مستدرك الوسائل خاتمة 1 الجزء ١٩

مستدرك الوسائل خاتمة 10%

مستدرك الوسائل خاتمة 1 مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 392

مستدرك الوسائل خاتمة 1

مؤلف: الحاج ميرزا حسين النوري الطبرسي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف:

الصفحات: 392
المشاهدات: 75525
تحميل: 3689


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26 الجزء 27
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 392 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 75525 / تحميل: 3689
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل خاتمة 1

مستدرك الوسائل خاتمة 1 الجزء 19

مؤلف:
العربية

سهو فيهما.

ثمّ إنّ الذي يستظهر من العلماء من التأمّل في الكتاب، أنّ ما نسب إليه هو ما صدّر به الأبواب بقوله: قال الصادقعليه‌السلام ، وما فيه من الرواية ونقل الآثار من الجامع الذي كان يملى عليه، فلو أغمضنا من جميع ما ذكرنا، فالذي أخرجه الشيخ من كلام الجامع، والتعبير « عنه » بما عبّره، لا يدلّ على عدم الوثوق الذي استظهره، ولكنّ الظاهر من الشهيد في مسكّن الفؤاد بل صريحه، كون كلّه منهعليه‌السلام ، فلاحظ.

وقال الشيخ ابن أبي جمهور الأحسائي، في آخر مقدّمة كتاب درر اللآلي العماديّة ما لفظه: وسأختم هذه المقدّمة بذكر أحاديث تتعلّق ببعض حقائق الدين، وشيء من حقائق العبادات، أكثر اسنادها عن الصادق الامام أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، محذوفة الأسانيد كما رؤيتها.

واعلم أنّي قد التزمت في هذه الأحاديث المرويّة في هذه الخاتمة - وفي جميع الأحاديث الواردة في الأقسام الثلاثة الآتية بعدها - أن أذكر بعض ما يتعلّق بها من الأحكام الشرعيّة، وما استدلّ بها عليه، وكيفيّة الاستدلال بها عليها، وبعض الفروع المأخوذة منها على سبيل الاختصار، ممّا نقلته عن مشايخنا السابقين، وعلمائنا الماضين - قدّس الله أرواحهم - ليكون الكتاب المشتمل على هذه الأحاديث المتعلّقة بالأحكام الفقهيّة تامّ النفع، مغنيا عن مطالعة غيره من الكتب، والله الموفّق.

قال الصادقعليه‌السلام : « بحر المعرفة يدور على ثلاثة: الخوف، والرجاء، والمحبة. إلى آخره »(١) .

ثمّ نقل كثيرا من مطالب هذا الكتاب، وفي جملة من المواضع ينقل كلامهعليه‌السلام بقوله: قال الصادقعليه‌السلام ، ثمّ يشرحه بقوله: قال العارف

__________________

(١) درر اللآلي ١: ٣٩، ومصباح الشريعة: ٨.

٢٠١

كذا، ولم أتحقّق أنّ المراد منه نفسه، أو شرح هذا الكتاب أحد قبله، وهذه المقدّمة طويلة نافعة، جامعة لفوائد شريفة.

وفي رياض العلماء، في ذكر الكتب المجهولة: فمن ذلك كتاب مصباح الشريعة في الأخبار والمواعظ، كتاب معروف متداول، وقد ينسب إلى هشام ابن الحكم(١) على ما رأيت بخطّ بعض الأفاضل، وهو خطأ. أمّا أوّلا: فلأنّه قد اشتمل على الرواية عن جماعة، هم متأخّرون عن هشام. وأمّا ثانيا: فلأنّه يحتوي على مضامين تنادي على أنّه ليس من مؤلّفاته، بل هو من مؤلّفات بعض الصوفيّة كما لا يخفى. لكن وصى به ابن طاوس، انتهى(٢) .

وقال شيخنا الحرّرحمه‌الله في آخر كتاب الهداية: تتمّة، قد وصل إلينا أيضا كتب كثيرة، قد ألّفت وجمعت في زمانهمعليهم‌السلام ، نذكرها هاهنا، وهي ثلاثة أقسام - إلى أن قالرحمه‌الله - الثالث: ما ثبت عندنا كونه غير معتمد، فلذا لم ننقل منه، فمن ذلك كتاب مصباح الشريعة المنسوب إلى الصادقعليه‌السلام ، فانّ سنده لم يثبت، وفيه أشياء منكرة مخالفة للمتواترات، وربّما نسب تأليفه إلى الشيخ زين الدين، وهذه النسبة باطلة لأنّه مذكور في أمان الأخطار لابن طاوسقدس‌سره (٣) . انتهى.

قلت : للصوفيّة مقصدان، أحدهما مقدّمة الأخرى:

الأوّل : تهذيب النفس، وتصفيتها عن الكدورات والظلمات، وتخليتها عن الرذائل والصفات القبيحة، وحفظها عمّا يظلمها ويفرّقها ويقسّيها، وتحليتها

__________________

(١) نسخة بدل: سالم.

(٢) رياض العلماء ٦: ٤٥. ولعلّه أراد به وصيّة ابن طاوس المتقدمة في أول التعريف بكتاب مصباح الشريعة فلاحظ.

(٣) هداية الأمة: مخطوط. الأمان: ٩١ - ٩٢.

٢٠٢

بالأوصاف الجميلة، والكمالات المعنويّة، وهذا يحتاج إلى معرفة النفس والقلب إجمالا، ومعرفة الصفات الحسنة والقبيحة، ومبادئها وآثارها، وما به يتوسّل الى التطهير والتزكية، والتنوير والتحلية.

وهذا مقصد عظيم يشاركهم أهل الشرع، وكافة العلماء على اختلاف مشاربهم وآرائهم، وكيف لا يشاركون فيما وضعت العبادات والآداب لأجله، وبعث الأنبياء لإكماله!

وكفى بما في الكتاب المجيد من الاهتمام بأمر القلب وتهذيبه، بما وصفه به من الرين والطبع، والغشاوة، والكبر، والضيق، والتحجر، وإرادة العلوّ، والصرف، والزيغ، والمرض، والقسوة، والظلمة، والغلف، والقفل، والجهل، والعمى، والموت، وأمثالها.

ومدحه الذين اتّصفوا بما يضادّها من الخشوع، واللّين، والرقّة، والعلم، والهداية، والسلامة، والاطمئنان، والربط، والحياة، والمحبّة، والصبر، والرضا، والتوكّل، والتقوى، واليقين، وأمثالها شاهدا في المقام.

وللقوم في هذا المقصد العظيم كتب ومؤلّفات فيها مطالب حسنة نافعة، وإن أدرجوا فيها من الأكاذيب والبدع خصوصا بعض الرياضات المحرّمة ما لا يحصى، ومن هنا فارقوا أهل الشرع المتمسكين بالكتاب والسنّة، والمتشبّثين بأذيال سادات الأمّة، فحصول هذا المقصد عندهم منحصر بالعمل، بتمام ما قرّروه لهم، والاجتناب عمّا نهوا عنه، دون ما أبدعوه في هذا المقام من الرياضات، ومتابعة الشيخ والمرشد على النحو الذي عندهم، وهذا هو مراد الشهيدقدس‌سره في الدروس، في بحث المكاسب، حيث قال: وتحرم الكهانة - إلى أن قال - وتصفية النفس، أي بالطرق الغير الشرعيّة(١) .

الثاني : ما يدعون من نتيجة تهذيب النفس، وثمرة الرياضات من المعرفة

__________________

(١) الدروس ٣: ١٦٣ - ١٦٤.

٢٠٣

وفوقها، من الوصول والاتّحاد والفناء، ومقامات لم يدّعيها نبيّ من الأنبياء ووصيّ من الأوصياء، فكيف بأتباعهم من أهل العلم والتقى! مع ما فيها ممّا لا يليق نسبته الى مقدّس حضرته جلّ وعلا، ويجب تنزيهه عنه سبحانه وتعالى عمّا يقوله الظالمون.

وأمّا المقصد الثاني فحاشا أهل الشرع والدين، فضلا عن العلماء الراسخين، أن يميلوا إليه أو يأملونه، أو يتفوّهون به، وأغلب ما ورد في ذمّ الجماعة ناظر الى هذه الدعوى ومدّعيها.

وأمّا الأوّل فقد عرفت مشاركتهم فيه، وإن فارقوا القوم في بعض الطرق، وحيث إنّهم بلغوا الغاية فيما القوة في هذا المقام، والحكمة ضالّة المؤمن حيث وجدها أخذها، ترى مشايخنا العظام، والفقهاء الكرام كثيرا ما يراجعون إليه، وينقلون عنه، ويشهدون بحقّيته، ويأمرون بالأخذ به، فصار ذلك سببا للطعن عليهم، ونسبتهم إلى الصوفيّة، أو ميلهم الى المتصوّفة، ظنّا منهم الملازمة بين المقصدين، وإنّ من يحضّ على تهذيب النفس، وتطهير القلب، ويستشهد في بعض المقامات، أو تفسير بعض الآيات بكلمات بعضهم، ممّا يؤيّده أخبار كثيرة، فهو منهم ومعهم في جميع دعاويهم.

وهذا من قصور الباع، وجمود النظر، وقلّة التدبّر في مزايا الكتاب والسنّة.

وآل أمرهم الى أن نسبوا مثل الشيخ الجليل، ترجمان المفسّرين أبي الفتوح الرازي، وصاحب الكرامات علي بن طاوس، وشيخ الفقهاء الشهيد الثاني - قدّس الله أرواحهم - إلى الميل الى التصوّف كما رأيناه، وهذه رزيّة جليلة، ومصيبة عظيمة لا بدّ من الاسترجاع عندها.

نعم يمكن أن يقال لهم تأدّبا لا إيرادا، إنّ فيما ورد عن أهل بيت العصمة سلام الله عليهم غنى ومندوحة عن الرجوع الى زبرهم وملفّقاتهم ومواعظهم، فإنّك إن غمرت في تيّار بحار الأخبار، لا تجد حقّا صدر منهم إلاّ

٢٠٤

وفيها ما يشير إليه، بل رأينا كثيرا من الكلمات التي تنسب إليهم، هي ممّا سرقوها من معادن الحكمة، ونسبوها إلى أنفسهم، أو مشايخهم.

قال تلميذ المفيدقدس‌سره ، أبو يعلى الجعفري، في أول كتاب النزهة(١) : إنّ عبد الملك بن مروان كتب الى الحجّاج: إذا سمعت كلمة حكمة فاعزها الى أمير المؤمنين - يعني نفسه - فإنّه أحقّ بها، وأولى من قائلها(٢) ، انتهى.

ولولا خوف الإطالة لذكرت شطرا من هذا الباب، بل قد ورد النهي عن الاستعانة بهم. فروى سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار، عن الباقرعليه‌السلام أنّه قال لجابر: « يا جابر ولا تستعن بعدوّ لنا [ في ] حاجة، ولا تستطعمه، ولا تسأله شربة، أما إنّه ليخلّد في النار، فيمرّ به المؤمن، فيقول: يا مؤمن ألست فعلت بك كذا وكذا؟ فيستحيي منه، فيستنقذه من النار »(٣) .

الحجّة: هذا حال طعام الأجساد، فكيف بقوت الأرواح؟.

إذا عرفت ذلك فلنرجع الى ما في كلمات هؤلاء المشايخ العظام فنقول:

أمّا أوّلا : فما في البحار، والرياض، من أنّه لا يشبه سائر كلمات الأئمّةعليهم‌السلام ، وأنّه على أسلوب الصوفيّة، ومشتمل على مصطلحاتهم(٤) . ففيه: إنّ كلماتهمعليهم‌السلام وعباراتهمعليهم‌السلام في كشف المطالب المتعلّقة بالمعارف والأخلاق، مختلفة بحسب الألفاظ والتأدية، وإن لم تختلف بحسب المعنى والحقيقة، وهذا ظاهر لمن أجال الطرف في أكناف كلمات أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وسائر الأئمّةعليهم‌السلام في هذه المقامات، وليس لمن

__________________

(١) تقدم في صحيفة (١٩٢) كلام حول مؤلف الكتاب فراجع.

(٢) لم نعثر على هذا الكلام في النسخة المطبوعة من النزهة.

(٣) مشكاة الأنوار: ٩٩.

(٤) بحار الأنوار ١: ٣٢، ورياض العلماء ٦: ٤٥.

٢٠٥

تقدّم الصادقعليه‌السلام من الصوفيّة، كطاوس اليماني، ومالك بن دينار، وثابت البناني، وأيّوب السجستاني، وحبيب الفارسي، وصالح المري، وأمثالهم، كتاب يعرف منه أنّ المصباح على أسلوبه، ومن الجائز أن يكون الأمر بالعكس، فيكون الذين عاصروهعليه‌السلام منهم، أو تأخّروا عنه، سلكوا سبيلهعليه‌السلام في هذا المقصد، وأخذوا ضغثا من كلماته الحقّة، ومزجوها بضغث من أباطيلهم، كما هو طريقة كلّ مبدع مضلّ، ويؤيّده اتّصال جماعة منهم إليه، والى الأئمّة من ولده، كشقيق البلخي، ومعروف الكرخي، وأبي يزيد البسطامي طيفور السقّاء، كما يظهر من تراجمهم في كتب الفريقين، فيكون ما الّف بعده على أسلوبه ووتيرته.

ثم نقول: ليس في هذا الكتاب من عناوين أبوابه شيء لا يوجد في كثير من الأخبار مثله، سوى عناوين ثلاثة أبواب من أوّل الكتاب، ولكن ما شرحه وفصّله فيها كلّها ممّا عليه الكتاب والسنّة، مع أنّه يوجد في جملة من ادعيتهم، ومناجاتهم، وخطبهمعليهم‌السلام من العبارات الخاصة، والكلمات المختصّة، ما لا يوجد في سائر كلماتهم، فارجع البصر إلى المناجاة الإنجيليّة الكبرى والوسطى، وآخر دعاء كميل، والمناجاة الخمسة عشر، التي عدّها صاحب الوسائل في الصحيفة الثانية من أدعية السجادعليه‌السلام ، ونسبها إليه من غير تردد، مع أنّه لا يوجد لها سند، ولم يحتو عليها كتاب معتمد، وليس في تمام المصباح ما يوجد فيها من الألفاظ الدائرة في ألسنة القوم.

ثمّ نقول: إنّك بعد التأمّل في ملفّقات القوم في هذا الباب، تجد المصباح خاليا عن مصطلحاتهم الخاصّة، التي عليها تدور رحى تمويهاتهم، كلفظ العشق، والخمر، والسكر، والصحو، والمحو، والفناء، والوصل، والقطب، والشيخ، والطرب، والسماع، والجذبة، والإنيّة، والوجد، والمشاهدة، وغير ذلك ممّا ليس فيه شيء منه.

ثمّ نقول: وفي كتبهم أيضا أخبار معروفة متداولة، لا توجد فيه.

٢٠٦

وأمّا ثانيا : فما في الأوّل من أنّه يروي فيه عن مشايخهم - أي الصوفيّة - ففيه، بعد تسليم كون ما فيه من الرواية والحكاية، من تتمّة كلام الصادقعليه‌السلام - كما يظهر من الشهيدرحمه‌الله في مسكّن الفؤاد - لا لمن كان يملي عليه فيجمعه، ويردفه بها، أنّ تمام ما فيه من حكاية أقوالهم، والاستشهاد بكلامهم، لا يزيد على ستّة عشر موضعا(١) ، خمسة منها عن الربيع بن خثيم، وحكايتان عن أويس القرني، وهرم بن حيّان، وهؤلاء الثلاثة من الزهّاد الثمانية الذين كانوا مع أمير المؤمنينعليه‌السلام .

روى الكشيّ، عن عليّ بن محمد بن قتيبة، قال: سئل أبو محمد الفضل ابن شاذان عن الزهّاد الثمانية، فقال: الربيع بن خثيم، وهرم بن حيّان، وأويس القرني، وعامر بن عبد قيس، وكانوا مع عليّعليه‌السلام ومن أصحابه، وكانوا زهّادا أتقياء - إلى أن قال - وأويس القرني مفضّل عليهم كلهم(٢) .

وثلاثة عن أبي ذررضي‌الله‌عنه ، وحكاية عن عبد الله بن مسعود، واخرى عن أبيّ بن كعب، وحالهم غير خفيّ، وحكاية عن وهب بن منبه، واخرى عن زيد ابن ثابت، واخرى عن سفيان بن عيينة في ذمّ القرّاء، والفتيا لمن ليس من أهلها.

فإن كان المراد من قول المجلسيرحمه‌الله أنّه اشتمل على الرواية من مشايخهم، ومن يعتمدون عليه في رواياتهم، ما حكاه عن زيد بن ثابت، وسفيان في المقامين.

فلعمري إنّه طعن في غير محلّ، فإنّ الاستشهاد بكلامهما في المقامين، كالاستشهاد بمدائح الأعداء في إثبات فضائل الخلفاءعليهم‌السلام ، فإنّهما من رؤساء القرّاء، وأرباب الفتيا.

__________________

(١) مصباح الشريعة: على التوالي ١٠٦، ١٧٥، ٤٤٥، ٥٠٧، ٤٣١، ٤٨٠، ١٨١، ٤٣٢، ٤٦٢، ٢٤٤، ٤٦٤، ١٨٠، ٤٩٧، ٣٧٣، ٣٥٤.

(٢) اختيار معرفة الرجال: ٣١٣ / ١٥٤.

٢٠٧

وأمّا الذين سبق ذكرهم غير وهب، فقد سبقت لهم من الله، ورسوله، ووصيّه صلوات الله عليهما وآلهما الحسنى، وإن كان في ضعف معرفة الربيع كلام، لا يضرّ في المقام، وفي غير واحد من أخبارهمعليهم‌السلام الاستشهاد بكلمات سلمان وحكمه ونصائح أبي ذرّ وموعظته، فلاحظ.

وأمّا ثالثا : فما في الرياض من أنّه قد اشتمل على الرواية عن جماعة هم متأخّرون عن هشام(١) ، قد ظهر بما ذكرنا ضعفه وبطلانه، فإنّ الذين عددناهم غير سفيان متقدّمون على هشام بطبقات، وأمّا هو ففي طبقته، وهذا منهرحمه‌الله مع طول باعه عجيب.

وأمّا رابعا : فما في الهداية من أنّ سنده لم يثبت، ففيه إنّ المراد من السند إن كان هو المعنى المصطلح، والمراد من الثبوت هو أحد الأقسام الثلاثة منه، من الصحيح أو الحسن أو الموثّق، ففيه مع أنّه غير معترف به، وخارج من طريقته إنّه لم يدعه أحد، ولا حاجة إليه خصوصا على مسلكه.

وإن كان المراد مطلق الاطمئنان بثبوته، والوثوق بصدوره ففيه إنّه يكفي شهادة هؤلاء المشايخ العظام، الذين أشرنا إليهم في الوثوق به، وقد اكتفى هو بأقلّ من ذلك في إثبات اعتبار تمام ما اعتمد عليه من الكتب، ونقل عنه.

هذا كتاب تحف العقول، للحسن بن عليّ بن شعبة، قد اكتفى بمدحه ومدح الكتاب، ونسبته إليه في الأمل(٢) بما في مجالس المؤمنين(٣) ، وليس له ولا لكتابة ذكر في مؤلّفات أصحابنا قبله، إلاّ ما نقلناه عن الشيخ إبراهيم القطيفي في رسالته، في الفرقة الناجية، وقد أكثر من النقل عن التحف في الوسائل.

ومثله في عدم الذكر والجهالة الحسن بن أبي الحسن الديلمي وكتبه، سيّما

__________________

(١) رياض العلماء ٦: ٤٥.

(٢) أمل الأمل ٢: ٧٤.

(٣) مجالس المؤمنين ١: ٣٨٣.

٢٠٨

إرشاد القلوب، الذي قد أكثر من النقل عنه، وعدّه من الكتب المعتمدة، التي نقل منها، وشهد بصحّتها مؤلّفوها، وليس له أيضا ذكر فيما وصل إليه وإلينا من مؤلّفات أصحابنا، سوى ما نقله عنه الشيخ ابن فهد في عدّة الداعي، في بعض المواضع، بعنوان الحسن بن أبي الحسن الديلمي(١) ، فمن أين عرفه، وعرف وثاقته، وعرف نسبة الكتاب إليه وشهادته بصحّته؟ فهل هذا إلاّ تهافت في المذاق، وتناقض في المسلك! وإن كانت المسامحة فيهما لعدم اشتمالهما على فروع الأحكام، واقتصارهما غالبا على ما يتعلّق بالأخلاق والفضائل والمواعظ، فهلاّ كانت شهادة هؤلاء الأجلّة على صحّة المصباح، كافية في عدّه ثالثا لهما! فإنّه أيضا مثلهما. وكذا الكلام في صحّة نسبة كتاب الاختصاص الى المفيدرحمه‌الله ، وقد تسامح فيه بما لا يخفى على الناقد البصير.

وأمّا خامسا : فما في الهداية أيضا، إنّ فيه أشياء منكرة، مخالفة للمتواترات قلت: ليتهرحمه‌الله أشار الى بعضها، فإنّا لم نجد فيه ما يخالف المشهور، فضلا عن المتواتر، نعم فيه باب في معرفة الصحابة(٢) ، وذكر فيه ما

__________________

(١) عدة الداعي: ٢٣٧ و ٢٤١ و ٢٦٩ و.

(٢) جاء في هامش النسخة الحجرية من المستدرك ص ٣٣٢ ما نصه: « الباب في معرفة الصحابة، قال الصادقعليه‌السلام : لا تدع اليقين بالشك، والمكشوف بالخفي، ولا تحكم على ما لم تره بما تروى عنه، قد عظم الله عز وجلّ أمر الغيبة، وسوء الظن بإخوانك من المؤمنين، فكيف بالجرأة على إطلاق قول، واعتقاد، وزور، وبهتان، في أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال الله عز وجلّ: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ وما دمت تجد الى تحسين القول والفعل في غيبتك وحضرتك سبيلا، فلا تتخذ غيره، قال الله تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً واعلم إنّ الله تبارك وتعالى اختار لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أصحابه طائفة أكرمهم بأجل الكرامة، وحلاهم بحلية التأييد والنصر والاستقامة، لصحبته على المحبوب والمكروه، وأنطق لسان نبيه محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفضائلهم ومناقبهم وكراماتهم، واعتقد محبتهم، وذكر فضلهم. وأحذر مجالسة أهل البدع، فإنها تنبت في القلب كفرا وضلالا مبينا، وإن اشتبه عليك فضيلة بعضهم فكلهم إلى عالم الغيب، وقل: اللهم إني محب لمن أحببته أنت ورسولك، ومبغض لمن أبغضت أنت ورسولك، لم يكلفك فوق ذلك » انتهى. وفي قوله: من أصحابه طائفة. الى آخره، تصريح بما تقوله الإمامية فتأمل. ( منه قده )

٢٠٩

يوهم أنّ الأصل فيهم الحسن، والفضل، والعدالة، على طريقة أهل السنّة.

فأوّل ما يقال: إنّ هذا الباب من دسيس بعضهم في هذا الكتاب، ويشهد له أنّه بني على مائة باب على ما يظهر من النسخ، وما لها من الفهرست، والباب السبعون الذي يوجد فيها أنّه في معرفة الصحابة، هو في الفهرست في حرمة المؤمنين، وعليه يتم الأبواب، وليس في الفهرست عنوان لمعرفة الصحابة، وفي النسخة جعل الباب السبعين في معرفة الصحابة، والحادي بعده في حرمة المؤمنين، والثاني والسبعين في برّ الوالدين، ثمّ كرّر وقال: الباب الثاني والسبعون في الموعظة، فإن جعلناه من غلط النسّاخ يزيد باب على المائة، وهو خلاف ما في الفهرست والنسخ، وإلاّ فهو أيضا من تدليس المدسّس ويكشف عن أنّ الباب المذكور خارج عن الأصل، لاحق به، فلاحظ.

ولو سلّمنا كونه من أبوابه، فمن المحتمل أنّهعليه‌السلام لمّا كان في مقام تهذيب الأخلاق، ونشر الآداب والسنن، وشرح حقيقتها وحكمتها، وقد شاع في عصرهعليه‌السلام من صوفيّتهم، الذين أضلّوا الناس بمموهات كلماتهم، ألحقه في هذا المقام، وإن أرادوا بها جلب العوام، وكانوا يفتخرون بهم، ويعجبون من كلماتهم، وينقلونها في محافلهم وناديهم، ويذكرونها في زبرهم ومؤلّفاتهم، بل كان خلفاء عصرهم يشيّدون أركانهم إطفاء لهذا النور، الذي كان من الله جلّ جلاله في أهل بيت نبيّهم، وصرف القلوب التي كانت تهوى وتحنّ إليهم، بما شاهدوا من المقامات العالية من صفات قلوبهم عنهمعليهم‌السلام ، أراد صلوات الله عليه أن يريهم أنّهم حيث ما كانوا، وأينما بلغوا بفهمهم القاصر، وفكرهم الفاتر، فهم دون رتبته ومقامه، ومحتاجون الى

٢١٠

التوسّل بكلامه، والتمسّك بمرامه، فذكر في مقام حال الصحابة ما يصير سببا لاستئناسهم وألفتهم، ورغبتهم في النظر إليه والتدبّر فيه، الموجب لولوج علوّ شأنهعليه‌السلام وعظم مقامه في صدورهم وقلوبهم، ويهوّن عليهم مقام البصري، واليماني، ويصغر في أعينهم البلخي، والبناني.

ثمّ نقول بعد ذلك: إنّ ما فيه في مدح الصحابة دون ما في الصحيفة الكاملة، من الصلاة على أتباع الرسل، قالعليه‌السلام : « اللهم وأصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، خاصّة الذين أحسنوا الصحابة، والذين أبلوا البلاء الحسن في نصرة، وكانفوه(١) ، وأسرعوا إلى وفادته، وسابقوا الى دعوته، واستجابوا له حيث أسمعهم حجّة رسالاته، وفارقوا ( الأزواج والأولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا )(٢) الآباء والأبناء في تثبيت نبوّته، وانتصروا به، ومن كانوا منطوين على محبّته، يرجون تجارة لن تبور في مودّته، والذين هجرتهم العشائر وتعلّقوا بعروته، وانتفت منهم القرابات، إذ سكنوا في ظلّ قرابته، فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك، وأرضهم من رضوانك، وبما حاشوا(٣) الخلق عليك، وكانوا مع رسولك دعاة لك إليك، واشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم، وخروجهم من سعة المعاش الى ضيقه، ومن كثّرت في إعزاز دينك من مظلومهم(٤) .

بل مدحهم أمير المؤمنينعليه‌السلام بما فوق ذلك، ففي حديث أبي أراكة، الذي رواه جماعة من المشايخ بطرق متعدّدة، ومتون مختلفة، بالزيادة والنقيصة، وهو على لفظ السيّد في النهج: « لقد رأيت أصحاب محمد صلّى الله

__________________

(١) كانفوه: عاونوه، والمكانفة: المعاونة. ( لسان العرب ٩: ٣٠٨.

(٢) لم ترد في المخطوطة.

(٣) حاشوا الخلق عليك: أي جمعوا الخلق على طاعتك. ( لسان العرب ٦: ٢٠٩ )

(٤) الصحيفة السجادية الكاملة: الدعاء الرابع.

٢١١

عليه وآله، فما أرى أحدا يشبههم، لقد كانوا يصبحون شعثا غبرا، قد باتوا سجّدا وقياما، يراوحون بين جباههم وخدودهم، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم، كأنّ بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم، إذا ذكر الله هملت أعينهم حتّى تبلّ جيوبهم، مادوا كما تميد الشجر يوم الريح العاصف، خوفا من العقاب، ورجاء للثواب »(١) .

والتحقيق : أن يقال في أمثال هذه الأخبار: إنّ أصحابه صلّى الله عليه وكانوا على هذه الصفات، فمن كان ممّن لقيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حاويا لها كان من أصحابه، ومن فقدها كان في زمرة المنافقين، خارجا عن اسم الصحابة، كما يشهد لذلك قوله تعالى:( وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ) (٢) الآية، على ما حقّق في محلّه.

وما في المصباح أيضا إيماء إلى ذلك حيث قال: واعلم أنّ الله تعالى اختار لنبيّه من أصحابه طائفة أكرمهم بأجلّ الكرامة، إلى آخر ما ذكره، فلاحظ(٣) .

أو يقال: إنّ هذه المدائح للذين كانوا في عصره، لا لمن بقي بعده وأحدث، ولعلّ الأصل فيهم الصحّة والسلامة، إلاّ من عرف بالنفاق والخيانة.

ففي الخصال: بالسند الصحيح، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « كان أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثنا عشر ألف رجل، ثمانية آلاف رجل من المدينة، وألفان من مكة، وألفان من الطلقاء لم ير فيهم قدري، ولا مرجئ، ولا حروري، ولا معتزلي، ولا صاحب رأي، كانوا يبكون اللّيل والنهار، ويقولون: اقبض أرواحنا قبل أن نأكل خبز الخمير(٤) . ولعلّ فيه

__________________

(١) نهج البلاغة ١: ١٩٠ / ٩٣.

(٢) الفتح ٤٨: ٢٩.

(٣) مصباح الشريعة: ٣٨٨.

(٤) الخصال: ٦٤٠.

٢١٢

إشارة، أو دلالة على الاحتمال الأوّل.

وفي دعائم الإسلام: عن عليّ بن الحسين، ومحمد بن عليّعليهم‌السلام أنّهما ذكرا وصيّة عليّعليه‌السلام عند وفاته وفيها: « وأوصيكم بأصحاب محمد الذين لم يحدثوا حدثا، ولم يؤوا محدثا، ولم يمنعوا حقّا، فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أوصانا بهم، ولعن المحدث منهم، ومن غيرهم »(١) .

هذا وفي رجال النجاشي: محمد بن ميمون، أبو نصر الزعفراني، عاميّ، غير أنّه روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام نسخة، روى ذلك عبد الله بن أحمد ابن يعقوب بن البواب المقرئ، قال: حدّثنا محمد بن الحسين بن الحفص الخثعمي، قال: حدّثنا محمد بن عبيد المحاربي، قال: حدّثنا محمد بن ميمون، عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام (٢) .

وفيه: الفضيل بن عياض، بصري، ثقة، عاميّ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام نسخة، أخبرنا علي بن أحمد، عن محمد بن الحسين، عن سعد، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، قال: حدّثنا سليمان بن داود، عن فضيل، بكتابه(٣) .

وفيه: عبد الله بن أبي أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، حليف بني تيم بن مرّة، أبو أويس له نسخة عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن عثمان، قال: حدّثنا جعفر بن محمد بن عبيد الله، قال: حدّثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي الكسائي الرازي، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: حدّثني أبي أبو أويس، عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، بكتابه(٤) .

__________________

(١) دعائم الإسلام ٢: ٣٥٠.

(٢) رجال النجاشي: ٣٥٥ / ٩٥٠.

(٣) رجال النجاشي: ٣١٠ / ٨٤٧.

(٤) رجال النجاشي: ٢٢٤ / ٥٨٦.

٢١٣

وفيه: سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي، كان جدّه أبو عمران عاملا من عمّال خالد القسري، له نسخة عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أخبرنا أحمد بن عليّ، قال: حدّثنا محمد بن الحسن، قال: حدّثنا الحميري.

وأخبرنا أحمد بن عليّ بن العباس، عن أحمد بن محمد بن يحيى، قال: حدّثنا الحميري، قال: حدّثنا محمد بن أبي عبد الرحمن، عنه(١) .

وفيه: إبراهيم بن رجاء الشيباني أبو إسحاق، المعروف بابن أبي هراسة - وهراسة امّه - عامّي روى عن الحسين بن عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، وعبد الله بن محمد بن عمر بن عليّعليه‌السلام ، وجعفر بن محمدعليهما‌السلام ، وله عن جعفرعليه‌السلام نسخة، أخبرنا عليّ بن أحمد، عن محمد ابن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفّار، عن هارون بن مسلم، عن إبراهيم(٢) .

وفي فهرست الشيخ: جعفر بن بشير البجلي ثقة جليل القدر - إلى أن قال - وله كتاب ينسب الى جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، رواية عليّ بن موسى الرضاعليهما‌السلام (٣) .

فهذه ستّة نسخ منسوبة إلى الصادقعليه‌السلام ، غير الرسالة الأهوازيّة، والرسالة إلى أصحابه، المرويّة في أول روضة الكافي(٤) ، فمن الجائز أن تكون إحداها المصباح، خصوصا ما نسب الى الفضيل بن عيّاض، وهو من مشاهير الصوفيّة، وزهّادهم حقيقة، كما يظهر من توثيق النجاشي، ومدحه الشيخ بالزهد(٥) .

__________________

(١) رجال النجاشي: ١٩٠ / ٥٠٦.

(٢) رجال النجاشي: ٢٣ / ٣٤.

(٣) الفهرست: ٤٣ / ١٣١.

(٤) الكافي ٨: ٢.

(٥) رجال النجاشي: ٣١٠ / ٨٤٧، رجال الشيخ: ٢٧١ / ١٨.

٢١٤

وفي أمالي الصدوققدس‌سره : بإسناده عن الفضيل بن عيّاض، قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن أشياء من المكاسب، فنهاني عنها، وقال: « يا فضيل والله لضرر هؤلاء على هذه الأمّة أشدّ من ضرر الترك والديلم »، وسألته عن الورع من الناس، قال: « الذي يتورّع عن محارم الله، ويتجنّب هؤلاء، وإذا لم يتّق الشبهات وقع في الحرام وهو لا يعرفه، وإذا رأى منكرا فلم ينكره وهو يقدر عليه، فقد أحبّ أن يعصى الله [ ومن أحب أن يعصى الله ] فقد بارز الله بالعداوة، ومن أحبّ بقاء الظالمين فقد أحبّ أن يعصى الله، إنّ الله تبارك وتعالى حمد نفسه على هلاك الظالمين، فقال:( فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) (١) »(٢) .

وقال الأستاذ الأكبر في التعليقة: وفي هذه الرواية ربّما يكون إشعار بأنّ فضيلا ليس عاميّا، فتأمل. ثم ذكر خبرا من العيون فيه إشعار بعاميّته(٣) .

وقد أخرج الكلينيقدس‌سره عنه خبرا، في باب الحسد(٤) ، وآخر في آخر باب الإيمان والكفر(٥) ، وآخر في باب الكفالة والحوالة(٦) .

وبالجملة فلا أستبعد أن يكون المصباح هو النسخة التي رواها الفضيل، وهو على مذاقه ومسلكه، والذي اعتقده أنّه جمعه من ملتقطات كلماتهعليه‌السلام ، في مجالس وعظه ونصيحته، ولو فرض فيه شيء يخالف مضمونه بعض

__________________

(١) الأنعام ٦ آية ٤٥.

(٢) لم نقف على هذا الحديث في النسخ المطبوعة من الأمالي. ورواه الشيخ الكليني في الكافي ٥: ١٠٨ حديث ١١.

(٣) تعليقة الوحيد على منهج المقال: ٢٦١، وانظر عيون أخبار الرضا ١: ٨١ قطعة من حديث ٩.

(٤) الكافي ٢: ٢٣٢ حديث ٧.

(٥) الكافي ٢: ٣٣٤ حديث ٢.

(٦) لم نعثر على حديث للفضيل في الباب المذكور. وإنّما في الباب الذي يليه وهو باب « عمل السلطان وجوائزهم » الكافي ٥: ١٠٨ حديث ١١.

٢١٥

ما في غيره، وتعذّر تأويله فهو منه على حسب مذهبه، لا من فريته وكذبه، فإنّه ينافي وثاقته.

وقد أطنبنا الكلام في شرح حال المصباح مع قلّة ما فيه من الأحكام، حرصا على نشر المآثر الجعفريّة، والآداب الصادقيّة، وحفظا لابن طاوس، والشهيد، والكفعمي -رحمهم‌الله تعالى - عن نسبة الوهم والاشتباه إليهم، والله العاصم.

٢١٦

٤١ - صحيفة الرضاعليه‌السلام :

ويعبّر عنه أيضا بمسند الرضاعليه‌السلام ، كما في مجمع البيان(١) ، وبالرضويات كما في كشف الغمة(٢) ، وهو من الكتب المعروفة المعتمدة، الذي لا يدانيه في الاعتبار والاعتماد كتاب صنّف قبله، أو بعده، وهو داخل في فهرست كتاب الوسائل، إلاّ أنّ له نسخا متعدّدة، وأسانيد مختلفة، ويزيد متن بعضها على بعض، واقتصر صاحب الوسائل على نسخة الشيخ الطبرسيقدس‌سره وروايته، وكأنّه لم يلتفت إلى اختلافها، أو لم يعثر على باقيها، وقد عثرنا على بعضها، وأخرجنا منها ما ليس في نسخة الطبرسي، فرأيت إن أشير إلى الاختلاف، وأذكر الطرق، فربما وقف الناظر على خبر نقلته، أو نقل منها، ولا يوجد في النسخة المعروفة، فلا يبادر إلى التخطئة.

وقد جمعها الفاضل الآميرزا عبد الله في رياض العلماء، ونحن نسوقها بألفاظه قال:

فمن ذلك ما رأيته في بلدة أردبيل، في نسخة من هذه الصحيفة، وكان صدر سندها هكذا:

قال الشيخ الإمام الأجلّ العالم نور الملّة والدين، ظهير الإسلام والمسلمين، أبو أحمد أناليك العادل المروزي: قرأ علينا الشيخ القاضي الإمام الأجلّ الأعزّ الأمجد الأزهد، مفتي الشرق والغرب، بقيّة السلف، أستاذ الخلف، صفيّ الملّة والدين، ضياء الإسلام والمسلمين، وارث الأنبياء والمرسلين أبو بكر محمود بن عليّ بن محمد السرخسي، في المسجد الصلاحي بشاذياخ

__________________

(١) مجمع البيان: لم نعثر عليه فيه.

(٢) كشف الغمة ١: ٨٩.

٢١٧

نيسابور - عمّرها الله - غداة يوم الخميس، الرابع من ربيع الأوّل من شهور سنة عشر وستمائة، قال: أخبرنا الشيخ الإمام الأجلّ السيد الزاهد، ضياء الدين حجة الله على خلقه، أبو محمد الفضل بن محمد بن إبراهيم الحسيني - تغمّده الله بغفرانه، وأسكنه أعلى جنانه - في شهور سنة سبع وأربعين وخمسمائة، قراءة عليه، قال: أخبرنا أبو المحاسن أحمد بن عبد الرحمن اللبيدي، قال: أخبرنا أبو لبيد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن لبيد، قال: حدّثنا الأستاذ الإمام أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب -رضي‌الله‌عنه - سنة خمس وأربعمائة، بنيسابور في داره، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد - حافد العباس بن حمزة - سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، قال: حدّثنا أبو القاسم عبد الله. بن أحمد بن عامر الطائي بالبصرة، قال: حدّثني أبي في سنة ستين ومائتين، قال: حدّثنا عليّ بن موسى الرضاعليهما‌السلام ، إمام المتّقين، وقدوة أسباط سيّد المرسلين، ممّا أورده في مؤلّفه المعنون بصحيفة أهل البيتعليهم‌السلام ، سنة أربع وتسعين ومائة، قال: حدّثني أبي موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، قال. إلى آخره.

وبسند آخر: وبعد فيقول الفقير إلى الله تعالى الكريم الغنيّ، طاهر بن محمد الراونبزي - غفر له ولوالديه وأحسن في الدارين إليهما واليه -: أخبرني بالصحيفة المباركة الميمونة، الموسومة بصحيفة الرضاعليه‌السلام - إجازة بإجازته العامّة - شيخي ومخدومي، قدوة أرباب الهدى، أسوة أصحاب التقى، بقيّة كرام الأولياء، قطب دوائر المحقّقين، الشيخ سعد الحقّ والملّة والدين، يوسف بن الشيخ الكبير، والبدر المنير، خلف الأقطاب، الشيخ فخر الحقّ والملّة والدين، عبد الواحد الحموي -قدس‌سرهما ، وأكثر برّهما - قال: أخبرني إجازة شيخي ومخدومي، وعمّي وأستاذي، ومن عليه في أمور الدنيا اعتمادي، الشيخ غياث الحقّ والدين، هبة الله الحموي - تغمّده الله بغفرانه، بالإجازة العامّة - عن سيّده وجدّه، شيخ الإسلام والمسلمين، سلطان المحدّثين، الشيخ

٢١٨

صدر الحقّ والملّة والدين، إبراهيم الحموي -قدس‌سره - قال: أخبرني الشيخ السند، شرف الدين أبو الفضل أحمد بن هبة الله الدمشقي قراءة بها وأنا أسمع، يوم الأربعاء، الحادي عشر من ربيع الأوّل، سنة خمس وتسعين وستمائة، بالخانقاه الشّمياطي، قيل له: أخبرك الشيخ أبو روح عبد العزيز بن محمد الهروي، بروايته عن الشيخ أبي القاسم زاهر بن طاهر الشحامي إجازة، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد السكاكي، قال: أخبرني الإمام أبو القاسم حبيب، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد النيسابوري الحفيد، قال: حدّثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي بالبصرة، قال: حدّثني أبي سنة ستين ومائتين، قال: حدّثني الإمام علي بن موسىعليهما‌السلام سنة أربع وتسعين ومائة قال: حدّثني أبي. إلى آخره.

وبسند آخر: حدّث القاضي مرشد الأزكياء، أبو منصور عبد الرحيم بن أبي سعيد المظفّر بن عبد الرحيم الحمدوني، قال: حدّثني القاضي الإمام فخر الإسلام أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل الروياني قراءة عليه، قال: أخبرنا الشيخ العالم أبو الفضل محمد بن عبد الرحمن بن محمد العريضي النيسابوري - بالريّ قدم حاجّا - قال: أخبرنا الأستاذ الإمام أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المفسّر(١) ، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد - حفدة العباس ابن حمزة، سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة - قال: حدّثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد ابن عامر الطائي بالبصرة، قال: حدّثني أبي سنة ستّين ومائتين، قال: حدّثني علي ابن موسى الرضاعليهما‌السلام سنة أربع وتسعين ومائة.

وبسند آخر: أخبرني الشيخ الفقيه أبو علي الحسن بن علي بن أبي طالب الفزاري(٢) - المعروف بخابوسة، سنة سبع وعشرين وخمسمائة - قال: أخبرني

__________________

(١) في نسخة: المفتي.

(٢) نسخة بدل: الفزري.

٢١٩

القاضي الزكيّ الكبير، أبو الفضل عبد الجبّار بن الحسين بن محمد الزبربري، قال: أخبرنا الشيخ الجليل عليّ بن أحمد بن عليّ بن أميرك الطريقي، قال: أخبرنا الشريف أبو عليّ الحسن بن محمد بن يحيى بن محمد بن أحمد بن عبد الله ابن موسى(١) بن الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام - نزله في المسجد الحرام، في قبّة الشراب، يوم الاثنين السابع والعشرين من ذي الحجّة، سنة أربع وتسعين وثلاثمائة - قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن حمدونة، أبو نصر البغدادي - بمرو الرود - قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي - بالبصرة - قال: حدّثني أبي - سنة ستّين ومائتين - قال: حدّثني أبو الحسن عليّ ابن موسى الرضاعليهما‌السلام ، قال: حدّثني أبي. إلى آخره.

وبسند آخر: قال الشيخ الإمام الأجلّ العالم، عماد الدين، جمال الإسلام، أبو المعالي، محمد بن محمد بن الحسين المرزباني القمي - مدّ الله في عمره -: أخبرني بهذه الصحيفة - من أوّلها إلى آخرها، وبالزيادة في آخرها - الشيخ الإمام نجم الدين، شيخ الإسلام، أبو المعالي، الحسن بن عبد الله بن أحمد البزّاز، قال: أخبرني بها الشيخ الإمام ركن الدين، علي بن الحسن بن العباس الصندلي، قال: أخبرني أبو القاسم يعقوب بن أحمد، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد - حفدة العباس بن حمزة - قال: حدّثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي - بالبصرة - قال: حدّثني أبي - في سنة ستّين ومائتين - قال: حدّثني عليّ بن موسى الرضاعليه‌السلام - سنة أربع وتسعين ومائة - قال: حدّثني. إلى آخره.

وبسند آخر: أخبرنا الشيخ الفاضل، العالم الكامل، قطب السالكين، مؤيّد الإسلام والمسلمين، عبد العلي بن عبد الحميد(٢) بن محمد السبزواري،

__________________

(١) جاء في حاشية المخطوطة والحجرية: كذا والظاهر انه هنا سقط بعض الأسامي.

(٢) هامش الحجرية نسخة بدل: عبد المجيد.

٢٢٠