سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله الجزء ١

سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله8%

سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله مؤلف:
المحقق: مؤسسة النشر الإسلامي
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله
الصفحات: 694

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 694 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 358046 / تحميل: 8964
الحجم الحجم الحجم
سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله

سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

عيسى(1) . فعلى هذا يحتمل كونه سندي بن عيسى الثقة الآتي(2) ، فتأمّل.

وفي كتاب الحدود من الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ـ في مسائل إسماعيل بن عيسى ـ ، عن الأخيرعليه‌السلام (3) في مملوك الحديث(4) .

وفيه إشارة أيضا إلى معروفيّته ، وكونه معتمدا ، وصاحب مسائل معروفة معهودة.

ويروي عنه إبراهيم بن هاشم(5) ، وابنه(6) ، وسعد(7) .

ويظهر من الصدوق في ذكر طرقه إليه(8) معروفيّته والاعتماد عليه ، فلاحظ ،تعق (9) .

أقول : أمّا عيسى بن الفرج السندي فلم نذكره لجهالته ، وهو مذكور فيق منجخ (10) كما ذكره من غير زيادة ، إلاّ أنّ في نسخة بدل ابن الفرج : أبو الفرج.

والذي في الكنى هكذا : فيست : أبو الفرج السندي له كتاب ، جماعة ، عن التلعكبري ، عن ابن همّام ، عن حميد ، عن القاسم بن‌

__________________

(1) منهج المقال : 393.

(2) منهج المقال : 176.

(3)عليه‌السلام ، لم ترد في الكافي.

(4) الكافي 7 : 261 / 5.

(5) الفقيه ـ المشيخة ـ : 4 / 42.

(6) كذا في النسخ ، وفي التعليقة : وابنه سعد.

(7) الاستبصار 2 : 85 / 266 ، وكذا في أكثر الروايات فإنه يروي عنه ابنه سعد.

(8) الفقيه ـ المشيخة ـ : 4 / 42.

(9) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131.

(10) رجال الشيخ : 259 / 586.

٨١

إسماعيل ، عن أحمد بن رباح ، عنه(1) .

وقال الميرزا بعد نقله : روى عن الصادقعليه‌السلام ، اسمه عيسى(2) .

379 ـ إسماعيل بن الفضل :

ابن يعقوب بن الفضل بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، ثقة ، من أهل البصرة ،قر (3) .

وزادصه بعد عبد المطلب : الهاشمي(4) ، من أصحاب أبي جعفر الباقرعليه‌السلام . وبعد من أهل البصرة : روي أنّ الصادقعليه‌السلام قال : هو كهل من كهولنا ، وسيّد من ساداتنا. وكفاه بهذا شرفا ، مع صحّة الرواية(5) ، انتهى.

وسند الرواية لم أطّلع عليه.

وفيق : ابن الفضل الهاشمي المدني(6) .

وفيكش : حدّثني محمّد بن مسعود ، قال : حدّثني عليّ بن الحسن ابن فضّال : أنّ إسماعيل بن الفضل الهاشمي كان من ولد نوفل بن الحارث ابن عبد المطلب ، وكان ثقة ، وكان من أهل البصرة(7) .

وفيتعق : لا وجه لاقتصار العلاّمة على كونه من أصحاب الباقرعليه‌السلام ، مع أنّ ظاهر الرواية وصريح الشيخ أنّه من أصحاب الصادق عليه‌

__________________

(1) الفهرست : 192 / 893.

(2) منهج المقال : 393.

(3) رجال الشيخ : 104 / 17.

(4) الهاشمي ، لم ترد في المصدر.

(5) الخلاصة : 7 / 1.

(6) رجال الشيخ : 147 / 88.

(7) رجال الكشي : 218 / 393.

٨٢

السلام أيضا ، بل يأتي في ابن أخيه الحسين بن محمّد روايته عن الكاظمعليه‌السلام أيضا(1) ، وأشار إليه المصنّف في أخيه إسحاق(2) ، ولا وجه لعدم إشارته هنا(3) .

قلت : في الحاوي : هذا هو الهاشمي المكرّر ذكره في الحديث ؛ ثمّ وأخذ العلاّمةرحمه‌الله على الاقتصار المذكور(4) .

ولا يخفى أنّ وجهه أخذ العلاّمة مجموع ما ذكره من الوصف والنسب والوثاقة من كلام الشيخرحمه‌الله فيقر ، وعدم ملاحظة ما فيق ، أو ملاحظته وظنّه تغايره معه. وأمّا ما في ابن أخيه ، فقد مرّ في إسحاق ـ أخيه ـ ما فيه.

وفيمشكا : ابن الفضل الثقة ، عنه محمّد بن النعمان ، وعليّ بن رئاب ، وأبان بن عثمان(5) .

380 ـ إسماعيل بن قدامة :

ابن حماطة الضبّي ، الكوفي ، أسند عنه ،ق (6) .

381 ـ إسماعيل القصير :

هو ابن إبراهيم.

382 ـ إسماعيل بن كثير البكري :

القيسي ، الكوفي ، أبو الوليد ، أسند عنه ،ق (7) .

__________________

(1) منهج المقال : 116.

(2) منهج المقال : 53.

(3) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131.

(4) حاوي الأقوال : 16 / 36.

(5) هداية المحدثين : 20.

(6) رجال الشيخ : 147 / 85.

(7) رجال الشيخ : 148 / 123.

٨٣

383 ـ إسماعيل بن كثير السلّمي :

الكوفي ، أسند عنه ،ق (1) .

384 ـ إسماعيل بن محمّد بن إسحاق :

ابن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسينعليهم‌السلام (2) ، ثقة ، روى عن جدّه إسحاق بن جعفر وعن عمّ أبيه عليّ بن جعفر ،صه (3) .

وزادجش : له كتاب ، إسحاق بن العبّاس ، عن أبيه ، عنه ، به(4) .

أقول : فيمشكا : ابن محمّد بن إسحاق بن جعفر ، إسحاق(5) بن العبّاس عن أبيه عنه.

وهو عن جدّه إسحاق بن جعفر ، وعن عمّ أبيه عليّ بن جعفر(6) .

385 ـ إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل :

ابن هلال المخزومي ، أبو محمّد ، وجه أصحابنا المكّيّين ، كان ثقة فيما يرويه. قدم العراق ، وسمع أصحابنا بها(7) منه ، مثل : أيّوب بن نوح والحسن بن معاوية ومحمّد بن الحسين وعليّ بن الحسن بن فضّال ،صه (8) .

وزادجش : له كتب ، علي بن أحمد العقيقي عنه بها كلّها.

قال ابن نوح : كان إسماعيل بن محمّد يلقّب قنبرة(9) .

__________________

(1) رجال الشيخ : 148 / 121.

(2)عليهم‌السلام ، لم ترد في المصدر.

(3) الخلاصة : 10 / 17.

(4) رجال النجاشي : 29 / 60.

(5) في نسخة « ش » : ابن إسحاق.

(6) هداية المحدثين : 181.

(7) بها ، لم ترد في المصدر.

(8) الخلاصة : 9 / 9.

(9) رجال النجاشي : 31 / 67.

٨٤

وزادست علىصه : وأحمد أخوه. وعاد إلى مكّة وأقام(1) بها ، وقلّت الرواية عنه بسبب ذلك.

وله كتب ، منها : كتاب التوحيد ، كتاب المعرفة ، كتاب الصلاة ، أحمد بن عبدون(2) ، عن أحمد بن محمّد العاصمي ، عن محمّد بن إسماعيل بن محمّد ، عن أبيه.

وأخبرنا الحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون ، عن الحسن بن محمّد بن يحيى العلوي العقيقي(3) ، عنه(4) .

وفيه بعد ذكر جماعة : إسماعيل بن محمّد ، من أهل قم ، يقال له : قنبرة ؛ له كتب ، منها كتاب المعرفة(5) .

وهذا ينافي ظاهرجش من كون قنبرة لقبا للمكّي ، ولعلّه الصواب ، للتنافي بين ظاهر ما ذكر من كونه مكّيّا عاد إليها وكونه من أهل قم.

وفيلم بعد المخزومي : مكّي ، أبو محمّد ، روى عن أيّوب بن نوح ونظرائه(6) .

وهو يقتضي أن يكون الأمر في الرواية على عكس ما تقدّم.

أقول : فيضح : ابن محمّد بن إسماعيل بن هلال المخزومي ، يلقّب : قنبرة ، بفتح القاف والهاء أخيرا(7) . وهو يدلّ على اتّحادهما عنده‌

__________________

(1) في نسخة « م » : وقام.

(2) في المصدر زيادة : عن أبو علي محمّد بن أحمد بن الجنيد.

(3) في المصدر : عن الحسن بن محمّد بن يحيى العلوي ، عن علي بن أحمد العقيقي العلوي.

(4) الفهرست : 12 / 35.

(5) الفهرست : 15 / 48.

(6) رجال الشيخ : 452 / 83.

(7) إيضاح الاشتباه : 92 / 35.

٨٥

كجش .

إلاّ أنّ في ب ذكر المخزومي(1) ، ثمّ بعد جماعة : إسماعيل بن محمّد القمّي القنبرة(2) ، فتأمّل.

وفي الحاوي : الظاهر(3) الاتّحاد ، ويحتمل التعدّد(4) .

هذا ، وقيل الصواب فيجش وست : سمع من أصحابنا ، كما يفهم من لم ، انتهى ، فتأمّل جدّا.

وفيمشكا : ابن محمّد بن إسماعيل بن هلال الثقة ، عنه عليّ بن أحمد العقيقي ، وأيّوب بن نوح ، والحسن بن معاوية ، ومحمّد بن الحسين ، وعليّ بن الحسن بن فضّال(5) .

386 ـ إسماعيل بن محمّد الحميري :

ثقة ، جليل القدر ، عظيم الشأن والمنزلة ،رحمه‌الله تعالى ،صه (6) .

وفيق : ابن محمّد الحميري ، السيّد الشاعر ، يكنّى أبا عامر(7) .

وفيكش : حدّثني نصر بن الصباح ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عبد الله بن بكير ، عن محمّد بن النعمان ، قال :

دخلت على السيّد ابن محمّد ، وهو لما به قد اسودّ وجهه ، وازرقّت عيناه ، وعطش كبده ، وهو يومئذ يقول بمحمّد بن الحنفيّة ، وهو من حشمه ،

__________________

(1) معالم العلماء : 8 / 35.

(2) معالم العلماء : 9 / 41 ، ولم يرد فيه : القنبرة.

(3) في نسخة « ش » : أيضا.

(4) حاوي الأقوال : 16 / 38.

(5) هداية المحدثين : 181.

(6) الخلاصة : 10 / 22.

(7) رجال الشيخ : 148 / 108.

٨٦

وكان(1) ممّن يشرب المسكر.

فجئت ، وكان قد قدم أبو عبد اللهعليه‌السلام الكوفة ، لأنّه كان انصرف من عند أبي جعفر المنصور ، فدخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فقلت :

جعلت فداك إنّي فارقت السيّد ابن محمّد الحميري لما به قد اسودّ وجهه ، وازرقّت عيناه ، وعطش كبده ، وسلب الكلام ، فإنّه يشرب المسكر(2) .

فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : أسرجوا لي. فركب ومضى ، ومضيت معه ، حتّى دخلنا على السيّد وجماعة محدقون به.

فقعد أبو عبد اللهعليه‌السلام عند رأسه فقال : يا سيّد. ففتح عينيه ينظر إليه ، ولا يمكنه الكلام ، وإنّا لنتبيّن فيه أنّه يريد الكلام ولا يمكنه. فرأينا أبا عبد اللهعليه‌السلام حرّك شفتيه ، فنطق السيّد.

فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : قل بالحقّ يكشف الله ما بك ويرحمك ، ويدخلك الجنّة(3) الّتي وعد أولياءه.

فقال في ذلك :

تجعفرت باسم الله والله أكبر(4) .

فلم يبرح أبو عبد اللهعليه‌السلام حتّى قعد السيّد على استه(5) .

نصر بن الصباح ، عن إسحاق بن محمّد البصري ، عن عليّ بن‌

__________________

(1) في نسخة « ش » : وهو.

(2) في المصدر : وإنّه كان يشرب المسكر.

(3) في المصدر : جنّته.

(4) وجاء في هامش النسخة الخطيّة : أوّله : فلمّا رأيت الناس في الدين قد غووا.

(5) رجال الكشي : 287 / 507.

٨٧

إسماعيل ، عن فضيل بن الرسان(1) ، قال : دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام بعد ما قتل زيد بن عليّرحمه‌الله ، فأدخلت بيتا جوف بيت ، فقال لي : يا فضيل قتل عمّي زيد؟

قلت : نعم جعلت فداك.

قال :رحمه‌الله ، أما إنّه كان مؤمنا ، وكان عارفا ، وكان عالما(2) ، وكان صدوقا ، أما إنّه لو ظفر لوفى ، إنّه لو ملك عرف(3) كيف يضعها.

قلت : يا سيّدي ألا أنشدك شعرا؟

قال : أمهل ، ثمّ أمر بستور فسدلت وبأبواب ففتحت ، ثمّ قال : أنشد. فأنشدت :

لامّ عمر باللوى مربع

طامسة أعلامه بلقع

الأبيات.

فسمعت نحيبا من وراء الستر.

فقال : من قال هذا الشعر؟

قلت : السيّد ابن محمّد الحميري.

فقال :رحمه‌الله .

قلت : إنّي رأيته يشرب النبيذ!

فقال :رحمه‌الله .

قلت : إنّي رأيته يشرب نبيذ الرستاق!

قال : تعني الخمر؟

قلت : نعم.

__________________

(1) في المصدر : فضيل الرسان.

(2) وكان عالما ، لم ترد في نسخة « م ».

(3) في المصدر : أما إنّه لو ملك لعرف.

٨٨

قال :رحمه‌الله ، وما ذلك على الله أن يغفر لمحبّ عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام (1) .

وفيتعق : وجدت مكتوبا من خطّ الكفعمي : قيل للصادقعليه‌السلام : إنّ السيّد لينال من الشراب.

فقال : إن زلّت له قدم فقد ثبتت له اخرى.

ولمّا أنشد عندهعليه‌السلام قصيدته : لامّ عمرو ، جعل يقول : شكر الله لإسماعيل قوله.

فقيل له : إنّه ليشرب النبيذ!

فقالعليه‌السلام : يلحق مثله التوبة ، ولا يكبر على الله أن يغفر الذنوب لمحبّينا ومادحينا.

ولمّا توفّي ببغداد أتي من الكوفة تسعون كفنا ، فكفّنه الرشيد وردّ أكفان العامّة. وصلّى عليه المهدي وكبّر عليه خمسا.

وولد سنة ثلاث وسبعين ومائة(2) ، انتهى.

وفي كشف الغمّة : وجد حمّال وهو يمشي بحمل قد أثقله ، فقيل : ما معك؟ فقال : ميميات(3) السيّد. وغلب هذا الاسم عليه ، ولم يكن علويّا(4) (5) .

__________________

(1) رجال الكشي : 285 / 505 ، وفيه : لمحبّ عليّعليه‌السلام .

(2) ذكر بعضه القاضي التستري في مجالس المؤمنين : 2 / 517 ، وذكر أنّه أرسل إليه سبعون كفن.

وقال : إنّه ولد سنة 105 ، وتوفي في سنة 173 ، نقلا من خط الكفعمي.

(3) في نسخة « م » : ميمات.

(4) كشف الغمّة : 1 / 413.

(5) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131.

٨٩

أقول : فيطس : إسماعيل بن محمّد الحميري ، حاله في الجلالة ظاهر ، ومجده باهر ، فلنكتف بهذا ،رحمه‌الله تعالى(1) .

وفي الوجيزة : ممدوح ، ووثّقه العلاّمة(2) .

وذكره في الحاوي في الثقات(3) ، مع ما عرف من طريقته.

وفي ب عدّه في(4) شعراء أهل البيت المجاهرين ، وقال : من أصحاب الصادقعليه‌السلام ، ولقي الكاظمعليه‌السلام . وكان في بدء الأمر خارجيّا ثمّ كيسانيّا ثمّ إماميّا.

وقيل لأبي عبيدة(5) : من أشعر الناس؟

قال(6) : من شبّه رجلا بريح عاد ، يريد قوله :

إذا أتى معشرا يوما أنامهم

إنامة الريح في تدميرها عادا

وقال بشّار : لو لا أنّ هذا الرجل شغل عنّا بمدح بني هاشم لأتعبنا(7) .

وسمع مروان بن أبي حفصة القصيدة المذهّبة ، فقال لكلّ بيت : سبحان الله! ما أعجب هذا الكلام!

وقال الثوري : لو قرأت القصيدة الّتي فيها : إنّ يوم التطهير يوم عظيم. على المنبر ما كان بذلك بأس(8) .

__________________

(1) التحرير الطاووسي : 37 / 20.

(2) الوجيزة : 162 / 212.

(3) حاوي الأقوال : 17 / 40.

(4) في نسخة « ش » : من.

(5) في المصدر زيادة : النحوي.

(6) في نسخة « ش » : فقال.

(7) الأغاني : 7 / 237.

(8) الأغاني : 7 / 239 ، وفيه : التوزي ، بدل : الثوري ، وكذلك ذكره في الأعيان : 3 / 406 ، التوزي نقلا عن معالم العلماء.

٩٠

ثمّ نقل عن ابن المعتز في طبقات الشعراء(1) ما مرّ عن الكشف(2) .

وفي بعض كتب أصحابنا : كان أبواه من المتمسّكين بالشجرة الملعونة ، فترك طريقتهما.

وقيل له : كيف تشيّعت وأنت شامي حميري؟!

فقال : صبّت عليّ الرحمة صبّا ، فكنت كمؤمن آل فرعون(3) .

وكان الأصمعي يقول : لولا أنّه يسبّ الخلفاء في شعره لقلت : إنّه سيّد الشعراء(4) .

وكانت الاشراف والأمراء تبالغ في إكرامه ، حتّى أنّ المنصور لعنه الله مع اشتهاره بالنصب عزل سوار(5) بن عبد الله عن القضاء لمّا ردّ شهادته وقذفه بالرفض(6) .

وفي العيون : أنّ الرضاعليه‌السلام رأى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في المنام وعنده عليّ والزهراء والحسنان وبين يديهصلى‌الله‌عليه‌وآله رجل يقرأ قصيدة : لامّ عمرو ، فرحّب به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال له(7) : سلّم عليهم.

فسلّم عليهم واحدا بعد واحد.

ثمّ قال له : سلّم على شاعرنا ومادحنا في دار الدنيا السيّد إسماعيل.

ولمّا فرغ من إنشاد القصيدة قال له : يا علي ، احفظ هذه القصيدة ومر‌

__________________

(1) طبقات الشعراء : 36.

(2) معالم العلماء : 146.

(3) مجالس المؤمنين : 2 / 503.

(4) الأغاني : 7 / 236.

(5) في النسخ : سواد ، وما أثبتناه من كتب السير والتواريخ هو الصواب.

(6) الأغاني : 7 / 262 ، وفيه : قد عزلتك عن الحكم للسيّد أو عليه.

(7) في نسخة « ش » زيادة :صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٩١

شيعتنا بحفظها ، وأعلمهم أنّ من حفظها وأدمن قراءتها ضمنت له الجنّة على الله تعالى.

ولم يزل يكرّرها عليهعليه‌السلام حتّى حفظها(1) .

387 ـ إسماعيل بن محمّد :

المنقري ،ظم (2) .

وفيتعق : روى عنه ابن أبي عمير(3) (4) .

388 ـ إسماعيل بن مرار :

روى عن يونس بن عبد الرحمن ، روى عنه إبراهيم بن هاشم ، لم(5) .

وفيتعق : روى عن يونس كتبه كلّها ، وربما يظهر من عبارة ابن الوليد الآتية فيه الوثوق به ، بل ربما يظهر عدالته فلاحظ(6) ، سيّما بملاحظة حاله(7) ، وما سيذكر في محمّد بن أحمد بن يحيى(8) ، وما مرّ في إبراهيم‌

__________________

(1) بحار الأنوار : 47 / 228 ، عن بعض تأليفات الأصحاب ، باختلاف يسير ، ولم نجده في نسختنا من العيون.

(2) رجال الشيخ : 343 / 8.

(3) التهذيب 6 : 324 / 892.

(4) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131.

(5) رجال الشيخ : 447 / 53.

(6) منهج المقال : 378 ، وفيه نقلا عن الفهرست : 181 / 809 : وقال أبو جعفر بن بابويه : سمعت ابن الوليدرحمه‌الله يقول : كتب يونس بن عبد الرحمن التي هي بالروايات كلّها صحيحة يعتمد عليها ، إلاّ ما ينفرد به محمّد بن عيسى بن عبيد عن يونس ، ولم يروه غيره ، فإنّه لا يعتمد عليه ولا يفتي به.

(7) أي حال محمّد بن الحسن بن الوليد ، لأنّه كان كثير التحرّز عمّا ينقله الرواة ، كما يظهر من ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيى من استثنائه عدد من الرواة ، وكذا يظهر ذلك من ترجمة إبراهيم بن هاشم ، فلاحظ.

(8) منهج المقال : 281.

٩٢

ابن هاشم(1) .

قيل : وربما يستفاد من رواية إبراهيم عنه نوع مدح ، لما قالوا : من أنّه أوّل من نشر حديث الكوفيّين بقم ؛ وأهل قم كانوا يخرجون منها الراوي بمجرّد الريب ، فلو كان في إسماعيل ارتياب لما روى عنه إبراهيم.

قلت : وربما يؤيّد : أنّهم ـ بل وغيرهم أيضا ـ كانوا كثيرا ما يطعنون بالرواية عن الضعفاء والمجاهيل والمراسيل كما هو ظاهر تراجم كثيرة ، بل كانوا يؤذون.

هذا ، وفيه أمارات أخر مفيدة للاعتماد ، ككونه كثير الرواية وغيره ، فلاحظ(2) .

أقول : فيما ذكره القيل سيّما الجملة الأخيرة ، وكذا ما أيّده به سلّمه الله مناقشة ظاهرة.

هذا ، وطعن في السرائر في كتاب البيع ـ في رواية فيها إسماعيل هذا عن يونس ـ في يونس(3) المتّفق على ثقته ، ولم يطعن في إسماعيل ، وهو وإن كان غريبا لكنّه يدلّ على الاعتماد على إسماعيل ، فتأمّل.

389 ـ إسماعيل بن مسلم :

وهو ابن أبي زياد السكوني الكوفي ،ق (4) . وقد سبق.

390 ـ إسماعيل بن موسى :

ابن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسينعليهم‌السلام ، سكن مصر وولده بها ، وله كتب يرويها عن أبيهعليه‌السلام . عن آبائهعليهم‌السلام ،

__________________

(1) تعليقة الوحيد البهبهاني : 29.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131.

(3) السرائر : 2 / 304.

(4) رجال الشيخ : 147 / 92.

٩٣

منها : كتاب الطهارة ، كتاب الصلاة ، كتاب الزكاة ، كتاب الصوم ، كتاب الحج ، كتاب الجنائز ، كتاب الطلاق ، كتاب النكاح ، كتاب الحدود ، كتاب الدعاء ، كتاب السنن والآداب ، كتاب الرؤيا.

أخبرنا الحسين بن عبيد الله ، عن أبي محمّد سهل بن أحمد بن سهل ، عن أبي علي محمّد بن محمّد بن الأشعث بن محمّد الكوفي بمصر قراءة(1) عليه ، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفرعليه‌السلام ، عن أبيه بكتبه ،جش (2) .

وزادست بعد الحسينعليه‌السلام : ابن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، وبعد سهل ـ الثاني ـ : الديباجي ، وبدل بكتبه : إسماعيل. وزاد : كتاب الديات(3) (4) .

وفيتعق : كثرة تصانيفه ، وملاحظة عنواناتها وترتيبها ونظمها ، تشير إلى المدح ، مضافا إلى ما في صفوان بن يحيى : انّ أبا جعفرعليه‌السلام أمر إسماعيل بن موسى بالصلاة عليه(5) ، والظاهر أنّه هذا ، وفيه إشعار بنباهته(6) .

أقول : جزم في المجمع بأنّه هو ، وقال : فدلّ على زيادة جلالته جدّا(7) ، انتهى.

وفي ب : إسماعيل بن موسى بن جعفر الصادقعليهما‌السلام ، سكن‌

__________________

(1) في نسخة « م » : قرأته.

(2) رجال النجاشي : 26 / 48.

(3) وزاد كتاب الديات ، لم ترد في نسخة « ش ».

(4) الفهرست : 10 / 31.

(5) رجال الكشي : 502 / 962.

(6) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131.

(7) مجمع الرجال : 1 / 224 ، ولم يرد فيه قوله : فدلّ على زيادة جلالته جدا.

٩٤

مصر ، وولده بها. ثمّ عدّ كتبه المذكورة(1) .

ولا يخفى ظهور كون الرجل من الفقهاء عنده ، وعندهما قبله.

وفيمشكا : ابن الكاظمعليه‌السلام ، أبو علي محمّد بن محمّد بن الأشعث بن محمّد الكوفي عن ولده موسى عن أبيه إسماعيل بن الكاظمعليه‌السلام (2) .

وهو عن أبيه الكاظمعليه‌السلام (3) .

391 ـ إسماعيل بن مهران :

ابن أبي نصر السكوني ـ واسم أبي نصر : زيد ـ مولى ، كوفي ، يكنّى أبا يعقوب ، ثقة معتمد عليه.

روى عن جماعة من أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام . ذكره أبو عمرو في أصحاب الرضاعليه‌السلام ،جش (4) .

ست إلى : عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وزاد بعد مهران : ابن محمّد. ثمّ زاد : ولقي الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه ، وصنّف مصنّفات كثيرة ، منها :

كتاب الملاحم ، الحسين بن عبيد الله ، عن أبي غالب الزراري قراءة عليه ، قال : حدّثني عمّ أبي عليّ بن سليمان ، عن جدّ أبي محمّد بن سليمان ، عن أبي جعفر أحمد بن الحسن ، عنه.

وكتاب ثواب القرآن ، الحسين بن(5) عبيد الله ، عن أحمد بن جعفر بن‌

__________________

(1) معالم العلماء : 7 / 31.

(2)عليه‌السلام ، لم ترد في نسخة « م ».

(3) هداية المحدثين : 20.

(4) رجال النجاشي : 26 / 49.

(5) ابن ، لم ترد في نسخة « م ».

٩٥

سفيان ، عن أحمد بن إدريس ، عن سلمة بن الخطّاب ، عنه.

وكتاب خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكتاب النوادر ، أحمد بن عبدون ، عن عليّ بن محمّد بن الزبير ، عن عليّ بن الحسن بن فضّال ، عنهرحمه‌الله (1) .

وكتاب العلل ، عدّة من أصحابنا ، عن هارون بن موسى ، عن عليّ ابن يعقوب الكناني ، عن عليّ بن الحسن بن فضّال ، عنه.

وله أصل ، عدّة من أصحابنا ، عن محمّد بن عليّ بن الحسين ، عن محمّد بن عليّ بن الحسن ، عن الصفّار(2) ، عن محمّد بن الحسين ، عنه(3) .

وفيصه : ابن مهران ـ بكسر الميم ، وسكون الهاء ، بعدها راء ، ثمّ ألف ، ثمّ نون ـ ابن محمّد بن أبي نصر السكوني. إلى آخر جش. وزاد :

وقال الشيخ أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائريرحمه‌الله : إنّه يكنّى أبا محمّد ، ليس حديثه بالنقي ، يضطرب تارة ويصلح اخرى ، ويروي عن الضعفاء كثيرا ، ويجوز أن يخرج شاهدا.

والأقوى عندي الاعتماد على روايته(4) ، لشهادة الشيخ أبي جعفر الطوسي والنجاشي له بالثقة.

قالكش : حدّثني محمّد بن مسعود ، قال : سألت عليّ بن الحسن بن فضّال عن إسماعيل بن مهران؟ قال : رمي بالغلوّ.

__________________

(1)رحمه‌الله ، لم ترد في المصدر.

(2) في المصدر : عن محمّد بن عليّ بن الحسين ، عن محمّد بن الحسن الصفار.

والظاهر أنّ الصواب : عن محمّد بن علي بن الحسين ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن الحسن الصفار.

(3) الفهرست : 11 / 32.

(4) في المصدر : والأقوى عندي قبول روايته.

٩٦

قال محمّد بن مسعود : يكذبون عليه ، كان تقيّأ(1) ثقة خيّرا فاضلا(2) (3) .

وفي ب : إسماعيل بن مهران بن محمّد بن أبي نصر السكوني ، ثقة ، كوفي ، مولى ، لقي الرضاعليه‌السلام (4) .

أقول : يظهر منصه عدم تقدّم الجرح على التعديل مطلقا ، كما اشتهر على الألسن ؛ وإلاّ ، لوجب التوقّف في روايته لا محالة ، لجلالة ابن الغضائري وعدالته عنده ، كما هو في الواقع ، فتدبّر.

وفيمشكا : ابن مهران الثقة ، عنه أبو جعفر أحمد بن الحسن ، وسلمة بن الخطّاب ، وأبو سمينة ، وعليّ بن الحسن بن فضّال ، وسهل بن زياد ، وأحمد بن محمّد بن عيسى ، وأحمد بن محمّد بن خالد ، ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، وأحمد بن أبي عبد الله(5) ، والحسين بن سعيد.

وهو عن محمّد بن أبي حمزة الثمالي(6) .

392 ـ إسماعيل بن همّام :

ابن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ميمون البصري ، مولى كندة ، وإسماعيل يكنّى أبا همّام ، روى إسماعيل عن الرضاعليه‌السلام ، ثقة هو وأبوه وجدّه ،صه (7) .

__________________

(1) تقيّا ، لم ترد في الخلاصة.

(2) رجال الكشي : 589 / 1102.

(3) الخلاصة : 8 / 6.

(4) معالم العلماء : 8 / 32.

(5) وأحمد بن أبي عبد الله ، لم يرد في المصدر.

(6) هداية المحدثين : 20.

(7) الخلاصة : 10 / 19.

٩٧

وزادجش : له كتاب ، أحمد بن محمّد بن عيسى ، عنه به(1) .

وفيضا : ابن همّام مولى كندة ، وهو أبو همّام(2) .

أقول : فيمشكا : ابن همّام الثقة ، عنه أحمد بن محمّد بن عيسى ، وإبراهيم بن هاشم ، ويعقوب بن يزيد ، والعبّاس بن معروف.

وهو عن الرضاعليه‌السلام (3) .

393 ـ إسماعيل بن يحيى العبسي :

في ترجمة الحسن بن عبد السلام أنّه أجاز التلعكبري على يديه(4) ، وكذا في محمّد بن عبد ربّه ، وكنّاه فيها بأبي أحمد(5) .

وربما يستفاد من هذا الاعتماد عليه ومعروفيّته ونباهة شأنه ، بل وعدالته ،تعق (6) .

394 ـ إسماعيل بن يسار الهاشمي :

مولى إسماعيل بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس ، ذكره أصحابنا بالضعف ،صه (7) .

وزادجش : له كتاب ، محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عنه به(8) .

قلت : فيضح : ابن يسار ، بالمثنّاة تحت والمهملة المخفّفة ، وقيل :

__________________

(1) رجال النجاشي : 30 / 62.

(2) رجال الشيخ : 368 / 15 ، وفيه : مولى لكندة.

(3) هداية المحدثين : 20 ، وفيها : ابن همّام الكندي الثقة.

(4) رجال الشيخ : 468 / 37 ، وقوله : على يديه ، أي : على يد إسماعيل بن يحيى.

(5) رجال الشيخ : 506 / 80.

(6) تعليقة الوحيد البهبهاني : 131.

(7) الخلاصة : 200 / 7.

(8) رجال النجاشي : 29 / 58.

٩٨

ابن سيّار ، بتقديم المهملة على المثنّاة تحت المشدّدة(1) .

395 ـ أسلم مولى علي بن يقطين :

يأتي بلا ألف ،تعق (2) .

396 ـ الأسود بن عاصم الهمداني :

كوفي ، أسند عنه ،ق (3) .

397 ـ الأسود بن يزيد :

ي. وفي نسخة : ابن برير(4) .

وفيهب : له ثمانون حجّة وعمرة ، وكان يصوم حتّى يخضرّ ويصفرّ(5) ، ويختم في ليلتين(6) .

أقول : عدّه ابن أبي الحديد في شرحه من المنحرفين عن عليّعليه‌السلام ( والمبغضين له ، وقال : روى سلمة بن كهيل أنّ الأسود بن يزيد كان يمشي إلى بعض أزواج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيقع في عليّعليه‌السلام )(7) ، ومات على ذلك(8) .

398 ـ أسيد بن حضير :

بالحاء غير المعجمة المضمومة والضاد المعجمة المفتوحة ، ابن‌

__________________

(1) إيضاح الاشتباه : 90 / 30.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 166.

(3) رجال الشيخ : 153 / 214 ، وفيه : أسود بن عاصم.

(4) رجال الشيخ : 35 / 11 ، وفيه : الأسود بن برير ، وبرقم 16 : الأسود بن يزيد النخعي.

(5) في المصدر بدل يخضرّ ويصفرّ : يحضر.

(6) الكاشف 1 : 80 / 430.

(7) ما بين القوسين لم يرد في نسخة « ش ».

(8) شرح نهج البلاغة : 4 / 97.

٩٩

سماك ـ بالكاف ـ أبو يحيى ، سكن المدينة ، يقال له : حضير(1) الكتائب. قتل يوم بغاث ،صه (2) .

وزاد ل بعد حذف الترجمة : آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بينه وبين زيد بن حارثة(3) .

وفيقب : صحابيّ جليل ، مات سنة عشرين أو إحدى وعشرين(4) .

أقول : ذكره في القسم الأوّل ، وهو عجيب منهقدس‌سره بعد ما اشتهر عنه في كتب العامّة فضلا عن الخاصّة من اعترافه بكونه ممّن حمل الحطب إلى باب بيت فاطمةعليها‌السلام لإضرامه(5) ، فلاحظ.

وذكره في الحاوي في القسم الرابع(6) .

وفي الوجيزة : مجهول(7) ، فتدبّر.

وفي القاموس : بعاث ، بالعين وبالغين كغراب ويثلّث : موضع بقرب المدينة ، ويومه معروف(8) ، انتهى.

وفي النهاية : يوم بعاث ـ مضموم الباء ـ يوم مشهور كان(9) فيه حرب بين الأوس والخزرج ، وبعاث : اسم حصن للأوس(10) ، وبعضهم يقول‌

__________________

(1) في المصدر : حصين.

(2) الخلاصة : 23 / 2.

(3) رجال الشيخ : 4 / 24 ، وفيه : أسيد بن حصين بن سمالة بن يحيى.

(4) تقريب التهذيب 1 : 78 / 587.

(5) راجع شرح نهج البلاغة : 6 / 11.

(6) حاوي الأقوال : 230 / 1219.

(7) الوجيزة : 163 / 219.

(8) القاموس المحيط : 1 / 162.

(9) في نسخة « ش » : وكان.

(10) في نسخة « ش » : الأوس.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

شوهدت آثار ذلك الحزن على محيّاه ، وملامح وجه الشريف ، ولكن لما لم يكن مأذوناً بالافصاح بالحقائق ، لذلك كان يتجنب ردع الناس عن تلك المفاسد ، ومنعهم عن تلك الانحرافات.

بدء الوحي :

لقد امر اللّه ملكاً من ملائكته بأن ينزل على امين قريش وهو في غار حراء ويتلو على مسمعه بضع آيات كبداية لكتاب الهداية والسعادة ، معلناً بذلك تتويجه بالنبوة ، ونصبه لمقام الرسالة.

كان ذلك المَلَك « جبرئيل » ، وكان ذلك اليوم هو يوم المبعث النبوي الشريف الّذي سنتحدث عن تاريخه في المستقبل.

ولا ريب أن ملاقاة المَلك ومواجهته أمرٌ كان يحتاج إلى تهيّوء خاصّ ، وما لم يكن محمَّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمتلك روحاً عظيمة ، ونفسية قوية لم يكن قادراً قط على تحمّل ثقل النبوة ، وملاقاة ذلك الملك العظيم.

أجل لقد كان « أمين قريش » يمتلك تلك الروح الكبرى ، وتلك النفس العظيمة وقد اكتسبها عن طريق العبادات الطويلة ، والتأمّل العميق الدائم ، إلى جانب العناية الالهية.

ولقد روى أصحاب السير والتاريخ انه راى رؤىً عديدة قبل البعثة كانت تكشف عن واقع بَيّن واضح وضوح النهار(١) .

ولقد كانت الذّ الساعات وأحبها عنده بعد كل فترة ، تلك الساعات الّتي يخلو فيها بنفسه ، ويتعبَّد فيها بعيداً عن الناس.

ولقد قضى على هذا الحال مدة طويلة حتّى أتاه ـ في يوم معين ـ ملك عظيم بلوح نصبَهُ أمامه وقال له : « إقرأ » ، وحيث أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان اُمياً لم يدرس أجاب المَلَك بقوله : « ما أنا بقارئ ».

__________________

١ ـ صحيح البخاري : ج ١ كتاب العلم ص ٢٢ ، بحار الأنوار : ج ١٨ ، ص ١٩٤.

٣٢١

فاحتضنه ذلك المَلك ، وعصره عَصرة شديدة ، ثم طلب منه أن يقرأ فأجابه بالجواب الأول.

فعصره المَلك ثانية عصرة شديدة وتكرّر هذا العمل مرات ثلاث احس بعدها رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في نفسه أنه قادر على قراءة ما في ذلك اللوح ، فقرأ ساعتها تلك الآيات الّتي تشكل ـ في الحقيقة ـ ديباجة كتاب السعادة البشرية ، واساس رقيها.

لقد قرأصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله تعالى : «إقرَأ باْسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلقَ. خَلَقَ الإِنْسانَ مِنْ عَلَق * إقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكرمُ. الَّذي عَلَّمَ بِالْقَلَم. عَلَّمَ الإنْسانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ »(١) .

وبعد أَنْ انتهى جبرئيل من أداء مُهِمتِه الّتي كُلِّفَ بها من جانب اللّه تعالى ، وبلّغ إلى النبي تلكم الآيات الخمس ، انحدر رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جبل حراء ، وتوجه نحو منزل خديجة(٢) .

ولقد أوضحت الآيات المذكورة برنامج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اجمالا ، وبيّنت وبشكل واضح ان اساس الدين يقوم على القراءة والكتابة ، والعلم والمعرفة ، واستخدام القلم.

ظاهرة القضايا الغيبيّة في منظار الماديّين :

لقد تسبّب التقدمُ العظيم والمتزايد الّذي تحقق في ميدان العلوم الطبيعية في سلب الكثير من العلماء القدرة على فهم وادراك القضايا المعنوية والخارجة عن اطار العلوم الطبيعية والتالي أدى إلى تحديد وتضييق آفاق الفكر عندهم.

فاذا بهم اصبحوا يتصورون أن الوجود يتلخص في هذا الكون المادي ، وانه ليس في الوجود من شيء سوى المادة وان كل ما لا يمكن تفسيره وتبريره بالقوانين والقواعد المادية فهو أمر باطل ، ومن نسج الخيال!!

__________________

١ ـ العلق : ١ ـ ٥.

٢ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٢٣٦ و ٢٣٧.

٣٢٢

إن هذا الفريق ـ لتسرعه في اصدار الحكم في الاُمور المتعلقة ـ بالغيب وقضايا ما وراء الطبيعة ، وحصر أدوات المعرفة بالحس والتجربة ـ انكروا عالم الوحي ، بحجة أنّ الحس والتجربة لا يقودانهم إلى ذلك العالم ، ولا يخبرانهم عن مثل تلك الموجودات ، فلكونها بالتالي لا تخضع لمبضع التشريح ، ومجهر الإختبار أنكروها بالمرة ، وكانت النتيجة أن أدوات المعرفة المعروفة ( الحسّ والتجربة ) حيث انها لا تهدي إلى عالم ما وراء المادة فاذن لا وجود خارجي لذلك العالم ولحقائقه أبداً!

إنَّ هذا النمط من التفكير نمط جدُّ ضيق ومحدود ، مضافاً إلى انه يتسم بالغرور والغطرسة ، فهو من باب « استنتاج عدم الوجود من عدم الوجدان » في خطوة متعجلة فجّة!!

فمادامت هذه الحقائق الّتي يعتقد بها الالهيّون المؤمنون باللّه لا يمكن التوصل اليها عن طريق الادوات الفعلية المتعارفة بينهم للادراك والمعرفة فهي اذن لا اساس لها من الواقع!!

ان الّذي لا شك فيه هو : ان الماديين لم يدركوا مقالة العلماء الالهيين حتّى في مسألة اثبات الصانع الخالق فكيف بالعوالم الاُخرى لما فوق الطبيعة ، ولو أنّ الفريقين تحاورا في جوّ علمي مناسب ، بعيداً عن الأغراض والعصبيّات ، لكان من المتوقع ان تزول الفواصل بين الماديين والالهيين في اقرب وقت ، وأين يرتفع هذا الاختلاف الّذي قسَّم العلماء إلى فريقين على طرفي نقيض.

لقد اقام المؤمنون الموحِّدون عشرات الأدلة والبراهين القاطعة على وجود الله تعالى ، واثبتوا بأَنَّ هذه العلوم الطبيعية هي نفسها تقودنا إلى الخالق العالم القادر ، وان هذا النظام العجيب السائد في ظواهر الكائنات الطبيعيّة وبواطنها لدليل قاطع ، وبرهانٌ ساطع على وجود مبدع هذا النظام ، وأن جميع أجزاء هذا الكون الماديّ ، من ذراته إلى مجراته ، يسير وفق قوانين دقيقة متقنة ، ولا تستطيع الطبيعة الصماء العمياء ابداً أن تكون مبتكرة لهذا النظام البديع ، ومبدعة لهذا الترتيب الدقيق.

٣٢٣

وهذا هو بنفسه برهان « نظام الوجود » أو ( برهان النظم ) الّذي ألّف العلماء الالهيون الموحدون حوله عشرات الكتب والدراسات.

وحيث ان ( برهان النظم ) هذا ممّا يفهمه جميع الناس على مختلف مراتبهم ومداركهم ، لذلك ركزت عليها الكتب الاعتقادية دون سواها ، وسلك كلُ واحد من العلماء طريقاً معيناً وخاصاً لتقريره ، وبيانه ، كما ودرست الأدلة والبراهين الاُخرى الّتي لا تتسم بمثل هذه الشمولية ، في الكتب ، والمؤلفات الفلسفية والكلاميّة بصورة مفصلة ومبسوطة.

إنّ للعلماء الالهيين بيانات وأدلة في مجال ( الروح المجردة ) ، وعوالم ما وراء الطبيعة ( الميتافيزيقيا ) نشير إلى بعضها هنا :

الروح المجردة :

إن الاعتقاد بالروح من القضايا الشائكة الطبيعة الّتي استقطبت اهتمام العلماء وشغلت بالهم بشدة.

فهناك فريقٌ ـ ممّن اعتاد أن يُخضِعَ كل شيء لمبضع التشريح ـ ينكر وجود ( الروح ) ، ويكتفي بالاعتقاد بالنفس ذات الطابع المادي ، والعاملة ضمن نطاق القوانين الطبيعية فقط.

ووجود « الروح » والنفس غير المادية ( اي المجردة المستقلة عن المادة ) من القضايا الّتي عُولجت ودُورست من قِبَل المؤمنين باللّه ، والمعتقدين بالعام الروحاني ، بصورة دقيقة ، وعميقة.

فهم أقاموا شواهِدَ عديدةً على وجود هذا الكائن ( غير الماديّ ) وهي أدلة وبراهين لو تمَّ التعرّف عليها والنقاش حولها في جوّ علمي هادئ مع الأخذ بنظر الاعتبار ما يقوم عليه منطق الالهيين ـ في هذا المجال ـ من قواعد واُسس ، لأدّى ذلك إلى التصديق الكامل بها.

على أن ما يقوله الالهيّون في مجالات اُخرى مشابهة مثل ( الملائكة ) و ( الوحي ) و ( الإلهام ) يقوم هو الآخر على الأساس الّذي شيدوه ومهدوه وبرهنوا

٣٢٤

عليه قبل ذلك بالأدلة المحكمة ، المتقنة(١) .

ظاهرة الوحي عِند الماديّين :

يُعتبَر الاعتقاد بالوحي أساساً لجميع الرسالات ، والأديان السماوية ، وتقوم هذه الظاهرة ( ظاهرة الوحي ) على أن الّذي يوحى إليه يمتلك روحاً قوية تقدر على تلقي المعارف الالهية من دون واسطة ، أو بواسطة ملَك من الملائكة.

ويلخصُ العلماء المختصُّون تعريفَهم للوحي على النحو التالي : « الوَحيُ تعليمُهُ تعالى مَنْ اصْطفاهُ مِنْ عِباده كُلَ ما أرادَ اطلاعه عليه من ألوان الهداية والعِلم ولكِنْ بطريقة خَفيّة غير مُعْتادَة للبَشر ».

ولكن الماديين ـ كما قلنا ـ لم يستطيعوا هضم هذه الحقيقة ، وادراك هذه الظاهرة على حالها ، وصورتها الغيبية بسبب ما ذكرناه من منهجهم ونظرتهم إلى الاُمور والكائنات فذهبوا في تفسير ظاهرة الوحي ـ الّتي هي كما اسلفنا من قضايا الغيب ومن عوالم ما فوق الطبيعة ـ مذاهب مختلفة ترجع برمتها إلى الرؤية المادية للوجود.

واليك أبرز هذه التفاسير الماديّة لظاهرة الوحي الغيبية :

أبرز النظريات المادية لظاهرة الوحي:

١ ـ قالوا : الوحي هي القدرة الفكرية ، والنفسية والعقلية الّتي تحصل للإنسان بسبب التمرينات والرياضات الروحية الّتي على اثرها تنفتح عليه أبوابٌ من الغيب ، فيخبر عن امور طالما تتفق مع الواقع على نحو ما يحصل للمرتاضين الهنود(٢) .

فالانبياء بسبب اعتزالهم للمجتمع ـ على غرار ما يفعل المرتاضون ـ وإقبالهم

__________________

١ ـ ولقد جاء تفصيل هذه البراهين والأدلّة في الكتب الفلسفية مثل : « الإشارات » و « الأسفار ». ولقد اشرنا إلى بعض هذه الأدلّة في كتاب ( اللّه خالق الكون ) فراجع.

٢ ـ وهم الّذي يمارسون علمية اليوجا.

٣٢٥

على الرياضة الروحية تحصل لهم المقدرة على الإخبار بالغائبات ، والكائنات الخفية على غيرهم.

والجواب على هذه النظرية هو : أن دراسة حالات المرتاضين تكشف لنا عن أنهم طالما يخطأون في إخباراتهم أخطاء فاضحة ، بينما لم يُعهَد من نبيٍّ أنه أخطأ في إخباراته ، وإنباءاته.

هذا اولاً

وثانياً : ان ما يفعله المرتاضون لا ينطوي على أية أهداف اصلاحية عليا للمجتمع البشري ، بل غاية همّهم هو : عرض الافعال العجيبة على الناس وربما تسلية المتفرجين ، بينما يهدف الأنبياء إلى إصلاح المجتمعات البشرية وقيادتها إلى ذرى الكمال والتقدم.

وثالثاً : ان المرتاضين لا يثقون بما يخبرون به ، كما لم يُعرَف إلى الآن أن أحداً منهم طلَع على المجتمع البشريّ ببرنامج كامل وشامل للحياة البشرية الفردية والاجتماعية ، بينما نجد الأنبياء يخبرون الناس بما اُمروا به وهم على إيمان كامل ، ويقين ثابت منه ، هذا إلى جانب أنهم يحملون إلى البشرية برامج اجتماعية وحيوية جامعة الاطراف ، كاملة الأبعاد ، رفيعة الأهداف ، عميقة الغايات ، ترجع اليها كلُ فضيلة وكل خير تعرفه المجتمعات إلى الآن.

ورابعا ً : انّ أعمال المرتاضيين وما تحصَلُ لهم من قوى وينفتح عليهم من آفاق ، محدودة ، بينمنا لا تقف طاقاتُ الانبياء وآفاق علومهم ، وأبعاد أعمالهم عند حدّ.

فلا يمكن ابداً تفسير وتعليل ظاهرة ( الوحي ) وما يحصل للرسل والانبياء على اثره من اُموره تتخطى حدود العالم المادي المحدود ، بالرياضة الروحية الّتي يمارسها المرتاضون وما يحصل لهم على أثرها من امور.

٢ ـ قالوا : انَّ ( الوحي ) نوعٌ من النبوغ ، أو أنه ناشئ من النبوغ ، وأن الانبياء هم نوابغ اجتماعيون لا اكثر.

وقد شرحوا نظريتهم هذه قائلين : بأن نظام الخليقة قد ربى في أحضانه نوابغَ

٣٢٦

صالحين ، اهتدوا بفعل نبوغهم الفكري الرفيع إلى أفكار وقيم رفيعة ودعوا مجتمعاتهم إلى الأخذ بها ، والسير على هديها ، لتحقيق الخير والعدالة ، فكان لهم بذلك اكبر نصيب في إرشاد البشرية إلى سعادتها ، فكل ما طرحوه من أفكار ، وكل ما عرضوه على تلك المجتمعات باسم الدين أوالقانون ليست ـ في الحقيقة ـ سوى نتيجة ما تمتعوا به مِن نبوغ ، وفكر خارق ، ولا علاقة له بعالم آخر غير هذا العالم المادي المألوف.

وقالوا : وان ممّا يساعد على تقوية هذا النبوغ اُمور ابرزها :

الحبُّ ، التعرضُ للظلم الطويل ، الطفولة وما يكتنفها من ضعف وعجز ، الوحدة ، السكوت ، التربية الاُولى ، والعيش في صورة الأقلية وما يرافقها من ظروف إجتماعية غير مؤاتية.

فان جميع هذه الاُمور أو بعضها تدفع بالشخص إلى الأنطوائية ، والتفكير والتأمل ، للاهتداء إلى مخرج من المشاكل والصعوبات ، ومخلص من الظروف الصعبة ، والأحوال الشاقة.

ويُجاب على هذه النظرية بأن أصحاب هذه النظرية حكموا على هذه القضية على أساس موقف اتخذوه سَلفاً فهُم حَصَروا الأشياء في المادة والامور المادية ثم فسّروا ما يرتبط بعالم الغيب بذلك ، فجاء تفسيرهم لهذه الظاهرة الغيبية تفسيراً ماديّاً ، غفلة منهم عن ان مثل هذا التفسير والتعليل لا يليق بظاهرة ( الوحي ) الّتي تجسد أعلى قضيّة في سلّم الحقائق العلمية والفلسفية ، ويرجع اليها أعظم القوانين والبرامج للسعادة البشرية.

نحن لا ننكر أن لما ذكروه من العوامل تاثيراً في تقوية عملية « التفكير » لدى الإنسان إلى درجة ايجاد ما يسمى بظاهرة التوابغ لديه ، إلاّ أنه لا يمكن أن يوجد مثل هذا الامر نبيّاً خضعت جميع النبواغ البشرية لعظمة تعاليمه الّتي أتى بها طوال أربعة عشر قرناً.

نبياً لم يزل ما جاء به من معارف عقلية وفلسفية ، وقوانين ترتبط بعالم الطبيعة وبالنظام الاجتماعي وآداب السلوك تحافظ على قوتها ، وعمقها وأصالتها ولمعانها

٣٢٧

كل المحافظة رغم كل ما احرزه البشر في ضوء نشاطه الفكري والعقلي من تقدم ، في المعارف والعلوم.

هذا مضافاً إلى أن نسبة هؤلاء الأنبياء جميع ما عرضوه على المجتمعات البشرية إلى العالم الآخر واصرارهم على أنها من جانب اللّه تعالى وليست من نسيج افكارهم يناقض نظرية هذه الطائفة ، الّتي تفسر النبوة بالنبوغ.

لنقرأ معاً الآية الّتي يقول اللّه تعالى فيها حاكياً عن رسول الإسلام محمَّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنْ أتَّبعُ إلاّ مَا يُوحى إليّ »(١) .

أو يقول سبحانه : «إنْ هُوَ إلاّ وَحْي يُوحى »(٢) .

٣ ـ يقولون : إنّ الوحي هو ظهور الشخصية الكامنة في النبي وايحاؤها لما ينفعه وينفع قومه المعاصرين له ، إليه.

وربما قالوا : إنَّ معلومات « محمَّد » وافكارَه وآمالَه وَلَدتْ لديه إلهاماً فاض من عقله الباطن أو نفسه الخفيّة على مخيلته السامية ، وانعكس اعتقاده على بصره فرأى الملَك ماثلا له وهو يتلو على سمعه ما حدّث به بعد ذلك.

وتوضيح هذه النظرية هو : ان لكل إنسان شخصيتين :

١ ـ الشخصية الظاهرة العادية وهي الّتي تخضع للحواس الخمس وتعمل بها.

٢ ـ الشخصية الباطنية وهي الّتي تعمل عندما تتعطل الحواس ، ويتعطل الشعورُ الظاهري :

وهذه الشخصية هي الّتي تحرك جميع أعضاء الجسم الانساني الّتي لا تخضع لارادته كالكبد والقلب ، والمعدة وغيرها ، كما انها هي مصدر الكثير من الإلهامات الطيبة في الظروف الحرجة.

ثم قالوا : وهذه الشخصية الباطنية قد اصبحت مدركة بالحس ، فان المنوَّم

__________________

١ ـ الأنعام : ٥٠.

٢ ـ النجم : ٤.

٣٢٨

مغناطيسياً يظهر بمظهر العقل الراجح ، والفكر الثاقب والنظر البعيد ، ويقوم بما لا يقوم به في حالته العادية.

وقد انتهى هؤلاء الماديّون من خلال تحقيقاتهم وتجاربهم إلى : ان شخصية الإنسان الباطنية ارقى من شخصيته العادية ، وإن ما يتوصَّل إليه الإنسان من أفكار عالية رفيعة جداً ، وما قد يتمتع به من روح قوية هو من مظاهر هذه الشخصية وفعاليتها.

فقالوا : وان هذه الشخصية هي الّتي تنفث في روح الأنبياء ما يعتبرونه وحياً من اللّه ، وقد تظهر لهم متجسّدة فيحسبونها من ملائكة اللّه هبطت عليهم من السماء!!!

فالوحي عند هؤلاء الباحثين في الروح على الاسلوب التجريبي لا يكون بنزول ملك من السماء على الرسول فيبلغه كلاماً عن الله بل يكون في تجلي روح الإنسان عليه بواسطة شخصيته الباطنة فتعلمه ما لم يكن يعلم ، وتهديه إلى خير الطرق لهداية نفسه وترقية اُمته(١) .

ولكن هذه النظرية هي الاُخرى تنبع من الغُرور العلميّ الّذي اصاب هذا النمط من العلماء الَّذين يحاولون تفسير كل ظواهر هذا العالم بالتفسير المادي ، وهو لا شك ينشأ من عِلمهم المحدود القاصر عن إدراك حقائق الوجود.

إننا لا نشك في وجود ما يسمى بالشخصية الباطنيّة لدى الإنسان فهو ممّا سبق إلى كشفه والتنويه به الفلاسفة الإسلاميّون من قبل ولكن كيف وعلى أيّ اساس حقَّ لهؤلاء ان يفسروا ظاهرة ( الوحي الالهيّ ) والنبوة بهذا الامر؟

هذا أولاً

وثانياً : انَّ تجلي الشخصيّة قلّما يحدث في الاشخاص الأصحّاء ، بل هو يحدث في الاغلب عند المتعبين القلقين ، والسكارى ، والمصابين بالهزيمة والنكسة ، لأن نافذة ( اللاوعي ) عند غيرهم من الاصحاء تنسد بسبب اشتغالهم الشديد بقضايا الحياة اليومية وهمومها ، ولا يبقى للشخصية الباطنية مجال للنشاط والفعالية ، كما

__________________

١ ـ دائرة معارف القرن العشرين لفريد وجدي : ج ١٠ ، مادّة وحي.

٣٢٩

هو العكس عند المتعبين والسكارى والمرضى الذين يقل اهتمامهم بالحياة اليومية فيترك ( الوعيُ ) مكانه للاوعي ، وتترك الشخصية الظاهرية المعطّلة مكانها للشخصية الباطنية.

ولذلك نجد بين آلاف العلماء والمفكرين مفكراً أو عالماً واحد اتفق له في بداية عمره أن اهتدى بصورة لا شعورية إلى فكرة خاصة أونظرية معينة من دون سابق تفكير أو استدلال قائم على الشعور.

وخلاصة القول أن تجلّي الشخصية الباطنية في الحياة الإنسانية قضية نادرة جداً ، وهي لا تحدث إلاّ في ظروف خاصة مثل : المنامات والاحلام وغيرها من التحولات الحياتية الّتي تقلل من توجّه الإنسان إلى العالم الخارجيّ وتصرفُ التفاته وتوجُّهَه إلى الشخصية الباطنية.

ولكن هذه الحالة وهذه الشرائط ( أي الغفلة عن هموم الحياة اليومية الخارجية ) لم تحصل للانبياء قط.

فالنبي الأكرم محمَّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان طوال ( ٢٣ سنة ) وهي أعوام الرسالة ، مشتغلا كل الاشتغال بقضايا الحياة اليومية ، فالنشاطات السياسية ، والتبليغية وقضايا الدعوة والقيادة كانت تهيمن على كل توجهه واهتمامه وتملأ ، عقله وروحه ونفسه.

فالكثير من آيات الجهاد ترتبط بساحات القتال والجهاد ، وهذا يعني انه كان مشدوداً بروحه وعقله كله إلى تلك الاُمور.

وثالثاً : انَ هذه النظرية يمكن أن تصدق على نبوة الانبياء لو كان هؤلاء الأنبياء أفراداً متعبين ، منهزمين ، منتكسين ، مرضى ، معتزلين عن الحياة ليقال حينئذ ان هذه الحالات والظروف مهَّدت لانقطاعهمعليهم‌السلام عن هموم الحياة ، وقضاياها ، وبالتالي مهَّدت لفعالية الشخصية الباطنية وعملها.

ولكن تاريخ الأنبياء يشهد بوضوح لا إبهام فيه ، بانهم كانوا ـ طيلة حياتهم الرسالية ـ رجالا مجاهدين ، لا يهمهم إلاّ اصلاح المجتمعات وقيادة الجماعات وحل المشكلات الاجتماعية ، ورفع مستويات الناس معنوياً وفكرياً وكانوا

٣٣٠

يعملون لتحقيق هذه الأهداف ليل نهار ، بلا سأم ولا ملل ، ولا تعب ولا نصب.

فكيف يمكن القول والحال هذه بان الشخصية الباطنية تجلّت لديهم واوحت اليهم بحقائق وقيم وافكار؟

إن تفسير ( الوحي الالهي ) الّذي يُلقى إلى الانبياء ويكشف لهم عن أدق الحقائق وارفعها ، وأعظم المناهج واكملها ، بتجلّي الشخصية الباطنية ، ناشئ من اعتقاد هذا الفريق من العلماء بأصالة المادة ، أو بعبارة اخرى : حصر الوجود في المادة ، ومن هنا حاولوا إلْباس كل شيء حتّى الامور المعنوية والغيبية : اللباس الماديّ ، واغلقوا على أنفسهم باب عوالم الغيب ، وعمدوا إلى التفتيش عن علة مادية حتّى لظاهرة ( الوحي ) الّتي لا تُقاس بمقاييس العالم المادّي.

هذا مضافاً إلى أن تفسير ( الوحي الالهيّ ) عن طريق نظرية تجلّي الشخصية الباطنية ، وخاصة في شأن رسول الإسلام « محمَّد »صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يواجه اشكالات ومؤاخذات اخرى تجعل هذه النظرية في عداد الاساطير!!

وإنّ ابرز هذه الاشكالات الواردة على هذه النظرية في مجال رسول الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هي : أنّ هذه النظرية ليست رأياً جديداً وتهمة جديدة توجه إلى نبوة رسول الإسلام.

فان نظرية « الشخصية الباطنية ، والوحي النفسي الذاتي » هي نظرية متبلورة ومتقدمة لتهمة ( الجنون والصَرع ) التي كان يَرمي بها العربُ الجاهليّون رسولَ اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم !!

فقد كان المشركون في بدء الدعوة يقولون : ان ما يقوله « محمَّد » وما يتكلم به ليس إلا افكاره القلقة المضطربة الناشئة عن خياله ، وانّ القرآن هي تلك الأفكار المضطربة الّتي تسربت إلى فضاء عقله من دون ارادة منه ولا اختيار!!

لنستمع إلى القرآن الكريم وهو ينقل عنهم هذا الاتهام :

«بَلْ قالُوا اضغاثُ أَحلام »(١) .

__________________

١ ـ الأنبياء : ٥.

٣٣١

ولكن القرآن الكريم يردّ على هذه المزعمة الواهية بقوله :

«وَالْنَّجْم إذا هَوى. مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَما غَوى. وَما يَنطِقُ عَنِ الْهَوى. إنْ هُوَ إلاّ وَحْيٌ يُوحى. عَلَّمهُ شَدِيدُ الْقُوى »(١) .

ان القرآن الكريم يشجب في هذه الآيات المنتظمة انتظاماً رائعاً وبديعاً هذه المزعمة ( أي مقولة أن القرآن وليدُ الخيال لدى محمَّد ) ، ويردُّ الأمر إلى الوحي الالهي ، والتوجيه الربانيّ العُلويّ.

إن نظرية الوحي النفسيّ وتَجلّي الشخصية الباطنية الّتي طلع بها الماديون في عصرنا ما هيَ في الحقيقة إلاّ غطاء لمزعمة المشركين وتهمة الجنون والخيال ، الّتي سبق أن رمى بها أعداء الرسالة الإسلامية ومعارضوها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تلك التهمة الّتي يذكرها القرآن الكريمُ بقوله : «وَقالُوا يَا أيُّها الَّذي نُزِّلَ عَليْهِ الذِّكْرُ إنَّكَ لَمجنُونٌ »(٢) .

وهي تهمة كان يوجهها المعارضون دائماً إلى المصلحين وأصحاب الرسالات(٣) وقد اتخذت هذه التهمة صبغة علمية جديدة ، وتبلورت في نظرية : « الوحي النفسيّ ، وتجلّي الشخصية الباطنية ». ان القرآن الكريم يرد على هذه المزاعم والتصورات الباطلة حول عمليّة الوحي ومسألة النبوّة ويرد على نسبة الكهانة وماشابه ذلك كالخبر المنقول عن اهل السير بمحاولة القاء النبي نفسه من شاهق في بداية الوحي الّذي يشبه نسبة الجنون إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ يقول تعالى : «إنّه لقولُ رَسُول كريم. ذي قوّة عند ذي العرش مكين. مُطاع ثمَّ امين. وَما صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُون. ولقدْ رآهُ بالاُفقِ المُبين. وَمَا هُو بِقول شَيْطان رَجيم. فَايْنَ

__________________

١ ـ النجم : ١ ـ ٥.

٢ ـ الحجر : ٦ ، وايضاً راجع الآيات التالية : سبأ : ٨ ، الصافّات : ٣٦ ، الدخان : ١٤ ، الطور : ٢٩ ، القلم : ٢ ، التكوير : ٢٢.

٣ ـ إذ يقول القرآن في هذا الصدد : «كَذلِكَ ما أتى الَّذينَ مِنْ قَبلِهِمْ مِنْ رَسُول إلاّ قالُوا ساحِرٌ أوْ مَجْنونٌ. أتواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ » ( الذاريات : ٥٢ و ٥٣ ).

٣٣٢

تَذْهَبُونَ إن هو إلاّ ذكرٌ للعالمين. لِمَنْ شاء مِنْكُمْ أن يستقيم »(١) .

بهذا البيان تبيَّنَ بطلان هذا التفسير وجميع التفاسير الاُخرى الّتي تحاول إعطاء ( الوحي ) طابعاً مادياً مألوفاً ، شأنه شأن غيره من الظواهر الغيبيّة ، ونحن استكمالا لهذا البحث نشير إلى ما هو الحقُ في هذا المجال ، ممّا يؤيّد الواقع والعقل والدين :

ظاهرةُ الوحي في منظار العقل والدين :

لا شك أن حياة كل فرد من افراد الإنسان تبدأ من « الجهل » ثم يأخذ الإنسان بالدخول في مجال العلم شيئاً فشيئاً ، إلى ان تنفتح عليه بالتدريج نوافذُ على الواقع الخارج عن ذهنه.

فيبدأ الإنسانُ بالتعرف على الحقائق عن طريق الحواسّ الظاهرية ، ثم على أثر التكامل في جهازه العقليّ والفكري يهتدي إلى الحقائق الخارجة عن مجال الحس واللمس ، فيغدو عقلانياً استدلاليّاً ، ويقف على طائفة من الحقائق الكليّة والقوانين العلمية.

وربما يظهر بين أفراد النوع الإنساني أصحابُ نفوس عالية يقفون عن طريق الالهام ومن خلال بصيرة خاصة على حقائق واُمور لا يُهتدى اليها حتّى عن طريق الاستدلال والبرهنة!

ومن هنا قسّم العلماء ادراك البشر إلى ثلاثة أنواع : « إدراك العامّة » « إدراك المفكرين وأرباب الاستدلال » « إدراك العرفاء واصحاب البصائر والنفوس الكبرى ».

وكأَنَّ أصحاب الظاهر يستعينون على اكتشاف الحقيقة بالحس ، والمفكرين يستعينون بالاستدلال والبرهنة ، وأصحاب البصائر والمعرفة بالإلهام والاشراق وبالفيض عليهم من العالم الأعلى.

__________________

١ ـ التكوير : ٢٠ ـ ٢٨.

٣٣٣

ان النوابغ في مجال الأخلاق ، وان عقول العلماء الخلاقة ، وأفكار الفلاسفة العظيمة كلها تؤيّد وتشهد بأن ما يحصلون عليه ، وما يطلعون به على المجتمع البشري ممّا لم يعرفوه من قبل ما هي الا شرارات مضيئة وملهمة تخطر لهم ، ثم يعمدون إلى تنميتها وبلورتها بالتجربة ، أو بالاستدلال والبرهنة والتأمل.

قنواتُ المعرفة الثَلاث :

من هذا الكلام نستنتج أن أمام بني البشر ثلاث طرق للوصول إلى مقاصدهم ؛ فالطريق الأول يستفيد منه جماهير الناس غالباً ، بينما يستفيد طائفة خاصة منهم من الطريق الثاني ، ولا يستفيد من الطريق الثالث إلاّ أفراد معدودون قلةٌ تكاملت عقولُهم ، وتسامت أرواحهم. وهي كالتالي :

١ ـ الطريق التجريبي والحِسي ، والمقصود منه ذلك القسم من الإدراكات والمعلومات الواردة إلى محيط الذهن البشريّ عن طريق الحواس الظاهرية كالمرئيات ، والمشمومات والمطعومات وغيرها ممّا يستقرُّ في محيط إدراكنا بواسطة الأجهزة المختصة بها.

وقد استطاع البشر اليوم ، وبفضل اختراع التلسكوبات والميكروسكوبات واجهزة التلفاز والراديو ان يقدّم خدمة كبرى للبشرية في مجال الإدراكات الحسية ويمهِّد لمزيد من سيطرتها على البعيد والقريب.

٢ ـ الطريقُ التعقُّلي الإستدلالي : فان المفكرين يتوصِّلون إلى كشف طائفة من القوانين الكليّة الخارجة عن الحس عن طريق عملية التفكير والتأمل وتشغيل جهاز العقل ، وإقامة سلسلة من المقدمات البديهية الواضحة ، وبذلك يمكن الوصول إلى قمم المعرفة والكمال العلمي.

إنَّ انكشاف القوانين العلميّة الكليّة ، والمسائل الفلسفية ، والمعارف المرتبطة بصفات اللّه وأفعاله سبحانه والقضايا المطروحة في علم العقيدة والأديان ناشئ برمَّته من جهاز العقل ، وحركته ، وناتج من عملية التفكير ، والإستدلال المذكورة.

٣ ـ طريق الإلهام : وهذا هو الطريق الثالث لمعرفة الحقائق ، وهو فوق نطاق

٣٣٤

الحس والتعقل.

إنه نوعٌ جديدٌ من المعرفة ونمط متميّز من إدراك الحقائق ، ليس محالا من وجهة نظر العلم وان كان يصعُب على أصحاب الاتجاه المادّي القبول به لكونه طريقاً غير حسي ولا تعقّلي.

وأما من جهة الاُصول العِلمية فلا مجال لإنكاره ، ولا مبرّر لعدّه من المحالات.

ان طريق التعرُّف على حقائق الكون الخارج عن الذهن ـ في منهج المادّيين ، وأصحاب النزعة المادية ـ ينحصر في قناتين لا اكثر ، وهما اللّذان سبق ذكرُهما ، في حين أنّ هناك ـ حسبَ نظرة الأديان والشرائع الكبرى وحسب نظرة الفلاسفة والعرفاء الالهيين ـ قناة ثالثة أيضاً.

بل إنَّ هذا الطريق الثالث ـ كما أسلفنا في مسألة الوحي ـ أكثر واقعية ، وأقوى أسُساً ، وأوسع آفاقاً عند من يدَّعون الرسالة ، والنبوة من جانب اللّه سبحانه ، وإن نفوس اُولئك الأشخاص لتبدو أكثر صفاء وطراوةً بفضل هذا الطريق ، وفي ضوء هذه القناة.

وكلّما حصل إرتباط بين اللّه ، وبين فرد من أفراد النوع الإنساني على نحو خاص اُلقيت الحقائق في وجوده من دون توسط الحواس الظاهرية ، وإعمال الفكر ، واستخدام جهاز العقل.

وهذا النوع من الإلقاء يسمى حيناً بالالهام ، وبالاشراق حيناً آخر.

ولكن كلما نتج من إرتباط الإنسان بما وراء الطبيعة سلسلة من التعاليم العامّة والأنظمة والبرامج الشاملة اُطلِق على هذا النوع من الإلقاء عنوان ( الوحي ) ، وسمِّيَ الآتي بها ( ملَك الوحي ) والآخذ لها ( نبيّاً ).

هذا وقد يوجب الإلهام الثقة والاطمئنان للملهَم إليه ، ولكنّهُ لا يمكن أن يكون مبعث الإطمئنان والثقة عند الآخرين(١) .

__________________

١ ـ وانما قلنا « قد » أي يمكن أن يوجب الاطمئنان ولم نقطع بذلك لأنّ مصدر هذه الالهامات

٣٣٥

من هنا اعتبر العلماء « الوحيَ » الطريقَ المطمئنة الوحيدة إلى المعرفة العامة الوحي الّذي ينزل على الانبياء الذين ثبتت نبوّتهم بالدلائل القاطعة ، من المعجزة وغيرها.

أنواع الوحي واصنافه :

إن في مقدور الروح الإنسانية بسبب ما تملك من كمالات أن تتصل بالعوالم الروحانية من الطرق المختلفة ، ونحن هنا نشير إلى هذه الطرق الّتي جاء ذكرها في أحاديث قادة الإسلام وائمته ، باختصار :

١ ـ تارة يتلقى الحقائق السماوية العليا على نحو الالهام ، فيتخذ ما يتم إلقاؤه في النفس عبر هذا الطريق حكم ( العلوم البديهية ) الّتي لا يتطرق اليها أي ريب وشك.

٢ ـ وقد يسمع عبارات وكلمات من جسم معين ( كالجبل والشجرة ) كسماع موسىعليه‌السلام كلام اللّه من الشجرة.

٣ ـ وربما تنكشف الحقائق له في عالم الرؤيا انكشاف النهار.

٤ ـ وقد ينزلُ عليه ملَكٌ من جانب اللّه بكلام خاص.

وقد نزل القرآن الكريم على النبي الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من هذا الطريق ، وقد صرح القرآن الكريم نفسه بهذا عند قوله تعالى : « نزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمين عَلى قلبك لِتكُونَ مِنَ المُنذَرين. بِلسان عَربيٍّ مُبِيْن »(١) .

أساطيرُ مختَلفة :

لقد كتب المؤرخون والكتاب عن حياة كثير من الشخصيات العالمية ، وضبطوا كل

__________________

ليست معلومة وواضحة ، ولا يمكن الاعتماد على مطلق الواردات القلبية والفجائية الّتي لا تستند إلى اُصول معلومة.

وبعبارة اُخرى : يجب الفصل والتمييز بين الإلهامات الرحمانية والالقاءات الشيطانية بواسطة الموازين العقلية والشرعية.

١ ـ الشعراء : ١٩٣ ـ ١٩٥ ، وقد اُشير في سورة الشورى الآية ٥١ إلى هذه الطرق الأربع جميعها.

٣٣٦

ما جلَ اودقَّ في هذا المجال ، وربما تحمّلوا عناء الرحلات الطويلة والأسفار الشاقة لتكميل دراساتهم ، وكتاباتهم.

غير أن التاريخ لا يعرف شخصية مثل رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ضبطت تفاصيل سيرته الدقيقة ، واهتم اتباعه وأصحابه ومحبّوه بكل شاردة وواردة في حياته الشريفة.

إنَّ هذا الولع الشديد بتسجيل كل شيء ـ مهما صغر ـ من حياة النبيّ الاعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسيرته العطرة كما ساعد على ضبط جميع الجزئيات والتفاصيل في هذا المجال ، تسبب في بعض الموارد في إلصاق بعض الزوائد بحياة النبي الاكرم وشخصيته العظيمة ، الطاهرة.

ومثل هذا لا يبعد عن المحبّين الجهلاء فكيف بالأعداء الألداء العارفين.

من هنا يتعيّن على كل مؤلف يكتب عن سيرة شخصية من الشخصيات أن لا يغفل عن مبدأ ( الحذر والإحتياط ) في تحليله لحوادثها ، وقضاياها ، فلا يغفل عن تقييم كل ما جاء حولها من روايات وقصص في ضوء الموازين التاريخيّة الدقيقة.

واليك بقية ما جرى في واقعة نزول ( الوحي ) في حراء :

بقية حادثة نزول الوحي :

استنارت نفس رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وروحه الكبرى بنور « الوحي » المبارك ، وتعلّم كل ما ألقى عليه ملَك الوحي في ذلك اللقاء العظيم ، وانتقشت تلك الآيات الشريفة في صدره حرفاً حرفاً ، وكلمة كلمة.

وقد خاطبه نفس ذلك الملك بعد تلاوه تلكم الآيات بقوله :

يا محمَّد أنت رسولُ اللّه وأنا جبرئيل.

وقيل : انهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمع هذا النداء عند نزوله من غار حراء وقد اضطرب رسولُ اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهذين الحدَثين ، اضطرب لعظمة المسؤولية الكبرى الّتي اُلقيت على كاهله.

٣٣٧

وكان هذا الاضطراب طبيعياً بعض الشيء ، وهو لا ينافي بالمرة يقينهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإيمانهُ بصدق ما اُنزلَ عليه لأن الروح مهما بلغت من العظمة والسمّو والقوة والصلابة ، ومهما كانت قوة ارتباطها بعالم الغيب ، وبالعوالم الرُّوحانية العُليا فانَّها عندما تواجه لأول مرّة ملَكاً لم تره من قبل ، وذلك في مثل المكان الّذي التقى النبيُ ( فوق الجبل ) لابُدَّ أنْ يحصل لها مثل هذا الاضطراب ، ولهذا زال ذلك الاضطراب عن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ما بعد.

ثم إنّ الاضطراب والتعب الشديد قد تسبّبا في أن يتوجه النبيُصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى بيت « خديجة »عليها‌السلام ، وعندما دخل بيتها ووجدت على ملامحه آثار الاضطراب والتفكير سألته عن ما جرى له ، فحدَّثها بكل ما سمع وراى وقصَّ عليها ما كان من أمر جبرئيل معها ، فعظّمت « خديجةُ »عليها‌السلام أمره ، ودعت له ، وقالت : إبشر فواللّه لا يخزيك اللّه أبداً.

ثم إن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذي كان يشعر بالجهد والتعب قال لزوجته الوفيّة « خديجة » : دثّريْني دَثّريني.

فدثّرته ، فَنام بعض الشيء.

خديجة تذهب إلى ورقة بن نوقل :

لقد تحدثنا في الصفحات الماضية عن « ورقة » وقلنا أنّه كان ممن تنصَّر وقرأ الكتب وسمع من أهل التوراة والانجيل وكان ابن عم خديجة.

فعند ما سمعت « خديجة » زوجة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما سمعته منه انطلقت إلى « ورقة » لتخبِّره بما سمعته من زوجها الكريم ، وشرحت له كلَ شيء مما جرى له مع جبرئيل.

فقال « ورقة » في جواب ابنة عمه : إنّ ابن عمّك لصادق وإن هذا لبدء النبوة ، وانه ليأتيه الناموس الاكبر ( أي الرسالة والنبوة )(١) .

__________________

١ ـ الطبقات الكبرى : ج ١ ، ص ١٩٥.

٣٣٨

إن ما ذكرناه إلى هنا هو في الحقيقة ملخّص الروايات التاريخية المتواترة الّتي وصلت إليها ، والّتي دُوِّنت في جميع الكتب.

بيداننا نلاحظ بين ثنايا هذه الحادثة اُموراً لا تتفق مع ما نعرفه من أنبياء اللّه ورُسُله العظام ، كما أنها لا تتفق مع ما قرأناهُ إلى الآن عن حياة هذا النبي العظيمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وما سنذكره الآن من هذه الزوائد إمّا يجب اعتباره من قبيل الاساطير التاريخية ، أو أنّ علينا تأويله بنوع من التأويل.

وانا لنعجب قبل كل شيء من المفكّر المصريّ الدكتور « هيكل » كيف سمح لنفسه وهو الّذي تحدث في مقدمة كتابه عن مشكلة تسرب الاساطير إلى التاريخ النبويّ ، وقال : بأنّ هناك من دسَّ في السيرة النبوية ، عن عداوة أو جهل ، بعض الاكاذيب.

ولكنه مع ذلك ينقل هنا اُموراً لا أساس لها من الصحّة أبداً ، في حين اعطى فريقٌ من علماء الشيعة ـ كالمرحوم الطبرسي ـ ملاحظات مفيدة في هذا الصعيد.

وإليك في ما يلي بعض هذه الاساطير والقضايا المختلفة ، على أنها لم تكن جديرة بالاشارة ابداً لولا أن بعض المحبّين الجهَلاء ، والأعداء الأذكياء ذكروها في كتبهم ، وكرروها في دراساتهم.

١ ـ قالوا : إنَّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند ما دخل منزل خديجة ، كان يفكّر في نفسه : لعلّ بصرَه خدعته ، أو انه كاهن ، أوفيه جنون!!

ولكن لمّا قالت له خديجة : « انّ اللّه لا يفعل بك ذلك يا ابْن عبد اللّه ، إنك تصدق الحديث ، وتؤدّي الأمانة ، وتصلُ « الرحم » اطمأنَّ ، وزالَ عنه الشكُ والتردّد ، والقى على « خديجة » نظرَ شكر ومودة ، ثم طلب أن يُزمَّل ، فزمِّلَ فنام!!(١) .

__________________

١ ـ الطبقات الكبرى : ج ١ ، ص ١٩٥ ، حياة محمَّد : ص ١٣٤.

٣٣٩

٢ ـ يقول الطبري وغيره من مؤرخي السيرة : ان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما سمع نداء يقول : « يا محمَّد أنت رسول اللّه » أصابَهُ خوفٌ شديدٌ حتّى أنه همَّ بان يطرح نفسَهُ من أعلى الجبل ، فتبدى له ( ملَك الوحي ) ومنعه عن ذلك!!!

٣ ـ ثم إنَّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذهب ليطوف بالكعبة بعد ذلك اليوم ، فرأى « ورقة بن نوفل » وشرح لورقة ما جرى له مع جبرئيل ، فقال له ورقة :

« والّذي نفسي بيده ، إنَّك لنبيَّ هذه الاُمة ، وقد جاءك الناموسُ الأكبرُ الّذي جاء موسى ولتُكذبَنَّه ، ولتوذينَّه ولتخرجَنَّه ولتقاتلنِه » فأحس « محمَّد » بأن ورقة يصدّقه ، فاطمأن(١) .

بُطلانُ هذه المزاعم :

إن الّذي نتصوره هو أن جميع هذه القصص مختلقة من الاساس ، وقد دُسَّت في التاريخ والتفسير عن قصد وهَدف ، أو دخلت فيهما عن غير ذلك.

وذلك :

أولاً : لأننا لتقييم هذه المزاعم يجب ان نلقي نظرة فاحصة إلى تاريخ الأنبياء الماضين وسيرهم.

إنَ القرآن الكريم قصَّ علينا قضاياهم ، وسيرهم ، وقد وردت في هذا المجال روايات وأخبار كثيرة.

وإننا لا نجد أيَ أثر لمثل هذه القصص المشينة في حياة أي واحد منهم.

إن القرآن الكريم يقص علينا قصة بدء نزول ( الوحي ) على « موسى » بشكل كامل ويبيّن جميع التفاصيل في قصتهعليه‌السلام ولا يذكر أي شيء من الخوف ، والارتعاش ، والوحشة والفزع ، بحيث يحدّث نفسه بالإنتحار على أثر سماع الوحي!! مع أن أرضية الخوف والفزع في مجال « موسى » كانت متوفرة

__________________

١ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٢٣٨.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694