غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام11%

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف: الإمامة
ISBN: 964-319-447-7
الصفحات: 325

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام
  • البداية
  • السابق
  • 325 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 97333 / تحميل: 6410
الحجم الحجم الحجم
غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٤٧-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

بأحاديث كثيرة في هذا المعنى لاحاجة لنا بها ، وأما في خصوص الإمام المهديعليه‌السلام فقد مرّ أن سننا من الأنبياءعليهم‌السلام في غيباتهم ، وهي لابد وأن تتحقق فيهعليه‌السلام .

ويدل على ماقلناه ، ما رواه سدير الصيرفي عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، قال : « إنّ للقائم منا غيبة يطول أمدها ، قال : فقلت له : يا ابن رسول الله! ولم ذلك؟ قال : لأنّ الله عزّوجلّ أبى إلاّ أن تجري فيه سنن ألأنبياء : في غيباتهم ، وأنه لابد له يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم ، قال الله تعالى :( لتركبنّ طبقا عن طبق ) (١) أي : سنن من كان قبلكم »(٢) . وأما عن سبب جريان تلك السنن في الإمام المهديعليه‌السلام فعلمه عند الله عزّوجلّ.

العلة الرابعة ـ وهي علة خافية لم يؤذن بكشفها :

ويؤيد ذلك ما رواه عبد الله بن الفضل الهاشمي ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، قال : « إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة لابد منها ، يرتاب فيها كل مبطلٍ ، فقلت : ولم جعلت فداك؟ قال : لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم؟ قلت : فما وجه الحكمة في غيبته؟ قال : وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره ، إنّ وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلاّ بعد ظهوره ، كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما أتاه الخضرعليه‌السلام من خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإقامة الجدار لموسىعليه‌السلام

__________________

١ ـ سورة الانشقاق : ٨٤ / ١٩.

٢ ـ علل الشرائع / الشيخ الصدوق ١ : ٢٤٥ / ٧ باب ١٧٩ باب علة الغيبة ، واكمال الدين ٢ : ٤٨٠ ـ ٤٨١ / ٦ باب ٤٤.

١٦١

إلى وقت افتراقهما. يا ابن الفضل! إنّ هذا الأمر أمر من ( أمر ) الله تعالى ، وسرٌّ من سرّ الله ، وغيب من غيب الله ، ومتى علمنا أنه عزّوجلّ حكيم صدّقنا بمن أفعاله كلها حكمة ، وإن كان وجهها غير منكشف »(١) .

لقد فرّق هذا الحديث بين علة الغيبة ، ووجه الحكمة في غيبة الإمامعليه‌السلام أما العلة ، فقد علّمها الله تعالى لأوليائه ، غير أنه عزّوجلّ لم يؤذن لهم في كشفها ، وبهذا يتبيّن اشتباه بعضم في جعل تلك العلة الخافية علينا من أسرار الله عزّوجلّ التي لم يطلع عليها أحدا من أوليائهعليهم‌السلام ! والصحيح منه سبحانه استأثر بوجه الحكمة في غيبة الإمام ، ولم يستأثر بالعلة نفسها كما هو صريح هذا الحديث الشريف.

ثانيا ـ أحاديث التمحيص والاختبار وبيان فلسفتها :

أحاديث التمحيص والاختبار :

تعدّ مسألة تمحيص الناس واختبارهم في زمان الإمام المهديعليه‌السلام مسألة متواترة عن الإمام الصادقعليه‌السلام فحسب ، فقد رواها عنه أبان ابن تغلب ، وأبو بصير ، والربيع بن محمد المسلّي ، وزرارة ، وسدير الصيرفي ، وعبد الله بن الفضل الهاشمي ، وعبد الله بن يعفور ، وعبد الرحمن بن سيابة ، وفرات بن الأحنف ، والمفضّل بن عمر ، ومهزم بن أبي برده الأسدي ، وأخرجها محدثو الشيعة ، عن هؤلاء ، عن الإمامعليه‌السلام من طرق شتى فيما

__________________

١ ـ إكمال الدين ٢ : ٤٨١ ـ ٤٨٢ / ١١ باب ٤٤ ، وعلل الشرائع ١ : ٢٤٥ ـ ٢٤٦ / ٨ باب ١٧٩ باب علة الغيبة.

١٦٢

تتبعناه وسنكتفي ببعض منها ، كالآتي :

١ ـ عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام منه قال : « مع القائمعليه‌السلام من العرب شيء يسير ، فقيل له : إنّ من يصف هذا الأمر منهم لكثير! قال : لابد للناس من أن يمحّصوا ، ويميّزوا ، ويغربلوا ، وسيخرج من الغربال خلق كثير »(١) .

والذي قال للإمامعليه‌السلام ذلك هو عبد الله بن يعفور كما هو صريح روايات اُخرى(٢) .

٢ ـ وعن عبدالرحمن بن سيابة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : « كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هدى ولا علم ( يرى ) يتبرّأ بعضكم من بعض ، فعند ذلك تُميّزون وتُمحصّون وتُغربلون »(٣) .

٣ ـ وعن مهزم بن أبي بردة الأسلمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : « والله لَتُكسَّرنَّ تكسّر الزجاج وإنّ الزجاج ليعود فيعاد ، والله لَتُكسّرُنَّ تكسّر الفخار فإنّ الفخار ليتكسّر فلا يعود كما كان ، والله لَتُغَربُلنّ ، والله لتميّزن ، والله لتمحّصن ، حتى لايبقى منكم إلاّ الأقل ، وصعّر كفّه »(٤) .

وأخرج الشيخ الطوسي عن الربيع بن محمد المسلّي ، عن الإمام

__________________

١ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٠٤ / ٦ باب ١٢.

٢ ـ كتاب الغيبة / النعماني ٢٠٤ ـ ٢٠٥ / ٧ من الباب السابق.

٣ ـ إكمال الدين ٢ : ٣٤٧ ـ ٣٤٨ / ٣٦ باب ٣٣.

٤ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٠٧ / ١٣ باب ١٢.

١٦٣

الصادقعليه‌السلام ؛ نحوه(١) .

٤ ـ وعن المفضّل بن عمر ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : « أما والله ليغيبنّ إمامكم سنين من دهركم ، ولتمحّصن حتى يقال : مات أو هلك ، بإي وادٍ سلك »(٢) .

فلسفة التمحيص والاختبار :

تكشف الأحاديث الاربعة المتقدمة وغيرها من الاحديث الأخرى الواردة في موضوعها عن التخطيط الالهي المقتضي لامتحان المسلمين واختبارهم في غيبة إمام الزمانعليه‌السلام ، لمن الغيبة لا سيّما إذا كانت طويلة وزائدة على عمر الإنسان الطبيعي بعشرات المرّات ، ستورث الشكّ في النفوس الضعيفة في بقاء صاحب الغيبة حيّا طوال تلك الفترة ، وقد يؤول هذا الشكّ إلى الطعن باستمرار وجوده الشريف!

والمراد بالتمحيص : التفية بأخذ الشيء الحيد وابعاد الشيء الردي.

وبالتمييز : التفرقة بين شيئين بموجب خصائص معينة ، والمراد هنا معرفة الناس على حقيقتها بالاختبار.

وبالغربلة : نخل الشيء بالغربال.

وفي حديث الإمام الباقرعليه‌السلام : « والله لتميّزنّ ، والله لتمحّصنّ ، والله

__________________

١ ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٣٤٠ / ٢٨٩.

٢ ـ كتاب الغيبة / النعماني ٢٠٤ / ٦ من الباب السابق.

١٦٤

لتغربلنّ كما يغربل الزوان من القمح »(١) .

والزوان : حبوب صغيرة تختلط بالحنطة وتكون على شكلها ولكنها ليست منها ، فانظر إلى دقة التمثيل وروعته ، فكما تخرج الزوان عن القمح بالغربال فكذلك يخرج ضعفاء الإيمان بقانون التمحيص ، وغربالهم ليس إلاّ الظروف الصعبة التي يمر بها الإنسان في حياته ، وما تحيط بتلك الحياة من مصالح ضيقة وشهوات ومغريات.

وقول الإمام الصادقعليه‌السلام : « وسيخرج من الغربال خلق كثير » ليس اعتباطا إذن ، وإنّما هو يحكي عن حقيقة ثابتة نطق بها القرآن الكريم بذم الكثرة ومدح القلة في كثير من الآيات البينات :( وكثير منهم فاسقون ) (٢) ( وما آمن معه إلاّ قليل ) (٣) .

وكل هذا يشير إلى أن أكثر البشر يتبعون الباطل ، وينحرفون مع الشهوات ، ويندفعون تجاه مصاليهم ، حتى ليكونوا عونا للظالمين ، ويدا لهم ، وفي مقابل هذا تبقى في نتيجة الامتحان والتمييز والتمحيص الطويل ثلة لا يضرها من ناوأها حتى يقاتل آخرها الدجال ؛ لأنهم يمثلون الحق صرفا الذي لا باطل معه أصلا.

ونظرة واحدة إلى القرآن الكريم تكشف آن قانون التمحيص الالهي لم

__________________

١ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٠٥ / ٨ من الباب السابق.

٢ ـ سورة الحديد : ٥٧ / ١٦.

٣ ـ سورة هود : ١١ / ٤٠.

١٦٥

يختص بفئة أو اُمّة من الناس ، بل هو قانون عام للبشريّة في جميع مراحل تاريخها ، ويدلنا على ذلك :

قوله تعالى :( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتّى يميز الخبيث من الطّيّب ) (١) .

وقوله تعالى :( ليميز الله الخبيث من الطيّب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فير كمه جميعا فيجعله في جهنّم أولئك هم الخاسرون ) (٢) .

وقوله تعالى :( وليمحّص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين * أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ولمّا يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصّابرين ) (٣) .

ومن غير شك أن قانون التمحيص لابد وأن يكون أشد وآكد إذا ما اقترن أمره باعداد النخبة الصالحة التي ينبغي أن تعيش الاستعداد الكامل لنصرة الاحق وأهله من خلال انتظارها لدولة الحق المرتقبة على بد المنقذ العظيم الإمام المهديعليه‌السلام .

لقد أراد الله عزّوجلّ أن يكون التمحيص في الغيبة الكبرى لإمام العصر والزمان عظيما ؛ ليتضح من خلاله ما إذا كانت تصرفات الانسان وأقواله منسجمة مع الدين أو لا. ولا شكّ أن من يعبرالاختبار الصعب

____________

١ ـ سورة آل عمران : ٣ / ١٧٩.

٢ ـ سورة الانفال : ٨ / ٣٧.

٣ ـ سورة آل عمران : ٣ : ١٤١ ـ ١٤٢.

١٦٦

سوف لن يهمل وظيفته الاجتماعية الكبرى : الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، باعتبارهما من أبرز وظائف عصر الانتظار المتقوم بالإيمان ، والتضحية ، والصمود.

ولا يخفى بأن الغرض من أحاديث التمحيص والاختبار كلها إنّما هو يصبّ في خدمة أجيال الغيبة ؛ لكي ينتبهوا من غفلتهم ويلحظوا ما ينبغي ملاحظته من أمور :

كعدم الاغترار بلمع السراب من كلام المشعوذين الكاذبين.

ومعرفة مكائد السفهاء وأعداء الحق ، من الذين في قلوبهم مرض والمفتونين.

والتعوّذ من زخارف إبليس وأشياعه في كل زمان ومكان.

والتمسّك بالثقلين : كتاب الله والعترة الطاهرةعليهم‌السلام .

وعدم استطالة المدى في غيبة المولىعليه‌السلام ؛ لمن الظهور الشريف آت لا محالة ومثلة مثل الساعة :( لا يُجلّيها لوقتها إلاّ هو ثقلت في السّموات والأرض لا تاتيكم إلاّ بغتة ) (١) .

والتدرّع بالصبر على النتظار الحبيب صاحب الطلعة الرشيدة والغرّة الحميدة.

وارتفابه ببصيرة لا حيرة فيها ، ويقينا لا شكّ معه.

__________________

١ ـ سورة الاعراف : ٧ / ١٨٧.

١٦٧

والاعتقاد الحازم بأن الله تعالى سيصلح له أمره في ليلة واحدة وحينئذٍ سيقبل كالشهاب الثاقب.

١٦٨

الباب الثالث

دور الإمام الصادقعليه‌السلام في رد الشبهات

المثارة حول الغيبة والغائب

الفصل الأول :

شبهة الكيسانية بمهدوية محمد بن الحنفيةرضي‌الله‌عنه

الفصل الثاني :

شبهة مهدوية عمر بن عبدالعزيز الاموي المرواني

الفصل الثالث :

شبهة مهدوية محمد بن عبد الله الحسيني

الفصل الرابع :

دعوى مهدوية المهدي العباسي

الفصل الخامس :

موقف الإمام الصادقعليه‌السلام من المهدويات الأخرى

الفصل السادس :

دور الإمام الصادقعليه‌السلام في رد الشبهات الأخرى

١٦٩
١٧٠

تمهيد :

على الرغم من كثرة الكتب المؤلّفة في غيبة الإمام المهديعليه‌السلام قبل حصولها ، وكثرة الأحاديث الواردة في بيان هوية الإمام المهدي ، وغيبته ، وطول عمره الشريف قبل ولادته بعشرات السنين ، وانتشار العقيدة المهدوية في الوسط الإسلامي في القرون الثلاثة الأولى ـ انتشارا واسعا على الرغم من كل ذلك بقي علم الكلام الإسلامي في عصر الإمام الصادقعليه‌السلام بكل اتجاهاته خاليا تماما من اية إثارة بخصوص الإمام المهديعليه‌السلام ، هذا في الوقت الذي تناول فيه شتى المباحث الكلامية في التوحيد ، والعدل ، والنبوة ، والإمامة ، والمعاد ، وغيرها.

والسرّ في ذلك أنه لم تكن هناك ثمة شبهات كيبرة تذكر في زمان الإمام الصادقعليه‌السلام بشأن الغيبة والغائب ، خصوصا وإن الإمام المهديعليه‌السلام لم يكن مولودا في ذلك الحين ولم تبتل الأمة بغيبته الطويلة التي صارت فيما بعد مثارا اللجدل. هذا إذا ما استثنينا بعض المحأولات المنحرفة التي كانت تستهدف استغلال عقيدة الأمة بمهديها فادّعت المهدوية زورا وبطلانا ، وتصدّى لها إلإمام الصادقعليه‌السلام بكل قوّة حتى قبرت وهي في مهدها.

١٧١

ويبدو أن متكلمي المعتزلة والزيدية وغيرهم من خصوم الإمامية الذين ماتوا قبل ولادة الإمام المهديعليه‌السلام كانوا في حرج شديد إزاء أخبار الإمام الصادقعليه‌السلام وأهل البيتعليهم‌السلام كافة بخصوص ولدهم المهديعليه‌السلام ، إذ شكلت بمجموعها تحدّيا صارخا لهم ، ولم يجدوا وسيلة في رد أخبار أهل البيتعليهم‌السلام تلك حتى وإن لم يعتقدوا بإمامتهم ، إذ تكفيهم بذلك سائر موجبات قبول الخبر من الوثاقة والضبط والصدق والحفظ والحريجة في الدين ، سيما وإن تلك الأخبار أنبأت عن مستقبل قد يكون بعيدا على أولئك المتكلمين ، وبالتالى هم ليسوا من أهله(١) ، ولهذا نراهم قد خفّفوا من غلوائهم تجاه هذه المسألة ، واهملوها تماما ، ولم يتصدّ أحد منهم قط إلى تكذيب أخبارها على الرغم من كونها بين أيديهم ، وكأنهم ـ بهذا ـ قد تحفّظوا على أنفسهم فلم يرموا بها شططا في كل اتجاه.

وما إن انقضى عصر أُولئك المتكلمين إلاّ وقد اصطدم خَلَفَهُم بالواقع ، خصوصا وقد شاهدوا رجوع القواعد الشيعية برمّتها ـ في كل صغيرة

__________________

١ ـ بحث المتكلمون في مسائل كثيرة لم يكونوا من أهلها في ذلك الحين ، وكانت تمسّ مستقبل الانسان ومصيره في الصميم ، كما هو الحال في بحثهم مسألة البرزخ ، والصراط ، والميزان ونحوها كثير.

والامر هنا مختلف تماما ، إذ لا يقبل جدلا ولا تأويلا ، فالإخبار عن شخص بذكر اسمه ونسبه وحسبه وكنيته ولقبه وسيرته وحليته وأخلاقه وأوصافه بأنه هو المهدي الموعود به في آخر الزمان ، لا يدع مجالا للمتكلمين في تأويل ذلك أو صرفه عن مدلّو له ، اللهمّ إلاّ أن يضطرّهم اعتقادهم الفاسد إلى تكذيب مثل هذا الإخبار ، وهو ما لم يحصل من المتكلمين في زمان الإمام الصادقعليه‌السلام .

١٧٢

وكبيرة ـ إلى سفراء الإمام المهديعليه‌السلام ووكلائه المنبثّين في طول بلاد الإسلام وعرضها.

ومن هنا لم يشأ بعضهم ترك الحبل على غاربه ، فحاول عبثا إثارة بعض الشبهات والاشكالات ، حتى اضطرّ أخيرا إلى تكذيب تلك الأخبار التي كانت مدونة في عهد أسلافهم الذين عجزوا من تكذيبها.

وما إن دخلت العقيدة المهدوية في علم الكلام وأخذت حيزها الواسع فيه ، وذلك بعد تحقّقها على أرض الواقع بولادة الإمام المهديعليه‌السلام وغيبته سنة / ٢٦٠ هـ ، إلاّ وقد تصدّى طلائع المتكلمين من الإمامية في عصر الغيبة الصغرى كابن قبة الرازي والنوبختيين وغيرهم إلى بيان زيف تلك الشبهات وأذاقوها ألوانا من مرارة التفنيد ، كما نجده في كثير من نقولات الشيخ الصدوق عن أولئك المتكلمين في رد شبهات الزيدية والمعتزلة وغيرهم في هذا الخصوص(١) .

والطريف في تلك الشبهات أنها كانت تعتمد على أشياء قد سبق وإن تعرّض لها الإمام الصادقعليه‌السلام ، نظير تمسّكهم بدعاوى المهدوية ، وطول عمر الإمام المهديعليه‌السلام ، والفائدة من غيبته ، ونحو هذا من الأمور التي لم تزل تثار إلى وقتنا هذا بما يمكن معه القول بأن سائر الاشكالات التي يثيرها بعض الكتّاب لم تكن جديدة أصلا ؛ إذ مضى عليها أكثر من ألف عام بل حتى أجوبتها ليست جديدة هي الأخرى وعمر معظمها أطول

__________________

١ ـ راجع : ما كتبه الشيخ الصدوق في مقدمة كتابه إكمال الدين وإتمام النعمة ، ستجد فيها ردّا واسعا على شبهات الزيدية والمعتزلة وغيرهم في العقيدة المهدوية.

١٧٣

من عمر الإمام المهديعليه‌السلام ، كما سنرى بعد قليل.

ومن هنا يتبين لنا وبكل وضوح أن دور الإمام الصادقعليه‌السلام في صيانة الفكر المهدوي الأصيل كان دورا سابقا لزمانه بقرون عديدة ، إلاّ ما كان بصدد رد بعض دعاوى المهدوية المعاصرة لهعليه‌السلام ، إذ كانعليه‌السلام يتعمّد إلى إثارة ما يمكن أن يقال عاجلا أو آجلا ثم يتعرّض ـ بذات الوقت ـ إلى الإجابة الشافية المختصرة.

وكثيرا ما يكون في حديثهعليه‌السلام جواب لشبهة مقدرة من دون إثارة صريحة لها ، وربّما قد يكون الجواب ـ أحيانا ـ ردّا على سؤال في هوية الإمام المنتظر ، أو ولادته ، أو غيبته ، ونحو ذلك من أمور أخرى ، صارت أجاباتها ردودا لما أُثير بعد ذلك من شبهات.

وفي ما يلي دراسة لأهم الشبهات المثارة حول العقيدة المهدوية ، وموقف الإمام الصادقعليه‌السلام منها وذلك في فصول.

١٧٤

الفصل الأول

شبهة الكيسانية بمهدوية محمد بن الحنفية رضي الله عنه

أولا ـ أسباب ظاهرة ادّعاء الهدوية في التاريخ :

تمثّل ظاهرة ادّعاء المهدوية في التاريخ الإسلامي عنصر الفساد والانحراف الذي يقف دائما ـ وباسم الدين ـ في الصفّ المناوئ للأهداف الكبرى في الشريعة ، وذلك باستغلال إيمان الأمة بالإمام المهديعليه‌السلام الذي بشّر به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشكل تخطى مضمونه سائر الحدود المطلوبة في تحقّق التواتر وعلى جميع الأصول المحرّرة في معرفته.

وقد يسأل بعضهم فيقول : كيف استطاعت إذن أن تشقّ تلك الظواهر طريقها في المجتمع الإسلامي وبهذا الوقت المبكّر من تاريخه؟ والجواب منوط بمعرفة الاسباب المؤدّية الى استغلال الدين باسمه وعلى اكثر من صعيد ، ويأتي في طليعتها :

١ ـ عدم تحصّن الأمة بالثقلين « كتاب الله والعترة الطاهرةعليهم‌السلام » كما ينبغي.

٢ ـ ضعف الوازع الديني عند أدعياء المهدوية على مرّ التاريخ ، مما

١٧٥

هوّن عليهم ذلك ارتكاب مثل هذاالأمر الخطير.

٣ ـ تشر ذم الأمة إلى فئات متناحرة ومحاولة كل منها كسب الأنصار والمؤيدين بشتى الطرق الملتوية ، من بذل المال ، أو الالتفاف على الدين.

٤ ـ قلّة الثقافة المهدوية في نفوس بعض القواعد الشعبية التي روّجت لمهدوية هذا الشخص أو ذاك ، كما نجده عند الكيسانية في إشاعتهم مهدوية محمد بن الحنفيةرضي‌الله‌عنه .

٥ ـ الافتتان ببعض الشخصيات ، ومحاولة رفعها فوق قدرها واعطائها من الألقاب والصفات ما لا تستحق ، كما هو الحال في وصف عمر بن عبدالعزيز الاموي المرواني بـ ( المهدي ) مثلا.

ومما زاد الطين بلّة : ثقافة الاستبداد السياسي التي ورثتها الأمة وتربّت عليها بعد وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مباشرة ، فهي في الوقت الذي تجاهلت فيه مبدأ النصّ والتعيين ، لم تراع حرية الاختيار واختفت الشورى تماما بحيث لم تتحقّق ولو مرّة واحدة ـ سهوا أو اشتباها ـ في حياتها ، ثم تطور الامر سوءا حتى اُبيح للسلطان أن يتّخذ الدين مطيّه لتحقيق مآربه واهدافه السياسية ، ولو بعبور الخطوط الحمراء في الشريعة واستغلالها لصالحه كما هو الحال في الدولتين الاموية والعباسية ، وخير مثال على ما نحن فيه محاولة التفاف أبي جعفر الدوانيقي عبد الله المنصور ( الخليفة ) العباسي ( ١٣٦ ـ ١٥٨ هـ ) على العقيدة المهدوية ، وانتزاعها من محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى ( المهدي الحسني ) الذي ادعاها بدوره! طمعا بالسلطة ، فأطاح المنصور العباسي بثورته وقتله وأخاه إبراهيم ( سنة / ١٤٥ هـ ) ، ثم أقدم ( سنة / ١٤٧ هـ ) على تعيين ابنه محمد ( ١٥٩ ـ

١٧٦

١٦٩ هـ ) وليّا للعهد ولقبّه بالمهدي!(١) ، وغيرها من الاسباب الاخرى التي أفضت بطبيعتها إلى ولادة خط الانحراف العقائدي وتمكين ظواهري السلبية في المجتمع ، في حين صمد الخط الملتزم بمبادئه الاسلامية الثابتة ، وتصدت قيادته الواعية إلى كل انحراف ؛ لتصون العقيدة المهدوية من العابثين والطامعين ، كما نجد ذلك واضحا في موقف الإمام الصادقعليه‌السلام من أولى تلك الدعاوى المزعومة والشبهات الفاسدة التي ظهرت في مقولة الكيسانية فنقول :

ثانيا ـ براءة ابن الحنفية رضي‌الله‌عنه من القول بمهدويته :

مات السيد محمد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام المعروف بمحمد بن الحنفيةرضي‌الله‌عنه سنة ( ٧٣ /هـ ) وقيل غيرها(٢) ، وهو لا يعرف عن دعوى الكيسانية في إمامته ومهدويته وغيبته شيئا يذكر ، حيث روّجت الكيسانية له ذلك جهلا ـ بعد وفاته ـ ؛ تأثّرا بسموّ أخلاقه ونبله وعلمه ، زيادة على كونه أخا للسبطين وابنا لامير المؤمنينعليهم‌السلام ، مع عناد بعضهم على القول بإمامته ومهدويته وغيبته حتى بعد وفاته ودفنه!

وكان محمد بن الحنفيةرضي‌الله‌عنه قد سمع بعضهم وهم يسلّمون عليه بالمهدوية ، ولكنه لم يحمل تحيتهم على معنى مهدي آخر الزمانعليه‌السلام بل على كونه من جملة العباد الصالحين الذين يهدون إلى الحق وبه يعملون ، وقد

__________________

١ ـ راجع : تاريخ الخلفاء / السيوطي : ٢١٠.

٢ ـ اختلفت الروايات في وفاة السيد محمد بن الحنفيةرضي‌الله‌عنه ما بين سنة ( ٧٣ و ٨٠ و ٨١ و ٨٢ و ٩٢ و ٩٣ /هـ ) راجع : تهذيب الكمال / المزي ٢٦ : ١٥٢ / ٥٤٨٤.

١٧٧

نبّههم على ذلك في وقته.

ويدلّ عليه ما أخرجه ابن سعد في طبقاته بسنده عن أبي حمزة قال : « كانوا يسلّمون على محمد بن علي : سلام عليك يا مهدي. فقال : أجل ، أنا مهدي اهدي إلى الرشد والخير ، ولكن اسمي اسم نبي الله ، وكنيتي كنية نبي الله ، فإذا سلّم أحدكم فليقل : سلام عليك يا محمد ، أو السّلام عليك يا أبا القاسم »(١) .

ولم أجد في جميع المصادر أكثر صراحة من هذه الرواية في الدلالة على وصفه بالمهدوية في حياته. في حين انّها لاتدلّ على إرادة المهدي الموعود به في آخر الزمان ، كما لا تدلّ على رضاه ، ولا تبنيه ذلك كما يظهر من كلامه المتقدم.

ثالثا ـ اعتراف ابن الحنفية بإمامة السجادعليه‌السلام ، ونفي الإمامة عن نفسه :

كان السيد محمد بن الحنفيةرضي‌الله‌عنه عالما بإمام زمانه ، ولم يدّع الإمامة ولا المهدوية لنفسه ، كما لم يقبل بمقولة من ادعاها له من أصحابه ؛ ولهذا أمر بالسّلام عليه ـ كما مرّ ـ إمّا باسمه ، أو بكنيته.

ويدلّ على ما ذكرناه ما جاء عن أبي بصير قال : « سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول : كان أبو خالد الكابلي يخدم محمد بن الحنيفة دهرا ، وما كان يشكّ في منه إمام ، حتى أتاه ذات يوم فقال له : جعلت فداك ، إنّ لي حرمة

__________________

١ ـ الطبقات الكبرى / ابن سعد ٥ : ٩٤ في ترجمة محمد بن الحنفية ، وتاريخ دمشق / ابن عساكر ٥٤ : ٣٤٧ / ٦٧٩٧ ، وتاريخ الإسلام / الذهبي ٦ : ١٨٨ / ١٣٨ في وفيات سنة ( ٨١ ـ ١٠٠ / هـ ) ، وسير أعلام النبلاء / الذهبي ٤ : ١٢٣ / ٣٦ في ترجمة محمد بن الحنفية.

١٧٨

وموّدة وانقطاها فأسألك بحرمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنينعليه‌السلام إلاّ أخبرتني : منت الإمام الذي فرض الله طاعته على خلقه؟ قال ، فقال : يا أبا خالد حلّفتني بالعظيم. الإمام عَلَىَ بن الحسينعليه‌السلام عليّ وعليك وعلى كل مسلم ، فأقبل أبو خالد لمّا أن سمع ما قاله محمد بن الحنفية ، جاء إلى على بن الحسينعليه‌السلام فلمّا استأذن عليه ، فأخبر أن أبا خالد بالباب ، فأذن له فلمّا دخل عليه ، دنا منه ، قال : مرحبا بك يا كنكر! ما كنت لنا بزائر ، ما بدا لك فينا؟ فخرّ أبو خالد ساجدا شكرا لله تعالى مما سمع من علي بن الحسينعليهما‌السلام ، فقال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى عرفت إمامي ، فقال له على بن الحسينعليهما‌السلام : وكيف عرفت إمامك يا أبا خالد؟ قال : إنّك دعوتني باسمي الذي سمتني أمي التي ولدتني ، وقد كنت في عمياء من أمري ولقد ، خدمت محمد بن الحنفية دهرا من عمري ولا أشكّ إلاّ وأنه إمام! حتى إذا كان قريبا سألته بحرمة الله تعالى ، وبحرمة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبحرمة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فأرشدني إليك ، وقال : هو الإمام عليّ ، وعليك ، على خلق الله كلهم »(١) .

فكيف يدّعي الكيسانية إذن امامته ومهدويته وغيبته ، وهذه هي أقوالهرضي‌الله‌عنه ؟

رابعا ـ من روّج له المهدوية والإمامة بعد وفاته :

ظهر القول بإمامة ومهدوية وغيبة ابن الحنفيةرضي‌الله‌عنه بعد وفاته على يد الكيسانية التي زعمت باطلا بكل هذه الاقاويل التي ما أنزل الله بها من

__________________

١ ـ رجال الكشي : ١٢٠ ـ ١٢١ / ١٩٢ في ترجمة أبي خالد الكابلي.

١٧٩

سلطان.

وكان من رؤوسهم الذين تعصّبوا لمحمد بن الحنفية وقالوا بإمامته ومهدويته وغيبته وإنّه حيٌّ لم يمت ، حيان السراج كما سيأتي في بيان موقف الإمام الصادقعليه‌السلام من هذه الدعوى.

ومن مشاهيرهم الذين لعبوا دورا إعلاميا كبيرا في إشاعة هذه الدعوة ، كثير عزّة الشاعر المعروف وقد ضمّ ديوانه جملة من القصائد الشعرية التي تعرب عن عقيدته تلك ، يقول في بعضها :

ألا إن الأئمة من قريش

ولاة الحق أربعة سواء

على والثلاثة من بنيه

هم الأسباط ليس بهم خفاء

فسبط سبط إيمان وبرٍّ

وسبط غيّبته كربلاء

وسبط لا تراه العين حتىٍ

يقود الخيل يقدمها لواء

تغيّب لا يرى عنهم زمانا

برضوى عنده عسل وماء(١)

ويقول في أُخرى :

هو المهدي خَبَّرناه كعب

أخو الأحبار في الحقب الخوالى(٢)

ومن جميل ما يروى ، هو ما قاله مصعب بن عبد الله ، قال : « قيل

__________________

١ ـ ديوان كثير عزّة ٢ : ١٨٦ ، ومروج الذهب ٣ : ٨٨ ، و الأغاني / أبو الفرج الأصبهاني ٩ : ١٢ في ذكر أخبار كثير ونسبه ، وعيون الأخبار / ابن قتيبة الدينوري ٢ : ٥٤٣ من كتاب العلم والبيان.

٢ ـ ديوان كثير ١ : ٢٧٥ ، ومروج الذهب ٣ : ٨٧ ، والأغاني ٩ : ١٣ ـ ١٤.

١٨٠

لكثير : لقيت كعب الأحبار؟ قال : لا ، قيل : فلم قلت : خبرناه كعبُ...؟ قال : بالوهم »!(١) .

ومن جملتهم أيضا السيد الحميري ، وهو من مشاهير الكيسانية قبل لقائه بالإمام الصادقعليه‌السلام ، ومعرفة الحقيقة منه وقد كانت له قصائد كثيرة يذكر فيها مهدوية ابن الحنفية ، منها ما ذكره المسعودي :

يا شعب رضوى ما لمن بك لا يرى

وبنا إليه من الصبابة أولق

حتى متى؟ وإلى متى؟ وكم المدى؟

يا ابن الوصي وأنت حيّ ترزق(٢)

لقاء السيد الحميري الكيساني بالإمام الصادقعليه‌السلام :

شاءت الأقدار أن يلتقي السيد الحميري بالإمام الصادقعليه‌السلام ، مما كان لهذا اللقاء أثره الفعّال في تغيير السيد الحميري عقيدته الكيسانية ورجوعه من القول بإمامة ومهدوية محمد بن الحنفيةرضي‌الله‌عنه ، إلى الحق واعتقاده مذهب الإمامية ، وهو ما صرّح به ابن المعتز في طبقات الشعراء(٣) ، والمرزباني في أخبار السيد(٤) ، والشيخ الصدوق(٥) ، والشيخ المفيد(٦) ، والشيخ الطوسي(٧)

____________

١ ـ تهذيب الكمال ٢٦ : ١٥٠ / ٥٤٨٤.

٢ ـ مروج الذهب / المسعودي ٣ : ٨٨.

٣ ـ طبقات الشعراء / ابن المعتز : ٢٢ ـ ٣٦.

٤ ـ أخبار السيد / المرزباني : ١٦٤.

٥ ـ إكمال الدين ١ : ٣٢ ـ ٣٥ من المقدمة.

٦ ـ الفصول المختارة : ٢٤١ ، والإرشاد ٢ : ٢٠٦.

٧ ـ أمالي الشيخ الطوسي : ٦٢٧ / ١٢٩٣ ، المجلس رقم / ٣٠.

١٨١

وابن شهر آشوب(١) ، والاربلي(٢) ، وغيرهم ممن ترجم للسيد الحميريرضي‌الله‌عنه .

وهكذا أصبح السيد ـ بفضل هدايته على يد الإمام الصادقعليه‌السلام ـ من شعراء أهل البيت المجاهرين بولايتهم من الطبقة الأولى ، حتى وصفه علماء الشيعة بالمعظم(٣) ، ولهذا قال ابن عبد ربّه الأندلسي الأموي : « ومن الروافض ، السيد الحميرى ، وكان يلقى له وسائد في مسجد الكوفة يجلس عليها ، وكان يؤمن بالرجعة »(٤) .

السيد الحميري يودع كيسانيته ويتعرف على هوية الإمام المهديعليه‌السلام :

لقد اعترف السيد الحميري بدور الإمام الصادقعليه‌السلام وفضله في إزاحة شبهة الكيسانية عنه ، وهو ما حكاه لنا الشيخ الصدوق بقوله :

« فلم يزل السيد ضالا في أمر الغيبة يعتقدها في محمد بن الحنفية حتى لقي الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، ورأى منه علامات الإمامة ، وشاهد فيه دلالات الوصية ، فسأله عن الغيبة ، فذكر له منها حقّ ، ولكنها تقع في الثاني عشر من الأئمةعليهم‌السلام ، وأخبره بموت محمد بن الحنفية ، وإن أباه

__________________

١ ـ المناقب / ابن شهر آشوب ٣ : ٥٢٨.

٢ ـ كشف الغمّة ٢ : ٤٠.

٣ ـ وصفه بهذا الوصف ابن داود الحلّي في رجالة : ٥٩ / ١٩٣ ، وقال العلّامة في الخلاصة : ٥٧ / ٥٠ : « إسماعيل بن محمد الحميرى ، ثقة ، جليل القدر ، عظيم الشمن والمنزلة ، رحمه الله ».

٤ ـ العقد الفريد / ابن عبد ربه الاندلسي الاموي ٤ : ١٢٢.

١٨٢

ـ يعني : الإمام الباقرعليه‌السلام ـ شاهد دفنه ، فرجع السيد عن مقالته واستغفر من اعتقاده ، ورجع إلى الحق عند اتضاحه له ، ودان بالإمامة.

ثم أخرج الصدوق ـ بعد كلامه هذا ـ بسنده عن السيد الحميري قوله : كنت أقول بالغلوّ وأعتقد غيبة محمد بن عليٍّ ـ ابن الحنفيّة ـ قد ضللت في ذلك زمانا ، فمنَّ الله عليَّ بالصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام وأنقذني به من النّار ، وهداني إلى سواء الصراط ، فسألته بعد ما صحّ عندي بالدَّلائل التي شاهدتها منه أنه حجة الله على وعلى جميع أهل زمانه وأنه الإمام الذي فرض الله طاعته وأوجب الاقتداء به ، فقلت له : يا ابن رسول الله قد روي لنا أخبار عن آبائكعليهم‌السلام في الغيبة وصية كونها فأخبرني بمن تقع؟ فقالعليه‌السلام : إن الغيبة ستقع بالسادس من ولدي وهو الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوَّلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام وآخرهم القائم بالحق بقيّة الله في الأرض وصاحب الزّمان ، والله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتى يظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما. قال السيد : فلمّا سمعت ذلك من مولاي الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام تبت إلى الله تعالى ذكره على يديه ».

مع قصيدة السيد الحميري التي سجل فيها اعترافه بالحق :

قال السيدرحمه‌الله بعد كلامه السابق مباشرة وبلا فصل ـ وهو من تتمة رواية الشيخ الصدوق ـ مالفظه : « وقلت قصيدتي التي أولها :

١٨٣

فلمّا رأيت الناس في الدِّين قد غووا

تجعفرت باسم الله فيمن تجعفروا

ـ إلى أن قال ـ إلى آخر القصيدة ، وقلت بعد ذلك قصيتدة اُخرى :

١ أيا راكبا نحو المدينة جسرة

عذافرة يطوي بها كل سبسب

٢ إذا ما هداك الله عاينت جعفرا

فقل لوليِّ الله وابن المهذَّب

٣ ألا يا أمين الله وابن أمينه

أتوب إلى الرَّحمن ثمَ تأوَّبي

٤ إليك من الأمر الذي كنت مطنبا

أحارب فيه جاهدا كلَ معرب

٥ وما كان قولى في ابن خولة مطنبا

معاندة منّي لنسل المطيّب

٦ ولكن روينا عن وصيِّ محمد

وماكان فيما قال بالمتكذِّب

٧ بمنَ وليَّ الأمر يفقد لا يُرى

ستيرا كفعل الخائف المترقّب

٨ فتقسم أموال الفقيد كمنما

تغيّبه بين الصفيح المنصّب

٩ فيمكث حينا ثمَ يشرق شخصه

مضيئا بنور العدل اشراق كوكب

١٠ يسير بنصر الله من بيت ربّه

على سؤدد منه وأمر مسبّب

١١ يسير إلى أعدائه بلوائه

فيقتلهم قتلا كحرَّان مغضب

١٢ فلمّا رُوي منَ ابن خولة غائب

صرفنا إليه قولنا لم نكذِب

١٣ وقلنا هو المهديُ والقائم الذي

يعيش به من عدله كلُ مجدب

١٤ فإن قلت لا فالحقُ قولك والذي

أمرت فحتمٌ غير ما متعصّب

١٥ وأشهد ربّي من قولك حجة

على الناس طرّا من مطيع ومذنب

١٨٤

١٦ بمنَ وليَّ الأمر والقائم الذي

تطلّع نفسي نحوه بتطرُّب

١٧ له غيبة لا بدّ من أن يغيبها

فصلّى عليه الله من متغيّب

١٨ فيمكث حينا ثمَ يظهر حينه

فميلك من في شرقها والمغرب

١٩ بذاك أدين الله سرّا وجهرة

ولست وإن عوتبت فيه بمعتب »(١)

الكشف عمّا في قصيدة السيد الحميري من دلالات :

لا بأس بمتابعة قصيدته والكشف ـ باختصار ـ عمّا في أبياتها من دلالة كالآتي :

البيت الثاني والثالث : فيهما تصريح باعتقاد السيد الحميري بأن الإمام الصادقعليه‌السلام هو ولي الله في زمانه وأمين الله على وحيه وابن أمينه.

الرابع والخامس : فيهما تصريح بالتوبة من الاعتقاد القديم بمهدوية ابن الحنفية.

السادس : في بيان سبب اعتقاده القديم الفاسد وهو تطبيق الروايات الواردة في المهدي وغيبته عن الوصي ويعني به أمير المؤمنينعليه‌السلام على غير موردها الحقيقي ومصداقها الواقعي.

السابع : يدلُّ على أن الوصيعليه‌السلام بشأن المهدي هو غيبته ( يفقد لا يرى ) وأن سببها الخوف ( ستيرا كفعل الخائف المترقّب ) وهذا هو المؤيّد بروايات كثيرة عن الإمام الصادقعليه‌السلام كما مرّ مفصلا في هذا

__________________

١ ـ إكمال الدين وإتمام النعمة : ١ : ٣٢ ـ ٣٥ من المقدّمة.

١٨٥

البحث.

الثامن : يشير إلى أن المروي عن الوصيعليه‌السلام صريح بتقسيم أموال الإمام المهديعليه‌السلام وهو حي « فتقسم أموال الفقيد » أي الغائب الحيّ الموجود وهو ما حصل فعلا لإمامنا المهدي من أزلام السلطة العباسية وأذنابها في حديث طويل رواه الشيعة برمّتهم وصحّ لديهم من عدّة طرق.

التاسع والعاشر والحادي عشر : في خصوص كون المروي عن الوصي في المهديعليه‌السلام ، هو أنه لابدَّ وأن يغيب حينا من الدهر ، ثم يكون ظهوره في مكّة المكرّمة ، وأن الله تعالى سيمكنّه من أعدائه جميعا ، وهذا هو ما نقوله ونعتقده طبقا للمتواتر من الأخبار.

الثاني عشر إلى الخامس عشر : في الكشف عن عقيدته السابقة بمهدوية ابن الحنفيةرضي‌الله‌عنه ، وإعلان رجوعه عنها ، واعتقاده الحق بفضل الإمام الصادقعليه‌السلام ، ويتضمّن الاخير اعتقاده بأن امامة الإمام الصادقعليه‌السلام من الله تعالى ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنه معصوم من الخطأ والزلل ، وإلاّ فما معنى ان يشهد الله تعالى على أن الصادقعليه‌السلام حجة الله على سائر الخلق؟ وكيف يختار الله تعالى حجته على عباده ولايكون معصوما؟

وما يقال بان الشعر عامّة ليس حجة ، فهو كذلك ، ولكن الأمر مختلف هاهنا ، فالأبيات تتلى على مسامع الإمامعليه‌السلام ولو كان فيها أدنى زلل لنبّه عليه الإمام الصادقعليه‌السلام

السادس عشر إلى التاسع عشر : صريحة بلا بدية غيبة ولي الأمر الإمام

١٨٦

القائم المهديعليه‌السلام ، وأنه لابدّ من ظهورهعليه‌السلام بعد انتهاء أمد غيبته ، وحينئذٍ سيتحقّق حلم الأنبياءعليهم‌السلام جميعا بإقامة ودولة الحق العظمى في جميع الأرض على يده الشريفة ، وفي الأخير إعلان بتمسّك السيد الحميرى بهذا الدين الحق ، وإنه لا يخشي فيه لومة لائم.

كما أن أجواءِ القصدية وأبياتها تكشف عن أن احاديث غيبة الإمام المهديعليه‌السلام الواصلة إلينا لم تكن قط من صنع أية حركة أو طائفة ، ولا هي من صنع متكلمي الشيعة في القرنين الثالث والرابع الهجريين كما يفتري بذلك بعض المهرجين ، وإنما هي ـ في حدود أجواء القصيدة فقط ـ من اخبار أهل البيتعليهم‌السلام منذ عهد أمير المؤمنين الإمام عليعليه‌السلام وصولا إلى الإمام الصادقعليه‌السلام ، فضلا عمّا في غيرها وهو كثير.

كما تكشف أجواء القصيدة أيضا عن دور الإمام الصادقعليه‌السلام في التصدّي الحازم لمزاعم المهدوية كالكيسانية ، وبثه الوعي اللازم تجاه العقيدة المهدوية الصحيحة ، مع استغلال كل فرضة سانحة لغرس مبادي الدين النقية التي تقوم عليها نظرية الحكم في الاسلام كما يفهم من تقرير الإمامعليه‌السلام لمفردات تللك القصيدة الرائعة التي جاءت زاخرة بفكر الإمامة ومفعمة بعقيدة النص والتعيين.

وأما من خلو الأبيات الشعرية من التصريح بهوية الإمام المهديعليه‌السلام فلا يدلّ على عدم تحديد الهوية للسيد الحميري من قبل الإمام الصادقعليه‌السلام خصوصا وقد مرّ في كلامه المنثور ما هو صريح بهذا التحديد. وربّما قد يكون التحديد مذكورا في رائيته المتقدمة حيث اقتصر على بعض

١٨٧

أبياتها ، ولو وصلت إلينا كاملة فربّما وجدنا بها أسماء أهل البيتعليهم‌السلام جميعا.

والمهم هو أن رجوع مثل السيد الحميري عن عقيدة الكيسانية واعتناق المذهب الإمامي الاثني عشري يعبّر عن دور الإمام الصادقعليه‌السلام في معالجة دعاوى المهدوية في زمانه مما كان له أكبر الأثر في هدم تلك الدعاوى الباطلة وتلاشيها واحدة بعد اخرى.

خامسا ـ ملاحقة الإمام الصادقعليه‌السلام لحجج الكيسانية ونسفها :

لم يتوقف الإمام الصادقعليه‌السلام في إبطال دعوى الكيسانية على صعيد هذا اللقاء بالسيد الحميري ، وإنّما راح أبعد من ذلك بكثير يوم بيّن لبعض رؤؤس الكيسانية زيف عقيدتهم ، ولكنهم ركبوا رؤوسهم عنادا وصلفا( وَمَنْ يُضْلِلِ اللهَ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَيِبلا ) (١) . ومن أولئك : حيان السرّاج.

عن عبدالرحمن بن الحجاج قال : « قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : أتاني ابن عم لي يسألني أن آذن لحيان السرّاج ، فأذنت له ، فقال لي يا أبا عبد الله إني أريد أن أسألك عن شيء أنا به عالم إلاّ أني أحب أن أسألك عنه ، أخبرني عن عمّك محمد بن علي مات؟ قال ، فقلت : أخبرني أبي أنه كان في ضيعة له فأتى ، فقيل له : أدرك عمك! قال : فأتيته ـ وقد كانت أصابته غشية ـ فأفاق فقال لي : أرجع إلى ضيعتك. قال : فأبيت ، فقال لترجعن ، قال : فانصرفت ، فما بلغت الضيعة حتى أتوني ، فقالوا : ادركه! فأتيته ،

__________________

١ ـ سورة النساء : ٤ / ١٤٣.

١٨٨

فوجدته قد اعتقل لسانه فدعا بطست ، وجعل يكتب وصيته ، فما برحت حتى غمضته ، وغسلته ، وكفنته ، وصلّيت على ، ودفنته.

فإن كان هذا موتا فقد والله مات. قال : فقال لي رحمك الله شبّه على أبيك. قال ، قلت : يا سبحان الله! منت تصدف على قلبك. قال فقال لي : وما الصدف على القلب؟ قال ، قلت : الكذب »(١) .

وعن بريد العجلي قال : « دخلت على ابي عبد اللهعليه‌السلام فقال لي : لو كنت سبقت قليلا أدركت حيان السرّاج. قال : وأشار إلى موضع في البيت ، فقالعليه‌السلام : كان ههنا جالسا فذكر محمد بن الحنفية وذكر حياته وجعل يطريه ويقرظه فقلت له : ياحيان أليس تزعم ويزعمون وتروي ويروون لم يكن في بني إسرائيل شيء إلاّ وهو في هذه الأمة مثله؟ قال : بلى. قال : فقلت : هل رأينا ورأيتم أو سمعنا وسمعتم بعالم مات على أعين الناس ، فنكح نساؤه ، وقسّمت أمواله. وهو حيٌّ لا يموت؟ فقالم ولم يرد عليَّ شيئا »(٢) .

وعن عبد الله بن مسكان قال : « دخل حيان السرّاج على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقال له : ياحيان! ما يقول أصحابك في محمد بن على ( بن ) الحنفيّة؟ قال : يقولون هو حي يرزق. فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : حدّثني أبي أنه كان فيمن عاده في مرضه ، وفيمن أغمضه ، وفيمن أدخله حفرته وقسّم ميراثه. قال : فقال حيان : إنّما مثل محمد بن الحنفية في هذه الأمة مثل

__________________

١ ـ رجال الكشي : ٣١٤ ـ ٣١٥ / ٥٦٩.

٢ ـ رجال الكشي : ٣١٤ / ٥٦٨.

١٨٩

عيسى بن مريم ، فقال : ويحك ياحيان شُبّه على أعدائه! فقال : بلى شبّه على أعدائه فقال : تزعم أن أبا جعفر عدو محمد بن على! لا ولكنك تصدف ياحيان »(١) .

وبهذا ونظائره استطاع الإمام الصادقعليه‌السلام أن يبيّن للناس جميعا تهافت مقولة الكيسانية وكذبها ، أما أدّى بالنتيجة إلى تبخر تلك المزاعم وإزالتها من صفحة الوجود بعد انقراض المتعصّبين لها ، وبصورة لم تترك معها أدنى تأثير ـ ولو طفيف ـ على خط الإمامة العريض الواضح ، كما لم تؤثّر شيئا على علم القواعد الشيعية بمن سيغيب من أئمة الهدىعليهم‌السلام .

__________________

١ ـ رجال الكشي : ٣١٥ ـ ٣١٦ / ٥٧٠.

١٩٠

الفصل الثاني

شبهة مهدوية عمر بن عبد العزيز الاموي المرواني

أولا ـ الآثار الموضوعة في مهدويته :

وضع المغرمون بعمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي المرواني ( ت / ١٠١ هـ ) ما شاء لهم من يضعوا من الأقوال على لسان عمر وابنه عبد الله ، وهي وإن كانت كلها آثارا موقوفة لا حجة بها ، ولكن لا بأس بذكرها لتستشعر من خلالها ذلك الكذب المفضوح.

١ ـ أخرج البيهقي عن عبد الله بن دينار ، عن عمر قال : « يا عجبا! يزعم الناس أن الدنيا لن تنقضي حتى يلي رجل من آل عمر يعمل بمثل عمل عمر. قال : فكانوا يرونه بلال بن عبد الله بن عمر ، قال : وكان بوجهه أثر ، قال : فلم يكن هو ، وإذا هو عمر بن عبدالعزيز وأمه ابنه عاصم بن عمر بن الخطاب »(١) .

وفي هذا الأثر اللاحجة ، محمد بن على المقري الضعيف عندهم بلا خلاف ، زيادة على عدم دلالته على المهدوية.

__________________

١ ـ دلائل النبوة / البيهقي ٦ : ٤٩٢ باب ما جاء في إخبارهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالشر الذي يكون بعد الخير الذي جاء به ، وتاريخ دمشق ٤٥ : ١٥٥ / ٥٢٤٢.

١٩١

ولعل أطرف ما في هذا الأثر وروده في ( باب ما جاء في إخبارهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالشر الذي يكون بعد الخير الذي جاء به ) من كتاب دلائل النبوة للبيهقي!!!

٢ ـ وأخرج ابن حماد بسنده عن نافع ، عن عمر : « يكون رجل من ولدي بوجهه شين يلي ، فيملأها عدلا. قال نافع : لا أحسبنه إلاّ عم بن عبدالعزيز »(١) .

وهذا الاثر كسابقه ، وفيه عثمان بن عبد الحميد بن لاحق مجهول ، ونافع مولى ابن عمر كذّاب مشهور. وكان يقول له مولاه : لا تكذب عليَّ كما كذب عكرمة على ابن عباس.

٣ ـ وأخرج ابن سعد في طبقاته عن نافع أيضا ، عن ابن عمر قال : « كنت اسمع ابن عمر كثيرا يقول : ليت شعري من هذا الذي من ولد عمر في وجهه علامة ، يملأ الأرض عدلا »(٢) .

وهذا الاثر كسابقه ، وفيه نافع الكذاّب أيضا.

ثانيا ـ كذبهم على الإمام الباقرعليه‌السلام في دعم تلك المهدوية :

لأجل تمرير مهدوية عمر بن عبد العزيز وإضفاء طابع القداسة عليه حاول أنصاره تشويش هذه العقيدة في نفوس المسلمين وتقريبهم نحو الخط الأموي المقيت ، ولو بالكذب الفاضح على أهل البيتعليهم‌السلام في نصرة

__________________

١ ـ الملاحم والفتن / ابن حماد : ٧٦ / ٢٨٦.

٢ ـ الطبقات الكبرى / ابن سعد ٥ : ٣٣١ ، وحلية الاولياء / أبو نعيم ٥ : ٢٥٤ / ٣٣١ ، ودلائل النبوة / البيهقي ٦ : ٤٩٢.

١٩٢

الامويين ومهدوية عمرهم.

ومن هنا وضعوا على لسان الإمام الباقرعليه‌السلام ما أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ، عن مسلمة أبي سعيد في حديث رواح ، عن العرزمي ، قال : « سمعت محمد بن على يقول : النبي منا ، والمهدي من بني عبد شمس ، ولا نعلمه إلاّ عمر بن عبد العزيز.قال : وهذا في خلافة عمر بن عبدالعزيز »!!(١) .

ومثله ما أخرجه ابن عساكر في تاريخه ، وأبو عمرو الداني ، عن مولى لهند بنت اسماء ، قال : « لمحمد بن علي : إن الناس يزعمون من فيكم مهديا ، فقال : إن ذاك كذاك ، ولكنه من بني عبد شمس ، قال كمنه عنى عمر بن عبدالعزيز »(٢) .

ثالثا ـ رد اكذوبتهم على الإمام الباقرعليه‌السلام :

إن ما ذكره ابن سعد ، وابن عساكر من أوضح الكذب وأسخفه ، وما أحاديث الإمام الصادق في كتابنا هذا إلاّ هي أحاديث أبيه الباقرعليهما‌السلام ، نظرا لما قاله الإمام الصادق بن درّاج : « ما سمعت مني فاروه عن أبي ».

وقوله لجملة من أصحابه : « حديثي حديث أبي ».

__________________

١ ـ الطبقات الكبرى / ابن سعد ٥ : ٣٣٣ ، وتاريخ دمشق ٤٥ : ١٨٧ / ٥٤٢٤

٢ ـ تاريخ دمشق ٤٥ : ١٨٧ ـ ١٨٨ / ٥٤٢٤ ، والسنن الواردة في الفتن / أبو عمر الداني ٥ : ١٠٧٣ / ٥٨٧ باب من قال : أن المهدي عمر بن عبد العزيز ، وقد جعل هذا الحديث المكذوب في أول الباب.

١٩٣

وقوله لابي بصير حين قال له : الحديث أسمعه أنك أرويه عن أبيك ، أو أسمعه من أبيك ، أرويه عنك؟ قالعليه‌السلام : « سواء إلاّ أنك ترويه عن أبي أحبّ إلىّ »(١) .

على من مذهب الإمام الباقرعليه‌السلام في الإمام المهديعليه‌السلام كنار على علم ، وإليك صورة واضحة عمّا نطقت به أحاديثه الشريفة في المهديعليه‌السلام ، من قبيل :

إن الله تعالى أخذ الميثاق للإمام المهديعليه‌السلام من الأنبياءعليهم‌السلام كلهم(٢) ، وفيه شبه من بعضهم كغيبة موسى عن قومه ، وطول عمر نوح ، ومحنة يوسفعليهم‌السلام (٢) .

وقد أغبطه موسى لمّا رآه مكتوبا في أسفاره(٤) ، ليس من بني أميه ولا من آل مروان الملعونين قاطبة(٥) ، وإنما من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٦) ، اسمه اسم

__________________

١ ـ راجع هذه الأقوال في اصول الكافي ١ : ٥١ ـ ٥٣ / ٤ و ١٤ باب رواية الكتب والحديث ، وفضل الكتابة ، والتمسك بالكتب ، من كتاب فضل العلم.

٢ ـ بصائر الدرجات : ٧٠ / ٢ باب ٢.

٣ ـ الإمامة والتبصرة من الحيرة / الصدوق الأول : ٩٣ / ٨٤ باب ٢٣ ، وإثبات الوصية : ٢٢٦ ، وإكمال الدين ١ : ١٥٢ / ١٦ باب ٦ ، و ١ : ٣٢٦ / ٦ باب ٣٢ ، و ١ : ٣٢٩ / ١٢ با ٣٢ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٦٣ ـ ١٦٤ / ٣ و ٥ ، باب ١٠ ، و : ٢٢٨ / ٨ باب ١٣ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ١٠٣.

٤ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٤٠ / ٣٤ باب ١٣.

٥ ـ كامل الزيارات / ابن قولويه القمي : ١٩٦ / ٧ باب ٧١.

٦ ـ إثبات الوصية / المسعودي : ٢٢٦ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ٢٣٤ / ٢٢ باب ١٣ ، و : ٢٤٠ / ٣٤ باب ١٣ ، والإرشاد ٢ : ٣٧١ و ٣٨٦.

١٩٤

نبي(١) بل سميي(٢) من أهل البيت(٣) ، وإنه لمهدينا(٤) ، وقائمنا(٥) ، ومعنى المهدي(٦) ، والقائم(٧) .

من ولد أمي الزهراء البتولعليها‌السلام (٨) ، ومن صلب جدي الحسينعليه‌السلام (٩) ، أصغرنا سنا وأخملنا شخصا(١٠) ، وابن امة(١١) .

__________________

١ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ١٧٨ ـ ١٧٩ / ٢٢ ـ ٢٤ باب ١٠ ، ودلائل الإمامة : ٢٦١.

٢ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٣١ / ١٤ باب ١٣.

٣ ـ الأصول الستة عشر : ٦٣ ، وروضة الكافي ٨ : ٣٢٤ / ٥٩٧ ، ورجال الكشي : ٢١٧ / ٣٩٠ ، وتفسير فرات الكوفي : ٤٤ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ٢٣٨ ـ ٢٣٩ / ٣٠ باب ١٣ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٨٢.

٤ ـ سنن الدار قطني ٢ : ٦٥ / ١٠ ، والتذكرة في أحوال الموتى والآخرة / القرطبي ٢ : ٧٠٣ ، وبصائر الدرجات : ٢٤ / ١٧ باب ١١ ، وإكمال الدين ٢ : ٦٥٣ / ١٨ باب ٥٧.

٥ ـ أصول الكافي ١ : ٢٣١ / ١ باب ما عند الآئمة من آيات الأنبياءعليهم‌السلام من كتاب الحجة ، وعلل الشرائع : ١٦١ / ٣ باب ١٢٩ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ٢٨٣ / ١ باب ١٥ ، و : ٣٢٠ / ١ باب ٢٢ ، ودلائل الإمامة : ٢٤١ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٨٣.

٦ ـ دلائل الإمامة : ٢٤٩ ، والخرائج والجرائح ٢ : ؛ ٨٦٢ / ٧٨ باب ٢٠.

٧ ـ علل الشرائع : ١٦٠ / ١ باب ١٢٩ ، ودلائل الإمامة : ٢٣٩.

٨ ـ عقد الدرر / المقدسي الشافعي : ١١٠ باب ٤ فصل ٣ ، وروضة الكافي ٨ : ١٧٨ / ٢٥٥ ، والإرشاد ٢ : ٣٧٠ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ١١٤ و ٢٦٥ ، وكشف الغمة / الإربلي ٣ : ٢٤٨ ، والخرائج والجرائح ٣ : ١١٥٧باب ٢٠.

٩ ـ ألاصول الستة عشر : ٧٩ ، والإرشاد ٢ : ٣٤٧.

١٠ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ١٨٤ / ٣٥ باب ١٠ ، ودلائل الإمامة : ٢٥٨.

١١ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ١٦٣ / ٣ باب ١٠.

١٩٥

تخفى على الناس ولادته(١) ، وتمتحن بذلك شيعته(٢) ، ومن الناس من ينكر ولادته(٣) ، ومنهم من يقول : مات أو هلك ، في أي واد سلك!(٤) ، وإنه لمن أهل بيتي(٥) ، وهوالسابع من ولدي(٦) ، نحن الأئمة الأوصياء(٧) ، كعدّة نقباء بني إسرائيل اثني عشر أوصياء ، تسعة من ولد الحسينعليه‌السلام ، تاسعهم قائمهم(٨) ، مع تفصيل اسمائهمعليهم‌السلام (٩) ، ولعن أول من ظلم حقهم وآخر تابع له على ذلك(١٠) ، وإنه لابدّ من غيبته(١١) ، في سنة مئتين

__________________

١ ـ أصول الكافي ١ : ٣٤٢ / ١٦ باب في الغيبة ، من كتاب الحجة ، وإثبات الوصية : ٢٢٢ ـ ٢٢٣ وإكمال الدين ١ : ٣٢٥ / ٢ باب ٣٢ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٦٧ / ٧ باب ١٠ ، و : ١٦٩ / ١٠ باب ١٠ ، و : ٢٢٨ / ٣ و ٩ باب ١٣.

٢ ـ أصول الكافي ١ : ٣٧٠ / ٥ باب التمحيص والامتحان ، من كتاب الحجة ، وكتاب الغيبة/ النعماني : ٢٠٨ ـ ٢٠٩ / ١٦ باب ١٢ ، و : ٢٥٠ / ٨ باب ١٢ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٦٠.

٣ ـ إكمال الدين ١ : ٣٢٧ / ٧ باب ٣٢.

٤ ـ إكمال الدين ١ : ٣٢٦ / ٥ باب ٣٢ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٥٤ / ١٢ باب ١٠.

٥ ـ تفسير العياشي ١ : ١٠٣ / ٣٠٢ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ٣٠٨ / ٣ باب ١٩.

٦ ـ كفاية الأثر في النص على الأئمة الإثني عشرعليهم‌السلام / الخزاز القمي : ٢٥٠.

٧ ـ إكمال الدين ١ : ٣٢٨ / ٨ باب ٣٢ ، والإرشاد ٢ : ٣٤٥.

٨ ـ كفاية الأثر : ٢٥٠ ، والإرشاد ٢ : ٣٤٥ ، و ٣٤٦ ، و ٣٤٧.

٩ ـ مهج الدعوات في منهج العبادات / السيد رضي الدين بن طاوس : ٣٣٤ ـ ٣٣٦ ، وجمال الإسبوع / السيد رضي الدين بن طاوس : ٤٥٤ ـ ٤٦٤.

١٠ ـ كامل الزيارات : ١٩٦ / ٧ باب ٧١.

١١ ـ أصول الكافي ١ : ٣٣٨ / ٨ باب في الغيبة ، من كتاب الحجة ، وإكمال الدين

١٩٦

وستين(١) استبقاء على مهجته(٢) .

لهفي عليه من شريد طريد ، وفريد وحيد ، موتور بأبيه(٣) ، ومطلوب تراثه(٤) .

له غيبتان : تطول الثانية منهما(٥) ، طوبى للمنتظرين له في غيبته(٦) ، والمتأهبين لنصرته(٧) ، الذين وثقوا بأنه لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد ، لطوّله الله تعالى ، حتى ترى ـ في آخر الزمان ـ طلعته(٨) . بعد فتن

__________________

١ : ٣٢٩ ـ ٣٣٠ / ١٣ و ١٥ باب ٢٢ ، و ٢ : ٤٥١ / ٨ باب ٤٤ ، وعلل الشرائع ١ : ٢٤٦ / ٩ باب ١٧٩ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٤٥ / ١٢ ، و : ١٥٦ / ١٧ ، و : ١٧٣ / ٨ ، و : ١٧٦ ـ ١٧٧ / ١٨ ، و ٢٠ ، و : ١٩٢ / ٤ ( كلها في الباب / ١٠ ).

١ ـ أصول الكافي ١ : ٣٤١ / ٢٢ و ٢٣ باب في الغيبة ، من كتاب الحجة.

٢ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ١٧٦ / ١٨ ، و ١٩ باب ١٠.

٣ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ١٧٨ / ٢٢ باب ١٠.

٤ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ١٧٧ / ٢٠ باب ١٠.

٥ ـ كتاب المشيخة / الحسن بن محبوب ، كما في أعلام الورى للطبرسي : ٤١٦ باب ٣ ، فصل ١ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٧١ ـ ١٧٣ / ٣ و ٧ و ٨ باب ١٠.

٦ ـ الأصول الستة عشر : ٧١ ، وأصول الكافي ١ : ٣٧٢ / ٦ باب أنه من عرف إمامه لم يضرّه تقدم هذا الأمر أو تأخّر ، من كتاب الحجة ، و ٢ : ٢١ ـ ٢٣ / ١٠ و ١٣ باب دعائم الإسلام ، من كتاب الإيمان والكفر ، إكمال الدين ٢ : ٣٤٦ / ٣٢ باب ٣٣ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٠٣ ، وأمالي الشيخ الطوسي ١ : ٢٣٦ ـ ٢٣٧.

٧ ـ المحاسن / البرقي : ١٧٣ / ١٤٨ باب ٣٨ ، وروضة الكافي ٨ : ٦٧ ـ ٦٨ / ٣٧ ، وإكمال الدين٢ : ٦٤٤ / ٢ باب ٥٥.

٨ ـ السنن الواردة في الفتن / أبو عمرو الداني : ١٦١ ـ ١٦٢ ، وعقد الدرر / المقدسي

١٩٧

وعلامات كثيرة ، ككسوف الشمس وخسوف القمر(١) ، وخسف بالبيداء(٢) ، والصيحة في شهر رمضان(٣) وفتنة السفياني(٤) ، وقتل النفس الزكيّة(٥) ، وخروج الدجال(٦) ، ومدد المشرق المُوَطِئ لدولته(٧) ، وهتاف السماء : أن الحق مع آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٨) ، وندائها باسم المهدي واسم أبيه(٩) ، وحتى يسمعه أهل المشرق والمغرب(١٠) .

__________________

الشافعي : ٦١ باب ٤ فصل ١ ، والحاوي للفتاوى / السيوطي ٢ : ٨١ ، والبرهان في علامات مهدي آخر الزمان / المتقي الهندي : ١٠٤ / ٧ باب ٤ فصل ١.

١ ـ روضة الكافي ٨ : ١٧٩ ـ ١٨٠ / ٢٥٨ ، وإكمال الدين ٢ : ٦٥٥ / ٢٥ باب ٧٥ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ٢٧١ / ٤٥ و ٤٦ باب ١٤ ، والإرشاد ٢ : ٣٧٤.

٢ ـ كتاب الفتن / نعيم بن حماد : ٩٠ و ٩٥ ، وعقد الدرر : ٨٤ باب ٤ فصل ٢ ، والإرشاد ٢ : ٣٧٢.

٣ ـ كتاب الغبية / النعماني : ٢٥٣ / ١٣ باب ١٤.

٤ ـ الإرشاد ٢ : ٣٧١ و ٣٧٣ و ٣٧٤.

٥ ـ اكمال الدين ٢ : ٦٥٢ / ١٤ باب ٥٧ ، والإرشاد ٢ : ٣٧١ و ٣٧٤ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٦٦ ـ ٢٦٧ ، وكشف الغمّة ٣ : ٢٤٩ ، والخرائج الجرائح : ٢٨٦ ، وإعلام الورى : ١٢٦ باب ٤ فصل ١.

٦ ـ بصائر الدرجات : ١٤١ / ٧ باب ١١.

٧ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٥٣ / ١٣ باب ١٤.

٨ ـ كتاب الفتن / ابن حماد ٩٢ ، والحاوي للفتاوى ٢ : ٧٥ ، والإرشاد ٢ : ٣٧١ ، و ٣٧٢.

٩ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٤٦ / ٢٧ باب ١٤ ، و : ٢٧٩ / ٦٥ باب ١٤ ، والخرائج والجرائح ٣ : ١١٦٠ باب ٢٠ ، وكتاب الغيبة للسيد على بن عبد الحميد على ما في بحار الأنوار / العلامة المجلسي ٥٢ : ٣٠٥ / ٧٨ باب ٥٦.

١٠ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٥٧ / ١٤ باب ١٤.

١٩٨

وهكذا الى أن يَمُنَّ الله تعالى بظهوره ، وتكون في البيت العتيق ـ بين الركن والمقام ـ بيعته(١) ، وسيخطب في كعبته(٢) . معه عدّة أهل بدر من أصحابه(٣) ما اجلّ صفاتهم(٤) ، وأعظم شجاعتهم(٥) .

عنده عصا موسى لتلقف ما يأفكون(٦) ، وحجره المبارك الميمون(٧) ، وخاتم سليمان(٨) ، وسلاح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورايته(٩) ، وعهده(١٠) ، ومواريثه(١١) ، وكتب سيد الأوصياء أمير المؤمنينعليه‌السلام (١٢) .

__________________

١ ـ الاصول الستة عشر : ٧٩ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ٢٦٢ / ٢٢ باب ١٤ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٨٤.

٢ ـ كتاب الفتن /ابن حماد : ٩٥ ، وعقد الدرر : ١٤٥ باب ٧.

٣ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٣١٥ / ٨ و ٩ باب ٢٠.

٤ ـ إكمال الدين ٢ : ٦٧٣ / ٢٥ باب ٥٨.

٥ ـ حلية الأولياء / أبو نعيم الاصبهاني ٣ : ١٨٤ ، وينابيع المودّة / القندوزي : ٤٤٨ باب ٧٩.

٦ ـ بصائر الدرجات : ١٨٣ ـ ١٨٤ / ٣٦ باب ٤ ، وأصول الكافي ١ : ٢٣١ / ١ باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياءعليهم‌السلام من كتاب الحجة ، وإكمال الدين ٢ : ٦٧٣ ـ ٦٧٤ / ٢٧ باب ٥٨ ، والاختصاص : ٢٦٩.

٧ ـ بصائرالدرجات : ١٨٨ / ٥٤ باب ٤ ، و أصول الكافي ١ : ٢٣١ / ٣ من الباب السابق وإكمال الدين ٢ : ٦٧٠ / ١٧ باب ٥٨.

٨ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٣٨ / ٢٨ باب ١٣.

٩ ـ الأصول الستة عشر : ٧٩.

١٠ ـ كتاب الغيبة للسيد علي بن عبد الحميد على ما في البحار ٥٢ : ٣٠٥ / ٧٨ باب ٢٦.

١١ ـ الأصول الستة عشر : ٧٩.

١٢ ـ بصائر الدرجات : ١٦٢/ ٢ باب ١.

١٩٩

تنصره ملائكة بدر الكبرى في حروبه(١) ، وينزل عيسى بن مريم فيصلي خلفه(٢) ، ويفتح الله على يده مشارق الأرض ومغاربها ، فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا(٣) .

لا يرحم في سيرته أعداءَه(٤) ، ولكن ما أجمل عدله(٥) ، وقضائه(٦) ، وما أكثر عطائه(٧) ، لا تخشى رعيّته فقرا والرخاء العميم في دولته(٨) ، ولا كفرا ؛ إذ سيجدد الاسلام بعد غربته(٩) ، وينشره حتى لا يرى ـ على وجه الأرض ـ دين غيره(١٠) ، وسيدعو الخلق الى كتاب الله وسنة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

__________________

١ ـ تفسير العياشي ١ : ١٩٧ / ١٣٨ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٨٤.

٢ ـ تفسير فرات الكوفي : ٤٤ ، وإكمال الدين ١ : ٣٣١ ـ ٣٣٢ / ١٧ باب ٣٢.

٣ ـ من لا يحضره الفقيه / الشيخ الصدوق ١ : ٢٣٤ / ٧٠٦ ، والإرشاد ٢ : ٣٨٥ ، وكتاب الغيبة للسيد علي بن عبد الحميد على ما في البحار الأنوار ٥٢ : ٣٩٠ / ٢١٢ باب ٢٧.

٤ ـ كتاب الغيبة : النعماني : ٢٣١ / ١٤ باب ١٣ ، و : ٢٣٣ / ١٨ باب ١٣ والإرشاد ٢ : ٣٨٤.

٥ ـ من لايحضره الفقيه ١ : ٣٣٤/٧٠٦ ، والإرشاد ٢ : ٣٨٥.

٦ ـ كتاب الغيبة للسيد على بن عبد الحميد على ما في بحار الأنوار ٥٢ : ٣٨٩ / ٢٠٧ باب ٢٧.

٧ ـ علل الشرائع : ١٦١ / ٣ باب ١٢٩ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ٢٣٧ / ٢٦ باب ١٣.

٨ ـ كتاب الغيبة/ النعماني : ٢٣٨ ـ ٢٣٩ / ٣٠ باب ١٣ ، كتاب الغيبة للسيد على ابن عبد الحميد على ما في بحار الأنوار ٥٢ : ٣٩٠ / ٢١٢ باب ٢٧.

٩ ـ كتاب الغيبة للسيد علي بن عبد الحميد على ما في بحار الأنوار ٥٢ : ٣٩٠ / ٢١٢ باب ٢٧.

١٠ ـ دلائل الإمامة : ٢٤١ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٨٣.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325