غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام0%

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف: الإمامة
ISBN: 964-319-447-7
الصفحات: 325

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

مؤلف: السيد ثامر هاشم العميدي
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف:

ISBN: 964-319-447-7
الصفحات: 325
المشاهدات: 80385
تحميل: 3547

توضيحات:

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 325 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 80385 / تحميل: 3547
الحجم الحجم الحجم
غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
ISBN: 964-319-447-7
العربية

غيبة الإمام المهدي

عند الإمام الصادق عليهماالسلام

السيد

ثامر هاشم العميدي

١

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

( وَنُريدُ أن نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ استُضعِفُوا

فِي الأرضِ وَنَجعَلَهُم أئمَّة وَنَجعَلَهُمُ الوَارثِينَ)

٣
٤

مقدّمة المركز

الحمد لله الواحد الأحد ، وصلواته وسلامه على نبينا محمد واله حجج الله على العباد إلى الأبد ، أما بعد

فان من المسلمات التي تركت بصماتها واضحة في تاريخ الفكر الإسلامي ، وبناء حاضره وأثّرت فيه برسم معالم مستقبله ؛ هو الاعتقاد الراسخ بإخبار أهل البيتعليهم‌السلام جميعا عن الإمام المهديعليه‌السلام قبل ولادته وغيبته ، وعلى هذا فليس البحث في غيبة الإمام المهدي قبل ولادتهعليه‌السلام تسجيلا حرفيا لقضية من قضايا الماضي ، بقدر ما هو وصل بين جزء من تاريخ هذه العقيدة في عصر الإمام الصادقعليه‌السلام والتعرف على جذورها في تلك الفترة ، وادراك عمقها وامتدادها في عصور الإسلام ، وبين تاريخ تحقّقها على صعيد الواقع ؛ لما بينهما من ارتباط وثيق.

ولا شكّ أن من يكون حليف القرآن وقرينه ـ والقرآن فيه تبيان لكل شيء ـ قادر على من يوقفنا على ما في ظاهره وباطنه ، ويحدّثنا عن غيبة الإمام المهدي قبل ولادتهعليه‌السلام ، كما لو كان معه. « ومن غرق في بحر المعرفة لم يطمع في شط ، ومن تعلّى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حط » ؛ ولهذا قال القاضي ابن أبي ليلى لمّا سأله نوح بن دراج : « أكنت تاركا قولا قلته أو قضاء قضيته لقول أحد؟ قال : لا ، الا رجل واحد! قلت : من هو؟ قال : جعفر بن محمد » ، ذلك هو إمامنا الصادقعليه‌السلام ، الحارس الأمين لمنظومة القيم والمفاهيم الإسلامية بنظر الكل ، حيث لم يدع مجالا لأحد من يشوهها أو يحرفها. ومن عاش في كبد الحقيقة ، لا تكون الإستضاءة بأقواله استضاءة بجزء من الماضي ؛ لأن الحقيقة في الحياة ليس لها عمر محدّد ، بل تحمل عناضر الخلود والبقاء معها ، وكلما دار عليها الزمان تتجدّد ؛ ولهذا كانت حركتهعليه‌السلام وفعله وقوله وتقريره تجسيدا حيّا لحركة الرسالة في خطواتها الفكرية والروحية والعلمية ، في مساحات الزمن الماضي والحاضر والمستقبل ، اذ امتازعليه‌السلام بواقعية مع الحياة على ضوء الإسلام ، فكان غنيا بمفاهيم الرسالة ، متمسّكا بمنهجها ، دقيقا في فكرها ، واضحا في تجسيدها حريصا على لونها ، مقتديا بها في ضرورة العلم والعمل والتفكير والتخطيط. وعلى هذا فلس ما جاء عنهعليه‌السلام بحاجة في عرضه إلى أكثر من تجريده عن أيّة أفكار دخيلة عليه أو أقوال مزيفة مكذوبة منسوبة اليه ، ولم يعرفها أحد من أصحابه ولم يروِها شيعته. وممّا عُلم عنهعليه‌السلام وبنحو اليقين ، منه لم يغادر الحياة شهيدا إلا وقد جعل العقيدة بالمهديعليه‌السلام ، عميقة الفكر ، ثابتة الأساس ، متينة الحجة ، واضحة مشخصّة ، مع تطويقه سائر الدعايات المضادّة التي عملت ولا زالت تعمل على تشويه تلك العقيدة ، حتى أحالها إلى رماد. ومن أقواله الثابتة ثبوت الحقيقة ، والواضحة وضوح الشمس في رائعة النهار ، تصريحه بهوية الإمام المهديعليه‌السلام ، وإمامته ، وغيبته ، وظهوره في آخر الزمان ؛ بما يمكن معه القول الحازم بأنه

٥

أرادعليه‌السلام تحريك هذه العقيدة في وجدان الأمة على الدوام ، لما تمتلكه من فلسفة قادرة على خلق العمل الصالح وتهذيب النفوس بالورع ومحاسن الأخلاق ، مع التطلّع الجادّ إلى بناء المستقبل ، بما يناسب حجم اللقاء بالمهديعليه‌السلام في يومه الموعود. ولكي تدرك ـ مع هذا ـ منها ليست بانتظار فكرة طموحة قابلة للزوال ، وانّما هي بانتظار حقيقة من حقائق الإسلام الكبرى التي لابدّ وأن تقع في مستقبل تاريخه. وبهذا تستطيع أن تفهم من العقيدة بمهدي مجهول يخلقة الله في آخر الزمان عقيدة لا تثير اليقظة في العقول ، ولا تحرّك الوعي في الأحساس ولا تفتح القلوب ، شأنها شأن الأفكار الميتة التي قد تأخذ فراغا في الفكر ، ولكنها لا تهب الحياة شيئا.

واذا كانت اساليب الكذب والافتراء أعجز من أن تقتل فكرة أو تخنق مبدأ ، وطرق الغشّ والتضليل أضعف من أن تحجب نور الحقيقة وتهمش دور العقيدة ، فان من الغباء اذن جعل العقيدة بالإمام المهديعليه‌السلام انهزاما عن الواقع وانعزالا عن الحياة ، او هروبا وانسحابا عن مشاكل الأمة!! هذا في الوقت الذي يُسمع فيه نداء أهل البيتعليهم‌السلام من عمق التاريخ الإسلامي بضرورة أن يكون انتظار الإمام المهديعليه‌السلام في غيبته محفّزا إيجابيا ودافعا قويا لتحقيق ما أراده الله ورسوله صلي الله عليه وآله في أن يكون بناء الحياة بشكل أفضل.

وهكذا عاشت عقيدتنا بالإمام المهديعليه‌السلام ولا زالت في قلب المعركة معركة الحق والباطل ، ولن يكون غريبا اذن أن يرى المتتبع لهذه العقيدة اتجاهات دخيلة عليها نمت ضمن نطاق اسلامي من طراز خاص يحتضن تلك الاتجاهات تارة ، ويغذّيها بتشجيع الزيف والخداع لأجل من يتبوّأ أنصاره مكانا واسعا خدمة لفكرة محرّفة وغاية مسمومة ، وبدعاية كذوب على أنها نتاج إسلامي موضوعي خالص تارة أخرى ؛ تبريرا لما بُعتقد من خرافات وأوهام ، ومن هنا صار دعمها طريقا منتجا لإشاعتها ونشرها في الوسط الإسلامي حيث اتصالها بالحسّ الديني العميق ؛ وهكذا فقدت العقيدة بمهدي مجهول ـ كواحدة من تلك الخرفات ـ مبررات وجودها ؛ إذ لا انسجام لها مع الواقع ، ولا مع الحياة ، ولا مع المبادي الإسلامية في تلك العقيدة التي أفاض بها هذا الكتاب وحصرها بواحد من أهل البيتعليهم‌السلام وهو ملاذ الفقهاء أُستاذ العلماء في عصره ، وامام الأُمّة في زمانه الصادقعليه‌السلام .

وأخيرا فإْن هذا الكتاب الماثل بين يديك عزيزي القارئ إنما هو صفعة قوية بوجه أولئك الذين أنكروا ولادة الإمام المهديعليه‌السلام وكذبوا بغيبته ، ولبنة جديدة تُضاف إلى صرح الثقافة المهدوية الحقّة ، ودليل على الطريق.

والله الهادي إلى سواء السبيل

مركز الرسالة

٦

المُقَدَّمةُ

الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على نبيّنا محمد وآله الطيّبين الطاهرين ، صلاة زاكية نامية متّصلة متواترة لا غاية لأمدها ولا نهاية لآخرها ، وسلّم تسليما كثيرا. وبعد

فإنّ الحديث عن الإمام المهدي الحجة ابن الحسنعليهما‌السلام خصب الميادين متعدّد الجوانب ، واسع الاطراف ، ولا حصر للمؤلفات التي كُتِبَت ـ شرقا وغربا ـ حوله ، حتي يُخال للباحث وهو يرى كثرة المؤلفات والبحوث المعدّة حول هذا الموضوع منه قد أُغلِقَ تماما ، ومن طْرقه من جديد لن يأتي بشيءٍ جديد.

ومع كل هذا قد نبغ في الآونة الاخيرة من يتّهم متكلمي الإمامية في أوآخر القرن الثالث وبداية الرابع الهجريين ، بأنهم ـ ولأجل أن يستمر المذهب الاثني عشري بعد وفاة الإمام العسكري بلا عقب ـ حاولوا ببراعتهم الكلامية اقناع عامّة المذهب بولادة الحجة ابن الحسن الغائب الذي لم يُولد بعد!!.

وقد كنت آمل في كتاب ( المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي ) ـ الذي صدر سنة ١٤١٧ / هـ ، وطبع ثلاث مّرات ، وتُرجم إلى خمس لغات ـ أن ينبّه على مدارك ذلك الاتهام ويخفّف من غلواء مرّوجيه عبر الأقمار الصناعية ّكلما اتيحت لهم الفرصة ، ولكنهم بقوا كما بدأوا! ومن هنا وجدت نفسي أمام اختيار صعب ، فعدت اليهم مرّة أخرى لأرسم الصورة الواضحة لعمق العقيدة المهدوية في الفكر الشيعي قبل ولادة متكلمي الشيعة ـ الذين اتهموا باختلاق مفهوم

٧

الغيبة والغائب ـ بأكثر من مائة عام ؛ ولهذا جاء البحث محصورا بالغيبة والغائب عند الإمام الصادقعليه‌السلام وحده ، فنقول :

عاش الإمام الصادقعليه‌السلام في عصرّين مختلفين : عصر ضعف الدولة الأموية حتى آلت إلى السقوط سنة ١٣٢ هـ على أيدي العباسيين ، و عصر انشغال بني العباس في تثبيت أقدامهم بالسلطة. ومعنى هذا ، من الدولة الأموية في عهد الإمام الصادقعليه‌السلام ـ الذي تولّى الإمامة بعد وفاة أبيه الإمام الباقرعليهما‌السلام سنة ( ١١٤ هـ ) ـ لم تكن قادرة على ممارسة نفس دورها الإرهابي في الحدّ من نشاط أهل البيتعليهم‌السلام كما كانت تمارسه في عهود آبائهعليهم‌السلام

كما منّ الدولة العباسية لم تعلن ارهابها على الإمامعليه‌السلام في بداية حكمها كما أعلنته عليه بعد حين وعلى الأئمة المعصومين من أولادهعليهم‌السلام فيما بعد ، وصولا إلى دورهم البغيض في غيبة آخر الأئمة الإمام المهديعليه‌السلام

ومن هنا وجد الإمامعليه‌السلام الفرصة النسبية سانحة للإنطلاق في أرحب الميادين ، ولهذا نجد اسمه الشريف يتردّد على ألسنة المؤرّخين والمحدّثين والمفسّرين والفلاسفة والمتكلّمين أكثر من سائر الأئمة الآخرينعليهم‌السلام ، ولعلّ خير ما يعبرّ لنا عن هذه الحقيقة هو الإمام الصادقعليه‌السلام نفسه فيما رواه عنه أوثق تلامذته.

فعن أبان بن تغلب قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : « كان أبيعليه‌السلام يفتي في زمن بني أميه من ما قتل البازي والصقر فهو حلال ، وكان يتقيهم ، وأنا لا أتّقيهم ، وهو حرام ما قتل »(١) .

__________________

١ ـ فروع الكافي / الكليني ٦ : ٢٠٨ / ٨ كتاب الصيد ، باب صيد البزاة والصقور ،

٨

ونحو هذا ما رواه الحلبي عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام أيضا(١) ، ونظيره ما رواه زرارة وأبو عمر الأعجمي عن الإمام الصادقعليه‌السلام من المنع عن مسح الخفيّن في الوضوء تقيّة وكذلك في النبيذ ومتعة الحج(٢) .

فهذه النصوص وأمثالها تصوّر لنا بوضوح حالة الانفراج السياسي النسبي الذي عاشه الإمام الصادقعليه‌السلام في ظلّ الدولتين.

وقد كانت وظيفة الإمام الصادقعليه‌السلام صعبة للغاية ، اذ شاهد خطورة الموقف الإسلامي ، وعاصر تلوّث المجتمع المسلم بالمفاهيم الدخيلة الوافدة إليه عن طريق الفلسفات الأجنبية التي تسلّلت رويداّ إلى ساحته عبر القنوات الكثيرة التي شقّتها حروب العصر الأموي ( ٤٠ ـ ١٣٢ هـ ) ، وبدايات العصر العباسي الأول ( ١٣٢ ـ ٢٣٤ هـ ) ، وما نتج عن هذا وذاك من نشوء التيّارات الفكرية الخطيرة ، وانقسام المسلمين إلى مذاهب وفرق عديدة ، مع بروز حركة الزندقة والإلحاد بفعل تلك الرواسب الثقافية المسمومة ، فضلا عن استشراء حالة الفساد الإداري والخُلقي في عاصمة الخلافة ـ دمشق أولا ، وبغداد ثانيا ـ ومن ثَمَّّ تصدير الانحراف إلى شرائح المجتمع من قصور الخلفاء أنفسهم ، ويشهد على كلّ هذا ما وصل إلينا من أدب البلاطين في ذينك العصرين ، وفي كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني أمثلة لا حصر لها تصوّر لنا حالة البذخ

__________________

والفقيه / الصدوق ٣ : ٢٠٤ / ٩٣٢ ، والتهذيب / الشيخ الطوسي ٩ : ٣٢ / ١٢٩ ، والاستبصار / الشيخ الطوسي ٤ : ٧٢ / ٢٦٥

١ ـ فروع الكافي ٦ : ٢٠٧ / ١ ، من الباب السابق ، والتهذيب ٩ : ٣٢ / ١٣٠ ، والاستبصار ٤ : ٧٢ / ٢٦٦.

٢ ـ فروع الكافي ٣ : ٣٢ / ٢ باب مسح الخفّين من كتاب الطهارة ، و ٢ : ٢١٧ / ٢ باب التقية ، والمحاسن / البرقي : ٢٥٩ / ٣٠٩ ، والخصال / الصدوق ٣٢ : ٧٩.

٩

الاقتصادي ، والترف الفكري ، والتحلّل الخلقي الذي أصاب الأمة على أيدي حكّامهم وأمرائهم في الدولتين الأموية والعباسيّة.

فليس أمام الإمام الصادقعليه‌السلام اذن إلا اعادة تشكيل وعي الأمة من جديد ، وتعبئة أكبر ما يمكن من طاقات أفرادها للنهوض بمهمّة التغيير الكبرى ، وهو ما استطاععليه‌السلام أن يحققه في تلك الفترة القصيرة ؛ اذ استطاع وبكلّ جدارة أن يعيد للإسلام قوّته ونظارته ، بعد أن أرسى قواعد الفكر الصحيح على أُسسه. فوقف كالطود الأشمّ بوجه تلك العواصف الكثيرة التي أوشكت أن تعصف بكلّ شيء من بقايا الحقّ وأهله ، وجاهد جهادا علميا عظيما ، حتى تمكّن بحكمته وعطائه وعلمه وإخلاصه لله عزّ شأنه وتفانيه في دين جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يصبغ الساحة الفكرية والثقافية في عصره ـ بعد أن تدنت بها القيم والأخلاق ـ بمعارف الإسلام العظيم ، ومفاهيمه الراقية ، واستطاع تحويل تلك المفاهيم إلى غذاء روحي يومي ، فنقلها من الواقع النظري إلى حيّز التطبيق الفعلى مبتدأ ذلك بروّاد مدرسته العظيمة التي كانت تضمّ ما يزيد على أربعة آلاف رجل ، ّوكلّهم من تلامذته ، حتى صاروا مشاعل نور أضاءت لكل ذي عينين من أفراد الأمة ما أظلمّ عليه.

وهكذا استمرّت مدرسة الإمام الصادقعليه‌السلام في أداء رسالتها يغذّيها ـ من بعده ـ الأئمة من وُلدهعليهم‌السلام بفيض من علم النبوّة ونور الولاية ، ولم يخبُ ضوؤها بتعاقب الزمان وتجدّد الملوان ، ويشهد لخلودها واتّساعها منّك واجد في كلّ عصر قطبا من أقطابها يشار له بالبنان ، وتشدّ إليه الرحال من كلّ فجّ عميق.

وما كان هذا ليتمّ بسهولة لولا الجهاد العلمي الحثيث المتواصل الذي بذله الإمام الصادقعليه‌السلام حتى اكتسب الواقع الثقافي الإسلامي بفضل مدرسته

١٠

المباركة مناعة قويّة ضدّ وباء الانحراف ، ذلك الوباء الذي كان ضاربا أطنابه على مرافق عديدة من الفكر الإسلامي ، فضلا عمّا تركه من تشويش وتضادّ في جزئيّات العقيدة ، ناهيك عمّا أصاب ( الإمامة ) من تداعيات خطيرة في المجتمع المسلم ، حتى أبيحت وضح النهار لكل جبّار عنيد ، وصار كلّ من غلب بحدّ السيف أوصياء مفروض الطاعة! هذا في الوقت الذي صحّ فيه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برواية الفريقين منه قال : « الخلفاء إثنا عشر كلّهم من قريش »(١) ، وصحّ أيضا قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهليّة »(٢) ، كما تواتر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديث الثقلين الذي جعل الكتاب وعترته أهل بيته صنوين متلازمين ما بقيت الدنيا ، وعاصمين من الضلالة لكل من تمسّك بهما ، إنهما لن يفترقا

__________________

١ ـ صحيحح البخاري ٤ : ١٦٤ باب الاستخلاف من كتاب الأحكام ، وصحيح مسلم ٢ : ١١٩ باب الناس تبع لقريش من كتاب الامارة أخرجه من تسعة طرق ، ومسند أحمد ٥ : ٩٠ و ٩٣ و ٩٧ و ١٠٠ و ١٠٦ و ١٠٧. وإكمال الدين الشيخ الصدوق ١ : ٢٧٠١٦ و ١ : ٢٧٢١٩ ، والخصال الشيخ الصدوق ٢ : ٤٦٩ و ٤٧٥.

٢ ـ أصول الكافي ١ : ٣٠٣٥ ، و ١ : ٣٠٨١ ، ٢ ، ٣ و ١ : ٣٧٨٢ ، وروضة الكافي ٨ : ٢٩١٢٣ ، والإمامة والتبصرة من الحرية الصدوق الأول ٢١٩ ٦٩ و ٧٠ و ٧١ ، وقرب الإسناد الحميري : ٣٥١ ١٢٦٠ ، وبصائر الدرجات الصفار : ٢٥٩ و ٥٠٩ و ٥١٠ ، واكمال الدين ٢ : ٤١٢ ـ ٤١٣١٠ و ١١ و ١٢ و ١٥ باب ٣٩ ، ورجال الكشي في ترجمة سالم بن أبي حفصة : ٢٣٥ رقم الترجمة ( ٤٢٨ ).

ونحوه في صحيحح البخاري ٥ : ١٣ باب الفتن ، وصحيح مسلم ٦ : ٢١ ـ ٢٢ ١٨٤٩ ، ومسند أحمد ٢ : ٨٣ و ٣ : ٤٤٦ و ٤ : ٩٦ ، والمعجم الكبير الطبراني ١٠ : ٣٥٠ ١٠٦٨٧ ، ومسند الطيالسي : ٢٥٩ ، ومستدرك الحاكم ١ : ٧٧ ، وسنن البيهقي ٨ : ١٥٦ و ١٥٧.

١١

حتى يردا على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والحوض.(١)

وهكذا تعيّن المقصود بالاثني عشر ، واتضح المعنى بامام زمان كل جيل من أجيال الأمة بما لا يحتاج معه الي مزيد تأمّل أو تفكير.

وفي الصحيح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « سُئل أمير المؤمنينعليه‌السلام عن معنى قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي ) من العترة؟ فقالعليه‌السلام : منا ، والحسن ، والحسين ، والائمّة التسعة من ولد الحسين ، تاسعهم مهدّيهم ، لا يفارقون کتاب الله عزّوجلّ ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حوضه(٢) .

ولو لم يكن الأمركما قلناه لجعل صلّى الله عيله وآله مناط الاعتصام من الضلالة بطاعة من وصل إلى السلطة وقاد المسلمين طوعا أو كرها. وأما من تكون النجاة بالتمسّك بالثقلين دون غير هما بمنطوق الحديث ومفهومه ، فالعقل يأبى أن يكون الإمام القدوة غير المنجي من الضلالة.

وفي هذا البحث مقطع قصير من مقاطع الإمامة ، بل مفصل خطير من مفاصلها وهو « غيبة الإمام المهدي عند الإمام الصادقعليهما‌السلام » ، ونظرا لاتّصال

__________________

١ ـ سيأتي تخريج حديث الثقلين الشريف في الفصل الثاني من الباب الأول في هذا البحث.

٢ ـ رواه الفضل بن شاذان في إثبات الرجعة كما في مختصره : ٢٠٨ / ٦ ، عن ابن أبي عمير ، عن غياث بن ابراهيم ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام . وأخرجه الصدوق بسند صحيحح ، عن ابن أبي عمير ، عن غياث ، عنهعليه‌السلام . إكمال الدين ١ : ٢٤٠ ـ ٢٤١ ، ٦٤ باب ٢٢ ، وعيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١ : ٦٠ / ٥٥ ، ومعاني الأخبار : ٩٠ / ٤ باب معنى الثقلين والعترة.

١٢

هذا الموضوع الحسّاس اتصالا وثيقا بحياتنا المعاصرة فكرا وسلوكا وعقيدة ، ارتأيت أن أبحث هذا الموضوع عند الإمام الصادقعليه‌السلام لنرى كيف طرح الإمام الصادقعليه‌السلام موضوع غيبة الإمامعليه‌السلام ؟ وإذا كان هناك ما يوضّح لنا هوية الإمام الغائب المنتظر بلا لبس أو إبهام ، فهل وُجِدَ مثله في فكر الإمام الصادقعليه‌السلام ؟ أو منه طرح موضوع الغيبة مجرّدا عن هوية الغائب وترك علامات استفهام حول اسمه ونسبه الشريف؟

لقد حرص الإمام الصادقعليه‌السلام على إشاعة مفهوم غيبة الإمام المهدي المنتظرعليه‌السلام ، وبثّ الفكر المهدوي الأصيّل في وجدان الأُمة التي اختلط عليها الحابل بالنابل ، وامتزج عندها الحقّ بأضغاث الباطل نتيجة لما لحق هذا الفكر من تضادّ وتشويش أدّيا إلى ظهور دعاوى المهدوية الباطلة التي حاولت الالتفاف على الحقيقة المهدوية الناصعة.

ومن هنا قام الإمام الصادقعليه‌السلام بتهيئة الأجواء العلميّة لفهم الغيبة ومعرفة من هو المهدي الذي سيغيب ، وذلك من خلال اتخاذ الخطوات الآتية :

تتمثّل الخطوة الأولى بدعم العقيدة المهدوية وإرجاعها إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي أكّدها بأقوى ما يمكن حتى تواترت عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ بيان الإمامعليه‌السلام حكم من أنكرها.

وتتمثّل الخطوة الثانية بترسيخ القواعد الكاشفة عن هوية الإمام المهديعليه‌السلام من دون الخوض في تفاصيل الهوية الشريفة.

وانحصرت الخطوة الثالثة في مجال تشخيص هوية الإمام الغائبعليه‌السلام وكيفية الانتفاع به في غيبته.

١٣

وهكذا يسّر الإمام الصادقعليه‌السلام السبل الكفيلة لمعرفة الإمام الغائب قبل ولادته بعشرات السنين ، وهو ما تكفّل به الباب الأول من البحث ، وذلك في ثلاثة فصول عالجت الخطوات الثلاث المذكورة على الترتيب.

وأما عن مفهوم الغيبة فقد احتضنه الإمام الصادقعليه‌السلام وأولاه أهمية خاصة ، وهو ما تكفّل به الباب الثاني في فصول أربعة.

تناولت : العناية بالغيبة وبيان معطياتها ، وتأكيد الإمام الصادقعليه‌السلام على وقوعها وطولها ، وبيان ما مطلوب في زمانها ، وأخيرا الكشف عن عللها.

وعقدنا الباب الثالث لنرى من خلاله موقف الإمام الصادقعليه‌السلام من دعاوى المهدوية التي أدركها ، وعاصر بعضها ، أو التي نشات باطلا بعده وذلك في خمسة فصول ، رد فيها الإمام الصادقعليه‌السلام على دعاوى الكيسانية والأموية والحسنية والعباسية والناوويسة والواقفية ، مع إعطاء القواعد اللازمة والضوابط العامّة المتقنة لمعرفة قيمة أيّة دعوى من هذا القبيل ثم جاء الفصل السادس والأخير ليكشف عن أجوبة الإمام الصادقعليه‌السلام على الشبهات المثارة حول الموضوع ؛ الأمر الذي أدّى إلى تعرية جميع المزاعم التاريخية التي حاولت الالتفاف على مفهوم الغيبة ، أو هوية الإمام الغائبعليه‌السلام سواء تلك التي ظهرت في زمان الإمام الصادقعليه‌السلام ، أو قبله ، أو التي نشأت بعد حين وتلاشت فجأة حيث اتضح الصبح لذي عينين.

وآخر دعوانا من الحمدلله ربّ العالمين

وصلّى الله على نبينا وسيدنا محمد وآله الهداة الأطهار الميامين.

١٤

الباب الأول

في معرفة الإمام الغائبعليه‌السلام قبل ولادته

الفصل الأول :

دعم الإمام الصادق عليه‌السلام للعقيدة المهدوية وبيان حكم من أنكرها

الفصل الثاني :

ترسيخ الإمام الصادق عليه‌السلام للقواعد الكاشفة عن هوية الإمم الغائب

الفصل الثالث :

تشخيص الإمام الصادق عليه‌السلام لهوية الغائب وكيفية الانتفاع به في غيبته

١٥
١٦

الفصل الأول

دعم الإمام الصادقعليه‌السلام للعقيدة المهدوية

وبيان حكم من أنكرها

اتّخذ الإمام الصادقعليه‌السلام جملة من الأمور اللازمة في مجال التثقيف العقائدي والفكري الموصل تلقائيا إلى معرفة مفهوم الغيبة وصاحبها ، وإدراك هويته من قبل من يولد بعشرات السنين ، وذلك من خلال تأكيده المباشر على أمرين ، وهما :

الأمرالأول ـ ثبوت أصل العقيدة المهدوية ، ودعمها :

من الواضح أنّ الحديث عن الغيبة والغائب ابتداءّ ، وبيان ما يجب فعله أو تركه في زمان الغيبة ، ونحو هذا من الأمور ذات الصلة المباشرة بهذا المفهوم ، لا يجدي نفعا ما لا يُعْلَم بأصل العقيدة المهدوية ، ولهذا أراد الإمام الصادقعليه‌السلام تنبيه الامة على أصل هذه العقيدة ، وذلك من خلال دعمها بما تواتر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشأنها ، حتى لا يكون هنالك شكٌّ في الأصل الثابت عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو ما اتّفقت الأمة على نقله.

١٧

فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « لو لم يبقَ من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأُها عدلا كما مُلئت جورا »(١) .

وعن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول على المنبر : « إنّ المهدي من عترتي من أهل بيتي ، يخرج في آخر الزمان ، ينزّل الله له من السماء قطرها ، ويخرج له من الأرض بذرها ، فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملأها القوم ظلما وجورا »(٢) .

وعن أبي سعيد الخدري أيضا ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « المهدي مني أجلى الجبهة ، أقنى المنف ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا »(٣) .

وعن ام سلمة قالت : « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول المهدي من عترتي من ولد فاطمة »(٤) .

وعن حذيفة بن اليمان ، قال : « خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذكّرنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما هو كائن ، ثم قال : لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد ، لطوّل الله عزّوجلّ

__________________

١ ـ كتاب الغيبة/الشيخ الطوسي : ١١١.

٢ ـ سنن أبي داود ٤ : ١٠٧ / ٤٢٨٣ ، ومسند أحمد ١ : ٩٩ ومصنف ابن أبي شيبة ١٥ : ١٩٨ / ١٩٤٩٤.

٣ ـ سنن أبي داود ٤ : ١٠٧ / ٤٣٨٥ ، ومصنف عبدالرزاق ١١ : ٣٧٢ / ٢٠٧٧٣.

٤ ـ سنن ابن ماجة ٢ : ١٣٨٦ / ٤٠٨٦ باب ٣٤ ، وسنن أبي داود ٤ : ١٠٧ / ٤٢٨٤ ، ومستدرك الحاكم ٤ : ٥٥٧ ، والمعجم الكبير / الطبراني ٢٣ : ٢٦٧ / ٥٦٦.

١٨

ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا من ولدي اسمه اسميّ ، فقام سلمان الفارسي رضي الله عنه : يا رسول الله من أي وُلْدِك؟ قال : من ولدي هذا ، وضرب بيده على الحسين(١) . وغيرها من الأحاديث الكثيرة الاُخرى.

وممّا يؤيّد عمق الاعتقاد بالمهديعليه‌السلام في الوجود الإسلامي ، هو منه لا يكاد يخلو كتاب حديثي من كتب المسلمين إلاّ وقد صرّح بهذه الحقيقة الثابتة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثبوتا قطعيا ، ويكفي في ذلك أن من أخرج أحاديث المهديعليه‌السلام من محدثي العامّة فقط بالغوا زهاء تسعين محدثا ، وقد أسندوها إلى أكثر من خمسين صحابيا(٢) ، وأما من قال بصحتها أو تواترها فقد بلغوا ثمانية وخمسين عالما من علمائهم فيما تتبعّناه(٣) ، وإذا ما علمنا موقف أهل البيتعليهم‌السلام وعرفنا عقيدة شيعتهم بالإمام المهديعليه‌السلام ، تيقّنا من حصول إجماع الأُمة بكل مذاهبها على ضرورة الاعتقاد بالمهديعليه‌السلام .

وفي هذا الصدد توجد أحاديث كثيرة عن الإمام الصادقعليه‌السلام في تثبيت أصل القضية المهدوية ، وهو ما اتفقت عليه كلمة المسلمين من ظهور رجل في آخر الزمان من ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلقب بالمهدي ليملأ الأرض

__________________

١ ـ عقد الدرر : ٥٦ باب ١ ، وفرائد السمطين ٢ : ٣٢٥ ـ ٣٢٦ / ٥٧٥ باب ٦١ ، والمنار المنيف / ابن القيم ١٤٨ / ٣٣٩ فصل ٥٠ ، وكشف الغمة / الإربلي ٣ : ٢٥٩.

٢ ـ راجع کتابنا : المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي : ٢٦ ـ ٣٢.

٣ ـ راجع كتابنا : دفاع عن الكافي ١ : ٤٣٤ ـ ٤٠٥ تحت عنوان : ( من قال بصحّة أحاديث المهديعليه‌السلام أو تواترها من أهل السنة ).

١٩

قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، وانه يقتل الدجال وينزل عيسى بن مريمعليه‌السلام لنصرته ، ومأتم بصلاته. ويدلّ عليه :

١ ـ عن معمر بن راشد ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام في حديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاء فيه : « ومن ذرّيتي المهدي ، إذا خرج نزل عيسى بن مريم لنصرته ، فقدّمه وصلى خلفه »(١) .

وفي هذا الحديث تثبيت واضح لأصل القضية المهدوية ، وإشارة مجملة إلى هوية الإمام المهدي بأنّه من ذريّة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مع التنبيه على مقامه ، بأن عيسىعليه‌السلام سيكون ـ بأمر الله ـ وزيرا للمهدي وناصرا له فيه آخر الزمان وأنّه يأتم بصلاته.

وحديث نزول عيسى لنصرة الإمام المهديعليه‌السلام أخرجه البخاري في صحيحه ، عن أبي هريرة(٢) ، وأخرجه مسلم في صحيحه من طرق شتّى عن أبي هريرة أيضا(٣) وجابر الأنصاري(٤) ، والترمذي عن أنس(٥) ، وأبو نعيم عن عبد الله بن عمرو(٦) وحذيفة(٧) ، وابن المنذر ، عن شهر

__________________

١ ـ أمالى الشيخ الصدوق : ٢٨٧ / ٣٢٠ / ٤ مجلس / ٣٩.

٢ ـ صحيح البخاري ٤ : ٢٠٤ باب نزول عيسىعليه‌السلام .

٣ ـ صحيح مسلم ١ : ١٣٥ / ٢٤٤ و ٢٤٥ و ٢٤٦ باب نوزل عيسىعليه‌السلام حاكما بشريعة نبينا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤ ـ صحيح مسلم ١ : ١٣٥ / ٢٤٧ من الباب السابق.

٥ ـ سنن الترمذي ٥ : ١٥٢ / ٢٨٩٦.

٦ ـ الحاوي للفتاوى / السيوطي ٢ : ٧٨.

٧ ـ الحاوي للفتاوى ٢ : ٨١.

٢٠