مرآة العقول الجزء ١

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 358

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
المحقق: السيد هاشم الرسولي
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 358
المشاهدات: 32284
تحميل: 3910


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 358 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 32284 / تحميل: 3910
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 1

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أتوهم شيئاً فقال نعم غير معقول ولا محدود فما وقع وهمك عليه من شيء فهو خلافه لا يشبهه شيء ولا تدركه الأوهام كيف تدركه الأوهام وهو خلاف ما يعقل وخلاف ما يتصور في الأوهام إنما يتوهم شيء غير معقول ولا محدود.

________________________________________________________

تعالى متوحداً بحقيقته وصفاته متنزها عن غيره.

قوله أتوهم شيئا: الظاهر أنه استفهام بحذف أداته أي أتصوره شيئاً وأثبت له الشيئية وقيل: الهمزة للاستفهام والفعل ماض مجهول أو مضارع معلوم بصيغة الخطاب بحذف إحدى التائين، وقيل: على صيغة التكلم خبر وما ذكرنا أظهر، وقولهعليه‌السلام نعم غير معقول، أي تصوره وتعقله شيئاً غير معقول بالكنه، ولا محدود بالحدود العقلية ولا بالحدود الحسية الظاهرية والباطنية من السطوح والخطوط والنقاط والأشكال والنهايات، وقولهعليه‌السلام فما وقع وهمك عليه، تفريع على قوله: ولا محدود، وقولهعليه‌السلام : لا يشبهه شيء: استئناف بياني، وجملة القول في ذلك أن من المفهومات مفهومات عامة شاملة لا يخرج منها شيء من الأشياء لا ذهنا ولا عينا كمفهوم الشيء والموجود والمخبر عنه، وهذه معان اعتبارية يعتبرها العقل لكل شيء، إذا تقرر هذا فاعلم أن جماعة من المتكلمين بالغوا في التنزيه حتّى امتنعوا من إطلاق اسم الشيء بل العالم والقادر وغير هما على الله سبحانه، محتجين بأنه لو كان شيئاً شارك الأشياء في مفهوم الشيئية، وكذا الموجود وغيره، وذهب إلى مثل هذا بعض معاصرينا، فحكم بعدم اشتراك مفهوم من المفهومات بين الواجب والممكن، وبأنه لا يمكن تعقل ذاته وصفاته تعالى بوجه من الوجوه، ويكذب جميع الأحكام الإيجابية عليه تعالى، ويرد قولهم هذا الخبر وغيره من الأخبار المستفيضة، وبناء غلطهم على عدم الفرق بين مفهوم الأمر وما صدق عليه، وبين الحمل الذاتي والحمل العرضي وبين المفهومات الاعتبارية والحقائق الموجودة، فأجابعليه‌السلام بأن ذاته تعالى وإن لم يكن معقولاً لغيره ولا محدوداً بحد إلا أنه مما يصدق عليه مفهوم شيء، لكن كلّ ما يتصور من الأشياء فهو بخلافه، لأنّ كلّ ما يقع في الأوهام والعقول فصورها الإدراكية كيفيات نفسانية وأعراض

٢٨١

٢ - محمّد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن إسماعيل، عن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح، عن الحسين بن سعيد قال سئل أبو جعفر الثانيعليه‌السلام يجوز أن يقال لله إنه شيء قال نعم يخرجه من الحدين حد التعطيل وحد التشبيه.

٣ - علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي المغراء رفعه، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال إنّ الله خلو من خلقه وخلقه خلو منه وكل ما وقع عليه

________________________________________________________

قائمة بالذهن، ومعانيها مهيات كلية قابلة للاشتراك والانقسام، فهو بخلاف الأشياء، وقولهعليه‌السلام إنما يتعقل(١) شيء إعادة للمدعي بعنوان الحصر، ونتيجة للدليل.

الحديث الثاني: ضعيف.

قوله: حد التعطيل: هو عدم إثبات الوجود والصفات الكمالية والفعلية والإضافية له تعالى، وحد التشبيه الحكم بالاشتراك مع الممكنات في حقيقة الصفات وعوارض الممكنات.

الحديث الثالث: مرفوع.

قولهعليه‌السلام : خلو من خلقه، والخلو بكسر الخاء وسكون اللام الخالي، فقوله:خلو من خلقه أي من صفات خلقه، أو من مخلوقاته، فيدل على نفي ما ذهبت إليه الأشاعرة من الصفات الموجودة الزائدة لأنها لا بد أن يكون مخلوقة لله تعالى، بانضمام المقدمتين الأخيرتين المبنيتين على التوحيد، واتصافه بمخلوقه مستحيل، لما تقرر من أن الشيء لا يكون فاعلا وقابلاً لشيء واحد، وأيضا الفاقد للشيء لا يكون معطياً له، وكذا يدل على نفي ما ذهبت إليه الكرامية من اتصافه سبحانه بالصفات الموجودة الحادثة، وعلى نفي ما ذهب إليه بعض الصوفية من عروض المهيات الممكنة للوجود القائم بالذات تعالى عن ذلك علوا كبيرا.

قوله: وخلقه خلو منه: أي من صفاته أو المراد أنه لا يحل في شيء بوجه من الوجوه، فينفى كونه عارضا لشيء أو حالا فيه أو متمكنا فيه، إذ ما من شيء إلا وهو مخلوق له بحكم المقدمتين الأخيرتين، فيدل على نفي قول النصارى القائلين بأنه

__________________

(١) وفي المتن « إنما يتوهم شيء » كما هو بيمينك، ولعله من باب النقل بالمعنى.

٢٨٢

اسم شيء فهو مخلوق ما خلا الله

________________________________________________________

سبحانه جوهر واحد ثلاثة أقانيم هي الوجود والعلم والحياة المعبر عنها عندهم بالأب والابن وروح القدس، ويقولون: الجوهر: القائم بنفسه، والأقنوم: الصفة، وجعل الواحد ثلاثة إمّا جهالة محضة، أو ميل إلى أن الصفات عين الذات، لكنه لا يستقيم ذلك مع سائر كلماتهم واقتصارهم على العلم والحياة دون القدرة وغيرها جهالة أخرى وكأنهم يجعلون القدرة راجعة إلى الحياة، والسمع والبصر إلى العلم، ثمّ قالوا: الكلمة وهي أقنوم العلم اتحدت بجسد المسيح وتدرعت بناسوته، بطريق الامتزاج كالخمر بالماء عند الملكائية، وبطريق الإشراق كما تشرق الشمس من كوة على بلور عند النسطورية وبطريق الانقلاب لحما ودما بحيث صار الإله هو المسيح عند اليعقوبية، ومنهم من قال: ظهر اللاهوت بالناسوت كما يظهر الملك في صورة البشر، وقيل: تركبت اللاهوت والناسوت كالنفس مع البدن، وقيل: إنّ الكلمة قد تداخل الجسد فيصدر عنه خوارق العادات، وقد تفارقه فتحله الآلام والآفات إلى غير ذلك من الهذيانات، وينفي أيضاً مذهب بعض الغلات القائلين بأنه لا يمتنع ظهور الروحاني بالجسماني كجبرئيل في صورة دحية الكلبي، وكبعض الجن والشياطين في صورة الأناسي، فلا يبعد أن يظهر الله تعالى في صورة بعض الكاملين، وأولى الناس بذلك أمير المؤمنين وأولاده المخصوصون الّذين هم خير البرية في العلم والكمالات العلمية والعملية فلهذا كان يصدر عنهم من العلوم والأعمال ما هو فوق الطاقة البشرية، وينفى أيضاً مذاهب أكثر الصوفية فإن بعضهم يقال: بأن السالك إذا أمعن في السلوك وخاض لجة الوصول فربما يحل الله - سبحانه وتعالى عمّا يقولون - فيه كالنار في المجمر، بحيث لا تمايز أو يتحد به بحيث لا اثنينية ولا تغاير وصح أن يقول، هو أنا وأنا هو، وحينئذ يرتفع الأمر والنهي، ويظهر منه من الغرائب والعجائب ما لا يتصور من البشر، ويظهر من كلام بعضهم أن الواجب تعالى هو الموجود المطلق، وهو واحد لا كثرة فيه أصلاً، وإنما الكثرة في الإضافات والتعينات الّتي هي بمنزلة الخيال والسراب، إذا لكل في الحقيقة واحد يتكرر على المظاهر، لا بطريق

٢٨٣

٤ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن زرارة بن أعين قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إنّ الله خلو من خلقه وخلقه خلو منه وكل ما وقع عليه اسم شيء ما خلا الله فهو مخلوق والله خالق كلّ شيء تبارك الّذي( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ - وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) .

٥ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن عطية، عن خيثمة، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إنّ الله خلو من خلقه وخلقه خلو منه وكل ما وقع عليه اسم شيء ما خلا الله تعالى فهو مخلوق و( اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) .

٦ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن العباس بن عمرو الفقيمي، عن هشام

________________________________________________________

المخالطة ويتكثر في النواظر لا بطريق الانقسام، فأمره دائر بين القول باتحاد جميع الموجودات مع الواجب تعالى، أو القول بعدم تحقق موجود آخر غير الواجب في الواقع، وكل منهما سفسطة تحكم بديهة العقل ببطلانه، وضرورة الدين بفساده وطغيانه.

الحديث الرابع: صحيح، والبركة: الزيادة من الخير والثبات عليه والطهارة من العيب.

قولهعليه‌السلام ليس كمثله: أي ليس له ما يشبه أن يكون مثله فكيف مثله، أو ليس مثل مثله، فيدل على نفي مثله بالكناية الأبلغ لأنّ على تقدير وجود المثل يكون هو مثل مثله، والمشهور أن الكاف زائدة وأردفه بقوله( وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) لئلا يتوهم أن نفي المثل يستلزم نفي الصفات كما توهم.

الحديث الخامس: حسن.

قولهعليه‌السلام : وكل ما وقع ...هذا كالتعليل للسابق وتتمة له وبانضمامه يدل على عينية صفاته تعالى وعدم تركبه فتدبّر، وإنما أورد هذا الخبر والذي قبله في هذا الباب لتضمنها استثناؤه سبحانه من قوله: كلما وقع عليه اسم شيء.

الحديث السادس: مجهول، وقد مر صدر الخبر وتكلمنا عليه.

٢٨٤

بن الحكم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال للزنديق حين سأله ما هو قال هو شيء بخلاف الأشياء ارجع بقولي إلى إثبات معنى وأنه شيء بحقيقة الشيئية غير أنه لا جسم ولا صورة ولا يحس ولا يجس ولا يدرك بالحواس الخمس لا تدركه الأوهام ولا تنقصه الدهور ولا تغيره الأزمان فقال له السائل فتقول إنه سميع بصير قال هو سميع بصير سميع بغير جارحة وبصير بغير آلة بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه ليس قولي إنه سميع يسمع بنفسه وبصير يبصر بنفسه أنه شيء والنفس شيء آخر ولكن

________________________________________________________

قوله: فتقول إنه سميع: إيراد على قولهعليه‌السلام لا جسم يعني أن له سمعاً وبصراً فكيف لا يكون جسماً، أو قلت إنه لا بد من العلم به بمحض الشيئية وقلت لا تدركه الأوهام فهل تثبت له من الصفات شيئاً أم لا فأجابعليه‌السلام : بأنا نثبت الصفات على وجه لا يشابه بها المخلوقات ولا يوجب له الاشتراك مع غيره لا في حقيقة الصفات، لأنّ غيره سميع بجارحة بصير بآلة وهو تعالى يسمع ويبصر، أي يعلم المسموعات والمبصرات لا بجارحة ولا بآلة ولا بصفة زائدة على ذاته، ليلزم علينا أن يكون له مجانس أو مشابه بل هو سميع بنفسه وبصير بنفسه ثمّ أشارعليه‌السلام إلى رفع توهم آخر وهو أن يقال: قولكم يسمع بنفسه يستدعي المغايرة بين الشيء ونفسه، لمكان باء السببية أو الآلية أو يقال حمل شيء على شيء أو صدقه عليه مما يستدعي مغايرة ما بين الموضوع والمحمول، فإذا قلنا إنه سميع بنفسه يتوهم أن المشار إليه بأنه شيء والسميع بنفسه شيء آخر، فقال: ليس قولي سميع بنفسه « إلخ » والمراد أن الضرورة دعت إلى إطلاق مثل هذه العبارات للتعبير عن نفي الكثرة عن ذاته حين كون الإنسان مسئولا يريد إفهام السائل في المعارف الإلهية فإنه يضطر إلى إطلاق الألفاظ الطبيعية والمنطقية الّتي تواطأ عليها الناس وهو المراد بقولهعليه‌السلام : ولكني أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسئولا أي أردت التعبير عمّا في نفسي من الاعتقاد في هذه المسألة بهذه العبارة الموهمة للكثرة لضرورة التعبير عمّا في نفسي إذ كنت مسئولا، ولضرورة إفهام

٢٨٥

أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسئولا وإفهاما لك إذ كنت سائلا فأقول إنه سميع بكله لا أن الكل منه له بعض ولكني أردت إفهامك والتعبير عن نفسي وليس مرجعي في ذلك إلا إلى أنه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف المعنى قال له السائل فما هو قال أبو عبد اللهعليه‌السلام هو الرب وهو المعبود وهو الله

________________________________________________________

الغير الّذي هو السائل ثمّ عبرعليه‌السلام بعبارة أخرى لفهم السائل ورفع(١) فقال فأقول إنه سميع بكله، ولما كان هذا موهما أن له سبحانه بعضا وجزءا نفى ذلك الوهم بقوله لا أن الكل منه له بعض وهو مجتمع من الأبعاض، بل المراد كونه سميعاً بحقيقته وذاته، الواحدة البسيطة لا غير المنقسمة والمتكثرة ثمّ أوضحعليه‌السلام ذلك بوجه آخر فقال: وليس مرجعي أي في كلامي إلا إلى كونه سميعاً بصيراً، ومرجع السمع والبصر فيه إلى كونه عالماً خبيراً بالمسموع والمبصر كعلم السامع البصير منا لكن لا بآلة وجارحة بل بلا اختلاف الذات بالأجزاء ولا اختلاف المعنى، أي الصفة للذات أو للصفة لما تحقق من امتناع اختلاف جهتي القابلية والفاعلية والإمكان والوجوب في المبدأ الأول جل شأنه.

قال الفارابي: إنه تعالى وجود كله، وجوب كله، علم كله، قدرة كله، حياة كله، إرادة كله، لا أن شيئاً منه علم، وشيئاً آخر قدرة، فيلزم التركيب في ذاته، ولا أن شيئاً فيه علم وشيئاً آخر فيه قدرة، ليلزم التكثير في صفاته.

قوله: فما هو؟ أي إذا تفردت ذاته سبحانه عن سائر الأشياء بحيث لا يشاركه شيء لا في الذات ولا في الصفات فما هو؟ وبأي شيء تعرف ذاته؟ فإن التعريف إنما يكون بالحدود وإما بالرسوم، وإذ ليس بذي أجزاء فلا حد له، وإذ ليست له صفة لازمة ولا خاصية زائدة، فلا رسم، والجواب: أن التعريف غير منحصر في هذين الوجهين، بل قد يعرف الشيء بآثاره وأفعاله كما في القوي، حيث تعرف بأفاعيلها، فقوله: هو الرب « إلخ » إشارة إلى ذلك، فإنا إذا رأينا المربوبات علمنا أن لها ربا، ولما

__________________

(١) كذا في النسخ واستظهر من هامش نسخة « ب » أنّ الأصل « ورفع توهمه ».

٢٨٦

وليس قولي الله إثبات هذه الحروف ألف ولام وهاء ولا راء ولا باء ولكن ارجع

________________________________________________________

نظرنا إلى العباد علمنا أن لهم معبودا، ولما أبصرنا وله الأشياء وتضرعها وافتقارها علمنا أن لها إلها، فنعرف أن في الوجود رباً معبوداً وإلها قيوماً، ثمّ إنه لما كان كثير من المتكلمين توهموا أن الاسم عين المسمى كما سيأتي أشارعليه‌السلام هنا إلى إزاحة هذا الوهم بأنه ليس المراد بقولي: الله أو الرب إثبات هذه الحروف ليلزم تركبه سبحانه ويقدح في توحيده، فإنه ليس المقصود بقوله هو الله إنه هذه الحروف ألف، ولام، وهاء، ولا بقوله: هو الرب أنه راء وباء، ولكن إثبات معنى أي صفة فعلية هو خالق الأشياء وصانعها، فيعرف أنه موصوف بالصفة الفعلية، وهذه حروف وضعت للموصوف بهذه الصفة، فينتقل منها إليه وليست هو هي فإن نعت هذه الحروف وهو المعنى.فقوله: ونعت، مبتدأ مضاف إلى قوله هذه، وخبره الحروف، والمعنى أن نعت هذه الحروف الّتي في الله ورب، إنها حروف، وأنها ألف، لام، هاء، راء، باء، وهو أي المقصود إثباته المعنى سمي به أي سمي المعنى بالاسم الّذي هو هذه الحروف، فتذكير الضمير باعتبار الاسم، وقوله: الله والرحمن، مبتدأ خبره من أسمائه، هذا أحد الوجوه في حل هذه العبارة، والوجه الآخر أن يقرأ نعت بالجر عطفا على معنى، فيكون المراد: أن المرجع في حمل المعنى الإشارة إلى شيء ومعنى هو خالق الأشياء وصانعها، وإلى نعت هذه الحروف بإزائها، وهو المعنى أي ذلك النعت هو معنى هذه الحروف، سمي بذلك المعنى ذات الله كما سمي بالرحمن والرحيم ونظائر ذلك من أسمائه الحسنى وصفاته العليا، فقوله الله أقيم مقام المفعول الأول لسمي وقوله: الرحمن وما عطف عليه مبتدأ خبره قوله من أسمائه، وهو المعبود أي ذاته المسمى باسم الله، وسائر الأسماء هو المعبود دون الأسماء، وقيل: نعت مجرور معطوف على شيء وهو مضاف إلى الحروف، أي الصفة الّتي وضعت لها هذه الحروف، وهو راجع إلى مرجع ضمير هو في كلام السائل أو هو ضمير شأن، وعلى الأول المعنى خبر المبتدأ وجملة سمي به خبر بعد خبر، وعلى الثاني المعنى مبتدأ وسمي به خبره وعلى التقديرين

٢٨٧

إلى معنى وشيء خالق الأشياء وصانعها ونعت هذه الحروف وهو المعنى سمي به الله والرحمن والرحيم والعزيز وأشباه ذلك من أسمائه وهو المعبود جل وعز.

قال له السائل فإنا لم نجد موهوما إلا مخلوقاً قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لو كان

________________________________________________________

ضمير به راجع إلى النعت، والله مبتدأ ومن أسمائه خبر.

قولهعليه‌السلام ونعت هذه الحروف « إلخ »: ومنهم من قرأ نعت بالجر عطف على الأشياء أو ضمير صانعها على مذهب من جوزه بدون إعادة الجار، وحينئذ الإضافة إمّا لامية والمراد بنعتها تركيبها القائم بها، وإما بيانية أي خالق النعت الّذي هو هذه الحروف، فإن أسماءه تعالى مخلوقة ونعوت له، وقال الفاضل الأسترآبادي: الحروف مبتدأ ونعت خبره، مقدم عليه، أي هذه الحروف نعت وصفة دالّة على ذاته، وفي توحيد الصدوق هكذا إلى معنى هو شيء خالق الأشياء وصانعها، وقعت عليه هذه الحروف، وهو المعنى الّذي يسمى به وهو أصوب، أي هو شيء أطلقت عليه هذه الحروف، وضمير به راجع إلى الاسم، والله مع ما بعده جملة أخرى، أو لفظ الجلالة مفعول مقام الفاعل ليسمى، لكونه على المشهور اسم الذات، فالمراد بالمعنى مدلول الحروف ومفهومات الأسماء.

قوله: فإنا لم نجد موهوما « إلخ »: أي فلم نجد المدرك بالوهم إلا مخلوقاً لما ذكرت أنه لا تدركه الأوهام، فما يحصل في الوهم يكون مخلوقاً وما لا يحصل في الوهم لا يكون مدركاً للوهم؟ فأجابعليه‌السلام بأن كلّ مدرك للوهم لو كان حاصلا بحقيقته في الوهم لكان التوحيد عنا مرتفعا، لأنا لم نكلف أي بمعرفة غير موهم، وفي التوحيد لم نكلف أن نعتقد غير موهوم، أي لا نكلف ما لا ندركه بالوهم ولكن ليس الإدراك بالوهم مستلزما لحصول حقيقة المدرك في الوهم، ونقول: كلّ موهوم مدرك بالحواس بإحدى الجهتين أو لهما أن تحده الحواس وتحيط به بحقيقته، وثانيتهما أن تمثله بصورته وشبحه فهو مخلوق، أمّا الجهة الأولى فلان حصول الحقيقة بعد النفي ونفيها بعد الحصول في الوهم إبطال وعدم للحقيقة، وكلما يطرء عليه العدم أو يكون معدوما يكون ممكن الوجود محتاجاً إلى الفاعل الصانع له، فلا يكون مبدءا أو لا، وأمّا الجهة الثانية أي الحصول

٢٨٨

________________________________________________________

بالشبح والصورة المشابهة يتضمن التشبيه والتشبيه صفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف، لأنّ التشبيه بالمماثلة في الهيئة والصفة ولا يكونان إلا للمخلوق المركب أو المؤلف من الأجزاء، أو من الذات والصفة، ويحتمل أن يكون الجهتان جهتي الاستدلال بالمحدودية بالوهم والتمثيل فيه على المخلوقية، إحداهما جهة النفي، وثانيهما جهة التشبيه كذا ذكره بعض الأفاضل، وقيل: لما أدى كلامهعليه‌السلام في تنزيهه تعالى عن المثل والشبه إلى أن ذاته تعالى شيء ينعت بأسماء ونعوت، ألفاظها ومعانيها خارجة عن ذاته إلا أن معانيها مفهومات ذهنية وهمية يعرف بها ذاته تعالى كالمعبود والرحمن والرحيم وغيرها، رجع السائل معترضا مستشكلا فقال: فإنا لم نجد موهوماً، أي كلّ ما نتوهم أو نتصوره فهو مخلوق فكيف يوصف ويعرف به خالق الأشياء؟ فأجابعليه‌السلام عن ذلك أولا بوجه النقض بأنه لو لم نتوهم ذاته بهذه المعاني الوهمية ولم نعرفه بمثل هذه المفهومات الذهنية لكان التوحيد عنا مرتفعا، إذ لا نقدر ولا نستطيع في توحيده وتعريفه هذه المعاني الوهمية(١) وثانياً بوجه الحل وهو أنا وإن لم نعرف ذاته إلا على سبيل التوهم وبوسيلة المعاني المشتركة الكلية ولكنا مع ذلك نرجع ونلتفت إلى تلك المعاني الّتي كانت عنوانات ومرائي بها، عرفنا ذاته فنحكم عليها بأن كلّ موهوم بإحدى القوي والحواس ظاهرية كانت أو باطنية وكل مدرك لنا بأحد المشاعر صورة كانت أو معنى، فهو محدود متمثل تحده الحواس وتمثله الأفكار، وكل ما هو كذلك فهو مخلوق مثلنا، مصنوع بفكرنا، وخالق الأشياء منزه عنه وعن معرفتنا أيضاً الّتي تحصل لنا هذه الأمور، فنعرف ذاته بأنا لا نعرف ذاته، وهذه غاية معرفتنا بذاته ما دمنا في هذا العالم، إذ ما لا سبب له لا يمكن العلم به إلا بمشاهدة صريح ذاته، وإما من جهة آثاره وأفعاله، لكن العلم الّذي هو من جهتها لا يعرف بها حقيقة ذاته، بل تعرف كونه مبدءا لتلك الآثار والأفعال، أو صانعاً أو نحو ذلك من المعاني الإضافية الخارجة ومع ذلك يحصل الجزم بكونه موجوداً وكونه على صفة كذا وكذا مما يليق به من

__________________

(١) كذا في النسخ وكأنه سقط شيء.

٢٨٩

ذلك كما تقول لكان التوحيد عنا مرتفعاً لأنا لم نكلف غير موهوم ولكنا نقول كلّ موهوم بالحواس مدرك به تحده الحواس وتمثله فهو مخلوق إذ كان النفي هو الإبطال

________________________________________________________

النعوت الكمالية، وقوله: إذ كان النفي هو الإبطال والعدم أراد به إثبات الحكم الكلي الّذي ذكره، وهو أن كلّ موهوم أو مدرك فهو مخلوق أي موجود، لأنّ لا يرد عليه النقض بأنا نتصور أموراً لا وجود لها أصلاً، كاللاموجود واللاشيء ونحوهما، فأشار إلى دفعه بأن هذه الأمور من حيث تمثلها في الوهم موجودة مخلوقة، والنفي المحض بما هو نفي بطلان محض، وعدم صرف لا حصول له أصلاً، وقوله: والجهة الثانية التشبيه، أراد به وجها آخر لكل ما يدرك بالحواس، أو يتمثل في كونه مخلوقاً مصنوعا، هو كونه ذا شبه ومثل، والتشبيه صفة المخلوق المستلزم للتركيب والتأليف، إذ كلّ ما يشبه شيئاً فله شيء به يشارك الآخر، وله شيء آخر يمتاز عنه، فيكون مركباً وكل مركب مخلوق وكل مخلوق فله خالق، فلا بد أن ينتهي المخلوقات إلى خالق لا شبه له، ولذا قال: فلم يكن بد من إثبات الصانع، لوجود المصنوعين، لأنّ كلّ مركب مصنوع، وأن صانعهم غيرهم لضرورة تحقق المغايرة بين الصانع والمصنوع، ثمّ لا تكفي مجرد المغايرة أي بوجه دون وجه لاستلزام التركب في الصانع من ذينك الوجهين، فيحتاج لتركبه إلى صانع آخر، ولذا قال: وليس مثلهم، أي من كلّ وجه إذ كان مثلهم ولو بوجه شبيها بهم في ذلك فيلزم التركيب الموجب للاحتياج إلى الغير، ثمّ زاد في البيان استظهاراً بذكر نقائص المخلوقات من الحدوث والانفعالات والتغير في الأحوال والأعدام والملكات، ليدل دلالة واضحة على أن صانعها ومبدعها متعال عن المثل والشبه فثبت أن للإنسان سبيلا إلى معرفة خالق الأشياء بوسيلة معان إدراكية تثبت بها الصانع وصفاته، ثمّ يعلم أنه وراء ما يدركه ويتصوره وينزهه به « انتهى » وأقول: بناء أكثر التكلفات على سقط وقع من الكليني (ره) أو النساخ.

قوله: ولكنا نقول كلّ موهوم « إلخ » وفي التوحيد والاحتجاج هكذا ولكنا نقول كلّ موهوم بالحواس مدرك مما تحده الحواس وتمثله فهو مخلوق، ولا بد من إثبات

٢٩٠

والعدم والجهة الثانية التشبيه إذ كان التشبيه هو صفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف فلم يكن بد من إثبات الصانع لوجود المصنوعين والاضطرار إليهم أنهم مصنوعون وأن صانعهم غيرهم وليس مثلهم إذ كان مثلهم شبيها بهم في ظاهر التركيب والتأليف وفيما يجري عليهم من حدوثهم بعد إذ لم يكونوا وتنقلهم من صغر إلى كبر وسواد إلى بياض وقوة إلى ضعف وأحوال موجودة لا حاجة بنا إلى تفسيرها لبيانها ووجودها.

قال له السائل فقد حددته إذ أثبت وجوده قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لم أحده

________________________________________________________

صانع للأشياء، خارج من الجهتين المذمومتين، أحدهما النفي إذ كان النفي هو الإبطال والعدم، والجهة الثانية التشبيه إذ كان التشبيه من صفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف، ولعل السقط هنا من الناسخ الأول.

قوله: والاضطرار إليهم، إلى بمعنى اللام أو بمعنى من، وفي التوحيد منهم إليه ثبت أنهم « إلخ ».

قوله: لبيانها: وفي التوحيد لثباتها.

قوله: فقد حددته، إيراد سؤال على كونه موجوداً بأن إثبات الوجود له يوجب التحديد إمّا باعتبار التحدد بصفة هو الوجود، أو باعتبار كونه محكوما عليه فيكون موجوداً في الذهن، محاطا به، والجواب أنه لا يلزم تحديده وكون حقيقته حاصلة في الذهن أو محدودة بصفة، فإن الحكم لا يستدعي حصول الحقيقة في الذهن والوجود ليس من الصفات المغايرة الّتي تحد بها الأشياء، كما قيل، أو أن الوجود بالمعنى العام أمر عقلي متصور في الذهن، مشترك بين الموجودات، زائد في التصور على المهيات، وأمّا حقيقة الوجود الّذي هو ذات الواجب جل اسمه فلا حد له ولا نظير ولا شبه ولا ند، فلا يعرف إلا بتنزيهات وتقديسات وإضافات خارجة عنه، فلا ينحو نحوه الأوهام والتصورات لكن يعرف بالبرهان أن مبدء الموجودات وصانعها موجود بالمعنى العام ثابت، إذ لو لم يكن موجوداً بهذا المعنى لكان معدوماً، إذ لا مخرج عنهما وأشار إليه بقوله لم أحده

٢٩١

ولكني أثبته إذ لم يكن بين النفي والإثبات منزلة.

قال له السائل فله إنية ومائية قال نعم لا يثبت الشيء إلا بإنية ومائية.

قال له السائل فله كيفية قال لا لأنّ الكيفية جهة الصفة والإحاطة ولكن

________________________________________________________

ولكني أثبته إذ لم يكن بين النفي والإثبات منزلة، فلما انتفى النفي ثبت الثبوت.

قوله: فله إنية ومائية: أي وجود منتزع وحقيقة ينتزع منها الوجود؟ فأجاب وقال: نعم لا يثبت الشيء أي لا يكون موجوداً إلا بانية ومائية أي مع وجود حقيقة ينتزع الوجود منها، قال بعض المحققين: وينبغي أن يعلم أن الوجود يطلق على المنتزع المخلوط بالحقيقة العينية عينا، وعلى مصحح الانتزاع والمنتزع غير الحقيقة في كلّ موجود والمصحح في الأول تعالى حقيقة العينية وإن دلنا عليه غيره، والمصحح في غيره تعالى مغاير للحقيقة والمهية، فالمعنى الأول مشترك بين الموجودات كلها، والمعنى الثاني في الواجب عين الحقيقة الواجبة، والمراد هنا المعنى الأول لا شعار السؤال بالمغايرة، وكذا الجواب، لقوله لا يثبت الشيء إلا بانية ومائية حيث جعل الكل مشتركاً فيه، والمشترك فيه إنية مغايرة للمائية، وقال بعضهم: قوله فله إنية ومائية أي إذا ثبت أن هذا المفهوم العام المشترك المتصور في الذهن، خارج عن وجوده الخاص وذاته، فأذن له إنية مخصوصة ومائية غير مطلق الوجود هو بها هو، فقالعليه‌السلام : نعم لا يوجد الشيء إلا بنحو خاص من الوجود والمائية لا بمجرد الأمر الأعم، واعلم أن للمهية معنيين: أحدهما ما بإزاء الوجود كما يقال وجود الممكن زائد على مهيته والمهية بهذا المعنى مما يعرضه العموم والاشتراك، فليست له تعالى مهية بهذا المعنى، وثانيهما ما به الشيء هو هو، وهذا يصح له، ثمّ قال له السائل: فله كيفية وإنما سأل ذلك لما رأى في الشاهد، كلّ ما له إنية فله كيفية، فأجاب بنفي الكيفية عنه تعالى بأنها صفة كمالية متقررة زائدة على ذات ما اتصف بها، والباري جل شأنه مستغن بذاته عن كمال زائد ووصف الكيفية بالإحاطة لأنها مما يغشى الذات الموصوفة بها كالبياض للجسم، والنور للأرض، والعلم للنفس، والظاهر أنه سأل عن الكيفيات الجسمانية أو عن

٢٩٢

لا بد من الخروج من جهة التعطيل والتشبيه لأنّ من نفاه فقد أنكره ودفع ربوبيته وأبطله ومن شبهه بغيره فقد أثبته بصفة المخلوقين المصنوعين الّذين لا يستحقون الربوبية ولكن لا بد من إثبات أن له كيفية لا يستحقها غيره ولا يشارك فيها ولا يحاط بها ولا يعلمها غيره

________________________________________________________

مطلق الصفات الزائدة، ولما نفىعليه‌السلام جهة الكيفية والصفة الزائدة عنه، وعلم أن ههنا مزلة الأقدام، قال: لا بد من الخروج من جهة التعطيل وهو نفي الصفات بالكلية والوقوع في طرف سلوب هذه الأوصاف الإلهية ونقائضها، ومن جهة التشبيه وهو جعل صفاتها كصفات المخلوقين، لأنّ من نفى عنه معاني الصفات فقد أنكر وجود ذاته وعلمه وقدرته وإرادته وسمعه وبصره، ورفع ربوبيته وكونه رباً ومبدعاً صانعاً قيوما إلها خالقاً رازقا، ومن شبهه بغيره بأن زعم أن وجوده كوجود غيره وعلمه كعلمهم، وقدرته كقدرتهم، فقد أثبته بصفة المخلوقين الّذين لا يستحقون الربوبية، ولكن لا بد أن يثبت له علم لا يماثل شيئاً من العلوم، وله قدرة لا يساوي شيئاً من القوي والقدر، وهكذا في سائر الصفات الوجودية وهذا هو المراد بقوله له كيفية لا يستحقها غيره، وإلا فليس شيء من صفاته من مقولة الكيف الّتي هي من الأجناس حتّى يلزم أن تكون صفة الّتي هي عين ذاته مركبة من جنس وفصل، فتكون ذاته مركبة كما قيل، وقال بعض المحققين [ في ] قوله لأنّ الكيفية « إلخ » أي الكيفية حال الشيء باعتبار الاتصاف بالصفة والانخفاض والتحصل بها لأنّ الاتصاف فعلية من القوة فهو بين الفعلية بالصفة الموجودة أو بعدمها، وهو في ذاته بين بين، خال من الفعليتين، ففعلية وجوده وتحصله محفوظة بالكيفية، ولا بد له من مهية أخرى فإذا هو مؤتلف مصنوع تعالى عن ذلك.

قوله أن له كيفية: وفي التوحيد: ذات بلا كيفية، فضمير يستحقها راجعة إلى الذات وهو أصوب.

قوله: ولا يحاط بها: أي لا يكون الصفة محيطة به كإحاطة اللون بالجسم مثلا أو كناية عن عدم زيادتها على الذات أو لا يخرج بها عن قابلية إلى فعلية كما قيل.

٢٩٣

قال السائل فيعاني الأشياء بنفسه قال أبو عبد اللهعليه‌السلام هو أجل من أن يعاني الأشياء بمباشرة ومعالجة لأنّ ذلك صفة المخلوق الّذي لا تجيء الأشياء له إلا بالمباشرة والمعالجة وهو متعال نافذ الإرادة والمشيئة فعال لما يشاء.

٧ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عيسى عمن ذكره قال سئل أبو جعفرعليه‌السلام أيجوز أن يقال إنّ الله شيء قال نعم يخرجه من الحدين حد التعطيل وحد التشبيه.

باب أنه لا يعرف إلا به

١ - علي بن محمّد عمن ذكره، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن حمران، عن الفضل بن السكن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام اعرفوا الله بالله والرسول بالرسالة وأولي الأمر بالأمر بالمعروف والعدل والإحسان.

________________________________________________________

قوله: فيعاني الأشياء بنفسه: معاناة الشيء ملابسته ومباشرته، وتحمل التعب في فعله، والمراد أنه إذا كان واحداً أحداً لا تركيب فيه ولا تأليف، متفرداً بالربوبية إذ لا يستحقها مصنوع فيباشر خلق الأشياء، وصنعها بنفسه ويعالجها ويتحمل مشقة فعلها بذاته، فأجاب بأنه سبحانه أجل من أن يعاني الأشياء بمباشرة ومعالجة لأنّ ذلك صفة المخلوق الّذي لا يجيء الأشياء له أي لا يحصل ولا يتيسر له فعلها لعجزه وقصوره عن أن يترتب الأشياء على إرادته ومشيته، فلا يتأتى له فعلها إلا بالمباشرة والمعالجة، وهو سبحانه متعال عن ذلك، نافذ الإرادة والمشية فعال لما يريد، فإذا أراد وجود شيء بأسبابه يوجده مترتباً على وجود أسبابه وإذا أراده لا بأسبابه العادية يوجد لا بأسبابه على خلاف العادة.

الحديث السابع: مرسل.

باب أنه لا يعرف الله إلا به

الحديث الأول: مجهول.

٢٩٤

ومعنى قولهعليه‌السلام اعرفوا الله بالله يعني أن الله خلق الأشخاص والأنوار والجواهر والأعيان فالأعيان الأبدان والجواهر الأرواح وهو جل وعز لا يشبه

________________________________________________________

قوله يعني أن الله خلق الأشخاص: هذا كلام الكليني (ره) وقال الصدوق (ره) في التوحيد بعد نقل هذا الكلام القول الصواب في هذا الباب: هو أن يقال عرفنا الله بالله، لأنا إن عرفناه بعقولنا فهو عز وجل واهبها، وإن عرفناه عز وجل بأنبيائه ورسله وحججهعليهم‌السلام فهو عز وجل باعثهم ومرسلهم ومتخذهم حججا، وإن عرفناه بأنفسنا فهو عز وجل محدثنا فبه عرفناه، وقد قال الصادقعليه‌السلام : لو لا الله ما عرفنا، ولو لا نحن ما عرف الله حق معرفته ولو لا الله ما عرف الحجج، وقد سمعت بعض أهل الكلام يقولون: لو أن رجلاً ولد في فلاة من الأرض ولم ير أحداً يهديه ويرشده حتّى كبر وعقل ونظر إلى السماء والأرض لدله ذلك على أن لهما صانعاً ومحدثا، فقلت: إن هذا شيء لم يكن وهو إخبار بما لم يكن أن لو كان كيف كان يكون، ولو كان ذلك لكان لا يكون ذلك الرجل إلا حجة الله تعالى ذكره على نفسه كما في الأنبياءعليهم‌السلام ، منهم من بعث إلى نفسه ومنهم من بعث إلى أهله وولده، ومنهم م بعث إلى أهل محلته، ومنهم من بعث إلى أهل بلده، ومنهم من بعث إلى الناس كافة، أمّا استدلال إبراهيم الخليلعليه‌السلام بنظره إلى الزهرة ثمّ إلى القمر، ثمّ إلى الشمس، وقوله( فَلَمَّا أَفَلَتْ ( قالَ ) يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ) (١) فإنهعليه‌السلام كان نبياً ملهما مبعوثاً مرسلا، وكان جميع قوله إلى آخره بإلهام الله عز وجل إياه، وذلك قوله تعالى:( وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ ) (٢) وليس كلّ أحد كإبراهيمعليه‌السلام ولو استغنى في معرفة التوحيد بالنظر عن تعليم الله عز وجل وتعريفه لما أنزل الله تعالى ما أنزل من قوله:( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ ) (٣) ومن قوله( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) إلى آخرها، ومن قوله( بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ

__________________

(١) سورة الأنعام: ٨٧.

(٢) سورة الأنعام: ٨٣.

(٣) سورة محمّد: ١٩.

٢٩٥

________________________________________________________

لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ ) إلى قوله( وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) (١) وآخر الحشر وغيرها من آيات التوحيد.

تبيين وتحقيق

اعلم أن هذه الأخبار لا سيما هذا الخبر تحتمل وجوها « الأول » أن يكون المراد بالمعرف به ما يعرف الشيء به بأنه هو هو، فمعنى اعرفوا الله بالله، اعرفوه بأنه هو الله مسلوباً عنه جميع ما يعرف به الخلق من الجواهر والأعراض ومشابهة شيء منها، وهذا هو الّذي ذكره الكليني (ره) وعلى هذا فمعنى قوله والرسول بالرسالة « إلخ » معرفة الرسول بأنه أرسل بهذه الشريعة، وهذه الأحكام، وهذا الدين وهذا الكتاب ومعرفة كلّ من أولي الأمر بأنه الآمر بالمعروف والعالم العامل به، وبالعدل أي لزوم الطريقة الوسطى في كلّ شيء والإحسان أي الشفقة على خلق الله والتفضل عليهم، ورفع الظلم عنهم، أو المعنى اعرفوا الله بالله، أي بما يناسب ألوهيته من التنزيه والتقديس، والرسول بما يناسب رسالته من العصمة والفضل والكمال، وأولي الأمر بما يناسب تلك الدرجة القصوى به من العلم والعصمة والفضل والمزية على من سواه، ويحتمل أن يكون الغرض ترك الخوض في معرفته تعالى ورسوله وحججه بالعقول الناقصة فينتهي إلى نسبة ما لا يليق به تعالى إليه وإلى الغلو في أمر الرسول والأئمّة صلوات الله عليهم، وعلى هذا يحتمل وجهين « الأول » أن يكون المراد اعرفوا الله بعقولكم بمحض أنه خالق إله والرسول بأنه رسول أرسله الله إلى الخلق، وأولي الأمر بأنه المحتاج إليه لا قامة المعروف والعدل والإحسان، ثمّ عولوا في صفاته تعالى وصفات حججهعليهم‌السلام على ما بينوا ووصفوا لكم من ذلك ولا تخوضوا فيها بعقولكم « والثاني » أن يكون المعنى: اعرفوا الله بما وصف لكم في كتابه وعلى لسان نبيه، والرسول بما أوضح لكم من وصفه في رسالته إليكم، والإمام بما بين لكم من المعروف والعدل والإحسان، كيف اتصف بتلك الأوصاف والأخلاق الحسنة، ويحتمل الأخيران وجها ثالثاً وهو أن يكون المراد

__________________

(١) سورة الأنعام: ١٠١.

٢٩٦

________________________________________________________

لا تعرفوا الرسول بما يخرج به عن الرسالة إلى درجة الألوهية، وكذا الإمام.

« الثاني » أن يكون المراد بما يعرف به ما يعرف باستعانته من قوي النفس العاقلة والمدركة وما يكون بمنزلتها، ويقوم مقامها، فمعنى اعرفوا الله بالله، اعرفوه بنور الله المشرق على القلوب بالتوسل إليه والتقرب به، فإن العقول لا تهتدي إليه إلا بأنوار فيضه تعالى، واعرفوا الرسول بتكميله إياكم برسالته، وبمتابعته فيما يؤدي إليكم من طاعة ربكم فإنها توجب الروابط المعنوية بينكم وبينه، وعلى قدر ذلك يتيسر لكم من معرفته، وكذا معرفة أولي الأمر إنما تحصل بمتابعتهم في المعروف والعدل والإحسان، وباستكمال العقل بها، وروى الصدوق في التوحيد بإسناده عن هشام بن سالم قال: حضرت محمّد بن النعمان الأحول وقام إليه رجل فقال له: بما عرفت ربك؟ قال: بتوفيقه وإرشاده وتعريفه وهدايته، قال: فخرجت من عنده فلقيت هشام بن الحكم فقلت له: ما أقول لمن يسألني فيقول لي: بم عرفت ربك؟ فقال: إن سأل سائل فقال: بم عرفت ربك؟ قلت: عرفت الله جل جلاله بنفسي لأنها أقرب الأشياء إلى، وذلك لأني أجدها أبعاضا مجتمعة وأجزاء مؤتلفة ظاهرة التركيب، مبينة الصنعة مبنية على ضروب من التخطيط والتصوير، زائدة من بعد نقصان وناقصة بعد زيادة قد أنشأ لها حواس مختلفة وجوارح متباينة من بصر وسمع وشام وذائق ولامس، محصولة على الضعف والنقص والمهانة، لا تدرك واحدة منها مدرك صاحبتها، ولا تقوى على ذلك، عاجزة عن اجتلاب المنافع إليها، ودفع المضار، واستحال في العقول وجود تأليف لا مؤلف له، وثبات صورة لا مصور لها، فعلمت أن لها خالقاً خلقها ومصوراً صورها مخالفا في جميع جهاتها، قال الله تعالى:( وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ) (١) .

« الثالث » أن يكون المراد ما يعرف بها من الأدلة والحجج، فمعنى اعرفوا الله بالله أنه إنما تتأتى معرفته لكم بالتفكّر فيما أظهر لكم، من آثار صنعه

__________________

(١) سورة الذاريات: ٢١.

٢٩٧

جسما ولا روحا وليس لأحد في خلق الروح الحساس الدراك أمر ولا سبب هو المتفرد بخلق الأرواح والأجسام فإذا نفى عنه الشبهين شبه الأبدان وشبه الأرواح فقد عرف الله بالله وإذا شبهه بالروح أو البدن أو النور فلم يعرف الله بالله

________________________________________________________

وقدرته وحكمته بتوفيقه وهدايته، لا بما أرسل به الرسول من الآيات والمعجزات فإن معرفتها إنما تحصل بعد معرفته تعالى، واعرفوا الرسول بالرسالة، أي بما أرسل به من المعجزات والدلائل أو بالشريعة المستقيمة الّتي بعث بها فإنها لانطباقها على قانون العدل والحكمة يحكم العقل بحقيقة من أرسل بها، واعرفوا أولي الأمر بعلمهم بالمعروف وإقامة العدل والإحسان وإتيانهم بها على وجهها، وهذا أقرب الوجوه، ويؤيده خبر ابن حازم.

ويؤيده ما رواه الصدوق (ره) في التوحيد بإسناده عن سلمان الفارسيرضي‌الله‌عنه في حديث طويل يذكر فيه قدوم الجاثليق المدينة مع مائة من النصارى وما سأل عنه أبا بكر فلم يجبه ثمّ أرشد إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فسأله عن مسائل فأجاب عنها، وكان فيما سأله أن قال له: أخبرني عرفت الله بمحمد أم عرفت محمداً بالله عز وجل؟ فقال علي بن أبي طالبعليه‌السلام : ما عرفت الله عز وجل بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكن عرفت محمداً بالله عز وجل حين خلقه وأحدث فيه الحدود من طول وعرض، فعرفت أنه مدبر مصنوع باستدلال وإلهام منه وإرادة كما ألهم الملائكة طاعته، وعرفهم نفسه بلا شبه ولا كيف، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

أقول: قال الصدوق (ره) بعد إيراد خبر المتن وهذا الخبر وغيرهما: القول الصواب في هذا الباب، هو أن يقال: عرفنا الله بالله لأنا إن عرفناه بعقولنا فهو عز وجل واهبها وإن عرفناه عز وجل بأنبيائه ورسله وحججهعليهم‌السلام فهو عز وجل باعثهم ومرسلهم ومتخذهم حججا، وإن عرفناه بأنفسنا فهو عز وجل محدثها، فبه عرفناه وقد قال الصادقعليه‌السلام : لو لا الله ما عرفناه، ولو لا نحن ما عرف الله، ومعناه لو لا الحجج ما عرف الله حق معرفته، ولو لا الله ما عرف الحجج إلى آخر ما ذكره (ره) وحاصل كلامه أن

٢٩٨

٢ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن علي بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ربيحة مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال سئل أمير المؤمنينعليه‌السلام بم عرفت ربك قال بما عرفني نفسه قيل وكيف عرفك نفسه قال لا يشبهه صورة ولا يحس بالحواس ولا يقاس بالناس قريب في بعده بعيد في قربه فوق كلّ شيء ولا يقال شيء فوقه

________________________________________________________

جميع ما يعرف الله به ينتهي إليه سبحانه، ويرد عليه أنه على هذا تكون معرفة الرسول وأولي الأمر أيضاً بالله فما الفرق بينهما وبين معرفة الله ذلك؟ وأيضا لا يلائمه قوله اعرفوا الله بالله، إلا أن يقال: الفرق باعتبار أصناف المعرفة فالمعرفة بالرسالة صنف من المعرفة بالله، والمعرفة بالمعروف صنف آخر منها، ومعرفة الله فيها أصناف لا اختصاص لها بصنف والمراد باعرفوا الله بالله حصلوا معرفة الله الّتي تحصل بالله، هكذا حققه بعض الأفاضل.

الحديث الثاني: مرسل، وربيحة، في كتب الرجال بالراء المهملة المضمومة والباء الموحدة ثمّ الياء المثناة تحت ثمّ حاء مهملة، وفي بعض النسخ بالزاء والجيم.

قولهعليه‌السلام لا يشبهه صورة: أي عرفته بنفي الشبه والمماثلة والمحدودية بالحواس والمقايسة بالناس، أي بأن أثبت له صفات المخلوقين من الناس، أو يقال: ما نسبته إلى خلقه مثلا كنسبة الصورة من المادة أو النفس إلى البدن، أو الأب إلى الابن أو الزوج إلى زوجته تعالى عمّا يشركون.

قولهعليه‌السلام قريب: أي من حيث إحاطة علمه وقدرته بالكل « في بعده » أي مع بعده عن الكل من حيث المباينة في الذات والصفات، فظهر أن قربه ليس بالمكان « بعيد » عن إحاطة العقول والأوهام والأفهام به « في قربه » أي مع قربه بالعلية واحتياج الكل إليه، فجهة قربه هي جهة بعده عن مشابهة مخلوقاته، إذا الخالق لا يشابه المخلوق وكذا العكس.

« فوق كلّ شيء » أي بالقدرة والقهر والغلبة أو بالكمال والاتصاف بالصفات الحسنة، وتماميته بالنسبة إلى كلّ شيء ونقص الكل بالنسبة إليه فكل متوجه إلى

٢٩٩

أمام كلّ شيء ولا يقال له أمام داخل في الأشياء لا كشيء داخل في شيء وخارج من الأشياء لا كشيء خارج من شيء - سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره ولكل شيء مبتدأ.

٣ - محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني ناظرت قوماً فقلت لهم إنّ الله جل جلاله أجل وأعز وأكرم من أن يعرف بخلقه بل العباد يعرفون بالله فقال رحمك الله

________________________________________________________

فوق ما عليه، متوجه إليه، وكل متنزل صارف عنه ولا يقال شيء فوقه في الأمرين، وفيه إشعار بأنه ليس المراد به الفوقية بحسب المكان، وإلا لأمكن أن يكون شيء فوقه.

« إمام كلّ شيء » أي علة كلّ شيء ومقدم عليها ويحتاج إليها كلّ موجود، أو يتفرع إليه ويعبده كلّ مكلف أو كلّ شيء متوجه نحوه في الاستكمال والتشبه به في صفاته الكمالية.

والكلام في قوله ولا يقال له أمام كما مر « داخل في الأشياء » أي لا يخلو شيء من الأشياء، ولا جزء من أجزائه عن تصرفه وحضوره العلمي، وإفاضة فيضه وجوده عليه، لا كشيء داخل في شيء، أي لا كدخول الجزء في الكل، ولا كدخول العارض، ولا كدخول المتمكن في المكان « خارج عن الأشياء » بتعالي ذاته عن ملابستها ومقارنتها والاتصاف بصفتها والائتلاف منها لا كخروج شيء من شيء بالبعد المكاني أو المحلى وقوله « ولكل شيء مبتدأ » الظاهر أنه مبتدأ وخبر أي هو مبتدأ لوجود كلّ شيء، وسائر كمالاتها، ويمكن أن يكون معطوفا على قوله هكذا، وقيل: الجملة حالية أي كيف يكون هكذا غيره والحال أن كلّ شيء غيره له مبتدأ وموجدا، وهو مبدؤه وموجده، والمبدأ لا يكون مثل ما له ابتداء.

الحديث الثالث: كالصحيح.

قوله: من أن يعرف بخلقه: أي بتعريف خلقه من الأنبياء والحجج، بل هم يعرفون بالله على بناء المجهول، أي يعرف رسالتهم وحجيتهم، وإمامتهم بما أعطاهم من العلم وأيدهم به من المعجزات، أو على بناء المعلوم أي هم يعرفون الله بما قرر لهم من الدلائل

٣٠٠