غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام11%

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف: الإمامة
ISBN: 964-319-447-7
الصفحات: 325

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام
  • البداية
  • السابق
  • 325 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 97396 / تحميل: 6428
الحجم الحجم الحجم
غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٤٤٧-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

لكثير : لقيت كعب الأحبار؟ قال : لا ، قيل : فلم قلت : خبرناه كعبُ...؟ قال : بالوهم »!(١) .

ومن جملتهم أيضا السيد الحميري ، وهو من مشاهير الكيسانية قبل لقائه بالإمام الصادقعليه‌السلام ، ومعرفة الحقيقة منه وقد كانت له قصائد كثيرة يذكر فيها مهدوية ابن الحنفية ، منها ما ذكره المسعودي :

يا شعب رضوى ما لمن بك لا يرى

وبنا إليه من الصبابة أولق

حتى متى؟ وإلى متى؟ وكم المدى؟

يا ابن الوصي وأنت حيّ ترزق(٢)

لقاء السيد الحميري الكيساني بالإمام الصادقعليه‌السلام :

شاءت الأقدار أن يلتقي السيد الحميري بالإمام الصادقعليه‌السلام ، مما كان لهذا اللقاء أثره الفعّال في تغيير السيد الحميري عقيدته الكيسانية ورجوعه من القول بإمامة ومهدوية محمد بن الحنفيةرضي‌الله‌عنه ، إلى الحق واعتقاده مذهب الإمامية ، وهو ما صرّح به ابن المعتز في طبقات الشعراء(٣) ، والمرزباني في أخبار السيد(٤) ، والشيخ الصدوق(٥) ، والشيخ المفيد(٦) ، والشيخ الطوسي(٧)

____________

١ ـ تهذيب الكمال ٢٦ : ١٥٠ / ٥٤٨٤.

٢ ـ مروج الذهب / المسعودي ٣ : ٨٨.

٣ ـ طبقات الشعراء / ابن المعتز : ٢٢ ـ ٣٦.

٤ ـ أخبار السيد / المرزباني : ١٦٤.

٥ ـ إكمال الدين ١ : ٣٢ ـ ٣٥ من المقدمة.

٦ ـ الفصول المختارة : ٢٤١ ، والإرشاد ٢ : ٢٠٦.

٧ ـ أمالي الشيخ الطوسي : ٦٢٧ / ١٢٩٣ ، المجلس رقم / ٣٠.

١٨١

وابن شهر آشوب(١) ، والاربلي(٢) ، وغيرهم ممن ترجم للسيد الحميريرضي‌الله‌عنه .

وهكذا أصبح السيد ـ بفضل هدايته على يد الإمام الصادقعليه‌السلام ـ من شعراء أهل البيت المجاهرين بولايتهم من الطبقة الأولى ، حتى وصفه علماء الشيعة بالمعظم(٣) ، ولهذا قال ابن عبد ربّه الأندلسي الأموي : « ومن الروافض ، السيد الحميرى ، وكان يلقى له وسائد في مسجد الكوفة يجلس عليها ، وكان يؤمن بالرجعة »(٤) .

السيد الحميري يودع كيسانيته ويتعرف على هوية الإمام المهديعليه‌السلام :

لقد اعترف السيد الحميري بدور الإمام الصادقعليه‌السلام وفضله في إزاحة شبهة الكيسانية عنه ، وهو ما حكاه لنا الشيخ الصدوق بقوله :

« فلم يزل السيد ضالا في أمر الغيبة يعتقدها في محمد بن الحنفية حتى لقي الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، ورأى منه علامات الإمامة ، وشاهد فيه دلالات الوصية ، فسأله عن الغيبة ، فذكر له منها حقّ ، ولكنها تقع في الثاني عشر من الأئمةعليهم‌السلام ، وأخبره بموت محمد بن الحنفية ، وإن أباه

__________________

١ ـ المناقب / ابن شهر آشوب ٣ : ٥٢٨.

٢ ـ كشف الغمّة ٢ : ٤٠.

٣ ـ وصفه بهذا الوصف ابن داود الحلّي في رجالة : ٥٩ / ١٩٣ ، وقال العلّامة في الخلاصة : ٥٧ / ٥٠ : « إسماعيل بن محمد الحميرى ، ثقة ، جليل القدر ، عظيم الشمن والمنزلة ، رحمه الله ».

٤ ـ العقد الفريد / ابن عبد ربه الاندلسي الاموي ٤ : ١٢٢.

١٨٢

ـ يعني : الإمام الباقرعليه‌السلام ـ شاهد دفنه ، فرجع السيد عن مقالته واستغفر من اعتقاده ، ورجع إلى الحق عند اتضاحه له ، ودان بالإمامة.

ثم أخرج الصدوق ـ بعد كلامه هذا ـ بسنده عن السيد الحميري قوله : كنت أقول بالغلوّ وأعتقد غيبة محمد بن عليٍّ ـ ابن الحنفيّة ـ قد ضللت في ذلك زمانا ، فمنَّ الله عليَّ بالصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام وأنقذني به من النّار ، وهداني إلى سواء الصراط ، فسألته بعد ما صحّ عندي بالدَّلائل التي شاهدتها منه أنه حجة الله على وعلى جميع أهل زمانه وأنه الإمام الذي فرض الله طاعته وأوجب الاقتداء به ، فقلت له : يا ابن رسول الله قد روي لنا أخبار عن آبائكعليهم‌السلام في الغيبة وصية كونها فأخبرني بمن تقع؟ فقالعليه‌السلام : إن الغيبة ستقع بالسادس من ولدي وهو الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوَّلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام وآخرهم القائم بالحق بقيّة الله في الأرض وصاحب الزّمان ، والله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتى يظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما. قال السيد : فلمّا سمعت ذلك من مولاي الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام تبت إلى الله تعالى ذكره على يديه ».

مع قصيدة السيد الحميري التي سجل فيها اعترافه بالحق :

قال السيدرحمه‌الله بعد كلامه السابق مباشرة وبلا فصل ـ وهو من تتمة رواية الشيخ الصدوق ـ مالفظه : « وقلت قصيدتي التي أولها :

١٨٣

فلمّا رأيت الناس في الدِّين قد غووا

تجعفرت باسم الله فيمن تجعفروا

ـ إلى أن قال ـ إلى آخر القصيدة ، وقلت بعد ذلك قصيتدة اُخرى :

١ أيا راكبا نحو المدينة جسرة

عذافرة يطوي بها كل سبسب

٢ إذا ما هداك الله عاينت جعفرا

فقل لوليِّ الله وابن المهذَّب

٣ ألا يا أمين الله وابن أمينه

أتوب إلى الرَّحمن ثمَ تأوَّبي

٤ إليك من الأمر الذي كنت مطنبا

أحارب فيه جاهدا كلَ معرب

٥ وما كان قولى في ابن خولة مطنبا

معاندة منّي لنسل المطيّب

٦ ولكن روينا عن وصيِّ محمد

وماكان فيما قال بالمتكذِّب

٧ بمنَ وليَّ الأمر يفقد لا يُرى

ستيرا كفعل الخائف المترقّب

٨ فتقسم أموال الفقيد كمنما

تغيّبه بين الصفيح المنصّب

٩ فيمكث حينا ثمَ يشرق شخصه

مضيئا بنور العدل اشراق كوكب

١٠ يسير بنصر الله من بيت ربّه

على سؤدد منه وأمر مسبّب

١١ يسير إلى أعدائه بلوائه

فيقتلهم قتلا كحرَّان مغضب

١٢ فلمّا رُوي منَ ابن خولة غائب

صرفنا إليه قولنا لم نكذِب

١٣ وقلنا هو المهديُ والقائم الذي

يعيش به من عدله كلُ مجدب

١٤ فإن قلت لا فالحقُ قولك والذي

أمرت فحتمٌ غير ما متعصّب

١٥ وأشهد ربّي من قولك حجة

على الناس طرّا من مطيع ومذنب

١٨٤

١٦ بمنَ وليَّ الأمر والقائم الذي

تطلّع نفسي نحوه بتطرُّب

١٧ له غيبة لا بدّ من أن يغيبها

فصلّى عليه الله من متغيّب

١٨ فيمكث حينا ثمَ يظهر حينه

فميلك من في شرقها والمغرب

١٩ بذاك أدين الله سرّا وجهرة

ولست وإن عوتبت فيه بمعتب »(١)

الكشف عمّا في قصيدة السيد الحميري من دلالات :

لا بأس بمتابعة قصيدته والكشف ـ باختصار ـ عمّا في أبياتها من دلالة كالآتي :

البيت الثاني والثالث : فيهما تصريح باعتقاد السيد الحميري بأن الإمام الصادقعليه‌السلام هو ولي الله في زمانه وأمين الله على وحيه وابن أمينه.

الرابع والخامس : فيهما تصريح بالتوبة من الاعتقاد القديم بمهدوية ابن الحنفية.

السادس : في بيان سبب اعتقاده القديم الفاسد وهو تطبيق الروايات الواردة في المهدي وغيبته عن الوصي ويعني به أمير المؤمنينعليه‌السلام على غير موردها الحقيقي ومصداقها الواقعي.

السابع : يدلُّ على أن الوصيعليه‌السلام بشأن المهدي هو غيبته ( يفقد لا يرى ) وأن سببها الخوف ( ستيرا كفعل الخائف المترقّب ) وهذا هو المؤيّد بروايات كثيرة عن الإمام الصادقعليه‌السلام كما مرّ مفصلا في هذا

__________________

١ ـ إكمال الدين وإتمام النعمة : ١ : ٣٢ ـ ٣٥ من المقدّمة.

١٨٥

البحث.

الثامن : يشير إلى أن المروي عن الوصيعليه‌السلام صريح بتقسيم أموال الإمام المهديعليه‌السلام وهو حي « فتقسم أموال الفقيد » أي الغائب الحيّ الموجود وهو ما حصل فعلا لإمامنا المهدي من أزلام السلطة العباسية وأذنابها في حديث طويل رواه الشيعة برمّتهم وصحّ لديهم من عدّة طرق.

التاسع والعاشر والحادي عشر : في خصوص كون المروي عن الوصي في المهديعليه‌السلام ، هو أنه لابدَّ وأن يغيب حينا من الدهر ، ثم يكون ظهوره في مكّة المكرّمة ، وأن الله تعالى سيمكنّه من أعدائه جميعا ، وهذا هو ما نقوله ونعتقده طبقا للمتواتر من الأخبار.

الثاني عشر إلى الخامس عشر : في الكشف عن عقيدته السابقة بمهدوية ابن الحنفيةرضي‌الله‌عنه ، وإعلان رجوعه عنها ، واعتقاده الحق بفضل الإمام الصادقعليه‌السلام ، ويتضمّن الاخير اعتقاده بأن امامة الإمام الصادقعليه‌السلام من الله تعالى ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنه معصوم من الخطأ والزلل ، وإلاّ فما معنى ان يشهد الله تعالى على أن الصادقعليه‌السلام حجة الله على سائر الخلق؟ وكيف يختار الله تعالى حجته على عباده ولايكون معصوما؟

وما يقال بان الشعر عامّة ليس حجة ، فهو كذلك ، ولكن الأمر مختلف هاهنا ، فالأبيات تتلى على مسامع الإمامعليه‌السلام ولو كان فيها أدنى زلل لنبّه عليه الإمام الصادقعليه‌السلام

السادس عشر إلى التاسع عشر : صريحة بلا بدية غيبة ولي الأمر الإمام

١٨٦

القائم المهديعليه‌السلام ، وأنه لابدّ من ظهورهعليه‌السلام بعد انتهاء أمد غيبته ، وحينئذٍ سيتحقّق حلم الأنبياءعليهم‌السلام جميعا بإقامة ودولة الحق العظمى في جميع الأرض على يده الشريفة ، وفي الأخير إعلان بتمسّك السيد الحميرى بهذا الدين الحق ، وإنه لا يخشي فيه لومة لائم.

كما أن أجواءِ القصدية وأبياتها تكشف عن أن احاديث غيبة الإمام المهديعليه‌السلام الواصلة إلينا لم تكن قط من صنع أية حركة أو طائفة ، ولا هي من صنع متكلمي الشيعة في القرنين الثالث والرابع الهجريين كما يفتري بذلك بعض المهرجين ، وإنما هي ـ في حدود أجواء القصيدة فقط ـ من اخبار أهل البيتعليهم‌السلام منذ عهد أمير المؤمنين الإمام عليعليه‌السلام وصولا إلى الإمام الصادقعليه‌السلام ، فضلا عمّا في غيرها وهو كثير.

كما تكشف أجواء القصيدة أيضا عن دور الإمام الصادقعليه‌السلام في التصدّي الحازم لمزاعم المهدوية كالكيسانية ، وبثه الوعي اللازم تجاه العقيدة المهدوية الصحيحة ، مع استغلال كل فرضة سانحة لغرس مبادي الدين النقية التي تقوم عليها نظرية الحكم في الاسلام كما يفهم من تقرير الإمامعليه‌السلام لمفردات تللك القصيدة الرائعة التي جاءت زاخرة بفكر الإمامة ومفعمة بعقيدة النص والتعيين.

وأما من خلو الأبيات الشعرية من التصريح بهوية الإمام المهديعليه‌السلام فلا يدلّ على عدم تحديد الهوية للسيد الحميري من قبل الإمام الصادقعليه‌السلام خصوصا وقد مرّ في كلامه المنثور ما هو صريح بهذا التحديد. وربّما قد يكون التحديد مذكورا في رائيته المتقدمة حيث اقتصر على بعض

١٨٧

أبياتها ، ولو وصلت إلينا كاملة فربّما وجدنا بها أسماء أهل البيتعليهم‌السلام جميعا.

والمهم هو أن رجوع مثل السيد الحميري عن عقيدة الكيسانية واعتناق المذهب الإمامي الاثني عشري يعبّر عن دور الإمام الصادقعليه‌السلام في معالجة دعاوى المهدوية في زمانه مما كان له أكبر الأثر في هدم تلك الدعاوى الباطلة وتلاشيها واحدة بعد اخرى.

خامسا ـ ملاحقة الإمام الصادقعليه‌السلام لحجج الكيسانية ونسفها :

لم يتوقف الإمام الصادقعليه‌السلام في إبطال دعوى الكيسانية على صعيد هذا اللقاء بالسيد الحميري ، وإنّما راح أبعد من ذلك بكثير يوم بيّن لبعض رؤؤس الكيسانية زيف عقيدتهم ، ولكنهم ركبوا رؤوسهم عنادا وصلفا( وَمَنْ يُضْلِلِ اللهَ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَيِبلا ) (١) . ومن أولئك : حيان السرّاج.

عن عبدالرحمن بن الحجاج قال : « قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : أتاني ابن عم لي يسألني أن آذن لحيان السرّاج ، فأذنت له ، فقال لي يا أبا عبد الله إني أريد أن أسألك عن شيء أنا به عالم إلاّ أني أحب أن أسألك عنه ، أخبرني عن عمّك محمد بن علي مات؟ قال ، فقلت : أخبرني أبي أنه كان في ضيعة له فأتى ، فقيل له : أدرك عمك! قال : فأتيته ـ وقد كانت أصابته غشية ـ فأفاق فقال لي : أرجع إلى ضيعتك. قال : فأبيت ، فقال لترجعن ، قال : فانصرفت ، فما بلغت الضيعة حتى أتوني ، فقالوا : ادركه! فأتيته ،

__________________

١ ـ سورة النساء : ٤ / ١٤٣.

١٨٨

فوجدته قد اعتقل لسانه فدعا بطست ، وجعل يكتب وصيته ، فما برحت حتى غمضته ، وغسلته ، وكفنته ، وصلّيت على ، ودفنته.

فإن كان هذا موتا فقد والله مات. قال : فقال لي رحمك الله شبّه على أبيك. قال ، قلت : يا سبحان الله! منت تصدف على قلبك. قال فقال لي : وما الصدف على القلب؟ قال ، قلت : الكذب »(١) .

وعن بريد العجلي قال : « دخلت على ابي عبد اللهعليه‌السلام فقال لي : لو كنت سبقت قليلا أدركت حيان السرّاج. قال : وأشار إلى موضع في البيت ، فقالعليه‌السلام : كان ههنا جالسا فذكر محمد بن الحنفية وذكر حياته وجعل يطريه ويقرظه فقلت له : ياحيان أليس تزعم ويزعمون وتروي ويروون لم يكن في بني إسرائيل شيء إلاّ وهو في هذه الأمة مثله؟ قال : بلى. قال : فقلت : هل رأينا ورأيتم أو سمعنا وسمعتم بعالم مات على أعين الناس ، فنكح نساؤه ، وقسّمت أمواله. وهو حيٌّ لا يموت؟ فقالم ولم يرد عليَّ شيئا »(٢) .

وعن عبد الله بن مسكان قال : « دخل حيان السرّاج على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقال له : ياحيان! ما يقول أصحابك في محمد بن على ( بن ) الحنفيّة؟ قال : يقولون هو حي يرزق. فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : حدّثني أبي أنه كان فيمن عاده في مرضه ، وفيمن أغمضه ، وفيمن أدخله حفرته وقسّم ميراثه. قال : فقال حيان : إنّما مثل محمد بن الحنفية في هذه الأمة مثل

__________________

١ ـ رجال الكشي : ٣١٤ ـ ٣١٥ / ٥٦٩.

٢ ـ رجال الكشي : ٣١٤ / ٥٦٨.

١٨٩

عيسى بن مريم ، فقال : ويحك ياحيان شُبّه على أعدائه! فقال : بلى شبّه على أعدائه فقال : تزعم أن أبا جعفر عدو محمد بن على! لا ولكنك تصدف ياحيان »(١) .

وبهذا ونظائره استطاع الإمام الصادقعليه‌السلام أن يبيّن للناس جميعا تهافت مقولة الكيسانية وكذبها ، أما أدّى بالنتيجة إلى تبخر تلك المزاعم وإزالتها من صفحة الوجود بعد انقراض المتعصّبين لها ، وبصورة لم تترك معها أدنى تأثير ـ ولو طفيف ـ على خط الإمامة العريض الواضح ، كما لم تؤثّر شيئا على علم القواعد الشيعية بمن سيغيب من أئمة الهدىعليهم‌السلام .

__________________

١ ـ رجال الكشي : ٣١٥ ـ ٣١٦ / ٥٧٠.

١٩٠

الفصل الثاني

شبهة مهدوية عمر بن عبد العزيز الاموي المرواني

أولا ـ الآثار الموضوعة في مهدويته :

وضع المغرمون بعمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي المرواني ( ت / ١٠١ هـ ) ما شاء لهم من يضعوا من الأقوال على لسان عمر وابنه عبد الله ، وهي وإن كانت كلها آثارا موقوفة لا حجة بها ، ولكن لا بأس بذكرها لتستشعر من خلالها ذلك الكذب المفضوح.

١ ـ أخرج البيهقي عن عبد الله بن دينار ، عن عمر قال : « يا عجبا! يزعم الناس أن الدنيا لن تنقضي حتى يلي رجل من آل عمر يعمل بمثل عمل عمر. قال : فكانوا يرونه بلال بن عبد الله بن عمر ، قال : وكان بوجهه أثر ، قال : فلم يكن هو ، وإذا هو عمر بن عبدالعزيز وأمه ابنه عاصم بن عمر بن الخطاب »(١) .

وفي هذا الأثر اللاحجة ، محمد بن على المقري الضعيف عندهم بلا خلاف ، زيادة على عدم دلالته على المهدوية.

__________________

١ ـ دلائل النبوة / البيهقي ٦ : ٤٩٢ باب ما جاء في إخبارهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالشر الذي يكون بعد الخير الذي جاء به ، وتاريخ دمشق ٤٥ : ١٥٥ / ٥٢٤٢.

١٩١

ولعل أطرف ما في هذا الأثر وروده في ( باب ما جاء في إخبارهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالشر الذي يكون بعد الخير الذي جاء به ) من كتاب دلائل النبوة للبيهقي!!!

٢ ـ وأخرج ابن حماد بسنده عن نافع ، عن عمر : « يكون رجل من ولدي بوجهه شين يلي ، فيملأها عدلا. قال نافع : لا أحسبنه إلاّ عم بن عبدالعزيز »(١) .

وهذا الاثر كسابقه ، وفيه عثمان بن عبد الحميد بن لاحق مجهول ، ونافع مولى ابن عمر كذّاب مشهور. وكان يقول له مولاه : لا تكذب عليَّ كما كذب عكرمة على ابن عباس.

٣ ـ وأخرج ابن سعد في طبقاته عن نافع أيضا ، عن ابن عمر قال : « كنت اسمع ابن عمر كثيرا يقول : ليت شعري من هذا الذي من ولد عمر في وجهه علامة ، يملأ الأرض عدلا »(٢) .

وهذا الاثر كسابقه ، وفيه نافع الكذاّب أيضا.

ثانيا ـ كذبهم على الإمام الباقرعليه‌السلام في دعم تلك المهدوية :

لأجل تمرير مهدوية عمر بن عبد العزيز وإضفاء طابع القداسة عليه حاول أنصاره تشويش هذه العقيدة في نفوس المسلمين وتقريبهم نحو الخط الأموي المقيت ، ولو بالكذب الفاضح على أهل البيتعليهم‌السلام في نصرة

__________________

١ ـ الملاحم والفتن / ابن حماد : ٧٦ / ٢٨٦.

٢ ـ الطبقات الكبرى / ابن سعد ٥ : ٣٣١ ، وحلية الاولياء / أبو نعيم ٥ : ٢٥٤ / ٣٣١ ، ودلائل النبوة / البيهقي ٦ : ٤٩٢.

١٩٢

الامويين ومهدوية عمرهم.

ومن هنا وضعوا على لسان الإمام الباقرعليه‌السلام ما أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ، عن مسلمة أبي سعيد في حديث رواح ، عن العرزمي ، قال : « سمعت محمد بن على يقول : النبي منا ، والمهدي من بني عبد شمس ، ولا نعلمه إلاّ عمر بن عبد العزيز.قال : وهذا في خلافة عمر بن عبدالعزيز »!!(١) .

ومثله ما أخرجه ابن عساكر في تاريخه ، وأبو عمرو الداني ، عن مولى لهند بنت اسماء ، قال : « لمحمد بن علي : إن الناس يزعمون من فيكم مهديا ، فقال : إن ذاك كذاك ، ولكنه من بني عبد شمس ، قال كمنه عنى عمر بن عبدالعزيز »(٢) .

ثالثا ـ رد اكذوبتهم على الإمام الباقرعليه‌السلام :

إن ما ذكره ابن سعد ، وابن عساكر من أوضح الكذب وأسخفه ، وما أحاديث الإمام الصادق في كتابنا هذا إلاّ هي أحاديث أبيه الباقرعليهما‌السلام ، نظرا لما قاله الإمام الصادق بن درّاج : « ما سمعت مني فاروه عن أبي ».

وقوله لجملة من أصحابه : « حديثي حديث أبي ».

__________________

١ ـ الطبقات الكبرى / ابن سعد ٥ : ٣٣٣ ، وتاريخ دمشق ٤٥ : ١٨٧ / ٥٤٢٤

٢ ـ تاريخ دمشق ٤٥ : ١٨٧ ـ ١٨٨ / ٥٤٢٤ ، والسنن الواردة في الفتن / أبو عمر الداني ٥ : ١٠٧٣ / ٥٨٧ باب من قال : أن المهدي عمر بن عبد العزيز ، وقد جعل هذا الحديث المكذوب في أول الباب.

١٩٣

وقوله لابي بصير حين قال له : الحديث أسمعه أنك أرويه عن أبيك ، أو أسمعه من أبيك ، أرويه عنك؟ قالعليه‌السلام : « سواء إلاّ أنك ترويه عن أبي أحبّ إلىّ »(١) .

على من مذهب الإمام الباقرعليه‌السلام في الإمام المهديعليه‌السلام كنار على علم ، وإليك صورة واضحة عمّا نطقت به أحاديثه الشريفة في المهديعليه‌السلام ، من قبيل :

إن الله تعالى أخذ الميثاق للإمام المهديعليه‌السلام من الأنبياءعليهم‌السلام كلهم(٢) ، وفيه شبه من بعضهم كغيبة موسى عن قومه ، وطول عمر نوح ، ومحنة يوسفعليهم‌السلام (٢) .

وقد أغبطه موسى لمّا رآه مكتوبا في أسفاره(٤) ، ليس من بني أميه ولا من آل مروان الملعونين قاطبة(٥) ، وإنما من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٦) ، اسمه اسم

__________________

١ ـ راجع هذه الأقوال في اصول الكافي ١ : ٥١ ـ ٥٣ / ٤ و ١٤ باب رواية الكتب والحديث ، وفضل الكتابة ، والتمسك بالكتب ، من كتاب فضل العلم.

٢ ـ بصائر الدرجات : ٧٠ / ٢ باب ٢.

٣ ـ الإمامة والتبصرة من الحيرة / الصدوق الأول : ٩٣ / ٨٤ باب ٢٣ ، وإثبات الوصية : ٢٢٦ ، وإكمال الدين ١ : ١٥٢ / ١٦ باب ٦ ، و ١ : ٣٢٦ / ٦ باب ٣٢ ، و ١ : ٣٢٩ / ١٢ با ٣٢ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٦٣ ـ ١٦٤ / ٣ و ٥ ، باب ١٠ ، و : ٢٢٨ / ٨ باب ١٣ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ١٠٣.

٤ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٤٠ / ٣٤ باب ١٣.

٥ ـ كامل الزيارات / ابن قولويه القمي : ١٩٦ / ٧ باب ٧١.

٦ ـ إثبات الوصية / المسعودي : ٢٢٦ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ٢٣٤ / ٢٢ باب ١٣ ، و : ٢٤٠ / ٣٤ باب ١٣ ، والإرشاد ٢ : ٣٧١ و ٣٨٦.

١٩٤

نبي(١) بل سميي(٢) من أهل البيت(٣) ، وإنه لمهدينا(٤) ، وقائمنا(٥) ، ومعنى المهدي(٦) ، والقائم(٧) .

من ولد أمي الزهراء البتولعليها‌السلام (٨) ، ومن صلب جدي الحسينعليه‌السلام (٩) ، أصغرنا سنا وأخملنا شخصا(١٠) ، وابن امة(١١) .

__________________

١ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ١٧٨ ـ ١٧٩ / ٢٢ ـ ٢٤ باب ١٠ ، ودلائل الإمامة : ٢٦١.

٢ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٣١ / ١٤ باب ١٣.

٣ ـ الأصول الستة عشر : ٦٣ ، وروضة الكافي ٨ : ٣٢٤ / ٥٩٧ ، ورجال الكشي : ٢١٧ / ٣٩٠ ، وتفسير فرات الكوفي : ٤٤ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ٢٣٨ ـ ٢٣٩ / ٣٠ باب ١٣ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٨٢.

٤ ـ سنن الدار قطني ٢ : ٦٥ / ١٠ ، والتذكرة في أحوال الموتى والآخرة / القرطبي ٢ : ٧٠٣ ، وبصائر الدرجات : ٢٤ / ١٧ باب ١١ ، وإكمال الدين ٢ : ٦٥٣ / ١٨ باب ٥٧.

٥ ـ أصول الكافي ١ : ٢٣١ / ١ باب ما عند الآئمة من آيات الأنبياءعليهم‌السلام من كتاب الحجة ، وعلل الشرائع : ١٦١ / ٣ باب ١٢٩ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ٢٨٣ / ١ باب ١٥ ، و : ٣٢٠ / ١ باب ٢٢ ، ودلائل الإمامة : ٢٤١ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٨٣.

٦ ـ دلائل الإمامة : ٢٤٩ ، والخرائج والجرائح ٢ : ؛ ٨٦٢ / ٧٨ باب ٢٠.

٧ ـ علل الشرائع : ١٦٠ / ١ باب ١٢٩ ، ودلائل الإمامة : ٢٣٩.

٨ ـ عقد الدرر / المقدسي الشافعي : ١١٠ باب ٤ فصل ٣ ، وروضة الكافي ٨ : ١٧٨ / ٢٥٥ ، والإرشاد ٢ : ٣٧٠ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ١١٤ و ٢٦٥ ، وكشف الغمة / الإربلي ٣ : ٢٤٨ ، والخرائج والجرائح ٣ : ١١٥٧باب ٢٠.

٩ ـ ألاصول الستة عشر : ٧٩ ، والإرشاد ٢ : ٣٤٧.

١٠ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ١٨٤ / ٣٥ باب ١٠ ، ودلائل الإمامة : ٢٥٨.

١١ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ١٦٣ / ٣ باب ١٠.

١٩٥

تخفى على الناس ولادته(١) ، وتمتحن بذلك شيعته(٢) ، ومن الناس من ينكر ولادته(٣) ، ومنهم من يقول : مات أو هلك ، في أي واد سلك!(٤) ، وإنه لمن أهل بيتي(٥) ، وهوالسابع من ولدي(٦) ، نحن الأئمة الأوصياء(٧) ، كعدّة نقباء بني إسرائيل اثني عشر أوصياء ، تسعة من ولد الحسينعليه‌السلام ، تاسعهم قائمهم(٨) ، مع تفصيل اسمائهمعليهم‌السلام (٩) ، ولعن أول من ظلم حقهم وآخر تابع له على ذلك(١٠) ، وإنه لابدّ من غيبته(١١) ، في سنة مئتين

__________________

١ ـ أصول الكافي ١ : ٣٤٢ / ١٦ باب في الغيبة ، من كتاب الحجة ، وإثبات الوصية : ٢٢٢ ـ ٢٢٣ وإكمال الدين ١ : ٣٢٥ / ٢ باب ٣٢ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٦٧ / ٧ باب ١٠ ، و : ١٦٩ / ١٠ باب ١٠ ، و : ٢٢٨ / ٣ و ٩ باب ١٣.

٢ ـ أصول الكافي ١ : ٣٧٠ / ٥ باب التمحيص والامتحان ، من كتاب الحجة ، وكتاب الغيبة/ النعماني : ٢٠٨ ـ ٢٠٩ / ١٦ باب ١٢ ، و : ٢٥٠ / ٨ باب ١٢ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٦٠.

٣ ـ إكمال الدين ١ : ٣٢٧ / ٧ باب ٣٢.

٤ ـ إكمال الدين ١ : ٣٢٦ / ٥ باب ٣٢ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٥٤ / ١٢ باب ١٠.

٥ ـ تفسير العياشي ١ : ١٠٣ / ٣٠٢ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ٣٠٨ / ٣ باب ١٩.

٦ ـ كفاية الأثر في النص على الأئمة الإثني عشرعليهم‌السلام / الخزاز القمي : ٢٥٠.

٧ ـ إكمال الدين ١ : ٣٢٨ / ٨ باب ٣٢ ، والإرشاد ٢ : ٣٤٥.

٨ ـ كفاية الأثر : ٢٥٠ ، والإرشاد ٢ : ٣٤٥ ، و ٣٤٦ ، و ٣٤٧.

٩ ـ مهج الدعوات في منهج العبادات / السيد رضي الدين بن طاوس : ٣٣٤ ـ ٣٣٦ ، وجمال الإسبوع / السيد رضي الدين بن طاوس : ٤٥٤ ـ ٤٦٤.

١٠ ـ كامل الزيارات : ١٩٦ / ٧ باب ٧١.

١١ ـ أصول الكافي ١ : ٣٣٨ / ٨ باب في الغيبة ، من كتاب الحجة ، وإكمال الدين

١٩٦

وستين(١) استبقاء على مهجته(٢) .

لهفي عليه من شريد طريد ، وفريد وحيد ، موتور بأبيه(٣) ، ومطلوب تراثه(٤) .

له غيبتان : تطول الثانية منهما(٥) ، طوبى للمنتظرين له في غيبته(٦) ، والمتأهبين لنصرته(٧) ، الذين وثقوا بأنه لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد ، لطوّله الله تعالى ، حتى ترى ـ في آخر الزمان ـ طلعته(٨) . بعد فتن

__________________

١ : ٣٢٩ ـ ٣٣٠ / ١٣ و ١٥ باب ٢٢ ، و ٢ : ٤٥١ / ٨ باب ٤٤ ، وعلل الشرائع ١ : ٢٤٦ / ٩ باب ١٧٩ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٤٥ / ١٢ ، و : ١٥٦ / ١٧ ، و : ١٧٣ / ٨ ، و : ١٧٦ ـ ١٧٧ / ١٨ ، و ٢٠ ، و : ١٩٢ / ٤ ( كلها في الباب / ١٠ ).

١ ـ أصول الكافي ١ : ٣٤١ / ٢٢ و ٢٣ باب في الغيبة ، من كتاب الحجة.

٢ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ١٧٦ / ١٨ ، و ١٩ باب ١٠.

٣ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ١٧٨ / ٢٢ باب ١٠.

٤ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ١٧٧ / ٢٠ باب ١٠.

٥ ـ كتاب المشيخة / الحسن بن محبوب ، كما في أعلام الورى للطبرسي : ٤١٦ باب ٣ ، فصل ١ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ١٧١ ـ ١٧٣ / ٣ و ٧ و ٨ باب ١٠.

٦ ـ الأصول الستة عشر : ٧١ ، وأصول الكافي ١ : ٣٧٢ / ٦ باب أنه من عرف إمامه لم يضرّه تقدم هذا الأمر أو تأخّر ، من كتاب الحجة ، و ٢ : ٢١ ـ ٢٣ / ١٠ و ١٣ باب دعائم الإسلام ، من كتاب الإيمان والكفر ، إكمال الدين ٢ : ٣٤٦ / ٣٢ باب ٣٣ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٠٣ ، وأمالي الشيخ الطوسي ١ : ٢٣٦ ـ ٢٣٧.

٧ ـ المحاسن / البرقي : ١٧٣ / ١٤٨ باب ٣٨ ، وروضة الكافي ٨ : ٦٧ ـ ٦٨ / ٣٧ ، وإكمال الدين٢ : ٦٤٤ / ٢ باب ٥٥.

٨ ـ السنن الواردة في الفتن / أبو عمرو الداني : ١٦١ ـ ١٦٢ ، وعقد الدرر / المقدسي

١٩٧

وعلامات كثيرة ، ككسوف الشمس وخسوف القمر(١) ، وخسف بالبيداء(٢) ، والصيحة في شهر رمضان(٣) وفتنة السفياني(٤) ، وقتل النفس الزكيّة(٥) ، وخروج الدجال(٦) ، ومدد المشرق المُوَطِئ لدولته(٧) ، وهتاف السماء : أن الحق مع آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٨) ، وندائها باسم المهدي واسم أبيه(٩) ، وحتى يسمعه أهل المشرق والمغرب(١٠) .

__________________

الشافعي : ٦١ باب ٤ فصل ١ ، والحاوي للفتاوى / السيوطي ٢ : ٨١ ، والبرهان في علامات مهدي آخر الزمان / المتقي الهندي : ١٠٤ / ٧ باب ٤ فصل ١.

١ ـ روضة الكافي ٨ : ١٧٩ ـ ١٨٠ / ٢٥٨ ، وإكمال الدين ٢ : ٦٥٥ / ٢٥ باب ٧٥ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ٢٧١ / ٤٥ و ٤٦ باب ١٤ ، والإرشاد ٢ : ٣٧٤.

٢ ـ كتاب الفتن / نعيم بن حماد : ٩٠ و ٩٥ ، وعقد الدرر : ٨٤ باب ٤ فصل ٢ ، والإرشاد ٢ : ٣٧٢.

٣ ـ كتاب الغبية / النعماني : ٢٥٣ / ١٣ باب ١٤.

٤ ـ الإرشاد ٢ : ٣٧١ و ٣٧٣ و ٣٧٤.

٥ ـ اكمال الدين ٢ : ٦٥٢ / ١٤ باب ٥٧ ، والإرشاد ٢ : ٣٧١ و ٣٧٤ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٦٦ ـ ٢٦٧ ، وكشف الغمّة ٣ : ٢٤٩ ، والخرائج الجرائح : ٢٨٦ ، وإعلام الورى : ١٢٦ باب ٤ فصل ١.

٦ ـ بصائر الدرجات : ١٤١ / ٧ باب ١١.

٧ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٥٣ / ١٣ باب ١٤.

٨ ـ كتاب الفتن / ابن حماد ٩٢ ، والحاوي للفتاوى ٢ : ٧٥ ، والإرشاد ٢ : ٣٧١ ، و ٣٧٢.

٩ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٤٦ / ٢٧ باب ١٤ ، و : ٢٧٩ / ٦٥ باب ١٤ ، والخرائج والجرائح ٣ : ١١٦٠ باب ٢٠ ، وكتاب الغيبة للسيد على بن عبد الحميد على ما في بحار الأنوار / العلامة المجلسي ٥٢ : ٣٠٥ / ٧٨ باب ٥٦.

١٠ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٥٧ / ١٤ باب ١٤.

١٩٨

وهكذا الى أن يَمُنَّ الله تعالى بظهوره ، وتكون في البيت العتيق ـ بين الركن والمقام ـ بيعته(١) ، وسيخطب في كعبته(٢) . معه عدّة أهل بدر من أصحابه(٣) ما اجلّ صفاتهم(٤) ، وأعظم شجاعتهم(٥) .

عنده عصا موسى لتلقف ما يأفكون(٦) ، وحجره المبارك الميمون(٧) ، وخاتم سليمان(٨) ، وسلاح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورايته(٩) ، وعهده(١٠) ، ومواريثه(١١) ، وكتب سيد الأوصياء أمير المؤمنينعليه‌السلام (١٢) .

__________________

١ ـ الاصول الستة عشر : ٧٩ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ٢٦٢ / ٢٢ باب ١٤ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٨٤.

٢ ـ كتاب الفتن /ابن حماد : ٩٥ ، وعقد الدرر : ١٤٥ باب ٧.

٣ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٣١٥ / ٨ و ٩ باب ٢٠.

٤ ـ إكمال الدين ٢ : ٦٧٣ / ٢٥ باب ٥٨.

٥ ـ حلية الأولياء / أبو نعيم الاصبهاني ٣ : ١٨٤ ، وينابيع المودّة / القندوزي : ٤٤٨ باب ٧٩.

٦ ـ بصائر الدرجات : ١٨٣ ـ ١٨٤ / ٣٦ باب ٤ ، وأصول الكافي ١ : ٢٣١ / ١ باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياءعليهم‌السلام من كتاب الحجة ، وإكمال الدين ٢ : ٦٧٣ ـ ٦٧٤ / ٢٧ باب ٥٨ ، والاختصاص : ٢٦٩.

٧ ـ بصائرالدرجات : ١٨٨ / ٥٤ باب ٤ ، و أصول الكافي ١ : ٢٣١ / ٣ من الباب السابق وإكمال الدين ٢ : ٦٧٠ / ١٧ باب ٥٨.

٨ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٣٨ / ٢٨ باب ١٣.

٩ ـ الأصول الستة عشر : ٧٩.

١٠ ـ كتاب الغيبة للسيد علي بن عبد الحميد على ما في البحار ٥٢ : ٣٠٥ / ٧٨ باب ٢٦.

١١ ـ الأصول الستة عشر : ٧٩.

١٢ ـ بصائر الدرجات : ١٦٢/ ٢ باب ١.

١٩٩

تنصره ملائكة بدر الكبرى في حروبه(١) ، وينزل عيسى بن مريم فيصلي خلفه(٢) ، ويفتح الله على يده مشارق الأرض ومغاربها ، فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا(٣) .

لا يرحم في سيرته أعداءَه(٤) ، ولكن ما أجمل عدله(٥) ، وقضائه(٦) ، وما أكثر عطائه(٧) ، لا تخشى رعيّته فقرا والرخاء العميم في دولته(٨) ، ولا كفرا ؛ إذ سيجدد الاسلام بعد غربته(٩) ، وينشره حتى لا يرى ـ على وجه الأرض ـ دين غيره(١٠) ، وسيدعو الخلق الى كتاب الله وسنة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

__________________

١ ـ تفسير العياشي ١ : ١٩٧ / ١٣٨ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٨٤.

٢ ـ تفسير فرات الكوفي : ٤٤ ، وإكمال الدين ١ : ٣٣١ ـ ٣٣٢ / ١٧ باب ٣٢.

٣ ـ من لا يحضره الفقيه / الشيخ الصدوق ١ : ٢٣٤ / ٧٠٦ ، والإرشاد ٢ : ٣٨٥ ، وكتاب الغيبة للسيد علي بن عبد الحميد على ما في البحار الأنوار ٥٢ : ٣٩٠ / ٢١٢ باب ٢٧.

٤ ـ كتاب الغيبة : النعماني : ٢٣١ / ١٤ باب ١٣ ، و : ٢٣٣ / ١٨ باب ١٣ والإرشاد ٢ : ٣٨٤.

٥ ـ من لايحضره الفقيه ١ : ٣٣٤/٧٠٦ ، والإرشاد ٢ : ٣٨٥.

٦ ـ كتاب الغيبة للسيد على بن عبد الحميد على ما في بحار الأنوار ٥٢ : ٣٨٩ / ٢٠٧ باب ٢٧.

٧ ـ علل الشرائع : ١٦١ / ٣ باب ١٢٩ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ٢٣٧ / ٢٦ باب ١٣.

٨ ـ كتاب الغيبة/ النعماني : ٢٣٨ ـ ٢٣٩ / ٣٠ باب ١٣ ، كتاب الغيبة للسيد على ابن عبد الحميد على ما في بحار الأنوار ٥٢ : ٣٩٠ / ٢١٢ باب ٢٧.

٩ ـ كتاب الغيبة للسيد علي بن عبد الحميد على ما في بحار الأنوار ٥٢ : ٣٩٠ / ٢١٢ باب ٢٧.

١٠ ـ دلائل الإمامة : ٢٤١ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٨٣.

٢٠٠

والولاية لأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام والبراءة من أعدائه(١) ، وأول ما يزور من العراق النجف(٢) ، ثم يجعل الكوفة عاصمته ، ويختار فيها منزله(٣) ، ومن أدركه فليسلم عليه بقوله : « السّلام عليكم يا أهل بيت النبوّة ، ومعدن العلم ، وموضع الرسالة »(٤) .

وهذا غيض ، من فيض ، إغترفتاه على عجّل من بحر الإمام الباقرعليه‌السلام وحده ، لخّصنا فيه مضامين بعض أحاديثه الشريفة في الإمام المهديعليه‌السلام وما تركناه أكثر وأكثر.

وقد توزع ما ذكرناه على خمسين رجلا من أصحابهعليه‌السلام ، وهم :

١ ـ أبو ايوب المخزومي ، ٢ ـ أبو بصير ، ٣ ـ أبو بكر الحضرمي ، ٤ ـ أبو الجارود ، ٥ ـ أبو حمزة الثمالى ، ٦ ـ أبو خالد الكابلي ، ٧ ـ أبو عبيدة الحذاء ، ٨ ـ ابو مريم عبد الغفار بن القاسم ، ٩ ـ أحمد بن عمر ،

__________________

١ ـ كتاب الغيبة للسيد على بن عبد الحميد على ما في بحار المنوار ٥٢ : ٣٠٨ / ٨٣ باب ٢٦.

٢ ـ بصائر الدرجات : ١٨٨ / ٥٤ باب ٤ ، وأصول الكافي ١ : ٢٣١ / ٣ باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياءعليهم‌السلام ، من كتاب الحجة ، وتفسير العياشي ١ : ١٠٣ / ٣٠٢ ، وإكمال الدين ٢ : ٦٧٠ / ١٧ باب ٥٨ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ٢٣٨ / ٢٨ باب ١٣ ، و : ٣٠٨ / ٣ باب ١٩ ، والإرشاد ٢ : ٣٧٩ ـ ٣٨٠.

٣ ـ كامل الزيارات : ٣٠ / ١١ باب ٨ ، والإرشاد ٢ : ٣٧٩ ـ ٣٨٠ ، وتهذيب الاخبار / الشيخ الطوسي ٦ : ٣١ / ١ باب ١٠ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٧٥ و ٢٨٠.

٤ ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٨٢ ، ونحوه في إكمال الدين ٢ : ٦٥٣ / ١٨ باب ٥٧.

٢٠١

١٠ ـ إسماعيل الجعفي ، ١١ ـ بدر بن الخليل الازدي ، ١٢ ـ بريد العجلي ، ١٣ ـ بشير بن أبي أراكه النبال ، ١٤ ـ بكير بن أعين ، ١٥ ـ ثابت بن عمرو ، ١٦ ـ جابر الجعفي ، ١٧ ـ حصين الثعلبي ، ١٨ ـ حمران بن أعين ، ١٩ ـ زرارة بن أعين ، ٢٠ ـ زيد الكناسي ، ٢١ ـ سالم الأشل ، ٢٢ ـ سلام ابن أبي عميرة ، ٢٣ ـ سلام بن المستنير ، ٢٤ ـ سليمان بن الحسن ، ٢٥ ـ سليمان بن خالد ، ٢٦ ـ سيف بن عميرة ، ٢٧ ـ شرحبيل ، ٢٨ ـ صالح ابن ميثم ٢٩ ـ ضريس ، بن عبد الملك الكناسي ، ٣٠ ـ عبد الله بن أبي يعفور ، ٣١ ـ عبد الله بن حماد الأنصاري ، ٣٢ ـ عبد الله بن عطاء ، ٣٣ ـ عبد الحميد الواسطي ، ٣٤ ـ عبدالرحيم القصير ، ٣٥ ـ عبد الملك بن أعين ، ٣٦ ـ علقمة بن محمد الحضرمي ، ٣٧ ـ عمار الدهني ، ٣٨ ـ عمرو ابن عبد الله بن هند الجملي ، ٣٩ ـ مالك الجهني ، ٤٠ ـ محمد بن علي السلمي ، ٤١ ـ محمد بن فضل ، ٤٢ ـ محمد بن مسلم الثقفي ، ٤٣ ـ معروف ابن خربوذ ، ٤٤ ـ منصور الصيقل ، ٤٥ ـ ميمون البان ، ٤٦ ـ ناجية القطان ، ٤٧ ـ هارون بن هلال ، ٤٨ ـ يحيى بن أبي العلاء ، ٤٩ ـ يحيى بن سابق ، ٥٠ ـ يحيى بن سالم.

وبهذا يتبين لك مذهب الإمام الباقرعليه‌السلام في الإمام المهديعليه‌السلام ، وبه تتضح قيمة ما رواه ابن سعد في طبقاته أولا ، وما أخرجه ابن عساكر ثانيا ، من إكذوبتين ما أنزل الله بهما من سلطان.

على أن مسلمة بن أبي سعيد الذي روى عنه ابن سعد ، لا خير فيه عندهم ، وأهمله أكثرهم.

٢٠٢

ومولى هند بنت أسماء الذي أخرج له ابن عساكر ، لا عين له ولا أثر في مصادرهم ، فهو نكرة مهمل غارق في الاهمال.

ونكتفي بهذا القدر في ابطال ما نسبوه إلى الإمام الباقرعليه‌السلام لنرى الاقوال الواردة في تعزيز القول بمهدوية عمر بن عبد العزيز ، وقد نسبت إلى بعض التابعين وغيرهم ، ولم يثبت معظمها ، لضعف رواتها :

رابعا ـ الأقوال الواردة في مهدوية عمر بن عبد العزيز :

ومن الأقوال الواردة في مهدوية عمر بن العزيز الأموي المرواني :

١ ـ قول الحسن البصري : « ما أرى مهديا فهو عمر بن عبد العزيز »(١) .

وقوله : « إن كان مهدي فعمر بن عبد العزيز ، وإلاّ فلا مهدي إلاّ عيسى ابن مريمعليه‌السلام »(٢) .

٢ ـ قول أبي قلابة : « عمر بن عبد العزيز هو المهدي حقا »(٣) .

٣ ـ قول قتادة : « كان يُقال المهدي ابن أربعين سنة ، يعمل بأعمال بني إسرائيل ، فإن لم يكن عمر فلا أدري من هو؟ »(٤) .

__________________

١ ـ الملاحم والفتن / ابن حماد : ٢٦٤ / ١٠٣٩.

٢ ـ حلية الأولياء ٥ : ٢٥٧ / ٣٣١ ، وتاريخ دمشق ٤٥ : ١٨٦ / ٥٢٤٢.

٣ ـ الملاحم والفتن / ابن حماد : ٢٦٤ / ١٠٣٨.

٤ ـ السنن الواردة في الفتن / أبو عمرو الداني ٥ : ١٠٧٤ / ٥٨٨ ، وتاريخ دمشق ٤٥ : ١٨٦ ـ ١٨٧ / ٥٢٤٢.

٢٠٣

٤ ـ قول وهب بن منبّه : « إن كان في هذه الأمة مهدي فهو عمر بن عبد العزيز »(١) .

وقال ابن كثير في البداية والنهاية بعدما أورد قول وهب بن منبّه : « ونحو هذا قال قتادة وسعيد بن المسيب وغير واحد »(٢) .

٥ ـ قول سعيد بن المسيب لرجل سأله : من المهدي؟ فقال : « عمر بن عبد العزيز هو المهدي »(٣) .

خامسا ـ من ردَّ هذه الأقوال ورفضها من العامة :

رفض طاوس كل هذه الأقوال حين سأله إبراهيم بن ميسرة ، قال : « قلت لطاوس : عمر بن عبد العزيز المهدي؟ قال : قد كان مهديا وليس به ، إنّ المهدي إذا كان زيد المحسن في إحسانه وتيب عن المسيء من إساءته ، وهو يبذل المال ، ويشتدّ على العمال ، ويرحم المساكين »(٤) .

ورواه ابن حماد من طريق آخر بلفظ : « قلت لطاوس : عمر بن عبد العزيز المهدي؟ قال : لم ، إنه لا يستكمل العدل كله »(٥) .

__________________

١ ـ حلية الأولياء ٥ : ٢٥٤ / ٣٣١ ، وتاريخ دمشق ٤٥ : ١٨٧ / ٥٢٤٢.

٢ ـ البداية والنهاية / ابن كثير ٩ : ٢٢٥ في حوادث سنة ١٠١ / هـ في ترجمة عمر بن عبد العزيز ، فصل ( وقد كان منتظرا فيما يؤثر من الأخبار )!

٣ ـ الطبقات الكبرى / ابن سعد ٥ : ٣٣٣ ، وتاريخ دمشق ٤٥ : ١٨٨ / ٥٢٤٢.

٤ ـ المصنّف / ابن أبي شيبة ٨ : ٦٧٩ / ١٩٨ ، والملاحم والفتن / ابن حماد : ٢٥٣ / ٩٨٩.

٥ ـ الملاحم والفتن / ابن حماد : ٢٥٢ / ٩٨٧.

٢٠٤

وعلّق عليه السمهودي بقوله : « أي : بل هو مهدي من جملة المهديين غير الموعود به في آخر الزمان ، قال أحمد ـ في إحدى الروايتين عنه ـ وغيره : عمر بن عبد العزيز متّهم »(١) .

ومن الواضح إمكان إضافة العشرات من علماء العامة إلى قائمة تكذيب القول بمهدوية عمر بن عبد العزيز ، وهم من رووا أحاديث المهديعليه‌السلام في تلك الفترة ، وما أكثر هم ، بل لا يوجد من العامة ولا من غيرهم ـ اليوم ـ من يقول البتّةَ بتلك المهدوية الزائفة التي انتهت بموته.

سادسا ـ المهدوية الأموية المروانية في الميزان :

إنّا لا نحتاج ـ في الواقع ـ إلى ما قاله طاوس وغيره في الردّ على مهدوية عمر بن عبد العزيز ؛ إذ لم تكن الأمة الإسلامية ـ في عصر الإمام الصادقعليه‌السلام ( ١١٤ ـ ١٤٨ هـ ) ـ بحاجة إلى من يبيّن لها زيف تلك الأقوال ووهنها ؛ لِعلم الأمة ـ حينئذٍ ـ بأن عمر بن عبد العزيز الأموي قد تولّى السلطة سنة / ٩٩ هـ ، ومات سنة / ١٠١ هـ ، وإنه جاء إليها بعهد من سليمان بن عبدالملكالأموي ( ٩٦ ـ ٩٩ هـ ) ، وقد بايع الأمويون لمن في كتاب العهد الذي كتبه سليمان بيده ثم ختمه ، ولم يفضّه أحد إلى من هلك هذا الطاغية سنة / ٩٩ هـ باتفاق المؤرخين.

ومع أن الأُمويين ليسوا من أهل الحل والعقد ، فهم لم يعرفوا لمن بايعوا إلاّ بعد هلاك سليمان!!

____________

١ ـ جواهر العقدين / السمهودي : ٣١١ ، القسم الثاني من الفصل الثالث.

٢٠٥

وقد كان (المهدي الأموي ) يعتقد بأن سليمان بن عبدالملك إمام مفروض الطاعة(١) ! في الوقت الذي وصفه الحديث بأنه ثاني الجبارين(٢) الأربعة من ولد عبد الملك بن مروان وأنَّ معاوية الوغد كان كذلك في عقيدته ، حتى أنه ما ضرب أحدا في سلطانه غير رجل واحد تناول من معاوية ، فضربه هذا ( المهدي ) ثلاثه اسواط!!(٣) .

ومن ثم سلمها ( مهدي الامويين ) ـ عند احتضاره ـ إلى الجبّار الثالث يزيد بن عبد الملك ( ١٠١ ـ ١٠٥ هـ ) ، وعلى وفق ما رسم له من قبل الجبّار الثاني سليمان ، وهكذا أبقاها عمر بن عبد العزيز في الشجرة الملعونة كعلامة فارقة من علامات ( عدله ) الذي اغترّ به الكثيرون.

نعم لم تكمن الأمة بحاجة إلى من يدلّها على زيف التاريخ الاموي ، وانحراف صانعيه وعتوهم وكفرهم ونفاقهم ، واستسلامهم لا إسلامهم منذ أن بزغ نجمهم على يد باغيتهم ، وانتهاء بقتل حمارهم وانقضاء دولتهم التي مزقت مثل الاسلام أي ممزق ، وعادت بالمجتمع الإسلامي إلى حضيض الجاهلية ، ونقضت الإسلام عروة فعروة. حتى صارت كلمة ( اموي )

____________

١ ـ منع عمر بن عبد العزيز مروان بن عبدالملك من الردّ على اخيه سليمان بن عبدالملك في كلام وقع بينهما ، قائلا له : إنّه إمامك!! راجع : تاريخ الخلفاء / السيوطي : ١٨١.

٢ ـ سليمان هذا أحد الجبابرة الأربعة من ولد عبد الملك بن مروان ، وهم : الوليد ، وسليمان ، ويزيد ، وهشام. وقد وصفهم الحديث بالجبابرة الأربعة. اخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١٩ : ٣٨٢ / ٨٩٧ ، فراجع.

٣ ـ تاريخ الخلفاء / السيوطي : ١٩٠.

٢٠٦

وحدها ، كافية على انحراف من تطلق عليه واستهتاره بكل القيم ، إلاّ من خرج بدليل منهم ، وقليل ما هم. فلا غرو إذن في أن تشمئز من ذكرها النفوس وتقشعر الابدان.

والنبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي بشّر بمهدي أهل البيتعليهم‌السلام حذّر أُمته من الامويين ، بأنهم ليسوا من خلفاء هذه الأمة ، وإنما هم من الملوك ، وأن ملكهم عضوض كسروي(١) .

وقد رآهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منامه ، وهم ينزون على منبره الشريف نزو القردة فساءه ذلك ، فما استجمع ضاحكا حتى فارق الحياةصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنزل الله تعالى في ذلك( وما جعلنا الرّويا الّتي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ) (٢) أي :بنو أميه (٣) .

____________

١ ـ كما في حديث سفينة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مسند أحمد ٦ : ٢٨٩ ـ ٢٩٠ / ٢١٤١٢ و ٢١٤١٦ و ٢١٤٢١ ، والطبعة القديمة ٥ : ٢٢٠ ـ ٢٢١ ، وسنن أبي داود ٤ : ٢١٠ / ٤٦٤٦ ـ ٤٦٤٧ ، باب الخلفاء من كتاب السنة ، ومستدرك الحاكم ٣ : ١٥٦ / ٤٦٩٧ والطبعة القديمة ٣ : ١٤٥ ، وحديث أبي هريرة في المستدرك ٣ : ٧٥ / ٤٤٤٠ ، والطبعة القديمة٣ : ٧٢.

٢ ـ سورة الإسراء : ١٧ / ٦٠.

٣ ـ راجع : الكشف والبيان ( تفسير الثعلبي ) ٦ : ١١١ ، والتفسير الكبير / الفخر الرازي مج ١٠ ج ٢٠ ص ٢٣٨ ، والدر المنثور / السيوطي ٥ : ٣١٠ ، وكذلك : تفسير القمي ١ : ٤١١ ـ ٤١٢ وتفسير العياشي ٣ : ٥٧ ـ ٥٨ / ٢٥٣٧ و ٢٥٣٩ و ٢٥٤٣ ، ومجمع البيان / الطبرسي ٦ : ٥٤٨ ؛ كلهم في تفسير الآية ( ٦٠ ) من سورة الإسراء. وقد روى ذلك الحاكم النيسابوري في مستدركه بسنده عن أبي هريرة

٢٠٧

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بني أميه : إنهم «يرودّون الناس عن الإسلام القهقرى » ، أو : « يردّون الناس على أعقابهم القهقرى »(١) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا بلغت بنو أميه أربعين رجلا اتّخذوا عبادالله خولا ، ومال الله نحلا ، وكتاب الله دغلا »(٢) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «هلاك هذه الأمة على يدى أغيلمة من قريش ».

أخرجه الحالم ثم قال : « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، ولهذا الحديث توابع وشواهد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصحّابته الطاهرين ، والأئمة من التابعين لم يسعني إلاّ ذكرها ، فذكرت بعض ما حضرني ، منها : »(٣) .

ثم ذكر جملة من تلك الأحاديث ، ولا بأس بالاشارة السريعة إليها وهي :

١ ـ حديث عبدالرحمن بن عوف قال : « كان لا يولد لأحد مولود إلاّ أتي به النيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فدعا له ، فأدخل عليه مروان بن الحكم [ جدّ عمر بن

____________

مرفوعا ، وقال : « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه » واعترف الذهبي في خلاصة المستدرك بأنه صحيح على شرط مسلم. راجع مستدرك الحاكم ٤ : ٥٢٧ / ٨٤٨١ ، والطبعة القديمة ( وبذيلها خلاصة الذهبي ) ٤ : ٤٨٠.

١ ـ روضة الكافي ٨ : ٢٨٥ / ٥٤٣ ، وتفسير العياشي ٣ : ٥٧ ـ ٥٨ / ١٥٤٠ و ١٥٤١ ، ونحوه في اصول الكافي ١ : ٤٢٦ / ٧٣ باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية ، من كتاب الحجة.

٢ ـ مستدرك الحاكم ٤ : ٥٢٥ ـ ٥٢٦ / ٨٤٧٥ ـ ٨٤٧٦ ، والطبعة القديمة ٤ : ٤٧٩.

٣ ـ مستدرك الحاكم ٤ : ٥٢٦/ ذيل الحديث رقم ٨٥٧٦ ، والطبعة القديمة ٤ : ٤٧٩.

٢٠٨

عبد العزيز ] فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «هو الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون ».

قال الحاكم : « هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه »(١) .

٢ ـ وحديث أبيذر ، قال : « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا ، اتّخذوا مال الله دولا ، وعبادالله خولا ، ودين الله دغلا ».

قال الحاكم : « هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه »(٢) ، وقد أخرج له الحاكم شاهدا من رواية أبي سعيد(٣) .

٣ ـ وحديث أبي برزة ، قال : «كان أبغض الأحياء إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بنو أُميه ، وبنو حنيفة ، وثقيف ».

قال الحاكم : « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه »(٤) .

٤ ـ وحديث محمد بن زياد ، قال : « لما بايع معاوية لابنه يزيد ، قال مروان : سُنَّة أبي بكر وعمر ، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر : سنة هر قل وقيصر ، فقال مروان : أنزل ألله فيك :( والّذي قال لوالديه أفٍّ لَكُمَا ) (٥) .

____________

١ ـ مستدرك الحاكم ٤ : ٥٢٦ / ٨٥٧٧ ، والطبعة القديمة ٤ : ٤٧٩.

٢ ـ مستدرك الحاكم ٤ : ٥٢٦ ـ ٥٢٧ / ٨٤٧٨ ، والطبعة القديمة ٤ : ٤٧٩ ـ ٤٨٠ ، وقد اعترف الذهبي بصحّته على شرط مسلم.

٣ ـ مستدرك الحاكم ٤ : ٥٢٧ / ٨٤٧٩ و ٨٤٨٠ ، والطبعة القديمة ٤ : ٤٨٠.

٤ ـ مستدرك الحاكم ٤ : ٥٢٨ / ٨٤٨٢ ، والطبعة القديمة ٤ : ٤٨٠ ـ ٤٨١ ، وقد اعترف الذهبي بصحته على شرط البخاري ومسلم معا.

٥ ـ سورة الأحقاف : ٤٦ / ١٧.

٢٠٩

قال فبلغ عائشة ، فقالت : كذب والله ما هو به ، ولكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعن أبا مروان ومروان في صلبه ، فمروان قصص من لعنة الله عزّوجلّ ».

قال الحاكم : « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه »(١) .

وقد أخرج الطبراني عن الإمام الحسن السبطعليه‌السلام قوله لمروان : «فوالله لقد لعنك الله على لسان نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنت في صلب أبيك »(٢) .

٥ ـ وحديث عمرو بن مرّة الجهني قال : « إن الحكم بن أبي العاص استأذن على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فعرف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صوته وكلامه ، فقال : إئذنوا له عليه لعنة الله وعلى من يخرج من صلبه إلاّ المؤمن منهم وقليل ما هم ، يشرفون في الدنيا ويضعون في الآخرة ، ذوو مكر وخديعة ، يعطون في الدنيا ، وما لهم في الآخرة من خَلاق ».

قال الحاكم : « هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وشاهده حديث عبد الله بن الزبير » ، ثم أورد حديث ابن الزبير وفيه : «إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعن الحكم وولده » وقال : « هذا الحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. »(٣) .

ومن مقارنة هذا الشاهد بحديث عمرو بن مرّة الجهني ، يتقوّى احتمال

____________

١ ـ مستدرك الحاكم ٤ : ٥٢٨ / ٨٤٨٣ ، والطبعة القديمة ٤ : ٤٨١.

٢ ـ المعجم الكبير / الطبراني ٣ : ٨٥ / ٢٧٤٠.

٣ ـ مستدرك الحاكم ٤ : ٥٢٨ ـ ٥٢٩ / ٨٤٨٥ ، والطبعة القديمة ٤ : ٤٨١ ـ ٤٨٢ ، وقال الحاكم في ذيل الحديث : « ليعلم طالب العلم إن هذا باب لم أذكر فيه ثلث ما روي ، وإن أول الفتن في هذه الأمة فتنتهم ، ولم يسعني فيما بيني وبين الله أن أخلى الكتاب من ذكرهم ».

٢١٠

زيادة عبارة ( إلاّ المؤمن منهم ، وقليل ما هم ) على حديث الجهني ، خصوصا ومن لعن بني أميه قاطبة قد صحّ من طرقنا ، فلاحظ.

هذا وقد روى الحاكم ـ في مكان آخر ـ عن أبي سعيد الخدري ، قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :إنّ أهل بيتي سيلقون من بعدي من امتي قتلا وتشريدا ، وإنّ أشدّ قومنا لنا بغضا : بنو أُمية ، وبنو المغيرة ، وبنو مخزوم ».

قال الحاكم : « هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه »(١) .

وحين أخذ مروان به الحكم أسيرا يوم الجمل ، وخلّى سبيله أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، فقيل له : « يبايعك يا أمير المؤمنين »؟ فقالعليه‌السلام : «أو لم يبايعتي بعد قتل عثمان؟ لا حاجة لي في بيعته ، إنها كفّ يهودية ، لو بايعني بكفّه لغدر بسُبّته ، أمٍا إنّ له إمرة كلعقة الكلب أنفه ، وهو أبو الأكبُش الأربعة [ يعني : الوليد ، وسليمان ، ويزيد ، وهشام ]وستلقى الأمة منه ومن وُلْدِهِ يوما أحمر »(٢) .

وقد وصف أمير المؤمنين علىعليه‌السلام فتنتهم بقولهعليه‌السلام :

« ألا وإن أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني أميه فانها فتنة عمياء مظلمة وأيم الله لتجدن بني أميه لكم أرباب سوء بعدي كالناب الضروس لا يزالون بكم حتى لا يتركوا منكم إلاّ نافعا لهم أو غير ضائرٍ بهم ، ولا يزال بلاؤهم عنكم حتى لا يكون انتصار أحدكم منهم إلاّ كانتصار العبد من ربّه ، والصاحب من مستصحبه ، ترد عليكم فتنتهم

____________

١ ـ مستدرك الحاكم ٤ : ٥٣٤ / ٨٥٠٠ ، والطبعة القديمة ٤ : ٤٨٧.

٢ ـ نهج البلاغة : ١٠٩ ، رقم / ٧٣ ، ( من كلام لهعليه‌السلام قاله لمروان بن الحكم بالبصرة ).

٢١١

شوهاء مخشيّة ، وقطعا جاهليّة ، ليس فيها منار هدى ، ولا علم يُرى »(١) .

ونتيجة لهذه الأحاديث وغيرها ممالم نذكره وهو كثير جدا في مثالب بني أميه جميعا ، صار العالمون بها ، والمطّلعون على سيرة بني أميه أول كافر بمهدوية عمر بن العزيز عند لحظة انطلاقتها من على أفواه الكذّابين والمجرمين.

جدير بالذكر من ابن المبارك ( ت / ١٨١ هـ ) ، وهو كما يقول المزي : « أحد الائمّة الأعلام ، وحفّاظ الإسلام »(٢) يرى أن معاوية ـ على جرائمة الكبرى ، وموبقاته التي لا أول لها ولا آخر ـ أفضل من عمر بن عبدالعزيز ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص الأُموي المرواني(٣) .

وكان هناك من : « يفسّق عمر بن عبد العزيز ، ويستهزئ به ، ويكفّره »(٤) .

فيكون عمر مع هذا هو المهدي؟!

سابعا ـ موقف الإمام الصادقعليه‌السلام من تلك المهدوية :

بعد اتضاح موقف القرآن الكريم ، والسنة النبوية المطهرة من الأمويين والمروانيين ، ودولتهم ( الشجرة الملعونة ) ، وما قاله أمير المؤمنينعليه‌السلام في

____________

١ ـ نهج البلاغة : ١٧٢ خطبة رقم / ٩٣ ( في التنبيه على فضله وعلمهعليه‌السلام ، مع بيان فتنة بني أميه وانحراف دولتهم ).

٢ ـ تهذيب الكمال ١٦ : ٦ / ٣٥٢٠.

٣ ـ راجع : الشريعة / الآجري ٣ : ٥٢٠ / ٢٠١٢. الأثر رقم / ٧١٣.

٤ ـ راجع : شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد المعتزلي ٢٠ : ٣٢.

٢١٢

فتنتهم وانحرافهم ؛ فماذا يتوقع بعد هذا إذن أن يقوله الإمام الصادقعليه‌السلام في تلك الدولة الخبيثة المنحرفة من رأسها إلى أساسها؟

روى سفيان بن عيينة عن الإمام الصادقعليه‌السلام بأن بني أميه لم يطلقوا تعليم الشرك للناس ؛ لكي إذا حملوهم عليه لم يعرفوه(١) .

وروى الحكم بن سالم ، عمّن حدّثه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : « إنّا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله ، قلنا : صدق الله ، وقالوا : كذب الله! قاتل أبو سفيان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقاتل معاوية بن أبي طالبعليه‌السلام ، وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علىعليه‌السلام ، والسفياني يقاتل القائمعليه‌السلام »(٢) .

واما من اغتر بماورد في سيرة عمر بن عبدالعزيز من رد المظالم وأشباهها كارجاع فدك إلى بني فاطمةعليها‌السلام ووصفهم له بالعدالة!!

فجوابه ما ذكرناه في أول رد هذه المقولة ، بأنه استلم السطلة من الشجرة الملعونة ، ومقتضى العدلّ من يتنحى عنها ولا يتقدم ـ بنص الحديث الصحيح ـ على قوم نهي من التقدم عليهم ، أو على الاقلّ أن يرجعها إليهم بعد وفاته لا أن يرجعها إلى تلك الشجرة الخبيثة التي اجتثت فما لها من قرار.

وما قيمة رد المظالم في قبال اغتصاب الحق الأكبر؟!

__________________

١ ـ أصول الكافي : ٢ : ٤١٥ ـ ٤١٦ / ١ ، كتاب الايمان والكفر.

٢ ـ معاني االأخبار / الصدوق : ٣٤٦ / ١ ، باب معنى قول الصادقعليه‌السلام ، إنّا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله عزّوجلّ.

٢١٣

سأل عبد الأعلى مولى آل سام أبا عبد الله الصادقعليه‌السلام بقوله : قلت له :( قل اللهمّ مالك الملك توتي الملك من ّتشاء وتنزع الملك ممن تشاءُ ) (١) أليس قد أتى الله عزّوجلّ بني أميه الملك؟

قالعليه‌السلام : ليس حيث تذهب إليه ، إن الله عزّوجلّ أتانا الملك وأخذته بنو أميه ، بمنزلة الرجل يكون له الثّوب فيأخذه الآخر ، فليس هو للذي أخذه »(٢) .

ومن هنا لم يتعرض إمامنا الصادقعليه‌السلام إلى إبطال مهدوية عمر بن عبد العزيز بصورة مباشرة ، لعلم الأمة كلها بذلك ، وإنما نبّه الأمة على جرائم بني أميه ، ولم يستثن أحدا منهم قط ، كما هو شأن الأحاديث السابقة في مثالبهم ، مبيناعليه‌السلام ما يكفي لدحض كل دعوى زائفة بهذا الشأن سواء التي عاصرها أو التي جائت بعد حين ، وذلك عن طريق تصريحه تارة بأن المهديعليه‌السلام لم يولد بعد ، وأخرى بأنه من ذريّة الحسينعليه‌السلام ، وثالثة ببيان هويته الكاملة كما لاحظنا ذلك في الفصول السابقة مما لم يبق ـ بهذا ـ مجالا لاستمرار أية حجة للتمسك بأمثال تلك الدعاوى الباطلة ، وغيرها من دعاوى المهدوية الزائفة كما سنرى.

__________________

١ ـ سورة آل عمران : ٣ / ٢٦.

٢ ـ روضة الكافي ٨ : ٢٢٢ / ٣٨٩.

٢١٤

الفصل الثالث

شبهة مهدوية محمد بن عبد الله الحسني

أولا ـ منشأ هذه الشبهة وتداعياتها :

اختلطت الأهداف الجهادية بالسياسة المحضة وراء انطلاق إشاعة مهدوية محمد بن عبد الله بن الحسن المحض ، بن الحسن السبطعليه‌السلام ، وذلك في اجتماع الأبواء في أواخر العصر الاموي ، و الذي ضمّ وجوه بني هاشم من الحسنيين والزيديين وبني العباس ، بهدف تنظيم صفوفهم ، والبيعة إلى واحد منهم ، ودعوة الناس إلى نصرنه ؛ للاطاحة بالحكم الأموي الذي أهلك الحرث والنسل ، وعاث في الأرض فسادا. وقد شجّعهم على ذلك الثورات العلوية السابقة المتلاحقة التي أنهكت حكم الطاغوت ، ولاح لهم في الأفق أنه بات يعدّ أيامه الأخيرة ؛ ليذهب وشيكا في مزابل التاريخ بلا رجعة.

وقد تمخّض اجتماع الهاشميين عن بيعتهم لمحمد بن عبد الله بن الحسن المحض ، ولقّب بالمهدي ؛ ليقوم بدور القائد الملبي لطموح الأمة في القضاء على البغي والعدوان ، وإشاعة العدلّ والمساواة وبين الناس. وقد اختاروا شعار « الرضا من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » لانطلق دعوتهم ؛ لأنه الشعار الذي

٢١٥

يضمن عدم استبداد أيّ من الهاشميين على حساب بني عمومتهم ، ويمثّل المساواة بين الاطراف المتنازعة على السلطة المرتقب ممن حضر اجتماع الأبواء.

ولكن سرعان ما التفّ العباسيون بدهاء على ثمار تلك الدعوة التي أتت أكلها بقتل مروان الحمار آخر طغاة الامويين سنة ( ١٣٢ / هـ ) فاستفردوا بالسلطة ، وصاروا حربا شعواء على العلويين بأشدّ أما كان عليه حالهم أيام دولة الطلقاء.

وهكذا تحقّقت نبوءة الإمام الصادقعليه‌السلام بشأن بني الحسن في ذلك الاجتماع كما سنرى ، إلاّ من القائد المنكوب محمد بن عبد الله لم يقدر على تحمّل الصدمة ، فاخذ يعدّ العدة في الخفاء للثار من العباسيين الذين استحوذوا على السلطة ونكثوا بيعته ، وبقي هكذا إلى أن استخلف المنصور الدوانيقي بعد هلاك أخيه السفاح ( ١٣٢ ـ ١٣٦ هـ ) ، فكان همّه معرفة أمر محمد وأخيه إبراهيم ابني عبد الله بن الحسن اللذين اختفايا عنه ، ولم يقف أحد من عيونه على أثر لهما في أي مكان ، وزاد من تخوّفه ان ابن عمّهما الحسن بن زيد بن الحسن قد حرّضه على محمد قائلا : « والله ما آمن وثوبه عليك ، فإنه لا ينام عنك » ولهذا كان موسى بن عبد الله بن الحسن يقول بعد ذلك : « اللهم اطلب الحسن بن زيد بدمائنا »(١) الأمر الذي حمل المنصور على سجن أبيه عبد الله بن الحسن وأخوته وأعمّامه وبني عمومته في المدينة المنورة عند مروره بها حاجا سنة ( ١٤٤ / هـ ) ، ثم ساقهم عند عودته من

__________________

١ ـ الكامل في الأثير / ابن الأثير ٥ : ١٣٧ ـ ١٣٨ في حوادث سنة / ١٤٤ هـ.

٢١٦

المدينة إلى الربذة مصفّدين بالأغلال ، ومنها إلى طوامير العراق في الهاشمية عاصمة أخيه السفّاح. وهنا اضطّر القائد المنكوب إلى ارسال أخيه إبراهيم إلى البصرة ، وعجّل هو بظهوره في المدينة ليختار الموت على الحياة ، ويلحق بموكب الشهداء من بني الحسن السبطعليه‌السلام .

وبهذا كانت نهايته صريعا على أحجار الزيت ، كما كانت نهاية أخيه إبراهيم بباخمرا ، وحينما أدركت فلول أنصارهما المنهزمة زيف تلك المهدوية ، وعلمت البقية الباقية من بني الحسن وغير هم صدق ما قاله الإمامعليه‌السلام من قبل في اجتماع الأبواء وغيره.

ترى ، فمن كان وراء إشاعة مهدوية محمد بن عبد الله الحسني التي جرّت الويلات على الحسنيين؟ حتى حمّ لنكبتهم الإمام الصادقعليه‌السلام زهاء عشرين يوما وخيف عليه(١) .

لا شكّ من وراءها اصناف من الناس اشتركت كلها في تلك الاشاعة ، ويأتي في طليعتهم عبد الله بن الحسن ، إذ كان يشيع بين آونة واخرى من ابنه محمد هو المهدي المبشّر بظهوره في آخر الزمان ، وهو الرجل الوحيد الذي جاءت به الرواية ، وكان يحلف بالله تعالى على ذلك!

قال ابن أخي الزهري : « تجالسنا بالمدينة أنا وعبد الله بن حسن ، فتذاكرنا المهدي ، فقال عبد الله بن حسن : المهدي من ولد الحسن بن على [عليهما‌السلام ] ، فقلت : يأبى ذلك علماء أهل بيتك. فقال عبد الله : المهدي والله

__________________

١ ـ اصول الكافي ١ : ٣٦١ / ١٧ ، باب ما يُفصل به بين دعوى المُحِقِّ والمُبطل في أمر الإمامة ، من كتاب الحجة.

٢١٧

من ولد الحسن بن على [عليهما‌السلام ] ، ثم من ولدي خاصة »(١) .

هذا فضلا عن اقواله الكثيرة الأخرى في مهدوية ابنه محمد(٢) ، وهكذا اغترّت العامة بكلامه ، وخدع حتى الفقهاء بها لمنزلة قائلها ، وفضله ، وشرفه ، ونسبه الكريم ؛ من أمثال الفقيه عبد الله بن جعفر بن عبدالرحمن بن المسوّر بن مخرمة الزهري ، الذي ندم على اعتقاده بمهدوية محمد هذا بعد مقتله ، حيث استدعاه جعفر بن سليمان العباسي والي المدينة وقال له : « ما حملك على الخروج مع محمد على ما أنت عليه من العلم والفقه؟ قال : ما خرجت معه وأنا أشك في أنه المهدي ؛ لما روي لنا في أمره ، فما زلت أرى أنه هو ، حتى رأيته مقتولا ، ولا اغتررت بأحد بعده »(٣) .

ولهذا قال الذهبي في ترجمة هذا الرجل : « له فضل ، وشرف ، ومروءة ، وله هفوة. نهض مع محمد بن عبد الله بن حسن وظنّه المهدي ثم أنه ندم فيما بعد ، وقال لا غرّني أحد بعده »(٥) .

وكذلك الحال مع الفقيه المدني محمد بن عجلان الذي « شبّه عليه وظن منه المهدي الذي جاءت به الرواية »(٥) .

__________________

١ ـ تهذيب الكمال ٢٥ : ٤٦٨ / ٥٣٣٨ في ترجمة محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى.

٢ ـ سنشير لها لاحقا في بيان دور الإمام الصادقعليه‌السلام في إبطال تلك المهدوية ، فلاحظ.

٣ ـ مقاتل الطالبيين / أبو الفرج الأصبهاني : ٢٥٦.

٤ ـ سير أعلام النبلاء / الذهبي ٧ : ٣٢٩ / ١١٤.

٥ ـ مقاتل الطالبيين : ٢٥٤ ، وانظر : تاريخ الطبري ٧ : ٥٩٩ في حوادث سنة ١٤٥ هـ ، وتهذيب الكمال ٢٥ : ٤٦٩ / ٥٣٣٨.

٢١٨

كما خرج مع محمد : عبد الله بن يزيد بن هرمز الفقيه المدني المشهور(١) ، وعبد الحميد بن جعفر بن عبد الله بن الحكم الأنصاري ، وقال الذهبي : « وكان سفيان الثوري ينقم عليه خروجه مع محمد بن عبد الله بن الحسن. وكان من فقهاء المدينة »(٢) ، كما ان مالك بن أنس حين استُفتي في الخروج مع محمد بن عبد الله ، وقيل له : إن في أعناقنا بيعة لأبي جعفر؟ فقال : « إنما بايعتم مكرهين ، وليس على مكره يمين ، فأسرع الناس إلى محمد ولزم مالك بيته »(٣) ، كما كان أبو حنيفة يجاهر في أمر إبراهيم ، ويأمر بالخروج معه(٤) ، وكان شعبة بن الحجاج كذلك(٥) وهؤلاء الثلاثة : مالك ، وأبو حنيفة ، وشعبة لم يعتقدوا بمهدوية محمد ، وإلاّ لما اكتفوا بحدود الإفتاء كما هو ظاهر.

ومهما يكن ، فإن اعتقاد بعض الفقهاء بمهدويته ، وخروج بعضهم معه ، وافتاء آخرين لصالح دعوته ، كل ذلك أدّى إلى شيوع القول بمهدويته بين عامة الناس من أهل المدينة ، ويكفي أن انخدع أهل بيته الحسنيّون ، قال أبو الفرج : « وكان أهل بيته يسمّونه المهدي ، ويتصورون أنه الذي جاءت

__________________

١ ـ تاريخ الطبري ٧ : ٥٩٩.

٢ ـ سير أعلام النبلاء ٧ : ٢١ / ٤ ، في ترجمة عبد الحميد بن جعفر.

٣ ـ تاريخ الطبري ٧ : ٥٦٠ ، والكامل في التاريخ ٥ : ١٤٩ ، والبداية والنهاية / ابن كثير ١٠ : ٨٤ ؛ كلهم في حوادث سنة / ١٤٥ هـ ، وعمدة الطالب : ١٠٥ ، في اخبار محمد ذي النفس الزكية.

٤ ـ مرآة الجنان / اليافعي ١ : ٢٣٥ في حوادث سنة / ١٤٥ هـ.

٥ ـ المصابيح / أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني : ٤٥٣/ ٢٤.

٢١٩

فيه الرواية »(١) .

وأما عن انصاره ومؤيديه الذين لا حريجة لهم في الدين ، فقد ارتكبوا جريمة وضع الحديث في مهدويته! ولما كان محمد بن عبد الله الحسني تمتاما(٢) ، فقد وضعوا الحديث في اسمه واسم أبيه وصفته ، ورفعوه إلى أبي هريرة بأنه قال : « إن المهدي اسمه محمد بن عبد الله في لسانه رتَّةٌ »(٣) .

كما كان للشعراء الدور البارز في إشاعة مهدوية محمد بن عبد الله الحسني ، نظرا لدور الشعر الإعلامي البارز في ذلك الحين ، حيث اغتنموا الفرصة ، وأدلوا دلوهم ، وأشادوا بمهدويته وفي هذا الصدد قال مسلمة بن علي :

إن الذي يـروي الرواةُ لبيـِّنٌ

إذا ما ابن عبد الله فـيهم تجرّدا

له خاتـم لم يعطـه الله غـيره

وفيه علامات من البِرِّ والهُدى(٤)

يشير بهذا البيت إلى أن في كتف محمد بن عبد الله خالا ، وقد جاءت الرواية في صفة المهدي بأن له خالا ، فوافقت الصفة الموصوف!!

__________________

١ ـ مقاتل الطالبيين : ٢٠٧ ، والمصابيح : ٤٢٧ / ٩.

٢ ـ تاريخ الطبري ٧ : ٥٦٣ ، وعمدة الطالب في منساب آل أبي طالب / ابن عنبه : ١٠٣ ، في أخبار عبد الله المحض وعقبه.

٣ ـ مقاتل الطالبيين : ٢١٤.

٤ ـ المصابيح : ٤٣٧ / ١٣ ، وقد نسب أبو الفرج في المقاتل : ٢١٥ هذين البيتين إلى مسلمة بن أسلم الجهني.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325