غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام0%

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف: الإمامة
ISBN: 964-319-447-7
الصفحات: 325

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

مؤلف: السيد ثامر هاشم العميدي
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف:

ISBN: 964-319-447-7
الصفحات: 325
المشاهدات: 81122
تحميل: 3615

توضيحات:

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 325 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 81122 / تحميل: 3615
الحجم الحجم الحجم
غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
ISBN: 964-319-447-7
العربية

يا إبراهيم أما أنه صاحبك بعدي ، أما ليهلكن فيه أقوام ويسعد آخرون ، فلعن الله قاتله ، وضاعف على روحه العذاب ، أما ليخرجن الله من صلبه خير أهل الأرض في زمانه ، سمي جدّه ، ووارث علمه ، وأحكامه ، وفضائله ، معدن الإمامة ، ورأس الحكمة »(١) .

وهذا الحديث صريح بهلاك الواقفية ، وفساد مقولتهم ، إذ تضمّن الإخبار عن ثلاثة أشياء كلها في الردّ على مقولتهم.

الأول : الإشارة إلى الواقفية انفسهم بقوله : ( ليهلكن فيه أقوام ) ؛ إذ ادّعوا حياته بعد وفاته وأنكروا إمامة الرضاعليه‌السلام .

الثاني : الإخبار بشهادته قتلا في سبيل الله مع لعن قاتله ، وهو هارون الرشيد لعنه الله تعالى.

الثالث : إن المهدي الموعود ليس هو الإمام الكاظمعليه‌السلام ، وإنّما هو من صلبه.

٣ ـ وفي حديث آخر عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : « يظهر صاحبنا وهو من صلب هذا ، وأومأ بيده إلى ولده موسىعليه‌السلام فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما ، وتصفوا له الدنيا »(٢) .

وهذا صريح بعدم مهدوية الإمام الكاظمعليه‌السلام ، وإن المهدي الموعود من ولدهعليهم‌السلام .

٤ ـ وسئل الإمام الصادقعليه‌السلام كما في حديث عبد الله بن أبي يعفور :

__________________

١ ـ إكمال الدين ١ : ٣٣٤ / ٥ باب ٣٣.

٢ ـ إكمال الدين ٢ : ٤٧٩ ـ ٤٨٠ / ا و ٥ باب ٤٤.

٢٨١

يا ابن رسو الله فمن المهدي من ولدك؟ قالعليه‌السلام : الخامس من ولد السابع يغيب عنكم شخصه الحديث »(١) .

وفي هذا الحديث تعريض بالواقفية التي ادّعت مهدويّة الإمام السابع من أئمة الاثني عشرعليهم‌السلام وهو الإمام الكاظمعليه‌السلام ، في حين منه الخامس من ولد السابع ، أي الإمام الحجة بن الحسن العسكريعليهما‌السلام .

ثالثا : دورهعليه‌السلام في تشخيص المهدويّات الباطلة كلها :

ليس من العسير على الأمة أن تدرك زيف دعاوى المهدوية الباطلة ، لا سيّما إذا كان الموصوف بها من غير ولد الزهراء البتولعليها‌السلام ، لعلم الأمة بمن المهدي الموعود بظهوره في آخر الزمان لا بدّ وأن يكون ـ على طبق ما أخبر به الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ من ولد فاطمةعليها‌السلام .

وأما لو ادّعيت المهدوية لواحد منهم ، كالإمام الصادقعليه‌السلام كما في قول الناوويسة ، والكاظمعليه‌السلام في قول الواقفية ، فالأمر مختلف هنا ؛ لأن من لا يؤمن بالنصّّ قد ينخدع بتلك الدعاوى ، كما رأينا انخداع فقهاء العامّة بدعوى مهدوية ( النفس الزكيّة ) لأنه من ّولد فاطمةعليها‌السلام إذ جدّه لابيه الإمام الحسن السبطعليه‌السلام ، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى فإنّ القواعد الشيعية لم تكن كلها عالمة بالمنصوص عليهم وإن كان متيقنة من وجود النصّ ، إذ ليس بمقدور الإمامعليه‌السلام إيصال صوته إلى تلك القواعد العريضة في ظلّ التطورات السياسية السريعة التي

__________________

١ ـ إكمال الدين ٢ : ٣٣٣ / ١ و ١٢ باب ٣٣.

٢٨٢

كانت تجري في الخطّ المعاكس لتيار أهل البيتعليهم‌السلام ، ومن هنا جاء التمسّك بمبدأ التقيّة والكتمان كما رأينا في الردّ على مهدوية المهدي العباسي.

وإنّما كان النصّ معروفا عند ثقات أصحاب الأئمةعليهم‌السلام وعند من أُخْبِرُوا بواسطتهم ، كما يظهر ذلك بوضوح من خلال متابعة النصوص الكثيرة الواصلة الينا.

وأما من لم يصله من ذلك شيئا فلا شكّ أنه عُرضَة للتصديق بمثل هذه الأقوال ، ولهذا نرى جملة من الشيعة قد صادقت على القول بمهدوية هذا الإمام أو ذاك ، حتى إذا ما تبيّن لها الصواب تراجعت بسرعة والتحقت بالحق وأهله ، الأمر الذي يفسّر لنا تلاشي تلك الفرق واندثارها بسرعة بعد نشأتها. في حين نرى الكثرة الكاثرة تقف ـ وبكلّ صلابة ـ موقف الرافض العنيد حيال تلك المهدويات ، مصرحة بوجود النص بالإمامة والمهدوية على شخص مسمى بعينه.

ولا شكّ أن الإمام الصادقعليه‌السلام كان يدرك هذا كله ، ومن هنا أرادعليه‌السلام تنبيه الأمة كلها على معرفة صدق دعوى هذه المهدوية أو تلك من كذبها ، وذلك من خلال تأكيد بعض الحقائق الإسلامية التي لا صلة لها بالنصّ ، ولكنها بذات الوقت ضوابط شرعية دقيقة لمعرفة الحقيقة المهدوية ، وهذا الاسلوب كفيل بأن يجعله في مأمن من مراقبة السلطة وملاحقتها مع تحقيق الغرض المطلوب ، بخلاف مالو نادى بالنصّ على كل من هبّ ودبّ.

ومن تلك الحقائق الإسلامية : علائم ظهور الإمام المهديعليه‌السلام

٢٨٣

وأوصاف دولته الكريمة ، وحال الإسلام في زمان ظهوره.

وإذا كانت قيادة تلك الدعاوى وقواعدها قد نسيت أو تناست تلك الحقائق بإشاعة دعاوى المهدوية الباطلة ، فما على الإمام إلاّ أن ينبّه على مثل ذلك الغلط الفاحش ؛ لأن تصدي الشريعة إلى بيان تلك الأمور ليس اعتباطا ، وإنّما عن حكمة بالغة ، وإذا ما عرفها المسلمون فلا شكّ أنهم سيكونون في مأمن من الإنزلاق وراء كل مهدوية باطلة في التاريخ.

ومن هنا رأى الإمام الصادقعليه‌السلام ـ وهو يعيش في خضم هذه المسألةـ من يعيد للذاكرة الإسلامية ما أغفلته من علائم ظهور الإمام المهديعليه‌السلام ؛ مضيفا إليها شيئا من صفات دولته الكريمة وحال الإسلام يومئذٍ ، بحيث لا يمكن لأحد رؤية شيءٍ منها في زمان أيّة مهدوية باطلة لا أصل لها ولا رصيد.

ولما كانت علائم ظهور الإمام المهديعليه‌السلام وصفات دولته الشريفة كثيرة جدا في آحاديث الإمام الصادقعليه‌السلام ، لذا سنكتفي منها بالإشارة الى المحتّم من تلك العلامات ، مع الاقتصار على اهم تلك الصفات ، وذلك في ثلاثة عناوين ، كالآتي :

بيان علامات ظهور الإمام المهديعليه‌السلام :

تقع علامات الظهور في قسمين : محتوم لابدّ من وقوعه ، وغير محتوم ؛ وسنكتفي بالأول ، كدليل صحيح على سبق دعوى المهدوية لكل تلك العلامات التي لم تقع إلى الآن ، ولابدّ من وقوعها في المستقبل إن عاجلا أو آجلا ، وفيما يأتي جملة من أحاديث الإمام الصادقعليه‌السلام الناطقة بتلك العلامات :

٢٨٤

١ ـ عن حمران بن أعين ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : « من المحتوم الذي لابدّ منه أن يكون قبل قبام القائم : خروج السفياني ، وخسف بالبيداء ، وقتل النفس الزكية ، والمنادي من السماء »(١) .

ونحوه ما رواه : أبو حمزة الثمالى(٢) ، ومحمد بن علي الحلبي(٣) ، ومحمد ابن الصامت(٤) ؛ كلهم ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام .

٢ ـ وعن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « النداء من المحتوم ، والسفياني من المحتوم واليماني من المحتوم ، وقتل النفس الزكيّة من المحتوم ، وكفّ تطلع من السماء من المحتوم. قال : وفزعة تطلع في شهر رمضان ، توقظ النائم ، وتفزع اليقظان ، وتخرج الفتاة من خدرها »(٥)

ومثله ماروا ابن أبي يعفور عن الإمام الصادقعليه‌السلام (٦) .

٣ ـ وعن عمر بن حنظلة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « خمس علامات قبل قيام القائم : الصيحة ، والسفياني ، والخسف وقتل النفس الزكية ، واليماني »(٧) .

__________________

١ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٦٤ / ٢٦ باب ١٤.

٢ ـ إكمال الدين ٢ : ٦٥٦ / ١٤ باب ٥٧.

٣ ـ روضة الكافي ٨ : ٢٥٨ / ٤٨٤.

٤ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٦٢ / ١١ باب ١٤.

٥ ـ كتاب غيبة / النعماني : ٢٥٢ / ١١ باب ١٤.

٦ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٥٧ ـ ٢٥٨ / ١٦ باب ١٤.

٧ ـ روضة الكافي ٨ : ٢٥٨ / ٤٨٣ ، وكتاب الغيبة / النعماني : ٢٥٢ / ٩ باب ١٤ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٤٣٦ / ٤٢٧ ، ودلائل الإمامة / الطبري : ٢٦١.

٢٨٥

ورواه ميمون البان ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام أيضا(١) .

وقد روى آخرون بعض هذه العلامات وغيرها ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، كما في رواية الحسن بن زياد الصيقل(٢) ، ورواية فضيل بن محمد بن راشد البجلي(٣) ، وأبراهيم(٤) ، والطيار(٥) ، وابي بصير(٦) ، ومحمد ابن مسلم(٧) ، وأبي حمزة الثمالى(٨) ، وبكر بن محمد الأزدي(٩) ، وصالح بن ميثم التمّار(١٠) ، وغيرهم(١١) .

المراد بقتل النفس الزكيّة كعلامة من علامات الظهور :

إنّ قتل النفس الزكيّة ـ كعلامة من علامات ظهور الإمام المهديعليه‌السلام ـ لا إشكال في صحته أصلا ؛ إذ ورد في روايات كثيرة على لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته الأطهارعليهم‌السلام ، لاسيمّا الإمام الصادقعليه‌السلام ، بحيث يُستغنى بكثرتها عن فحص أساتيدها ، فضلا عمّا فيها من الصحيح

__________________

١ ـ إكمال الدين ٢ : ٦٤٩ / ١ باب ٥٧ ، والخصال : ٣٠٣ / ٨٤ باب ٥.

٢ ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ١٧٧ ـ ١٣٤.

٣ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ٢٦٣ / ٢٣ باب ١٤.

٤ ـ تأويل الآيات / الأسترآبادي ٢ : ٥٤١ / ١٧.

٥ ـ روضة الكافي ٨ : ١٤٦ / ١٨١.

٦ ـ روضة الكافي ٨ : ٣١٢ / ٥٧٥ ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٤٥٢ / ٤٥٨

٧ ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي ٤٤٩ / ٤٥٢.

٨ ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٤٣٥ / ٤٢٥.

٩ ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٤٤٦ / ٤٤٣.

١٠ ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٤٤٥ / ٤٤٠.

١١ ـ راجع : كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٤٥٠ / ٤٥٣ ، و : ٤٥٤ / ٤٦١.

٢٨٦

وهو كثير. ولكن المهمّ هنا هو أن المراد بالنفس الزكيّة في هذه الرواية وغيرها ، ليس محمد بن عبد الله بن الحسن ، وإن تلقّب بهذا واشتهر به.

ولو قيل لمحمد نفسه : هل أنت النفس الزكيّة المشار له في الروايات؟ لما أجاب بغير ( لا ) قطعا ، وإلاّ لتنازل عن دعوى المهدوية لنفسه وحكم ببطلانها ؛ لوضوح أن النفس الزكيّة غير الإمام المهديعليه‌السلام .

ومن ثم فإن النفس الزكيّة في لسان جميع الروايات يُقتل في المسجد الحرام بين الركن والمقام وفي بعضها تحديد لزمان استشهاده في الخامس والعشرين من ذي الحجة الحرام ، قبل ظهور الإمام المهديعليه‌السلام بخمس عشرة ليلة(١) ، وفي بعض الروايات أن اسمه محمد بن الحسن(٢) ، وأين هذا من محمد بن عبد الله الحسني المقتول في المدينة المنورة في الرابع عشر من شهر رمضان المبارك سنة / ١٤٥ هـ بلا خلاف؟ فكيف يشتبه به أنه النفس الزكيّة واقعا إذن؟! على أنه لا مانع من توصيفه بهذا مع الالتفات إلى ما قدمناه.

وبهذا يتبين اشتباه أبي الفرج الأصبهاني بقوله في محمد بن عبد الله الحسني : « وكان أهل بيته يسمونه المهدي ، ويقدرون انه الذي جاءت فيه الرواية ، وكان علماء آل ابي طالب يرون فيه أنه النفس الزكيّة ، وأنّه المقتول بأحجار الزيت »(٣) .

ومورد اشتباهه في قوله : « وكان علماء آل أبي طالب يرون فيه منه

__________________

١ ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٤٤٥ / ٤٤٠.

٢ ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٤٦٤ / ٤٨٠.

٣ ـ مقاتل الطالبين : ٢٠٧.

٢٨٧

النفس الزكيّة »! يشير بهذا إلى الإمام الصادقعليه‌السلام الذي لم يرَ فيه ما قال ، وإنما ورد توصيفه بذلك في روايات الشيعة جريا على المتعارف المشهور ، كما هو الحال في وصفه بالمهدي الحسني الذي لايعبر عن إعتقاد بمهدويته.

بيان التطور العلمي في زمان الظهور :

ولعل أروع الأدلّة التي ساقها الإمام الصادقعليه‌السلام في باب تأكيده على كذب جميع دعاوى المهدوية السابقة ، إشاراتهعليه‌السلام إلى التطوّر العلمي الهائل ، والتقنيات العلمية التي ستكون في زمان ظهور الإمام المهديعليه‌السلام ، والتي كانت مفقودة في عصره وجلّ العصور اللاحقة تماما ، لدرجة كانت الإشارة لها في ذلك الحين مدعاة للتعجب ، ولولا الاعتقاد الراسخ بصدق قائلها ، لأعرض عنها المحدثون ولم يذكروا شيئا منها ؛ لعدم استيعاب عقلية ذلك العصر لها وتصورها ، ومن هذه الإشارات :

١ ـ عن عبد الله بن مسكان ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : « إن المؤمن في زمان القائم ، وهو بالمشرق ، ليرى أخاه الذي في المغرب ، وكذا الذي في المغرب يرى أخاه الذي في المشرق »(١) .

٢ ـ وعن أبي بصير ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : « إنه إذا تناهت الأمور إلى صاحب هذا الأمر ، رفع الله تبارك وتعالى له كل منخفض من الأرض ، وخفض له كل مرتفع منها ، حتى تكون الدنيا عنده بمنزلة راحته ، فأيكم لو كانت في راحته شعرة لم يبصرها؟ »(٢) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي ٥٢ : ٣٩١ / ٢١٣ باب ٢٧ ، نقله من كتاب الغيبة للسيد على بن عبد الحميد.

٢ ـ إكمال الدين ٢ : ٦٧٤ / ٢٩ باب ٥٨.

٢٨٨

٣ ـ وعن أبي الربيع الشامي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إن قائمنا إذا قام مدّ الله عزّوجلّ لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم ، [ لا ] يكون بيتهم وبين القائم بريد ، يكلمهم فيسمعون ، وينظرون اليه وهو في مكانه »(١) .

بيان سيادة الإسلام في زمان الظهور على كلِّ الأديان :

وهذا الدليل الذي أشار له القرآن الكريم ـ كما سيأتي ـ وصرح به الإمام الصادقعليه‌السلام ، هو الآخر من الأدلّة العظيمة على زيف دعاوى المهدوية الباطلة في التاريخ كادّعاء المنصور مهدوية ابنه ( المهدي العباسي ) ، وغيره ممن ادعوا لأنفسهم ، أو ادّعي لهم ذلك زورا وبطلانا.

وعدم تحقق هذا الدليل في سائر العصور الإسلامية أوضح من أن يحتاج إلى إثبات ، في حين وَعَدَ الله تبارك وتعالى بتحقّقه ، وجاءت الروايات على أنه لايكون ذلك إلاّ عند ظهور مهدي آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

١ ـ عن أبي بصير ، قال : « قال أبو عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزّوجلّ :( هُوَ الّذي أرسلَ رسولهُ بالهدَى وَدِينِ الحقِّ ليظهرَهُ على الدِّينِ كلِّهِ وَلَوْ كرهَ المشركونَ ) (٢) ؛ والله ما نزل تأويلها بعد ، ولاينزل تأويلها حتى يخرج القائمعليه‌السلام ، فإذا خرج القائم لم يبقَ كافر بالله العظيم ، ولا مشرك بالإمام إلاّ كره خروجه ، حتى أن لو كان كافرٌ أو مشركٌ في بطن صخرة ، لقالت : يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله »(٣) .

__________________

١ ـ روضة الكافي ٨ : ٢٤٠ ـ ٢٤١ / ٣٢٩.

٢ ـ سورة الصف : ٦١ / ٩.

٣ ـ إكمال الدين ٢ : ٦٧٠ / ١٦ باب ٥٨ ، وأخرجه في تأويل الآيات ٢ : ٦٨٨ / بطريق آخر عن أبي بصير ، عنهعليه‌السلام .

٢٨٩

وروى محمد بن الفضيل ، عن الإمام الكاظمعليه‌السلام نحوه(١) .

٢ ـ وعن رفاعة بن موسى قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول في قوله تعالى :( وله أسلمَ من في السموات والأرض طوعا وكرها ) (٢) : « إذا قام القائمعليه‌السلام لا تبقى أرض إلاّ نودي فيها بشهادة أن لا إله الا الله ، وأن محمدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(٣) .

وروى ابن بكير ، عن الإمام الكاظمعليه‌السلام نحوه(٤) .

٣ ـ وعن على بن عقبة ، عن أبيه ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، قال : « إذا قام القائمعليه‌السلام حكم بالعدل ، وارتفع في أيامه الجور ، وآمنت به السبل ، وأخرجت الأرض بركتها ، وردّ كل حقّ إلى اهله ، ولم يبقَ أهل دين حتى يظهروا الإسلام ، ويعترفوا بالإيمان »(٥) .

٤ ـ وعن زرارة ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، قال : « سُئل أبي عن قول الله تعالى :( وقاتلوا المشركيِنَ كافّةَ كما يقاتلونكم كافّة ) (٦) ، فقال : أنه لم يجيء تأويل هذه الآية ، ولو قد قام قائمنا بعد ، سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية ، وليبلغن دين محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما بلغ الليل حتى

__________________

١ ـ أصول الكافي ١ : ٤٣٢ / ٩١ باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية ، من كتاب الحجة.

٢ ـ سورة آل عمران : ٣ / ٨٣.

٣ ـ تفسير العياشي ١ : ١٨٣ / ٨١.

٤ ـ تفسير العياشي ١ : ١٨٣ / ٨٢.

٥ ـ الإرشاد : ٣٨٤ ـ ٣٨٥ ، وكشف الغمة ٣ : ٢٥٥.

٦ ـ سورة التوبة : ٩ / ٣٦.

٢٩٠

لا يكون شرك على وجه الأرض كما قال الله تعالى :( يعبدوننِي لاَ يشركونَ بِي شيئا ) (١) »(٢) .

٥ ـ وعن محمد بن حمران ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام . وكذلك : محمد ابن مسلم ، عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، قالا : « إن القائم منّا ، منصور بالرعب ، مؤيد بالنصر ، تطوى له الأرض ، وتظهر له الكنوز كلها ، ويظهر الله به دينه على الدين كله ولوكره المشركون ، ـ ثم ذكراعليهما‌السلام جملة من علامات الظهور وقالا : ـ فعند ذلك خروج قائمنا »(٣) .

٦ ـ وسأل المفضل بن عمر الإمام الصادقعليه‌السلام عن قول الله تعالى :( ليظهرهُ على الدّينِ كلِّهِ ) (٤) قائلا : ما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ظهر على الدين؟

فقالعليه‌السلام : « يا مفضل! لو كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ظهر على الدين كله ما كان مجوسية ، ولا نصرانية ، ولا يهودية ، ولا صابئة ، ولا فرقة ، ولا خلاف ، ولاشك ، ولاشرك ، ولا عبدة أصنام ، ولا أوثان ، ولا اللّات ، ولا العزّى ، ولا عبدة الشمس ، ولاعبدة القمر ، ولا النجوم ، ولا النار ، ولا الحجارة. وإنّما قوله :( ليظهره على الدّين كلّه ) في هذا اليوم وهذا المهدي وهذه الرجعة ، وهو قوله :( وقاتلوهم حتى لا تكونَ فتنةٌ و يكونَ الدينُ ُكُلّهُ

__________________

١ ـ سورة النور : ٢٤ / ٥٥

٢ ـ مجمع البيان / الطبرسي ٢ : ٥٤٣ ، وتفسير العياشي ٢ : ٥٦ / ٤٨.

٣ ـ اثبات الهداة / الحر العاملي ٣ : ٥٧٠ / ٦٨٦ باب ٣٢ فصل ٤٤ ، نقله من كتاب اثبات الرجعة للفضل بن شاذان.

٤ ـ سورة التوبة : ٩ / ٣٣.

٢٩١

لله ) (١) »(٢) .

ومن الواضح أن الدين الإسلامي في زمان تلك الدعاوى العريضة في التاريخ لم يتمكن من الظهور على عاصمة الدولة الإسلامية ؛ لفساد ( الخلفاء ) أنفسهم ، وفسقهم ، وشربهم الخمور علنا.

__________________

١ ـ سورة الانفال : ٨ / ٣٩.

٢ ـ الهداية الكبرى / الخصيبي : ٧٤ ـ ٨٢ ، ومختصر بصائر الدرجات لسعد بن عبد الله القمي / اختصره الشيخ حسن بن سليمان الحلي : ١٧٨ ـ ١٧٩.

٢٩٢

الفصل السادس

دور الإمام الصادقعليه‌السلام

في رد الشبهات الأخرى

ذكرنا في بداية دور الإمام الصادقعليه‌السلام في رد الشبهات ، أنه كان يتعمد أحيانا إلى إثارة ما سيقوله الناس بعد ولادة الإمام المهديعليه‌السلام وغيبته من شبهات ، ثم يتعرّض بذات الوقت إلى إجابتها ، وغالبا ما تكون إجابتهعليه‌السلام ببيان نظير الحالة المشتبه بها من القرآن الكريم.

صحيح أن الإمام الصادقعليه‌السلام لم يكن بحاجة إلى إثارة مثل هذه الأمور ، خصوصا وأنها لم تحصل في زمانه ، والذي دفعه إلى ذلك ، حرصه على مستقبل هذه العقيدة ، وعلى خط الإيمان الثابت بها ، وزرع الثقة العالية في النفوس من خلال الوقوف على إجابة تلك الأقوال قبل نشأتها.

وما هنا كان دورهعليه‌السلام في رد تلك الشبهات سابقا لزمانه بعشرات السنين ، وفي هذا السياق سنقتبس عنوان الشبهة وجوابها معا من كلام الإمام الصادقعليه‌السلام سواء كان في حديث او مقطع من حديث ، مع التذكير بثلاثه أمور :

أحدها : إن الإمام الصادقعليه‌السلام لم يكن بصدد مناقشة تلك الشبهات ، إذ لا يعرف لها قائل بزمانه ، وإنّما كانعليه‌السلام بصدد ما سيقال مستقبلا ،

٢٩٣

وتزييفه قبل حصوله على أرض الواقع ؛ لكي تعى الأمة ـ من جهة ـ صدق كل ما أخبر به أهل البيتعليهم‌السلام بشأن ولدهم المهديعليه‌السلام ، مع تنبيه القواعد الشيعية اللاحقة على سخافة تلك الشبهات تجاه عقيدتهم في المهديعليه‌السلام من جهة أخرى.

والآخر : اشتراك اهل البيتعليهم‌السلام جميعا في التنبيه على ما سيكون بعد ولادة الإمام المهديعليه‌السلام من أحداث وأقوال وشبهات ، وأن هنا لا تكاد تجد ـ في الوقت الراهن ـ مناقشة أية شبهة بهذا الخصوص لم تعتمد على ما ورد في ردّها من قبل أهل البيتعليهم‌السلام ، إلاّ نادرا.

والثالث : إن قوّة ما وصل إلينا من أدلّة وبراهين على صدق عقيدتنا بالإمام المهديعليه‌السلام ، أضحت كقوّة مشاهدتهعليه‌السلام عيانا ، وعاد إنكارها كإنكار الواقع المادي المحسوس!

ولايخفى بأن ، من جملة الواصل إلينا في ذلك هو أحاديث الإمام الصادقعليه‌السلام التي أخبرت عمّا سيقوله السفهاء في المهديعليه‌السلام مستقيلا ، وقدتحقّق إخباره على طبق ما أخبر بهعليه‌السلام ، ترى فكيف يصدّق العاقل بقول السفيه ، ويعرض عن قول الصادق المؤتمن؟! الأمر الذي يبرّر لنا اختصار الكلام في تلك الشبهات ما أمكن كالآتي :

أولا ـ شبهة طول العمر :

وجوابها في قول الإمام الصادقعليه‌السلام :

١ ـ إن في الإمام المهديعليه‌السلام : « سنة من نوح وهو طول عمره »(١) .

__________________

١ ـ الخرائج والجرائح ٢ : ٩٣٦ باب ١٧.

٢٩٤

٢ ـ وقولهعليه‌السلام : « والله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتى يظهر ، فيملأ ، الأرض قسطا وعدلا كما مُلئمت ظلما وجورا »(١) .

٣ ـ وقولهعليه‌السلام : « يمدّ الله لصاحب هذا الأمر كما مدّ لنوحعليه‌السلام في العمر »(٢) .

٤ ـ وقولهعليه‌السلام : « نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم وتأولت فيه مولد قائمنا وغيبته ، وابطاءه ، وطول عمره ، وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان ، وتولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته »(٣) .

٥ ـ وقولهعليه‌السلام « وما ينكرون لصاحب هذا الأمر؟ فان لصاحب الزمان شبها من موسى و رجوعه من غيبته بشرخ الشباب »(٤) .

٦ ـ وقولهعليه‌السلام : « لو قد قام قائمنا لأنكره الناس ـ يعني : معظمهم ـ لأنه يرجع إليهم شابا ، موفّقا لا يثبت عليه إلاّ من قد أخذ الله ميثاقه في الذرِّ الاوّل »(٥) .

لأنهم يحسبون أنهعليه‌السلام لو بقي حيّا في تلك الفترة الطوية لكان شيخا هرما كبيرا ، ويؤيّد هذا.

__________________

١ ـ إكمال الدين ٢ : ٣٤٢ / ٢٣ باب ٣٣.

٢ ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٤٢١ / ٤٠٠.

٣ ـ إكمال الدين ٢ : ٣٥٢ ـ ٣٥٧ / ٥٠ باب ٣٣.

٤ ـ منتخب الأنوار المضيئة : ١٨٨ فصل ١٢ ، وصححه.

٥ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ١٨٨ / ٤٣ باب ١٠ ، و : ٢١١ / ٢٠ باب ١٢.

٢٩٥

٧ ـ قولهعليه‌السلام : « وإن أعظم البليّة أن يخرج إليهم صاحبهم شابا وهم يحسبونه شيخا كبيرا »(١) أي : أن طول العمر.

٨ ـ وقولهعليه‌السلام في بيان وجه الشبه بين الإمام المهديعليه‌السلام ونبي الله نوح والخضرعليهم‌السلام :

« وأما إبطاء نوحعليه‌السلام فإنّه لما استنزل العقوبة ( من السماء ) بعث الله إليه جبرئيلعليه‌السلام معه سبع نويات فقال : يا نبيِّ الله إنّ الله جلّ اسمه يقول لك : إنّ هؤلاء خلائقي وعبادي لست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلاّ بعد تأكيد الدعوة ، وإلزام الحجة ، فعاود إجتهادك في الدعوة لقومك فإنّي مثيبك عليه ، واغرس هذا النوى ، فانّ لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا اثمرت الفرج والخلاص ، وبشّر بذلك من تبعك من المؤمنين.

فلما نبتت الأشجار وتأزّرت وتسوّقت واغصنت وزها الثمر عليها بعد زمان طويل استنجز من الله العدة فأمره الله تعالى أن يغرس من نوى تلك الاشجار ، ويعاود الصبر والاجتهاد ، ويؤكّد الحجة على قومه ، فأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به فارتدّ منهم ثلاثمائة رجل وقالوا : لو كان ما يدّعيه نوح حقا لما وقع في عدته خلف.

ثم إنّ الله تعالى لم يزل يأمره عند إدراكها كل مرَّة أن يغرس تارة بعد أُخرى إلى أن غرسها سبع مرّات ، وما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتدَّ منهم طائفة بعد طائفة إلى أن عادوا إلى نيّف وسبعين رجلا ،

__________________

١ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ١٨٩ / ذيل ح ٤٣ باب ١٠.

٢٩٦

فأوحى الله عزَّوجلَّ عند ذلك إليه وقال : الآن أسفر الصبح عن اللّيل لعينك حين صرّح الحق عن محضه وصفا الأمر للإيمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة وكذلك القائمعليه‌السلام فإنّه تمتدُّ غيبته ليصرِّح الحق عن محضه ، ويصفو الإيمان من الكدر بارتداد كلِّ من كانت طينته خيبثة من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسّوا بالاستخلاف والتمكين والامن المنتشر في عهد القائمعليه‌السلام وأما العبد الصالح ـ أعني الخضرعليه‌السلام ـ فإنّ الله تعالى ما طوّل عمره لنبوَّة قرَّرها له ولا لكتاب نزّل عليه ، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياءعليهم‌السلام ، ولا لإمامة يلزم عبادة الاقتداء بها ، و لا لطاعة يفرضها ، بلى إن الله تعالى لمّا كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائمعليه‌السلام في أيّام غيبته منا يقدّره ، وعلم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول ، طوّل عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك إلاّ لعلّة الاستدلال به على عمر القائمعليه‌السلام ، ليقطع بذلك حجة المعاندين لئلّا يكون للنّاس على الله حجة »(١) .

ثانيا ـ شبهة القول بعدم الولادة ، أو الوفاة بعد حصولها :

وأساس هذه الشبهة ما ذكره النوبختي والأشعري والشيخ المفيد وغيرهم من وجود بعض الإختلاف بين الناس بعد وفاة الإمام العسكريعليه‌السلام فمنهم من قال إن الإمام العسكريعليه‌السلام مات بلا عقب ، ومنهم من قال مات

__________________

١ ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ١٧٠ ـ ١٧٣ / ١٢٩ ، وإكمال الدين ٢ : ٣٥٢ / ٥٠ باب ٣٣.

٢٩٧

بعد ولادته ، ومنهم من قال ولد قبل وفاة أبيه بسنتين ، والجواب :

١ ـ قال الإمام الصادقعليه‌السلام : « أما والله ليغيبن إمامكم سنين من دهركم ، ولَتُمَحِّصُنَّ حتى يُقال : مات ، أو هلك ، بأي وادٍ سلك »(١) .

٢ ـ وفي الصحيح عنهعليه‌السلام قوله لزرارة في الإمام المهديعليه‌السلام : « يا زرارة وهو الذي يُشكّك في ولادته ، فمنهم من يقول : مات أبوه بلا خلف ، ومنهم من يقول : حمل ، ومنهم من يقول : غائب ، ومنهم من يقول : وُلِدَ قبل وفاة أبيه بسنتين ، وهو المنتظر غير أن الله يحبّ أن يمتحن قلوب الشيعة فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة »(٢) .

٣ ـ وقالعليه‌السلام : « أما إنّه لو قد قام ، لقال الناس : أنى يكون ذلك ، وقد بُليت عظامه منذ كذا وكذا!! »(٣) .

ويصب في الجواب أيضا أحاديث شك الناس بسبب خفاء الولادة ، وأحاديث التمحيص والاختبار وكثير غيرها أما ذكرناه في محله من هذا البحث.

٤ ـ وقولهعليه‌السلام في تشبيه غيبة الإمام المهديعليه‌السلام بغيبة النبي عيسىعليه‌السلام قال : « وأما غيبة عيسىعليه‌السلام فإنّ اليهود والنصارى اتّفقت على أنّه قتل فكذّبهم الله عزّوجلّ بقوله :( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه

__________________

١ ـ كتاب الغيبة / النعماني ٢٠٤ / ٦ باب ١٢.

٢ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ١٦٦ ـ ١٦٧ / ٦ باب ١٠ أخرجه من ثلاث طرق ، عن زرارة.

٣ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ١٥٥ / ١٣ و ١٤ باب ١٠.

٢٩٨

لهم ) (١) .

كذلك غيبة القائم فإنّ الأمة ستنكرها لطولها فمن قائل يقول : إنه لم يولد ، وقائل يفتري بقوله : إنّه ولد ومات ، وقائل يكفر بقوله : إنَّ حادي عشرنا كانت عقيما ، وقائل يمرق بقوله : إنّه يتعدّى إلى ثالث عشر فصاعدا ، وقائل يعصي الله بدعواه : إنّ روح القائمعليه‌السلام ينطق في هيكل غيره »(٢) .

ثالثا ـ شبهةحول استمرار وجوده الشريف :

وقد نبّه الإمام الصادقعليه‌السلام على هذه الشبهة ، وأكدّ حياة الإمام المهدي واستمرار وجوده الشريف ، بقوله : « وينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلّي خلفه وذلك بعد غيبة طويلة »(٣) .

وهذا يتضمّن استمرار وجوده الشريف في غيبته وإلاّ كيف يصلّي عيسىعليه‌السلام خلفه؟

وقولهعليه‌السلام : في الصحيح لحازم بن حبيب : « يا حازم إن لصاحب هذا الأمر غيبتين يظهر في الثانية ، فمن جاءك يقول أنه نفض يده من تراب قبره فلا تصدّقه »(٤) وفي هذا تأكيد على استمرار وجوده الشريف في غيبته

__________________

١ ـ سورة النساء : ٤ / ١٥٧.

٢ ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ١٧٠ / ١٢٩ ، وإكمال الدين ٢ : ٣٥٢ / ٥٠ باب ٣٣.

٣ ـ مختصر اثبات الرجعة / الفضل بن شاذان : ٢١٦ ـ ٢١٧ / ١٨.

٤ ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٥٤ / ٤٦.

٢٩٩

مهما طال بها الزمان.

وهناك أحاديث اُخرى صرّحت بطول الغيبة الثانية كقولهعليه‌السلام : « إنّ لصاحب هذا الأمر غيبتين : إحداهما تطول حتى يقول بعضهم : مات ، وبعضهم يقول : قُتل ، وبعضهم يقول : ذهب »(١) . وغيرها من الأحاديث التي سبقت في تأكيدهعليه‌السلام على أنّ للمهديعليه‌السلام غيبتين.

كما أن الأحاديث المتقدمة في طول العمر كلها تصبّ في الجواب على هذه الشبهة أيضا.

رابعا ـ شبهة حول هوية الإمام الغائبعليه‌السلام :

ومفاد هذه الشبهة ـ كما عند بعضهم ـ أنه ادُّعِيَتْ الغيبة عند أكثر فرق الشعية التي زعمت إمامة أئمّتهم والقول بمهدويتهم وغيبتهم كالكيسانية والناووسة والواقفية وغيرها.

الأمر الذي أدّي ـ بزعمهم ـ إلى عدم معرفة الحقيقة في خضم هذه المدعيات!!

وقدمرّ الجواب مفصلا في هذا الباب على سائر تلك الفرق.

ويزيد الأمر وضوحا ما قاله الإمام الصادقعليه‌السلام في تحديد هوية الإمام الغائب في أحاديث شتى ، نكتفي بالتذكير بواحد منها وهو ما قالهعليه‌السلام للسيد الحميري : « إن الغيبة ستقع بالسادس من ولدي ، وهو الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحديث » وقد بيّنعليه‌السلام فيه وفي غيره

__________________

١ ـ كتاب الغيبة / الشيخ النعماني : ١٧١ ـ ١٧٢ / ٥ باب ١٠ ، وعقد الدرر / المقدسي الشافعي : ١٧٨ ـ ١٧٩ باب ٥.

٣٠٠