الفضائل

الفضائل27%

الفضائل مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 206

الفضائل
  • البداية
  • السابق
  • 206 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 65588 / تحميل: 7309
الحجم الحجم الحجم
الفضائل

الفضائل

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

خبر خلق الأنوار الخمسة

ومن فضائله (عليه السلام): ما رواه سلمان والمقداد بن الأسود الكندي، وعمّار بن ياسر العنسي وأبو ذر الغفاري وحذيفة بن اليمان وأبو الهيثم بن التيهان وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وأبو الطفيل عامر بن واثلة (رضي الله عنهم) أنّهم دخلوا على النبيّ (صلّى الله عليه وآله) فجلسوا بين يديه والحُزن ظاهرٌ في وجوههم فقالوا: نفديك يا رسول الله، بأموالنا وأولادنا وأنفسنا وبالآباء والأُمّهات، إنّا نسمع في أخيك عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ما يُحزننا، أتأذن لنا بالردّ عليه فقال (صلّى الله عليه وآله): (وما عساهم أنْ يقولوا في أخي؟)، فقال: يا رسول الله يقولون: أيّ فضل لعليّ بن أبي طالب في سبقه الإسلام، وإنّما أدركه طفلاً ونحو ذلك، فهذا يُحزننا.

فقال النبيّ (صلّى الله عليه وآله): (هذا يحزنكم؟) قالوا: نعم يا رسول الله، فقال: (بالله عليكم هل علمتم من الكتب المتقدّمة إنّ إبراهيم الخليل (عليه السلام) ذنب أبوه وهو حمل في بطن أُمّه فخافت عليه من النمرود بن كنعان لعنه الله؛ لأنّه كان يقتل الأولاد ويبقر بطون الحوامل، فجاء‌ت به فوضعته بين أثلاث بشاطئ نهر يتدفّق يُقال له خرزان، بين غروب الشمس إلى الليل، فلمّا وضعته واستقرّ على وجه الأرض قام تحتها يمسح وجهه ورأسه ويُكثر من الشهادة بالوحدانية، ثمّ أخذ ثوباً فاتّشح به وأُمّه ترى ما يصنع وقد ذُعِرت منه ذعراً شديداً، فهرول مِن يدها مادّاً عينيه إلى السماء، وكان منه أنّه عندما نظر الكواكب سبّح الله وقدّسه وقال: سبحان الملك القدّوس فقال الله فيه: ( وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) الآية.

وعلمتم أنّ موسى بن عمران كان قريباً من فرعون وكان فرعون في طلبه، وكان يبقر بطون الحوامل من أجله، ولدته أُمّه فزعت عليه فأخذته مِن تحتها وطرحته في التابوت

١٤١

وقال لها: يا أُمّي ألقيني في اليَمّ، فقالت له وهي مذعورة من كلامه: إنّي أخاف عليك الغرَق، قال لها: لا تخافي ولا تحزني، إنّ الله تعالى رادّي عليك، ثمّ ألقته في اليَمّ كما ذكر لها ثمّ بقي في اليمّ لا يطعم طعاماً ولا يشرب شراباً معصوماً مدّة إلى أنْ رُدّ على أُمّه، وقيل بقيَ سبعين يوماً فأخبر الله تعالى عنه: ( إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ ) الآية.

وعيسى بن مريم (عليه السلام) إذا تكلّم مع أُمّه عند ولادته وقصّته مشهورة، ( فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلاّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً ) الآية ( وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ) . وقد علمتم جميعاً أنّي أفضل الأنبياء قد خُلقت أنا وعليّ من نورٍ واحد، وأنّ نورنا كان يُسمع تسبيحه من أصلاب آبائنا وبطون أُمّهاتنا في كلّ عصر وزمن، إلى عبد المطّلب فكان نورنا يظهر في آبائنا فلمّا وصل إلى عبد المطّلب انقسم النور نصفَين نصفاً إلى عبد الله ونصفاً إلى أبي طالب عمّي، وأنّهما كانا جلسا في ملأ من الناس يتلألأ نورنا في وجهيهما من دونهم، حتى إنّ السباع والهوام كانت تسلّم عليهما لأجل نورنا حتى خرجنا إلى دار الدنيا، وقد نزل عليّ جبرئيل عند ولادة ابن عمّي وقال:

يا محمّد، ربّك يقرئك السلام ويقول لك: الآن ظهرت نبوّتك وإعلان وحيك وكشف رسالتك، إذ أيّدك الله تعالى بأخيك وخليفتك ووزيرك من بعدك، والذي شدّ به أرزك وأعلن به ذكرك عليّ أخيك وابن عمّك فقم إليه واستقبله بيدك اليمنى فإنّه من أصحاب اليمين وشيعته الغرّ المحجّلون، قال: فقمت فوجدت أُمّي بعد أُمّي بين النساء والقوابل من حولها وإذا بحجابٍ قد ضربه جبرئيل بيني وبين النساء، فإذا هي قد وضعته فاستقبلته قال: ففعلت ما أمرني به جبرئيل ومددت يدي اليمنى نحو أُمّه، فإذا بعليّ قد أقبل على يدَي واضعاً يده اليمنى في أُذنه بؤذّن ويقيم بالحنفيّة ويشهد بالوحدانية لله وبرسالتي، ثمّ انثنى إلي وقال: السلام عليك يا رسول الله، فقلت له: اقرأ يا أخي فو الذي نفسي بيده قد ابتدأ بالصحف التي أنزلها الله تعالى على آدم وأقام بها فتلاها من أوّلها إلى آخرها

١٤٢

حتى لو حضَر آدم لأقرّ له أنّه ألفَظ لها منه، ثم تلا صُحف نوح ثمّ صُحف إبراهيم ثمّ تلا التوراة، حتى لو حضَر موسى لشهِد له أنّه أحفظ لها، ثمّ قرأ الإنجيل حتى لو حضَر عيسى لأقرّ له أنّه أحفظ لها منه، ثمّ قرأ القرآن الذي أنزل الله عليّ من أوّله إلى آخره، ثمّ خاطبني وخاطبني وخاطبته بما يُخاطب به الأنبياء ثمّ عاد إلى طفوليّته، وهكذا أحد عشر إماماً من نسله يفعل في ولادته مثل ما فعل الأنبياء (عليهم السلام)، فما يحزنكم وما عليكم من قول أهل الشرك بالله تعالى، هل تعلمون أنّي أفضل الأنبياء وأنّ وصيّي أفضل الأوصياء، وأنّ أبي آدم لمّا رأى اسمي واسم أخي وأسماء فاطمة والحسن والحسين مكتوبات على ساق العرش بالنور فقال: إلهي هل خلقت خلقاً قبلي هو أكرم عليك منّى فقال: الله تعالى يا آدم، لولا هذه الأسماء لما خلقت سماءً مبنية ولا أرضاً مدحية ولا ملكاً مقرّباً ولا نبيّاً مرسلاً، ولولاهم لما خلقتك، فقال، إلهي وسيّدي فبحقّهم عليك إلاّ غفرت لي خطيئتي.

ونحن كالكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه فقال: ابشر يا آدم فإنّ هذه الأسماء من ولدك وذرّيتك، فعند ذلك حمد الله تعالى آدم (عليه السلام) وافتخر على الملائكة أنّه لم يعطي نبياً شيئاً من الفضل إلاّ أعطاه لنا، فقام سلمان وأبو ذر ومَن معهما وهم يقولون: نحن الفائزون فقال: (عليه السلام) انتم الفائزون ولكم خلقت الجنة ولعدوّكم خُلقت النار).

وممّا رواه ابن مسعود (رضي الله عنه) قال: دخلت يوماً على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقلت: يا رسول الله، أرني الحق لأتّصل به، فقال: (يا عبد الله لِج المخدَع)، قال: فولجت المخدع وعليّ بن أبي طالب يصلّي وهو يقول في ركوعه وسجوده: (اللهمّ بحقّ محمّد عبدك ورسولك اغفر للخاطئين من شيعتي)، فخرجت حتى أخبرت به رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فرأيته وهو يصلّي ويقول: (اللهم بحقّ عليّ ابن أبي طالب (عليه السلام) عبدك، اغفر للخاطئين من أُمّتي)، قال: فأخذني هلَعٌ حتى غشي علَيّ فرفع النبيّ (صلّى الله عليه وآله) رأسه وقال: (يا ابن مسعود، أكفراً بعد إيمان؟)، فقلت: حاشا وكلاّ يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ولكنّي رأيت عليّاً يسأل الله تعالى

١٤٣

بك، ورأيتك تسأل الله به، فلم أعلم أيّكم أفضل عند الله.

اجلس، فقال ابن مسعود: فجلست بين يديه فقال لي: (اعلم أنّ الله تعالى خلقني وخلق عليّاً من نور عظمته قبل أنْ يخلق الخلق بألفَي عام، إذ لا تقديس ولا تسبيح ففتق نوري فخلَق منه السموات والأرض وأنا والله أجلّ من السموات والأرض، وفتق نور عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فخلَق منه العرش والكرسي وعليّ بن أبي طالب أفضل من العرش والكرسي، وفتق نور الحسن فخلَق منه اللوح والقلَم والحسن أفضل من اللوح والقلَم، وفتق نور الحسين فخلَق منه الجنان والحور العين والحُسين والله أجلّ من الجنان والحور العين.

ثمّ اظلمّت المشارق والمغارب فشكت الملائكة إلى الله تعالى أنْ يكشف عنهم تلك الظلمة، فتكلّم الله جلّ جلاله بكلمة فخلق منها روحاً ثمّ تكلّم بكلمةٍ فخلق من تلك الروح نوراً فأضاف النور إلى تلك الروح وأقامها أمام العرش، فزهرت المشارق والمغارب فهي فاطمة الزهراء؛ ولذلك سُمّيت الزهراء؛ لأنّ نورها زهرت به السموات يا ابن مسعود، إذا كان يوم القيامة يقول الله جلّ جلاله لعليّ بن أبي طالب ولي: أدخلا الجنّة مَن شئتما وأدخلا النار مَن شئتما، وذلك قوله تعالى: ( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ) ، فالكافر من جحَد نبوّتي والعنيد من جحَد ولاية عليّ بن أبي طالب، فالنار أمده والجنّة لشيعته ومحبّيه).

(قال أبو هاشم بن أبي علي): إنّ الروايات صحّت أنّه لمّا بلغ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أنّ الناس تحدّثوا فيه وقالوا: ما باله لم ينازع أبا بكر وعمر وعثمان كما نازع طلحة والزبير وعايشة؟! واجتمع الناس، قال فخرج (عليه السلام) مرتدياً برِداء فرقى المنبر فحمِد الله وأثنى عليه، وذكر النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وصلّى عليه وقال: (يا معاشر المسلمين، قد بلغني أنّ قوماً قالوا: ما باله لم ينازع أبا بكر وعمر وعثمان، كما نازع طلحة و الزبير وعايشة، فما كنت بعاجز، ولكن لي في سبعة من الأنبياء أسوة أوّلهم نوح (عليه السلام) حيث قال تعالى في مخبراً عنه: ( أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ) ، فإنْ قلتم: أنّه ما كان مغلوباً فقد كفرتم

١٤٤

بتكذيب القرآن وإنْ قلتم: أنّه كان مغلوباً فعلي أعذر، الثاني إبراهيم (عليه السلام) حيث أخبر الله تعالى عنه في قوله لقومه: ( وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) ، فإنْ قلتم: أنّه اعتزله من غير مكروه فقد كذّبتم القرآن، وإنْ قلتم: رأى المكروه فاعتزلهم فعليّ أعذر، والثالث لوط حيث أخبر الله تعالى عنه في قوله لقومه: ( لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ) ، فإنْ قلتم: كان له قوّة فقد كذّبتم القرآن وإنْ قلتم: أنّه لم يكن له بهم قوّة فعليّ أعذر، والرابع يوسف (عليه السلام) حيث قال: ( رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ) ، فإنْ قلتم: أنّه ما دُعي لمكروهٍ يُسخط الله فقد كفرتم، وإنْ قلتم: أنّه دُعيَ إلى ما يُسخط الله تعالى فعليّ أعذر.

والخامس موسى بن عمران (عليه السلام) حيث أخبر الله تعالى عنه: ( فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) ، فإنْ قلتم: أنّه فرّ منهم من غير خوفٍ فقد كذّبتم القرآن وإنْ قلتم: أنّه فرّ خوفاً على نفسه فعليٌّ أعذر، والسادس أخوه هارون حيث أخبر الله تعالى عنه: ( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ ) ، فإنْ قلتم: ما كادوا يقتلونه فقد كذّبتم القرآن وإنْ قلتم: كادوا يقتلونه فعليٌّ أعذر، السابع ابن عمّي محمّد (صلّى الله عليه وآله) حيث هرَب من الكفّار إلى الغار فإنْ قلتم: أنّه ما هرَب من خوفٍ على نفسه فقد كذبتم وإنْ قلتم هرب من خوف على نفسه فالوصيّ أعذر الناس، ما زلت مظلوماً مُذ ولدتني أُمّي حتى أنّ أخي عقيلاً كان إذا رمدت عينه يقول: لا تذروا عيني حتى تذروا عين عليّ فيذروني ما بي من رمد).

١٤٥

معجزة إخراج النوق

(وروي بالأسانيد) عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أنّه قال: (قدِم على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حبرٌ من أحبار اليهود، فقال: يا رسول الله، قد أرسلني إليك قومي وقالوا: إنّه عهِد إلينا نبيّنا موسى بن عمران وقال: إذا بُعث بعدي نبيّ اسمه محمّد وهو عربيّ فامضوا إليه واسألوه أنْ يخرج لكم من جبَل هناك، سبع نوق حمر الوبر، سود الحدَق فإنْ أخرجها لكم فسلّموا عليه وآمنوا به

١٤٦

واتّبعوا النور الذي أُنزل معه فهو سيّد الأنبياء ووصيّه سيّد الأوصياء، وهو منه كمثل أخي هارون منّي، فعند ذلك قال: الله أكبر قم بنا يا أخا اليهود، قال: فخرج النبيّ (صلّى الله عليه وآله) والمسلمون حوله إلى ظاهر المدينة، وجاء إلى جبَل فبسط البُردة وصلّى ركعتين وتكلّم بكلامٍ خفي وإذا الجبَل يصرّ صريراً عظيماً، فانشقّ وسمِع الناس حنين النوق فقال اليهود: مدّ يدك فإنّا نشهد أنْ لا إله إلاّ الله وأنّك محمّد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وانّ جميع ما جئت به صدقٌ وعدل، يا رسول الله، فامهلني حتى أمضي إلى قومي وأُخبرهم ليقبضوا عدّتهم منك ويؤمنوا بك، قال: فمضى الحبر إلى قومه بذلك ففرّوا بأجمعهم وتجهّزوا للمسير وساروا يطلبون المدينة ليقضوا عدّتهم، فلمّا دخلوا المدينة وجدوها مظلمة مسودّة بفقد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وقد انقطع الوحي من السماء وقد قُبض (صلّى الله عليه وآله) وجلس مكانه أبو بكر فدخلوا عليه وقالوا: أنت خليفة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؟

قال: نعم، قالوا: أعطنا عدّتنا من رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، قال: وما عدّتكم؟ قالوا: أنت أعلم منّا بعدّتنا إنْ كنت خليفته حقّاً، وإنْ لم تكن خليفته فكيف جلست مجلس نبيّك بغير حقٍّ لك ولست له أهلا؟! فقام وقعَد وتحيّر في أمره ولم يعلم ماذا يصنع، وإذا برجل من المسلمين قد قام وقال: اتبعوني حتى أدلّكم على خليفة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، قال: فخرج اليهود من بين يدي أبى بكر وتبعوا الرجل، حتى أتوا إلى منزل فاطمة الزهراء (عليها السلام) فطرقوا الباب، وإذا الباب قد فتح وخرج إليهم عليّ وهو شديد الحُزن على رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فلمّا رآهم قال: (أيّها اليهود تريدون عدّتكم من رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؟)، قالوا: نعم، فخرج معهم إلى ظاهر المدينة إلى الجبل الذي صلّى عنده رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فلمّا رأى مكانه تنفّس الصعداء وقال:

(بأبي وأُمّي مَن كان بهذا الموضع منذ هنيئة)، ثمّ صلّى ركعتين وإذا بالجبَل قد انشقّ وخرجَت النوق، وهي سبع نوق، فلمّا رأوا ذلك قالوا: بلسان واحد نشهد أنّ لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأنّ ما جاء به النبيّ (صلّى الله عليه وآله) من عند ربّنا هو الحق وأنّك خليفته

١٤٧

حقّاً ووصيّه ووارث عِلمه، فجزاه الله وجزاك عن الإسلام خيراً، ورجعوا إلى بلادهم مسلمين موحّدين.

١٤٨

أسئلة اليهودي وأجوبتها

(وبالإسناد) يرفعه إلى أنَس بن مالك قال: دخل يهودي في زمن خلافة أبي بكر فقال: أُريد خليفة رسول الله، قال فجاؤوا به إلى أبي بكر، فقال له اليهودي: أنت خليفة رسول الله؟ قال له أبو بكر: نعم، أما تنظرني أنا في مقامه ومحرابه؟ فقال له: إنْ كنت كما تقول يا أبا بكر، أسألك عن أشياء فإنْ كنت تجيب صدّقتك، قال: سل عمّا بدا لك وعمّا تريد، فقال اليهودي: أخبرني عمّا ليس لله وعمّا ليس عند الله وعمّا لا يعمله الله، قال: فعند ذلك قال أبو بكر هذه مسائل الزنادقة يا يهودي، قال: فعندها همّ المسلمون بقتل اليهودي فكان ممّن حضر ذلك ابن عبّاس فزعق بالناس وقال: يا أبا بكر ما أنصفتم الرجل، فقال: أما سمِعت ما تكلّم به؟ فقال ابن عبّاس (رضيَ الله عنه) فإنْ كان عندكم جوابه وإلاّ أخرجوه حيث شاء، قال فأخرجوه وهو يقول: لعن الله قوماً جلسوا في غير مراتبهم يريدون قتل النفس التي حرّم الله تعالى بغير علم.

فخرج وهو يقول: أيّها الناس ذهب الإسلام حتى لا تجيبوا عن مسألة وأين رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأين خليفته؟ قال: فتبعه ابن عبّاس وقال له: ويلك اذهب إلى عيبة عِلم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى منزل عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فعند ذلك أقبل وقد خرَج أبو بكر والمسلمون في طلبه فلحقوه في بعض الطريق، فأخذوه وجاؤوا به إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فاستأذنوا للدخول ثمّ دخلوا عليه وقد ازدحم الناس يبكون وقوم يضحكون، فقال له أبو بكر: يا أبا الحسن، إنّ هذا اليهودي سألني عن مسائل الزنادقة، فقال عليّ:

(ما تقول يا يهودي؟) قال: أسألك ويفعلون بي ما يريدون هؤلاء القوم؟

قال: (وأيّ شيءٍ أرادوا أنْ يفعلوا بك؟) قال: أرادوا أنْ يذهبوا بدمي؛ لأنّهم ما أجابوني عن مسائلي، قال له الإمام (عليه السلام): (دع هذا وسل عمّا بدا لك يا يهودي وما شئت)، قال: يا عليّ، سؤالي لا يعلمه إلاّ نبيّ أو وصيّ، قال: (سل عمّا تريد) فعند

١٤٩

ذلك قال اليهودي: أخبرني عمّا ليس عند الله وعمّا لا يعلمه الله، فقال له عليّ (عليه السلام): (شرطٌ يا أخا اليهود) قال: وما الشرط؟ قال: (تقول معي قولاً عدلاً مخلصاً بالرضا، لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله)، قال: نعم يا عليّ، كيف ما أقول؟! فقال (عليه السلام): (يا أخا اليهود، سألتَ عمّا ليس عند الله فليس عند الله ظلم)، فقال: صدقت يا أبا الحسن، (وأمّا قولك عمّا ليس لله فليس لله ولَد ولا صاحبة ولا شريك)، قال: صدقت، (وأمّا قولك عمّا ليس يعلمه، الله ما يعلم أنّ لله صاحبة ووزيراً ولا مشيراً وهو قادرٌ على ما يُريد)، فعند ذلك قال: مدّ يدك فأنا أشهد أنّ لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله وأنّك خليفته حقّا ووصيّه ووارث عِلمه، فجزاك الله عن الإسلام خيراً فضحك الناس عند ذلك، فقال أبو بكر: أنت يا علي كاشف الكربات، أنت يا علي فارج الهمّ والغمّ، فعند ذلك خرج أبو بكر فرقيَ المنبر وقال: أقيلوني - ثلاثا - فلست بخيركم وعليٌّ فيكم، قال: فخرج عليه عمر وقال: كيف يا أبا بكر وقد رضيناك لأنفسنا؟ فنزل عن المنبر وأخبروا بذلك أمير المؤمنين.

(وبالإسناد) يرفعه إلى أبي ذر (رضي الله عنه) قال: أمَرنا رسول الله أنْ نسلّم على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وقال: (سلّموا على أخي ووارثي وخليفتي في قومي ووليّ كلّ مؤمن ومؤمنة من بعدي، سلّموا عليه بإمرة المؤمنين؛ فإنّه وليّ كلّ مَن يسكن الأرض إلى يوم القيامة، ولو قدّمتموه لأخرجت الأرض بركاتها؛ فإنّه أكرم مَن عليها من أهلها)، قال أبو ذر: فرأيت عمر قد تغيّر لونه وقال: أحقٌّ من الله يا رسول الله، قال: (نعم يا عمر، حق من الله تعالى أمرني به وبذلك أمرتكم)، قال: فقام وسلّم عليه بإمرة المؤمنين وكذلك أبو بكر ثمّ أقبلا على أصحابهما وقالا ما قالاه.

(وبالإسناد) يرفعه إلى أبي أُمامة الباهلي قال: قال رسول الله: (إنّ الله خلقني وعليّاً من شجرةٍ واحدة فأنا أصلها وعليّ فرعها، والحسن والحسين ثمرتها، وشيعتنا أوراقها فمَن تمسّك بها ومَن تخلّف عنها هوى).

١٥٠

اعتراف عمر بفضل علي

(وعن سليم بن قيس) يرفعه إلى أبي ذر والمقداد وسلمان (رضي الله عنهم) قالوا: قال لنا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام): (إنّي مررت بالصهّاكي يوماً فقال لي: ما مثَلُ محمّد في أهل بيته إلاّ كمثل نخلةٍ نبتت في كناسة، قال: فأتيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فذكرت ذلك له فغضِب غضباً شديداً، فقام فخرج مُغضباً وصعد المنبر ففزعت الأنصار ولبسوا السلاح لِما رأوا مِن غضبه، ثمّ قال: ما بال أقوامٍ يعيّرون أهل بيتي وقد سمِعوني أقول في فضلهم ما أقول، وخصصتهم بما خصّهم الله تعالى به وفضّل عليّاً (عليه السلام) عليهم لإكرامه وسبقه إلى الإسلام وبلائه، وأنّه منّي بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي، ثمّ إنّهم يزعمون أنّ مثَلي في أهل بيتي كمثل نخلةٍ نبتت في كناسة، ألا أنّ الله سبحانه وتعالى خلَق خلقه وفرّقهم فرقتين وجعلني في خيرها شعباً وخيرها قبيلةً ثمّ جعلهم بيوتا فجعلني في خيرها بيتاً حتى حصلت في أهل بيتي وعشيرتي وبني أبي أنا وأخي عليّ بن طالب.

ثمّ إنّ الله اطّلع إلى الأرض اطلاعةً فاختارني منهم ثمّ اطّلع عليهم ثانيةً فاختار أخي وابن عمّي ووزيري ووارثي ووصيّي وخليفتي في أُمّتي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنةٍ من بعدي، فمَن والاه فقد والاني ومَن عاداه فقد عاداني ومن عاداني فقد عادى الله، ومن أحبّه فقد أحبّ الله تعالى، ومن أبغضه فقد أبغض الله تعالى، فلا يحبّه إلاّ مؤمن ولا يبغضه إلاّ كافر فهو زين الأرض بعدي وزين من أسكنتها، وهو كلمة الله التقوى وعروته الوثقى،

ثمّ قال: ( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ ) ، أيّها الناس ليبلّغ مقالتي الشاهد منكم الغائب، اللهمّ اشهد عليهم أنّ الله عزّ وجل نظر إلى أهل الأرض نظرةً ثالثة فاختار منها أحد عشر إماما وهُم من أهل بيتي خيار أُمّتي بعد أخي عليّ كلّما هلَك منهم أحد قام آخر، كمثل نجوم السماء كلّما غاب نجمٌ طلَع آخر وهم أئمّة هادون مهديّون لا يضرهم كيد مَن كادهم ولا خُذلان مَن خذلهم، لعن الله مَن كادهم ومَن خذلهم هم حُجج الله تعالى في أرضه وشهدائه على خلقه من أطاعهم فقد

١٥١

أطاع الله تعالى، ومَن عصاهم فقد عصى الله تعالى، ثمّ هم مع القرآن والقرآن معهم لا يفارقهم ولا يفارقونه حتى يردوا علَيّ الحوض، أوّلهم ابن عمّي عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وهو خيرهم وأفضلهم، ثمّ ابني الحسن ثمّ ابني الحسين وأُمّهم فاطمة ابنتي، ثمّ تسعة من ولد الحسين ثمّ بعدهم جعفر بن أبي طالب ثمّ عمّي حمزة بن عبد المطّلب، أنا خير النبيّين والمرسلين وعليّ خير الوصيّين وأهل بيتي خير بيوت أهل النبيّين وفاطمة ابنتي سيّدة نساء أهل الجنّة أجمعين، أيّها الناس، أترجون شفاعتي لكم وأعجز عن أهل بيتي؟

أيّها الناس، ما مِن أحد غدا يلقى الله تعالى مؤمناً لا يشرك به شيئاً إلاّ أجره الجنّة ولو أنّ ذنوبه كتراب الأرض، أيّها الناس، لو أخذت بحُقّه باب الجنّة ثمّ تجلّى لي؟ الله عزّ وجل فسجدت بين يديه، ثمّ أذن لي في الشفاعة لم أوثر على أهل بيتي أحداً، أيّها الناس عظّموا أهل بيتي في حياتي وبعد مماتي، وأكرموهم وفضّلوهم لا يحلّ لأحدٍ أنْ يقوم لأحد غير أهل بيتي فانسبوني مَن أنا)، قال: فقام الأنصار وقد أخذوا بأيدهم السلاح وقالوا: نعوذ الله مِن غضب الله وغضَب رسوله، أخبرنا يا رسول الله مَن آذاك؟ يا رسول الله من آذاك في أهل بيتك حتى نضرب عنقه؟

قال: (أنا محمّد بن عبد الله عبد المطّلب)، ثمّ انتهى بالنسب إلى نِزار، ثمّ مضى إلى إسماعيل بن إبراهيم خليل الله، ثمّ مضى منه إلى نوح (عليه السلام)، ثمّ قال: (أنا وأهل بيتي كطينة آدم (عليه السلام) نكاحٌ غير سفاح، سلوني، والله لا يسألني رجل إلاّ أخبرته عن نسَبِه وعن أبيه)، فقام إليه رجل فقال: من أنا يا رسول الله؟

فقال: (أبوك فلان الذي تُدعى إليه)، قال: فارتدّ الرجل عن الإسلام، ثمّ قال (صلّى الله عليه وآله) والغضب ظاهر في وجهه: (ما يمنع هذا الرجل الذي يعيب على أهل بيتي وأهلي وأخي ووزيري وخليفتي من بعدي ووليّ كلّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ بعدي أنْ يقوم ويسألني عن أبيه أين هو في جنّة أم في نار)، قال فعند ذلك خشي الثاني على نفسه أنْ يذكر رسول الله ويفضحه بين الناس، فقام وقال: نعوذ بالله من سخَط الله وسخَط رسوله، ونعوذ بالله من غضَب الله وغضَب رسوله اعف عنّا عفى

١٥٢

الله عنك، أقلنا أقالك الله، استرنا سترك الله، اصفح عنّا جعلنا الله فداك، فاستحى النبيّ وسكت؛ فإنّه كان من أهل الحِلم وأهل الكرم وأهل العفو، ثمّ نزل (صلّى الله عليه وآله).

(وممّا رواه) الحكَم بن مروان أنّ عمر بن الخطّاب نزلت قضيّة في زمان خلافته فقام لها وقعد وارتجّ، ونظر مَن حوله فقال: معاشر الناس والمهاجرين والأنصار، ماذا تقولون في هذا الأمر؟ فقالوا: أنت أمير المؤمنين وخليفة رسول الله تعالى، والأمر بيدك فغضِب من ذلك وقال: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ) ، ثمّ قال: والله لتعلمُنّ مَن صاحبها ومَن هو أعلم بها، فقالوا: يا أمير المؤمنين كأنّك أردت عليّ بن أبي طالب؟

قال: إنّا نعدل عنه، وهل لقحت حرّة بمثله؟ قالوا: أنأتيك به يا أمير المؤمنين؟ قال: هيهات هناك شمخٌ من هاشم ونسَب من رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ولا يأتي فقوموا بنا إليه، قال: فقام عمر ومَن معه وهو يقول:

( أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ) ، ودموعه تهمل على خدّيه قال: فأجهش القوم لبكائه ثمّ سكت فسكتوا، وسأله عمر عن مسئلته فأصدَر جوابها فقال: أما والله يا أبا الحسن لقد أرادك الله للحق، ولكن أبى قومك، فقال له أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام): (يا أبا حفص عليك من هنا ومن هنا: ( إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً ) )، قال فضرب عمر بإحدى يديه على الأُخرى وخرَج مسودّ اللون كأنّما ينظر في سواد، وهذا الحديث من كتاب أعلام البنوّة في القائمة الأُولى وفي وقف الأخلاطية.

١٥٣

خبر حرّة السعدية مع الحجاج

(وممّا روي عن جماعة ثقاة) أنّه لمّا وردت حرّة بنت حليمة السعديّة (رضي الله عنها) على الحجّاج بن يوسف الثقفي فمثلت بين يديه، فقال لها: الله جاء بك فقد قيل عنك أنّك تفضّلين عليّاً على أبى بكر وعمر وعثمان، فقالت: لقد كذب الذي قال: إنّي أُفضّله على هؤلاء خاصّة، قال: وعلى مَن غير هؤلاء؟ قالت: أُفضله على آدم ونوح ولوط وإبراهيم وعلى موسى وداود وسليمان وعيسى ابن مريم (عليهم السلام)، فقال لها: ويلك، أقول لك أنّك تفضّلين على الصحابة وتزيدين

١٥٤

عليهم سبعة من الأنبياء من أُولى العزم من الرسل؟! إنْ لم تأتي ببيانِ ما قلتِ وإلاّ ضربت عنقك، فقالت: ما أنا مفضّلته على هؤلاء الأنبياء ولكن الله عزّ وجل فضّله عليهم في القرآن بقوله عزّ وجل في آدم: ( وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ) وقال في حقّ عليّ: ( وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ) ، فقال: أحسنت يا حرّة، فيم تفضلينه على نوح ولوط؟ فقالت الله عزّ وجل فضّله عليهما بقوله: ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) ، وعليّ ابن أبي طالب (عليه السلام) كان مع ملائكة الله الأكبر تحت سدرة المنتهى، زوجته بنت محمّد فاطمة الزهراء التي يرضى الله تعالى لرضاها ويسخط لسخطها.

فقال الحجّاج: أحسنت يا حرّة فيم تفضلينه على أبي الأنبياء إبراهيم خليل الله؟ فقالت: الله عزّ وجل فضّله بقوله: ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) ، ومولاي أمير المؤمنين قال: قولاً لا يختلف فيه أحد من المسلمين: (لو كُشِف الغطاء ما أزددت يقينا)، وهذه كلمة ما قالها قبله ولا بعده أحد، قال: أحسنت يا حرّة فيم تفضّلينه على موسى كليم الله؟

قالت بقوله عزّ وجل: ( فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ) ، وعليّ بن أبي طالب بات على فراش رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لم يخَف حتى أنزل الله تعالى في حقّه: ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ ) ، قال الحجّاج: أحسنت يا حرّة، ففيم تفضلينه على داود وسليمان؟ قالت الله تعالى فضّله عليهما بقوله عزّ وجل: ( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) ، قال لها: في أيّ شيء كانت حكومته؟ قالت: في رجُلين رجُل كان له كرم والآخر له غنَم فوقعت الغنَم بالكرَم فرعته فاحتكما إلى داود (عليه السلام)، فقال: تُباع الغنم ويُنفق ثمنُها على الكرَم حتى يعود إلى ما كان عليه، فقال له ولده: يا أبت، بل يؤخذ من لبنِها وصوفها.

قال تعالى: ( فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ) وأنّ مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (سلوني عمّا فوق العرش سلوني

١٥٥

عمّا تحت العرش سلوني قبل أنْ تفقدوني) وأنّه (عليه السلام) دخل على رسول الله يوم فتح خيبر، فقال النبيّ (صلّى الله عليه وآله): (للحاضرين أفضلكم وأعلمكم وأقضاكم علي)، فقال لها أحسنت فيمَ تفضلينه على سليمان؟ فقالت: الله تعالى فضّله عليه بقوله: ( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ) ، ومولانا عليّ قال:

(طلّقتك يا دنيا ثلاثاً لا حاجة لي فيك)، فعند ذلك أنزل الله تعالى فيه: ( تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً ) ، فقال: أحسنت يا حرّة ففيم تفضّلينه على عيسى بن مريم (عليه السلام)؟ قالت:الله عزّ وجل فضّله بقوله تعالى: ( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ ) الآية، فأخّر الحكومة إلى يوم القيامة، وعليّ ابن أبي طالب (عليه السلام) لمّا ادّعى الحرورية فيه ما ادّعوه وهُم أهل النهروان قاتلهم ولم يؤخّر حكومتهم، فهذه كانت فضائله لم تُعد بفضائل غيره أحسنت يا حرّة خرجت من جوابك، لولا ذلك لكان ذلك، ثمّ أجازها وسرّحها سراحاً حسناً رحمة الله عليها.

(وبالإسناد) يرفعه إلى جابر بن عبد الله الأنصاري في قوله عزّ وجل: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) قال: الصادقون هُم محمّد وأهل بيته.

(وبالإسناد) يرفعه إلى جابر (رضي الله عنه) في قوله: ( أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ ) ، قال: البيّنة رسول الله، والشاهد عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، قوله تعالى: ( وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ ) الآية، ( فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) ، فيه حديثٌ طويل وقد ذكر أنّ عليّاً (عليه السلام) هو المنادي وهو المؤذّن وكذلك في قوله تعالى: ( وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ )

١٥٦

وفي قوله تعالى: ( وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ) ، بعليّ (عليه السلام)، ذكروا فيه روايات كثيرة فيها الأعاجيب وسُئل الصادق (عليه السلام) عن قوله تعالى: ( إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى * وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى ) ، فذكر قرّائه نقلَه أقوالاً نقلت عنه أقرّ بها الجاحدون، وعن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: ( يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ) : (الراجفة للحسين ومأتمه، والرادفة لعليّ ابنه (عليه السلام)، وهو أوّل من ينفض رأسه من التراب مع الحسين في خمسة وسبعين ألف وهو قوله عزّ وجل: ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ * يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ )) .

عن عليّ بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) أنّه قال: (لجدّي عليّ بن أبى طالب (عليه السلام) في كتاب الله تعالى أسماءٌ كثيرة، ولكن لا تعرفونها)، فقلتُ: وما هي؟ قال: (ألَم تسمع قول الله عزّ وجل: ( وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ ) )، وقال أبو عبد الله: (إنّ الرجل إذ صارت نفسه عند صدره وقت موته يرى رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وهو يقول له: أنا البشير النذير، ثمّ يرى عليّ بن أبى طالب فيقول: أنا عليّ بن أبي طالب الذي كنت تحبّني، أنا أنفعك)، قال: فقلت: يا مولاي، مَن هذا رجع إلى الدنيا؟

قال: (إذا رأى هذا مات) قال: (وذلك في القرآن: ( الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) ، قال: يُبشّره لمحبّته إيّاه بالجنّة في الدنيا والآخرة، وهي بشارة إذا رآه أمِن من الخوف)، قال أبو يمامة كنت عند أبي عبد الله في ليلة جمعة، فقال لي: (اقرأ) فقرأت حتى بلغت إلى ( يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلىً عَنْ مَوْلىً شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ * إِلاّ مَنْ رَحِمَ اللَّهُ ) فقال (عليه السلام): (نحن الذين يرحَم تعالى عباده بنا، نحن الذين استثنى الله تعالى).

(وبالإسناد) يرفعه عن المغيرة، عن عليّ بن أبى طالب (عليه السلام) قال: (قال: رسول الله (صلّى الله عليه وآله): مَن مات وهو يحبّك بعد موتك يختِم الله تعالى له بالإيمان، ومَن مات وهو يبغضك مات ميتةً جاهليّة وحوسِب بما عمله).

١٥٧

(وبالإسناد) يرفعه عن عمّار بن ياسر (رضي الله عنه) أنّه قال: لمّا سار أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) إلى صِفّين وقَف بالفرات وقال لأصحابه: (أين المخاض؟)، قالوا: يا مولانا، ما نعلم أين المخاض، فقال لبعض أصحابه: (امض إلى هذا التل وناد: يا جلندي أين المخاض). قال: فسار حتى وصَل إلى التل ونادى: (يا جلندي، أين المخاض؟)، قال: فأجابه من تحت الأرض خلقٌ كثير فبُهِت ولم يعلَم ما يصنع، فأتى إلى الإمام (عليه السلام) وقال: يا مولاي جاوَبني خلقٌ كثير فقال (عليه السلام): (يا قنبر، امض وقل يا جلندى بن كركر، أين المخاض)، قال: فمضى قنبر وقال: يا جلندي بن كركر أين المخاض فكلّمه واحد وقال:

(ويلكم، مَن قد عرَف اسمي واسم أبي وأنا في هذا المكان قد صرت تراباً، وقد بقيَ قَحف رأسي عظماً نخِرة رميماً ولي ثلاثة آلاف سنة، ما يعلم أين المخاض فهو والله أعلم بالمخاض منّي، ويلكم ما أعمى قلوبكم وأضعف يقينكم، ويلكم امضوا إليه واتّبعوه فأين خاض خوضوا معه؛ فإنّه أشرف الخلق على الله بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)). فاعتبر أيّها المعتبر وانظر بعين اليقين إلى هذه المعجزات والفضائل التي ما جُمِعت في بشرٍ سِواه.

(وبالإسناد) يرفعه إلى سليم بن قيس قال: دخلت على عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وهو في مسجد الكوفة والناس حوله إذ دخل عليه رأس اليهود ورأس النصارى فسلّما عليه وجلسا، فقال الجماعة: بالله عليك يا مولانا: اسألهم حتى ننظر ما يعلمون فقال لرأس اليهود: (يا أخا اليهود)، قال: لبّيك يا عليّ، فقال (عليه السلام): (كم اقتسمت أُمّة نبيّكم؟) قال: هو عندي في كتابٍ مكتوب، فقال (عليه السلام): (قاتل الله قوماً أنتَ زعيمهم يُسأل عن أمرِ دينه فيقول: هو عندي في كتاب)، ثمّ التفت إلى رأس النصارى وقال له: (كم اقتسمت أُمّة نبيّكم؟) قال: على كذا وكذا، فقال (عليه السلام): (لو قُلت ما قلت مثل ما قال صاحبك لكان خيراً لك من أنْ تقول وتُخطئ، ولا تعلم)، ثمّ أقبل على الناس وقال: (أيّها الناس، أنا أعلم بأهل التوراة من توراتهم، وبأهل الإنجيل من إنجيلهم، وأعلم بأهل القرآن مِن قرآنهم فأنا أُخبركم على كم اقتسمت الأمم، أخبرني به حبيبي وقرّة عيني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حيث قال: افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ففي

١٥٨

النار سبعون منها وواحدة في الجنّة، وهي التي اتبعت وصيّه، وتفرّقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة إحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنّة وهي التي اتبعت وصيّ عيسى (عليه السلام)، وافترقت أُمّتي ثلاثة وسبعين فرقة اثنتان وسبعون فرقة في النار وواحدة في الجنّة فهي التي اتبعت وصيّي، وضرب بيده على منكبي، ثمّ قال: اثنتان وسبعون فرقةٌ حلّت عَقَد الله فيك، وواحدة في الجنّة وهي التي اتخذت محبّتك وهم شيعتك)

١٥٩

خبر سُليم في عليّ

(وبالإسناد) يرفعه إلى سليم بن قيس أنّه قال: لما قُتل الحسين بن عليّ (عليه السلام) بكى ابن عبّاس بكاء‌ً شديداً، ثمّ قال: ما لقِيت هذه الأُمّة بعد نبيّها؟! اللهمّ إنّي أشهدك أنّي لعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ولولده وليّ، ومِن عدوّه وعدو ولده بريء، فإنّي مسلّم لأمرهم ولقد دخلت على عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ابن عمّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بذي قار فأخرج لي صحيفة وقال: (يا ابن عبّاس هذه الصحيفة إملاء رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وخطّي بيدي).

قال: فقلت: يا أمير المؤمنين، اقرأها علَيّ فقرأها وإذا فيها كل شيء مُنذ قُبِض رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى يوم قتْل الحسين (عليه السلام)، وكيف يُقتل ومَن يقتله ومَن ينصره ومَن يستشهد معه فيها، ثمّ بكى بكاءً شديداً وأبكاني، وكان فيما قرأه كيف يُصنع به وكيف تستشهد فاطمة وكيف يستشهد الحسين (عليه السلام)، وكيف تغدر به الأُمّة فلمّا قرأ مقتل الحسين ومَن يقتله أكثر من البكاء، ثمّ أدرج الصحيفة وقد بقيَ ما يكون إلى يوم القيامة، وكان فيها لمّا قرأها أمر أبي بكر وعمر وعثمان، وكم يملك كلّ إنسان منهم، وكيف بويع عليّ بن أبي طالب ووقعة الجمَل ومسير عائشة وطلحة الزبير ووقعة صفّين، ومَن يُقتل فيها ووقعة النهروان وأمر الحكَمَين ومُلك معاوية ومَن يقتل من الشيعة وما يصنع الناس بالحسن وأمر يزيد بن معاوية، حتى انتهى إلى قتل الحسين (عليه السلام) فسمِعت ذلك ثمّ كان كلمّا قرأ لم يزيد ولم ينقض، ورأيت خطّه أعرفه في الصحيفة لم يتغيّر ولم يظفر فلمّا أدرج الصحيفة قلت: يا أمير المؤمنين: لو كنت قرأت عليّ بقيّة

١٦٠

وقت فريضة، ارأيت لو كان عليك صوم من شهر رمضان، اكان لك ان تتطوع حتى تقتضيه »، قال، قلت: لا، قال: « فكذلك الصلاة » قال: فقايسني، وما كان يقايسني.

٤٧ - ( باب جواز قضاء الفرائض في وقت الفريضة الحاضرة ما لم يتضيق وحكم تقديم الفائتة على الحاضرة )

٣٢٦٧ / ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّد عليهما‌السلام، انه قال: « من فاتته صلاة حتى دخل وقت صلاة اخرى، فان كان في الوقت سعة بدأ بالتي فاتته، وصلى التي هو منها في وقت، وان لم يكن في الوقت (١) الا مقدار ما يصلي فيه التي هو في وقتها بدأ بها، وقضى بعدها الصلاة الفائتة ».

٣٢٦٨ / ٢ - فقه الرضا عليه‌السلام: عن رجل نام ونسي فلم يصلّ المغرب والعشاء، قال: « ان استيقظ قبل الفجر بقدر ما يصلّيهما جميعاً يصلّيهما، وإن خاف أن يفوته أحدهما فليبدأ بالعشاء الآخرة ».

____________________________

الباب - ٤٧

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٤١، وعنه في البحار ج ٨٨ ص ٣٢٥ ح ٣.

(١) في المصدر زيادة: سعة.

٢ - فقه الرضا عليه‌السلام ص ١٠، وعنه في البحار ج ٨٨ ص ٣٢٤ ح ٢.

١٦١

٤٨ - ( باب وجوب الترتيب بين الفرائض أداء وقضاء، ووجوب العدول بالنيّة إلى السابقة، إذا ذكرها في أثناء الصلاة أداء، وقضاء جماعة ومنفرداً )

٣٢٦٩ / ١ - فقه الرضا عليه‌السلام: عن رجل نسي الظهر حتى صلّى العصر، قال: « يجعل صلاة العصر التي صلّى الظهر، ثم يصلّى العصر بعد ذلك ».

وعن رجل نام ونسي فلم يصلّي المغرب والعشاء - إلى أن قال -: « وإن استيقظ بعد الصبح فليصلّ الصبح، ثم المغرب، ثم العشاء، قبل طلوع الشمس ».

٣٢٧٠ / ٢ - دعائم الإسلام: وروينا عن جعفر بن محمّد عليه‌السلام أنّ رجلاً سأله فقال: يابن رسول الله، ما تقول في رجل نسي صلاة الظهر حتى صلّى ركعتين من العصر؟ قال: « فيجعلهما الظهر (١)، ثم يستأنف العصر » قال: فإن نسي المغرب حتى صلّى ركعتين من العشاء (٢)؟ قال: « يتمّ صلاته، ثم يصلّي المغرب بعد » قال له الرجل: جعلت فداك (يابن رسول الله) (٣)، ما الفرق بينهما؟ قال: « لأنّ العصر ليس بعدها صلاة، يعني لا يتنفّل بعدها، والعشاء الآخرة يصلّي بعدها ما شاء ».

____________________________

الباب - ٤٨.

١ - فقه الرضا عليه‌السلام ص ١٠، وعنه في البحار ج ٨٨ ص ٢١٦

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٤١، وعنه في البحار ج ٨٨ ص ٣٢٥ ح ٣.

(١) في المصدر: فليجعلهما للظهر.

(٢) في المصدر زيادة: الآخرة.

(٣) ليس في المصدر.

١٦٢

٣٢٧١ / ٣ - وعنه عليه‌السلام: أنّه سئل عن رجل نسي صلاة الظهر حتى صلّى العصر، قال: « يجعل التي صلّى الظهر، ويصلّي العصر » قيل: فإن نسي المغرب حتى صلّى العشاء الآخرة؟ قال: « يصلّي المغرب، ثم العشاء الآخرة ».

قال في البحار في الخبر الأول: لم أر قائلاً به، وحمل على ما إذا تضيّق وقت العشاء دون العصر، وان كان التعليل يأبى عنه لمعارضته للأخبار الكثيرة، ويمكن حمله على التقيّة والتعليل ربّما يؤيده، انتهى.

٣٢٧٢ / ٤ - السيّد عليّ بن طاووس في رسالة المواسعة، عن كتاب الصلاة للحسين بن سعيد الأهوازي: عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن الحسن بن زياد الصيقل، قال: سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن رجل نسي الاُولى حتى صلّى ركعتين من العصر، قال: « فليجعلهما الاولى وليستأنف العصر » قلت: فإن نسي المغرب حتى صلّى ركعتين من العشاء ثم ذكر؟ قال: « فليتم صلاته، ثم يقضي بعد المغرب » قال: قلت: جعلت فداك، متى نسي الظهر ثم ذكر وهو في العصر يجعلها الاولى ثم يستأنف، وقلت لهذا يقضي صلاته بعد المغرب؟! فقال: « ليس هذا مثل هذا، إنّ العصر ليس بعدها صلاة والعشاء بعدها صلاة ».

٣٢٧٣ / ٥ - وعن كتاب النقض على من أظهر الخلاف على أهل البيت عليهم‌السلام للحسين بن عبيد الله بن عليّ الواسطي: عن الصادق

____________________________

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٤١ باختلاف يسير في لفظه، وعنه في البحار ج ٨٨ ص ٣٢٥ ح ٣.

٤ - رسالة المواسعة ص ١، وعنه في البحار ج ٨٨ ص ٣٢٩.

٥ - رسالة المواسعة ص ٢، وعنه في البحار ج ٨٨ ص ٣٣٠.

١٦٣

جعفر بن محمّد عليهما‌السلام أنّه قال: « من كان في صلاة ثم ذكر صلاة اُخرى فاتته أتمّ التي هو فيها، ثم يقضي ما فاتته ».

٤٩ - ( باب نوادر ما يتعلّق بأبواب المواقيت )

٣٢٧٤ / ١ - علي بن إبراهيم في تفسيره: ( أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ) قال: « دلوكها زوالها، و: ( غَسَقِ اللَّيْلِ ) انتصافه، ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ) صلاة الغداة، ( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ) قال: تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار ».

ثم قال: ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ ) قال: « صلاة الليل ».

٣٢٧٥ / ٢ - العيّاشي: عن أبي هاشم الخادم، عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام قال: « ما بين غروب الشمس إلى سقوط القرص غسق ».

٣٢٧٦ / ٣ - الطبرسي في مجمع البيان: في قوله تعالى: ( رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ ) (١). الآية عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام: « إنّهم قوم إذا حضرت الصلاة تركوا التجارة، وانطلقوا إلى الصلاة، وهم أعظم أجراً ممّن (لم) (٢) يتّجر ».

____________________________

الباب - ٤٩

١ - تفسير القمي ج ٢ ص ٢٥، والآيتان في سورة الاسراء ١٧: ٧٨، ٧٩.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٣١٠ ح ١٤٤، وعنه في البحار ج ٨٢ ص ٣٥٩ ح ٤١.

٣ - مجمع البيان ج ٧ ص ١٤٥.

(١) النور ٢٤: ٣٧.

(٢) ليس في المصدر.

١٦٤

٣٢٧٧ / ٤ - الصدوق في الخصال: عن الحسن بن عبدالله بن سعيد العسكري، عن عمه، عن أبي إسحاق قال: أملى علينا تغلب (١) ساعات الليل: الغسق، والفحمة، والعشوة، والهداة، والسباع (٢)، والجنح، والهزيع، والفقد (٣)، والزلفة، والسحرة، والبهرة.

٣٢٧٨ / ٥ - عليّ بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن إسماعيل بن أبان، عن عمر بن أبان (١) الثقفي قال: سأل النصرانيّ الشاميّ الباقر عليه‌السلام عن ساعة ما هي من الليل ولا هي من النهار، أيّ ساعة هي؟ قال أبوجعفر عليه‌السلام: « ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس » قال النصراني: إذا لم يكن من ساعات الليل ولا من ساعات النهار فمن أيّ ساعات هي؟ فقال أبوجعفر عليه‌السلام: « من ساعات الجنّة، وفيها تفيق مرضانا » فقال النصراني: أصبت.

٣٢٧٩ / ٦ - زيد النرسي في أصله: قال: سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول: « إنّ الشمس تطلع كلّ يوم بين قرني شيطان إلّا صبيحة [ ليلة ] (١) القدر ».

____________________________

٤ - الخصال ص ٤٨٨ ح ٦٧.

(١) في المصدر: ثعلب.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في المصدر زيادة: والعقر.

٥ - تفسير القمي ج ١ ص ٩٨.

(١) في المصدر: عبدالله، ولعل الصواب: عمرو بن عبدالله الثقفي، أنظر « رجال الشيخ ص ١٢٨ رقم ٢١ ».

٦ - كتاب زيد النرسي ص ٥٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٦٥

٣٢٨٠ / ٧ - عوالي اللآلي: روى خباب بن الأرت قال: ربّما شكونا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ الرمضاء (١) فلم يشكنا.

٣٢٨١ / ٨ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قال: « رحم الله عبداً قام من الليل فصلّى، وأيقظ أهله فصلّوا ».

٣٢٨٢ / ٩ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أنّه قال: « لا يغلبنّكم الأعراب على اسم صلاتكم، فإنّها العشاء، وإنّهم يعتمون بالإبل »، وذلك لأنّهم كانوا يعتمون بالحلب، أي يؤخّرون حلبها إلى أن يعتم الليل، ويسمّون الحلبة العتمة باسم عتمة الليل، وعتمته: ظلامه.

____________________________

٧ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٢ ح ٦.

(١) الرمضاء: الحجارة الحامية من حرّ الشمس (لسان العرب ج ٧ ص ١٦٠، ومجمع البحرين ج ٤ ص ٢٠٩ - رمض -).

٨ - لبّ اللباب: مخطوط.

٩ - دور اللآلي ج ١ ص ١١٦.

١٦٦

أبواب القبلة

١ - ( باب وجوب استقبال القبلة في الصلاة )

٣٢٨٣ / ١ - الصدوق في الخصال: عن ستة من مشايخه، عن أحمد بن يحيى بن زكريا، عن بكر بن عبدالله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن أبي معاوية، عن الأعمش عن الصادق عليه‌السلام قال: « فرائض الصلاة سبع: الوقت، والطهور، والتوجّه، والقبلة، والركوع، والسجود، والدعاء ».

ورواه في الهداية مرسلاً عنه عليه‌السلام، مثله (١).

٣٢٨٤ / ٢ - البحار، عن كتاب العلل لمحمّد بن عليّ بن إبراهيم: عن أبيه، عن جدّه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن كبار حدود الصلاة؟ فقال: « سبعة: الوضوء، والوقت، والقبلة، وتكبيرة الإفتتاح، والركوع، والسجود والدعاء ».

____________________________

أبواب القبلة

الباب - ١

١ - الخصال ص ٦٠٣ ح ٩، وعنه في البحار ج ٨٣ ص ١٦٠ ح ١.

(١) الهداية ص ٢٩، وعنه في البحار ج ٨٣ ص ١٦٣ ح ٤.

٢ - البحار ج ٨٣ ص ١٦٣.

١٦٧

٣٢٨٥ / ٣ - القطب الراوندي في فقه القرآن: عنهما عليهما‌السلام في قوله تعالى: ( وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) (١) « في الفرض »، وقوله تعالى: ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّـهِ ) (٢) قالا: « هو في النافلة ».

٣٢٨٦ / ٤ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّد عليهما‌السلام، في قول الله عزّوجلّ: ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ) (١) قال: « أمره أن يقيمه للقبلة حنيفا، ليس فيه شئ من عبادة الأوثان ».

٣٢٨٧ / ٥ - العياشي في تفسيره: عن أبي بصير، عن أحدهما عليهما‌السلام، في قول الله تعالى: ( وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) (١) قال: « هو إلى القبلة ».

٣٢٨٨ / ٦ - وعن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام عن قوله تعالى: ( وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) (١) قال: « مساجد محدثة فاُمروا أن يقيموا وجوههم شطر المسجد الحرام ».

وأبو بصير، عن أحدهما عليهما‌السلام قال: « هو إلى القبلة،

____________________________

٣ - فقه القرآن ج ١ ص ٩١، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٤٩ ح ٣.

(١) البقرة ٢: ١٤٤، وفي المصدر - بعد ذكر الآية - زيادة: روي عن الباقر والصادق عليهم‌السلام أنّ ذلك.

(٢) البقرة ٢: ١١٥.

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٣١، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٧٠ ح ٢٧

(١) الروم ٣٠: ٣٠.

٥ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١٢ ح ٢٠، والبحار ج ٨٤ ص ٦٦ ح ٢٩.

(١) الأعراف ٧: ٢٩.

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١٢ ح ١٩ و ٢٠، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٦٦ ح ٢٠.

(١) الأعراف ٧: ٢٩.

١٦٨

ليس فيها عبادة الأوثان خالصاً مخلصاً ».

٢ - ( باب أنّ القبلة هي الكعبة مع القرب، وجهتها مع البعد )

٣٢٨٩ / ١ - السيد علي بن طاووس في فلاح السائل: رأيت الأحاديث المأثورة أنّ الله تعالى أمر آدم عليه‌السلام أن يصلّي إلى المغرب، ونوحاً عليه‌السلام أنّ (١) يصلّي إلى المشرق، وإبراهيم عليه‌السلام [ أن ] (٢) يجمعهما (٣)، فلمّا بعث موسى عليه‌السلام أمره أن يحيي دين آدم عليه‌السلام، ولمّا بعث عيسى عليه‌السلام أمره أن يحيي دين نوح عليه‌السلام، ولمّا بعث محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أمره أن يحيي دين إبراهيم عليه‌السلام.

٣٢٩٠ / ٢ - أحمد بن محمّد البرقي في المحاسن: عن أبيه، عن النضر، عن يحيى الحلبي، عن بشير في حديث سليمان مولى طربال، قال: ذكرت هذه الاهواء عند أبي عبدالله عليه‌السلام، قال: « لا والله، ما هم على شئ ممّا جاء به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ إلّا استقبال الكعبة فقط ».

٣٢٩١ / ٣ - عليّ بن إبراهيم في تفسيره: وفي رواية أبي الجارود، عن

____________________________

الباب - ٢

١ - فلاح السائل ص ١٢٨، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٥٧ ح ٩.

(١) ليس في المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر زيادة: وهي الكعبه.

٢ - المحاسن ج ١٥٦ ح ٨٩ وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٥٨ ح ١٠.

٣ تفسير القمي ج ١ ص ١٠٥.

١٦٩

أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى: ( وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) (١): « فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ لما قدم المدينة وهو يصلي نحو البيت المقدس أعجب ذلك اليهود، فلمّا صرفه الله عن بيت المقدس إلى بيت (الله) (٢) الحرام وَجَدَت (٣) (اليهود من ذلك) (٤)، وكان صرف القبلة صلاة الظهر فقالوا: صلّى محمّد الغداة واستقبل قبلتنا فآمنوا بالذي انزل على محمّد وجه النهار واكفروا آخره، يعنون القبلة، حين استقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ المسجد الحرام، لعلّهم يرجعون إلى قبلتنا ».

٣٢٩٢ / ٤ - وقال في قوله تعالى: ( سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ) (١) فان هذه الآية متقدمة على قوله: ( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ) (٢) وانه (٣) نزل اولا: ( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ) ثم نزل ( سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ ) الآية، وذلك ان اليهود كانوا يعيرون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، ويقولون له: انت تابع لنا تصلي إلى قبلتنا، فاغتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، من ذلك غما شديدا، وخرج

____________________________

(١) آل عمران ٣: ٧٢.

(٢) لفظة الجلالة لم ترد في المصدر.

(٣) وَجَدَ عليه، يَجُد ويَجِد: غضب (لسان العرب - وجد - ج ٣ ص ٤٤٦).

(٤) مابين القوسين ليس في المصدر.

٤ - تفسير علي بن ابراهيم ج ١ ص ٦٢، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٦١ ح ١٣.

(١) البقرة ٢: ١٤٢.

(٢) البقرة ٢: ١٤٤.

(٣) في المصدر: لأنه.

١٧٠

في جوف الليل ينظر في آفاق السماء، وينتظر امر الله تبارك وتعالى في ذلك، فلما اصبح وحضرت صلاة الظهر، وكان في مسجد بني سالم، قد صلى بهم الظهر ركعتين، فنزل عليه جبرئيل فأخذ بعضديه، فحوله إلى الكعبة، فأنزل الله عليه: ( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) فصلى (ركعتين إلى بيت المقدس) (٤)، وركعتين إلى الكعبة، فقالت اليهود والسفهاء: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها. وتحولت القبلة إلى الكعبة، بعد ما صلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، بمكة ثلاث عشرة سنة إلى بيت المقدس، وبعد مهاجرته إلى المدينة، صلى إلى بيت المقدس سبعة اشهر، ثم حول الله عزّوجلّ القبلة إلى البيت الحرام، هكذا فيما عندنا من نسخ التفسير.

قال الشيخ الطبرسي في مجمع البيان (٥): عن البراء بن عازب قال: صليت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، نحو البيت المقدس ستة عشر، شهرا أو سبعة عشر شهرا، ثم صرفنا نحو الكعبة.

اورده مسلم في الصحيح (٦).

وعن انس بن مالك: انما كان تسعة اشهر، أو عشرة اشهر.

وعن معاذ بن جبل: ثلاثة عشر شهرا.

ورواه علي بن ابراهيم (٧): بإسناده عن الصادق عليه‌السلام، قال: « تحولت القبلة إلى الكعبة، بعد ما صلى النبي

____________________________

(٤) مابين القوسين ليس في المصدر.

(٥) مجمع البيان ج ١ ص ٢٢٣.

(٦) صحيح مسلم ج ١ ص ٣٧٤ ح ١٢.

(٧) تفسير علي بن ابراهيم ج ١ ص ٦٣.

١٧١

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌بمكة ثلاثة عشر سنة، إلى بيت المقدس، وبعد مهاجرته إلى المدينة، صلى إلى بيت المقدس سبعة أشهر.

قال: ثم وجهه الله إلى الكعبة، وذلك ان اليهود - وساق كما نقلناه إلى قوله - كانوا عليها » والظاهر انه اخرجه من غير تفسيره، أو من النسخة الاخرى منه، فان لتفسيره نسختان كبيرة وصغيرة، والله العالم.

٣٢٩٣ / ٥ - محمّد بن مسعود العياشي: عن أبي عمرو الزبيري، عن ابي عبدالله عليه‌السلام، قال: « لما صرف الله نبيّه إلى الكعبة عن بيت المقدس، قال المسلمون للنبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: أرأيت صلاتنا التي كنّا نصلّي إلى بيت المقدس [ ما حالنا فيها، وما حال من مضى من أمواتنا وهم يصلّون إلى بيت المقدس ] (١)؟ فأنزل الله ( وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٢) فسمّى الصلاة إيماناً » (٣).

٣٢٩٤ / ٦ - محمّد بن ابراهيم النعماني في تفسيره: عن احمد بن محمّد بن عقدة، عن جعفر بن احمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي، عن اسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن ابي حمزة، عن أبيه عن اسماعيل بن جابر، عن ابي عبدالله جعفر بن محمّد الصادق، عن

____________________________

٥ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٦٣ ح ١١٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) البقره ٢: ١٤٣.

(٣) يأتي في الباب ١٤ ح ١ عن البحار عن تفسير سعد بن عبدالله مثله.

٦ - تفسير النعماني ص ١٢، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٦٦ ح ٢١.

١٧٢

أميرالمؤمنين عليهما‌السلام، قال: « ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، لما بعث كانت الصلاة إلى (١) بيت المقدس، فكان في اول مبعثه يصلي إلى بيت المقدس، جميع ايام مقامه بمكة، وبعد هجرته إلى المدينة بأشهر، فعيّرته اليهود وقالوا: انت تابع لقبلتنا، فأنف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ذلك منهم، فأنزل الله تعالى عليه، وهو يقلب وجهه في السماء، وينتظر الأمر: ( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ - إلى قوله - لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ) (٢) يعني اليهود في هذا الموضع، ثم اخبرنا الله عزّوجلّ العلة التي من اجلها لم يحول قبلته من اول مبعثه، فقال تبارك وتعالى: ( وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا - إلى قوله - لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٣) فسمى سبحانه الصلاة هاهنا ايمانا ».

٣٢٩٥ / ٧ - البحار عن تفسير سعد بن عبدالله القمي، برواية ابن قولويه عنه، باسناده إلى الصادق عليه‌السلام، قال: « قال اميرالمؤمنين عليه‌السلام: ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، لما بعث كانت القبلة إلى بيت المقدس، على سنة بني اسرائيل، وذلك ان الله تبارك وتعالى، اخبرنا في القرآن، انه امر موسى بن عمران ان يجعل بيته قبلة، في قوله: ( وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ) (١).

وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ على هذا يصلي إلى بيت

____________________________

(١) في المصدر زيادة: قبلة.

(٢) البقرة ٢: ١٤٤ - ١٥٠.

(٣) البقرة ٢: ١٤٣.

٧ - البحار ج ٨٤ ص ٧١ ح ٣١.

(١) يونس ١٠: ٨٧.

١٧٣

المقدس، مدة مقامه بمكة وبعد الهجرة اشهرا، حتى عيرته اليهود، وقالوا: انت تابع لنا، تصلي إلى قبلتنا، وبيوت نبينا، فاغتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ لذلك، واحب ان يحول الله قبلته إلى الكعبة، وكان ينظر في آفاق السماء، ينتظر امر الله، فأنزل الله عليه ( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ - إلى قوله - لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ) (٢) يعني اليهود.

٣٢٩٦ / ٨ - الطبرسي في الاحتجاج: بالاسناد إلى الإمام ابي محمّد العسكري عليه‌السلام، قال: « لما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ بمكة، امره الله تعالى ان يتوجه نحو البيت المقدس في صلاته، ويجعل الكعبة بينه وبينها إذا امكن، وإذا لم يتمكن استقبل البيت المقدس كيف كان، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يفعل ذلك طول مقامه بها، ثلاث عشرة سنة، فلما كان بالمدينة، وكان متعبدا باستقبال بيت المقدس، استقبله وانحرف عن الكعبة، سبعة عشر شهرا أو ستة عشر شهرا (١)، وجعل قوم من مردة اليهود يقولون: والله ما درى محمّد كيف صلى، حتى صار يتوجه إلى قبلتنا، ويأخذ في صلاته بهدينا ونسكنا، فاشتد ذلك على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، لما اتصل به عنهم، وكره قبلتهم، واحب الكعبة، فجاءه جبرئيل، فقال له رسول الله

____________________________

(٢) البقرة: ١٤٤ - ١٥٠.

٨ - الإحتجاج ص ٤٠، باختلاف بسيط في الالفاظ، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٥٩ ح ١٢.

(١) في هامش المخطوط: « ليس هذا الترديد في بعض النسخ، وعلى تقديره فهو إمّا من الراوي أو منه عليه‌السلام مشيراً إلى اختلاف العامّة فيه » (منه قدّس سرّه).

١٧٤

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: يا جبرئيل، لوددت لو صرفني الله عن بيت المقدس إلى الكعبة، فقد تأذيت بما يتصل بي من قبل اليهود من قبلتهم، فقال جبرئيل: فسل ربك ان يحولك إليها، فانه لا يردك عن طلبتك، ولا يخيبك من بغيتك، فلما استتم دعاؤه، صعد جبرئيل ثم عاد من ساعته، فقال: اقرأ يا محمّد ( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) (٢)... الآيات، فقالت اليهود عند ذلك: ( مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ) (٣) فأجابهم الله بأحسن جواب فقال: ( قُل لِّلَّـهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ) (٤) وهو يملكهما، وتكليفه التحول إلى جانب، كتحويله لكم إلى جانب آخر ( يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (٥) هو مصلحهم، وتؤديهم طاعتهم إلى جنات النعيم ».

٣٢٩٧ / ٩ - قال أبومحمّد عليه‌السلام: « وجاء قوم من اليهود إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، فقالوا: يا محمّد هذه القبلة بيت المقدس، قد صليت إليها اربع عشرة سنة، ثم تركتها الآن، افحقا كان ما كنت عليه؟ فقد تركته إلى باطل، فانما يخالف الحق الباطل، أو باطلا كان ذلك؟ فقد كنت عليه طول هذه المدة، فما يؤمننا ان تكون الآن على باطل؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: بل ذلك كان حقا وهذا حقّ، يقول الله: ( قُل لِّلَّـهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (١) إذا عرف صلاحكم يا ايها العباد في استقبال (٢)

____________________________

(٢) البقرة ٢: ١٤٤.

(٣، ٤، ٥) البقرة ٢: ١٤٢

٩ - الاحتجاج ص ٤١.

(١) البقرة ٢: ١٤٢.

(٢) في المصدر: استقبالكم

١٧٥

المشرق امركم به، وإذا عرف صلاحكم في استقبال المغرب امركم به، وان عرف صلاحكم في غيرهما امركم به، فلا تنكروا تدبير الله في عباده، وقصده إلى مصالحكم، ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: قد تركتم العمل يوم السبت، ثم عملتم بعده سائر الأيام، ثم تركتموه في السبت ثم عملتم بعده، افتركتم الحق إلى الباطل والباطل إلى حق؟ أو الباطل إلى باطل؟ أو الحق إلى حق؟ قولوا كيف شئتم، فهو قول محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ وجوابه لكم، قالوا: بل ترك العمل في السبت حق، والعمل بعده حق، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: فكذلك قبلة بيت المقدس في وقته حق، ثم قبلة الكعبة في وقته حق، فقالوا: يا محمّد، أفبدا لربك فيما كان امرك به بزعمك من الصلاة إلى بيت المقدس، حين (٣) نقلك إلى الكعبة؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: ما بدا له عن ذلك، فانه العالم بالعواقب، والقادر على المصالح، لا يستدرك على نفسه غلطا، ولا يستحدث رأيا يخالف (٤) المتقدم، جل عن ذلك، ولا يقع أيضا عليه مانع يمنعه عن مراده، وليس يبدو الا لمن كان هذا وصفه، وهو عزّوجلّ متعال عن هذه الصفات علوا كبيرا.

ثم قال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: ايها اليهود، اخبروني عن الله، أليس يُمرض ثم يُصح؟ ويصح ثم يمرض؟ أبدا له في ذلك؟ اليس يحيي ويميت؟ (أليس يأتي بالليل في أثر النهار ثم بالنهار في أثر الليل) (٥)؟ أبدا له في كلّ واحد من ذلك؟ قالوا: لا، قال: فكذلك الله تَعبَّد نبيّه محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، بالصلاة إلى

____________________________

(٣) في المصدر: حتى.

(٤) وفيه: بخلاف.

(٥) مابين القوسين ليس في المصدر.

١٧٦

الكعبة، بعد أن (٦) تَعبَّده بالصلاة إلى بيت المقدس، وما بدا له في الأول ثم قال: - أليس الله يأتي بالشتاء في أثر الصيف؟ والصيف في اثر الشتاء؟ ابدا له في كلّ واحد من ذلك؟ قالوا: لا، قال: فكذلك لم يبد له في القبلة.

قال، ثم قال: اليس قد الزمكم في الشتاء ان تحترزوا من البرد بالثياب الغليظة؟ والزمكم في الصيف ان تحترزوا من الحر؟ فبدا له في الصيف حتى امركم بخلاف ما كان امركم به في الشتاء؟ قالوا: لا، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: فكذلك تعبدكم في وقت لصلاح يعلمه بشئ، ثم بعده (٧) في وقت آخر لصلاح آخر يعلمه بشئ آخر، فإذا اطعتم الله في الحالين استحققتم ثوابه، وانزل الله ( وَلِلَّـهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّـهِ ) (٨) اي إذا توجهتم بأمره، فثم الوجه الذي تقصدون منه الله وتأملون ثوابه.

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: يا عباد الله، انتم كالمرضى والله رب العالمين كالطبيب، فصلاح المرضى فيما يعلمه (٩) الطبيب [ و ] (١٠) يدبره به، لا فيما يشتهيه المريض ويقترحه، الا فسلموا لله امره تكونوا من الفائزين.

فقيل له: يابن رسول الله، فلم امر بالقبلة الاولى؟ فقال: لما قال الله عزّوجلّ: ( وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا ) وهي بيت

____________________________

(٦) وفيه زيادة: كان.

(٧) في المصدر: تعبدكم

(٨) البقره ٢: ١١٥.

(٩) في المصدر: يعمله.

(١٠) أثبتناه من المصدر.

١٧٧

المقدس ( إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ) (١١) الا لنعلم ذلك منه موجودا، بعد ان علمناه سيوجد ذلك، ان هوى اهل مكة كان في الكعبة، فأراد الله ان يبين متبع (١٢) محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ من مخالفه (١٣)، باتباع القبلة التي كرهها، ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يأمر بها، ولما كان هوى اهل المدينة في بيت المقدس، امرهم مخالفتها والتوجه إلى الكعبة، ليتبين (١٤) من يوافق محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ فيما يكرهه، فهو مصدقه وموافقه.

ثم قال: ( وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّـهُ ) (١٥) انما كان التوجه إلى بيت المقدس، في ذلك الوقت كبيرة، الا على من يهدي الله، فعرف ان الله يُتعبّد بخلاف ما يريده المرء، ليبتلي طاعته في مخالفته هواه ».

٣٢٩٨ / ١٠ - السيد الرضي (رحمه الله) في تفسيره الكبير المسمى بحقائق التأويل في قول تعالى: ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا ) (١) ان فيه اقوالا منها: ان يكون المراد بذلك، ان اول بيت وضع لعبادة المكلفين، قبلة لصلاتهم، وغاية لحجّهم، ومؤدّى لمناسكهم، هذا البيت الذي ببكة، وان كان من قبلة بيوت ليست هذه صفتها، وهذا القول مروي عن اميرالمؤمنين عليه‌السلام.

____________________________

(١١) البقره ٢: ١٤٣.

(١٢) في المصدر: متبعي.

(١٣) وفيه: ممّن خالفه.

(١٤) وفيه: ليُبيّن،

(١٥) البقره ٢: ١٤٣.

١٠ - حقائق التأويل ص ١٧٤.

(١) آل عمران ٣: ٩٦.

١٧٨

٣٢٩٩ / ١١ - جعفر بن احمد القمي في كتاب الغايات: عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال: « قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: لم يعمل ابن آدم عملا، اعظم عند الله تعالى، من رجل قتل نبيا أو اماما، أو هدم الكعبة التي جعلها الله قبلة لعباده »... الخبر.

٣٣٠٠ / ١٢ - عوالي اللآلي: عن اسامة بن زيد، ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قبّل الكعبة وقال: « هذه هي القبلة ».

قلت: الحق ان الكعبة هي القبلة للقريب والبعيد، وفاقا للفقيه النبيه الشيخ موسى النجفي، قال في شرح الرساله: والذي يظهر من الكتاب والسنة، انها شرفها الله، كبيت المقدس من قبل نسخه، قبلة لجميع العالم، يستوي فيها الداني والقاصي، المشاهد وغيره، المتمكن وغيره، لا يشترك معها غيرها من مسجد حرام أو حرم، الا ان الشئ كلما بعد اتسعت دائرة استقباله عرفا، وصدق عليه الاستقبال حقيقة، كاشتراك الناس في رؤية الشمس والقمر والكواكب على حد سواء، ولا عبرة بالمداقة الحكمية، وفرض الخطوط المتوازية في الصدق العرفي وكلما عسر تحريه للبعد عنه يتسامح في استقباله، ويكون صدق الاستقبال له عادة وعرفا، انما هو على حسب ما يتحراه المستقبل، من مرتبة العلم إلى الظن، إلى الشك، إلى الوهم، كما هو غير خفي، فالاتساع في القبلة في البعد من حيثية الاستقبال، لا من حيثية الاتساع بالقبلة، والا فالقبلة عين واحدة، لا زيادة فيها ولا نقص إلى آخر ما ذكره. وتبعه عليه المحقق صاحب المستند (١)، وهذا

____________________________

١١ - الغايات ص ٨٦.

١٢ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٢٧ ح ٦٤.

(١) المستند ج ١ ص ٢٥٥.

١٧٩

هو الظاهر من صاحب الجواهر في نجاة العباد (٢)، وان ذكر الشيخ الاعظم في الحاشية (٣) في هذا المقام، ما يحتاج إلى التأمل وتمام الكلام في الفقه.

٣٣٠١ / ١٣ - ابن ابي جمهور في درر اللآلي: عن اسامة بن زيد قال: دخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ البيت، وخرج فوقف على باب البيت وصلى ركعتين، وقال: « هذه القبلة » واشار إليها.

٣ - ( باب استحباب التياسر لأهل العراق ومن والاهم قليلاً )

٣٣٠٢ / ١ - فقه الرضا عليه‌السلام: « إذا اردت توجه القبلة فتياسر مثلَيْ ما تيامن، فان الحرم عن يمين الكعبة اربعة اميال، وعن يساره ثمانية (١) اميال ».

قلت: مما يجب التنبيه عليه، ان الشيخ ذكر في الأصل (٢) خبراً عن التهذيب (٣)، بهذا المضمون - إلى أن قال - ورواه الفضل بن شادان (٤) في رسالة القبلة (٥) مرسلا، عن الصادق عليه‌السلام، نحوه.

____________________________

(٢) جواهر الكلام ج ٧ ص ٣٢٢.

(٣) كتاب الصلاة للشيخ الانصاري ص ٣٢.

١٣ - درر اللآلي ج ١ ص ١٣٦.

الباب - ٣

١ - فقه الرضا عليه‌السلام ص ٦، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٥٠ ح ٥.

(١) في المصدر: ثلاث.

(٢) الوسائل ج ٣ ص ٢٢٢ ذيل الحديث ٢.

(٣) التهذيب ج ٢ ص ٤٤ ح ١٤٣، الفقيه ج ١ ص ١٧٨ ح ٨٤٢، علل الشرائع ج ٢ ص ٣١٨ ح ١.

(٤) في الوسائل: أبوالفضل شاذان بن جبرئيل.

(٥) عنه في البحار ج ٨٤ ص ٧٧.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206