداً مسلماً مستغفراً ( علماً ان خط العلامة عليها بدون نقط ).

أقول : لعل إنهاء العلامة الحليرحمه‌الله على هذه النسخة في مقام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف ونسخ كتبه من قبل تلامذته أو النساخ في عصره في هذا المقام دليل على أن المقام كان موضع درسه ، فاذا كان موضع درسه فهو بعينه موضع درس ولده فخر المحققينرحمه‌الله .(٢)

راجع عن هذه النسخة :

__________________

١ ـ وللأسف الشديد قد سقطت كلمة مقام من أثر تلف وقع على النسخة بسبب حشرة الارضة.

٢ ـ كما صرح به ولده محمد فخر المحققين تـ ٧٧١ هـ حينما أجاز الشيخ زين الدين علي ابن عز الدين حسن بن مظاهر ، فكتب بخط يده في آخر اجازته لهذا الشيخ ما صورته ( وكتب محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر في عاشر ربيع الاول لسنة خمس وخمسين وسبعمائة ببلدة الحلة بمجلس والدي الذي كان في حياته يدرس به والحمد لله وحده ).

انظر : بحار الانوار ج ١٠٧ / ص ١٨١.

٤٥

١ ـ مكتبة العلامة الحلي للمحقق السيد عبد العزيز الطباطبائيرحمه‌الله ص ٩٧.

٢ ـ فهرست مكتبة السيد المرعشيرحمه‌الله ج ١٧ ص ٢٨٥ رقم ٦٧٣٢.

ملاحظة : توجد صورة لتلك النسخة اُخذت عن النسخة الخطية أوردتها في الباب الثاني عشر من كتابنا هذا.

المخطوطة الخامسة : ( سنة ٧٧٦ هـ / ١٣٥٥ م )

قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام

وأهم ما يرشدنا في هذه المخطوطة انها كتبتفي مقام صاحبال زمان عجل الله تعالى فرجه الشريف في سنة ٧٧٦ هـ وهذا ما نطلبه نحن في بحثنا هذا ولمعرفة الامور التي تخص تلك النسخة نأتي على ذكر عدة أمور مهمة منها :

الأمر الاول : وقفة مع الكتاب ومؤلفه.

( قواعد الاحكام في معرقة الحلال والحرام ) : هو كتاب في الفقه ومسائل الحلال والحرام من تصانيف آية الله العلامة الحليرحمه‌الله المتوفى سنة ٧٢٦ هـ ، وهو أجل ما كتب في الفقه الجعفري بعدكتاب ( شرائع الاسلام ) فهو حاوٍ لجميع أبواب الفقه ، وقد لخص مؤلفه فتاواه ، وألفه بالتماس ولده فخر الدين وختمه بوصية غراء لولده فخر الدين ، وقد اعتمد عليه كافة المتأخرين وعلقوا عليه الحواشي وشرح شروحاً كثيرة.(١)

إسم الناسخ : جعفر بن محمد العراقي وأخوه الحسين بن محمد العراقي.

____________

١ ـ انظر : الذريعة ج ١٤ ص ١٧.

٤٦

تاريخ النسخ : هناك اختلاف يسير بين صاحب فهرست مكتبة الآخوند في همدان وبين السيد المحقق عبد العزيز الطباطبائيرحمه‌الله في كتابه ( مكتبة العلامة الحلي ) ، حول تاريخ بداية ونهاية نسخ النسخة ، وأظن من كلام السيد الطباطبائي في وصفه النسخة انه رآها ، فلنأت على قولهما : قال صاحب الفهرست ( ما ترجمته بالعربية ) : البداية في يوم السبت أول جمادى الآخرة ٧٧٦ هـ ( خمسين سنة بعد وفاة المؤلف ) قام كاتب هذه النسخة بعد اتمام كتابتها بمقابلتها وتصحيحها وكتب في آخرها : قمت بمقابلة وتصحيح هذه النسخة مع نسخة صحيحة موجودة في مدرسة صاحب الزمان بمدينة الحلة في فصل حار وبتعب شديد ، حتى أتممت المقابلة في ١٢ جمادى ألاول سنة ٧٨٦ شهر رمضان ه ثم يضيف : فلاغت من قراءة وحل الكلمات المشكله في ٧٨٦ هـ

وقال الطباطبائيرحمه‌الله في كتاب ( مكتبة العلامة الحلي ) : فرغ منها يوم السبت غرة جمادى الآخرة ثم قابلها وصححها على نسخة مصححة معتمدة في مقام صاحب الزمان بالحلة سنة ٧٧٦ هـ جزءان في مجلد.(١)

مواصفات النسخة : الحجم وزيري ، يوجد في عدة مواضع عبارة ( بلغت المقابلة ) وكذلك توجد حواش عديدة من الكاتب في هذه النسخة ، وفي أول الكتاب توجد بعض الفروع تم نقلها من ( الرسالة الحائرية ) وتوجد بعض الاوراق ساقطة في أول الكتاب.

أقول : قال السيد الطباطبائيرحمه‌الله بعد إيراد الكلام عن هذه النسخة.

__________________

١ ـ انظر : مكتبة العلامة الحلي ص ١٤٤.

٤٧

مخطوطة أخرى ( أي من كتاب قواعد الاحكام ) كتبها حسين بن محمد العراقي لأبنه سعد الدين محمد ، وانتهى في غرة جمادى الآخرة سنة ٧٧٦ هـ في الحلة في مدرسة صاحب الزمان ، قابله جعفر بن محمد العراقي ( واظنه اخا الكاتب ) في ١٨ رمضان سنة ٧٨٦ هـ

كما كتب المحقق الحجة آية الله العظمى السيد محمد مهدي الخرسان ( دام ظلّه ) في بعض افاداته الخطية ونقلته عنه في منزله قائلاّ : أو ثمة مدرسة باسم صاحب الزمان قد اندثرت ، وقد كتب الاخوان جعفر والحسين ابنا محمد كتاب ( قواعد الاحكام ) للعلامة كتب كل منهما مجلداً في سنة ٧٧٦ هـ وصححاه على نسخة صحيحة في مدرسة صاحب الزمان بالحلة ، والنسخة لا تزال موجودة في مكتبة غرب بهمدان.

مكان النسخة : مكتبة الآخوند في همدان في ايران وبرقم ٩٢٧.

راجع عن هذه النسخة :

١ ـ فهرست نسخةهاى خطى كتابخانه ها ، رشت وهمدان ) فارسي ، ج ١٧ ص ١٣٤٦ رقم ٩٢٧.

٢ ـ مكتبة العلامة الحلي للمحقق الطباطبائيرحمه‌الله ، ص ١٤٤.

المخطوطة السادسة : ( سنة ٩٥٧ هـ / ١٥٣٧ م )

المختصر النافع

وأهم ما يرشدنا في تاريخ المقام في هذه النسخة وجوده بوجود المدرسة التي بجانبه والتي سوف نتحدث عنها فيما بعد حيث ، تاريخ هذه

٤٨

النسخة سنة ٩٧٥ هـ ، فلنأت على أهم ما يخصنا عن هذه النسخة :

أقول : ( المختصر النافع ) لنجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلي المشهور بالمحقق على الاطلاق ، وحيد عصره ، كان ألسن أهل زمانه وأقومهم بالحجة وأسرعهم الستحضالا ، تـ شهر ربيع الآخر سنة ٦٧٦ هـ ، وهو خال العلامة الحليرحمه‌الله وكتابه هذا لخصه من كتابه ( شرائع الاسلام في مسائل الحلال والحرام ) وهو مرتب على أربعة أقسام العبادات والعقود والايقاعات والأحكام.

تاريخ النسخ : ١٦ شهر ربيع الأول سنة ٩٥٧ هـ

مكان النسخ : مدرسة صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف في الحلة السيفية.

مكان النسخة : ايران ـ مشهد ( خراسان ) في مكتبة عبد الحميد مولوي الشخصية.

هذا ما نقلته من بعض افادات آية الله السيد الحجة محمد مهدي نجل المحقق السيد آية الله حسن الخرسان ، وذلك في شهر رمضان سنة ١٤٢٥ هـ بعد حضورنا مجلس العزاء والدرس وتلقي ما يلقيه علينا من درر التحقيق والتدقيق في الروايات الحديثية والتاريخية والحمد لله رب العالمين.

أقول : هذا آخر ما حصلت عليه من ذكر مخطوطات تتعلق في تاريخ مقام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف في الحلة.

* * *

٤٩
٥٠

الباب الثالث

في ذكر تاريخ مقام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

من خلال الحكايات

٥١
٥٢

ورد في كتاب ( السلطان المفرج عن أهل الإيمان )(١) ثلاث حكايات وقعت ببركة صاحب المقام عجل الله تعالى فرجه الشريففي القرن الثامن الهجري ، لم تقتري الحكاية الأولى بتاريخ لكن الحكايتين التاليتين ورد فيهما تاريخ صريح ، فلنورد الحكاية الأولى ثم الثانية والثالثة تباعاً

وقبل أن ننقل الحكايات الثلاث ، تذكر ترجمة صاحب الكتاب ، وثناء العلماء عليه حتى يتبين لنا صدقه في النقل.

أقول : إن مؤلف كتاب ( السلطان المفرج عن أهل الإيمان ) ، هو السيد بهاء الدين علي ابن السيد غياث الدين عبد الكريم بن عبد الحميد بن عبد الله بن أحمد بن حسن بن علي بن محمد بن علي غياث الدين(٢) ابن السيد جلال الدين عبد الحميد(٣) بن عبد الله بن أسامة(٤) بن أحمد بن علي بن محمد بن عمر(٥) بن يحيى ( القائم

__________________

١ ـ نقلاً عن بحار الأنوار / للعلامة المجلسي ( أعلى الله مقامه ).

٢ ـ الذي خرج عليه جماعة من العرب بشط سوراء بالعراق وحملوا عليه وسلبوه فمانعهم عن سلب سراويله فضربه أحدهم فقتله وكان عالماً تقياً.

٣ ـ الذي يروي عنه محمد بن جعفر المشهدي في المزار الكبير وقال فيه : أخبرني السيد الأجل العالم عبد الحميد بن التقي عبد الله بن أسامة العلوي الحسيني رَضيَ اللهُ عَنه في ذي القعدة نم سنة ثمانين وخمسمائة قراءة عليه بحلة الجامعين.

٤ ـ متولّي النقابة بالعراق.

٥ ـ الوئيس الجليل الذي رد الله على يده الحجر الأسود لما نهبت القرامطة مكة في سنة

٥٣

بالكوفة ) ابن الحسين ( النقيب الطاهر ابن أبي عاتقة أحمد الشاعر المحدث ) ابن أبي علي عمر بن أبي الحسين يحيى(١) ابن أبي عاتقة الزاهد العابد الحسين(٢) بن زيد الشهيد ابن علي زين العابدين ابن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام النيلي(٣) النجفي النسابة.

وهو من مشايخ العلامة أبي العباس أحمد بن فهد المجاز منه في ٧٩١ هـ أدرك أواخر عهد فخر المحققين تـ ٧٧١ هـ والسيدين العلمين عميد الدين وضياء الدين والشهيد محمد بن مكي العاملي ويروي عنهم جميعاً ، كما يروي عن الشيخ المقريء والحافظ شمس الدين محمد بن قارون وغيرهم.

وأما كتابه هذا فقد نقل عنه الشيخ حسن ين سليمان الحلي ( من علماء القرن التاسع ) في كتابه ( مختصر بصائر الدرجات ) ص ١٧٦ ، والعلامة المجلسيرحمه‌الله في ( بحار الأنوار ) ، والميرزا الافنديرحمه‌الله في ( رياض العلماء ) والبهبهانيرحمه‌الله في ( الدمعة الساكبة ).

__________________

ثلاث وعشرين وثلاثمائة وأخذوا الحجر وأتو به إلى الكوفة وعلقوه في السارية السابعة من المسجد التي كان ذكرها أمير المؤمنينعليه‌السلام فإنه قال ذات يوم بالكوفة : لا بد أن يسلب في هذه السارية وأومى إلى السارية السابعة والقصة طويلة وبنى قبة جده أمير المؤمنينعليه‌السلام من خالص ماله.

١ ـ من أصحاب الكاظمعليه‌السلام المقتول سنة خمسين ومثتين الذي حمل رأسه في قوصرة إلى المستعين.

٢ ـ الملقب بذي الدمعة الذي رباه الإمام الصادقعليه‌السلام وأورثه علماً جمّا.

٣ ـ النيل : بلدة تقع على نهر النيل ، وهو يتفرع من نهر الفرات العظمى احتفره الحجاج بن يوسف الثقفي سنة ٨٢ هـ وهي مركز الإمارة المزيدية قبل تأسيس الحلة.

٥٤

ويظهر من بعض حكايات الكتاب أن تاريخ كتابته سنة ٧٨٩ هـ(١) وللسيد هذا كتب أخرى لا أرى بايراد أسمائها هنا بأساً :

أ ـ كتاب الأنوار المضيّة في الحكم الشرعية.

ب ـ كتاب الغيبة.

جـ ـ كتاب الدر النضيد في تعازي الحسين الشهيد.

د ـ سرور أهل الإيمان.

هـ ـ كتاب الانحراف من كلام صاحب الكشاف.

و ـ كتاب الأنصاف في الرد على صاحب الكشاف.

ز ـ كتاب شرح المصباح للشيخ الطوسي.

ي ـ كتاب الرجال ( ينسب اليه ).

في الثناء عليه :

قال تلميذه ابن فهد الحليرحمه‌الله تـ ٨٤١ هـ : حدثني المولى السيد السعيد الإمام بهاء الدين

وقال تلميذه الشيخ حسن بن سليمان الحليرحمه‌الله : ومما رواه لي ورويته عنه السيد الجليل السعيد الموفق الموثق بهاء الدين

وقال العلامة المجلسيرحمه‌الله : السيد النقيب الحسيب بهاء الدين

وقال الميرزا الافنديرحمه‌الله : السيد المرتضى النقيب الحسيب

__________________

١ ـ وللاسف الشديد ان هذا الكتاب لم يطبع إلى الآن برغم وجود نسخه الخطية في المكتبات العامة فمن قلمنا هذا ندعو مؤسسات النشر والتأليف إلى اخراجه للطبع وطبع كتب هذا السيد الجليل وتحقيقها خدمة للمذهب الإمامي واحياءً لآثار هذا السيد الجليل.

٥٥

النسابة الكامل السعيد الفقيه الشاعر الماهر العالم الفاضل الكامل صاحب المقامات والكرامات العظيمة قدس الله روحه الشريفة كان من أفاضل عصره وقال الميرزا النوريرحمه‌الله : السيد الأجل الأكمل الارشد المؤيد العلامة النحرير ،(١) كان حياً سنة ٨٠٠ هـ

الحكاية الأولى :

حكاية أبي راجح الحمامي الشيخ الذي أصبح شاباً

نقل العلامة المجلسي ( ١٠٣٧ ـ ١١١١ هـ ) في بحار الانوار عن كتاب ( السلطان المفرج عن أهل الايمان ) تأليف العامل الكامل السيد علي بن عبد الحميد النيلي النجفي ، انه قال : فمن ذلك ما اشتهر وذاع ، وملأ البقاع ، وشهد بالعيان أبناء الزمان ، وهو قصّة أبي راجح الحمامي بالحلة ، وقد حكى ذلك جماعة من الاعيان الاماثل ، وأهل الصدق الافاضل ، منهم الشيخ الزاهد العابد المحقق شمس الدين محمد بن قارون سلّمه الله تعالى قال :

كان الحاكم بالحلة شخصاً يدعى مرجان الصغير ، فرفع إليه أنّ أباراجح هذا يسبّ الصحابة ، فأحضره وأمر بضربه فضرب ضرباً شديداً مهلكاً على جميع بدنه ، حتى انه ضرب على وجهه فسقطت ثناياه ، وأخرج لسانه فجعل فيه مسلّة من الحديد ، وخرق النفه ، ووضع فيه شركة من الشعر وشدّ فيها حبلاً وسلمه الى جماعة من اصحابه ،

__________________

١ ـ انظر : رياض العلماء ج ٤ / ص ٨٨ و ١٢٤ ـ ١٣٠ ، خاتمة المستدرك ط ح ص ٤٣٥ ، سفينة البحار ج ٢ / ط. ح / ص ٢٤٨ الذريعة في أجزائها وطبقات أعلام الشيعة.

٥٦

وأمرهم أن يدوروا به أزقّة الحلة ، والضرب يأخذه من جميع جوانبه ، حتى سقط الى الارض وعاين الهلاك ، فأخبر الحاكم بذلك ، فأمر بقتله ، فقال الحاضرون انه شيخ كبير ، وقد حصل له ما يكفيه ، وهو ميّت لما به فاتر كه وهو يموت حتف أنفه ، ولا تتقلّد بدمه ، وبالغوا في ذلك حتى أمر بتخليته وقد انتفخ وجهه ولسانه ، فنقله أهله في البيت ولم يشكّ أحدّ أنه يموت من ليلته.

فلما كان من الغدغدا عليه الناس فاذا هو قائم يصلّي على أتم حالة ، وقد عادت ثناياه التي سقطت كما كانت ، واندملت جراحاته ، ولم يبق لها أثر ، والشجّة قد زالت من وجهه!

فعجب الناس من حاله وساءلوه عن أمره فقال : اني لما عاينت الموت ولم يبق لي لسان اسأل الله تعالى به فكنت اسأله بقلبي واستغثت الى سيدي ومولاي صاحب الزمانعليه‌السلام .

فلما جنّ عليّ الليل فاذا بالدار قد امتلأت نوراً وإذا بمولاي صاحب الزمانعليه‌السلام قد أمرّ يده الشريفة على وجهي وقال لي : ( اخرج وكدّ على عيالك ، فقد عافاك الله تعالى ) فأصبحت كما ترون.

وحكى الشيخ شمس الدين محمد بن قارون المذكور قال :

وأقسم بالله تعالى إن هذا ابو راجح كان ضعيفاً جداً ، ضعيف التركيب ، اصفر اللون ، شين الوجه ، مقرض اللحية ، وكنت دائماً أدخل في الحمام الذي هو فيه ، وكنت دائماً أراه على هذه الحالة وهذا الشكل.

فلما أصبحت كنت ممن دخل عليه ، فرأيته وقد اشتدّت قوته وانتصبت قامته ، وطالت لحيته ، واحمر وجهه ، وعاد كأنّه ابن عشرين سنة ولم يزل على ذلك حتى أدر كته الوفاة.

٥٧

ولما شاع هذا الحبر وذاع ، طلبه الحاكم وأحضره عنده وقد كان رآه بالأمس على تلك الحالة ، وهو الان على ضدّها كما وصفناه ، ولم يرَ لجراحاته أثراً ، وثناياه قد عادت ، فداخل الحاكم في ذلك رعب عظيم ، وكان يجلس في مقام الأمامعليه‌السلام في الحلة ويعطي ظهره القبلة الشريفة ، فصار بعد ذلك يجلس ويستقبلها ، وعاد يتلطّف بأهل الحلة ، ويتجاوز عن مسيئهم ، ويحسن الى محسنهم ، ولم ينفعه ذلك بل لم يلبث في ذلك الا قليلاً حتى مات.(١)

أقول : روحي وأرواح العالمين لك الفداء.

إيه أيتها الجوهرة المحفوفة بالاسرار كم جهلناك وكم بخسناك حقك؟!

كم أغفلنا ذكرك وانشغلنا بغيرك كم سرحنا أفكارنا بعيداً عنك؟

أترك تعطف علينا اليوم بنظرة من تلك التي مننت بها على ذاك الرجل صاحب الحمام ( العمومي ) ، فتمسح قلوبنا بذاك الاكسير؟! فنحن في هذا الحمى.

بحث حول الحكاية :

أقول : إن هذه الحكاية مشهورة ومتواترة النقل في عصر المؤلف السيد بهاء الدين وتناقلها علماء الحلة ، انظر إلى قول السيد في بداية الحكاية ( فمن ذلك ما اشتهر وذاع وملأ البقاع وشهد بالعيان أبناء الزمان وقد حكى ذلك جماعة من الأعيان الأماثل وأهل الصدق الأفاضل ).

__________________

١ ـ انظر : بحار الانوار ج ٥٢ / ص ٧١ ؛ النجم الثاقب ج ٢ / ص ٢١٩.

٥٨

في أحوال راوي الحكاية وعصرها :

أقول : إن راوي الحكاية هو شمس الدين محمد بن قارون الذي لم أجد له ترجمة في كتب الرجال ، فللفائدة والاستدراك على الكتب الرجالية نذكر ترجمته :

قال السيد بهاء الدين : انه من الأعيان وأهل الصدق الأفاضل ، وقال عنه أيضاً الشيخ الزاهد العابد المحقق شمس الدين محمد بن قارون ،(١) المحترم العامل الفاضل(٢) الشيخ العالم الكامل القدوة المقري الحافظ المحمود المعتمرشمس الحق والدين محمد بن قارون.(٣)

وكما قال عنه الشيخ شمس الدين محمد بن قارون السيبي ،(٤) وكما وصفه أيضاً الشيخ عز الدين حسن بن عبد الله بن حسن التغلبي بـ ( الشيخ الصالح محمد بن قارون ) ،(٥) كان حياً سنة ٧٥٩ هـ

فهو يعد من مشايخ السيد بهاء الدين ، يعني أن شمس الدين كان بالقطع مععاصراً للشهيد الأول ( ٧٣٤ ـ ٧٨٦ هـ ) فاذن وجود شمس الدين محمد بن قارون في بداية القرن الثامن الهجري حياً وروايته لهذه الحكاية ، يدل على أن الحكاية وقعت في النصف الأول من هذا

__________________

١ ـ انظر : بحار الأنوار / المجلسيرحمه‌الله ، ج ٥٢ / ص ٧١.

٢ ـ انظر : المصدر السابق ص ٧٢.

٣ ـ انظر : جنة المأوى / النوريرحمه‌الله ص ٢٠٢.

٤ ـ نسبة إلى ( السيب ) بكسر أوله وسكون ثانيه ، وهو نهر في ذنابة الفرات بقرب الحلة ، وعليه بلد يسمى باسمه.

٥ ـ كتاب الدر النضيد في تعازي الحسين الشهيد نقلا عن رياض العلماء ج ٢ / ص ١١.

٥٩

القرن السالف الذكر والدليل على ذلك الحكاية الثانية التالية والتي يرويها أيضا شمس الدين محمد بن قارون والحاصلة في سنة ٧٤٤ هـ

وهو غير الشيخ الفقيه الصالح شمس الدين محمد بن أحمد بن صالح السيبي القسيني ، تلميذ السيد فخار بن معد الموسوي المجاز منه سنة ٦٣٠ هـ ( وهي سنة وفاة السيد فخار ) وهو صغير لم يبلغ الحلم وأجازه الشيخ والده أحمد سنة ٦٣٥ هـ وأجازه الشيخ محمد بن أبي البركات اليماني الصنعاني سنة ٦٣٦ هـ والمجيز لنجم الدين طومان بن أحمد العاملي سنة ٧٢٨ هـ فإن هذا الشيخ متقدم على الشيخ شمس الدين محمد بن قارون السيبي.(١)

تنبيه لكل نبيه :

قال ابن بطوطة في رحلته ( سافرنا من البصرة فوصلنا إلى مشهد علي ابن ابي طالب رَضي اللهُ عَنه وزرنا ، ثم توجهنا إلى الكوفة فزرنا مسجدها المبارك ثم إلى الحلة حيث مشهد صاحب الزمان واتفق في بعض الأيام أن وليها بعض الامراء فمنع أهلها من التوجه على عادتهم الى مسجد صاحب الزمان وانتظاره هنالك ومنع عنهم الدابة التي كانوا يأخذونها كل ليلة من الأمير فأصابت ذلك الوالي علة مات منها سريعاً فزاد ذلك في فتنة الرافضة وقالوا انما أصابه ذلك لأجل منعه الابة فلم تمنع بعد ).(٢)

أقول : ان كلام ابن بطوطة المتقدم آنفاً هو في زيارته الثانية للحلة ، فابن بطوطة مرَّ في الحلة مرتين الأولى كانت سنة ٧٢٥ هـ في عهد الوالي ( حسن

__________________

١ ـ انظر : الذريعة إلى تصانيف الشيعة / الطهرانيرحمه‌الله ج ١ / ص ٢٢٩ و ٢٢٠.

٢ ـ انظر : رحلة ابن بطوطة ج ٢ / ص ١٧٤.

٦٠

الجلايري ) والثانية بعد عودته من بلاد الهند والصين والتتر وبينهما عدة سنين ، وأظن ان الوالي المذكور في حكاية أبي راجح الحمامي والمذكور في زيارة ابن بطوطة الثانية واحد باعتبار أن عصر الحكايتين واحد وان الوالي المذكور في الحكايتين كان يؤذي أهل الحلة ( فالأمر ليس أمر انتظار صاحب الزمان ولا أمر الدابة ) ، وقد مات بفعله هذا ، وهذا عن أهل الحلة ليس ببعيد ففيهم بقول أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( يظهر بها قوم أخيار لو أقسم أحدهم على الله لأبرقسمه ).(١)

الحكاية الثانية :

حكاية ابن الخطيب وعثمان والمرأة العمياء التي أبصرت

ونقل من ذلك الكتاب عن الشيخ المحترم العامل الفاضل شمس الدين محمد بن قارون المذكور قال :

كان من أصحاب السلاطين المعمر بن شمس يسمى مذوّر ، يضمن القرية المعروفة ببرس ، ووقف العلويين ، وكان له نائب يقال له : ابن الخطيب وغلام يتولّى نفقاته يدعى عثمان ، وكان ابن الخطيب من أهل الصلاح والايمان بالضدّ من عثمان وكانا دائماً يتجادلان ، فاتفق انهما حضرا في مقام ابراهيم الخليلعليه‌السلام بمحضر جماعة من الرّعيّة والعوام فقال ابن الخطيب لعثمان : يا عثمان الان اتضح الحق واستبان ، أنا أكتب على يديّ من أتولاه ، وهم علي والحسي والحسين ، واكتب أنت من تتولاه ابوبكر وعمر وعثمان ، ثم تشدّ يديّ ويدك ، فأيّهما احترقت يده بالنار كان على الباطل ، ومن سلمت يده كان على الحق ، فنكل عثمان ، وأبى أن يفعل ، فأخذ الحاضرون من الرّعيّة

____________

١ ـ انظر : بحار الأنوار المجلسيرحمه‌الله ج ٦ / ص ١٢٢.

٦١

والعوان بالعياط عليه ، هذا وكانت ام عثمان مشرفة عليهم تسمع كلامهم فلمّا رأت ذلك لعنت الحضور الذين كانوا يعيّطون على ولدها عثمان وشتمتهم وتهدّدت وبالغت في ذلك فعميت في الحال! فلما أحست بذلك نادت الى رفقائها فصعدن اليها فاذا هي صحيحة العينين! لكن لاترى شيئاً ، فقادوها وأنزلوها ، ومضوا بها الى الحلة وشاع خبرها بين الصحابها وقرائبها وترائبها ، فاحضروا لها الاطباء من بغداد والحلة ، فلم يقدروا لها على شيء ، فقال لها نسوة مؤمنات كنّ أخدانها : ان الذي أعماكِ هو القائمعليه‌السلام فأن تشيعتي وتولّيتي وتبرأتي ( كذا )(١) ضمنّا لك العافية على الله تعالى ، وبدون هذا لا يمكنك الخلاص ، فأذعنت لذلك ورضنبت به ، فلما كانت ليلة الجمعة حملنها حتى أدخلنها القبة الشريفة في مقام صاحب الزمانعليه‌السلام وبتن بأجمعهنّ في باب القبة ، فلما كان ربع الليل فاذا هي قد خرجت عليهنّ وقد ذهب العمى عنها! وهي تقعدهنّ واحدة بعد واحدة وتصف ثيابهنّ وحليَهنَ ، فسررن بذلك ، وحمدنَ الله تعالى على حسن العافية ، وقلن لها : كيف كان ذلك؟! فقالت : لما جعلتنني في القبة وخرجتنّ عني أحسست بيد قد وضعت على يديّ ، وقائل يقول : اخرجي قد عافاك الله تعالى. فانكشف العمى عني ورأيت القبة قد امتلات ونوراً ورأيت الرجل ، فقلت له : من أنت يا سيدي؟ فقال : محمد بن الحسن ، ثم غاب عني ، فقمنَ وخرجنَ الى بيوتهنّ وتشيّع ولدها عثمان وحسن اعتقاده واعتقاد أمه المذكورة ، واشتهرت القصة بين أولئك الأقوام ومن سمع هذا الكلام واعتقد وجود الأمامعليه‌السلام وكان ذلك في سنة أربع واربعين وسبعمائة.(٢)

__________________

١ ـ كذا ورد في المطبوع والاصح ( تشيعتِ وتوليتِ وتبرأتِ ).

٢ ـ انظر : بحار الانوار ج ٥٢ / ص ٧٢ ؛ النجم الثاقب ج ٢ / ص ٢٢٠.

٦٢

أقول : حدثت هذه الكرامة سنة ( ٧٤٤ هـ / ١٣٢٣ م ) وراويها محمد بن قارون المتقدم ذكره وترجمته في الحكاية الأولى من هذا الباب.

وبرس : بضم الباء وسكون الراء والسين المهملة ناحية من ارض بابل وهي بحضرة الصرح ( صرح نمرود بن كنعان ) وهي الآن قرية معروفة بقبل الكوفة وينسب إليها الحافظ رجب البرسيرحمه‌الله .

ومقام ابراهيم الخليلعليه‌السلام : موجود الى زماننا هذا ويقع بالحلة في تلك القرية ( تشرفت بزيارته انا عدة مرات ).

لحكاية الثالثة :

حكاية شفاء الشيخ جمال الدين الزهدري

وذكر هناك أيضاً : أي ( في كتاب السلطان المفرج عن أهل الايمان ).

ومن ذلك بتأريخ صفر سنة سبعمائة وتسع وخمسين حكي لي المولى الاجل الامجد العالم الفاضل ، القدوة الكامل ، المحقّق المدقّق ، مجمع الفضائل ومرجع الافاضل ، افتخار العلماء في العالمين ، كمال الملة والدين ، عبد الرحمن ابن العمّاني ( كذا ) ، وكتب بخطه الكريم ، عندي ما صورته :

قال العبد الفقير الى رحمة الله تعالى عبد الرحمن بن ابراهيم القبائقي :(١) اني كنت أسمع في الحلة السيفية حماها الله تعالى ان المولى الكبير المعظم جمال الدين ابن الشيخ الاجل الاوحد الفقيه القاريء نجم الدين جعفر ابن الزاهدري كان به فالج ، فعالجته جدّته لأبيه بعد موت أبيه بكل علاج للفالج فلم يبرأ ، فأشار عليها بعض

__________________

١ ـ هكذا ورد في الاصل والصحيح العتالقي.

٦٣

الاطباء ببغداد فأحضرتهم فعالجوه زماناً طويلاً فلم يبرأ ، وقيل لها :ألا تبيّتينه تحت القبة الشريفة بالحلة المعروفة بمقام صاحب الزمان عليه‌السلام لعل الله تعالى يعافيه ويبرأه ، ففعلت وبيّتته تحتها وان صاحب الزمانعليه‌السلام أقامه وأزال عنه الفالج.

ثم بعد ذلك حصل بيني وبينه صحبة حتى كّنا لم نكد نفترق ، وكان له دار المعشرة ، يجتمع فيها وجوه أهل الحلة وشبابهم وأولاد الاماثل منهم ، فاستحكيته عن هذه الحكاية ، فقال لي :

إني كنت مفلوجاً وعجز الاطباء عني ، وحكى لي ما كنت اسمعه مستفاضاً في الحلة من قضيته وان الحجة صاحب الزمانعليه‌السلام قال لي : ( وقد أباتتني جدّتي تحت القبة ) :قم.

فقلت : ياسيدي لا أقدر على القيام منذ سنتي ، فقال :قم باذن الله تعالى وأعانني على القيام ، فقمت وزال عني الفالج ( أي شلل الاعضاء ).

وانطبق عليّ الناس حتى كادوا يقتلونني ، وأخذوا ما كان عليّ من الثياب تقطيعاً وتنتيفاً يتبرّكون فيها ، وكساني الناس من ثيابهم ، ورحت الى البيت ، وليس بيّ أثر الفالج ، وبعثت الى الناس ثيابهم ، وكنت أسمعه يحكي ذلك للناس ولمن يستحكيه مراراً حتى ماترحمه‌الله .(١)

بحث حول الحكاية :

تاريخ الحكاية : أقول ، إنَّ تاريخ نقل هذه الحكاية هو سنة ( ٧٥٩ هـ ـ ١٢٣٨ م ).

__________________

١ ـ انظر : بحار الانوار ج ٥٢ / ص ٧٣.

٦٤

راوي الحكاية : الشيخ العالم الفاضل المحقق المدقق الفقيه المتبحر كمال الدين عبد الرحمن بن محمد بن ابراهيم ابن العتايقي(١) الحلي الامامي ، كان معاصرا للشهيد الاولرحمه‌الله وبعض تلامذة العلامة الحليرحمه‌الله ، وقال البعض انه ادرك العلامة ، وتلمذ على يد نصير الدين علي بن محمد الكاشي تـ ٧٥٥ هـ ، وكان من مشايخ السيد بهاء الدين علي بن عبد الحميد النجفي ، وبروي عن جماعة منهم جمال الدين الزهدري ، توفى بعد سنة ٧٨٨ هـ التي الف فيها كتابه ( الارشاد في معرفة الابعاد ) وهو صاحب التصانيف الكثيرة والموجود بعضها في الخزانة الغروية ، ولا أرى بأماً بايراد اسمائها هنا فله كتاب ( شرح على نهج البلاغة ) وكتاب ( مختصر الجزء الثاني من كتاب الاوائل لأبي هلال العسكري ) وكتاب ( الاعمار ) وكتاب ( الاضداد في اللغة ) وكتاب ( الايضاح والتبيين في شرح منهاج اليقين ) وكتاب ( اختيار حقائق الخللفي دقائق الحيل ) وكتاب ( صفوة الصفوة ) وكتاب ( اختصار كتاب بطليموس ) وكتاب ( الشهدة في شرح معرف الزبدة ) وكتاب ( الايماقي ) وكتاب ( في التفسير وهو مختصر تفسير القمي ) وكتاب ( الارشاد ) و( الرسالة المفيدة لكل طالب مقدار ابعاد الافلاك والكواكب ) وله ( شرح على الجغميني ) وله ( شرح التلويح ) ، وغيرها من الكتب في شبى أنواع العلوم ، وللأسف الشديد ان كتبه لم تر النور.

_________________

١ ـ العتائقي نسبة الى العتائق قرية بقرب الحلة المزيدية ، وليس بالقبائقي كما في نسخ البحار المطبوعه فانه تصحيف ، كما اني لم ارَّ من الرجاليين من ذكرن بابن العماني بل المشهور انه ابن العتائقي ولعلها تصحيف ايضا او من خطأ النساخ.

٦٥

الى الآن مع كثرتها سوى كتابه ( الناسخ والمنسوخ ) فمن قلمنا هذا ندعو دور النشر والتأليف لأخراج كتبه خدمة للمذهب الامامي واحياء لآثار هذا الشيخ الجليل ، وصرح جمع من العلماء كالسيد محسن الأمينرحمه‌الله والشيخ عباس القميرحمه‌الله والشيخ اغا بزرك الطهراني بمشاهدة كتبه في الخزانة الغروبة وكتب أخرى لغيره بخط يده ذكر فيها نسبه وتأريخه من ( ٧٣٨ ـ ٧٨٨ هـ ).(١)

صاحب الحكاية : الشيخ جمال الدين بن نجم الدين جعفر الزهدري ، لم أجد له ذكراً في كتب الرجال وانما وقفت على ترجمة والده الاجل الشيخ جعفر الزهدري صاحب كتاب ( ايضاح ترددات الشرائع )(٢) ويظهر من ثناء ابن العتائقي عليهما ، عظيم منزلتهما وجلالتهما.

وبهذه الحكاية انتهى ما أردنا نقله من حكايات كتاب ( السلطان المفرج عن اهل الايمان ).

الحكاية الرابعة :

حكاية ابن ابي الجواد النعماني

قال العالم الفاضل المتبحّر النقّاد الآميرزا عبد الله الاصفهاني الشهير بالافندي في المجلد الخامس من كتاب ( رياض العلماء

__________________

١ ـ انظر : رياض العلماء ج ٣ / ص ١٠٣ ، سفينة البحار ط ج / ج ٢ / ص ١٥٧ ، كذلك الذريعة في اجزائها.

٢ ـ وقد طبع الكتاب في زماننا هذا بجهود العلامة الحجة السيد محمود المرعشي في قم المقدسة وقد رأيت نسخته المطبوعة.

٦٦

وحياض الفضلاء ) في ترجمة الشيخ ابن ابي الجواد النِّعماني(١) انه ممن رأى القائمعليه‌السلام في زمن الغيبة الكبرى ، وروى عنهعليه‌السلام ، ورأيت في بعض المواضع نقلاً عن خط الشيخ زين الدين علي بن الحسن بن محمد الخازن الحائري تلميذ الشهيد انه قد رأى ابن ابي جواد النعماني مولانا المهديعليه‌السلام فقال له :

يا مولاي لك مقام بالنعمانية ومقام بالحلة ، فأين تكون فيهما؟

فقال له :أكون بالنعمانية ليلة الثلاثاء ويوم الثلاثاء ، ويوم الجمعة وليلة الجمعة أكون بالحلة ولكن أهل الحلة ما يتأدّبون في مقامي ، وما من رجل دخل مقامي بالأدب يتأدّب ويسلم عليّ وعلى الأئمة وصلّى عليّ وعليهم اثني عشر (٢) مرة ثم صلى ركعتين بسورتين ، وناجى الله بهما المناجاة إلاّ اعطاه تعالى ما يسأله احدها المغفرة.

فقلت : يا مولاي علمني ذلك.

فقال : قل« اللهم قد أخذ التأديب مني حتى مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ، وان كان ما اقترفته من الذنوب استحق به أضعاف أضعاف ما أدبتني به ، وأنت حليم ذو اناة تعفو عن كثير حتى يسبق عفوك ورحمتك عذابك » وكررها عليّ ثلاثاً حتى فهمتها(٣) .(٤)

__________________

١ ـ النعمانية : بليدة بناها النعمان بن المنذر وتقع بين واسط وبغداد في نصف الطريق على ضفة دجلة معدودة من اعمال الزاب الاعلى.

٢ ـ هكذا ورد في المطبوع والاصح اثنتي عشرة.

٣ ـ قال المؤلفرحمه‌الله : يعني حفظتها.

٤ ـ انظر : النجم الثاقب / النوريرحمه‌الله ج ٢ / ص ١٣٨.

٦٧

بحث حول الحكاية :

راوي الحكاية : زين الدين علي بن أبي محمد الحسن بن محمد الخازن الحائري ، تلميذ الشهيد الاول ( ٧٣٤ ـ ٧٨٦ هـ ) وقد أجازه الشهيد الاول سنة ٧٨٤ هـ وهو من مشايخ العلامة أبي العباس أحمد بن فهد الحلي ويروي عنه ، وأجازه في سنة ٧٩١ هـ ويعبر عنه بالشيخ علي الخازن الحائري ، وهو من علماء المائة الثامنة ، قال عنه الشهيد الاولرحمه‌الله في إجازته له :

المولى الشيخ العالم التقي الورع المحصل العالم بأعباء العلوم الفائق أولي الفضائل والفهوم زين الدين أبو علي(١)

صاحب الحكاية : ابن أبي الجواد النعماني ، لم أجد له ترجمة في كتب الرجال ، سوى ما ترجمه ناقل الحكاية الافنديرحمه‌الله في كتابه رياض العلماء الذي فقد معظم مجلداته ، ويظهر من راوي الحكاية الشيخ علي الخازن الذي هو من تلاميذ الشهيد الاولرحمه‌الله أنَّ ابن ابي الجواد من طبقة الشهيد الاول ، أي من تلامذة العلامة الحليرحمه‌الله .

أقول : ولا يبعد اتحاده بالشيخ الفاضل العالم المتكلم عبد الواحد بن الصفي النعماني ، صاحب كتاب ( نهج السداد في شرح رسالة واجب الاعتقاد ) الذي نسبه اليه الكفعميرحمه‌الله في حواشي مصباحه ونؤيد ما قلناه آنفاً قول المتبحر الخيبر الافنديرحمه‌الله في كتاب رياض العلماء ج ٣ ص ٢٧٩ قال : » وأظن أنه من تلامذة الشهيد أو تلامذة تلامذته « فلاحظ.

__________________

١ ـ انظر : رسائل الشهيد الاول ص ٣٠٤ وطبقات اعلام الشيعة للطهرانيرحمه‌الله .

٦٨

أقول : ومن خلال هذه الحكاية نستدل على شهرة المقام في ذلك القرن إذ الرجل من النعمانية ويسأله عن مقامهعليه‌السلام في الحلة ويستدل أيضاً على استحباب زيارة المقام الشريف في الحلة في ليلة الجمعة ويومها لوجود الإمام به ، وربما ينفي الزائر للمقام هذا الكلام ، فنقول له : إن الأمام عجل الله تعالى فرجه الشريف ليس بغائب ولكن هو غائب عمّن هو غائب عن الله.

وعلى أهل الحلة وغيرهم أن يتأدّبوا بمقامه جلّ التأدب ( فلا لاختلاط الرجال بالنساء في المصلى ، ولا لتبرج النساء ، ولا ) مما يصل الى سوء الادب بمحضر نائب الملك العلام ، فان أهل الحلة أشاد بهم أمير المؤمنينعليه‌السلام وأيّ إشادة ، فليكونوا دئاماً مصداق حديث مولاهم ومولاي علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

فقد ذكر الشيخ عباس القمي في كتابه وقائع ايام ص (٣٠٢) :

روى أصبغ بن نباتة قال : صحبت مولاي أمير المؤمنينعليه‌السلام عند وروده صفين ، وقد وقف على تل ثم أومأالى أجمة ما بين بابل والتل قال :مدينة وأي مدينة.

فقلت له : يامولاي أراك تذكر مدينة أكان هناك مدينة وانمحت آثارُها؟ فقالعليه‌السلام : لا ولكن ستكون مدينة يقال لها الحلة ( السيفية ) يمدتها رجل من بني أسد يظهر بها قوم أخيار لو أقسم أحدهم على الله لأبرّ قسمه. (١)

* * *

__________________

١ ـ انظر : بحار الانوار ، ٦ / ١٢٢ رواية ٥٥.

٦٩
٧٠

الباب الرابع

في ذكر من زار مقام

صاحب الزمان أرواحنا فداه في الحلة

٧١
٧٢

أقول : قبل الشروع في ذكر من زار المقام ، إن الزائرين لهذا المقام المنيف يختلفون من حيث الطبقات ، فمنهم العلماء المؤلفون ، ومنهم النساخ ، ومنهم الامراء ، ومنهم الولاة ، ومنهم الرحالة ، ومنهم من شاهد كرامة ، وأنا ذاكرهم بعد حسب التسلسل التاريخي لزياراتهم.

١ ـ في آخر شهر صفر سنة ٦٧٧ هـ / ١٢٥٦ م :

زار المقام السيد نجم الدين أبو عبد الله الحسين بن أردشير بن محمد الطبري وأنهى في هذا التأريخ نسخ كتاب ( نهج البلاغة ) للسيد الرضي ( أعلى الله مقامه ).(١)

٢ ـ في سادس رجب سنة ٧٢٣ هـ / ١٣٠٢ م :

زار المقام محمود بن محمد بن بدر وفرغ في هذا التاريخ من نسخ كتاب ( تحرير الاحكام الشرعية ) للعلامه الحليرحمه‌الله في داخل المقام ، وأنهى العلامة الحليرحمه‌الله تأليفه هذا في ٢٦ جمادى الآخرة سنة ٧٢٤ هـ ذكر ذلك في نهاية القاعدة الأولى في مخطوطته.(٢)

٣ ـ في سنة ٧٢٥ هـ / ١٣٠٤ م :

زار المقام الرحالة ابن بطوطة ، وسوف نأتي علَى ذكر كلامه في آخر هذا الباب.

__________________

١ ـ انظر : اعيان الشيعة ، الأمينرحمه‌الله ج ٥ / ص ٤٥٥ ، تحت رقم ٩٨٥ ، ( بتصرف ).

٢ ـ انظر : مكتبة العلامة الحلي ، الطباطبائيرحمه‌الله ، ص ٧٩ ، ( بتصرف ).

٧٣

وابن بطوطة هو : شمس الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم اللواتي الطنجي المغربي ولد سنة ٧٠٣ هـ بطنجة ، وتقلب في بلاد العراق ومصر والشام واليمن والهند ، ودخل مدينة دهلي واتصل بملكها ، وساح في الاقطار الصينية والتترية وأواسط افريقية وبلاد السودان والاندلس ، ثم انقلب الى المغرب واتصل بالسلطان ابي عنان من ملوك بني مدين ، وزار ضريح أمير المؤمنينعليه‌السلام سنة ٧٢٥ هـ ، واستغرقت رحلته ٢٧ سنة وكان معاصراً لفخر المحققين ابن العلامة الحلي وألف كتابه ( تحفة النظار في غرائب الامصار وعجائب الاسفار ) المعروف برحلة ابن بطوطة ، ومات في مراكش سنة ٧٧٩ هـ(١)

٤ ـ في ثامن عشر شعبان سنة ( بداية القرن الثامن الهجري ) :

زار المقام أبو محمد الحسن الحداد العاملي ، وصنف في هذا التاريخ ، كتابه ( الدرة النضيدة في شرح الابحاث المفيدة ) للعلامة الحليرحمه‌الله ، وأنهاه في السادس والعشرين من شهر رمضان ، وذلك في الحلة مجاوراً مقام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف على ساكنة أفضل الصلاة والسلام ، علما أن هذا الكتاب خلا من التاريخ السنوي ، ولكن مصنفه كان حياً سنة ٧٣٩ هـ(٢)

٥ ـ في بداية القرن الثامن الهجري :

زار المقام حاكم الحلة ، المسمى بمرجان الصغير ،

__________________

١ ـ انظر : تاريخ الكوفة ، البراقيرحمه‌الله ، تحقيق ماجد العطيه ، ص ٣٩ ، ( بالهامش ).

٢ ـ انظر : اعيان الشيعة / الامينرحمه‌الله ، ج ٩ / ص ١٧٩ / تحت رقم ٣٦٣ ، ( بتصرف ).

٧٤

وكان هذا الحاكم شديد البغض للشيعة الامامية ، وكان كلما يدخل في هذا المقام يعطي ظهره القبلة الشريفة إذا جلس فيه ، وعندما شاهد قضية أبو راجح الحمامي ، تغيرت عقيدته ، وصار يستقبل القبلة إذا جلس فيه.(١)

٦ ـ في سنة ٧٤٤ هـ / ١٣٢٣ م :

زارت المقام ام عثمان ، المرأة العمياء التي كشف بصرها في داخل المقام ، وباتت فيه هي وبعض النسوة المؤمنات وكانت أم عثمان هذه سنية فتشيعت هي وولدها عثمان بعدما كشف الله بصرها ببركة صاحب الزمان أرواحنا فداه.(٢)

٧ ـ في سنة ٧٥٩ هـ / ١٣٣٨ م :

زار المقام ، المولى الكبير المعظم جمال الدين بن نجم الدين جعفر الزهدري ، وبات فيه ، وكان مصاباً بالفالج فشفي من ليلته.(٣)

٨ ـ في غرة جمادى الآخرة سنة ٧٧٦ هـ / ١٣٥٥ م :

زار المقام ، جعفر بن محمد العراقي ، وفرغ في هذا التاريخ ، من نسخ كتاب ( قواعد الاحكام في مسائل الحلال والحرام ) للعلامة الحليرحمه‌الله ، في داخل هذا المقام.(٤)

__________________

١ ـ انظر : حكاية ابوراجح التي أوردناها في الباب الثالث.

٢ ـ انظر : النجم الثاقب / النوريرحمه‌الله ج ٢ / ص ٢٢٢.

٣ ـ انظر : النجم الثاقب / النوريرحمه‌الله ج ٢ / ص ٢٢٣.

٤ ـ النظر : مكتبة العلامة الحلي / الطباطبائيرحمه‌الله ، ص ١٤٣ ، تحت رقم ٢٤ ، ( بتصرف ).

٧٥

٩ ـ في سنة ٩٦١ هـ / ١٥٤٠ م :

زار المقام ، سيد علي رئيس ، وكان هذا السيد مرسلا من قبل سلطان مصر ، وكان أمير قبطانيته ، وأرسله الى العراق لغرض إحضاره السفن الموجودة في ميناء البصرة الى مصر ، كما زار هذا المبعوث مشهد الشمس ومقام عقيل أخي الامام عليعليه‌السلام في الحلة ثم عاد الى بغداد.(١)

أقول : قد وعدنا القاريء الكريم ، بنقل كلام ابن بطوطة ، المشار اليه آنفا على نحو الاجمال وهذا موضع ذكره ، قال في رحلته الموسومة ( تحفة النظار ) : » ونزلنا برملاحة ، وهي بلدة حسنة بين حدائق نخل ، ونزلت بخارجها وكرهت دخولها لأن أهلها روافض ورحلنا منها الصبح فنزلنا مدينة الحلة ، وهي مدينة مستطيلة مع الفرات وهو بشرقيها ولها أسواق حسنة جامعة للمرافق والصناعات وهي كثيرة العمارة وحدائق النخل منظمة بها داخلاً وخارجاً ، ودورها بين الحدائق ولها جسر عظيم معقود على مراكب متصلة منتظمة في ما بين الشاطئين الى خشبة عظيمة مثبتة بالساحل ، وأهل هذه المدينة كلهم إمامية اثنا عشرية ، وهم طائفتان أحداهما تعرف بالاكراد ، والاخري تعرف بأهل الجامعين ، والفتنة عليهم تاسلاح وبايديهم سيوف مشهورة فياتون امير المدينة بينهم متصلة والقتال قائم أبداً ، وبمقربة من السوق الاعظم مسجد على بابه ستر حرير مسدول وهم يسمونه مشهد صاحب الزمان ، ومن عادتهم أن يخرج في كل ليلة مائة رجل من أهل المدينة ، تعد صلاة العصر فيأخذون منه فرساً ملجماً أو بغلة ، كذلك

__________________

١ ـ انظر : تاريخ الحلة / ابن كركوش رَحَمَةُ الله ، ص ١١٥ ، ( بتصرف ).

٧٦

ويضربون الطبول والانفار والبوقات أمام تلك الدابة يتقدمها خمسون منهم ويتبعها مثلهم ويمشي أخرون عن يمينها وشمالها ا ويأتون مشهد صاحب الزمان فيقفون بالباب ويقولون:

باسم الله يا صاحب الزمان ، باسم الله أخرج قد ظهر الفساد وكثر الظلم ، وهذا أوان خروجك فيفرق الله بك بين الحق والباطل ، ولا يزالون كذلك وهم يضربون الابواق والاطبال والانفار الى صلاة المغرب وهم يقولون إن محمد بن الحسن العسكري دخل ذلك المسجد وغابفيه ، وانه سيخرج وهو الامام المنتظر عندهم ».(١)

أقول : بعد قوله هذا يالله من تلك الاعاجيب ، ويا غوثاه من هذه الاكاذيب ، أفلا يليق بهذا الشيخ المؤرخ أن ينطق صدقاً ، أم هو على ما ألفى عليه السلف ، فأن أردت أن انطق برد كلامه يكفيني كلامه أنه كره دخول برملاحة ( قضاء ذي الكفل ) قبل الحلة لأن أهلها روافض ، فما الذي جعله يدخل مدينة الحلة وأهلها بقوله كلهم إمامية اثنا عشرية ، فليته لم يدخلها ولم يرها كسابقتها ( برملاحة ) ، ونحن نسأل ابن بطوطة ، أيجوز دخول بلاد الكفر والاصنام ولايجوز دخول بلد الروافض الاملام؟ والحل إن رحلته طفحت بذكر دخوله الى بلاد الكفر.

وأما إذا أردنا الرد على كلامه أقول :

أولا : انه لا يخفى على أحد انه لم يعهد لأحد من الأئمة الاثني غشر ، ولم يعرف لهم مكث في الحلة ، ولا سكنى ، ولا دار ، ولا سرداب اختفى فيه الامام الثاني عشر عجل الله تعالى فرجه الشريف بل لم تكن الحلة في زمانهم

__________________

١ ـ انظر : رحلة ابن بطوطة ص ١٣٩.

٧٧

موجودة!! وتعلم يا عزيزي القاريء إن الامام أرواحنا فداه ولد في سامراء سنة ٢٥٥ هـ والحلة مصرت سنة ٤٩٥ هـ على يد سيف الدولة صدقة المزيدي الاسدي.

وثانيا : إن ابن بطوطة انفرد في كلامه هذا ، كما انفرد بأشياء كثيرة في رحلته هذه ، فمثلا سمى ملك الايلخانيين ( خوابنده ) ناصر الشيعة الذي تشيع على يد العلامة الحليرحمه‌الله ، ومعربها عبد الله ( بخربنده ) ومعربها عبد الحمار ، وما كلامه هذا إلا لحقد على مذهب الامامية ، وقد قدمنا ذكر من زار هذا المقام من العلماء والنّساخ وعامة الناس في عصره ، فهلا ذكر أحدهم ما رآه ابن بطوطة؟ وهلا ذكر لنا ابن جبير في رحلته ، ما رآه ابن بطوطة في الحلة وهو أسبق منه؟ ومع ذلك فان تاريخ الحلة في تلك الفترة كان حافلاً باعلام عظام كالعلامة الحليرحمه‌الله ، والمقداد السيوريرحمه‌الله وأحمد بن فهدرحمه‌الله والحافظ رجب البرسي وأضرابهم ، فهل يعقل ويقبل أن يجري ما ذكره ابن بطوطة بتفاصيله غير المضبوطة ولاينكره أحد منه؟

وثالثا : إن كذبه ظاهر من عبارته » ومن عادتهم أن يخرج في كل ليلة مائة رجل من أهل المدينة عليهم السلاح وبأيديهم سيوف مشهورة فيأتون أمسر المدينة بعد صلاة العصر « فمالهم يخرجون في كل ليلة ويأتون أميرهم لطلب الفرس بعد صلاة العصر؟ أما كان الاجدر أن يطلبوا الفرس بعد صلاة المغرب؟ أليس هذا مما يضحك الثكلى.

ورابعاً : انه لم يرد في كتب الشيعة قط ما يؤيد كلامه ، وكلهم متفقون على أن خروجه بأبي هو وأمي من مكة المكرمة المعظمة ، فهذه كتبهم طفحت بحديث خروجه من مكة.

٧٨

وخلاصة القول أرى انه رأى كثرة العلماء والطلبة على مدرسة صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف المتصلة بالمقام والتي موقعها في ظهر المقام وبني على آثارها مسجد لاخواننا السنة ، وهو جامع الحلة الكبير وبالخصوص إن سنة وروده للحلة هي آخر سنة من حياة العلامة الحليرحمه‌الله فبدلاً من أن يمدح علماء الشيعة وتوافدهم على معاهد العلم والعلماء ، حسد القوم ولم يبين لنا صدق ما رآه فأخذ يصف لنا النخيل والحدائق والانهار ، ويدع ذكر علمائها الابرار وأهلها الاخيار ، كعادته عندما دخل إلى بغداد ، وصف لنا قبر أبي خنيفة وقبور أحمد بن حنبل والجنيد وبشر الحافي ولم يذكر إلاّ شيئاً يسيراً من الذكر عن قبري الإمامين الهمامين موسى بن جعفر ومحمد بن علي الجواد عليهما أفضل الصلاة والسلام فهل يخفى القمر في الليلة الظلماء؟ ولكن أبى الشيخ المؤرخ إلا ما وجد عليه الاباء ( شنشنة أعرفها من أخزم ) ، ومما لا يخفى على المتتبع إن رحلة ابن بطوطة ، طفحت بكثير من الأغلاط والأخطاء الخططية والتأريخية حتى أنه أخطأ في تعيين قبور جماعة من المشاهير كبشر الحافي مثلا ، فقد جعل قبره في الجانب الشرقي من بغداد مع أنه مدفون في مقبرة باب حرب ، في أعلى الجانب الغربي من بغداد ( في الشمال الغربي من مقابر قريش ، مدينة الكاظمية الحالية ) ومهما يكن فلم أقف على ما ذكره ابن بطوطة عند غيره ممن ذكر الحلة من قبل ومن بعد ، وهذا دليل ضعف الخبر ، ولو كان له أثر لأشتهر.

* * *

٧٩
٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215