دروس في الاخلاق

دروس في الاخلاق0%

دروس في الاخلاق مؤلف:
الناشر: نشر الهادي
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 279

دروس في الاخلاق

مؤلف: الشيخ علي المشكيني
الناشر: نشر الهادي
تصنيف:

الصفحات: 279
المشاهدات: 60928
تحميل: 5221

توضيحات:

دروس في الاخلاق
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 279 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 60928 / تحميل: 5221
الحجم الحجم الحجم
دروس في الاخلاق

دروس في الاخلاق

مؤلف:
الناشر: نشر الهادي
العربية

الدرس العشرون

في الحسنات بعد السيئات

هذا العنوان يرجع إلى مسألة التكفير ، وهي مسألة كلامية.

ويمكن البحث فيها أخلاقياً أيضاً ، فإن إتيان الإنسان بحسنة بعد كل سيئة لأجل تكفيرها وتطهير النفس عن الرجز الحاصل منها كاشف عن حالة يقظة للنفس وصلاحها ، وهو يمنعها عن حدوث حالة الغفلة والقسوة فيها ، والمواظبة على هذا النحو من النظافة والنزاهة تورث ملكة المراقبة وتزكية النفس ، وهي من أفضل الملكات.

وقد ورد في الكتاب العزيز : أن( الحسنات يذهبن السيئات ) (١) .

وأن( من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ) (٢) .

وأن( من ظلم ثم بدل حسناً بعد سوء فإني غفور رحيم ) (٣) .

__________________

١ ـ هود : ١١٤.

٢ ـ الفرقان : ٧٠.

٣ ـ النمل : ١١.

١٢١

وورد في النصوص أنه : ما أحسن الحسنات بعد السيئات وما أقبح السيئات بعد الحسنات(١) .

وأنه إذا عملت سيئة فأتبعها بحسنة تمحها سريعاً(٢) .

وأن المؤمن يوم القيامة ينظر في صحيفته ، فأول ما يراه سيئاته ، فيتغير لذلك لونه وترتعش فرائصه ، ثم يعرض عليه حسناته فيفرح لذلك نفسه ، فيقول الله عز وجل : «بدلوا سيئاته حسنات ،وأظهروها للناس » فيقول الناس : ما له سيئة واحدة(٣) .

وأنه ليس شيء قط أشد طلباً ولا أسرع دركاً من حسنة محدثة لذنب قديم(٤) .

ومن عمل سيئة في السر فليعمل حسنة في السر. ومن عمل سيئة في العلانية فليعمل حسنة في العلانية(٥) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٤٥٨ ـ الأمالي : ج١ ، ص٢٠٩ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣٨٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٤٢.

٢ ـ المحجة البيضاء : ج٧ ، ص٨٥ ـ نور الثقلين : ج٢ ، ص٤٩٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٤٢.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٤٢.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٤٣.

٥ ـ نفس المصدر السابق.

١٢٢

الدرس الحادي والعشرون

في الحسنات والسيئات

في أن الحسنات يضاعف ثوابها ، ويعجل في كتابها ، ويثاب على مقدماتها والسيئات لا يضاعف عقابها ، ويؤجل كتابها ، ولا يعاقب على مقدماتها.

وقد ورد في الكتاب الكريم : أن( من جاء بالحسنة فله خير منها ) (١) . وأن( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) (٢) .

وأن( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزي إلا مثلها وهم لا يظلمون ) (٣) ، وأن( الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً ) (٤) ، وأنه( من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة ) (٥) ، وأنه( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع

__________________

١ ـ القصص : ٨٤.

٢ ـ يونس : ٢٦.

٣ ـ الأنعام : ١٦٠.

٤ ـ النساء : ٤٠.

٥ ـ البقرة : ٢٤٥.

١٢٣

سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء ) (١) .

وورد في النصوص : أنه لما نزل قوله :( فله خير منها ) قال رسول الله : اللهم زدني ، فأنزل الله( فله عشر أمثالها ) فقال رسول الله : اللهم زدني ، فأنزل الله( فيضاعفه له أضعافاً كثيرة ) فعلم رسول الله أن الكثير من الله لا يحصى وليس له منتهى(٢) ( ويدل الخبر على : أن الإقراض لله يشمل الأعمال الصالحة ، فكأن العبد يقرضها في الدنيا ويأخذها ربوياً في الآخرة ، ولا بأس بالربا بين المولى وعبده ).

وأنه إذا هم المؤمن بحسنة كتبت له حسنة ، فإذا عملها كتبت له عشر حسنات ، وإذا هم بسيئة لم تكتب عليه ، فإذا عملها أجل تسع ساعات ، فإن ندم واستغفر لم تكتب ، وإلا كتبت عليه سيئة واحدة(٣) .

وأن صاحب اليمين أمير على صاحب الشمال ، فإذا عمل العبد سيئة قال له : لا تعجل ، وأنظره سبع ساعات ، فإن مضت ولم يستغفر قال : أكتب فما أقل حياء هذا العبد !(٤)

وأنه إذا أحسن المؤمن عمله ضاعف الله لكل حسنة سبعمائة وذلك قوله :( والله يضاعف لمن يشاء ) فأحسنوا أعمالكم ، قيل : فما الاحسان؟ قال : كل عمل تعمله فليكن نقياً من الدنس.(٥) ( واختلاف تضاعف الثواب : إما من جهة اختلاف مقام المؤمنين ، أو اختلاف مراتب خلوص النيات ، أو وقوع الحسنات في الأمكنة الشريفة ، أو الأزمنة المباركة ، أو غير ذلك ).

__________________

١ ـ البقرة : ٢٦١.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٤٦.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص٤٢٨ ـ بحار الأنوار : ج٥ ، ص٣٢٧ وج٧١ ، ص٢٤٦ ـ معالم الزلفى : ج١ ، ص٣١ ـ بحار الأنوار : ج٥ ، ص٣٢٧.

٤ ـ الأمالي : ج١ ، ص٢١٠ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣٥٥ ـ بحار الأنوار : ج٥ ، ص٣٢١ و ج٧١ ، ص٢٤٧ ـ نور الثقلين : ج٥ ، ص٤٥٨.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٦٧ ، ص٦٤ وج٧١ ، ص٢٤٧ وج٧٤ ، ص٤١٢ وج٩٦ ، ص٢٩١ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٩٠ ـ ثواب الأعمال : ص٢٠١ ـ الأمالي : ج١ ، ص٢٢٧.

١٢٤

الدرس الثاني والعشرون

في الاستعداد للموت

من الأمور التي اختص بعلمه خالق الإنسان انقضاء أجله ووقوع موته وهو لمصالح كثيرة كامنة فيه ، ومنها : إستعداده في جميع أوقات عمره لإجابة دعوة ربه ومراقبته لحالات نفسه وأقواله وأفعاله. ولازمه إعداده ما يلزمه لهذا السفر العظيم الطويل من الزاد ، ورفع ما يمكن أن يكون مانعاً من العبور من العقبات المتعددة ، والمواقف المختلفة كقضاء فوائته الواجبة ، وما عليه من ديونه لخالقه ، وما عليه من حقوق الناس وأموالهم ، وتعيين ما عليه من الحقوق في دفاتر وكتابات ، فيكون في جميع أوقات عمره على تهيؤ بحيث لو نزل به الموت لم يكن مأثوماً في أمره معاقباً على فعل شيء أو تركه ، وهذا القسم من التهيؤ من أفضل خلق الإنسان وأحسن حالاته ، فطوبى لمن كان كذلك.

وقد ورد في النصوص : أنه سئل أمير المؤمنين عن الاستعداد للموت؟ قال : أداء الفرائض واجتناب المحارم والاشتمال على المكارم ثم لا يبالي : أوقع على الموت

١٢٥

أو وقع الموت عليه(١) .

وقالعليه‌السلام : لاغائب أقرب من الموت ، ولكل حبة آكل وأنت قوت الموت(٢) .

وأن من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد(٣) .

وكانعليه‌السلام : بالكوفة ينادي بعد العشاء الآخرة : تجهزوا رحمكم الله ، فقد نودي فيكم بالرحيل وانتقلوا بأفضل ما بحضرتكم من الزاد وهو التقوى ، واعلموا أن طريقكم إلى المعاد ، وعلى طريقكم عقبة كؤود ، ومنازل مهولة مخوفة لابد لكم من الممر عليها والوقوف بها(٤) .

وقالعليه‌السلام : إن الموت ليس منه فوت ، فأحذروا قبل وقوعه ، وأعدوا له عدته وهو ألزم لكم من ظلّكم ، فأكثروا ذكره عندما تنازعكم أنفسكم من الشهوات وكفى بالموت واعظاً وإنا خلقنا وإياكم للبقاء لا للفناء ، ولكنكم من دار إلى دار تنقلون ، فتزودوا لما أنتم إليه صائرون(٥) .

وورد : أن من أكثر ذكر الموت زهد في الدنيا(٦) .

وأن أكيس المؤمنين أكثرهم ذكراً للموت وأشدهم إستعداداً له(٧) .

وأن عيسىعليه‌السلام قال : هول لا تدري متى يلقاك ، ما يمنعك أن تستعد له قبل أن يفجأك(٨) .

__________________

١ ـ الأمالي : ج١ ، ص٩٧ ـ بحار الأنوار : ج٦ ، ص١٣٨ وج٧٧ ، ص٣٨٢.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٣.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٣ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٥ ، ص٤٠٣.

٤ ـ نهج البلاغة : الخطبة ٢٠٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٣٤.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٦ ، ص١٣٢ وج٧١ ، ص٢٦٤.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٨٢ ، ص١٧٢.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٧.

٨ ـ نفس المصدر السابق.

١٢٦

وأن من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير(١) . وأن المراد بقوله :( لا تنس نصيبك من الدنيا ) (٢) لا تنس صحتك وقوتك وفراغك وشبابك ونشاطك وغناك أن تطلب به الآخرة(٣) .

وأنه سئل زين العابدينعليه‌السلام عن خير ما يموت عليه العبد ، قال : أن يكون قد فرغ من أبنيته ودوره وقصوره ، قيل ، وكيف ذلك؟ قال : أن يكون من ذنوبه تائباً وعلى الخيرات مقيماً ، يرد على الله حبيباً كريماً(٤) .

وأن من مات ولم يترك درهماً ولا ديناراً لم يدخل الجنة أغنى منه(٥) .

وأنه إذا أويت فراشك فانظر ما سلكت في بطنك وما كسبت في يومك ، واذكر أنك ميت وأن لك معاداً(٦) .

__________________

١ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٣٤٩ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٥ ، ص٣٧٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٧ وج٨٢ ، ص١٨١ وج١٠٣ ، ص٢٦.

٢ ـ القصص : ٧٧.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٧.

٤ ـ نفس المصدر السابق.

٥ ـ نفس المصدر السابق.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٧ وج٧٦ ، ص١٩٠.

١٢٧

١٢٨

الدرس الثالث والعشرون

في عفة البطن والفرج

تخصيص العضوين بلزوم العفة من بين سائر الاعضاء التي يجب حفظها عن المعاصي التي تصدر منها : كاللسان عن الكلام المحرم ، والعين عن النظر الحرام والسمع عن استماع اللغو واللهو ، والبدن عن اللبس المحرم ، لابتلاء الإنسان بمعاصيهما أكثر من غيرها.

ولا سيما في أوائل شبابه وأزمنة ثوران شهوته ، ولما يبلغ علمه بالله وإيمانه بالأصول واعتياده بالعبادات حداً يزجره عن الغي ويردعه عن الهوى ، ونعوذ بالله من غلبة الهوى والشهوة على عقل الرجل ودينه. وقد ورد في الكتاب الكريم : أن( الحافظين فروجهم والحافظات ...أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً ) (١) وكرر تعالى في سورتين قوله :( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) (٢) . فحكم بأنهم

__________________

١ ـ الأحزاب : ٣٥.

٢ ـ المؤمنون : ٥ ـ ٧ والمعارج : ٢٩ ـ ٣١.

١٢٩

مفلحون ، وأنهم في جنات مكرمون.

وقد ورد في النصوص : أنه ما عبد الله بشيء أفضل من عفة بطن وفرج(١) .

وأن أفضل العبادة العفاف(٢) ( العفة والعفاف في اللغة : الكف ، وعف الرجل عفة : كف عما لا يحل ولا يجمل ، والعفيف والمتعفف : من يترك الحرام بضرب من الممارسة ، وفي اصطلاح الشرع : حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة ، وتكف البطن والفرج عن المشتهيات المحرمة ، بل المشتبهة ، والمكروهة من المآكل والمشارب والمناكح وما هو من مقدماتها ولوازمها ).

وأن رجلاً قال للباقرعليه‌السلام : إني ضعيف العمل قليل الصيام ، ولكني أرجو أن لا آكل إلا حلالاً ، فقال له : وأي الاجتهاد أفضل من عفة بطن وفرج؟(٣) .

وأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أكثر ما تلج به أمتي النار ، وأول ما تلج به أمتي النار : الأجوفان : البطن والفرج(٤) .

ومما أخاف بعدي على أمتي شهوة البطن والفرج(٥) .

ومن ضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه ضمنت له الجنة(٦) .

ومن أسلم من اتباعهما فله الجنة(٧) .

وأنه : لا تنسوا الجوف وما وعى(٨) ( أي : البطن وما يدخل فيه ويمكن أن يكون المراد : القلب وما يعقد عليه من الإيمان أو الكفر ).

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٧٩ ـ بحار الأنوار : ج٦٩ ، ص٣٩٣ وج٧١ ، ص٢٦٨.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص٧٩ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص١٩٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٩.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص٧٩ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص١٩٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٩.

٤ ـ الكافي : ج٢ ، ص٧٩ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص١٩٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٩ و٢٧١.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٢ و ٢٧٣.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٢.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧١.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٦٩.

١٣٠

وأن الله يحب الحيي المتعفف(١) .

وأن الباقرعليه‌السلام قال : كلكم في الجنة معنا ، إلا أنه ما أقبح بالرجل منكم أن يدخل الجنة قد هتك وبدت عورته ، قيل : وكيف ذلك؟ قال : إن لم يحفظ فرجه وبطنه(٢) .

وأنه : عفّوا عن نساء الناس تعف نساؤكم(٣) .

وأن العفيف لا تبدو له عورة وأن كان عارياً ، والفاجر بادي العورة وإن كان كاسياً(٤) .

وأن من أول من يدخل الجنة رجل عفيف متعفف ذو عبادة(٥) .

وأن من المروة العفاف في الدين(٦) .

وأن أعرابياً قال : أوصني يا رسول الله ، قال : أوصيك بحفظ ما بين رجليك(٧) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٠.

٢ ـ الخصال : ص٢٥ ـ وسائل الشيعة : ج١٤ ، ص٢٧٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٠.

٣ ـ وسائل الشيعة : ج١٤ ، ص٢٧٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٠.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٢.

٥ ـ نفس المصدر السابق.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٣.

٧ ـ مشكوة الأنوار في غرر الاخبار : ص٦٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٤.

١٣١

١٣٢

الدرس الرابع والعشرون

في الكلام والسكوت والصمت

موقع اللسان من الإنسان موقع ينبغي أن يمتاز بالبحث والتحقيق عن حاله وبيان وظائفه عقلاً وشرعاً واجتماعاً ، فإنه من أعظم ما يمتاز به الإنسان عن أبناء جنسه ، ولذا قال تعالى : ( خلق الإنسان ، علمه البيان )(١) ، واللسان هو الطريق الوحيد العام لانتقال ضمائر الإنسان وعلومه ومعارفه إلى بني نوعه.

وأما البيان بالقلم ، كما قيل : إن البيان بيانان : بيان باللسان ، وبيان بالبنان ، فهو يختص من حيث الملقن والملقن له ، وكيفية التلقين بالعلماء ولا يعم الجميع. وذكر بعض علماء الفن أن المعاصي التي يمكن صدورها من اللسان ثمانية عشر نوعاً ، وسيأتي بعضها.

ثم إن المراد بالصمت الممدوح أعم من الصمت عن التكلم الحرام ، أو عن التكلم بما لا فائدة فيه للانسان.

__________________

١ ـ الرحمن : ٣ ـ ٢.

١٣٣

فقد ورد في النصوص : أن علي بن الحسين ٨ سئل عن الكلام والسكوت أيهما أفضل؟ فقال : لكل واحد منهما آفات ، فإذا سلما من الآفات فالكلام أفضل من السكوت ، قيل : كيف ذلك؟ قال : لأن الله ما بعث الأنبياء والأوصياء بالسكوت ، إنما بعثهم بالكلام ، ولا استحقت الجنة بالسكوت ، ولا استوجبت ولاية الله بالسكوت ولا توقيت النار بالسكوت ، إنما ذلك كله بالكلام ما كنت لأعدل القمر بالشمس ، إنك تصف فضل السكوت بالكلام ، ولست تصف فضل الكلام بالسكوت(١) .

وأنه ليس على الجوارح عبادة أخف مؤونة وأفضل منزلة وأعظم قدراً عند الله من الكلام في رضا الله ، ألا ترى أن الله لم يجعل فيما بينه وبين رسله معنى يكشف ما أسر إليهم من مكنونات علمه غير الكلام؟ وكذلك بين الرسل والأمم فهو أفضل الوسائل والعبادة. وكذلك لا معصية أسرع عقوبة وأشد ملامة منه(٢) .

والسكوت خير من إملاء الشر ، وإملاء الخير خير من السكوت(٣) .

ولكن قد ورد : أن الكلام لو كان من فضة كان ينبغي للصمت أن يكون من ذهب ،(٤) وظاهره أن الصمت في موضع رجحانه أفضل من الكلام في مورد رجحانه ، فهذا : إما بنحو الموجبة الجزئية ، أو أن الجملة مسوقة لبيان حال أكثر الناس ، حيث أنهم جاهلون بسطاء ، وكلامهم لو كان خيراً فهو خير قليل ، فسكوتهم أفضل منه.

وأنه : جمع الخير كله في ثلاث خصال : النظر والسكوت والكلام ، فكل نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو ، وكل سكوت ليس فيه فكر فهو غفلة ، وكل كلام ليس

__________________

١ ـ الحقائق : ص٧١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٤.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٥.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩٤.

٤ ـ المحجة البيضاء : ج٥ ، ص١٩٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٨.

١٣٤

فيه ذكر فهو لغو ، فطوبى لمن كان نظره عبراً وسكوته فكراً وكلامه ذكراً(١) .

وأنه لا حافظ أحفظ من الصمت(٢) .

وأن علياًعليه‌السلام وقفت على رجل يتكلم بفضول الكلام وقال : إنك تملي على حافظيك كتاباً إلى ربك ، فتكلم بما يعنيك ودع ما لا يعنيك(٣) .

وأن أعظم الناس قدراً من ترك ما لا يعنيه(٤) .

وأن النطق راحة للروح ، والسكوت راحة للعقل(٥) .

وأنه تكلموا تعرفوا فإن المرء مخبوء تحت لسانه(٦) .

وأن من علامات الفقه الصمت(٧) ( قال المجلسيقدس‌سره : الفقه هو العلم الرباني المستقر في القلب الذي يظهر آثاره على الجوارح ).

وأن الصمت باب من أبواب الحكمة يكسب المحبة ، وهو دليل على الخير(٨) .

وأن على لسان كل قائل رقيباً ، فليتق العبد ولينظر ما يقول(٩) .

وأن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه(١٠) .

__________________

١ ـ الأمالي : ج١ ، ص٣٢ ـ ثواب الأعمال : ص٢١٢ ـ الخصال : ص٩٨ ـ معاني الأخبار : ص٣٣٤ ـ من لا يحضره الفقيه : ج٤ ، ص٤٠٥ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٥ وج٧٧ ، ص٤٠٦ وج٧٨ ، ص٥٤.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٥.

٣ ـ من لا يحضره الفقيه : ج٤ ، ص٣٩٦ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٦.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٦.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٦.

٦ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٣٩٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٦.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٦.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٨.

٩ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٧.

١٠ ـ تنبيه الخواطر : ج١ ، ص٢٣٦ ـ مجمع البحرين : ج١ ، ص٣٠٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٧.

١٣٥

وأنه : ما من شيء أحق بطول السجن من اللسان(١) .

وأن المؤمن يكتب محسناً ما دام ساكتاً ، فاذا تكلم كتب محسناً أو مسيئاً(٢) .

وأن داود قال لسليمان : عليك بطول الصمت إلا من خير ، فإن الندامة على طول الصمت مرة واحدة خير من الندامة على كثرة الكلام مرات(٣) .

وأنه ما عبد الله بشيء أفضل من الصمت(٤) .

وأن من لم يملك لسانه يندم(٥) .

وأن من حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه(٦) .

وأن الصمت مطردة للشيطان وعون لك على أمر دينك(٧) .

وأنه من المنجيات(٨) .

وأنه : إن أردت خير الدنيا والآخرة فاخزن لسانك كما تخزن مالك(٩) .

ولا يعرف عبد حقيقة الإيمان حتى يخزن لسانه(١٠) .

وأن الصمت نعم العون في مواطن كثيرة وإن كنت فصيحاً(١١) .

__________________

١ ـ الخصال : ص١٥ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٧.

٢ ـ ثواب الأعمال : ص١٩٦ ـ الخصال : ص١٥ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٢٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٧.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٧.

٤ ـ الخصال : ص٣٥ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٨ وج٩٩ ، ص١٠٣.

٥ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٥ ، ص٢٤٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٨.

٦ ـ الكافي : ج٢ ، ص١١٦ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٩.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٧٩.

٨ ـ نفس المصدر السابق.

٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٠.

١٠ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٢ ، ص١٨٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٠.

١١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٠.

١٣٦

وأن كثرة الكلام بغير ذكر الله تقسي القلب(١) .

وأنه : لا بد للعاقل أن ينظر في شأنه فليحفظ لسانه(٢) .

وأن نجاة المؤمن في حفظ لسانه ، ومن حفظ لسانه ستر الله عورته(٣) .

وأن ذلاقة اللسان رأس المال(٤) .

وأن من حق اللسان إكرامه عن الخنا وتعويده حسن القول وترك الفضول(٥) .

وأن الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به ، فإذا تكلمت فأنت في وثاقه(٦) .

ورب كلمة سلبت نعمة(٧) .

ومن كثر كلامه كثر خطؤه(٨) .

وحبس اللسان سلامة الإنسان(٩) .

وبلاء الإنسان من اللسان(١٠) .

وفتنة اللسان أشد من ضرب السيف(١١) .

__________________

١ ـ الأمالي : ج١ ، ص٢ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨١ وج٩٣ ، ص١٦٤.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨١ ـ مرآة العقول : ج٨ ، ص٢٢٥.

٣ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٣.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٦.

٥ ـ روضة الواعظين : ص٤٦٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٦.

٦ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٣٨١ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٦ ـ مرآة العقول : ج٨ ، ص٢١٩.

٧ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٤ ، ص٥٨ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٧.

٨ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩١.

٩ ـ جامع الأخبار : ص٩٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٦.

١٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٦ ـ مستدرك الوسائل : ج٩ ، ص٣٠.

١١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ٢٨٦.

١٣٧

وأن من خاف الناس لسانه فهو من أهل النار(١) .

وأنه : لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ، فمن استطاع أن يلقى الله وهو سليم اللسان من أعراض المسلمين فليفعل(٢) .

وأن اللسان كلب عقور ، إن خليته عقر(٣) .

وأن نجاة المؤمن من حفظه(٤) .

وأنه ما أحسن الصمت لا من عيّ ، والمهذار له سقطات(٥) .

وأن الكلام ثلاثة : رابح وسالم وشاحب ، فأما الرابح فالذي يذكر الله ، وأما السالم فالذي يقول ما أحب الله ، وأما الشاحب فالذي يخوض في الله(٦) .

وأنه : لا يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم(٧) .

وأن اللسان سبع ، إن خلي عنه عقر(٨) .

وأنه : هانت عليه نفسه من أمر عليها لسانه(٩) .

وأنه إذا تم العقل نقص الكلام(١٠) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٢٧ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣٢٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٦ وج٧٥ ، ص٢٨٣.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩٢ وج٧٥ ، ص٢٦٢ ـ مستدرك الوسائل : ج٩ ، ص٣١.

٣ ـ ارشاد القلوب : ص١٠٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٧.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٦.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٨.

٦ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٩ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٩ وج٩٣ ، ص١٦٥.

٧ ـ المحجة البيضاء : ج٥ ، ص١٥٧ ـ بحار الأنوار : ج٦٨ ، ص١٠٣ وج٧٠ ، ص٨٥ وج٧١ ، ٢٩٠.

٨ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٦٠ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩٠.

٩ ـ كنز الفوائد : ج٢ ، ص١٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩٠.

١٠ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٧١ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٤ ـ بحار الأنوار : ج١ ، ص٢٩٢ ـ مرآة العقول : ج٨ ، ص٢٢٥.

١٣٨

وأنه : رب قول أنفذ من صول(١) .

وأنه : اجعلوا اللسان واحداً. وأن اللسان جموح بصاحبه ، وما أرى عبداً يتقي بتقوى الله تنفعه حتى يختزن لسانه(٢) .

وأن لسان المؤمن من وراء قلبه ، وأن قلب المنافق من وراء لسانه(٣) .

وأن اللسان بضعة من الإنسان ، فلا يسعده القول إذا امتنع ، ولا يمهله النطق إذا اتسع(٤) .

وأن تلافيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك وحفظ ما في الوعاء بشد الوكاء(٥) .

وأنه إذا فاتك الأدب فالزم الصمت(٦) .

وأن المرء يعثر برجله فيبرأ ، ويعثر بلسانه فيقطع رأسه(٧) .

وأن الله جعل صورة المرأة في وجهها وصورة الرجل في منطقه(٨) .

ورحم الله عبداً قال خيراً فغنم ، أو سكت عن سوء فسلم(٩) .

وأن الباقرعليه‌السلام قال : شيعتنا الخرس(١٠) ( هو جمع أخرس ، أي : لا يتكلمون باللغو والباطل ، وفيما لا يعلمون ، وفيما لا يعنيهم ، وفي مقام التقية ).

__________________

١ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٣٩٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩١.

٢ ـ نهج البلاغة : الخطبة ١٧٦ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج١ ، ص١١٤ وج٦ ، ص٢٠٨.

٣ ـ نهج البلاغة : الخطبة ١٧٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩٢ ـ المحجة البيضاء : ج٥ ، ص١٩٥.

٤ ـ نهج البلاغة : الخطبة ٢٣٣ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩٢.

٥ ـ نهج البلاغة : الكتاب ٣١ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ٢٩٢.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٩٣.

٧ ـ نفس المصدر السابق.

٨ ـ نفس المصدر السابق.

٩ ـ نفس المصدر السابق.

١٠ ـ الكافي : ج٢ ، ص١١٣ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٢٧ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٨٥.

١٣٩

وأنه : ما من يوم إلا وكلّ عضو من أعضاء الجسد يكفّر اللسان يقول : نشدتك الله أن نعذب فيك(١) . ( يكفر اللسان أي : يذل ويخضع له ، والمراد : أن لسان حال الأعظاء هو الإقسام له بأن تكف نفسك من أن نعذب بسببك ).

وأن الله يعذب اللسان بعذاب لا يعذب به شيئاً من الجوارح ، فيقول له : خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الأرض ومغاربها ، فسفك بها الدم الحرام ، وانتهب بها المال الحرام ، وانتهك بها الفرج الحرام(٢) .

وأنه : إن كان في شيء شؤم ففي اللسان(٣) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص١١٥ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٠٢.

٢ ـ الكافي : ج٢ ، ص١١٥ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٠٤.

٣ ـ الكافي : ج٢ ، ص١١٦ ـ وسائل الشيعة : ج٨ ، ص٥٣٤ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٣٠٥.

١٤٠